دراسات قانونية

دراسة قانونية مميزة حول حقوق الطفل – دراسة مقارنة

تقرير حول بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام تخصص القانون الدولي والعلاقات الدولية المعاصرة في موضوع حقوق الطفل بالمغرب بين المواثيق الدولية والقوانين الوطنية

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس

الموضوع : حقوق الطفل بالمغرب بين المواثيق الدولية والقوانين الوطنية

بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام تخصص القانون الدولي والعلاقات الدولية المعاصرة

للباحث محمد حومالك

تحت اشراف الاستاذ الدكتور عبد السلام أوحجو

السنة الجامعية: 2012- 2013

تقرير حول بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام تخصص القانون الدولي والعلاقات الدولية المعاصرة في موضوع حقوق الطفل بالمغرب بين المواثيق الدولية والقوانين الوطنية

نظرة شاملة عن الموضوع
يعتبر موضوع حقوق الطفل، من أهم القضايا المتداولة، على الصعيدين الدولي والوطني. إذ أصبحت حماية حقوق هاته الفئة، تشكل هدفا تسعى كل الدول إلى تحقيقه، لكون الطفولة هي الأرضية الصلبة لمستقبل كل أمة، وأن كل نهوض بالأمم يبدأ من الاهتمام بالطفل ذكرا أم أنثى، هذا الاهتمام ينصب على عدة مستويات، سواء على مستوى الطفل في ذاته ومستقبل حياته وملامح شخصيته أوعلى مستوى المجتمع ككل، وعلى مختلف أوجه الحياة فيه، دون استثناء لأي مجال من مجالاتها.

ويعرف الطفل تقليديا، بأنه كل شخص ليس راشدا، وهو تعريف يتفق تماما مع الممارسات والتصورات الثقافية والاجتماعية العامة، ولكنه في الواقع ليس كافيا من الناحية القانونية، ذلك أنه لا يحدد سن بداية الطفولة ولا نهايتها، بمعنى آخر يصعب الأخذ بالمفهوم الاجتماعي السائد عن الطفل من الناحية القانونية لأنه ليس من شأنه أن يحدد بدقة متى تبدأ الحماية القانونية للطفل ومتى تنتهي.[1]

وبالرجوع إلى الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989، نجدها قد عرفت الطفل في مادتها الأولى بأنه ” كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه “. وما يلاحظ على هذا النص أنه لم يبين بشكل واضح سن بداية الطفولة ونهايتها، غير أن إقرار الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل بشكل مفصل والاهتمام به منذ المرحلة الجنينية وحتى بلوغه سن الرشد القانوني يمثل تحديدا بما المقصود بالطفل ومتى تجب حمايته.

وما هو معروف في مختلف الدراسات، أن المقصود بالطفولة أولى مراحل عمر الإنسان تغرس فيها بذور التربية، فالطفل أحق بالعناية والرعاية الفائقة وتوفير الأجواء المناسبة، التي تساعد على تنشئته بصورة صالحة وسليمة.[2]

وعليه تمتد فترة الطفولة حتى سن النضج والبلوغ من الناحية القانونية، وتختلف تشريعات الدول في تحديد هذه السن، وهو ما يفتح نقاشات مختلفة حول تحديد سن بداية الطفولة ونهاياتها، لأجل توفير الحماية المطلوبة لهاته الفئة.

السياق العام للموضوع:

ويأتي الاهتمام بحقوق الطفل في إطار الاهتمام الدولي والوطني بحقوق الإنسان عامة، باعتبار حماية حقوق الإنسان تعد على رأس الحاجات الطبيعية والاجتماعية لكل فرد، لمجرد كونه إنسانا بغض النظر عن جنسه أو لونه أو عرقه أو لغته أو دينه، إذ أن حقوق الإنسان تولد مع الإنسان نفسه، ومن الثابت أن هذه الحقوق ليست وليدة حقبة زمنية معينة، أو مرتبطة بإيدولوجية واحدة محددة وإنما هي ثمرة لتمازج الحضارات الإنسانية، ونتاج لتراكمات تاريخية متتالية ومتعاقبة.[3]

ونظرا لكون الطفل من الفئات الضعيفة داخل المجتمع، اهتم المجتمع الدولي بحقوقه وبشكل خاص، منذ فترات تاريخية مبكرة من تطور العلاقات الدولية، وهو ما تجسد في بلورة عدد من المبادئ الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان بشكل عام، وإبرام مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تحمي الطفل بشكل خاص، ومن أهم المواثيق الدولية المعاصرة التي اهتمت بحقوق الطفل، نذكر إعلان جنيف لسنة 1924 الذي صدر في خمس نقاط، غير أنه مع اندلاع الحرب العالمية الثانية فقدت هذه الوثيقة قيمتها وأصبحت بدون مضمون، غير أنها تبقى ذات أهمية كبيرة في مجال الاعتراف بحقوق الطفل، ثم جاء إنشاء هيئة الأمم المتحدة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية؛ لتحل محل عصبة الأمم لتؤكد على الإيمان العميق من جانب الدول الأعضاء، بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامته،

