دراسات قانونية
الصلح في النزاعات الضريبية (بحث قانوني)
الصلح في النزاعات الضريبية
مقدمة :
يعتبر المال العام الركيزة الأساسية و العمود الفقري في بناء الدولة و تكوينها ، تأسيسا و تسييرا ، فالدولة بصفة عامة تأسست بالإضافة إلى قواعد أخرى على قاعدة مالية و التي لا يمكن تجاهل تأثيراتها في المجال العام للدولة، و تعد هذه القاعدة إحدى المحددات الرئيسية في شروط التنمية الشاملة لأية دولة [1].
والمنازعات الجبائية مجموعة من القواعد المطبقة على الخلافات الناشئة عن عمليات تأسيس أو تصفية أو تحصيل الضرائب، و باعتبار أن أطراف الخصومة في الدعوى هي الإدارة كسلطة عامة فان المنازعة الجبائية هي منازعات بين طرفين غير متكافئين[2].
حيث أن الإدارة باعتبارها سلطة صاحبة امتياز تتوفر على سلطة تقديرية لتحديد وعاء المساهمة في الأعباء العامة، يمكن أن تتعسف في استعمال هاته السلطة و هو ما يبرر منح الملزم الضريبي آليات إدارية و قضائية للدفاع عن حقوقه سواء عبر تقديم تظلم إلى الإدارة مصدرة القرار قصد التراجع عنه أو تعديله جزئيا وفقا لمطالب المتظلم ، أو عبر اللجوء إلى هيئات خاصة ذات تمثيلية مختلطة بين الإدارة و القضاء و ممثلي الملزمين ، و هو ما يطلق عليه باللجان الضريبية التي أحدثها المشرع كضمانة إضافية لفائدة الملزم باعتبارها هيئات مستقلة عن الإدارة ، يلجأ إليها الملزم في حالة عدم الاتفاق حول ما ألت إليه مسطرة التصحيح ، و تنصهر هاته اللجان في إطار فلسفة جديدة للعلاقات بين المتنازعين ، حيث أصبح مفهوم الصلح مألوفا في المناخ القانوني ، و امتد إلى عدة مجالات منها المجال الضريبي.
هكذا نجد هاته اللجان على درجتين : لجان محلية لتقدير الضريبة ، و لجنة وطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضرائب ، غير أن المنازعات الضريبية لا تؤول إلى لجان ضريبية موحدة ، و لا تخضع لإجراءات موحدة بل إن كل ضريبة تؤول إلى لجنة ضريبية يحددها المشرع مع العلم أن القانون المالي لكل سنة يحمل الجديد في المنازعات الضريبية ، و ذلك في مواكبته التطور الحاصل في التشريع الضريبي الخاضع للواقع الاقتصادي و لسياسة الدولة المالية.
أما من حيث طبيعة هذه اللجان فلقد اعتبرها الاجتهاد القضائي مجرد هيآت إدارية ، و نفي تمتعها بأي طابع قضائي حسب ما جاء في أحد القرارات الصادرة عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى )محكمة النقض(. فاللجان الضريبية إذن ليست هيأة قضائية ، إنما هي مجرد جهاز تكميلي، لإدارة الضرائب إذ تعمل على إتمام عمل الإدارة الضريبية فيما يخص الأسس الضريبية.
ومن هنا تظهر أهمية الموضوع في كونه يتناول أجهزة أعطى لها المشرع صبغة خاصة سواء من حيث تنظيمها أو اختصاصاتها أو مساطر عملها ، و من خلال ملامسة أهمية الموضوع تبرز لنا عناصر الإشكالية التي تطرحها اللجان الضريبية و دورها في تسوية النزاعات و المتمثلة في محاولة معرفة إلى أي حد استطاع المشرع المغربي ضمان تسوية فعالة للنزاع الضريبي من خلال تنظيمه للجان الضريبية من حيث تشكيلتها و اختصاصاتها و ميكانيزمات عملها ، مع الاقتصار على اللجان المحلية لتقدير الضريبة و اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية ، نظرا للدور البارز الذي تلعبه في تسوية النزاعات.
و للإجابة على هذه الإشكالية ارتأينا تقسيم الموضوع إلى مبحثين حيث كالآتي :
· المبحث الأول : تكوين اللجن و اختصاصاتها
· المبحث الثاني : المسطرة المتبعة أمام اللجن الضريبية
المبحث الأول : تكوين اللجن الضريبية و اختصاصاتها
تعتبر الطعون الإدارية من أيسر الطرق لحل المنازعات و هي لازالت في مراحلها الأولى، و تحقيق العدالة بطريقة أيسر ، و التقليل من عدد القضايا المعروضة على القضاء. و يعتبر إنشاء لجان التحكيم آلية لإشراك الملزمين في النشاط الإدارة الجبائية ،و خلق تعاون بين الإدارة و الملزمين. و قد أحدث المشرع المغربي اللجان الضريبية للبث في النزاعات الجبائية ، التي تحدث بين الملزم و الإدارة بسبب عدم الاتفاق حول ما آلت إليه مسطرة تصحيح الأساس الضريبي التي تحصل موضوع الضريبة على القيمة المضافة على الشركات و الضريبة العامة على الدخل.
وتعتبر هذه اللجان من أهم الضمانات المخولة للملزمين ، لذلك سنعمل من خلال هذا المبحث على بيان مكونات اللجن الضريبية في )المطلب الأول( على أن نتناول اختصاصات هذه اللجن في )المطلب الثاني( .
المطلب الأول : تكوين اللجن الضريبية
اللجان التي تنظر في النزاعات المرتبطة بالضرائب الرئيسية على درجتين ، درجة ابتدائية و هي اللجان المحلية لتقدير الضريبة و التي يتم تحريك الطعن أمامها من قبل الخاضع للضريبة حيث أوكل لها المشرع النظر في قرارات الإدارة الضريبية في الحالات التي يرفضها الملزم ، و اللجنة الوطنية لتقدير الضريبة كمرحلة استئنافية لقرار اللجنة المحلية ، وهي مفتوحة في وجه الخاضع للضريبة .و منه سنحاول بيان تكوين اللجنة المحلية في )الفقرة الأولى( على أن نتناول تكوين اللجنة الوطنية في )الفقرة الثانية( .
