دراسات قانونية

علاقة السندات التنفيذية بالحجز العقاري وبيان أنواعها (بحث قانوني)

انوع السندات التنفيذية وعلاقتها بالحجز العقاري

لمياء الدياز

باحثة بسلك الدكتوراه

تعتبر فكرة السند التنفيذي من أهم الأفكار الأساسية في التنفيذ الجبري، وعلة ذلك تكمن في الدور الهام الذي يلعبه السند التنفيذي في حماية الحقوق، إذ لا يمكن إجراء التنفيذ الجبري لاقتضاء هذه الحقوق ما لم يوجد سند تنفيذي ،وهذه الفكرة حديثة في التشريع وليست وليدة تطورات تاريخية[1].

  موضوع هام للقراءة :  رقم هيئة الابتزاز

فالمشرع المغربي لم يورد تعريفا محددا لمفهوم السند التنفيذي و إنما أطره بأحكام فقط، مما جعل الفقه يتصدى لتحديد معاني السند التنفيذي فاعتبره بعض الفقهاء[2] الورقة المعدة للإثبات، أي الدليل المهيأ والبعض[3] اعتبره إحدى الأوراق التي يجب أن تكون بين الدائن والتي نص عليها القانون واعتبرها سندا تنفيذيا، هذا مع مراعاة استلزام اقتران الحصول على السند بالتأشير عليه بالصيغة التنفيذية.

أما نبيل إسماعيل عمر[4] عرفه بأنه عبارة عن ورقة، محرر مكتوب به بيانات معينة حددها القانون وله شكل خاص رسمه القانون أيضا و يحمل توقيعات معينة وعليه صيغة التنفيذ.

أما الفقيهان[5] Philippe Theery et Rogerperrot فقد عرفها كونها محررات تسلم باسم السلطة، وتخول صاحبها سلوك مسطرة التنفيذ الجبري لاقتضاء الحق الذي يتضمنه.

وبناءا على ما ذكر يستخلص أن السند التنفيذي هو الورقة المعدة للإثبات أولا، وأنها تسلم باسم السلطة لاقتضاء حق الدائن من مدينه ، أما عن العلاقة بين الصيغة التنفيذية والسند التنفيذي[6] فينبغي التأصيل أولا للصيغة التنفيذية، هاته الأخيرة تكلم ق.م.م عنها في الفصل 433 الذي تنص فقرته الثانية على أن التبليغ المذكور بفقرته الأولى يتم بواسطة نسخة تتضمن العنوان المنصوص في الفصل 50 والصيغة التنفيذية وتوقيع كاتب الضبط وطابع المحكمة، وقد جاء نص الصيغة التنفيذية بالفقرة الموالية من نفس الفصل كما يلي: وبناءا على ذلك يأمر جلالة الملك جميع الأعوان، ويطلب منهم أن ينفذوا الحكم المذكور (أو القرار) كما يأمر الوكلاء العامين للملك، ووكلاء الملك لدى مختلف المحاكم أن يسندوا يد المعونة لجميع قواد وضباط القوة العمومية، وأن يشدوا أزرهم عندما يطلب منهم ذلك قانونا.

وعلى العموم، فإن التنفيذ الجبري بالطريق المباشر أو بطريق الحجز لا يتأتى إلا بواسطة سند تنفيذي يصلح لاقتضاء الالتزام جبرا على المدين، وقد تناولت ذلك فصول المسطرة المدنية في الباب الثالث من القسم التاسع المتعلق بالقواعد العامة بشأن التنفيذ الجبري وخصته بالفصول 428 إلى 451.

ونظرا لخطورة السندات التنفيذية في مجال التنفيذ الجبري[7] من حيث فعاليتها دون عرض الأمر على القضاء ،إلا عند وجود صعوبة يبت فيها الرئيس طبقا للفصول 26 و436 و468 من ق.م.م. أو محكمة الموضوع الفصل 482 .م.م فإن المشرع تعرض للأوراق التي تعتبر سندات تنفيذية في قانون م. م على سبيل الحصر، فلا يجوز القياس عليها أو خلق نظير لها سواء من قبل الفقه أو القضاء، لأن المشرع حددها ووضع لها قواعد عامة في الفصل 438 م.م[8] .

