دراسات قانونية

النظام القانوني للتسجيل في السجل التجاري (بحث قانوني)

مفهوم السجل التجاري :

السجل التجاري نظام اخذت به معظم الدول كأداة لازمة للإشهار في المواد التجارية ولو أننا أردنا تعريف السجل التجاري بشكل عام وشامل لأمكننا القول بأنه عبارة عن : ” سجل عام تمسكه جهة رسمية معدة لتدوين جميع البيانات التي تتعلق بالمؤسسات التجارية والتجار ، ولإثبات ما يطرأ على هذه المؤسسات وعلى أصحابها من تغييرات مادية وقانونية ” . وتعرف المادة السابعة والعشرون من قانون التجارة وضمن السياق والوارد أعلاه السجل التجاري بأنه : ” سجل عام تنظمه الغرف التجارية والصناعية لقيد ما أوجب القانون على التاجر أو ما أجاز له قيده من بيانات تحدد هويته ونوع النشاط الذي يمارسه والتنظيم الذي يجري أعماله بموجبه وكل ما يطرأ على ذلك من تغيير ” . وللسجل التجاري أهمية تختلف في الواقع باختلاف الفكرة التي أدت الى وضعه والأخذ بنظامه في بلد عن آخر . فهناك من الدول من تعتبر السجل التجاري نظام قانوني موضوعي تكتسب من خلال القيد فيه الصفة التجارية . فبمفهوم المشرع التجاري الألماني مثلاً ، يعتبر القيد في السجل شرطاً لاكتساب صفة التاجر . ويمكن ان يحتج بالبيانات المختلفة والمقيدة فيه على الغير ولو كان يجهلها (1) ، بينما لا نرى بعض القوانين التجارية الأخرى في السجل نظاماً أساسياً من نظم القانون التجاري . فلا يؤدي التسجيل بحكم القانون الفرنسي مثلا الى إسباغ الصفة التجارية على كل شخص سجل في السجل بل أن القيد في السجل لا يعتبر بمفهوم القانون المذكور سوى قرينة قانونية بسيطة على اكتساب الشخص للصفة التجارية ، وترك أمر تحديد هذه الصفة الى القواعد المقررة في القانون التجاري . أما البيانات المسجلة فيه فليس لها ، كذلك سوى حجية نسبية بالنسبة للغير (2) وقد أخذت معظم قوانين الدول العربية ، من جملتها قانون التجارة العراقي بهذا الاتجاه (3). ومهما يكن من أمره فإن للسجل كتنسيق ونظام قانوني أهمية خاصة يمكن حصرها بما يلي :

1. السجل التجاري يعتبر أولاً ، أداة استعلامية هامة d Moyen information . إذ انه يبيح للغير الحصول على معلومات عن كل مؤسسة تجارية أو مشروع تجاري فردي أو جماعي لغرض الاطمئنان على سلامة المعاملات والعقود قبل إبرامها مع المؤسسة أو المشروع التجاري وتقرر المادة الثلاثون من قانون التجارة هذه الوظيفة صراحة بقولها : ” يقوم السجل التجاري على مبدأ العلانية فيجوز لكل مواطن أن يطلب الاطلاع على محتوياته وأن يحصل على صورة مصدقة من هذه المحتويات مقابل رسم يحدده الجدول الملحق بهذا القانون ” .

2. يعتبر السجل التجاري من جهة ثانية أداة إحصائية فعاله للدولة Moyen de statistique . إذ تتمكن من خلاله الحصول على إحصاءات دقيقة عن حالة التجارة من حيث أهمية رؤوس الأموال المستغلة فيها ونسبة المؤسسات التجارية ، فردية كانت أم جماعية ، وجنسية كل منها وانواع النشاط التجاري المختلفة ومعرفة حجم المشروعات التي يقوم القطاع الخاص وغيره بتنفيذها .

3. يؤدي السجل كذلك وظيفة اقتصادية Fonction economique تلعب دوراً ملموساً في عملية التخطيط الاقتصادي إذ يستطيع السجل بوصفه أداة إحصائية أن يهيئ جميع البيانات اللازمة لعملية التخطيط الاقتصادي وتوجيهه للنشاط التجاري وفقاً لمتطلبات الاقتصاد الوطني الآنية والمستقبلية (4).

