دراسات قانونية
الرقابة القضائية لعقود التدبير (بحث قانوني)
الرقابة القضائية لعقود التدبير المفوض عقدي النقل الحضري بأكادير نموذجا
إعداد: مصطفى يخلف
محامي بهيئة أكادير
رئيس الجمعية المغربية “حوار
يشكل هدا المقال في الأصل موضوع تم المشاركة به في الندوة الدولية المنظمة بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ـ السويسي ـ تحت شعار:
نحو إطار قانوني للشراكة
عمومي – خاص
بالمغرب
المقدمة
خلقت عقود التدبير المفوض المبرمة على ربوع المملكة و على مستوى مجموع القطاعات الصناعية و التجارية و الخدماتية نقاشات و تصادمات و شكاوى المرتفقين و المتنافسين و الجهة المفوضة.
و شكل جانب الرقابة و متابعة تنفيذ التزامات الشركات المفوض إليها عائقا حقيقيا أمام ضعف تكوين و تأهيل العنصر البشري التابع للمفوض و بعد مسافته من حيث الواقع لمسايرة التنفيذ اليومي و المتواصل لأهداف عقد التدبير.
كم أن انعدام الشفافية و المصداقية في إنجاز هذه العقود و اتسام إجراءاتها القبلية و المواكبة ، دفاتر التحملات ، الملحقات من العقود بنوع من التكتم و الحيطة و السرية الذي يتناقض مع المفهوم الصحيح للحكامة الدستورية التي تجعل من حق كل متتبع و مهتم قانوني و كذا كل مرتفق و مستثمر له رغبة المشاركة لتدبير المرفق العام متمتعا بالمساواة و الإنصاف و الشفافية و الحياد و النزاهة بغاية تحقيق المصلحة العامة بكل مسؤولية و محاسبة.
لذا فإنه و من خلال مقاربة الفصل 11 من قانون 05/54 و كذا المادتين 6 و 7 منه بعد الرقابة القضائية لعقود التدبير المفوض، و سنتناول كنموذج عقدي النقل الحضري بأكادير.
و كذا سيكون من المنطقي فتح نقاش و ورش حقيقي، لتجاوز سلبيات قانون التدبير المفوض و لما لا تحديث الجوانب المنتقدة منه و التي اثبت الواقع العملي على مجموع المفوضين سقوطهم فيها و تقليد بعضهم للآخر دون اجتهاد أو مراجعة أو تريث.
فما هو الإطار القانوني لعقد التدبير المفوض و ما هي إشكالية النقل الحضري بأكادير؟
(الفرع الأول)
و ما هي مظاهر و آليات الرقابة القضائية لعقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير؟
(الفرع الثاني)
و لتأطير هذا الموضوع بغاية المناقشة العلمية فقد تم حذف أسماء أطراف النزاع و تغييرها بأطراف عقد التدبير المفوض و هم المفوض و المفوض إليها و المرتفقين.
الفرع الأول: الإطار القانوني لعقد التدبير المفوض و إشكالية النقل الحضري بأكادير:
المغرب كباقي الدول المنفتحة على اقتصاد السوق انخرط عبر مراحل في التصور الجديد لتدبير أمور الدولة بشكل أدى إلى التخلي التدريجي عن احتكار و تأميم الخدمات العمومية و التنازل عنها بمقتضى التفويض لفائدة الخواص الذين حققوا نتائج مادية و خبراتية و اقتصادية و اجتماعية أفضل من التي حققتها المرافق العمومية المسيرة من طرف الدولة و رجالتها على مستوى مجموعة من القطاعات.
و لقد نهج المغرب هذا التحول عبر مراحل فظهر و أدخل مصطلح التدبير المفوض المقتبس من التشريع الفرنسي حيز التطبيق ابتداء من سنة 1997 امتداد لسياسة الخوصصة التي شرع في نهجها منذ سنة 1993 تطبيقا لقانون الخوصصة رقم 39 – 89. فما هو الإطار القانوني لعقد التدبير المفوض و مدى اختلافه عن بعض العقود الإدارية السابقة؟ (المطلب الأول) و ما هو الإشكال القانوني الذي أفرزه عقدي التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير و أساس الطعن فيه بالإلغاء؟ (المطلب الثاني).
المطلب الأول : الإطار القانوني لعقد التدبير المفوض و تمييزه عن بعض العقود الإدارية:
الفقرة 1: الإطار القانوني لعقد التدبير المفوض:
بهدف القانون رقم 05/54 الخاص بالتدبير المفوض إلى توفير إطار عام و محفز لخلق شراكات بين القطاعين العام
و الخاص فحسب المادة 2 من هذا القانون فهو عقد يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى (المفوض) لمدة محددة تدبير مرفق خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى (المفوض إليه) يخول إليه حق تحصيل أجرة المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا.
و قد استوحى هذا القانون مقتضياته الأساسية من مجموعة من التشريعات الحديثة المعمول بها بالدول الأوربية مع ملائمتها ببعض الخصوصيات المغربية و تشمل القانون.
و تطرق القانون كذلك لمضمون عقد التدبير المفوض و مبادئ المرفق العام و هي مسؤولية المفوض إليه على تدبير المرفق العام و استمراريته و إلزامية التقيد بالمساواة بين المرتفقين و التقيد بملائمة المرفق العام موضوع التفويض مع التطورات التكنولوجية و الاقتصادية و الاجتماعية و ضرورة تقديم الخدمات بأقل تكلفة و في أحسن شروط السلامة و الجودة و المحافظة على البيئة.
كما أن القانون أسس لقاعدة أن إبرام عقد التدبير المفوض أصبح يبرم على أساس المزايا الشخصية للمفوض إليه و ذلك إما عن طريق الدعوى للمنافسة أو التفاوض المباشر وفق الحالات الاستثنائية المنصوص عليها بالمادة 6 بالإضافة إلى سند قاعدة الاقتراحات التلقائية بقصد استفادة المرفق العام من استعمال التكنولوجيا الجيدة و تسهيل التعاقد مع مبتكريها.
و قد فرض القانون على المفوض إليه تأسيس شركة تكون خاضعة للقانون المغربي و منحصر غرضها في تدبير المرفق العمومي و ممسكة لمحاسبتها الداخلية و الخارجية طبقا للقانون رقم 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها.
و تضمن القانون رقم 05/54 آليات المراقبة الأخرى التي يتمتع بها المفوض إزاء المفوض إليه كسلطة عامة للمراقبة الاقتصادية و المالية و التقنية و التدبيرية مرتبطة بالالتزامات الناشئة عن عقد التدبير و دفتر التحملات و ملحقات العقود.
و قد ركز القانون على الجانب الاجتماعي و ضرورة مراعاته من خلال دعوة المفوض إليه إلى مراعاة القدرة الشرائية للمنتفعين من خدمات المرفق العام على اعتبار أن الأمر يتعلق بحاجيات حيوية و ضرورية في حياة المواطن و لا يستطيع هذا الأخير إشباعها بإمكانياته الفردية المحدودة كالنقل و التزود بالماء و الكهرباء و جمع النفايات….
و بغاية طمأنة المستثمرين الأجانب فقد نص القانون على إمكانية التنصيص بعقد التدبير على اللجوء إلى مسطرة التحكيم و كذا على ضرورة اللجوء إلى مسطرة الصلح في حالة نشوب نزاع ما بين المفوض و المرتفقين قبل اللجوء إلى التحكيم أو إلى القضاء.
الفقرة 2: أطراف عقد التدبير المفوض و طرق إبرامه:
من خلال مقاربة قانون 05/54 المنظم لعقد التدبير المفوض يستنتج أن هذا العقد هو عقد إداري يجمع الطرفين الأول من أشخاص القانون العام (الإدارة) و الثاني من أشخاص القانون العام أو الخاص و يتركز بالأساس على تخلي الطرف الأول (المفوض) عن مرفق عام مهمته منه تقديم خدمات مباشرة للمرتفقين قد تكون ذات طبيعة صناعية أو تجارية مقابل استفادة الطرف الثاني (المفوض له) من الأرباح المالية نتيجة و حصيلة تسييره للمرفق المفوض مثال: (النقل الحضري – الماء و الكهرباء – النفايات – النظافة – مآرب الوقوف) و استخلاصه واجبات الخدمات المباشرة من المرتفقين.