أما المشرع الفرنسي فقد حصر السندات التنفيذية وعددها في المادة الثالثة من القانون رقم 90-650 الصادر بتاريخ 09/07/1999 المتعلق بقانون المسطرة المدنية الفرنسية[9].

وللإحاطة بمختلف أنواع السندات التي تشكل حجر الأساس في مؤسسة الحجز التنفيذي العقاري، والتي يصح أن تكون سندات قضائية أو غير قضائية سنتناول بإيجاز السندات القضائية في المبحث الاول وتفصيلها عن السندات غير القضائية في المبحث الثاني.

المبحث الاول :-السندات التنفيذية القضائية

تظم السندات التنفيذية القضائية كل من الأحكام التي تصدر عن قضاء الموضوع ومن محكمة مختصة ومشكلة تشكيلا قانونيا، ومختلفة الأوامر التي تصدر عن رئيس المحكمة أما في إطار استعجالي أو في إطار ولائي.

المطلب الاول :الأحكام والأوامر الوطنية

تحتل الأحكام[10] أهمية كبرى ضمن السندات التنفيذية الأخرى فقد تطرق إليها المشرع المغربي في الباب الثالث من قانون م.م حيث ضمن للسندات التنفيذية بأداء بالأحكام القضائية لكثرة شيوعها وقوتها التنفيذية، نفس التصنيف أخذ به المشرع المصري[11]واعتبر الأحكام القضائية النوع الأول من أنواع السندات التنفيذية الواردة ذكرها في المادة 280/2 من قانون المرافعات.

وقد عرف بعض الفقه المغربي[12]الحكم القضائي، كل ما يصدر عن المحكمة للبت نهائيا في النزاع، أو للأمر باتخاذ إجراء يرمي إلى تهيئة البت النهائي.

فالحكم لا يعتبر سندا تنفيذيا إلا إذا توافرت فيه الشروط الآتية[13]:

– أن يكون الحكم صادرا بالالزام، فإن كان حكما ” مقررا” أو حكما ” منشأ” ولم يتضمن هذا أو ذاك قضاء بإلزام فلا يصح اعتباره سند تنفيذيا، وهو ما قضى به الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بالقنيطرة بتاريخ 18/7/95[14] في الملف الاستعجالي عدد 580/95 بمعنى أن يلزم المدين بأداء مبلغ معين للدائن أو تسليم شيء معين أو بإخلاء منزل يحتله شخص معين.

أما الأحكام التي تنشأ مركزا قانونيا ولا تتضمن الإلزام فلا تثار بشأنها مسألة التنفيذ الجبري، كالأحكام التقريرية، و الأحكام المنشأة للالتزام فهذه الأخيرة تنتج آثارها تلقائيا بمجرد صدورها فتحقق بذلك الحماية القانونية[15] وخاصية هذا السند أنه يتميز بالكفاية الذاتية التي تخول للدائن أحقية مباشرة إجراءات التنفيذ بصرف النظر عن وجود الحق الموضوعي ،حقيقة أم عكس ذلك، إذ العبرة في التنفيذ هي بالحقيقة القضائية التي يقررها ويعلنها الحكم[16].

– عدم سقوط الحكم بالتقادم: من خلال المادة 428 من ق.م.م فإن الأحكام تكون قابلة للتنفيذ خلال ثلاثين سنة من تاريخ صدورها، تسقط بانصراف هذا الأجل وذلك بصرف النظر عن الأسباب التي جعلت المحكوم له يتراضى في طلب التنفيذ.

– الحكم إما باتا أو حائزا قوة الشيء المحكوم به أو مشمولا بالنفاذ المعجل سوءا أكان صادر من قضاء الموضوع أو من قضاء الأمور المستعجلة.

للشروع في التنفيذ الجبري بموجب الحكم القضائي يجب أن يكون حكما نهائيا بمعنى أنه غير قابل للطعن بطرق الطعن القانونية.

