دراسات قانونية
دراسة حقوقية حول آليات تعزيز المواطنة واحترام حقوق الإنسان
مداخلة نشرت في كتاب أعمال ملتقى التربية على المواطنة وحقوق الإنسان الصفحة 129.
Résumé:
La citoyenneté est devenue les positions avancées fortement au niveau local et international, bien qu’ils aient été accompagnés par le patriotisme, beaucoup de gens sont même devenus un sentiment et un sentiment d’appartenance et l’exercice de la démocratie et l’adresse pour relier les citoyens à leur pays d’origine.
Mais à la lumière des développements aujourd’hui dans les différents domaines de l’évolution de la vie a pris une tournure et une dimension mondiale saluant le travail réalisé par les différents points d’organisations gouvernementales et non gouvernementales par l’éducation, les médias et les organisations de la société civile à contribuer au dévouement et à la promotion des droits de l’homme et l’action humanitaire dans différentes régions du monde.
La diffusion des principes de la citoyenneté et la prise de conscience de ses avantages ne sont pas moins importantes que la diffusion des principes de démocratie, de développement global et de droits de l’homme en général: des mécanismes alternatifs aux moyens traditionnels de parvenir à la paix et à la sécurité internationales , Dont les résultats ont commencé à se refléter dans le rapprochement entre les États, les peuples sous la forme d’organisations internationales gouvernementales et non gouvernementales, et la solidarité internationale et la coopération pour aborder les grands problèmes et problèmes internationaux.
les mots clés
Citoyenneté, droits de l’homme. Citoyenneté universelle, droits de la solidarité, Humanité; éducation à la citoyenneté, tolérance et coexistence.
ملخص
أصبحت المواطنة من المواضع المطروحة بشدة على المستوى المحلي والدولي، وإن كانت قد اقترنت بالوطنية لدى الكثير من الناس حتى صارت شعورا وإحساسا بالانتماء وممارسة الديمقراطية، وعنوان لارتباط المواطنين بوطنهم.
لكنه في ظل التطورات الحاصلة اليوم في شتى مجالات الحياة أخذت منحى وبعدا عالميين، حيت يتم العمل على تطويرها من طرف جهات مختلفة كالمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية عن طريق التربية والتعليم والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني لتساهم في تكريس وتعزيز حقوق الإنسان وخدمة الإنسانية في شتى أصقاع العالم.2
إن نشر مبادئ المواطنة والتحسيس بفوائدها لا تقل أهمية عن نشر مبادئ الديمقراطية، والتنمية الشاملة، وحقوق الإنسان عموما فهي آليات بديلة للوسائل التقليدية التي عجزت عن تحقيق السلم والأمن الدوليين بالقوة، حيث بدأت نتائجها تتجسد في هذا التقارب بين الدول، والشعوب في شكل منظمات دولية حكومية وغير حكومية، وتضامن وتعاون دوليين لمعالجة القضايا والمشكلات الدولية الكبرى.
الكلمات المفتاحية:
المواطنة ، حقوق الإنسان. المواطنة العالمية، الحقوق التضامنية، الإنسانية، التربية على المواطنة، التسامح والتعايش.
مقدمة
يعتبر المواطن محور اهتمام في كل مجالات و أنشطة الدولة، لذا تسعى إلى إشراكه بتقريبه من مراكز اتخاذ القرار، وذلك لتمكينه من ممارسة مواطنته وفق أسس دستورية وقانونية تعترف له بهذا الحق وتعطيه الضمانات اللازمة للمطالبة به، والتمتع الفعلي به. وهذا الحق يحتاج إلى وسائل وآليات يتجسد بها على أرض الواقع، ومن أهمها الحق في التربية والإعلام، والحق في العمل الجمعوي التشاركي، كما يحتاج إلى إرادة قوية من الدولة تتخلى فيها عن الانفرادية وتقبل بالمواطن كشريك فعلي لها.
وحقوق المواطنة تجد أطرها وأسسها في أعراف ومواثيق ونصوص القانون الدولي، كما أن لها مرجعياتها و أصولها في التشريعات والممارسات الوطنية، وفي ظل التقارب والانفتاح، وتفاعل المجتمعات، أصبح من الضروري توجيه المواطنة، لخدمة الإنسانية، والاعتراف بالآخر ، واحترامه، توطيدا للعلاقات الفردية و الجماعية، وتعزيزا للتعاون والتعايش والتسامح بين الأفراد والأمم والدول والشعوب. وعليه جاءت مداخلتي موسومة ب: آليات تعزيز المواطنة ودورها في احترام حقوق الإنسان. بطرح الإشكالية الممتثلة في مدى قدرة المواطنة العالمية على تعزيز وتكريس حقوق الإنسان؟
وقام البحث على مجموعة من الفرضيات ام التوصل إليها في نهاية البحث أهمها:
الفرضية الأولى: الشعور بالمواطنة والممارسة الفعلية لها يعزز علاقة المواطن بوطنه ويبعث فيه روح التضحية من أجله والتفاني في خدمته (رابطة الجنسية، علاقة سياسية).وبالتالي يؤدي الواجبات و يتمتع بالحقوق
الفرضية الثانية: أصبح العالم موطن الإنسان مهما كان انتماؤه ( رابطة عالمية، علاقة إنسانية).
الفرضية الثالثة : الشعور بالانتماء العالمي يجعل الإنسان يخلص للعالم كإخلاصه لوطنه.
ومنه يتم الاستنتاج أن المواطنة العالمية تنشر القيم الإنسانية وتعزز حقوق الإنسان.
واستعنت بالمنهج الوصفي لأنني بصدد تقيم تعريفات ومفاهيم وتقسيمات وتصنيفات للحقوق والآليات، كما اعتمدت أيضا على المنهج التحليلي في شرح وتناول بعض النصوص الدستورية ، وبنود المواثيق الدولية.
