دراسات قانونية

آلية وفاء الدول بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان – بحث قانوني

دور آلية الاستعراض الدوري الشامل في مجال وفاء الدول بالتزاماتها

في مجال حقوق الإنسان

مريم بن عبد الكريم، طالبة الدكتوراه ل .م.د

الأستاذ المشرف :أ . د:جمال عبد الناصر مانع

جامعة باجي مختار عنابة ـ كلية الحقوق ـ الجزائر

الملخص آلية الاستعراض الدوري الشامل والهيئات المنشأة بموجب معاهدات يكمل كل منهما الآخر ،فقد كان الاستعراض مفيدا للغاية في توجيه اهتمام الدول الأطراف الى ضرورة تقديم تقاريرها بانتظام إلى اللجان ،وتنفيذ توصياتها وتذكر الهيئات المنشأة بموجب معاهدات من جانبها أيضا الدول الأطراف بضرورة تنفيذ التوصيات الواردة في الاستعراض الدوري الشامل. الكلمات المفتاحية: آلية الاستعراض الدوري الشامل، التقارير ، المعاهدات .
Abstract:

The Universal Periodic Review mechanism and the treaty bodies complement each other, the review has been very useful in drawing the attention of States parties to the need to report regularly to the commissions and to implement their recommendations. The treaty bodies also remind States parties of the need to implement the recommendations contained in the periodic review Comprehensive.

Keywords: Universal Periodic Review mechanism, reports, treaties.

مقدمة
الاستحداث الجديد لآلية الاستعراض الدوري الشامل والتي يتم بموجبها استعراض مجلسحقوق الإنسان(1)مدى وفاء جميع الدول الأعضاء لدى الأمم المتحدة بالتزاماتها في مجالحقوق الإنسان، وهذه الآلية لن تكون بديلا للأجهزة الإشرافية على اتفاقياتحقوق الإنسان، ولن تكرر عمل هذه الأجهزة ولكنها مدعمة ومكملة لها وهذا وفقا لقرار الجمعية العامة (60/251) الفقرة 5 (ه) ووفقا لقرار مجلسحقوق الإنسان(5/1) ينبغي للاستعراض الدوري الشامل(2) أن:” يعزز عالمية جميعحقوق الإنسان وترابطها وتشابكها وعدم قابليتها للتجزئة ،وأن يكون آلية تعاونية قائمة على معلومات موضوعية وموثوقة وعلى حوار تفاعلي ،ويكفل التغطية العالمية والمعاملة المتساوية للدول كافة، إلى جانب أن يكون موجها نحو العمل ويشرك فيه بصورة كاملة البلد موضوع الاستعراض ،ويضيف القرار بأن يكمل آلياتحقوق الإنسان الأخرى ولا يشكل تكرارا لها ،وبذلك يشكل قيمة إضافية وأن يجرى بطريقة موضوعية وشفافية وغير انتقائية ،وبناءة وغير تصادمية وغير مسيسة ،ويراعى المنظور الإنساني كامل المراعاة ويكفل اشتراك جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة بما في ذلك المنظمات غير الحكومية(3)والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان(4)“.

كما أشار سكرتير الأمم المتحدة بان كي مون في تقريره عن أعمال المنظمة إلى الجمعية العامة أن الهيئات التعاهدية المنشأة بمعاهداتحقوق الإنسان قد عملت من أجل زيادة ملائمة أساليب عملها ،واعتماد تغييرات من شأنها أن تكمل آلية الاستعراض الدوري الشامل في مجلسحقوق الإنسان ويقوم هذا الأخير باستعراض أوضاعحقوق الإنسان في جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بموجب هذه الآلية مرة كل أربع سنوات .

وقد صممت آلية الاستعراض الدوري الشامل على نحو يتحاشى النقد الموجه للجنةحقوق الإنسان التي سبقت تشكيل المجلس الحالي ،والذي تمثل في أن اللجنة كانت تنظر في سجلات عدد قليل من البلدان فقط ، وغالبا ما كانت تتجنب الأوضاع الملحة لأسباب سياسية حيث شاب عملها الانتقائية وعدم الحياد ، في حين يبحث مجلسحقوق الإنسان أوضاعحقوق الإنسان في جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على قدم المساواة ، لأن الهدف من عملية المراجعة هو تحسين حالةحقوق الإنسان على أرض الواقع والوفاء بالتزامات الدولة وتعهداتها في مجالحقوق الإنسان وتقديم التطورات الإيجابية والتحديات التي تواجهها الدولة .

ونظرا لأهمية وحداثة موضوعآلية الاستعراض الدوري الشامل الذي يعد من أهم موضوعات الساعة في مجال الحماية الدولية لحقوق الإنسان ،فان الأمم المتحدة في الآونة الأخيرة قد انصبت عليه بإصدارها جملة من القرارات والتقارير وعقدها للاجتماعات والمؤتمرات لتوضيح المعايير والأسس المعتمدة ،خصوصا مع ندرة إن لم نقل الدراسات المتخصصة المنصبة مباشرة على هذا الموضوع.

وبهدف تحديد أساليب عمل هذه الآلية يطرح إشكالية هامة :

1 متى تقوم آلية الاستعراض الدوري الشامل باستعراض سجلات الدول في مجالحقوق الإنسان؟

2 وما مدى فعالية هذه الآلية في تعزيز وترقية واحترامحقوق الإنسان؟

وعليه للإجابة على هذه الإشكالية ثم معالجة الموضوع خلال مبحثين اثنين ، المبحث الأول عالجنا فيه أساس عملية الاستعراض الدوري الشامل ،والمبحث الثاني تناولنا فيه آلية الاستعراض الدوري الشامل وغيرها من الآليات وخلصنا في الأخير إلى جملة من النتائج والاقتراحات.

