دراسات قانونية
بحث عن التوقيع الإلكتروني و حجيته في القانون الأردني
مقدمة
تتمثل وظيفة التوقيع في تحديد هوية الموقع والتعبير عن ارادته باعتبار ان التوقيع يعبر عن ارادة صاحبه,ولذلك فإنه يجب أن يصدر من شخص كامل الاهلية. ولاتعد الكتابة دليلاً كاملا إلاإذا كانت موقعة,فالتوقيع يعد العنصر الثاني من عناصر الدليل الكتابي المعد للاثبات, ودون التوقيع يفقد الدليل الكتابي حجيته ,فالتوقيع هو الذي ينسب الورقة إلى من وقعها حتى ولو كانت مكتوبة بخط غيره .
وقد كان التوقيع بداية يتم عن طريق الختم,ثم أصبح يتم عن طريق الامضاء بخط اليد,ثم توسع ليشمل بصمة الاصبع, لما له من قدرة على تحديد هوية الموقع نظرا لما اثبته العلم من قدرة بصمة الاصبع على تحقيق تلك الوظائف وعدم امكانية التشابه بين البصمات .
لقد تطورت وسائل الاتصال وظهر الحاسوب الذى دخل مختلف نواحي الحياة,وبعد أن أمكن ربطه بالهاتف أحدثت شبكة الانترنت ثورة هائلة في مجالات الحياة المختلفة, وظهر ما يسمى بالتجارة الالكترونية التى كانت بحاجة الى تواقيع تتلاءم مع طبيعتها فظهر ما عرف بالتوقيع الالكترونى. ولم يقتصر هذا التوقيع على شكل واحد, وانما اتخذ عدة أشكال بدءً بالتوقيع عن طريق الرقم السري وانتهت الآن بالتوقيع الرقمي الذي أخذ حيزاً واسعاً في مجال المعاملات الالكترونية ونال الاعتراف القانونى به.
ويأتى هذا البحث بعد إزدهار التجارةالإلكترونية على الصعيد الدولي , وبعد انضمام الاردن الى منظمة التجارة العالمية وتوقيعه للعديد من اتفاقيات التجارة الحرة واتفاقية الشراكة الاردنية الاوروبية, حيث برزت الحاجة في التشريع الأردنيإلى إزالة العوائق القانونية التى تعيق تقدم التجارة الالكترونية وتطورها من خلال تشريع متخصص للمعاملات الإلكترونية, وفعلاً صدر قانون مؤقت لهذه المعاملات رقم (85) لسنة 2001 بتاريخ 11 / 12 / 2001 , يضع اطاراً قانونياً يتفق مع الاطار التشريعي الدولي , ينظم التعاملات الالكترونية ويعترف بكل من السجلات الالكترونية ورسائل البيانات الالكترونية والتواقيع الالكترونية,من حيث صلاحيتها لانشاء التزامات قانونية,وسمح بانشاء جهات التوثيق والتصديق والتواقيع الالكترونية , من حيث قبولها كوسائل إثبات أمام المحاكم واعطاؤها الحجية في الاثبات الى جانب الوسائل التقليدية المبنية على السندات والشهادة وغيرها .
الفصل الأول
ماهية بالتوقيع الإلكتروني والتمييز بينه وبين التوقيع التقليدي
المبحث الأول :- تعريف التوقيع الإلكتروني :-
عرف المشرع الأردني التوقيع الإلكتروني في المادة الثانية من قانون المعاملات الإلكترونية رقم (58) لسنة 2001 بقوله أنه “البيانات التي تتخذ هيئة حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها وتكون مدرجة بشكل إلكتروني أو رقمي أو ضوئي أو أي وسيلة أخرى مماثلة في رسالة معلومات أو مضافة عليها أو مرتبطة بها ولها طابع يسمح بتحديد هوية الشخص الذي وقعها ويميزه عن غيره من أجل توقيعه وبغرض الموافقة على مضمونه ” .
