دراسات قانونية

بحث ودراسة قانونية حول المقابل في جريمة الرشوة

الأستاذ خالد عواينية
محامي لدى محكمة التعقيب
سيدي بوزيد
تونس

مـقـدمة :

الرشوة عجلت بسقوط رأس و رمز النظام في تونس والرشوة تسببت في حدوث أعتى الاضطرابات وأشدها بالمغرب الأقصى والرشوة كانت السبب المباشر في سقوط نظام الشاه في ايران والرشوة كانت السبب في اقالة رئيس الوزراء المصري آنداك اسماعيل صدقي بسبب تلقيه لرشوة قدرت بـ322 ألف دولار أمريكي من شركة وستنجهاوس الأمريكية مقابل عقد لشركة أمريكية مع مصر لتزويدها بمعدات المحطات الكهربائية. والرشوة أيضا كانت السبب في حدوث العديد من المظاهرات في اليابان اد اجبر رئيس الوزراء الياباني على تقديم استقالته بسبب تلقيه لرشاوى قدمتها الشركة الأميركية لوكهايد مقابل صفقة تجارية مع دولة اليابان (1).
وجريمة الرشوة أيضا تسببت في احداث العديد من التغييرات بالحكومة الإيطالية والفرنسية الى حد جعل المشرع الفرنسي يسن قانونا خاصا لمكافحة هده الظاهرة وهو القانون عدد 122 المؤرخ في 29 جانفي كما تم احداث هيكل خاص وهو S.C.P.C : Service Central de Prevention de la Corruption(2).

العالم ادا بشرقة وغربه بشماله وجنوبه يعرف هده الجريمة الظاهرة التي أصبحت تؤرق الحكومات وأصبحت مكافحة هده الظاهرة من متعلقات البرامج الإنتخابية التي تراهن عليها الأحزاب والمترشحون للرئاسة وبصفة عامة كل من يرغب في قيادة سفينة المجتمعات فمكافحة هده الظاهرة والتصدي لها أصبح من صميم العمل السياسي ومن برامج الدولة كجهاز ادارة (3).الكلام عن الرشوة يجعل دهن باحث ودارس القانون يتبادر اليه احد أحد المسائل التالية : الرشوة هي ظاهرة والرشوة هي مقابل يقدمه الراشي للمرتشي والرشوة جريمة لها نظامها وميكانيزماتها الخاصة بها التي تختلف عن كل وسائر الجرائم الأخرى .والتعاطي مع الرشوة في هده الحالة –أو الحالات – يتطلب اعمال أكثر من منهج في البحث فدراسة هده الجريمة الظاهرة تفترض استعمال مناهج العلوم الإجتماعية والعلوم السياسية الحديثة وعلوم التاريخ .
ونتناول هدا الموضوع لما له من أهمية فالرشوة أصبحت مرضا اجتماعيا خطيرا (4)من شأنه أن يدخل الفساد والإضطراب في الحياة الإدارية فيفقد الأفراد الثقة بالمهمة التي أودعتها الدولة بين أيدي الموظفين الدين يعيشون في مناخ وظروف معينة قد تفرض عليهم الخروج على المبادئ التي يخضعون اليها (5) اد يمكن لكل راش تحقيق مصالحه بأقصر وأيسر السبل على حساب مصلحة المجموعة وهدا من شأنه أيضا ان يتسبب في خلق فئات اجتماعية وسلوك اجتماعي لدى الموظفين العموميين يقوم على الرغبة في تحقيق الثراء السريع عن طريق الإرتشاء (6).
_____________________________________________________________________________
1- أحمد أجوييد )جريمة رشوة الموظف العمومي في التشريع المغربي (ص 22 وما يليها تقديم الدكتور أحمد الخمليشي –دار الرشاد الحديثة – 98 شارع فيكتور هيكو – الدار البيضاء .
2- Roger Merlé-André Vitu : (Traité De Droit Criminel : Droit Pénal Spécial)
3- *Mireille Delmas –Marty et Stéfano Manacorda 🙁 La Corruption : Un Défi Pour L’état De Droit et La societé Démocratique) In rev Sc crim page 696 et suivant N°3- Juillet/septembre 1997 .
*Fred Kuperman (La Corruption Dans La republique ) revue Pouvoir N°31page 5 suivant 1984 – Numero spécial sur la corruption-
4- * Amel Aouij-Mrad : ( bréves reflexions sur la corruption dans certains corps de fonctionnaires ) page 59 rev de sc juridiques economique et de gestion de sousse N°1 Juin 1997
*hyacinthe Sarassoro (La Corruption des Fonctionnaires en Afrique : Etude de Droit Pénal Comparé ) Préface De Georges Levasseur –Ouvrage Honoré D’une Subvention De La Felix Houphouet – Economica. 49 rue hericart. 75015 Paris 1980
5-من أهمها مبدأ الحياد والنزاهة من دلك الفصل 5 من القانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرخ في 12 ديسمبر لسنة 1983 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات العمومية والمحلية والمؤسسات العمومية دات الصبغة الإدارية وكدلك الفصل 5 من القانون عدد 46 لسنة 1995 المؤرخ في 15 ماي 1995 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الديوانة والفصلين 6و18 من القانون عدد 70 لسنة 1982 المؤرخ في 6 أوت 1982 المتعلق بضبط القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي والفصل 5 من القانون عدد 71 لسنة 1997 المؤرخ في 11 نوفمبر 1997 المتعلق بالمصفين والمؤتمنين العدليين وأمناء الفلسة والمتصرفين القضائيين والفصل 7 من المرسوم عدد 6 لسنة 1970 المؤرخ في 29 سبتمبر لسنة 1970 والفصل 39 القانون المؤرخ في 23 ماي لسنة 1994 المتعلق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد ……………….
6- Chelly-Khemais (L’agent Public et L’argent) Mémoire Pour L’obtention Du Diplôme D’études Approfondue en droit public sous la direction du professur ben salah hafedh 1996/1997