المبحث الأول: أساس عملية آلية الاستعراض الدوري الشامل(5)

يتعلق أساس عملية آلية الاستعراض الدوري الشامل بالاستناد إلى الوثائق التالية :

أ ميثاق الأمم المتحدة.
ب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
جـ صكوكحقوق الإنسان التي تكون الدولة طرفا فيها .
د التعهدات والالتزامات الطوعية من جانب الدول ، بما في ذلك تلك التي تعهدت بها عند تقديم ترشيحها للانتخابات في مجلسحقوق الإنسان ، مع مراعاة أحكام القانون الدولي الإنساني الواجبة التطبيق.
المطلب الأول: طريقة عمل آلية الاستعراض الدوري الشامل

عملية الاستعراض الدوري الشامل تتم في دورة واحدة لمدة أربع سنوات ونصف السنة وتتم وفقا لمايلي:

أ إعداد المعلومات لأغراض الاستعراضات:

يستند استعراض دولة ما على ثلاث وثائق :

تقرير وطني تعده الدولة موضع الاستعراض
تجميع لمعلومات الأمم المتحدة حول الدولة موضع الاستعراض يعده مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان(6).
ملخص للمعلومات يقدمه أصحاب المصلحة ذوو الصلة بما فيهم عناصر المجتمع المدني(7)،ويعده كذلك مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
بفريق العمل المعني بالاستعراض الدوري الشامل:

يجرى الاستعراض نفسه في جنيف في إطار فريق عمل معني بالاستعراض الدوري الشامل ،يتألف من أعضاء مجلسحقوق الإنسان ,

ويأخذ الاستعراض شكل حوار تفاعلي يمتد إلى ثلاث ساعات ونصف بين الدولة موضع الاستعراض والدول الأعضاء والمراقبة في المجلس ،ويعتمد الفريق العامل بعد أيام على الحوار التفاعلي ، وتقرير المداولات.

ج ـالدورة العادية لمجلسحقوق الإنسان:

يتم اعتماد وثيقة نتائج ختامية تشتمل على تقرير الفريق العامل وموقف الدولة موضع الاستعراض من التوصيات المطروحة في الجلسة العامة التالية لمجلسحقوق الإنسان،بعد أشهر معدودة على الاستعراض وتكرس ساعة واحدة لاعتماد وثيقة النتائج لكل دولة،وتقسم هذه الساعة بالتساوي بين الدولة موضع الاستعراض والدول الأخرى والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومراقبي المنظمات غيرالحكوميةالذين يدلون جميعهم ببيانات شفوية تعليقا على الاستعراض الدوري الشامل.

كما يتم ضمن دوراته العادية اعتماد نتائج الاستعراض الدوري الشامل من قبل مجلسحقوق الإنسان مناقشة عامة بموجب البند 6 من جدول الأعمال حول الاستعراض الدوري الشامل،وتقدم الدول التي ثم مراجعتها في إطار الاستعراض الدوري الشامل أحيانا معلومات مستكملة عن تقدمها في تنفيذ الالتزامات التي تعهدت بتنفيذها والتوصيات التي دعمتها خلال الاستعراض الدوري الشامل.

دتنفيذ النتائج:(7)

تقع على مسؤولية الدولة المعنية والتي يجري تشجيعها على إجراء مشاورات واسعة مع جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة.
ينبغي تعزيز وتفعيل صندوق التبرعات الخاص بالمساعدة المالية والتقنية وهذه الأخيرة ينبغي لها تدعيم الاحتياجات والأولويات الوطنية.
ينبغي على التمثيل الوطني أو الإقليمي للأمم المتحدة أن يساعد الدول بناء على طلبها.
يشمل الاستعراض الدوري الشامل تقييما موضوعيا وشفافا لحالةحقوق الإنسان في البلد المستعرض بما في ذلك التطورات الايجابية والتحديات التي يواجهها البلد.
المطلب الثاني: نماذج تقارير عمل آلية الاستعراض الدوري الشامل

خلال هذا المطلب سنقدم بعض التقارير المعتمدة في ظل آلية الاستعراض الدوري الشامل،أين كانت الدورة الأولى للاستعراض حصلت مع دولة عربية وكانت البحرين أول دولة تستعرض ،وتضمنت الجلسة الأولى ثلاث دول عربية أخرى هي : تونس(8) والمغرب والجزائر.

أولا: تقرير الاستعراض الدوري الشامل لمملكة البحرين:

قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2006 في إطار برنامجها الإصلاحي الاستعاضة عن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بمجلسحقوق الإنسان ،وظلت البحرين تدعم بصورة كاملة هذه الإصلاحات وثم انتخابها عضوا بمجلسحقوق الإنسان في أولى الانتخابات جرت في ماي 2006، ثم أعيد انتخابها في: 21ماي2008 ومنذ ذلك الوقت دأبت البحرين على التعاون والتشاور والتحاور مع المجلس ،ومساعدة الدول الأعضاء على الوفاء بالتزاماتها في مجالحقوق الإنسان من خلال الحوار وبناء القدرات والمساعدة التقنية.

البحرين كانت أول دولة ثم اختيارها بالقرعة(9) لتخضع للمراجعة الدورية الشاملة من قبل مجلسحقوق الإنسان في 7أفريل 2008 ،إذ يمثل تقرير الاستعراض الدوري الشامل آلية تتم بموجبها مراجعة سجل كل دولة من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة للوقوف على مدى وفائها بالتزاماتها وتعهداتها في مجالحقوق الإنسان.

أعدت دولة البحرين (10)تقريرالاستعراض الدوري الشامل وقدمته في الموعد المحدد في 25فيفري 2008،إذ تبنت البحرين في إعداد التقرير منهجية تقوم على الشفافية وإشراك جميع الجهات المعنية دون استثناء ،ونظمت حملة إعلامية بلغت ذروتها في استشارة جميع الجهات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان،أعدت وزارة الخارجية هذا التقرير بالتعاون والتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة بمملكة البحرين.

ومنذ عام 2007 ظل مكتب الأمم المتحدة الإنمائي يقدم الدعم والمساندة للمملكة في إعداد تقرير الاستعراض الدوري الشامل ،وارتكز التقرير على أساس أنه ليس حدثا وحيدا ومنعزلا ولكن هو عملية تتكون من عدة نشاطات وأحداث على مدى فترة أربع سنوات متتالية ،وعندما أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها الخاص بإنشاءمجلسحقوق الإنسان أكدت على أهمية الاستعراض الدوري الشامل الذي يجب أن تشارك في إعداده جميع الجهات المعنية بحقوق الإنسان في البلد المعني.

ثانيا: تقرير الاستعراض الدوري الشامل للمغرب(11):

عملا بقرار الجمعية العامة 60/251 تقدم المملكة المغربية تقريرها الأول في إطار الاستعراض الدوري الشامل.