4. يؤدي السجل التجاري أخيراً وظيفة إشهار في المواد التجارية ” الوظيفة القانونية Fonction juridique ” . إذ تعتبر البيانات المدونة فيه ، بالضرورة حجة على الغير وبالمقابل فإنه لا يمكن الاحتجاج ببيان لم يقيد في السجل على الغير ما لم يكن يعلمه عن طريق آخر (5).

لقد أفرد قانون التجارة لدينا فرعاً خاصاً للسجل التجاري هو الفرع الثالث من الفصل الثالث من الباب الثاني مؤلفاً من اثنتي عشرة مادة قانونية حاول المشرع من خلالها رسم صورة كاملة دقيقة قدر الإمكان لمركز التاجر الفرد والمؤسسات التجارية .

ولغرض دراسة هذه الأحكام بشكل متكامل فإننا سنتعرض بالتتابع للمواضيع التالية:-

1. تنظيم السجل . 2. شروط التسجيل .

3. البيانات الواجبة التسجيل . 4. شطب القيد في السجل .

5. الآثار القانونية للتسجيل . 6. الجزاءات التي تترتب على عدم مراعاة أحكام السجل .

أولا : تنظيم السجل التجاري :

L organization du register du commerce.

يقضي قانون التجارة بأن : ” تتولى الغرف التجارية والصناعية المهام المتعلقة بالسجل المنصوص عليها في هذا القانون ويكون رئيس الغرف التجارية والصناعية المختصة مسجلاً للأسماء التجارية ومسؤولا عن السجل التجاري فيها ” (6) . عليه فإن جهة الإشراف على السجل هي الغرف التجارية والصناعية في القطر . ويعتبر رئيس الغرفة التجارية والصناعية هو المسؤول المباشر عن السجل . فهو المسجل التجاري ومسجل الأسماء التجارية في آن واحد (7) . وبمقتضى نص المادتين 28و29 من قانون التجارة يكون السجل التجاري للتجار على نوعين :

أولاً : سجل إسمي ويسجل فيه التجار بأسمائهم .

ويكون هذا السجل الاسمي حسب تقديرنا مرتباً حسب الحروف الأبجدية ويتضمن أسماء كافة التجارة أفراداً أو شركات .

ثانياً : سجل نوعي يصنف فيه التجار حسب نوع نشاطاتهم .

