دراسات قانونية

إشكالات المسطرة الغيابية (بحث قانوني)

المسطرة الغيابية ..وإشكالاتها

عزيز ندا علي وحميد
منتدب قضائي بمحكمة الاستئناف بالرباط
طالب باحث

مقدمة:

إن الأصل في المحاكمة الجنائية وفق المسطرة العادية التي تتلخص في حضور المتهم أمام غرفة الجنايات الابتدائية وإعداد الترتيبات الأولية للبدء في محاكمة المتهم الحاضر،ومن أجل ذلك لزم العمل على تمكين المتهم الحاضر من إعداد دفاعه والنظر في مدى جاهزية الملف للمناقشة من خلال التأكد من توصل دفاع الطرف المدني إن وجد ودفاع المتهم بالاستدعاء وحضورهما بالجلسة مع اشتراط أن يكون الاستدعاء مستوفيا لكل الشروط المحددة بمقتضى المادة 308 من ق م ج والتأكد من هوية المتهم ومدى مطابقتها لأوراق الملف والاستماع إلى المتهم والشهود إن وجدوا.

وبعد الانتهاء من مرحلة البحث يشرع في مناقشة القضية بالاستماع إلى الطرف المدني -إن وجد -أو دفاعه،ثم تشرع النيابة العامة في تقديم ملتمساتها دفاعا عن الحق والقانون،ثم تعرض مرافعة محامي المتهم الذي يستعرض كل أوجه دفاعه من الناحيتين الواقعية والقانونية،ليتم الانتقال إلى تعقيب كل الأطراف على ما جاء في المناقشة،وجب التذكير على أن تعقيب الأطراف على المناقشة يخضع للسلطة التقديرية لرئيس غرفة الجنايات.وأخيرا تختتم المناقشة بإعطاء الكلمة الأخيرة للمتهم الحاضر.
وتنسحب المحكمة للمداولة،وبعد الانتهاء من المداولة تعود الهيئة القضائية إلى قاعة الجلسات بكامل أعضائها بحضور النيابة العامة وبمساعدة كاتب الضبط للنطق بالقرار.

هذا باختصار أهم الإجراءات لانعقاد الجلسة وفق المسطرة العادية لمحاكمة المتهم الحاضر،لنتساءل كيف عالج المشرع المغربي وضعية فرار المتهم أو تعذر القبض عليه بعد الإحالة على غرفة الجنايات أو كان في حالة سراح مؤقت نظرا لتوفره على كافة الضمانات القانونية،ولم يستحب إلى الاستدعاء بالمثول أمام هيئة الحكم في التاريخ المحدد في الاستدعاء الذي سلم إليه،وبعد الأمر باستقدامه وتعذر استقدامه حسب مرجوع الاستدعاء الذي يفيد بعدم العثور عليه بعنوانه؟

وقد عالج المشرع المغربي المسطرة الغيابية من خلال مقتضيات المواد من 443 إلى 454 من ق م ج لنتساءل عن الإشكالات العملية التي تعترض إجراءات المسطرة الغيابية أمام غرف الجنايات؟
للحديث حول هذا الموضوع سنتناوله في فقرتين أساسيتين الأولى تتعلق بإجراءات المسطرة الغيابية والثانية تتعلق بمعوقات المسطرة الغيابية وأهم الإشكالاتها العملية

الفقرة الأولى :إجراءات المسطرة الغيابية.

إن القاعدة الأساسية في المحاكمة الجنائية هو حضور المتهم لأطوار المحاكمة العادلة،كما سبقت الإشارة إلى ذلك،فإذا كان غياب الطرف المدني أو المسؤول المدني لا تأثير له على مواصلة إجراءات المحاكمة فإن غياب المتهم عن حضور المناقشة في القضايا الجنائية يكون له تأثير كبير على المحاكمة[1] ،لما يكتسيه الفعل الجرمي المقترف من خطورة في حق المجتمع.

