دراسات قانونية
اجراءات تبليغ الشخص الطبيعي معلوم الاقامة داخل أو خارج الدولة
إن الشخص الطبيعي المراد تبليغه لا يعدو عن احد امرين، فأما ان يكون الشخص الطبيعي قيماً داخل الدولة، واما ان يكون الشخص الطبيعي مقيماً في الخارج مما يقتضي اتخاذ اجراءات عينة من اجل ايصال ورقة التبليغ اليه، وسنبحث في كلا الاحتمالين فيما يأتي:
أولاً. تبليغ الشخص الطبيعي معلوم الاقامة في الدولة:
يتم تبليغ الشخص الطبيعي معلوم الاقامة عن طريق تسليم ورقة التبليغ اليه بالذات (اي الشخص نفسه) ولو كان خارج محل إقامته، أو يتم تسليم الورقة في محل اقامته الى زوجته أو من يكون مقيماً معه من اقاربه أو اصهاره أو ممن يعملون في خدمته، وكذلك يجوز تسليم الورقة الى مستخدميه في محل عمله(1).ويترتب على ذلك، انه يجوز تسليم ورقة التبليغ الى الشخص المراد تبليغه في اي مكان وجد ولو لم يكن في موطنه، وذلك لا يتم الا عن طريق معرفة القائم بالتبليغ للشخص المراد تبليغه بالذات ويتحمل القائم بالتبليغ هنا مسؤولية الخطأ في شخصه بحيث يترتب البطلان في حال سلمت الورقة الى غير الشخص المعني بموجب تلك الورقة في غير محل اقامته(2). الا انه يبدو من الصعب في بعض الحالات ان يتم تبليغ الشخص المراد تبليغه بالذات، عليه فقد اجازت التشريعات ان يكون التبليغ الى غيره من الأشخاص والذين تربطهم بالشخص المعني اواصر قوية وممن يحرصون على مصالحه واموره، ويكون التبليغ صحيحاً اذا تم في محل الاقامة(3).والأشخاص الذين يحق لهم تسلم ورقة التبليغ نيابة عن الشخص المخاطب بها إما أن يكون زوجته أو احد اقرباء ذلك الشخص أو أحد أصهاره أو من مستخدميه الذين يعملون في محل عمله. وتطبيقاً لذلك فقد جاء في قرار لمحكمة التمييز العراقية(4). “…ولدى عطف النظر في الحكم المميز الصادر عن محكمة استئناف بغداد بعدد (690/ س / 11 بتاريخ 10/10/1992 القاضي بفسخ الحكم البدائي الصادر بتاريخ 25/11/1990 في الدعوى البدائية المرقمة (1916/ اعتراضية/ 1990 ورد دعوى المستأنف عليه (المدعي) فقد جاء ان قانون المرافعات المدنية اجاز في المادة (14/2) منه تبليغ اي شخص مقيم في دار المطلوب تبليغه وليس حتمياً ان يكون مستلم التبليغ زوجة المطلوب تبليغه وحيث قد ثبت صحة التبليغ ووقوعه فعلاً بتاريخ 2/12/1989 وعليه فان “المستأنف عليه لا يستحق اي اتعاب محاماة أو أجور مشورة قانونية بعد تبليغه بالعزل واعتباراً من يوم 1/1/1990 وحيث ان محكمة الاستئناف التزمت بوجهة النظر هذه فقد جاء قرارها صحيحاً وموافقاً للقانون قرر تصديقه…… “.