وتبرز أهمية دراسة الرشوة على المستوى الاجتماعي من خلال مساهمتها في انتفاء العدل والعدالة بين المواطنين فهي تعني في أبسط معانيها التفرقة الظالمة بين المواطنين فمن كانت له القدرة على دفع المقابل تؤدى لمصلحته الأعمال الوظيفية ومن لا يستطيع لعدم القدرة أو تعففا تهدم حقوقه ومصالحه فلا يصل في النهاية الا بشق الأنفس ان بقي له نفس فقد ييأس .وعلى المستوى الاقتصادي فان هده الجريمة تساهم في فقدان توازن القطاعات الصناعية والفلاحية والتجارية وخاصة قطاع الخدمات ضرورة ان الارتشاء سيخرج بالضرورة هده القطاعات عن الأهداف المرسومة لها من الدولة (1).

اما على المستوى السياسي فالرشوة تعتبر سببا في زعزعة جهاز الإدارة وبالتالي زعزعة وتقويض المجتمع فجريمة الرشوة لها وزنها السياسي وتأثيرها القوي على النظام الذي تتفشى فيه أيا كانت الرايات والمساحيق التي يضعها النظام دلك ان كثيرا من التغييرات السياسية و الانقلابات العسكرية التي عرفتها بعض دول العالم سببها المباشر الرشوة بل ان الرشوة ليست حكرا على دول العالم المتخلف بل عرفتها بعض الدول الأوروبية المصنفة ضمن الدول المتقدمة(2).
ان جريمة الرشوة هي عبارة على اتفاق (عقد) بين طرفين اثنين : راش ومرتشي أو العكس : مرتشي وراشي وحجج دلك هي العبارات التي تضمنها الفصل 83 و85 م ج فالفصل 83 م ج ورد به كل موظف عمومي أوشبهه يقبل …

أما الفصل 85 م ج فقد نص : ادا قبل الموظف العمومي أو شبهه …فالقبول ادا يفترض ايجابا قبل دلك (offre/ acceptation) ألا يدكرنا هدا بمجلس العقد المنصوص عليه صلب الفصل 27 م ا ع فهده الجريمة تتطلب توافقا واتفاقا بين طرفين على الأقل فان كان العارض هو الموظف البادئ فان دلك يطلق عليه في المجلة الجنائية ارتشاءا وان كان القابل هو الموظف فان دلك يسمى ارشاءا (3).
وبقطع النظر عن المشكلات القانونية التي من الممكن ان تثور حول طبيعة هده الجريمة وتصنيفها وحول القبول : -قبول الموظف العمومي للمقابل وماسيقدمه من عمل او امتناع عن عمل- وشكل ذلك القبول ومظاهر هداالقبول وأساس ذلك .المقابل اذا هو موضوع وجوهر هدا الإتفاق(العقد) فهو منفعة متبادلة ومتقابلة بين طرفي الجريمة .
للمقابل مدلول مزدوج في جريمة الرشوة ، فالرشوة في صورتها الاصلية عبارة عن اخذ و عطاء ، فالموظف يأخذ من صاحب المصلحة عطية او يقبل الوعد بها ليقدم له عملا من اعمال الوظيفة او امتناعا او اخلالا بواجبات الوظيفة .

و لكن الاشكال الذي من الممكن ان ينبثق يتعلق بمعرفة طبيعة المقابل فهل يشترط ان يكون ماديا ام ان المنفعة غير المادية تمثل مقابلا تتوفر به الجريمة ؟ بل اكثر من هذا هل يشترط توافر قدر من التناسب (4) الموضوعي او المادي بين المقابل كموضوع لجريمة الرشوة – ارشاء او ارتشاء – و بين الغاية منه و هي العمل او الامتناع المطلوب .
ان القانون لا يشترط تناسب قيمة العطية مع العمل المطلوب من الموظف بل المهم ان تستهدف الغاية او الغرض من الرشوة فان انعدمت تلك الغاية كان يقع تقديم العطية على سبيل المجاملة دون استهداف لعمل يقوم به الموظف فان الجريمة لا تقوم ، و هذه الحالة لا تقوم على الارتشاء اللاحق الوارد صلب الفصل 85 م ج و الذي يتميز بوجوب توفر الركن القصدي .
ان قراءة متمعنة للفصول المتعلقة بالرشوة يلاحظ ان المشرع فرق بين المقابل الذي يقدمه الراشي ( مبحث أول ) و بين المقابل الذي يقدمه المرتشي ( مبحث ثاني ) .