أما قواعدالأونسترال الموحدة بشأن التوقيعات الإلكترونية فقد عرفته في المادة (2/ا) بأنه “بيانات في شكل إلكتروني مدرجة في رسالة بيانات أو مضاف إليها أو مرتبطة بها منطقياً , يجوز أن تستخدم لتعيين هوية الموقع بالنسبة لرسالة البيانات , ولبيان موافقة الموقع على المعلومات الواردة في رسالة البيانات ” . (1)
أما الفقه فقد قسمت تعريفاته للتوقيع الإلكتروني كلٌ حسب حسب طريقة تركيزه على كيفية نشوء التوقيع الإلكتروني حيث عرفه البعض أنه ” التوقيع الناتج عن إتباع إجراءات محددة تؤدي في النهاية إلى نتيجة معروفة مقدماً فيكون مجموع هذه الإجراءات هو البديل الحديث للتوقيع بمفهومه التقليدي وهو ما نسميه نحن عن التوقيع الإجرائي ” , أما البعض فقد عرفه بأنه “مجموعة من الإجراءات التقنية التي تسمح بتحديد شخصية من تصدر عنه هذه الإجراءات وقبوله بمضمون التصرف الذي يصدر التوقيع بمناسبته , والبعض الآخر فعرفه أيضاً أنه ” إستخدام معادلات خوارزمية متناسقة تتم معالجتها من خلال الحاسب الآلي تنتج شكلاً معيناً يدلعلى شخصية صاحب التوقيع . (2)
القاضي يوسف أحمد النوافلة – حجية المحررات الإلكترونية في الإثبات – الطبعة الأولى .
القاضي يوسف أحمد النوافلة – حجية المحررات الإلكترونية في الإثبات – الطبعة الأولى .
المبحث الثاني :- التمييز بين التوقيع الإلكتروني والتوقيع التقليدي :-
لم تأت التشريعات على تعريف محدد للتوقيع التقليديبالرغم من أهميته في الإثبات , فالمحرر العرفي لا قيمة له في الإثبات إذا لم يكن موقعاً من محرره ولا يعدو عن كونه مبدأ ثبوت بالكتابة لا غير , وقد عُرف التوقيع التقليدي بأنه ” التأشير أو وضع علامة على السند أو بصمة إبهام للتعبير عن القبول بما ورد فيه أو علامة مميزة تخص الشخص وتسمح بتحديد هويته ومعرفته بسهولة “. (1)
وهنالك عدة فروق جوهرية بين التوقيع التقليدي والإلكتروني في عدة نواحي وهي :-
أولاً :-من حيث صورة أو شكل التوقيع :-
التوقيع التقليدي المعتمد قانوناً يجب أن يتم في صورة إمضاء أو ختم أو بصمة أصبع , مع ترك الحرية الواسعة للموقع في إختيار توقيعه وصيغته من بين هذه الصور , أما التوقيع الإلكتروني فإنه لا يشترط فيه صورة أو شكل معين , بل يجوز أن يتم في صورة حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو حتى أصوات بشرط أن يكون للصورة المستخدمة طابع متفرد يسمح بتحديد شخص الموقع ويميزه عن غيره , وأن يؤدي إلى إظهار رغبة الموقع في إقرار التصرف القانوني والرضا بمضمونه (2).
ثانياً :- من حيث الوسيط أو الدعامة التي يوضع عليها التوقيع :-
يتم التوقيع التقليدي عبر وسيط مادي محسوس وملموس وهو في الغالب وسيط ورقي , حيث تذَيل الكتابة على الورق بالتوقيع فيتحول إلى محرر أو مستند صالح للإثبات في حين أن التوقيع الإلكتروني يتم عبر وسيط إلكتروني غير محسوس (3) .
1. د. ثروت عبد الحميد – التوقيع الإلكتروني – الطبعة الثانية 2002,2003 .
2. د.ممدوح محمد علي مبروك – مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي .
3. د.ممدوح محمد علي مبروك – مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي .
ثالثاً :- من حيث مدى حرية الموقع في إختيار شكل التوقيع وصيغته :-
التوقيع التقليدي يخول الموقع حرية واسعة في إختيار صيغة توقيعه من خلال الإمضاء الخطي أو الختم أو بصمة الإصبع أو أن يجمع بين طريقتين منها , على عكس التوقيع الإلكتروني الذي يتطلب إستخدام تقنية آمنة وآلية معينة تسمح بالتعرف على شخصية الموقع وتحدد هويته وتضمن سلامة المحرر من العبث أو التحريف وهذا يستلزم تدخل جهة رسمية تختص بتوثيق التوقيع الإلكتروني والتصديق على صحته .(1)
رابعاً :- من حيث الوظائف التي يؤديها التوقيع :-
التوقيع التقليدي يقوم بثلاث وظائف , الأولى أنه يحدد هوية وشخصية الموقع ويميزه عن غيره من الأشخاص , والثانية أنه يعبر بشكل واضح عن إرادة الموقع وقبوله الإلتزام بمضمون الورقة وإقراره لها , والثالثة أنه دليل على الحضور المادي لأطراف التصرف في وقت التوقيع أو حضور من يمثلهم قانوناً أو إتفاقاً . أما التوقيع الإلكتروني فإنه يقوم بخمس وظائف , الأولى أنه يحدد هوية وشخصية الموقع ويميزه عن غيره من الأشخاص , والثانية أنه يعبر عن إرادته في الرضا في التعاقد والقبول بالإلتزام به وإقراره له , والثالثة أنه يسمح في التعاقد عن بعد وبدون حاجة إلى الحضور المادي لصاحب التوقيع في مكان إبرام التصرف , و الرابعة أنه يحقق قدراً من الأمن والثقة في صحة التوقيع وإنتسابه لصاحبه ويؤدي إلى الإستيثاق من مضمون المحرر وتأمينه من التعديل بالإضافة أو الحذف , وبحيث يختلط التوقيع الإلكتروني بالمحرر على نحو لا يمكن فصله , والخامسة أن التوقيع الإلكتروني يمنح المستند صفة المحرر الأصلي وبالتالي يجعل منه دليلاً معداً مسبقاً للإثبات له نفس منزلة الدليل الكتابي الذي يتم إعداده مسبقاً قبل أن يثور النزاع بين الأطراف .(2)
1. د.ممدوح محمد علي مبروك – مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي .
2. د.ممدوح محمد علي مبروك – مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي .
الفصل الثاني
حجية التوقيع الألكتروني ودوره في الإثبات في قانون المعاملات الإلكترونية الأردني
للتعرف على الدور الذي يؤديه التوقيع الإلكتروني وحجيته في الإثباتفي القانون الأردني لا بد لنا من معرفة الشروط التي تطلبها المشرع لإعتبار التوقيع موثقاً ومقبولاً ( مبحث أول ) , ومن ثم نتعرض لموضوع التوثيق الذي اشترطه المشرع لإضفاء الحجية على التوقيع الإلكتروني ( مبحث ثانٍ ) , ومن ثم التعرف على حجية التوقيع الإلكتروني ودوره في الإثبات ( مبحث ثالث ) .
المبحث الأول :- الشروط اللازم توافرها في التوقيع الإلكتروني للإحتجاج به :-
ليكون للتوقيع الإلكتروني حجية في الإثبات وليؤدي هذا الدور نجد أن معظم التشريعات ومنها الأردني تتفق على أن هنالك شروط لابد من توافرها في هذا التوقيع وهذه الشروط نصت عليها المادة (31) من قانون المعاملات الإلكترونية حيث نصت على ما يلي:-
إذا تبين نتيجة تطبيق إجراءات التوثيق المستخدمة أنها معتمدة أومقبولة تجارياً أو متفقاً عليها بين الأطراف فيعتبر التوقيع الإلكتروني موثقاً إذا اتصف بما يلي :-
أ .تميز بشكل فريد بارتباطه بالشخص صاحب العلاقة .
ب . كان كافياً للتعريف بشخص صاحبه .
ج . تم إنشاؤه بوسائل خاصة بالشخص وتحت سيطرته .
