دراسات قانونية
المرأة في قانون الانتخابات الاردني (بحث قانوني)
بحث قانوني هام حول المرأة في قانون الانتخابات الاردني
أ/ حنين نصار
المقدمه
يأتي اختياري لموضوع بحثي هذا ” المرأة في قانون الانتخابات ” تناسبا مع اجراء الانتخابات النيابيه داخل المملكه الاردنية الهاشميه لانتخابات المجلس السابع عشر .
ويظهر اهتمام المشرع في المرأة واضحا جليا في هذا القانون حيث نص في قانون الانتخابات لمجلس النواب لسنة 2011 على اتباعه نظام الكوتا في التصويت وهو نظام يفرض حصصا معينه للمرأة في المجالس التشريعيه ومفهوم الكوتا في اللغة الانكليزية quota تعني نصيب او حصة نسبيه ، كذلك الحال في اللغة الفرنسيه مصطلح quteporth ،quota (adj) ، quota an (n) يعني نصيب او حصة نسبيه ، قسمه ، مقدار quotite يقصد بها تخصيص عدد محدد من المقاعد في الهيئات التشريعيه للنساء ، كما عرفت بأنها تخصيص مقاعد للمرأة في المجالس النيابية ، وتطبيق هذا النظام يتطلب الزام الاحزاب السياسيه بتخصيص مقاعد لوجود النساء في مستوياتها التنظيميه كافه .
وهنالك اشكال عده للكوتا منها الكوتا المغلقة ، وهي التي لا يحق للنساء الترشيح خارجها ، و الكوتا المفتوحة فيمكن للمرشحات الاختيار ما بين نظام الكوتا المخصصة للنساء أو خارجها ، كما يوجد كوتا الحد الادنى وهي التي يمكن ان يزيد عدد النساء الفائزات في الانتخابات عن الحد المقرر أما كوتا الحد الأعلى فهي تعني فوز العدد المحدد للكوتا من صاحبات أعلى الأصوات بين المرشحات وبالتالي تبقى الحصة ثابتة ، وعلى ضوء التجارب النسائية في الدول الأخرى يكون الافضل كوتا الحد الأدنى المفتوح والتي يمكن ان تتراوح النسبة ما بين ( 10% ـ 30% ) تبعاً لظروف كل دولة والشكل الاخير هو ما يجري اتباعه في الاردن .
وسأناقش في بحثي هذا الكوتا من حيث اصلها التاريخي و الاسباب الدافعه لاتباع هذا النظام من قبل المشرع الاردني (المبحث الاول ) ومن ثم سأتحدث عن مدى قانونية اتباع هذا النظام والنص عليه (المبحث الثاني )
المبحث الاول :-
الكوتا بين الاصل التاريخي ومتطلبات الحاضر
المطلب الاول :-
الاصل التاريخي للكوتا .
سوف ابحث في هذا المطلب الاصل التاريخي لنشأة الكوتا في الدول الاوربيه ومن ثم سنرى موقف الانظمه العربية من هذا النظام الانتخابي .
أولا :- نشأة الكوتا كنظام انتخابي
يرجع الاصل التاريخي لنظام الكوتا الى مصطلح الاجراء الايجابي affirmative action الذي ظهر لأول مره في الولايات المتحدة الامريكيه على سياسة تعويض الجماعات المحرومة اما من قبل السلطات الحكوميه او من قبل اصحاب العمل في القطاع الخاص ، والذي نشأ في الاصل اثر حركة الحقوق المدنيه و يتصل بالاقليه السوداء و قد اطلقه لأول مره الرئيس (كيندي في عام 1961) وتابعه جونسون في برنامجه الذي حارب بجزء منه الفقر بداية عام 1965 ، فتم تطبيق نظام حصص نسبيه (كوتا) يلزم الجهات بتخصيص نسبه معينه من الطلاب المقبولين فيها الذين ينتمون إلى اقليات أثنية ، فطالبت به جماعات أخرى مثل الحركة النسائية ، كما انتشر في بلدان أخرى كانت تشعر فيها الأقليات بأنها محرومة من الحقوق.1
وبالتالي فإن الغرب وأمريكا بوجه خاص هي ارض ميلاد نظام الكوتا ، والذي يعالج مشكلة اجتماعيه تتعلق بالفئات المضطهده او المهمشه هناك ، وفق النظام الغربي العنصري اَن ذاك .
