دراسات قانونية
أحكام الخبرة الجنائية في التشريع الجزائري (بحث قانوني)
دراسة و بحث حول أحكام الخبرة الجنائية في التشريع الجزائري
مقدمة:
لقد نص المشرع الجزائري في المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية الجزائري على”لكل جهة قضائية تتولى التحقيق أو تجلس للحكم عندما تعرض لها مسالة ذات طابع فني أن تأمر بندب خبير إما بناء على طلب النيابة العامة أو الخصوم أو من تلقاء نفسها. وإذا رأى قاضي التحقيق انه لا موجب لطلب الخبرة فعليه أن يصدر في دلك قرارا مسببا.ويقوم الخبراء بأداء مهمتهم تحت مراقبة قاضي التحقيق أو القاضي الذي تعينه الجهة القضائية التي أمرت بإجراء الخبرة؟” نلتمس من هده المادة السالف ذكرها أن المشرع الجزائري قد اقر إجراء هام من الإجراءات الجزائية وهو الخبرة فما المقصود بهذا الإجراء ؟ وكيف تتم عمليته والرقابة عليه؟ وكيف تعالج مسائله؟
المبحث الاول: ماهية الخبرة.
المطلب الاول :تعريف الخبرة.
“ان الخبرة هي دلك الإجراء الجنائي الحيادي الذي قد يأمر به قاضي التحقيق او جهة الحكم لمعالجة قضية أو مسالة ذات طابع فني أو تقني وهي في جميع القضايا المدنية أو الإدارية أو الجزائية…الخ” وقد تكون الخبرة للإثبات أو النفي فلا يقصد منها تثبيت الجرم على المتهم بل بالعكس فقد يلجا للخبرة الجنائية في جميع أنواع الجرائم.
والخبرة واسعة جدا وأشهرها الخبرة الطبية وليس هناك مانع من اللجوء إلى عدة أنواع من الخبرة في آن واحد كالخبرة الطبية أو الخبرة الفنية في حوادث السيارات أو في فتح الأقفال أو مضاهاة الخطوط….الخ.
كما وان الخبرة ليست ملزمة فيستطيع ألا يؤخذ بوجهة نظر الخبير ذلك أن من حق الأطراف مناقشتها.
المطلب الثاني: طالب الخبرة.
من خلال المادة السالف بيانها يتبين بان هناك 4 اطراف يجوز لهم طلب اجراء الخبرة وهم :
1- قد يتم تعيين خبير بشكل تلقائي من طرف الجهة القضائية وقد اكد المشرع في المادة147 من قانون الإجراءات الجنائية الجزائري على صلاحية قاضي التحقيق في تعيين الخبير بقوله” يجوز لقاضي التحقيق ندب خبير او خبراء”
2- النيابة العامة بإمكانها أن تطلب من القاضي ندب خبير أو خبراء.
3- الخصوم وخاصة المتهم وبداهة محاميه لكونه أكثر معرفة بالإجراءات.
4- الطرف المدني أو المسئول مدنيا طالما أن لهما مصلحة قانونية في دلك وإلا فانه لا يجوز لهما التدخل في قضايا الخبرة الجنائية ويجوز ان يتعاون قاضي التحقيق والمحامي في ندب الخبير كان يشير المحامي عليه باسم احد الخبراء وفي حالة ما إذا طلب احد الأطراف اللجوء إلى الخبرة فان القانون اوجب على قاضي التحقيق عند انتفاء وجود موجب لإجراء الخبرة ورفض دلك ان يصدر قرارا مسببا ولكل صاحب مصلحة أن يستأنفه أمام غرفة الاتهام و هدا وفقا لنص المادة143 من نفس القانون السالف الذكر أما بالنسبة لقاضي الحكم ادا رفض تعيين الخبير اوجب عليه القانون ان يشير الى الدوافع لرفضه في قرار الحكم وادا لم يشر له فيكون قد اخل باحد المسائل الجوهرية ويستحب من المحامي ات يقدم طلب التماس تعيين خبير بشكل مكتوب على نسختين للنائب العام ولرئيس المحكمة. وكما يجوز ايضا للاطراف المعنية بالحبرة ان يعترضوا على اجرائها و يبلغونه للققاضي ولهدا الاخير الحق في الا يستجيب لطلبهم وما عليه سوى الاشارة الى دلك في الملف و يسبب قراره هدا وادا راى قاضي التحقيق الاستجابة لطلب الخبرة فهدا ضمن سلطته التقديرية اي انه في غنى عن تسبيب قراره.
المبحث الثاني : تعين الخبير ومراقبته.
المطلب الاول: تعين الخبير.
