دراسات قانونية

تأكيد وجود الالتزام بضمان السلامة المستقل في عقد البيع حسب الفقه والقانون

ظلت سلامة المشتري من الأضرار التي تحدثها المنتجات بعيوبها خاضعة للقواعد التقليدية الخاصة بضمان العيوب الخفية وإن كانت في بعض الأحيان تذهب أحكام القضاء إلى إخضاعها للقواعد العامة في المسؤولية العقدية ، إلا أنها كانت نادراً ما تعبر عن اتجاه واضح في القضاء ، وظل القضاء مستمراً على تطبيق قواعد الضمان، ودعمه في ذلك الفقه ، ولقد بلغ من فرط تأكيد هذه القاعدة إلى أن الفقه لم يستطع أن يحدد ما أرادته محكمة النقض عندما قضت برفض دعوى التعويض لعدم قدرة المشتري على إثبات وجود العيب دون أن تشير في حكمها إلى النصوص المتعلقة بضمان العيب الخفي(1). فرغم استبعاد المحكمة لنصوص الضمان إلا أن الفقه تحرّز من التأكيد على وجود التزام بضمان السلامة على عاتق البائع لا يخضع لقواعد العيب الخفي ، إلا أن الفقه والقضاء الفرنسيين لم يترددا في مرحلة لاحقة عن التأكيد على وجود التزام بضمان السلامة مستقلا” عن العيوب الخفية.

تأكيد وجود الالتزام بضمان السلامة المستقل :

على الرغم من أن الفقه أكد على وجود التزام بضمان السلامة إلا انه كان دائماً يخضعه لقواعد العيوب الخفية ، إلا أن القضاء كان له السبق في تأكيد استقلال الالتزام بضمان السلامة عن العيوب الخفية وأيده في ذلك الفقه فيما بعد.

أولاً : موقف الفقه من الالتزام بضمان السلامة :

اعتمد بعض الفقهاء في تفسير القضاء الذي شبه البائع المحترف بالبائع الذي يعلم بالعيب على وجود التزام بضمان السلامة في عقد البيع(2). فالبائع المحترف وكذلك المنتج يقع عليهما التزام بضمان السلامة ، أي التزام بالعلم بعيوب المبيع وإزالتها حتى يتحقق في المنتجات الأمان الذي يتوقعه المشتري أثناء استعماله لها ، وإن هذا الالتزام بضمان السلامة لا يقع في إطار التزام بوسيلة وإنما في إطار تحقيق نتيجة ، فالمسؤولية تنهض متى ثبت وجود عيب في المبيع وإنه كان السبب في الحاق الضرر بالمشتري بصرف النظر عن علم البائع المحترف أو عدم علمه ، فالبائع يلتزم بضمان سلامة المشتري حتى وإن لم يكن يعرف بالعيب، ولأن قواعد ضمان العيوب الخفية قاصرة عن الإحاطة بالأضرار التي يحدثها المبيع بعيبه فإن القول بوجود الالتزام بضمان السلامة وإنه مستقل عن العيوب الخفية هو الحل الأمثل لمعالجة هذه الأضرار الجديدة وإن الإخلال به يوجب قيام المسؤولية العقدية وليس دعوى الضمان(3). ويستند الفقه على تأكيد وجود هذا الالتزام في عقد البيع بتأكيده على توافر الشروط العامة للالتزام بضمان السلامة في عقد البيع على غرار العقود الأخرى وهذه الشروط هي(4). وجود خطر يهدد سلامة أحد العاقدين، وأن يكون أمر الحفاظ على سلامة المتعاقد الجسدية موكلاً للعاقد الآخر، وأن يكون المدين بالالتزام بضمان السلامة مهنياً ، ولا جدال أن الفقه الحديث أصبح يؤكد على توافر هذه الشروط في عقد البيع خصوصاً لدى البائع المهني صانعاً كان أم تاجراً ، ولا جدال كذلك بأن أساليب الدعاية والإعلان التي تلجأ إليها الشركات الصناعية والتجار لترويج المنتجات غالباً ما تساعد على بث الثقة في نفس المستهلك( المشتري والغير )(5). فيندفعون إلى الشراء وهم مطمئنون إلى جودة المنتجات وهذا في حد ذاته يمثل سبباً آخر لضمان البائع المحترف سلامة المشتري ومن ثم إلزامه بالتعويض(6). ولكن على الرغم من الأسانيد القوية التي قال بها مؤيدو الالتزام بضمان السلامة وتأكيد انطباقه على عقد البيع ، إلا أن هناك من وجه سهام النقد إليه بملاحظات عديدة(7). أولى هذه الملاحظات هي أن الالتزام بضمان السلامة لا يوجد إلا في العقود التي بمقتضاها يعهد أحد المتعاقدين إلى الآخر برعايته والمحافظة على شخصه ، أما الملاحظة الثانية فهي أن إدخال الالتزام بضمان السلامة إلى عقد البيع وجعله التزاماً بوسيلة يؤدي إلى الإضرار بالمشتري ، أما الملاحظة الأخيرة ، فقد لوحظ أن قواعد المسؤولية الشيئية تقدم للمشتري حماية أكثر فعالية من اللجوء إلى المسؤولية العقدية الناشئة عن الإخلال بالالتزام بضمان السلامة(8).وفيما يتعلق بالملاحظة الأولى فقد رد عليها أنصار الالتزام بضمان السلامة بأن هذه الملاحظة لا تؤدي إلى عدم الاعتراف بوجود ضمان السلامة في عقد البيع إلا إذا تحقق شرطان ، الأول : أن يكون تسليم الدائن في العقد أمر سلامته إلى المدين هو المعيار الوحيد للالتزام بضمان السلامة، والثاني : أن يثبت تأكيد أن المستهلك لا يعهد بأمر سلامته إلى البائع ، وكلا الشرطين محل شك فالشرط الأول مثلاً يلاحظ أن هناك عقودا” كثيرة يتمتع فيها الدائن بقدر كبير من الحرية في القيام بالأعمال إلا أنه لا يوجد من يشكك في وجود الالتزام بضمان السلامة في هذه العقود كعقد الفندقة مما يعني أن فكرة ضمان السلامة لا تخضع لمعيار معين بل لأكثر من معيار كخطورة الشيء محل البيع واحتراف المدين الذي يلقى على عاتقه التزاما” بالتسليم والتزاما” بالتنفيذ ، وبمقدار وجود الخطورة في محل البيع فإنه من العدالة أن يتحمل البائع نفسه المخاطر الناجمة عما يتولاه من مشاريع صناعية بحيث يكون مسؤولاً عن كل ضرر يصيب المتعاملين بمنتجات المشروع فوجود عنصري الاحتراف والخطورة في عمل الصانع والتاجر يجعل من الضروري الاعتراف بوجود التزام بضمان السلامة في عقد البيع(9). أما فيما يتعلق بالملاحظة الثانية والتي تتعلق في جعل التزام البائع مجرد بذل عناية خطورة كبيرة على المشتري لأنه لن يستطيع الحصول على التعويض إلا بإثبات خطأ البائع وهو ليس بالأمر اليسير ، لذلك تم الاعتراف بأن الالتزام بضمان السلامة في عقد البيع هو التزام بنتيجة وليس بوسيلة(10). أما بخصوص الملاحظة الأخيرة ، فطبقاً لقواعد المسؤولية عن فعل الأشياء يستطيع المضرور أن يرجع على البائع وبوجه خاص على المنتج بالتعويض باعتباره حارساً للتكوين(11). وعندئذ لا يكون مكلفاً بإثبات الخطأ والقول بوجود التزام بضمان السلامة في عقد البيع ، يغلق أمام المشتري هذا الطريق نتيجة لمبدأ عدم جواز الخيرة بين المسؤوليتين وحينئذ يكون مكلفاً بإثبات خطأ البائع سواء كان منتجاً أم تاجراً ، هذا إذا جعل الالتزام بضمان السلامة مجرد التزام بوسيلة ، إلا أن هذه الملاحظة تجانب الصواب ذلك لأن المسؤولية الناشئة عن تضرر الشخص بسبب العيب الموجود في المبيع ليس سوى مسؤولية عقدية ، صحيح أن عقد البيع على نقيض العقود الأخرى لا يتعلق بأشخاص المتعاقدين من قريب أو بعيد ومع ذلك فإن الضرر الناتج عن سوء حالة الشيء أو تعيبه ناشئ عن البيع لأنه ينتج عن سوء تنفيذ الأداء الذي كان محلاً له فالضرر يرتبط مباشرة بالعقد ، وإذا كانت المسؤولية الناتجة في هذه الحالة ذات طبيعة عقدية، تعين القول أن المشتري لا يستطيع الرجوع على المنتج أو التاجر على أساس قواعد المسؤولية التقصيرية ، لأن وجود العقد يمنعه من ذلك لوجود القاعدة القائلة بعدم جواز الخيرة بين المسؤوليتين وهي تمنع المشتري من الاستناد إلى قواعد المسؤولية التقصيرية(12). ولكن على الرغم من ذلك فإن القضاء ييسر من عبء إثبات الحادث الذي يقيم مسؤولية البائع العقدية ( سواء استناداً إلى ضمان العيب الخفي أم إلى ضمان السلامة ) ، إلى الحد الذي يجعله قريباً من المسؤولية عن فعل الأشياء(13). لكن الملاحظ على الفقه أنه على الرغم من تأكيده على وجود الالتزام بضمان السلامة في عقد البيع إلا أنه كان يخضعه للقواعد الخاصة بضمان العيوب الخفية.