و أوجب القانون أن يكون عقد التدبير الرابط بين الطرفين محدد المدة مراعيا لطبيعة الأعمال المطلوبة و حجم الاستثمار و اشترط لتمديدها مرة واحدة استمرار المفوض إليه في حسن تنفيذ خدمة المرفق العام أو توسيع نطاقه الجغرافي و بطلب من المفوض و الموجب عليه تبرير هذا التمديد الذي يكون موضوع عقد ملحق بعقد التدبير.
و على خلاف عقد الامتياز الذي لا يشترط فيه أحيانا مسطرة الإشهار و الإعلان المسبق عن الدعوة للمنافسة فإن عقد التدبير المفوض و تحقيقا لغاية و مبدأ المساواة بين المتنافسين فقد نص على ضرورة قيام المفوض بالدعوة للمنافسة قصد ضمان نفس الفرص للمترشحين لتدبير مرفق معين و تفعيل مفهوم حكامة تدبير المرافق العمومية عن طريق تكريس الشفافية و موضوعية معايير الاختيار و القطع مع ممارسات الزبونية و المحسوبية و الرشوة و اختلاس المال العام و بالتالي تخليق المرفق العام.
و تتم طريقة إبرام عقد التدبير المفوض حسب مقتضيات المواد 5 و 6 و 7 من هذا القانون بطرق مختلفة نوضحها بإيجاز وفق التالي:
المادة 5 : الدعوى إلى المنافسة :
يوجب القانون على المفوض لاختيار المفوض إليه القيام بالدعوة للمنافسة بغاية تحقيق و ضمان المساواة بين المترشحين و موضوعية المعايير و شفافية العمليات و عدم التحيز في اتخاذ القرارات مع ضرورة إشهار عقد التدبير المفوض بتاريخ مسبق للتوقيع عليه.
المادة 6: التفاوض المباشر:
أوكل القانون للمفوض اختيار المفوض إليه بشكل مباشر استثناء و عند توافر الحالات التالية:
أ- حالة الاستعجال قصد ضمان استمرارية المرفق العام.
ب- لأسباب يقتضيها الدفاع الوطني أو الأمن العام.
ج- بالنسبة إلى الأنشطة التي يختص باستغلالها حاملوا براءات الاختراع أو بالنسبة إلى الأعمال التي لا يمكن أن يعهد بانجازها إلى أي مفوض إليه معين.
المادة 7: الاقتراحات التلقائية:
يمنح القانون لأي مستمر وطني أو أجنبي يتوفر على تقنية أو تكنولوجيا جديدة و جيدة الاستعمال من شأنها تحسين تدبير خدمات مرفق عام إمكانية اقتراحه طلب التدبير المفوض و يتعين على السلطة أو الإدارة المعنية (المفوضة) دراسة هذا العرض و تبليغ المرشح بمآله.
الفقرة 3: تمييز عقد التدبير المفوض عن بعض العقود الإدارية:
إذا كان القانون رقم 05/54 قد عرف عقد التدبير المفوض و حاول بعض فقهاء القانون الإداري تأطير هذا التعريف من خلال ما يلي:
– هو عقد إداري تعهد به السلطة المفوضة للمفوض له داخل المجال الترابي المحدد في مدار التفويض باستغلال و تدبير المرفق العام الصناعي و التجاري المحلي لمدة محددة تنتهي بانقضاء مدة العقد.
– هو كل تدبير لمرفق عام بواسطة شخص معنوي خاص و التدبير المفوض يغطي مختلف طرق التسيير التقليدية مثل عقود الامتياز و الوكالة و مختلف اتفاقيات التفويض التي يختلف مداها بين حد أدنى و حد أقصى.
و التدبير المفوض هو ترجمة للعبارة الفرنسية
Gestion déléguée
يعني قيام أحد الهيئات العامة بإسناد تسيير أحد مرافقها إلى الغير ، و بهذا التعريف فإن عقد التدبير المفوض خلق تميزا من حيث طبيعة و خصوصيته عن مجموعة من التعاريف لمختلف العقود الإدارية سواء تلك التي نص القانون صراحة على أنها عقود إدارية و وضع لها نظاما قانونيا خاصا و خصها بأسماء معينة (عقد الامتياز – عقد الأشغال العامة – عقد التوريد) أو تلك العقود التي تتضمن شروطا غير مألوفة في القانون الخاص و لم يرد بشأنها نص قانوني صريح يصبغ عليها صبغة العقود الإدارية مثل (عقد النقل – عقد تقديم المساعدة – عقد القرض العام….).
فما هي تعاريف عقد الامتياز و عقد النقل:
– عقد الامتياز: هو عقد بواسطة تكلف الشخص المعنوي العام أحد الأشخاص من القانون الخاص فردا أو شركة لإدارة المرفق العام و استغلاله لمدة محددة في نطاق عقد يبرم بينه و بين الملتزم الذي يستعمل أمواله و عماله لإدارة المرفق تحت مسؤوليته مقابل رسوم يتقاضاها من المنتفعين.
– عقد النقل: هو اتفاق بمقتضاه يتعهد فرد أو شركة بنقل أشياء منقولة للإدارة أو بوضع شاحنات تحت تصرفها و قد يكون موضوع العقد مقصورا على مرة واحدة أو عدة مرات منتظمة.
المطلب الثاني: إبراز إشكالية عقدي التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير و أهم أسباب الطعن فيه بالإلغاء:
شكل عقدي التدبير المفوض للنقل الذي فازت به الشركة المفوض إليها استثناء من حيث مجموع عقود تدبير مختلف قطاعات المرفق العام بالمملكة لسبب واحد و هو أن القضاء الإداري مارس رقابته على هذين العقدين و قضى في الموضوع و من خلال ملفين بقبول الطعن بالإلغاء و بإلغاء قرار المفوض بالتوقيع على عقد التدبير المفوض لفائدة الشركة المفوض إليها بالإضافة إلى استجابة القضاء الاستعجالي بنفس المحكمة الإدارية بأكادير لطلب إيقاف تنفيذ قرار المفوض بالتوقيع على هذا العقد و الذي تم تأييده أمام محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش.
الفقرة 1: نبذة عن إشكالية عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير:
تقدمت الطاعنة وهي شركة من القطاع الخاص بتاريخ 13/07/2009 بالطعن بالإلغاء ضد الإجراءات المباشرة من طرف المفوض الخاصة بعقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير و الذي تم تفويته حسب مقال الطاعنة بشكل غير قانوني و في ظروف و ملابسات زمنية و إجرائية تطرح أكثر من علامة استفهام للشركة المفوض إليها خرقا لكل الضوابط القانونية و ضد الإرادة الملكية الداعية إلى احترام الشفافية و تكريس روح وجدية المقاولة الوطنية. و قد أبرزت الشركة الطاعنة بأن طعنها لا يتعلق بالدفاع عن حقوق مكتسبة بقوة الاتفاقيات المبرمة معها من أجل الاستفادة من عقود امتياز تدبير قطاع النقل الحضري على مستوى عمالات: انزكان أيت ملول و اشتوكة أيت باها و تارودانت و إنما ينصب أساسا على مسألة جوهرية مرتبطة بالمواطنة و الإحساس بالغبن و التحيز و تحقير المقاولة الوطنية بشكل واضح و دون الاهتمام بحقوق العمال و تكلفة المواطن البسيط و المصلحة العليا للوطن و الجهة الملزمة بالحفاظ على ثروات البلاد و تأهيل قطاع الخدمات الوطنية بشكل شفاف و مهني.
و قد جاء في ديباجة عريضة الطعن بالإلغاء بأن قوة و درجة الخروقات التي شابت صفقة أو هبة التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري بأكادير الكبير هي الباعث على الطعن بإبطال و إلغاء عقد التدبير الممنوح للشركة المفوض إليها بشكل قانوني و بشروط تتمنى أي مقاولة وطنية تعمل في نفس القطاع الحصول و لو على نصفها و بالتسهيلات و التبسيطات التي وفرها المفوض للشركة المفوض إليها ضدا على مجموعة من المصالح أعلاها مصلحة الوطن و الجهة و المواطنين.