اعتمدت المملكة المغربية في إعدادها لتقاريرها الوطنية بصفة عامة ولهذا التقرير بصفة خاصة منهجية متسقة تقوم على نهج تشاوري وتشاركي متفق مع توجيهات الأمم المتحدة ، فمن أجل إعداد هذا التقرير أنشأت الحكومة المغربية لجنة مشتركة بين الوزارات تنسق فيما بينها وزارة العدل ،وهي الجهة القائمة علىحقوق الإنسان بالاقتران مع تعيين جهات تنسيق على صعيد مختلف الوزارات .

وقد بدأت عملية التشاور في:16أكتوبر 2007باجتماع خصص للتعريف بالاستعراض الدوري الشاملومنذ ذلك التاريخ عقدتأربعة اجتماعات شاركت فيها الوزارات والهيئات والمؤسسات العمومية ،وشارك فيها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.بهدف تلقي واستيفاء المعلومات المطلوبة لإعداد التقرير ،كما عقدت أربعة اجتماعات شارك فيها نحو عشرين منظمة غير حكومية نشطة ميدانيا ،ولا سيما في مجالحقوق المرأة وحقوقالطفل وحقوقالسجناء ،وفي مجال تعليمحقوق الإنسان وحقوقالمهاجرين.

كما تقر المملكة المغربية بمبادئحقوق الإنسان من منظورها العالمي ، حيث ينص دستورها على مايلي :” وإدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية فان المملكة المغربية العضو العامل النشيط في هذه المنظمات تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوقوواجبات وتؤكد تشبتها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا.”

كما أنه بتاريخ الفاتح مارس 2011 ثم الارتقاء بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان(12) إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان خولت له اختصاصات ومهام موسعة في مجالحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

كما تمت دسترة المجلس برئاسة لجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان لولايتين كما ترأس الشبكة الإفريقية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وكان المجلس أيضا عضوا في النواة المؤسسة للحوار العربي الأوروبي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ، بالإضافة إلى أن المجلس يعد عضوا في الجمعية الفرانكفونية للجان الوطنية للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها.

وإذ يحي المجلس الوطني لحقوق الإنسان الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل ، يشرفه أن يوافي الفريق بالتقرير التالي برسم الدورة الثانية للاستعراض الدوري الشامل للمغرب.كما لعب المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشراكة مع القطاعات الوزارية والمجتمع المدني دورا محوريا في انجاز مشروعين مهيكلين وهما:إعمال أرضية المواطنة(13) للنهوض بثقافةحقوق الإنسان،وإعداد خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية(14) وحقوقالإنسان.

وعليه منذ الجولة الأولى منالاستعراض الدوري الشامل قامت الحكومة المغربية بالمصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعاقين والبروتوكول الاختياري الملحق بها ،والبروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،والبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب (في انتظار تمام إجراءات إعمال الانضمام)وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال المكمل للاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ، كما قامت الحكومة بقبول تعديل بالملحق “ب” لبروتوكول كيوتوحول التغيرات المناخية ،وقام المغرب برفع تحفظه على الفقرة الثانية من المادة 9والمادة 16 وتعديل الفقرة الأولى من المادة 20 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

بالرغم من هذه المجهودات فان الممارسة الاتفاقية للمغرب تظل غير مكتملة كما يعرب المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن انشغاله بالبطء المسجل في مجال الملائمة واستكمال إجراءات إعمال انضمام المغرب للبروتوكولات الاختيارية ورفعه للتحفظات.

ثالثا: تقرير الاستعراض الدوري الشامل للمملكة العربية السعودية:

تقرير وطني مقدم وفقا للفقرة 15(أ) من مرفق قرار مجلسحقوق الإنسان 5/1 المملكة العربية السعودية(15) .

أعدت المملكة العربية السعودية هذا التقرير بالتعاون مع جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية الرئيسية ، حيث قامت بإصدار كتيب إرشادي يوضح آلية الاستعراض ،وتسعى المملكة العربية السعودية من خلال هذا التقرير إلى إعطاء صورة صادقة وشفافة عن حالةحقوق الإنسان فيها ،وما تحقق من تعزيز لها على أرض الواقع وتبرز في ذات الوقت الصعوبات التي تواجهها نحو تحقيق المزيدمن هذه الحقوق على الوجه المطلوب ، وتشير إلى الخطوات التي تنوي القيام بها لحماية وتعزيزحقوق الإنسان في المستقبل، بما في ذلك دراسة التصديق على بعض الاتفاقيات التي لم تصادق عليها المملكة بعد.

وعليه يمكن استعراض أهم ما أنجزته المملكة العربية السعودية منذ صدور نظامها الأساسي للحكم مايلي:

في سنة 2003:ثم إنشاء مركز الحوار الوطني للوصول إلى المشاركة الشعبية وتبادل الآراء والأفكار بين مختلف طوائف المجتمع ، يشارك فيها قيادات من مختلف أنحاء المملكة لمناقشة المسائل الهامة كان آخرها في سنة 2008.

في سنة 2004:تأسست الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان كإحدى مؤسسات المجتمع المدني، وهي جمعية أهلية مستقلة للدفاع عنحقوق الإنسان بشكل عام في المملكة.

في سنة 2005:ثم إنشاء لجنةحقوق الإنسان كإحدى لجان مجلس الشورى.

في سنة 2006:ثم إنشاء هيئةحقوق الإنسان، وهي هيئة حكومية مرتبطة مباشرة بالملك بصفته رئيس مجلس الوزراء ، وتهدف لحمايةحقوق الإنسان وتعزيزها وفقا لمعاييرحقوق الإنسان الدولية في جميع الحالات.

في سنة 2008:بمبادرةمن خادم الحرمين الشريفين ثم عقد مؤتمر عالمي للحوار في مدريد خلال الفترة من 16و18جويلية 2008 ،وبطلب من حكومة المملكة العربية السعودية فان الجمعية العامة للأمم المتحدة عقدت دورة خاصة عن الحوار خلال الفترة 12و13أكتوبر/نوفمبر2008، وتأتي هذه المبادرات في إطار سياسة المملكة العربية السعودية الداعية إلى السلم والأمن الدوليين والى إشاعة روح التسامح بين كافة الشعوب.