ثانياً : موقف القضاء من الالتزام بضمان السلامة :

إذا تم استبعاد بعض الأحكام الصادرة من محاكم الموضوع والتي أشارت إلى الالتزام بضمان السلامة في إطار القواعد الخاصة بضمان العيوب الخفية ، فإنه من الممكن القول بأن نقطة البداية في تطور القضاء نحو الاعتراف بالالتزام بضمان السلامة المستقل عن ضمان العيوب الخفية يرجع إلى حكم الدائرة المدنية الأولى في محكمة النقض الفرنسية(14). ثم أكدت محكمة النقض وجود الالتزام بضمان السلامة على عائق البائع المهني في حكم آخر لنفس الدائرة(15). والذي يلفت الانتباه هو أن المحكمة لم تستند إلى قواعد ضمان العيوب الخفية وإنما إلى القواعد العامة للمسؤولية العقدية ، وهي كلما أرادت أن تقرر وجود الالتزام بضمان السلامة في عقد من العقود كانت تلجأ إلى تلك القواعد(16). ثم تأكد الأخذ بفكرة الالتزام بضمان السلامة في قرار آخر صدر للدائرة نفسها فتم تأكيد وجود هذا الالتزام عن طريق ثلاثة عناصر تضمنها القرار(17). الأول : إن المحكمة كان يكفيها لإلغاء حكم الاستئناف أن تستند إلى ضمان العيوب الخفية لأنها تتطلب إثبات وجود عيب سابق على التسليم ولم ينجح المشتري في ذلك ، لكن محكمة النقض لم تفعل ذلك بل على العكس فقد قضت بأن السلعة يجب أن لا تكون مصدر خطر على حياة الأشخاص وأموالهم بسبب وجود العيب فيها ، وهذا يؤكد أن المحكمة تخطت نطاق الضمان إلى نطاق المسؤولية العقدية ، الثاني : إن الحكم قد صدر استناداً لأحكام المادة 1135 من التقنيين المدني الفرنسي مما يدل على استبعاد نصوص القانون الخاص بضمان العيوب الخفية ويتأكد بذلك إرساء المحكمة لدعائم الالتزام بضمان السلامة المستقل عن ضمان العيوب الخفية ، الثالث : إن محكمة النقض عندما قررت إلغاء حكم محكمة الاستئناف استندت إلى أن البائع يلتزم فقط بتسليم منتجات خالية من كل عيب أو خلل في التصنيع يجعله مصدر خطر للأشخاص أو الأموال ، وإن استعمال تعبير الخطر يثير فكرة الالتزام بضمان السلامة كما أن معنى العيب المشار إليه في القرار يختلف عن المعنى الموجب للضمان والذي يجب أن يتوفر في العيب(18). وإذا كانت محكمة النقض قد تحرزت من استعمال مصطلح الالتزام بضمان السلامة بصورة صريحة في القرارات السابقة حيث كان التأكيد يؤخذ عن طريق الاستنتاج والتحليل ولكنها ما لبثت أن بدأت في استعمال هذا المصطلح بشكل صريح معبرة عنه بأنه التزام مستقل عن العيوب الخفية ويتجاوز بعمومه هذا الالتزام ، ولأن كانت الأحكام الحديثة قد أخذت هذا المنحى الواضح فإن هذا الاتجاه بدا واضحاً جداً في إحدى القرارات الصادرة من محكمة استئناف باريس سنة 1961 عندما قضت بأن ( كل عقد يتضمن تنفيذاً ينشأ عنه للمتعاقد الآخر خطراً يتعارض مع روحه والنتيجة المرجوة منه ومن ثم ينشأ من العقد على عاتق من يلتزم بالأداء التزاماً بالسلامة يتجاوز بعمومه وقوته الالتزام بضمان العيوب الخفية ويهيمن عليه ويقيم الإخلال به مسؤولية المدين ما لم يقم الدليل على أن هذا الإخلال إنما يرجع إلى سبب أجنبي لا ينسب إليه )(19). وهذا الحكم يعد من الأحكام النادرة في تلك الفترة والتي أكدت على وجود الالتزام بضمان السلامة في عقد البيع ، إلا أن الأحكام الحديثة غالباً ما كانت تصرح بوجود هذا الالتزام واستقلاله تماماً عن العيوب الخفية ، ولقد قضت محكمة النقض بأن ” المنتج والبائع لبعض المنتجات الشائعة الاستعمال وبالذات تلك المخصصة للعناية بالجسم البشري وراحته يتحملان التزاماً بضمان السلامة (20). ثم توالت الأحكام في هذا الشأن إلى أن توجت محكمة النقض هذا التطور بشكل لا يدع مجالاً للشك وجود الالتزام بضمان السلامة في عقد البيع وأنه يتمثل بتسليم منتجات خالية من العيوب أو الخلل في التصنيع والذي يجعله مصدر خطر للأشخاص والأموال وأنه يقع على عاتق كل بائع محترف(21). ويلاحظ في هذه الأحكام أنها لا تنسب أي إخلال بضمان العيوب الخفية على عاتق البائع المحترف وتجعل قيام المسؤولية مرهونا” بأن يكون البائع مهنياً، والمبيع معيباً بشكل يجعله خطراً على الأشخاص والأموال ويؤدي إلى الحاق الأضرار بالأنفس والأموال(22). يتضح مما سبق عرضه تأكيد القضاء على وجود الالتزام بضمان السلامة المستقل عن العيوب الخفية بصورة صريحة منذ بداية التسعينات من القرن المنصرم ، ثم بدأ القضاء بعد ذلك يأخذ منحى آخر عندما أصبح يؤكد أن هذا الالتزام هو التزام عام وشامل يقع على عاتق البائع المحترف تجاه المتعاقد وغير المتعاقد.

طبيعة الالتزام بضمان السلامة في عقد البيع

كان قد بحثنا الطبيعة القانونية للالتزام بضمان السلامة في أنواع مختلفة من العقود ، إلا أننا فضلنا أن نبحث طبيعة هذا الالتزام في عقد البيع في هذا الموضوع لأنه ظهر خلاف حول طبيعة الالتزام بضمان السلامة في عقد البيع وإن كان الرأي الغالب في الفقه بأنه التزام بنتيجة ، ولكن من الضروري توضيح ذلك الخلاف فيما إذا كان الالتزام بضمان السلامة التزاماً بوسيلة أم أنه التزام يجب فيه على البائع تحقيق النتيجة المبتغاة من وراء العقد .

