دراسات قانونية

الشروط القانونية لاصدار وثيقة التأمين العائمة (بحث قانوني)

اِنَّ وثيقة التأمين العائمة تخضع لجملة من الشروط التي قررها معهد جمعية مكتتبي التأمين في لندن، وهذه الشروط في الاصل وجدت من اجل تنظيم استعمال هذه الوثيقة، ومن اجل تقليل حدة خطورة هذا التأمين الذي يضمن شحنات متعددة بوثيقة واحدة، وهي وثيقة التأمين العائمة. لذلك يمكن اجمال هذه الشروط بالاتي:

شرط التراكم.
شرط تحديد الحد الاعلى للمبلغ المؤمن به.
شرط الالغاء.
شرط استيفاء قسط التأمين او قسط ابتدائي.
شرط تصنيف السفن او البواخر.
شرط المرور بمناطق جغرافية معينة.
شرط كيفية احتساب مبلغ التامين(1).

وتطبق هذه الشروط على وثيقة التأمين العائمة بنوعيها (العائمة المفتوحة والمقفلة) باستثناء شرط دفع قسط التأمين او قسط ابتدائي مقدماً، والذي لايطبق على الوثيقة العائمة المفتوحة. وتطبق هذه الشروط ايضاً على الغطاء المفتوح عدا الشروط التي لاتتفق وطبيعة هذا الغطاء(2).

وسنحاول ان نبين في هذا الموضوع الشروط التي لابد ان تتوافر في وثيقة التأمين العائمة، عدا شرط استيفاء قسط التأمين ، وشرط كيفية احتساب مبلغ التأمين اللذين سيتم معالجتها في آثار وثيقة التأمين العائمة.

المطلب الاول : شرط التراكم

ان التوسع في عملية حركة التبادل التجاري العالمي بين الدول المختلفة بسبب تذليل بعض الصعوبات التي كانت تحول من دون عملية التوسع والتطور في حركة النقل بالطرق المختلفة بين الدول، ادى بدوره الى توسع رقعة التجارة الدولية. واذا كان لهذا التوسع آثار ايجابية فان له اثاره السلبية التي لابد من تلافيها من اجل الاستفادة قدر الامكان من التوسع الحاصل في المجال التجاري والنقل البحري الى اقصى حد ممكن. ومن الآثار السلبية التي عانت منها الدول المتقدمة والدول النامية على حد سواء هي مشكلة تراكم البضائع الناتجة من نعاظم وتزايد حجم الاستيراد في دولة معينة والعراق احدى الدول التي كانت وما تزال تعاني من حالة تراكم البضائع. لذلك نجد أَنَّ جمعية مكتتبي التأمين في لندن وضعت هذا الشرط في مجال التأمين البحري، ليتجنب المؤمن مخاطر التأمين بوثائق تأمين على البضائع المحددة بمدة، كما هو الحال بوثيقة التأمين العائمة. ويعبر عن شرط التراكم ايضاً شرط وضع حد اعلى للشحنة على السفينة الواحدة. وهنا كان علينا أولاً ان نبين معنى التراكم من حيث تعريفه، وبيان انواعه، والأسباب التي تؤدي الى ظهوره، ومن ثم نبين مدى مسؤولية شركة التأمين في حالة حدوث مثل هذا التراكم .

اولاً : التعريف بالتراكم وبيان انواعه

يقصد بالتراكم هو تجمع وتكدس البضائع كميات كبيرة وبمبالغ ضخمة على سفينة معينة، او تكدس البضائع على سفن متعددة في وقت واحدٍ وفي ميناء معين (موانئ الشحن والتفريغ) ، او في مخازن او ارصفة الموانئ(3). ومن خلال هذا التعريف يمكن القول ان التراكم يكون على نوعين :

– تراكم موقعي: وهو تراكم البضائع والاموال في مخازن او ساحات او مستودعات مراكز الاستلام المختلفة في موانئ او مخازن كمركية.

– التراكم غير المعروف : ويقصد به هو تكدس البضائع المشحونة على السفن او البواخر الراسية على ارصفة الدولة المستوردة او في خلجان الموانئ بانتظار اتمام عملية التفريغ لتلك البضائع.

إذ أنّ تلك السفن تنتظر مدة زمنية اطول من المدة الزمنية المحددة لها وتبقى فيها السفينة راسية في حدود الموانئ المائية من دون ان تجري عملية التفريغ، وهذا يؤدي بدوره الى ان تضطر شركة النقل البحري التي تمتلك تلك السفينة المتأخرة غرامات تأخيرية تتصاعد بمرور الوقت(4).

