دراسات قانونية

الوقف الاتفاقي للخصومة (بحث قانوني)

في هذا النوع من الوقف لمحكمة الموضوع المختصة بنظر النزاع ان تقضي بوقف الدعوى ولكن هذا الوقف لا يتحقق الا بناءً على ارادة اطراف الدعوى، فقد يلجأ الخصوم الى الطلب من المحكمة وقف الخصومة لا سباب تعرض لهم اثناء الترافع فيها ورغبتهم في انهاء الخصومة بالطرق الودية وذلك عن طريق عقد الصلح ويتطلب ذلك مفاوضات قد يطول أمرها ومحكمة الموضوع قد لا توافقهم على تكرار التأجيل في نظر الدعوى لعدة مرات فعندئذ منحهم القانون الحق في طلب وقف المرافعة بناء على اتفاقهم، او الاحالة الى التحكيم او أي غرض آخر مشترك فبدلاً من تأجيل الدعوى لمرات عديدة وقد لا يوافق القاضي على منحهم اياه، فالتأجيل يخضع لتقدير المحكمة ولا تلتزم بشأنه برغبات الخصوم ولا حتى باتفاقهم وذلك لان مصلحة العدالة تقضي سرعة فض الخصومات(1).

واشارت المذكرة التفسيرية لقانون المرافعات المصري الملغي رقم 77 لعام 1949 الى هذا الوقف بقولها “ان الدعوى يجوز ايقافها بناءً على اتفاق الخصوم، ولا شك في ان هذا الايقاف يختلف عن الايقاف الذي يحصل بحكم القانون او بحكم من المحكمة، وقد حدا على وضعه ان الخصوم قد تعرض لهم اسباب تدعو الى ارجاء النظر في الدعوى مدة كافية تبيح لهم تحقيق مشروع صلح او احالة الى تحكيم او غرض آخر مشترك. فبدلاً من التأجيل الذي قد لا يوافقهم القاضي على منحه او على امده، فقد رؤي تخويلهم حق ايقاف الدعوى بالاتفاق“(2). ونصت المادة (82/1) من قانون المرافعات العراقي على انه “يجوز وقف الدعوى اذا اتفق الخصوم على عدم السير فيها مدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر من تاريخ اقرار المحكمة لاتفاقهم” والفقرة الثانية نصت على ان “ اذا لم يراجع أحد الطرفين المحكمة في الخمسة عشر يوماً التالية لنهاية الاجل تبطل عريضة الدعوى بحكم القانون“. ونصت المادة (128) مرافعات مصري على انه “يجوز وقف الدعوى بناء على اتفاق الخصوم على عدم السير فيها مدة لا تزيد على ثلاثة اشهر من تاريخ اقرار المحكمة لاتفاقهم ولكن لا يكون لهذا الوقف اثر في أي ميعاد حتمي يكون القانون قد حدده لاجراء ما. اذا لم تعجل الدعوى في ثمانية الايام التالية لنهاية الاجل اعتبر المدعي تاركاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه“(3). فالوقف الاتفاقي لا يتحقق الا بتوافر شرطين اساسيين هما:-

الشرط الاول:- اتفاق اطراف الخصومة على الوقف:-

لكي يتحقق الوقف الاتفاقي فلابد من اتفاق اطراف الدعوى على طلب الوقف ولكن من هم اطراف الدعوى الذين يحق لهم الاتفاق على هذا الوقف فأتفاق المدعي والمدعى عليه على الوقف وان تعددوا هو ليس محلاً للنقاش، ولكن هل يجوز لمن تدخل في الدعوى تدخلاً انضمامياً او تدخلاً اختصامياً الاتفاق على وقف الدعوى مع أحد أطرافها (المدعي والمدعى عليه) دون موافقة الطرف الآخر وان يقتصر الاتفاق عليهم، ولكن نرى ان هؤلاء ليس لهم الاتفاق على وقف الدعوى سواء مع أحد طرفيها دون موافقة ورضا الطرف الآخر على هذا الوقف وليس لهم الاتفاق على الوقف فيما بينهم دون موافقة الأطراف الأصليين. لأن مثل هذا الوقف قد يؤدي إلى عرقلة حسم الدعوى مما يؤدي إلى إلحاق الضرر بحقوق الخصم الذي لم يتم الاتفاق معه على الوقف ومنعه من استيفاء هذه الحقوق التي يسعى إليها من إقامة الدعوى كمدعٍ أو من إبداء الدفوع الموضوعية لدفع دعوى المدعي كمدعى عليه. وان مثل هذا الوقف ليس للمحكمة ان تقضي به دون موافقة أي من الطرفين المتداعيين واستجابة لرغبة أحدهما دون الآخر ولو كان ذلك الاتفاق معقوداً مع الشخص الثالث الذي انضم إلى جانب الخصم الذي لم يدخل في نطاق الاتفاق على الوقف وأيضاً يؤدي إلى عدم استقرار مركزه القانوني(4).