الفقرة الأولى: تكوين اللجنة المحلية:
لقد توخى المشرع من تشكيل هذه اللجان أن يشرك عدة فعاليات في فرض الضريبة و تصحيحها ، تنتمي الى قطاعات مختلفة ، بغية أن تحظى العملية الضريبية بمصداقية و أن يلف القرار الضريبي بأكثر ما يمكن من العدل ، فبالاضافة الى ممثلين عن الادارة أدخل المشرع الجبائي فعاليات جماعية أو مهنية لتمثيل الملزم ، كما جعل على رأسها رجل قضاء ليعطي لقرارها وزنا كبيرا ،و أول ملاحظة تتراءى للعيان هي أن هذه التشكيلة معينة و ليست مختارة من طرف المحتكمين مما يمكن أن ينزع عنها صفة التحكيم.
فحسب المادة 225 من قانون المدونة العامة للضرائب لسنة 2015 [3] تتكون اللجنة المحلية لتقدير الضريبة من أربعة أعضاء وهم :
أولا : قاض :
هو رئيس اللجنة ، بحيث كانت رئاستها قبل الإصلاح تعود إلى ممثل السلطة التنفيذية في شخص عامل الإقليم أو العمالة ، إن إسناد المشرع المغربي مهمة الرئاسة لقاض هو فيه ضمانة للملزم فالقضاء ترتاح له الأنفس و لكون القاضي يكون على علم بكافة القوانين الضريبية ، كما أن تواجد القاضي سوف يمكن من حل الاشكالية المتمثلة في صعوبة التمييز بين المسائل القانونية و الواقعية. في سابق كان يرأس اللجنة المحلية رئيس المحكمة الابتدائية [4]، لكن يعد إحداث المحاكم الادارية مناسبة لأن يعمل المشرع على إسناد هذه اللجان إلى قاض من هذه المحاكم كما هو الشأن بفرنسا[5].
ثانيا : ممثل العامل :
يمثل عامل الإقليم أو العمالة الموجودة بدائرة نفوذه مقر اللجنة المحلية ، فاختيار ممثل العامل في اللجنة يعود بالأساس إلى أن هذا الأخير هو رئيس السلطة المحلية و ممثل السلطة التنفيذية في العمالة أو الإقليم.
فالعامل هو مندوب الحكومة ، و من المفروض فيه أن ينسجم مع سياستها و أن يدافع عن مصالحها ، لذلك فإننا نرى أنه يقوم تقريبا بنفس الدور الذي يقوم به ممثل الإدارة الضريبية باعتبارها تابعة لوزارة المالية التي هي جزء من الحكومة التي يمثلها العامل.
ثالثا : ممثل الإدارة الضريبية :
رئيس المصلحة المحلية للضرائب أو ممثله هو الذي يمثل الإدارة في هذه اللجنة كما يقوم بمهمة الكاتب المقرر ، و هذا التمثيل يستمد قوته من القانون ، لأن ممثل مصلحة الضرائب يتوفر على دراية و خبرة بالمسائل التقنية ، إضافة إلى أن الإدارة طرف أساسي في النزاع مما يمكنها من الدفاع عن مصالحها في اللجان.
إن وجود موظف له دراية بالعمل الجبائي ضمن تشكيلة اللجنة المحلية من شأنه أن يغطي النقص الذي ينتج عن عدم وجود قضاة متخصصين في المجال الجبائي كرؤساء اللجان ، كما من شأنه أن يضمن التوازن المنشود داخل اللجنة المحلية ، و هذا قد ينعكس سلبا على الملزم لأنه الطرف الضعيف أمام خبرة ممثل إدارة الضرائب ، و هذا يستوجب من طرف ممثل الملزمين في هذه اللجنة الإلمام الكبير بالمادة الضريبية[6].
رابعا : ممثل الملزمين :
لقد اعتبر المشرع وجود ممثلي الملزمين شرط إلزامي لصحة مداولات اللجنة في اجتماعها الأول ، و يعد وجود ممثل عن الملزمين في تشكيلة اللجن المحلية حماية للملزم في مواجهة كل قرارات التي قد تتخذها اللجان.
ممثل الملزمين يكون تابعا للفرع المهني الأكثر تمثيلا للنشاط الذي يزاوله الملزم كان شخصا طبيعيا أو معنويا ، يتم تعيين هؤلاء الممثلين من طرف العامل، و هنا نتساءل لماذا لا يتم اعتماد أسلوب الانتخاب بدل التعيين ، اضافة الى عدم تطرق المشرع الى المؤهلات التي يجب أن يتوفر عليها ممثلي الملزمين ، عكس بعض التشريعات التي استلزمت أن تكون لممثلي الملزمين دراية كافية في المجالات التي تثار بشأنها النزاعات المحالة على اللجنة ، في حي ن اشترطت تشريعات أخرى خبرة محاسبية ، بحيث يجب أن يكون ممثلي الملزمين خبير في المحاسبة[7].
يتم تعيين هؤلاء الملزمين لمدة ثلاث سنوات من بين الأشخاص الطبيعيين أعضاء المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا لفروع النشاط المزاول و المدرجين في القوائم التي تقدمها المنظمات المذكورة و كل رؤساء غرفة التجارة و الصناعة و الخدمات و غرفة الصناعة التقليدية و غرفة الفلاحة و الصيد البحري قبل 31 أكتوبر من السنة السابقة للسنة التي تبتدئ خلالها مهام أعضاء المعنيين في حظيرة اللجنة المحلية[8].