د . إرتبط بالسجل الذي يتعلق به بصورة لا تسمح بإجراء تعديل على القيد بعد توقيعه دون إحداث تغيير في التوقيع . “
مما سبق يتبين لنا أن المشرع الأردني إشترط أربعة شروط يجب توافرها بالتوقيع الإلكتروني لاعتباره موثقاً ويرتب حجية ويؤدي دوراً في الإثبات وهذه الشروط هي :-
الشرط الأول :- تميز التوقيع بشكل فريد بارتباطه بالشخص صاحب العلاقة :-
يهدف هذا الشرط إلى ضمان عدم قيام أي شخص آخر بإنشاء نفس التوقيع الإلكتروني بحيث يكون هذا التوقيع منفرداً ومرتبطاً بالشخص صاحب العلاقة إرتباطاً وثيقاً معنوياً ومادياً بحيث لا يمكن إنشاء ذلك من قبل أي شخص آخر , فيجب أن تكون أدوات إنشاء التوقيع من رموز و أرقام وغيرها متميزة بشكل فريد ومرتبط بالشخص صاحب التوقيع الإلكتروني . (1)
إذ يجب أن يدل التوقيع والكتابة الإلكترونية على الشخص الذي ينسب إليه المحرر , وأن تؤدي إلى تحديد هويته والتأكد من إنصراف إرادته إلى الإلتزام بمضمون المحرر الذي وقع عليه , على وجه يتحقق معه الإرتباط بين المحرر الإلكتروني والشخص الذي ينسب إليه . (2)
فالتوقيع عمل إرادي إختياري , فلا بد أن يكون بشكل يؤكد إرتباطه بصاحبه , وأن عملية التوقيع الرقمي ترتكز على إستخدام المفتاحين ( العام / الخاص ) , والتي تتم في نطاق من السرية والكتمان عبر الشبكات, إذ يستطيع المتعاقد من خلال هذه المفاتيح أن يتمكن من التأكد من إرتباط التوقيع بالمرسل , وذلك من خلال مقارنة التوقيع المصاحب للرسالة الإلكترونية مع المفتاح العام للمرسل , فإذا تم التطابق كان التوقيع مرتبطاً بصاحب الرسالة . (3)
1. علاء محمد عيد نصيرات – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات) – جامعة آل البيت .
2. د.ممدوح محمد علي مبروك – مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي .
3. عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
الشرط الثاني :- أن يكون التوقيع كافياً للتعريف بشخص صاحبه :-
يشترط في التوقيع الإلكتروني الذي يخضع لإجراءات التوثيق أن يتصف بهذه الصفة , وهي قدرته على التعريف بشخص صاحبه , وهذا لا يعني أن يشتمل التوقيع الإلكتروني على إسم الموقع , بل يكفي أن يركز على تحديد أو التحقق من شخصية الموقع على الرسائل الإلكترونية عن طريق الجهات التي تقوم بإصدار شهادات التوثيق المعتمدة مثلاً . (1)
وهو نفس الشرط الواجب توافره في التوقيع التقليدي , والمقصود به أن يتم التوقيع وفقاً للطريقة التي درج الشخص على استخدامها للتعبير عن موافقته أو رضاه بمحتوى المحرر , ولا بد أن يكون التوقيع دالاً على شخصيته ومميزاً لهويته , ولا بد للتوقيع الرقمي ( الإلكتروني ) الموثق أن يحقق هذه الغاية , حيث يحقق هذه الغاية من خلال وسائل و إجراءات موثوق بها تتمثل باستخدام نظام التشفير . (2)
الشرط الثالث :- أن يتم إنشاؤه بوسائل خاصة بالشخص وتحت السيطرة :-
أي أن الموقع نفسه هو من قام بإنشاء التوقيع الإلكتروني بطريقته الخاصة وتحت سيطرته , حيث أن الموقع هو الوحيد القادر على استخدام الرموز المكونة للتوقيع الخاص به , لانه هو من قام بإنشائه بطريقته الخاصة , وتحت سيطرته المتمثلة بالكود أو الرمز المشفر للتوقيع , وبالتالي لا يمكن لأحد سواه الوصول إليه. (3)
ويقصد بالوسائل الخاصة الأدوات المادية والمعدات , أو البرامج الحاسوبية المخصصة في إستحداث وخلق التوقيع الإلكتروني , أي مجموعة العناصر التشفيرية الشخصية أو المعدات
1. علاء محمد عيد نصيرات – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات) – جامعة آل البيت .
2. عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
القاضي يوسف أحمد النوافلة – حجية المحررات الإلكترونية في الإثبات – الطبعة الأولى .