ثانياً : الاسباب التي تؤدي الى التراكم

أن التراكم في البضائع (المستوردة-المصدرة) له عدة اسباب ينتج عنها ، ويمكن توضيحها بالاتي:-

عدم قدرة موانئ الدولة المستوردة على استقبال السفن او البضائع بكميات كبيرة ودفعة واحدة، مما يؤدي بدوره الى عدم القدرة بتفريغ تلك البضائع في الوقت المحدد، وكنتيجة طبيعية سوف يؤدي هذا الامر الى ازدياد نسبة الضائعات او التلف في البضائع وظهور الغرامة التأخيرية بسبب التأخير في التفريغ.
غياب المخازن والمسقفات الكافية لخزن البضائع المفرغة في موانئ الاستيراد وحمايتها من الظروف الطبيعية ، والتي تؤدي الى تعرض هذه البضائع للخطر.
الافتقار الى الكفاءات الفنية والخبرات الخاصة بعمليات تفريغ وشحن البضائع، مما يؤدي الى تأخر شحن البضائع على السفن الناقلة او في موانئ الشحن، وكذلك بسبب البدائية في الوسائل التي تستعمل في تفريغ وشحن البضائع(5).
واخيراً يمكن القول ان ازدحام موانئ الشحن قد يعرقل وصول السفن الى تلك الموانئ مما يؤدي الى عرقلة عملية شحن البضائع على تلك السفن.

ثالثاً : مسؤولية شركة التأمين في حالة التراكم

من اجل ان تحد شركة التأمين من ظاهرة التراكم التي تحصل في موانئ الشحن او التفريغ او على ظهر السفن او وسائل النقل المستعملة في عملية نقل البضائع، فانها تقوم بتحديد مسؤوليتها في نطاق معين. وهو مبلغ معين يتم الاتفاق عليه بين طرفي العقد (المؤمن والمؤمن له) ، بحيث لاتتجاوز مسؤولة المؤمن هذا المبلغ(6). فمثلاً يتم الاتفاق بأنّ مسؤولية المؤمن (شركة التأمين) عند تراكم البضائع في ارصفة الموانئ او في مخازن الكمارك قبل بدء نقل هذه البضائع ، وبعد ان يبدأ التأمين البحري يكون محدداً بمبلغ معين لايتم تجاوزه وذلك من اجل تجنب الكوارث التي قد تتعرض لها البضائع المتراكمة في تلك المستودعات كخطر الحريق او السرقة(7). لذلك نجد ان بعض شركات التأمين تحدد هذا المبلغ، بحيث لايتجاوز ضعف الحد الاعلى المسموح به لكل شحنة على حدة(8) ويرجع سبب ذلك الى :

ان تراكم البضائع في مواقع غير مخصصة لحفظها يزيد من احتمالية الحاق الخطر بكل انواعه، سواء أكان بالحرق ام السرقة ام التلف ام بغيره من الاخطار التي تلحق بالبضائع(9).
ان شركة التأمين ومن اجل الحفاظ على كيانها، فانها تحدد مسؤوليتها بمبلغ معين يجب ان لا تتجاوزه، لانه في حالة تجاوز هذا المبلغ يعني التأثير المباشر على رأسمال شركة التأمين في حالة ما اذا تعرضت هذه البضائع الى الخطر المؤمن منه. ولابد من القول ان هذا المبلغ الذي يتفق عليه والذي يجب ان لاتتجاوزه شركة التأمين يعدّ الحد الاعلى لمبلغ التأمين والذي سيتم ذكره.

المطلب الثاني : شرط وضع حد اعلى للمبلغ المؤمن به

يكون من حق المؤمن (شركة التأمين) بمقتضى هذا الشرط ان تضع حداً اعلى للمبلغ المؤمن به. ويبدو ان هناك من القوانين التي نصت وبصورة صريحة على هذا(10)الشرط وضرورة تحديده في الوثيقة العائمة، اي لم تكتف بما اورده جمعية مكتتبي التأمين في لندن من شروط، ذلك لاهمية هذا الشرط للمؤمن. إذ نصت م347 من مشروع القانون البحري العراقي لسنة 1974 “1-اذا ابرم التأمين ….. وجب ان تشتمل على ….. والحد الاعلى للمبلغ الذي يتعهد المؤمن بدفعه عن كل شحنة”. وهذه المادة جاءت موافقة لنص المادة (393) من قانون التجارة البحري المصري لسنة 1990. وهناك ثلاثة اسباب تدفع شركة التأمين الى وضع حد اعلى لمبلغ التأمين الخاص بكل شحنة هي :

ان شركة التأمين تضع هذا الشرط من اجل ان تتجنب سوء نية المؤمن له. إذ أن المؤمن له في بعض الاحيان وخروجاً منه عن مبدأ منتهى حسن النية الذي يلزمه دائماً بعدم الاضرار بمصلحة المؤمن من خلال ادلائه ببيانات صحيحة، تخص الشحنة المشمولة بالتغطية التأمينية. اذ وكما يبدو ان شركات التأمين قد لاحظت ان المؤمن له قد يقوم في بعض الاحيان بالمغالاة في تقدير مبلغ التأمين الخاص بكل شحنة او تصريحه من خلال ادلائه ببيانات غير صحيحة وبذلك يزداد مبلغ التأمين، ومن ثم اذا تعرضت الشحنة للخطر المؤمن منه، فإن شركة التأمين سوف تلتزم اتجاه المؤمن له بتعويضه عما لحقه من خسائر لحقت به، وهذا بدوره يؤدي الى اثراء المؤمن له بغير سبب. ومن ناحية اخرى يؤدي الى زعزعة كيان هيأة التأمين المالي(11).
يرجع السبب الثاني من وضع حد اعلى لمبلغ التأمين الخاص بكل شحنة (وكما ذكرنا سابقاً) ، في رغبة شركة التأمين من وضع حد لمسؤوليتها في حالة تعرض البضاعة للخطر المؤمن منه.