وأنه في ظل وجود الأصل الذي يفترض وجود الاستثناء جاء المشرع بمقتضيات تهم إمكانية محاكمة المتهم وهو في حالة فرار أو تعذر إلقاء القبض عليه بعد الإحالة على غرفة الجنايات أو لاذ بالفرار بعد القبض عليه[2] أو كان في حالة سراح مؤقت نظرا لتوفره على كافة الضمانات القانونية ولم يستحب إلى الاستدعاء بالمثول أمام هيئة الحكم في التاريخ المحدد في الاستدعاء الذي سلم إليه،وبعد الأمر باستقدامه او تعذر استدعاؤه حسب مرجوع الاستدعاء الذي يفيد بعدم العثور عليه بعنوانه،فإن رئيس غرفة الجنايات او المستشار المنتدب من طرفه يصدر أمرا بإجراء المسطرة الغيابية في حق المتهم لمحاكمته غيابيا.
فالمسطرة الغيابية تتسم إجراءاتها بنوع من التشدد تجد مبررها في خطورة المتهم الذي بتصرفه على النحو الآنف الذكر يقيم قرينة بمقتضاها يفترض بأنه ارتكب _وهذا شيء طبيعي_الجريمة وإلا لما لجأ لعصيان تنفيذ الأمر بالحضور لساحة القضاء بالتخلف عنه أو فراره بعد حضوره أو إلقاء القبض عليه[3]

وينص هذا الأمر على انه يتعين على المتهم الحضور داخل اجل ثمانية ايام الموالية وإلا يصرح أنه عاص للقانون[4] ويوقف عن مزاولة حقوقه المدنية[5]
ويعلق هذا الأمر على بباب آخر مسكن للمتهم وعند عدم معرفة هذا الأخير ،يعلق بباب محكمة الاستئناف[6] ،وترسل نسخة منه الى مدير الأملاك المخزنية بالدائرة التي يوجد فيها آخر مسكن للمتهم وعند عدم معرفة هذا المسكن فإنه يوجه إلى مدير الأملاك المخزنية بالمكان الذي تنعقد فيه محاكمة المتهم.
وإذا لم يقدم المتهم نفسه داخل أجل الثمانية أيام الموالية لإعلان الأمر بإجراء المسطرة الغيابية فإن غرفة الجنايات تباشر محاكمته بدون حضور أي محام[7] .

غير أنه إذا وقع الاستظهار[8] من قبل ذويه أو دفاعه أو أصدقائه بأسباب يستفاد منها تعذر مطلقا حضور المتهم شخصيا خلال الأجل الوارد في الأمر،حيث يكون للمحكمة في حالة قبولها للعذر المستظهر به أن تأمر بإرجاء محاكمة المتهم المعذور غيابيا، كما تأمر عند الاقتضاء برفع العقل عن املاكه لأجل تحدده.[9]

وإذا لم تأخذ المحكمة بعذر المتغيب يتلو كاتب الضبط بالمحكمة قرار الإحالة على غرفة الجنايات الابتدائية والأمر بإجراء المسطرة الغيابية ثم تستمع المحكمة إلى الطرف المدني إن وجد وإلى ملتمسات النيابة العامة.[10]
وإذا صدر حكم بالإدانة في حق الشخص المتغيب فإن أملاكه تبقى تحت العقل ما عدا الأجرة الشهرية إن وجدت لزوجته وأصوله وفروعه ولكل شخص تجب نفقته عليه[11] عملا بمقتضيات مدونة الأسرة.
يتم عرض الحساب النهائي المتعلق بالعقل على المتهم المتغيب إذا زال أثر القرار الصادر غيابيا بحضوره أو تقادمت العقوبة كما يعرض الحساب على ذوي حقوقه بعد وفاته[12]

علاوة على ما تقدم يذاع ثلاث مرات داخل أجل ثمانية 08 الأيام الإعلان عن إجراء المسطرة الغيابية في حق المتهم المتغيب بواسطة الإذاعة الوطنية وفق الشكل التالي:
“صدر عن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف ب…………..أمرا بإجراء المسطرة الغيابية ضد( فلان الهوية الكاملة) والمتهم ب……….ويتعين على المتهم أن يقدم نفسه حالا إلى اية سلطة قضائية أو شرطية،ويتحتم على كل شخص يعرف المكان الذي يوجد فيه المتهم أن يعلم بذلك نفس السلطات”.[13]