ويتضمن هذا السجل جميع أسماء التجار ، نوع العمل التجاري الممارس قبلهم وعلى ضوء ذلك يفهرس السجل (8). ويجب فوق ذلك وبحكم القانون على الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية العراقية الاحتفاظ بسجلات إسمية ونوعية عامة ومركزية تتضمن البيانات المقيدة في سجلات الغرف التجارية والصناعية المختصة (9) . ويعتبر هذا السجل المركزي في الواقع ذو أهمية كبيرة . إذ يمكن عن طريقه الحصول على المعلومات المتعلقة بالنشاط التجاري الذي يمارس على كافة أنحاء القطر . وتلزم غرف التجارة والصناعة المذكورة أعلاه بعملية نشر خلاصة للبيانات التي تنص القانون على تدوينها في صحيفة دائرة السجل التجاري . فبمقتضى نص المادة الحادية والثلاثون من قانون التجارة ” على الغرفة التجارية والصناعية المختصة القيام بنشر خلاصة عما يقيد في السجل من بيانات في نشرة تتولى إصدارا لهذا الغرض ” . ويخول قانون التجارة المسجل ، من جهة أخرى السلطة في أن يتحقق من صحة البيانات الواردة في السجل ومطابقتها للحقيقة وواقع الحال (10) . بمعنى أنه لا يجوز تدوين البيانات كما هو دون تدقيق وفحص إذ قد تكون تلك البيانات وهمية غير حقيقية مما يستوجب بالتالي رفض قيدها أو تعديلها وتأسيساً على ذلك نستطيع القول بأن المسجل السلطة في أن يتحقق من توافر الشروط اللازمة للقيد ، أي أن له الحق فيرفض القيد في السجل على أن يكون الرفض مسبباً بيد أن السؤال الذي يطرح هنا هو هل يجوز لذوي العلاقة الطعن في قرار المسجل إذا كان هذا القرار سلبيا ؟ لا تبيح أحكام قانون التجارة بالإباحة على هذا السؤال بالإيجاب (11). وإنما يتضح من هذه الأحكام بأن قرار المسجل بالرفض متى ما ظهر له بأن طلب القيد غير موافق للقانون هو قرار قطعي لا يمكن الطعن فيه أمام أي جهة من الجهات إدارية كانت أم قضائية . ويجوز بحكم القانون لأي شخص أي يحصل من دائرة السجل على صورة من القيد . إذ تقرر المادة الثلاثون من قانون التجارة على ما يلي : ” يقوم السجل التجاري على مبدأ العلانية فيجوز لكل مواطن أن يطلب الاطلاع على محتوياته وأن يحصل على صورة مصدقة من هذه المحتويات مقابل رسم يحدده الجدول الملحق بهذا القانون ” . ولكن ما الحكم عند عدم وجود قيد في السجل ؟ . لم يتعرض قانون التجارة في الواقع لهذه الحالة ، بينما خول قانون التجارة الملغى دائرة السجل التجاري عند عدم القيد إعطاء شهادة سلبية بعدم حصول القيد (12) ونرى حسب تقديرنا بأن يؤخذ بهذا الحكم . فلا ضير من أن تصدر دائرة السجل شهادة بعدم حصول القيد عند عدم القيد فيه فعلا ، وذلك مراعاة وحفظاً لمصلحة الغير . هذا ولابد أخيراً من التنويه الى أن المشرع لم يكتف بإعطاء الغير حق الاطلاع على محتويات السجل التجاري بل أوجب على التاجر والمؤسسات التجارية الملزمة بالتسجيل ذكر رقم القيد في جميع المراسلات والمطبوعات المتعلقة بالنشاط التجاري المقيد فيه (13) .

ثانياً : شروط التسجيل في السجل التجاري .

Les conditions d، inscription.

لا يلتزم بالقيد في السجل التجاري إلا الشخص الذي اكتسب صفة التاجر (14) . فلا يقع هذا الواجب على الافراد الذين يمارسون النشاط التجاري عرضاً ويستوي الأمر هنا بالنسبة للشخص الطبيعي والشخص المعنوي الشركة التجارية وسواء أكانت الشركة من شركات القطاع الخاص أو المختلط أو من شركات القطاع الاشتراكي ما عدا شركات المحاصة فإنها لا تخضع لنظام السجل ولو كانت تجارية ، لأن هذه الشركات مستترة وليس لها الشخصية المعنوية (15). ولا تتميز كذلك في جنسية طالب القيد . فسواء كان عراقياً أم أجنبياً فإنه ملزم بالقيد في السجل التجاري . ويشترط من ناحية ثانية أن يكون لمحترف النشاط التجاري محل تجاري في العراق (16) . فإذا لم يكن له محل في العراق فلا التزام عليه القيد في السجل ولذا لا يقع واجب التسجيل على التاجر المتجول . ويشترط أخيراً أن يتم التسجيل وفق طلب خطي يقدم من ذوي العلاقة الى دائرة السجل وفقاً للصيغة التي نص عليها القانون وخلال ثلاثين يوماً من تاريخ افتتاح المحل التجاري أو من تاريخ تملك المحل التجاري (17) . فإذا كان الطلب موافقاً من حيث الشكل والصيغة لأحكام القانون وكانت البيانات المذكورة فيه صحيحة وجب عندئذ على المسجل قبول الطلب وتأشيره في السجل حسب الأصول .

ثالثاً : البيانات الواجبة التسجيل في السجل .

Les mentions de L، inscription.

كل طلب يقدم الى دائرة السجل يجب أن يتضمن بيانات معينة تعكس بمجملها وضع طالب التسجيل من حيث حالته المدنية والتجارية والتعرض لهذه البيانات يقتضي التفريق بين الحالات التي يكون فيها طالب التسجيل شخصاً طبيعياً أو شخص معنوياً ويقع على عاتق القضاء أيضاً واجب تأشير بعض البيانات التي تترتب نتيجة إصدار أحكام من قبله بحق الشخص الطبيعي أو المعنوي بمناسبة النشاط التجاري .

