دراسات قانونية

محاضرة قانونية حول الأسس الفلسفية للرقابة على دستورية القوانين

المحاضرة التي ألقيت في الندوة التي عقدت في جامعة بغداد من قبل مركز الدراسات الاستتراتيجية :

أتخذت الرقابة على دستورية القوانين أكثر من صورة , فمنها الرقابة السياسية ومنها الرقابة القضائية ولكل من هذين النوعين أكثر من وجه , فمن أوجه الرقابة السياسية ماهو سابق على صدور القانون ومنها ماهو لاحق , كما أن من أوجه الرقابة القضائية مايكفل إلغاء القانون المخالف للدستور ومنها مايكتفي بالأمتناع عن تطبيق هذا القانون على الدعوى المنظورة أمام القضاء , ومنها رقابة مركزية ورقابة لامركزية ومنها رقابة متخصصة ومنها غير متخصصة.

على أختلاف أنظمة القضاء الدستوري في العالم فأن الرقابة على دستورية القوانين تعتمد على عدة أسس فلسفية تستند سبب وجودها.

الأساس الأول: حماية النظام الديمقراطي وسيادة الدستور

أصبحت الرقابة القضائية على دستورية القوانين أحدى ركائز النظام السياسي الديمقراطي حين تتوافر الأغلبية البرلمانية المستقرة المستمرة التي تستطيع تشريع القوانين مما يتطلب موازنتها بقضاء دستوري يراقب دستورية هذه القوانين وشرعيتها ويحمي مبدأ سيادة القانون المتفق مع أحكام الدستور وبخلافه لايكون للقانون سيادة.

فالديمقراطية لاتقوم بغير سيادة القانون ومن ثم فأن الديمقراطية لاتكون حقيقة واقعة إلا في البلاد التي تشهد رقابة على دستورية القوانين , فشرعية الرقابة هي دلالة على نضج الديمقراطية وهي تؤكد إلزامية قواعد الدستور وبها يتأكد أن الدستور هو القاعدة الأسمى وأنه هو الأصل في شرعية القوانين وعلى هذا الأساس فان دستورية القوانين أو عدم دستوريتها لا تتحدد إلا بالرجوع الى الدستور وهذا يحتاج الى رقابة على القوانين للتحقق من مدى مطابقة نصوصها للدستور فلايمكن وجود دستور في دولة ديمقراطية بغير قضاء دستوري يكفل تطبيق نصوصه على وجه سليم.

وقد ذهب بعض الفقهاء الى أن سلطة البرلمان البعيدة عن الرقابة الدستورية فكرة بالغة الخطورة وضربوا مثالاً لذلك بأن النظام النازي أنشئ وفقاً لأجراءات مطابقة للدستور وأن البرلمان الألماني هو الذي أوقف الحريات بتشريعه قوانين بعيدة عن روح الدستور ونصوصه وفي العراق نضرب مثالاً بالنظام الدكتاتوري البائد الذي أُنشأ وفقاً لأجراءات مطابقة لدستور عام 1968 ودستور عام 1970 والذي تأسس المجلس الوطني بموجبه كان ألعوبة بيد السلطة السياسية (مجلس قيادة الثورة) المنحل حيث أختص بالتشريع بعيداً عن (المجلس الوطني) فصدرت الكثير من القوانين والقرارات ووفق أجراءات ظاهرها مطابق للدستور ولكنها أنتهكت الحقوق والحريات لغياب الرقابة القضائية الدستورية , فالرقابة الدستورية لاتهدف الى التقليل من سلطة البرلمان أذا مارس مهماته وأنما تهدف الى التحقق من أنه كان يعمل في النطاق الذي سمح به الدستور.

ففي عام 1992 عقدت ندوة في مدينة مونبليه عنوانها (الديمقراطية المستمرة) وجاء في توصياتها بأن الديمقراطية النيابية تمر بأزمة ضعف الثقة بين الحكومة والنواب في البرلمان فيما يتعلق بمضمون التشريع مما يتطلب تحويلها الى ديمقراطية مستمرة فلاتقف عند حد وقت أنتخاب نواب الشعب بل تستمر رقابة الشعب بين هذا الوقت والوقت الذي يليه من خلال مؤشرين:

الأول/ ليست له طبيعة قضائية ويتمثل في أجهزة الأعلام والأستفتاء الشعبي وآراء منظمات المجتمع المدني.

الثاني/ له طبيعة قضائية ويتمثل في القضاء الدستوري لمنع أصدار تشريعات لاتتفق مع الأرادة العامة للشعب التي عبر عنها الدستور.

فالقاضي الدستوري لايحجب كلمة الشعب التي عبر عنها في الدستور بل هو يعطي لهذه الكلمة مضمونها الكامل من خلال الرقابة التي يمارسها لتتأكد فعالية الكلمة للشعب.