و من باب توضيح المركز القانوني للشركة الطاعنة فهي متخصصة في قطاع النقل الحضري على مستوى مجموعة من العمالات بجهة سوس ماسة درعة و مستفيدة من مساطر صعوبات المقاولة بمقتضى حكم فتح مسطرة التسوية القضائية و حكم حصر مخطط الاستمرارية لمدة 10 سنوات و الذي ركز في أهدافه على استغلال الشركة لخطوط النقل الحضري عن طريق عقود الامتياز و تم منحها من طرف المحكمة التجارية بأكادير الحكم رقم 864 الصادر بتاريخ 22/04/2008 بالملف عدد 844/37/2008 و القاضي بالترخيص لها بالتسجيل ضمن لائحة منافسي الصفقات و بالمشاركة في كل طلبات العروض العمومية و الخصوصية المرتبطة بالنقل الحضري.
و بما أن السبب المباشر الذي دفع الشركة المتضررة للطعن بالإلغاء ضد عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير و الإجراءات المنتجة له هو أنها سبق و أن راسلت المفوض بتاريخ 04/04/2008 تلتمس منه المشاركة في طلب إعلان الاهتمام و العروض المفتوحة للمترشحين و لكن حسب الإمكانيات المتوفرة لديها و المتمثلة في رأسمالها المحدد في 30.710.000,00 درهم و أسطول من الحافلات يصل إلى 80 حافلة و حجم معاملات سنوي يقدر ب 33.000.000,00 درهم و التي بقيت دون جواب و دون اهتمام إلى حين علمها بأن للشركة المفوض إليها هي التي استفادت من هذا العقد و بشروط و دفتر التحملات جد متواضع و لا يرقى لما سبق تسطيره في إعلان الاهتمام المسبق المنشور بالجرائد الوطنية، مما جعلها تشعر بتحقير المقاولة الوطنية و تفضيل مقاولة الأجانب الممغربة بشكل يخرق قاعدة تساوي الفرص و ينم على التحيز للمستثمر الأجنبي و بتسهيلات و تفضيلات غير مخولة للمقاولة الوطنية بالإضافة إلى حرمان خزينة المملكة من مبالغ مالية مهمة و بشكل يطرح أكثر من علامة استفهام؟
الفقرة 2: المساطر القضائية و الإدارية المفعلة ضد عقدي التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير:
بالإطلاع على مجموع الملفات المعروضة أمام القضاء الإداري بأكادير و كذا مراكش الاستئنافية سواء في شق دعاوى الموضوع أو الدعاوى الاستعجالية و كذا الملفات المفتوحة أمام القضاء الجنحي و المراسلات الإدارية و الطلبات و محاضر المعاينات المنجزة من طرف الشركة الطاعنة ضد عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير فإنه يمكن تفصيلها وفق التالي و حسب التسلسل التاريخي لسلوكها:
بخصوص عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير موضوع الطعن بالإلغاء الأول:
– 04/04/2008 مراسلة الطاعنة للمفوض بقصد فتح باب المشاركة لها في طلب إبداء الاهتمام و طلب العروض المعلن عليه وفق إمكانياتها المادية و الخبراتية و البشرية.
– 22/04/2008 استصدار الطاعنة لحكم عن غرفة المشورة بالمحكمة التجارية بأكادير تحت رقم 864 بالملف 844/37/2008 و القاضي في منطوقه بالترخيص لها بالتسجيل ضمن لائحة منافسي الصفقات و المشاركة في كل طلبات العروض العمومية و الخصوصية المرتبطة بالنقل الحضري.
– 13/07/2009 تقديم الطاعنة مقال يرمي إلى الطعن بالإلغاء ضد عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير.
– 16/07/2009 تقديم الطاعنة لمقال استعجالي أمام المحكمة الإدارية بأكادير يرمي إلى إيقاف تنفيذ القرار الصادر عن المفوض بالتوقيع على عقد التدبير المفوض لفائدة الشركة المفوض إليها.
– 24/07/2009 صدور حكم استعجالي عن المحكمة الإدارية بأكادير عدد 111/2009 بالملف عدد 119/2009 غ و القاضي بالحكم بإيقاف قرار المفوض بالتوقيع على عقد التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري بأكادير إلى حين البث نهائيا في دعوى الموضوع.
– 03/09/2009 وضع لطاعنة شكاية من أجل الزور طبقا لمقتضيات المواد 264 و 265 من قانون المسطرة الجنائية و الفصول 40 و 353 و 354 و 360 من القانون الجنائي أمام السيد الوكيل العام لدى المجلس الأعلى نظرا لصفة المفوض.
– 30/09/2009 وضع الطاعنة شكاية مباشرة أمام السيد قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بأكادير فتح لها ملف عدد 54/2009 في مواجهة الموقعين على محضر فرز الأظرفة و المشاركين في إنجاز باقي وثائق عقد التدبير المفوض من أجل جريمة التزوير و المشاركة فيه طبقا للفصول 253 و 354 و 360 و 129 و 40 من القانون الجنائي.
– 30/09/2009 وضع الطاعنة شكاية مباشرة أمام السيد رئيس المحكمة الابتدائية بأكادير فتح لها ملف جنحي عادي عدد 20/2009 في مواجهة الموقعين و المشاركين في إنجاز وثائق عقد التدبير المفوض من أجل متابعتهم بجريمة التزوير و المشاركة فيه طبقا للفصول 353 و 354 و 360 و 40 و 129 من القانون الجنائي.
– 13/10/2009 صدور القرار الاستئنافي عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش رقم 1199 بالملف عدد 381/5/2009 القاضي في منطوقه بتأييد الحكم الاستعجالي رقم 111/2009 الصادر عن إدارية أكادير و الذي حكم بإيقاف تنفيذ قرار المفوض بالتوقيع على عقد التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري بأكادير إلى حين البث النهائي في الموضوع.
– 02/02/2010 صدور القرار التمهيدي للمحكمة الإدارية بأكادير الرامي إلى إجراء بحث بالملف عدد 115/2009 غ بواسطة الهيأة في موضوع النازلة للوقوف على حقيقة المنازعة.
– 11/05/2011 حكم رقم 126/2010 الصادر عن المحكمة الإدارية بأكادير بالملف عدد 115/2009 غ و القاضي في منطوقه بإلغاء قرار المفوض بالتوقيع على عقد التدبير المفوض للنقل الحضري لأكادير الكبير لفائدة الشركة المفوض إليها مع ما يترتب عن ذلك قانونا و باحترام باقي المدعى عليهم من الدعوى.
بخصوص المراسلات الإدارية المرتبطة بعقد التدبير المفوض للنقل الحضري الأول:
– 16/09/2009 المراسلات الموجهة من الطاعنة لرؤساء المجالس البلدية لأكادير – إنزكان – الدشيرة – أيت ملول – القليعة من أجل عرض خدمة النقل الحضري بالخطوط التي كانت مستغلة من طرف شركة منافسة بشكل مؤقت.
– 28/09/2009 طلب الطاعنة الموجه المفوض بغاية استغلال جميع خطوط النقل الحضري بأكادير الكبير بنفس الامتيازات الممنوحة للشركة المفوض إليها و بأسطول من الحافلات يفوق 150 حافلة جديدة و بمواصفات الجودة و الرفاهية تفعيلا لخطب صاحب الجلالة الخاصة بإنعاش المقاولة و التنمية الاقتصادية و سياسة المنافسة.
– 28/09/2009 مراسلة طلب عرض خدمات الطاعنة بصفة مؤقتة تلبية لحاجيات سكان المنطقة و النقل المدرسي و النقل الجامعي توفيرا لمصاريف و أعباء كراء حافلات من شركة أجنبية أو غيرها و الموجه للمفوض و كذا إلى السيد عامل صاحب الجلالة على عمالة انزكان أيت ملول.
– 16/10/2009 مراسلة الطاعنة الموجهة إلى السيد رئيس جهة سوس ماسة درعة لعرض طلب استغلال خطوط النقل الحضري التابعة للجماعة الحضرية بأكادير بصفة مؤقتة للخروج من أزمة النقل العمومي و النقل المدرسي و النقل الجامعي.
– 16/10/2009 نفس المراسلة تم توجيهها للسيد رئيس المجلس الإقليمي بأكادير.