وللإجابة على هذه الإشكالية ارتأيت أن تتم معالجة البحث وفق المحاور الآتية:
المحور الأول مفهوم المواطنة وأسسها.باعتبار أن المفاهيم وحدات أساسية في أي تحليل
المحور الثاني: آليات تحقيق المواطنة وممارستها. وذلك من أجل إخراج فكرة المواطنة من ثوبها النظري إلى ممارسة عملية.
المحور الثالث: تفعيل المواطنة لاحترام حقوق الإنسان. تكمن أهمية هذا المحور في إبراز الغاية الأساسية من دعم المواطنة العالمية والمتمثلة في صون حقوق الإنسان.
المحور الأول: مفهوم المواطنة وأسسها
يحتاج مصطلح المواطنة إلى ضبطه بتعريفه أو تقديم بعض المفاهيم الإرشادية لصعوبة إيجاد تعريف محدد وواضح لهذا المصطلح المطاطي الذي يتنازعه أكثر من علم، وهو ما سيتم التطرق إليه أولا، لنبين بعد ذلك الأسس التي تقوم عليها المواطنة.
أولا: مفهوم المواطنة
تعتبر المفاهيم وحدات أساسية في أي تحليل، وتزداد أهميتها في المواضيع المستجدة والمستحدثة، ولتقريب مفهوم المواطنة نحاول البحث لإيجاد مقاربة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي لها. فالكلمة مشتقة من الجذر(وطن) و”الوطن محل الإنسان و أوطنتُ الأرضَ ووَطَّنتُهَا تَوطيناً واستوطنتها ، أي اتخذتها وطناً ، وكذلك الاتّطان هو افتعال منه”[1].
فالوطن عند الجوهري محل الإنسان، أي المكان الذي اتخذه مقاماً وسكناً، مع غض النظر عن صلته به، ويشهد له قول رؤبة: أوطَنتُ وَطنَاً لم يَكن مِن وَطَني. وفي لسان العرب: “الوطن: المنزل تقيم به، وهو موطن الإنسان ومحله”[2]. وواطنت فلاناً يعني وافقت مراده.
لكن من المعاصرين من رأوا إمكانية بناء دلالة مقاربة للمفهوم المعاصر بمعنى المعايشة في وطن واحد من لفظة (المواطنة) المشتقة من الشأن في ساكَنَه يعني سكن معه في مكان واحد.
والمواطنة بصفتها مصطلحاً معاصراً تعريب للفظة (Citizenship) التي تعني كما تقول دائرة المعارف البريطانية (علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، متضمنة هذه المواطنة مرتبة من الحرية مع ما يصاحبها من مسؤوليات).
ويعرف قاموس المصطلحات السياسية “المواطنة” بأنها: مكانة أو علاقة اجتماعية تقوم بين شخص طبيعي، وبين مجتمع سياسي (الدولة)، ومن خلال هذه العلاقة يقدم الطرف الأول الولاء، ويتولى الطرف الثاني الحماية، وتتحدد هذه العلاقة بين الفرد والدولة عن طريق القانون). وينظر إليها فتحي هلال وآخرون من منظور نفسي بأنها الشعور بالانتماء والولاء للوطن وللقيادة السياسية التي هي مصدر الإشباع للحاجات الأساسية وحماية الذات من الأخطار المصيرية[3].
فالمواطنة هي صفة المواطن والتي تحدد حقوقه وواجباته الوطنية ، ويعرف الفرد حقوقه ويؤدي واجباته عن طريق التربية الوطنية، وتتميز المواطنة بنوع خاص من ولاء المواطن لوطنه، وخدمته في أوقات السلم والحرب، والتعاون مع المواطنين الآخرين عن طريق العمل المؤسساتي والفردي الرسمي والتطوعي في تحقيق الأهداف التي يصبو لها الجميع، وتُوحد من أجلها الجهود، وتُرسم الخطط، وتُوضع الموازنات[4].
فالتحولات الحاصلة اليوم في شتى المجالات وانتشار مبادئ الديمقراطية، وتنوع وسائل التواصل والتكنولوجيات الحديثة زاد من وعي المواطن، وكثرت مطالبه، وتنوعت واختلفت اهتماماته الحديثة مقارنة بالاهتمامات القديمة. وأصبح الأمر يتطلب من أي وقت مضى ضرورة إشراك المواطن في كل قرار وفي جميع مراحله، وأن يكون متواجدا في جميع دوائر صنع القرارات، ومنه جاء التحول المنظم لعلاقات الدولة بالمواطن ليشكل نقطة انطلاق وتحول حقيقيين نحو إرساء علاقة قانونية واضحة بين الطرفين.
ثانيا: أسس المواطنة
لقد اقترن تطور مبدأ المواطنة بحركة البشرية من أجل العدل والمساواة والحرية، واتخذت هذه الحركة صبغة دولية من خلال إصدار القوانين التي تنظم حقوق وواجبات الإنسان المعاصر، وشمل تطور حقوق المواطن أربع جوانب هي:
الجانب التشريعي: تتضمن دساتير جميع دول العالم تقنينا لحقوق المواطن وواجباته.
الجانب السياسي: وضع آليات تنظم مشاركة المواطنين في صياغة السياسة العامة لبلدانهم.
الجانب التربوي: يتضمن النظام التربوي في عدد كبير من الدول تعليم الأسس التي تكرس مفهوم المواطنة والوعي الوطني منذ الصغر عند الناشئة.
الجانب الشعبي: إنشاء شبكة من المنظمات الشعبية في أغلب دول العالم للتعريف بحقوق الإنسان والدفاع عنها[5].
إن الممارسة الحقيقية للمواطنة لا تقوم إلا على ضمانات قانونية يتم تكريسها ضمن أحكام ومبادئ الدساتير، وتترجم عن طريق القوانين والتنظيمات المعمول بها إلى ممارسة فعلية يعيشها المواطن وتمارس بآليات مناسبة لتحقيقها على الوجه الأمثل.
