دراسات قانونية

الجنسية كمعيار لمراقبة صفة طالب التحفيظ (بحث قانوني)

الجنسية كمعيار من معايير مراقبة صفة طالب التحفيظ والتأكد من هوية المتعرض في قضايا التحفيظ العقاري

الأستاذ: الحسن اولياس
باحث في العلوم القانونية

مما لا ريب في الامر، أن إدارة المحافظة على الأملاك العقارية والرهون وعلى راسها المحافظ العقاري ، تلعب دورا مهما واساسيا في مجال تحقيق التمية الاقتصادية والاجتماعية، نظرا للمهمة الرئيسية التي تتولاها والمتمثلة بالأساس ، في اخراج في إخراج العقارات من حالة الجمود الى نوع من الاستقرار بفضل تطبيق نظام التحفيظ العقاري المؤرخ في 12 غشت1913 والمعدل والمغير بالقانون رقم07/14، ويتجسد هذا المبدأ عن طريق اتباع مجموعة من الإجراءات القانونية والتقنية – والتي قد تتخللها مرحلة قضائية في حالة وجود تعرضات- تؤدي الى تحفيظ العقار وتأسيس رسم نهائي له يعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق و التحملات الكائنة عليه دون ما عداها من الحقوق الأخرى التي يتطهر منها بالتحفيظ، وانشاء الصك العقاري المتحدث عنها هو النواة الاساسية التي تجعل العقار يساهم في الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي اعتبارا للقيمة التي يكتسبها بفضل التحفيظ.

غير ان بلوغ الهدف المنشود هذا لا يتأتى عن طريق العبث، وانما باتباع مجموعة من الإجراءات من قبل طالب التحفيظ، وقيام المحافظ العقاري كذلك بإعمال نوع من المراقبة على مدى صحة السندات المقدمة وصفة مقدمها، تمهيدا لتوالي إجراءات إدارية واشهارية من جهة، وتقنية من جهة أخرى سعيا وراء مسطرة سليمة تنتهي بإنشاء الصك العقاري ما لم يقدم تعرض او تعرضات ضد مطلب التحفيظ المعني، التي تؤجل عملية انشاء الرسم المذكور الى حين بت القضاء في النزاع بموجب حكم نهائي.
ومن ثمة يمكن اعتبار المحافظ على الأملاك العقارية والرهون بمثابة المحركالأساسي لنظام السجل العقاري بالمغرب والدول الآخذة بنظام التحفيظ الإداري ونظام الشهر العيني، وتنبثق تلك الأهمية من انصبابها على أهم وأثمن ثروة الا وهي ثروة العقار وما يتصل به من حقوق.

وفي اطار تدقيق وثائق التحفيظ او التعرض والتأكد من هوية مقدمها ، نجد ان المحافظ على الأملاك العقارية والرهون اوكل بمهمة أساسية تتمثل في مراقبة صحة السندات وصفة مقدمها ( طالبا للتحفيظ كان ام متعرضا) ومن ضمن المسائل المرتبطة بالصفة جنسية طالب التحفيظ وكذا هوية المتعرض، فما هو المغزى الأساسي من وراء حث المشرع المغربي على ضرورة تأكد المحافظ من جنسية طالب التحفيظ وكذا هوية المتعرض اثناء تقديم الوثائق المؤيدة لمطالبهما ، ثم كيف تعامل القضاء مع مؤسسة جنسية طالب التحفيظ او المتعرض في القضايا المعروضة عليه في هذا الشأن، و هل من جهات أخرى لها دور في مراقبة جنسية طالب انشاء الوثائق المدعمة لطلب التحفيظ او التعرض قبل عرض الامر بالأساس على المحافظ العقاري، وما هي الإشكالات المتولدة والمرتبطة بالموضوع .