ويبدو ان السبب الثالث في وضع هذا الشرط هو من اجل ان تكون شركة التأمين على علم بالحدود التي تحتفظ بها وتقوم بتغطيتها، والحدود التي تقوم باعادة تأمينها لدى شركة تأمين أخرى(12). ونعني باعادة تأمين الشحنة “هو العقد الذي يقوم من خلاله المؤمن في عقد التأمين الاصلي الذي أُبرم بين شركة التأمين والمؤمن له بالتأمين على جزء من الاخطار التي التزم بالتأمين عليها لدى مؤمن ثاني يطلق عليه اسم (المؤمن المعيد) لقاء مبلغ معين يتفق عليه الطرفان(13). وقد اشار قانون التجارة البحرية العثماني بصراحة الى عقد اعادة التأمين في م197 انه “………غير ان الضامن يسوغ له ان يضمن في كل حال عند ضامن آخر الاشياء التي ضمنها ……..”(14). ونجد ان هذا الشرط قد جاء لمصلحة المؤمن والمؤمن له في وقت واحد، ففيما يخص المؤمن (شركة التأمين) فإنَّ هذا الشرط يجنبه الاثار الخطيرة التي قد تلحقه فيما لو تعرضت اكثر من شحنة لاخطار مضمونة من قبله، فانه ومن الطبيعي يلتزم بتعويض المؤمن له عما لحقه من خسائر، وقد يصل مبلغ التعويض الى حد لايتوقعه، يؤدي الى الاضرار بالكيان المالي لشركة التأمين. إلا انه اذا استطاع ان يضع تنظيماً معيناً وعلى وفق تخطيط معين، وعلى ضوء قدرته المالية من خلال اعادة تأمين جزء او كل الاخطار، فانه سوف يتجنب ما قد يحدث فيما لو تعرضت اكثر من شحنة للخطر المؤمن منه، وهنا سوف تقوم شركة التأمين بتوزيع مسؤولية تعويض الخسائر بينها وبين شركة التأمين المعيدة. ولا يخفى ان هذا الامر يؤدي في الوقت نفسه الى حصول ارباح لشركة التأمين الاصلية حتى لو تحقق الخطر المؤمن منه(15). وفيما يخص المؤمن له فان وضع حد اعلى لمبلغ التأمين يكون في مصلحته ايضاً، إذ ان شركة التأمين التي تعامل معها وقام بتأمين بضائعه لديها، سوف تقوم هي بابرام عقد اعادة التأمين، وبذلك سوف يتجنب الكثير من النفقات والجهد فيما لو ابرم هو عقد اعادة تأمين بضائعه لدى الشركة المعيدة. ومن ناحية اخرى نجد ان المؤمن له سوف يضمن حصوله على مبلغ التعويض عند تعرض بضاعته للخطر المؤمن منه، على اساس ان هناك شركتان اصبحتا مسؤولة عن تعويض ما لحقه من خسارة(16).

ولكن السؤال الذي يمكن ان يُطرح ، ما الحكم لو ان مبلغ الشحنة المضمونة يزيد عن الحد الاعلى لمبلغ التأمين لكل شحنة، هل يستطيع المؤمن ان يتنصل عن التزامه فيما لو زاد عن الحد الاعلى؟.

للاجابة عن هذا السؤال نجد ان جانباً من الفقه يذهب الى القول انه اذا افترضنا وقوع مثل هذا الامر، فان المؤمن لايستطيع ان يمتنع عن ضمان الجزء الباقي من مبلغ التأمين بل تقوم باصدار وثيقة تأمين مستقلة بالمبلغ المتبقي. ولكننا نفضل الاسلوب المتبع من قبل شركة التأمين الوطنية، إذ اشارت (ف7) من شروط اصدار عقد الغطاء المفتوح الخاص بوضع الحد الاعلى لقيمة الشحنة الواحدة الى انه “يجوز في حالة ما اذا كان مبلغ الشحنة اكبر من الحد الاقصى لها فانه من الممكن زيادة مبلغ الشحنة الواحدة ولكن بشرط اشعار شركة التأمين تحريرياً وقبل فترة معينة”. ويبدو انه لايوجد ما يمنع اتباع الاسلوب نفسه والمستعمل من قبل شركة التأمين في الوثيقة العائمة.

المطلب الثالث : شرط تصنيف السفن(17).