وفي قرار لمحكمة النقص المصرية(5).: ” لما كانت المادة (10) من قانون المرافعات تقتضي بان تسلم الاوراق المطلوب اعلانها الى الشخص نفسه أو في موطنه واذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب اعلانه في موطنه كان عليه ان يسلم الورقة الى اي ممن ذكرتهم هذه المادة……“.ويلاحظ في فرنسا ان التبليغ في محل السكن أو في محل الاقامة تكون بإيداع نسخة من ورقة التبليغ بظرف مغلق يتم ايداعه لدى اي شخص موجود وفي حالة غياب الحارس في البيت يتم ايداعه لدى احد الجيران شريطة ان يقبل هؤلاء الاشخاص استلامه ويجب ان يتضمن التبليغ اسمه واسم عائلته وسمته المعلنة وينبغي على الجيران ان يشيروا الى سكنه واعطاء وصل بالموضوع(6).ان الوضع في فرنسا يتسم بنوع من التوسع فيما يتعلق بالجهات المستلمة لورقة التبليغ بالنيابة عن الشخص المخاطب بها، بحيث يشمل حتى الجار وهذا الوضع غير مألوف لدى التشريعات العربية والتي احتاطت كثيراً بخصوص هذا المسالة بحيث يقتصر فقط على الاشخاص الذين تربطهم بالشخص صلة مباشرة مع الاقامة معه، وبخصوص الاشخاص الذين لهم صفة في تسلم ورقة التبليغ بالنيابة عن الشخص المخاطب بها، نجد ان المشرع العراقي قد اكتفى بسن التمييز بالنسبة للأقارب والاصهار أو ممن يعملون في خدمة الشخص المقيم معه مما يجعل معه التبليغ صحيحاً اذا سلمت ورقة التبليغ الى احد هؤلاء. ونعتقد ان هذا الامر ينطوي على مخاطر كبيرة، وتتمثل هذه المخاطر في ان المميز قد لا يعرف قيمة الورقة التي يتسلمها حيث يحتمل ان يرمي بتلك الورقة أو يهملها وما يترتب على ذلك من عواقب سيئة على الشخص المخاطب بموجبها، حيث يعد ذلك الشخص مبلغاً بمجرد تسلم ذلك المميز لورقة التبليغ، عليه نرى من اجل اضفاء طابع الاهمية على ورقة التبليغ ان يكون الشخص المستلم لورقة التبليغ كامل الأهلية(7). بحيث يكون نص المادة (18) من قانون المرافعات على النحو الآتي “تسلم الورقة المطلوب تبليغها الى الشخص نفسه ولو كان خارج محل اقامته أو تسلم في محل اقامته الى زوجه أو ممن يكون مقيماً معه من اقاربه أو اصهاره أو ممن يعملون في خدمته من البالغين وكذلك يجوز تسليم الورقة الى مستخدميه في محل عمله“. ويقتضي من القائم بالتبليغ ان يبين هوية الشخص الذي تسلم ورقة التبيلغ منه وعلاقته بالشخص المراد تبليغه، وذلك حتى تكون المحكمة على بينة تامة عند حصول طعن بعدم وجود علاقة بين الشخص الذي وقع على ورقة التبليغ وبين الشخص المطلوب تبليغه(8).من الواجبات الأخرى الملقاة على عاتق القائم بالتبليغ عند تسليمه ورقة التبليغ الى المطلوب تبليغه هو ان يأخذ توقيعه اما بامضائه أو ختمه أو بصمة ابهامه على الإقرار بذلك في النسخة الاصلية من الورقة ويوقعها القائم بالتبليغ مع بيان تاريخ وساعة حصول التبليغ(9).
وبموازاة ذلك تقع على عاتق القائم بالتبليغ مهمة مراعاة الاحكام الواردة في نص المادة (18) من قانون المرافعات بدقة متناهية، بحيث يترتب على مخالفة تلك الاحكام بطلان التبليغات من جهة، وبطلان الإجراءات اللاحقة من جهة اخرى. وتطبيقاً لذلك جاء في قرار لمحكمة التمييز العراقية(10). “لدى التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التمييزي واقع ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلاً، ولدى النظر في موضوع الحكم المميز تبين بانه غير صحيح ومخالف للقانون، حيث تبين ان ورقة التبليغ بالحكم الغيابي الخاص بالمدعى عليه/ المميز/ قد شابها نقص جوهري ادى الى بطلانها وبالتالي بطلان الإجراءات التي تمت على اساسها، حيث ان ورقة التبليغ يجب ان تسلم الى ذات الشخص المراد تبليغه أو الى زوجته أو من يكون مقيماً معه أو الى المستخدم العامل في محله، تطبيقاً لاحكام المادة (18) من قانون المرافعات المدنية المعدل، وحيث ان ورقة التبليغ قد سلمت لغير ممن ذكروا، ولما كانت المحكمة قد اغفلت وجهة النظر القانونية سالفة الذكر مما اخل بصحة الحكم المميز، لذا قرر نقض الحكم المميز واعادة الدعوى الى محكمتها للسير فيها…“.