1) عن مركز الفرات للتنميه والدراسات الاستراتيجيه ، بتصرف
ثانيا :- موقف الانظمه العربية من نظام الكوتا
مع تحول بعض المجتمعات العربية الى الانظمه الانتخابية المتطلبه للترشيح والمنافسة وجد ان النساء لا تنجحن في كل انتخابات تشريعيه او حتى بلديه ، بل لم تفز امرأة واحده في اي انتخابات في كثير من البلدان العربية على مدى عقود من الزمن كما في الاردن والكويت والبحرين ، وبعض البلدان العربية الاخرى والتي فازت فيها النساء بمقعد او نحوه لا أكثر .
ففي الاردن مثلا وعلى الرغم من اعتراف المشرع للمرأة الاردنيه بالحق في الترشح والانتخاب لمجلس النواب في عام 1974 ، إلا ان المرأة فشلت في الوصول لقبة البرلمان وبدأت سلسلة الفشل بترشح اثني عشر امرأة في انتخابات عام 1989 حيث لم تفز اي منهن ، وترشحت ثلاث نساء في انتخابات عام 1993 لكن واحده تمكنت من الفوز عن طريق مقعد الشركس و الشيشان ولم تفز اي امرأة في انتخابات عام 1997 . 1
ويظهر من تجارب المشاركه السياسيه للنساء في الدول المختلفة النامية والمتقدمة ، ان المرأة لم تتمكن من زيادة نسبة مشاركتها إلا من خلال وضع نص في الدستور لحفظ حصة النساء في المواقع المنتخبه ، او من خلال تبني الاحزاب السياسيه لنسبه معينه من المرشحات بين مرشحيها كما فعل الحزب الاشتراكي الديمقراطي في كل من المانيا والسويد او تبني سياسة محدده تتوجه لاستقطاب النساء ودعمهن من اجل ضمان فوز الحزب نفسه ، كما فعل حزب العمال البريطاني في الاعداد لانتخابات عام 1997 ، 2 وكما حصل مع حزب جبهة العمل الاسلامي وبالذات في دائرة الزرقاء وحزب الشعب الديمقراطي الاردني في الاردن اللذين رشحا امرأة ضمن قوائمهم .
1) مقال للدكتور نوفان العجارمه – مدى دستورية تخصيص (كوتا) نسائيه في قانون الانتخابات الاردني .
2) دراسه لموسى الشيخاني –قرائه تحليليه لنتائج المقاعد المخصصه للنساء في مجلس النواب ، منشور في موقع انتخابات مجلس النواب الالكتروني
المطلب الثاني :-
الاسباب الدافعه للكوتا
تتنوع الاسباب التي دفعت المشرع للنص على نظام الكوتا النسائيه في قانون الانتخاب الى اسباب قانونيه و اخرى اجتماعيه
اولا : الدوافع القانونيه
ان حقوق الانسان وحرياته العامه قد اقرتها مبادئ الشريعة الاسلامية الغراء ،وكذلك النظم الدستوريه في عموم دول العالم المعاصر والمواثيق والاتفاقيات الدوليه في اطار منظمة الامم المتحدة ،هذه الحقوق والحريات تقررت لعموم الافراد رجالا ونساء سواء بسواء ، نتيجة طبيعتهم وصفاتهم الانسانيه او البشرية او بسبب كونهم اعضاء في المجتمع .
وتعد الحقوق السياسيه من اهم الحقوق والحريات العامه ،كونها تسمح للأفراد بالمشاركة في الحياة السياسية وفي التعبير عن الاراده الشعبيه وممارستها ، وتشمل حق الانتخاب ، دون تفرقه بين الرجل والمرأة كما يشمل ايضا حق الترشح للمجالس النيابيه والمحلية بغير قيود وذلك لعموم الافراد بصفتهم المستقلة كمواطنين وليس فقط بصفتهم الحزبيه اي كأعضاء ينتمون للأحزاب السياسيه. 1
وكما ذكرنا من قبل 2 فعلى الرغم من اعتراف المشرع للمرأة الاردنيه بالحق في المشاركة في الترشح والانتخابات لمجلس النواب عام 1974 إلا انه لم تنجح اي امرأة في الوصول الى القبه مما اضطر المشرع في عام 2001 بالأخذ في نظام التخصيص (كوتا) لتمثيل المرأة بالانتخابات على نحو فعال في السلطة التشريعيه في الدولة مخصصه لها ستة مقاعد كحد ادنى تتنافس عليها النساء الى جانب الحق في المنافسه على المقاعد الاخرى كافة تم رفعها فيما بعد.