الفقرة الثانية : تكوين اللجنة الوطنية :
كما سبق الذكر تعتبر اللجنة الوطنية للطعون الضريبية مرحلة استئنافية في مسلسل المنازعات الجبائية التي تتميز بازدواجية الدرجة ، خلافا لبعض الأنظمة المقارنة كفرنسا و مصر و تونس التي عهد فيها إلى لجنة واحدة للبث في منازعات الفحص الضريبي قبل اللجوء إلى القضاء . ورغم طول المسطرة إلا أننا نعتبر أن في ذلك فائدة للملزم و قد أحدثت اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة بموجب القانون المدونة للضرائب لسنة 2015 ، حيث جاء في مادته 226 ما يلي ” تحدث لجنة دائمة تسمى اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية … ” و هذه اللجنة تابعة مباشرة لسلطة الوزير الأول )رئيس الحكومة حاليا( و مقرها بالرباط[9]”. و حسب هذه المادة فان اللجنة الوطنية تتكون من الأعضاء التاليين :
– قاض يرأس اللجنة الوطنية و يشرف علي سيرها يعينه الوزير الأول )رئيس الحكومة( باقتراح من وزير العدل ، و قد ساد الاعتقاد بأن رئيس اللجنة من الأفضل أن يكون قاضيا ينتمي لهيئة القضاء الإداري ، لكننا لا نوافق هذه الفكرة لسببين:
السبب الأول : هو أن اللجان الضريبية موجودة في جميع مدن المملكة بينما لا توجد المحاكم الإدارية إلا في سبع مدن رئيسية.
السبب الثاني : هو أنه من المحتمل أن تؤول نفس القضية المطروحة على اللجنة الضريبة إلى أنظار القاضي الإداري فيما إذا لجأ طرفي النزاع إلى الاحتكام القضائي[10].
– سبعة )7 ( قضاة منتمين إلى هيئة القضاة يعينهم الوزير الأول )رئيس الحكومة( باقتراح من وزير العدل.
– ثلاثون )30( موظفا يعينهم الوزير الأول باقتراح وزير المالية ، يكونون حاصلين على تأهيل في ميدان الضرائب أو المحاسبة أو القانون الاقتصادي و أن تكون لهم على الأقل رتبة مفتش أو رتبة مدرجة في سلم من سلالم الأجور يعادل ذلك .و يلحق الموظفون المذكورين باللجنة.
– مائة )100( شخص من ميدان الأعمال يعينهم الوزير الأول )رئيس الحكومة( لمدة ثلاث سنوات بصفتهم الممثلين الخاضعين للضريبة ، بناء على اقتراح مشترك لكل الوزراء المكلفين بالتجارة و الصناعة التقليدية و الصيد البحري و الوزير المكلف بالمالية .
و يختار هؤلاء الممثلون من بين الأشخاص الطبيعيين أعضاء المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا والمزاولين نشاطا تجاريا أو صناعيا أو خدماتيا أو حرفيا أو في الصيد البحري ، و المدرجة في القوائم التي تقدمها المنظمات المذكورة ، و كل من رؤساء غرف التجارة و الصناعة و الخدمات و غرف الصناعة التقليدية و غرف الفلاحة و غرف الصيد البحري ، وذلك قبل 31 أكتوبر من السنة السابقة للسنة التي السابقة للسنة التي تبتدئ خلالها مهام الأعضاء المعنيين في حظيرة اللجنة الوطنية.
و إذا طرأ تأخير على تعيين الممثلين الجدد أو حال دون ذلك عائق ، وقع تلقائيا تمديد انتداب الممثلين المنتهية مهامهم لفترة لا يتجاوز ست (6)أشهر . ولا يمكن لأي ممثل من ممثلي الملزمين حضور اجتماع اللجنة عندما يعرض عليها نزاع سبق و أن نظر فيه في حظيرة لجنة محلية لتقدير الضريبة.
إن إسناد رئاسة اللجنة الوطنية الى قاض ،يضمن نوعا من النزاهة و المساواة التي يصعب تحقيقها عند انتماء رئيس اللجنة إلى الإدارة الضريبية[11]. و إذا كانت اللجنة الوطنية قبل سنة 2010 تتكون إلى جانب الرئيس من خمسة قضاة آخرين يتولون اللجان الفرعية الخمسة التي تنقسم لها اللجنة الوطنية ، فان الأمر اختلف من الأمر اختلف من حيث عددهم بعد دخول قانون المالية لسنة 2010 حيز التطبيق ، و بذلك أصبحت هذه اللجنة تضم إلى جانب الرئيس طبعا سبعة قضاة يتولون رئاسة سبع لجان فرعية [12]، ويعينون أيضا من طرف الوزير الأول باقتراح من وزير العدل ، و يعين الرئيس كل سنة من بين القضاة من ينوب عنه إذا تغيب أو عاقه عائق.
فمن خلال جردنا لتشكيلة اللجنة الوطنية نلاحظ على أنه رغم أن المشرع جعل هذه اللجنة كدرجة استئنافية و ألحقها مباشرة بسلطة الرئيس الحكومة إلا أنه من الناحية العملية فكل الدارسين و الممارسين يؤكدون تبعية واقعية لوزارة المالية ، فهي التي تكلفت ببناء مقر اللجنة ، زيادة على أن جميع أعضائها معينون من طرف الإدارة ، ابتداء من القضاة الذين يعينهم الوزير الأول باقتراح من الوزير العدل ، و نقترح أن يتم تعيينهم من طرف المجلس الأعلى للقضاة )محكمة النقض ( لضمان استقلاليتهم و حيادهم [13].
و إذا كان المشرع يولي أهمية كبيرة للتكوين فيما يخص ممثلو الإدارة ، فان ذلك يعد أمرا محمودا ، نظرا لما تقوم به في الدفاع عن المصالح المالية للدولة بغية توفير الأموال اللازمة لقيام الدولة بنشاطها . لكن و تماشيا مع مبدأ العدالة بين الإدارة و الملزم ، فان ما يثير الانتباه هو أن المشرع ينظر إلى تمثيلية الملزم باستخفاف ، و لم يعطي لها القدر الذي تستحقه . فإذا كنا قد أشرنا في سابقا إلى أن المشرع حرص على أن يكون ممثلي الإدارة من الطراز الذي يجعلهم أكثر فعالية للدفاع على مصالح الإدارة من خلال اشتراط التكوين اللازم أو الخبرة ، فانه على العكس من ذلك لم يشر إلى نفس المقتضى بالنسبة لممثلي الملزمين ،فاكتفى فقط بالنص على أن يكون الممثلون تابعون للفرع المهني الأكثر تمثيلا للنشاط الذي يزاوله الطالب [14]، فانه يتعين النص على نفس الشروط بالنسبة لممثلي هذا الأخير و تمتيعه بوضع تمثيلي مريح على مستوى اللجنة الوطنية عبر ممثلين أكفاء.
