دراسات قانونيةسلايد 1
تطور نظم الانتخابات النيابية في العراق منذ تأسيس الحكومة العراقية حتى عام 2003م
تعد الانتخابات الممارسة الأكثر قبولاً لدى شعوب العالم سواء المتقدمة منها أو التي ما زالت في طريق تحقيق التنمية، باعتبارها إحدى ركائز بناء المجتمعات الديمقراطية التي تساعد على بناء الدولة، فالانتخابات هي عملية قيام الشعب في اختيار الإفراد الذين يباشرون السلطة باسمهم، ويعد العراق من أوائل بلدان الشرق الأوسط التي نشأ وترعرع فيها النظام البرلماني، ففي حفل تتويج الملك فيصل الأول ألقى خطاباً أوضح فيه بأجراء الانتخابات التي سيتمخض عنها مجلس تأسيسي، وهذا يدل ويؤكد على أهميته في حياة الأمة. .
فقد وثقنا في البحث المصادر المهمة والرئيسية ومن أهمها محاضر المجلس التأسيسي ومجلسي النواب والأعيان بالإضافة الى المذكرات التي كان لها نصيب وافر في هذا البحث واعتمدت ايضاً على بعض الصحف العراقية وعلى المصادر العربية ذات الصلة بالموضوع.
أولاً:ـ العهد الملكي
1ـ الانتخابات في عهد الملك فيصل الأول
أـ المجلس التأسيسي
أعلن الملك فيصل بن الحسين في يوم تتويجه في 23/آب/1921م، ملكاً على عرش العراق، بأن أول عمل سيقوم به إجراء الانتخابات التي سيتمخض عنها قيام المجلس التأسيسي والذي يضع دستوراً للبلاد.
فصدرت الإرادة الملكية في 19/تشرين الأول/1922 بتأليف المجلس التأسيسي
وقررت الحكومة إجراء الانتخابات ابتداءً من 12/تموز/ 1924م، وتم فعلاً انتخاب المنتخبين الثانويين).)
أسفرت عملية انتخاب نواب المجلس التأسيسي التي بدأت في 25/شباط/ 1924م وانتهت في آذار من العام نفسه عن تشكيل المجلس التأسيسي الذي افتتح في 27/آذار /1924 وكان عدد أعضاءه (100)، وألقى الملك فيصل الأول خطاب العرش، مذكراً الأعضاء بأن مهمتهم هي البت في المعاهدة العراقية ـ البريطانية وإصدار الدستور العراقي ومن ثم إصدار قانون انتخاب النواب.
ومما يلاحظ على المجلس الجديد بأن عملية الانتخابات تمت من دون وجود إحصاءات رسمية دقيقة فيما يتعلق بعدد سكان العراق واعتمدت الحكومة على التخمين اساساً لتقدير عدد السكان.
هكذا ظهر أول مجلس تشريعي منتخب في تأريخ العراق المعاصر بعد مخاض عسير، ليبدأ بمباشرة أعماله المكلف بها.
ب ـ المجلس التأسيسي وقانون انتخاب النواب
انيطت السلطة التشريعية وفق القانون الأساسي الى مجلس الأمة والمكوّن من مجلس الأعيان ومجلس النواب، ويضم مجلس الأعيان 20 عضواً يعينهم الملك، ومدة العضوية في المجلس 8 سنوات على ان يتبدل نصفهم كل أربع سنوات.)
أما مجلس النواب، فقد باشر المجلس التأسيسي عمله لسن قانون انتخاب النواب، فبموجب المادة (37) من القانون الأساسي التي نصّت على ان يكون (تعيين طريقة انتخاب النواب بقانون خاص يراعى فيه أصول التصويت السري ووجوب تمثيل الأقليات غير الإسلامية).
عرضت وزارة العدلية العراقية بعد إتمام عملها في وضع لائحة مشروع قانون انتخاب النواب، على المجلس التأسيسي، الذي قرر في الجلسة 42 المنعقدة في 21/تموز/ 1924 تشكيل لجنة تدقيق المشروع) قبل البدء في مناقشته.)