1) مقال للدكتور نوفان العجارمه – مدى دستورية تخصيص (كوتا) نسائيه في قانون الانتخابات الاردني .
2) المطلب الاول من المبحث الاول في الفصل الاول
وبإمكاننا ان نجد ان وجود نظام الكوتا هو حاجه قانونيه اذ انه لابد لسن تشريعات تناسب المجتمع ان تسن من قبل مجلس يمثله وبما ان النساء يشكل نسبة كبيره من المجتمع وكمواطنين في الدوله فلابد من ان يكون لهن تمثيل متوازي مع نسبتهن .
لقد نصت المواثيق الدولية على أن التمتع بالحقوق يجب أن يتم بدون تمييز من أي نوع فالمادة «3» من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية نصت على أن تتعهد الدول الأطراف بكفالة تساوي الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد وكذا نصت المادة «26» على ان الناس جميعاً سواء أمام القانون ولذلك يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الاشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب كالعرف أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسياً أو غير سياسياً أو الاصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الاسباب.
وتعتبر الكوتا إحدى الوسائل الكفيلة بتأمين وصول المرأة للبرلمان ، وهي تمييز إيجابي لصالح المرأة دعت اليه اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو ) وذلك على اعتبار أن التمييز الايجابي لصالح الفئات الاقل حظاً لا يعد تمييزاً مجحفاً بحق الفئات الأخرى بقدر ما يساعد على الوصول إلى تحقيق المساواة والعدالة في المجتمع والذي يعد أيضاً بمثابة احداث طفرة لتحقيق قفزة نوعية في تطوير المجتمع من أجل رفع مستوى مشاركة المرأة وتطوير أوضاعها وإدماج رؤيتها في سياسات المجتمع ، حيث نصت في المادة «4» من اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة لا يعتبر اتخاذ الدول تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزاً بالمعنى الفعلي الذي تأخذ به هذه الاتفاقية ولكنه يجب ان لا يستتبعه الابقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت اهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة وهذه التدابير تمكن المرأة من المشاركة في صياغة السياسة العامة للحكومة وتأدية المهام على المستويات المختلفة.
وأصبح من الواضح انه دون وجود مشاركة عادلة للمرأة في مواقع صنع القرار ، لن تتمكن من ادماج نظرتها في رسم السياسات وتعديل المفاهيم والقيم ولقد نصت استراتيجية النهوض بالمرأة عام 2000 والتي أقرت في مؤتمر المرأة العالمي الثالث في نيروبي عام 1985 على أهمية زيادة نسبة مشاركة المرأة في مواقع القرار وتم التأكيد على ذلك في وثيقة بكين الدولية عام 1995م والتي حثت الدول على تعديل القوانين والتشريعات لتطوير هذه الزيادة إلى نسبة لا تقل عن (30 % )
ثانيا :- عوائق اجتماعيه
ان الواقع الفعلي اثبت وجود فجوه في المشاركه بين الرجل والمرأة على صعيد الجنس في العمليه الانتخابية وأثبتت التجارب والنتائج ان الرجال هم اكثر مشاركة من المرأة وأنهم يشاركون بمعدلات اكثر من المرأة في كثير من دول العالم ، و لا يمكن تقليص تلك الفجوة على صعيد الترشيح بين الجنسين من خلال تبني نظام الكوتا .
بالإضافة لما للعملية الانتخابية من صعوبة بسبب هيمنة رأس المال الذي يصل الى حد انفاق الملايين على الحملة الانتخابية ، وغياب مؤازرة الرجال للمرأة ، وسلبية الاحزاب وعدم الاهتمام بالكوادر النسائيه لديهم ودعمهم وتأهيلهم سياسيا .