المطلب الثاني : اختصاصات اللجن الضريبية
أعطى المشرع المغربي للجان الضريبية صبغة خاصة من حيث اختصاصاتها سواء بالنسبة لاختصاصات اللجنة المحلية )الفقرة الأولى( أو لاختصاصات اللجنة الوطنية )الفقرة الثانية(.
الفقرة الأولى : اختصاصات اللجنة المحلية :
إن المشرع المغربي من خلال تنظيمه القانوني للجان الضريبية المحلية ، حاول ما أمكن توسيع نطاق الطعن أمامها ، و ذلك من خلال توسيع اختصاصها النوعي ، كما عمل في نفس الوقت على تقريبها من الملزمين بالضريبة بمد اختصاصها المحلي لضمان القرب و الفعالية و السرعة في حل النزاعات الضريبية ، فإلى أي حد يمكن القول أن المشرع المغربي كان موفقا في تحقيق هذه الأهداف من تنظيم اختصاصات هذه اللجان؟
أولا : الاختصاص المحلي:
في إطار سياسة تقريب الإدارة من المواطنين ، التي جندت المملكة المغربية كل طاقتها المادية و البشرية لإنجاحها ، يندرج إنشاء الضريبة المحلية و نشرها بشكل متزايد و في أكبر عدد ممكن من العاملات و الأقاليم و يعتبر توسيع الاختصاص المكاني لهذه اللجان بالشكل الذي يجعلها قريبة من المكلفين ضمانة فعلية لهؤلاء من خلال تمكينهم من محاولة حل النزاع في مراحله الأولى أمام الجهاز الأقرب و الأكثر دراية بالخصوصيات الواقعية المحلية.
و في هذا الإطار تنص المادة 225[15] في بندها الأول على أنه :” تحدث الإدارة لجانا محلية لتقدير الضريبة ، و تحدد مقارها و دائرة اختصاصها “، و بناء على هذا المقتضى صدر مرسوم بتاريخ 30 دجنبر 1987 يقضي بإنشاء لجان محلية في كل عمالة أو إقليم. إلا أن التساؤل الذي يمكن طرحه في هذا المستوى هو هل ما زال التوزيع الذي أقره هذا المرسوم الذي تم وضعه أزيد من 20 سنة خلت مع الواقع الحالي و ما يعرفه من تطورات على عدة مستويات إضافة إلى التعديلات التي يعرفها التقسيم الإداري.
و ينعقد الاختصاص المحلي للجان المحلية بالنظر لمكان فرض الضريبة ، أي مكان المقر الاجتماعي بالنسبة للأشخاص المعنوية أو المقر الإقامة الرئيسي للأشخاص الطبيعيين.
ثانيا : الاختصاص النوعي :
ينحصر اختصاص اللجنة المحلية في البث في النزاعات المعروضة عليها من جميع جوانبها ما عدا الخوض في تفسير النصوص التشريعية و التنظيمية و التي يجب أن تصرح بعدم اختصاصها في حالة مواجهة حالات تفسير القانون[16]،و هكذا عندما يرغب الملزم في عرض نزاعه أمام أنظار اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ، فان عليه أن يضع في الحسبان مسألة جوهرية تتمثل في أن عليه أن لا يعرض في عريضته مطالب تنصب على مسائل قانونية أو تنظيمية أمام اللجن ، لأن هذه الأخيرة قيد المشرع الضريبي اختصاصها بعدم السماح لها للتعرض للمسائل التي ترى أنها تتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية.
و هكذا و على سبيل المثال فان تقدير المصاريف الحقيقية القابلة للخصم هي مسألة واقع و لكن البحث عن الأساس التشريعي لهذه المصاريف ، مبلغها و طريقة حسابها هي مسألة قانون ، و من جهة أخرى فان معرفة ما إذا كان دخل ما يدخل أو لا يدخل في تقدير الأساس الضريبي يقتضي معرفة ما إذا كان المشرع قد أدخله أو لم يدخله ضمن العناصر المكونة لهذا الأساس و بالتالي فان الأمر يتعلق بتفسير نصوص قانونية [17]. إلا أن الأمر ليس بهذه السهولة بحيث يصعب التمييز بين المسائل الواقعية و المسائل القانونية في ميدان الفحص الضريبي و في المجال الجبائي بصفة عامة ، باعتبارها من أعقد القضايا التي لا تواجهها اللجان الضريبية فقط بل أيضا القضاء و الفقه .
فهذا المقتضى سيزيد من أعباء الملزم الذي عليه أن يبدل مجهودا كبيرا ، و يخصص إمكانية إضافية للجوء إلى المختصين لتحديد ما إذا كان مضمون النزاع الذي يرغب في إحالته على أنظار اللجان يتعلق بمسائل واقعية أو قانونية ، خصوصا أمام تشعب القانون الضريبي و عدم إمكانية الإلمام الشامل بمقتضياته بشكل دقيق.
و إذا كان هذا لا يشكل عقبة لبعض الملزمين كالشركات الكبرى التي تتوفر على إمكانيات مادية لتسخير الخبراء و المستشارين القانونيين لتوجيهها و ترشيدها، فان أهم إشكال ينتج عن هذا المقتضى يتمثل في احتمال إطالة أمد النزاع و ضياع الوقت بسبب كثرة القرارات التي قد تصدر عن هذه اللجان و القاضية بعدم الاختصاص لكون النزاع يتعلق بمسائل قانونية، خصوصا أمام السلطة التقديرية التي تتمتع بها اللجان في هذا المجال، زيادة على الغموض الذي يحول حول المعايير التي يتم الاستناد إليها للقول ما إذا كان الأمر يتعلق بمسائل قانونية أو واقعية [18].فقد تبث اللجنة في مسائل قد ترى أنها من اختصاصها ، لكن قد يرى القضاء أنها تتعلق بمسائل قانونية لا يحق للجنة البث فيها فيقضي بإلغاء قرار اللجنة على هذا الأساس ، ففي هذه الحالة يحق للملزم إعادة طرح النزاع على أنظار الجنة الوطنية من جديد داخل الأجل القانوني الذي لا تحتسب منه مدة الطعن القضائي ما دام أن قرار عدم الاختصاص الصادر من اللجنة لا يؤثر على الأجل و هذا ما يساهم في إطالة أمد النزاع فعلا.
