دراسات قانونية

الوصية الواجبة في القانون المغربي (بحث قانوني)

الوصية الواجبة علما وعملا وفي تزاحمها مع باقي الوصايا

حسن منصف دكتور في الحقوق

رئيس غرفة بمحكمة النقض

مدخل تمهيدي:

يعتبر نظام الوصية من الوسائل الشرعية، التي وضعها المشرع ليكفل الفرد مجتمعه،فيبذل ماله للغير لدعم موارد الخير ومصارف البر، وهو آمن على مستقبله تقربا إلى الله بالإحسان إلى المحتاجين، وبالمساهمة في بناء العلاقات الاجتماعية المتناسقة، وتقتضي القواعد العامة أن تكون الوصية عقدا غير جائز، لأنها مضافة إلى زمن انقطع فيه حق الموصي في ماله، فالموت مزيل للملك، ولكن الشارع أجازها لما فيها منمصلحة للموصي ولأقربائه وللمجتمع[1]،ومن معاني الوصية في اللغة الوصل يقال وصيت الليلة باليوم أوصلها،فكأنالموصي لما أوصى بالشيء وصل ما بعد الموت بما قبله في نفوذ التصرف ومنه قول ذي الرمة كما في الصحاح:

نصي الليل بالأيام حتى صلاتنا     مقاسمة يشتق أنصافها السفر[2]

وقد وردت في التنزيل بمعان مختلفة منها الإيصاء أي العهد الذي هو فعل الموصى. )ووصينا الإنسان بوالديه حسنا([3]. كما وردت بمعنى الموصي به أي اسم المفعول، قال تعالى: )من بعد وصية يوصي بها أو دين([4]، كما وردت بمعنى الأمر كقوله تعالى في سورة البقرة: )وأوصى بها إبراهيم بنيه([5]، أي أمرهم بذلك، وبمعنى وجب وفرض كقوله عز وجل في سورة النساء:)يوصيكمالله في أولادكم([6].

ويظهر أن للوصية في اللغة مفاهيم متنوعة يرجع التمييز بينها إلى قرينة السياق الوضعي فهي كما تشمل الوصية بالمال تشمل غيره كمن يوصي غيره بالقيام بأمر، فكأنالموصي لما أوصى بالشيء وصل ما بعد الموت بما قبله في نفوذ تصرفه[7]، أما في الاصطلاح فقد عرفها فقهاء الشريعة الإسلامية بتعريفات مختلفة بسبب اختلافهم في كونهاخلفيةأو عقد أم أنها تشمل الوصية والإيصاء أم تقتصر على الأول[8]، وقد عرفها ابن عرفة في حدوده بقوله:”عقد يوجب حقا في ثلث عاقده يلزم بموتهأو نيابة عنه بعده.”[9]، ومن أجمع تعاريفها قول بعض المحدثين بأنها: “عهد خاص بتمليك عين أو منفعة ولو تبرعا، أو فك ملك، أو تسليط على تصرف بعد الوفاة”[10].

أما الوصية في اصطلاح القانون فقد عرفها القانون الفرنسي بأنها: “تصرف بموجبه يتصرف الموصي بكل تركته أو بعضها إلى زمن لا يعود هو فيه موجودا،ويمكنه الرجوع عنه”[11]، في حين عرفها القانون المصري في المادة 1 من قانون الوصية بأنها: “تصرف في التركة مضاف إلى ما بعد الموت[12]”.

ويقول الشيخ أبو زهرة تعليقا على نص المادة المذكورة، أن تعريف القانون هذا أجمعمن تعريفات الفقهاء فهو يشمل التمليكات والإسقاطات وتقرير مرتبات، ويشمل التركةبين الورثة، ويشمل ما يكون بالمنافع، وما يكون بالأعيان بل يشمل بيان الطريق للوفاء بما على التركة من حقوق، وإن كان قد بين ذلك الوفاء، فإن هذا وغيره يعد تصرفا في التركة إذ كلمة تصرف عامة تشمل هذا وغيره[13].

أما القانون المغربي فقد عرف المادة 173 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة الوصية بأنها: “عقد يوجب حقا في ثلث عاقده يلزم بموته”[14]. وهو نفس تعريف ابن عرفة للوصية مع حذف (أو نيابة عنه بعده) لتبقى الوصيةقاصرة على المال دون غيره.

ولقد كان المشروع التمهيدي لمدونة الأحوال الشخصية ينص على أن: “الوصية تصرف في التركة إلى ما بعد الموت بطريق التبرع”. وعدل عنه إلى التعريف السابق[15].

أما مدونة الأسرة فقد عرفتها في المادة 277 بأنها: “الوصية عقد يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم بموته”، بإضافة لفظ “مال” إلىالتعريف السابق ليخرج بذلك الوصية بغير المال، كالوصية بالحج والوصية بالنظر وهو مايصطلح عليه بالإيصاء.

وهو ما وقع التأكيد عليه في مشروع الدليل العملي لمدونة الأسرة المعد من طرف وزارة العدل الذي جاء فيه أن التعريف الذي أورده المشرع جاء شاملا لجميع أنواع الوصايا بالمال والحقوق التي تنتقل عن طريق الإرث[16].

والتعريف الذي وضعته المادة 277 تعريف جامع مانع، يشمل كل ما يصح الإيصاء به. فهو يشمل الموصى به إذا كان مالا أو منفعة أو حقا أو إسقاطا فيه معنى التمليك، كالوصية بإبراء المدين، والإسقاط المحض كإبراء الكفيل، ويشمل الوصية بتقسيم التركةبين الورثة على وجه خاص، والوصية ببيع شيء من التركة لفلان بمثل قيمته، كما يشمل الوصية لمن يحصى، ولمن لا يحصى.

والجدير بالتنويه أن تعريف الوصية في القانون المغربي لم يأخذ بقيد التبرع، فشمل بذلك حتىالوصية الواجبة شرعا وقانونا[17]، فالمدونة عرفت الوصية إذا بتعريف ابن عرفة خاصة الشق الأول منه، لأن الشق الثاني من تعريفه وهو “نيابة عنه بعده” معناه الإيصاء، وقد ذكرته المدونة في القسم الثاني من الكتاب الرابع المتعلق بالأهلية والنيابة الشرعية، والمدونة بذلك أخذت في تعريفها للوصية بمفهومها عند الفراض، لا عند الفقهاء حيث تشمل الوصية بالمال كما تشمل النيابة عن الموصي بعد الوفاة.

والوصية ليست على شكل واحد، كما أن أحكامها عند الفقهاء وفي التشريعات تختلف باختلاف أنواعها، فهي تتنوع من حيث مصدرها إلى وصية إرادية ووصية واجبة، والوصية الإرادية إما أن تكون منفردة أو مشتركة[18]، وهذه تنقسم باعتبار المدة إلى وصية مؤبدةووصية غير مؤبدة[19].

وتتنوع من حيث الموصى به إلى وصية بالأعيان ووصية بالمنافع، ووصية بالمرتبات، ووصية بتصديق المدعى في دعواه، ومن حيث الموصى له إلى الوصية لمنفرد ووصية لمتعدد[20]، ومن حيث الحكم إلى وصية صحيحة ووصية باطلة[21] ووصية نافذةووصية موقوفة[22].

ولما كانت غاية البحث الوصية الواجبة، فإن تحقيق بعض مراميه يقتضى تأصيل الوصية الواجبة (المبحث الأول) ثم بيان أحكامها في القانون المغربي (المبحث الثاني) وأخيرا تزاحمها مع باقي الوصايا (المبحث الثالث).

المبحث الأول: تأصيل الوصية الواجبة

يقتضي تأصيل الوصية الواجبة التعرض لتعريفها وتمييزها عن الميراث وبيان مستندها الفقهي وموقعها في بعض التشريعات العربية.

المطلب الأول: تعريف الوصية الواجبة

عرفها محمد الزحيلي بأنها: “جزء من التركة يستحقه أولاد الابن المتوفى قبل أصله، أو معه، بأن لم يكونوا وارثين، وذلك بمقدار وشروط خاصة يأخذونه وصية لا ميراثا[23]”. ويظهر أن هذا التعريف يتفق والقانون السوري الذي جعل الوصية الواجبة خاصة بأولاد الابن دون أولاد البنت، وأنها وصية، لا ميراثا[24]، كما عرفها عبد الكريم شهبون بأنها: “وصية مالية ثابتة بحكم الشرع للأحفاد في تركة جدهم من جهة الأب أو في تركة جدتهم من الأب أيضا إذا توفروا على ثلاث شروط.”، وهذا التعريف يستقيم مع ما كانت تنص عليه مدونة الأحوال الشخصية الملغاة في الفصول 266، 267، 268، 269 والتي جاءت مقتضياتها مطابقة تطابقا يكاد يكون حرفيا لنصوص الوصية الواجبة في القانون السوري[25]، حيث كلا القانونين يحصر الوصيةفي أولاد الابن دون أولاد البنت.

أما مدونة الأسرة فلم تعمل على تعريفها، واكتفت في المادة 369 بالنص على أنه: “من توفى وله أولاد ابن أو أولاد بنت، ومات الابن أو البنت قبله أو معه وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بالمقدار والشروط الآتية”.

ويمكن تعريف الوصية الواجبة على أنها: “حق مالي أوجبه القانون وصية للأسباط والأحفاد في تركة الأجداد بالشروط التي يحددها[26]”، والتعريف المقترح يشير على أنها وصية واجبة بحكم القانون تمييزا لها عن الوصيةالاختيارية الواجبة ديانة، كما أن إشارة التعريف إلى لفظ وصية فيه إفادة تميزها عن الإرث، وعلى أنها تأخذ أحكام الوصية بخصوص النصاب، ويتسع التعريف ليشمل الأشخاص المخاطبين بأحكامها وتحددهم في الأسباط وهم أولاد البنت وفي الأحفاد وهم أولاد الابن، وأخيرا يحدد التعريف محل الوصية الواجبة في تركة الأجداد دون سواهم، والجمع يشمل الأجداد والجدات،كما يشير إلى قيد الشروط ليشمل جميع الشروط التي يشير إليها القانون حالا واستقبالا.

فالوصية الواجبة كيان قانوني مستقل عن الوصية الاختيارية، وإن أخذت بعض أحكامها، كما أنها ذات طبيعة مستقلة عن الإرث وإن وردت ضمن أحكامه[27].

وتتميز الوصية الواجبة عن الاختيارية بأن مصدرها القانون لا إرادة الموصي، وأن نصابها يتحدد مبدئيا في المقدار الذي كان سيرثه موروث الأحفاد أو الأسباط عن أصله المتوفى على أن لا يتجاوز الثلث، وأنها تتميز بأنها لا تصح إلا لأبناء الابن وأبناء البنت حصرا عكس الوصية الاختيارية التيتصح للقريب والبعيد ولمن يوجد ولمن سيولد…[28]، وتتميز أخيرا بأنها لا تتوقف على قبول، وتثبت لمستحقيها بمجرد الوفاة. فليس للقبول فيها موضوع وليس للرد فيها محل[29]، وإن ردها أصحابها كانت تبرعا منهم[30].

والوصية الواجبة وإن اتفقت مع الميراث في أن مصدرهما القانون، وأنهما لا يتوقفان على قبول وأنهما لا يردا برد أحد وأن قسمة الوصية الواجبة كقسمة الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين، وأن كل فرع يحجب فرعه، على أن أهم ما يميز الوصية عن الميراث أنها لا تجب إلا حيث لا يتبرع الموروث على مستحقيها بمثل ما يرثون عن أصلهم المتوفى، فإن أوصى لهم أو تبرع عليهم بمثل ما يرثون ما كان لهم نصيب بمقتضى الوصية الواجبة، أما الميراث فلا يغني عنه هبة أو تبرع، كما أنه في الوصية الواجبة يحجب الأصل فرعه فقط دون فرع غيره أما الميراث فيحجب الأصل فرعه وفرع غيره[31].

المطلب الثاني: المستند الفقهي للوصية الواجبة

ينطلق الحديث عن المستند الفقهي للوصية الواجبة من قوله تعالى: )كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين، فمن بدله بعد ما سمعه فإن إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم[32](.

قال جمع من أئمة الفقه والحديث من صحابة وفقهاء تابعين أن الآية في وجوب الوصية، وأنها نسخت الوصية للوالدين والأقربين الوارثين فقط، وبقى العمل بالوصية لغير الوارثين. وهو قول الحسن البصري وسعيد بن المسيب، ومسروق وطاووس والضحاك، وأحمد بن خليل وداوود الظاهري وابن راهوية وابن حزم[33]، ومع قولهم بأن آية الوصية لم تنسخ، اعتبروا أن عدم العمل بها أمر ديني، وأن الإنسان يأتم ديانةبتركها، أما الإمام ابن حزم فقد ذهب وحده إلى القول بأن الوصية واجبة ديانة وقضاء، فإن لم ينشئها الموصي لأقربائه الذين لا يرثون وجبت على الورثة لقوله تعالى: )إذا حضر القسمة أولو القربى واليتامىوالمساكين فارزقوهم منه[34](، فإن امتنع الورثة من إخراجها، كان لولي الأمر ذلك، دون أن يحدد ابن حزم نصابا معينا وترك تحديد نصابها إلى اجتهاد ولي الأمر بحسب تصوره حسب ظروف التركة وعدد من يستحقون العطية[35].