قدمت اللجنة تقريرها الى المجلس في 26/تموز/1924م، ولم يكن تقرير اللجنة على قدر كبير من الدقة نتيجةً لضيق الوقت، فاللجنة لم تتمكن من فحص المشروع بل اكتفت بملاحظة قانون الانتخاب التركي، ونظام انتخاب المجلس التأسيسي واستفادت من تجارب بعض أعضائها التي اكتسبوها عند إشرافهم على الانتخابات السابقة، إلا انه من الجدير بالذكر ان اللجنة قد راعت في عملها كما ورد في مقدّمة التقرير مسألتين أساسيتين، الأولى المحافظة على الأحكام والعبارات الواردة في القانون الأساسي العراقي، أي عدم تعارض مواد اللائحة الجديدة مع مواد القانون الأساسي، والثانية حفظ سلامة الانتخاب من وسائل التدخل.
لم يشهد مشروع قانون انتخاب النواب مناقشات حامية في داخل المجلس التأسيسي ، ولعل ابرز وأطول المناقشات التي شهدها المجلس هو ما كان يتعلق بحقوق الطوائف الإسلامية في الانتخاب والموضوع المتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية الى ثلاث مناطق.
وفي 2/آب/1924 تم التصويت على القانون فحصل على الأكثرية الساحقة لعدد الأعضاء، وقد احتوى قانون انتخاب النواب لسنة 1924م على 52 مادة موزعة على مقدمة ضمّت أحكام عامة وأربعة فصول، واهم ما جاء فيه ان مبدأ الانتخاب على درجتين إي الانتخاب غير المباشر، ينتخب النائب بحيث يمثل 29 إلف من السكان، ويجب ان يكون قد بلغ الثلاثين من عمره وان يكون من دافعي الضرائب، أما المنتخب الأول، فيجب ان يكون من الذكور الذين بلغوا الحادية والعشرين من العمر ومن دافعي الضرائب، وينتخب كل 250 منتخباً اولاً منتخباً ثانياً، ويجب ان يكون المنتخب الثاني قد بلغ الخامسة والعشرين ومن دافعي الضرائب.)
وينتخب نواب اضافيون يمثلون الطائفتين المسيحية واليهودية في ألوية بغداد والموصل والبصرة، ويقسم العراق الى ثلاث مناطق انتخابية وكل لواء يعتبر دائرة انتخابية، ويجري الانتخاب بالتصويت السري، هكذا تم وضع أول قانون انتخاب النواب في تأريخ العراق المعاصر.
جـ ـ انتخابات عام 1924 ـ 1925
بعد المصادقة على قانون انتخاب النواب ونشره في 22/تشرين الأول/ 1924، صدرت إرادة ملكية تقضي بتعيين 15/تشرين الثاني من العام نفسه موعداً لبدء انتخابات قوائم المنتخبين الاولين. (22)
بدأت الاستعدادات لخوض الانتخابات التي سيتمخض عنها تشكيل اول مجلس نواب في العراق، وتحوّلت الى حدث سياسي مهم على مدى الاشهر العديدة التي استغرقتها ، واتسمت الانتخابات بحيوية اكبر من انتخابات اعضاء المجلس التأسيسي. (23)
أشتركت في هذه الانتخابات ستة احزاب، هي حزب النهضة، حزب الامة، حزب الاستقلال، الحزب الديمقراطي، الحزب الوطني العراقي، وبأستثناء حزب الامة الذي كان انشط الاحزاب في المعركة الانتخابية، ولم يكن للاحزاب الاخرى دور واضح في توجيه الانتخابات وانما أقتصر دورها على مراقبة الانتخابات. (24)