– 19/10/2009 الإخبار الموجه للسيد وزير الداخلية بعرض الطاعنة لخدماتها المرتبطة بالنقل الحضري بصفة مؤقتة على جميع المجالس المحلية إلى حين إيجاد حل ناجح و فعال لمشكل النقل الحضري بأكادير الكبير.
بخصوص عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير موضوع الطعن التاني:
بالرغم من صدور حكم استعجالي و قرار استئنافي يقضيان بإيقاف إجراءات التوقيع على عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير موضوع الطعن أمام المحكمة الإدارية بأكادير بمقتضى الملف عدد 115/2009 غ و الذي صدر بشأنه حكم ابتدائي قضى بإلغاء قرار توقيع المفوض على عقد التدبير المفوض.
و بالرغم من كل المراسلات المثبتة لحسن نية الطاعنة و قدرتها على الاستثمار و تخصيصها لمبلغ 10.000.000,00 درهم لتجهيز ما يفوق 150 حافلة جديدة و استعدادها المساهمة في تقديم خدماتها في قطاع النقل الحضري على ربوع أكادير الكبير و دون واجب كراء و بصفة مؤقتة إلى حين إيجاد آلية جدية للخروج من أزمة النقل الحضري.
بالرغم من كل هذه المعطيات فإن الجهة الساهرة على التفويض أصرت على توقيع عقد تدبير مفوض جديد شمل كل الوثائق السابقة موضوع الطعن بالإلغاء و احتوى كل العقود و ملحقاتها و دفتر التحملات و إجراءات إبداء الاهتمام و إجراءات الفرز التي تم إلغائها قضائيا بمقتضى الحكم الصادر بالملف عدد 115/2009 غ مع استثناء وحيد و هو أن التوقيع على هذا العقد الجديد كان من طرف جميع رؤساء الجماعات المعنية بخطوط النقل الحضري بالإضافة إلى المفوض و ممثل الوزارة الوصية و الشركة المفوض إليها.
و بما أن الشروط الشكلية فرضت على الطاعنة سلوك مسطرة الإشعار المسبق و توجيهه إلى كل من رئيس مجلس عمالة أكادير إداوتنان و رئيس مجلس عمالة إنزكان أيت ملول و وزير الداخلية تطبيقا لمقتضيات الفصل 41 من القانون رقم 79.00 .
و أن نفس الإجراء تم سلوكه بخصوص رؤساء المجالس البلدية لإنزكان- أيت ملول- أكادير- الدشيرة- عامل عمالة إنزكان- عامل عمالة أكادير إداوتنان وفق الإجراءات القانونية المنصوص عليها بالفصل 48 من قانون 87.00.
مما يناسب معه بسط المساطر القضائية المسلوكة ضد عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير الثاني:
– 01/03/2010 تقديم دعوى أمام المحكمة الإدارية بأكادير ترمي إلى إلغاء قرار التوقيع على عقد التدبير المفوض الموقع من طرف المفوض و من معه لاتسامه بالشطط في استعمال السلطة و تحقير و الاستخفاف بقرار محكمة الاستئناف الإدارية رقم 1199 القاضي بتأييد الحكم الاستعجالي الإداري الابتدائي الذي أمر بإيقاف التوقيع على عقد التدبير المفوض إلى حين صدور حكم نهائي في دعوى الموضوع المفتوح لها ملف عدد 115/2009.
فتح لهذه الدعوى الجديدة ملف الإلغاء عدد 88/2010.
– 30/06/2010 تقديم الطاعنة مقال استعجالي أمام المحكمة الإدارية بأكادير يرمي إلى إيقاف تنفيذ عقد التدبير المفوض فتح له ملف استعجالي عدد 196/2010 غ.
– 09/07/2010 صدور الحكم الاستعجالي عن المحكمة الإدارية بأكادير تحت رقم 186/2010 بالملف عدد 196/2010 غ و القاضي في منطوقه برفض الطلب.
– 12/04/2011 صدور حكم رقم 101/2011 عن المحكمة الإدارية بأكادير بالملف عدد 88/2010 غ و القاضي بإلغاء قرار المطلوبين في الطعن بالتوقيع على عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير الكبير المصادق عليه بتاريخ 20/01/2010 لفائدة الشركة المفوض إليها مع ما يترتب عن ذلك قانونا.
الفقرة 3: أهم أسباب الطعن بالإلغاء المقدمة ضد عقدي التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير الأول و الثاني:
1- الشروط الواجب تحققها في التدبير المفوض:
أولا: يجب أن يكون عقد التدبير محدد المدة (المادتين 2 و 13 من القانون رقم 05/54) في حين أن اتفاقية الشراكة تضمنت في فصلها 10 على أنها تسري لمدة غير محددة.
ثانيا: ضرورة المصادقة على المشروع: بما أن مشروع التدبير المفوض اشترط القانون لقبوله مصادقة السلطة الوصية أي وزارة الداخلية عليه قبل الشروع في تطبيقه و إعداد العقود الخاصة به.
و بما أن المفوض استفرد بالإجراءات الخاصة بعقد التدبير المفوض دون مصادقة وزارة الداخلية.
مما يكون معه عقد التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري بأكادير قد بوشر خارج الضوابط القانونية و من جهة لا صفة لها.
2- في الطريقة التي سحب بها الاختصاص من الجماعات المحلية:
كما هو متعارف عليه قانونا فإن قطاع النقل الحضري من صميم اختصاصات الجماعات المحلية.
و بما أن هذا الاختصاص تم سحبه من طرف المفوض من الجماعات المحلية و في زمن قياسي عن طريق تقديم اتفاقية تدبير قطاع النقل الحضري بشكلها المعيب…
و بما أن المحكمة الموقرة بإجرائها مقارنة بسيطة بين:
– تاريخ طلب العروض؟
– تاريخ انتهاء أجل تلقي الطلبات؟
– تاريخ فتح الأظرفة؟
– تاريخ تقديم المشروع للجماعات المحلية للمصادقة عليه؟
– تاريخ إنجاز الدراسة؟
– تاريخ إعداد الاتفاقية؟
– تاريخ إعداد دفتر التحملات؟
فستقف المحكمة الموقرة على مجموعة من التناقضات و التجاوزات و التمريرات المقصودة لتمكين المفوض إليها عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير.
3- في الملاحظات التي شملت طريقة إنجاز إجراءات عقد التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري بأكادير من طرف المفوض:
– الشروط الموضوع من طرف المفوض لقبول تسجيل المشاركة شروط تعجيزية بالنسبة للمقاولات الوطنية.
– طريقة عرض مشروع التدبير المفوض اتسمت بالغموض و حجب المعلومات و الانفراد بإنجاز الدراسة.
– تهميش الشركات المستثمرة أصلا في القطاع.
– إسناد إعداد الدراسة الميدانية لقطاع النقل بأكادير لمكاتب دراسات أجنبية بعيدة و غريبة عن القطاع من أجل تقديم رؤية عامة عن أسباب تدهور و فشل وكالة النقل الحضري.
– عدم الاهتمام بالأضرار المادية و المعنوية التي سيلحقها عقد التدبير المفوض بشركات القطاع الخاص و العاملين بها و المواطنين الذين سيضطرون إلى دفع ضعف التكلفة الحالية للاستفادة من النقل الحضري.
4- في التجاوزات الجوهرية التي مست شكليات و إجراءات إنجاز عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير.
– أن مشروع اتفاقية شراكة لإحداث و تدبير مرفق النقل الحضري بأكادير الكبير بأسلوب التدبير المفوض للمرافق العمومية جاء مخالف لمقتضيات المادتين 2 و 13 من القانون رقم 05/54.
– أن مشروع الاتفاقية لم تتم المصادقة عليه من طرف الوزارة الوصية وفق ما تنص عليه المادة 78 من الميثاق الجماعي.
– أن مشروع الاتفاقية أنجز من طرف المفوض و بطريقته الفريدة.
– أن عقد التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري بأكادير تحول بفضل المفوض من مقتضيات المادة 5 من القانون رقم 05/54 التي تدعو إلى المنافسة و المساواة بين المترشحين و موضوعية معايير الاختيار و شفافية العمليات و عدم التحيز في اتخاذ القرارات إلى المادة 6 من نفس القانون التي تتحدث عن اختيار المفوض إليه بطريقة التفاوض المباشر.