وبالتالي فإن كل قرار اكتسب قوة الشيء المقضي به سوء سواء صدر عن المحاكم الابتدائية أو الإستئنافية أو محكمة النقض وكذلك مذيلا بالصيغة التنفيذية يعتبر سندا تنفيذيا وذلك وفق ما جاء به الفصل 428 من ق.م.م الذي ينص على انه …. » لكل محكوم له يرغب في تنفيذ الحكم حق الحصول على نسخة تنفيذية منه، ونسخ عادية بعدد المحكوم عليهم ويمكن تحديد الأحكام القضائية الصادرة عن محاكم المملكة ، والتي يمكن أن تتخذ صفة السند التنفيذي بعد توفرها طبعا على باقي الشروط فيما يلي:

الأحكام الصادرة عن أقسام قضاء القرب ،محاكم الدرجة الأولى عن غرفة الاستئناف بالمحكمة الابتدائية، عن محاكم الدرجة الثانية، قرارات الصادرة عن محكمة النقض.

المطلب الثاني : الأوامر والمقررات القضائية

إلى جانب الأحكام القضائية تعد الأوامر القضائية الصادرة بناء على سلطة القاضي الولائية ولو في غيبة الخصم الآخر، سندات تنفيذية، توخى المشرع بتنظيمها في الفصل 148 من ق.م.م[17] البساطة و المرونة في إجراءاتها ،فقصر من آجالها مما يضمن سرعة البت فيها، وهي تضم الأوامر القضائية المبنية على طلب والمعاينات وأوامر الأداء[18]. وقد عمل المشرع على تحديد مجموعة من الموصفات التي يجب توفرها في هذه السندات وأهمها: عنصر الاستعجال الذي يجعلها داخلة في اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية، فحسب الفصل 148 من ق.م.م أعطى حق إصدار الأوامر القضائية المبنية على طلب والمعاينات لرئيس المحكمة الابتدائية أو من يقوم مقامه بصفته قاضيا للمستعجلات لأن اختصاصه منعقدا أصلا بموجب الفصل 149 م.م فيبت في كل مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيه إنذار (الفصل 148-171 من ق.م.م) أو أي إجراء آخر مستعجل في أي مادة لم يرد بشأنها نص خاص ولا يضر بحقوق الأطراف.

أما بالنسبة لنظام أوامر الأداء فإنها وسيلة لاستيفاء الديون النقدية المدنية التابعة كتابة بسند أو اعتراف بدين (الفصل 155 م.م)[19] .

وتعد هذه الأوامر سندا تنفيذيا متى استوفت جميع شروطها، حيث يمكن استخلاص الدين الوارد فيه” عن طريق سلوك مسطرة التنفيذ الجبري للأحكام بما فيها الحجز التنفيذي العقاري.

كما يلحق بالسندات التنفيذية وحسب المادة 126 من قانون م.م[20] أوامر التقدير الخاصة بأتعاب المحامين والخبراء والتراجم والشهود.

المقررات القضائية:
حسب ما جاء في المادة 128 من مدونة الأسرة، فإن جميع الأحكام الصادرة بالتطليق أو بالخلع أو الفسخ طبقا للمقتضيات المنصوص عليها في هذا الكتاب تكون غير قابلة لأية وسيلة من وسائل الطعن في الجزء المتعلق بإنهاء الحياة الزوجية فهي إذن سندات تنفيذية يجوز تنفيذها دون استصدار حكم قضائي بشأنها لأنها لا تقبل الانتظار، ولأن المشرع أولاها العناية الكاملة[21].

والأصل هو أن يكون الحكم صادرا عن المحكمة المختصة وعلى مدعي غير ذلك إثبات إدعائه.