1- Jean cartier Bresson (Corruption , Economie et Démocratie ) page 17 et suivant In Problemes économiques page 24 et suivant – L’économie de la corruption – In Recherches : democratie et corruption en europe sous la direction de Donatelle della porta etYves Merry . editions la decouverte
2- * Alberto Vannucci (mafia et corruption en Italie ) In– In Recherches : democratie et corruption en europe opt cit page 83 et suivant
*Wolfgang Seibel (La Corruption En Allemagne) – In Recherches : democratie et corruption en europe opt cit page 83 et suivant .
3- خالد عواينية : )جريمة الرشوة( مدكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في العلوم الجنائية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس بإشراف الأستاذ ساسي بن حليمة 1998/1999 ص وما يليها .
4-رمسيس بهنام )االوسيط في شرح قانون العقوبات :لقسم الخاص( منشأة المعارف بالإسكندريةص 144 و 145 يقول ان هدا التناسب يفترضه مفهوم المقابل فلا يعد مقابلا تقديم قطعة حلوى أو مشروب للموظف .

المبحث الأول: المقابل الذي يقدمه الراشي :

يقدم الراشي للمرتشي : عطايا او وعودا بالعطايا أو منافع كيفما كانت طبيعتها أو هدايا وهي تمثل المقابل الدي يقدمه الراشي (1) . وما يلاحظ هو أن المشرع قد توسع في أنواع المقابل موضع السلوك والنشاط الإجرامي مقارنة بما كانت عليه النصوص قبل تنقيح 23 ماي 1998 هذا التوسع له ما يبرره لان العرف الاجتماعي يطلق على الرشوة الحقيقية اوصافا و تسميات لا يظهر فيها صراحة تعبير الرشوة ( ” الجعالة ” في تونس و ”البقشيش ” في مصر ) .
و لدراسة هذا المقابل يتجه التمييز بين المقابل المالي ( فقرة أولى) و بين المقابل غير المالي ( فقرة ثانية ) .

الفقرة الأولى : المقابل المالي :

هو الذي من الممكن ترجمته نقديا او على الاقل القابل للتقدير المالي فالمقابل المالي حسب هذا المنظور يكون اما ماليا و محدد نقديا (أ-) او انه مقابل مالي غير مضبوط نقديا لكن من الممكن ان يكون تحديده ( ب-) .

أ‌-: المقابل المالي المحدد نقديا :

لمعرفة هذا النوع من المقابل الذي يقدمه الراشي يتجه معرفة انواعه ( 1) ثم معرفة كيفية تقديمه ( 2).
1-انواعـــه : ان الامثلة التي سيقع سردها هي على سبيل الذكر فقط و تقتصر على اهم انوعه :
-النقود : و هي المثل الرائج في المقابل الذي يقدمه الراشي و من الممكن ان يكون في شكل اوراق نقدية او قطعا نقدية (2) و هذه الصورة الاخيرة صورة نادرة لكنها ممكنة نظريا فقطعة الخمس مليمات لا تخرج عن اطار القطعة النقدية . و لهذا الصنف اهمية بارزة لا سيما على مستوى الاثبات حيث يتم تغيير الاوراق النقدية الى قطع نقدية او العكس .
– الاوراق التجارية : هي سندات قابلة للتداول تمثل دينا نقديا مستحق الدفع بمجرد الاطلاع عليه (3) و تتمثل في تقديم شيك او كمبيالة او سند لأمر يقع صرفه لفائدة المرتشي كما يمكن ان يتجسد هذا المقابل في التنازل عن دين او سداد دين المرتشي لمصلحة دائن له (4) كما يمكن ان يتمثل في اسهم في راس مال شركة او فتح اعتماد لمصلحة المرتشي .

2- تقديمه :
قد يكون تقديمه ظاهرا او مقنعا كاشتراء الموظف من صاحب المصلحة عقارا باقل من قيمته الحقيقية و ذلك بواسطة البيع الصوري – و هو بيع صحيح – .
ان تقديم المقابل النقدي قد يكون مباشرة – من الراشي الى المرتشي – و ذلك بواسطة التسليم المباشر كان ياخذ معه ظرفا يحتوي على اوراق نقدية و يقدمه له في مكتبه او شيكا مسحوبا لفائدته في مقر عمله او من الممكن ان يقع تسليم هذه النقود الى زوجته او احد اقاربه و هو من انواع التسليم الغير المباشر على ان التقديم قد ياخذ شكلا اخر و هو التحويل اذا كنا بصدد الاوراق التجارية قيقع تحويل تحويل المبالغ المالية في حساب الموظف المرتشي .