– التناقض الملفت للانتباه الواقع ما بين دفتر التحملات و عقد التدبير المفوض بخصوص كفالة الضمان المحددة حصرا في مبلغ 20.000.000,00 درهم في حين أن الشركة المفوض إليها لم تودع إلا مبلغ 2.500.000,00 درهم.
– أن بنود عقد التفويت لحقتها مجموعة من التعديلات و التنازلات لفائدة الشركة المفوض إليها مما شكل تحيزا و خروجا عن قاعدة المنافسة الشريفة و تكافئ الفرص و مس حقوقا مكتسبة للطاعنة.
5- مخلفة عقد التدبير المفوض لمبدأ المنافسة و الحياد و تشجيع الاستثمار.
… بما أن أهم شروط الحكامة الجيدة هي الشفافية و الوضوح في المساطر و تكافئ الفرص و محاربة الزبونية و التحيز في اتخاذ القرارات.
و بما أن هذه النقط مجتمعة استفادت منها الشركة المفوض إليها بصفة خاصة.
6- في عيب مشروعية اختصاص تدبير قطاع النقل الحضري بأكادير من طرف المفوض.
بما أن اختصاصات المفوض كما هي محددة في المواد 45 و 46 من القانون المتعلق بتنظيم العمالات و الأقاليم ليس من ضمنها تدبير قطاع النقل الحضري.
و بما أن المفوض الذي باشر هذا الاختصاص الأصيل لمجالس الجماعات خارج مصادقة الوزارة الوصية يكون قد أسقط عليه صفة اللامشروعية….
7- في إجراءات إبداء الاهتمام و شروط الانتقاء المسبق المنجز من طرف المفوض:
wو بما أن هذه الشروط التي اعتبر المفوض أنه على أساسها قام بعملية الفرز المسبق أصلا غير متوفرة في المفوض إليها بدليل أن رأسمالها حسب ما هو مسجل بسجلها التجاري هو 5.040.000,00 درهم و ليس 100.000.000,00 درهم المنصوص عليه في إعلان طلبات إبداء الاهتمام أو الفرز المسبق.
8- في عدم قانونية لجنة فرز الأظرفة.
9- في عدم صحة محضر لجنة الفرز المنجز بتاريخ 28/05/2009.
10- في تضمين محضر لجنة الفرز وقائع غير صحيحة و محرفة.
11- في تضمين محضر لجنة الفرز تواريخ مخالفة لما ضمن في عقد التدبير.
12- في مصادقة لجنة الفرز على مبلغ كفالة بنكية غير مطابق لما هو منصوص عليه بعقد التدبير المفوض.
13- في عيب الاختصاص الموضوعي:
بما أن المادة 69 من الميثاق الجماعي الجديد اعتبرت بأن مقررات المجلس الجماعي الخاصة بإحداث مرافق عمومية جماعية و طرق تدبيرها و كذا اتفاقيات التعاون أو الشراكة لا تكون قابلة للتنفيذ إلا إذا صادقت عليها سلطة الوصاية طبقا للشروط المحددة في المادة 73 من نفس القانون.
و بما أن مجالس الجماعات المحلية المضمنة أسماؤها لمشروع الاتفاقية على الشراكة لم تحل مقرراتها بقبول الموافقة على هذه الشراكة داخل الأجل المحدد لها و هو 15 يوما.
مما تكون معه المصادقة سواء الصريحة أو الضمنية غير محققة أمام هذا الإخلال الجوهري في تطبيق مقتضيات المادتين 69 و 73 من القانون رقم 87.00.
و بالتالي فإن عيب الاختصاص الموضوعي ثابت في حق المفوض و هو موجب للإلغاء.
14- في عيب الاختصاص الزماني:
بما أن المحكمة الموقرة برجوعها إلى محضر جلسة البحث و ما تضمنه من تصريحات ممثل المفوض الذي أفاد بأن إجراءات الإعلان على طلب إبداء الاهتمام بوشرت قبل حصول هذا الأخير على التفويض المزعوم من طرف رؤساء المجالس الجماعية المعنية بعقد التدبير المفوض.
… و بما أن المفوض تبث عليه بواسطة الوثائق المدلى بها من طرف دفاعه و بمقتضى الإقرار القضائي الصادر عن ممثله بالتصريح أمام المحكمة الموقرة بجلسة البحث عيب الاختصاص الزماني الموجب للطعن بالإلغاء.
15- في عيب الانحراف في استعمال السلطة:
بما أن المفوض ثبت عليه أنه باشر الإجراءات خارج الاختصاص الموكول له و قبل حصوله على التفويض من طرف الجماعات المعنية بشكل قانوني.
…. و بما أن المفوض فتح النقاش و الحوار مع المفوض إليها بشكل مباشر و باستثناء خاص و متعها بالتخفيض من مبلغ الضمانة و وجه إليها مراسلات التشجيع و تجاوز عنها مخالفة تصريحها بالشرف للمعايير الموضوعة من طرفه و التي أقصت و حرمت جميع المتنافسين الآخرين من المشاركة بما فيهم الطاعنة.
و بما أن جميع الإجراءات المبسطة و المشمولة بالتسهيلات لفائدة المفوض إليها مهدت لها بشكل سريع الحصول على عقد التدبير المفوض و هو ما يشكل انحرافا عن المصلحة و الغاية المخصصة و المنصوص عليها بالمادة 5 من القانون رقم 05/54 و التي تحث و توجب الإدارة على احترام مبدأ المنافسة و الشفافية و المساواة و عدم التحيز في اتخاذ القرارات.
16- في تحديد معايير غير موضوعية:
بما أن المفوض هو الذي استفرد بتحديد معايير الانتقاء المسبق و التي تقصي جميع المقاولات الوطنية مباشرة.
و بما أن هذه المعايير التي حددها المفوض لم تتوفر في الشركة المفوض إليها.
17- في عدم صحة التصريح بالشرف المقدم من طرف المفوض إليها:
بما أن التصريح بالشرف يعتبر من بين الشروط الأساسية التي ألزم المفوض جميع المتنافسين الالتزام به و هو ينسجم مع قانون الصفقات العمومية في هذا المقتضى.
و بما أن الوثائق و الواقع و تصريحات ممثل المفوض أمام المحكمة الإدارية بجلسة البحث أثبتت أن الشركة المفوض إليها عقد النقل الحضري أدلت بتصريح بالشرف مخالف للمعايير الموضوعة من طرف الجهة المفوضة.
و بما أن الطاعنة و كما بقية المتنافسين ضحية سقف الشروط المسبقة للفرز.
… و بما أن المفوض الذي سهر على فتح الأظرفة و ضمن بالمحضر المنجز عقب هذه العملية على أن جميع الشروط متوفرة في المفوض إليها بما فيها مبلغ الرأسمال و عدد الأسطول و مبلغ الضمانة و هي معطيات مخالفة لما سبق الإعلان عنه بطلب إبداء الاهتمام.
مما يشكل معه تحريفا للحقيقة و الواقع و محاباة واضحة للمفوض إليها مكنتها بدون وجه حق من الفوز بعقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير.
18- في عيب مخالفة القانون أو عيب الموضوع:
بما أن القاعدة القانونية التي تعتبر الإطار العام لعقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير المنجز من طرف المفوض هي القانون رقم 05/54.
و بما أن هذا العقد بكل وثائقه و عقوده و ملحقاته و محاضره و إجراءاته مخالف للقانون و متسم بالتحيز و انعدام الشفافية و عدم موضوعية المعايير.
…. و بما أن جميع الإجراءات المنجزة من طرف المفوض جاءت خارج الضوابط القانونية مما يشكل عيب في الشكل.
19- في عيب الشكل:
… بما أن تصريحات ممثل المفوض بخصوص إجراءات الإشهار و الإعلام المرتبطة بتخفيض مبلغ الضمانة البنكية و كذا إجراءات الفرز المسبق قد تم تجاوزها بأمر من المفوض.
… و بما أن جميع الإجراءات المرتبطة بعقد التدبير المفوض أنجزت من طرف المفوض وفق مقتضيات المادة 6 التي شرعت للتفاوض المباشر و في حالات استثنائية و وفق شروط و ضوابط محددة.