أولاً : الالتزام ليس مجرد التزام بوسيلة :

عندما كان القضاء يخضع ضمان السلامة لقواعد الالتزام بضمان العيوب الخفية تساءل الفقه عما إذا كان المشتري يجب عليه إثبات خطأ البائع باعتبار التزام الأخير مجرد بذل عناية أم لا يجب عليه إثبات هذا الخطأ فيكون التزام البائع التزاماً بنتيجة. أخذ بعض الشراح بالرأي الذي يجعل من التزام المنتج التزاماً بنتيجة استناداً إلى أن البائع المحترف يلتزم بتسليم منتجات خالية من أي عيب ويلتزم بأن يعلم بما تنطوي عليه السلعة من عيوب ولا يقبل فيه إثبات عدم علمه بالعيب حتى لو استحال عليه كشفه فإن وجود العيب يكفي لقيام مسؤوليته سواء كان ناشئاً عن خطأ أم لا، فليس لما يبديه من حرص أو إهمال اعتبار في قيام مسؤوليته(23). أما عن أحكام القضاء فقد ذهبت محكمة النقض في حكم وحيد لها إلى جعل التزام البائع المحترف التزاماً بوسيلة فيما يتعلق بالأضرار التي تحدث بسبب تعيب المبيع(24). ولقد تعرض هذا الحكم إلى انتقاد شديد من جانب الفقه الذي رآه متعارضاً مع القانون الوضعي إذ أن الضرر الذي يحدثه المبيع يمكن إدخاله ضمن العيوب الخفية ومن ثم فإن قواعد الضمان تلزم البائع المحترف بتحقيق نتيجة(25). بما أن جانبا” كبيرا” من هذا الالتزام كان الفقه يخضعه إلى القواعد الخاصة بالضمان لذلك فإن البائع يلتزم بنتيجة محددة وهي: تقديم أشياء خالية من العيوب فاستحقاق التعويض لا يتطلب إقامة الدليل على سوء نية البائع أو إهماله لأنه يفترض علمه بالعيب ، والقول بأن التزام البائع المحترف مجرد التزام بوسيلة تجعل مسؤوليته خاضعة لإثبات الخطأ الذي كان سبباً في حدوث الضرر بالمشتري ولكن محكمة النقض لم تأخذ أبداً بهذه النتيجة وإنما استمرت تفترض في أحكامها علم البائع المهني بالعيب ولا تسمح له بإثبات العكس(26).لكن بعد أن أصبح الالتزام بضمان السلامة مستقلاً عن العيوب الخفية فليس ثمة ما يدعو إلى جعله مجرد بذل عناية لأن ضمان السلامة بديل عن الالتزام بالضمان ويراد به تحسين موقف المشتري وإعطاؤه الفرصة في الحصول على التعويض مما يقتضي ألا تقل الحماية التي يتمتع بها المشتري في ظل الأول عن تلك التي يحظى بها في ظل الثاني ، وكذلك فإن جعل الالتزام بضمان السلامة مجرد بذل عناية يؤدي إلى جعل المشتري في موقع حماية أدنى من الغير حيث يتوفر للأخير بمقتضى التوسع في المادة 1384 / 1 وجعل البائع المحترف حارساً للتكوين حيث يستطيع الرجوع على البائع المحترف بمجرد إثبات حصول الضرر(27). لذلك فإن أحكام محكمة النقض أبعدت تماماً فكرة الالتزام ببذل عناية وأصبحت عبارة الأحكام واضحة الدلالة بأن على البائع المحترف الالتزام بتسليم منتجات خالية من أي عيب أو خلل يمكن أن يجعله مصدر ضرر للأشخاص أو الأموال.

ثانياً : مدى كون الالتزام بضمان السلامة في عقد البيع التزاماً بنتيجة :

ان أغلبية الفقهاء قد أجابوا بالإثبات على كون هذا الالتزام التزاماً بنتيجة مستندين في ذلك بتحليل الأحكام والقضايا وإنها لم تسمح للبائع المحترف التخلص من المسؤولية ، وإن الالتزام بنتيجة يجعل من الضرر الذي يلحق المشتري كافياً لقيام مسؤولية البائع المحترف فإذا أراد التخلص من المسؤولية وجب عليه إثبات السبب الأجنبي متمثلاً بالقوة القاهرة وخطأ الغير وفعل المضرور ، إلا أن جانباً آخر من الفقه(28). وكذلك القضاء يستبعدان هذه النتيجة ، إذ ذهبت محكمة النقض في قرار لها بأن المنتجين والبائعين لمستحضرات التجميل في التزامهم بضمان السلامة لا يعني ضمان هؤلاء بقوة القانون لكل الأضرار التي تترتب على استعمال السلعة ، لأن التزامهم يقتصر على تسليم منتجات لا تمثل أية خطورة للمستعملين إذا استعملت وفقاً لتوصيات البائعين المحترفين ، فمجرد إثبات حصول الضرر لا يكفي لقيام المسؤولية وإنما يجب إثبات وجود العيب أو الخلل في التصنيع والذي يؤدي إلى كون السلعة خطراً على حياة الأشخاص(29). ولهذا فإن محكمة النقض ترفض دعوى التعويض أحياناً عندما يعجز المضرور عن إثبات وجود العيب(30). في حين أنها في أحيان أخرى تقضي بمسؤولية البائع عندما يتبين لها وجود العيب في السلعة أو الشيء المبيع(31). أما الفقه فإنه يستند إلى أمرين في تكليفه للمشتري المضرور بإقامة الدليل على الخلل أو العيب الذي يؤدي إلى خطورة السلعة وهما : أن الالتزام بضمان السلامة هو مجرد بديل عن ضمان العيوب الخفية حيث أنه يتحرر من بعض القيود الصارمة للضمان ( كقيد المدة القصيرة ) ولكنه لا يؤدي إلى قلب عبء الإثبات رأساً على عقب فكما يجب على المشتري في ضمان العيوب الخفية إثبات العيب السابق على البيع أو التسليم ، فإنه في مجال ضمان السلامة لا يكفيه إثبات حدوث الضرر بسبب المبيع وإنما عليه أن يثبت دور المبيع الإيجابي في حدوث الضرر بأن يثبت العيب أو الخلل الذي اكسب المبيع صفة الخطورة. إن الضرورات العملية تملي الأخذ بهذا الحل ، لأن في جعل البائع المحترف مسؤولاً عن جميع الأضرار التي تحدثها منتجاته دون اعتبار لوجود عيب أو خلل تؤدي إلى نتائج اقتصادية خطيرة لأن المنتجات المعاصرة تتصف بقدر من الخطورة مما يتطلب الحرص في استعمالها من قبل المشتري وأن القول بتعويض جميع الأضرار يؤدي إلى قتل روح الإبداع وشل الحركة الاقتصادية في الصناعة(32). خلاصة القول هي: أن الالتزام بضمان السلامة في عقد البيع ليس التزاماً ببذل عناية بل هو اكثر من ذلك ولكنه ليس التزاماً بتحقيق نتيجة لأنه أقل ، فهو أكثر من الالتزام ببذل عناية لأنه لا يتطلب إقامة الدليل على خطأ أو إهمال البائع المحترف إذ العبرة في قيام المسؤولية ليس بمسلك البائع المحترف ولكن بما تنطوي عليه السلعة من خطورة متمثلة في وجود العيب أو الخلل الذي بمجرد ثبوته تقوم مسؤولية الأخير فيه ، إلا أنه أقل من الالتزام بنتيجة لأنه لا يكفي لحصول المشتري على التعويض إثبات الضرر وحسب بل أن مسؤولية البائع المحترف يتحتم لقيامها إثبات وجود العيب أو الخلل الذي أدى إلى الضرر(33). والغرض من تحديد عبء الإثبات المتعلق بوجود العيب على عاتق المضرور هو تحقيق الموازنة بين مصلحتين متعارضتين كلاهما جديرة بالرعاية ، فمن ناحية مصلحة المنتج ألا يثقل كاهله بعبء المسؤولية في كل الفروض دون أن يكون هناك دليل قاطع ، لأن ذلك سيؤدي حتماً إلى شل روح الإبداع والتطوير لدى أرباب الصناعة مما يضر بالتقدم الصناعي ككل(34). وفي الناحية الاخرى فإن مصلحة المضرور في تحمل عبء إثبات شيء قد لا يستطيع النهوض به نظراً لكون الدليل قد فقد تماماً أو أن يكون محل البيع معقد فنياً يستحيل معه على المشتري أو أهل الخبرة الجزم بتعيبه أو أنه يصعب تمثل وقائع الحادث بالكشف عن العيب ( كما لو مات مشتري السيارة التي احترقت في الحادثة )(35). لذلك فإن الموازنة بن هاتين المصلحتين تملي أن يكون حصول المشتري على التعويض مرتبطا” ليس بوجود يقين وإنما باحتمال راجح(36). وهو أن الضرر ما كان ليحصل لولا أن المنتوج ينطوي على عيب أو خلل في صنعه أكسبه صفة الخطورة ، أي أن مشكلة الإثبات تحل على أساس وجود قرينة دالة على الصفة الخطرة في المبيع ولكنها بسيطة حيث يجوز للبائع المحترف التخلص منها بأثبات عدم تعيب السلعة أو أن العيب لم يكن له دور في حصول الضرر بنفي العلاقة السببية بين الحادثة والعيب وتتحدد هذه القرينة بثلاثة عناصر هي : 1- أن تقتصر على العلاقة بين المهنيين والمستهلكين،2- قصر القرينة على الأشياء الجديدة لأن هذه الأشياء يفترض خلوها من العيوب أو الخلل الذي يكسب الشيء صفة الخطورة ويجعلها مصدر ضرر.3-وجوب قصر القرينة على مدة زمنية معينة تبدأ من بداية الاستعمال بما لا يجاوز السنة من ذلك التاريخ فإذا حصل الضرر خلالها افترض رجوعه إلى الخلل أو العيب إما إذا حصل بعدها وجب على المشتري إثبات رجوع الضرر إلى العيب(37). ويلاحظ أن القضاء كان اتجاهه فعلاً هو الحكم بمسؤولية المنتج إذ وقع الحادث بعد ستة أشهر من شراء جهاز(38). إذن فإن الالتزام بضمان السلامة بحسب ما تم بيانه سابقاً يكون التزاماً مخففاً بنتيجة(39). وهذا الموقف تبناه المشرع الفرنسي سنة 1998 حيث اقتبس أحكامه من التوجيه الأوربي ومن التطور القضائي والفقهي الذي وصلت إليه فرنسا في هذا المجال.