و تتعدد اشكال التقديم و تختلف باختلاف نوع النقود التي سيحصل عليها المرتشي ، و يثير التقديم جملة من المشاكل القانونية تتعلق خاصة باثبات الرشوة، و بقطع النظر عن التلبس أي ضبط الموظف العمومي و هو يتسلم الظرف او تصوير الاوراق النقدية التي سيقع تقديمها له و التي قد تشكل حجة لادانة الموظف العمومي و بصفة عامة فان تقديم الرشوة عادة ما يتم خارج مكان العمل حتى يقع تفادي التلبس بالجرم ..

1- لقد اعتمد المشرع في الفصول 83و 85 و 87 و 87 مكرر و 91 م ج ( جديد ) عبارات تترجم المقابل و هي : العطايا و الوعود بالعطايا و الهدايا و المنافع كيفما كانت.
2- *Cass crim 30 juin 1955 –bull crim ;N°330 ;D.1955 p655
*cass crim 06 fev1969 –bull crim ; N°67 Rev sc crim 1969 p 871

3- الطيب اللومي ” الوسيط في الاوراق التجارية في التشريع التونسي ” ص 11 مركز الدراسات و البحوث و النشر
4- Cass crim 07 sept 1935 : gaz palais 1935 ,2, p 694

.ب -: المـــقابل غــير المحدد نقديا :

هذا النوع من المقابل على الرغم من عدم تحديده نقديا الا انه يجوز تقديره – نقديا – و يجوز التعامل فيه (1) كما يمكن ان يكون قابلا للتقويم النقدي و لكن لا يجوز التعامل فيه (2) .

1- المقابل غير المحدد نقديا والدي يجوز التعامل فيه :
يمكن ان يكون متعلق الرشوة اشياء مادية تشمل الذهب و الفضة و الاحجار و الحلي الثمينة و سائر الامتعة و الملابس و اجمالا كل شيء ذي قيمة كبر ام صغر عقارا ام منقولا كما يمكن ان يكون سلعا .
و قد اعتبرت محكمة التعقيب الفرنسية ان تقديم قطعا من الخشب لغرض التدفئة (1) تمثل مقابلا يمكن ان يكون موضوع مقابل يقدمه الراشي للمرتشي ، و ما يلاحظ في خصوص هذا المقابل انه يمكن ان تتم ترجمته نقديا و ماليا .

2- المقابل غير المحدد نقديا والدي لا يجوز التعامل فيه : المعيار هنا هو معيار تشريعي فما لا يجوز التعامل فيه هو ما يمنع تداوله فما يمنع بيعه و ما يمنع تداوله كالمخدرات و السلع المهربة و اشياء مسروقة (2) او شيكا بدون رصيد .ان هذه الاشياء على الرغم من منع تداولها و التعامل فيها فانها تمثل مقابلا في الرشوة لان الغرض من التجريم ليس في مشروعية المقابل بل فيما يضمره طرفي الرشوة (3) .

الفقرة الثانية : المقابل المعنوي :

ان المقابل في هذه الحالة لا يكون ماديا اي لا يكون محسوسا و لا يمكن حيازته و هذا التصنيف من الممكن استنتاجه من بعض العبارات التي وردت في النصوص المتعلقة بالرشوة على غرار ” المنافع ” ان المقابل المعنوي يمكن ان يكون قابلا للتقدير المالي و ذلك في خصوص بعض الانواع من المنافع (1-) على ان البعض الاخر من انواع المقابل المعنوي قد يثير اشكاليات في خصوص تقديرها المالي ( 2-) .

1- المقابل المعنوي القابل للتقدير المالي :

قد يكون المقابل الذي يقدمه الراشي للمرتشي خدمات قابلة للتقييم بالنقود كتقديم تذكرة سفر او اجراء عملية جراحية لفائدة المرتشي او للشخص الذي يعينه او دعوته لقضاء سهرة في فندق او الاقامة به لمدة معينة ان صور المقابل المعنوي تتسع لجميع الحالات التي فيها وضع المرتشي افضل من ذي قبل نتيجة لسعي الراشي وهذا ما يتلائم مع نية المشرع في توسيع التجريم.فمنح الغير امتيازا لا حق له فيه مثلما اشار إلى ذلك الفصل 87 م.ج:وذلك بارتكاب عمل مخالف للاحكام التشريعية الترتيبية الضامنة لحرية المشاركة ولتكافئ الفرص في الصفقات التي تبرمها المؤسسات العمومية والمنشات العمومية والدواوين والجماعات المحلية والشركات التي تساهم الدولة او الجماعات المحلية في راس مالها بصفة مباشرة او غير مباشرة يمكن ان يترجم ماليا وهذا ما حدى بالمشرع كي يتدخل ضرورة ان الصفقات العمومية عبارة عن سوق له دورة البارز في الحياة الاقتصادية(4).

ان المقابل المعنوي القابل للتقدير المادي على السعة بمكان بحيث لا يمكن حصره في قائمة محددة و مضبوطة و يبقى الامر خاضعا لاجتهاد محاكم الاصل شرط التعليل المستساغ ان المقابل المعنوي القابل للتقدير المالي لا يثير اشكاليات قانونية معقدة و ذلك بحكم امكانية التقدير المالي له ذلك خلافا للمقابل المعنوي غير القابل للتقدير المالي .