و قد ذهب المشرع الفرنسي في نفس الاتجاه حينما حرم على اللجنة الجهوية الخوض في مسائل تتعلق بتفسير القانون ، في حين اعتبر المشرع المصري لجن الطعن الإدارية ذات اختصاص قضائي حيث منحها المشرع ولاية القضاء للفصل في الخصومات بين الممول و مصلحة الضرائب سواء أكانت واقعية أو قانونية ، كما فرض عليها أيضا الالتزام بالمبادئ العامة للتقاضي ، مع العلم أن لجنة الطعن المصرية لجنة إدارية بحثة[19].
الفقرة الثانية : اختصاصات اللجنة الوطنية :
لضمان الغاية من التحكيم في الميدان الضريبي ، كان من المفروض أن يقر المشرع الضريبي وسيلة جدية لممارسة نوع الرقابة الفعالية على أعمال و قرارات اللجنة المحلية [20]، لذلك تم التنصيص في المادة 226 من المدونة العامة للضرائب في الفقرة الأولى أنه “ تحدث لجنة دائمة تسمى اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، ترفع إليها الطعون في المقررات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة و النزاعات المشار إليها في المادة 2/225″.
من أجل ذلك حددت 226 في فقرتها الأولى من المدونة العامة للضرائب أن اللجنة الوطنية تتمتع باختصاصين: أولها اختصاصها كلجنة استئناف و ثانيها اختصاصها ابتدائيا يتمثل اختصاصها كلجنة استئناف )الاختصاص العام( في كونها تختص بالبث في الطعون المتعلقة بالضريبة التي ترفع إليها من طرف الملزم أو الإدارة ضد مقررات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة.
لهذا أصبح حق استئناف قرارات اللجان المحلية من حق جميع المكلفين كيفما كان مبلغ الأساس الضريبي المحدد أمامها، فقط يلتزم الطاعن باحترام مجموعة من الشروط الشكلية . وذلك بعد أن كان هذا الحق محدد بقيود في النظام الضريبي السابق[21].
أما اختصاصها ابتدائيا و استئنافيا )الاختصاص الخاص( فيتعلق بالنظر في نوع من النزاعات التي تنتج عن حالة استثنائية حددها القانون و هي :
· الحالة التي ينعدم فيها تمديد فترة الممثلين المنتهية فترة انتدابهم لأي سبب من الأسباب.
· أو في الحالة التي لم يتسن في فاتح أبريل تعيين ممثلين جدد للخاضعين للضريبة ، حيث أجاز المشرع للملزم بأن يطلب من الإدارة المثول أمام اللجنة المحلية المكونة من 3 أعضاء فقط دون ممثل الملزمين، أو أن يرفض ذلك وتقوم الإدارة عند انتهاء الأجل المحدد بعرض النزاع من تلقاء نفسها مباشرة على اللجنة الوطنية لتنظر فيه ابتدائيا و انتهائيا في مرحلة ما قبل القضائية.
أما من حيث مدى اختصاصها الموضوعي فينحصر ، في المسائل الواقعية أي تلك التي تتعلق بتحديد الأسس الضريبية ، أما تلك التي تتعلق بمسائل قانونية فالمشرع منعها صراحة من البت فيها و أوجب عليها أن تصرح بعدم اختصاصها في المسائل التي ترى أنها تتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية [22].
أما من حيث اختصاصها المكاني ، فتختص اللجنة كما تدل على ذلك تسميتها على المستوى الوطني النظر في كل الطعون التي تقام ضد مقررات اللجان المحلية لتقدير الضريبة .
و الإشكال الذي يثار هو أن الأمر لا يكون دائما بهذه البساطة و خاصة فيما يخص التمييز بين المسائل الواقعية و القانونية، إذ لا توجد هناك معايير دقيقة للتمييز بين المسائل الواقعية و القانونية.
و من بين المسائل التي يتعين على اللجان التصريح بعدم الاختصاص :
· المسائل التي يتطلب حلها تفسير مقتضيات قانون الضريبي.
· البحث في نطاق تطبيق الضريبة .
· تحديد مكان الضريبة.
· تكييف الوقائع بالنسبة لقانون الضريبي.
و بالإضافة إلى الاختصاصات السلف الذكر ، تختص اللجنة الوطنية كذلك في النظر في الطعون المقدمة من مدير الضرائب المباشرة أو رئيس الغرفة الفلاحية و التي تتعلق بالقرارات الصادر عن اللجان المحلية.
و على كل حال فأغلب المنازعات المحالة على اللجنة الوطنية و التي تقارب 500 طعن في السنة تتم معالجتها و تصفيتها على هذا المستوى ، و لم تقدم إلى القضاء الإداري إلا حوالي 10 طعون تقدم بها مدير الضرائب بسبب تجاوز اللجنة الوطنية لاختصاصها و البث في المسائل المتعلقة بتفسير القانون و هي الحالات التي تمثل تجاوزا صريحا لاختصاص اللجنة كحالة إرسال الإعلام بالتحقيق، حيث تتضارب وجهات النظر بين أطر الإدارة و أعضاء اللجنة على المستوى الغير الرسمي بين تفسير القانون و تطبيق القانون[23].
المبحث الثاني : المسطرة المتبعة أمام اللجان الضريبية
لقد منح المشرع الضريبي المغربي للملزمين بالضريبة إمكانية عرض نزاعاتهم على اللجان المختصة التي تحدث لحل النزاع بين الإدارة و الملزمين ، على اعتبار الإدارة هي الطرف القوي ، مما يجعلها في بعض الأحيان تتخذ قرارات تعسفية تمس بحقوقهم ، لذلك حاول المشرع حمايتهم عبر إنشاء لجان للبت في النزاع و فتح حوار بين الأطراف قبل اللجوء إلى القضاء.
و عليه سنحاول التطرق إلى المسطرة المتبعة أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة في { المطلب الأول } ، على أن نتناول المسطرة أمام اللجنة الوطنية في { المطلب الثاني }.