النتائج المترتبة على الالتزام بضمان السلامة المستقل :

إن الأثر الجوهري الذي يترتب على وجود الالتزام بضمان السلامة في عقد البيع هو تقوية الحماية المقررة للمشتري ، وبالتالي فإنه يترتب على القول باستقلال هذا الالتزام عن ضمان العيوب الخفية استبعاد لقواعد ضمان العيوب الخفية.

أولاً : تقوية الحماية المقررة للمشتري :

إن من يتفحص موقف القضاء في المرحلة التي سبقت إقرار وجود الالتزام بضمان السلامة في عقد البيع يلاحظ أن المحاكم كانت تضع المضرور من الغير في مركز أفضل من المشتري ، فالمحاكم قبل أن تقرر أن طبيعة دعوى المشتري ضد المنتج أو أي من البائعين الوسطاء هي عقدية(40). كانت تسمح للمشتري الذي يرفع دعوى التعويض أن يستند إما على أساس قواعد ضمان العيوب الخفية أو على أساس القواعد العامة في المسؤولية التقصيرية ، فإذا اختار الأخيرة كان من حقه أن يستفيد من أحكام المواد المتعلقة بالمسؤولية عن فعل الأشياء فيرجع إلى المنتج باعتباره حارساً للتكوين لكي يتلافى القيود الصارمة التي تفرضها أحكام وقواعد ضمان العيوب الخفية ، وبذلك يستطيع المشتري الأخير أن يستفيد من قرينة المسؤولية المقررة في حراسة الأشياء بعكس المشتري المباشر الذي لا يستطيع الرجوع إلا بموجب أحكام الضمان ، إلا أن هذه التفرقة لم يبق لها اثر بعد أن قضت محكمة النقض إغلاق الباب أمام المضرور ( المشتري الأخير ) وجعلت دعواه عقدية ولم يبق بينه وبين المشتري المباشر أي فرق(41) . ولكن على الرغم من الاعتراف بالطبيعة العقدية للدعوى التي يرجع بها المشتري الأخير يجعله في مركز سواء مع المشتري المباشر ، إلا أن ذلك لم يكن كفيلاً بإزالة التفرقة بينهم وبين الأجنبي تماماً عن العقد ، فإذا كان الأولون دعواهم عقدية مما يؤدي إلى خضوعهم للقيود الواردة في أحكام الضمان فإن الأجنبي تماماً عن العقد يستطيع الاستفادة من المادة 1483 / 1 من القانون المدني الفرنسي وما تمنحه من ميزات لمن يستخدمه باعتبار أن المنتج هو الحارس للتكوين وبالتالي هو المسؤول عن التعويض(42) . لكن الاعتراف بالالتزام بضمان السلامة المستقل عن العيوب الخفية يزيل التفرقة ويزيلا لتمايز في المراكز بين المتضررين من المتعاقدين وبين الغير مما يجعل المتضرر المتعاقد فيمركز أفضل من الغير في أوجه عديدة منها : 1- أن دعوى المسؤولية العقدية الناشئة عن الإخلال بالالتزام بضمان السلامة لا يتقيد بمدة التقادم المتعلقة بضمان العيوب الخفية وإنما يتقادم بما تتقادم به دعوى المسؤولية العقدية بصورة عامة وهذه المدة طويلة مقارنة بالمدة التي تتقادم بها دعوى المسؤولية التقصيرية. 2- أن الاعتراف بالالتزام بضمان السلامة المستقل عن العيوب الخفية وضع أسس مهمة للتفرقة بين الالتزامين ، فالالتزام بضمان العيوب الخفية يكون عن العيوب التي تنقص من منفعتها أو تزيل تلك المنفعة، بينما الالتزام بضمان السلامة يكون عن الأضرار التي تصيب الأنفس والأموال ليس فقط في حالة وجود العيوب في المبيع وإنما في الأحوال التي ينشأ فيها الضرر بسبب خطورة المبيع واتصافه بخصائص ذاتية تكسبها تلك الصفة ، فنطاق أعمال الالتزام بضمان السلامة يختلف من حيث المصدر ومن حيث الموضوع فهو أوسع مجالاً ومدى من الالتزام بضمان العيوب الخفية(43). 3-كما أن الاعتراف بالالتزام بضمان السلامة يؤدي إلى تحسين موقف المشتري مقارنة بالغير ، لأن المشتري يتلقى دعوى الضمان التي لبائعه ضد البائعين السابقين وصولاً إلى المنتج ، وبذلك فإن المشتري يتلقى جميع الحقوق التي هي لبائعه بما في ذلك جميع دعاوى المسؤولية العقدية المتولدة عن مخالفة الالتزامات التي يفرضها عقد البيع ومنها الالتزام بضمان السلامة. إن هذه المزايا التي اتصفت بها ضمان السلامة جعل القضاء الفرنسي يحاول في الفترة ما بعد التسعينات تعميمه حتى على العلاقات غير التعاقدية لجميع المتضررين دونما تفرقة وهذا ما حدث بالفعل ومنذ القرار الصادر في محكمة النقض في 17 / 1 / 1995(44). كل هذا التطور جعل المشرع الفرنسي سنة 1998 يقوم بإصدار تشريع خاص بمسؤولية المنتج الذي جاء تطبيقا” للتوجيه الأوربي فنظم المسؤولية الموضوعية للمنتج عن الأضرار التي تسببها منتجاته ، وتأثر كثيراً بالتطور الذي وصل إليه القضاء والفقه الفرنسيين.