أما الخصم غير الحقيقي كالخصم الذي يختصم لصدور الحكم في مواجهته ويقف من الخصومة موقفاً سلبياً في جميع مراحلها يسري هذا الوقف بحقه ولو لم يطلب ذلك او اعترض على الوقف ولا يخرجه هذا الاعتراض عن موقفه السلبي اذ لا يعتبر دفعاً او دفاعاً في الدعوى، ونرى ان هذا المتدخل في الدعوى هو في الغالب الشخص الثالث الذي تدخله المحكمة في الدعوى للاستيضاح منه او من تدخل طالباً بحق لنفسه ولما كان الخصم المنضم ليست له طلبات مستقلة تنفذ في حقه طلبات الخصم الذي انضم اليه ومنها الطلب بوقف الدعوى مما يحول دون الاعتراض من قبله على طلب الوقف(5). وفي حالة اذا ما تعدد المدعون او المدعى عليهم فهل يجب اتفاق جميع الاطراف على الوقف ام انه يجوز اتفاق بعض المدعين مع بعض المدعى عليهم على الوقف او اتفاق احد المدعين مع المدعى عليه على الوقف او احد المدعى عليهم مع المدعين على الوقف؟ يذهب رأي الى القول بأن الخصومة في حال تعدد اطرافها يجوز الاتفاق بين احد المدعين مع المدعى عليه على وقفها وقفاً جزئياً وعلى المحكمة اجابة هذا الطلب متى كانت الخصومة تقبل التجزئة بطبيعتها كذلك الحال إذا طالب بالوقف المدعي مع احد المدعى عليهم وذلك لان الخصومة تقبل التجزئة بطبيعتها ان لم بنص المشرع على خلاف ذلك، وأن الدعوى في هذه الحالة تقف بالنسبة لمن حصل الاتفاق بينهم ما دام موضوع الخصومة يقبل التجزئة(6).

والرأي الآخر يذهب الى القول بعدم جواز الاتفاق بين بعض الخصوم على وقف الخصومة دون البعض الآخر ولو كان موضوعها قابلاً للتجزئة بطبيعته، فالعبرة وفق اصحاب هذا الرأي باتفاق جميع الخصوم في الدعوى على الوقف الاتفاقي سواء كان موضوعها يقبل التجزئة اولاً يقبل ذلك، وعليه اذا تعدد المدعى عليهم واتفق احدهم دون الاخرين مع المدعي على وقف الدعوى يتعين على المحكمة في مثل هذه الحالة الحكم برفض الوقف وذلك اخذاً باطلاق النص وأشتراطه اتفاق الخصوم على عدم السير في الدعوى، والتزاماً من المحكمة بحسن سير العدالة وحفاظاً على الجهد والوقت ومنع تراكم القضايا امامها بعدم الفصل في موضوعها مع ما بين طلباتها من وحدة وارتباط فلا تقطع اوصال القضية الواحدة بوقفها بالنسبة لبعض الخصوم دون البعض الآخر(7). ونحن نرى جواز اتفاق بعض الخصوم على وقف الخصومة وفقاً اتفاقياً اذا كان موضوعها قابلاً بطبيعته للتجزئة، ولكن حتى لو كان موضوع الدعوى قابلاً للتجزئة فيبقى مثل هذا الاتفاق على الوقف بين بعض الخصوم دون البعض الآخر مشوباً بنوع من الحذر وذلك بالا يؤدي هذا الاتفاق الجزئي على الوقف الى تمزيق نسيج الخصومة وبالتالي صعوبة تحقيق الهدف المبتغى من عرض النزاع على القضاء وهو أستيفاء الحقوق المدعى بها والفصل في هذه المنازعات والتخلص منها نهائياً بصدور الحكم النهائي وبالتالي يتعين عدم اجابة الخصوم الى طلبهم وليس في هذا تدخل في ارادة الخصوم بقدر ما فيه تلاحم كامل لاوصال الخصومة والتي قد تعين القاضي على الفصل فيها وتبقى هذه المسألة موضوعية تخضع لتقدير القاضي المختص بنظر الدعوى(8).

