دراسات قانونية

بحث كبير عن اجراءات وشروط الافلاس والتسوية القضائية في التشريع الجزائري

مقدمة في تعريف الإفلاس:
الإفلاس هو عبارة عن حالة التاجر الذي توقف عن وفاء ديونه التجارية في تاريخ استحقاقها.
وكلمة Faillite تستعمل في التشريع الفرنسي للدلالة على الإفلاس و هي مشتقة من الكلمة اللاتينية fallere والتي تدل على حالة المدين الذي خان ثقة دائنيه به فلم يقم بدفع ما في ذمته تجاههم.وكلمة التفليس Banca rotta تمثل إجراء الإعلان عن الإذلال أو العار الذي يتم على مرأى الجميع وذلك بكسر الكرسي الذي كان يستعمله التاجر المفلس.
في ظل هذا المفهوم، يرفض مسيرو المؤسسات عادة إخطار المحكمة قبل إعلان التوقف عن الدفع أي وضع الميزانية Dépôt de bilan بسبب ما يتركه هذا التدخل من أثر نفسي لديهم وعلى مجمل الساحة الاقتصادية. ولهذا لجأت معظم التشريعات منها المشرع الفرنسي الذي كان محل الدراسة في إيجاد عناصر وقائية تتمثل في الإنذار المبكر قبل وقوع المشكلة المتمثلة في إعلان التوقف عن الدفع، كما قام المشرع الجزائري بنفس الشيء ولكنه خص بإجراءات الإنذار الشركات ذات الأسهم فقط، وهذه المهمة أسندها لمحافظ الحسابات
وقد نظم المشرع الجزائري الإفلاس من خلال الأمر الصادر بتاريخ 26/09/1975 المتضمن القانون التجاري حيث خصص له الكتاب الثالث تحت عنوان: في الإفلاس والتسوية القضائية ورد الاعتبار والتفليس وما عداه من جرائم التفليس من المادة 215 إلى 388 تجاري.

وقد اقتبست هذه المواد من القانون الفرنسي الذي نظم إجراءات الإفلاس و التسوية القضائية تنظيما محكما، أما المشرع الجزائري فإنه دمج إجراءات التسوية القضائية مع إجراءات الإفلاس ولم يفرق بين حالات كل منهما، فكل النصوص التي تناولت الموضوع جاءت فيها عبارة التسوية القضائية مرادفة لعبارة الإفلاس، في حين أن التسوية القضائية تختلف عن الإفلاس من حيث الإجراءات و من حيث الآثار المترتبة عن كل منهما بالنسبة للمدين والدائنين، وهذا ما سنراه في هذه المحاضرات.
القسم الأول: افتتاح إجراءات الإفلاس أو التسوية القضائية:
إن افتتاح إجراءات الإفلاس أو التسوية القضائية يخضع لشروط وينتج آثارا منصوص عليها في الأمر75/59 المتضمن القانون التجاري المعدل بالمرسوم التشريعي 93/08 المؤرخ 25أفريل 1993.

الفصـل الأول: شـروط افتتـاح الإجـراءات:
لا يمكن أن يخضع كل شخص مهما كان لهذه الإجراءات إلا بتوافر شروط موضوعية منصوص عليها في القانون المذكور أعلاه وبعض النصوص الأخرى كالقانون المتعلق بالحرفي، كما أن افتتاح هذه الإجراءات يتطلب شروطا شكلية صارمة.

الشروط الموضوعية:
إن إجراءات التسوية القضائية أو التفليسة مخصصة للأشخاص المذكورين في المادة 215 من القانون التجاري التي تنص (يتعين على كل تاجر أو شخص معنوي خاضع للقانون الخاص ولو لم يكن تاجرا إذا توقف عن الدفع أن يدلي بإقرار في مدى 15 يوما قصد افتتاح إجراءات التسوية القضائية أو الإفلاس).
يتعين إذن الاهتمام بشخصية المدين أي الصفة اللازمة له قبل الاهتمام بحالة التوقف من دفع الديون التجارية.

أولاً: شخصية المدين:
لقد نصت عليها المادة 215 المذكورة أعلاه والمدين الخاضع لإجراءات التسوية القضائية والإفلاس هو التاجر والشخص المعنوي الخاضع للقانون الخاص والشركات ذات رؤوس أموال عمومية بصفة كلية أو جزئية طبقا للمادة 217 من القانون التجاري.

أ/ تحديد الأشخاص الخاضعين لإجراءات الإفلاس والتسوية القضائية.
1/ الشخص الطبيعي:
يجب التمييز بين الأشخاص الممارسين للنشاط التجاري والمتوقفين عن ذلك أو المتوفين.
الشخص الطبيعي الممارس للنشاط التجاري:
التاجر: وهو الشخص الذي يمارس أعمالا تجارية لحسابه الخاص طبقا للمادة الأولى من القانون التجاري.إذن يستلزم:
– مزاولة النشاط التجاري بصورة مستمرة ودائمة أي اتخاذ من التجارة حرفة أو مهنة له.
وليس من الضروري لاكتساب صفة التاجر أن يزاول الشخص تجارته بصورة علنية، فقد يحترف الشخص التجارة مستترا وراء شخص آخر، ومع ذلك يظل مكتسبا لصفة التاجر، ويجب أن يبين الحكم الصادر بشهر الإفلاس الأسباب التي يستند عليها لاعتبار المدين تاجرا، بالإضافة إلى ذلك فإن عدم القيد في السجل التجاري لا يمنع من شهر إفلاس المدين ما دام الشخص يحترف التجارة في الواقع.
– أن يمارس التجارة باسمه و لحسابه الخاص.
_ الأهلية التجارية: أن تكون له الأهلية التجارية يتمتع بكل قواه العقلية ويبلغ 19 سنة فأكثر.
ويجب أن يكن التاجر مسجلا في السجل التجاري وهذا التسجيل يشكل قرينة بسيطة على صفة التاجر واستثناء على ذلك فصاحب قاعدة تجارية مؤجرة إيجار تسيير حر، له صفة التاجر بالرغم من تسجيل تأجير التسيير في السجل التجاري، ولا يمكن إعلان إفلاسه أو خضوعه لإجراءات التسوية القضائية إلا إذا قام بأعمال تجارته بصفة دائمة ومستمرة، وهذا ما توصلت إليه محكمة النقض الفرنسية فـي قرارها المؤرخ في 25 ماي 1989 ، وقد نصت المادة 203/2 من القانون التجاري أن المستأجر المسير له صفة التاجر ويخضع لكل الالتزامات التي تنجم عن ذلك منها التزامه بالتسجيل في السجل التجاري.
وفي حالة عدم تسجيل التاجر في السجل التجاري فإن عبء إثبات صفة التاجر يقع على الدائن الذي يطلب إفلاس المدين، لأن عدم التسجيل لا يمنع من إخضاع التاجر الفعلي أو الأشخاص الذين لديهم موانع لممارسة التجارة كالموظف أو الموثق مثلا. ولكن بالمقابل فقد نصت محكمة النقض الفرنسية في قرارها المؤرخ في 25/03/97 ،أن المسير الفعلي غير المسجل في السجل التجاري لا يمكنه الاستفادة من إجراءات التسوية القضائية.
إن عبء إثبات صفة التاجر يقع على من يدعي وجود هذه الصفة أي على من يطلب إعلان الإفلاس وذلك تطبيقا للقاعدة العامة في الإثبات (البينة على من ادعى).
فقد يكون إثبات ذلك إما من طرف التاجر المفلس الذي توقف عن دفع ديونه التجارية حيث يتقدم بطلب إلى المحكمة يطلب شهر إفلاسه أو استفادته من التسوية القضائية.
وإما يكون ذلك من طرف دائني التاجر المفلس حيث يقع عليهم إثبات صفة التاجر من أجل تطبيق أحكام الإفلاس عليه.
كما يمكن للمحكمة أن تثبت الصفة التجارية من تلقاء نفسها وبالتالي تعلن شهر إفلاس التاجر الذي توقف عن دفع ديونه التجارية وذلك لتعلق نظام الإفلاس وإجراءاته بالنظام العام.
ويتم إثبات صفة التاجر بكافة طرق الإثبات بما في ذلك شهادة الشهود والقرائن.
كما يمكن إثبات صفة التاجر من خلال التسجيل في السجل التجاري حيث اعتبره المشرع الجزائري من خلال المادة 21 من القانون التجاري والمادتين 3/2 و18 من القانون رقم 90/22 المؤرخ في 18/08/1990 المعدل والمتمم والمتعلق بالسجل التجاري أنه قرينة قاطعة لاكتساب صفة التاجر.
و إننا نرى أن القيد في السجل التجاري يعد قرينة بسيطة لاكتساب صفة التاجر قابلة لإثبات العكس حيث أن اكتساب صفة التاجر يكون عن طريق ممارسة الشخص لنشاط تجاري على سبيل التكرار ويتخذه حرفة له، سواء تم قيده في السجل التجاري أو لم يتم لأن عدم القيد في السجل التجاري لا يشكل إثباتا كافيا لنفي الصفة التجارية التي تربط الممارسة الفعلية للأعمال التجارية وليس التسجيل في السجل التجاري الذي لا يشكل أكثر من قرينة بسيطة على اعتبار الشخص أو عدم اعتباره تاجرا حيث يمكن للقاضي أن يستند إليها الإثبات صفة التاجر، كما يمكن أن يستبعدها لوجود عناصر أخرى كافية لإثبات الصفة التجارية، ويتمتع القاضي بالسلطة التقديرية لتقدير صفة التاجر من خلال الوقائع الثابتة لديه.

ب/ الأشخاص الطبيعيون المتوقفون عن النشاط:
ـ الشطب من السجل التجاري: نصت عليها المادة 220/1 من القانون التجاري التي جاء فيها أنه يجوز طلب شهر الإفلاس أو التسوية القضائية في أجل عام من شطب المدين من السجل التجاري إذا كان التوقف عن الدفع سابقا لهذا الشطب، ولهذا فإن افتتاح إجراءات التسوية القضائية أو الإفلاس تصبح غير ممكنة إذا كان التوقف عن الدفع بعد التوقف عن النشاط، أما إذا كان التوقف عن الدفع خلال عام من شطب التاجر من السجل التجاري أو الحرفي من سجل الحرف. وإذا توقف التاجر عن ممارسة نشاطه التجاري وتوقف عن الدفع بعد ذلك ولكنه لم يشطب اسمه من السجل التجاري فإنه يخضع لإجراءات الإفلاس و التسوية القضائية، ولا يمكن للتاجر المشطب أو غير المسجل أن يطلب استفادته من إجراءات التسوية القضائية لأنه ليست له صفة التاجر في نظر الغير، فلا يستفيد من هذه الإجراءات وميعاد السنة يرتبط بتاريخ إخطار المحكمة أو رفع الدعوى أمامها ولا يهم الوقت الذي يصدر فيه الحكم إن تجاوز مدة السنة ما دام أن تسجيل الدعوى جاء خلال المدة المنصوص عليها في المادة 220/1 من القانون التجاري.
ونفس الإجراء يطبق على الشريك المتضامن مع المدين الذي تنازل عن حصصه و لم يتم ذلك وفق الإجراءات المتطلبة قانونا من الرسمية والشهر، أما إذا كان الشريك قد شطب اسمه من السجل التجاري وطبق كل الإجراءات القانونية المتعلقة بتعديل القانون الأساسي من رسمية وشهر فإنه لا يخضع للإجراءات إذا أثبت أن التوقف عن الدفع لاحق عن هذا الشطب بعام.

ـ وفاة المدين: نصت على هذه الحالة المادة 219 من القانون التجاري التي جاء فيها أنه إذا توفي تاجر وهو في حالة توقف عن الدفع ترفع الدعوى للمحكمة في أجل عام من الوفاة بمقتضى إقرار أحد الورثة أو بإعلان من جانب أحد الدائنين، وهدف هذا النص هو استمرار حياة الذمة المالية للمدين الميت لاحتياجات التصفية القضائية لأن الإجراءات مفتوحة ضده هو وليس ضد الورثة، ويكون إخطار المحكمة إما من ورثته أو من أحد الدائنين، ويتم سماع الورثة بعد استدعائهم من طرف المحكمة بواسطة كتابة الضبط أو المحضر القضائي.

2/ الشخص المعنوي الخاضع للقانون الخاص والشركات ذات رؤوس أموال عمومية بصفة كلية أو جزئية:
وقد نصت عليها المادة 215 من القانون التجاري بالنسبة لكل شخص معنوي خاضع للقانون الخاص والمادة 217 بالنسبة للشركات التي لها رؤوس أموال عمومية كليا أو جزئيا.
ويشترط طبقا للمادة 215من القانون التجاري أن يكون شخصا معنويا أي له الشخصية المعنوية وتسجيلها في السجل التجاري بالنسبة للشركات التجارية، وقد ورد في المادة 215 الشخص المعنوي الخاضع للقانون الخاص حتى ولو لم يكن تاجرا.
وحسب فهمنا للمادة و الممارسة اليومية يمكن شهر إفلاس الشركات المدنية والجمعيات والتعاونيات إذا مارست عملا تجاريا وتوقفت عن أداء الدين في تاريخ استحقاقه و المبدأ أنه لا يمكن شهر إفلاس شركة المحاصة بل يشهر إفلاس الشركاء فيها لأنهم يكتسبون صفة التاجر وإن شهر إفلاس الشركاء في هذه الشركات أو شهر إفلاس الشركات الفعلية سواء كانت في طور التأسيس أو قبل تسجيلها في السجل التجاري أو كانت في مرحلة التصفية ترتب نتائج أهمها:
_ الشريك في شركات المحاصة يبقى مالكا لحصته في الشركة وإذا أعلن إفلاس شريكه يمكنه استرداد
أمواله، و يمكنه الدخول في التفليسة للمطالبة بحصته ويخضع لقاعدة قسمة الغرماء.
ولا يجوز شهر إفلاس الشركة بعد إقفال التصفية.
_ أما بالنسبة لشركات الأشخاص (التضامن، والتصفية بوفاة الشريك أو انسحابه من الشركة) فلا يجوز شهر إفلاسها بعد مدة سنة من تاريخ بداية تصفيتها لأن إفلاس الشركة يؤدي إلى إفلاس جميع الشركاء المتضامنين، وقد منح القانون شهر إفلاس التاجر بعد انقطاعه عن النشاط التجاري خلال سنة.
_ أما الشركة الفعلية فإن آثارها تمتد بين الشركاء فقط ويمكن للغير التمسك بوجودها بكل طرق الإثبات بما في ذلك شهادة الشهود و القرائن و الكتابة الرسمية التي تعد شرطا أساسيا لإثباتها.