ثانياً : استبعاد قواعد ضمان العيوب الخفية :

لقد تبين لنا بأن القضاء والفقه حتى عهد قريب كانا يخضعان الالتزام بضمان السلامة إلى الأحكام المتعلقة بضمان العيوب الخفية تارة وإلى أحكام المسؤولية العقدية المتعلقة بالإخلال بالتسليم تارة أخرى وكانا يخلطان بين الأمان والمطابقة بحيث يعتبر الأول وجهاً من وجوه المفهوم الثاني استناداً إلى المعنى الواسع للمطابقة ولما تبين لهما عدم جدوى مفهوم المطابقة في معالجة الأضرار التي تسببها المنتجات ، عاد القضاء والفقه إلى قواعد العيوب الخفية وخول المشتري المتضرر في شخصه أو في أمواله ثلاثة دعاوى وهي: إنقاص الثمن ، الفسخ ، التعويض ، والأخيرة استعملت كوسيلة لضمان السلامة باعتبارها عنصراً مكملاً يضاف إلى الفسخ وإنقاص الثمن ، إلا أن قصور قواعد الضمان عن الإحاطة بجميع أنواع الضرر التي تسببها المنتجات جعل القضاء يقر بوجود التزام بضمان السلامة المستقل عن العيوب الخفية ، فالمشاكل التي تحصل بسبب العيوب الخفية تتضاءل أمام المشاكل المتعلقة بضمان السلامة لضرورة المحافظة على صحة الأفراد وسلامتهم ، بل على العكس لوحظ ان التجارة والصناعة كلما تقدمت وتطورت نتجت عنها زيادة في الأضرار التي تصيب الأشخاص والأموال(45). فقواعد ضمان العيوب الخفية ينحسر تطبيقها عن كل مسؤولية ناشئة عن ضرر أحدثته السلعة بعيوبها ( أي عن كل ما يمس السلامة ) وإنما تقتصر تطبيقه على العيوب التي تضر بالمصالح الاقتصادية المحضة ، فهذه الأضرار تكفي لتعويضها الجزاءات الخاصة بضمان العيوب الخفية (فسخ البيع واسترداد الثمن واستبقاء المبيع وإنقاص الثمن بما يعيد التوازن بين البدلين)(46). يضاف إليها بعض التعويضات التي تهدف إلى جبر المشتري ما فاته من كسب، بينما الأضرار التي تلحق المشتري في صحته أو سلامته البدنية أو أمواله الأخرى تستبعد من نطاق العيوب الخفية وتخضع للقواعد العامة للمسؤولية العقدية ، ذلك لأن القول بوجود الالتزام بضمان السلامة يؤدي إلى أن هذا الالتزام ينفلت من القيود التي تخضع لها دعوى الضمان ، المتعلقة بإثبات العيب بشروطه الثلاثة وشروط المدة القصيرة ، فيكفي لتحقق الإخلال بضمان السلامة إثبات المشتري وجود العيب أو الخلل الذي أضر بشخص المشتري وأمواله سواء كان هذا الخلل أو العيب راجعاً إلى تصميم السلعة أم الى صناعته مما أدى إلى اكتسابه صفة الخطورة ، فالعيب في الالتزام بضمان السلامة يختلف في معناه عن ضمان العيوب الخفية ، ففي الأخيرة يقتصر معنى العيب على تلك التي تجعل الشيء غير صالح للاستعمال الذي أعد له مما يؤدي إلى إنقاص المنفعة أو عدم جدواها في حين أن العيب في ضمان السلامة يشمل كل نقص للأمان في السلعة يؤدي إلى اكتسابه صفة الخطورة(47). لذلك كان لاتجاه المحاكم في جعل الالتزام بضمان السلامة مستقلاً عن العيوب الخفية وسيلة لمنح فرصة أكبر من الحماية والضمانة لحصول المستهلك على التعويض عن الأضرار التي تسببها المنتجات بشكل لم يخطر على بال واضعي التقنين المدني الفرنسي ، وأيده في ذلك الفقه ، وبهذا تسببا بشكل أو آخر في تشجيع المشرع على إصدار القانون الخاص المتعلق بالمسؤولية عن المنتجات، ولقد أسس الفقه والقضاء هذا الالتزام بضمان السلامة استنادا” على المادة 1135 والمادة 1147 من القانون المدني الفرنسي ، حيث أن الأولى تقضي بأن العقد لا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد في مضمونه ولكنه يتناول ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة(48). ،أما المادة 1147 فإنها تقضي بأنه إذا استحال تنفيذ الالتزام عيناً حكم على المدين بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه، هذا فيما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأ عن سبب أجنبي(49). وهذا الأساس اعتمده القضاء والفقه الفرنسيين في كل أحوال الالتزام بضمان السلامة سواء كان الضرر ناتجاً عن وجود عيب في السلعة أم ناتجاً عن خطورة السلعة. وقبل أن ننهي الحديث في هذا الفصل يتوجب علينا أن نبين مدى إمكانية تطبيق الحلول التي توصل إليها القضاء والفقه الفرنسيين في هذا الميدان في قوانيننا المدنية. لقد كان الفقه المصري أكثر إيجابية في بحثه لموضوع الالتزام بضمان السلامة ، إذ حاول الفقه المصري مجاراة الفقه والقضاء الفرنسيين فيما توصلا إليه من حلول في مجال الالتزام بضمان السلامة حيث وضعا نظاماً قانونياً شاملاً لهذا الالتزام الذي أصبح ضرورة تقتضيها المعاملات التجارية والصناعية وعقد البيع هو من اكثر العقود الماسة بحياة الأفراد والتي ينعقد منها في كل لحظة مالا يقع تحت حصر أو عد ، بينما الفقه العراقي لم يكن بنفس المستوى الذي وصل إليه الأمر في مصر في الاهتمام بهذا الالتزام وبحثه ومع ذلك فلقد وجدت بوادر في بحث الموضوع والتي كانت لنا أساساً استندنا إليه في بحثنا أغلب الأحيان(50). أما فيما يتعلق بموقف القضاء سواء كان في مصر أم في العراق فإنه لم يتطرق إلى هذا الالتزام إلا بصورة نادرة وجد يسيرة على الرغم من أن الأضرار التي يعالجها هذا الالتزام لا تخلو منها مجتمع خصوصاً مجتمعاتنا نحن دول العالم الثالث ، إذ انتشرت كثيراً الأضرار التي تسببها المنتجات في مجالات الحياة المختلفة ، وعلى الرغم من ذلك فإن مسؤولية المنتج الذي يشكل الالتزام بضمان السلامة صلب هذه المسؤولية لم تتم معالجتها في أي من الدول العربية فيما عدا القوانين الخاصة التي تنظم بعض المسائل الإدارية والجزائية لهذه المسؤولية(51). بعكس الحال في دول الغرب التي عالجت هذه المسؤولية ووضعت بشأنها اتفاقيات إقليمية ودولية. ولذلك فلابد من اللجوء إلى القواعد المتعلقة بالمسؤولية المدنية التي تنظمها القوانين المدنية لإيجاد السبل الكفيلة لمعالجة الأضرار التي تسببها المنتجات في الأنفس والأموال. فيما يتعلق بالقواعد التي تنظم ضمان العيوب الخفية تبين لنا أن القضاء والفقه الفرنسيين استندا إلى المادة 1646 ومن ثم إلى المادة 1645 كوسيلة لضمان السلامة ومن ثم تعويض المشتري عن الأضرار التي تسببها المنتجات المعيبة ، ولو عدنا إلى القانون المدني المصري ، فإننا نلاحظ أن المادة 450 منه أحالت موضوع التعويض في العيوب الخفية إلى المادة 444 من نفس القانون والذي يتعلق بضمان التعرض والاستحقاق والتي تفرق بين الاستحقاق الجزئي والكلي(52). ولا يحتوي القانون المدني العراقي على نص يقابل هذا النص ، مما يعني أن المشرع المصري لم يدرك الأضرار التي تحدثها المنتجات في الأنفس والأموال شأنه شأن المشرع الفرنسي والعراقي ، ولا تخفى الطبيعة الخاصة للأضرار الناشئة عن ضمان التعرض والاستحقاق والضرر الناشئ عن العيب الخفي ، وحتى لو تم تطبيقها فإنها لا تعالج الأضرار التي تصيب الأشخاص في الأنفس والأموال ، أما بالنسبة للقانون المدني العراقي فإن القواعد التي تنظم العيوب الخفية عاجزة عن تنظيم ومعالجة الأضرار التي تصيب المشتري وأمواله لأسباب عديدة منها : 1- أن القانون المدني الفرنسي عندما وضع تقنينه المدني كان ذلك في زمن لم تظهر فيها تلك الأضرار الماسة بالسلامة البدنية للمشتري من جراء تعيب المبيع إلا بصورة نادرة ، في حين أن قانوننا المدني المرقم والصادر في سنة 1951 ، صدر في وقت كان التطور العلمي قد وصل فيه إلى مرحلة لا يخفى فيها تلك الأضرار على المجتمعات البشرية ، أي أنه صدر بعد أكثر من 140 سنة من وضع التقنين المدني الفرنسي والذي اقتبس المشرع العراقي منه بعض أحكامه عند تنظيمه للقانون المدني(53). 2- أن المشرع العراقي في صياغته لأحكام وقواعد ضمان العيوب الخفية لم يوجد وسيلة لإمكانية التعويض ، لأنه قد حدد الرجوع على البائع بخيارين ( رد المبيع واسترداد الثمن أو قبول المبيع بالثمن المسمى ) دون الإشارة إلى التعويض عما قد يتسبب تعيب المبيع في أحداثه من أضرار ودونما إيجاد الفروق بين البائع حسن النية وسيئها ، أي أنه نظم الأضرار التجارية فقط دون الإشارة إلى التعويض وبيان كيفيته بعكس ما فعل في تنظيمه لضمان التعرض والاستحقاق ، ولقد لاحظنا أن مرونة القواعد القانونية المتعلقة بضمان العيوب الخفية في القانون المدني الفرنسي ساعدت القضاة في أن يوجدوا حلولاً لتلك الأضرار ، والمشرع المصري أيضاً قد نص في المادة 447 / 1 على أن البائع يلزم بالضمان حتى ولو لم يكن عالماً بوجود العيب ، وبذلك فإن المرونة التي تتسم بها هذه الفقرة تسمح ولو بشكل بسيط في الاستناد إليها لإيجاد المبرر في تعويض المشتري عن الأضرار التي تسببها المنتجات بعيوبها(54). إذاً فالقواعد المنظمة للعيوب الخفية في القانون المدني العراقي المصري لا يمكن اللجوء أو الاستناد إليها في إيجاد أساس للقول بتعويض المشتري عن الأضرار التي تسببها المنتجات وبذلك لا يمكن اعتمادها كمبرر للالتزام بضمان السلامة. ولكن بعيداً عن قواعد ضمان العيوب الخفية ، فإن اللجوء إلى الأحكام العامة للمسؤولية العقدية يساعدنا في إمكانية إيجاد المبرر القانوني لتعويض المضرور عن الأضرار التي سببها المنتجات وبالتالي القول بوجود الالتزام بضمان السلامة في عقد البيع وذلك من خلال التفسير لنصوص القانون المدني ولو كان ذلك بصورة غير مباشرة ، فللقول بإمكانية التعويض عن الأضرار التي تسببها المنتجات بعيوبها ، فإن المادة 169 بفقرتيها ( 2 ، 3 ) من القانون المدني العراقي(55). يمكن الاستناد إليها لإيجاد التفرقة بين البائع سيئ وحسن النية وبالتالي الاستناد إليها لكفالة حق المتضرر في الحصول على التعويض عن الأضرار التي تسببها المنتجات ، إن هذه المادة يمكن أن تعالج كما ذكرنا الحالة التي يعد فيها المدين ( البائع المحترف ) عالماً بالعيب أو كان واجباً عليه العلم بالعيب ، فإن لم يفعل فإنه يعد في الحالة الأولى سيئ النية وفي الحالة الثانية مرتكباً لخطأ جسيم(56). ولكن المسألة تثور عندما لا يستطيع أرباب الحرفة وأهل الخبرة اكتشاف العيب مما يؤدي إلى ضرورة الاعتراف بالالتزام بضمان السلامة كالتزام مستقل عن غيره من الالتزامات ، لذلك لاحظنا أن القضاء الفرنسي أوجد أساساً آخر بديلاً عن ضمان العيوب الخفية للالتزام بضمان السلامة قبل الاعتراف بهذه الأخيرة كالتزام مستقل عندما قال بالالتزام بالتسليم المطابق ، والذي تراجع عنه لما فيه من إضرار كبيرة في تفسير النصوص إلى الدرجة التي تخرجها عن الغرض الذي وضعت لأجله ، وإذا كان الالتزام بالتسليم المطابق من الأسس التي قال بها القضاء الفرنسي ثم تراجع عنها ، فإن ذلك أيضاً لا يمكن تطبيقه في القانونين المدنيين العراقي والمصري ، صحيح أن ا القانونين كليهما قد بينا أن البائع يلتزم بالضمان إذا لم تتوفر في المبيع عند التسليم الصفات التي كفلها للمشتري فضلا”عن التزامه بالضمان عندما يوجد في المبيع عيب ينقص من قيمته أو منفعته(57).إلا أن ذلك لا يضيف جديداً لأن قواعد الضمان هي التي ستطبق في الحالتين ويؤدي إلى خضوعها إلى القيود الواردة في دعوى الضمان ، على عكس ما هو الحال عليه في بعض القوانين الغربية والعربية(58). التي فصلت فكرة فوات الوصف عن العيب حيث يستطيع المضرور اللجوء إلى القواعد العامة للمسؤولية العقدية ليتخلص من قيود ضمان العيوب الخفية ، ولكن حتى القول بذلك لا يكفل للمشتري حماية فعالة في الحصول على حقه بالتعويض عما لحقه من أضرار بسبب تعيب المنتجات ، لأن فوات الوصف يختلف عن معنى السلامة المراد التعويض عن الإخلال به. لذلك للاعتراف باستقلالية الالتزام بضمان السلامة أهمية كبيرة في حماية المتضررين فتم تأسيس هذا الالتزام على المادتين ، 1135 ، 1147 من القانون المدني الفرنسي ، لذلك فإنه من الممكن الاعتراف بوجود هذا الالتزام وإيجاد المبرر القانوني له من نصوص قوانيننا المدنية فالمادة 150 / 2 من القانون المدني العراقي(59). تنص على أنه ” ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ، ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام ” ، والمادة 168 من القانون المدني العراقي والمقابلة للمادة 1147 مدني فرنسي ، تنص على أنه ” إذا استحال على الملتزم بالعقد أن ينفذ الالتزام عيناً حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه. وكذلك الحكم إذا تأخر الملتزم في تنفيذ التزامه “(60). هناك من الفقهاء من يقول بأن الالتزام بضمان السلامة يمكن تأسيسه على المادة 148 / 1 من القانون المدني المصري(61). بالاضافة الى المادة 148 / 2 ، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 148 على أنه ” يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية (62). وإن هذا الأساس للالتزام بضان السلامة لا يقتصر على الحالة التي ينتج فيها هذا الالتزام بسبب حدوث الأضرار من عيوب المبيع وإنما يشمل الأضرار التي تحصل بسبب خطورة المبيع أيضاً.