المطلب الثالث: الأحكام الأجنبية:

حسب الدكتور إبراهيم بحماني[22]، فإن الحكم الأجنبي هو الحكم الصادر عن هيأة قضائية باسم سيادة دولة أجنبية بين أشخاص معينين بصرف النظر عن مكان صدوره، فالأصل أن الحكم الأجنبي لا ينفذ بقوة القانون في بلد أجنبي أخر غير البلد الذي صدر فيه، وهذا مظهر من مظاهر سيادة الدولة[23]، لكن أمام الاتفاقيات الثنائية[24] وتشعب العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فيما بين الدول اضطر المشرع إلى تبني هذه الأحكام لكن مع ضرورة مباشرة سلطة الرقابة دون المراجعة[25].

وهكذا جاءت مقتضيات الفصل 430 من ق.م.م تؤكد أن الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية، لا يمكن تنفيذها بالمغرب إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما، يجب على المحكمة التي يقدم إليها الطلب أن تتأكد من صحة الحكم واختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرته، وأن تتحقق أيضا من عدم مساس أي محتوى من محتوياته بالنظام العام المغربي.

وفي هذا الصدد جاء قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا)[26] الحكم بتطليق الزوجة المغربية بعد تعذر إجراء محاولة الصلح من طرف القاضي الأجنبي بسبب غياب الزوج عن البلد الذي تقيم فيه الزوجة ليس فيه أي مساس بالنظام العام المغربي ولا يبرر رفض تذييله بالصيغة التنفيذية، وعليه يتضح أن شرط عدم المساس بالنظام العام يعد من أوسع الشروط الأخرى لقيامه في الأصل على كل ما يتعلق بكيان الدولة السياسي والاجتماعي والاقتصادي ولاسيما سيادة الدولة، إضافة إلى مجموعة من الشروط التي نص عليها الفصل 431 من ق.م.م والمتمثلة في : أن يكون الحكم نهائيا وغير قابل لأي طعن وذلك عن طريق الإدلاء بشهادة من كتابة الضبط المختصة، وأن يكون الحكم الأجنبي صحيحا وصادر من محكمة مختصة، إضافة إلى شرط المعاملة بالمثل[27] والذي و الذي لم ينص عليه المشرع المغربي ضمن قانون م.م وعلى الرغم من ذلك فإن المحاكم الوطنية يلزمها احترامه وهي تبت في طلبات تذييل الأحكام الأجنبية، وهو شرط يجد مرجعيته ضمنا أسس إعمال الاتفاقيات الدولية، فإذا كانت الدولة الأجنبية لا تعترف بالأحكام المغربية تتعين رفض طلب تذييل أحكامها.

المبحث الثاني : سندات التنفيذ غير القضائية

إلى جانب السندات التنفيذية والتي تصدر من جهة قضائية والتي بواسطتها ينشأ الحق في التنفيذ الجبري على أموال المدين، هناك سندات تنفيذية تصدر خارج نطاق مؤسسة القضاء و أضفى عليها المشرع المغربي نفس القوة التنفيذية للسندات القضائية لما تمتاز به من خصوصيات، والسندات التنفيذية غير القضائية متنوعة إلا أننا سنقتصر على السند التنفيذي المتعلق بشهادة التقييد الخاصة ومحاضر الصلح القضائي.

المطلب اول: السند التنفيذي المتعلق بشهادة التقييد الخاصة

يمكن تعريف شهادة التقيد الخاصة بالرهن الرسمي، بكونها وثيقة أساسية تعتمد عليها مسطرة تحقيق الرهن الرسمي، ويكون الحائز لها في غنى عن اللجوء إلى المحكمة للحصول على الحكم بغية تحقيق دينه[28] و قد جاء في الفصل 11 من المرسوم الملكي المؤرخ في 17 دجنبر 1968[29] والذي نص على : » وتكتسي هذه الشهادة صبغة رسم نافذ المفعول ويضع عليها المحافظ عن الأملاك العقارية عبارة “سلمت نسخة مطابقة للأصل لأجل التنفيذ”[30].

كما نصت المادة 214 من مدونة الحقوق العينية على” يمكن للدائن الحاصل على شهادة خاصة بتقييد الرهن لفائدته، مسلمة له من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، طبقا للشروط المنصوص عليها في الفصل 58 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري، أن يطلب بيع الملك المرهون بالمزاد… تكون للشهادة الخاصة المذكورة قوة سند قابل للتنفيذ[31].