  موضوع هام للقراءة :  رقم هيئة الابتزاز

ان موضوع جنسية طالب التحفيظ او المتعرض مرتبط أساسا بمفهوم الأجنبي الغير المغربي وهل يحق له التملك بالمغرب ام لا مع ، ما يستتبعه الامر من تقديم طلبات للتحفيظ او التعرض ضدها ثم من اية ناحية يتقيد تملكه المذكور للعقارات او الحقوق العينية المنصبة عليها، بمعنى هل يشمل كافة أصناف العقارات ام بعض منها فقط ، كل هذه الأسئلة تستدعي منا أولا التطرق في بحثنا هذا ، للحديث أولا الى عن المغزى من ايراد عبارة الجنسية في الفصول المنظمة لطلب التحفيظ او التعرض ثم بعد ذلك ابراز أساس تملك الأجانب ( ذوي الجنسية الغير المغربية) للعقارات بالمغرب والاستثناءات الوارد عليه مع ابراز المرتكز القانوني لذلك على ان يتم الانتقال للحديث عن دور المحافظ العقاري في التحقق من جنسية الطرف المعني خلال المرحلة الإدارية للتحفيظ، ثم كيفية تعامل الاجتهاد القضائي المغربي مع موضوع الجنسية في التحفيظ من خلال القضايا المعروضة عليه في هذا الشأن ، وسنتولى في الأخير التطرق للجهات و المؤسسات الأخرى التي له دور بارز في التأكد من هوية وجنسية طالب تحرير الوثائق المعتمدة أصلا في طلبات التحفيظ او التعرض عليها مع ابراز لبعض الإشكالات المرتبطة بهذا الجانب.

المحور الأول: المغزى من التحقق من جنسية طالب التحفيظ او المتعرض من ققبل المحافظ على الأملاك العقارية والرهون

كما سلف الذكر، نجد ان مؤسسة المحافظ على الأملاك العقارية والرهون تلعب دورا مهما في مراقبة سندات مطالب التحفيظ او التعرض ضدها، بالإضافة الى وجوب التأكد من صفة المعني بالأمر منها وجنسيته، وذلك في افق مسطرة إدارية سليمة تؤسس لهوية واحقية كل طرف على حدة فيما يدعيه من حقوق على العقار او الحق العيني موضوع طلب التحفيظ او التعرض.
والغاية من ايراد عبارة ” الجنسية ” في النصوص القانونية ذات الصلة بالتحفيظ العقاري هو تمييز المغربي عن الأجنبي( الغير المغربي) ، فيما يرتبط بادعاء التملك، غير ان هذا التمييز لا ينصب على جميع أنواع الحقوق المطالب بتحفيظها او التعرض ضدها وانما يلتصق أساسا بنوع معين منها فقط حسب القوانين المنظمة والمؤطرة للموضوع من جهة، وما اسفرت عليه الممارسة القضائية في المنازعات المثارة من جهة ثانية ، وبعبارة اصح ان مسالة البحث في الجنسية يطرح عند الادعاء بتملك أراضي فلاحية او قابلة للفلاحة او حقوق عينية مترتبة عليها.
الا ان السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: ما المقصود بعبارة الأجنبي او الشخص ذو جنسية غير مغربية.
ان الحديث عن تحديد ” ذوو الجنسية الغير المغربية” يقتضي الوقوف على محطات قانونية متعددة منها التمييز ما بين الشخص الغير المتوفر على جنسية مغربية أصلا (الأجنبي) ، وبين المغربي الذي فقد جنسيته لسبب من الأسباب ( حيازة جنسية اجنبية كجنسية اصلية، صدور مرسوم بالتخلي عن الجنسية المغربية ونشره في الجريدة الرسمية بعد تقديم المعني بالأمر لطلب بذلك….الخ)، وأيضا المغربي الذي تم تجريده من جنسيته( صدور عقوبة بعدم ولاء الشخص للنظام المغربي الذي اكتسب جنسيته، صدور عقوبة من اجل عمل يعد جناية او جنحة تمس بسلامة الوطن الداخلية او الخارجية، …الخ).

ومهما يكن من امر ، فانه الى جانب سريان مفهوم الأجنبي على المغربي الذي فقد جنسيته او تم تجريده منها، فان المفهوم المذكور ينبغي ربطه كذلك بالمادة الاولى من القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية ، وبالهجرة غير المشروعة الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.03.196 بتاريخ 16 من رمضان 1424 (11 نوفمبر2003)، الذي اورد في الفقرة2 من مادته الاولى، ما يلي:
” يراد “بالأجانب” في مدلول هذا القانون، الأشخاص الذين لا يتوفرون على الجنسية المغربية أو الذين ليست لهم جنسية معروفة او الذين تعذر تحديد جنسيتهم.”