_______________________

[1]- القرار الصادر من محكمة النقض في 16 / 5 / 1984 ينظر J. Hute، op.cit، P. 183.

2- ينظر الرأي القائل بتأسيس مبدأ التشبيه على فكرة موجب كفالة السلامة ، د.أسعد ذياب،مصدرسابق،ص9.

3- Ghestin، J. Hute، op.cit، P. 186، H. et L. et J. Mazeaud et F. Chabas، op.cit، P. 318، J.

Conformit et garanties، op.cit، P. 259-260.

4- تمت الإشارة لهذه الشروط بشكل مفصل في الفصل التمهيدي.

5- تقول الأستاذة فيني بأن الصانع والتاجر ملزمين تجاه العامة باستقامة معينة وإن كان هذا الالتزام لا يذهب إلى حد تحريم الشعارات الإعلانية المخادعة إلا أنها تمنع الغش والتزوير والإعلان الكاذب. ينظر

G. VINEY، La responsabilite civile du fabricant en droit francais، R.F D.C.، 1976، P. 81.

وكذلك د. حمدي عبد الرحمن ، الوسيط ، مصدر سابق ، ص62.

6- ينظر أ. د. محمد شكري سرور ، مصدر سابق ، ص71-72 ، د. حمدي عبد الرحمن ، مصدر سابق ، ص64.

7- ينظر د. حسام الدين الأهواني ، مصدر سابق ، ص701.

8- لوحظ في الفترة ما بعد التسعينيات من القرن الماضي تأكيد القضاء الفرنسي على وجود التزام بضمان السلامة خارج إطار العقد وذلك لتوفير حماية للمتضررين من الغير ، حيث أصبح المتضرر من المشترين يتمتع بحماية فعالة بعد الاعتراف بالالتزام بضمان السلامة العقدي ، فوسع القضاء من نطاق هذا الالتزام ليشمل العلاقات غير العقدية وبذلك اعتبر هذا الالتزام واجباً عاماً ومستقلاً عن الالتزام العقدي بضمان السلامة خصوصاُ وأن التوجيه الأوربي نظم المسؤولية الموضوعية للمنتج والذي كان له التأثير الكبير على القضاء الفرنسي وخصوصاً في تأكيد وجود التزام عقدي بضمان السلامة وآخر غير عقدي وأدى بعدها إلى صدور قانون 1998 ، ينظر

G.VINEY et P. Jourdain، Traite de droitcivil. op.cit، P. 762 ets..