كما سعت المملكة العربية السعودية إلى تقديم تقريرها الثاني(16) في إطار آليةالاستعراض الدوري الشامل،استنادا إلى قرار الجمعية العامة 60/251 وقرارات مجلسحقوق الإنسان رقم 5/1 ،16/21،17/119،ويرصد هذا التقرير التقدم المحرز في مجالحقوق الإنسان بالمملكة خلال الفترة من (جوان 2009الى جويلية 2013)ويوضح هذا التقرير مايلي:

ـــ انضمام المملكة المتحدة في جوان 2010 إلى :

البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوقا لطفل المتعلق ببيع وبغاء الأطفال واستغلالهم في المواد الإباحية.
البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوقا لطفل المتعلق باشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة الصادرين بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 263في 25ماي 2000.
كما انضمت في 28ماي2013 إلى اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم:138المعتمدة في 1973،والمتعلقة بالحد الأدنى لسن الاستخدام.
رابعا: تقرير الاستعراض الدوري الشامل للجزائر(17):
كانت الجزائر من أوائل الدول التي التزمت أمام هذه الآلية وقدمت تقريرها الأول عام 2008، ثم تقريرها الثاني في عام 2012 ،وعليه سيتم إبراز كيف تعاملت الجزائر مع هذه الآلية.

التقرير الأول (18):تقدمت الجزائر بتقريرها الأول وفقا لآلية الاستعراض الدوري الشامل ،عملا بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/251المؤرخ في :15/3/2006 ،وقرار مجلسحقوق الإنسان رقم 5/1 المؤرخ في :18/6/2007 .حيث احتوى التقرير على الأطراف المشاركة في إعداد هذا التقرير مثل الإدارات والوزارات واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وكذا المجتمع المدني ،ويعد تقديم هذا التقرير بمثابة التزام الجزائر بواجباتها أمام مجلسحقوق الإنسان خصوصا أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل.

وهذا التقرير يعطي صورة صادقة قدر الإمكان عن الانجازات التي تحققت في مجالحقوق الإنسان سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو سياسية أو إدارية ، كما يسلط الضوء على الصعوبات التي تحول دون إعمال هذه الحريات ن ويشير التقرير في الأخير إلى الأعمال التي تنوي الدولة القيام بها من أجل الإعمال التام لهذه الحقوق والحريات خصوصا في ظل الظروف الخاصة التي عرفتها الجزائر خلال أكثر من عشرية من أعمال إرهابية إلا أن ذلك لم يمنع إطلاقا من العمل على تحقيق حقوقا لأفراد.فقد شكل كل من قانون الوئام الوطني عام 1999 وكذا قانون المصالحة الوطنية في 2005وسيلة للحفاظ على تماسك الأمة الجزائرية ووحدة مؤسساتها الجمهورية .

كما تناول التقرير التزام الجزائر بمختلف صكوكحقوق الإنسان وكذا الاعتراف للجانحقوق الإنسان بتلقي الشكاوى من الأفراد ممن يدعون بوقوع انتهاكات ضدهم وكذا انضمام الجزائر إلى معاهداتحقوق الإنسان الإقليمية(19).

التقرير الثاني: قدمت الجزائر تقريرها الثاني خلال الدورة 13 للاستعراض الدوري الشامل ،وعرض التقرير الجزائري خلال الفترة الممتدة من 21ماي إلى 24جوان 2012 .

حيث جاء تقرير الجزائر في شكل مقدمة عامة وستة أجزاء ،فأشار التقرير إلى المجهودات التي تبذلها الجزائر لأجل التمتع بحقوق الإنسان منذ الاستقلال إلى غاية اليوم من خلال تكريس الحقوق في الدساتير والانضمام إلى المواثيق والصكوك الدولية لحقوق الإنسان ، وجعل القانون الجزائري يتوافق معها ،بالإضافة إلى إقرارها لالتزاماتها الدولية بتقديم التقارير إلى مختلف الآليات الدولية والإقليمية ، وكذا التعاون مع مجلسحقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان،كما أن الجزائر قد حققت انجازات هامة منذ تقديم تقريرها الأول أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل(20).

المبحث الثاني: آلية الاستعراض الدوري الشامل وغيرها من الآليات

خلال هذا المبحث سنتطرق إلى إبراز آلية الاستعراض الدوري الشامل وعلاقتها مع غيرها من الآليات التعاهدية والآليات غير التعاهدية.

المطلب الأول:الآليات التعاهدية(21)

الآليات التعاهدية هي تلك الأجهزة التي أنشأتها الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان لتشجيع ومراقبة الإذعان لأحكامها ،وهي تعمل في إطار نصوص الاتفاقية التي أنشأتها.

وفيمايلي نشير إلى الهيئات التي تقوم برصد امتثال الدول الأطراف فيها لالتزاماتها:

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية سنة1966الهيئة المراقبة:اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.
العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سنة1966الهيئة المراقبة: لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري سنة1975 الهيئة المراقبة:لجنةالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سنة 1979 الهيئة المراقبة:لجنةالقضاء على التمييز ضد المرأة.
اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية غير الإنسانية أو المهينة سنة 1984 الهيئة المراقبة:لجنةمناهضة التعذيب.
اتفاقية حقوقا لطفل سنة 1989 الهيئة المراقبة:لجنة حقوقا لطفل.
الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع المهاجرين وأعضاء أسرهم سنة 1990 الهيئة المراقبة:اللجنة المعنية بحماية جميع المهاجرين وأفراد أسرهم.
اتفاقية حقوقا لأطفال ذوي الإعاقة سنة 2006 الهيئة المراقبة:اللجنة المعنيةبحقوق الأطفال ذوي الإعاقة.