أ- البيانات الخاصة بالشخص الطبيعي .

يجب أن يميز هنا بين ما إذا كان مركز نشاط التاجر الفرد في العراق وله فروع في أنحاء القطر ، وبين حالة ما إذا كان مركز النشاط في الخارج وله فروع في العراق

1. مركز نشاط التاجر في العراق .

يمكن تقسيم البيانات التي يجب أن يتضمنها طلب التسجيل في هذه الحالة الى أقسام ثلاث :

أ- بيانات تتعلق بشخص التاجر .

ب- بيانات تتعلق بالنشاط التجاري .

جـ- بيانات تتعلق بالمحل التجاري .

والبيانات التي تتعلق بشخص التاجر هي : الاسم وتاريخ ومحل الميلاد والجنسية ، مع تأشير الحكم الصادر بفقد أهلية التاجر أو نقصانها مع بيان اسم من عين نائباً عنه ، والحكم باسترجاع التاجر أهليته (18) . وإذا كان للتاجر فروع لمحله التجاري في العراق فإن عليه أن يبين ما يلي : أسماء وكلاءه ” إن وجدوا ” وتاريخ ومحل ميلاد كل منهم وجنسيته (19) وعند قيامه بافتتاح فرع فيجب تسجيل اسم مدير الفرع وتاريخ ومحل ميلاده وجنسيته (20) أما البيانات التي تتعلق بالنشاط التجاري فإنها تنصب على تبيان طبيعة النشاط التجاري الذي يمارسه فعلا مشغل المشروع التجاري ، كأن يكون الاستيراد والتصدير مثلاً أو أعمال النقل أو التأمين وما الى ذلك من أنواع النشاط التجاري المختلفة (21). أما البيانات التي تتعلق بالمحل التجاري فهي تاريخ افتتاح المحل التجاري أو تاريخ تملكه ، الاسم الجاري عنوان مركز التاجر الرئيسي وعناوين الفروع التابعة له سواء كانت في العراق أو في خارجه ، وعناوين المحال التجارية الأخرى التي تعود للتاجر ونوع التجارة التي يمارسها في كل منها (22) .

ويلزم القانون بتأشير كل تبديل أو تعديل يطرأ في البيانات المذكورة آنفاً على أن يتم التأشير من خلال طلب يقدم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ التصرف القانوني أو الحكم أو الواقعة التي تستلزم هذا التأشير (23).

2. مركز نشاط التاجر خارج العراق وله فروع فيه .

تقرر الفقرة الثالثة من المادة الثالثة والثلاثين ما يلي :

” إذا كان للتاجر مركز رئيسي في خارج العراق وفرع في داخله فعلية أن يشير في طلب قيد الفرع الى الإجازة الصادرة له بممارسة نشاطه في العراق ” . ولا يعني هذا النص ، حسب تقديرنا أن واجب التاجر يقتصر هنا على تأشير الإجازة الصادرة له من السلطة المختصة لممارسة التجارة في العراق . كما قد يترأى للوهلة الأولى من النص بل يجب عليه فوق ذلك أن يؤشر في السجل البيانات التي تفيد بالنسبة لشخص التاجر (بحالته المدنية) من اسم وتاريخ ومحل ميلاده وجنسيته .. إلخ وجميع التعديلات التي تطرأ لاحقاً على هذه البيانات (24) وينبغي أيضاً أن يؤشر في السجل جميع الأحكام المتعلقة بالإعسار من حكم وشهر وإجراءات وإلغاء وصلح وإبطال صلح وبفقد الأهلية أو نقصانها (25) إذا كانت صادرة في العراق أكتسبت صيغة التنفيذ من إحدى محاكمه .

ب- البيانات الخاصة بالشخص المعنوي – الشركة التجارية – .

يجب أن يميز بخصوص هذه البيانات كذلك بين حالة ما إذا كان مركز نشاط الشركة الرئيسي في العراق ولها فروع فيه وحالة ما إذا كان مركز النشاط خارج العراق وللشركة فروع في العراق .

1. مركز الشركة في العراق ولها فروع فيه .