ومن آراء ابن حزم استمد القانون المغربي والقوانين العربية الأخرى كالقانون المصري والسوري والكويتي والليبي مبدأ الوصية الواجبة.

المطلب الثالث: الوصية الواجبة في التشريعات الحديثة

الوصية الواجبة صناعة قانونية جاء بها المشرع لحل مشاكل واقعية تتعلق بالأسرة، خاصة هؤلاء الأحفاد الدين يفقدون أباهم أو أمهم في حياة الجد ويجدون أنفسهم محجوبين من الإرث فإن “هؤلاء قلما يرثون بعد موت جدهم أو جدتهم لوجود من يحجبهم من الميراث، مع أن آباءهم قد يكونون ممن شاركوا في بناء الثروة التي تركها الميت وقد يكونون في عياله يمونهم وأحب شيء إلى نفسه أن يوصي لهم بشيء من ماله ولكن المنية عاجلته فلم يفعل شيئا أو حالتبينه وبين ذلك مؤثرات وقتية[36].”

وقد أبان مشروع مدونة الأحوال الشخصية الملغاة عن سبب تشريع الوصية الواجبة بقوله: “نرى كثيرا من الحفدة يبقون عرضة للضياع وعدم الاهتمام بسبب موت والدهم حتى عبر عامتنا عن ذلك بالمثل الذي يقول من مات والده قبل جده لم ينل غير الهم من بعده، فالمصلحة الاجتماعية ولا شك تقتضي العناية بإيجاد مخرج شرعي للحفيد، ولا يمكن ذلك عن طريق توريثه، ولكن يمكن أن يجري ذلك على مبدأ الوصية الواجبة[37]”.

وسنقتصر في دراسة الوصية الواجبة في التشريعات الحديثة على التشريع المصري والتشريع السوري للأسباب التي سيتم بيانها.

أولا: الوصية الواجبة في القانون المصري.

القانون المصري هو أول قانون عربي أخذ بالوصية الواجبة[38]، ومنه انتقلت إلى باقي القوانين العربية، وخلاصة ما جاء به هذا القانون من أحكام الوصية الواجبة أنه يجب على كل إنسان قبل موته أن يوصي لولد ولده الذي قد مات في حياته وترتب عن ذلك حرمان أولاده من الإرث في جدهم بسب الحجب، فإن لم يفعل تكون الوصية بمثل نصيب الولد المتوفى لأولاده، شرط أن لا تتجاوز الثلث، فإن تجاوز النصيب الثلث، لا ينفد الزائد إلا بإجازة الورثة، ويقسم الثلث بينهم قسمة ميراث. وهي تجب لأولاد الأبناء المسمون بأولاد الظهور مهما نزلت درجتهم، أما أولاد البنات وهم المسمون بأولاد البطون فلا تجب إلا على فروع الطبقة الأولى. وإن أوصى الإنسان قبل موته لمن وجبت له الوصية من المذكورين بأكثر من نصيبه كانت الوصية اختيارية، وإن أوصى له بأقل وجب تكميل نصيبه وإن أوصى للبعض دون الآخر استحق غير الموصى له نصيبه وإن ضاق الثلث فالوصية تكون منه[39].

ثانيا: الوصية الواجبة في القانون السوري.

أخذ القانون السوري أحكام الوصية الواجبة[40]من القانون المصري وقصر طائفة المستفيدين منها في أولاد الابن دون أولاد البنت بحجة أن أولاد البنت من ذوي الأرحام وأنها تجب لأولاد الابن وإن نزلوا وأن كل أصل يحجب فرعه دون سواه وأن نصابها يتحدد في مقدار الحصة التي تكون لأصلهم المتوفى شريطة عدم تجاوز الثلث وأنها تقسم بينهم قسمة ميراث[41]، وأن الوصية الواجبة مقدمة على سائر الوصايا عند التزاحم.

المبحث الثاني: الوصية الواجبة في القانون المغربي

تتطلب الوصية الواجبة في القانون المغربي بيان نشأتها وتطورها في التشريع وبيان مستحقها وشروط وجوبها ونطاقها الكمي أي نصابها.

المطلب الأول: نشأة الوصية الواجبة وتطورها

أولا – الوصية الواجبة في مدونة الأحوال الشخصية الملغاة:

من مجموع الآراء الفقهية القائلة بوجوب الوصية، ومن التشريعات العربية الحديثة استمد المشرع المغربي مبدأ الوصية الواجبة، واستحدث العمل بها بموجب الظهير الشريف 112581 بتاريخ 3/4/1958 الذي بموجبه تم تطبيق مقتضيات الكتاب السادس المتعلق بالميراث وتناولها في الفصول 266 إلى 269 بإدخال الغاية، وبدأ سريان العمل بها ابتداء من 4/4/1958[42].

وتكاد تكون أحكام الوصية الواجبة في مدونة الأحوال الشخصية الملغاة مطابقة لأحكام الوصية الواجبة في القانون السوري. حيث تم حصر الوصية الواجبة في أولاد الابن دون أولاد البنت على أن يأخذوا مقدار حصة أبيهم، شرط أن لا يتجاوز ثلث التركة، وأنهم لا يستحقون الوصية إذا كانوا وارثين أو كان موصى لهم بقدرها، ولا تختلف عنه إلا فيما أورده القانون السوري في الفقرة 4 من المادة 275 المشار إليها قبله، من أن الوصية الواجبة مقدمة على الوصايا الاختيارية في الاستيفاء من ثلث التركة،في حين سكت المشرع المغربي عن التنصيص على هذا المقتضى رغم أن رقوم ألفاظ النصين تكاد تكون واحدة.

وقد لاقى هذا الموقف انتقادا من طرف بعض الفقهاء الذين رأوا أن قصر الوصية الواجبة على أبناء الابن دون أبناء البنات فيه أثر من الجاهلية الأولى ويتنافى والهدف من الوصية الواجبة التي شرعت لتلافي حالة من لا يرث من الأقربين[43].

ومن المفيد الإشارة إلى أن مشروع مدونة الأحوال الشخصية الذي قدمته وزارة العدل للجنة المكلفة بوضع المدونة آنذاك كان قد أدرج الوصية الواجبة ضمن كتاب الوصية الذي شمل سبعة أبواب آخرها تم تخصيصه للتنزيل والوصية الواجبة ويشمل فصلين اثنين وكان الفصل الأخير ينص على أنه: “إذا كان من أقرباء الهالك من حجب عن الإرث منه لعدم وجود وصية، وجبت له الوصية بالمعروف، وإذا أهمل الهالك هذا الواجب تداركه القاضي ونفذه”، لكن الاقتراح لم يلق ترحيبا فخرج الكتاب 5 المتعلق بالوصية خاليا من أحكام الوصية، رغم أن مكانها الطبيعي هو الكتاب 5.

وبمناسبة مناقشة فصول الكتاب 6 المتعلق بالإرث أعيدت من جديد مناقشة مسألة الوصية الواجبة فوافقت اللجنة على الاقتراح وجاء النص الرسمي في الكتاب 6 المتعلق بالميراث مشتملا على النصوص المتعلقة بالوصية الواجبة، وأنذلك هو سبب ورود الوصية الواجبة ضمن كتاب الإرث وليس معنى ذلك أن المشرع ألحقها بالإرث[44]، ذلك ما أبان عنه مشروع مدونة الأحوال الشخصية الملغاة.

ثانيا – الوصية الواجبة في مدونة الأسرة:

ظلت مدونة الأسرة وفية لمبدأ الوصية الواجبة، وأمام تنامي المطالب النسائية الهادفة إلى المساواة في جميع الحقوق[45]، وتلافيا للانتقادات الموجهة لمدونة الأحوال الشخصية عملت مدونة الأسرة على توسيع دائرة المستفيدين من الوصية الواجبة حيث أشركت الأسباط مع الأحفاد فيها وفقا لشروط معينة حددتها في المواد من 369 إلى 372، وبدأ سريان العمل بها ابتداء من 5/2/2004[46]، وقد قضت محكمة النقض: “بأنه إذا كان للقانون الوضعي أثر فوري ويطبق على الأحداث والوقائع التي حدثت في ظله وابتداء من تاريخ نفاذه، فإنه ليس من شأن هذا التطبيق أن ينال من الحقوق المكتسبة في ظل القانون القديم، فإن كان البين من أوراق الملف أن جد الطالبين لأمهم الحاج أحمد عبيا قد توفي خلال سنة 1966 وفي وقت كان فيه قانون مدونة الأحوال الشخصية هو الساري المفعول والذي لم تكن تسمح مقتضياته لأبناء البنت من الاستفادة من الوصية الواجبة على غرار ما ورد بالمادة 369 من مدونة الأسرة الذي أصبح نفاذها ساريا ابتداء من 5/2/2004 فلا يسوغ تطبيق مقتضيات هذه المادة على التركة التي انتقلت إلى الورثة خلال سنة 1966 في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة لما في ذلك من مساس بالحقوق المكتسبة في ظلها، وأن عدم قسمة التركة لا تأثير له لأن الحقوق المتعلقة بها تنتقل إلى الورثة بمجرد الوفاة، وما يتمسك به الطالبون بشأن الفصل 296 من مدونة الأحوال الشخصية الملغى لا أساس له لانعدام وجود نص مماثل في مدونة الأسرة، مما يجعل الوسيلة بدون أساس”[47]، وحبذا لو أن المشرع وهو يتحرك في مساحة اجتهادية وسع دائرة المستفيدين ليشمل من لا يرث من الوالدين بسبب اختلاف الدين وكذلك الزوجة الكتابية بسبب تزايد الزواج المختلط[48]، وبذلك يعم العدل في أسمى صوره ليوزع بالقسطاس.

ولنفس المبررات المعتمدة في تقرير الوصية الواجبة ليشمل جميع الحالات التي لا يرث فيها الوالدان أو الزوجة بسبب اختلاف الدين، وفي ذلك تأكيد على أن الإسلام دين الفطرة والتسامح والجماعة، لذا ينبغي تقنين الوصية الواجبة للوالدين غير المسلمين والزوجة الكتابية بما يعادل حصتهم في الميراث أو أقل متى لم تتم لهم الوصية إراديا.

المطلب الثاني: مستحقو الوصية الواجبة وشروطها

أولا -الأشخاص الذين تجب لهم الوصية الواجبة:

نصت المادة 372 على أنه: “كون هذه الوصية لأولاد الابن وأولاد البنت ولأولاد ابن الابن وإن نزل، واحدا كانوا أو أكثر، للذكر مثل حظ الأنثيين، يحجب فيهما كل أصل فرعه دون فرع غيره، ويأخذ كل فرع نصيب أصله فقط”،ويتبين من هذا أن المشرع المغربي وسع دائرة المستفيدين من الوصية الواجبة، فبعد أن كانت مدونة الأحوال الشخصية تحصرها في أولاد الابن فقط أضحت في ظل مدونة الأسرة تشمل حتى أولاد البنت أسوة بالتشريع المصري، وهكذا تكون الوصية الواجبة في القانون المغربي:

أولا: لأولاد الابن وإن نزلوا أو قل لأولاد الظهور كما يعبر القانون المصري، وهم من لم يكن في اتصالهم بالموروث أنثى.

ثانيا: لأولاد البنت ذكورا أو إناثا وينحصرون في الطبقة الأولى من أبناء البطون، وفي تطبيق ذلك قضت محكمة النقض: ” ..بأن المطلوبين أثبتوا وفاة والدتهم سنة 1975 بموجب الإراثة المشار إليها، كما أثبتوا وفاة جدهم من أمهم في 19/2/2004 بموجب شهادة الوفاة المذكورة، أي بعد تطبيق المدونة، والمحكمة لما اعتمدت على هذين المستندين باعتبارهما مستندين رسميين ولم يطعن فيهما،وقضت باستحقاق المطلوبين للوصية الواجبة في جدهم من أمهم باعتباره توفي بعد تطبيق مدونة الأسرة، فإنها تكون بذلك قد بنت قضاءها على أساس[49]”.

ويترتب عن ذلك مسألتان: الأولى أن كل أصل في هذه الوصية يحجب فرعه دون فرع غيره، وأن حصة المتوفى يأخذها أولاده، فإن كان ابن البنت هو المتوفى فإن فرعه لا يرث بالوصية الواجبة لأنه من الطبقة الثانية، والثانية أن قسمة الوصية بين مستحقيها تكون كقسمة الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين.