والاتفاق على الوقف كما انه يصح بين الخصوم في الدعوى كذلك يصح ان يتم الاتفاق على الوقف بين الوكلاء فيها، ولا يحتاج مثل هذا الاتفاق على الوقف تفويضاً خاصاً به. وذلك باعتباره من اجراءات التقاضي في الدعوى على ان يكون هؤلاء الوكلاء حاضرين في الدعوى حين الاتفاق على الوقف، ولا يؤثر في صحة هذا الاتفاق ان يكون المحامي الذي اقره ليس هو المحامي الاصيل ذلك ان قوانين المحاماة خولت المحامين سواء كانوا خصوماً في الدعوى او وكلاء فيها ان ينيب في الحضور عنه او الترافع امام المحكمة محامياً آخر تحت مسؤوليته دون توكيل خاص ما لم يكن في التوكيل ما يمنع من ذلك(9). ونحن نرى ان يكون للمحامي الوكيل بالخصومة في الدعوى او الوكيل الحاضر عن احد الخصوم الحق في الاتفاق على الوقف دون حاجة الى تفويض خاص الا اذا كان هناك نص صريح فيها يقضي بعدم جواز الاتفاق على هذا الوقف الا بتفويض خاص من قبل الموكل وهذا ما اشارت اليه احكام م (52) من قانون المرافعات المدنية في الفقرة الاولى بقولها “ان للوكيل بالخصومة ممارسة الاعمال والاجراءات التي تحفظ حق موكله، ما لم ينص سند الوكالة على خلاف ذلك او لم يوجب القانون فيه تفويضاً خاصاً“. والفقرة الثانية ورد فيها ان “الوكالة العامة المطلقة لا تخول الوكيل العام بغير تفويض خاص الاقرار بحق والتنازل عنه ولا الصلح ولا ممارسة الحقوق الشخصية البحتة ولا أي تصرف آخر يوجب القانون فيه تفويضاً خاصاً“. وقضت محكمة النقض المصرية بأن “الاتفاق على وقف الخصومة كما يصح ان يكون بين الخصوم انفسهم يصح ايضاً ان يكون بين وكلائهم وهم المحامون الحاضرون عنهم اذ انه من بين اجراءات التقاضي ولا تدخل في عداد الحالات التي تستلزم تفويضاً خاصاً” نقض مصري 17 مارس 1955(10).

وايضاً قضت “بأن وقف الدعوى اعمالاً لحكم المادة (129) من قانون المرافعات لا يخضع لارادة الخصوم وانما هو جوازي متروك لمطلق تقدير المحكمة لمدى جدية منازعة الخصوم في المسألة الاولية التي يكون الفصل فيها لازماً للحكم في الدعوى .. بينما الوقف المنصوص عليه في المادة (128) من ذات القانون منوط اصلاً باتفاق الخصوم وطلبهم وان اشتراط المشرع اقرار المحكمة لهذا الاتفاق على الا تزيد مدة الوقف المتفق عليها عن ستة أشهر، لما كان ذلك، وكان احد الخصوم لم يدفع بأن حكم الاستئناف متوقف على الفصل فيما احيل من طلبات الى مجلس الدولة وانما الثابت بمحضر جلسة.. ان الخصوم اتفقوا على وقف السير في الدعوى لمدة ستة اشهر حتى ترد المفردات من مجلس الدولة فأقرت المحكمة اتفاقهم فأن هذا الوقف يكون اتفاقياً يخضع لحكم المادة (128) مرافعات، ولما كان الحكم المطعون قد التزم هذا النظر الصحيح في القانون واعتبر الوقف اتفاقياً ورتب على ذلك قضاؤه باعتبار الطاعنة تاركة لاستئنافها لعدم قيامها بتعجيله في الاجل المحدد في المادة (128) فأنه يكون قد اصاب صحيح القانون” رقم الطعن 333 في 2/6/1980 (11).وفيما يخص الاتفاق على الوقف في الدعوى المستعجلة، فأن مثل هذا الوقف لا يتسق مع طبيعة الدعوى المستعجلة ويتنافى مع طبيعة الاستعجال المبرر لاختصاص القضاء المستعجل والذي لا يتسع مع اتفاق الخصوم على وقف الدعوى ويتعين على قاضي الامور المستعجلة القضاء بعدم اختصاصه النوعي لان الاستعجال احد شرطي اختصاصه(12). لذا نرى بأنه لا يسوغ لاطراف الدعوى الاتفاق على مثل هذا الوقف كونه يتعارض مع صفة الاستعجال وقد يؤدي الى تعذر تثبت الواقعة المراد تثبيتها عن طريق اللجوء الى مثل هذا القضاء.