01: الأساس الدستوري لفكرة المواطنة
يعتبر التشريع مصدرا للحقوق والحريات حيث يتبوأ الدستور الدرجة الأعلى متضمنا أحكاما ومبادئ عامة تتصف بالسمو وتضفي على الموضوعات التي تعالجها طابع الشرعية والدستورية مما يجعلها تحاط بضمانات حقيقية، ونظرا لقيمة المواطنة[6] وأهميتها كان لها حيزا في ديباجة الدستور وفي بعض بنوده.
تبلورت فكرة المواطنة وصارت أكثر نضجا في الدستور الجزائري 1996 وتعديلاته حيث جاء في الديباجة أن الشعب الجزائري”يعتزم بأن يبني بهذا الدستور مؤسسات أساسها مشاركة كل جزائري وجزائرية في تسيير الشؤون العمومية والقدرة على تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، وضمان الحرية لكل فرد في إطار دولة ديمقراطية وجمهورية”[7].
فمن خلال مضمون ما جاء في الديباجة يتبين أن المؤسس الدستوري اعتمد لفظ الشعب الذي هو مجموع الأفراد أساس وضع الدستور وبناء مؤسساته، وتسيير هذه المؤسسات العمومية بمشاركة جميع الجزائريين والجزائريات دون تمييز وعلى قدم المساواة، وهو إذ ينصص على أن البناء يتم في إطار دولة ديمقراطية وجمهورية يؤكد من جديد على حكم الشعب، كما تدل الترجمة اليونانية لمصطلح ديمقراطية.
وجاءت المادة 15 في فقرتها الثالثة بنص صريح مفاده أن الدولة تشجع على الديمقراطية التشاركية على مستوى الجماعات المحلية.
وعلى وجه التحديد خصت المادة 17 من الدستور المجلس المنتخب باعتباره يمثل قاعدة اللامركزية على أنه المكان الذي تمارس فيه العملية الديمقراطية النيابية و التشاركية، ويتحقق فيه التسيير الجماعي للشؤون العمومية.
في حين أبرزت المادة 34 الغاية من وجود المؤسسات العمومية فهي تهدف بشكل أساسي إلى ضمان مساواة كل المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات وتعمل على إزالة العقبات التي تعوق تفتح شخصية الإنسان، و تحول دون مشاركة الجميع الفعلية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية[8].
وحث الدستور على المشاركة في المجالس الاستشارية على غرار المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، حيث نصت المادة 205 على أن: “يتولى المجلس على الخصوص مهمة توفير إطار لمشاركة المجتمع المدني في التشاور الوطني حول سياسات التنمية الاقتصادية”. يتبين من نص هذه المادة أن من أولويات المجلس ضمان المشاركة والتشاور مع المجتمع المدني وبمفهوم المخالفة تتضمن عدم انفراد المجلس باتخاذ القرارات المتعلقة بالتنمية.
02: الأسس الدولية للمواطنة
إن جل الوثائق الدولية أشارت إلى المواطنة أو بالأحرى إلى الحقوق المتعلقة بالمواطنة حيث أقرت الاعتراف بجميع الحقوق المختلفة المدنية والسياسية والاجتماعية، والحقوق التضامنية، وأكدت على ضرورة ممارستها في إطار الديمقراطية والمشاركة وحقوق الإنسان، وترتبط المواطنة ارتباطا وثيقا ببعض الموضوعات، كموضوع الجنسية والمشاركة، فتنصص مثلا المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على الحق في الحصول على الجنسية، والحق في تغيير جنسية الفرد، والحق في عدم الحرمان من الجنسية. وجاء في إعلان الحق في التنمية 1986 المادة الثامنة الفقرة الثانية:” ينبغي للدول أن تشجع المشاركة الشعبية في جميع المجالات بوصفها عاملا هاما في التنمية وفي الإعمال التام لجميع حقوق الإنسان”[9].
وتم التأكيد على هذا الحق في العديد من المواثيق الدولية الأخرى بما في ذلك الاتفاقية الأوربية بشأن الجنسية التابعة لمجلس أوربا 1977 ففي سياق القواعد الدولية عادة ما تستعمل الجنسية والمواطنة كمترادفين، وهو ما أكده تقريرها التوضيحي: ” الجنسية… تشير إلى العلاقة القانونية المحددة بين الدولة والفرد، وتعترف بها الدولة …فيما يتعلق بتأثير الاتفاقية فإن مصطلحات الجنسية والمواطنة هي مرادفة “[10].
إن الحق في الحصول على الجنسية مهم جدا لما له من أثار على الحياة اليومية للأفراد، وكون الفرد مواطنا معترفا به في بلد ما، يعني ذلك أن لديه العديد من الفوائد القانونية، والتي قد تشمل الحق في التصويت وشغل الوظائف العامة، والحق في الضمان الاجتماعي والخدمات الصحية، والتعليم العام والإقامة الدائمة، وتملك الأرض والانخراط في العمل، وغيرها.
ومن أشكال المشاركة التي يقوم بها المواطن بشكل كامل هي تلك التي تتم على مستوى الدرجات الثلاث العلوية : الشراكة والسلطة المفوضة، وسيطرة المواطن، تشكل سلطة المواطن الحقيقي وأكمل شكل من أشكال ممارسة المواطنة، وترى الجمعية العامة أنه يحق لكل فرد بمقتضى أحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن يتمتع بنظام اجتماعي ودولي يمكن فيه إعمال الحقوق والحريات المبينة في هذا الإعلان إعمالا تاما، وإذ تشير إلى أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية. والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[11].
المحور الثاني:آليات تحقيق المواطنة وممارستها.
يتطلب تحقيق المواطنة وتعزيزها مجموعة من الوسائل والآليات الضرورية، ولعل من أهمها التربية والتعليم، وشبكات التواصل الاجتماعي، وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، والأسرة ودور العبادة. وسنقتصر في تحليلنا لهذه الآليات على التربية و التعليم والإعلام، ومؤسسات المجتمع المدني.
أولا:التربية والتعليم
ينظر إلى المواطنة على أنها هدف للنظام المدرسي بأكمله، فوظيفة المدرسة الحديثة إعداد الطلبة لأدوار المواطنة المختلفة انطلاقا من كون المواطنة مهارات وقيم مكتسبة بالممارسة، وكلما تم تزويد الطلبة بمهارات المواطنة ومعارفها زادت فرص مشاركتهم المستقبلية في شؤون وطنهم[12].