و بما أن مقتضيات المادة 5 من قانون رقم 05/54 فرضت الدعوة للمنافسة وضمان المساواة بين المترشحين وموضوعية معايير الاختيار و شفافية العمليات و عدم التحيز في اتخاذ القرارات.
و بما أن المفوض خفض من قيمة و مبلغ الضمانة لفائدة المفوض إليها من تلقاء نفسه و دون إعلام باقي الفاعلين و المهتمين بالمشاركة في تدبير قطاع النقل الحضري.
و بما أن المفوض ثبت عليه انفراده بانجازه العقود و الملحقات و السهر على الإجراءات.
مما يكون معه هذا الموجز و التلخيص لبعض أسباب الطعن بالإلغاء ضد عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير و الذي مارست عليه المحكمة الإدارية بأكادير سواء من حيث دعاوى الموضوع أو الدعاوى الاستعجالية و التي صدر بشأن إحداها قرار استئنافي رقابتها على هذين العقدين و أبرزت من خلال اجتهادها و سلطتها التقديرية الجوانب المخالفة للقانون و الموجبة للحكم وفق طلب الطاعنة سواء بإلغاء التوقيع على عقد التدبير المفوض أو بإيقاف إجراءات التوقيع عليه. فما هي إذن مظاهر الرقابة القضائية؟
الفرع الثاني: مظاهر و آليات الرقابة القضائية لعقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير:
لم تشمل رقابة القضاء الإداري لعقدي التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير من حيث الأحكام و القرارات الصادرة و المؤثرة في صحة و سلامته من جانب تطبيق روح قانون 05/54 فيه، بل سبقتها رقابة القانون و موقف المفوض الملكي الذي أدلى برأيه القانوني خلال جميع الملفات المعروضة و كذا تعززت الرقابة القضائية بالتعليل السليم الذي أجاب على مجموعة من الدفوع الشكلية المرتبطة بالاختصاص و المصلحة و الصفة و أجل الطعن و الدعوى العينية و غيرها.
المطلب الأول: الموقف القانوني للمفوض الملكي و تعليل القضاء الإداري بخصوص الدفوع الشكلية:
الفقرة 1: الموقف القانوني للمفوض الملكي بالمحكمة الإدارية بأكادير:
بناء على مقتضيات المادتين 2 و 5 من قانون 41/90 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية فقد أدلى المفوض الملكي بمستنتجاته و رأيه القانوني في موضوع نزاع القضائي المعروض أمام المحكمة الإدارية بأكادير بخصوص عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير بالقضية عدد 115/2009 و جاء وفق التفصيل المختصر التالي:
– من حيث الشكل:….و حيث إن غاية الطاعنة من طعنها بعد إعادة تكييفه قانونا أنه يرمي إلى إلغاء قرار التوقيع على عقد التدبير المفوض للنقل الحضري أي الحيلولة دون إتمامه، و أن هذا التكييف القانوني أصبح نهائيا بموجب القرار الاستئنافي رقم 1199 الصادر عن محكمة الاستئناف بمراكش المؤيد لحكم هذه المحكمة بإيقاف تنفيذ قرار التوقيع على عقد التدبير المفوض للنقل الحضري.
– في الوسيلة المثارة بشأن انعدام صفة و مصلحة الطاعنة في الطعن:
حيث أن الإدارة أثناء ممارسة عملها الإداري تلتجئ إلى إصدار قرارات إدارية و إبرام عقود إدارية من أجل إشباع حاجيات المواطنين و استمرارية المرفق العام في أداء تلك الحاجيات.
…. و حيث أن تلك القرارات الواردة على النحو المبين أعلاه ليست لها نفس الطبيعة القانونية أو الآثار القانونية أو الاختصاص القضائي أو شروط ممارستها قضائيا.
و حيث أن القرارات الإدارية الصادرة عن الإدارة قبل و أثناء إبرام العقود الإدارية كعقد الصفقة مثلا تعتبر قرارات منفصلة و يجوز الطعن فيها عن طريق دعوى الإلغاء لا دعوى القضاء الشامل.
و حيث أن القرار المنفصل هو القرار الذي تصدره الإدارة قبل أو أثناء إبرام العقد الإداري و يساهم في تكوينه و يستهدف إتمامه لكنه ينفصل عن العقد الإداري.
و حيث أن القرارات المتصلة بالعقد الإداري فهي تتعلق بحق الإدارة في الرقابة و الإشراف على تنفيذ العقد و يحق تعديله و إيقاع الجزاءات على المتعاقد.
و حيث أن المنازعة القضائية بشأن القرارات المتصلة بالعقد الإداري تكون من طرف المتعاقد مع الإدارة كمبدأ عام و يكون أمام قاضي القضاء الشامل في حين أن القرارات المنفصلة تكون من طرف غير المتعاقد و أمام قضاء الإلغاء. …..و حيث تتجلى القرارات المنفصلة في تلك القرارات الصادرة عن لجنة فتح الأظرفة و ذلك بإقصاء أحد المشاركين في نيل الصفقة العمومية….
و حيث أن غاية طالب إلغاء القرار المنفصل هو الحيلولة دون إتمام العقد الإداري أو العمل على إتمامه و يكون عن طريق قاضي الإلغاء لكونه لا يستطيع طرق باب قاضي العقد على اعتباره أنه ليس طرفا في العقد و هو الأمر الذي ينطبق
على وضعية الطاعنة.
….. و حيث أن مشروع عقد التسيير المفوض للنقل الحضري يمس الخطوط التي تستغلها الطاعنة…. مما يجعلها لها الصفة و المصلحة في الطعن في القرارات المنفصلة و الصادرة بمناسبة إبرام عقد التدبير المفوض لقطاع النقل بمدينة أكادير و ليست الطعن في القرارات المتصلة بالعقد المذكور باعتبارها غيرا عن هذا العقد.
– فيما يتعلق بخرق مقتضيات المادة 21 من القانون رقم 41/90:
…. فإن الثابت من وثائق الملف أن الطاعنة أدلت بصورة من مشروع اتفاقية الشراكة لإحداث و تدبير مرفق النقل الحضري بأكادير الكبير بأسلوب التدبير المفوض للمرافق العمومية، كما أن الجهة المطلوبة في الطعن تؤكد من خلال دفوعاتها لوجود عقد التدبير المفوض.
مما تكون معه الطاعنة احترمت مقتضيات المادة 21 أعلاه.
– فيما يتعلق بخرق مقتضيات المادة 23 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية:
على اعتبار أن الطعن قدم خارج الأجل القانوني بعدما كانت الطاعنة على علم بالعقد منذ سنة 2008 في حين لم تمارس الطعن إلا بتاريخ 19/07/2009.
لكن إن العلم اليقيني بالقرار الإداري كواقعة سريان أجل الإلغاء يقتضي العلم بفحوى القرار و مضمونه و أن هذه العناصر للعلم اليقيني غير متوفرة في الطاعنة و أن المقال المنشور في إحدى الجرائد عن موضوع عقد التدبير المفوض بمدينة أكادير لا ينهض حجة على العلم اليقيني بالقرار الإداري، و بالتالي يكون ما أثير بهذا الشأن عديم الجدوى.
– فيما يتعلق بخرق المادة 48 من الميثاق الجماعي:
…الثابت من سن الإدلاء بالوصل المنصوص عليه بالمادة 48 من الميثاق الجماعي من طرف المشرع هي حل القضايا و النزاعات قبل عرضها أمام القضاء.
و أن تشبث المجالس الجماعية المطلوبة في الطعن بإجراءات عقد التدبير المفوض للنقل الحضري يجعل الطاعنة في حل من ذلك، فضلا على أنها أدلت بما يفيد الإجراءات الواردة في المادة 48 المتمسك بها من طرف المطلوبين في الطعن…
– فيما يتعلق بطلب التدخل الإرادي في الدعوى:
فإن الثابت من الفصل 111 من قانون المسطرة المدنية أنه يقبل التدخل الإداري في الدعوى ممن لهم مصلحة في النزاع المطروح.