ب/ توسيع مجال الإجراءات والنتائج المترتبة على ذلك:
نصت عليها المادة 224 من القانون التجاري بحيث أنه يمكن إعلان إفلاس أو تمديد التسوية القضائية لكل مدير قانوني أو فعلي ظاهري أو باطني مأجور أو شريك، إذا كان أثناء قيامه بمهامه قد قام لمصلحته الشخصية بأعمال تجارية أو تصرف في أموال الشركة كما لو كانت أمواله الخاصة. أو أنه باشر لمصلحته الشخصية باستغلال غير مربح وخاسر لا يمكن أن يؤدي إلا إلى توقف الشخص المعنوي عن الدفع وفي هذه الحالة فإن الديون المأخوذة بعين الاعتبار هي ديون الشخص المعنوي وديون المسير الشخصية (أي تدخل في التفليسة أو التسوية القضائية) معناه أن دائني المسير يزاحمون داني الشخص المعنوي. أما بالنسبة لتاريخ للتوقف عن الدفع فإنه لا يحدد تاريخ آخر بالنسبة للمسير بل يعتد بالتاريخ المحدد في الحكم بالنسبة للشخص المعنوي.
ثانيا: حالة التوقف عن الدفع:
هي الشرط الأساسي لافتتاح إجراءات السوية أو التفليسة طبقا للمادة 215 من القانون التجاري.
التعريف القانوني:
التوقف عن الدفع هو عجز التاجر أو امتناعه عن دفع ديونه التجارية في مواعيد استحقاقها ويتحقق ذلك بتوفر الشروط التالية:
_ أن يكون الدين تجاريا لأن الإفلاس لا يطبق إلا على التجار بالنسبة للتصرفات والعقود التي يبرمونها في مجال تجارتهم وتكون هذه الديون ناتجة عن الأعمال التجارية بطبيعتها أو بالتبعية، أما إذا كان التوقف عن الدفع متعلق بديون مدنية فلا يمكن إعلان إفلاس التاجر.
ولكن هل يمكن للدائن بدين مدني أن يطلب شهر إفلاس مدينه التاجر؟
يمكن للمحكمة الاستجابة لطلب الدائن إذا أثبت توقف التاجر عن دفع دين تجاري مستحق الأداء.
ما الهدف من إثبات توقف التاجر عن دفع ديونه التجارية؟
هي شهر إفلاسه لأن ليست العبرة بوضعية التاجر المالية أي هل هو معسر حقا. وتحديد فترة الريبة أو الشك.لأن التاجر يمكن تتوفر لديه أصول تجاريةL’actif كالأموال الموجودة في حسابات بنكية، أو السندات التجارية كالسفاتج، السندات لأمر، القيم المنقولة (سندات الاستحقاق، سندات الاستثمار، سندات المساهمة، القروض غير المستعملة ولا تعتبر أصول (السلع المخزنة).
_ الديون حالة الأداء أي الدين حال الأجل محقق خال من أي نزاع سواء بالنسبة لوجوده أو لطريقة دفعه ويكون محدد أي مستحق الأداء أي قابل للتنفيذ حالا.
إثبات حالة التوقف عن الدفع:
يجب أن تكون أصول التاجر إما غير كافية لمواجهة الخصوم الحالة الأداء أي الديون التي حان أجل دفعها أي عدم استطاعة التاجر مواجهة ديونه أي استحالة دفع ديونه الحالة.أو أنه امتنع عن أدائها.
أما عبء الإثبات فيقع على الدائن عندما يقدم طلب الإفلاس إلى المحكمة وعليه إثبات الدين وإثبات أن التاجر المدين امتنع عن التنفيذ واستنفذ كل إجراءات التنفيذ، كما أن المحكمة عندما ترفع أمامها الدعوى تقوم عادة بإجراء تحقيق معمق لمعرفة حقيقة توقف التاجر عن الدفع وهذا باطلاعها على كل الوثائق التي يقدمها المدعي الدائن و التاجر المدين وهذا طبقا للمادة 221 من القانون التجاري ويتم هذا بشهادة الشهود، الدفاتر التجارية.

الشروط الشكلية لافتتاح إجراءات التسوية القضائية أو الإفلاس :
أولا: إخطار المحكمة:
أ/ من له حق رفع الدعوى

من له صفة طلب فتح هذه الإجراءات، المدين التاجر، الدائنون، أو المحكمة من تلقاء نفسها؟
1/ طلب التسوية القضائية بناءا على طلب المدين خلال 15 يوم من توقفه عن الدفع طبقا للمادة 215 من القانون التجاري، لأن المدين هو أدرى الناس بحالته المادية ومن مصلحته الشخصية أن يبادر لإخطار المحكمة حتى يستفيد من إجراءات التسوية القضائية وهذا في مدة 15 يوم من تاريخ توقفه عن الدفع، وإذا ثبت أن التاجر لم يحترم هذا التاريخ أي جاوز مدة 15 يوم فهنا لا يستفيد من إجراءات التسوية القضائية بل يعلن إفلاسه.
وفي حالة وفاة المدين يعد توقفه عن الدفع فإن الإخطار يكون من ورثته خلال عام من وفاته طبقا لما ذكر في المادة 219 .
ماهي الوثائق التي يلزم إرفاقها عند إخطار المحكمة؟
عندما يكون المدين في حالة توقفه عن دفع ديونه التجارية بسبب أوضاعه المادية ولا يمكنه تسديدها رغم حلول أجل استحقاقها فإنه:
_ يحرر عريضة تتضمن اسمه الكامل وصفته، تاجر(فرد أو شركة) حرفي، فلاح (شركة مدنية)وموطنه واسم دائنيه ومواطنهم، وعرضا عن ميزانيته العامة من الأصول و الخصوم، وبيان الديون المستحقة عليه وأسباب عدم الوفاء، ثم يختم عريضته بطلبات تتضمن استفادته من إجراءات التسوية القضائية لأنه لا يعقل أن يطلب المدين حسن النية شهر إفلاسه مع تعهده بالوفاء بالديون المستحقة بمساعدة المحكمة.
ويرفق بعريضته كل الوثائق المنصوص عليها في المادة218 من القانون التجاري.
والإقرار المنصوص عليه في المادة 215 يعني رفع الدعوى أمام القسم التجاري للمحكمة طبقا للمادة 12 من قانون الإجراءات المدنية، مع دفع رسوم التسجيل، عن طريق عريضة مؤرخة وموقعة من طرف المدين أو محاميه، ويجب أن تتضمن العريضة في حالة كون الدائن شركة تضامن أو شركة توصية بسيطة أسم ولقب جميع الشركاء، وتودع لدى كتابة ضبط محكمة مقر المجلس للمكان المتواجد به المركز الرئيسي للشركة أو المحل التجاري للتاجر وإذا كان التاجر ينشط في عدة أمكنة من الوطن فإنه يرفع الدعوى أمام محكمة مقر المجلس المتواجد فيه نشاطه الأصلي، وتحدد للقضية أقرب جلسة ينظرها القاضي التجاري.
2/ رفع الدعوى من طرف الدائن:
هنا ترفع الدعوى كأية دعوى تجارية من طرف الدائن الذي عجز عن استيفائه دينه من المدين بالطرق الودية طبقا للطريقة الأولى أي عن طريق عريضة مودعة ومسجلة لدى كتابة الضبط طبقا للمادة 12 من قانون الإجراءات المدنية ويكلف المدين بالحضور طبقا للمادة 13 من قانون الإجراءات المدنية ويراعي في دعواه اختصاص المحكمة المحلي، ثم تحدد للقضية جلسة لنظرها من طرف القاضي التجاري.
3/ نظر الدعوى تلقائيا من المحكمة:
لا نجد هذه الحالة كثيرا في الحياة العملية، إلا أنه يمكن ذكر إحدى الحالات المطروحة على المحكمة المتمثلة في رفع دعوى من طرف شركة لتصفيتها لأنها لم تعد قادرة على تسديد ديونها ولكن المحكمة أعلنت تلقائيا إعلان إفلاسها لأنها أثبتت توقفها عن دفع ديونها التجارية.

ب/ المحكمة المختصة:

يعود الاختصاص لمحكمة مقر المجلس الواقع بدائرة اختصاصه المركز الرئيسي للشركة التجارية أو مكان تواجد المحل التجاري طبقا للمادة 8 من قانون الإجراءات المدنية. وإذا كان للتاجر عدة محلات تجارية فإن الاختصاص يعود لمحكمة مقر المجلس المتواجد به محله الرئيسي.
أما الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية فلم ينص قانون الإجراءات المدنية، إلا أن سير العمل في المحاكم تطلب إنشاء أقسام تجارية تضطلع بقضايا الإفلاس والتسوية القضائية.

ثانياً: حكم افتتاح الإجراءات:
له أهمية كبيرة سواء بالنسبة للمدين أو الدائنين.
كيفية إصدار حكم افتتاح إجراءات التسوية و التفليسة:
أ/ التحقيق الأولي:
حتى لا تفتح هذه الإجراءات تعسفيا أو اعتباطيا يجب على المحكمة أن تقوم بعدة تحقيقات طبقا للمادة 222 من القانون التجاري لرئيس المحكمة أن يأمر بكل إجراءات التحقيق لتلقي جميع المعلومات عن وضعية المدين وتصرفاته.
وهذا التحقيق إلزامي ويكون في حالة إخطار المحكمة من طرف الدائن أو من طرف المدين، ويتم هذا التحقيق إما بالاستماع للمدين أو كل شخص تراه المحكمة مناسبا، ويحق للمحكمة الاستعانة بخبير في المحاسبة لمساعدتها في فهم الوضعية المالية والاقتصادية للمؤسسة ويتحصل على كل المعلومات اللازمة من البنوك ومن الدائنين أو مدير أو مسير الشخص المعنوي أو محافظ الحسابات بالنسبة للشركات ذات الأسهم لأنه الأدرى بوضعية الشركة المالية.
ويجوز للمحكمة طبقا للمادة 17 من قانون الإجراءات المدنية مصالحة الأطراف أثناء القيام بهذه الإجراءات وبعد استكمال التحقيق وفي حالة عدم الصلح بين الأطراف وانتهاء الخبير المحاسب من تقريره وإيداعه لدى المحكمة فإن المحكمة تصدر حكمها بافتتاح إجراءات الإفلاس و التسوية القضائية إما مبشرة طبق للمادة 34 من قانون الإجراءات المدنية التي تنص بأنه يجوز الحكم في الدعوى مباشرة وفي الحال وإذا ارتأى القاضي تأجيلها للمداولة فيتعين عليه أن يحدد الجلسة التي يتم فيها النطق بالحكم أو يؤجلها للمداولة للجلسة التي يراها مناسبة.
وعندما يتحقق القاضي من توافر شروط افتتاح الإجراءات فإنه لا يملك أية سلطة تقديرية في افتتاح هذه الإجراءات.
ويجب الإشارة إلى أن قاعدة الجزائي يوقف المدني لا تطبق في أحكام افتتاح الإجراءات.
إن الحكم بافتتاح الإجراءات يكون في جلسة علنية.
ب/ محتوى الحكم:
يحتوي حكم القاضي بافتتاح التفليسة أو التسوية القضائية تاريخ التوقف عن الدفع وينصب هيئة التفليسة أو التسويـة القضائية، ويحدد ما هو الإجـراء الذي سيفتتـح إما الإفلاس أو التسوية القضائية وهذا طبقا للمادة 222/1 من القانون التجاري التي تنص في أول جلسة يثبت فيها لدى المحكمة التوقف عن الدفع فإنها تحدد تاريخه كما تقضي بالتسوية القضائية أو الإفلاس.
1_تعيين تاريخ التوقف عن الدفع:
إن القاضي هو الذي يعين تاريخ التوقف عن الدفع ولكن بما أن القاضي ليست لديه كل المعطيات لتحديد هذا التاريخ فإنه يمكن أن يعدله أثناء سير الإجراءات، ويحدد تاريخ التوقف عن الدفع بمثابة ثمانية عشر شهرا سابقا لصدور الحكم طبقا لنص المادة 247 الفقرة الأخيرة كأقصى حد في جميع الديون و بتاريخ الحكم المقرر له في حالة عدم تحديده من طرف الدائن طبقا للمادة 222/2 من القانون التجاري.
ويكتسي تحديد تاريخ التوقف عن الدفع أهمية كبيرة في تحديد فترة الريبة أو الشك ولهذا يتعين بيان مفهومها:
ماذا نعـني بفتـرة الريبـة؟

وهي الفترة التي تكون كل تصرفات المدين باطلة وهذه التصرفات ذكرتها المادة 247 من القانون التجاري وهي:
_ كافة التصرفات الناقلة للملكية المنقولة أو العقارية بدون عوض.
_ كل عقد معارضة يجاوز فبه التزام المدين بكثير التزام الطرف الآخر.
_ كل وفاء مهما كانت كيفيته لديون غير حالة بتاريخ الحكم المعلن بالتوقف عن الدفع.
_ كل وفاء لديون حالة يعتبر الطريق النقدي أو الأوراق التجارية أو بطريق التحويل أو غير ذلك من وسائل الوفاء العادية.
_ كل رهن عقاري اتفاقي أو قضائي وكل رهن حيازي يترتب على أموال المدين لديون سبق التعاقد عليها.
أما وفاء الشيكات أو السفاتج أو السندات لأمر فيمكن للمدين إجراؤه خلال هذه الفترة طبق للمادة 250 من القانون التجاري/1 وهذا لحماية المستفيدين منها وحماية للائتمان التجاري ولكن يجوز للدائنين إذا أثبتوا أن المستفيد من الشيك أو السفتجة أو السند لأمر كان علما بتاريخ التوقف عن الدفع أن يطالبوا باسترداد هذه الأموال و إدخالها في التفليسة وهذا طبقا للمادة 250/2 من القانون التجاري.
كما أن العقود بغير عوض الناقلة للملكية كالهبة التي أجراها المدين قبل تاريخ التوقف عن الدفع يمكن أن تحكم المحكمة ببطلانها إذا حررت سنة أشهر السابقة للتوقف عن الدفع. وقد شرعت هذه الإجراءات للمحافظة على مساواة الدائنين.

تعديل تاريخ التوقف عن الدفع:
يمكن للمحكمة تعديل تاريخ عن الدفع في حدود ثمانية عشر شهرا بحكم لاحق للحكم الذي افتتح الإجراءات بالتسوية القضائية أو التفليسة.وبعد القفل النهائي لكشف الديون لا يقبل أي طلب لتغيير تاريخ التوقف عن الدفع الذي حدده الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية وهذا طبقا للمادة233 من القانون التجاري.
2/ تحديد الإجراء المطبق إما بالإفلاس أو التسوية القضائية:
يصدر الحكم إما بالتسوية القضائية أو بشهر الإفلاس .
أ/ التسوية القضائية:
نصت المادة 226 من القانون التجاري أنه يقضي بالتسوية القضائية إن كان المدين قد قام بالالتزامات المنصوص عليها في المواد 218،217،216،215 ولكن عند قراءة هذه المواد لا نجد أي التزام اللهم إلا المادة 215 التي تنص على وجوب إعلان التوقف عن الدفع عن طريق المدين خلال 15 يوم وإرفاق عريضته بملف يتضمن الوثائق المذكورة في المادة 218 من القانون التجاري، أما المادتين 216و217 فلا نجد فيهما أي التزام.
ولهذا نقول أن هذه الإجراء منح للمدين حسن النية المتوقف عن دفع ديونه.
ب/ صدور حكم بشهر الإفلاس:
تنص المادة 226 على الحالات التي تعلن فيها إفلاس المدين مباشرة وهي:
أ/ عدم قيامه بالالتزامات المذكورة في المواد 215و216و217و218 من القانون التجاري، ونفس الشيء يقال على هذه الالتزامات بحيث أن المدين إذا لم يعلن خلال 15 يوم عن توقفه عن الدفع أو لم يرفق ملفه بالوثائق المذكورة من المادة 218 من القانون التجاري رغم طلب المحكمة ذلك في حالة رفع الدعوى من طرف الدائنين.
ب/ و مارس مهنته خلافا لحظر قانوني ويقصد بها أنه منع من ممارسة النشاط التجاري ولكنه استمر في ممارسته(عدم التسجيل في السجل التجاري).
ج/ إذا كان قد اختلس حساباته أو بذر أو أخفى بعض أصوله أو كان سواء في محرراته الخاصة أو عقود عامة أو التزامات عرفية أو في ميزانيته قد أقرت تدليسيا بمديونيتها بما لم يكن مدينا بها.
د/ إذا كان لم يمسك حسابات مطابقة لعرف مهنته وفقا لأهمية المؤسسة مثلا(شركة ذات أسهم لم يعين فيها محافظ حسابات).
3_ تعيين هيئة التفليسة أو التسوية القضائية
يجب أن يحدد الحكم القاضي بالتسوية القضائية أو الإفلاس القاضي المنتدب الذي سيتولى تسيير التفليسة وأن يعين الوكيل المتصرف القضائي.