الشرط الثاني:- اقرار المحكمة لاتفاق الخصوم على الوقف:-

ان الاتفاق على الوقف انما هو حق منحه القانون لاطراف الخصومـة كليهما فهو خاضع من حيث وجوده لارادة المتداعيين ومع ذلك فأن الاتفاق على الوقف لا يكون نافذاً بحق اطرافها ولا يرتب أي اثار قانونية الا من تاريخ اقرار المحكمة له وصدور قرار يتضمن الحكم بوقف الدعوى للمدة التي حددها القانون او للمدة التي اتفق عليها اطراف الدعوى وفي هذه الحالة يكون للمحكمة دور الرقابة فيما يتعلق بالمدة التي اتفق عليها الطرفان فأن كانت لا تتجاوز الميعاد القانوني فهي ملزمة باقرارها وكذلك اذا كانت اقل من المدة التي حددها القانون اما اذا كانت المدة المتفق عليها تزيد على المدة التي حددها القانون فيكون لزاماً على قاضي الموضوع انقاصها بما يتفق مع الميعاد القانوني وهو ثلاثة اشهر في القانون العراقي وثلاثة اشهر في القانون المصري بعد ان كانت ستة اشهر بموجب التعديل الصادر عام 1999 وتبدأ مدة سريان الوقف من تاريخ صدور الحكم الذي يقضي به وذلك بناء على الطلب الذي يقدم اليها من الخصوم في الدعوى واما ان يكون ابداؤه شفاهاً اثناء محاضر الجلسات او ان يكون تحريرياً في صورة طلب مقدم الى محكمة الموضوع من اطراف الدعوى. والتساؤل يثور عن مدى سلطة قاضي الموضوع في إقرار الوقف او رفضه، ان الوقف الاتفاقي حق منحه القانون لاطرافها واذا كان هذا الاتفاق واجباً لسريانه ونفاذه اقرار المحكمة له فهل تملك المحكمة السلطة المطلقة في اصدار القرار بالوقف او رفضه. نرى انه ليس للمحكمة مثل هذه السلطة المطلقة ولكن هذا لا يمنع من ان يكون لمحكمة الموضوع السلطة التقديرية في اصدار القرار بالوقف اذا ما تبين لها جدية الاسباب التي يستند اليها الخصوم في طلبهم الوقف، مع ان القانون لم يشترط باعثاً معيناً لصحة اتفاق الخصوم ولم يشترط بيان هذا الباعث، ولكن القواعد العامة تقضي بأن يكون هذا الباعث مشروعاً وغير مخالف لاحكام القانون والنظام العام(13). فهو أمر جوازي متروك لمطلق تقديرها وان اتفاق الخصوم على الوقف لا يلزمها اجابته(14).

ومن ثم يجب لاقرار الخصوم على اتفاقهم بوقف الدعوى الا يكون موضوعها متعلقاً بالنظام العام او مخالفاً له، وفي هذه الحالات ترفض المحكمة طلب الوقف وتستمر في نظر الموضوع فأن كانت قد اوقفت الدعوى بالرغم من ذلك سهواً، كان ذلك مبرر العدول لها عن قرار الوقف من تلقاء نفسها، مثال ذلك القرار الصادر بوقف الدعوى اتفاقاً في الدعوى التي ترفع على الاجنبي ببطلان التصرف العقاري الصادر له، والدعوى التي ترفع ببطلان الزيادة في اجرة العين الخاضعة لقانون ايجار الاماكن(15). والوقف يخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع فله ان يقر هذا الوقف وله رفضه اذا تبين له ان الغرض من هذا الاتفاق هو اطالة امد النزاع دون مبرر او حصول الاتفاق على الوقف من قبل الوكلاء في الدعوى دون مراعاة مصالح موكليهم، ومما يؤيد هذه السلطة هو انه لو لم يكن القانون يعترف بها لجعل الوقف الاتفاقي يترتب دون تدخل القاضي واقراره له. ويرى من يذهب الى ان للمحكمة رفض وقف الخصومة هو ان الاتفاق عليه بين الخصوم هو عبارة عن تصرف اجرائي ملزم لاطرافه، وانما يستلزم القانون اقراره للتحقق من صحة الاتفاق ومدته قبل وقف الخصومة، والقاضي يجب الا يرفض اقرار الاتفاق على الوقف الا لاسباب خطيرة، واذا وافق القاضي على الوقف الاتفاقي فله ان يرجع عن قراره اذا ما تحققت اسباب تبرر ذلك(16).

فالوقف الاتفاقي من حيث اقراره يخضع الى السلطة التقديرية لقاضي الموضوع فالاصل هو انه ليس له ان يقرر رفض الاتفاق على الوقف ولكن اذا كانت أسباب الوقف الاتفاقي مخالفة للقانون او للنظام العام او تبين له عدم جدية الاسباب التي يستند اليها الاطراف في طلبهم الوقف وانما الغاية منها اطالة امد النزاع بلا مبرر فله ان يرفض اقرار الوقف وله ان يعدل عنه اذا قرر الوقف ثم تبينت له هذه الاسباب. واذا ما صدر القرار بالوقف هل يجوز لاطراف الدعوى الطعن به لم ترد نصوص قانونية تنص على جواز الطعن بهذا القرار، فلا يجوز الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن ولا يحوز حجية الشيء المحكوم فيه(17). لان المحكمة لا تصدر حكماً انما تصدق على ما اتفق عليه الخصوم ومن ثم لا يكتسب قرارها الحجية التي تكتسبها الاحكام القضائية سواء بالنسبة للمحكمة او بالنسبة للخصوم. فاذا اغفلت المحكمة موافقة احد الخصوم وكان يجب موافقته لتقرر الوقف، فأن قرارها يكون مشوباً بمخالفة القانون وان تصحيحه لا يكون بالطعن فيه لانه لم يفصل في خصومة وانما اقر اتفاقاً ويكون للخصم الذي اغفلته المحكمة ان يقدم طلباً بالعدول عن قرارها بالوقف وتعجيل الدعوى ولو لم يكن اجل الوقف قد أنقضى(18).