ثانيا -شروط وجوب الوصية الواجبة:

يشترط لوجوب الوصية الواجبة وفقا لأحكام المادتين 369 و371 من المدونة ثلاثة شروط:

1: تجب الوصية لفرع الولد الذي مات في حياة أبيه أو أمه سواء مات حقيقة كالمقتول أو حكما كالمفقود متى صدر الحكم بتمويته[50]، ويستوي أن يكون موت الفرع سابقا للأصل أو مات معه بحيث لم يعرف السابق من اللاحق كمن يموت مع والديه في حادث سيارة مثلا، ولئن كان الشك في معرفة من منهما سابق إلى الموت مانع من الميراث[51]،فإنه في الوصية الواجبة لا يعتبر كذلك بل هو سبب لوجوبها، بدليل لفظة “قبلة أو معه” التي وردت بالمادة369 من المدونة.

2: أن لا يكونوا وارثين في أصلهم المتوفى جدا أو جدة،فإن كانوا كذلك، لا تجب لهم الوصية الواجبة قل نصيبهم الإرثي أو جل.

3: أن لا يكون أصلهم المتوفى جدا أو جدة أعطاهم على وجه التبرع ما يساوي على الأقل مقدار ما يجب لهم بمقتضى الوصية الواجبة، فإن كان ما أعطاهم يقل عما يجب لهم بالوصية الواجبة يكمل لهم نصيبهم القانوني في حدود نصاب الوصية الواجبة.

المطلب الثالث: نصاب الوصية الواجبة.

لم يحدد الفقهاء الذين قالوا بالوصية الواجبة مقدارا معينا، فابن حزم لم يحدد لها نصابا معينا، وترك أمر تقديرها للموصي أو للقاضي بحسب اجتهاده، أما مدونة الأسرة فلم تتركها دون تحديد وإنما حددت لها حدا أقصى لا يمكن تجاوزه وهو الثلث من التركة، فإن كانت حصة من تجب لهم أكثر من ذلك حصرت في الثلث كسائر الوصايا، وإن كان أقل من ذلك أعطوا ما يستحقون، ويتمثل الحد الأدنى للوصية الواجبة فيمقدارالحصةالتيكان سيرثها موروثهم عن أصله المتوفى لو بقي حيا.

والخلاصة أن الوصية الواجبة تقدر بالأقل من القدرين، الميراث الذي كان يستحقه الفرع الذي توفى في حياة أصله، والثلث، فإن كان الميراث هو الأقل قدرت به، وإن كان أكثر قدرت بالثلث[52].

وقد عرفت مقتضيات الفصول 266 و267 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة والتي تقابلها المواد 369 و370 من مدونة الأسرة خاصة عبارة “بمقدار حصتهم” الواردة في القانونين تفسيرا متباينا عند التطبيق، وينطلق الخلاف من طرح السؤال التالي: “هل يعطى للحفدةنصيب أبيهم وأمهم اللذان كانا يستحقانه من تركة أصله أو أصلها لو قدرت حياتهما، أم أن نصيب الحفدة يتحدد حسب حصتهم في مسألة أبيهم أو أمهم ؟

فذهب رأي أول إلى أن نصيب مستحقي الوصية الواجبة يكون بمقدار سهم أبيهم لا بمقدار سهمهم باعتبارهم حفدة[53]،وأنه على ذلك تكون عبارة حصتهم مجرد حشو[54]،وإقحام في النص مستمد من القانون السوري[55].

وعلى هذا الرأي نبه مولاي عبد الواحد العلوي وهو أحد أعضاء اللجنة التي أوكل إليها تقنين مدونة الأحوال الشخصية إذ قال: “لذا جعل قانون الأحوال الشخصية للمملكة المغربية للحفدة الذين توفى آباؤهم في حياة جدهم أو جدتهم حظا واجبا لهم من متخلفهما استدراكا عليهما، لا يتعدى حظ أبيهم الميت كما لا يتعدى مطلقا ثلث التركة، وهي في هذا، كالتنزيل الذي حكمه هو أن يخرج من الثلث، فالوصية الواجبة التي أقرها القانون المغربي لم تدخل أي تغيير على حظوظ الوارثين بالفرض أو بالتعصيب، إلا ما يدخله عليهم التنزيل الذي يقوم به الهالك قيد حياته[56]”.

وهو نفس الرأي الذي أكده حماد العراقي عضو لجنة تدوين مدونة الأحوال الشخصية بجعله مسألة الوصية الواجبة كالعائلة، بحيث يدخل ضرر الوصية الواجبة على جميع الورثة ذوي الفروض وغيرهم لأنها وصية لا ميراثا[57]، وتبعه آخرون[58].

في حين يذهب الرأي الثاني ويمثله الغازي الحسينيإلى القول بأن: “مقدار الوصية الواجبة هو مقدار الحصة التي يرثها الأحفاد من الحصة التي يرثها أبوهم من جدهم أو من جدتهم على فرض أنه بقي حيا بعد أبيه أو أمه (أو جده أو جدته) وليس مقدار الوصية الواجبة هو جميع الحصة التي يرثها والد الأحفاد من أبيه أو من أمه لأن القانون المغربي لم يطبق عليها مقدار التنزيل بالمساواة، بل حددها بمقدار آخر يساويه أو يكون أقل منه، والقول بخلاف ذلك أي جعل حصة الوصية الواجبة هي حصة الابن المتوفى مع وجود من يرثه بالفرض فيه تضييع لورثة الأصل في جزء من ميراثهم[59]، وعلى هذا الرأي الثاني صار قضاء محكمة النقض، حيث جاء في أحدقراراتها: “يكون نصيب الأحفاد بمقتضى الوصية الواجبة مساويا لنصيبهم في والدهم فيما يرثه من جدهم على فرض تأخير وفاته عليه. نصيب الطاعنة باعتبارها الوارث الوحيد لوالدها هو النصف فيما يرثه من والده وليس جميع الحصة لقوله تعالى: ]وإن كانت واحدة فلها النصف[. إن الفصل 269 من مدونة الأحوال الشخصية يتعلق ببيان حكم اقتسام الوصية الواجبة بين الأحفاد وما يتعرض له عمود نسبهم من حجب الأصل لفرع دون فرع غيره واختصاص كل فرع، لم يحجب بأصله بما ينوب أصله، ولا منافاة بين هذا الفصل وبين الفصل 267 الوارد قبله لاختلاف أحكام كل منهما[60]”.

ويظهر أن محكمة النقض سايرت الرأي الرسمي لوزارة العدل الذي أعلنت عنه في كتاب وجهته إلى السيد وزير الفلاحة والإصلاح الزراعي بتاريخ 25/1/1980 جوابا عن استشكاله أمر تطبيق الوصية الواجبة[61]. وفيما ورد بالدليل العملي لمدونة الأسرة[62].

وقد انتقد محمد رياض هذا الاتجاه الثاني انطلاقا من قرار المجلس الأعلى، واعتبر ما ذهب إليه مناقضا لظاهر نص الفصل 266 والفصل 267 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة وأن الوقوف عند عبارة “بمقدار حصتهم” وتفسيرها بمقدار إرثهم، زيادة على النص، يتوقف على تصريح من واضع النص، أو توضيح على أن المقصودمن معنى الوصية الواجبة خضوعها لإرث الأحفاد لإرث نصيب أبيهم من جدهم، فيكون هناك إرث مركب وليس هناك وصية مقدرة على أساس إرث أب الأحفاد لأصله فقط. وأن الاستدلال بقوله تعالى: )وإن كانت واحدة فلها النصف(. استدلال في غير محله لأن الآية في الإرث، والمجال مجال وصية وينتهي إلى تأييد الرأي الأول اعتمادا على ظاهر النص وحقيقته وأن العدول عن الحقيقة إلى التأويل يحتاج إلى دليل منفصل[63].

وقد انتقد بعض الفقهاء تحديد المشرع نصاب الوصية في ثلث التركة لأنه أحيانا قد لا يفي بالغاية المطلوبة، وضرب لذلك مثلا كما لو كان لأب خمسة أبناء وتوفي أربعة منهم وتركوا ذرية، وبقي الولد الخامس على قيد الحياة، فعند وفاة الأب يأخذ فروع أولاده الأربعة ثلث التركة عن طريق الوصية الواجبة ويأخذ الخامس الثلثين 3/2 في حين لو بقي إخوته على قيد الحياة لأخذ الخمس فقط، واقترح نتيجة ذلك أن يختلف نصاب الوصية الواجبة باختلاف الحالات، لأن الثلث هو نصاب الوصية الاختيارية لا الواجبة[64].

والواقع أن بعض الأوضاع التي يثيرها تحديد نصاب الوصية الواجبة في الثلث وفقا للرأي الأول ولما يدعو إلية الأستاذ رياض يثير الاستغراب كما في الحالة التي يأخذ فيها الفرع حصة أكثر من حصة الأصل الآخر الموجود على قيد الحياة.

مثال ذلك أن يتوفى شخص ويترك على قيد الحياة: ولدين، وبنت، وبنت ابن توفي والدها قبل جدها، وترك ميراثا قدره سبعمائة فإن قسمة التركة تكون كالتالي: للابنين معا400، وللبنت 100 ولبنت الابن 200 وهي مقدار ما ترثه في حصة والدها وهي دون الثلث، فكان أن أخذتبنت الابن أكثر من البنت التي من صلب الهالك، حتى أن بعض الفقهاء علق على هذه النتيجة بأنها منافية للعدالة وغير منطقية، وتخالف أحكام الميراث[65]. على أن تطبيق طريقة المناسخة في استخراج الوصية الواجبة يخفي مثل هذه الفروق، وهو ما يجعلني أميل إلى الطريقة الثانية في استخراج الوصية الواجبة لا شفقة على ذوي الفروض من الضياع كما يقول ذ رياض[66]، ولكن لما تؤدي إليه الطريقة الأولى من نتائج غير مستقيمة أعيت حتى من يقول بها فدعوا على الوصية الواجبة بأن تزول من نصوص المدونة أصلا ونوعا لضعف أصلها[67].

ولأن تنظيم الوصية الواجبة باعتبارها قانونا وضعيا يجرى على تفسيرها قواعد تفسير القانون وقواعد الدلالات اللغوية، وقصد المشرع إن تبينتأمارته، وقامت شواهده، وإذا اعتبرنا قصد المشرع وجدنا الطريقمعبدا للأخذ بالطريقة الثانية لأن المشرع عبر عن رأيه في الدليل الرسمي الذي أعدته وزارة العدل، أن قصد المشرع أن يعطي الحفيد مقدار ما كان سيرثه في أبيه لا مقدار ما يرثه أبوه في أبيه[68].

وللفائدة ورفعا للخلاف أسوق نظما في طريقة استخراج الوصية هداية لمتلمس الطريق.

قد جاء للأحفاد في المدونة تثبت في متروك جد من أب بشرط أن يكونوا غير وارثين ومات والدهم قبل أ صلهم وأن ترد تحديد قدر الوصية واستخرج الأصل وصحح ما بها ثم اعتبره هالكا عن صحته واقسم عليها حظه في السابقة وحصة الأحفاد منه تعتبره ونصف حظه إلى الحفيدة وما بقي يضاف كله إلى فاحتسب لهم مسألة ارثيه والفاضل اقسمه على الورثة ووارثيالأصــلمع السداد[69]
وصية مالية محددة أو جدة تكون أيضا من أب في أصلهم بسبب الحجب المبين ولم ينزلوا من طرف جدهم فاجعل إياهم عاصبا في المسألة من انكسار إن يكن أصابها واستخرجن مسألة لوارثه متبعا قواعد المناسخة قدر الوصية إليهم بالنظر عند انفرادها بذي الوصية ورثة الأصل بإرث يجتلى وبعدها مسألة الوصية بمقتضى قواعد الوصية يخرج مـاينـوب للأحفـاد

المبحث الثالث: تزاحم الوصايا مع غيرها من الوصايا

التزاحم يكون مع التعدد، والوصايا قد تتعدد بتعدد الموصى لهم أو بتعدد الموصى به أو بتعدد مصدر الوصية، والأصل في تعدد الوصايا قول السميع العليم: }الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف{[70].

فالتعريف في قوله تعالى الوصية للجنس يشمل الوصية الواحدة والمتعددة. فمتى كانت الوصايا متعددة واتسع لها ثلث التركة أو التركة كلها عند إجازة الورثة، أخذ كل واحد من الموصى لهم وصيته كاملة، لا فرق بين الوصية للقربات أو للأشخاص، واجبة كانت أو اختيارية[71]. أما إن ضاق الثلث عن الوفاء بالوصايا و لم يجز الورثة أو أجازوا وكانت التركة لا تتسع لها جميعا، فعندئذ يكون التزاحم[72].

فالمقصود بالتزاحم إذا أن تتعدد الوصايا ويزيد مجموعها على ثلث التركة، ولم يجز الورثة هذه الزيادة، أو أجازوها ولكن التركة لا تتسع لها[73]،فيقال إن الوصايا قد تزاحمت، أي أن المال قد ضاق عن تنفيذها على الوجه الذي أراده الموصي[74].