ج/ الإجراءات اللاحقة على صدور الحكم
إن الحكم القاضي بافتتاح إجراءات التسوية القضائية أو الإفلاس له أثر مباشر وفوري بالإضافة لذلك ونظرا لخطورة هذا الحكم يتعين إحاطته بعدة إجراءات والأثر المباشر لهذا الحكم يتمثل في شمله بالنفاذ المعجل، كما أن هذا الحكم له حجية مطلقة.
1/ التنفيذ المعجل للحكم.
تنص المادة 227 من القانون التجاري أن جميع الأحكام و الأوامر الصادرة بمقتضى هذا الباب معجلة النفاذ رغم المعارضة أو الاستئناف باستثناء الحكم الذي يقضي بالمصادقة على الصلح.وهذا النفاذ المعجل قانوني وليس قضائي.فحتى لو لم ينص عليه القاضي في حكمه فإنه يكون مشمول النفاذ. وهذا يعني أن هذا الحكم ينفذ بصفة مستعجلة. ويتمثل الاستعجال في الإجراءات التحفظية الضرورية للمحافظة على أموال الدائنين، حتى لا يتصرف فيها المدين المتوقف عن دفع ديونه التجارية.وكذلك وضع الأختام على محله التجاري وحجز أمواله العقارية والمنقولة….وبيع البضاعة السريعة التلف…أما الحكم المصادق على الصلح فإنه لا يكون مشمول النفاذ.
ووقف النفاذ المعجل يكون بالطعن ضد الحكم بالاستئناف أمام الغرفة التجارية بالمجلس القضائي.
ويكتسب هذا الحكم حجية مطلقة، ففي حالة قبول تسوية قضائية أو شهر إفلاس شركة مشتملة على شركاء مسؤولين بالتضامن عن ديون الشركة، ينتج الحكم آثاره بالنسبة لهؤلاء الشركاء طبقا للمادة 223 من القانون التجاري. ولكن السؤال المطروح، هل يجوز شهر إفلاس شركة أشخاص في حالة شهر إفلاس أحد شركائها. والحكم بفتح الإجراءات الجماعية يمنع إعادة فتحها بالنسبة لنفس المدين. أما الحكم الرافض للدعوى فإنه لا يكتسب الحجية المطلقة بل إن أثره نسبي.
2/ نشر الحكم وتبليغه
* تبليغ هذا الحكم لوكيل الجمهورية:
تنص المادة 230 من القانون التجاري أن كاتب الضبط بمجرد صدور الحكم يوجه ملخص الحكم الصادر بشهر الإفلاس أو بالتسوية القضائية فور صدوره، ويتضمن هذا الملخص البيانات الرئيسية لذلك الحكم ونصه
* كما حررت المادة 228 كيفية نشر هذا الحكم.
_ إعلامه عن طريق لصقه على لوحة إعلانات المحكمة لمدة ثلاثة أشهر.
_ نشره في الأماكن التي يكون فيها للمدين مؤسسات تجارية.
_ نشره في السجل التجاري.
_ نشر ملخص في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية للمكان الذي يقع فيه مقر المحكمة خلال 15 يوما من صدور الحكم، ويشمل النشر اسم المدين وموطنه أو مركزه الرئيسي إذا كان شرعه و رقم قيده في السجل التجاري وتاريخ الحكم لإعلانات النشرة الرسمية القانونية التي نشر فيها الملخص.
ويقوم كاتب الضبط بهذه الإجراءات تلقائيا بعد صدور الحكم.

3/ اتخاذ التدابير التحفظية:
– يجب قفل الدفاتر الحسابية من طرف الوكيل المتصرف القضائي وحصرها بحضور المدين وجردها وهذا بعد استدعائه من طرف الوكيل المتصرف القضائي خلال 48 ساعة من تبليغه إما باستدعاء عادي (عن طريق المحضر) أو برسالة موصى عليها مع العلم بالوصول. وإذا تعذر عليه الحضور يجوز أن يفوض عنه أحدا لحضور قفل الدفاتر، وهذا ما نصت عليه المادة 235 من القانون التجاري.
– الحكم الناطق بالتسوية القضائية يقضي برهن كل أموال المدين الموجودة أو التي سيتحصل عليها المدين فيما بعد، وعلى الوكيل المتصرف القضائي أن يقيده طبقا للمادة 245 من القانون التجاري.
– يجب على الوكيل المتصرف القضائي أن يقوم بكل الإجراءات لحفظ حقوق المدين تجاه مدينيه، فيطلب قيد الرهون حتى ولو لم يطلبها المدين طبقا للمادة255 من القانون التجاري.وهذا حفاظا على حقوق الدائنين، ويكون القيد باسم كتلة الدائنين.
– إذا كان المدين لم يودع الميزانية لدى كتابة ضبط المحكمة ( هذه الحالة يمكن تصورها عند رفع الدعوى من طرف الدائن وليس المدين الذي يلزم بإيداع الميزانية عند إخطار المحكمة) يجب على المحكمة الناطقة بالإفلاس أن تأمر بوضع الأختام على الخزائن والحافظات والدفاتر والأوراق والمنقولات والأوراق والمخازن والمراكز التجارية التابعة للمدين، وإذا كان الأمر يتعلق بشخص معنوي يحتوي على شركاء مسؤولين من غير تحديد يكون وضع الأختام على أموال كل منهم. وفي حالة وجود الأموال في دائرة اختصاص أخرى ينتدب القاضي الموجودة الأموال في اختصاصه لوضع الأختام.
– وإذا تبين من وقائع القضية أن المدين أن المدين أخفى أمواله أو اختلسها أو لم يحضر بعد استدعائه، يمكن وضع الأختام على الأموال قبل صدور الحكم بشهر الإفلاس، وهنا توضع الأختام بناء على طلب الدائن أو تلقائيا من طرف المحكمة، وإذا كانوا عدة دائنين يكفي أن يطلب ذلك أحد الدائنين طبقا للمادة258/3 من القانون التجاري.
– ويمكن للوكيل المتصرف القضائي أن يطلب من القاضي المنتدب إعفاءه من وضع الأختام أو نزع
الأختام عن:
1- المنقولات والأمتعة اللازمة للمدين ولأسرته طبقا للبيان المعروض لديه.
2- الأشياء المعرضة للتلف القريب أو التي يخشى انخفاض قيمتها.
3- ما يلزم استعماله في نشاطه الصناعي أو مؤسسته إن كان رخص له باستمرار الاستغلال.
– ويقوم الوكيل المتصرف القضائي بتحرير قائمة جرد هذه الأشياء وحساب قيمتها، ويتم هذا بحضور القاضي المنتدب باستخراج الدفاتر والمستندات الحسابية من الحفظ تحت الأختام وجردها وبيان حالتها وتسليمها للوكيل المتصرف القضائي طبقا للمادة 261 من القانون التجاري. كما يستخرج من الحفظ الأوراق التجارية التي حل أجل استحقاقها، ويسلمها للوكيل المتصرف القضائي ليتخذ الإجراءات اللازمة للمطالبة بوفائها طبقا للمادة 261 من القانون التجاري.
– وقد نصت المادة 263 على المدة التي يطلب فيها الوكيل المتصرف القضائي من القاضي المنتدب رفع الأختام حتى يباشر عملية الجرد وهي ثلاثة أيام من وضع الأختام.

الفصل الثاني: هيئة التفليسة والتسوية القضائية.

أولاً : الهيئات القضائية.
1/ المحكمـة و طرق الطعن في أحكامها.
اختصاصاتها و مهامها:
ـ تعيين هيئة التفليسة أو التسوية القضائية ماعدا تعيين المراقبين طبقا للمادة 240 من القانون التجاري فهي من اختصاص القاضي المنتدب.
ـ تحديد مصير المؤسسة إما التسوية القضائية أو الإفلاس و التصفية.
ـ تحويل التسوية القضائية إلى تفليسة.
ـ تحديد التوقف الكلي أو الجزئي للنشاط التجاري في حالة الإفلاس طبقا للمادة 277 من القانون التجاري.
ـ الترخيص للوكيل المتصرف القضائي باستغلال المحل التجاري في حالة الحكم بالإفلاس طبقا للمادة 277/2 من القانون التجاري.
ـ مراقبة أوامر القاضي المنتدب إما تلقائيا أو باعتراض المدين أو الدائنين طبقا للمادة 287 من القانون التجاري.

طرق الطعن في أحكامها:
ليست كل الأحكام الصادرة في الإفلاس والتسوية القضائية قابلة للطعن فيها.فقد أقصت المادة 232 من الطعن:
– قبول الدائنين في المداولات عن مبلغ تحدده طبقا للمادة 287 من القانون التجاري.
– الأحكام التي تفصل بها المحكمة في الطعون الواردة على الأوامر الصادرة من القاضي المنتدب في حدود اختصاصاته.
– الأحكام الخاصة بالإذن باستغلال المحل التجاري.
وتشمل طرق الطعن الاستئناف والمعارضة بالنسبة لأطراف النزاع واعتراض الغير الخارج عن الخصومة بالنسبة للغير.
1/ الاستئناف والمعارضة:

منصوص عليها في المادتين231 و234 من القانون التجاري، ولم يفرق القانون بين الحكم القاضي بالإفلاس أو التسوية القضائية في مواعيد الطعن وهي مفتوحة لأطراف الدعوى من دائنين ومدين.

أ/ المعارضة: مهلة المعارضة هي عشرة أيام اعتبارا من تاريخ صدور الحكم، أما الأحكام التي يجب نشرها لا يبدأ حساب المهلة إلا من تاريخ تكملة آخر إجراء فيها.
ب/ الاستئناف: يبدأ حساب المهلة من تاريخ تبليغ الحكم وينظر المجلس في الاستئناف خلال ثلاثة أشهر.
هل يحق لوكيل الجمهورية استئناف الأحكام الصادرة في الإفلاس أو التسوية القضائية ؟

2/ اعتراض الغير الخارج عن الخصومة:
لم ينص القانون التجاري على الطعن باعتراض الغير الخارج عن الخصومة، وقد نص عليه المشرع الفرنسي للسماح للغير التضرر من التصرفات التي يقوم بها المدين أثناء فترة الريبة.
مثلا طلب تغيير تاريخ التوقف عن الدفع لصحة التصرفات.
أما الطعن بالنقض فيخضع للقواعد العامة ومهلة الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا هو شهران من تاريخ تبليغ الحكم.
أما الآثار المترتبة على الطعن الحكم فهي إما تعديل الحكم (مثلا المحكمة قضت بالإفلاس والمجلس يعدل الحكم إلى تسوية قضائية) أو تغيير تاريخ التوقف عن الدفع، أو إلغاء الحكم القاضي بافتتاح الإجراءات كلية، هنا يستفيد المدين في حالة إلغاء الحكم لأن كل تصرفاته أثناء فترة الريبة تصبح قانونية.
الديون المترتبة بعد شهر الإفلاس أو التسوية القضائية نصت عليها المادة 229من القانون التجاري وهي تدفع من أموال التفليسة إن كانت متوفرة disponible وكافية، وهي مصاريف النشر في صحيفة الإعلانات القانونية واللصق ووضع الأختام ورفعها، ويدفعها الدائن في حالة أنه هو من رفع الدعوى، وفي حالة نظر الدعوى تلقائيا من المحكمة تدفع من الخزينة العامة ثم تدخل في التفليسة، وتعتبر ديونا ممتازة وتدفع من الموجودات بعد التصفية أو الحصول على الأموال بمواصلة النشاط التجاري.
كما نصت المادة 229 كذلك على إعطاء المفلس بعض المال للاستئناف لأنه لا يمكنه التصرف في أمواله بمفرده.
2/ القاضي المنتدب وطرق الاعتراض على أوامره:
نصت عليه المادة 235 من القانون التجاري وهو الهيئة الأساسية المسيرة لإجراءات الإفلاس و التسوية القضائية ، ونظرا لأهميته سماه الفقهاء الفرنسيون:
L’homme orchestre ou le chef d’orchestre de la procédure.
وهذا لأهميته، ويعين طبقا للمادة 235/1 من القانون التجاري في بداية كل سنة قضائية بأمر من رئيس المجلس القضائي بناءا على اقتراح رئيس المحكمة.
ويتمثل دوره في ملاحظة ومراقبة أعمال و إدارة التفليسة أو التسوية القضائية ويجمع كل المعلومات المناسبة ويستمع للمدين وكل من له علاقة بالموضوع، كالدائنين، العمال و المستخدمين، محافظ الحسابات ومسير الشخص المعنوي…

مهام وصلاحيات القاضي المنتدب:
مهامه واسعة جدا فهو همزة الوصل بين القاضي التجاري ومختلف الهيئات الأخرى، ويقوم خاصة :
ـ ينظر في كل عمل يقوم به الوكيل المتصرف القضائي طبقا للمادة 239 من القانون التجاري.
ـ يعين المراقبين ويعزلهم طبقا للمادتين 240و241 من القانون التجاري.
ـ يأذن للوكيل المتصرف القضائي ببيع الأشياء المعرضة للتلف أو التي تنخفض قيمتها طبقا للمادة 268 من القانون التجاري، ويأذن له ببيع باقي الأموال في حالة إعلان الإفلاس طبق للمادة269 من القانون التجاري.
وتضيف المادة 270 اختصاصا غير واضح يتمثل في الإذن للوكيل المتصرف القضائي بإجراء التحكيم أو المصالحة في كافة المنازعات التي تعني جماعة الدائنين، وإذا كان موضوع التحكيم أو الصلح غير محدد القيمة أو تجاوزت قيمته اختصاص المحكمة وجب عرض التحكيم أو الصلح على المحكمة للتصديق عليه.
إذن القاضي المنتدب يكلف بالسهر على السير الجيد للإجراءات و الحفاظ على مصالح وحقوق الدائنين وهو بذلك يراقب كل أعمال المتصرف القضائي و المراقبين وهو بمثابة قاضي التحقيق ويعتبر بمثابة درجة أولى لكل النزاعات الواقعة أثناء التفليسة أو التسوية القضائية.
الاعتراض على أوامر القاضي المنتدب:
تنص المادة 237 من القانون التجاري أن أوامر القاضي المنتدب تودع لدى كتابة ضبط المحكمة فور صدورها، ويعارض فيها خلال عشرة أيام من تاريخ الإيداع، ويبلغ هذا الأمر للمعنيين الذين يذكر اسمهم في الأمر عن طريق كاتب الضبط، ويجب أن تحصل المعارضة خلال عشرة أيام من التبليغ، ويرفع الاعتراض عن طريق تصريح لدى كتابة ضبط المحكمة وتفصل فيها المحكمة في أول جلسة لها.( عمليا ينظر القاضي في الأمر دون افتتاح الجلسة أي في مكتب القاضي).
كما يجوز للمحكمة أن تنظر في أوامر القاضي المنتدب تلقائيا خلال عشرة أيام من إيداعها لدى كتابة ضبط المحكمة إما بتعديلها أو إلغائها.
3/ النيابـــــة:
بما أن إجراءات الإفلاس و التسوية القضائية متعلقة بالنظام العام لأن إعلان الإفلاس يمس المصلحة العامة فله حق إعلامه بكل إجراء يتخذ فيها، أما الإجراءات التي يتخذها ممثل النيابة فليست واضحة.
ويجب تبليغ وكيل الجمهورية عند صدور الحكم بالإفلاس أو التسوية القضائية طبقا للمادة 230 من القانون التجاري، وهذا لاتخاذ النيابة الإجراءات اللازمة للتفليس بالتدليس وهي تحريك الدعوى العمومية و مباشرتها ضد مرتكب جرم التفليس، كما يلزم القاضي المنتدب بإحالة البيان الذي يقدمه له الوكيل المتصرف القضائي إلى وكيل الجمهورية وإذا أغفل ذلك وجب علمه أن يخطره بذلك ويوضح له الأسباب التي جعلته يتأخر عن ذلك طبقا للمادة 257/2 من القانون التجاري.
كما يمكنه حضور عملية الجرد طبقا للمادة 266 من القانون التجاري إذا أراد ذلك. وله حق الاطلاع في أي وقت على كافة المحررات و الدفاتر والأوراق المتعلقة بالتسوية القضائية أو الإفلاس طبقا للمادة .
وقد منحه القانون الفرنسي حق الطعن ضد كل الأوامر الصادرة بتعيين هيئة التفليسة أو التسوية القضائية أو فسخ عقد التسيير الحر للمحل التجاري إلى غيرها من الأوامر و الأحكام الصادرة عن المحكمة أو القاضي المنتدب.