* المحور الثاني تملك الأجانب للعقارات بالمغرب والقيود الواردة على ذلك:

ان الحديث عن تملك الأجانب للأراضي او الحقوق العقارية بالمغرب لا يطرح أي اشكال، عدا إذا تعلق الامر بأراضي فلاحية او قابلة للفلاحة فقط.
و مما يجب التذكير به كتاصيل تاريخي وقانوني للموضوع ، ان اول المبادرات الرامية الى تأسيس حق تملك الأجانب للأراضي الفلاحية او القابلة للفلاحة بالمغرب، يعود الى تاريخ ابرام معاهدة مدريد سنة1880 ، الذي تلته بعد ذلك اتفاقية الجزيرة الخضراء لعام 1906.
فقد انعقد مؤتمر مدريد سنة 1880 بحضور ممثلي الدول الأوربية والولايات المتحدة والمغرب. وقد خرج هذا المؤتمر بقرارات من أهمها تأكيد الحماية القنصلية، ومنح المحميين امتيازات منها عدم الخضوع للقانون المغربي وبالتالي عدم أداء الضرائب الرسوم الجمركية والغرامات والخدمة العسكرية. وجسد هذا المؤتمر الامتيازات التي حصل عليها الأوروبيون في الاتفاقيات السابقة على تاريخ انعقاده.
ومن بين اهم المرتكزات التي كرستها المؤتمر المذكور(معاهدةمدريد لسنة1880)، على صعيد تملك الاجانب للأراضي الفلاحية او القابلة للفلاحة بالمغرب، تقييد حق هذا التملك بوجوب و ضرورة الحصول على رخصة ادارية او اذن مسبق من الحكومة.
فقد نصت المادة11، من معاهدة مدريد بتاريخ 03 يوليوز1880، على ما يلي: ” يعترف لجميع الاجانب بحق الملكية في المغرب ولابد من الحصول على اذن مسبق من الحكومة لشراء عقار، وتخضع رسوم التمليك الى الاشكال التي تنص عليها قوانين البلد، ويبت بمقتضى قوانين البلد في كل مشكلة تثيرها ممارسة حق الملكية، وللأجانب الحق في رفع دعواهم الى وزير الامور الخارجية كما هو منصوص عليه في المواثيق”
وقد تم نقل مضامين النص المذكور اعلاه، للمادة 60 من معاهدة الجزيرة الخضراء لسنة1906، التي تزكى مضمونها أيضا بمنشور الصدر الأعظم بتاريخ فاتح نونبر1912.

غير انه ، وبالرغم من صراحة و وضوح كل هذه المقتضيات القانونية ، فان سياسة الحماية بالمغرب عملت على التدخل المباشر في الملكية العقارية، خاصة منها الاراضي التي كانت تعرف بأملاكالمخزن (اراضي الدولة)، بصنفيها العام المخصص للاستعمال المباشر من قبل الغير، والتي لا تقبل التفويت عملا بظهير01يوليوز1914، والخاص الذي تحوزه وتسيره الهيئات العمومية ويقبل التفويت واكتساب ملكيته عن طريق وضع اليد، وهذا النوع الاخير من املاك الدولة عمدت سلطات الحماية الى منحه للأجانب بعدة طرق منها الايجار والهبة والمعاوضة…. الخ.