تعدُّ واسطة النقل المستعملة في نقل البضائع من الامور المهمة التي تؤخذ بنظر الاعتبار من قبل المؤمن في تحديد حدة الخطر المؤمن منه وامكانية وقوعه وفي تحديد قسط التأمين المناسب. ولكنه وكما هو معروف ان اسم السفينة يكون غير معروف من قبل شركة التأمين في الوثيقة العائمة، إِذ أَنَّ اسم السفينة الناقلة للبضاعة المشمولة بالتغطية لايُعيّب الا لاحقاً وفقاً لملحق (التصريحة) الوثيقة. وهذا مانجده في م29/1 من قانون التأمين البحري الانكليزي “وثيقة تصف شروط التأمين بصورة عامة وتترك اسم السفينة الناقلة وتفاصيل اخرى لتعين بتصريحة لاحقة”. لذلك يجب ان تكون السفينة مصنفة ومسجلة في احد السجلات الدولية. وبهذا نجد ان السفن التي لابد ان يقوم المؤمن له بشحن بضاعته عليها من اجل عدم خضعوها لجدول الاقساط الاضافية هي(18):

السفن التي يكون عمرها دون (15) سنة.

السفن التي تتجاوز (15) سنة ولا تزيد على (25) سنة من العمر فيما لو كانت ذات خطوط ملاحية تجارية منتظمة والتي لايكون ابحارها ورحلاتها الا وفقاً لجدول معين(19).

ان تكون السفينة مبنية من الفولاذ(20) ويجب ان تسير بقوة محركاتها تلقائياً.

ان لاتقل حمولتها الاجمالية عن (1000) طن متري مسجل.

ان تكون مصنفة من احدى هيئات تصنيف السفن المحدد ذكرها حصراً في شرط تصنيف السفن. ويشترط في هذه الهيئة وفقاً لشروط تصنيف السفن الجديد (1/1/2001).:

ان يكون عضواً او مساهماً في الاتحاد العالمي لمجمعات التصنيف IACS.

ان يكون مجمعاً وطنياً اي مجمع يعمل بصورة محلية في بلد نفس مالك السفينة والتي يجب ان تكون عاملة تحت علم هذا البلد(21).

– الجزاء المفروض لشرط تصنيف السفن

قد يتسأل البعض ماهو الاجراء المتخذ من قبل شركة التأمين لو ثبت لها ان السفينة التي تنقل البضاعة غير خاضعة لشروط تصنيف السفن، على الرغم من أَنَّ الشروط المثبتة في الوثيقة نفسها قد تضمنت هذا الشرط ونبهت (شركة التأمين) المؤمن له بوجوب ان تكون السفينة الناقلة للبضاعة مصنفة؟. قد يتصور البعض أَنَّ الإجراء المتخذ من قبل شركة التأمين هو الغاء التغطية وعدم تحمل شركة التأمين مسؤولية تعويض المؤمن له في حالة تعرض البضاعة للخطر، لأنه أخل بشرط من شروط العقد. الا اننا نجد وخلافاً للقواعد العامة من الاخلال بالشروط المثبتة في العقد، أَنَّ شركة التأمين سوف تستحصل على اجور اضافية من المؤمن له اي سوف تخضعه إلى جدول الاقساط الاضافية. وهذه الاجور توضع وفقاً لعمر السفينة وصلاحيتها للملاحة البحرية ومقدار تحملها للاخطار البحرية، بغض النظر عن وصول البضاعة المشمولة بالتغطية سالمة ام أَنها قد تعرضت للخطر المؤمن منه. وذلك لأن المؤمن له ووفقاً للوثيقة العائمة لايستطيع ان يرفض التأمين على البضائع بسبب طبيعتها او طريقة شحنها(22). ويبدو ان الحكم السابق لايتم تطبيقه في حالة عدم صلاحية السفينة اصلاً للملاحة البحرية، وكان المؤمن له عالماً بعدم صلاحية السفينة للملاحة البحرية وقام بالتواطؤ مع الناقل على استخدام سفينة غير صالحة للملاحة في هذه الحالة ليس من حق المؤمن له مطالبة المؤمن بالتعويض عما لحقه من ضرر، وذلك بسبب تواطئه . ومن ناحية اخرى نجد ان المؤمن له لايستطيع مطالبة المؤمن بالتعويض فيما لو تنازل عن شرط صلاحية السفينة في العقد الذي ابرم بينه وبين الناقل البحري، وذلك لانه قد حرم المؤمن من مبدأ الحلول في مطالبة الناقل البحري. ويبدو ان كل هذه المسائل هي مسألة وقائع لابد من اثباتها(23). ولكن في حالة اذا ثبت ان الفقدان او الخسارة التي لحقت البضاعة المؤمن عليها كان بسبب الناقل او الاشخاص الذين يعملون لديه ولم يكن ذلك بتحريض من قبل المؤمن له فان حقه في التعويض لايتأثر(24). اِنَّ صلاحية السفينة للملاحة عند بدء الرحلة من المسائل المهمة ، والتي اكدت عليها اتفاقية بروكسل لعام 1924 في م(3) منها والتي نصت على “1-على الناقل قبل الرحلة وعند بدايتها ان يبذل العناية المعقولة في :

وضع السفينة في حالة صلاحيتها للملاحة.

تجهيزها وتموينها بشكل كامل.

تجهيز العنابر وجعلها في حالة صالحة، وكذلك الغرف المبردة والاجزاء الاخرى التي ستوضع فيها البضاعة لنقلها.