إن قيام الدولة الحديثة على مبدأ المواطنة هو أكبر ضمان لاستقرارها, أمنها وتقدمها، حيث يشعر جميع أفراد المجتمع بأنهم متساوون في المكانة، وأن التفاعل والفرص التي يحصلون عليها هي نتيجة لعضويتهم في جماعة وطنية وقدرات ومهارات، وليست نتيجة لمكانة قبَلية أو مرتبة اجتماعية، وهو ما يسهم في تشكيل شعور حقيقي بالانتماء إلى الوطن[13].
و إثر العمل التأسيسي الذي قامت به اليونسكو، لتوضيح الدعامات المفاهيمية للتربية على المواطنة العالمية وتوفير السياسات والإرشادات البرنامجية، تم تطوير هذه الوثيقة كاستجابة لاحتياجات الدول الأعضاء إلى توجيه شامل حول دمج التربية على المواطنة العالمية في أنظمتها التعليمية ، كما تعرض اقتراحات لترجمة مفاهيم التربية على المواطنة العالمية إلى مواضيع وأهداف تعلمية عملية ومراعية للأعمار بطريقة تسمح بمواءمتها مع السياقات المحلية.
وهذه الوثيقة ضرورية وتشكل موردا للمربين، ومطوري المناهج والمدربين إضافة إلى صانعي السياسات، فضلا عن كونها مهمة أيضا، لأصحاب المصلحة الآخرين في مجال التعليم في أُطر نظامية، أو غير نظامية[14].
ومنذ عام 2012 جعلت اليونسكو التعليم من أولوياتها من أجل دعم وتعزيز المواطنة حيث تشمل التربية على المواطنة العالمية ثلاث مجالات[15] : معرفية، عاطفية، سلوكية.
ففي المجال المعرفي يكتسب المتعلمون المعرفة وفهم القضايا المحلية والوطنية والعالمية، والترابط والتداخل بين مختلف البلدان والسكان، ويطورون مهارات التفكير والتحليل النقدي.
و في المجال الاجتماعي العاطفي، فيختبر المتعلمون شعور الانتماء إلى الإنسانية المشتركة، يتقاسمون القيم والمسؤوليات المرتكزة على حقوق الإنسان، يطور المتعلمون مواقف التعاطف، والتضامن، واحترام الاختلاف والتنوع.
أما في المجال السلوكي، فيعمل المتعلمون بفعالية ومسؤولية على المستويات المحلية والوطنية والعالمية من أجل عالم أكثر سلاما واستدامة، يطور المتعلمون الحوافز والاستعداد لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
ثانيا: وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي
يسهم الإعلام في بناء المجتمع من خلال الارتقاء بالرؤى والتصورات التي تساعد الأفراد على أن يصبحوا قيمة مضافة في عملية التنمية، ويمثل الإعلام وسيلة مهمة للتعبير عن آراء المواطن ومشكلاته، وعرض قضاياه، بل إن وسائل الإعلام الحديثة في ضوء حرية تدفق المعلومات، أصبحت من أبرز الأدوات لتبادل الثقافات والخبرات بين مواطني مختلف الدول في شتى بقاع الأرض[16].
وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أكثر مشاهدة وأهم وسيلة إعلامية لما لها من تأثير وسهولة نشر للمعلومات والتوعية، بل وفضح الممارسات الخاطئة، ولفت انتباه المواطنين وتعريفهم بحقوقهم وتثقيفهم، وجعلهم أكثر تعايش للأحداث. فالحق في المعرفة، والحق في التعبير، والحق في المناقشة حقوق أساسية معترف بها في الأعراف والمواثيق الدولية[17].
ويتضمن حق الحصول على المعلومات أو الحق في المعرفة، إتاحة المعلومات لجميع الأفراد في المجتمع حول ما يحدث في المجتمع والسماح لهم بالمشاركة في تداول المعلومات بحرية.
وبالرجوع إلى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، نجد أنه ينصص على أن:” لكل إنسان الحق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود. سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب أو فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”[18].
والإعلام سلاح ذو حدين، لذا يجب أن يوجه الوجهة الصحيحة ليلعب دورا إيجابيا في غرس قيم المجتمع، وتوطيد العلاقة بين المواطنين والوطن، ويخدم القضايا الإنسانية ذات الاهتمام العالمي والإقليمي والمحلي، كالدفاع عن حقوق الإنسان، والتنمية، والبيئة.
ثالثا: مؤسسات المجتمع المدني
يقوم المجتمع المدني بدور مهم كوسيط إيجابي بين الدولة وقطاعات المجتمع المختلفة، ويسهم بكافة مؤسساته وأطيافه من أحزاب سياسية، وجمعيات أهلية، ومنظمات وطنية، واتحادات طلابية، وأندية ثقافية ورياضية، ونقابات في تشكيل الرأي العام وغرس وتنمية قيم المواطنة لدى أفراد المجتمع، وذلك من خلال ما تقدمه هذه المؤسسات من برامج توعوية، وإرشاد للمواطنين[19].
فتتعزز المواطنة بالعمل على توجيه طاقات الشباب نحو المشاركة البناءة في العمل داخل المجتمع المحلي، وتدريب القيادات، وتقوية الحساسية لدى التلاميذ والمواطنين نحو المشكلات والقضايا الإنسانية، وتدعيم الثقة في النظم السياسية النظامية. ومن الواضح أن لهذه الجماعات قدرة هائلة على التأثير في القرارات الاجتماعية، وبعض هذه الجماعات تتشكل لمتابعة هدف معين، قد يكون تحقيق إصلاحات، أو تغير قوانين في اتجاه أو آخر ، أو حماية البيئة أو حرية الاتصال نفسها .