يجوز لقاضي التحقيق ان يعين خبيرا واحدا او عدة خبراء في ان واحد بحسب الحاجة بحيث يكلف كل خبير بمهام مستقلة عن الخبير الاخر ودلك ادا تعددت اعباء الخبرة او تراكمت وكثرت. واجاز القانون للخبير بعد تعيينه ضم فنيين متخصصين في اعمال الخبرة وعند ضمهم يستوجب عليهم اداء اليمين بنص القانون وادا كانو مقيدين في جدول الخبراء فلا يشترط اداء اليمين وفي حالة تعدد الخبراء المعينون فانه يستوجب على كل واحد منهم تقديم تقرير عن المهام التي يقوم بها ودا كانوا يهتمون بمسالة واحدة ولكنها متشعبة فعندها يقدم تقريرا واحدا مع الاشارة الى كل خبير خاصة عند اختلافهم في وجهة النظر و بالتالي تناقض اقوال هؤلاء الخبراء فيجوز لقاضي التحقيق ان يامر بخبرة اضافية و يقدرها كيفما شاء يعين خبرة تكميلية}.
كما ان اراء الفنيين تكون ضمن تقرير الخبير ويصبح الخبير المعين هو المدير لاعمال الخبرة بالنسبة للفنيين ويقدم هؤلاء نتائج اعمالهم ليضمنها للتقرير النهائي حينما تكون هناك احراز ويريد قاض التحقيق تسليمها للخبراء فعليه ان يتبع الاحكام الواردة في المادة84 من القانون السالف الدكر وحنما يرجع الخبير تلك المحرزات فيكون دلك بموجب محضر يدعى محضر ارجاع المحرزات او المضبوطات وهو منفصل عن الخبرة. وهنا يطرح التساؤل التالي:هل يجوز للخبير سماع الاشخاص؟ اجاز القانون للخبير سماع الاشخاص غير المتهمين ويستمع لاقواله و يناقشه في تقرير خبرته حسب المادة 151 من القانون السالف الدكر وبناءا على نص المادة 152 من القانون السالفالدكر فانه على الخبير اعلام الاطراف بانه يمكن ان يتلقى اقوالهم وملاخظاتهم ويضمنها تقرير الخبرة وللاطراف الحق في ان يطلبوا من الخبير القيام بابحاث معينة ويستوجب ان يطلبوا >لك عن طريق القاضي الدي عين الخبير اما بالنسبة لاستجواب المتهم من طرف الخبير فقد احاطه المشرع بضمانة وهي وجوب حضور القاضي الدي عينه وللمتهم الحق في ان يصطحب معه محاميه ويدون كل دلك في تقرير الخبرة وقد اجاز القانون للمتهم وحده ان يتنازل عن الاستجواب بحضور قاضي التحقيق واجاز له ايضا ان يتنازل عن حضور المحامي ولكن بتصريح مكتوب الا ان القانون اجاز و بصفة خاصة للخبراء توجيه الاسئلة للمتهم دون اتباع هده الاجراءات اي يوجهونها مباشرة دون حضور القاضي ولا المحامي لان المسائل الصحية من خصوصيات الانسان المادة 151/5 من القانون السالف بيانه
ويستوجب ان يودع تقرير الخبرة من طرف الخبير المعين ولا يجوز ان يحل محله خبير اخر ويكون هدا التقرير مفصلا و ليس غامضا وعند ايداعه فانه يستوجب على قاضي التحقيق ان يعلم الاطراف بانتهاء اعمال الخبرة و نتائحها ويعطي لهم القاضي مهلم لابداء اراءهم
المطلب الثاني: مراقبة الخبير.
تبين المادة143 من القانون السالف بيانه ان الخبير يقوم بعمله تحت اشراف و رقابة القاضي الدي عينه ومعنى دلك ان اي تجاوز من طرف الخبير لمهامه يرفع بها تقرير الى الجهة التي عينته ويتظلم امامها بدلك من ان اي طرف متضرر او له مصلحة مثال دلك ان خبير ا كان عليه ان يعاين مسالة فنية فامتنع عن دلك فللطرف المتضرر هنا ان يتقدم باحتجاج الى القاضي الدي عين الخبير واحيانا بعد تعيين الخبير تظهر مسائل فنية جديدة متعلقة بدات الخبرة و لكن قرار ندب الخبير لا يتضمن تلك المسائل فللمعني ان يوجه طلبا للقاضي كي يلتفت هدا الاخير نظراالخبير لتلك المسالة التي استجدت ويجب ان تكون هناك صلة بين اصل قرار الخبرة و بينما استجد من مسائل تقنية والا في الحالة العكسية يعد دلك طلبا جديدا لخبرة اخرى. كان يعين القاضي خبير للاقفال ثم ظهرت بصمات على دلك القفل فهنا لا توجد صلة و يتعين على القاضي اصدار طلب جديد للخبرة.
الخاتمة: من خلال ما سبق دكره فان اجراء الخبرة يعد من اهم الاجراءات الجنائية التي لا تقل اهمية عن بقية الاجراءات الاخرى التي وضع لها المشرع الجزائري من القواعد الدقيقة التي تنظم مجالها و التي يترتب عن مخالفتها بطلان الاجراءات و تعرضها للتجريح.
————————————————
المراجع /
1-قانون الاجراءات الجزائية في التشريع الجزائري للدكتور مولاي ملياني بغدادي المؤسسة الوطنية للكتاب.
2-الوجيز في شرج قانون الاجراءات الجزائية للاستاد طاهري حسين دار الخلدونية.
3-قانون الاجراءات الجنائية الجزائري.