وإذا تزاحمت الوصايا، فلا يخلو الأمر أن يكون التزاحم بين الوصايا الإرادية حيث يضيق الجمع والتوفيق بينها، أو بين الوصايا الإرادية والوصية الواجبة وعلى ذلك تقتضي غاية بحث تزاحم الوصايا تقسيم هذا الفرع إلى مبحثين: المطلب الأول: تزاحم الوصايا الإرادية، المطلب الثاني: تزاحم الوصية الإرادية والوصية الواجبة.

المطلب الأول: تزاحم الوصايا الإرادية

نظرا للطابع الديني الذي يكتسي الوصية في القانون المغربي، فإن دراسة تزاحم الوصايا الإرادية يستلزم التمييز بين تزاحم الوصايا في الفقه الإسلامي و تزاحم الوصايا في التشريع، وعلى ضوء هذا ينقسم هذا المطلب إلى فقرتين: (الفقرةالأولى): تزاحم الوصايا في الفقه الإسلامي، (الفقرةالثانية) تزاحم الوصايا في مدونة الأسرة.

الفقرة الأولى: تزاحم الوصايا في الفقه الإسلامي.

عالج الفقهاء مسألة تزاحم الوصايا الاختيارية وميزوا بين ثلاث حالات للمزاحمة: تزاحم وصايا العباد تزاحم وصايا القربات تزاحم وصايا العباد والقربات.

أولا- تزاحم وصايا العباد:

إذا كانت الوصايا المتزاحمة كلها للعباد، كمن يوصي لزيد بوصية مستقلةويوصي لعمر بأخرى ولا يتسع للوصيتين ثلث التركة أو كلها ولو مع الإجازة. فمذهب الظاهرية أنه ينظر إلى تاريخها ثم يبدأ بالأول فإذا تم الثلث بطل ما زاد عليه[75].

ويرى المالكية أنه يجب البدء بما نص الموصي على البداية به ثم الأهم فالأهموالآكد فالآكد، تقدم أو تأخر[76].

ويرى أبو حنيفة أن الوصية مهما زادت على الثلث ولم يجز الورثة الزائد، وقعت باطلة في القدر الزائد، فيفرض أنه أوصى لكل واحد بالثلث ويقسم بينهما الثلث بالتساوي نصفين على قدر حصتهما[77]. في حين يرى الصاحبان أن الثلث يقسم بين الموصى لهما على نسبة أنصبتهم، وبه يقول الشافعية وبعض المالكية[78]، ويظهر أن رأي الإمام أبو حنيفة هو الراجح لدى الحنفية[79].

غير أنه يلاحظ أنه متى كانت إحدى هذه الوصايا بعين معينة أخذ الموصى له سهمه منها لا من غيرها، وأنه متى وجد بين الوصايا المتزاحمة وصية مؤقتة بمرتب لشخص أو لجهة ثم مات الشخص الموصى له كان نصيبه لورثة الموصي لأن الوصية بالمرتب تنتهي بموت صاحبها فينتقل ما بقي من الوصية إلى ورثة الموصي، وكذلك لو كانت الوصية بمرتب لجهة من جهات البر، ثم انقطعت هذه الجهة قبل انتهاء مدة الوصية[80]. وتطبق هذه الأحكام سواء كانت الوصية بعين معينة وأخرى بمبلغ من المال، وثالثة بمنفعة معين، فتقدر كل وصية ليعرف مقدارها، وتخرج حصة كل موصى له بالمحاصة أو بالتساوي على الخلاف السابق بين المذاهب[81].

ثانيا- تزاحم وصايا القربات:

يحصل تزاحم وصايا القربات حالة الوصية بالقربة لجهات متعددة، كأن يوصي للمسجد والمستشفى وفقراء البلد والحج عنه[82]. وقد ميز الفقهاء بين ما إذا كانت هذه الوصايا متحدة في الرتبة أو متفاوتة أو مختلطة.

فإن اتحدت في الرتبة بأن كانت كلها فرائض أو مندوبات فيقدم ما بدأ به الموصي أولا ثم الذي يليه حتى يأتي على المال الموصى به فيبطل ما بقي من الوصايا على رأي أبي حنيفة وصاحبيه، وحجتهم أن الوصايا متساوية، فيرجح ما قدمه الموصي في الذكر، لأن تقديمه دليل على اهتمامه به وعادة الإنسان أن يبدأ بالأهم[83]. كذلك إذا وقع النص على التفاوت في المقادير فيتبع ما نص عليه الموصي، ويوزع بين الوصايا نسبة المقادير التي ذكرها على طريقة المحاصة وذلك عند أئمة الحنفية خلافا لزفر الذي قال بالتساوي[84]. أما إن اختلفت درجات الوصايا، فتقدم الفرائض على الواجبات ثم الأقوى فالأقوى، فإن استنفذت الفرائض ما تنفذ فيه الوصية وهو ثلث المال، بطل ما بقي من الوصايا، أما إذا بقي شيء من المال في حدود الثلث، فينفذ منه ما بقي من الوصايا حسب الترتيب في القوة[85]، وبهذا التمييز أخذ القانون المصري[86] والسوريوالكويتي[87].

ثالثا- تزاحم وصايا العباد والقربات:

متى كانت الوصايا خليطا من الوصايا بالقربات والوصايا للعباد وضاق الثلث عن استيعابها فإنه يفرق بين صورتين:

الأولى: حيث عين سهام هذه الوصايا، أو مقاديرها فإنه يقسم المال المخصص لتنفيذها بالمحاصة بنسبة هذه السهام تنفيذالإرادته[88].

الثانية: حيث لم يبين الموصي سهام كل جهة، فقد اختلف على قولين، أولهما المناصفة بين حق الله وحق العباد وهو قول الحنفية[89]، وثانيهما يقتضي تقديم الوصايا بالواجبات ثم بالقربات وما تبقى يصرف في حق العباد ويتحاصص فيه أهل الوصايا وهو رأي المالكية والشافعية وبعض الحنابلة[90].

الفقرة الثانية:تزاحم الوصايا الإرادية في مدونة الأسرة.

تعرضت مدونة الأسرة لموضوع تزاحم الوصايا الإرادية في المادة 302 حيث نصت على أنه: “إذا ضاق الثلث في الوصايا المتساوية الرتبة تحاص أهل الوصايا في الثلث، ومن كانت وصيته في شيء معين أخذ حصته من ذلك الشيء بعينه، ومن كانت وصيته في غير معين أخذ حصته من سائر الثلث، يتحاص صاحب المعين بالجزء المأخوذ من نسبة قيمة المعين من مجموع التركة”. ويظهر من نص المادة أن التزاحم لا يكون إلا باجتماع شرطين، الأول يكمن في تعدد الوصايا والثاني في ضيق المال المخصص لتنفيذها والمحدد في الثلث.

وبذلك يكرس القانون المغربي المفهوم الفقهي لتزاحم الوصايا غير أنه ضيق مجاله في حدود نصاب الوصية، في حين يتسع فقها ليشمل كل التركة متى تعددت الوصاياوفاقت الثلث وأجاز الورثة الزائد[91].

وتحديد التزاحم في الثلث هو ما تسير عليه محكمة النقض، وهكذا جاء في قرارها: “لكن حيث إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما استبعدت الحجية التي يمنحها القانون للشيء المقضي، والمستدل بها بالأحكام المشار إلى مراجعها بالوسيلة، والقاضية بإجراء قسمة بما هو مقرر في باب القسمة من جواز نقضها لوارث ظهر لتمامها دون المنزلين والموصى لهم، وقضت تبعا لذلك باستحقاق الموصى لهم والمنزلين للثلث الواحد من تركة موروث الجميع…، تكون قد طبقت القانون تطبيقا سليما …”[92]

وتحديد القانون المغربي للتزاحم في ضيق مجال الثلث ينسجم مع اعتباره إجازة الورثة للزائد على الثلث عطية إنشاء بناء على المشهور في المذهب المالكي[93].

والتفسير الموسع للتزاحم ينطلق من مذهب الحنفية و بعض الحنابلة الذين يرون أن إجازة الورثة لما زاد على الثلث تنفيذ لوصية الموصي، وأنها بمتابة ترك حقهم في الرد[94]. وأنه متى حصل التزاحم وقع التحاصص بين أهلها متى كانت الوصايا متساوية الرتبة بغض النظر عما إذا كانت الوصية بمعين أو غير معين[95]، أما من كانت وصيته في شيء معين أخد حصته من ذلك الشيء ومن كانت حصته من غير معين أخد حصته من سائر الثلث وإن اشتركا تحاصصا على نسبة قيمة المعين من مجموع التركة. أما إن لم تكن الوصايا متساوية في الرتبة فالعمل بما هو جار عليه الحكم في المذهب المالكي بحكم الإحالة المنصوص عليها في الفصل 400 من المدونة وعلى ذلك فإن نص الموصي على تقديم وصية على أخرى فالعمل على ذلك، وإن لم يكن فتقدم حقوق العباد وهي أربعة: الديون، والتبرعات وفك الأسير[96]وصداق المريض[97].

فديون العباد الثابتة بالبينة أو بإقرار الموصي في الصحة أو المرض لمن لا يتهم أولى بالتقديم وتخرج من رأسمال تمت الوصية بها أم لا، وحجةالمالكيةفي تقديم ديون العبادعلى ديون رب العباد أن العبد في حاجة إلى دينه والله سبحانه وتعالى مستغني عنها، ثم يليها في الرتبة التبرعات في حال المرض لأنها لازمة بالعقد ولو أوصى بتأخيرها رتبة لم تصح وصيته بتأخيرها، ثم فك الأسير ثم صداق مريض تزوج في مرضه ودخل بزوجه ومات من مرضه لأن حق المرأة في الصداق تقرر بالبناء. ثم بعد حقوق العباد تأتي في الرتبة حقوق الله سبحانه وتعالى وفقا للترتيب الآتي: الزكاة، زكاة الفطر، كفارة الظهار والعقل، وكفارة اليمين فكفارة الفطر، فكفارة التأخير على تفصيل في المذهب[98].

المطلب الثاني: تزاحم الوصية الإرادية والوصية الواجبة

تزاحم الوصية الإرادية في شكلها العام أو في صورة التنزيل مع الوصية الواجبة قد يأتي على شكلين: اجتماع الوصيتين للأحفاد والأسباط، أو اجتماعهما لأشخاص مختلفة.

ففي الحالة الأولى، حيث تجتمع الوصية الإرادية والوصية الواجبة لنفس الشخص أو لأشخاص متعددين غير أنه من بينهم المستفيدون من الوصية الواجبة كأن يوصي الجد أو الجدة لأحفاده وأسباطه الذين توفى والدهم أو أمهم بجزء من التركة، ثم يموت الجد أو الجدة، ثبتت لهؤلاء الأحفاد أو الأسباط الوصية الواجبة بحكم القانون. فتقتضي هذه الصورة استخراج الوصية بمفردها ومقارنتها بحصة الوصية الإرادية، فإن تساويا فلا إشكال لعدم التفاوت، وإن زادت قيمة الوصية الواجبة على قيمة الوصية الإرادية نفذت الوصية الواجبة في حدود الثلث.

وإن زادت قيمة الوصية الإرادية على قيمة الوصية الواجبة نفدت الوصية الإرادية في حدود الثلث. فيتحصل أنه عند اجتماع الوصيتين تنفذ الوصية الأكثر قيمة[99].أما في الحالة الثانية، حيث تكون الوصية لأشخاص مختلفين، ومن ذلك أن تكون الوصية الإرادية لشخص وتجب الوصية الواجبة للأحفاد أو الأسباط.

ويضيق الثلث عن حمل الوصيتين، فهل تعتبر هذه الوصايا متساوية في الرتبة حيث يتحاصص أهلها فيما بينهمفي ثلث التركة أم يقدم بعضها على البعض؟والجواب يقتضي التعرض لموقف الفقه أولا، ثم لموقف محكمة النقض ثانيا.

الفقرة الأولى: موقف الفقه

حاصل أقوال الفقهاء في المسألة مرده إلى ثلاثة آراء بسبب أن المدونة لم تتعرض إلى هذه المسألة بالبيان.

الرأي الأول: يذهب عبد الرحمان بلعكيد إلى القول بأن الأولويةللوصية الواجبةثابتة، وتستخرج قبل الوصية الإرادية بما فيها التنزيل ولو بدون نص صريح، فهي من باب تحصيل الحاصل ومن تطبيقات المبادئ العامة التي تطبق ولو بدون نص، لأن القانون وصفها بالوصية الواجبة، أي الوصية التي تخرج من التركة وجوبا بقوة القانون وإن لم تستغرق الوصية الواجبة الثلث فإن الباقي تتزاحم فيه الوصايا الإرادية بالمحاصة ما لم يجز الورثة الرشداء ما تعدى الثلث[100]، ويظهر أن هذا الرأي[101] تأثر كثيرا بما ذهبت إليه بعض التشريعات العربية التي أخذ عنها القانون المغربي الوصية الواجبة كالقانون السوري الذي نص على أن الوصية الواجبة مقدمة على الوصايا الاختيارية في الاستيفاء من ثلث التركة[102]، مع العلم أن التشريع المصري قد سار في نفس الاتجاه[103].