وتوجت جهود الأمم المتحدة بإصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، الذي عبرت فيه جميع الدول عن اهتمامها بحقوق الإنسان عامة والطفل بصفة خاصة، والعمل على رعاية الأسرة وحمايتها، ثم صدر بعد ذلك في 20 نونبر 1959 إعلان حقوق الطفل، وأخذ بعدا مهما وصار من أهم الوثائق المهتمة بحقوق الطفل وفي سنة 1966، صدر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللذان خصصا للطفل مجموعة من الحقوق.

وبعد عشرين سنة من إعلان حقوق الطفل لسنة 1959 اتخذت هيئة الأمم المتحدة، قرارا بتسمية سنة 1979، بعام الطفل لتوجيه الأنظار إلى العناية بالطفولة، وفي 20 نونبر 1989 شهد العالم ميلاد اتفاقية دولية لحماية حقوق الطفل، تعالج بشكل متكامل ومفصل وملزم، حقوق الطفل المختلفة فهي تمثل تتويجا لما يزيد على ستة عقود من العمل على تطوير القواعد الدولية المعنية بالطفل.[4]

هذا الاهتمام الدولي بحقوق الطفل يأتي في إطار مواجهة الواقع الذي تعاني منه الطفولة في مختلف بقاع العالم، ومحاولة البحث عن إطار قانوني خاص للطفل، بمعزل عن تلك الحقوق المقررة للإنسان بصفة عامة.

هذا المسار الطويل لإقرار حقوق الطفل، وإبرام اتفاقية دولية خاصة، تضمن لكل طفل في العالم حقوقه يعتبر أهم الخطوات المهمة في الحفاظ على شخصية الطفل، وجدير بالذكر أن الاهتمام بحماية حقوق الطفل لم يقتصر على المستوى الدولي، بل تعداه إلى المستويات والتنظيمات الإقليمية فقد أبرمت عدة مواثيق دولية لحقوق الطفل في إطار المنظمات الإقليمية، في أوروبا وأمريكا وإفريقيا والعالم العربي كما لا يجب أن نغفل في هذا الصدد، أعمال المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان في حماية الطفل، ومن بين هذه المنظمات منظمة الأمم المتحدة والوكالات الدولية المتخصصة، حيث لعبت ولا زالت تلعب هذه المنظمات دورا مهما في حماية حقوق الطفل وضمانها.[5]

وعلى غرار الاهتمام الدولي بحقوق الطفل، انعكس ذلك على مختلف التشريعات والقوانين الداخلية. ومن بينها المغرب بحيث عمل من خلال مصادقته على الاتفاقيات الدولية في هذا المجال على ملاءمة قوانينه مع هذا التوجه العالمي، وذلك من خلال إقرار حقوق الطفل في مختلف القوانين الوطنية، مع الأخذ بعين الاعتبار أحكام الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة 1989، وإحداث مجموعة من المؤسسات المهتمة بحقوق الطفل، من أجل تفعيل الحقوق المقررة في الاتفاقيات الدولية المعنية بالطفل والوقوف على ضمان أفضل حماية للطفل.

وعليه يشكل هذا الاهتمام الدولي بحقوق الطفل نقطة تحول كبيرة في مجال الارتقاء بحقوق هاته الفئة إلى مستويات متقدمة من الحماية، وذلك من خلال جعل حقوق الطفل وخصوصا تلك المقررة في الاتفاقية الدولية لسنة 1989، ملزمة لجميع الدول الأعضاء من أجل السهر على حمايتها.

أهمية الموضوع

بناء على ما تقدم ومن أجل توضيح أهم الحقوق المقررة للطفل، كان لا بد من ضرورة البحث عن أهم المواثيق والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالطفل على الصعيد الدولي والإقليمي من جهة، وكذا البحث عن مدى إقرار المنظومة القانونية المغربية بحقوق الطفل بهدف حمايته وتقوية مركزه داخل المجتمع من جهة ثانية.

وتتجلى أهمية هذا البحث أيضا في كون أن حماية حقوق الطفل، تعد بمثابة استمرار للجهود الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان، وإقرارها من طرف الدول يساهم في نشر ثقافة حقوق الطفل على المستوى الوطني، لأن الطفل يعتبر صاحب حقوق وليس مجرد موضوع للحقوق لكونه من الفئة الضعيفة داخل المجتمع، وبذلك فإن التعريف بحقوقه وتمتعه بها يمثل ضمانة أساسية لنموه وبقائه.