المعدة خصيصاً لإحداث التوقيع الإلكتروني , ولا بد أن تكون هذه الوسائل تحت سيطرة الشخص الموقع كشرط لا بد أن يتوافر في التوقيع الإلكتروني الذي طبقت إجراءات التوقيع عليه .(1)
الشرط الرابع :- إرتباط التوقيع بالسجل الذي يتعلق به بصورة لا تسمح بإجراء تعديل على القيد بعد توقيعه دون إحداث تغيير في التوقيع :-
يتناول هذا الشرط مسألة سلامة التوقيع الإلكتروني وسلامة المعلومات التي يوقع عليها إلكترونياً , بحيث إذا تم توقيع مستند تكون سلامته وسلامة التوقيع مرتبطين إرتباطاً وثيقاً بحيث يصعب تصور إحداهما دون الآخر , حيث أنه يجب أن يكون التوقيع مرتبطاً بالسجل بصورة لا تسمح بإجراء تعديل على القيد بعد توثيقه دون إحداث تغيير في التوقيع , أي أن تعديل القيد بعد توثيقه يجب أن يحدث تعديلاً بالتوقيع الإلكتروني والعكس صحيح (2) , والغاية من ذلك هي الحفاظ على الأمان اللازم للقيد الإلكتروني , فأي تغيير يحدث في البيانات يكون قابلاً للكشف عنه ومعرفة الخلل في ذلك (3) .
المبحث الثاني :- توثيق التوقيع الإلكتروني :-
عرفت المادة (2) من قانون المعاملات الإلكترونية اجراءات التوثيق بأنها “الاجراءات المتبعة للتحقق من أن التوقيع الالكتروني أو السجل الالكتروني قد تم تنفيذه من شخص معين، او لتتبع التغيرات والاخطاء التي حدثت في سجل الكتروني بعد انشائه بمافي ذلك استخدام وسائل التحليل للتعرف على الرموزوالكلمات والأرقام وفك التشفير والاستعادة العكسية واي وسيلة أو اجراءات أخرى تحقق الغرض المطلوب ” .
1. عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
2. علاء محمد عيد نصيرات – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات) – جامعة آل البيت .
3. عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
كما وعرفت شهادة التوثيق بأنها “الشهادة التي تصدر عن جهة مختصة مرخصة أو معتمدة لإثبات نسبة توقيع إلكتروني إلى شخص معين إستناداًإلى إجراءات توثيق معتمد .
وقد بينت المادة (34) من ذات القانون الحالات التي تكون فيها شهادة التوثيق التي تبين رمز التعريف معتمدة حيث نصت على أنه “تكون شهادة التوثيق التي تبين رمز التعريف معتمـدة في الحالات التاليـة:-
أ- صادرة عن جهة مرخصة أو معتمدة.
ب- صادرة عن جهة مرخصة من سلطة مختصة في دولة أخرى ومعترف بها.
ج- صادرة عن دائرة حكومية أو مؤسسة أو هيئة مفوضة قانوناً بذلك.
د- صادرة عن جهة وافق أطراف المعاملة على إعتمادها.”
يتضح مما سبق أن المشرع الأردني ميز بين التوقيع الإلكتروني الموثق والغير موثق , والتوقيع الإلكتروني الموثق هو الذي له حجية في الإثبات أما غير الموثق فلا حجية له , حيث أن التوثيق يقوم على التحقق من القيد الإلكتروني وإرتباطه بالموقع دون غيره , والكشف عن أي تلاعب قد يحدث في هذا السجل بعد إنشائه (1) .
المبحث الثالث :- حجية التوقيع الإلكتروني ودوره في الإثبات :-
بالرجوع الى نصوص قانون المعاملات الإلكتروني نجد أنه نص على المعاملات التى يقبل فيها التوقيع الالكترونى وهى كما يلي :
1-المعاملات الإلكترونية الرسمية :-
تنص الفقرة (ب) من المادة (4) من قانون المعاملات الالكترونية على أنه (تسري أحكام القانونعلى مايأتي :المعاملات الالكتروية التى تعتمدها أى دائرة حكومية أو مؤسسة رسمية بصورة كلية أو جزئية).
1. عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
يتضح من هذا النص أنه يفتح مجالاً واسعاً أمام الدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية لاستخدام الوسائل الالكترونية في إنجاز المعاملات المختلفة والتي تتم عن طريق الورق وتتطلب وقتاً طويلاً,فأجاز إستخدام الوسائل الإلكترونية في المعاملات التى تجريها الدوائر والمؤسسات الرسمية,سواءا كان ذلك يستغرق كل نشاطها أو جزء منه.
2- المعاملات التى يتفق عليها الأطراف :-
أجاز قانون المعاملات الإلكترونية الأردني في المادة(5) :- أ- للأفراد الإتفاق على إجراء معاملاتهم بوسائل إلكترونية, وهذا يعنى أن التوقيع الالكترونى يكون مقبولاً في مثل هذه المعاملات بشرط أن يستوفي جميع الشروط والأوضاع التي اشترطها القانون لذلك,عندئذ يتمتع هذا التوقيع بالحجية القانونية الكاملة.
والمعاملات التى يتفق أطرافها على إجرائها كثيرة ومتنوعة تشمل جميع أنواع المعاملات المدنية والتجارية التي يرغب الأشخاص الطبيعيون والمعنويون إجراءها بإستخدام الوسائل الإلكترونية بما فيها التوقيع الإلكتروني , وتؤكد الفقرة ب من المادة (5) من ذات القانون بأن الإتفاق على إجراء معاملة أو معاملات معينة بوسيلة إلكترونية لايعنى أن الأطراف ملزمون على إجراء معاملات أخرى بالوسيلة نفسها.
أما فيما يتعلق بالمعاملات التي لا يقبل فيها التوقيع الإلكتروني فقد نصت المادة السادسة من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني على أن احكام هذا القانون لاتسري على المعاملات التالية:
أ-العقود والمستندات والوثائق التى تنظم وفقا لتشريعات خاصة بشكل معين أو تتم باجراءات محددة منها:
1-انشاء الوصية وتعديلها.
2-انشاء الوقف وتعديل شروطه.
3-معاملات التصرف بالأموال غير منقولة بما في ذلك الوكالات المتعلقة بها وسندات ملكيتها وإنشاء الحقوق العينيه عليها,بستثناء عقود الإيجار الخاصة بهذه الأموال.
4-الوكالات والمعاملات المتعلقة بالأحوال الشخصية.
5-الإشعارات المتعلقة بإلغاء عقود خدمات المياه الكهرباء والتأمين الصحي والتأمين على الحياة أو فسخها.
6-لوائح الدعاوى والمرافعات وإشعارات التبليغ القضائية وقرارات المحاكم.
ب-الأوراق المالية إلا ماتنص عليه تعليمات خاصة تصدرعن الجهات المختصة إستناداًإلى قانون الأوراق المالية النافذ المفعول.
وقد أقر المشرع الأردني صراحة بوجود المحرر الإلكتروني إذا كان موقعاً توقيعاً موثق مزيلاً للشكوك حول قيمته في الإثبات , ولم يعد المحرر الإلكتروني خاضعاً في هذا الشأن لسلطة القاضي التقديرية وأصبح له حجية المحررات الورقية وحجيتها في الإثبات .(1)
وطالما أن التوقيع الإلكتروني تم توثيقه بين الأطراف واستوفى شروطه القانونية فإنه مقبول لإضفاء الحجية على المحرر الإلكتروني , فإذا كان التوقيع الإلكتروني يحقق الغاية المرجوة التي يؤديها التوقيع التقليدي فليس مهماً أن يكون هذا التوقيع قد ورد على محرر مادي , أو دعامة غير مادية , فالمهم هو الغاية وليس الوسيلة .(2)
المحررات الإلكترونية بين الرسمية والعادية :-
نصت المادة (7) من قانون المعاملات الإلكترونية على أنه ” يعتبر السجل الإلكتروني والرسالة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني منتجاً للآثار القانونية ذاتها المترتبة على الوثائق والمستندات الخطية والتوقيع الخطي بموجب أحكام التشريعات النافذة من حيث إلزامها لأطرافها أو صلاحيتها في الإثبات”.
عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
القاضي يوسف أحمد النوافلة – حجية المحررات الإلكترونية في الإثبات – الطبعة الأولى .