2 – المقابل المعنوي غير القابل للتقدير المالي :

لقد ورد بالنصوص المتعلقة بجريمة الرشوة عبارة ” او منافع كيفما كانت ” و لئن كانت المنافع او العطايا القابلة للتقدير المالي لا يثير اشكالات بحكم امكانية دمجها صلب المجلة الجنائية الا ان الاشكال الذي يثور هو المرتبط بالمقابل المعنوي غير القابل للتقدير المالي . و المثل الذي من الممكن ان نسوقه هو الاتصال الجنسي فهل ان تمكين امراة نفسها لموظف عمومي للقيام بعمل معين او امتناع عنه يشكل مقابلا ؟ ثم هل ان الاتصال الجنسي قابل للتقييم المالي ؟

cass crim 07 janv 1808 : bull crim N°3 -1
2-cass crim 13 decmbre 1945 : bull . crim ; N° 145 . J . C . p ,ed .G IV page 17
3-جندي عبد الملك :الموسوعة الجنائية :الجزء الرابع –مطبعة الإعتماد بشارع الحسن الأكبر بمصر-1941ص 19
Fethi Jamaa (Les Marchés De Travaux Publics ) ENA – CERA-il écrit :les marchés de 4–travaux publics constituent un outil privilige au service du développement economique.

للاجابة عن هذا السؤال هناك تياران تختلف اجابتهما :

– التيار الاول : يرى انصار هذا التيار ان الموظف الذي يواقع امراة مقابل قيامه بعمل او امتناع عنه فانه لا يجني من وراء ذلك فائدة قابلة للتقييم بمال اضافة لذلك فان هذه المواقعة حتى و ان اعتبرت فائدة فانها تكون مشتركة بين الطرفين ( الراشية و المرتشى) ، و بذلك لا تتحقق تلك الفائدة التي تعود على جانب واحد هو جانب الموظف ذلك ان الفائدة المتطلبة قانونا تتصرف الى المزايا المالية او الشخصية (1) ، و بذلك فان المواقعة لا تكون رشوة الا اذا كانت قابلة للتقويم بالمال كان يواقع الموظف مومسا و تعفيه من دفع نظيرا المتعة مقابل ان يقضي لها حاجتها من اعمال وظيفته .

– التيار الثاني : يرى مساندو هذا التيار ان المواقعة الجنسية رشوة خاصة و ان المشرع لم يحدد نوع معين من الاشياء بل ترك امرها للاجتهاد المطلق و هذا الراي له انصاره (2) كما تبناه فقه القضاء المصري (3) .

و على الرغم من عدم وجود فقه قضاء تونسي منشور حول هذه المسالة فانه يبدو ان نية المشرع تتجه نحو الاخذ بالطبيعة المعنوية للمقابل نظرا لشمولية العبارات المستعملة و التي تؤكد الاتجاه الذي يقوم على التوسيع في التجريم و التي تستنتج من خلال عبارة ” منافع كيفما كانت ” ، فجدير بالقضاء التونسي ان ياخذ به و يتبناه في حالة ما اذا اتيحت له الفرصة لينظر في مثل هذه القضايا لان الاتجار بالوظيفة في كل الاحوال قد حصل اضافة الى كون المشرع قد نص على اية فائدة من اي نوع كان و لذلك يصح ادخال المواقعة الجنسية تحت مفهومها .

اما فقه القضاء الفرنسي فقد اعتبرت محكمة التعقيب انه لا جريمة اذا جريمة اذا تمثل المقابل في تحقيق منفعة ذاتية او الانتقام (4) و اعتبر الفقهاء ترتيبيا على ذلك ان المنفعة المعنوية البحتة لا تشكل المقابل الضروري لقيام الجريمة غير ان هذا الموقف لا يمثل اجماع الفقه (5) .

المبحث الثاني :المقابل الذي يقدمه المرتشي :

يتضح من الفصول 83 م ج و ما بعده الارتباط الغائي بين ما يحصل عليه المرتشي و ما يلتزم به ، أي التقابل بين المقابل الذي تلقاه المرتشي او الذي سيتلقاه من الراشي و بين العمل الوظيفي الدي سيتولاه.و يعني ذلك ان تقوم بين الموظف و صاحب صلة مقايضة محلها العمل الوظيفي الذي يؤتمن عليه الموظف و الثمن الذي يملكه صاحب المصلحة فيتحول العمل الوظيفي بهذه الصورة الى سلطة تؤدي الى من يدفع ثمنها (6) .
ان المشرع في الفصل 83 م ج ( جديد) (7) قد توسع في تحديد انواع الاعمال الوظيفية التي قد تشكل مقابلا للرشوة فقد ورد به ” ……لفعل امر من علائق وظيفته و لو كان حقا لكن لا يستوجب مقابلا عليه او لتسهيل انجاز امر مرتبط بخصائص وظيفته او للامتناع عن انجاز امر كان من الواجب القيام به … ”
كما جاء بالفصل 87 م ج مكرر ” … لمنح الغير امتيازا لا حق له فيه و ذلك بمقتضى عمل مخالف للاحكام التشريعية الضامنة لحرية المشاركة و لتكافؤ الفرص في الصفقات التي تبرمها المؤسسات العمومية … بدعوى الحصول على حقوق او امتيازات لفائدة الغير و لو كانت حقا …” .
ان هذه الافعال –على اتساعها – تشكل مقابلا يقدمه المرتشي لفائدة الراشي .
و لمعرفتها يتجه الوقوف عندها بالتحليل و التمييز بين الافعال الايجابية أي اداء عمل من اعمال الوظيفية (فقرة أولى) و بين الافعال السلبية أي الامتناع عن اداء اعمال وظيفية (فقرة ثانية ) .