9- أ. د. محمد شكري سرور ، مسؤولية المنتج عن الأضرار التي تسببها منتجاته الخطرة ، دار النهضة العربية ، 1982 ، ص71-72،عامر قاسم ، مصدر سابق ، ص80.

0[1]- هناك خلاف في الفقه حول الطبيعة القانونية لهذا الالتزام في عقد البيع وسنبين ذلك لاحقاً.

Rene Rodiere، Laresponsabi8lite civil، Paris، 1952، P. 158.-11

12-L.G.D.J. G. J. Nana، La resparation des dommages causes par lesvices d’une chose، paris،

1982، P. 340، N. 597.

3[1]- ينظر ما سيتم بيانه في الفقرة القادمة.

4[1]- القرار الصادر في 28 / 11 / 1979 ، مشار إليه سابقاً.

5[1]- الحكم الصادر في 16 / 5 / 1984 ، مشار إليه سابقاً. ويلاحظ على هذا القرار أنه جعل من الالتزام بضمان السلامة التزاماً بوسيلة ولقد تعرض موقفها هذا إلى الانتقاد.

6[1]- كانت المحاكم تلجأ إلى أحكام المادتين ( 1135 و 1147 ) وهي من القواعد العامة في المسؤولية العقدية.

7[1]- صدر القرار في 20 / 3 / 1989 ، حيث نقضت حكم الاستئناف الذي قرر مسؤولية منتج جهاز التلفزيون الذي انفجر بعد شراءه بثماني سنوات رغم عجز المشتري عن إثبات أن الجهاز كان ينطوي على عيب في تصنيعه عند تسليمه. note، H. Roland، B. starck et L. Boyer، op.cit، P. 757.

8[1]- ينظر في ذلك Huet، op.cit، P. 186-187..

9[1]- القرار الصادر من محكمة استئناف باريس في 14 / 12 / 1961 ينظر SMEIN، op.cit، P. 264.

20- القرار الصادر في 22 / 1 / 1991 حيث تتعلق وقائع الدعوى بسيدة أصيبت إصابات خطرة في بشرتها نتيجة لاستعمال مستحضراً للتجميل ينظر J.Huet، op.cit، P. 186.

[1]2- ينظر الأحكام الصادر في هذا الشأن ومنها الصادر في 11 / 6 / 1991 ، 27 / 1 / 1993 ،
15 / 11 / 1993 ، 15 / 10 / 1996 ، J. Huet، op.cit، P. 187.

وكذلك الحكم الصادر من الدائرة المدنية الأولى في محكمة النقض في 7 / 11 / 2000 ينظر فيها

Multicodes droit prive، op.cit، P. 958.

22- ذهبت المحاكم أحياناً أبعد من ذلك عندما نفت أن يكون ذلك راجعاً إلى الإخلال بالالتزام بالتسليم المطابق ، ينظر في ذلك د. حسن عبد الرحمن قدوس ، مصدر سابق ، ص20 هامش (1).

23- د. علي سيد حسن ، مصدر سابق ، ص105-106 ، د. محمود عبد القادر الحاج ، مصدر سابق ، ص71 ، د. محمود جمال الدين زكي ، مصدر سابق ، ص428.

H. et L. et J. Mazeaad et F. Chabas، op.cit، P. 318.

J. Ghestin، Conformite et garanties، op.cit، P. 258.

ESMEIN، op.cit، P. 264.

24- J. Huet، op.cit، P. 185.

25- حول الطبيعة القانونية للالتزام بضمان العيوب الخفية ، ينظر د. عبد الرسول عبد الرضا ، مصدر سابق ، ص207 وما بعدها. د. السنهوري ، الوسيط ، عقد البيع ، مصدر سابق ، ص710 وما بعدها.

26- د. نزيه محمد الصادق المهدي ، مصدر سابق ، ص148.

27- د. حسام الدين الأهواني ، مصدر سابق ، ص602 ، ويقول د. حسن عبد الرحمن قدوس ” بأن إسباغ الالتزام بضمان السلامة صفةالالتزام ببذل عناية لا يهيأ لضحايا الحوادث الحماية الملائمة بل يحرمهم بما تكفله المسؤولية عن فعل الأشياء من ضمان ، فهو لا يختلف عما تفرضه المسؤولية التقصيرية من واجب عام بالتبصر واتخاذ كل ما يلزم لتوقي تعريض الغير للضرر وفضلاً عن ذلك فإنه لا يكفل أدنى حماية في مواجهة مخاطر التطور العلمي ” راجع مؤلفه في مدى الالتزام المنتج بضمان السلامة ، مصدر سابق ، ص72 هامش (2).

28- يلاحظ من جانب آخر أن بعض الفقه لم يستقر على رأي محدد حول الطبيعة ففيما يتعلق بالمنتجات الصيدلانية التي تدخل في نطاق عقد البيع ، فالمفروض أن التزام الصيدلي يكون التزاماً بنتيجة وهي تقديم أدوية صالحة بطبيعتها وبخواصها المطلوبة سواء قام بتحضيرها بنفسه أو يتسلمها من مورد ، فهو لا يستطيع إلقاء المسؤولية على عاتق المورد لأنه قادر علمياً أن يتحقق من سلامة المواد التي يتسلمها او يصنعها ، ينظر د. محمود جمال الدين ، مصدر سابق ، ص393 هامش (94) إلا أنه يعود في نفس الهامش ليذكر قراراً لمحكمة استئناف بواتييه التي قضت فيه بأن صانع الأدوية وبائعها لا يضمن فعالياتها في العلاج وإدامة مطابقة للمواصفات والأصول العلمية ، وفي نفس المعنى ينظر د. عبد الحميد الشواربي ، عز الدين الدناصوري ، حيث يقول في ص70 ، 80 ، بأن التزام الصيدلي هو بذل عناية تقتضيها أصول المهنة ثم يذكر في الصفحة (1426) بأن القاعدة هي أن التزامة التزام بنتيجة وهي سلامة الأدوية التي يصرفها ، عبد الحميد الشواربي ، عز الدين الدناصوري ، المسؤولية المدنية في ضوء الفقه والقضاء. ولرفع التعارض فأن المراد من هذا القول بأن التزام الصيدلي هو التزام بنتيجة فيما يتعلق بسلامة الأدوية التي يصنعها ويبيعها وأنه التزام بوسيلة فيما يتعلق بضمان فعالية الدواء في العلاج.

29- القرار الصادر في 22 / 1 / 1991 ، مشار إليه سابقاً.

30- القرار الصادر في 20 / 3 / 1989 ، مشار إليه سابقاً ، وسوف نبين أن ضمان السلامة لا يقتصر على وجود العيب وإنما يشمل الأشياء الخطيرة.

[1]3- القرار الصادر في 11 / 6 / 1991 ، مشار إليه سابقاً.

32- د. جابر محجوب علي ، مصدر سابق ، ص185.

33- يتبنى هذا الرأي د. جابر محجوب علي ، المصدر نفسه ، ص186.

34- ينظر د. حسن عبد الرحمن قدوس، مصدر سابق ، ص7.

35- د. جابر محجوب علي ، خدمة ما بعد البيع ، مصدر سابق ، ص112-113.

36- من المعلوم أن هناك خصائص عامة في الإثبات ومنها نظرية الرجحان التي تعني أن قواعد الإثبات بعيدة من أن تكون محل يقين مطلق ولكن قناعة القاضي تبنى على أساس احتمال قوي يكفي للإقرار بوجود الحق للمدعي ، ينظر د. آدم وهيب النداوي ، شرح قانون الإثبات ، بغداد ، ط2 ، 1986 ، ص10 ، أستاذنا د. عباس العبودي ، مصدر سابق ، ص86-87.

وأن الرسول r قد أكد على وجود هذه القاعدة عندما قال ” إنما أنا بشر مثلكم وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع ، فمن قطعت له من حق أخيه شيئاً فإنما أقطع له قطعة من نار ” ينظر سبل السلام ، ج4 ، ص131 ، وهناك لفظ آخر للحديث ينظر نيل الأوطار ، ص185 ، بدائع الصناع ، ص15.