ثانياً :الهيئات غير القضائية:
وهم الوكيل المتصرف القضائي والمراقبين.
1/ الوكيل المتصرف القضائي:
نص عليه الأمر رقم 96/23 المؤرخ في 09 جويلية المتعلق بالوكيل المتصرف القضائي1996 الذي ألغى المادة 338 من القانون التجاري التي كانت تنص: تعين المحكمة في الحكم الصادر بالتسوية القضائية أو الإفلاس أحد كتاب ضبط المحكمة كوكيل للتفليسة Syndic .
ويعين هذا الوكيل المتصرف القضائي بموجب الحكم الناطق بالتسوية أو الإفلاس كما قلنا سابقا، وهو مكلف بتسيير الأموال المدين في حالة الإفلاس أو مساعدته في تسييرها في حالة التسوية القضائية إذا قبل المدين ذلك أو تسييرها إذا رفض.
ـ يقوم بمهمة تمثيل الدائنين Représentant des créanciers
ـ يقوم بمهمة المصفي في حالة الحكم بالإفلاس وبالتالي تصفية أموال المؤسسة.
إذن يمكن القول أن مهمته جد متشعبة، فهو من جهة يسير المؤسسة في حالة إعلان الإفلاس ويساعد المدين في التسيير في حالة التسوية القضائية.
ومن جهة أخرى فهو المكلف بحصر أموال المدين وجردها وتحليل الميزانية… ويقترح الحلول المناسبة لهذه المؤسسة.
ويقترح للقاضي المنتدب المبلغ الواجب دفعه للمدين أثناء سير الإجراءات المادة 242 من القانون التجاري.
يمارس جميع حقوق الدعاوى و المفلس المتعلقة بذمته .
ترفع الدعاوى ضد الوكيل المتصرف القضائي التي كانت سترفع ضد المدين في الحالة العادية طبقا للمادة 245 وهي الدعاوى التي لم تتوقف بالحكم بشهر الإفلاس.
يبيع الأشياء المعرضة للتلف أو انخفاض قيمتها ويحصل الديون ويواصل النشاط التجاري إذا سمح له القاضي بذلك طبقا للمادة 268 و269 من القانون التجاري ويجرى التحكيم و المصالحة إذا سمح له بذلك طبقا للمادة 270 من القانون التجاري.
إذن فإن الوكيل المتصرف القضائي يدير أموال المدين في حالة إفلاسه وفي حالة التسوية القضائية طبقا للمادة 268، 269، 270 و 273، 274، 279 يمكنه طبقا للمادة 273، 275، 277، 279 من القانون التجاري يساعده المدين في تسيير أمواله.
ـ هو من يقوم بإجراء تحقيق الديون وهذا بتسليم الدائنين مستنداتهم لحصرها جميعا طبقا للمادتين 280، 282 من القانون التجاري ويودع كشف الديون لدى كتابة الضبط طبقا للمادة 283 من القانون التجاري.
ـ يدفع أجور العمال أو المستخدمين كمدين خلال عشرة أيلم من الحكم بالإفلاس أو التسوية القضائية طبقا للمادة 294 من القانون التجاري.
ـ يقترح على القاضي المنتدب بدفع ديون الدائنين الممارسين طبقا للمادة 300 من القانون التجاري.
ـ يطلب من القاضي المنتدب تحويل التسوية القضائية إلى إفلاس طبقا للمادة 336 من القانون التجاري.
ـ يقوم بالتصفية في حالة اتحاد الدائنين طبقا للمادة 349 من القانون التجاري ويقوم ببيع كل موجودات المؤسسة.
ـ يصبح الوكيل المتصرف القضائي مصفيا للمؤسسة في حالة اتحاد الدائنين ويقوم ببيع كل موجوداتها.
ولا يمكن تعيين نفس الوكيل المتصرف القضائي بالنسبة للتسوية القضائية والإفلاس طبقا للمادة 18 من القانون المتعلق بالوكيل المتصرف القضائي.
و يمارس الوكيل المتصرف القضائي مهمته عبر كامل التراب الوطني تحت رقابة النيابة العامة التي تقوم بتفتيشه، ويخضع في عمله للأمر رقم 96/23 المتعلق بالوكيل المتصرف القضائي الذي يسير حياتهم العملية وكيفية تعيينهم و الشروط اللازمة لممارسة مهامهم ويحدد حقوقهم وواجباتهم والأحكام التأديبية التي تطبق عليهم في حالة ارتكابهم أي خطا و السجلات الملزمون بمسكها.
2/ المراقبــون:
يعين القاضي المنتدب مراقبا أو اثنين من بين الدائنين طبقا للمادة 240 من القانون التجاري ويجب ألا تكون المراتب ترتب للمدين إلى غاية الدرجة الرابعة.
وتتمثل مهمتهم في مساعدة القاضي المنتدب في مراقبة أعمال الوكيل المتصرف القضائي في حالة مساعدة المدين في تسيير أمواله أو تسييرها هو بنفسه أو تصفيتها طبقا للمادة 241 من القانون التجاري ولا يتلقون أية أجرة على هذه المهمة لأنها مجانية، ويمكن أن يعزلوا من طرف القاضي المنتدب بناءا على رأي أغلبية الدائنين.

الفصل الثالـث: الآثـار المترتبـة على الحكـم بالإفـلاس أو التسويـة القضائيـة :

أولاً : بالنسبـة للمديــن.
كيف يتم تسيير المؤسسة التجارية أو كيف تتم إدارة أموال المفلس أو المقبول في تسوية قضائية ؟
تختلف الحالة بحسب ما إذا قضت المحكمة بإفلاس المدين وهنا يتم غل يده عن التصرف بأمواله و يحرم من بعض حقوقه المدنية والسياسية، أو مساعدته ومراقبته في حالة التسوية القضائية.
1/ غـل يـد المديـن عـن التصـرف بأموالـه:
يتم غل يد المدين بقوة القانون بمجرد صدور الحكم بشهر الإفلاس وذلك ما تقضي به صراحة المادة 246/1ق ت [يترتب بحكم القانون على الحكم بشهر الإفلاس، ومن تاريخه تخلي المفلس عن إدارة أمواله أو التصرف فيها بما فيها الأموال التي قد يكتسبها بأي سبب كان ما دام في حالة الإفلاس، ويمارس وكيل التفليسة جميع حقوق و دعاوى المفلس المتعلقة بذمته طوال مدة التفليسة].
ويظهر من هذا النص أن المشرع قد غل يد المدين عن أعمال الإدارة و التصرف على السواء، وذلك لحماية الدائنين من عبث المدين وإقامة المساواة بينهم.
ويحدث غل اليد بقوة القانون فور صدور الحكم بشهر الإفلاس أما إذا لم يصدر حكم بشهر الإفلاس فلا محل لغل اليد حتى ولو ثبت أمام المحكمة توقف المدين عن الدفع.
ويظل غل اليد قائما حتى انتهاء التفليسة بالتسوية القضائية أو قيام حالة الصلح أما إذا أقفلت التفليسة لعدم كفاية أموالها فيظل غل اليد قائما لأن حالة الإفلاس مازالت قائمة.
فإذا عاد المدين المفلس على رأس تجارته بسبب التسوية القضائية أو إذا ما آلت إليه أموال عن طريق الهبة أو الميراث مكنته من الوفاء بديونه فإنه يستعيد أمواله بالحالة التي تكون عليها، لأن انتهاء غل اليد ليس له أثر رجعي، و الملاحظ أن وكيل التفليسة يباشر إدارة أموال المفلس تحت رقابة القاضي وطوال مدة التفليسة.
الطبيعـة القانونيـة لغـل اليـد:
يقتضي غل يد المدين المفلس عن إدارة أمواله و التصرف فيها وحلول الوكيل المتصرف القضائي محله في إدارة هذه الأموال منع المفلس من مباشرة حقه في الإدارة والتصرف، ولكن على الرغم من ذلك يظل المفلس مالكا لأمواله طوال فترة التفليسة، فإذا تم بيع الأموال الوشيكة التلف أو انخفاض القيمة في مرحلة الإجراءات التحفظية فإن الملكية تنتقل من المفلس إلى المشتري مباشرة، حتى ولو أن الوكيل المتصرف القضائي هو الذي قام بالبيع، وكذلك الحال في مرحلة التصفية وبيع أموال المفلس المنقولة أو العقارية حيث يستوجب ذلك نقل ملكيتها من المفلس إلى المشتري، كذلك إذا توفي المفلس أثناء إجراءات الإفلاس فإن أموال التفليسة تنتقل إلى ورثته، ويوزع عليهم الفائض منها بعد انتهاء التفليسة.
ولا يعتبر غل اليد بمثابة عارض من عوارض الأهلية بل يظل المفلس كامل الأهلية بعد شهر إفلاسه غير أن تصرفات المدين المفلس في مرحلة الإفلاس لا تنفذ في مواجهة جماعة الدائنين ويعود أساس ذلك إلى أن غل اليد يعتبر بمثابة حجز شامل لأموال المفلس ويقع هذا الحجز لمصلحة جماعة الدائنين بمجرد صدور الحكم بشهر الإفلاس. ويترتب عليه وضع الأموال المذكورة في حالة عدم القابلية للتصرف، فإن تصرف المفلس شيء منها خلال فترة غل اليد، فلا يحتج بهذا التصرف على جماعة الدائنين.
الأعمـال والتصرفـات الـتي يشملـها غـل اليـد:
الأصل أن غل اليد يشمل جميع الأعمال القانونية التي يقوم بها المفلس بعد صدور الحكم، شريطة أن يكون هذا التصرف متعلقا بأمواله.
إذن نستخلص أن الوكيل المتصرف القضائي هو الذي يتولى إدارة أموال المفلس في حالة الإفلاس طبقا للمادة 244 من القانون التجاري، فلا يجوز للمفلس إجراء أي عمل قانوني سواء من قبيل أعمال الإدارة أو التصرف كالقرض والبيع والهبة أو التنازل عن الحقوق أو تحرير الأوراق التجارية أو إبرام عقود يترتب عليها ديون جديدة.
ويشمل غل اليد كل التصرفات التي ترد على أموال المفلس الحاضرة والمستقبلية التي قد يكتسبها بعد إفلاسه ساء تحصل عليها من تجارة جديدة إذا أذن له بذلك، أو تحصل عليها من ميراث أو هبة أو وصية أو من حكم استفاد فيه بالتعويض عن ضرر أصابه.
كما أن المفلس لا يمكنه الوفاء بديونه أو استيفاء حقوقه بنفسه بل إن الوكيل المتصرف القضائي هو من يقوم بهذه المهمة.
ولا يشمل غل اليد حقوق المدين المتعلقة بشخصيته، الحقوق المتعلقة بالشخصية، المتعلقة بالأسرة، الزواج، الطلاق ، مثلا التأسيس طرفا مدنيا في قضية للدفاع عن حقه في الدعوى العمومية فقط. أما الدعاوى المدنية فيكون إلى جانبه الوكيل المتصرف القضائي حسب اجتهاد محكمة النقض الفرنسي.كما نصت المادة 244/2 من القانون التجاري على السماح للمفلس القيام بجميع الأعمال الاحتياطية لصيانة حقوقه.
ونتيجة غل اليد فإن المدين يحصل على قوته هو وأسرته ومستلزمات ذلك من القاضي المنتدب بعد اقتراح من الوكيل المتصرف القضائي، كما يمكن أن يستخدم كمسير لمؤسسته التجارية لتسهيل التسيير لأنه الأدرى بهذه التجارة، وهذا كذلك بأمر من القاضي المنتدب طبقا للمادة 242 من القانون التجاري.
سقوط بعض الحقوق المدنية والسياسية:
لا يحق للمفلس طبقا للمادة 243 من القانون التجاري أن يمتع ببعض الحقوق مثلا أن ينتخب عضوا في اتحادات التجار والحرفيين، أو الانضمام إلى غرفة التجارة والصناعة أو الترشيح في الانتخابات السياسية، أو يكلف بوظيفة عامة…كما لا يجوز له أن يكون سمسارا أو وسيطا أو مستشارا مهنيا أو مودع لثمن بيع المحلات التجارية… حتى يرد له اعتباره طبقا للمادة 149 من القانون التجاري.
2/ إدارة أموال المدين في حالة التسوية القضائية:
إن أموال المدين يديرها بنفسه بمساعدة الوكيل المتصرف القضائي ، فهو يقوم خاصة بكافة الإجراءات التحفظية و يحصل السندات والديون الحالة الأداء ويبيع الأشياء المعرضة للتلف أو التي ستنخفض قيمتها أو التي يكلف الحفاظ عليها ثمنا باهضا، ويجوز له رفع أي دعوى قضائية تخص أمواله العقارية أو المنقولة، كأن يرفع دعوى لمطالبة مدينه بدين على ذمته مثلا.
ويجوز له مواصلة نشاط المؤسسة التجارية أو الصناعية بمساعدة الوكيل المتصرف القضائي طبقا للمادة 273 من القانون التجاري.
وإذا رفض المدين مباشرة أعمال تجارته فيجب على الوكيل المتصرف القضائي القيام بها طبقا 274 من القانون التجاري، وهذا إذا أذن له القاضي المنتدب بذلك.
أما إذا تعلق الأمر برفع دعوى فإن الوكيل المتصرف القضائي ليس ملزما بطلب الإذن من القاضي المنتدب بل يرفع الدعوى ويدخل المدين في الدعوى.
كما يجوز للمدين بمساعدة الوكيل المتصرف القضائي بعد إذن القاضي المنتدب أن يتنازل عن الإيجار أو يستمر فيه مع تنفيذ كافة التزامات المستأجر، كما يمكنه فسخ عقد الإيجار طبقا للمادة 279 من القانون التجاري، وفي هذه الحالة فهو ملزم بإبلاغ المؤجر عن نيته في الاحتفاظ بالإيجار أو فسخه خلال ثلاثة أشهرمن تاريخ الحكم بالتسوية القضائية طبقا للمواد 278 و279 من القانون التجاري.
كما يجوز للمحكمة أن تقضي بفسخ عقد الإيجار إذا رأت عدم كفاية الضمانات المقدمة من طرف المؤجر.
ولكن ما هو الجزاء المترتب إذا تصرف المدين دون الرجوع لرأي الوكيل المتصرف القضائي؟
النتيجة المترتبة على ذلك هي أن التصرفات التي قام بها المدين دون علم الوكيل المتصرف القضائي لا يحتج بها تجاه الدائنين.

ثانياً : آثار الإفلاس أو التسوية القضائية بالنسبة للدائنين :
إن الهدف من افتتاح إجراءات التسوية القضائية هو الحفاظ على المؤسسة، والحفاظ على مناصب العمل، ثم الحفاظ على حقوق الدائنين في الدرجة الثانية، وهذا يرتب نتائج تتمثل في التضحية ببعض حقوق الدائنين. كما تترتب على الحكم بالإفلاس والتسوية القضائية كذلك وقف الدعاوى القضائية الفردية طبقا للمادة 445 من القانون التجاري.
1/ الدعـاوى الممنوعـة:
تتمثل في الدعاوى التي تلزم المدين بدفع أي دين أو فسخ عقد بسبب عدم تنفيذ التزام خاص بدفع مقابل مالي، كما تمنع كل طرق التنفيذ سواء على العقارات أو المنقولات، وإذا كانت الدعاوى مرفوعة رفعت قبل إعلان التوقف عن الدفع فإنها توقف إلى حين إعلان الدائن أو التصريح بدينه لدى الوكيل المتصرف القضائي ثم تعاد بقوة القانون ولكن ليس للمطالبة بالدين ولكن لإثبات هذا الدين وتحديد قيمته، ويقتصر وقف المتابعات على الدائن العادي أما إذا كان الدائن يملك امتيازا خاصا أو رهن حيازي أو رسمي على تلك الأموال فيجوز له مواصلة بيع الأموال المرهونة أو المؤمنة لاستيفاء حقه.
الدعـــاوى المسموحــة:
لا يمنع على الدائنين رفع إلا الدعاوى الخاصة بدفع دين وكيل الدعاوى الأخرى مسموحة و تتمثل في الدعاوى التي تهدف إلى تنفيذ التزام بعمل أو فسخ عقد بسبب آخر غير عدم تنفيذ التزام بدفع دين مثلا المتعلقة بدفع بدلات الإيجار أو ضمان العيوب الخفية.
كما لا تمنع الدعاوى الموجهة ضد المتضامنين مع المدين أو الملتزمين لكن محكمة النقض الفرنسية توصلت في اجتهادها إلى أنه إن أصدر حكم من المحكمة وأيد بقرار من المجلس (أي أصبح نهائي) وشرع في تنفيذه ثم تم إعلان إفلاس المدين هنا يتم التنفيذ ولا يتوقف وقد اشترطت المادة 245 من القانون التجاري أن ترفع هذه الدعاوى ضد الوكيل المتصرف القضائي ويجوز للمحكمة قبول تدخل المدين المفلس كخصم متدخل، أما في حالة التسوية القضائية فإن هذه الدعاوى ترفع ضد المدين والوكيل المتصرف القضائي معا.
وقــف سريــان الفوائــد:
بالنسبة للبنوك للقروض التي تمنحها للتجار، أما بالنسبة للأفراد فلا يحق لهم طلب الفوائد ولم ينص عليها القانون التجاري الجزائري، بل نصت عليها التشريعات الأخرى خاصة الفرنسي وهذا لعدم إرهاق كاهل المؤسسة التجارية المدينة لإمكانية التسوية القضائية خاصة.
وقــف تسجيــل الرهـون والامتيـازات:
نصت عليها المادة 251 من القانون التجاري وهي تحد من حقوق الدائنين وقد شرع هذا الإجراء لتجميد الذمة المالية للمدين بمجرد صدور الحكم بالإفلاس أو التسوية القضائية ولهذا المبدأ استثناء يتمثل في امتياز الخزينة العامة ولها أن تتمسك بامتيازها على الديون التي كانت غير ملزمة بتسجيلها بمجرد صدور الحكم و الديون المعروضة للتحصيل بعد ذلك التاريخ طبقا للمادة 251/2 ومن جهة أخرى بائع المحل التجاري الذي أنجز البيع قبل صدور الحكم يجوز له تسجيل امتيازه، ونصت المادة 114 من القانون التجاري يجوز لبائع المحل التجاري أن يتمسك بامتيازه تجاه مجموعة دائني التفليسة.