1- مأمون محمد سلامة : قانون العقوبات القسم الخاض الجرائم المضرة بالمصلحة العامة دار الفكر العربي 1980/1981ص 159
2- أحمد فتحي سرور: الوسيط في شرح قانون العقوبات / القسم الخاص طبعة 1972 – دار النهضة العربية ص 144
3- انظر حكم المحكمة العليا العسكرية بالإسكندرية التي آخذت شخصين بجريمة الرشوة مقابل ما كانا يحصلان عليه من ملذات ومتع جنسية – حكم أشار اليه رمسيس بهنام (مرجع سابق ص 30).
4- Cass crim 14 octobre 1975 . bull crim 1975 page 214
5- Roger Merlé-André Vitu : (Traité De Droit Criminel : Droit Pénal Spécial) I N F RA page 291
6- فتوح عبد الله الشاذلي :الجرائم المضرة بالمصلحة العامة في القانون المصري– الطبعة الأولى 1991 – المكتب الجامعي الحديث ص 66
7- تجدر الإشارة الى أن الفصل 83 قبل تنقيحه كان يقتصر على عبارة : لفعل أمر من علائق وظيفته ولو كان حقا لكن لا يستوجب الأجر عليه …وهو ما يوحي أن المشرع كان متبنيا للوجه الإيجابي فقط للعمل الوظيفي .

الفقرة الأولى : أداء عمل من أعمال الوظيفة :

ان الاعمال الوظيفية كموضوع للمقابل الذي يقدمه المرتشي اما ان تكون داخلة في اختصاص الموظف العمومي (أ) او انها اعمال غير داخلة في اختصاص الموظف العمومي(ب) .

أ: أداء عمل داخل في اختصاص الموظف العمومي :
يقصد باعمال الوظيفة تلك الاعمال التي تتطلبها المباشرة الطبيعية للوظيفة سواء تمثلت في القيام باعمال قانونية او تصرفات مادية و لا يشترط ان يتمثل العمل الوظيفي في عمل واحد كما تشير اليه ظاهر النصوص بل قد يتمثل في سلسلة من الاعمال و لو تلقى الموظف مقابلا واحدا لقاء القيام بها جميعا .
و قد نفطن المشرع الى هذا الامر فاورد عبارات تدل على هذا التوجه على غرار ذكر عبارات لها علاقة به ، اذ ورد بالفصل 83 م ج ” …. لفعل أمر من علائق الوظيفة … او لتسهيل انجاز امر … ” .
ان اداء عمل تقتضيه واجبات الوظيفة قد يكون داخلا تحت طائلة الاختصاص المباشر للموظف العمومي (1) او انها اعمال داخلة تحت طائلة الاختصاص غير المباشر للموظف العمومي ( 2) .

1 الإختصاص المباشر للموظف العمومي :

يفترض الاختصاص المباشر ان المرتشي موظف في خصوص العمل الوظيفي الذي تلقى المقابل نظير القيام به ، و لا يتحقق هذا المعنى الا اذا كان الموظف مختصا بهذا العمل .
و يضاف الى ذلك ان الرشوة في جوهرها هي اتجار بالعمل الوظيفي و هذا المعنى يفترض بذاته قدرة الموظف على تقديم الخدمة الى من يؤدي له المقابل ، و ان لم يقم بذلك فعلا بيد ان هذا يتطلب ان يكون المرتشي مختصا بالعمل الوظيفي من حيث الاصل .
فالاختصاص المباشر هو سلطة مباشرة العمل او الصلاحية للقيام بعمل معين على غرار الموظف المكلف بالمصادقة على القروض او قاضي في مادة معينة …
و تحدد القوانين و القوانين الاساسية و المذكرات – على غرار مذكرات توزيع العمل بالنسبة للمحاكم والتي تقدم في بداية كل سنة قضائية – و اللوائح ما يدخل في اختصاص كل موظف كما ان هذه القوانين و المذكرات قد تفوض للرؤساء الاداريين في تحديد اختصاص الموظفين الذي يتبعونهم و يعني ذلك ان المشرع قد يحدد الاختصاص بالعمل مباشرة او بصورة غير مباشرة .