اما فيما يتعلق بتسجيل السفينة بواحد من السجلات الدولية المعتمدة في العالم(25)، فهذا الامر بلاشك ينطبق على جميع انواع وثائق التأمين، وليس على وثيقة التأمين العائمة، لانه لايمكن ان يقوم المؤمن بالتأمين على بضاعة منقولة على سفينة غير معروفة وغير مسجلة، لان هذا امر يزيد من درجة خطورة تعرض البضاعة للخطر المؤمن منه. فقد تتعرض للسرقة او الضياع، إذ أَنَّ تسجيل السفينة يعني أنَّ المؤمن يستطيع معرفة مالك السفينة وربانها ومن ثم يستطيع معرفة طاقم السفينة، اذ أن الربان او طاقم السفينة يكونوا سبباً في الخسارة، وبذلك فان عدم علم المؤمن لهم بالطاقم والسفينة يعني عدم استطاعة المؤمن الاستفادة من مبدأ الحلول في مطالبتهم بالتعويض(26). ولقد نصت م(91) من اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار الصادر في 1982 على “ان لكل دولة الحق في تحديد شروط منح جنسيتها للسفينة والشروط التي يتم بمقتضاها تسجيل تلك السفن”. ولقد اشارت (م17/اولاً) من مشروع القانون البحري العراقي لسنة 1987 الى الجهة المسؤولة عن تسجيل السفن، إذ نصت “تقوم منشأة الموانئ بتسجيل السفن والحقوق العينية المتعلقة بها وتنشيء لهذا الغرض مكتباً لتسجيل السفن. يسمى لاغراض هذا القانون بـ(المكتب)”.

المطلب الرابع : المرور في مناطق جغرافية معينة للسفن التي تنقل البضائع المنقولة بحراً(27).

من المعروف اِنَّ للعوامل الجغرافية اثراً في عملية التأمين بصورة عامة والتأمين البحري بصورة خاصة. اذ ان هناك بعض المناطق الجغرافية التي تتميز عن غيرها من حيث درجة الخطورة وإحتمالية تحققها في تلك المنطقة من دون سواها. لذلك نجد أَنَّ درجة الخطورة التي قد تلحق البضاعة المنقولة بحراً تختلف من طريق مائي لآخر ومن فصل لآخر، فنجد ان التيارات المائية القوية والرياح تصيب بعض البضائع التي تمر بها. فالبضائع التي تمر بجزر الهند الغربية تكون احتمالية تعرضها للخطر اكبر مما لو مرت في ممرات مائية اخرى(28). وبما ان المؤمن (شركة التأمين) ليس لديها العلم المسبق عن الطريق الذي تسلكه السفينة ولا الموانئ التي تمر عليها، لذلك نجد ان المؤمن يعلق التزامه بتعويض المؤمن له في حالة اذا تعرضت للخطر المؤمن منه على عدم المرور في منطقة او مناطق معينة. اذ لو مرت السفينة الناقلة للبضاعة المؤمن عليها وتعرضت للخطر المؤمن منه فان المؤمن لايلتزم بتعويض المؤمن له(29).ومما تجدر ملاحظته أَنَّ شركات التأمين عندما تضع هذا الشرط فانها تحاول على قدر الامكان أَنْ تقلل من الخطورة التي تسببها الوثيقة العائمة، فيما لو لم تستخدم من قبل شركة التأمين الاستخدام الامثل. لذلك نجد ان مجمع التجارة حدد بعض المناطق التي يجب ان لاتسير فيها السفينة في اوقات معينة من السنة او التي لاتمر فيها مطلقاً. ومن المناطق التي يجب ان لاتمر فيها السفينة في اوقات معينة من السنة :

أ- يحذر من ساحل امريكا الشمالية المطل على المحيط الاطلسي (انهاره او جزره المجاورة له:

الى الشمال من خط العرض 10- 52ْ شمالاً والى الغرب من خط طول 50ْ غرباً.
الى الجنوب من خط العرض 10- 52ْ شمالاً ، في المنطقة التي تحيط بها الخطوط المرسومة بين ميناء باتل (Battle) وخليج بستوليت (Pistolet) وراس راي (Cape ray) والرأس الشمالي (Cape north) وميناء هاوكسبوري (Hawkesbury) وميناء مالجريف (Mulgrave) وباي كومبر (baiecomeau) وذلك خلال الفترة من (21) ديسمبر وحتى (30) من ابريل.

ب- يحذر من الابحار شحنات الفحم الهندي:

فيما بين اول مارس وحتى الثلاثين من يونيه.

فيما بين اول يوليه وحتى الثلاثين من سبتمبر.

فيما عدا موانئ اسيا والتي لاتتعدى عرب عدن او شرق سنغافورة او تتعداها(30).

اما المناطق التي يحذر من المرور فيها مطلقاً اي في جميع اوقات السنة(31):

يحذر من المياه الاقليمية لجرلاند (greeland water) .

يحذر من البحيرات العظمى (St. Lawrence Seaway) الى الغرب من مونتريال(32).