إلغاء حقوق بعض الدائنين:
الهدف من هذا الإجراء هو الحفاظ على المساواة بين الدائنين وفي حالة التسوية القضائية تقليص الديون إلى أبعد حد للسماح للمؤسسة بالحياة، وفي هذه الحالة تلغى حقوق بعض الدائنين فالدائن الذي لا يصرح كما سنرى في تحقيق الديون للوكيل المتصرف القضائي في الموعد المحدد بفصله أو تقاعسه لا يمكنه المطالبة بهذه الديون إلا إذا رأت المحكمة خلاف ذلك، وكذلك التصرفات التي حدثت أثناء فترة الريبة وقد ذكرناها كالتصرفات بدون عوض وبعوض مع ثمن بخس طبقا للمادة 247.
التصرفات بدون عوض:
القانون التجاري في المادة 247 الفقرة 2: يمكن للقاضي توسيع فترة الريبة المحددة ب18 شهر كما قلنا إلى ستة أشهر لسببين:
السبب الأول التصرفات الخطيرة جدا التي أجراها المدين قبل هذه الفترة مثلا سواء ساعات أو أيام.
والسبب الثاني هو الحفاظ على الذمة المالية للمدين بحصر كل الأموال التي وهبها للغير لدفعها لمستحقيها من الدائنين وهذا طبعا يخضع للسلطة التقديرية للقاضي.
التصرفات بعوض:
نصت عليها المادة 249 من القانون التجاري، نقصد بها خاصة كل العقود التي يبرمها المدين في فترة الريبة بعوض، وهي عقود مادية جدا أو مطابقة للقانون انعقدت في ظروف مادية، يجوز للقاضي إلغائها وهو حر في ذلك أي أن سلطته التقديرية واسعة في إبقائها أو إلغائها إلا أن المشرع قيد هذه الحرية بإثبات أن المتعاقد مع المدين كان يعلم بتوقفه عن الدفع وهذا العلم بحيث أن يكون مباشر محدد وشخصي ولا تكفي الإشاعة العامة أو علمه بصعوبات المدين.

القسم الثاني: سير إجراءات الإفلاس أو التسوية القضائية:
بعد أن بينا في القسم الأول شروط افتتاح الإجراءات والآثار المترتبة عليها سواء بالنسبة للمدين أو بالنسبة للدائنين يتعين معرفة مصير المؤسسة إما بعقد صلح مع الدائنين وهذا لمواصلة النشاط أو تصفية المؤسسة ببيعها أو حلها ولكن قبل تمام هذه الإجراءات يجب أولا تحقيق الديون وهذا بعد جرد الأموال الموجودة في حيازة المدين ولدى الغير وحقوق الدائنين أو الغير.

الفصل الأول: جـرد الأمـوال وتحقيـق الديـون:

أولاً : جــرد الأمـوال:
يتم جرد أموال المدين بحضوره أو بعد استدعائه قانونا بموجب رسالة مضمونة الوصول أو عن طريق المحضر كما يتم التحقق من وجود الأشياء التي لم توضع عليها الأختام أو التي نزعت عنها ويتم حساب قيمتها وتتمثل في الأشياء والبضائع التي بيعت مخافة تلفها أو إنقاص قيمتها، ثم تحرر قائمة الجرد على نسختين تودع إحداهما لدى كتابة الضبط وتبقى الأخرى لدى الوكيل المتصرف القضائي طبقا للمادة 246. ويمكن للوكيل المتصرف القضائي طلب مساعدة أي شخص مناسب، أجير مثلا له دراية بقيمة البضائع في تحرير قائمة الجرد، ويجوز لوكيل الجمهورية حضور عملية الجرد طبقا للمادة 266 من القانون التجاري وعند إنتهاء عملية الجرد تودع هذه البضائع والأموال لدى الوكيل المتصرف القضائي ويمضي على قائمة الجرد طبقا للمادة 267 من القانون التجاري. وفي حالة وفاة المدين قبل إجراء الجرد يجب حضور ورثته طبقا للمادة 267 بعد طلب الوكيل المتصرف القضائي من القاضي المنتدب رفع الأختام وهذا خلال ثلاثة أيام من صدور الحكم.

ثانيـاً : تحقيـق الديـون:
يجب على الدائنين التصريح بديونهم حتى تفحص وحتى يتمكنوا من المشاركة في مختلف العمليات إما التسوية أو التصفية ويتم فحص الديون بعد جردها كما قلنا وحصرها وهذا بتقديم الوثائق والمستندات من قبل الدائنين والتصريح بها لدى الوكيل المتصرف القضائي ثم يتم قبولها من طرف القاضي المنتدب.
1/تحقيق وقبول الديون:
أ/ تحقيق الديون:
يجب على الدائنين العاديين أو ذوي الامتيازات إذا ما أرادوا الحصول على ديونهم السابقة على الحكم بالإفلاس أو التسوية القضائية أن يقدموا طلبا إلى الوكيل المتصرف القضائي لأنه لا يمكن للمحكمة القيام بإجراءات التسوية القضائية أو تصفية المؤسسة إلا بعد معرفة قيمة الديون المترتبة على عاتق المدين، ولا يختلف الأمر بالنسبة للدائنين العاديين أو الممتازين كما قلنا بما فيهم الخزينة العامة، وسواء كانت ديونهم بسند عادي أو رسمي أو مكفول بحكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي طبقا للمادة 280.

1ـ مهلة التصريح بالديون:
حددتها المادة 281 بشهر واحد يبدأ من تاريخ صدور الحكم بالإفلاس أو التسوية القضائية، وإذا لم يصرح الدائنون بديونهم في هذه المدة فلا تقبل ديونهم إلا إذا سمحت لهم المحكمة بذلك بعد تقديم عذر مناسب لذلك مثلا يثبتون أن هذا التأخر لم يكن بسببهم مثلا بسبب القوة القاهرة، وقد نصت المادة 281 من القانون التجاري أن الدائن في هذه الحالة لا يتحصل إلا على نصيبه من توزيع الحصص المقبلة في حالة مواصلة النشاط التجاري.

2ـ مهمة تحقيق الديون:
ويقوم الوكيل المتصرف القضائي بمهمة تحقيق الديون ويساعده في ذلك المراقبون طبقا للمادة 282 من القانون التجاري ويتم ذلك بحضور المدين أو بعد استدعائه قانونا برسالة موصى عليها العلم بالوصول، وبعد مراقبة صحة هذه الديون يتحتم على الوكيل المتصرف القضائي أن يخبر الدائن بالنتيجة المتوصل إليها برسالة موصى عليها مع العلم بالوصول، وللدائن أجل 08 أيام لتقديم ملاحظاته إما كتابة أو شفاهة طبقا للمادة 282 من القانون التجاري.

ب ـ قبول الديون:
أما قبول الديون فيكون من طرف القاضي المنتدب لأن الوكيل المتصرف القضائي كما قلنا يناقش فقط هذه الديون ويقدم اقتراحاته حول قبول هذه الديون أو رفضها ماعدا الديون المستحقة للخزينة العامة فلا تجوز مناقشتها ويجب أن تقبل بشكل معجل طبقا للمادة 282/5.

ج ـ إيداع كشف الديون:
ويتم توقيع القاضي المنتدب على كشف الديون خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية ويمكن تعديل هذه المهلة بأمر من القاضي المنتدب إذا ظهرت ظروف استثنائية.
وبعد انتهاء إجراءات التحقيق والتوقيع على كشف الديون يقوم الوكيل المتصرف القضائي بإيداع الكشف والقرارات المتخذة الخاصة بمقترحاته لدى كتابة ضبط المحكمة طبقا للمادة 283من القانون التجاري، ثم يقوم كاتب الضبط بنشر قرار القاضي المنتدب بإعلام الدائنين وذلك عن طريق نشره في نشرة الإعلانات القانونية، ويبلغ الدائنون الذين رفضت ديونهم عن طريق رسالة موصى عليها مع العلم بالوصول خلال 15 يوم من تاريخ النشر 284/2.
وقد نصت المادة 285 من القانون التجاري على إمكانية اعتراض الدائنين أو المدين على ما جاء في كشف الديون وهذا بإيداع الاعتراض لدى كتابة ضبط المحكمة خلال 15 يوم من تاريخ النشر طبقا للمادة 285 ، وبعد مرور ثلاثة أيام على رجوع الوصل الذي يتم فيه إعلام الأطراف بالنتائج يرفع كاتب الضبط الديون المتنازع فيها للمحكمة للفصل فيها بناءا على تقرير القاضي المنتدب لتتخذ المحكمة بشأنها حكما.
ـ إما بقبول طلب الدائن المرفوض أو العكس رفض طلب الدين المقبول.
ـ قبول مؤقت للدائن الذي له دين اجتماعي مع تحديد المبلغ الذي قبل له طبقا للمادة .
وبعد صدور الحكم يبلغ كاتب الضبط الأطراف برسائل مضمنة الوصول 287/2.

2ـ حقوق بعض الدائنين و الفئات الأخرى:
تحدثنا فيما سبق عن الدائنين العاديين ولكن هناك بعض الفئات الخاصة لهم حقوق خاصة منهم المتعاقدون مع المدين قبل الحكم وعلاقة الدائنين بالمدين وشركائه في الالتزام وحقوق الدائنين المرتهنين والممتازين.
أ/ حقوق المتعاقدين مع المدين:
يحق للمتعاقدين مع المدين قبل الحكم المطالبة بتنفيذ العقود التي أبرموها، أما المالكون لمنقولات موجودة لديه فيحق لهم استردادها.
ولكن الوكيل المتصرف القضائي هو الذي ينفذها في حالة شهر الإفلاس أما في حالة التسوية القضائية فإن المدين بمساعدة الوكيل المتصرف القضائي هو الذي ينفذها، وإذا لم ينفذ المدين التزامه جاز لهم المطالبة بفسخ العقود، ولكن بعض العقود تفسخ بقوة القانون كعقد شركة التضامن أو التوصية البسيطة، لأن الشركة تحل بموت أحد الشركاء أو إفلاسه أو انسحابه.
ويحق للمتعاقد مع المدين طلب التعويض جراء عدم تنفيذه لالتزامه ولكنه يجب أن يدخل دينه بالتعويض في التفليسة ويقتسم معهم قسمة الغرماء.
ومن أمثلة هذه العقود نذكر عقد الإيجار وقد نصت المادة 278 من القانون التجاري توقف لمدة 03 أشهر كل ما يتخذ بناءا على طلب المؤجر من إجراءات التنفيذ على الأموال المنقولة المؤثثة بها الأماكن المؤجرة من تاريخ صدور الحكم بالتسوية القضائية أو الإفلاس.
ولكن القانون سمح له اتخاذ التدابير التحفظية ويمكنه استرداد الأماكن المؤجرة، لكن عليه أن يقدم طلبه خلال ثلاثة أشهر. وتتمثل هذه الإجراءات التحفظية مثلا في أن المؤجر كان قد اتخذ إجراءات قبل صدور الحكم مثلا رفع دعوى فسخ عقد الإيجار وتحصل على حكم ولهذا فيمكن فسخ العقد طبقا لشرط المدة المذكورة.
كما يمكن للمدين بمساعدة الوكيل المتصرف القضائي أن يتنازل عن الإيجار أو يستمر فيه مع تنفيذ كل التزامات المستأجر شريطة أن يبلغ المؤجر أنه سيحتفظ بحق الإيجار أو فسخه خلال 03 أشهر من صدور الحكم، ويمكن للمحكمة القضاء بفسخ الإيجار إذا رأت انه لا جدوى من الإيجار طبقا للمادة 279 من القانون التجاري.

ب/ حقوق المالكين للأشياء المحبوسة من طرف المدين:
إن دعوى الاسترداد هي التي تسمح لمالك شيء محبوس من طرف المدين ـوهذا بعد إثبات ملكيته له ـ ويجب أن نعلم أن استرداد العقارات لا يشكل صعوبة لسهولة إثباتها بوثائق رسمية. أما استرداد المنقولات فجد صعب، ويخضع لعدة شروط وهذا بإثبات أنها ملك لمن يريد استردادها، كما تثار كذلك مسألة استرداد السندات التجارية.

1/ استرداد المنقولات:
لقد نصت المادة 312 من القانون التجاري على جواز استرداد البضائع المؤتمن عليها المدين سواء على سبيل الوديعة أو لبيعها لحساب مالكها طالما أنها موجودة.
كما نصت المادة 308 على جواز استرداد البضائع التي فسخ بيعها قبل صدور الحكم سواء بحكم قضائي أو نتيجة شرط فاسخ اتفق عليه ما دامت هذه البضاعة قائمة بعينها أي موجودة ، أو وجود جزء منها.
كما يجوز استرداد البضائع التي فسخ بيعها بمقتضى حكم صدر بعد صدور حكم افتتاح إجراءات الإفلاس أو التسوية القضائية.
وقد اشترطت المادة 306 أن تتم المطالبة خلال سنة واحدة من صدور الحكم المفتتح للإجراءات.
كما يجوز استرداد البضائع المرسلة إلى المدين ما دام أن التسليم لم يتحقق في مخازنه، ولكن لا يجوز استرداد هذه البضائع إذا تم بيعها قبل وصولها دون غش وبمقتضى وثائق صحيحة.
إذن نستخلص أنه لإمكان مالك البضاعة أن يستردها يجب توافر عدة شروط:
1. أن تكون البضاعة مفرزة وموجودة إما كلها أو جزء منها إما بحيازة المدين أو لدى الغير لحساب المدين. أما إذا تم بيعها قبل الحكم فلا يجوز استردادها لأن حق الاسترداد ليس حق التتبع.

2. يجب أن يكون المشتري حسن النية.

3. إثبات ملكية البضاعة بكل وسائل الإثبات.

4. يجب أن يكون الثمن لم يدفع بعد.

2/ استرداد السندات التجارية

تطبق عليها نفس القواعد السابقة وقد نصت عليها المادة 311 من القانون التجاري وتخص السفاتج والسندات لأمر والشيكات وسندات القرض، تطبق خاصة هذه المادة على البنوك في حالة توقفها عن الدفع، ويجب أن تكون قد انتقلت إلى المدين على سبيل الوكالة وليس على سبيل نقل الملكية وقد نصت المادة 396 من القانون التجاري على كيفية انتقال السندات التجارية عن طريق التظهير التوكيلي وهو توكيل الغير لقبض ثمنها ولا تنتقل الملكية للمستفيد بعكس التظهير الناقل للملكية الإسمي، لحامل أو على بياض ويجب كذلك ألا يكون قبض ثمنها قبل الحكم.

ج/ حقوق الدائنين المرتهنين والممتازين:
تنقسم هذه الامتيازات والرهون لثلاثة أنواع
1/حقوق الدائنين ذوي الامتياز العام:
ـ تتمثل هذه الديون في المصاريف القضائية التي صرفها الدائن لمصلحة جميع الدائنين للحفاظ على أموال المدين وبيعها.
ـ المبالغ المستحقة للخزينة العامة (الضرائب، الرسوم) المادة 349 من القانون التجاري.
ـ امتياز الأجور للعمال وقد نصت عليها المادة 294 من القانون التجاري، وبالتالي يجب على الوكيل المتصرف القضائي خلال 10 أيام من صدور الحكم أن يدفع الأجور للعمال التي لم تدفع لهم وهذا بمجرد أمر من القاضي المنتدب وهذا بشرط توافر المال اللازم لذلك، وإذا لم تكن متوافرة فإنها يجب أن تدفع بعد الحصول على الأموال من مواصلة النشاط أو البيع طبقا للمادة 295 من القانون التجاري.
ـ الأموال التي تلزم للمدين وأسرته تتميز أيضا بالامتياز العام.