2- الاختصاص غير المباشر للموظف العمومي :

ليس من الضروري ان يكون العمل الذي يطلب من الموظف القيام به داخلا مباشرة في حدود وظيفته بحيث يكون له اصدار القرار اللازم بشانه و انما يكفي ان تكون له علاقة بالعمل الوظيفي و لو كانت غير مباشرة ، كما لو اقتصر دوره على ابداء راي استشاري يحتمل او يؤثر على من بيده اتخاذ هذا القرار .

فتقديم الرشوة الى كاتب محكمة كي يسعى الى تاجيل النظر في دعوى معروضة عليه يعد مرتكبا لجريمة الارتشاء على الرغم من ان التاجيل ليس من اختصاص الكاتب بل من اختصاص القاضي ، لان علاقة الكاتب بالقاضي تجعل في وسعه ان يؤثر عليه بما يقتضيه من اسباب تبرر التاجيل اذ هو الذي يباشر الاجراءات التي يتوقف عليها التاجيل او عدمه . و نفس الامر ينطبق على الموظف الذي يعيد ترتيب الملفات لياخذ ملف الراشي مرتبة متقدمة مقارنة بتاريخ تقديمه لينظر فيه موظف اعلى منه درجة كمدير بنك مثلا .
و جدير بالذكر ان توافر عنصر الاختصاص بالعمل الذي قدمت الرشوة من اجله هو من المسائل التي يختص بها قاضي الموضوع دون رقابة عليه ، و قد اضاف بعضهم انه يجب على المحكمة ان تشير في حكمها بالادانة الى توافر عنصر الاختصاص بالعمل و الا كان حكمها قاصر البيان .

ب – أداء عمل غير داخل في اختصاص الموظف العمومي :

و يعني ذلك انتفاء اختصاص الموظف بالعمل او الامتناع الذي يتلقى المقابل من اجل القيام به او الامتناع عنه ، فالموظف غير المختص و الذي يزعم رغم ذلك اختصاصه بعمل معين و يتلقى من صاحب المصلحة مقابلا نظير ايهامه باداء هذا العمل لا يعتبر مرتشيا بل متحيلا .

و هذا يتطلب ادعاء بالاختصاص بالعمل و لابد ان يصدر الزعم فعلا عن الموظف و يكفي لذلك القول المجرد دون اشتراط مظاهر و وسائل احتيالية مستقلة تدعم هذا الزعم كما لا يشترط ان يصرح الموظف باختصاصه ، و انما يكفي ان يكون الادعاء ضمنيا يستفاد من ابداء الموظف استعداده للقيام بالعمل الذي لا يدخل في دائرة اختصاصه او من اتخاذه موقفا لا يدع مجالا للشك في دلالته على حصول الزعم بالاختصاص .
فاذا لم يصدر عنه هذا النشاط – عدم الادعاء – صراحة او ضمنا فلا تقوم الجريمة .
ان اداء عمل غير داخل في الاختصاص الوظيفي للموظف العمومي هو من واجبات الموظف العام و لذلك فهو يكفي لتحقق جريمة الرشوة اي كان تاثيره في اعتقاد الراشي فيستوي ان يصدقه او ان يكتشف عدم صفته و يرفض الاستجابة الى طلب الرشوة من جانب الموظف .
و يلزم لاعتبار عمل غير داخل في اختصاص الموظف مقابلا ان يكون هناك قدر من الصلة بين ما يطلبه صاحب المصلحة و بين الاعمال التي يختص بها الموظف فعلا اي ان تكون هناك صلة بين ما يزعمه الموظف و بين يختص به فعلا ، فهو من هذا المنظور يعد مختصا حكميا (1) .

و تجدر الاشارة الى ان عدم اختصاص الموظف العمومي بعمله الوظيفي يختلف عن انتحال الصفة ، فزعم الاختصاص الذي تنتفي بينه و بين الوظيفة و كل صلة فلا يكفي لتوفر جريمة الرشوة و ان امكن قيام جريمة التحيل في صورة انتحال الجاني لصفة غير حقيقية .

الفقرة الثانية : الإمتناع عن أداء العمل الوظيفي :

قد يكون العمل المطلوب من الموظف امتناعا ، و يستوي ان يكون الامتناع مشروعا او غير مشروع طالما تلقى الموظف مقابلا لهذا الامتناع .
و قد ادخل المشرع التونسي بالتنقيح الجديد الجانب السلبي للعمل الوظيفي بقوله في الفصل 83 م ج ” …. او للامتناع عن انجاز امر كان من الواجب القيام به … ” .

ان صياغة الفصل 83 م ج جاءت واضحة بل دقيقة ضرورة انها ربطت فعل الامتناع بالواجب و هو ما يعني ان الامتناع عن القيام بعمل وظيفي غير الواجب عن الموظف لا يشكل جريمة من جانبه رغم تلقيه لمقابل من الراشي .