تقتضي الإشارة هنا، ان قيام المبلغ بمهمة التبليغ لا يكون في اغلب الاحيان بشكل طبيعي ويسير، بل هناك حالات توجب على القائم بالتبليغ اتخاذ اجراءات خاصة وذلك للتغلب على تلك العقبات، من هذه الحالات، هي حالة امتناع الشخص المراد تبليغه أو من يصح تبليغه في محل اقامة الشخص من تسلم ورقة التبليغ فما هي الإجراءات المطلوبة من القائم بالتبليغ في هذه الحالات؟ لقد عالجت التشريعات هذه المسألة وبينت كيفية تعامل القائم بالتبليغ في حالة الامتناع عن تسلم ورقة التبليغ. فلقد أكد المشرع العراقي انه في حالة امتناع المطلوب تبليغه عن تسلم ورقة التبليغ أو امتنع عن ذلك من يصح تبليغهم، عندها يتوجب على القائم بالتبليغ ان يحرر شرحاً يثبت فيه ذلك ويدون تاريخ ومحل حصول الامتناع ويوقعه ويعد ذلك تبليغاً(11).أما المشرع المصري(12).فقد بين انه في حالة عدم وجود من يصح تسليم الورقة اليه أو امتنع من يصح تسليم الورقة اليهم عن التوقيع على الاصل بالاستلام أو عن استلام الصورة، عندها يتوجب على المحضر ان يسلمها في اليوم ذاته إلى مأمور القسم أو المركز أو العمدة أو شيخ البلد الذي يقع موطن المعلن اليه في دائرته حسب الاحوال وذلك بعد توقيعه على الاصل بالاستلام، وعلى المحضر خلال (24) ساعة ان يوجه الى المعلن اليه في موطنه الاصلي أو المختار كتاباً مسجلاً لاخباره ان الصورة قد سلمت الى الإدارة. في حين أن المشرع اللبناني(13). أوجب على المباشر ان يسلم ورقة التبليغ في اليوم ذاته الى رئيس البلدية أو امين سرها أو الى المختار الذي يقع مقام المطلوب تبليغه في دائرته وذلك عندما لا يجد المباشر بين الأشخاص الموجودين في مقام المطلوب ابلاغه أو مسكنه ممن يصح تسليم الورقة إليه، أو في حالة الامتناع عن التسلم، في هذه الحالة يجب على المباشر خلال (24) ساعة ان يلصق بياناً على باب محل إقامة أو مسكن المطلوب تبليغه يشعره فيه ان الورقة قد سلمت الى جهة الادارة. ويؤكد المشرع الأردني(14). انه في حالة الامتناع على التوقيع على ورقة التبليغ من قبل المطلوب تبليغه أو من يصح تبليغهم عن الشخص المخاطب بموجب تلك الورقة، فما على المحضر سوى الصاق نسخة من الورقة القضائية المراد تبليغها على الباب الخارجي أو على جانب ظاهر للعيان في المكان الذي يقع فيه موطن الشخص المطلوب تبليغه أو محل عمله بحضور شاهد واحد على الاقل ثم يعيد النسخة من ورقة التبليغ الى المحكمة التي اصدرتها مع شرح بواقع الحال وفي كل الاحوال يعد الصاق الورقة على هذا الوجه تبليغاً قانونياً. أما الوضع في فرنسا فانه في حالة رفض الأشخاص المؤهلين لاستلام ورقة التبليغ أو انهم لم يستطيعوا استلامها، ففي هذه الحالة يكون القائم بالتبليغ مجبراً على ايداع التبليغ لدى بناية العمدة (المحافظ) وذلك بظرف مغلق ويقوم العمدة أو وكيله أو سكرتيره بأعطاء وصل استلام ويقوم القائم بالتبليغ بترك وصل مرور في السكن أو في محل الإقامة، وفي حالة التبليغ في المحافظة مثلما هو حال التبليغ في السكن يقوم القائم بالتبليغ بارسال رسالة دونما اي تأخير إلى المرسل إليه وتكون الرسالة بسيطة يذكر فيها الاشعارات الخاصة بالمرور(15).