وعليه مما سبق يتبين أن هناك ثمانية لجان منشأة بموجب معاهداتحقوق الإنسان لمتابعة تنفيذ بنود مجموع المعاهدات العالمية لحقوق الإنسان،وترفع هذه اللجان إلى المجلس تقريرا عن أنشطتها يتضمن موجزا لنظرها في التقارير المقدمة من الدول الأطراف ،وتتقدم باقتراحات وتوصيات ذات طابع عام على أساس نظرها في هذه التقارير المقدمةمن الوكالات المتخصصة بغية مساعدة المجلس في الاضطلاع بمسؤولياته ، وتقبل أربعة من هذه اللجان وهي: اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، لجنة القضاء على التمييز العنصري، لجنة مناهضة التعذيب، لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة،وذلك طبقا لشروط معينة ، ادعاءات من الأفراد الذين يزعمون بانتهاكات ل حقوق هم المكفولة بموجب المعاهدات.

وعليه يتم النظر إلى العلاقة بين المجلس (مجلسحقوق الإنسان) والآليات التعاهدية (الهيئات التعاهدية) في إطار تكاملي(22).فالاتفاقيات الدولية تنص على عدد من الآليات تقوم من خلالها برصد مدى امتثال الدول لالتزاماتها ، وتعد آلية تقديم التقارير وسيلة أساسية لا تكاد أي اتفاقية تخلوا منها وهي ذات أهمية كبيرة تتجلى فيمايلي:

ضمان اضطلاع الدولة الطرف باستعراض شامل للتشريع الوطني والقواعد والإجراءات الادارية والممارسات من أجل تأمين أقصى التزام ممكن بالاتفاقية.
ضمان إجراء الدولة الطرف لرصد منتظم للحالة الفعلية فيما يتعلق بكل من الحقوق الوارد بيانها بغية تقييم مدى تمتع جميع الأفراد بمختلف الحقوق داخل البلد.
توفير أساس تستند إليه الحكومات في رسم سياسات محددة بوضوح وموجهة بدقة نحو أهداف تنفيذ الاتفاقية.
تيسير مراقبة السياسات الحكومية فيما يتعلق بتنفيذالاتفاقية وتشجيع مشاركة مختلف قطاعات المجتمع في السياسات المتصلة بذلك وتنفيذها واستعراضها.
تمكين الدولة الطرف من التوصل إلى فهم أفضل للمشاكل وأوجه القصور التي تعوق إعمال الحقوق (23).
توفير أساس يتيح لكل من الدولة الطرف واللجنة إجراء تقييم فعال للتقدم المحرز نحو تحقيق الالتزامات الواردة في الاتفاقية.
تيسير تبادل المعلومات فيما بين الدول الأطراف وإتاحة تقييم أكمل للمشاكل المشتركة والحلول الممكنة في حال إعمال الحقوق الواردة في الاتفاقية.
ومن ثم يمكن أن تمثل نتائج وتوصيات هذه التقارير مصدرا معلوماتيا أساسيا للاستعراض الدوري الشامل أحد آليات المجلس ،كما يمكن استعمال الاستعراض الدوري الشامل كوسيلة لمتابعة توصيات الهيئاتالمنشأة بمعاهداتحقوق الإنسان.

وعليه يلاحظ أن مجلسحقوق الإنسان يقوم بتعزيز دور هذه الهيئات وهذا من خلال التأكيد على التزام الدول الأطراف بتقديم تقاريرها وحثه على أهمية تنفيذ الالتزامات التعاهدية الجوهرية ، وتوصيات الهيئات المنشأة بمعاهدات.

كما يقوم المجلس بتقديم توصيات إلى هذه الهيئات للبحث في موضوعات يرى أنهاتدخل في نطاق اختصاصهاويطلب تقديم تقارير في هذا الصدد بالإضافة إلى تشجيعه على زيادة التنسيق بين هيئات معاهداتحقوق الإنسان وأجهزة الأمم المتحدة الأخرى ووكالاتها أو برامجها المتخصصة إضافة إلى آليات المجلس.

المطلب الثاني:الآليات غير التعاهدية(24)

يقيم مجلسحقوق الإنسان علاقات خارجية مع كثير من الأجهزة والهيئات خارج نطاق الأمم المتحدة كالمنظمات غير الحكومية والمنظمات الوطنية لحقوق الإنسان وغيرها على النحو التالي:

أولا: آلية الاستعراض الدوري الشامل والمنظمات غير الحكومية(25):

أقرت الجمعية العامة في قرارها الذي أنشأت بموجبه مجلسحقوق الإنسان بالدور الهام الذي تؤديه المنظمات غير الحكومية على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية في تعزيز وحمايةحقوق الإنسان، وتحظىالمنظمات غير الحكومية ذات المركز الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي وحدها بالاعتماد للمشاركة في دورات مجلسحقوق الإنسان بصفة مراقب كما لها الحق في أن تقرر ممثليها في هذه الدورات(26).

وتتمتع هذه المنظمات بعدد من المزايا والترتيبات في مجلسحقوق الإنسان فهي تستطيع :

أن تقدم بيانات مكتوبة إلى مجلسحقوق الإنسان قبل أي دورة .
يمكنها أن تدلي بمداخلات شفوية أثناء النظر في جميع البنود الموضوعية في جدول أعمال مجلسحقوق الإنسان.
أن تشارك في المناقشات والحوارات التفاعلية ومناقشات أفرقة الخبراء.
أن تنظم “أحداثا موازية” بشأن القضايا ذات الصلة بأعمال مجلسحقوق الإنسان.
وتضطلع المنظمات غير الحكومية ذات المركز الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي أيضا بمسؤولية الامتثال في جميع الأوقات للمبادئ التي تحكم إنشاء هذه العلاقة الاستشارية وطابعها ، حيث ينص قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم 31/1996 على أنه :” يجوز تعليق أو استبعاد مشاركة أي منظمة غير حكومية في اجتماعات الأمم المتحدة أو سحب مركزها الاستشاري في حالات من بينها قيامها بسوء استعمال مركزها بصورة واضحة من خلال ممارسة نمط من التصرفات يتناقض مع أغراض ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة”.