لم تخلوا نتائج هذه الانتخابات من سلبيات رافقت سير العملية الانتخابية، منها عدم توفر احصاءات دقيقة لسكان العراق حيث اصدرت الحكومة(25) قراراً في 3/كانون الثاني/1925 بتشكيل لجنة لتدقيق نفوس العراق، مهمتها العمل من اجل تصحيح الزيادات الحاصلة وفق اسلوب التخمين، وكذلك لجعل عدد الناخبين منسجماً مع الخطة الموضوعة مسبقاً في تحديد عدد المقاعد، لكن هذا الاسلوب الاحصائي سبب أجحافاً لحقوق بعض الالوية حيث تم تقليص عدد سكان البصرة من 180 الف نسمة الى 120 الف نسمة،(26) اما السلبية الثانية فتكمن في تدخلات كل من الحكومة ودار الاعتماد البريطانية حيث مارسوا ضغوطات مختلفة لضمان وصول مرشحيها الى مقاعد البرلمان. (27)
انتهت الانتخابات واعلن عن نتائجها النهائية في 23/حزيران/1925م حيث اسفرت عن فوز 88 نائبا كان من بينهم 55 نائباً لم يدخلوا المجلس التأسيسي السابق. (28)
عقد مجلس النواب اول اجتماع لهُ في تموز 1925م، وانتخب رشيد عالي الكيلاني،(29) رئيساً للمجلس، وصدرت كذلك ارادة ملكية بتعيين اعضاء مجلس الاعيان وانتخب يوسف السويدي رئيساً له.(30)
دـ انتخابات عام 1928
شكّل عبد المحسن السعدون وزارته الثالثة،(31) مشترطاً حل مجلس النواب، والشروع في انتخاب مجلس جديد بسبب عدم توحيد الكلمة واجماع الرأي لدى ممثلي الامة، بالاضافة الى عدم استقرار الاحزاب السياسية في مجلس النواب بحيث انها غير ثابتة على انتهاج خطط واضحة كما تتطلب ذلك الحياة النيابية، كذلك لدى الحكومة قضايا متعلقة بمصالح الشعب عليها اتمامها، منها المعاهدة العراقية ـ البريطانية، والاتفاقيات المالية والعسكرية، وقضية الدفاع الوطني،(32) فصدرت ارادة ملكية في 18/كانون الثاني/1928 بحل مجلس النواب، وفي 22 منه اصدرت وزارة الداخلية تعليماتها لمتصرفي ألوية العراق بالاستعداد لخوض الانتخبات الجديدة، فتحفز الشعب لاستعمال حقه الشرعي في المنافسة، لكن السلطة مارست كل اساليب الترغيب والترهيب لضمان نجاح مؤيديها،(33) ويشير تقرير دار الاعتماد البريطاني عن ذلك: ((.. لا ينكر ان المخالفات التي اجريت فعلاً كانت كثيرة…)) (34) وهناك ادلة على ان الانتخابات التي اجرتها وزارة عبد المحسن السعدون، كانت قد جرت بشكل غير طبيعي، وبلغ من تدخل الحكومة ان اقترح عدد من الناخبين والمنتخبين تعيين النواب دون الالتجاء الى التزوير. (35)
فما كان من الملك فيصل الاول ان اتصل بعبد المحسن السعدون طالباً منه ومن حكومته عدم التدخل واتخاذ الاجراءات القانونية بحق المتجاوزين وعلى الحكومة صيانة الانتخابات، لكن الاخيرة استمرت على نهجها حتى نهاية الانتخابات. (36)
وفي 9/ايار/1928م تم انتخاب النواب للمجلس الجديد، ونجحت الحكومة عن فوزها بـ (66) مقعداً من اصل (88) مقعد من مقاعد المجلس ودعي المجلس الى عقد اجتماع غير اعتيادي في 19/ايار من العام نفسه، والقى الملك فيصل الاول خطاب العرش، وبعدها انتخب النواب عبد العزيز القصاب رئيساً لمجلسهم. (37)
هـ ـ إنتخابات عامي 1930 و 1932م
عهد الملك فيصل الاول الى نوري السعيد بتشكيل وزارته الاولى حيث شكّلها في 23/اذار/1930، وكان هدفه الاول عقد معاهدة جديدة مع بريطانيا لتنظيم العلاقات بين البلدين،(38) فأنجزت الوزارة مهمتها بالتوقيع في 30/حزيران/ 1930 على نص المعاهدة الجديدة، التي ستعرض على البريطانيين لغرض تصديقها. (39)