وإذا انتقلنا إلى مستوى آخر من التفاعل، فإن دور وأنشطة الجماعات والهيئات الطوعية والمؤسسات غير الحكومية التي تجمع بينها مصالح وأراء وأهداف مشتركة يحضى بالأهمية في إشراك الأفراد في الشؤون الجماعية وهو ما يعد من الأهداف الخاصة للتنشئة الاجتماعية.
المحور الثالث: تعزيز المواطنة لاحترام حقوق المواطن و الإنسان
إن المواطنة كفكرة وكأسلوب للمشاركة والممارسة تعمل على تكريس مختلف الحقوق المعترف بها للمواطن وللإنسان وإن كانت ممارسة هذه الحقوق تتباين من مجتمع لأخر حسب طبيعة النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لكل دولة، فإنه يمكن القول أن الاعتراف والاهتمام بالحقوق المدنية والسياسية وبعض الحقوق الاجتماعية والاقتصادية قد قطع أشواطا مهمة، لأنها تميل إلى المحلية أكثر منها إلى العالمية.
ومن جهة أخرى فإن حقوق الإنسان تقوم على مبدإ التكامل وعدم التجزئة، لذا بدأ الفكر ينعطف نحو التعاون الدولي لتحقيق وتكريس حقوق الجيل الثالث التي هي حقوق تضامنية كالحق في الأمن والسلام، والحق في البيئة والتنمية، والحق في الإعلام والاتصال، وهو ما فرض تحول في مفهوم المواطنة من ثوبها المحلي الذي كانت تقترن فيه (بالوطنية) لتلبس ثوبا عالميا تحت مسمى المواطنة العالمية التي هي تطويرا وتنمية للمواطنة التقليدية وليست نقيضا لها. وهذا خدمة للإنسانية وتكريسا لحقوق الإنسان.
أولا: دور المواطنة في تكريس الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية
إن المشاركة في الحياة السياسية والثقافية حق من حقوق الإنسان الأساسية المعترف بها في العديد من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان بدء من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[20] الذي ينصص على المشاركة في الحكومة، والانتخابات الحرة، والحق في المشاركة في الحياة الثقافية، للمجتمع، والحق في التجمع السلمي، وتكوين الجمعيات، والحق في الانضمام إلى النقابات العمالية.كما أن المشاركة هي أيضا مبدأ أساسي لحقوق الإنسان، وشرط أساسي للمواطنة الديمقراطية الفعالة لجميع الناس.
وتفهم المواطنة كممارسة في لعب دور فعال في المجتمع، وقد تكون هذه الممارسة في الحي، أو في مجموعة اجتماعية رسمية أو غير رسمية، في الدولة أو في العالم ككل. و يعني مفهوم المواطنة النشطة العمل من أجل تحسين المجتمع من خلال المشاركة في تحسين حياة جميع أفراده.
والمواطنة الديمقراطية مفهوم ذو صلة وثيقة، ويؤكد الاعتقاد بأنه ينبغي أن تستند المواطنة إلى المبادئ الديمقراطية، وقيم كالتعددية واحترام كرامة الإنسان، وسيادة القانون.
فالمواطنة عبارة عن منظومة تتحقق فيها أربعة أبعاد: نظام الحقوق ويتضمن مجموعة الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية، والاجتماعية التي يجب أن يتمتع بها المواطنون.
الانتماء الاجتماعي والثقافي والعابر للحدود
المشاركة السياسية والوطنية والمدنية.
الهوية الوطنية التي تضم عناصر مادية ومعنوية متعددة[21].
إن هذه الأبعاد أكدت عليها جميع المواثيق الدولية، فتأسست في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكرست في ميثاق الأمم المتحدة، وأعطي لها الطابع الإلزامي في العهدين الدوليين للحقوق، فعلى سبيل المثال نصت المادة الثانية من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه: “تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون أو الجنس، أو اللغة أو الدين، أو الرأي السياسي، أو غير السياسي، أو الأصل القومي، أو الاجتماعي، أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب”[22].
أما نصوص العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية[23] فقد أوردت هذه الحقوق بنوع من التفصيل والتصنيف في الجزء الثالث بدء من المادة السادسة وما بعدها، و هذا من أجل إعطاء هذه لحقوق الصبغة الدولية، وإحاطتها بسياج من الضمانات المتمثلة في الشروط والقيود المحددة في هذا العهد.
ثانيا:دور المواطنة العالمية في تكريس الحقوق التضامنية وخدمة الإنسانية
بدأت فكرة المواطن العالمي أو الإنساني تفرض وجودها اليوم أكثر من أي وقت مضى نظرا للتقارب الكبير الحاصل في شتى المجالات، والانتشار السريع لمظاهر العولمة التي حولت العام إلى قرية صغيرة، بالإضافة إلى ظهور بعض القضايا ذات الاهتمام العالمي المشترك التي أصبحت الدول عاجزة عن تحقيقها أو معالجتها بصورة منفردة، وأصبح يطلق على العصر عصر المنظمات والتكنولوجيا والانترنت، وتجنس الأفراد بجنسية الإنسانية بغض النظر عن العلاقة السياسية التي تربطهم بإقليم معين.
وساهمت الجهود التي كانت تدعم كل ما هو وطني إلى تعزيز ماله صبغة دولية تحقيقا للمصلحتين ، الوطنية والعالمية، ومن هذه الأنشطة ما تقوم به المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، ومراكز الأبحاث العالمية، والجمعيات والنوادي ، ونذكر منها اهتمام مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم بالمواطنة حيث تضمن مشروع تضمين مفاهيم المواطنة العالمية في مقررات التعليم العام في الدول العربية ثلاثية من الأهداف تمثلت في :
تعزيز مفهوم المواطنة العالمية في المناهج والمقررات الدراسية للتعليم العام بالدول العربية. التعرف على التوجهات المستقبلية لدى صناع القرار حول دمج مفاهيم المواطنة العالمية بوزارات التربية والتعليم العربية. رسم الخطوط العريضة لإطار عربي معنى بدمج مفاهيم المواطنة العالمية في مناهج مراحل التعليم المختلفة.