ومن خلال استعراض موقف التشريعات بخصوص مسألة امتناع المطلوب تبليغه أو من يصح تبليغه من تسلم ورقة التبليغ، نرى ان موقف المشرع العراقي كان اكثر دقه في التعامل مع هذه الحالة، حيث جاءت المعالجة اكثر استجابة لمتطلبات التبليغات من حيث السرعة في اجرائها وضرورة عدم الاطالة فيها مما يؤثر سلباً فيما بعد على نظر الدعوى، حيث نلاحظ ان باقي التشريعات تتخذ اجراءات اضافية ومستعينة في نفس الوقت بجهات مختلفة في سبيل اجراء التبليغات مما يترتب عليه صرف الكثير من الوقت. وقد يحدث ان يحصل الامتناع عن التبليغ في محل الاقامة أو محل العمل، فاذا حصل هذا الامتناع فعلى القائم بالتبليغ ان يلصق نسخة من الورقة على باب المحل ويتم شرح ذلك في ورقة التبليغ(16).الا انه ينبغي ملاحظة ان لصق نسخة من ورقة التبليغ تكون في حالة امتناع المطلوب أو من يصح تبليغهم من تسلم الورقة، وبمفهوم المخالفة انه في حالة عدم تواجد احد من هؤلاء في محل الاقامة أو العمل أو إذا كان المحل مغلقاً فلا يجوز لصق الورقة على باب الدار أو المحل، واذا ما تم ذلك فلا يعد الإجراء تبليغاً. وفي ضوء ذلك جاء في قرار لمحكمة استئناف نينوى بصفتها التمييزية(17). “لدى التدقيق والمداولة، وجد ان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية، لذا قرر قبوله شكلاً ولدى النظر في الحكم المميز فقد وجد انه بالنظر لما استند إليه من أسباب صحيح وموافق للقانون، ذلك لان الثابت من أوراق الدعوى ان زوجة المميز قد امتنعت عن التبليغ بالحكم الغيابي عدد 589/2002 في 26/3/2002 فالصق القائم بالتبليغ نسخة من الورقة على باب الدار وشرح ذلك في ورقة التبليغ في 22/4/2002 عملاً بأحكام المادة (20/2) من قانون المرافعات المدنية وقام المميز/ المدعى عليه، بالاعتراض على الحكم الغيابي ودفع الرسم القانوني عنه بتاريخ 20/5/2002، ولما كانت مدة الاعتراض على الحكم المميز هي عشرة أيام كما تقضي بذلك المادة (177/1) من القانون المذكور فيكون الاعتراض لم يقدم في مدته، وحيث ان محكمة الموضوع قد ردت الاعتراض شكلاً فيكون حكمها تطبيقاً سليماً لاحكام المادة (179/1) من القانون سالف الذكر لذا قرر تصديقه ورد الطعون التمييزية…“. كذلك فقد جاء في قرار لمحكمة استئناف منطقة بغداد بصفتها التمييزية(18). “… ولدى عطف النظر على القرار المميز وجد مخالفاً للقانون ذلك انه قد اعتمد على التبليغ الجاري بتاريخ 31/3/1993، ولدى الرجوع الى شرح المبلغ وجد متضمناً انه قام بلصق النسخة الاولى من مذكرة الاخبار بالتنفيذ على باب الدار بعدما وجدها مغلقة ولم يجد المدين فيها ولا احد من افراد عائلته لذا يكون التبليغ هذا باطلاً استناداً الى احكام المادة (20) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969…“. ويتفرع من تبليغ الشخص الطبيعي معلوم الاقامة داخل الدولة حالات عدة وهي كالاتي:
أ. تبليغ الوكيل: في هذا الفرض لو كان المطلوب تبليغه وكيلاً وذلك بموجب ورقة رسمية، فيجوز تبليغه ويكون هذا الوكيل ملزماً بالتبليغ إذا كان قد استعمل وكالته في ذات الدعوى المطلوب إجراء التبليغ فيها، ويكون موطن الوكيل هذا معتبراً في تبليغ الأوراق اللازمة لسير الدعوى في جميع مراحل التقاضي الا اذا نص في سند الوكالة ما يدل على غير ذلك(19). ولا يجوز اجبار الوكيل على التبليغ عن موكله بالإجراءات التنفيذية التي تعقب صدور الحكم في الدعوى التي كان وكيلاً فيها ما لم تكن الوكالة متضمنة لذلك الحق(20).