2/حقوق الدائنين ذوي الامتياز الخاص:
كامتياز الدائن المرتهن للعقار المملوك للمدين وبائع العقار وتتم الإجراءات كالتالي:
ـ إذا تم توزيع ثمن العقار قبل توزيع ثمن المنقولات أو تم ذلك في آن واحد كان للدائنين الممتازين أو المرتهنين عقاريا إذا لم يستوفوا حقوقهم من ثمن العقارات أن يشتركوا مع الدائنين العاديين بنسبة ما بقي من مستحقاتهم في ديونهم الخاصة بحماية الدائنين العاديين بشرط أن تكون ديونهم مقبولة طبقا للمادة 301 من القانون التجاري.
ـ إذا تم توزيع ثمن المنقولات أو بعضها قبل توزيع ثمن العقارات فإن الدائنين المرتهنين يشاركون في التوزيعات بنسبة حقوقهم عليه من ثمن المنقولات طبقا للمادة 302 و 303 من القانون التجاري.
الفصل الثاني:انحلال التفليسة أو التسوية القضائية:
قلنا أن الحكم القاضي بافتتاح الإجراءات يقضي إما بالإفلاس أو التسوية القضائية وتنتهي التسوية القضائية بصلح يتم بين المدين والدائنين ثم بموجبه يعود المدين لممارسة نشاطه التجاري، ويمكن تحويل التسوية القضائية إلى الإفلاس كما يقضي الحكم كذلك بالإفلاس كما قلنا وهنا تتم بموجبه تصفية المؤسسة.

أولا:التسوية القضائية :
بمجرد صدور الحكم بالتسوية القضائية يقوم القاضي المنتدب باستدعاء الدائنين بعد تحقيق الديون وقبولها من طرف القاضي المنتدب ويوقع على كشف الديون في أجل ثلاثة أشهر من صدور الحكم ويتم إبلاغ الدائنين بمحتوى كشف الديون خلال ثلاثة أيام من كشف الديون يقوم القاضي المنتدب باستدعاء الدائنين الذين قبلت ديونهم وهذا بإخطار ينشر في الصحف أو عن طريق رسائل مضمنة الوصول من طرف الوكيل المتصرف القضائي وهذا لإجراء الصلح.
قلنا في المحاضرات السابقة أنه يمكن للقاضي إجراء الصلح بين الأطراف قبل إثبات التوقف عن الدفع ويسمى في هذه الحالة بالصلح الودي لأنه يلزم فيه حصول الإجماع بين الدائنين لوقوعه، أما إذا تبت تاريخ التوقف عن دفع الديون التجارية فإن القاضي ملزم بافتتاح الإجراءات وبالتالي يجب تنفيذ ما جاء في القانون التجاري من قواعد صارمة خاصة المادة 317 من القانون التجاري وما بعدها وتتعلق بالصلح القضائي.

1/ تعريفالصلح :
هو اتفاق بين المدين ودائنيه يتعهد بمقتضاه المدين بتسديد ديونه إما بصفة كلية أو جزئية فورا أو بعد منحه آجالا وبناءا عليه تقفل الإجراءات، والصلح يعتبر حلا مناسبا سواء للمدين الذي لا يعلن إفلاسه ويمكنه إذا ما منحت له آجال أو تنازل الدائنين عن بعض ديونهم أن يستعيد نشاطه التجاري وبالتالي يمكنه تجاوز أزمته المالية، وبالنسبة للدائنين حيث يمكنهم الحصول على أموالهم مع التضحية بشيء منها أو إعفاء المدين من دفعها في وقتها أي منحه أجلا طويلا، مثلا للوفاء بها حتى لا يضطروا لقسمة الأموال قسمة الغرماء أو عدم الحصول على أي منها عند إفلاس المدين.

2/ إبرام عقد الصلح:
نصت عليه المادة 317 من القانون التجاري ولا يمكن عقد الصلح إلا في التسوية القضائية فالمدين المفلس لا يمكن استفادته من الصلح لسوء نيته، وإذا افتتحت إجراءات الصلح وترجع المدين بالتفليس بالتدليس توقف هذه الإجراءات وتحول إلى شهر إفلاس إذا ما أدين أمام المحكمة الجزائية، وإذا كان الصلح قد صوت عليه يجب إبطال هذا الصلح.

3/ التصويت على الصلح:
يتم التصويت على الصلح بانعقاد جمعية للدائنين كالتالي:
يعقد الدائنون جمعية بعد استدعائهم بمقتضى المادة 314 كما قلنا سابقا خلال ثلاثة أيام من قفل كشف الديون ولكن عمليا تتجاوز هذه المدة بكثير نظرا لصعوبة ودقة الإجراءات التي تتم بها.
ويتم الصلح بالأغلبية المزدوجة. لكن ماذا تعني الأغلبية المزدوجة ؟ نصت المادة 318 أن الصلح لا يتم إلا باتفاق الأغلبية العددية للدائنين المقبولين نهائيا أو وقتيا على أن يمثلوا الثلثين لجملة مجموع الديون إلا أن ديون الذين لم يشتركوا في التصويت تخفض لحساب الأغلبية في العدد أو في مقدار المبالغ ويمنع التصويت بالمراسلة.
وتعني الأغلبية المزدوجة أغلبية الأصوات (الأغلبية المطلقة) أي النصف + واحد من عدد الدائنين العاديين سواء كانوا حاضرين أو غائبين حسب بعض الفقهاء، لأن غياب الدائنين يدل على أنهم ليسوا موافقين على الصلح وتحسب أصواتهم بالرفض، ولا يهم مقدار دينهم، والأغلبية الأخرى هي أغلبية الديون أي أن من له دين يبلغ ثلثي الديون الموجودة حتى ولو كان أحد الدائنين وليسوا جماعة يؤخذ صوته على حسب دينه وهنا لا تحسب أصوات الغائبين بعين الاعتبار حسب بعض الفقهاء وبعض الاجتهاد القضائي، وإذا كان الأمر يتعلق بشركة تضامن فيجوز للدائنين اقتصار الصلح بالنسبة لأحد الشركاء، أما الشركة فتخضع لإجراءات الإفلاس، ولكن تنزع الديون التي للشريك الذي قبل الصلح معه من التفليسة ويقصى من كل التزامات وجزاءات الإفلاس طبقا للمادة 318/2 و3 من القانون التجاري.
والصلح يحصل مع الدائنين العاديين فقط، أما الدائنون الذين لهم امتيازات أو رهون فهم معفيين من الصلح لأنهم سيستوفون أموالهم عن طريق التأمينات العينية التي لهم، إلا أنهم يمكنهم التنازل عن رهونهم وامتيازهم ويحق لهم التصويت على الصلح أي يصبحون كالدائنين العاديين، فبمجرد تصويتهم يفقدون تأميناتهم بقوة القانون وهذا شريطة أن يتم التصديق على الصلح، لأنه إذا لم يتم التصديق على الصلح تتم حالة الاتحاد وتصبح التسوية إفلاسا كما سنراه لاحقا.
نتائج التصويت:
1/ رفض الصلح من طرف الأغلبيتين:
وهنا لا يتم الصلح، وتقوم حالة الاتحاد بقوة القانون طبقا للمادة 320 من القانون التجاري ولا يجوز عرض صلح من جديد على الدائنين.
2/ قبول الصلح من إحدى الأغلبيتين ورفضه من الأخرى:
في هذه الحالة تؤجل المداولة لاجتماع آخر يتم بعد ثمانية أيام من الاجتماع الأول ويعفى من صوت في الأول من حضور هذا الاجتماع ويبقى تصويتهم صحيحا لأنهم وقعوا على المحضر المعد للصلح ولكن يمكنهم أن يعدلوا رأيهم، مثلا إذا اقترح المدين مقترحات أخرى بعد رفض الصلح بسبب اقتراح المدين إعفاءه من 35 %من الديون، ثم اقترح في الاجتماع الثاني إعفاءه من 30 أو 25 % فإنهم يوافقون.
3/ قبول الصلح من الأغلبيتين:
يتم الصلح بقبول الأغلبيتين وفي هذه الحالة يتم التوقيع عليه في نفس الجلسة تحت طائلة البطلان طبقا للمادة 320 من القانون التجاري ويمكن أن يتم التصويت بالإمضاء على محضر الصلح أو ببطاقات تصويت ترفق معه طبقا للمادة 321 /2.

مضمون عقد الصلح:
قلنا أن الصلح اتفاق بين الدائنين والمدين فهو يخضع لاتفاق الطرفين طبقا لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين، فيجوز أن يقترح المدين كفالة لضمان دينه، وعادة ما يتضمن عقد الصلح إما تخفيض الديون أو تأجيل الوفاء بها أو التنازل عن الأصول.
أ/ الصلح مع تخفيض الديون:
في هذه الحالة يستلم الدائنون النسبة المتفق عليها مع المدين، أما الباقي فيصبح إلتزاما طبيعيا على عاتقه طبقا للمادة 334 ق/ت ويمكن للدائنين أن يشترطوا أن يتم الوفاء عند حصول المدين على الأموال طبقا للمادة 334 ق/ت وهذا يترك لنظر القاضي حسب كل قضية.

ب/ الصلح مع تأجيل دفع الديون:
وفي هذه الحالة فإن المدين يعد الدائنون بوفاء كل ديونه بشرط أن يمنحوه أجلا لذلك وقد نصت عليه المادة 333 التي سمحت للدائنين باشتراط تقسيط الديون على أجزاء حسب قدرة المدين.
ج/ الصلح مع التنازل عن الأصول:
وبموجب هذا الاتفاق يتنازل المدين للدائنين على ممتلكاته مقابل أن يتنازلوا هم عن ديونهم وهنا يمكن أن تباع هذه الأملاك طبقا للشروط القانونية الخاصة ببيع العقارات أو المنقولات وإذا كانت حصيلة البيع أكثر من ديون الدائنين فإن المدين يسترجع الفائض. كما ينبغي أن نعلم أنه لا يجوز للمدين أن يطلب هو الاستفادة من هذا الصلح طبقا للمادة 347 ولكن يجوز أن يقترح هذا الصلح من طرف الدائنين طبقا لنفس المادة.
ملاحظــة:
كما نعلم فإن الصلح يتعلق بالمدين المقبول في تسوية قضائية ولكن المادة 348 ق/ت نصت على صلح مع المفلس، وهذا الصلح لا يزيل غل يد المدين عن التصرف بأمواله وهذا الصلح ينتج نفس آثار الصلح البسيط الذي ذكرنا أنواعه أي مع المدين المقبول في تسوية قضائية ويجوز إبطاله أو فسخه طبقا لما سنراه مثل الصلح البسيط وفي حالة بيع الأموال من طرف الدائنين فإنه يتحصل على الفائض منها.ويتم البيع بين المدين والمشترين وليس بين الدائنين والمشترين.

معارضة الصلح وتصديقه أو المصادقة عليه:
يجب أولا أن نعلم أنه في الصلح فإن أقلية الدائنين يجب أن يلتزموا برأي الأغلبية أي أن رأي الأغلبية يسري على الأقلية ولكن يجب أن يتم الصلح في إطار المصلحة العامة أي يجب ألا يتجاوزها ويجب أن يتم في إطار المساواة بين الدائنين، فلا يمكن للدائن أن يشترط أن يصبح شريكا للمدين في تجارته أو أن يشترط على المدين أن يسدد لكل دائن حسب نسبة معينة.
أ/معارضة الصلح:
لقد منح القانون الحق لكل دائن شارك في التصويت في معارضة الصلح ويتم بعريضة مسببة مبلغة للمدين والوكيل المتصرف القضائي خلال ثمانية أيام من صدوره برفع دعوى لدى المحكمة وفي حالة ثبت أن المعارضة كانت تعسفية يحكم على المعارضين بغرامة لا تتجاوز 500 دينار، وإذا لم تتم المعارضة في مهلة 08 أيام فإنها تكون باطلة، ولا يمكن للدائنين الطعن في هذا الصلح.
ويجب أن نعلم كذلك أن هذه المعارضة تقدم من طرف الدائنين فقط وليس من طرف المدين أو الوكيل المتصرف القضائي.
وعندما ترفع المعارضة إلى المحكمة للنظر فيها فإن المحكمة إذا رأت أن هناك قضية مرفوعة في محكمة أخرى مرتبطة بطلب المعارضة أو أن هناك مثلا شكوى للإفلاس بالتدليس ورفعت المعارضة ضد الصلح فإنها توقف الفصل في دعوى الاعتراض إلى حين التأكد من الحكم الصادر في الدعوى الأخرى ويجب على المعترض أن يقوم بالإجراءات لدى المحكمة المختصة خلال موعد قصير تمنحه إياه المحكمة المرفوع أمامها الاعتراض طبقا للمادة 324 ق/ت.
ب/ المصادقة على الصلح:
يجب عرض الصلح على المحكمة للمصادقة عليه بحكم، ويكون طلب المصادقة بموجب عريضة مقدمة ممن يهمه التعجيل سواء المدين أو الدائنين أو الوكيل المتصرف القضائي، ويتم الفصل بعد انتهاء آجال الثمانية أيام المحددة للمعارضة فيه طبقا للمادة 323 ق/ت وفي حالة رفع دعوى المصادقة على الصلح من طرف المدين مثلا ورفعت المعارضات خلال مدة الثمانية أيام المذكورة فإن المحكمة تقضي بحكم واحد إما بقبول المعارضة ورفض التصديق على الصلح أو برفض المعارضة وقبول التصديق على الصلح طبقا للمادة 325 ق/ت.
وقبل أن تفصل المحكمة في الصلح يجب على القاضي المنتدب أن يقدم تقريره طبقا للمادة 326، ولكن لا يجوز للمحكمة تعديل الاتفاق، مثلا أن المدين والدائنين اتفقوا على إعفائه من 30 % أو 20 % من الديون فلا يجوز للمحكمة تعديل هذا الاتفاق وجعله مثلا 40 %
أو 10 %، ويجب للمصادقة على الصلح أن تتأكد المحكمة من مراعاة القواعد السابقة وهي تقرير القاضي المنتدب واحترام الآجال وتوافر الأغلبيتين، وإذا لم تتحقق هذه الشروط فإن القاضي يرفض المصادقة على الصلح.

حكـم الصلـح:
هذا الحكم ينهي إجراءات التسوية القضائية ويصبغ على الصلح قوة الأمر المقضي لأنه عقد ويعتبر شريعة المتعاقدين ولا يتم بعده أي اتفاق من شانه أن يغير هذا الصلح.
ولكن هذا الحكم غير مشمول بالنفاذ المعجل مثلما نصت عليه المادة 227 ق/ت: تكون جميع الأحكام والأوامر معجلة التنفيذ باستثناء الحكم الذي يقضي بالمصادقة على الصلح.
ويتم استئناف هذا الحكم من طرف كل ذي مصلحة ونقصد به الدائن الذي قدم اعتراضا ضده ولم تأخذ المحكمة اعتراضه بعين الاعتبار، كما يمكنه الطعن ضد هذا الحكم بالنقض أمام المحكمة العليا.
وفي هذا الحكم يعين القاضي مندوبا أو اكثر لتنفيذ عقد الصلح، وهذا الأمر جوازي وليس إلزاميا طبقا للمادة 328 من ق/ت.
ويتم نشر هذا الحكم مثل الحكم القاضي بافتتاح الإجراءات في السجل التجاري وفي قاعة جلسات المحكمة لمدة ثلاثة أشهر وأن ينشر ملخص عنه في النشرة الرسمية للإعلانات القانونية للمكان الذي يقع فيه محل المدين.