والاصل ان قرار الوقف عمل ولائي لا يقبل الطعن ولكن اذا أخطأت المحكمة وقررته في غير حالته استجابة لرغبة احد طرفي الخصومة دون موافقة الطرف الآخر فانه يقبل الطعن(19)، ولما كان القرار الصادر من المحكمة بوقف الدعوى انما يصدر بناء على اتفاق الخصوم على ذلك، فانه لا يجوز الطعن فيه من جانبهم، ومع ذلك اذا شاب قرار وقف الدعوى خطأ في تطبيق القانون كأن لم يحصل أتفاق بين الخصوم على وقفها او زادت مدة الوقف على ستة شهور، فانه يكون للخصم صاحب المصلحة ان يطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى، ومثل هذا الحكم يجوز الطعن فيه فوراً ودون انتظار الفصل في الموضوع(20). اذاً فالقرار القاضي بالوقف الاتفاقي وان كان الاصل لا يجوز الطعن فيه ولا يحوز حجبه الشي المقضي فيه لانه يتضمن تصديق اتفاق صادر عن اطراف الخصومة دون ان يتضمن الفصل في موضوعها، ولكن اذا ما شابه عيب جعلهُ مخالفاً لاحكام القانون فيكون للخصم صاحب المصلحة الطعن فيه وفقاً للقواعد العامة المقررة في الطعن في الاحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا يكون ذلك بتقديم طلب من الخصم صاحب المصلحة الى المحكمة المختصة يتضمن العدول عن قرارها بالوقف(21). وهل يجوز تكرار الاتفاق بين الخصوم على الوقف قانون المرافعات المدنية العراقي الملغي المرقم (88) لسنة 1956 في المادة (72/2) منه نص على جواز تمديد مدة الوقف باتفاق الطرفين لاسباب تقتنع بها المحكمة” ولم يتضمن القانون العراقي النافذ ولا القوانين المقارنة نصاً مشابهاً ويذهب رأي الى القول بانه يمكن بعد انتهاء مدة الوقف الاتفاقي وتعجيل الدعوى من قبل اطرافها تكرار الاتفاق على الوقف بين الخصوم(22). الا اننا نرى طالما ان القانون العراقي والقوانين المقارنة لم تتضمن نصاً صريحاً يقضي بجواز تمديد مدة الوقف او الاتفاق على تكرار الوقف من جديد بين الخصوم فمن غير الجائز حصول هذا التمديد والتكرار لا سيما انه يؤدي الى اطالة امد النزاع امام المحاكم وقد لا يتوصل الاطراف الى اتفاق بشأن الموضوع الذي تم من اجله الاتفاق على الوقف وبذلك يتعطل الفصل في موضوعها. ونصت المادة (128) مرافعات مصري والمادة (247) مرافعات ليبي على انه “لا يكون لهذا الوقف اثر في أي ميعاد حتمي يكون القانون قد حدده لاجراء ما“. أي اذا كان قد صدر حكم في شق من موضوع النزاع ويقبل الطعن فيه دون انتظار الفصل في موضوع النزاع الاصلي، ثم اتفق الاطراف على وقف الدعوى فلا يكون لهذا الاتفاق أي اثر على سريان مواعيد الطعن في الحكم المذكور عن طريق الاستئناف او التمييز او أي طريق آخر حدد القانون بصدده اجلاً محدداً للطعن بالحكم، ولا يوجد نص مماثل في القانون العراقي لكن هذا لا يمنع من ان يأخذ القضاء العراقي بتطبيق هذا الحكم عند الاتفاق على الوقف وصدور حكم في شق من موضوع النزاع يكون قابلاً للطعن فيه.

واذا ما صدر الحكم باقرار الوقف الاتفاقي يترتب على ذلك وقف جميع الاجراءات القضائية التي يقتضيها النظر في موضوعها واعتباراً من تاريخ صدور الحكم باقرار اتفاق اطرافها على الوقف ويعتبر باطل الاجراء الذي يتخذ خلال مدة الوقف والاجراءات التي تمت قبل صدور قرار الوقف تكون صحيحة وتزول هذه الاثار وتنتهي بانتهاء مدة الوقف وتعجيل الدعوى، على ان الدعوى تبقى قائمة ومنتجة لاثارها ما لم يتم التعجيل في ميعاده ويقضى باعتبار المدعي تاركاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه، فيترتب على ذلك انقضاء الخصومة بغير حكم في موضوعها وزوال الاثار التي ترتبت على قيامها. فأذا انتهت مدة الوقف فالقانون الزم الخصوم بمراجعة المحكمة المختصة لتحديد موعد للمراجعة أي استئناف الدعوى على ان يكون ذلك ضمن الميعاد الذي حدده القانون وهو وفقاً لاحكام المادة (82/2) مرافعات مدنية عراقي خمسة عشر يوماً وثمانية ايام وفق احكام المادة (128) مرافعات مصري ورتب القانون العراقي جزاء البطلان لعريضة الدعوى اذا لم تتم المراجعة والتعجيل خلال هذه المدة والقانون المصري ايضاً نص على اعتبار المدعي تاركاً لدعواه والمستأنف تاركاً الاستئناف اذا لم يتم التعجيل خلال هذه المدد التي عينها القانون، وأيضاً يجوز تعجيل الخصومة قبل انتهاء مدة الوقف ولكن بشرط اتفاق جميع اطرافها على انهاء الوقف للدعوى وأستئناف السير فيها ولا يجوز لاحد الخصوم حرمان خصمه من هذا الوقف بارادته المنفردة طالما كان احتمال المفاوضة والصلح قائماً اما اذا ظهرت بوضوح ارادة الاطراف جميعاً على تعذر استمرار المفاوضات، كان ذلك كافياً لعدم الاستمرار في ميعاد الوقف ويحق لاي من الخصوم وبارادته المنفردة تعجيل الدعوى خلال ميعاد الوقف وفقاً للارادة الضمنية التي انصرفت الى ذلك بالنسبة لهم جميعاً والمستمدة من تعذر الاتفاق(23). اذا يمكن لاحد الخصوم تعجيل الدعوى قبل انقضاء مدة الوقف بارادته المنفردة ولكن مع وجود نوع من الاتفاق الضمني بين جميع الاطراف على هذا التعجيل اذا تعذر اتفاقهم على تحقيق الغرض الذي تم من اجله الاتفاق على وقف الخصومة، فانه من العبث منع التعجيل للدعوى اذا أستبان لاحد الخصوم ان الاعتبارات التي كانت تبرر الوقف قد زالت(24).