إنه في القرن الحادي و العشرين شهد مفهوم المواطنة تطورا مال به إلى العالمية وتحددت مواصفات المواطنة الدولية على النحو التالي[24]:
الاعتراف بوجود ثقافات مختلفة
احترام حق الغير وحريته
الاعتراف بوجود ديانات مختلفة
الاهتمام بالشؤون الدولية
المشاركة في تشجيع السلام الدولي
المشاركة في إدارة الصراعات بطريقة اللاعنف.
ومن مظاهر الفكر المتطور ظهرت فكرة المواطنة العالمية، التي جاءت كرد فعل لمعاناة البشر من الحروب والمشكلات الاقتصادية والسياسية والصحية والطبيعية، وهذه الفكرة لم تكن وليدة اللحظة بل سبقتها كثير من الجهود والمحاولات فقد ناضلت الشعوب والحكومات، وعنيت الشرائع السماوية بكل ما هو صالح للبشرية جمعاء، بل إن المنظمات الشعبية والدولية كان لها دورها الواسع بهذا الشأن[25].
صرحت إيرينا بوكوفا، المدير العام لمنظمة اليونيسكو:” إن مهمة التعليم لا تنحصر في نقل المعلومات والمعارف وإنما تشمل أيضا خلق القيم والقدرات والسلوكيات التي يمكنها أن تساهم في بناء عالم” آمن وعادل وشامل ومستدام”[26].
وأضافت بوكوفا: ” يجب أن تكون رؤيتنا ثاقبة وأن نضع التعليم من أجل المواطنة العالمية في سياق جميع أعمالنا كي نستأصل الفقر، ونعزز من الاندماج الاجتماعي، ونستجيب لاحتياجات جميع المجتمعات على نحو مستدام، ونبني ثقافة السلام.
إن التربية على حقوق الإنسان تعترف بشمولية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة؛ حيث يؤدي ذلك إلى زيادة المعرفة بحقوق الإنسان وتفهمها وتمكِّن الأشخاص من المطالبة بحقوقهم، وتساعد الأشخاص على استخدام المواثيق والآليات القانونية التي وُضعت لحماية حقوق الإنسان، تستخدم المنهجية التي تقوم على التفاعل والمشاركة لتكوين مواقف تنطوي على احترام حقوق الإنسان، تطور المهارات اللازمة للدفاع عن حقوق الإنسان، تدمج مبادئ حقوق الإنسان في الحياة اليومية وهو ما يخلق مجالاً للحوار والتغيير ويشجع على الاحترام والتسامح.
إن احترام حقوق الإنسان هو مصلحة عليا لكل فرد وجماعة وشعب وللإنسانية جمعاء، باعتبار أن تمتع كل فرد بالكرامة والحرية والمساواة هو عامل حاسم في ازدهار الشخصية الإنسانية، وفي النهوض بالأوطان وتنمية ثرواتها المادية والبشرية، وفي تعزيز الشعور بالمواطنة كاملة غير منقوصة.
فلا يكفي ترديد مبادئ حقوق الإنسان والانتظار من الوسط الاجتماعي أن يتبناها، بل يجب ربط هذه المبادئ بالحياة اليومية وبالثقافات المحلية لتبيان أن تبنيها سيساعد في تحسين التواصل والتفاهم والتسامح والمساواة والاستقامة، فلا يمكن تعليم حقوق الإنسان في فراغ، بل لا مناص من تعليمها من خلال تطبيقها وتكريسها مباشرة على أرض الواقع وفي هذا الصدد إن تعليم حقوق الإنسان كمعارف نظرية مجردة دون ربطه بالواقع المعاش وبالممارسة اليومية لمنظومة حقوق المواطنة وواجباتها من شأنه أن يؤدي إلى التعرف السطحي على حقوق لا يمكن تحقيقها حاليا الشيء الذي قد يؤدي بدوره إلى عكس المنتظر.
وباستطاعة المواطنين تكوين حس الانتماء إلى الأسرة السياسية العالمية من خلال التماهي مع القيم الإنسانية التي تلهم هذه المبادئ مثل المساواة في الحقوق، واحترام الكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية، والتضامن الدولي، التي تستند إلى فلسفة أطر العمل المعيارية الدولية[27].
إنه لا يمكن التمتع على الوجه الأكمل بأي حق من حقوق الإنسان ما لم يعش العالم في كنف السلم والأمن الدوليين لذا تعتبر العلاقة بين المواطنة والأمن القومي علاقة وثيقة وقديمة، وللأمن القومي أبعاد سياسية واقتصادية و إيديولوجية وجغرافية متشابكة، ويشكل المواطن أحد أهم المؤثرات في تلك الأبعاد فضلا عن كونه أحد الدعائم الرئيسية للأمن القومي. وتشكل هذه الأبعاد قدرة على تحقيق دعم السلام الاجتماعي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، فعلاقة المواطن بالأمن القومي قوة فاعلة في تنمية المواطنة.
ويلعب مفهوم المواطنة دورا فعالا في مواجهة الجريمة المنظمة والحد من آثارها على الأمن القومي، ولأن إدراك ووعي المواطن بخطورة الشبكات، والتشكيلات الإجرامية، وما ترتكبه من جرائم في حق وطنه، وحقوقه كمواطن يدفعه إلى التعاون المستمر والمثمر مع الأجهزة الأمنية لمواجهة أية تهديدات للأمن القومي والعالمي[28].
إن تماسك الجبهة الداخلية, وإيمان أفراد المجتمع وإعلائهم لفكرة الانتماء إلى وطن واحد بغض النظر عن القبلية والطائفية، ومواجهة التحديات التي قد تمليها الانتماءات العشائرية، أو العرقية، أو الدينية،أو العقائدية، ونبذها سيؤدي حتما إلى دعم الوحدة الوطنية، وتحقيق قوة وتماسك النسيج المجتمعي في مواجهة أية تهديدات داخلية أو خارجية للأمن القومي ومن ثمة الأمن الدولي.