الأساس الثاني: ضمان أحترام الحقوق والحريات

تهدف الرقابة على دستورية القوانين الى حمل المشرع على أحترام وحماية الحقوق والحريات التي كفلها الدستور ففي الدول التي تأخذ بنظام القضاء الدستوري تكفَّل فيها كل من المشرّع والقضاء الدستوري تحديد الحقوق والحريات وحمايتها.

فالدستور العراقي كفل الحقوق والحريات وتحديدها وحمايتها مستنداً في ذلك الى الأعلان العالمي لحقوق الأنسان والمعاهدات والأتفاقيات الدولية وبعين الوقت نص على المحكمة الأتحادية العليا التي تتولى الرقابة على دستورية القوانين فهذه الحماية هي الهدف الأسمى من الرقابة الدستورية.

فنحن أذا أستقرأنا التنظيم الأجرائي للرقابة الدستورية فهو يتجلى في حماية الحقوق والحريات وهذا ماتبناه النظام الداخلي للمحكمة الأتحادية العليا في نصوصه والذي رسم الأجراءات للأدعاء المباشر من قبل الأفراد أمام المحكمة الأتحادية للطعن بعدم دستورية القوانين وفي هذا حماية وضمان الحقوق والحريات التي كفلها الدستور للأفراد.

وقد ضربت المحكمة الأتحادية العليا أروع الأمثلة على ضمان وحماية الحقوق والحريات الأساسية التي وردت في الباب الثاني من الدستور في أحدث قرار أصدرته يتعلق بأنتهاك حقوق الأفراد عندما نظرت دستورياً بقرار مجلس النواب برفع الحصانة ومنع سفر النائب مثال الآلوسي بعد أن رفع دعوى بأعتباره فرداً أنتهكت حقوقه الدستورية وقررت المحكمة عدم دستورية القرار وألغته.

الأساس الثالث: أشباع الحاجات المتطورة للمجتمع

الرقابة على دستورية القوانين من المهام الفنية القضائية حيث ينهض بها قضاة متخصصون قادرون على كفالة الرقابة على القوانين وهي مهمة أبداعية تختلف كثيراً عن المهام التقليدية للقضاء العادي التي يغلب عليه عنصر تفسير وتطبيق القوانين بخلاف تفسير الدستور حيث يتم بمنهج مختلف عن منهج تفسير القوانين العادية.

فبعض النصوص الدستورية تتصف بخاصية عدم التحديد مما تبيح للقضاء الدستوري أشباع الأحتياجات المتطورة للمجتمع الديمقراطي لكي تكون نصوص الدستور على الدوام عملاً حياً , وفي هذا المعنى قالت المحكمة الدستورية العليا في مصر:

” أن الدستور وثيقة تقدمية لاترتد مفاهيمها الى حقبة ماضية وأنما تمثل القواعد التي يقوم عليها والتي صاغتها الأرادة الشعبية أنطلاقة الى تغير لايصد عنه التطور آفاقه الرحبة “.

فالقضاء الدستوري عند تفسيره للقواعد الدستورية يبحث عن الحلول للمشاكل المتجددة الأجتماعية منها والسياسية وغيرها وهو يصاحب تطور الضمير والسلوك والمصالح الأجتماعية.

الأساس الرابع: تحقيق الأستقرار السياسي والقانوني

فالأستقرار السياسي يتحقق عندما تؤدي الرقابة على دستورية القوانين دورها في حسم النزاع بين الأتجاهات السياسية حول مضمون بعض القوانين وذلك أذا ماحصلت وجهات نظر متباينة حول مسائل مهمة ثار حولها خلاف دستوري ففي هذه الحالة يكون الألتجاء الى القضاء الدستوري وهو أمر ضروري للفصل في هذا الخلاف وهذا من صلب أختصاص المحكمة الأتحادية العليا التي نصت عليها المادة (93) من الدستور وبذلك تؤدي الرقابة على دستورية القوانين الى تجنب الأضطراب التشريعي.

أما الأستقرار القانوني فأنه يتحقق أيضاً من خلال الرقابة الدستورية حيث يمكن ضمان سير عمل السلطات العامة وتقسيم الأختصاصات فيما بينها فقد خوَّل الدستور العراقي المحكمة الأتحادية العليا سلطة التحقق من سلامة صحة عضوية مجلس النواب في المادة (52/ثانياً) منه.

كما أن الرقابة على دستورية القوانين تعمل على تحقيق الأستقرار القانوني وحسم المنازعات حول الحقوق والمراكز القانونية التي تنشأ عن طريق القانون كما عملت به المحكمة الأتحادية العليا في عدة قرارات تفسيرية لتثبيت المراكز القانونية بين الحكومة الأتحادية والمحافظات.