وهناك من يرى انه يجب اتفاق جميع اطراف الدعوى على التعجيل قبل انتهاء ميعاد الوقف المتفق عليه، فالتعجيل عندئذ يعتبر تعديلاً لاتفاق تم بين الطرفين ولا يجوز نقضه بارادة منفردة. وان كان للمحكمة العدول عن قرارها بالوقف بناء على تعجيل احد الطرفين قبل الميعاد ويظل الامر خاضعاً لسلطتها التقديرية فلها ان ترفض استئناف سير الدعوى قبل انتهاء ميعاد الوقف المتفق عليه(25). وان تعجيل الخصومة قبل انتهاء مدة الوقف يجب ان يتم باتفاق جميع الاطراف، فاذا عجل المدعي الدعوى قبل انتهاء مدة الوقف بغير اتفاق مع خصمه كان لخصمه ان يعترض على التعجيل، لان الوقف للمدة المتفق عليها تم باتفاق الخصوم فلا يجوز لاحدهم ان ينقضه بمحض ارادته، لان في هذا التعجيل ما قد يفوت على الطرف الآخر تحقيق الغرض من الوقف، وليس للمدعي ان يعجل الدعوى قبل انتهاء مدة الوقف المتفق عليها بدعوى انه صاحب المصلحة الاولى في السير في الدعوى، فأن الاتفاق على الوقف تتعلق به ايضاً مصلحة المدعى عليه(26). على اننا نرى انه يجوز لأي من الخصوم طلب استئناف سير الخصومة قبل انقضاء مدة الوقف اذا كان الغرض الذي تم الوقف لاجله يتعذر تحقيقه ومشروع الصلح باء بالفشل فلا مبرر لبقاء الخصومة موقوفة سيما ان مثل هذا الوقف يعتمد على ارادة المتداعيين فيمكن للارادة المنفردة ان تطلب تعجيل الدعوى قبل انقضاء مدته اذا كانت هناك اسباب مشروعة لمثل هذا الطلب ويخضع الحكم فيه الى السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بما يمنع الحاق الضرر بالخصم الآخر، وبخلافه لا يجوز لأي من اطراف الخصومة استئناف سير الدعوى قبل انقضاء مدة الوقف بارادته المنفردة لانتفاء الغاية المشروعة منه ولابد من اتفاق الخصوم جميعاً عليه وان استئناف سير الدعوى بعد انقضاء مدة الوقف يجب ان يتم خلال الميعاد الذي حدده القانون ومن هو الخصم الذي له حق طلب اسـتئناف سير الدعوى في نص المادة (82/2) مرافعات عراقي والمادة (128) مرافعات مصري على ان يكون لأي الخصمين المدعي او المدعى عليه طلب التعجيل ويكون هذا التعجيل في القانون المصري بتقديم صحيفة التعجيل الى قلم كتاب المحكمة ولا يتم التعجيل الا بالاعلان الخصوم بهذه الصحيفة خلال مدة الثمانية أيام التالية لانتهاء مدة الوقف، اما في القانون العراقي فلم يشترط التبليغ (الاعلان) وانما يكفي لاستئناف سير الدعوى مراجعة احد اطرافها محكمة الموضوع وتقديمه الطلب بتحديد موعد الترافع فعندئذ يتحقق التعجيل واستئناف الدعوى لاجراءاتها بعد انقضاء الوقف ومن ثم يتم اتخاذ الاجراءات القانونية بتبليغ الخصم الاخر بموعد الترافع في الدعوى.