كما تستطيع المنظمات غير الحكومية أن تساهم في أعمال آلية الاستعراض الدوري الشامل بعدة طرق تتمثل في مايلي:

-العمل مع الدول لإعداد التقارير الوطنية عن حالةحقوق الإنسان في بلدانها.
-إعداد إفادات عن حالةحقوق الإنسان في الدول موضع الاستعراض لإمكانيةإدراجها في ملخص إفادات أصحاب المصلحة، والذي تعده المفوضية ويكون موضع اهتمام الفريق العامل عند استعراض الدول(27) ، وتشجع المنظمات غير الحكومية بشدة على أن تحضر المعلومات التي تسهم بها في وثيقة من 5 صفحات ، يمكن أن تشفعها بتقرير وقائعي مفصل للرجوع إليه عند الاقتضاء(28).
علاوة على ذلك يمكنللمنظمات غير الحكومية ذات العلاقة الاستشارية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بعد اعتمادها حضور دورات الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل ، ولكنها لا تستطيع تقديم بيانات شفوية في اجتماعات الفريق العامل(29) ، كما يجوز لها أن تنظم جلسات إعلامية أثناء دورة الفريق العامل ، على أنه ينبغي للمنظمات غير الحكومية المهتمة بعقد هذه الاجتماعات الاتصال بأمانة الاستعراض الدوري الشامل كما تستطيع المنظمات غير الحكومية العمل في متابعة نتائج الاستعراض وذلك من خلال عدة طرق منها:

-العمل مع الكيانات الوطنية لمساعدة الدولة على الوفاء بالتزاماتها.
-رصد حالةحقوق الإنسان والخطوات المتخذة محليا لتنفيذ نتائج الاستعراض الدوري الشامل.
-إثارة الوعيبالاستعراض الدوري الشامل والنتائج التي يتعين على الدول تنفيذها وطريقة استعمال هذه النتائج لتحسين التمتع بحقوق الإنسان على الصعيد الوطني، وذلك عبر ترجمة ونشر نتائج الاستعراض الدوري الشاملإلى جانب العمل مع المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان،ووسائل الإعلام القومية لنشر الوعي بنتائج الاستعراض الدوري الشامل بين الجمهور والمجتمع المدني من خلال تنظيم مناقشات موضوعية ، وموائد مستديرة وحلقات دراسية وتدريبية.
-الاشتراك مع الكيانات الوطنية في إعداد معلومات للاستعراض الدوري الشامل.
-التعاون مع عناصر المجتمع المدني في إعداد معلومات متابعة تنفيذ الاستعراض وتقديمها إلى المفوضية.

ثانيا: آلية الاستعراض الدوري الشامل والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان(30):

شجعت الجمعية العامة الدول الأعضاء على إنشاء مؤسسات وطنية لتعزيز وحمايةحقوق الإنسان والعمل على إدماج تلك العناصر في الخطط الإنمائية الوطنية(31).

ومما لا شك فيه أن هذه المؤسسات تلعب دورا مهما على الصعيد الوطني في تعزيز وحمايةحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وفي إيجاد وزيادة وعي الجمهور بتلك الحقوق والحريات ،ن فهي ترتكز على طائفة عريضة من الأنشطة التعزيزية ،وعلى إيجاد الظروف لتنفيذحقوق الإنسان على المستوى الوطني، حيث أن الغالبية العظمى من المؤسسات الوطنية تتمتع بسلطة تقديم المشورة إلى البرلمان والسلطة التنفيذية واو القضائية بشأن قضاياحقوق الإنسان ومساعدة هذه الأجهزة الحكومية في تعزيزحقوق الإنسان وحمايتها.ومن ثم فهي تختلف عن المنظمات غير الحكومية مثل :منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس واتش وغيرها ، والتي ترتكز بصورة حصرية على رصد انتهاكات هذه الحقوق .

وفيما يتعلق بآليات مجلسحقوق الإنسان ، فقد أسند إلى المؤسسات الوطنية دور واضح وهام وذلك مثلا فيما يتعلق بـالاستعراض الدوري الشامل،فبإمكان المؤسسات أن تؤدي دورا حاسما في جميع مراحله بدءا من تقديم الوثائق وحضور الاستعراض ووصولا إلى متابعة التوصيات.

وفيما يخص الإجراءات الخاصة ، يجوز للمؤسسات الوطنية تسمية مرشحين لشغل مناصب أصحاب الولاياتكما يمكن لمؤسساتحقوق الإنسان أن تؤدي دورا مهما في عمل المكلفين بالولايات بموجب الإجراءات الخاصةوبصفة خاصة فيما يتعلق بالزيارات القطرية(الإعداد للزيارة ، وعقد الاجتماعات خلال الزيارة ومتابعة التوصيات)

كذلك يمكن لها أن تؤدي دورا مهما في اللجنة الاستشارية ،فقد أشار المجلس إلى أنه ينبغي للدول اختيار مرشحيها أن تستشير مؤسساتها الوطنية المعنية بحقوق الإنسان بهدف ضمان إتاحة أفضل الخبرات الممكنة للمجلس علاوة على أنه يجوز لهذه المؤسسات المشاركة في أعمال اللجنة الاستشارية .

كذلك فيما يخص إجراء تقديم الشكاوى ، يمكن للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ذات الاختصاص شبه القضائي ،أن تعمل بوصفها سبلا فعالة في معالجة فرادى انتهاكاتحقوق الإنسان ، وذلك من منطلق ما هو مخول لها من سلطات تتلقى من خلالها الشكاوى من أفراد الجمهور والتحقيق معها.

خاتمـــــــــــــــــــــــــــــة

وعليه نخلص في الأخير إلى جملة من النتائج والاقتراحات

أولا: النتائج:

منظمة الأمم المتحدة قد خطت خطوة جبارة بإنشاء مجلس جديد ألا وهو مجلسحقوق الإنسان ، وهذا من خلال محاولة تجاوز إخفاقات لجنةحقوق الإنسان سابقا ، وكذلك الاستحداث الجديد لآلية الاستعراض الدوري الشامل ذو أبعاد وأهداف ايجابية فجميع الدول تخضع للآلية دون تميز وانتقاءوهو ما يبرز الوجه الحقيقي للآلية ولحقوق الإنسان في الدولة موضع الاستعراض.
إن عملية المراجعة العلنية للوضع القائم لحقوق الإنسان في الدول تعد التزاما عالميا لا ينبغي لأي دولة الإحجام عن المشاركة فيه.
إن عملية الاستعراض الدوري عملية شمولية ،تستند في إطارها القانوني إلى العديد من الوثائق القانونية لحقوق الإنسان ، على رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يشتمل على كل أنواع الحقوق والحريات، وكذا جميع الالتزامات الدولية المنصوص عليها في مختلف اتفاقياتحقوق الإنسان.
إن التوصيات الصادرة عن آلية الاستعراض الدوري الشامل هي جوهر العملية وهي ذات شكل خاص ، سواء من حيث الطبيعة أو المحتوى ، ذلك أنها تصدر من الدول الأعضاء وباسم المجلس أين تستهدفهذه التوصيات جميع التزامات الدولة بخصوصحقوق الإنسان.
ثانيا: الاقتراحات:

لم تضع هيئة الأمم المتحدة المزيد من الخطوط الإرشادية الرسمية حول موضوع محاولة الدولة الخاضعة للاستعراض للمساهمين الوطنيين،ولا فيما يتعلق بأهدافها وإجراءاتها وهو أمر يجب تداركه بإعطاء فسحة أكبر للهيئات الوطنية.
كما أن أهم إخفاق لهذه الآلية ولباقي أجهزة الأمم المتحدة هو عدم تمتع قراراتها وتوصياتها بالإلزامية الضرورية لإجبار الدول على تطبيق محتوى نتائج استعراض الدولة ،وهو ما يدفع الأمم المتحدة لمواصلة عملية الإصلاح من أجل الوصول إلى آلية ملزمة في مجالحقوق الإنسان تكون كفيلة بأن تكون ضمانة حقيقية لحقوق الإنسان عالميا.
الاستعراض يمثل تحديا كبيرا لأصحاب المصلحة من المجتمع المدني عند مناقشة كيفية جعله أكثر فائدة، وهذا يتطلب حدا من التنسيق على المستوى الوطني كما هو الشأنعلى المستوى الدولي من أجلالوصول إلى وضع أولويات مشتركة.
قدرة المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تظل قاصرة ومحدودة القيمة إذا لم تقابلها رغبة الدولة وإرادتها الحقيقيةوإعمالها الصادق لمبادئ باريس المتعلقة بمركز المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.

الهوامش والمراجع:

القرار رقم:60/251الصادر بتاريخ:3أفريل2006 في الدورة الستون للجمعية العامة للأمم المتحدة إنشاء مجلسحقوق الإنسان ، الوثيقة
رقم(2006)251/60/RES/A وثيقة منشورة على الموقعاwww2.ohchr.org/french/bodies/hrconcil/docs/A.RES.60.251.fr.pdf//:http اطلع عليه يوم:18/4/2018,