وبناءا على ما ذكر فإن هذه الشهادة المذكورة، والتي تصدر عن المحافظ العقاري تعتبر بمثابة سند تنفيذي، فهي تغني عن اللجوء للقضاء لاستصدار حكم بأداء الدين لأنه يكون تابتا بمقتضى عقد الرهن المسجل، والشهادة الخاصة تجسد هذا الدين[32] وذلك لأن المشرع المغربي أضفى عليها قوة السند التنفيذي[33]، وعدم إرفاقه بالإنذار العقاري يكون مآله الرفض، وفي هذا الصدد سار الأمر الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بوجدة بتاريخ 08-04-04 حيث قضى برفض طلب توجيه الإنذار العقاري بعلة… »أن الطالب لم يدعم طلبه بالشهادة الخاصة بالرهن والتي تعتبر السند التنفيذي المعتمد في توجيه الإنذار… [34]« .

كما قضت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء بالقوة التنفيذية لهذه الشهادة من خلال قرار لها جاء فيه:” حيث أن شهادة التقييد الخاصة هي سند تنفيذي في حد ذاتها وأنه لا يوجد أي فصل يلزم باعث الإنذار بالإدلاء بوثائق دون شهادة التقييد الخاصة[35].

المطلب الثاني :المحاضر وبعض انواعها

*محاضر الصلح القضائي:

تطرق المشرع المغربي للصلح في القسم التاسع من قانون ل.ع من خلال الفصل 1098 جاء فيه:” الصلح عقد، بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقعان قيامه، وذلك بتنازل كل منهما للآخر عن جزء مما يدعيه لنفسه، أو بإعطائه مالا معينا أو حقا.”

وقد أصبح الصلح من الوسائل الناجعة لفض المنازعات الشيء الذي أصبحت معه السياسة التشريعية في المغرب تعطيه مركزا مهما، سواء في القضايا الأسرة[36] أو القضايا الاجتماعية[37] والتي أكدت الفقرة الأخيرة من الفصل 278 من ق.م.م على القوة التنفيذ به لهاته المحاضر، وهو الاتجاه الذي ذهب إليه المشرع الفرنسي من خلال الفقرة الثالثة من المادة 3 من قانون المساطر المدنية للتنفيذ[38] على أن محاضر الصلح الموقعة من طرف القاضي والأطراف بمثابة سندات تنفيذية”[39].

أما الفقيه Roger فيرى أن محاضر الصلح ليست أحكاما و إنما اتفاق تحت يد القضاء، تتضمن ما تم التوصل إليه من حلول للنزعات المعروضة على هذا الأخير.

ومن تطبيقاته كذلك في ق.م.م ما نص عليه الفصل 494[40].

*محاضر بيع الأشياء المحجوزة:

من خلال ما تطرق إليه الفصل 464 من ق.م.م[41] وكذا حالة سند الملكية من خلال الفصل 480 م.م[42] فإن محضر البيع يعد سندا تنفيذيا لمطالبته بفرق الثمن لصالح المحجوز عليه، ولذوي حقوقه، وسند ملكية لصالح الراسي عليه المزاد (الفصل 480 م.م) وهو ما تناوله قرار للمجلس الأعلى عدد 2709[43]، وهي تذييل الصيغة التنفيذية فقط ولا يتطلب الأمر استصدار أمر قاضي.

*محاضر التسوية الودية لتوزيع حصيلة التنفيذ[44].

*تعهد الكفيل: نص عليها الفصل 413 من ق.م.م “ويذيل بالصيغة التنفيذية وتعتبر هذه الشهادة سندا تنفيذيا يخول للدائن المرتهن حجز عقار مدينه أو كفيله العقاري.

يستخلص من كل ما سبق أن السندات التنفيذية منها ما هو صادر عن القضاء كالأحكام ومنها ماله القوة التنفيذية، رغم أنه مجرد اتفاق أو محضر أو شهادة وسوى بينهم في مرحلة التنفيذ، وكل ذلك رغبة من المشرع في حماية بعض الدائنين كالمؤسسات البنكية التي تساهم في التنمية الاقتصادية.