لم يكن رئيس الوزراء نوري السعيد مطمئناً على المعاهدة داخل البرلمان، لذا عزم العقد على حل المجلس وإجراء انتخابات جديدة يضمن خلالها وصول اغلبية مؤيدة للمعاهدة،(40) بينما اعلن أن الرغبة في حل مجلس النواب حتى يتم انتخاب مجلس جديد من اجل الوقوف على رأي الشعب على اساس قبول المعاهدة او رفضها. (41)
وبعد مرور يوم واحد على توقيع المعاهدة صدرت ارادة ملكية في 1/تموز/1930 بحل المجلس النيابي، وحدد يوم 10 منه موعداً لبدء الانتخابات على ان يتم انجازها في مدة لا تتجاوز الشهرين. (42)
شهدت الانتخابات تدخلاً واسعاً من قبل الحكومة وبأسلوب لم يسبق له مثيل، لضمان انتخاب مجلس موال لها، وعلى كل فقد تم انتخاب المنتخبين الثانونيين في معظم الالوية على الرغم من الانتقادات واجواء المعارضة الشديدة،(43) وعيّن يوم 20/تشرين الاول/ 1930 موعداً لانتخاب النواب، فتقلد نوري السعيد منصب وزارة الداخلية وكالةً ليدير الانتخابات بنفسه،(44) وبهذا الاسلوب تمكنت حكومة نوري السعيد من انهاء الانتخابات لصالحها، حيث حصلت الحكومة على 74 مقعداً من اصل 88 مقعد من مقاعد مجلس النواب،(45) مما يؤلف 84.9% من مجموع اعضاء المجلس الجديد وهي نسبة تكفي لضمان موافقة الاكثرية الساحقة من الاصوات لاي مشروع. (46)
افتتح مجلس النواب يوم 1/تشرين الثاني/ 1930 والقى الملك فيصل الاول خطاب العرش، وكان اطول خطبة امام المؤسسة التشريعية، وادى النواب اليمين الدستوري، وتم انتخاب جعفر العسكري لرئاسة المجلس. (47)
هكذا جاءت نتائج الانتخابات بالصورة التي رسمها لها رئيس الحكومة نوري السعيد، فقد حصلت المعارضة على اقل المقاعد بينما اعطت لنوري السعيد نفوذاً كبيراً في المجلس الذي ضم انصاره ومؤيديه، وكان هدفه الاساس الحصول على موافقة اغلبية اعضاء المجلس لتصديق المعاهدة العراقية ـ البريطانية لسنة 1930.
راي الملك فيصل الاول ان العراق بعد حصوله على الاستقلال بموجب تنفيذ معاهدة 1930م ودخوله عضواً في عصبة الامم عام 1932م، ان يسير في حياة جديدة على نهج جديد فلابد من اجراء تعديلات في سياسة الدولة، وان وزارة نوري السعيد قد انتهت مهمتها، فعهد بتشكيل الوزارة الى ناجي شوكت،(48) وكانت اولى مهام الوزارة هو حل مجلس النواب وأجراء انتخابات جديدة، حيث اصدرت وزارة الداخلية اوامرها الى متصرفي الالوية بالشروع في الانتخابات في 10/كانون الاول/ 1932. (49)
ويصف عبد الرزاق الحسني، الانتخابات قائلاً: (بوشر فيها “اي الانتخابات” في جو مشبع بالهدوء والسكينة، حتى ان معظم الاهلين كانوا لا يسمعون عنها شيئاً..).
ويمكن القول ان الانتخابات التي اجرتها الوزارة اسفرت عن نوع من الموازنة بين مختلف الاحزاب القائمة، انتهت الانتخابات بتشكيل مجلس النواب الذي عقد اجماعه الاول في 8/اذار/ 1933، وانتخب النواب جميل المدفعي رئيساً لمجلسهم. (51)
نلاحظ مما سبق ان العراق شهد في فترة تولي الملك فيصل الاول عرش العراق من 1921 وحتى عام 1933 ، اجراء خمسة عمليات انتخابية اسفرت عن ولادة مجلس تأسيسي و4 مجالس للنواب.