ويعتبر المواطنون العنصر الرئيس للجيوش من خلال مشاركتهم وانتظامهم قي صفوفها دفاعا عن أرض الوطن، وسيادته ومكتسباته، اعتماد على شعورهم بالانتماء إلى وطنهم، وغيرتهم عليه، واستعدادهم للتضحية بحياتهم في سبيله، لذلك فمن الطبيعي أن ينتظم أبناء الوطن دون غيرهم من الأجانب في صفوف الجيوش حيث تتوافر الرابطة المعنوية بين المواطنين ووطنهم ، وتنبع تضحياتهم، وبذل كل غالي ونقيس في سبيل الوطن من الولاء والإخلاص الذاتيين[29].
وهكذا يمكن أن تحقق المواطنة العالمية للإنسانية الاستقرار و التطور وتخفف من حدة التوترات داخل الدولة الواحدة وفيما بين الدول والأمم والمجتمعات.
خاتمة
من خلال ما تم تناوله في هذا البحث من مفاهيم حول المواطنة وارتباطها بحقوق الإنسان عموما ودورها في خدمة الإنسانية خصوصا يمكن التوصل إلى النتائج التالية:
لا يوجد مفهوم موحد للمواطنة، لطابعها السياسي، والاجتماعي والفلسفي، والاديولوجي بل تتضح دلالتها من الممارسة بأداء الواجبات والتمتع بالحقوق.
المواطنة علاقة أزلية بين الوطن والمواطن يحكمها الانتماء و الولاء والمشاركة.
يمكن التحسيس بالمواطنة العالمية ونشرها في المجتمعات عن طريق قنوات مختلفة كالقانون، والتربية، والتعليم، ووسائل الأعلام والاتصال، ومؤسسات المجتمع المدني، والأسرة، ودور العبادة.
للمواطنة دور كبير في ممارسة الحقوق المختلفة وتكريسها، على المستوى الوطني و على المستوى الدولي.
أصبحت المواطنة العالمية وسيلة أساسية للتعايش بين الشعوب والمجتمعات والدول.
تعمل المواطنة العالمية على نشر التسامح والاعتراف بالأخر، وخفض التوترات والعنف وتساهم في تحقيق السلم والأمن الدوليين.
وعموما تهدف المواطنة العالمية لتحقق الصلاح والخير للإنسانية.
التوصيات:
يجب ترسيخ المواطنة العالمية ببذل جهود عملية على المستوى الوطني والمستوى الدولي بإدراجها كمادة تعليمية في جميع مراحل التعليم.
يجب تسخير وسائل الإعلام للترويج للمواطنة، من أجل إبراز إيجابياتها ومكانتها في استقرار العلاقات والتقليل من الاضطرابات والتوترات .
نشر وتعليم حقوق الإنسان بين جميع شرائح المجتمع وبين كافة الشعوب.
عقد مؤتمرات دولية للبحث في سبل تطويع المواطنة لمعالجة القضايا الإنسانية.
وضع إعلان عالمي للمواطنة على غرار الإعلان العالمي للتنمية.
وضع الآليات والأجهزة الوطنية والدولية والبرامج الأممية لتعميم فكرة المواطنة العالمية وتفعيلها.
تشجيع دور العلماء والمفكرين والباحثين لتعميق أبحاثهم من أجل التنظير لفلسفة المواطنة العالمية.
يجب أن يلعب القانون دور العامل الرئيس في تنمية وتعزيز المواطنة بإدراج أبعادها في جميع التشريعات الوطنية والدولية.
كما نقترح تنظيم ملتقى دولي حول دور القانون في تكريس المواطنة وحقوق الإنسان.
المراجع
أولا: القواميس
– إسماعيل بن حماد الجوهري , “الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية” , ج6.
– محمد بن مكرم “ابن منظور” ، “لسان العرب” , ج13.
ثانيا:الكتب
علي أحمد الجمل، المواطنة وحقوق الإنسان، وزارة التربية والتعليم، والتعليم الفني ، قطاع الكتب، جمهورية مصر العربية، 2017/2018.
ثالثا: المقالات والمجلات
– سامر مؤيد عبد اللطيف، المواطنة وإشكاليتها في ظل الدولة الإسلامية، مجلة التراث العدد السابع، 2011 .
– حنان مراد، حنان مالكي، أثر الانفتاح الثقافي على مفهوم المواطنة لدى الشباب الجزائري،دراسة ميدانية على عينة من طلبة جامعة محمد خيضر بسكرة، ” دراسة استكشافية، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، عدد خاص، الملتقى الدولي الأول حول الهوية والمجالات الاجتماعية، في ظل التحولات السوسيوثقافية في المجتمع الجزائري.
– حيدر سعد جواد الابراهيهي، التطور التاريخي لمفهوم حقوق الإنسان في أوربا، مجلة مركز بابل للدراسات الإنسانية، المجلد/04 العدد01. – زيد سليمان محمد العدوان، فضية محمود بني مصطفى، أثر برنامج تدريبي قي تنمية مبادئ المواطنة العالمية لدي معلمي التاريخ في الأردن، دراسات العلوم التربوية، المجلد 42، العدد1، 2015.
– سيف بن ناصر بن علي المعري، التربية من أجل المواطنة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، الواقع والتحديات، جامعة السلطان قابوس، رؤى استراتيجية ، 2014.
رابعا: نصوص قانونية
– ديباجة الدستور الجزائري المعدل بالقانون رقم 16-01 بتاريخ 06 مارس 2016، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 14 الصادرة بتاريخ 07 مارس 2016.
– المادة 34 الدستور الجزائري 2016
خامسا: قرارت ومواثيق دولية
– إعلان الحق في التنمية، اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرلر الجمعية العامة للآمم المتحدة 128/41 المؤرخ في 4 كانون الأول / ديسمبر 1986.
– الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، المادة 19.
– الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المادة 27.
-Explanatory Raport to the European Conventionon Nationality. Article 2; Para23 .
– المادة 19/02 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،اعتمد بقرار الجمعية العامة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون / ديسمبر 1966.