يجب أن يتضمن طلب التسجيل المقدم من قبل الشركة (من قبل مدير الشركة) البيانات التالية : اسم الشركة تاريخ إنشائها نوع النشاط التجاري الذي تمارسه ، أسماء مؤسسيها ورؤساء مجالس إدارتها ومديريها المفوضين مركز إدارتها الرئيسي (26) ، عناوين الفروع التابعة لها سواء أكانت في العراق أو في خارجه أسماء الوكلاء وتاريخ ومحل ميلاد كل منهم وجنسيته وتاريخ افتتاح الفرع . الإجازة الصادرة بممارسة النشاط التجاري في العراق (27). ومع ذلك فإن الظاهر من أحكام قانون التجارة ، بهذا الصدد وعلى خلاف ما ورد في قانون التجارة الملغى ، أن المشرع قد تجاوز بعض البيانات التي تعتبر في الواقع مهمة وضرورية كالعنوان التجاري للشركة وفروعها مقدار رأس المال والمبالغ المؤداة منه ، اسماء الشركاء مع صورة من عقد تأسيس الشركة ونظامها (28) . ولا ندري ما هو سبب عدم الإشارة الى هذه البيانات والى عدم قيدها في السجل علما بأنها ضرورية سواء من ناحية الوقوف على مدى مسؤولية الشركة أو من حيث معرفة تنظيمها الداخلي وعلى أية حال فإن الشركة ملزمة بحكم القانون تأشير جميع التعديلات التي تطرأ على البيانات المذكورة آنفاً على أن يقدم طلب التأشير خلال ثلاثين يوماً من تاريخ التصرف القانوني أو الحكم أو الواقعة التي تستلزم هذا التأشير (29) .

2. الشركة الأجنبية التي لها فروع في العراق .

إذا كانت الشركة غير عراقية ولها فروع في العراق فإن طلب التسجيل يجب أن يقدم من مدير الشركة أو وكيلها أو مدير فرعها الى دائرة السجل على أن يتضمن الطلب المذكور جميع البيانات المقررة بشأن الشركة التي يكون مركزها في العراق (30) . وأن يؤشر كذلك كل تعديل يطرأ على تلك البيانات لاحقاً وخلال المدة المقررة في الفقرة السابقة ولابد من التنويه الى أن القانون لم يوجد تأشير مقدار رصيد فرع الشركة أو المؤسسة الأجنبية . أو ضرورة أن يرفق بالطلب صورة من عقد تأسيس الشركة ونظامها رغم ما تؤديه هذه البيانات من فائدة (31). بيد أنه يجب أن يؤشر في السجل أحكام إشهار الإعسار وإخضاع الشركة للتصفية والأحكام الصادرة بالصلح وبإنهاء حالة الإعسار وبإبطال الصلح (32).

جـ- البيانات الواجبة التأشير من قبل القضاء .

يلزم القانون القضاء إذا صدرت منه أحكام معينة بشأن التاجر الفرد أو الشركة التجارية أن يرسل صورة من تلك الأحكام الى دائرة السجل خلال ثلاثين يوماً من صيرورتها باتة فبمقتضى نص الفقرة الأولى من المادة السادسة والثلاثين من قانون التجارة يجب على المحكمة المختصة تأشير الأحكام التالية إذا صدرت ضد التاجر الفرد :

1. حكم إشهار الإعسار ” الإفلاس ” وإخضاع التاجر للتصفية .

2. الحكم الصادر بالصلح وبإنهاء حالة الإعسار ” الإفلاس ” والحكم بإبطال الصلح

3. الحكم الصادر بفقد أهلية التاجر أو نقصانها مع بيان اسم من عين نائباً عنه والحكم باسترجاع التاجر أهليته .

أما اذا تعلق الامر بشركة تجارية فإنه يجب على قلم المحكمة ان يرسل الى دائرة السجل صورة من الاحكام الخاصة بما يلي وخلال ثلاثين يوماً من صيرورتها باتة (33).

1. احكام الاعسار واخضاع الشركات للتصفية .

2. الحكم الصادر بالصلح وبانتهاء حالة الاعسار والحكم بإبطال الصلح .