أنظر للقرار رقم:60/251 ،المرجع نفسه,
وصفت المنظمات غير الحكومية بهذا الوصف نظرا لطبيعة عضويتها ونشأتها، فمن حيث العضوية في هذه المنظمات يلاحظ انها لا تنشأ الا عن تجمع هيئات خاصة أو تجمع أفراد وهؤلاء هم أشخاص مجردين عن التمتع بأي صفات رسمية أو تظم الاثنينمعا،للمزيد أنظر:محمد جاسم محمد الحماوي، دور المنظمات غير الحكومية في حمايةحقوق الإنسان،دار الجامعة الجديدة ، مصر ، 2013،ص ص (22-23).
المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان :هي مؤسسات متميزة استدعت الضرورة احداثها جنبا الى جنب مع لجنةحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدةلصعوبة وصول هذه الأخيرة الى التفاصيل المحلية ومعالجتها، مقال : سماعلي عواطف ،المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان بين الالتزامات الدولية والتشريعات الداخلية،مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية ،العدد السادس، ص 247.
ترجع فكرة إنشاء آلية الاستعراض الدوري الشامل إلى اقتراح قدمه الأمين العام للأمم المتحدة اعتبر فيه أنه يجب على مجلسحقوق الإنسان أن يقوم بمراجعة ندية لجميع الدول والتي ثم إعادة صياغتها تحت اسم مراجعة دورية، للمزيد أنظر:رضوى سيد أحمد محمود عمار، المجلس الدولي لحقوق الانسان ، دراسة قانونية سياسية ،دار النهضة العربية ، مصر ، 2010، ص ص (141ـ-142).
مفوضية الأمم المتحدة للأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان،والتي تعرف باختصار UNHCHR هي عبارة عن وكالة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة تهدف للترويج وحمايةحقوق الإنسان والاهتمامبمصالحهم حسب مجموعة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والتي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الانسان سنة 1948.
المجتمع المدني: هو القطاع الثالث منقطاعاتالمجتمع جنبا الى جنب مع الحكومة وقطاع الأعمال ، ويتكون قطاع المجتمع المدني :منمنظمات المجتمع المدنيوالمنظماتغير الحكومية وتقر الأمم المتحدة بأهمية الشراكة مع المجتمع المدني ،الموقع الالكتروني:gاun.or.
دليل عملي للمجتمع المدني ، الاستعراض الدوري الشامل، الأمم المتحدة، جنيف.الموقع الالكتروني:gاohchr.or.
وفق قرار مجلسحقوق الإنسان رقم 5/1.
تكون وفد البحرين في عملية الاستعراض الدوري الشامل آنذاك من ممثلين عن وزارة الخارجية والمجلس الأعلى للمرأة ومجلس الشورى والنواب والنيابة العامة ووزارة الصحة ووزارة الداخلية ودائرة الشؤون القانونية ووزارة الإعلام ووزارة العمل ووزارة التنمية الاجتماعية ووزارة العدل ووزارة التربية والتعليم وأعضاء بعثة مملكة البحرين الدائمة في جنيف.
قرار الجمعية العامة في :11/3/2008،AlHRC/WG6/1/MAR/1 ،تقرير وطني مقدم وفقا للفقرة 15(أ)من مرفق قرار مجلسحقوق الإنسان 5(1)المغرب.
الجريدة الرسمية رقم:5922 في 3مارس2011 ،الظهير رقم:(5 19،11،1).
تجمع أرضية المواطنة للنهوض بثقافةحقوق الإنسان التي ثم اعتمادها سنة2007 ،مكونات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية والحكومة حول رؤية مشتركة وخطة عمل في مجال التربية والنهوض بثقافةحقوق الإنسان ،وقد ثم تشكيل لجنة الإشراف على تتبع ومراقبة تنفيذ المشروع في أكتوبر 2009 وأعدت اللجنة برنامج عمل لسنوات(2011-2014)يهتم مجالات التربية والتكوين والتحسيس وتضم اللجنة التي ينسقها المجلس الوطني لحقوق الانسان فعاليات المجتمع المدني وممثلي وزارات.
من خلال اعتماد مسلسل تشاركي موسع وغير مركز وقد ثم تحيين مقتضيات الخطة التي قدمت للحكومة في مارس 2010 على ضوء مراجعة الدستور الجديد المعتمد في 2011. ليتم تقديمها من جديد لرئيس الحكومة في سبتمبر 2011 ،وتتمحور خطة العمل الوطني في مجال الديمقراطية وحقوقالانسان حول أربع أولويات: الحكامة والديمقراطية ، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الحقوق الفئوية ثم الإطار القانوني والمؤسساتي.
قرار الجمعية العامة في :11/12/2008،AlHRC/WG6/4/SAU/1
قرار الجمعية العامة في :5/8/2013،تقرير وطني مقدم وفقا للفقرة 5من مرفق قرار مجلسحقوق الإنسان 16/21 المملكة العربية السعودية.AlHRC/WG6/17/SAU/1.
للاطلاع على التقرير أنظر:تقرير وطني مقدم وفقا للفقرة 15من مرفق قرار مجلسحقوق الإنسان 5/1-الجزائر-مجلسحقوق الإنسان ، الفريق المعني بالاستعراض الدوري الشامل ، الجمعية العامة للأمم المتحدة، وثيقة رقم:AlHRC/WG6/DZA/1.،20/3/2008.
أنظر مقال:علي اليازيد ، الاستعراض الدوري الشامل كآلية لحمايةحقوق الإنسان ،مجلة التواصل في الاقتصاد والإدارة ،العدد 45،الجزائر،2016،ص ص (64-69).
صادقت الجزائر على سبع اتفاقيات من مجمع تسع اتفاقيات ذات لجان للمراقبة وهذه الاتفاقيات هي:العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية غير الإنسانية أو المهينة،اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،اتفاقية حقوقا لطفل، الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.
للاطلاع على التقرير أنظر:تقرير وطني مقدم وفقا للفقرة 15 (أ)من مرفق قرار مجلسحقوق الإنسان 16/21-الجزائر-مجلسحقوق الإنسان ، الفريق المعني بالاستعراض الدوري الشامل ، الجمعية العامة للأمم المتحدة، وثيقة رقم:AlHRC/WG6/13/DZA/1.،18/4/2012.
رضوى سيد أحمد محمود عمار،المرجع السابق، ص ص (210-211).
أنظر القرار رقم:60/251، المرجع السابق، المادة 5فقرة(هـ).
رضوى سيد أحمد محمود عمار،المرجع السابق، ص ص (213-214).
الآليات غير التعاهدية:هي آليات ثم إنشاؤها بموجب قرارات صادرة عن أجهزة الأمم المتحدة ،وليس عن طريقمعاهدات دولية ،والآليات غير التعاهديةيمتد اختصاصها إلى كافة الدول سواء التي كانت أطرافا في الاتفاقيات الدوليةأو أعضاء في الأمم المتحدة أو لم تكن كذلك،أي حتى غيرها من الدولأنظر: أحمد وافي ، الحماية الدولية لحقوق الانسان ومبدأ السيادة ، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع ، الجزائر ، 2009 ، ص ص (288 ـ 289).
لمنظمات غير الحكومية :هي تلك المنظمات التي تتكون من جماعات الأفراد أو الهيئات العامة أو الخاصة سواء على مستوى الدولة الواحدة أو على المستوى الدولي ، دون أن تسعى إلى الربح وتتجه نشاطاتها وجهودها نحو تحقيق أهداف ذات أبعاد اجتماعية وثقافية وفنية ، وعادة ما يتم تمويل هذه المنظمات من اشتراكات أعضائها أو من المعونات التي تقدمها المؤسسات التي يهمها شأن المنظمة، أنظر:
ا GacquesFontanel ;Les Organisation non gouvernementales ;Offices des publications Universitaires ;OPU.Alger ;2005.p 32.

أنظر: العمل مع مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان، دليل للمنظمات غير الحكومية ، ص ص (46-50).
على سبيل المثال نذكر : مساهمة الفريق العامل لحقوق الانسان لاندونيسيا ، وهو تحالف من منظماتحقوق الإنسان الاندونيسية بتقرير من أجل أصحاب المصلحة لأغراض استعراض اندونيسيا في الدورة الأولى للفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل في أفريل 2008 ، وقد اضطلع الفريق عند إعداده لتقريره بعملية تندرج من القاع إلى القمة ،حيث دعا عددا من المنظمات غير الحكومية الوطنية العاملة بشان قضايا موضوعية للاجتماع من أجل مناقشة آلية الاستعراض الدوري الشامل وصياغة موجز وهيكل التقرير وبعد الاجتماع أسندت إلى كل منظمة غير حكومية مسؤولية إعداد المعلومات المتصلة بمجالات خبرتها ، بينما اضطلع الفريق العامل لحقوق الانسان بالمسؤولية التحريرية عند التقرير وإحالته إلى أمانة الاستعراض الدوري الشامل في المفوضية.
أنظر مذكرة معلومات للمنظمات غير الحكومية بشأن آلية الاستعراض الدوري الشامل، 2007،مستند رقم:HRC/NONE/2007/276
للمزيد حول الموضوع أنظر:رضوى سيد أحمد محمود عمار،المرجع السابق، ص ص (228-229).
يؤخذ مصطلح “المؤسسة الوطنية “على أنه يشير إلى هيئة أنشأتها الحكومة بموجب دستور الدولة أو بمقتضى قانون أو مرسوم ،وتتمثل مهامها على وجه الخصوص في تعزيزحقوق الإنسان وحمايتها، أنظر قرار لجنةحقوق الإنسان رقم:54/1994بتاريخ:3مارس1992،ومن ثم أحالتها إلى الجمعية العامة التي اعتمدتها باسم “مبادئ باريس” في قرارها 38/134المؤرخ في:20ديسمبر1993.
راجع قرار الجمعية العامة المعنون بـ:المؤسسات الوطنية لتعزيز وحمايةحقوق الإنسان ، مستند رقم:A/RES/48/134،4/3/1994،الفقرة (3،4،9).

إغلاق