المطلب الأول : المسطرة المتبعة أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة
إن اللجوء إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ليس مفتوحا لجميع الملزمين بالجبايات المحلية وإنما فقط لأولئك الذين احترموا سلوك المساطر الجبائية التي سبقت الإشارة إليها مند بدايتها أي مند تسلم الرسالة الأولى للتبليغ المتعلقة بالتصحيح .
و عليه سنحاول التطرق إلى شروط اللجوء إلى اللجنة المحلية { الفقرة الأولى }، ثم سير عمل جلسات اللجنة المحلية الضريبية { الفقرة الثانية }.
الفقرة الأولى : شروط اللجوء إلى اللجنة المحلية الضريبية :
لقد حدد المشرع الضريبي المغربي مجموعة من الشروط، من أجل اللجوء إلى اللجنة المحلية ، بدءا باحترام الأجل { أولا } ، ثم بتقديم هذا الطلب كتابة متضمن جميع البيانات اللازمة { ثانيا}.
أولا : شرط الأجل
قام المشرع بتحديد الأجل القانوني للملزم للتعبير عن رغبته في عرض النزاع على تحكيم اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ، و ذلك داخل أجل 30 يوما التالية لتاريخ تسلم رسالة التبليغ الثانية.[24]
لكن ما هو طبيعة أجل الطعن أمام اللجنة المحلية ، هل هو أجل تقادم ام أجل سقوط ؟
بالرجوع إلى المادتين 220 و 221 من المدونة العامة للضرائب نجد أن الأساس الضريبي يصير نهائيا عند عدم تقديم الطعن داخل الأجل القانوني فالمشرع لم يتحدث عن انقطاع هذا الأجل ولم يورد أن القوة القاهرة توقف سريان أجل الطعن أمام اللجنة المحلية، مما يؤدي إلى التأكيد على أن اجل الطعن أمام اللجان المحلية أجل سقوط لا تسري هذا عليه أحكام الوقف والقطع .
ثانيا : شرط الكتابة
لقد نص المشرع الضريبي ، على أن الطلب الذي يعرض على اللجنة المحلية الضريبية ، يجب أن يحرر كتابة ، كما يجب أن يتضمن جميع البيانات و الوسائل التي تمكنه من تدعيم موقفه لدى اللجنة المحلية مع موضوع النزاع ، إلا أن المشرع لم يحدد كيفية توجيه هذا الطلب .
و عليه يجب أن يرسل عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل إلى مفتش الضريبة الذي يوجد بدائرة نفوذه الترابي.[25]
و بالتالي فالملزم لا يوجه طلبه إلى اللجنة المحلية ، بل إلى مفتش الضريبة، و هذا الأخير يرفعه إلى اللجنة المحلية الضريبية .
لكن هنا يطرح إشكال حول الطلب ، هل الملزم ملزم بالتوقيع على الطلب أم لا ؟.
إن المشرع المغربي لم ينص صراحة على ضرورة توقيع الملزم ، غير أنه و بالرجوع إلى الدورية المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة ، نجدها تشير إلى عدم قبول المطالبة غير الموقعة من قبل الملزم المعني بالأمر أو وكيله.[26]
و بالتالي يمكن القول على أن توقيع الملزم أو وكيله ضروري، لأنه يعبر عن إرادة صريحة من الملزم في اللجوء إلى اللجنة المحلية لإيجاد حل ملائم للنزاع القائم مع الإدارة. و إلا أصبح عرضة للطعن و باطلا شأنه في ذلك شأن الإجراءات أمام المحاكم.[27]
الفقرة الثانية : جلسات اللجنة المحلية لتقدير الضريبة
لقد حدد المشرع الضريبي عدة ضوابط لسير جلسات اللجنة المحلية لتقدير الضريبة لضمان السير الجيد لهذه اللجان ،و لحماية حق الملزم لابد من استدعائه لحضور الإجماع ” أولا ” ،ثم بعد ذلك لابد من تبليغه بمقررات اللجنة المحلية ” ثانيا “.
أولا : استدعاء الأطراف و اجتماعات اللجنة المحلية
حينما تنتهي المسطرة التواجهية بين الإدارة الضريبية والملزم بطلب من هذا الأٌخير يتم الاحتكام إلى اللجنة المحلية للبت في نقط الخلاف العالقة ،يقوم مقرر اللجنة المحلية –رئيس المصلحة المحلية للضرائب أو ممثله- بتوجيه استدعاء إلى كل أعضاء اللجنة عن طريق رسالة مضمونة الوصول وذلك بأمر من رئيس اللجنة ويجب أن يتضمن هذا الاستدعاء مجموع النزاعات التي ستبت فيها اللجنة ونسخ تقارير هذه النزاعات التي يقوم مفتش الضرائب بإعدادها بمجرد حصول الطعن .