ب. تبليغ السجين والموقوف: وفي حال كون المطلوب تبليغه سجيناً أو موقوفاً عندها يتم تبليغه عن طريق مدير السجن أو الموقف أو من يقوم مكانهما(21). وتطبيقاً لذلك جاء في قرار لمحكمة التمييز العراقية(22). “اذا كان المدعى عليه سجيناً فيطلب الى مديرية السجن تأمين احضاره ولا تجوز محاكمته غيابياً بحجة تبليغه بورقة الدعوى المرسلة اليه في السجن “.
ج. تبليغ منتسبي دوائر الدولة : اما فيما يتعلق بمنتسبي دوائر الدولة الرسمية ومؤسسات القطاع الاشتراكي فان تبليغهم يكون بواسطة دوائرهم أو مؤسساتهم، وترسل الورقة المراد تبليغها بدفتر اليد أو يكون عن طريق البريد المسجل المرجع، وفي كل الاحوال يعد المخاطب مبلغاً من تاريخ التسلم وذلك مالم يرد اشعار الى المحكمة بانتقاله الى دائرة اخرى أو تمتعه باجازة، وفضلاً عن ذلك يجوز تبليغ هؤلاء في محل اقامتهم(23).ان ايراد ضمانات اكثر بخصوص تبليغ منتسبي دوائر الدولة والقطاع الاشتراكي لهو امر جدير بالاهتمام والدراسة، وتتمثل هذه الضمانات بموجب تشكيل قسم خاص في كل دائرة حكومية تتفرع من القسم القانوني، مهمته التعامل مع التبليغات الموجهة الى موظفي تلك الدائرة يكون بمقدورها تبليغ الموظفين بالشكل الصحيح بحيث يكون الموظف على بينة تامة بخصوص التبليغات الموجهة اليهم في الوقت الملائم، ان هذا الإجراء قد لا تتوفر في الاقسام العادية والمتمثلة باستلام البريد فقد لا تتعامل بجدية ودقة ازاء التبليغات الامر الذي ينعكس سلباً على ذلك الموظف.
د. تبليغ العسكريين ومنتسبي قوى الأمن الداخلي: لم يشر قانون المرافعات العراقي الى كيفية تبليغ العسكريين ومنتسبي قوى الامن الداخلي، حيث اعتبر ان تبليغ هذه الفئة يكون وفقاً لقواعد تبليغ منتسبي الدوائر الرسمية وذلك في الامور المتعلقة بالمسائل المدنية ومسائل الاحوال الشخصية، اما المسائل الجزائية فلا يجوز تبليغ العسكريين ومنتسبي قوى الامن الداخلي في محل اقامتهم على عكس باقي منتسبي الدوائر الرسمية(24). وموقف المشرع العراقي في عدم النص على تبليغ العسكريين ومنتسبي قوى الامن الداخلي يختلف عن موقف باقي التشريعات(25). والتي نصت على ذلك صراحة.
هـ. تبليغ الطلبة: لم ينص المشرع العراقي ولا باقي التشريعات على الكيفية التي بموجبها يتم تبليغ طلبة الجامعات والمعاهد والمدارس، ومن البداهة القول ان تبليغ هذه الفئة يكون عن طريق ادارات المدارس وعمادات الكليات والمعاهد، وذلك على افتراض ان دوام الطلبة ومحل عملهم في المدرسة أو الكلية فمن الطبيعي ان يكون التبليغ بواسطة هذه المراجع(26).ومن حالات التبليغ الاخرى هي حالة العاملين بالسفن والموانئ حيث يتم تبليغهم عن طريق ربان السفينة أو القبطان على اعتبار ان عمل البحارة غالباً ما يكون في هذه الاماكن.