الآثار المترتبة على الصلح:
تتجاوز آثار الصلح الدائنين الموافقين عليه إلى الدائنين المعارضين له لأننا قلنا أنه تكفي الأغلبيتان لعقده وليس الإجماع.
وقد نصت المادة 330 من القانون التجاري أن التصديق على الصلح يجعله ملزما لكافة الدائنين سواء حققت ديونهم أم لا. إلا أن هذا الصلح لا يسري على الدائنين الذين لهم تأمينات عينية أو الدائنين الممتازين لأنهم لا يلزمون بالتصويت على الصلح إلا إذا تنازلوا عن تأميناتهم.
كما لا يلزم الصلح الدائنين الذين ترتبت لهم ديون أثناء الإجراءات (المصاريف التي صرفها أحد الدائنين)
ومن آثار الصلح كذلك انتهاء غل يد المدين، وقد نصت المادة 332 ق/ت أن مهام الوكيل المتصرف القضائي تنتهي بمجرد حصول الحكم على قوة الشيء المقضي فيه، ويعود المدين على رأس مؤسسته التجارية، كما يترتب على الصلح بقاء الرهن الرسمي للدائنين وهذا للوفاء بحصص المصالحة.
إبطال الصلح وفسخه:
قد يبطل عقد الصلح أو يفسخ:
أ/ إبطال الصلح:
نصت عليه المادة 341 ق/ت ويتم الإبطال في حالة إخفاء المدين للأموال أو المبالغة فيها، أو التدليس الناتج عن إخفاء الأموال المتفق عليها في عقد الصلح أو المبالغة في الديون المصرح بها من المدين وهذا يعتبر كما قلنا تدليس.
ويجوز للمحكمة في حالة متابعة المدين بجنحة التفليس وحبسه اتخاذ التدابير التحفظية وليس إبطال الصلح، وبمجرد صدور أمر بألا وجه للمتابعة أو صدور حكم بالبراءة تلغى هذه التدابير، أما إذا تبتت التهمة فيبطل الصلح.
ب/ فسخ الصلح:
هو ناتج عن عدم تنفيذ المدين بنود عقد الصلح مع الدائنين مثلا عدم وفائه بالأقساط عند حلول أجلها أو عدم وفائه بالنسبة المتفق عليها.
وترفع دعوى الفسخ والإبطال أمام المحكمة التي صادقت على الصلح، ويصدر الحكم إما بالإبطال أو الفسخ ويتم نشره طبقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 228 ق/ت.
أما الآثار الناتجة عن إبطال أو فسخ الصلح هو تحول التسوية القضائية إلى إفلاس، ويقوم الوكيل المتصرف القضائي مجددا بإجراءات جرد الأموال وتحقيق الديون طبقا للمادتين 343 و344 من ق/ت.
ويجب أن نعلم أن هذا التحقيق يشمل الديون التي لم تسدد بعد أما التي سددت للدائنين فلا تؤخذ بعين الاعتبار.

ما مصير التصرفات التي قام بها المدين بعد صدور حكم المصادقة على الصلح وقبل إبطاله أو فسخه ؟
نصت على هذه الحالة المادة 345 ق/ت التي جاء فيها أنه لا يبطل ما أجراه المدين من أعمال بعد حكم التصديق وقبل إبطال أو فسخ الصلح إلا ما جرى منه تدليسا بحقوق الدائنين.
وبعد إبطال أو فسخ الصلح فإن الدائنين يستعيدون كل حقوقهم كل حسب نسبته، فمن استوفى حقه نسبيا فإنه يستعيد حقه في الدين بنسبة ما بقي في ذمة المدين له.
ثانيا: التصفية القضائية:
بعد تحقيق الديون من طرف الوكيل المتصرف القضائي وقبولها من طرف القاضي المنتدب، وتوقيعه على كشف الديون في أجل ثلاثة أشهر من تاريخ الحكم وإبلاغ الدائنين بمحتواه، ثم بعد تقديم الدائنين لملاحظاتهم وبعد اعتراضهم أو اعتراض المدين كما قلنا وفصل القاضي المنتدب وبعد حصر كل الديون وإمضاء كشف الديون، ففي مدى ثلاثة أيام بعد قفل كشف الديون أو بعد الفصل في كل نزاع في الديون المنصوص عليه في المادة 278 ق/ت التي تجيز للمحكمة قبول الدائن في المداولات عن مبلغ تحدده، يقوم القاضي المنتدب باستدعاء الدائنين الذين قبلت ديونهم وهذا بإخطار ينشر في نشرة الإعلانات القانونية أو ترسل لهم عن طريق المحضر أو رسالة من طرف الوكيل المتصرف القضائي طبقا للمادة 314 ق/ت.
ثم تحدد جلسة من طرف القاضي المنتدب بمكتبه يحضرها الدائنون الذين قبلت ديونهم بأنفسهم أو بموكلين عنهم، ويستدعي المدين لهذه الجلسة برسالة مضمنة مع العلم بالوصول وهو ملزم بحضورها شخصيا ولا يجوز له أن يوكل أحدا عنه إلا لأسباب مناسبة مقبولة من طرف القاضي المنتدب.
ثم يعرض الوكيل المتصرف القضائي تقريره عن حالة المؤسسة التجارية، والإجراءات التي تمت فيها، والأعمال التي قام بها، ويتم سماع المدين وإبداء ملاحظاته.
ثم يسلم الوكيل المتصرف القضائي تقريره المثبت لقيام حالة الاتحاد للقاضي المنتدب الذي يحرر محضرا بما حصل في الجمعية وما قررته ثم تتم الإجراءات التالية:
1/ قيام حالة الاتحاد:
إن حالة الاتحاد هي الحل الذي تصل إليه التفليسة وتنص عليها المادة 349 ق/ت (بمجرد إشهار الإفلاس أو تحول التسوية القضائية يتكون اتحاد الدائنين، وتهدف حالة الاتحاد إلى تصفية أموال المؤسسة وتوزيعها على الدائنين وبالتالي تنتهي إجراءات التفليسة، وبعد تفحصنا للمادة 349 ق/ت نفهم أن اتحاد الدائنين يتشكل بمجرد إعلان الإفلاس أو تحول التسوية القضائية إلى إفلاس، وبتشكل اتحاد الدائنين يقوم الوكيل المتصرف القضائي بتصفية أصول المؤسسة التجارية، إلا إذا أذن القاضي بمواصلة النشاط التجاري ففي هذه الحالة لا تصفى الأموال مباشرة بل إلى حين الحصول على الأموال.
2/ إجراءات التصفية:
تتم التصفية بتحصيل الديون والحقوق لدى مديني المدين ثم بيع المنقولات وبيع العقارات وثم الوفاء بالديون ويتعين معرفة ترتيبهم وكيف سيحصلون عليها.
أ/ تحصيل الديون:
فيجوز للوكيل المتصرف القضائي تحصيل ديون المفلس أو الحصول عليها وهذا بمطالبة مدينيه بها دون إذن من القاضي المنتدب طبقا لنص المادة 350 ق/ت.

ب/ بيع المنقولات:
كما يجوز للوكيل المتصرف القضائي القيام وحده أي أخذ رأي القاضي المنتدب ببيع البضائع والمنقولات، عكس عملية بيع البضائع المعرضة للتلف أو التي ستنخفض قيمتها أو التي يكلف حفظها ثمنا باهضا طبقا للمادة 268 ق/ت، كذلك المادة 269 ق/ت أوجبت على الوكيل المتصرف القضائي أخذ رأي القاضي المنتدب في بيع باقي الأموال المنقولة أو البضائع، كما أنه يجب سماع المدين لإبداء ملاحظاته أي أن عند قيام حالة الاتحاد لا يلزم الوكيل المتصرف القضائي بأخذ رأي القاضي المنتدب ولا يلزم سماع أقوال المدين.
ورغم أن المنطق ينص على بيع الأموال بالمزاد العلني إلا أن المادة 352 ق/ت نصت أنه للمحكمة إذا طلب منها أحد دائني المدين أو الوكيل المتصرف القضائي أن تأذن له بالتعاقد جزافا حول كل الأصول المنقولة أو العقارية أو بعضها وبيعها.
ج/ بيع العقارات:
نصت عليها المادة 351 ق/ت، إذا لم ترفع أية مطالبة ببيع جبري للعقارات قبل حكم شهر الإفلاس، يقبل من الوكيل المتصرف القضائي وحده بعد أن يأذن له القاضي المنتدب مواصلة البيع على أن يقوم بذلك خلال الثلاثة أشهر، إلا أن الدائنين المرتهنين عقاريا أو الذين يملكون امتيازا مهلة شهرين اعتبارا من تبليغهم بالحكم بشهر الإفلاس أن يقوم بالبيع الجبري مباشرة للعقارات التي قيدت عليها رهونهم العقارية أو امتيازاتهم. وإذا لم يفعلوا خلال تلك الفترة يتعين على الوكيل المتصرف القضائي القيام بالبيع في مهلة شهر ويتم البيع طبقا لإجراءات بيع العقارات.
د/ الوفاء بالديون:
لقد ذكرنا سابقا أن الأموال التي يتحصل عليها الوكيل المتصرف القضائي من مواصلة النشاط التجاري أو بيع المنقولات والعقارات توضع لدى الخزينة العامة وللقاضي المنتدب أن يختار بين تحصيل الأموال وتوزيعها دفعة واحدة أو توزيعها عند كل تحصيل، ويبدأ توزيع الديون بعد طرح مصاريف التفليسة (التبليغ، الدعاوى المرفوعة، مصاريف المحامين، النشر، الإعانات الممنوحة للمدين وأسرته) والديون الممتازة المتمثلة في الديون المستحقة للخزينة العامة وديون الدائنين المرتهنين ويبقى الباقي ليقسم بين الدائنين العاديين قسمة الغرماء.

ولكن ما هو ترتيب هذه الديون ؟
1/ المصاريف القضائية.
2/ أجور العمال.
3/ الدائنون المرتهنون للعقار لهم الأسبقية في استيفاء دينهم من بيع ذلك العقار.
4/ الدائنون ذوي الامتياز الخاص على المنقول، كبائع المنقول الذي لم يستوف ثمنه من المدين ويحبسه إلى أن يقبض ثمنه هنا يكون له حق امتياز ويستوفي حقه بعد هؤلاء الدائنين السابقين.
5/ ثم الدائنون العاديون.
انحلال الاتحاد:
نصت عليها المادة 354/1 ق/ت ويكون هذا الانحلال بقوة القانون بعد إقفال الإجراءات وهنا تنتهي مهمة القاضي المنتدب والوكيل المتصرف القضائي والمراقبين، وينتهي غل اليد بحيث يمكن للمدين أن يرفع كل الدعاوى التي يراها مناسبة وإجراء العقود دون شرط أو قيد، كما يجوز للدائنين رفع دعاوى على المدين بباقي المبالغ التي لم يحصلوا عليها من التفليسة وتوزيع الأموال إذا ما تحصل على أموال أخرى بعد انحلال الاتحاد ويمكنهم الحصول من المحكمة على سندات تنفيذية للحجز على أمواله بموجب طلب يقدم لرئيس المحكمة التي أصدرت الحكم بالإفلاس ويقوم رئيس المحكمة بتحقيق الديون وقبولها والاطلاع على كشف الديون المودع لدى كتابة ضبط المحكمة أن يصدر أمرا بإلزام المدين بدفع الدين المقبول تسمح له الصيغة التنفيذية، ولكن لا يمكن للدائن طلب إعلان إفلاس المدين بسبب هذا الدين لأنه لا يجوز شهر إفلاس المدين مرتين على دين واحد.
ويكون انحلال الاتحاد إما:
أ/ إقفال التفليسة لعدم كفاية الأموال:
إذا لم تنته التصفية فإن التفليسة تبقى قائمة ويمكن أن تقفل لعدم كفاية الأموال، وهنا الإجراءات تنتهي مؤقتا وقد تقفل التفليسة نهائيا لانقضاء الديون. طبقا للمادة 355 ق/ت التي تنص انه إذا توقف في أي وقت من الأوقات سير عمليات التفليسة لعدم كفاية الأصول يجوز للمحكمة بناءا على تقرير القاضي المنتدب أن تقضي بإقفال هذه العمليات ولو كان هذا من تلقاء نفسها.
ويجوز لكل دائن رفع دعوى فردية على المدين ويكون الوكيل المتصرف القضائي مسؤولا عن الوثائق المسلمة له لمدة عامين من انحلال الاتحاد و لمدة عام من صدور الحكم بقفل التفليسة لعدم كفاية الأصول.
وإذا أثبت الدائنون أو لكل ذي مصلحة أن للمدين أموال مخفية يجوز لهم طلب فتح إجراءات التفليسة من جديد (يرفع دعوى أمام المحكمة).
ب/ إقفال التفليسة لانقضاء الديون:
يمكن للمحكمة أن تقضي بإقفال الإجراءات عند عدم وجود ديون مستحقة أي أن كل الدائنين أخذوا حقوقهم من المفلس، وهنا يقدم القاضي المنتدب تقريرا لرئيس القسم التجاري أن أموال المدين تكفي لسداد جميع الديون، ثم يعاد الفائض إن وجد للمفلس وتقفل الإجراءات بحكم وتعاد للمدين كل حقوقه وترفع الرهون على عقاراته إن وجدت طبقا للمادة 357 ق/ت.

ثالثاً: تحول التسوية القضائية إلى تفليسة:
هذا العنصر في الحقيقة هو تلخيص لما ذكر سابقا بحيث أن التسوية القضائية أثناء سريانها وطرأت حالات تجعل القاضي المنتدب الذي يباشر التسوية بكتابة تقرير للقاضي الذي أصدر الحكم بافتتاح إجراءات التسوية القضائية وهذا بناءا على طلب الدائنين أو الوكيل المتصرف القضائي وهذا بسبب الأسباب التالية أو تلقائيا من طرف المحكمة.
1ـ إذا حكم على المدين بالإفلاس بالتدليس.
2ـ إذا أبطل الصلح أو فسخ.
3ـ إذا لم يقم المدين بالالتزامات المنصوص عليها في المادة 226 من ق/ت، هنا تناقض لأن المدين إذا لم يعلن توقفه عن الدفع في مدة 15 يوم فإن المحكمة تقضي بالإفلاس مباشرة دون المرور على إجراءات التسوية القضائية، ولكن يمكن تصور هذه الحالة أن المدين ارتكب غشا وصرح أنه توقف عن الدفع في المدة المحددة وبعد افتتاح الإجراءات تبين للقاضي المنتدب أو الوكيل المتصرف القضائي أنه أخفى التاريخ الحقيقي لتوقفه عن الدفع.
كما تتحول التسوية القضائية إلى تفليسة إذا اكتشف أن المدين مارس مهنته خلافا لحظر قانوني أو اختلس أمواله، أو صرح تدليسا بمديونيته بما لم يكن مدينا بها… إلخ.
إذا حكم على المدين بالإفلاس بالتقصير.
وقد نصت على هذه الحالات المادتان 337 و 338 وسنرى لاحقا أن هذه التفصيلات في المادتين المذكورتين تخص حالات الإفلاس بالتقصير والإفلاس بالتدليس.
ويجب أن نذكر أن الحكم بتحويل التسوية القضائية إلى إفلاس يتم وفق القواعد التي ذكرناها سابقا من استدعاء المدين وسماعه وإصدار الحكم في جلسة علنية وخضوعه لكل الإجراءات المذكورة من نشره وتعيين متصرف قضائي جديد طبقا للأمر رقم 96 /23 المتعلق بالوكيل المتصرف القضائي الذي يمنع نفس الوكيل من القيام بإجراءات التسوية والإفلاس.