و حيث إن المتدخلين باعتبارهم ممثلين لعمال الشركة الطاعنة فإن عقد التدبير المفوض للنقل الحضري يمس أوضاعهم الإدارية و المالية مما يجعل لهم صفة التدخل الإداري في الدعوى.
– بشأن خرق القانون المتعلق بالتدبير المفوض:
…. و حيث نص الفصل العاشر من مشروع اتفاقية شراكة لإحداث تدبير مرفق النقل الحضري بأكادير الكبير بأسلوب التدبير المفوض للمرفق العمومي على أنه يسري مفعول هذه الاتفاقية ابتداء من تاريخ المصادقة عليها من طرف سلطة الوصاية و لمدة غير محدودة.
مما يكون معه هذا المقتضى مخالف لقاعدة قانونية آمرة.
– بشأن المقتضى القانوني الذي تم فيه عقد التدبير المفوض:
حيث تعيب الطاعنة على أن التدبير المفوض لقطاع النقل بأكادير تحول بفضل المفوض من مقتضيات المادة 5 من القانون رقم 05/54 التي تدعو إلى المنافسة و المساواة بين المترشحين و موضوعية معايير الاختيار و شفافية العمليات و عدم التحيز في اتخاذ القرارات إلى المادة 6 من نفس القانون التي تتحدث عن اختيار المفوض إليه بطريقة التفاوض المباشر مع العلم أن الإجراءات التي باشرها المفوض و المتمثلة في فتح باب التسجيل للمشاركة و تقديم العروض و حدد لها تاريخ 14/10/2008 في نطاق تطبيق المادة 5 و ليس المادة 6.
…. و حيث أكدت الجهة المطلوبة في الطعن أثناء جلسة البحث أن المفوض قام على ضوء الصلاحيات المخولة له قانونا بتخفيض مبلغ الرأسمال المحدد في عشر مليارات لفائدة الشركة المفوض إليها بعد أن تقدمت هذه الأخيرة بطلب التخفيض.
…. و حيث إن تعديل أحد شروط عقد التدبير المفوض يقتضي إشهار هذا التعديل لجميع الفاعلين و بنفس الكيفية التي تم فيه إعلان الشرط الأصلي قبل تعديله و ذلك طبقا للمادة الخامسة من قانون التدبير المفوض التي نصت على إلزامية الدعوة إلى المنافسة …..
و حيث إن الإخلال بإشهار التعديلات في أحد بنود عقد التدبير المفوض فيه إخلال بقواعد المساواة بين جميع المترشحين و الذين كانوا غير قادرين على المنافسة في ظل الشروط الموضوعة قبل تعديل البند المتعلق برأسمال الواجب توفره للمشاركة في نيل عقد التدبير المفوض كما هو الحال بالنسبة للطاعنة و بالتالي يكون معه القرار المتخذ من طرف المفوض بالتخفيض من رأسمال مخالف للمقتضى القانوني “المادة الخامسة” يتضمن قاعدة آمرة.
و حيث إن عدم توفر شروط طلب الاهتمام من طرف المشاركين في المنافسة لنيل عقد التدبير المفوض للنقل الحضري يقتضي من الجهة المطلوبة في الطعن إعادة صياغة شروط المشاركة و إشهارها من جديد وفقا للمادة الخامسة أعلاه….
…. و حيث إنه تبعا لما ذكر أعلاه يكون قرار التوقيع على عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير الكبير مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة لعيب مخالفة القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه مع ما يترتب عن ذلك قانونا.
الفقرة 2: تعليل القضاء الإداري بخصوص الدفوع الشكلية:
كما هو معلوم قانونا فإن الشكل يسبق الجوهر في الدعوى و يقيد الدخول إليه و مناقشته في حالة تحقق صحة الدفوع الشكلية المثار من طرف الخصوم.
و بما أن أهمية الدفوع الشكلية لا تقتصر على محاصرة موضوع الدعوى من حيث قواعد المسطرة و آجال الطعن و شروط قبول البث في النزاع و إنما تنساب إلى جدية الموضوع و سلامة الإجراءات و صفة و مصلحة الطاعنة.
مما يكون معه مناسبا لفائدة المعرفة و التربية على ضبط القواعد المسطرية و الدفوع الشكلية السليمة من حيث الطرح القانوني و المعدل بالشكل السليم ملامسة تعليل القضاء الإداري بخصوص مجموعة من الدفوع الشكلية باختلاف القضايا و الملفات التي ارتبطت بعقدي التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير.
– في الشكل:….و حيث أنه لا دليل بالملف على تبليغ الحكم المستأنف للطرفين المستأنفين مما يعتبر معه الاستئنافان مقدمان داخل الأجل المقرر قانونا فضلا عن استيفاء مقالي الاستئناف لباقي الشروط الشكلية الأخرى المتطلبة قانونا فيتعين التصريح بقبولهما شكلا.
– في تلازم الصفة و المصلحة بدعوى الإلغاء:….إذا كان الأصل أن الصفة تتميز عن المصلحة لأن الأخيرة تمكن من حماية مركزه القانوني في حين أن الصفة تمكنه من الولوج إلى القضاء فإن الأمر يختلف في هذه الأخيرة لأن الصفة و المصلحة في دعوى الإلغاء شرطان متلازمان إذا قامت مصلحة المعني بالأمر كان ذا صفة للطعن في القرار الإداري، و معلوم أن المصلحة هنا تفسر بمفهومها الواسع، بالنظر لطبيعة دعوى الإلغاء (مثل قرار محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش عدد 528 بتاريخ 26/11/2008).
– في القرارات المنفصلة:… و حيث أنه إذا كانت المنازعة المتعلقة بالعقد الإداري أو بالقرارات المتصلة به تقع بطرفي العقدو تقدم أمام قاضي العقد فإن القرارات المنفصلة عنه يطعن فيها بالإلغاء من الغير أي الأطراف غير المتعاقدة لأنها تعتبر الوسيلة القانونية الوحيدة للطاعن للدفاع أولا عن مبدأ المشروعية و ثانيا عن مصلحته باعتباره أجنبيا عن العقد.
– في أن دعوى الإلغاء دعوى عينية: و حيث أن دعوى الإلغاء دعوى عينية تهدف إلى مخاصمة القرار الإداري و ترفع في مواجهة مصدره و يكفي لسلامتها شكلا أن تنصب على قرار إداري و توجه ضد مصدره.
الصفحة الخامسة من القرار الإستئنافي رقم 1199 الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش بالملف 381/5/2009 بتاريخ 13/10/2009.
و الصفحة 7 من الحكم رقم 126 الصادر عن المحكمة الإدارية بأكادير بالملف 115/09 غ بتاريخ 11/05/2010.
الصفحة 9 من الحكم رقم 126 أعلاه.
– في الدفع بعدم إدخال من يجب قانونا: و على خلاف ما جاء في الدفع المثار فإن المحكمة تبث لها أن الطاعنة قد أدخلت في دعواها جميع الأطراف الموقعة على العقد بما فيها ذلك الشركة الفائزة بعقد التدبير المفوض، الشيء الذي يتعين معه استبعاد هذا الفرع من الدفع لعدم قيامه على أساس.
– في الدفع بكون الطعن انصب على مجرد عمل مادي و ليس قرارا إداريا: فإنه فضلا عن أن قرار التوقيع على العقود الإدارية يعتبر قرارا مستجمعا لشروط القرار الإداري و ليس عملا ماديا طالما أن العمل المادي يكون دائما واقعة مادية أو إجراء مثبتا دون أن يقصد منه تحقيق آثار معينة، فإن محكمة الاستئناف الإدارية سبق لها و أن أكدت بمناسبة البث في الملف رقم 381/5/2009 بقرارها عدد 1119 بتاريخ 13/10/2009 أن قرار توقيع عقد التدبير المفوض يعتبر قرار إداريا منفصلان عن العقد.
مما يكون معه هذا الفرع غير مؤسس و يتعين من أجل ذلك استبعاده.
– في الدفع بسبقية البث: طبقا للفصل 351 من قانون الالتزامات و العقود فإن من شروط سبقية البث في الدعوى أن تكون هذه الأخيرة موجهة بين نفس الأطراف و ترمي إلى المطالبة بنفس الموضوع.