والحال أن المشرع المغربي رغم أخد الوصية الواجبة عن القانون السوري بحيث تكاد تكون أحكام القانونين متطابقة، فإنه تعمد عدم النص على أن الوصية الواجبة مقدمة على الوصية الاختيارية، وهو بفعله ذاك يكون قد استبعد ذلك المقتضى الذي ينص عليه القانون السوري.

ويذهب بعض الباحثين إلى القول بأنه في حالة اجتماع الوصية الاختيارية والوصية الواجبة يميز بين حالتين:

الأولى: إذا تعلق الأمر بشخص واحد فتطبق الوصية الاختيارية دون الواجبة.

الثانية: إذا تعلقت كل واحدة منهما بشخص غير الشخص الذي تعلقت به الأخرى، ففي هذه الحالة تقدم الوصية الواجبة على الوصية الاختيارية وهو ما سارت عليه معظم التشريعات الحديثة[104].

الرأي الثاني: يذهب محمد رياض وهو من أعتى خصوم الوصية الواجبة إلى القول بأن الوصية الإرادية أولى بالتقديم عند التزاحم مع الوصية الواجبة لأن الوصية الإرادية واجبة بنص قطعي وهو قوله تعالى: )من بعد وصية يوصي بها أو دين(، في حين أن الوصية الواجبة وقع تشريعها بقانون بناء على اجتهاد مضطرب، ويحاول محمد رياض تأصيل المسألة على أساس الفصل 297 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة التي تحيل على الراجح أو المشهور أو ما جرى به العمل من مذهب الإمام مالك فيقول بما أن من أصول المذهب كتاب الله الكريم وفيه قول الله تعالى: )من بعد وصية يوصي بها أو دين(، والمفسرون متفقون على أن المقصود بالوصية هو الوصية الإرادية التي يحددها المرء بإرادته ويقدر نسبتها بنفسه، وأن الحكم في هذه المسألة هو الراجح في المذهب لقوة دليله، إذ لا أقوى من نص الكتاب بل أنه يتساءل متعجبا كيف يؤخر ما نص عليه القرآن وأراده الرحمان، ويقدم ما اضطرب فيه فهم الإنسان، ويضيف بأن الوصية الواجبة شيء عارض طارئ على الأمة والأصل في الأمور العارضة العدم، حتى إذا زالت من المدونة، بقي الأصل وهو الوصية الإرادية بما فيها التنزيل[105].

والواقع أن هذا الرأي ينطلق من رفضه المبدئي لتقنين الوصية الواجبة ومن تعصبهللمذهبالمالكي[106]. والحالأنالسياسةالشرعيةمتغيرةفيالمكان متطورة في الزمان وأن منهجية التقنين تجيز لولي الأمر أن يتخير من مختلف المذاهب المعتبرة ما فيه مصلحة الأمة من أحكام وقواعد، فالفقه في منظور منهج التقنين مذهب واحد وفي ذلك يقول القرافي: “يجوز الانتقال من جميع المذاهب بعضها إلى بعض في كل ما لا ينقض فيه حكم حاكم وذلك في أربعة مواضع: ألا يخالف الإجماع والقواعد أو النص أو القياس الجلي[107]”، ولم يخرج المشرع المغربي في تقنينه للوصية الواجبة عن المذاهب المعتبرة، فمذهب ابن حزم الذي أخذت عنه الوصية الواجبة محترم وله موقع بين المذاهب وتخير المشرع لأحكامه من المذاهب هو اجتهاد انتقاء لا اجتهاد ابتكار واختيار المشرع لرأي فقهي معين مهما كانت رتبته يقويه. لذلك يبقى الرأي الثاني حسب تقديري المتواضع رأيا اجتهاديا، وكل مجتهد مصيب[108].

الرأي الثالث: يذهب هذا الرأي إلى القول بأن نصوص القانون سواء في مدونة الأحوال الشخصية الملغاة أو في مدونة الأسرة فضلت السكوت عن إشكالية تزاحم الوصية الإرادية مع الوصية الواجبة على الرغم من مرجعيتهما التاريخية المستقاة من القوانين العربية الأخرى التي نصت صراحة على تقديم الوصية الواجبة على الوصية الإرادية، وأن هذا السكوت المتعمد للقانون رغم خضوع المدونة للتعديل سنة 1993 والتغيير سنة 2000 يفسر على أنه يريد شيئا آخر غير تقديم إحدى الوصايا على الأخرى، لأنه لو كانت نية المشرع متجهة إلى تقديم الوصية الواجبة على غيرها لنص عليها في بداية تقنينه لها أو حينما عدلها، أو لما شملها بالتغيير. وأنه لما كان ذلك يبقى احتمال اعتبار جمع الوصايا متساوية في الرتبة، وهو ما يستوجب إخراج جميع الوصايا من الثلث إذا ضاق عنها ورفض الورثة الزائد، وفقا لقاعدة التحاصص، موضوع المادة 302 من مدونة الأسرة[109]ويظهر الوقوف عند هذا الرأي أولى، لأن سكوت القانون عن تقديم وصية على أخرى لا يفسر بأنه أراد تقديم الوصية الواجبة لأن مصدرها القانون، لأنه لو أراد ذلك لنص عليه نصا وهو يستعير نصوص الوصية الواجبة من القانون السوري. ولكن يفسر سكوته بأنه سوى بين الوصايا جميعها في الرتبة وصية أو تنزيلا أو وصية واجبة الكل نطاقه الثلث يتحاصص فيه إلا أن يجيز الورثة، فالعمل على ذلك وإلى هذا الرأي الثالث أشار الدليل العملي لمدونة الأسرة[110].

الفقرة الثانية:موقف محكمة النقض

يظهر من قرارات محكمة النقض أنها أخذت في ظل سريان مدونة الأحوال الشخصية الملغاة بالرأي القائل بأن الوصية الواجبة مقدمة على الوصايا الاختيارية، وهكذا قضت: “بأنه من المقرر بمقتضى الفصل 266 من مدونة الأحوال الشخصية أن الوصية الواجبة مقدمة في التنفيذ على جميع الوصايا الاختيارية، وهي بهذا الوضع تعتبر واجبا أصليا على أساسه يقدر ما يستحقه المستفيد من الوصية الاختيارية، فإن كان مساويا لحظه من الوصية الواجبة أخذ وإلا وجبت تسويته معها زيادة أو نقصانا،وأجاز الورثة ما زاد، والمحكمة لما أعملت رسم التنزيل دون أن تأخذ بعين الاعتبار حظوظ المطلوبين في النقض بالوصية الواجبة التي هي دون القدر الذي ينوبهم بالتنزيل، تكون قد أساءت تطبيق الفصل 268 المذكور، وعرضت قرارها للنقض.”[111]

وهو نفس الرأي الذي عاودت تأكيده وهي تطبق مدونة الأسرة ولكن بتعليل آخر، وهكذا جاء في قرارها: “…لكن حيث إن الأصل الشرعي للوصية الواجبة على المشهور مقدمة على الوصية الإرادية ولو بدون نص صريح، لأن القانون وصفها بالوصية الواجبة فتخرج من التركة وجوبا بقوة القانون، وأنه إذا لم تستغرق الوصية الواجبة الثلث فإن الباقي تتزاحم فيها الوصايا الإرادية بالمحاصة ما لم يجز الورثةالرشداء ما تعدى الثلث، ومن ثم فإن المحكمة لما قضت بتقديم الوصية الواجبة على الوصية الإرادية تكون قد بنت قضاءها على أساس له أصله في الفقه الراجح والقانون،وعللت قرارها تعليلا كافيا، وما بالسبب غير قائم على أساس.”[112]وهو نفس القضاء الذي أكدته في قرارها عدد 128 والذي بينت فيه حكم تزاحم الوصايا الإرادية ولو كانت بمعين أو بغير معين، والتنزيل والوصية الواجبة، وهكذا قضت: “…أنه يجب على المحكمة أن تبحث في إخراج ثلث التركة على أن يكون المعين للوصية الإرادية ضمنه باعتباره مخصصا للوصايا سواء كانت بمعين أو بغير معين وللتنزيل كذلك، أو الوصية الواجبة باعتبارها مقدمة قانونا ثم بعد ذلك تقدم أصحاب الوصية الواجبة في أخد حقوقهم من الثلث المذكور خارج المعين للوصية الإرادية إن أمكن وإن فضل شيء عن ذلك كان لأصحاب الوصية الإرادية على أن يكون في المعين ما أمكن، ولما لم تراع هذه القواعد الفقهية فقد جاء قرارها غير معلل تعليلا صحيحا، وهو بمثابة انعدامه ومعرضا للنقض[113]”.

ومحكمة النقض بقضائها المتواتر هذا، وهي تتحرك في مساحة اجتهاديةتكون قد أرست القاعدة وحسمت الخلاف وعبدت الطريق لمحاكم الموضوع في كثير من مسائل الوصية الواجبة.

خاتمة: إلى هنا بلغ موضوع البحث نهايته، والحاجة تدعو إلى تسجيل الملاحظات الآتية:

-أن المشرع المغربي رغم انتصاره لفكرة تقنينأحكام الوصيةالواجبة وصياغتها في نصوص تشريعية، فلا يزال تنظيمه لأحكامها متواضعا ومحدودا كما تم بيان ذلك في محله.

– ضعف المشرع المغربي في صناعة النص التشريعي، ويظهر ذلك في ترتيب النصوص التشريعية وتبويبها وعلامة ذلك الوصية الواجبة، والتي عالجها المشرع مرتين ضمن الكتاب المتعلق بالميراث، والحال أن مكانها الطبيعي هو كتاب الوصيةكما يجهر بذلكاسمها، مما ترتب عن ذلك خلط في فهم بعض أمورها وفق ما تم بيانه.

– اعتماد تقنية الإحالة على الفقه المالكي في جميع المسائل المتعلقة بالوصية الواجبة، رغم أن منهجية التقنين التي اختارها في تشريع أحكامها تتجاوز المذهب المالكي في كثير من الفروع، ذلك أنه أخذ الوصية من المذهب الظاهري ومع ذلك يحيل على المذهب المالكي والحال أن هذا الأخير لا يعرفها ولا ينظمها مما عمق الخلاف في نصابها وطريقة استخراجها، ومن أولى بالتقديم عند تزاحمها مع غيرها من الوصايا ؟

لذا أقترح بماأن أصل المسألة المكون للمادة التشريعيةللوصية الواجبة مأخوذ من غير المذهب المالكي، فإن الإحالة يجب أن ترجع إلى المذهب الذي أخد منه التشريع مادته، فإذا كان الأصل في الأخذ بالوصية الواجبة هو المذهب الظاهري، فيجب الرجوع بخصوص تفريعاتها غير المنصوص عليها في التشريع إلى ذلك المذهب، معتحديد لائحة الكتب التي يرجع إليها في هذاالمذهب، وبذلك يتضح أن الإحالة المطلقة على المذهب المالكي المنصوص عليها في المادة 400 من مدونة الأسرة إحالةعامة وغير دقيقة.

وفي انتظار أن يأخذ هذا الاقتراحطريقهإلى التشريع، أرى أن على القضاء أن يقوم بدوره في تصحيح القانون، وتتميمه على النحو الذي يحققنوعا من الاتساقبين النص والفقهي والنص التشريعي، وذلك بتفعيل دور الاجتهاد العاقل الذي يتدبر النصوص وبتمعنها بحس العدل، وبدافع الاحترام للمنطق التشريعي، الذي ينظر إلى الفقه الإسلاميباعتباره وحدة كاملة لا مذاهب متفرقة، وينظر إلى التشريعكوحدة متناسقة تنظم القواعد الكلية، وهذا ما تسعى إليه محكمة النقض في تبتللا يعلمه إلا الله، وهو مقصد قضاتها.