3. يضاف الى ذلك حسب تقديرنا واستناداً الى مضمون الفقرة (1) و (2) أعلاه الاحكام الصادرة بحل الشركة أو بطلانها أو تعيين المصفين أو عزلهم .

رابعاً : شطب القيد من السجل : La radiation

يخلو قانون التجارة من أحكام خاصة بشطب القيد في السجل علما بأن هذا الشطب يستوجبه الواقع العملي وحسن انتظام السجل من حيث مدى مطابقته لحقيقة النشاط التجاري الممارس في العراق . ومع ذلك فإنه يستشف من بعض أحكام قانون التجارة أن شطب القيد يجب أن يقع في بعض الحالات فبمقتضى بعض القواعد المقررة بصدد الدفاتر التجارية أنه يجب على التاجر عند توقف نشاطه التجاري . ” وعلى ورثته عند وفاته ” تقديم دفتر اليومية الأصلي للكاتب العدل للتأشير عليه بما يفيد ذلك (34) عليه نرى وقياساً على القاعدة المتقدمة أنه إذا كان من الواجب التسجيل في السجل التجاري فإنه من الضروري ايضا شطب القيد فيه اذا تحققت إحدى الحالات التالية : (35).

أ- توقف النشاط التجاري بسبب الترك أو الاعتزال .

ب- وفاة التاجر .

جـ- انتهاء تصفية الشركة .

وتقرر هذه الفرضيات في الواقع حالة مشتركة واحدة هي انقطاع النشاط التجاري وانتهاؤه فعلاً ، مما يؤدي بالضرورة الى محو القيد من السجل . ويتم الشط في الحالة الأولى والثانية من خلال تقديم طلب الى دائرة السجل من قبل التاجر نفسه عند توقف نشاطه التجاري أو من ورثته في حالة الوفاة إذا تقرر إغلاق المحل التجاري نهائياً فلو استمر الورثة في الاستغلال التجاري فلا محل عندئذ لشطب القيد (36) . أما حالة تصفية الشركة فإن الالتزام بطلب الشطب يقع على المصفي الذي يتولى التصفية وبعد الانتهاء من عملية التصفية فلا يمكن شطب قيد الشركة بعد انحلالها وقبل تصفيتها لأن الشركة تبقى محتفظة من حين الانحلال ولغاية التصفية بشخصيتها المعنوية أي بوجودها القانوني وأياً كانت الحالة التي أدت الى توقف النشاط التجاري فإن طلب الشطب يجب أن يقدم خلال فترة زمنية محددة (شهر مثلا) من تاريخ تحقق الواقعة التي تستوجب الشطب . فإذا لم يقدم الطلب المذكور خلال تلك المدة كان للمسجل الحق في شطب القيد من تلقاء نفسه (37). وتستهدف هذه الإجراءات تلافي إهمال البعض في عدم طلب شطب القيد رغم توقف النشاط التجاري ، مما قد يؤدي عملاً الى بقاء قيود غير حقيقية بعد زوال المشاريع التجارية نفسها زوالاً تاماً .