ويجب أن تكون هذه التقارير معللة ومفصلة بالنسبة لكل نزاع يعرض على اللجنة المحلية كما يجب أن تتضمن جميع الدلائل والحجج التي تقدم بها الخاضع للضريبة والإدارة على السواء وكذلك نقط الخلاف المتعلقة بالنزاع أما الجوانب التي تم التراضي حولها فإن اللجنة لا تنظر فيها ،ولقد أصبحت اللجان المحلية تعقد جلساتها في مقر المحكمة الإبتدائية عوض إدارة الضرائب،أو مقر العمالة ،وانعقاد الجلسة بمقر المحكمة إجراء من شأنه أن يبعث نوعا من الطمأنينة والثقة في نفوس الملزمين.[28]
وتنعقد اجتماعات اللجنة بحضور كافة أعضائها الرسميين إلا أن القانون يشترط لصحة مداولاتها حضور ثلاثة أعضائها فقط على الأقل بشرط أن يكون الرئيس وممثل المكلفين من بين الثلاثة الحاضرين إلا أن اللجنة يمكن أن تبت في النزاع بغياب ممثل الخاضع للضريبة في الحالة التي يتأخر فيها تعيين هذا الأخير مع قبول المكلف بأن تنظر اللجنة في النزاع دون حضور ممثلة وإذا لم يتأت توفر النصاب القانوني في مداولات اللجنة وجب عليها أن تعقد اجتماعاتها ثانية ، وفي هذه الحالة فإن مداولاتها تكون صحيحة بحضور رئيس وعضوين آخرين.[29]
و يمكن للجنة في حالة وجود مسائل تقنية الإستعانة بخبيرين على الأكثر من بين الخاضعين للضريبة أو من بين الموظفين ، و يكون لهما صوت استشاري فقط و يتم الإستماع الى الخاضع للضريبة بناءا على طلبه ،أو في الحالة التي ترى اللجنة ضرورة في ذلك ، في هذه الحالة يتعين عليها استدعاء ممثلي ادارة الضرائب المعينين من لدن الإدارة لتمثيلها أمام اللجنة ، و تستمع الى الطرفين كل على حدة أو هما معا إما بطلب من أحدهما أو إذا ارتأت اللجنة أن هذه المواجهة ضرورية ،ويدلي كل طرف بدفوعاته و الحجج و المواقف التي تدعم موقفه و تحاول اللجنة إيجاد وفاق بين الطرفين للوصول إلى حل مرضي للطرفين ، وفي حالة التعذر يدخل النزاع مرحلة المداولة قصد اتخاذ مقرر عن طريق مسطرة التصويت.[30]
ثانيا : إصدار مقررات اللجنة المحلية
بعد مناقشة نقط النزاع دون التوصل إلى حل يرضي الطرفين – الإدارة الملزم – ينهي رئيس اللجنة مرحلة الاستماع إلى دفوعات الأطراف ليدخل النزاع مرحلة المداولة.
تتخذ اللجنة المحلية مقرراتها بأغلبية أصوات أعضائها الحاضرين وفي حالة تعادل الأصوات يرجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس.
[31] ولا يملك حق التصويت أثناء مرحلة اتخاذ القرار إلا الأعضاء المنتمين إلى اللجنة دون الخبراء لأن لهم دور استشاري فقط.
وما كان يؤخد على المشرع المغربي أنه لم يكن ينص صراحة على وجوب تعليل مقررات اللجنة المحلية وهو ما كان يفرغ حق الطعن المخول للملزم او للإدارة من محتواه فتعليل المقرر يمكن الطاعن من تقرير اسباب طعنه وقد تدارك المشرع هذا الفراغ التشريعي إذ نص في قانون المالية لسنة 2001 وبعده في المدونة العامة للضرائب[32] على وجوب أن تكون المقررات الصادرة عن اللجنة المحلية مفصلة ومعللة .
والواقع أن النص على ضرورة تعليل اللجنة لمقرراتها يمثل ضمانة هامة للملزمين ويبعث في نفوسهم الطمأنينة، إذ معنى تعليل مقرر اللجنة أنها قد أطلعت على كافة وقائع النزاع وجميع المستندات والأوراق المقدمة وأحاطت بالطعن من كافة جوانبه.
ويجب أن يصدر مقرر اللجنة المحلية في الأجل المحدد له وهو أربعة وعشرين (24) شهرا ابتداء من تاريخ توجيه الطعن إلى اللجنة . ويقوم مقرر اللجنة بتبليغ المقرر للطرفين وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من مدونة الضرائب.أما إذا انصرم الأجل و لم تتخذ اللجنة مقررها ،و جب على المقرر إشعار الخاضع للضريبة ،بإنتهاء الأجل 24 شهرا و بإمكانه تقديم الطعن أمام اللجنة الوطنية داخل أجل 60 يوما الموالية لتاريخ تسلم الإشعار.[33]
في الأخير يمكن القول بأن قيام المشرع بتنظيم المسطرة المتبعة أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ، من خلال منح الملزم أجل 30 يوما لتقديم طعنه على أنظار اللجنة ، مع احترام مسطرة التبليغ القانونية و جعل انعقاد جلساتها بمقر المحكمة الابتدائية ، مع إمكانية استدعاء الملزم للاستماع إليه ، فضلا عن قيد اللجنة لإصدار قرارها في 4 أشهر و أن تكون معللة و مفصلة ، بالإضافة إلى منح الملزم 60 يوما للاستئناف أمام اللجنة الوطنية .كل هذا يعتبر ضمانة مهمة خولها المشرع للملزمين في المنازعات الضريبية .فما هي الضمانات التي خولها لهم أمام اللجنة الوطنية ؟.
المطلب الثاني : المسطرة المتبعة أمام اللجنة الوطنية
بمجرد توصل الملزم بمقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة، يحق له وللإدارة على حد سواء التقدم بطعن ضد المقرر أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة.
وكما سبق القول ، فإن الطعن في مقرر اللجنة المحلية لا يتعلق بالأسس المتضمنة في المقرر ولا يحد منه سوى احترام الآجال القانونية المحددة مع ضرورة التقيد ببعض البيانات الإلزامية التي يشترطها القانون في عريضة الطعن.
و عليه سنحاول التطرق إلى تحريك مسطرة الطعن أمام اللجنة الوطنية { الفقرة الأولى } ، على أن نتناول سير عمل اللجنة الوطنية { الفقرة الثانية}.
الفقرة الأولى : تحريك مسطرة الطعن أمام اللجنة الوطنية
لتحقيق الغاية المتوخاة من قرار اللجنة الوطنية كان من الضروري تنظيم المسطرة أمام هذه اللجنة للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة بالشكل الذي يجعلها تمارس رقابة فعالة على اللجان المحلية ، حيث تمثل ذلك توضيح شروط اللجوء إلى اللجنة الوطنية و يتعلق الأمر هنا بآجال الطعن { أولا } ثم الشروط الواجب توفرها في عريضة الطعن { ثانيا } .
أولا : أجل الطعن
لقد نص المشرع المغربي يجب أن يقدم الطعن الخاضع للضريبة أو الإدارة أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة داخل أجل 60 يوما الموالية للتاريخ الذي وقع فيه تبليغ مقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة إلى الطرفين.[34]
الملاحظ أن المشرع المغربي قد حدد أجل تقديم الطعن إلى اللجنة الوطنية في شهرين، ابتداءا من تاريخ التبليغ ، و بذلك يكون قد سوى بين الإدارة و الملزم ، من حيث بداية احتساب الأجل ، رغم أن الإدارة تكون على علم بمضمون المقرر ، الشيء الذي يجعل الطرفين لا يستفيد عمليا من أجل الطعن بشكل متساوي.