و لكن قد لا يكون العمل الوظيفي واجبا على الموظف و انما تكون له سلطة تقديرية في القيام به او الامتناع عنه ، فاذا امتنع عن العمل استعمالا لسلطته التقديرية في حدود القواعد المنظمة للاستعمال تلك السلطة فانه يحال على جريمة الارتشاء نظيرا ما تلقاه من مقابل .

ان السلوك الاجرامي المطلوب من المرتشي هو الاخلال بالواجبات الوظيفية وذلك عند اداء عمل مخالف للقانون او الامتناع عن اداء عمل يفرضه القانون .
ان الامتناع هو فعل ارادي تتجه به ارادة المرتشى نحو الاخلال بالواجبات الوظيفية و ذلك عند اداء عمل مخالف للقانون او الامتناع عن اداء عمل يفرضه القانون .
ان الامتناع هو فعل ارادي تتجه به ارادة المرتشي نحو الاخلال بالواجبات الوظيفية نتيجة مقابل تلقاه من الراشي و على هذا الاساس يتجه التمييز بين الامتناع غير المخل بالوجبات الوظيفية (أ-) وبين

الامتناع المخل بالواجبات الوظيفية (ب-)

.أ : الأمتناع غير المخل بالواجبات الوظيفية :

ان امتناع الموظف عن العمل الوظيفي في هذه الحالة يكون على اساس استعمال السلطة التقديرية – في حدود القواعد المنظمة لها – و لكن استعمالها من الموظف بالامتناع عن العمل بشكل تعسفي قد يكون اساسا للارتشاء ، و على الرغم من كونه غير مخل بواجباته الوظيفية الا انه يستهدف المصلحة العامة و تقوم في حقه جريمة الرشوة.
و امام انعدام فقه قضاء منشور فاننا نورد امثلة من فقه القضاء الفرنسي و تتعلق بمحافظي الشرطة و بمفتشيها و اعوانها (2) و في تلكم الامثلة لا يحقق الامتناع اخلالا بواجبات الوظيفة ان عون الامن يمتنع عن القيام بعمل وظيفي يختص به رغم وجوب القيام به .

ب- الإمتناع المخل بالواجبات الوظيفية :

قد يحقق الامتناع تاخلالا بواجبات الوظيفة و ذلك حين يكون العمل غير مشروع فالامتناع عن عمل تفرضه واجبات الوظيفة يعد اخلالا واضحا بهذه الواجبات .
فامتناع قاضي عن التصريح بحكم يجعله مرتكبا لجريمة انكار العدالة ، و من امثلة الامتناع عون امن – يمتنع- عن تحرير محضر من اجل جريمة وقعت بالفعل نظير رشوة تلقاها من صاحب المصلحة في ذلك .
و في نفس الاطار يعد امتناعا تقوم به جريمة الرشوة عندما يمتنع موظف عن احالة شكوى الى الجهات المختصة ، و ينطبق نفس الامر عندما يمتنع خبير انتدبته المحاكم عن ايراد بعض الامور التي تثبت له اثناء القيام باعماله .
ان اعمال الامتناع المخلة بالواجبات الوظيفية لا يمكن ان تكون بمناى عن الاتجار بالوظيفة بل هي مظهر من مظاهره و ترجمة لتوسيع التجريم في الرشوة .

1- حول الاختصاص الحكمي للموظف العمومي يراجع على سبيل المثال :

– احمد اجوييد ( مرجع سابق ) ص 101 و ما يليها .
– جندي عبد الملك ( مرجع سابق ) ص 26 و 27 .
cass crim28 janvier 1987 ;N°47 .Rev Sc crim 1987 , p 685 obs delmas- saint –hilaire -2

الخاتمة : هده احدى الزاويا التي قد ينظرمنها الى هدا الموضوع وهي نظرة لن تكون كاملة وشافية لموضوع يحتاج المزيد من النبش لاسيما وأن أكثر من مادة لها علاقة بالرشوة فالمقاربة التشريعية قد لاتكفي لوحدها لفك شيفرات الرشوة فأكثر من مادة لها علاقة بالموضوع فالى جانب القانون الجزائي فان قانون الوظيفة العمومية والقوانين الخاصة المنظمة للمهن ولبعض القطاعات تكون حاضرة بقوة ولايمكن تجاوزها بل ولتكتمل الصورة لابد من اعتماد بعض مناهج العلوم الإنسانية كعلم الإجتماع وعلم الإجرام والتاريخ وعلم النفس ….بل ان ما يلفت الإنتباه ويحتاج الى اطلاق صيحة فزع هو التنقيحات التي ادخلت على نصوص الرشوة سنة 1998 ومن قبلها التنقيحات التي ادخلت على نصوص الإستيلاء على المال العام بل كل تنقيحات المادة الجزائية هي تنقيحات مناسباتية ارتبطت بمواعيد سياسية وانتخابية أرادت من خلالها السلطة في كل مرة ان تبين للرأي العام أنها متحكمة في الأمر وهي لاتعدو أن تكون سوى أقراص مخدرة لمرض عضال …ألم يحن الوقت لتكوين وتأسيس مختبر يكون من وظائفه اعداد بعض المضادات الحيوية لهذا الداء .

إغلاق