المطلب الخامس : شرط الالغاء

يعدُّ شرط الغاء التغطية من الشروط التي تدرج في وثيقة التأمين العائمة، على الرغم من أَنَّ نفاذ هذه الوثيقة يكون مرهوناً بعدد الشحنات المشحونة، ومبلغ التأمين الإجمالي المدفوع الى المؤمن (شركة التأمين) في حالة الوثيقة العائمة المقفلة أو بإنتهاء المدة المعينة في حالة الوثيقة العائمة المفتوحة، إذ أنه يحق لطرفي التعاقد (المؤمن – المؤمن له) ان يلغي التأمين على تلك البضائع المشمولة اصلاً بالتغطية(33).لأنَّ المؤمن (شركة التأمين) له الحق في ان يلغي التأمين ومن دون اي مسوغ معتمداً على شرط الالغاء المدرج في الوثيقة في اي وقت يشاء، لكنه يعطي للطرف الثاني (المؤمن له) مدة معينة من اجل ان يتدبر امره فيها من خلال لجوئه الى مؤمن آخر. ونجد في الوقت نفسه أنه من حق المؤمن له ايضاً ان يطلب الغاء التأمين على البضائع التي سيقوم باستيرادها او التي سيقوم بتصديرها(34). ولكننا نعتقد أَنَّ الأمر الطبيعي ان لايصدر شرط الالغاء من قبل المؤمن له، اذ أَنَّ المؤمن له يسعى دائماً الى الحصول على تغطية تأمينية لبضائعه من اجل اتقاء الاخطار التي قد تلحق بذمته المالية الخسائر . الا اذا قد تصرف بالبضاعة الى الغير ولم يكن ملزماً بالتأمين على تلك البضاعة اما المؤمن (شركة التأمين) فتسعى دائماً الى الحصول على ثقة العميل من خلال تأمين التغطية المناسبة لبضائعه . إِلا إّنَّها في الوقت نفسه اذا ما انتبهت بازدياد حدة الخطر، فانها تسعى الى الغاء التأمين . ويبدو ان هذا هو السبب الحقيقي من وجود شرط الالغاء. اِنَّ شرط الالغاء الموضوع في الوثيقة العائمة قد ميز الاخطار البحرية واخطار الحرب، وذلك بان وضع مدة زمنية معينة بانقضائها، يحق لطالب التأمين ان يقوم بالغاء التأمين بعدها. سنحاول ان نبين ذلك وكالاتي:

اولاً : الغاء الاخطار البحرية

اِنَّ لطالب الالغاء حق الغاء التأمين في حالة (الاخطار البحرية) بعد مرور (30 يوماً) من تقديم آخر اشعار كتابي للطرف الاخر بالالغاء(35)..ولكن قد يتبادر الى الذهن التساؤل الاتي : ماذا نعني بالاخطار البحرية وهل يشمل الالغاء في الوثيقة العائمة الغاء جميع الشحنات او الغاء شحنة معينة بالذات؟ وفيما يخص التساؤل الاول عن معنى الاخطار البحرية ، نجد ان قانون التأمين البحري الانكليزي في م3/ الفقرة الاخيرة منه قد وضع تعريفاً للاخطار البحرية، اذ اشار الى ان “الاخطار البحرية تلك النابعة عن الملاحة البحرية والحوادث الطارئة التي قد تتعرض لها وهي اخطار البحر ، الحريق، اخطار الحرب، القرصنة (السلب)، لصوص البحر، الاستيلاء والحجز والايقاف والمنع بأمر السلطات والرمي في البحر وكذلك خيانة الربابنة والملاحين واية اخطار اخرى مماثلة او اخطار تنص عليها وثيقة التأمين عند اصدارها”.اما قانون التجارة البحرية العثماني لعام 1863 فقد اشار في م195 الى الاخطار البحرية إذ نصت تلك المادة على أن “جميع ما تقع من الضائعات والخسائر عن الاشياء المضمونة يعود على الضامن سواء كان ذلك من دواعي النوء او الغرق او الكسر او التنشيب(36).او الفسخ او ما يقع بالضرورة من ابدال الطريق والسفر وابدال السفينة وتحويلها او القاء البضائع في البحر والحريق والضبط والاغتصاب وتوقيف السفينة بامر الدولة واعلان الحرب او مقابلة الخصم بما فعله من خصومه وغير ذلك من المهالك والمخاطر البحرية”. أما قانون التجارة البحرية المصري رقم 8 لسنة 1990 فانه لم يعمد الى اسلوب قانون التجارة البحري العثماني نفسه في التعداد للاخطار البحرية، بل نص في م(345) منه على إمكانية التأمين على جميع الاموال العائدة للمؤمن له والتي تكون معرضة للاخطار البحرية من دون تحديد هذه الاخطار ، اذ نصت تلك المادة على (يجوز التأمين على جميع الاموال التي تكون معرضة للاخطار البحرية……….”. اما قانون التجارة البحري السوري رقم 86 لسنة 1952 فقد اتبع النهج ذاته الذي اتبعه قانون التجارة البحرية العثماني لسنة 1863 الا وهو اسلوب التعداد للاخطار البحرية المضمونة ، وذلك في م329 “يتحمل الضامنون كل هلاك وضرر يلحق بالاشياء المضمونة من عاصفة وغرق وتنشيب على البر وتصادم او ارساء جبري وتغير جبري للطريق وللسفر وللسفينة والطرح في البحر والحريق والانفجار والنهب والضرر الذي يسببه البحارة والسرقة وعموماً كل الطوارئ والحوادث البحرية”. ويمكن ان نستنتج الامور الاتية من م(195) من قانون التجارة البحرية العثماني لسنة 1863:

ان المشرع قد عمد الى اتباع اسلوب معظم القوانين البحرية وهو اسلوب تعدادٍ للاخطار البحرية.
انه ذكر الاخطار البحرية المضمونة على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، لانه قد اشار في نهاية المادة الى عبارة “وغير ذلك من المهالك والمخاطر البحرية”.
ان المادة السابقة الذكر لم تشر الى خطر الجنوح والتصادم البحري على الرغم من اهمية وشيوع وقوع هذين الخطرين.

لكن نجد ان شروط جمعية مكتتبي التأمين في لندن والتي ترفق مع وثيقة التأمين التي تصدر في شركة التأمين تنص على هذين الخطرين في الشرط الخامس، اذ نصت “وكذلك يدفع التعويض عن اي فقد او ضرر يصيب البضائع المؤمن عليها ويمكن ان يعزى على نحو معقول الى الحريق او الانفجار او اصطدام او تماس السفينة او واسطة النقل مع اي جسم خارجي………”.

انّ الاخطار المذكورة في م195 اشتملت على اخطار بحرية واقعة في البحر ، وكانت ناتجة بسببه كالامواج والغرق، وتسمى هذه الاخطار بأخطار البحار واخطار اخرى واقعة في البحر، ولكنها ليست بسببه مثل الحريق والسرقة والاستيلاء بامر السلطة والسطو وغيرها من الاخطار البحرية(37). ان التشريعات العراقية تنظر الى الخطر البحري على انه “ذلك الخطر الذي يترتب عليه ضرر يلحق بالسفينة او البضاعة خلال وجودها في البحر ، فالرابطة المكانية تكفي لتحديد مفهوم الخطر وعليه فكل ما تتعرض له البضاعة او السفينة من احداث في البحر تعتبر خطراً يتوجب مسؤولية المؤمن” (38).ومن ناحية اخرى ، لايوجد نص في تشريعاتنا ينظم امتداد ضمان المؤمن الى اخطار غير بحرية ولا حتى وجود نص يبين حدود الاخطار غير البحرية المضمونة من قبل المؤمن له(39). وسنحاول ان نبين بعض الاخطار البحرية التي لم تذكر في قانون التجارة البحري العثماني لسنة 1863، ولكنها تكون بالرغم من ذلك مضمونة من قبل شركة التأمين الوطنية، وهما خطر (التصادم والجنوح) وخطر الرمي في البحر، بوصفه مثال للاخطار البحرية المذكورة في م195، ومشمولة ايضاً بالتغطية .

التصادم البحري: يقصد بالتصادم هو الخطر الذي ينتج عن ارتطام سفينة ما بسفينة اخرى او بمركب اخر وبصورة قهرية مما يؤدي بدوره الى تحقق تلف احدى السفينتين او كلاهما معاً . وان يؤدي هذا التصادم الى تعرض البضاعة للتلف(40). من هنا يجب ان يكون التصادم بين سفينة واخرى او مع مركب اخر، لكن نجد ان هناك من يرى ان التصادم لايقتصر على ذلك بل ويشمل ايضاً التصادم مع اي جسم عائم اخر حتى وان لم يكن ذلك الجسم سفينة او مركب(41). ويبدو ان هذا الرأي يخالف ماتم ايراده في مشروع القانون البحري لعام 1987 والذي اشار في م188/ف1 “اذا وقع تصادم بين سفينتين او اكثر وبين سفينة ومركب للملاحة النهرية فتسوى التعويضات المستحقة من الاضرار التي تلحق بالسفن (المراكب والاشياء والاشخاص الموجودة عليها طبقاً للاحكام الواردة في هذا الفصل دون اعتبار للمياه التي حصل فيها التصادم”. من هذا نجد ان مشروع القانون البحري العراقي لسنة 1917 قد ركز على الاداة الملاحية المستخدمة والتي سببت التصادم ، بغض النظر عن المكان الذي يحدث فيه التصادم سواء اكان بحري ام نهري(42). ومن ناحية اخرى، نجد ان الشرط الخامس من شروط جمعية مكتتبي التأمين في لندن قد ذكر الارتطام بجسم عائم، فضلاً عن ذكره التصادم ، اي انه قد ميز بين الاثنين.
الجنوح : جنوح السفينة، يعني الاحتكاك الذي يحصل ما بين الجسم المتصل بقاع البحر مع قاع السفينة او جوانبها، والذي يؤدي بدوره الى ارتكازها عليه وينتج عليه توقف السفينة عن مواصلة السير والاستمرار برحلتها لمدة من الزمن(43) .