وقضت محكمة النقض المصرية “بأن مجرد التأشير على اعلان التعجيل بالرسم في خلال الثمانية ايام المذكورة لايكفي بل يتعين ان يتم اعلان الخصم خلال الثمانية ايام تطبيقاً للقاعدة العامة التي قررتها المادة (6)(27). من قانون المرافعات المصري رقم 77 لسنة 1949 والتي تقضي بانه “اذا نص القانون على ميعاد حتمي لاجراء يحصل بالاعلان فلا يعتبر الميعاد مرعياً الا اذا تم اعلان الخصم خلاله“(28). واذا لم يتم الاعلان في الميعاد المحدد (وهو ميعاد الثمانية ايام التي حددها القانون المصري ففي هذه الحالة يعتبر المدعي تاركاً الدعوى والمستأنف تاركاً للاستئناف ما لم يكن عدم الاعلان راجعاً الى قوة قاهر كظروف الحروب والفيضانات والزلزال التي تحول دون انتقال المحضر لاعلان الصحيفة(29).وفيما يخص موضوع تجزئة الخصومة اذا تعدد المدعون او المدعى عليهم يكون للمدعي ان يعجل الدعوى في مواجهة بعض المدعى عليهم (إذا تعددوا) فتبقى قائمة بالنسبة لهؤلاء ويعتبر تاركاً الدعوى والمستأنف تاركاً استئنافه اذا لم يعجلها بالنسبة للاخرين فتزول الخصومة بالنسبة لهؤلاء وتسقط اثارها في مواجهتم فقط، وكذلك اذا تعدد المدعون فيكون لاي منهم استئناف سير الدعوى في مواجهة المدعى عليه، ومن لم يعجلها منهم يعتبر تاركاً للخصومة في محاكم الدرجة الاولى او محاكم الدرجة الثانية، كل ذلك اذا كان موضوع الخصومة يقبل التجزئة اما اذا لم يكن موضوعها قابلاً للتجزئة بطبيعته او بحكم القانون فيجب على المدعي استئناف سيرها واعلانها الى جميع المدعى عليهم او يجب ان يتم ذلك من قبل كافة المدعين اذا تعددوا والا حكم بترك الخصومة وفي القانون العراقي يحكم بابطال عريضة الدعوى وان كلا الحكمين لا يؤثر في بقاء الحق المدعى به فيكون للمدعي او المدعين حق اقامة دعوى جديدة للمطالبة به. وماذا عن طبيعة الحكم ببطلان الدعوى اذا لم يتم استئناف سيرها خلال الميعاد القانوني (او الترك وفق القانون المصري والليبي م (247) فهل يقع بقوة القانون ويكون واجباً على المدعى عليه التمسك به قبل التكلم في موضوع الدعوى والا سقط الحق به ولا يكون للمحكمة ان تحكم به من تلقاء نفسها ام انه من النظام العام وللمحكمة الحكم به ولو لم يتمسك المدعى عليه به وفي أي حالة تكون عليها الدعوى. ان الاثر المترتب على عدم استئناف سير الدعوى خلال الميعاد القانوني يقع بقوة القانون أي بمعنى انه ليس من النظام العام ولذلك فهو يعتبر دفعاً شكلياً يكون للخصم صاحب المصلحة التمسك به والاعتراض على التعجيل قبل التكلم في موضوع الدعوى، واذا تمسك الخصم بالاثر الذي يترتب على عدم التعجيل في الميعاد المحدد قبل التكلم في موضوع الدعوى فلا يكون امام المحكمة الا ان تقضي باعتبار المدعي تاركاً الدعوى وهنا تزول الخصومة برمتها وتزول كافة الاثار القانونية التي ترتبت عليها واذا كانت الدعوى في مرحلة الاستئناف فينقضي الاستئناف بالترك ويصبح الحكم البدائي حكماً نهائياً فهذا الامر يترتب بقوة القانون، واذا تكلم الخصم صاحب المصلحة في موضوع الدعوى فليس له بعد ذلك التمسك بهذا الاثر وعلى المحكمة ان ترد طلبه وتمضي في نظر الخصومة والسير في اجراءاتها وطالما ان الاثر الذي يترتب على عدم التعجيل خلال الميعاد القانوني هو ليس من النظام العام ويقع بقوة القانون فليس للمحكمة ان تقضي به من تلقاء نفسها دون ان يتمسك الخصم صاحب المصلحة(30).