والحمد لله رب العالمينوالصلاةوالسلام على سيد المرسلين

[1]- مصطفى السباعي وعبد الرحمان الصابوني: الأحوال الشخصية والأهلية والوصية والميراث، دمشق س. 1965 ص.190
[2]- محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي: مختار الصحاح، مادة وصى، المطبعة العثمانية، القاهرة ط. 1311ﻫ.
[3]- الآية 8 من سورة العنكبوت.
[4]- الآية 15 من سورة النساء.
[5]- الآية 130 من سورة البقرة.
[6]- الآية 10 من سورة النساء.
[7]- عثمان بن المكي التوزري: توضيح الأحكام على تحفة الحكام، المطبعة التونسية 1339، ج. 4 ص.83.
– شمس الدين محمد عرفة الدسوقي: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لأحمد الدردير، أحياء الكتب العربية بمصر- ج. 4، ص. 422.
[8]- محمد الزحيلي، الفرائض والمواريث والوصايا، دار الكلم الطيب ط. 1، س. 2001، دمشق بيروت ص. 401.
للمزيد حول أسباب اختلاف الفقهاء في الوصية يراجع: – الإمام القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن احمد بن رشيد القرطبي الشهير بابن رشيد الحفيد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، دار الفكر، الجزء الثاني ص.250 وما بعدها. ولتكوين فكرة أعمق حول موضوع اختلاف فقهاء الشريعة. انظر: – محمد الروكي، نظرية التقعيد الفقهي وآثرها في اختلاف الفقهاء، أطروحة لنيل درجة دكتوراه الدولة في الدراسات الإسلامية، جامعة محمد الخامس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. – أحمد الصمدي، أسباب الخلاف بين الأئمة الأربعة، رسالة دبلوم الدراسات العليا في العلوم الإسلامية، دار الحديث الحسنية، 15/7/1975. – المهدي الوافي، الاجتهاد في الشريعة الإسلامية نشأته وتطوره والتجديد فيه، رسالة لنيل شهادة الدراسات العليا في العلوم الإسلامية، دار الحديث الحسنية، 1974. – محمد هشام الأيوبي، الاجتهاد ومقتضيات العصور، رسالة لنيل شهادة الدراسات العليا في العلوم الإسلامية، دار الحديث الحسنية، 1980.
[9]- أبو عبد الله محمد الأنصاري المشهور بالرصاع: شرح حدود ابن عرفة، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية، ص، 749.
[10]- محمد جعفر شمس الدين، الوصية وأحكامها في الفقه الإسلامي، دراسة فقهية مقارنة على المذاهب السبعة، دار المعارف للمطبوعات، بيروت- لبنان، ط. 2، س. 1985، ص. 25.
[11]- تنص المادة 895 من القانون المدني الفرنسي على ما يلي:
-“Le testament est un acte par lequel le testateur dispose pour le temps où il n’existera plus de tout ou partie de ses biens, et qu’il peut révoquer.»