2ـ الانتخابات النيابية في عهد الملك غازي الاول
توج الملك غازي ملكاً على العراق في 8/ايلول/1933 بعد وفاة والده الملك فيصل الاول،(52) وعندما شكل علي جودت الايوبي(53) وزارته في 27/اب/1934، اسرع في حل مجلس النواب والشروع بأجراء انتخابات جديدة. (54)
شهدت هذه الانتخابات تدخل سافر من قبل الحكومة، فعندما جاء دور انتخاب المنتخبين الثانويين، فكان معظمهم من موظفي الحكومة، وممن كان موالياً للسلطة او مؤيداً لسياستها، ويشير عبد الرزاق الحسني،(55) عندما تحدث معه رئيس الوزراء علي جودة الايوبي عن الانتخابات في العراق ودرجة تدخل الحكومة فيها قائلاً: ((الحق ان الحياة النيابية افسدت العراق لسببين؛ قانون انتخاب النواب، وكثرة طلاب النيابات، اما من جهة قانون الانتخاب فأنه اعطى السلطة مجالاً واسعا للتدخل فيه، حتى أن النيابات كانت الى التعيين اقرب منها الى الانتخاب، واما من جهة النيابات فأنتم تعلمون ان عددها محدود، في حين ان طلابها يتجاوزون الالفين، فلو قام في البلاد مجلس تشريعي تمثل فيه الألوية، لكان ذلك خيراً وأبقى، وخلصت الحكومة نفسها من الانتقادات)) يتبين من ذلك بوضوح تدخل الحكومة في الانتخاب، وعملت الحكومة على جعل الصحفيين نواباً في مجلسها فكان صاحب جريدة البلاد نائباً عن لواء البصرة، وصاحب جريدة العالم العربي نائبا عن لواء الموصل وصاحب جريدة الاستقلال نائباً عن لواء الكوت، فحرمت الحكومة الشعب بعملها هذا من السنته الناطقة. (56)
يصف السفير البريطاني تدخل الحكومة في الانتخابات قائلاً: ((اسفرت الانتخابات العامة التي اجريت في اوائل كانون الاول 1934م، عن اغلبية ساحقة حصل عليها رئيس الوزراء علي جودة بك وحزبه في مجلس النواب وحينما اجتمع البرلمان في مطلع السنة الجديدة، كان هؤلاء يعتقدون ان موقفهم قوي، وهم لم يدركوا المرارة الشخصية التي اثارها بأستبعادهم من المجلس كثيرين من زعماء الاحزاب والفئات الاخرى، ولا فهموا الاستياء الواسع الذي جلبوه لانفسهم بفرضهم على المناطق الانتخابية في الالوية عدداً من النكرات التافهين من بغداد اولئك الذي ادى انتخابهم الى حرمان رجال لهم مكانة محلية في مقاعدهم)). (57)
عقد المجلس اجتماعه الاول في 29/كانون الاول/1934م، وبعد القاء الملك خطاب العرش انتخب النواب رشيد الخوجة رئيساً لمجلسهم،(58) يلاحظ ان الاساليب التي اتبعت في الانتخابات هي نفس تلك الاساليب التي طبقت في الانتخابات السابقة، حيث اسهمت الوزارات في افساد عملية الانتخاب دون اجراء تعديلات في الانظمة والقوانين الانتخابية وتطويرها.
عندما شكل ياسين الهاشمي حكومته في 17/اذار/1935م، نجح بأستصدار ارادة ملكية بحل مجلس النواب واجراء انتخابات جديدة، حيث زيد عدد مقاعد مجلس النواب من 88 نائباً الى 108 نائبا، نتيجة لزيادة عدد سكان العراق، وتم انتخاب نواب المجلس الجديد في 4/اب/1935م، واصبح محمد زكي رئيساً للمجلس الجديد. (59)
اما السفير البريطاني في بغداد يشير في تقريره عن زيادة مقاعد مجلس النواب قائلاً:( ان الحكومة قد زادت عدد النواب بصورة مقصودة لتتمكن من مكافأة انصارها بدون استبعاد غيرهم ممن يحتلون مراكز عشائرية او في الحياة العامة تجعل وجودهم في المجلس مرغوباً فيه)). (60)
لقد دلت النتئاج على ان وزارة ياسين الهاشمي اتبعت نفس الطرق التي اتبعتها بقية الوزارات في جميع المجالس النيابية، وان كان تدخلها في هذه الانتخبات اقل واخف من تدخل بقية الوزارات، ودوّن عبد الرزاق الحسني،(61) ملاحظاته عن هذه الانتخابات:
1ـ ان القبائل تمثلت في هذا المجلس افضل من تمثيلها في المجالس السابقة.
2ـ ان المجلس الجديد أكثر تمثيلاً من المجالس السابقة لطبقات المجتمع.
3ـ اصبح معظم اصحاب الصحف السياسية نواباً في المجلس الجديد، فحرم الشعب ممن ينطق بلسانه او ينتقد سلوك الحكومة في ادارة شؤون البلاد.