وتظهر السلبيه في الثقافة المجتمعيه السائدة في المسألة السياسيه حيث تقلل من شأن المرأة في خصوص هذه المسائل فبالرغم من ان هنالك تغييرا اجتماعيا ايجابيا متدرجا ، لكن هنالك بقايا اصوليه وقبليه تحد من قدرة المرأة في ان تكون متكافئة مع الرجل في كثير من نواحي الحياة .
وتتعدد العوائق الاجتماعية التي دفعت المشرع للأخذ بنظام الكوتا حيث يشكل الواقع الثقافي والاجتماعي للمجتمع الاردني – بشكل عام والرجل بشكل خاص – الرافض لعمل المرأة السياسي العقبة الاساسية في وجه تمثيل المرأة في المجالس النيابيه بشكل عادل بالإضافة الى قلة خبرة المرأة الاردنيه في الميدان السياسي فهي بحاجه الى المزيد من التثقيف والتدريب في هذا الميدان ولكن حصر مرشحي الاحزاب والعشائر و الجمعيات والمنظمات في الذكور دون الاناث وبالتالي اهمال تثقيف المرأة وتدريبها وتهيئتها للعمل السياسي يحول دون ذلك .
كما ان ضعف ومحدودية التجربة السياسيه لمؤسسات المجتمع المدني في الاردن الذي تعاني الاحزاب السياسيه ومنظمات المجتمع المدني الاخرى فيه من الضعف وعدم الاستقرار مما ينعكس بشكل سلبي على الارتقاء بدور المرأة في السلم السياسي .
بالإضافة الى ضعف نشاط المرأة في الميدان الاقتصادي الذي ادى الى تبعيتها للرجل وبالتالي صعوبة اعتمادها على نفسها في تقرير ما هو مناسب لها نتيجة لقلة الموارد الماليه بين يديها والتي تمنعها من اتخاذ قراراتها بعيدا عن الرجل الذي تتبعه حتى في اختيار المرشحين
المبحث الثاني :-
مدى شرعية الكوتا
تختلف الاراء القانونيه حول مدى شرعية اتباع نظام الكوتا النسائيه في الانتخابات التشريعيه وسأذكر الاراء المؤيده والمعارضة في مطلبين متتاليين ضمن هذا المبحث
المطلب الاول :-
الاراء المعارضه للكوتا
يدعم المعارضين لنظام الكوتا والمتمسكين بعدم شرعيته بعدة اسباب نذكر منها :-
1) إن نظام حجز المقاعد (الكوتا) فيه مخالفة لمبدأ المساواة فهذا الأسلوب (أسلوب تخصيص المقاعد) يتنافى مع المبدأ الذي قررته المادة (6) من الدستور والتي تنص على ان ( الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق و الواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين).
فالمشرع الدستوري الأردني صاغ المساواة من ناحية قانونية خالصة ، وفكرتها تدور حول أن يكون جميع أفراد المجتمع إزاء القانون في مركز واحد دون تفرقه أو استثناء سواء كان هذا القانون يقرر منفعة (المساواة في المنافع العامة) أو يفرض التزاما ( المساواة في تحمل التكاليف العامة) بحيث يكون القانون عاما عمومية مطلقة و ينطبق على جميع أفراد المجتمع دون تمييز بينهم أو تفرقة على أساس الدين أو العرق او الجنس ، ومن زاوية أخرى فهو يخالف هذه الماده في أن تخصيص عدد من الدوائر بعينها تخصص لترشيح المرأة دون الرجل أمر غير منصوص عليه في الدستور ، وأن إغلاق دوائر على السيدات فقط فيه حرمان من الرجال للترشيح فهو يخالف مبدأ المساواة من تلك الناحية
2) نظام الكوتا يخالف مبدأ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين المنصوص عليه في المادة (22) من الدستور والتي تنص على (1. لكل أردني حق في تولى المناصب العامة بالشروط المعينة بالقوانين والأنظمة ، 2.التعيين في الوظائف العامة من دائمة ومؤقتة في الدولة والإدارات الملحقة بها والبلديات يكون على أساس الكفاءات والمؤهلات).