وبالرجوع إلى قانون البينات نجد أن المحررات (الأسناد) الخطية المعدة للإثبات تقسم إلى رسمية وغير رسمية و الأوراق غير الموقعة ويتبين ذلك من نص المادة (5) التي نصت على أن ” الأدلة الكتابية هي :-
الأسناد الرسمية .
الأسناد العادية .
الأوراق غير الموقعة .
وكذلك نصت المادة (6) من قانون البينات على أنه ” 1 – السندات الرسمية:أ- السندات التي ينظمها الموظفون الذين من إختصاصهم تنظيمها طبقاً للأوضاع القانونية ويحكم بها دون أن يكلفمبرزها اثبات ما نص عليه فيها ويعمل بها ما لم يثبت تزويرها.ب- السندات التي ينظمها أصحابها ويصدقها الموظفون الذين من إختصاصهم تصديقها طبقاً للقانون ، وينحصر العمل بهافي التاريخوالتوقيع فقط.2 -اذا لم تستوفِ هذه الأسناد الشروط الواردة في الفقرة السابقةفلا يكون لها إلا قيمة الأسناد العادية بشرط أن يكون ذوو الشأنقد وقعوا عليها بتواقيعهم او بأختامهم او ببصمات أصابعهم. وجاءت المادة (7/1) من ذات القانون على أنه ” تكون الأسناد الرسمية المنظمة حجة على الناس كافة بما دون فيها من أفعال مادية قام بها الموظف العام في حدود إختصاصه أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره وذلك ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً ” . يتضح لنا من النصوص السابقة أن حجية الأسناد الرسمية لا تقف عند ذوي العلاقة فقط , بل تمتد إلى الغير أي إلى الناس كافة , فكل شخص يمكن أن يسري في حقه التصرف القانوني الذي يثبته السند الرسمي ولا يكون أمام الغير الذي له مصلحة في إثبات عكس ما ورد بالسند الرسمي إلا أن يطعن فيه بالتزوير .(1) وبالتالي فإن المحرر الإلكتروني الصادر عن الموظف العام يعتبر حجة على الناس كافة ولا يطعن فيه إلا بالتزوير , أما ما تلقاه الموظف العام من ذوي الشأن وصادق عليه , فيعتبر حجة في التوقيع والتاريخ . أما محتوى المحرر الإلكتروني الرسمي فلا يصل حد الطعن فيه بالتزوير بل يعتبر صحيحاً إلى أن يثبت
1. أ.د عباس العبودي – شرح أحكام قانون البينات – دراسة مقارنة – الطبعة الأولى- الإصدار الثالث .
صاحب المصلحة عكس ذلك بالطرق المقررة قانوناً . (1)
أما المادة السند العادي فقد عرفته المادة (10) من قانون البينات بأنه ” هو الذي يشتمل على توقيع من صدر عنه او على خاتمهاو بصمة إصبعه وليست له صفة السند الرسمي. فالسند العادي هو الكتابة التي يوقعها شخص بشأن تصرف قانوني ودون أن يتدخل في تحريره موظف عام , ولا يستلزم أي شكل معين في إعداده ولهذا سمي بالسند العادي لأن العادة والعرف جرت على جعل العقود غير خاضعة إلى أصول تقيد بها , وأن الأفراد العاديين هم الذين يتولون صياغتها و إعدادها دون تدخل للموظف الرسمي في ذلك . (2)
إضافة إلى أن قانون المعاملات الالكترونية قد أعطى التوقيع الالكترونى الأثرالقانونى نفسه الذي منحه للتوقيع العادي من حيث إلزامه لصاحبه ,فإنه قد أعطاه أيضاً الأثر نفسه فيما يتعلق بصلاحيته في الاثبات وهنا لابد من ملاحظتين:الأولى : أن قانون المعاملات الالكترونية إعتبر التوقيع الالكتروني صالحاً للإثبات تماماً كما هو الحال في التوقيع العادي,وألغى كل تمييزفيما بينهما,ونص على عدم جواز التمييزضد التوقيع الالكترونى وعدم إغفال الأثر القانوني له,لأنه ورد بوسيلة إلكترونية ,وهذا مانصت عليه المادة (7 / ب)بقولها بأنه “لايجوز إغفال الأثر القانوني لأي مما ورد في الفقرة (أ)من هذه المادة لأنها أجريت بوسائل الكترونية شريطة إتفاقها مع أحكام القانون”.والثانية:أن التوقيع الإلكتروني له صلاحية كاملة في الإثبات بحيث له القدرة على إثبات جميع المعاملات القانونية إلا تلك التى يتطلب القانون لإتمامها شكلية معينة أو إجراءات محددة وهو مانصت عليه المادة (6) السالفة الذكر.