فالقضاء العادي ينظر منازعات تحكمها قوانين مختلفة وما لم يوجد قضاء دستوري يربط فروع القوانين المختلفة بمصدر واحد وهو الدستور فان ذلك يخل بوحدة النظام القانوني الذي يقف الدستور على قمته وهو مايتجلى في أنفراد القضاء الدستوري بتحديد معاني الدستور في نظام الرقابة الدستورية فيحافظ بذلك على الأستقرار القانوني القائم على سيادة الدستور.

فالرقابة على دستورية القوانين لاتنتهي بوضع الدستور على قمة النظام القانوني وأنما تعمل على وحدته فالدستور تنعكس نصوصه على جميع القوانين مما يسمح لنا مجازاً أن نقول بوجود قانون جنائي دستوري وقانون مدني دستوري وقانون للوظيفة العامة دستوري وقانون للأحوال الشخصية دستوري وقانون للحياة السياسية دستوري وقانون للضرائب دستوري وهكذا فالنظام القانوني متعدد في فروعه وفي وسائله وفي المصالح التي يحميها ولكن يلزم أن يكون تحت مظلة الدستور فالدستور يحول دون حدوث تباين حين يضمن خضوع كل فروع النظام القانوني لمبادئ دستورية واحدة , وهنا يأتي دور الرقابة الدستورية فالرقابة الدستورية تكفل وحدة النظام القانوني فتسهم بذلك في تحقيق الأستقرار والأتساق القانوني.

ولكي تكون الأسس الفلسفية التي أشرنا إليها مؤثرة في أداء الدور الرقابي للمحكمة الدستورية نرى أن تترك بصماتها عند تعديل النصوص الدستورية المتعلقة بالمحكمة في عدة نقاط :

أولاً/ لكي يمارس القضاء الدستوري دوره الرقابي بشكل فاعل يجب النص بأن المحكمة الدستورية تمارس الرقابة الدستورية من تلقاء نفسها إن تبين لها حدوث خرق للدستور إضافة الى الرقابة التي تمارسها بناء على طلب الغير ويصاغ ذلك بفقرة في م(5) من التعديلات بعد الفقرتين أولاً وثانياً وتكون كالآتي:

( ثالثاً/تمارس المحكمة الرقابة تلقائياً أو بناء على طلب من الغير ).

وتصدي المحكمة تلقائياً , ليس بمفهوم أن تبحث عن القوانين لتقرر عدم دستوريتها وأنما في الحالات التي تستوجب ذلك , فقد يتصدى القاضي في بعض الأحيان بناء على نص في قانون وفي أحيان أخرى بناء على سلطته التقديرية لأثارة بعض المسائل والدفوع من تلقاء نفسه ودون حاجة لتمسك الخصوم بها نظراً لتعلق الدفوع بالنظام العام , وأستثناءاً من المبدأ الذي يحظر على القاضي تجاوز ماطرحه الخصوم من طلبات ودفوع يتحدد بها نطاق الدعوى وبهذا يختلف القضاء الدستوري عن القضاء العادي في هذا الموضع.

ويتسع مجال التصدي في القضاء الأداري وعلى وجه الخصوص في أطار إلغاء القرارات الأدارية بالمقارنة مع مجال التصدي في القضاء العادي ومرجع ذلك أتساع فكرة النظام العام في القضاء الأداري بالمقارنة مع القضاء في فروع القانون الخاص.

ويزداد مجال التصدي أتساعاً في القضاء الدستوري بالمقارنة مع القضاء العادي أو القضاء الأداري.

فالقضاء العادي ووفقاً للقواعد العامة في مجال التقاضي له أن يثير الدفع بعدم الأختصاص الولائي أو النوعي والدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد أو لعدم توجه الخصومة أو لسبق الفصل في الدعوى من تلقاء نفسه.

وللقاضي في القضاء العادي بما له من سلطة تقديرية له أن يثير من تلقاء نفسه دفعاً غير الدفوع التي نص عليها القانون على أعتبار تعلقها بالنظام العام ولكن عليه أن يبلغ أطراف الدعوى لتحضير دفوعهم , أما في القضاء الأداري فأن للقاضي أن يثير دفوع أجرائية وموضوعية من تلقاء نفسه دون حاجة لتمسك أحد أطراف الدعوى بها .

وتستند سلطة القاضي أما على نصوص القانون المتعلقة بالنظام العام أو لسلطته التقديرية بأعتبار الدفع متعلق بالنظام العام , وتتسع إثارة القاضي الأداري للدفوع من تلقاء نفسه في مجال دعوى الإلغاء التي تتسم بطابع عيني أو موضوعي بأعتبار أن الخصومة موجهة ضد القرار الأداري ذاته موضوع الطعن على خلاف دعوى القضاء العادي التي تقوم على حقوق شخصية أو ذاتية للمدعي , مثال ذلك أذا رفعت أمام القاضي الأداري دعوى بإلغاء أحد القرارات الأدارية إلغاءً جزئياً وقدر القاضي أن هذا القرار غير مشروع كلياً وليس جزئياً فأنه يحكم بألغاءه في جميع أجزائه أو قد يطلب المدعي إلغاء أحد القرارات الأدارية ولايقتصر القاضي على الحكم بإلغاء هذا القرار بل يقرر إلغاء قراراً آخر يتحد معه في حكم واحد.