ولكن المجلس لم يستمر في عمله اذ حل وصدرت ارادة ملكية بتعيين يوم 10/كانون الاول/1936 موعداً لبدء العملية الانتخابية في عهد وزارة حكمت سليمان،(62) وفي 20/شباط/1937 تم انتخاب نواب المجلس الجديد بالطرق المألوفة حيث تم اختيارهم من قبل اعضاء الحكومة وانتخب فخر الدين جميل رئيسا لمجلس النواب. (63)
بعد ان قدم حكمت سليمان استقالت حكومته في 17/اب/1937م، شكلها من بعده جميل المدفعي،(64) الذي كان من اولويات حكومته حل مجلس النواب واجراء انتخابات جديدة، وبعد اصدار ارادة ملكية بحله، بدأت الاستعدادات للانتخاب وشكل المجلس الجديد في 18/كانون الاول/ 1937، كان تدخل الحكومة في الانتخابات سافراً وواضحاً لبلوغ عناصرها الى المجلس بعد ابعاد العناصر المعروفة بميولها اليسارية كما لم يمثل في المجلس الجيش ويشير عبد الرزاق الحسني،(65) حول تدخلات الحكومة قائلاً: ((ضج العراقيون من كثرة التلاعبات الحكومية في الانتخابات النيابية العامة حتى حملهم هذا التلاعب على الزهد في هذه الانتخابات، وعلى الابتعاد عن الحياة البرلمانية، حيث كانت مقدمات هذا الانتخاب قد تمت في جو من الريبة..)) وعقد المجلس اجتماعه الاعتيادي في 23/كانن الاول/ 1937م، وانتخب النواب مولود مخلص رئيساً لمجلسهم. (66)
يتبين لنا ان العراق شهد في فترة تولي الملك غازي الاول عرش العراق منذ عام 1932 وحتى عام 1939، اجراء اربعة عمليات انتخابية، وان حل المجلس واجراء انتخابات جديدة اصبحت سنة تسير عليها كل وزارة عند تشكيلها.
3ـ الانتخابات في عهد الوصي عبد الآله
تولى الملك فيصل بن غازي عرش العراق بأسم فيصل الثاني بعد وفاة والده الملك غازي بحادث سيارة في 4/نيسان/ 1939،(67) ولما كان الملك الجديد لم يبلغ سن الرشد القانونية اصبح خاله الامير عبد الآله وصياً على الملك(68).
كانت التقاليد تقضي بأنسحاب هيأة الوزارة من الحكم عند انتقال العرش الى ملك جديد، فقدم نوري السعيد استقالت حكومته في 6/نيسان/ 1939، واعاد تشكيلها في اليوم نفسه ، وكانت من اولويات اعمال الوزارة حل مجلس النواب، فأصدرت وزارة الداخلية اوامرها الى متصرفي الالوية للشروع بالانتخابات ، فجرى انتخاب المنتخبين الثانويين فالنواب، وصدرت الارادة الملكية بدعوة المجلس للاجتماع وانتخب النواب مولود مخلص رئيساً لهم.(69)
اكمل المجلس المدة القانونية التي نصت عليها المادة 38 من القانون الاساسي، وهو اول مجلس اتم دوراته الاربعة، وصدرت الارادة الملكية في 9/حزيران/ 1943 بحله، وبدأت الاستعداءات للانتخاب، وتم انتخاب المنتخبين الثانويين في نهاية اب عام 1943م، وتم انتخاب النواب في 5/تشرين الاول في العام نفسه، فكان معظمهم من النواب السابقين، اما الاعضاء الجديد فكان عددهم 26 نائباً، وتدخل الحكومة واضحاً في عملية الانتخاب حيث تعاون رئيس الوزراء نوري السعيد مع وزير خارجيته صالح جبر على اعداد قوائم باسماء الموالين لهما، لكن الاخيرين تفاجئا باعداد قوائم اخرى من قبل الوصي عبد الآله، فحاولا الاعتراض عليها فلم ينجحا في مسعاهما وفي النهاية تمت تسوية المشكلة بتنازل نوري السعيد عن معظم الذين كان الوصي يرغب بأدخالهم في المجلس الجديد،(70) وعقد المجلس اجتماعه الاول في 9/تشرين الاول/1943م وانتخب النواب حمدي الباجه جي رئيساً لمجلسهم. (71)