لكن قد يقدم المكلف بالضريبة طعنه إلى الإدارة الضريبية معتقدا أن توجيه الطعن إلى اللجنة الوطنية يتم عبرها مما قد يؤدي إلى فوات أجل الطعن، فهل إذا قدم الملزم في هذه الحالة عريضة الطعن بعد ذلك إلى اللجنة الوطنية خارج الأجل القانوني يقبل طعنه ؟
حسب نفس المادة أعلاه فإن عدم تقديم الطعن داخل الأجل المنصوص عليه يعتبرا قبولا ضمنيا لمقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة.
ثانيا : عريضة الطعن
يتم تحريك مسطرة الطعن أمام اللجنة الوطنية بمقتضى عريضة مكتوبة توجه من قبل الإدارة او الملزم ، وفي هذا الصدد ينص المشرع في المادة 220 من المدونة العامة للضرائب على أنه “… يقدم الخاضع للضريبة طعنه في صورة عريضة توجه إلى اللجنة المذكورة في رسالة مضمونة مع إشعار بالتسليم ويقدم طعن الإدارة من لدن مدير الضرائب أو الشخص الذي يفرضه لهذا الغرض ويوجه إلى اللجنة المذكورة وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 تحدد عريضة الخاضعين للضريبة موضوع الخلاف وتتضمن عرض للحجج المستند إليها” [35]
ويتضح من المادة الأخيرة أن المشرع حدد طريقة توجيه عريضة الملزم إلى اللجنة الوطنية –عبر رسالة مع إشعار بالتوصل – لكنه لم يقيد الإدارة بوسيلة لتوجيه عريضتها إلى اللجنة بل ترك لها حرية اختيار الطريقة التي تختارها إما عن طريق رسالة مضمونة الوصول أو بواسطة أعوان الإدارة الضريبة او بالطريقة الإدارية .
و كذلك يلزم القانون الخاضع للضريبة بتضمين عريضة طعنه أمام اللجنة الوطنية بالبيانات اللازمة المتعلقة بموضوع النزاع والإثبات والحجج التي يستند إليها في دفاعه وفي المقابل فالإدارة لم يلزمها بذلك، بل ألزمها بإحترام الأجل فقط.
الفقرة الثانية : سير عمل اللجنة الوطنية
إن المشرع الضريبي المغربي قد وضع ضوابط لطريقة عمل اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية سواء على مستوى التبليغ و انعقاد الجلسات { أولا } أو على مستوى مقرراتها { ثانيا}.
أولا : التبليغ و انعقاد الجلسات
لقد نص البند الخامس من المادة 220 من مدونة الضرائب على أنه يجب على اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية ممثلة في شخص القاضي رئيس اللجنة ، أن يخبر الطرف الأخر داخل 30 يوما الموالية لتاريخ تسلم الطعن مع تبليغه نسخة من العريضة المرفوعة ، و يجب عليه كذلك أن يطلب من الإدارة الضريبية أن تسلمه الملف الضريبي للملزم المتعلق بالفترة محل النزاع داخل أجل 30 يوما.
و إذا تقاعست الإدارة الضريبية عن إرسال الملف الضريبي إلى اللجنة الوطنية داخل أجل 30 يوما ،فان تحديد الضريبة يتم وفقا للأسس التي اقر بها الملزم وقبلها إذا كان قد قدم طعنه أمام اللجنة الوطنية داخل الأجل القانوني . و في حالة العكس فإن الضريبة محل المنازعة تحدد وفق الأسس التي حددتها اللجنة الوطنية لتقدير الضريبة[36] ، نظرا لأن عدم تقديم الطعن من قبل الملزم داخل الأجل يعتبر بمثابة قبول ضمني .
و تعقد اللجنة الفرعية العدد الكافي من الجلسات للنظر في دفوعات أطراف النزاع ويحق لكل طرف من طرفي النزاع تقديم اقتراحات وإثباتات جديدة دون المس بموضوع النزاع ويحاول رئيس اللجنة إيجاد توافق بين طرفي النزاع بخصوص الأسس الضريبية المتنازع عليها ،غير أنه في حالة عدم التوصل إلى حل يرضي الطرفين يدخل النزاع مرحلة المداولة ولكي تكون مداولات اللجنة الفرعية صحيحة يجب حضور الرئيس وعضوين آخرين يمثل أحدهما الخاضع للضريبة والآخر الإدارة. وتتداول اللجنة الفرعية في اجتماع ثان بحضور الرئيس وعضوين آخرين من بين أعضاء اللجنة ، فإن تعادلت الأصوات رجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس.[37]
ثانيا : إصدار مقررات اللجنة الوطنية
لقد اشترط المشرع المغربي وجوب صدور مقررات اللجان الفرعية مفصلة و معللة[38] كما يجب على اللجنة الوطنية أن تفصل في الطعن بشكل نهائي داخل اجل 12 شهرا ، و عند انصرام هذا الأجل ، دون أن تتخذ اللجنة مقرراتها لا يجوز لها إدخال أي تصحيح على إقرار الخاضع للضريبة على أساس عرض الضريبة المعتمد من لدن الإدارة ، غير انه في حالة إعطاء الملزم موافقته للأسس المبلغة من الإدارة أو في حالة عدم تقديمه الملاحظات على أسباب التصحيح المدخلة من قبل الإدارة ، يكون الأساس المعتمد لإصدار الضريبة هو الناتج عن تلك الموافقة الجزئية.[39]
و يقوم القاضي المشرف على إعمال اللجان تبليغ برسالة مضمونة الوصول مع الإشعار بالتسليم خلال 6 أشهر الموالية لتاريخ صدور المقرر، و يمكن الملزم الطعن في مقررات اللجنة أمام المحاكم الإدارية سواء في المسائل الواقعية أو القانونية داخل أجل 60 يوما ، كما يمكن للإدارة الضريبية أن تنازع في المقررات النهائية الصادرة عن اللجنة الوطنية داخل نفس الأجل سواء تعلقت هذه القرارات بمسائل قانونية أو واقعية.[40]
(محاماه نت)