الفصل الثاني: رد الاعتبار التجاري:

قلنا أنالمدين المقبول في تسوية قضائية أو المفلس بعد صدور حكم بقفل الإجراءات لانقضاء الديون يرفع عنه غل اليد ويمكنه مجددا القيام بتجارته وتعاد له كل أمواله إن بقي منها شيء بعد توزيع الديون على الدائنين، ولقد قلنا كذلك أن من آثار الإفلاس هو حرمان المفلس من بعض الحقوق التي لا تعاد له إلا بعد رد اعتباره.
وقد نصت المادة 243 ق/ت أن المدين الذي أشهر إفلاسه (وليس المقبول في تسوية قضائية) يتعرض للمحظورات وسقوط الحق المنصوص عليها في القانون، وتستمر هذه المحظورات قائمة حتى رد الاعتبار.
أما المادة 358 ق/ت فتنص بمفهوم المخالفة أن المدين المستفيد من تسوية قضائية يخضع للمنع المذكور في المادة السابقة لأنه يستفيد من رد الاعتبار إذا وفى بكل ديونه، وينقسم رد الاعتبار إلى قانوني نصت عليه المادة 358 المذكورة وقضائي جوازي وليس إلزامي ونصت عليه المادة 359 ق/ت.
1/ رد الاعتبار القانوني:
إذا أقفلت الإجراءات بموجب حكم وأخذ كل دائن حقه فإن المدين يستعيد اعتباره بقوة القانون طبقا للمادة 358/1 من القانون التجاري، كما يرد الاعتبار بقوة القانون للشريك المتضامن في الشركة التي أشهر إفلاسها أو قبلت في تسوية قضائية إذا أوفى بديونها كلها.
2/رد الاعتبار القضائي:
في هذه الحالة فإن القاضي هو الذي يرد اعتبار المدين، وله كامل السلطة التقديرية طبقا للمادة 359 التي أجازت المحكمة رد اعتبار المدين إذا أثبتت استقامته وهذا يظهر من تصرفات المدين قبل افتتاح الإجراءات وجهوده بعد افتتاحها.
وقد نصت المادة 359 على حالتين لرد الاعتبار القضائي:
أ/ المدين الذي حصل على صلح وسدد الحصص الموعود بها كاملة ويطبق هذا الحكم على الشريك المتضامن الذي حصل من الدائنين على صلح منفرد.
ب/ من أثبت إبراء له من كامل الديون وموافقتهم الاجتماعية على رد اعتباره.
إجراءات رد الاعتبـار:
نصت على هذه الإجراءات المواد 360، 361، 362، 363، 364، 365، من ق/ت حسب المراحل التالية:
1/ على المدين أو ورثته في حالة وفاته أن يتقدم بعريضة يطلب فيها رد اعتباره يودعها لدى كتابة ضبط المحكمة التي تمت فيها شهر إفلاسه أو ميوله في تسوية قضائية مصحوبا بملف يحتوي على وثائق تثبت أنه وفى كل ديونه المترتبة عليه اتجاه الدائنين.
2/ يقوم كاتب الضبط بنشر هذه العريضة في نشرة الإعلانات القانونية أو أية صحيفة معتمدة لذلك.
3/ يحق لكل دائن خلال شهر واحد من نشر عريضة المدين أن يقدم مذكرة لدى المحكمة يعارض فيها المدين إذا أثبت انه لم يوفي دينه ويودع مذكرته لدى كتابة ضبط المحكمة.
ـ يقوم رئيس القسم التجاري بتقديم الملف لوكيل الجمهورية لموطن المدعي المدين ويطلب منه إجراء تحقيق للتأكد من صحة أو عدم صحة ادعاءات والوثائق المرفقة بملفه خلال شهر واحد من استلامه الملف.
ـ وبعد إتمام التحقيق وانتهاء مدة شهر التي منحت له، يحرر وكيل الجمهورية تقريرا بالنتيجة التي توصل إليها ويرسله إلى المحكمة المعنية.
ـ ثم تفصل المحكمة في الطلب وفي طلب المعارضة الذي قدم من طرف الدائنين إن وجد بموجب حكم واحد غما بالقبول أو بالرفض.
وفي حالة الرفض لا يجوز للمدين إعادة الطلب إلا بعد فوات عام.
ونلاحظ أن المادة 365 لم توضح هل يحق للمدين إعادة الطلب عام بعد تقديم الطلب الأول أو بعد صدور الحكم.
أما في حالة قبول هذا الطلب فإنه يسجل في سجل المحكمة التي أصدرته محكمة موطن المدين ويبلغ إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة موطن المدين ملخص عن الحكم ليسجل في صحيفة السوابق القضائية (لكن هل نشر الحكم بالإفلاس في الصحيفة القضائية ؟).
أما آثار رد الاعتبار فإن المدين لا يحق له التمتع بكل الحقوق التي منع منها بعد شهر إفلاسه.

الفصــل الثالث : جـرائم الإفلاس والعقوبات المترتبة عليها:

ندرس هذه الجرائم من خلال العقوبات التي أقرها القانون التجاري وقانون العقوبات.
أولاً : العقوبات المدنية والجزائية
تتمثل هذه الجرائم في التفليس والجرائم التي يرتكبها المسيرون للشركات التجارية وبعض الفئات الأخرى، ويمكن تقسيم العقوبات المذكورة في القانون التجاري إلى العقوبات المالية المدنية والشخصية والجزائية.
لأن المدين عندما يتعرض لصعوبات مالية فإنه في أغلب الأحيان يرتكب أفعالا مشكوك فيها اتجاه دائنيه إما لتأخير إعلان توقفه عن الدفع أو لإخفاء ذلك.
بعض هذه العقوبات الهدف منها هو إبعاد التاجر من ممارسة التجارة والبعض الآخر هو تمديد آثار الإفلاس إلى المسيرين للشخص المعنوي المدين أي إلزامها بدفع ديون الشركة من ذمتهم المالية الخاصة، وهذان النوعان من العقوبات لهما طابع مدني كما يمكن للمدين أو مسير الشخص المعنوي أن يتابع بأفعال أكثر خطورة، ويمكن متابعة كذلك بعض مسيري الإجراءات أثناء التبعية أو التفليسة. وهم هيئة التفليسة أو بعض مرافقي أو شركاء المدين.
الإفلاس الشخصي والعقوبات المالية المترتبة عليه:
لقد نصت المادة 244 ق/ت أنه في حالة التسوية القضائية لشخص معنوي أو إفلاسه يجوز إشهار ذلك شخصيا على كل مدير قانوني أو واقعي ظاهري أو باطني مأجورا كان ذلك أم لا إذا كان ذلك المدير أثناء قيامه بتصرفاته قد قام لمصلحته بأعمال تجارية أو تصرف في أموال الشركة كما لو كانت أمواله الخاصة.
أو باشر تعسفا لمصلحته الخاصة باستغلال جائز لا يمكن أن يؤدي إلا إلى توقف الشخص المعنوي عن الدفع. ولم ينص القانون التجاري مرحلة إعلان إفلاس المسير بعكس القانون الفرنسي الذي نص أنه يمكن إشهار ذلك في أية مرحلة من إجراءات التفليسة أو التسوية القضائية. وبعد اطلاعنا على الاجتهاد القضائي الفرنسي لاحظنا أنه فصل كثيرا في الحالات المذكورة ونذكرها كالتالي:
1/ المسير الواقعي يمكن إعلان إفلاسه إذا لم يعلن توقف الشركة عن الدفع في الموعد المحدد طبقا لقرار محكمة النقض الفرنسية المؤرخ في 06/01/98.
2/ عدم إعلان التوقف عن الدفع في ميعاد 15 يوم يرتب مسؤولية المسير الذي يتعرض للعقوبات المالية والشخصية وحسن نيته أثناء الإجراءات بالتفاوض مع الدائنين لا يعفيه من هذه المسؤولية حسب قرار محكمة النقض المؤرخ في 08/10/96.
والمنع من التسيير لم ينص عليه القانون التجاري لأنه نص بالنسبة للمدين التاجر أنه يغل يده عن التصرف بأمواله وتسييرها في حالة الإفلاس أو تسييرها بمساعدة الوكيل المتصرف القضائي في حالة التسوية، ضمن باب أولي منع المسير من التسيير في حالة الإفلاس أو السماح له بمساعدة الوكيل المتصرف القضائي.

ثانياً : العقوبات الجزائية:
هي العقوبات المطبقة على ارتكاب جرائم التفليس بالنسبة للمدين التاجر ومسيري الشركات التجارية وجرائم أخرى ترتكبها فئات مختلفة أخرى.
1/ التفليس:banqueroute
مشتقة من الكلمة الإيطالية bonca rotta وكلمة التفليس تدل على سوء نية المدين ولهذا يتعين دراسة نطاق التفليس والعقوبات المطبقة عليه.
أ/ نطاق التفليس:
يشتمل نطاق التفليس حالاته والأشخاص الخاضعين له.
حالات التفليس بالتقصير أو التفليس البسيط:
ـ التفريط في المصاريف الشخصية للتاجر أو مصاريف التجارة.
ـ استهلاك مبالغ جسيمة في عمليات نصيبية محضة وعمليات وهمية.
ـ الشراء لإعادة البيع بأقل من سعر السوق بقصد تأخير إثبات التوقف عن الدفع، أو استعمال وسائل تؤدي للإفلاس للحصول على أموال قصد تأخير إثبات التوقف عن الدفع.
ـ إلغاء أحد الدائنين دينه بعد التوقف عن الدفع إضرارا بباقي الدائنين.
ـ إقفال التفليسة مرتان بسبب عدم كفاية الأصول بعد شهر إفلاسه مرتان.
ـ عدم إمساك حسابات مطابقة لعرف المهنة حسب أهمية التجارة.
ـ ممارسة التجارة رغم منعه من ذلك قانونا.
ويجب القول أنه عند تحقق إحدى هذه الحالات فإن القاضي لا يملك أية سلطة تقديرية في إدانة المدين بهذه الجنحة.
حالات التفليس بالتقصير الجوازي:
وقد نصت عليها المادة 371 من ق/ت فقد أجازت هذه المادة للمحكمة النطق بالإفلاس بالتقصير وتطبيق العقوبات عليه حسب سلطته التقديرية التي يجب أن يستمدها من اطلاعه على الوقائع المطروحة عليها وهذه الحالات تتمثل في:
ـ عقد تعهدات لحساب الغير بالغة الضخامة بالنسبة لوضعية المدين عند التعاقد بغير أن يتقاضى مقابلها شيئا.
ـ عدم تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في الصلح والقضاء بإفلاس المدين دون تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في الصلح.
ـ عدم إعلان التوقف عن الدفع في المدة المحددة قانونا وهي 15 يوم بغير عذر شرعي.
ـ عدم حضور المدين عند استدعائه من طرف الوكيل المتصرف القضائي دون عذر مقبول.
ـ عدم مسك الدفاتر التجارية بانتظام.
حالات التفليس بالتدليس:
فقد نصت عليها المادة 374 من ق/ت وهي:
ـ إخفاء الحسابات.
ـ إنشاء ديون وهمية في المحررات أو في الميزانية أو بمقتضى تعهدات مقدمة لمتواطئ مع المدين.
ـ تحويل أو تبذير كل أو بعض الأصول.
ب/ الأشخاص الخاضعون للتفليس:
نصت على هؤلاء الأشخاص المواد 370، 371/1 و2 و 374.
1/ نصت المادة 370 و371/1و 374 على تطبيق عقوبات التفليس بالتقصير أو التدليس على كل تاجر فرد في حالة توقفه عن الدفع، وكما قلنا سابقا لا يكون قاضي الجنح ملزما بتثبيت تاريخ التوقف عن الدفع من طرف القاضي التجاري طبقا لنص المادة 225/2 من ق/ت التي تنص: ومع ذلك تجوز الإدانة بالإفلاس البسيط أو بالتدليس دون التوقف عن الدفع بحكم مقرر لذلك، وتطبق عليه العقوبات الجزائية سواء كان يمارس التجارة أو بعد توقفه عن ذلك.
ولكن هل تطبق العقوبات على الحرفي والفلاح ؟
لم ينص القانون التجاري على ذلك عكس القانون الفرنسي.
2/ نصت المادة 371/2 على تطبيق عقوبات التفليس بالتقصير على مسيري شركات الأشخاص إذا لم يصرحوا خلال 15 يوم بتوقف الشركة عن الدفع بدون عذر أو لم يصرحوا بجميع الشركاء، وتخضع هذه الحالة للسلطة التقديرية للقاضي.

الجرائم الأخرى المرتكبة من طرف المدين ومسيري الشخص المعنوي المدين:
1/ التفليس بالتقصير:
هذه الجرائم منصوص عليها في المواد 378، 379، 380 وتتمثل خاصة في الدفع غير القانوني للدين لصالح بعض الدائنين أو بعض التصرفات الأخرى المذكورة في المادة 378 ق/ت وهي نفس حالات التفليس بالتقصير الجوازي والإلزامي المذكورة في المادتين 370 و371 المطبقة على التاجر الفرد.
وتشمل هذه الحالات القائمين بالإدارة والمسيرين أو المصفين في الشركات المساهمة والمسيرين أو المصفين لشركة ذات مسؤولية محدودة.
غير أن هذه العقوبات لا يملك القاضي سلطة تقديرية في توقيعها على هؤلاء الأشخاص عكس التاجر الفرد.
ـ كما تطبق عقوبة التفليس البسيط على القائمين بالإدارة والمديرين أو المصفين في شركة مساهمة والمسيرين أو المصفين في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، وكل المفوضين من قبل الشركة يكونون بقصد إخفاء كل أو بعض ذمتهم المالية على متابعتهم من جانب الشركة المتوقفة عن الدفع أو من دائني الشركة يكونون عن سوء قصد اختلسوا أو أخفوا جانبا من أموالهم أو أقروا تدليسا بمديونيتهم بمبالغ ليست في ذمتهم طبقا للمادة 380 ق/ت.
2/ التفليس بالتدليس:
نصت عليها المادة 379 ق/ت، طبقا لهذه المادة فإنه في حالة توقف شركة عن الدفع تطبق العقوبات الخاصة بالتفليس بالتدليس على القائمين بالإدارة والمديرين أو المصفين في شركة مساهمة والمسيرين أو المصفين لشركة ذات مسؤولية محدودة عندما يختلسوا بطريق التدليس دفاتر الشركة أو يبددون أو يخفون جزء من أصولها أو الذين قد أقروا سواء في المحررات أو الأوراق الرسمية أو التعهدات العرفية أو في الميزانية بمديونية الشركة بمبالغ ليست في ذمتها.
الجرائم المرتكبة من الغير:
نقصد بهم أقارب المدين والدائنين أو المتعاقدين معه، لقد نصت المادة 383 ق/ت على تطبيق عقوبات التفليس البسيط على زوج المدين وأصوله وفروعه وأنسابه من نفس الدرجة الذين يبددون أو يخفون أو يغيرون أشياء تعود لأصول التفليسة دون أن يكونوا قد فعلوا ذلك بالاشتراك مع المدين.
ونصت المادة 385 على تطبيق عقوبة التفليس البسيط على الدائنين الذين اشترطوا لأنفسهم سواء مع المدين أو مع أشخاص آخرين بمزايا خاصة في إعطاء صوته في مداولات جماعة الدائنين.
ونصت المادة 382 ق/ت أن عقوبات التفليس بالتدليس تطبق على الأشخاص الذين يثبت أنهم قد اختلسوا لمصلحة المدين أو أخفوا كل أو بعض أمواله المنقولة أو العقارية.
الأشخاص الذين يثبت انهم قدموا في التفليسة أو التسوية القضائية بطريق التدليس ديونا وهمية سواء باسمهم أو بواسطة آخرين.
الأشخاص الذين مارسوا التجارة خفية باسم الغير أو باسم وهمي وارتكبوا أحد الأفعال المنصوص عليها في المادة 374 وهي إخفاء الحسابات، الاختلاس، تبديد بعض أو كل الأصول.
المتابعة والعقوبات:
1/ المتابعة:
تحرك الدعوى العمومية من قبل وكيل الجمهورية أو بموجب الادعاء المدني من طرف الدائنين والوكيل المتصرف القضائي ملزم بان يقدم للنيابة العامة جميع ما يطلب منه من الوثائق والمعلومات بخصوص القضية، طبقا للمادة 376 ق/ت كما تبقى هذه الوثائق التي قدمها الوكيل المتصرف القضائي لدى كتابة الضبط للاطلاع عليها.
أما مصاريف الدعوى فتتحملها الخزينة العامة وليس الدائنين طبقا للمادتين 372 و 373 من ق/ت ويحق لها الرجوع على المدين بعد قفل التفليسة وفي حالة الإعفاء من التهمة يتحملها الدائن الذي قدم الشكوى.
2/ العقوبات المطبقة على مرتكب التفليس:
لقد أحالت المادة 369 ق/ت على المادتين 383 و 384 من قانون العقوبات وتتمثل هذه العقوبات في الحبس من شهرين إلى سنتين بالنسبة للإفلاس بالتقصير ومن سنة إلى خمس سنوات بالنسبة للتفليس بالتدليس، كما تشمل هذه العقوبات كذلك شركاء المفلس حتى ولو لم يكن تاجرا طبقا للمادة 384 ق العقوبات.
كما يجوز حرمانهم من حقوقهم المدنية والسياسية لمدة سنة إلى خمس سنوات.

بواسطة محاماة نت
إغلاق