إشكالية الموضوع:

نظرا لكون موضوع حقوق الطفل، موضوع كبير وواسع وشاق، فإن محاولة دراسته من خلال المواثيق الدولية والوطنية تطرح إشكالية رئيسية هي إلى أي حد استطاع المغرب تطبيق حقوق الطفل كما هي متعارف عليها دوليا؟

وانسجاما والاشكالية الرئيسية وحتى يستقيم البحث في تمفصلاته المحورية الكبرى رأينا ضرورة الاجابة على التساؤلات الضمنية التالية:

ما هي أهم الصكوك الدولية التي تعترف للطفل بحقوقه؟ وما هي الآليات الدولية التي تسهر على حماية حقوق الطفل؟ ثم ما هي أهم حقوق الطفل في القوانين المغربية ؟ ومن أجل تطبيق هذه الحقوق على أرض الواقع كان لا بد من توفر مجموعة من الآليات الوطنية التي تكفل للطفل حقوقه بالمغرب إذن ما هي هذه الآليات التي تسهر على حماية حقوق الطفل بالمغرب؟ ونظرا للإشكالات التي يتعرض لها الطفل، كان لا بد من التساؤل عن واقع حقوق الطفل بالمغرب؟ وما هي الأفاق المستقبلية المعتمدة لحماية حقوق هاته الفئة في ظل التحديات التي تعيشها الطفولة المغربية؟

المنهج المعتمد في البحث:

للإجابة على كل هذه الإشكالات والاشكالية المركزية اعتمدنا في إطار تحليلنا لموضوع البحث كان لا بد، ووفقا لشروط البحث العلمي أن نستعين بالمنهج كطريق يتعين علينا اتباعه، على كل من المنهج القانوني والمؤسسي، من أجل الوقوف على دراسة أهم الحقوق المقررة للطفل بموجب المواثيق الدولية والوطنية وكذا دراسة أهم المؤسسات التي تسهر على ضمان حماية حقوق الطفل، ومن أجل تحليل هذه الحقوق المقررة للطفل، اعتمدنا على المنهج التحليلي للوقوف على مدى تطبيق هذه الحقوق على المستوى الوطنى، بمعنى آخر أنه إذا كان الطفل يتمتع بهذا الكم الهائل من الحقوق، هل يعتبر هذا كافيا للحفاظ عليه من جميع الإنتهاكات التي قد تعوقه والتي تحول دون تمتعه ببعض من حقوقه.

وللإحاطة بكل ما سبق عملنا على تقسيم هذا الموضوع إلى فصلين:

الفصل الأول: النظام القانوني الدولي لحقوق الطفل وآليات الحماية الدولية

المبحث الأول: الصكوك الدولية العامة والخاصة بحقوق الطفل
المطلب الأول: حقوق الطفل ضمن الاتفاقيات العامة
المطلب الثاني: حقوق الطفل ضمن الاتفاقيات الخاصة

المبحث الثاني: الآليات الدولية لحماية حقوق الطفل
المطلب الثاني: الحماية الإقليمية لحقوق الطفل
المطلب الأول: الهيئات الدولية المعنية بحماية حقوق الطفل

الفصل الثاني: حقوق الطفل في التشريع المغربي وآفاق الحماية الوطنية للطفل

المبحث الأول: الوضعية القانونية لحقوق الطفل بالمغرب
المطلب الأول: حقوق الطفل في القانون الداخلي المغربي
المطلب الثاني: المغرب والاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل

المبحث الثاني: المؤسسات الوطنية وآفاق الحماية الوطنية لحقوق الطفل
المطلب ألأول الهيئات الحكومية والمؤسسات الوطنية المعنية بالطفل
المطلب الثاني: حقوق الطفل بالمغرب الواقع والرهانات المستقبلية

وشكرا

الهوامش
– محمد يوسف علوان و محمد خليل الموسي، القانون الدولي لحقوق الإنسان الحقوق الحقوق المحمية الجزء الثاني، دار[1]
الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2009، ص 532.
– نجوى علي عتيقة، حقوق الطفل في القانون الدولي، دار المستقبل العربي، القاهرة، 1995، ص 22. [2]
– محمد البزاز، حقوق الإنسان، مطبعة سجلماسة، مكناس، 2012، ص 8.[3]
– علاء قاعود، الشرعية الدولية لحقوق الطفل، مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، المغرب، 2010، ص 45.[4]
– فاطمة شحاتة أحمد زيدان، مركز الطفل في القانون الدولي العام، دار الخدمات الجامعية، الدار البيضاء، 2004، ص 28.[5]

إغلاق