من هنا نجد ان الشروط التي يجب ان تتوافر في الخطر حتى يعدّ جنوحاً هي :

ان يكون هناك احتكاكاً مابين قاع او جانب السفينة والجسم الذي يكون موجوداً في قاع البحر ، بغض النظر عن كون هذا الجسم عبارة عن صخور او سفينة غارقة في قاع البحر او اي جسم آخر.
ان يكون الاثر المترتب على جنوح السفينة هو توقفها عن مواصلة رحلتها لمدة معينة.
يجب ان يرجع هذا الجنوح الى سبب قهري.

والملاحظ أَنَّ المؤمن (شركة التأمين) لايسأل عن الجنوح الناتج عن ظاهرتي المد والجزر ، لانها من الظواهر المعروفة لدى ربان السفينة بحكم خبرته والتي كان من اللازم التنبيه لها وتجنبها(44).

القاء او رمي البضائع في البحر(45): يقصد بالرمي هو الاجراء الذي يتخذ من قبل ربان السفينة والذي يقوم بمقتضاه برمي جزء من البضائع المحمولة بالسفينة، وبعض اجهزة السفينة في البحر، وذلك من اجل تخفيف حمولة السفينة لانقاذها وانقاذ بضائع اخرى عليها(46). وفي م(245/2) من قانون التجارة البحري العثماني قد اشار الى رمي او القاء البضائع في البحر، إذ نصت تلك المادة الى “الاشياء التي تطرح في البحر لاجل السلامة العمومية او لمنفعة السفينة وحمولتها جميعاً”.اما عن التساؤل الثاني، هو هل ان الالغاء يشمل جميع الشحنات او شحنة معينة؟ فيمكن القول ان شرط الالغاء يمكن ان يطبق على جميع الشحنات كما ويمكن ان يكون الالغاء شاملاً لشحنة معينة وليس جميع الشحنات(47).

ثانياً : اخطار الحرب

يقصد بالحرب “هو الصراع المادي ما بين دولتين او اكثر من اجل اعمال المصلحة الوطنية لكل من الدولتين وقد يأخذ هذا الصراع شكل صراح مادي مسلح كالحرب البحرية كما قد يأخذ شكل الحصار البحري والرمي الكيمياوي والجرثومي”(48). واذا كانت اخطار الحرب مضمونة اصلاً في قانون التجارة البحري العثماني م195 منه، فانه قد يحدث ان تستبعد اخطار الحرب بشروط خاصة في الوثيقة أَي أَنَّ شركة التأمين، وعلى وفق اتفاق مسبق مع المؤمن له بان لايشمل اخطار الحرب، فيما لو وقعت هذه الاخطار فهنا لايُسأل المؤمن (شركة التأمين) عن تعويض المؤمن له استناداً الى الشرط المثبت في الوثيقة.

لكن الذي نجده ان وثيقة التأمين بالرغم من انها تضمن اخطار الحرب فان لشركة التأمين حق الغاء هذا الضمان خلال 48 ساعة من وقت ارسال الاشعار بالالغاء الى المؤمن له(49). وهذا الامر يجعلنا امام التساؤل الاتي، في مصلحة من يكون شرط الالغاء قد وضع في وثيقة التأمين العائمة؟.اذ من غير المتصور ان تكون هناك مصلحة للمؤمن له في الغاء التأمين في حالة نشوب حرب معينة او في حالة توقع حدوث حرب في منطقة معينة. اذ ان من مصلحة المؤمن له ان تبقى هذه التغطية قائمة، لانه دائماً يكون راغباً في تجنب الخسائر التي قد تلحق به. ومن ناحية اخرى نجد ان المؤمن له لايستطيع الغاء اخطار الحرب في حالة فتح اعتماد مستندي من قبل المصرف الذي يُلزم المؤمن له دائماً بضمان اخطار الحرب لقاء التزامه بفتح اعتماد مستندي(50).لذلك نجد ان هذا الشرط لمصلحة المؤمن (شركة التأمين)، اذ أنّها بالرغم من الاتفاق الحاصل بينها والمؤمن له، تقوم بالغاء التامين في حالة حدوث الحرب او حالة التوتر الدولي، لذا فإن هذا الشرط يؤدي الى زعزعة ثقة المؤمن له بشركات التأمين التي كانت قد التزمت في بداية التعاقد بضمان اخطار الحرب. لكنها ما لبثت ان تخلت عن التزامها معتمدة في ذلك على شرط الالغاء الذي يعطيها الحق في الغاء التأمين، ومن ناحية اخرى ان شرط الالغاء يشعر المؤمن له بعدم جدوى تأمين مخاطر الحرب مادام المؤمن له حق الغاء هذا الخطر.لذلك نرى انه ومن اللازم وضع حد لهذا الشرط إِما من خلال تعديله او تعديل احكامه او الغاء هذا الشرط وبصورة نهائية.ومما يجدر ملاحظته ان شركة التأمين تبقى ملتزمةً بالتعويض عن الاخطار التي تلحق البضاعة المشحونة في المدة السابقة لانقضاء الـ(48) ساعة الى حين وصولها الى ميناء التفريغ النهائي لتلك الشحنة(51).

 

(محاماه نت)

إغلاق