وقضت محكمة النقض المصرية بما يلي “حيث انه بصحيفة معلنة في 4 ديسمبر 1954 اعلنت مصلحة الضرائب المستأنف بالحضور جلسة 14 فبراير سنة 1955 لسماع الحكم في استئنافه باعتباره تاركاً له طبقاً للمادة (292) مرافعات مصري وذكرت في الصحيفة انه مضت مدة ستة اشهر من تاريخ وقف الاستئناف بجلسة 17 مايو سنة 1954 دون ان يعجله المستأنف في الثمانية أيام التالية لنهاية هذه المدة وحيث ان الحاضر عن المستأنف قرر انه قدم طلب صلح الى لجنة التصالح، وان الطرفين أتفقا على وقف الدعوى لمدة ستة شهور وقررت المحكمة هذا الوقف للمدة بأتفاق الطرفين. واذ مضت مدة سنة من تاريخ وقف الدعوى ولم تتلقَ محكمة الموضوع اخطاراً من مصلحة الضرائب يعتبر بمثابة سند رسمي يترتب عليه اعتبار الدعوى منتهية بحكم القانون. ولم تسفر اجراءات اعادة النظر عن نتيجة تخطر مصلحة الضرائب بها المحكمة المعروضة امامها الدعوى لتستأنف نظرها بالحالة التي كانت عليها قبل وقفها ولان الاتفاق على الوقف لا يقصد منه ترك الخصومة فترة من الزمن وانما بغية لجوء المستأنف الى لجنة التصالح، عليه يكون الدفع الذي تقدمت به مصلحة الضرائب في غير محله ويتعين رفضه مع تحديد جلسة لنظر الموضوع(31). فالقانون العراقي والمصري والقانون الفرنسي الصادر عام 1975 تعتبر ان هذا الاثر يقع بقوة القانون بعد انقضاء الاجل. ومراعاة ميعاد التعجيل كما هي واجبة على المدعي فهي واجبة على المدعى عليه، فاذا عجل المدعى عليه الدعوى بعد انقضاء مدة الثمانية ايام كان للمدعي ان يعترض على هذا التعجيل وان يتمسك بزوال الخصومة، فكما ان سكوت المدعي عن تعجيل الدعوى في الميعاد يعتبر بحكم القانون نزولاً منه عنها، فكذلك سكوت المدعى عليه عن تعجيلها في الميعاد يعتبر قبولاً لترك الخصومة المفترض بحكم القانون(32). واذا عجل المدعى عليه الدعوى سواء خلال المدة القانونية او بعد انقضائها واعترض المدعي على التعجيل طبقت قواعد الترك لان اعتراضه يفصح عن نزوله عنها(33).

ويذهب رأي الى القول بأن تعجيل الدعوى اذا كان بعد نهاية المدة القصوى للوقف التي حددها القانون فللمحكمة ان تقضي بانقضاء الوقف من تلقاء نفسها وان تحكم بزوال الخصومة(34)، قانون المرافعات المدنية العراقي فأن مراجعة المحكمة واستئناف سير الدعوى يجب ان يكون قبل انقضاء الاجل الذي حدده القانون (خمسة عشر يوماً) وقبل ان تقرر محكمة الموضوع أبطال عريضة الدعوى، فاذا انتهت المدة ولم يراجع احد الاطراف فعندئذ تقرر المحكمة ابطال عريضة الدعوى بقوة القانون(35). واذا تم التعجيل بعد صدور قرار الابطال فلا يكون للمحكمة استئناف سير الدعوى ولو لم يعترض الخصم صاحب المصلحة، فلو اراد المدعي السير في الدعوى بعد مضي المدة التي حددها القانون كان للمدعى عليه ان يتمسك بهذا الدفع قبل التكلم في موضوع الدعوى لان هذا التنازل المفروض يعد من الدفوع الشكلية وبخلافه لا يحق له بعد ذلك التمسك به ويفترض انه تنازل عنه وتمضي المحكمة في نظر الدعوى ولكن عبارة “تبطل عريضة الدعوى بحكم القانون” لا تدع مجالاً للمدعي ان يطلب السير في الدعوى بعد مضي المدة القانونية، الا اذا ذهلت المحكمة عن الحكم بابطال عريضة الدعوى وراجع المدعي فعلى المحكمة ان تقبل السير في الدعوى وتعين يوماً للمرافعة وتدعو الطرفين للحضور في الموعد المحدد للمرافعة وحينئذ يبدأ حق المدعى عليه في التمسك بالدفع(36). ونرى ان الاخذ بهذا الرأي محل نظر وذلك منعاً لتراكم الدعاوى اذا ما ارتضى اطرافها أستئناف السير فيها وكذلك لاحتمالات اقامتها مجدداً سيما ان الوقف تحقق بارادة الطرفين المتداعيين فلا يمنع من استمرارها أنقضاء ميعاد استئناف السير فيها دون مراجعة احد الخصوم المحكمة وتفادياً لأطاله امد المنازعات واقتصاداً وتوفيراً في الوقت والجهد. والقانون العراقي نص صراحة على ان الابطال يقع بقوة القانون أي بمعنى ان صدور قرار عن محكمة الموضوع بابطال عريضة الدعوى يكون مقرراً لحكم القانون وليس منشأ له، والابطال لعريضة الدعوى أي انتهاء الخصومة يكون قد تحقق من الناحية الفعلية من تاريخ انتهاء الأجل الذي حدده القانون لاستئناف السير في الدعوى ودون اتخاذ أي اجراء يهدف منه إلى اعادة السير فيها، وان حكم القانون المقرر لهذا الانقضاء للدعوى دون حكم في موضوعها يكون قد قطع الطريق في طلب استئناف السير فيها مجدداً وان ذهلت محكمة الموضوع عن اصدار القرار بالأبطال واغفلت ذلك في ميعاده القانوني.

 

(محاماه نت)

إغلاق