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية الذي تأثر العراق بظروفها ، شكل توفيق السويدي وزارته الثانية،(72) وكانت باكورة اعمالها تعديل قانون انتخاب النواب الصادر في عام 1924، حيث شكلت لجنة من كبار رجال الدولة، ووضعوا لائحة قانون جديد يجعل الدائرة الانتخابية اصغر مما كانت عليه، اذ كان اللواء يعتبر دائرة انتخابية واحدة، فقسم الى عدة دوائر، ورفع القانون الجديد عدد النواب في المجلس الى 138 نائباً،(73) واقرها مجلس الاعيان ايضاً في 25 من الشهر نفسه. (74)
وعليه رغبت الحكومة بحل مجلس النواب لأجراء انتخاب المجلس وفقاً للقانون الجديد، وبعد اصدار الارادة الملكية بحل المجلس، بدأت عملية الانتخاب تجري بنشاط ملموس على الرغم من استقالة بعض الوزراء ،(75) بسبب تدخل الحكومة في الانتخابات وقرر حزب الاحرار مقاطعة الانتخابات للاسباب التي تضمنها بيانه: (اشترك الحزب في الوزارة السعيدية التاسعة، لمساعدتها في مهمة تنفيذ قانون الانتخابات الجديد، باجراء انتخابات حرة سالمة من التدخل ولكن بعد مضي مدة وجيزة، والشروع في عمليات الانتخاب الاولى، ظهرت بوادر التدخل من بعض المسؤولين الذين استعملوا مراكزهم الرسمية ونفوذ الحكومة، للتأثير على سير الانتخاب..) (76) الا ان رئيس الوزراء اصر على انه لا يوجد اي تدخل للحكومة في الانتخابات، وحذت الاحزاب العراقية وهي حزب الاتحاد الوطني، حزب الاستقلال، حزب الوطني الديمقراطي، حزب الشعب، التي شاركت في الانتخابات حذو حزب الاحرار فأنسحبت من الانتخابات احتجاجاً على التدخل السافر من قبل الحكومة لتأييد مناصريها وتضيق الخناق على الاحزاب ومضايقة مرشحيها. (77)
انتهت الانتخابات وشكل مجلس النواب حسب رغبة الحكومة فعقد المجلس اجتماعه غير الاعتيادي في 17/اذار/1947م، وانتخب النواب عبد العزيز القصاب رئيساً لمجلسهم. (78)
حل هذا المجلس في 20/شباط/1948م، وكان السبب في ذلك رغبة الشعب لاجراء انتخابات جديدة ليكون اكثر تمثيلاً لهم من المجلس السابق، وبدأت الاستعدادات للانتخابات، وتكررت صورة التدخل الحكومي لضمان فوز عناصرها المؤيدة لها، حيث حدثت بعض المعارك بين المتنافسين راح ضحيتها عشرات من القتلى وعكرة سير الانتخابات،(79) وعلى كل تم انتخاب النواب والبالغ عددهم 138 وكان 71 نائباً منهم يتم انتخابيهم لاول مرة وان الاحزاب السياسية القائمة تمثلت بأعداد ضئيلة جداً، بسبب تدخل الحكومة ومضايقتها للاحزاب بأي شكل من الاشكال لعدم ضمان فوزهم في الانتخابات، وانتخب النواب عبد العزيز القصاب رئيساً لمجلسهم. (80)
أكمل المجلس مدته القانونية فوجب حلهُ، فصدرت الارادة الملكية بعد عودة الوصي عبد الآله من سفره في 27/تشرين الاول/ 1952 بحل المجلس والشروع بالانتخابات. (81)
قدمت الاحزاب السياسية(82) مذكرات الى الوصي عبد الآله تطالب فيه، باجراء اصلاحات سياسية واقتصادية وتعديل القانون الاساسي والاخذ بالانتخاب المباشر، واجراء انتخابات حرة لمجلس يمثل الشعب وتنبثق عنه حكومة وطنية ترتضيها اكثرية الشعب، واطلاق الحريات السياسية،(83) وعندما بدأت الاستعدادات للانتخابات، ظهر للاحزاب السياسية ان فكرة تعديل قانون الانتخاب بعيدة المنال وان الحكومة ما تزال ترغب في جلب العناصر المؤيدة لسياستها، فقررت الاحزاب مقاطعة الانتخابات ودعت الشعب الى العمل على احباطها. (84)