سادسا: أعمال وورشات دولية
– الدكتور كيان تانغ مساعد الأمين العام للتعليم، التربية على المواطنة العالمية، مواضيع وأهداف تعليمية، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة.
– التربية على المواطنة العالمية، مواضيع وأهداف تعلمية، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)،2015 بيروت، لبنان.
– سيف بن ناصر بن علي المعري، التربية من أجل المواطنة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، الواقع والتحديات، جامعة السلطان قابوس، رؤى إستراتيجية ، 2014.
– الدكتور بان غانم أحمد الصائغ، التأصيل التاريخي لمفهوم المواطنة، كلية العلوم السياسية، جامعة الموصل، مركز الدراسات الإقليمية.
– أ/ د ماكانزي، التعليم من أجل المواطنة العالمية هو مفتاح التنمية والسلام، إن دينث نيوز((IDN-In Denth Neus، 30 يناير 2015.
– صبحي طويل، التعليم من أجل المواطنة العالمية، إطار عمل مطروح للتداول، منظمة المم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، بحث ونظرة استشرافية ، اليونيسكو، 2013.
– محمد حمدي السعيد، المواطنة والأمن، مركز الإعلام الأمني، مملكة البحرين.ب ط، ب ت.
[1] – إسماعيل بن حماد الجوهري , “الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية” , ج6 , ص 2214 – 2215 .
[2] – محمد بن مكرم “ابن منظور” ، “لسان العرب” , ج13 , ص 451 .
– سامر مؤيد عبد اللطيف، المواطنة وإشكاليتها في ظل الدولة الإسلامية، مجلة التراث العدد السابع، 2011 ص71 [3]
[4] – حنان مراد، حنان مالكي، أثر الانفتاح الثقافي على مفهوم المواطنة لدى الشباب الجزائري،دراسة ميدانية على عينة من طلبة جامعة محمد خيضر بسكرة، ” دراسة استكشافية، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، عدد خاص، الملتقى الدولي الأول حول الهوية والمجالات الاجتماعية، في ظل التحولات السوسيوثقافية في المجتمع الجزائري، ص543
[5] – حيدر سعد جواد الإبراهيمي، التطور التاريخي لمفهوم حقوق الإنسان في أوربا، م جلة مركز بابل للدراسات الإنسانية، المجلد/04 العدد01،ص 368.
[6]- يعرف المواطن بأنه الفرد المقيم بدولة معينة ، ويرتبط بها برابطة الجنسية التي تكفل له التمتع بكافة الحقوق المدنية والسياسية، وتجعله في المقابل ملتزما إزاءها بأداء واجباته.
[7]- ديباجة الدستور الجزائري المعدل بالقانون رقم 16-01 بتاريخ 06 مارس 2016، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 14 الصادرة بتاريخ 07 مارس 2016.
– المادة 34 الدستور الجزائري 2016.[8]
[9] – إعلان الحق في التنمية، اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 128/41 المؤرخ في 4 كانون الأول / ديسمبر 1986.
[10] -Explanatory Raport to the European Convention on Nationality. Article 2; Para23
[11] – إعلان الحق في التنمية، مرجع سابق.
[12] – سيف بن ناصر بن علي المعري، التربية من أجل المواطنة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، الواقع والتحديات، جامعة السلطان قابوس، رؤى إستراتيجية ، 2014، ص 47.
[13] – المرجع نفسه، ص 42
[14]- الدكتور كيان تانغ مساعد الأمين العام للتعليم، التربية على المواطنة العالمية، مواضيع وأهداف تعليمية، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، ص 07.
[15] – التربية على المواطنة العالمية، مواضيع وأهداف تعلمية، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)،2015 بيروت، لبنان، ص 29.
[16] – علي أحمد الجمل، المواطنة وحقوق الإنسان، وزارة التربية والتعليم، والتعليم الفني ، قطاع الكتب، جمهورية مصر العربية، 2017/2018،ص 16.
[17] – المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :” لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل، واستيفاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون التقيد بالحدود الجغرافية “.
[18] – المادة 19/02 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،اعتمد بقرلر الجمعية العامة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون / ديسمبر 1966.
[19] – علي أحمد الجمل، المواطنة وحقوق الإنسان، وزارة التربية والتعليم، والتعليم الفني ، قطاع الكتب، جمهورية مصر العربية، 2017/2018،ص 16.
[20] – لكل فرد الحق في أن يشترك اشتراكا حرا في حياة المجتمع الثقافي، وفي الاستمتاع بالفنون، والمساهمة في التقدم العلمي والاستفادة من نتائجه، الإعلان العالمي لحقوق الكانسان، المادة 27.
[21] – سيف بن ناصر بن علي المعري، التربية من أجل المواطنة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، الواقع والتحديات، جامعة السلطان قابوس، رؤى إستراتيجية ، 2014، ص 46.
[22] – العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، مرجع سابق.
[23] – العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، اعتمد من طرف الجمعية العامة بقرار 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون / ديسمبر 1966.
[24] – الدكتور بان غانم أحمد الصائغ، التأصيل التاريخي لمفهوم المواطنة، كلية العلوم السياسية ، جامعة الموصل، مركز الدراسات الإقليمية، ص 19.
[25]- زيد سليمان محمد العدوان، فضية محمود بني مصطفى، أثر برنامج تدريبي قي تنمية مبادئ المواطنة العالمية لدي معلمي التاريخ في الأردن، دراسات العلوم التربوية، المجلد 42، العدد1، 2015، ص 01.
[26]- أ/ د ماكانزي، التعليم من أجل المواطنة العالمية هو مفتاح التنمية والسلام، إن دينث نيوز((IDN-InDenthNeus، 30 يناير 2015، ص02.
[27] – صبحي طويل، التعليم من أجل المواطنة العالمية، إطار عمل مطروح للتداول، منظمة المم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، بحث ونظرة استشرافية ، اليونيسكو، 2013، ص03.
[28] – محمد حمدي السعيد، المواطنة والأمن، مركز الاعلام الأمني، مملكة البحرين، ص10.
[29] – المرجع نفسه، ص09