[12]- قانون الوصية الصادر في 24/6/1946، والذي أصبح ساري المفعول ابتداء من أول أغسطس 1946 على جميع المنازعات المتعلقة بالوصية أما الأحوال التي لا يوجد لها حكم فيطبق أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة طبقا للمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها القانون رقم 68 سنة 1913 وقانون الوصية من القوانين العامة تطبق أحكامه على جميع المصريين مسلمينوغيرهم، سواء كانوا يقيمون بمصر أو غيرها، عرضت قضاياهم أمام محكمة مصرية أو أجنبية. – أما الأجانب المقيمون في مصر ولهم جنسيات غير مصرية فيطبق على وصاياهم قوانين بلد الموصى طبقا لما تنص عليه المادة 23 من لائحة التنظيم القضائي والمادة 17 من القانون المدني الجديد.
[13]- الإمام محمد أبو زهرة، شرح قانون الوصية، مرجع سابق ص.12. انظر للمزيد: حول ما قيل عن تعريف القانون المصري للوصية. – أحمد إبراهيم بك وواصل علاء الدين احمد إبراهيم، انتقال ما كان يملكه الإنسان حال حياته إلى غيره بعد موته، مطابع روز اليوسف الجديدة، ط. 2، س. 1998، ص. 805 وما بعدها.
[14]- تم نسخ مدونة الأحوال الشخصية بمقتضى المادة 397 من الظهير الشريف رقم 22-04-1 الصادر في 12 من ذي الحجة 1424، 3/2/2004 بتنفيذ القانون رقم 03-70 بمثابة مدونة الأسرة.
[15]- راجع: نص مشروع وزارة العدل المتعلق بالوصية الباب الخامس، الفصل الأول، منشور مجموعة التشريع المغربي مدني وأحوال شخصية، جمع وتنسيق يوسف نسيب عبود، مؤسسة خليفة للطباعة-ص. 86.
[16]-راجع: دليل عملي لمدونة الأسرة، وزارة العدل، مطبعة فضالة العدد 1، 2004.
[17]- الفصول 369 إلى 327 من مدونة الأسرة.
[18]- ومما قضت به محكمة النقض أن عبارة الأولاد الواردة في رسم الوصية يجعلها مشتركة بين الذكور والإناث على حد سواء، وهكذا جاء في قرارها: ” … لكن حيث إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه باستنادها إلى قوله تعالى: ]يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين[، وما هو مقرر فقها فإنها فسرت عن صواب عبارة أولاد الموصي الواردة في رسم الوصية عدد 493 محل النزاع بأنها تشمل الأولاد الذكور والإناث معا لولدي الموصي…، معتبرة أن ذلك هو قصد الموصي، ما دام ليس بالملف ما يفيد تخصيص كلمة الأولاد الواردة برسم الوصية بالذكور دون الإناث، وردت بذلك ما أدلى به الطاعنون لإثبات العرف لكونه مخالفا للشريعة، فجاء قرارها معللا بما فيه الكفاية …”
(قرار المجلس الأعلى عدد 78-2005 بتاريخ 15/2/2005 ملف رقم 472-2-1-2002).
[19]- وقد قضت محكمة النقض بأن: “…كل تبرع مضاف إلى ما بعد الموت يعتبر وصية، والبين من أوراق الملف أن الهالكة …وإن عبرت بلفظ الحبس في العقد موضوع النزاع، فإنها ربطت تنفيذه بوفاتها، والمحكمة لما اعتبرته وصية وطبقت عليه أحكامها تكون طبقت القواعد الفقهية التطبيق الصحيح ..” (قرار المجلس الأعلى عدد 163 الصادر بتاريخ 2/4/2008 في الملف 415/2/1/2007).
[20]- ومن التطبيقات القضائية لهذا المقتضى ما جاء في أحد قرارات محكمة النقض من: ” أنه طبقا لمقتضيات الفصل 211 من مدونة الأحوال الشخصية تبطل الوصية بموت الموصى له قبل الموصي، وأنه من المقرر في الفقه المالكي أن الوصية إذا كانت لمعين وبطلت في حق أحدهم فإن حصته تعود ميراثا …” (قرار المجلس الأعلى عدد 613بتاريخ 15/12/2004في الملف 193-2-1-2004).
[21]- وقد قضت محكمة النقض بأن الواهب الذي اشترط في عقد الهبة حيازتها بعد وفاته، تعتبر وصية، ولا وصية لوارث ومما جاء في قرارها: ” حيث صح ما نعته الوسيلة، ذلك أنه يتجلى من الرسم عدد 332 المذكور أن موروث الطرفين خص المطلوبين في النقض بقطعتين من الأرض …وأضاف نفاذ تصرفه إلى ما بعد وفاته، فيعتبر هذا التصرف وصية، وأنه لا وصية لوارث، والمطلوبان في النقض تصرفا بالبيع بعد وفاة والدهما في الفدان…رغم أنه من مشمولات التركة بإقرارهما في عقد البيع، والمحكمة لما قضت بالقسمة ومكنت المطلوبين في النقض من نصيبهما بدون أن تأخذ بعين الاعتبار ما حازاه من التركة بعد وفاة والدهما استنادا إلى وصية باطلة تكون قد جعلت قضاءها منعدم الأساس، وعرضت قرارها للنقض.” (قرار المجلس الأعلى عدد463بتاريخ19/7/2006 في الملف عدد 334-2-1-2004).
[22]- تنقسم الوصية من حيث الحكم أيضا إلى وصايا بحقوق العباد ووصايا بحقوق الله مثل الزكاة والكفارات والحج، والنذور، والمذاهب الأربعة على صحة الوصية بالعبادات المالية والبدنية، ومذهب المالكية أن كل ما أشهد الموصى ببقائه في ذمته مما يتعلق بالعبادات المالية فإنه يخرج من رأسمال أما إن أوصى ولم يشهد ببقائه في ذمته أو تعهد به وهو في حال مرض فإنه يخرج من الثلث. أما إن تعلقت الوصية بالعبادات البدنية ومنها الحج على وجه التغليب وإن تعلق جزء منه بالمال. فمذهب المالكية كراهة الوصية بالحج مطلقا إن فرضا أو نفلا أو ندرا وإن وقعت وجب تنفيذها مراعاة للخلاف ولقول من يقول بجوازها كالشافعية في وصية حج الفرض، وتخرج من الثلث وأن قوله تعالى: ]من بعد وصية يوصى بها أودين[شامل لدين الله ودين الآدمي. راجع:- محمد التاويل، م س، ص 467 وما بعدها إلى 480.
[23]- انظر: محمد الزحيلي، م س، ص 585.
[24]- تنص المادة 275 من قانون الأحوال الشخصية السوري على أنه: “من توفى وله أولاد ابن وقد مات قبله أو معه وجب لأحفاده هؤلاء ثلث تركته وصية بالمقدار والشروط الآتية:
1 – الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم عن أصله المتوفى على فرض موت أبيهم إثر وفاة أصله المذكور على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة.
2- لا يستحق هؤلاء الأحفاد وصية إن كانوا وارثين لأصل أبيهم جدا كان أو جدة، أو كان قد أوصى لهم أو أعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقون بهذه الوصية الواجبة، فإن أوصى لهم بأقل من ذلك وجبت تكملته، وإن أوصى بأكثر كان الزائد وصية اختيارية، وإن أوصى لبعضهم فقط وجبت للآخر بقدر نصيبه.
3- تكون هذه الوصية لأولاد الابن ولأولاد ابن الابن وإن نزل واحدا كانوا أو أكثر للذكر مثل حظ الأنثيين يحجب فيهما كل فرعه دون فرع غيره ويأخذ كلفرع نصيب أصله فقط.
4- هذه الوصية الواجبة مقدمة على الوصايا الاختيارية في الاستيفاء من ثلث التركة.”
[25]- انظر: ينص الفصل 266 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة: من توفى وله أولاد ابن وقد مات ذلك الابن قبله أو معه وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بالمقدار والشروط الآتية.
– ينص الفصل 267 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة: الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم عن أصله المتوفى على فرض موت أبيهم إثر وفاة أصله المذكور على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة. = =
= = – ينص الفصل 268 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة: لا يستحق هؤلاء الأحفاد وصية إن كانوا وارثين لأصل أبيهم جدا كان أو جدة أو كان قد أوصى لهم أو أعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقون بهذه الوصية الواجبة فإن أوصى لهم بأقل من ذلك وجبت تكملته وإن أوصى بأكثر كان الزائد متوقفا على إجازة الورثة وإن أوصى لبعضهم فقط وجبت الوصية للآخر بقدر نصيبه على نهج ما ذكر.
– ينص الفصل 269 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة:تكون هذه الوصية لأولاد الابن ولأولاد ابن الابن وإن نزل واحدا كانوا أو أكثر للذكر مثل حظ الأنثيين يحجب فيها كل أصل فرعه دون فرع غيره ويأخذ كل فرع نصيب أصله فقط.
[26]- اكتفى التعريف بتصوير ماهية الوصية دون الأحكام، لأن دخول الأحكام في التعاريف محظور وفي السلم:
وعندهم من جملة المردود أن تدخل الأحكام في الحدود
انظر: متن السلم، الأخضري، ضمنالموسوعة المنتخبة من المتون الشرعية، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، المغرب.
[27]- نظم المشرع المغربي أحكام الوصية الواجبة في الكتاب السادس الخاص بالميراث ضمن القسم الثامن من مدونة الأسرة، وخص لها المواد 369 إلى 372 بإدخال الغاية وفاء لنفس التنظيم الذي كانت تعتمده مدونة الأحوال الشخصية الملغاة، حيث هي أيضا أوردت أحكام الوصية الواجبة في الكتاب السادس الخاص بالميراث ضمن الباب السابع وخصصت لها الفصول الأربعة المشار إليها قبله.
[28]- وفي التحفة ما نصه: وهي لمن تملك منه يصححثى لحمل واضح أو لم يضح. انظر: تحفة ابن عاصم ضمنالموسوعة المنتخبة، م س، ص 144.
[29]- عبد الله الدرقاوي: أحكام التركات والمواريث وفق المدونة الجديدة للأسرة، ط. 2، س. 2011، شار النور، الرباط.
[30]- محمد الزحيلي، م س، ص 587.
[31]- الحجب في الاصطلاح: منع من قام به سبب الإرث من الإرث بالكلية أو من أوفر حظيه، وعرفته المدونة في المادة 355بأنه: “الحجب منع وارث معين من كل الميراث أو بعضه بقريب بآخر”.
وهو نوعان: حجب نقل وهو ثلاث أنواع، نقل من فرض إلى فرض أقل منه ومحله الأم والزوج والزوجة وبنت الابن والأخت للأب. والنقل من فرض إلى تعصيب ومحله الإناث مع من يعصبهن إما تعصيبا بالغير أو مع الغير.ثم النقل من تعصيب إلى فرض وهذا يتعلق بالأب والجد أما حجب الإسقاط فقد ذكرته المدونة بالتفصيل في المادة 358.
[32]- الآية 180 من سورة البقرة.
[33]- وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، طبعة دار الفكر، ج 8، ص 122.
محمد أبو زهرة، شرح قانون الوصية، دار الفكر العربي، ط. 1409، ص.196. – انظر مدى اختلاف الفقهاء حول نسخ آية الوصية: – محمد بن عبد الله ابن العربي، أحكام القرآن، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، 1958. – أحمد بن علي الرازي الجصاص، أحكام القرآن، المطبعة البهية المصرية، ميدان الجامع الأزهر، مصر 1347ﻫ. – محمد بن جرير الطبري، جامع البيان، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ط. 3، س. 1953.
[34]- جاء في المحلى: “إذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه…”. – من طريق البخاري عن ابن عباس قال: “فلا والله ما نسخت، ولكنها مما تهاون الناس بهما، هما واليان، وال يرث وذلك الذي يرزق، ووال لا يرث فذلك الذي يقول بالمعروف يقول: “لا أملك أن أعطيك”. – وعن عبد الرحمان بن أبي بكر الصديق قال: “هي واجبة يعمل بها وقد أعطيت بها”. وعن أسماء بنت عبد الرحمان بن أبي بكر الصديق والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق: أن عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي بكر الصديق قسم ميراث أبيه عبد الرحمان، وعائشة يومئذ حية فلم يدع في الدار مسكينا ولا قرابة إلا أعطاهم، وتلا الآية: “وإذا حضر القسمة ….”
يراجع: أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد ابن حزم، المحلىالطبعة الأولى، 1351 ج. 9، المسألة 1747.
[35]- يقول ابن حزم: “… وفرض على كل مسلم أن يوصي لقرابته الذين لا يرثون إما لرق وإما لكفر وإما لأن هنالك من يحجبهم عن الميراث أو لأنهم لا يرثون، فيوصي لهم بما طابت به نفسه، لا حد في ذلك، فإن لم يفعل أعطواولا بد ما رآه الورثة أو الموصي، فإن كان والده أو أحدهما على الكفر أو مملوكا فرض عليه أيضا أن يوصي لهما أو لأحدهما إن لم يكن الآخر كذلك. فإن لم يفعل أعطي أو أعطيا من المال ولا بد، ثم يوصي فيما يشاء بعد ذلك. فإن أوصى لثلاثة من أقاربه المذكورين أجزاه، والأقربون هم من يجتمعون مع الميت في الأب الذي به يعرف إذا نسب، ومن جهة أمه كذلك أيضا هو من يجتمع مع أمه في الأب الذي يعرف بالنسبة إليه لأن هؤلاء في اللغة أقارب ولا يجوز أن يوقع على غير هؤلاء اسم أقارب بلا برهان.
– برهان ذلك قوله تعالى: )الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم(.
فهذا فرض كما تسمع فخرج منه الوالدان والأقربون الوارثون وبقي من لا يرث منهم على هذا الفرض، وإذ هو حق لهم واجب، فقد وجب لهم من ماله جزء مفروض إخراجه لمن وجب له أن ظلم هو ولم يأمر بإخراجه. وإذاأوصى لمن أمر به فلم ينه عن الوصية لغيرهم فقد أدى ما أمر به، وله أن يوصي بعد ذلك بما أحب، ومن أوصى لثلاثة أقربين فقد أوصى للأقربين، وهذا قول طائفة من السلف روي من طريق عبد الرزاق عن معمر وابن جريج كلاهما عن عبد الله بن طاوس عن أبيه قال: ” من أوصى لقوم وسماهم وترك ذوي قرابته محتاجين انتزعت منهم وردت على ذوي قرابته، فإن لم يكن في أهله فقراء فلأهل الفقر من كانوا.”
ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن الحسن قال: “إذا أوصى في غير أقاربه بالثلث جاز لهم ثلث الثلث ورد على قرابته ثلثا الثلث.” – ومن طريق الحجاج بن المنهـال أبـو= =
= = هلال عن قتادة عن سعيد بن المسيب أنه قال فيمن أوصى بثلثه في غير قرابته فقال: “للقرابة الثلثان ولمن أوصى له الثلث”. – وقال مسروق: “إن الله قسم بينكم فأحسن القسمة وأنه من يرغب برأيه عن رأي الله عز وجل يضل، أوص لقرابتك ممن لا يرث ثم دع المال على ما قسمه الله. وعن قتادةفي قول الله تعالى: إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين: قال نسخ منها الوالدان وترك الأقارب ممن لا يرث”. ابن حزم، م س، ج 9، مسألة 1751.
[36]- المذكرة التفسيرية لمشروع قانون الوصية المصري ضمن، كتاب انتقال ما كان يملكه الإنسان حال حياته إلى غيره بعد موته، أحمد إبراهيم بك، انتقال ما كان يملكه الإنسان حال حياته إلى غيره بعد موته، مطابع إبراهيم روز، اليوسفية الجديدة، الطبعة الثانية، 1988، ص 1062.
[37]- انظر: نص التقرير، مجموعة التشريع المغربي، م س، ص. 97. ومما جاء فيه أيضا: “نحن لا نريد الآن أن نطلب منها الأخذ بذلك في حق القرابة جميعا، وإنما نقترح على جهة الإحسـان= =
= = إجراء العمل بقول من يذهب لوجوب الوصية في خصوص مسألة الحفدة الذين يموت آباؤهم قبل أجدادهم، ويترك أجدادهم خيرا بحيث يرث الحفدة ما كان يرثه أبوهم للذكر مثل حظ الأنثيين. لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلماختلاف أمتي رحمة، ومعنى ذلك بلا شك أن الاختلاف يساعد على الاختيار وعلى إيجاد الحلول للمشاكل فعسى أن يكون الخلاف في أمر الوصية الواجبة رحمة بهؤلاء الحفدة ننقدهم مما يلحق بهم عادة من الأضرار…”
[38]- المواد 76 إلى 79 من قانون الوصية المصري رقم 71، لسنة 1946.
[39]- أحمد إبراهيم بك، م س، ص 973 وما بعدها.
– محمد أبو زهرة، شرح قانون الوصية، م س، ص 194 وما بعدها.
أحمد محمود شافعي، الوصيةوالوقف في الفقه الإسلامي، دار الهدى للمطبوعات، ص. 103 وما بعدها.
بدران أبو الحسين بدران، المواريث والوصية والهبة، مطبعة التجارة الإسكندرية، ط. 1775، ص. 167 وما بعدها. = =
= = تجدر الإشارة إلى أن القانون الكويتي أخذ الأحكام المتعلقة بالوصية الواجبة عن القانون المصري في القانون رقم 5 سنة 1971 وحصرها في أهل الطبقة الأولى من أولاد البنات وبأولاد الأبناء من أولاد الظهور وإن نزلوا، وتكاد تكون أحكام القانون الكويتي مطابقة مع أحكام القانون المصري في مادة الوصية الواجبة.
[40]- المادة 257 من قانون الأحوال الشخصية السوري لسنة 1935.
[41]- وهبة الزحيلي، الوصايا والوقف في الفقه الإسلامي، دار الفكر، دمشق، سوريةط. 2، س. 1996، ص 105 وما بعدها. محمد الزحيلي، م س، ص 525 وما بعدها.
تجدر الإشارة إلى أن أحكام الوصية الواجبة في القانون الأردني مطابقة لأحكام الوصية في القانون السوري.
انظر: – المادة 182 من القانون الأردني رقم 61 لسنة 1976.
[42]- وهو تاريخ النشر بالجريدة الرسمية عدد 2371 بتاريخ 4/4/1958.
[43]- هشام قبلان، الوصية الواجبة في الإسلام، منشورات عويدات، بيروت باريس ط. 2، س. 1985، ص 63.
[44]- للمزيد حول الموضوعيراجع نص مشروع مدونة الأحوال الشخصية، ضمن مجموعة التشريع المغربي، م س، ص.87 وما بعدها. وحتى مدونة الأسرة لم تراجع التاريخ لتعيد الأمور إلى نصابها جمعا للنظائر ليستقيم التشريع ويساير نظراءه من التشريعات الحديثة التي عالجت الوصية الواجبة ضمن أحكام الوصايا، فأوردت أحكام الوصية الواجبة ضمن أحكام الميراث فساعدت بذلك على تكريس اللبس وهو ما يزيد في وصف المدونة بأنها ذات طابع محدود ومتواضع.
[45]- دليل من أجل المساواة في الأسرة المغاربية، مجموعة 95 المغاربية من أجل المساواة، منشورات مجموعة 95 المغاربية.
[46]- وهو تاريخ نشرها بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 5/2/2004.
[47]- قرارالمجلس الأعلى عدد 390 الصادر بتاريخ 31/8/2010 ملف عدد 162-2-1-2009.
[48]- يميزذ.محمد الكشبور في الزواج المبرم في إطار القانون الدولي الخاص بين:
أولا: زواج الأجانب وهو ذاك الذي يتم بين شخصين يحملان جنسية دولة أجنبية واحدة أو جنسيتين أجنبيتين مختلفتين عن بعضهما والذي يخضع للقواعد الموضوعية والشكليةالمستمدة من الفصل الثامن والحادي عشر من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب بالمغرب، وتسري عليه من حيث الإنشاء أو السريان أو الآثار، أو من حيث انقضائه مقتضيات القانون الوطني لكل من الزوجين.
ثانيا: الزواج المختلط وهو الذي يبرم بين شخصين أحدهما يحمل الجنسية المغربية والآخر يحمل جنسية دولة أجنبية، ويشترط لصحته احترام العنصر الديني واستيفاء كل الشروط المتطلبة بمقتضى المدونة ويمكن إبرامه أمام ضابط الحالة المدنية أو أمام عدلين وهو يرتب نفس الآثار القانونية المترتبة عن الزواج إلا ما تعلق بالإرث حال اختلاف الدين، كما قد يطرح أيضا مسألة الحضانة. انظر- محمد الكشبور، الوسيط في قانون الأحوال الشخصية، مطبعةالنجاح الجديدةالدار البيضاء، ط. 5، ص. 72 وما بعدها.
[49]- قرار المجلس الأعلى عدد 535 الصادر في 24-10-2007 ملف عدد 605-2-1-2006.
[50] – من المفيد الإشارة إلى قرار حديث لمحكمة النقض قرر أن للمحكمة الصلاحية في تحديد أمد المدة التي يحكم بموت المفقود بعدها، وهي في ذلك لا تتقيد بسن التعمير المقرر في الفقه المالكي، قرار محكمة النقض عدد 195 بتاريخ 13/4/2010ملف عدد 417-2-1-2009. وانظر للمزيد تحقيقنا علىنفس القرار تحث عنوان: تمويت المفقود، نشرة قرارات محكمة النقض، غرفة الأحوال الشخصية والميراث، العدد 10.
[51]- انظر: تنص المادة 328 من مدونة الأسرة على أنه: إذا مات عدة أفراد، و كان بعضهم يرث بعضا، ولم يتم التوصل إلى معرفة السابق منهم، فلا استحقاق لأحدهم في تركة الآخر، سواء كانت الوفاة في حادث واحد أم لا.”
وموانع الإرث في المذهب سبعة رمز إليها صاحب الدرة البيضاء تسهيلا للحفظ بقوله:
موانع الإرث سبع وهي في “عش لك رزق” حصرت فلتقتفي
وفصلها الشيخ الرسموكي بقوله: يمنع الإرث عدم استهـلال شك، لعان، كفرذياعتزال
رق، زنا، وقتل ظلم مسجلا إلا الولا عن عتق قد قـتـلا
ويمنعالخطـأ إرث الديـة وقاتلالحـقمن الورثــة
والمدونة أشارت إلى هذه الموانع في الفصل 328 المشار إليه والفصول 331 و332 و333.
ويستفاد منها أن موانع الإرث ستة فقط: الشك، وعدم الاستهلال واختلاف الدين، ومن نفى الشرع نسبه والمقصود ابن الزنا، وابن الملاعنة، ثم القتل العمد على أن القاتل خطأ يرث في المال دون الدية، وهنا نسجل تأثر المشرع المغربي بالمصطلحات المستعملة قديما كمصطلح الدية.
[52]- محمد أبو زهرة، شرح قانون الوصية، م س، ص 180.
[53]- جلول محمد النقاشي، الوصية الواجبة في الإسلام، دار كريما ديس للطباعة، تطوان، ط.1، س. 1965، ص.9.
[54]- جلول محمد النقاشي، م س، ص 9.
[55]- محمد رياض، أحكام المواريثبين النظر الفقهي والتطبيق العملي وفق مدونة الأحوال الشخصية المغربية، مطبعة النجاح الجديدة، ط. 1، س. 1998، ص 250.
[56]- عبد الواحد العلوي، المواريث، مطبعة جامعة محمد الخامس، فاس 1977، ص 95.
[57]- حماد العراقي، الوثائق العدلية وفق مدونة الأحوال الشخصية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص 103.
[58]- محي الدين اسماعيل علم الدين، الأموال والمواريث والوصية، ص 328 وما بعدها.
[59]- الغازي الحسيني، مختصر الفرائض والحقوق الإرثية، منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية 1982، ص 151. – العلمي الحراق، مدونة الأسرة والتوثيق العدلي، دراسات وتعاليق، نشر وتوزيع مكتبة دار السلام بالرباط، ط. 2005، ص 138. – عبد الرحمان بلعكيد علم الفرائض والمواريث، مطبعة النجاح الجديدة، ط. 3، س. 1995، ص 277 وما بعدها.
[60]- قرار المجلس الأعلى عدد 805 بتاريخ 28/5/1985، مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 37 و38، ص. 122.
[61]-راجع كتاب السيد وزير العدل عدد 20396 بتاريخ 25/1/1980 ومما جاء فيه: “… و جوابا … أنهي إلى علمكم أن الفصل 267 الموالي للفصل 266 المشار إليه حدد بوضوح كيفية تطبيق الوصية الواجبة حيث ورد فيه ما يلي: ” الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم عن أصله على فرض موت أبيهم إثر وفاة أصله المذكور على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة. وعليه يظهر أن العقد العدلي الذي منحت بموجبه البنت المنفردة نصف حصة ما كان يرثه أبوها عن أصله هو الصواب شريطة أنلا تتعدى حصتها ثلث التركة”. وقد عمم السيد المحافظ العام رئيس إدارة المحافظة على الأملاك العقارية فحوى هذا الكتاب على كل السادة المحافظين على الأملاك العقارية والرهون بموجب كتابه عدد 426 بتاريخ 21/3/1980 والعمل بالمحافظة اليوم جار على مقتضاه.
[62]- انظر: – الدليل العملي لمدونة الأسرة، م س، ص 370.
[63]- انظر: – محمد رياض، م أحكام المواريث، م س، ص 248.
[64]- انظر: هشام قبلان، م س، 60.
[65]- انظر: هشام قبلان، م س، ص 61.
[66]- انظر: محمد رياض، أحكام المواريث، م س، ص 249.
[67]- انظر: يقول ذ رياض: “وإن كان هناك من لا يستسيغ ما ذهبنا إليه وإن كنا أيضا لا نستسيغ ما ذهبوا إليه ولكل وجهة هو موليها” حتى يفتح الله بيننا وبينهم، فتزول الوصية الواجبة برمتها من نصوص المدونة أصلا وفرعا لضعف أصلها، وما يترتب عليها، ويومئذ يفرح المؤمنون”. محمد رياض، أحكام المواريث، م س، ص 251.
[68]- انظر: دليل عملي لمدونة الأسرة، م س، ص 217 وما بعدها.
[69]- انظر: الغازي الحسيني، مختصر علم الفرائض، م س، ص 155.
[70]- الآية 180 من سورة البقرة.
[71]- محمد كمال الدين إمام، الوصايا والأوقاف في الفقه الإسلامي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط. 1، 1996، ص.132
[72]- محمد أبو زهرة، م/س، ص.230.
[73]- محمود الشافعي، م/س، ص.184.- وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، م/س، ج 8، ص.111
[73]- عبد الودود محمد السريتي، الوصايا والأوقاف والمواريث في الشريعة الإسلامية، دار النهضة العربية للطباعة والنشر 1997، ص.141