وعلى مدير الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية مراسلة رئاسة المحكمة بشأن القيام بإذاعة الإعلان عن إجراء المسطرة الغيابية وفق ما هو محدد قانونا،وضم هذه الإرسالية ضمن أوراق الملف ليتم تجهيز الملف ومحاكمة المتهم غيابيا.
كما أن للنيابة العامة طلب نشر ملخص القرار الصادر بناء على المسطرة الغيابية في أقرب أجل بالجريدة الرسمية[14] كما يتم علاوة على ذلك تعليقه وتبليغه لإدارة الأملاك المخزنية،وتصبح بذلك سارية على المحكوم عليه جميع التجريدات من الحقوق التي ينص عليها القانون طيلة المدة اللازمة لتقادم العقوبة.
بالنسبة للمحكمة العسكرية الدائمة فإن نشر الأمر يتم بتعليقه بباب آخر محل إقامة معروفة للمتهم، وبمركز السلطة الإدارية والمحلية وقاعة جلسات المحكمة العسكرية وبإطلاع الوحدة التي ينتمي إليها المتهم لتقوم بإشهاره بين جنودها[15]

الفقرة الثانية : صعوبات المسطرة الغيابية.

1) معلوم أن غرفة الجنايات عند النظر في قضايا الأحداث تعقد جلساتها سرية بمعنى أنه لا يقبل لحضور المحاكمة سوى الأشخاص المذكورين في المادة 479 من ق م ج مع مراعاة خصوصية الحدث
وذلك بضمان الحقوق التي نص عليها المشرع بالنسبة للأحداث والمتمثلة في :

أولا: المؤازرة بالمحامي وهي تعتبر إلزامية وعليه إذا لم يختر الحدث أو ممثله القانوني محاميا فيعينه
له المستشار المكلف بالأحداث بصفته رئيسا تلقائيا في إطار المساعدة القضائية.

ثانيا : حضور الحدث شخصيا مع ممثله القانوني.
عدم حضور المتهم الحدث رفقة ممثله القانوني لإجراءات المحاكمة الجنائية إما لكونه في حالة فرار أو تعذر إلقاء القبض عليه بعد الإحالة على غرفة الجنايات للأحداث , أو لاذ بالفرار بعد القبض عليه . هنا يطرح السؤال هل تطبق في حقه إجراءات المسطرة الغيابية ؟

وتكريسا لحماية خصوصية الأحداث المتابعين وسرية الإجراءات والمناقشات المتعلقة بهم منع القانون الجديد نشر أي بيان عن جلسات الهيئات القضائية الخاصة بالنظر في قضايا الأحداث بأية وسيلة كانت[16]،فأمام وجود فراغ تشريعي،وتناقض نظر غرف الجنايات في تنزيل إجراء المسطرة الغيابية ضد الأحداث الجانحين بين من يأخذ بها ،ومن يعتبر أنها تضرب في العمق مبدأ السرية المشار إليه أعلاه،ولكن يمكن القول أن غالبية غرف الجنايات تقفز على هذا السكوت وتأمر بإجراء المسطرة الغيابية ضد المتهم الحدث.

2)تتجلى الصعوبات المسطرية المتعلقة بإجراء المسطرة الغيابية في حق المتهم في مدى احترام الأمد الزمني المحدد بمقتضى لمادة 443 من ق م ج في 08 أيام حيث نجد في واقع الحال أن الأمر بإجراء المسطرة الغيابية يأخذ في بعض الملفات أجل يتجاوز الآجال المحددة قانونا،نظرا لعدم إنجاز هذا الأمر مما يفرض على غرفة الجنايات تأخير الملفات في انتظار إنجاز المسطرة الغيابية استنادا إلى إرسالية الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية.
ومعلوم أن الفضاء السمعي والبصري في المغرب عرف تطورا ملحوظا بتمكين إذاعات مغربية جديدة من الفضاء السمعي البصري على اعتبارها قاطرة للتنمية والديمقراطية،وأن قانون المسطرة الجنائية تمت صياغته وتعديله قبل إحداث هذه المتغيرات على مستوى المنظومة الإعلامية[17].

فعلى المشرع التدخل لمواكبة هذه التطورات وسد الخلل الحاصل إن على مستوى المدة الزمنية غير الكافية المخصصة للنشرة القضائية داخل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية – ساعة في المجمل مقسمة على حصتين (حصة بعد الزوال،وحصة المساء)- وعلى مستوى إذاعات القطاع الخاص,ولما لا حتى القنوات التلفزية لتسريع وثيرة العمل القضائي ولمساهمة كافة القطاعات في تطوير وتحسين شعار “العدالة في خدمة المواطن”.
هذا ناهيك عن عدد الأوامر بإجراء المسطرة الغيابية المأمور بها يوميا من مختلف محاكم الاستئناف وأقسام قضاء الأسرة بالمملكة.