خامساً : الآثار القانونية للتسجيل : Les effets de L، inscription

يترتب على التسجيل في السجل التجاري جملة آثار قانونية يمكن إجمالها بما يلي :- أن القيد في السجل التجاري يعتبر أولاً منشئاً لقرينة قانونية على مزاولة الشخص للنشاط التجاري وبالتالي اكتسابه لصفة التاجر . ويتضح ذلك صراحة من نص المادة التاسعة من قانون التجارة التي تلزم كل تاجر بتسجيل اسمه في السجل التجاري بيد أن هذه القرينة قابلة لإثبات العكس بكافة طرق الإثبات . من جانب آخر فإن قانون التجارة جعل من القيد في السجل أمرا لازما لحماية الاسم التجاري إذ تنص الفقرة الأولى من المادة الرابعة والعشرين على أنه ” من قيد في السجل التجاري اسماً تجارياً وفقاً لأحكام هذا لقانون فلا يجوز استعماله من قبل شخص آخر في نوع التجارة الذي يزاوله صاحب الاسم ضمن حدود المحافظة أو المحافظات التي تم قيده فيها ” . وهذا يعني بأنه لا يمكن للغير من استعمال الاسم التجاري المسجل باسم شخص آخر . ويحق لصاحب الاسم التجاري المسجل قانوناً معارضة أي شخص يستعمل اسمه التجاري . ولكن هل تعتبر البيانات المدونة في السجل حجة على الغير وهل يجوز الاحتجاج بأي بيان لم يتم تسجيله في السجل ؟ لم يتعرض مشرع قانون التجارة في الواقع وعلى خلاف ما ورد في القانون الملغى (38) لهذه الفرضية . وقد يستخلص البعض من ذلك بأن المشرع لم يعط للقيد في السجل مثل هذا الأثر بمعنى أن قانون التجارة لا يضفي على البيانات المدونة في السجل أية حجية في مواجهة الغير . بيد أن مثل هذا التصور لا يمكن حسب تقديرنا الأخذ به . وسندنا هو أن للسجل التجاري وظيفة إشهار قانوني في المواد التجارية . ويقوم من جانب آخر وبحكم القانون على مبدأ العلانية (39) . من هذا فإنه لابد من اعتبار القيود والبيانات المدونة في السجل حجية على الغير . والقول لخلاف ذلك يعدم وظيفة الإشهار للسجل ويهدم أهميته القانونية وعلى هذا الأساس بينا آنفاً بأن (40) البيانات المدونة في السجل لها حجية على الغير ، وبالمقابل لا يجوز الاحتجاج على هذا الغير بأي بيان واجب القيد في السجل ولم يتم قيده اللهم إلا إذا ثبت علم الغير بمضمون البيان . هذا ولابد من التنويه أخيراً الى أن قانون الشركات التجارية الملغي رقم 31 لسنة 1975 جعل القيد في السجل التجاري شرطاً لازما في بعض الحالات لاكتساب الشركات الشخصية المعنوية أو لبدء الأعمال التجارية في العراق (41).

سادساً : جزاء الإخلال بالتزام التسجيل La sanction

على الرغم من انه يجب على الغرفة التجارية والصناعية المختصة أن تتثبت من صحة البيانات الواردة في السجل وأن تراقب مطابقتها لواقع الحال (42) ، فإنه يقع مع ذلك أن تخالف هذه البيانات الأحكام القانونية المتعلقة بالتسجيل في السجل وفي هذه الحالة ، أي عند عدم مراعاة أحكام التسجيل فإنه يترتب نوعين من الجزاءات جزاء جنائي ، وجزاء مدني .

1. الجزاء الجنائي :

يتخذ هذا الجزاء صورة غرامة مالية حدها الأدنى لا يقل عن مائة دينار وحدها الأعلى لا يزيد على ألف دينار ، على كل تاجر شخصاً طبيعياً كان أم معنوياً خالف أيا من الأحكام الخاصة بالقيد في السجل (43) عليه فإن العقوبة المذكورة تكون واجبة التطبيق في جميع الأحوال التي تقع فيها مخالفة لأي حكم قانوني مقرر للتسجيل فيؤخذ بالعقوبة المذكورة عند مخالفة المدد المقررة لإجراء القيد ، أو عند عدم ذكر ما يجب ذكره في جميع المراسلات والمطبوعات المتعلقة بالنشاط التجاري للتاجر (44) أو كانت المخالفة في صورة تقديم بيانات ومعلومات وهمية كاذبة لدائرة السجل . ويقرر قانون الشركات عقوبة أشد عند تعمد تقديم بيانات ومعلومات غير مطابقة للحقيقة إذ تنص المادة 213 من قانون الشركات على أنه ” كل مسؤول في شركة أعطى عن عمد بيانات او معلومات غير صحيحة الى جهة رسمية حول نشاط الشركة … يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على السنة أو بغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على ثلاثة آلاف ديناراً أو بالعقوبتين معاً ” .

2. الجزاء المدني :

وصورة الجزاء المدني هي أنه رتب عدم التسجيل في السجل التجاري أو القيد الوهمي الكاذب ضرراً للغير يجب التعويض وفقا لأحكام المسؤولية المدنية ولا يمكن من جانب آخر ، وطبقاً لما بيناه في الفقرة السابقة الاحتجاج على الغير بأي بيان واجب التسجيل ولم يدون في السجل.

 

(محاماه نت)

إغلاق