37- ينظر د. جابر محجوب علي ، مصدر سابق ، ص188-189.

38- القرار الصادر في 28 / 11 / 1979 ، مشار إليه سابقاً.

39- ينظر د. جابر محجوب علي ، ضمان سلامة المستهلك ، مصدر سابق ، ص191.

40- القرار الصادر في 9 / 10 / 1979 الذي قررت بموجبه الدائرة المدنية ضرورة التقيد بمبدأ عدم جواز الخبرة بين المسؤوليتين ، لذلك اعتبرت أن الدعوى المباشرة للمشتري الآخر ضد المنتج أو ضد أي من البائعين الوسطاء هي بالضرورة ذات طبيعة عقدية ، للمزيد من التفصيل حول موقف القضاء الفرنسي ينظر د. حسن علي ذنون ، مصدر سابق ، ص141-142.

[1]4- بموجب حكم محكمة النقض الصادر في 9 / 10 / 1979 ، مشار إليه سابقاً.

42- G. VINEY، La responsabite، op. cit، P. 84 et 85.

43- ينظر د. علي سيد حسن ، مصدر سابق ، ص183 ، د. محمود جمال الدين ، مصدر سابق ، ص441 ،
أ. د. صبري حمد خاطر ، الالتزام قبل التعاقد بتقديم المعلومات ، بحث منشور في مجلة العلوم القانونية الصادرة في كلية القانون جامعة بغداد ، المجلد 11 ، العدد 1 ، 1996 ، ص172 ، أستاذنا د. جعفر الفضلي ، الالتزام بالأعلام والنصيحة والتعاون في عقد البيع ودوره في حماية المستهلك ، بحث منشور في مجلة الحولية العراقية للقانون ، صادرة في كلية القانون جامعة بغداد ، العدد الأول ، 2001 ، ص133.

44- في هذه الدعوى التي صدر بمناسبتها الحكم المذكور كانت إحدى الطالبات قد تعرضت لحادث في فناء مدرسة خاصة بسبب إحدى الأجهزة الرياضية التي كانت المدرسة قد اشترته ضمن صفقة / وفيها قضت محكمة النقض بأن المنتج والبائع المحترف يلتزمان بضمان السلامة ليس في مواجهة المشتري وحسب بل في مواجهة الغير أيضاً عن كل الأضرار التي تسببها منتجاته بسبب تعيبها أو وجود الخلل فيها ثم تأكد ذلك لاحقاً في أحكام أخرى لاحقة ينظر إلى حكم

Recueil dalloz، Code civil، 1996-1997، P. 810.

وينظر التعليق على الحكم

pradence، P. Jourdain، produits dangerreux، Recueildalloz، 1995، Juris P. 350.

45- ينظر د. حسن عبد الرحمن قدوس ، مصدر سابق ، ص18.

46- المادة 1642 مدني فرنسي ، ( 558 ) مدني عراقي حيث أن النص العراقي لا يقول بإنقاص الثمن بل بقبول المبيع بثمنه المسمى.

47- 1994، dalloz، Y. Lambert-Faivre، Fondement et regime de l’obligation de securite، Recueil

chroniques، P. 81، dalloz 1999، P. 1.

48- يقابلها نص المادة 148 / 2 مدني مصري ، 150 / 2 مدني عراقي.

49- يقابلها نص المادة 215 مدني مصري ، 168 مدني عراقي.

50- يلاحظ أن القوانين العربية ومنها القانون العراقي أقرت بوجود الالتزام بضمان السلامة في ميدان عقد العمل وعقد النقل ، ولقد أشبع الفقهاء هذين العقدين بالبحث والتفصيل ، إلا أن وجود هذا الالتزام في عقد البيع أثار الجدل الكبير بين فقهاءنا ومدى الاعتراف به في مجال عقد البيع ، لذلك فإننا لم نجد في الفقه العراقي من يبحث موضوع الالتزام بضمان السلامة في عقد البيع إلا الإشارات التي تناولتها أطروحتين للدكتوراه عنوانهما مسؤولية المنتج ، والحماية القانونية للمستهلك ، وبحث لأستاذنا الدكتور جعفر محمد جواد الفضلي ، وهناك بحوث تناولت ضرورة التنظيم الخاص لمسؤولية المنتج على غرار ما توصل إليه المشرع في الدول الأوربية ، منها بحث لأستاذتنا د. نسيبة إبراهيم حمو بعنوان المسؤولية القانونية للمنتج الصناعي عن الأضرار الناجمة عن منتجاته ، منشور في مجلة أبحاث ، وبحث لأستاذنا د. أكرم محمود حسين بعنوان أساس مسؤولية المنتج المدنية ، منشور في مجلة الرافدين التي تصدرها كلية القانون جامعة الموصل.

[1]5- ومنها قانون الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ، وقانون الغش الصناعي ، وقانون وزارة الصحة ، وغيرها من القوانين سنشير إليها لاحقاً.

52- تنص المادة 450 إذا أخطر المشتري البائع بالعيب في الوقت الملائم كان له أن يرجع بالضمان على النحو المبين في المادة ( 444 ).

53- الأمر نفسه ينطبق على المشرع المصري ، يراجع في ذلك سالم رديعان العزاوي ، مصدر سابق ، ص38.

54- د. محمد شكري سرور ، مصدر سابق ، ص70 ، ولا يوجد في القانون المدني العراقي نص يقابل النص المصري ،ومن الضروري أن نذكر أن المشرع اللبناني كان موفقاً عندما نص في المادة 449 من قانون الموجبات والعقود اللبناني على إمكانية الحصول على التعويض عن الأضرار التي تسببها وجود العيوب في المنتجات إضافة إلى طلب فسخ في أحوال ثلاث ، ولقد أوجد تفرقة هامة بين البائع حسن النية وسيئها ،
وقرر أن البائع المحترف سواء كان صانعاً أو تاجراً فإنه يفترض فيه العلم بالعيب ، للمزيد من التفصيل ينظر
د. أسعد ذياب ، مصدر سابق ، ص213.

55- يقابلها نص المادة 221 / بفقرتيها من القانون المدني المصري.

تنص الفقرة الثانية من المادة 169 مدني عراقي على أنه ” ويكون التعويض عن كل التزام ينشأ عن العقد سواء كان التزاماً بنقل ملكية أو منفعة أو أي حق عيني آخر أو التزاماً بعمل أو بامتناع عن عمل ، ويشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بسبب ضياع الحق عليه أو بسبب التأخر في استيفائه بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعة لعدم وفاء المدين بالالتزام أو لتأخره عن الوفاء به ” أما الفقرة الثالثة فتنص على ” فإذا كان المدين لم يرتكب غشاً أو خطأً جسيماً فلا يجاوز التعويض ما يكون متوقعاً عادة وقت التعاقد من خسارة كل أو كسب يفوت “.

56- ينظر في المزيد من التفصيل حول تطبيق المادة 169 لمعالجة التعويض عن الأضرار التي تسببها المنتجات بعيوبها ، سالم رديعان ، مصدر سابق ، ص157 وما بعدها.

57- الفرق بين القانون المدني العراقي والمصري هو أن الأخير نص صراحة على فوات الوصف في المادة 447 / 1 منه بعكس القانون المدني العراقي حيث يفهم معنى فوات الوصف من سياق نص المادة
558 / 2 ، حيث أن المشرع العراقي نص على معيارين للعيب وهو ما ينقص ثمن المبيع أو يفوت عرضاً صحيحاً إذا كان الغالب في أمثال المبيع عدمه.

58- كالقانون الإيطالي والأماني والفرنسي التي اعتبرت فوات الوصف إخلالاً بالتسليم ، ومن القوانين العربية التي أخذت هذا الاتجاه القانون المدني الكويتي ، ينظر في تفصيل موقف القوانين ، د. أسعد ذياب ، مصدر سابق ، ص75.

59- تقابلها المادة 148 / 2 مدني مصري.

60- تقابلها المادة 215 مدني مصري.

[1]6- تبنى هذا الرأي كل من د. محمود جمال الدين ، مصدر سابق ، ص449 ، د. علي سيد حسن ، مصدر سابق ، ص105.

62- تقابلها المادة 1134 / 3 مدني فرنسي ، المادة 150 / 1 مدني عراقي.

إغلاق