2) كما ان الصعوبة لا تقتصر على ما سبق ذكره بل تتجاوزه إلى ما هو أعمق عندما يتعلق الأمر بالصعوبات القانونية التي تم استقراؤها من خلال الواقع العملي داخل غرف الجنايات من قبيل الحكم غيابيا على المتهم في المرحلة الابتدائية وعلى اعتبار أن الاستئناف ينشر الدعوى من جديد يعني ضرورة إعادة إجراءات المحاكمة ومنها المسطرة الغيابية في حق المتهم في المرحلة الاستنافية ، مما كان يتسبب في إطالة أمد النزاع أمامها لتعقد هذه المسطرة وطول إجراءاتها ، وعلى هذا الأساس صدر قرار محكمة النقض عدد 1155/ 4 بتاريخ 09-09-2009 في الملف الجنائي عدد 16783-6-4-2007 الذي نص على ما يلي: “المقتضيات المتعلقة بالمسطرة الغيابية لا تطبق إلا أمام الغرفة الجنائية الإبتدائية و لم يرد ضمن مقتضيات قانون المسطرة الجنائية ما ينص على تطبيقها أمام غرفة الجنايات الاستئنافية” [18]
الإشكال يتجاوز بوجود هذا الاجتهاد القضائي الذي فتح الباب أمام رؤساء الغرف الجنائية لتجاوز المسطرة الغيابية في المرحلة الاستئنافية هذا إذا كان لتوصيف القرار الاستئنافي نفس وصف الحكم الابتدائي بمعني عدم حضور المتهم في المرحلة الاستئنافية.

3) المشرع تحدث عن الحالة التي يمكن فيها للمتهم المحكوم عليه غيابيا إذا سلم نفسه للسجن أو إذا تم إلقاء القبض عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها بالتقادم يقع اعتقاله بموجب الأمر الصادر بإجراء الغيابية[19].
ويترتب على هذه الحالة سقوط القرار والإجراءات المتخذة بموجب الأمر بإجراء المسطرة الغيابية بقوة القانون[20]
وإذا ظهر من اللازم إجراء تحقيق تكميلي عينت غرفة الجنايات المستشار الذي يعهد إليه القيام بالتحقيق وفق الإجراءات المنصوص عليها في التحقيق الإعدادي.[21]
فالمشرع المغربي نحى نفس منحى المشرع المصري واللبناني حيث أن الحكم الصادر غيابيا من محكمة الجنايات يسقط بقوة القانون ويعاد نظر الدعوى من جديد وذلك بشروط معينة توجز في حضور أو إلقاء القبض على المتهم.[22]

تنظر غرفة الجنايات وهي بصدد مناقشة القضية من جديد عقب تسليم المتهم المحكوم عليه غيابيا نفسه أو إلقاء القبض عليه،أمامها في حالة اعتقال بالاستماع إلى الشهود أو تتلى شهادتهم المكتوبة بالجلسة كما تتلى عند الاقتضاء الأجوبة المكتوبة لباقي المتهمين المتابعين بنفس الأفعال وكدا الشأن بالنسبة للمستندات التي يعتبر رئيس الغرفة أنها صالحة لإبراز الحقيقة.[23]
نفس الحكم يسري في حالة إلقاء القبض على المتهم الهارب أو تقديم نفسه ليسجن قبل صدور الأمر بإجراء المسطرة الغيابية وبعد صدور قرار الإحالة على غرفة الجنايات.[24]
يمكن اعتبار هذا الفصل يفتح الباب على مصراعيه للسيد قاضي التحقيق إذا تعذر عليه استنطاق المتهم تفصيليا الأمر بإلقاء القبض[25]وإصدار قرار الإحالة على غرفة الجنايات الابتدائية،لما لهذا الإجراء من ليونة في البث في الملفات المعرضة على قضاة التحقيق.