وعلى غرار باقي دول العالم، عمل المغرب في سنوات استقلاله الأولى على وضع قيود على المعاملات العقارية التي تنجزها دولة او مؤسسة عمومية اجنبية، اعتبارا وحفاظا على اسس ومقومات اقتصاده الفلاحي واستقلال امنه وتفادي موجبات التدخل الاجنبي، فصدر الظهير المؤرخ في 12ماي1959، بشأن العمليات العقارية التي تحققها دولة اجنبية او مؤسسة عمومية اجنبية، اذ اخضع في الفصل الاول منه لاذن سابق:
” جميع العمليات العقارية التي تحققها دولة اجنبية او مؤسسة عمومية اجنبية سواء كانت تلك العمليات التي تشمل املاك محفظة او املاك غير محفظة”
ويقصد بالإذن السابق حصول الدولة الاجنبية والمؤسسات العمومية الاجنبية على الرخصة الادارية من قبل وزارة المالية إذا كانت تتعلق بعقارات داخل المدار الحضري، علما وكما سبق الذكر اعلاه ان المغرب استرجع بموجب ظهير26شتنبر1963 اراضي الاستعمار، وبمقتضى ظهير02مارس1973 العقارات الفلاحية او القابلة للفلاحة المملوكة لأشخاص ذاتيين اجانب او اشخاص معنويين.

وبالنسبة لهذا النوع الاخير من العقارات الفلاحية او القابلة للفلاحة، الواقعة كلا او جزءا خارج المدارات الحضرية، فان الظهير بمثابة قانون رقم645.73.1 بتاريخ23 ابريل1975 حصر في فصله الاول حق تملكها في الدولة المغربية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والاشخاص الذاتيين. وبذلك لا يمكن للدولة الاجنبية او المؤسسات التابعة المؤسسات التابعة لها تملكها بالمغرب.

كما انه وقبل ذلك، صدر بالجريدة الرسمية عدد 2637 بتاريخ 27/09/1963 ، الظهير شريف رقم 1.63.288 بتاريخ26/09/1963، بشأن مراقبة العمليات العقارية الواجب إنجازها من طرف بعض الأشخاص والمتعلقة بالأملاك الفلاحية القروية، ذلكم الظهير الذي أورد ان العمليات العقارية بما فيها البيوعات عن طريق السمسرة وكذا إبرام جميع عقود الإيجار المتجاوزة مدتها ثلاث سنوات والمتعلقة بالأملاك الفلاحية المعدة للفلاحة الواقعة خارج الدوائر الحضرية يتوقف إجراؤها مع مراعاة مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.63.289 المشار إليه أعلاه على رخصة إدارية إذا كان الطرف أو الطرفان المعنيان بالأمر شخصا أو شخصين إذا تبين غير مغربيين أو شخصين معنويين.
كما ان الفصل 10 منه كذلك، اعتبرباطلة وعديمة المفعول جميع العمليات المنجزة خلافا للمقتضيات المذكورة، وترفع الدعاوى بالبطلان إلى المحاكم المختصة عادة في القضايا العقارية.”
وعموما، واعتبارا لما تقدم فان اية معاملة عقارية تهم ملكا فلاحيا او قابلا للفلاحة ويكون أحد الأطراف فيها اجنبيا، فالأمر فيها متوقف على الاذن او الترخيص الإداري، ما لم تكن هناك اتفاقيات تجيز التملك دون حاجة للاذن المذكور، كما هو الامر بالنسبة للاتفاقية التي ابرمها المغرب مع بعض الدول منها على سبيل المثال تونس والمعبر عنها باتفاقية الاستيطان.

• المحور الثالث: دور المحافظ العقاري في التحقق من جنسية طالب التحفيظ او المتعرض.

ا- بالنسبة لطالب التحفيظ:

تجد هذه المراقبة سندها من مقتضيات الفصل 13 من ظهير التحفيظ العقاري، المغير والمعدل بالقانون 07/14، ذلكم الفصل الذي ينص على ما يلي:
” يقدم طالب التحفيظ للمحافظ على الأملاك العقارية، مقابل وصل يسلم له فورا، مطلبا موقعا من طرفه أو ممن ينوب عنه بوكالة صحيحة، يتضمن لزوما ما يلي:

1-اسمه الشخصي والعائلي وصفته ومحل سكناه وحالته المدنية وجنسيته وإن اقتضى الحال اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة، ويتضمن في حالة الشياع نفس البيانات المذكورة أعلاه بالنسبة لكل شريك مع التنصيص على نصيب كل واحد منهم، وإذا كان طالب التحفيظ شخصا اعتباريا فيجب بيان تسميته وشكله القانوني ومقره الاجتماعي واسم ممثله القانوني؛
2-تعيين عنوان أو موطن مختار في الدائرة الترابية التابعة لنفوذ المحافظة العقارية الموجود بها الملك، إذا لم يكن لطالب التحفيظ محل إقامة في هذه الدائرة؛
3-مراجع بطاقة التعريف الوطنية أو أي وثيقة أخرى تعرف بهويته، عند الاقتضاء؛
4-وصف العقار المطلوب تحفيظه ببيان البناءات والأغراس الموجودة به ومشتملاته ونوعه وموقعه ومساحته وحدوده والأملاك المتصلة والمجاورة له وأسماء وعناوين أصحابها، وإن اقتضى الحال الاسم الذي يعرف به العقار؛
5-بيان أنه يحوز كل العقار أو جزءا منه مباشرة أو عن طريق الغير، وفيما إذا انتزعت منه الحيازة، يتعين بيان الظروف التي تم فيها ذلك؛
6- تقدير القيمة التجارية للعقار وقت تقديم المطلب؛
7- بيان الحقوق العينية العقارية المترتبة على الملك مع التنصيص على أصحاب هذه الحقوق بذكر أسمائهم الشخصية والعائلية، وصفاتهم، وعناوينهم وحالتهم المدنية وجنسيتهم وإن اقتضى الحال اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة؛
8-بيان أصل التملك.
إذا كان طالب التحفيظ لا يستطيع التوقيع أو يجهله، فإن المحافظ على الأملاك العقارية يشير إلى ذلك ويشهد بأن مطلب التحفيظ قد قدم إليه من طرف المعني بالأمر بعد أن يتحقق من هويته.

ب- بالنسبة للمتعرض:

يتعين كذلك على المحافظ العقاري، التأكد من هوية و جنسية المتعرض، وفق ما يمليه الفصلان 25 و26 من ظهير التحفيظ العقاري ، اذ تم التنصيص على ضرورة التحقق من هوية المتعرض، وبيان مقتضيات الفصلين المذكورين كالتالي:
الفصل 25
تقدم التعرضات عن طريق تصريح كتابي أو شفوي إما للمحافظ على الأملاك العقارية، وإما للمهندس المساح الطبغرافي المنتدب أثناء إجراء التحديد. تضمن التصريحات الشفوية للمتعرض، بحضوره في محضر يحرر في نسختين تسلم إليه إحداهما.
إن التصريحات والرسائل المحررة للغرض المشار إليه سابقا يجب أن تبين فيها هوية المتعرض،حالته المدنية، عنوانه الحقيقي أو المختار، اسم الملك، رقم مطلب التحفيظ، طبيعة ومدى الحق موضوع النزاع، بيان السندات والوثائق المدعمة للطلب.
يجب على المتعرضين أن يودعوا السندات والوثائق المثبتة لهويتهم والمدعمة لتعرضهم ويؤدوا الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يدلوا بما يفيد حصولهم على المساعدة القضائية وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض.
يمكن أن تسلم لطالبي التحفيظ والمتدخلين في المسطرة، بطلب منهم، صور شمسية للوثائق المدلى بها من طرف المتعرضين.
يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتضمين التعرضات المقدمة وفق الشروط المنصوص عليها أعلاه في سجل خاص يدعى “سجل التعرضات”.
إذا كان التعرض لا يتعلق إلا بجزء من العقار لم يتيسر تحديده بكيفية صحيحة أثناء إجراء عملية التحديد حسبما هو منصوص عليه في الفصل 20 تباشر هذه العملية على نفقة المتعرض.
إذا تعذر تحديد الجزء محل النزاع، فإن المحافظ على الأملاك العقارية يحيل المطلب على المحكمة الابتدائية، ويمكن للقاضي المقرر الذي أحيل عليه الملف أن ينجز هذا التحديد طبقا لمقتضيات الفصل 34 من هذا القانون.
الفصل 26
يجب على كل شخص يقدم طلب التعرض باسم الغير:
1-أن يثبت هويته؛
2-عندما يتعرض بصفته وصيا أو نائبا قانونيا أو وكيلا أن يبرر ذلك بالإدلاء بوثائق صحيحة وأن يعطي البيانات المقررة في الفصل 25 من هذا القانون، وأن يدلي برسوم الإراثات عندما يتعلق الأمر بشركاء في الإرث.
يمكن في جميع الأحوال، على شرط أن تقدم الإثباتات المنصوص عليها سابقا، التدخل في المسطرة عن طريق التعرض باسم المحجورين والقاصرين والغائبين والمفقودين وغير الحاضرين، وذلك من طرف الأوصياء والممثلين الشرعيين ووكيل الملك والقاضي المكلف بشؤون القاصرين والقيم على أموال الغائبين والمفقودين.