3) ان توجه هذا قانون الانتخابات ليس توجهاً وطنياً بل توجه سياسي ، لإرضاء اتجاهات دولية ضمن أجندة الأمم المتحدة في قضايا تمكين المرأة سياسياً في المجتمعات الشرقية بالذات.
4) ان هذا النظام قد يؤدي إلى دخول نساء غير كفؤات للعمل بالبرلمان ، فنظام الكوتا لا يفرز بالضرورة سيدات لهن فاعلية في إدارة الحوار البرلماني في العلاقة مع الحكومة ، لاسيما وأن المرأة ليس لها بعد الرؤية في مسائل مفصلية مثل الديمقراطية ، والأزمات المجتمعية التي تهم عموم المواطنين ، وأنه من الضروري استمرار نضال المرأة للحصول على حقوقها وعدم التعلق ” بالكوتا ” المخصصة لها عدا عن انه من السهل الاستحواذ على المقاعد المخصصة للنساء من قبل من ينتمين لطرف سياسي أو ديني معين .
5) تعارض هذا النظام – الكوتا – مع المبدأ الديمقراطي الذي يقضي بجعل كلمة الشعب هي فيصل الاختيار فإذا اختار الشعب كل ممثليه من النساء أو الرجال فتلك هي إرادته وهذا هو اختياره.
6) لا يصح معاملة المرأة على أنها أقلية وتحتاج تدابير معينة لإشراكها في الشأن العام أو الحياة السياسية فهي تمثل نصف المجتمع وان الخطوة الاولى على الطريق الصحيح في هذا المجال ان نتخلى عن فكرة ايصال المرأة مقابل ان تصل بقدرتها الذاتيه وطموحها وكفاءتها فقط ، وهو ما لا يدعمه نظام الكوتا الذي يساعد على التباطؤ في أوساط النساء للسعي والمثابرة من أجل نيل حقوقهن
7) ويذهب البعض الى إن نظام الكوتا في حد ذاته تمييز أي انه مخالفه صريحة لاتفاقية سيداو التي تنادي بمحاربة كافة أشكال التمييز .
8) إن نظام الكوتا النسائية قد يدفع قطاعات أخرى للمطالبة بالشئ نفسه مثل قطاع الشباب أو المعلمين أو التجار… الخ ، مما يفقد العملية الديمقراطية جوهرها وتحولها إلى تقسيمات إدارية ، مما يعني أن هذا النظام يثير إشكاليات عديدة عند تطبيقه .
المطلب الثاني :-
الاراء المؤيده للكوتا
يرحب انصار اتباع نظام الكوتا بتخصيص مقاعد للمرأة في مجلس النواب ، ويعتبرونه نجاحاً ساحقاً وانتصاراً كبيراً يضاف إلى سجل انجازاتها في الحياة السياسية ويدافعون عن صحة رأيهم من عدة اوجه منها :-
1) يعد نظام الكوتا تطبيقا لما جاء في معاهدة سيداو التي صادقت عليها الاردن حيث انها :-
أ) تنص في مادتها الثانيه الفقره “(أ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى ، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن ، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة الأخرى ، و الفقره (هـ) اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة ، و الفقره (و) اتخاذ جميع التدابير المناسبة ، بما في ذلك التشريع ، لتعديل أو إلغاء القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة”.
اذ من غير الممكن تحقيق المساواة العمليه دون وجود الكوتا للأسباب والعوائق الاجتماعية التي ذكرناها سابقا التي تشكل بذاتها تمييزا ضد المرأة لا يمكن تلافيه دون هذا النظام .
ب) كما وتنص الماده الثالثه على “تتخذ الدول الأطراف في جميع الميادين ، ولا سيما الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، كل التدابير المناسبة ، بما في ذلك التشريع ، لكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين. وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل “.
ولا يظهر من الواقع العملي تدبير افضل من اتباع نظام الكوتا لضمان التمثيل العادل للمرأة في البرلمان الذي هو منشأ التشريعات.