إذا قضت غرفة الجنايات من جديد ببراءة المتهم المحكوم عليه غيابيا أو إعفائه بعد حضوره أمامها فإنها تحكم عليه بالمصاريف التي ترتبت عن المحاكمة الغيابية ما لم تقرر إعفاءه من ذلك.[26]كما بمكنها أن تأمر بتعليق هذا بباب آخر مسكن للمتهم وإحالة نسخة منه إلى مديرية الأملاك المخزنية[27].
4) يثور الاشكال من جديد إذا حكم المتهم غيابيا,وأمام استئناف النيابة العامة أو الطرف المدني إن وجد لهذا القرار،وحضور المتهم أمام المحكمة في المرحلة الإستئنافية،هنا نتساءل هل يحرم المتهم الحاضر والذي سبق أن حكم غيابيا من إحدى درجات التقاضي؟وماذا عن استئناف النيابة العامة أو الطرف المدني إن وجد؟خاصة إذا صدر الحكم الغيابي وقضى ببراءة المتهم أو بعقوبة موقوفة التنفيذ.

وإعمالا لمبدأ التقاضي على درجتين وهو المبدأ الأكثر انسجاما مع مبدأ المحاكمة العادلة تعمل النيابة العامة على إعادة فتح ملف جديد للمتهم الحاضر واستدعائه لأول جلسة لمحاكمته من جديد ابتدائيا بعد سقوط القرار والإجراءات المتخذة بموجب المسطرة الغيابية بقوة القانون استنادا إلى المادة 453 الفقرة الثالثة من ق م ج

غير أنه استنادا إلى اجتهاد رؤساء غرف الجنايات بإمكانية النظر في الملف المعروض أمام غرفة الجنايات الاستئنافية ولو بحضور المتهم مع إشعاره بأنه غير معني بالقرار المستأنف في ظل استئناف النيابة العامة ودفاع الطرف المدني إن وجد إلا أن هذا الاجتهاد ليس له أي مبرر قانوني.
5) معلوم أن القرار الذي تصدره غرفة الجنايات وفقا للمسطرة الغيابية لا يقبل الطعن فيه سوى من طرفين هما النيابة العامة والمطالب بالحق المدني فيما يخص حقوقه المدنية،ولعل العلة من التضييق في الضمانات المسطرية لأن المؤمل أساسا من الحكم الغيابي _بالإدانة_ هو كسر عناد المحكوم عليه غيابيا ليقدم نفسه للعدالة، لكي تعاد محاكمته من جديد وفق المسطرة العادية.

فمن بين الإشكالات العملية التي تعترض المطالب بالحق المدني في الحكم الغيابي والقاضي بالإدانة والمحكوم له بتعويض مدني في إطار الدعوى المدنية التابعة حول استيفاء هذا التعويض في ظل بقاء أملاك المحكوم عليه تحت العقل مع الترخيص بفرض نفقات لزوجه أو فروعه أو أصوله او لكل شخص يكون ملزما بالإنفاق عليه.
يمكن القول أن للمطالب بالحق المدني الدخول في مواجهة مع مديرية الأملاك المخزنية على اعتبار أنها من بادر إلى القيام بعقل ممتلكات المحكوم عليه غيابيا بالإدانة،والاحتجاج بالقرار الصادر عن غرفة الجنايات الابتدائية

خاتمة:

إن إصلاح منظومة العدالة لكي تتماشى مع التعليمات المولوية في خطابه السامي ليوم 20 غشت 2009 بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب حيث ضمنه خارطة طريق هذا الإصلاح ومجالاته المتمثلة في تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة واستقلال القضاء وتحديث المنظومة القانونية والنجاعة القضائية وتأهيل الموارد البشرية للوصول إلى تفعيل شعار القضاء في خدمة المواطن.

فتبقى هذه من بين الإشكالات العملية التي تواجه العمل القضائي فعلى المشرع التدخل للعمل على إيجاد حلول قانونية وجذرية تلغي هذه الاشكالات وتعمل على تحيين الترسانة القانونية وتحديثها وتطويرها لمواكبة مقتضيات الدستور الجديد،لكي تتماشى مع مبدأ المحاكمة العادلة ، وبخصوص الأحداث على المشرع تجاوز هذا الفراغ وفي نفس الوقت إحاطة الأحداث الجانحين بالضمانات القانونية التي تأخذ بعين الاعتبار خصوصياتهم المتعلقة بالسرية واحترام المقتضيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل كما صادق عليها المغرب،واعتماد قطاع الاتصال السمعي البصري لتجاوز كثرة القرارات الصادرة عن رؤساء غرف الجنايات وأقسام قضاء الأسرة لمواكبة التطورات المتلاحقة بالانفتاح على الإذاعات الخاصة لتسريع وثيرة البث في القضايا الجنائية وغيرها من القضايا.

 

(محاماه نت)

إغلاق