ج-الموقف الواجب اتخاده من قبل المحافظ على الأملاك العقارية والرهون في حالة تقديم مطلب للتحفيظ او التعرض عليه من قبل أجنبي غير مغربي (حالة الأراضي الفلاحية او القابلة للفلاحة):

امام وضوح وصراحة المواد المتطرق اليها أعلاه، فان التحقق من جنسية طالب التحفيظ او المتعرض، يعد من الأمور البديهية التي يراقبها المحافظ على الأملاك العقارية والرهون.
وبالتالي، عند التأكد من كون مطلب للتحفيظ بشأن ارض فلاحية او قابلة للفلاحة قدم من قبل أجنبي(غير مغربي)، او تم التعرض على مطلب للتحفيظ من قبل الأجنبي المذكور، فان المحافظ العقاري يتعين عليه رفض التحفيظ او التعرض حسب الحالات، والقرار الصادر عنه في هذا الإطار معلل قانونا.
المحور الرابع:كيفية تعامل القضاء المغربي (محكمة النقض) مع مختلف النزاعات الناشئة عن الموضوع ورصد لبعض الإشكالات الواقعية والقانونية المحيطة به:
– اجتهادات محكمة النقض في موضوع تملك وحيازة الأجانب للأراضي الفلاحية او القابلة للفلاحة بالمغرب:

قبل التطرق لاجتهادات القضاء المغربي في مجال عدم إمكانية تملك الأجانب (الغير المغاربة) للأراضي الفلاحية او القابلة للفلاحة بالمغرب، لابد من التذكير بان النص التشريعي الحالي(مدونة الحقوق العينية)، لم تتعرض سوى لمؤسسة حيازة الأجنبي الغير المغربي للعقار، حينما نصت المادة 239 على ما يلي:
” تقوم الحيازة الاستحقاقية على السيطرة الفعلية على الملك بنية اكتسابه

ولا تقوم هذه الحيازة لغير المغاربة مهما طال امدها”
واعتبارا لهذا الامر، فاذا كان المشرع المغربي قد أوضح موقفه بخصوص الحيازة الاستحقاقية للأجانب الغير المغاربة بموجب نص صريح مكرس في الترسانة القانونية التي أتت بها مدونة الحقوق العينية، فانه بالمقابل بخصوص تملك الأراضي الفلاحية او القابلة للفلاحة من قبل غير المغاربة لم يتم ايراد نص صريح في هذا الباب، مما تظل معه المقتضيات القانونية لعقدي الجزيرة الخضراء ومؤتمر مدريد هي السارية المفعول الى جانب النصوص الأخرى الواردة في القوانين الأخرى السالف ذكرها والصادرة في شان مراقبة العمليات العقارية، وهذا الامر هو ما تبناه أيضا الاجتهاد القضائي المغربي من خلال قرارات محكمة النقض التالية:
– قرار محكمة النقض عدد 751 بتاريخ 01/07/1981 في الملف المدني عدد 61700، الذي جاء فيه:
” حيث تعيب الطاعنة على القرار المطعون فيه، بخرق الفصل345 من قانون المسطرة المدنية، وخرق قواعد الحيازة وانعدام التعليل، وعدم ارتكازه على أساس، ذلك انه من الثابت ان الدولة المغربية قد استرجعت هذه القطع الأرضية سنة1960 ومن الثابت ان الفرنسي الذي كان يحوز هذه القطع قد استغلها خلال 20 سنة أي منذ سنة1944، وان الامر يتعلق في هذه الحالة بالحيازة وان محكمة الجوهر تفرق بين المغربي وغير المغربي في مبدا الحيازة وان الطاعنة لم تتكلم عن الملكية وخصوصيتها بالنسبة للأجانب وان شروط الحيازة متوفرة بالنسبة للشخص الذي كان يوجد في هذه القطعة وان محكمة الجوهر عندما لم تتعرض للحيازة وقيمتها في التملك، تكون قد جعلت قرارها معرضا للنقض
. لكن حيث انه بمقتضى المادة الحادية عشر من معاهدة مدريد سنة1880 المنعقدة بين الدولة المغربية والدول الأجنبية، فان حق تملك الأجنبي( غير المواطن المغربي)، للعقار يكون بإذن من الدولة المغربية وقد نقلت هذه المادة الى المادة ستين من عقد الجزيرة الخضراء المبرم سنة1906، وهكذا ابيح للأجانب حق تملك العقار بشرط حصولهم على اذن خاص من الحكومة المغربية وفي حالة عدم حصولهم على هذا الاذن يعتبر تملكهم غير مرتكز على أساس قانوني، وبالتالي تنطبق عليهم والحالة هذه حكم الغاصب ولا تنفعهم الحيازة ولو طالت، لذلك فان المحكمة كانت على صواب عندما لم تعتبر حيازة المعمر موريس وصرحت بانه مواطن فرنسي لا يمكن له ان يتملك في المملكة المغربية ارضا بدون شراء وبدون اذن خاص من الجهات المختصة ، فالوسيلة لا ترتكز على أساس”.