المطلب الثاني: رقابة القضاء الإداري على عقدي التدبير المفوض للنقل الحضري:
الفقرة 1: رقابة قضاء الإلغاء على الإجراءات و مسطرة التعاقد:
– في إعلان التعبير عن الاهتمام قبل حصول المفوض على تفويض الجماعات المعنية بالتدبير المفوض:
و حيث إنه لما كان قطاع النقل العمومي الحضري يدخل ضمن المرافق و التجهيزات العمومية المحلية التي يقرر المجلس الجماعي إحداثها، كما تقرر طرق تدبيرها عن طريق الوكالة المباشرة و الوكالة المستقلة و الامتياز أو على طريقة أخرى من طرق ا التدبير المفوض للمرافق العمومية و ذلك طبقا للمادة 39 من القانون 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي حسب ما تم تغيير و تتميمه و لا سيما الظهير الشريف رقم 297-02-1 الصادر بتاريخ 3-10-2002، فإنه من الثابت من مقارنة تاريخ نشر التعبير عن الاهتمام الذي كان بتاريخ 17/03/2008 و 28/03/2008 و 01/04/2008 فإن تاريخ إعلان التعبير عن الاهتمام كان سابقا عن تاريخ منح المفوض تفويض تسيير مسطرة التدبير المفوض.
و حيث إنه إضافة إلى أن المفوض باشر مسطرة إعداد التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري للجماعات المعنية بالمجال الترابي لأكادير الكبير قبل حصوله على تفويض الجماعات المعنية بالمجال الترابي لأكادير الكبير قبل حصوله على تفويض الجماعات المعنية، فإنه طبقا للمادة 69 من القانون 78.00 المذكور أعلاه، فإن مقررات المجلس الجماعي المتعلقة بإحداث المرافق العمومية الجماعية و طرق تدبيرها لا تكون قابلة للتنفيذ إلا إذا صادقت عليها سلطة الوصاية طبق الشروط المحددة بالمادة 73 من نفس القانون.
…. و حيث تكون الاتفاقية المذكورة أعلاه و التي على أساسها قام المفوض بمنح نفسه اختصاص توقيع عقد التدبير المفوض هي و العدم سيان و يكون بذلك قراره بالتوقيع على عقد التدبير المفوض قد أسس على تفويض مخالف للقانون.
– الدعوة للمنافسة بقصد ضمان المساواة:
…. و حيث أنه باستقراء المادة 5 و 16 و 33 من القانون 05/54 فإن الطريقة الوحيدة لإنجاز عقد التدبير المفوض في قطاع النقل الحضري هي إعداد مسطرة طلب العروض و هو ما أكدته المادة 5 من اتفاقية الشراكة لإحداث و تدبير مرفق النقل الحضري لأكادير الكبير بأسلوب التدبير المفوض للمرافق العمومية التي نصت على أنه يتم تدبير و تتبع التسيير لمرفق التدبير المفوض للنقل الحضري عن طريق المنافسة بإجراء طلبات العروض بناء على الاتفاقيات و دفاتر التحملات و الوثائق المحددة لهذا الغرض.
و حيث أنه إذا كانت الجهة المطلوبة في الطعن قد أثبتت إشهار طلب العروض بتاريخ 01/10/2008 طبقا للمادة 5 من القانون 05/54، فإنه لا يوجد بالملف ما يفيد إشهار تأجيل و تمديد طلب العروض المذكور من تواريخ 30/01/2009 و 30/04/2009
.
الإعلام لا يقوم مقام الإشهار:
و حيث أن ما تمسكت به الجهة المطلوبة في الطعن من كونها أعلمت الفاعلين المشاركين في طلب العروض بتاريخ التأجيل، لا يعفيها من ضرورة إشهار هذا التأجيل بطريقة تسمح لباقي الفاعلين الذين لم يشاركوا في طلب العروض بتقديم طلبات المشاركة، ذلك أن المادة 5 المذكورة أعلاه جاءت صريحة في ضرورة إشهار طلبات العروض و ليس إعلام المعنيين
بالأمر، كما أن عملية الإشهار خلاف عملية الإعلام لا تعني الفاعلين المشاركين في طلب العروض فقط و إنما تهم الفاعلين الذين لا زالوا لم يشاركوا في الطلب المذكور أي المتنافسين المحتملين.
تعديل أحد شروط العقد يفرض الإشهار:
و حيث أن تعديل أحد شروط عقد التدبير المفوض يقتضي طبقا للمادة 5 من القانون 05/54 إشهار هذا التعديل لجميع المتنافسين المحتملين و بنفس الكيفية التي تم بها الإعلان الأصلي و ذلك لضمان المساواة بين المترشحين و شفافية عملية الاختيار و عدم التحيز في اتخاذ القرار.
عدم إشهار التعديلات يجعل إجراءات طلب العروض مخالفة للقانون:
و حيث أن عدم إشهار التأخيرات في آجال إيداع ملفات طلب العروض و كذا باقي التعديلات في بنود عقد التدبير المفوض يجعل مسطرة إجراء طلب العروض مخالفة للقانون لما فيها من إخلال بقواعد المساواة بين المترشحين الذين كانوا غير قادرين على المنافسة في ظل الشروط السابقة كما هو الشأن بالنسبة للطاعنة.
المس بمبدأ ضمان المساواة:
حيث أن توقيع المفوض على عقد التدبير المفوض للنقل الحضري لأكادير الكبير لفائدة المفوض إليها بعد الموافقة على طلب تخفيض شرط الرأسمال المطلوب و إعلامها بثلاث تأجيلات في آجال المشاركة في طلب العروض استجابة لطلبها يجعل القرار فيه مساس بمبدأ ضمان المساواة بين المترشحين و بمسطرة الإشهار المسبق و بشفافية عملية الاختيار و عدم التحيز المنصوص عليها في المادة 5 من القانون 05/54.
الفقرة 2: دور القضاء الاستعجالي في إيقاف تنفيذ عقد التدبير المفوض للنقل الحضري بأكادير:
– الاستجابة لطلب إيقاف التنفيذ رهين بتوفر ظروف استثنائية:
و حيث أن الاستجابة لطلب إيقاف تنفيذ قرار إداري طبقا للمادة 24 من القانون 41/90 رهين بتوفر ظروف استثنائية تتمثل في تحقق شرطي حالة الاستعجال المستمدة من وجود ضرر يستحيل أو يصعب تداركه في حالة إلغاء القرار و كذا جدية المنازعة في الموضوع.
– في استحالة تدارك الضرر حالة تنفيذ القرار:
و حيث أنه من شأن تنفيذ قرار التوقيع على عقد التدبير المفوض بما يمثله من إقصاء طالبة الإيقاف من المشاركة في تدبير قطاع النقل الحضري أن يسبب لهذه الأخيرة و الأطر العاملة بها ضررا يستحيل تداركه في حالة الحكم بإلغاء قرار التوقيع على عقد التدبير المفوض.
مما تكون معه حالة الاستعجال قائمة في نازلة الحال.
– صلاحية المحكمة لتكييف المنازعة و إعطائها الوصف القانوني:
لكن حيث أن تكييف المنازعة و إعطائها الوصف القانوني هو من صلاحيات المحكمة في إطار مالها من حق الرقابة على التكييف و الوصف القانوني للمنازعة المعروضة عليها و أن ذلك لا يعتبر في النازلة خروجا من المحكمة عن الطلب الذي ثبت لها من خلال وثائق الملف و مستنتجات الطرفين أنه يرمي إلى إيقاف تنفيذ قرار توقيع عقد التدبير المفوض الذي يعتبر قرارا منفصلا عن العقد مما يحقق للمستأنف عليها الصفة و المصلحة في طلب إيقاف تنفيذه بالتبعية لدعوى الموضوع التي رفعتها أمام المحكمة.
خاتمة:
النتيجة المنتظرة من قانون التدبير المقوض 05/54 رهينة بمدى احترام المفوض قواعد الشفافية و النزاهة و الإخلاص و الوضوح في المصلحة الحقيقية التي تخدم المرفق العام و المرتفقين و تشجع الاستثمار و تكريس مبدأ المنافسة و الحياد عن الجهة المفوض إليها دون الحاجة للرقابة الداخلية أو قضائية و فقط باعتماد منهجية الحكامة الذاتية و الأخلاقية و حب الوطن.
(محاماه نت)