ثانياً. تبليغ الشخص الطبيعي معلوم الاقامة في الخارج:
لقد عالج المشرع العراقي(27). مسألة تبليغ الشخص الطبيعي معلوم الاقامة في الخارج، حيث بين أن هذا الشخص لا يعدو كونه احد امرين، فأما ان يكون المطلوب تبليغه العراقي أو الاجنبي لا يعمل في المؤسسات العراقية في الخارج، واما ان يكون من العاملين في المؤسسات الرسمية العراقية في الخارج، ففي الفرض الاول يتم تبليغه بواسطة البريد المسجل، هذا في حالة عدم وجود اتفاقية للتعاون القضائي بين جمهورية العراق وبين تلك الدولة المقيم فيها ذلك الشخص، وفي حال وجود اتفاقية للتعاون القضائي فيتم تبليغ ذلك الشخص تبعاً لنصوص تلك الاتفاقية، اما في الفرض الثاني وهو كون المطلوب تبليغه العراقي أو الاجنبي من احد العاملين في السفارات العراقية أو احد الممثليات أو الملحقيات العراقية عندها يتم التبليغ عن طريق وزارة الخارجية، وترسل الورقة المراد تبليغها بدفتر اليد أو عن طريق البريد المسجل المرجع الى وزارة الخارجية، وفي كل الاحوال يعد المخاطب مبلغاً من تاريخ التسلم المدون في دفتر اليد أو في وصل التسلم، وذلك مالم يرد اشعار الى المحكمة بانتقاله الى خارج ملاك وزارة الخارجية أو تمتعه باجازة. وبخصوص المشرع المصري(28).فيلاحظ انه يتم تسليم صورة الاعلان الى النيابة العامة حيث عليها ارسال صورة الاعلان لوزارة الخارجية، وذلك لتوصيلها بالطرق الدبلوماسية ويجوز ايضاً في هذه الحالة وبشرط المعاملة بالمثل تسليم الصورة مباشرة لمقر البعثة الدبلوماسية للدولة التي يقع بها موطن المراد اعلانه كي تتولى توصيلها اليه، ويجب على المحضر خلال (24) ساعة من تسليم الصورة للنيابة العامة المختصة ان يوجه إلى المعلن إليه في موطنه المبين بالورقة كتاباً مشيراً فيها بعلم الوصول، ويعد الإعلان منتجاً لآثاره من وقت تسليم الصورة للنيابة العامة، مالم يكن مما يبدأ منه ميعاد في حق المعلن اليه، فلا يبدأ هذا الميعاد الا من تاريخ تسليم الصورة في موطن المعلن اليه في الخارج .
أما الوضع عند المشرع اللبناني(29). فانه اذا كان التبليغ موجهاً الى شخص مقيم في بلد أجنبي فيتم التبليغ بكتاب مضمون مع علم بالوصول، أو بمقتضى القواعد المقررة في القانون المحلي وفي حال تعذر التبليغ بعد استنفاذ الطرق المقررة في القانون المحلي عندها يعد ذلك الشخص الموجه اليه التبليغ مجهول الإقامة ويتم تبليغه بالطرق الاستثنائية. ويؤكد المشرع الأردني(30). انه إذا كان المطلوب تبليغه مقيماً في بلد اجنبي وكان موطنه فيه معروفاً فيتم تسليم الاوراق لوزارة العدل لتبليغها اليه بالطرق الدبلوماسية وذلك مالم يرد نص على خلاف ذلك أو بالطرق القانونية المتبعة في البلد المقيم فيها. وبخصوص التشريع الفرنسي(31).، فيلاحظ ان تبليغ الشخص المقيم في الخارج يتم عن طريق النيابة العامة للسلطة القضائية والتي تم فيها تقديم الطلب أو التي اتخذت القرار الذي يجب تبليغه، ويقوم المدعي العام بنقل نسخة من ورقة التبليغ الى وزير العدل، ويقوم المبلغ من جهته بارسال النسخة الاخرى من الإجراء برسالة مسجلة مع طلب وصل استلام (اشعار بالتبليغ). ويعد القناصل طبقاً لاحكام التشريع الفرنسي مؤهلين للارسال المباشر الى المعنيين لكافة التبليغات القضائية وغير القضائية وتعد هذه الطريقة من الارسال ممكنة دائماً اذا كان التبليغ مرسلاً الى احد الرعايا الفرنسيين، واذا كان هذا الشخص من الرعايا الاجانب فان السلطات المحلية يمكن ان تعارض ذلك، ومن الناحية العملية يقوم القنصل باستدعاء المعني ليسحب التبليغ الذي يهمه وهو التبليغ الذي أرسل لقاء وصل الاستلام(32).
(محاماه نت)