2) لا يوجد تمييز في نظام الكوتا حيث إنه يحقق للنساء عدد المقاعد التي كن سيشغلنها لولا العوائق الاجتماعية ، مع الاعتراف بأن هذه التجربة تمثل نوعاً من التمييز الايجابي ، فليس فيها بالضرورة الحتمية خرقاً لمبدأ المساواة الذي هو ليس مبدأ مطلقا ، وذلك بالنظر لظروف المرأة الأردنية والتي تجعل وضعها الواقعي مخالفاً لوضع الرجل مما يقتضى تشجيعها ودفعها وتحفيزها .
3) يمكن تحقيق وضمان الشرعية الدستورية لنظام «الكوتا» الحالي للمرأة الأردنية في مجلس النواب من خلال مطلع المادة (67) من الدستور و التي تنص على (يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين انتخابا عاما سريا ومباشرا وفاقا لقانون الانتخاب ) ويجوز أن يأخذ القانون(قانون الانتخاب) بنظام يجمع بين النظام الفردى ونظام القوائم الحزبية بأية نسبة بينهما يحددها , كما يجوز أن يتضمن حداً أدنى لمشاركة المرأة في مجلس النواب .
4) إذا كان المقصود من مبدأ المساواة أمام القانون هو خضوع جميع المراكز القانونية المتماثلة لمعاملة قانونية واحدة على نحو يتناسب بطريقة منطقية وفقا للهدف الذي توخاه القانون ، فان هذا المبدأ يتحقق بتقرير معاملة قانونية مختلفة للمراكز القانونية المختلفة أو بسبب يستند إلى المصلحة العامة إذا كان ذلك كله متفقاً مع الهدف الذي توخاه القانون ، فالمساواة هي المساواة القانونية وليست المساواة الحسابية ، بمعنى أن من حق كل مواطن أن يحصل على ذات المعاملة إذا استوفى الشروط المقررة ، وبالتالي فإن المساواة في المعاملة مشروطة بالمساواة في توافر الشروط ، ومن ثم فإن من حق المشرع أن يقيد التمتع بحق معين بتوافر حد أدنى من الشروط الجسدية كالطول أو العرض أو حده الإبصار مثلا .
5) ان التمييز الإيجابي الذي يمنح المشرع بمقتضاه ميزة قانونية لفئة من الأشخاص تواجه مصاعب تحد من قدرتها على ممارسة الحقوق والحريات التي أعترف لها بها الدستور على قدم المساواة مع باقي الفئات ، ويهدف المشرع من وراء هذا التمييز في المعاملة القانونية إلى معالجة عدم المساواة الفعلية بين الأفراد وتحقيق العدالة فيما بينهم
6) إذا كان الدستور و القانون قد أعطى للمرأة حقها في الترشح للانتخابات مع باقي الفئات ، و إذا كانت التجربة السياسية الأردنية تؤكد أنه من العسير الدفع بتمثيل للمرأة في البرلمان دون استخدام ( الكوتا ) ، وإذا كانت جميع الأحزاب السياسية عاجزة عن تحقيق ذلك ، فإن الأمر يتطلب تبرير نظام ( الكوتا ) حتى ولو بصفة مؤقتة حتى تصبح الظروف السياسية مهيأة أمام الناخبين لاختيار المرشح دون التعصب لجنس على حساب آخر ، مع تهيئة كافة الظروف في العملية الانتخابية لاختيار الأفضل دون وجود معوقات تمنع النساء من الوصول إلى المقاعد البرلمانية ، لحين تهيئة هذه الظروف تصبح (الكوتا) حلاً مؤقتا أو كمرحلة انتقالية.
7) إن ميزة الكوتا ان المرأة لا تنافس فيها الرجل في ظروف غير عادلة وغير متوازنة ، حيث يملك الرجال كل عوامل النفوذ المالي والسياسي والاجتماعي الذي تفتقر إليه المرأة ولكن تنافس النساء على مقاعد مخصصة ستحفز النساء وفئات الشعب الأخرى على اختيار الافضل ضمن شروط متكافئة نسبياً.