-قرار محكمة النقض عدد1917 (بغرفتين) بتاريخ 24/06/2003، في الملف المدني عدد 1950/4/1/2001، ورد به:

” لكن حيث يتجلى من قرار النقض والاحالة، انه ركز قضاءه بنقض القرار الاستئنافي السابق، على ان تملك الطالبة كأجنبية للعقار موضوع النزاع، يتطلب أولا الشراء وثانيا الاذن بذلك من الدولة المغربية، اذ جاء: ‘ وبالتالي فان المحكمة حين أسست قضاءها على الطاعن بإفراغه المدعى فيه للمطلوبين على مجرد شهادة اللفيف بالحيازة لهما، دون اقترانها بشراء صحيح والترخيص المذكور، تكون لذلك قد ركزت قرارها المطعون فيه على غير أساس من القانون، فعرضته بذلك للنقض، ولذلك فان القرار المطعون فيه عندما بنى قضاءه من جهة أخرى على عدم ارفاق الرسم المدلى به من طرف الطالبة بالإذن من الدولة لصحة التفويت، يكون قد تقيد بالنقطة القانونية التي نقض من اجلها القرار الاستئنافي السابق، والتي لا يمكن له مناقشتها، وجاء بذلك مرتكزا على أساس سليم..”

– قرار محكمة النقض عدد1702 بتاريخ 26/05/2004 في الملف المدني عدد 580/1/1/2004، جاء فيه:

” حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار، ذلك انه اقتصر في تعليل قضائه على ” ان شراء المستأنف عليه يتوفر على الأركان اللازمة لصحة البيع”. في حين ان ظهير 26-9-63 يوجب الحصول على رخصة إدارية كلما تعلق الامر ببيع عقار فلاحي يكون أحدأطراف العقد فيه اجنبيا. وان الفصل العاشر منه ينص على انه” تعتبر باطلة وعديمة المفعول جميع العمليات المنجزة خلافا لمقتضيات الظهير المذكور” وان ظهير1-2-74 المعدل لظهير26/9/63، ينص على انه تطبق مقتضيات هذا الظهير على العقود التي تكتسي تاريخا ثابتا بعد26/9/63″، الامر الذي يعتبر معه القرار معللا تعليلا ناقصا، يوازي انعدامه، مما عرضه بالتالي للنقض والابطال”

– قرار محكمة النقض عدد2521 بتاريخ 01/07/2009 في الملف المدني عدد 1048/1/1/2008، ورد فيه:

” …وفضلا عن تدوين الشروط الثلاثة بالعقد، فانه بالنسبة للرخصة الإدارية المتعلقة بمراقبة العمليات العقارية فهي واجبة لصحة العقود المبرمة بين اشخاص مغاربة وأجانب حسب المادة الأولى من ظهير1-63-288 بتاريخ26/9/63، وان عدم الحصول عليها يجعل العقود المذكورة باطلة وفق الفصل10 من نفس الظهير، ” يكون القرار بذلك غير خارق للمقتضيات القانونية المحتج بها ومعللا تعليلا سليما ومرتكزا على أساس، والوسيلتان معا غير جديرتين بالاعتبار”

– قرار محكمة النقض عدد371بتاريخ 15/3/2001 في الملف المدني عدد 1115/5/1/1998، جاء به:

. لكن حيث ارتكز القرار المطعون فيه على اساس قانوني سليم وعلل تعليلا كافيا عندما استبعد عقد شراء المتعرضين من الاجنبي لأرض المطلب التي استردتها طالبة التحفيظ في اطار ظهير2/3/1973 لتعلق نفاده على شرط حصولهما على الرخصة الادارية التي ينص الفصل1 من ظهير26/9/63 على ان” العمليات العقارية المتعلقة بالأملاك الفلاحية والمعدة للفلاحة الواقعة خارج الدوائر الحضرية يتوقف اجراؤها على رخصة ادارية اذا كان الطرف او الطرفان المعنيان بالأمر شخصا او شخصين ذاتيين غير مغربيين او شخصين معنويين….”

– رصد لبعض الإشكالات المرتبطة بموضوع حق تملك وحيازة الأجانب للعقارات الفلاحية او القابلة للفلاحة بالمغرب( حالة تحرير العقود او منح شواهد إدارية للأجانب لعقارات فلاحية او قابلة للفلاحة دون مراعاة تقيد الامر برخصة إدارية):

في اطار تقديم مطالب للتحفيظ، سواء تعلقت بتحفيظ كلي او جزئي، تعمد بعض الجهات المختصة الى تحرير رسوم شراء لفائدة الاجانب لعقارات فلاحية او قابلة للفلاحة ، كما يتم الاقدام ايضا على منح شواهد ادارية بالتملك والحيازة لفائدة الاجانب في مناطق تخضع للتحفيظ الجماعي…..الخ، فما هي القيمة القانونية لهذه الحجج، وهل يمتنع على الاجهزة المكلفة بمنح تلكم الرسوم او الشواهد القيام بعدم تسليمها الا بعد مطالبة الاجانب المعنيين بالترخيص او الاذن الاداري المطلوب، هذا من جهة ثم هل يملك المحافظ العقاري صلاحية قبول هذه المطالب رغم افتقار حجج الاجانب للترخيص والاذن المعني، وهل يمكن ايضا التعرض على مطالب للتحفيظ مقدمة من قبل الاجانب بناء على تلكم الحجج.

تمشيا مع المقتضيات القانونية المشار اليها انفا، فانه يتوجب على الجهات المختصة الوعي بالقوانين المؤطرة للموضوع، وطلب الاذن والترخيص عن اية معاملة عقارية يكون أحد اطرافها اجنبيا وتنصب على عقار فلاحي او قابل للفلاحة، تحت طائلة الامتناع عن تحرير الرسم او منح اية شهادة ادارية بالملك والحوز، كما انه من المستحسن ان تبادر الجهات الإدارية الوصية على اصدار دوريات او مناشير في هذا الشأن رفعا لكل لبس او غموض في هذا الموضوع.

ومن جهة أخرى، فاذا انجز رسم معين لفائدة أجنبي بالتملك او استصدرت لفائدته شهادة إدارية بالملك، فانه من حق من له المصلحة المطالبة ببطلان تلكم الوثائق امام القضاء المختص، لتدعيم موقفه في نزاع التحفيظ عن طريق استصدار حكم بالبطلان على سبيل الاحتياط فقط، علما ان النصوص القانونية المؤطرة للموضوع وكذا اجتهادات محكمة النقض اكدت شرعية البطلان المذكور من زاوية أخرى.

 

(محاماه نت)

إغلاق