دراسات قانونية

قراءة قانونية مميزة في الحماية القانونية للمستهلك في عقد التامين

تخصص القانون المدني و الأعمال
بكلية الحقوق – طنجة

الحماية القانونية للمستهلك في عقد التامين
دراسة تشريعية مقارنة
يوسف الزوجال

تحت اشراف الدكتورة جميلة العماري
وتكونت لجنة المناقشة من
الدكتور عبد الخالق احمدون رئيسا
الدكتورة جميلة العماري مشرفا
الدكتورة وداد العيدوني عضوا

2008/2009

تقرير حول رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص تحت عنوان الحماية القانونية للمستهلك في عقد التامين دراسة تشريعية مقارنة

إن اشكالية حماية المستهلك في عقد التأمين على وجه الخصوص لم تحظى بالقدر الكافي من الاهتمام من لدن الباحثين و الاكاديميين ، إذ أن كل الدراسات والابحاث الجامعية و الفقهية المرتبطة بعقد التأمين تنصب معظمها على دراسته بشكل شمولي و عام من حيث اركانه وعناصره ومميزاته ومحاولة دراسة بعض نماذجه، مثل التأمين على الحياة أو التأمين الإجباري على السيارات، ومن هنا جاءت فكرة البحث التي تتمحور حول الميكانيزمات التشريعية والحمائية المتوفرة للمستهلك أمام الوضع المهيمن للطرف القوي المهني، ومدى نجاعة هذه الوسائل من الناحية النظرية و التطبيقية .

وأول إشكال يتبادر إلى ذهن الباحث، هو وجود ترسانة من النصوص التشريعية سواء على مستوى القانون المدني، او بعض النصوص الخاصة المتناثرة مثل مدونة التأمينات الجديدة، ومذكرة التغطية الصحية… إلخ.

فهل توفر هذه الاخيرة الحماية الناجعة للمستهلك في العقد بصفة عامة، وفي عقد التأمين على وجه التحديد، ؟

للإجابة على هذه ألإشكالية حاولنا الاعتماد على منهج تحليلي للقانون الوضعي المغربي والآراء الفقهية المختلفة وعلى ضوء المنهج المقارن لتحديد أوجه التشابه أو الاختلاف بين القانون المغربي والتشريعات الأجنبية الأخرى.

و عليه سنعالج هذه الإشكالية بالتطرق إلى الأحكام العامة للمستهلك في عقد التأمين باعتباره طرفا في العلاقة التعاقدية، بتناول نطاق وحدود الحماية القانونية له. من خلال الفصل الأول من هذه الدراسة، حاولنا القاء الضوء على مفهوم المستهلك في عقد التأمين باعتباره الحلقة الأساسية، والكلمة المفتاح، وإبراز النظريات الفقهية التي قيلت بهذا الصدد، مع تبيان المفهومين، الضيق والموسع للمستهلك، منفتحين على التشريعات المقارنة.

كما حاولنا العمل ، على ابراز وملامسة المواضع التي يتخذها المستهلك في عقد التأمين، بحيث يمكن أن يكون المتعاقد فيه ليس فقط مكتتبا أو مؤمنا له أو مستفيدا، بل يكون أيضا طرفا ضعيفا ومذعنا له. و بالتالي يصبح ضحية اختلال العقد نظرا للتفوق القانوني والاقتصادي والفني للمهني في مواجهة المستهلك.
ووعيا بهده التطورات الاقتصادية و الاجتماعية حاول المشرع المغربي وضع منظومة قانونية من أجل توفير الحماية القانونية الفعالة للمستهلك ضد التعسفات التي قد يتعرض لها من طرف المهني. و هذا ما عملنا على إبرازه في الفصل الثاني من هذه الدراسة و ذلك بالتطرق إلى الحماية المباشرة و غير المباشرة للمستهلك في عقد التامين.

فالمقصود بالحماية المباشرة تلك المقررة في التشريع من خلال النصوص القانونية العامة، مثل نظرية عيوب الرضا، وبعض النظريات الأخرى كنظرية حسن النية، ونظرية الاشتراط لمصلحة الغير، إضافة إلى نظرية الإثراء بلا سبب، ونظرية التعسف في استعمال الحق …الخ و من خلال النصوص القانونية الخاصة نذكر على سبيل المثال قانون حرية الأسعار والمنافسة، وقانون زجر الغش في البضائع…الخ.

أما بالنسبة للحماية القانونية غير المباشرة، فهي تلك الحماية التي تدعى الحماية المؤسساتية، كمؤسسة القضاء، و بعض الأجهزة الإدارية ( وزارة المالية، واللجنة الاستشارية للتأمينات)، علاوة على فعاليات المجتمع المدني خصوصا الجمعيات.

يستفاد مما سبق، أن عقد التأمين يمتاز عن العقود العادية الأخرى نظرا لخصوصياتهّ، فالمستهلك باعتباره الطرف الضعيف في هذا العقد، يختلف عن أي متعاقد آخر. ومن خلال دراستنا لموضوع حماية المستهلك في عقد التأمين، نلاحظ أن المشرع المغربي قد نجح في إضفاء حماية قانونية معقولة للمؤمن له (المستهلك)، في مدونة التأمينات الجديدة.

فالمقتضيات الخاصة بعقد التأمين كما نظمتها مدونة التأمينات الجديدة، وضعت الإطار العام للعلاقة العقدية بين المؤمن له (المستهلك) والمؤمن (المهني) لكن في الواقع يطغى عليها عدم التكافؤ على مستوى الواقع نظرا لقوة الثاني وضعف الأول.

وبما أن موضوع البحث انصب على دراسة النصوص التشريعية الحمائية، ومدى دور المؤسسات والأجهزة الأخرى في حماية المستهلك في عقد التأمين، فإن هذا يستوجب من جهتنا تقديم بعض التوصيات والاقتراحات من أجل تدارك التفاوت الحاصل بين ما هو نظري وبين ما هو واقعي عملي.

فمن أجل تحقيق الحماية الفعالة المنشودة في حماية المستهلك، يمكن تقديم بعض الاقتراحات نجملها في ما يلي :

– تفعيل المقتضيات القانونية المعمول بها حاليا، مع إدخال بعض التعديلات عليها، حتى تتلاءم مع روح التدابير المقررة لحماية المستهلك لمواكبة المستجدات والتطورات الاقتصادية والاجتماعية.

– منح سلطات واسعة لمؤسسة القضاء، من أجل تحقيق العدالة والإنصاف.

– تبسيط المساطر القضائية وتمتيع كل المتعاقدين بالحق في المساعدة القضائية.

– إعطاء الأجهزة الإدارية مثل مجلس المنافسة سلطة تقريرية عوض الاكتفاء باختصاص استشاري.

– تفعيل وإعادة النظر في دور بعض المؤسسات مثل مؤسسة الحسبة والأمناء… إلخ.

– خلق أجهزة مواكبة لدور القضاء وتعزيز دوراللجنة الاستشارية للتأمينات ومنحها اختصاصا في مراقبة ومحاربة الشروط التعسفية.

– خلق مراكز الاستقبال والاخبار، والاستشارة المجانية في كل قضايا الاستهلاك.

– إحداث وحدات أو شعب أو مراكز متخصصة بحماية المستهلك لتعزيز البحث العلمي والأكاديمي في هذا الإطار.

إغلاق