مثال ذلك , أن أحد الموظفين رفع دعوى بإلغاء قرار تأديبي يتضمن تخفيضاً لعقوبة كانت قد أوقعت عليه فيقوم القاضي من تلقاء نفسه بإلغاء القرار أصل القرار الصادر بفرض العقوبة التأديبية.

أما في القضاء الدستوري فأن فكرة النظام العام تتسع أتساعاً كبيراً بالمقارنة مع جميع فروع القضاء العادي والأداري , ويرجع ذلك الى أن القاضي الدستوري يراقب مدى أتفاق القوانين مع الدستور بأعتباره قانون القوانين الذي يتمتع بالسمو على هذه القوانين فعليه أن يثير من تلقاء نفسه أي دفع يتعلق بتطبيق الدستور بجميع نصوصه ومبادئه لوحدة نصوصه , وأذا وجد أن هنالك مخالفة فعليه أن يقضي بعدم دستوريتها سواء أكان المدعي قد أثار هذه المخالفة أم لم يثرها , وقد ثبتت المحكمة الدستورية في مصر هذا الأتجاه.

ومفهوم التصدي بالمعنى المتقدم متعلق بمفهوم النظام العام , وقد كان له تطبيقات في القانون الدستوري المقارن , فقد تصدى المجلس الدستوري الفرنسي من تلقاء نفسه بعدم الدستورية في كثير من القضايا , كما أن القضاء الدستوري المصري تصدى من تلقاء نفسه في العديد من القرارات بعدم دستورية نص لم يطعن بدستوريته ونشير الى قرار المحكمة الدستورية في مصر بقرار لها برقم 137 السنة /القضائية الثانية عشر/ في 4/4/1998 م بعدم دستورية نص الفقرة 1 من المادة 54 من القانون رقم 35 لسنـة 1976 م ولم تكن هذه الفقرة محلاً للطعن بعدم الدستورية ذلك أن الطعن كان منصباً على الفقرة (2) من المادة 54 وليس الفقرة (1) ولكن المحكمة قدرت وجود أرتباط بين الفقرتين , ولم تصف أن هذا الأرتباط لايقبل التجزئة ذلك أن الفصل بينهما ممكن وكان للمدعي أن يحقق طلباته أن تقضي له المحكمة بعدم دستورية الفقرة 2 من المادة 54 المطعون فيها لوحدها , لكن المحكمة الدستورية بعد أن فحصت نص الفقرتين في ضوء أحكام الدستور قررت أنهما تنطويان على مخالفة لأحكامه وقضت بعدم دستوريتهما معاً.

ثانياً/ ولكي يمارس القضاء الدستوري مهماته الفنية ينهض بها قضاة متخصصون يقتضي أن ينص عند تعديل الدستور بأن أعضاء المحكمة الأتحادية العليا وفق التكوين الجديد لها من خبراء الفقه الأسلامي وفقهاء القانون يعطون رأياً أستشارياً دون التدخل في القرار ليكون النص الدستوري المعدل في م(4)/ثانياً من التعديلات (( تتكون المحكمة الأتحادية العليا من عدد من القضاة ومستشارين من خبراء الفقه الأسلامي وفقهاء القانون يحدد عددهم وطريقة أختيارهم وسير عمل المحكمة بقانون يُسن بالأغلبية المطلقة )).

نحن نعترض على وجود خبراء في الفقه الأسلامي وفقهاء القانون كأعضاء في المحكمة إلا أن دورهم يكون أستشارياً لكونهم غير مؤهلين للفصل في الخصومات لأن ذلك من مهام القضاء وللتوضيح أقول أن القضاء لغة معناه الألزام.

” وقضـى ربـك ألا تعبـدوا إلا إيـاه “

وأصطلاحاً / الفصل في الخصومات

المادة 92/أولاً من الدستور وصفت المحكمة الأتحادية العليا بأنها هيئة قضائية وأعطت لها صلاحية الرقابة على دستورية القوانين وتفسير النصوص الدستورية.

ولو دققنا الفقرات من ثالثاً الى ثامناً وجدناها تبتدأ بالفصل في القضايا والفصل في المنازعات والفصل في تنازع الأختصاص والفصل في الأتهامات.

أذن الفصل في الخصومات هو من أختصاص القضاء حصرياً كما بينا.

مكي ناجي
مدير عام المحكمة الاتحادية العليا

إغلاق