ونتوصل من كل ما سبق الى ان الكوتا حاجه وضروره فرضها الواقع المجتمعي وهذا ما يجعل منها متطلب لمرحله انتقاليه مؤقته لحين تقبل المجتمع الاردني لعمل المرأه في المضمار السياسي ، وان تحقيق العداله في تمثيل المرأه في المجتمع السياسي لا يتطلب فقط سن تشريعات تضمن وجودها بمقاعد محدده كنظام الكوتا ولكن يتطلب برنامجا متكامل لتدريب المرأة وتوعيتها سياسيا وكذلك دعم منظمات المجتمع المدني المختلفه لتمكنها من توعية المجتمع ككل على مدى اهمية تمثيل المرأه في العمل السياسي وحث الاحزاب على دعم المرأة وترشيحها ضمن قوائمها الانتخابيه وبهذا فقط بامكاننا تحقيق العداله في التمثيل والاستغناءعن أي انظمه مساعده في المستقبل مثل نظام الكوتا
الفهرس
المقدمه
1) المبحث الاول : الكوتا بين الاصل التاريخي ومتطلبات الحاضر
2) المطلب الاول : الاصل التاريخي
3) فرع الاول : نشأة الكوتا كنظام انتخابي
4) فرع الثاني : موقف الانظمه العربيه من الكوتا كنظام انتخابي
5) الطلب الثاني : اسباب الكوتا
6) فرع اول : اسباب قانونيه
7) فرع ثاني : عوائق اجتماعيه
8) المبحث الثاني : مدى شرعية نظام الكوتا
9) المطلب الاول : الاراء المعارضه للكوتا
10) المطلب الثاني : الاراء المؤيده للكوتا
11) الفهرس
12) قائمة المراجع
المراجع
1. د. أحمد فتحي سرور – مبدأ المساواة في القضاء الدستوري . مقال منشور بمجلة الدستورية – السنة الأولى العدد الثاني ابريل 2003 .
2. د. محمد رفعت عبد الوهاب ، الحقوق السياسية للمرأة ، بحث منشور في مجلة الحقوق ، جامعة الإسكندرية ، ع1و2 ، ديسمبر، 2010 .
3. د. رمضان بطيخ ، المشاركة السياسة للمرأة المصرية- تصويتا وترشيحا، بحث منشور في مجلة الحقوق ، جامعة الإسكندرية ، ع1و2 ، ديسمبر، 2010 .
4. د. محمد فوزي، الكوتا النسائية في المجالس البرلمانية ، بحث منشور في مجلة الحقوق ، جامعة الإسكندرية ، ع1و2 ، ديسمبر، 2010 .
5. د. عبد العزيز سالمان – الحق في المساواة. مقال منشور بمجلة الدستورية . السنة السادسة . العدد الرابع عشر . أكتوبر 2008.
6. د . سليمان الطماوي : النظم السياسية والقانون الدستوري – دار الفكر العربي 1988.
7. د. يسري العصار، ب التمييز الإيجابي ومدى اتفاقه مع الدستور ، بحث منشور في مجلة الدستورية العدد الخامس السنة الثانية – إبريل 2004
8. دراسه د. ليث نصراوين منشور في جريده الرأي الاردنية ، في عددها الصادر صباح 28/3/2011
9. مركز الفرات للتنميه والدراسات الاستراتيجيه ، بتصرف
10. مقال للدكتور نوفان العجارمه – مدى دستورية تخصيص (كوتا) نسائيه في قانون الانتخابات الاردني .
11. دراسه لموسى الشيخاني –قرائه تحليليه لنتائج المقاعد المخصصه للنساء في مجلس النواب ، منشور في موقع انتخابات مجلس النواب الالكتروني
12. كارين بيرد، (2004)، التمثيل السياسي للمرأة والأقليات العرقية في الديمقراطيات الراسخة : إطار للبحث المقارن ، سلسلة أوراق بحث من وكالة أنباء AMIP ، المدرج بتاريخ 6/12/2005:
13. درود داهليرب (1998) ، عالم كوتا الحصص ، عزة كرم ، مؤلفة) المرأة في البرلمان : ما وراء الأرقام،
14. بيبا نوريس ، (2000 ) كسر الحواجز : سياسات التمييز الإيجابي للمرأة ، في: جايت كلوس/ تشارلز س. ماير، مؤلفان) هل أفشلت الليبرالية المرأة ؟ المساواة والحصص والتمثيل السياسي، نيويورك : مطبعة سانت مارتن.