[75]- ابن حزم، م/س، ج3، ص.333
[76]- محمد التاويل، م/س، ص.508
[77]- محمد الزحيلي، م/س، ص.549
[78]- أحمد الحصري، التركات و الوصايا، دار الجيل، بيروت، ط. 1، ص.694
[79]- محمد الزحيلي، م/س، ص.549
[80]- محمد كمال الدين إمام، م/س، ص.134
[81]- محمد أبو زهرة، شرح قانون الوصية، م/س، ص. 233.
– محمد الزحيلي، م/س، ص.550.
– محمد كمال الدين إمام، م/س، ص.134 وما بعدها.
[82] – اختلف الفقهاء فيمن أوصى بالحج عنه، هل يخرج وصيته من رأسمال أو من الثلث، فالمالكية والحنفية يقولون بخروجها من الثلث سواء كانت الوصية بحج الفريضة أو التطوع أو النذر وحجتهم أن الحج يسقط بالموت كما تسقط الصلاة والصوم. ويذهب الشافعية والحنابلة إلى القول بأن الوصية بالحج تخرج من رأسمال وإن تعلقت بحج الفريضة وسندهم في ذلك حديث رسول الله r: ” فدين الله أحق أن يقضى”، تسميته بالدين توجب إخراجه قبل الوصية لقوله تعالى في الآية 11 من سورة النساء: }من بعد وصية يوصي بها أو دين.{ – انظر: محمد التاويل، م/س، ص.475
[83]- أحمد حصري، م/س، ص.696
[84]- محمد الزحيلي، م/س، ص.548. – محمد أبو زهرة، شرح قانون الوصية، م/س، ص.235
[85]- محمد أبو زهرة، شرح قانون الوصية م/س، ص.234. – محمد الزحيلي، م/س، ص 548. – أحمد حصري، م/س، ص.697
[86]- تنص المادة 80 من قانون الوصية المصري على أنه: “إذا زادت الوصايا على ثلث التركة وأجازها الورثة وكانت التركة لا تفي بالوصايا أو لم يجيزوها وكان الثلث لا يفي بها قسمت التركة أو الثلث على حسب الأحوال بين الوصايا بالمحاصة، وذلك مع مراعاة ألا يستوفي الموصى له بعين نصيبه إلا من هذه العين”.
– تنص المادة 81 من قانون الوصية المصري على أنه: “إذا كانت الوصية بالقربات ولم يف بها ما تنفذ فيه الوصية فإن كانت متحدة الدرجات كانت متساوية في الاستحقاق وإن اختلفت درجاتها قدمت الفرائض على الواجبات والواجبات على النوافل”.
[87]- المادة 259 من القانون السوري والمادة 286 من القانون الكويتي.
[88]- محمد أبو زهرة، شرح قانون الوصية، م/س، ص.234 وما بعدها. – محمد الزحيلي، م/س، ص.551
– أحمد الحصري، م/س، ص.697.
[89]- محمد الزحيلي، م/س، ص. 551.
[90]- محمد الزحيلي، م/س، ص.551.
[91]- محمود الشافعي، م/س، ص.184. – محمد أبو زهرة، شرح قانون الوصية، م/س، ص.230. – محمد الزحيلي، م/س، ص.546. – محمد السريتي، م/س، ص.141
[92]- قرار محكمة النقض عدد 160 الصادر بتاريخ 28/2/2012 ملف عدد 483-2-1-2010.
[93]- محمد التاويل، م/س، ص.269.
[94]- محمد التاويل، م/س، ص.268.
[95]- دليل عملي لمدونة الأسرة، م/س، ص.175
[96]- يمكن تأويل فك الأسير على أنه الشخص الذي يخضع لمسطرة الإكراه البدني، طبقا للفصول 633 إلى 647 من ق.م.ج.وظهير 20/2/1961، فتقدم الوصية له وفقا للترتيب السابق لأداء ما عليه من ديون، حتى يطلق سراحه.
ويبدو من المفيد الإشارة إلى أنه سبق للملكة المغربية، أن صادقت على الاتفاقية الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية، المؤرخة في 16/12/1966، بموجب الظهير الصادر في 3/5/1970. وأن هذه الاتفاقية تمنع من خلال مقتضيات فصل 11 تطبيق الإكراه البدني في الديون التعاقدية، وبذلك تعارضت مع مقتضيات ظهير 20/2/1961 الذي يجيز تطبيق الإكراه البدنيفي القضايا المدنية عموما، مما تسبب في تعارض أحكام القضاء. حيث ذهب المجلس الأعلى في قرار له بتاريخ 9/4/1997 إلى أن الإكراه البدني في الديون التعاقدية لم يعد مشروعا بعد مصادقة المغرب على الاتفاقية. (قرار منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 52 ص. 170). ثم يعود في قرار ثان فيقضي بأن ظهير 20/2/1961 المنظم للإكراه البدني لا زال ساري المفعول. (قرار صادر في 10/6/1997 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 53 و54 ص.32 وما بعدها.)
وللمزيد حول الموضوع، – انظر:
F.P. Blanc et A. lourde: De l’illégalité de la contrainte par corps en matière contractuelle une conséquence d’adhésion du Maroc au pacte international relatif au droits civils et politiques R.M.D. p. 247 et suiv. n° 15

[97]- المقصود كالئ الصداق الذي في ذمة الموروث الذي مات من مرض الموت.
[98]- انظر: محمد التاويل، م/س، ص.509 وما بعدها.
[99]- الغازي الحسيني، مختصر علم الفرائض، م/س، ص.157.
– عبد الرحمان بلعكيد، علم الفرائض، م/س، ص. 275 وما بعدها.
[100]- عبد الرحمان بلعكيد، علم الفرائض، م/س، ص.276 وما بعدها.
[101]- وفي نفس الاتجاه: – محمد القدوري، تأملات في أحكام الوصية الواجبة في ضوء مدونة الأحوال الشخصية المغربية، مجلة الإشعاع، عدد 19 سنة 1999، ص.63 وما بعدها، معللا وجهة نظره: “بأن صيغة الوجوب تقتضي التفضيل والتقديم عند التزاحم”، ويظهر من حديث لي معه أنه تراجع عن رأيه، وكان قد وعدني بأن يمدني به مكتوبا لكنه لحد الآن لم يفعل، وعند ي له سبعونعذرا، وزيادة.
[102]- تنص المادة 257من قانون الأحوال الشخصية السوري لسنة 1953 على ما يلي:” 1- …
2 – هذه الوصية الواجبة مقدمة على الوصايا الاختيارية في الاستيفاء من ثلث التركة.”
[103]- انظر: المادة 78 من قانون الوصية المصري التي تنص على أن: “الوصية الواجبة مقدمة على غيرها من الوصايا …”.
وجاء في المذكرة التفسيرية لمشروع قانون الوصية المصري أن: “… تقديم الوصية الواجبة على الوصية الاختيارية يؤخذ مما نقله ابن مفلح عن الإمام أحمد وما روي عن طاوس ..”
يراجعنص المذكرة التفسيرية، أحمد إبراهيم بك ومن معه انتقال ما كان يملكه الإنسان حال حياته إلى غيره بعد موته، م/س، ص.1046
[104]- محمد أكديد، الوصية، عرض قدم ضمن الأيام الدراسية حول مدونة الأسرة، سلسلة الندوات، منشورات المعهد العالي للقضاء، طبعة مكتبة دار السلام، ط. 2004، ص. 63.
ويظهر أن هذا الرأي مبني على مجرد التخمين والتقليد لأن الحالة الأولى التي أشار إليها تستلزم ترجيح الوصية الأكثر قيمة ونفعا للموصى له فإن كانت الوصية الإرادية تحقق ذلك فهي أولى بالتقديم وإن كانتالوصية الواجبة كان العمل بها. – انظر: الغازي الحسيني، مختصر علم الفرائض، م/س، ص.275
أما الصورة الثانية فهي محل خلاف بين ثلاث آراء وفق ما يجري بيانه، وليس الأمر بالبديهي كما يحاول الباحث الترويج له في الأيام الدراسية لمدونة الأسرة وتقديمه كأنه من المسلمات.
[105]- محمد رياض، أحكام المواريث، م/س، ص.252
[106]- يقول: “إن الوصية الواجبة بهذا المدلول مخالفة للأصول والفروع وأن القول بالوجوب لا سند له لكون الآية المستدل بها منسوخة عند الجمهور ثم لو ذهبنا مع فريق القائلين بالوجوب للأقارب، وأن الآية غير منسوخة وهو عند الأقلين، فقصر الوجوب على الأحفاد الذين يموت أبوهم قبل جدهم من باب التخصيص دون مخصص، لذلك كانت الوصية الواجبة بهذا المفهوم غريبة التصور دخيلة على المذاهب الإسلامية ومنها المذهب المالكي”. – محمد رياض، أحكام المواريث، م/س، ص.236 وما بعدها.
[107]- محمد المختار السوسي، المجموعة الفقهية في الفتاوى السوسية، جامعة القرويين، منشورات كلية الشريعة أكادير، سلسلة كتب تراثية رقم 1 ص.19
[108]- يقول الناظم: كم ذو اجتهاد لم يؤتم و إن هفا لما بلغ المجهود من فعل إمكان
[109]- العلمي الحراق، مدونة الأسرة والتوثيق العدلي دراسات وتعليق، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع الرباط، الطبعة الأولى سنة 2000 ص.145 وما بعدها.
[110]- الدليل العملي لمدونة الأسرة، م/س، ص.217.
[111]- قرار المجلس الأعلى عدد 1175 بتاريخ 27/12/2001في الملف 43962-1-97.
[112]- قرار المجلس الأعلى عدد 155 بتاريخ 14/3/2007في الملف 510-2-1-2006.
[113]- قرار محكمة النقض عدد 128 بتاريخ 21/2/2012 ملف عدد 177-2-1-2010.

إغلاق