وبناءً على ذلك فإن التوقيع الإلكتروني يصلح لإثبات جميع المعاملات التي يتم إجراؤها بوسائل إلكترونية مهما كانت طبيعة المعاملة,ومهما كانت قيمتها ,وسواء كانت من العقود الملزمة لجانب واحد
عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.
2. أ.د عباس العبودي – شرح أحكام قانون البينات – دراسة مقارنة – الطبعة الأولى- الإصدار الثالث .
أو جانبين أو معاملات تجارية أو مدنية كل ذلك بشرط أن يكون التوقيع الإلكتروني متفقاً مع أحكام القانون,من حيث التوثيق ووجود شهادات التوثيق وتطابق التوقيع الإلكتروني مع رمز التعريف الموجود في شهادة التوثيق وغيرها من الشروط التي يتطلبها القانون لكي يكون التوقيع الإلكتروني صالحاً للإثبات.(1)
وكذلك نجد أن قانون البينات الأردني نص في المادة (13) على ما يلي :-1. تكون للرسائل قوة الأسناد العادية من حيث الإثبات ما لم يثبت موقعها أنه لم يرسلها أو لم يكلف أحداً بإرسالها .2. وتكون للبرقيات هذه القوة أيضاً إذا كان أصلها المودع في دائرة البريد موقعاً عليها من مرسلها .3. أ – وتكون لرسائل الفاكس والتلكس والبريد الإلكتروني قوة السندات العادية في الإثبات.ب – وتكون رسائل التلكس بالرقم السري المتفق عليه بين المرسل والمرسل إليه حجة على كل منهما .ج – وتكون مخرجات الحاسوب المصدق أو الموقعة قوة الأسناد العادية من حيث الإثبات ما لم يثبت من نسبت إليه أنه لم يستخرجها أو لم يكلف أحداً بإستخراجها .
التعارض بين المحرر الموقع إلكترونياً والمحرر الورقي التقليدي :-
قد يكون دليل الإثبات لدى أحد الخصوم هوالمحرر الورقي العادي ولدى الآخر هو المحرر الإلكتروني وقد يكون مضمون المحررين متعارضين وقد يحدث في الواقع العملي أن يطلب المرسل إليه ( المستهلك ) من المنشىء ( البائع ) تزويده بمستند ورقي بالإضافة إلى المستند الإلكتروني وقد يكون هناك تعارض بين المستندين .
1. للإجابة حول التساؤلات التي تثور حول هذا الموضوع نجد أن المادة(12) من قانون المعاملات الإلكترونية نصت على ما يلي :-يجوز عدم التقيد باحكام المواد من (7- 11) من هذا القانون في أي من الحالات التالية:-أ- اذا كان تشريع نافذ يقتضي إرسال أو تقديم معلومات معينة بصورة خطية إلى شخص ذي علاقة وأجاز هذا التشريع الإتفاقعلى غير ذلك.ب- اذا أتفق على إرسال أو توجيه معلومات معينة بالبريد الممتاز أو السريع أو بالبريد العادي. وبالنظر إلى هذا النص يمكن القول بأن المشرع الأردني قد خول القاضي سلطة الترجيح بين المستندات الإلكترونية والمستندات الورقية تاركاً له الحرية في الإستعانة بكل الوسائل وبغض النظر عن دعامة المحرر , ومؤكداً عدم التمييز بين المحررات على أساس دعامتها .(1)
—————————————————
عبدالله أحمد عبدالله غرايبة – رسالة ماجستير بعنوان (حجية التوقيع الإلكتروني في القانون الأردني – دراسة مقارنة ) – الجامعة الأردنية – 2005.