المطلب الثالث :علاقة السندات التنفيذية بالحجز العقاري:

تعد مؤسسة الحجز التنفيذي العقاري من اعقد المؤسسات الإجرائية، وذلك لما ينتج عنها من آثار خطيرة وما ينجم عنها من تفعيل إجراءاتها على أرض الواقع، حيث تؤدي إلى نزع ملكية العقار من المحجوز عليه، مع العلم للأهمية الكبرى التي يعكسها العقار على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وكذلك النفسي.

إلا أنه وبعد دراستنا للسندات التنفيذية في الجزء الأول من هذه الفقرة تبادر إلى أذهاننا إلى التساؤل عن ما أهمية هذا السند داخل هذه المؤسسة؟

تعتبر فكرة السند التنفيذي من أهم الأفكار الأساسية في التنفيذ الجبري، وعلة ذلك تكمن في الدور الذي يلعبه في حماية الحقوق، إذ لا يمكن إجراء التنفيذ الجبري لإقتضاء هذه الحقوق ما لم يوجد سند تنفيذي وهذه الفكرة حديثة في التشريع وليست وليدة تطورات تاريخية[45].

فالمبادئ العامة في التنفيذ الجبري تقتضي بصفة عامة عدم جواز إجراء أي حجز كيفما كان نوعه أو موضوعه إلا بعد الإدلاء بسند تنفيذي باعتبار أن مؤسسة الحجز التنفيذي على العقار هو وجه من أوجه التنفيذ الجبري، فهي أيضا تخضع للقواعد العامة للتنفيذ الجبري.

وأهمية السند التنفيذي في مجال التنفيذ الجبري تبرز من زوايا متعددة على اعتبار أن نتائج التنفيذ رهينة بصحة أو بطلان السند، فإذا كان السند التنفيذي صحيحا كانت الإجراءات متسمة بالصحة والتحصين، أما إذا كان السند باطلا أو منعدما كان التنفيذ وحاصله كذلك[46].

كما أن توافر السند التنفيذي يؤدي إلى تحقيق التوازن بين مصلحتين متعارضتين تتجلى الأولى في ضمان وكفالة حق الدائن على وجه السرعة، حيث أن عون التنفيذ يباشر إجراءات التحصيل الجبري بمجرد الإدلاء بالسند التنفيذي الذي يعتبر دليلا كافيا على وجود الحق.

أما المصلحة الثانية فتتجلى في ضمان حق المدين في عدم ممارسة إجراءات التنفيذ الجبري نزع الملكية إلا من كرف صاحب الحق الموضوعي، كما يسمح له بإثارة كل الدفوعات حول أحقية به من عدمها وكذلك حول بقاء الحق المطالب به أم أنه قد زال بناءا على وفاء سابق[47].

وقد اشترط المشرع المغرب شروطا معينا يجب توافرها في الأداة التي تبلور فيها هذا الحق تكون صالحة للتنفيذ بمقتضاها، بحيث اشترط القانون في السند التنفيذي شرطان حتى يمكن التنفيذ به وهما:

أن يكون من بين السندات التنفيذية التي نص عليها المشرع وتعرض إليها في ق.م.م على سبيل الحصر( وقد ذكرها المشرع في عدة فصول في الباب الثالث للقواعد العامة للتنفيذ الجبري). فلا يجوز أن نقيس عنها أو نخلق لها نظيرا من الفقه أو القضاء وهو ما أكده الفصل 438 من ق.م.م.

أن يكون السند مشتملا على الصيغة التنفيذية، فلا يجوز التنفيذ كقاعدة إلا بمقتضى صورة تنفيذية من السند التنفيذي أي صورة عليها الصبغة التنفيذية والسند التنفيذي، قد يكون إما حكما أو أمرا قضائيا وطنيا أو أجنبيا و إما أن يكون شهادة خاصة بتقييد الرهن أو المحاضر ذات القوة التنفيذية كمحاضر الصلح[48].

 

(محاماه نت)

إغلاق