تأزم الوضع فرأت الحكومة ان تصدر بياناً رسمياً عاهدت فيه الشعب بأن تتبنى مبدأ الانتخاب المباشر وانها قررت تشكيل لجنة تضم رجال من القانون والادارة وان يساهم فيها ممثلون من الاحزاب لتقوم بانجاز لائحة هذا القانون. (85)
لقد عجل الاسراع في وضع قانون الانتخاب النواب بصورة مباشرة حادثة، وهي تظاهرة قام بها طلبة كلية الصيدلة والكيمياء حول اصدار قرار يعتبر فيه الطالب المعيد في بعض الدروس معيداً في كافة المواد،(86) واشتدت المظاهرات حتى التحق بهم طلبة كليات الطب والحقوق والتجارة، وحصلت اصطدامات بين الشرطة والمتظاهرين ادت الى حدوث عدة اصابات سقط على اثرها عدد من القتلى والجرحى وتطور موقف الطلبة من الجانب العلمي الى الجانب السياسي، فقدموا مطاليبهم واهمها وجوب الاخذ بالانتخاب المباشر كأساس للانتخابات القادمة والقيام بالاصلاحات الداخلية. (87)
تدهور الوضع الامني في بغداد فلم تستطع الشرطة من انهاء الاضراب، وقدمت الحكومة استقالتها،(88) فأستعان الوصي برئيس اركان الجيش نور الدين محمود الذي شكل الحكومة الجديدة،(89) فأعلن الاخير الاحكام العرفية والغى اجازة الاحزاب وعطل الصحف،(90) وشكل لجنة لاعداد لائحة قانون انتخاب النواب بصورة مباشرة، وبالفعل اتمت اللجنة مهمتها بعد اطلاعها على قوانين الانتخاب في كل من مصر ولبنان وسوريا وتركيا وصدر مرسوم رقم (6) لسنة 1952م في كانون الاول عام 1952م. (91)
جرت الانتخابات وفق المرسوم الجديد في 17/ كانون الثاني/ 1953م، ويصف جميل المدفعي، الانتخابات قائلاً : ((انا اعتقد ان بعض الانتخابات الغير المباشرة جرت احسن من الانتخابات المباشرة))، (92) بينما اعلن رئيس الوزراء نور الدين محمود بأن الحكومة كانت محايدة بكل معنى الحياد واشار بأن الانتخابات لم تكن مزيفة بل جرت حسب القوانين المرعية. (93)
عقد المجلس الجديد اجتماعه في 24/كانون الثاني/ 1953م، وانتخب النواب الدكتور فاضل الجمالي رئيساً لمجلسهم. (94)
4ـ الانتخابات النيابية في عهد الملك فيصل الثاني
تولى الملك فيصل الثاني سلطاته الدستورية في 2/ايار/1953م، لبلوغه سن الرشد القانونية،(95) واصبح الامير عبد الاله ولي عهده الذي تنافس مع نوري السعيد تنافساً قويًا في شؤون الحكم في البلاد، وكان مجلس النواب هو الذي يمنح السلطة لمن يسيطر على اعضاءه، لذلك دأب نوري السعيد على ان تكون اكثرية مجلس النواب من أتباعه، ويبدو ان الامير عبد الاله في هذه المرة اراد ان يقصي نوري السعيد من المجلس ويخلق شيئاً من التوازن بين الكتل النيابية ليكون هو مركز الثقل، فأسند رئاسة الوزارة الى ارشد العمري، ولم تضم الوزارة اي شخص من الموالين للسعيد. (96)
كانت باكورة اعمال وزارة العمري حل مجلس النواب وأجراء انتخابات جديدة، فأستعدت الاحزاب السياسية لخوض الانتخابات وتجمعت المعارضة في جبهة وطنية، ويصف الشيخ على الشرقي الوزير بلا وزارة في حكومة ارشد العمري، تدخل الحكومة قائلاً: (( ان أرشد العمري كان ، يدير الانتخابات في الظاهر بصفة حيادية ولكن معمل الترشيح كان في غرفة رئيس الديوان الملكي، وكانت المحاولة المجيء بأكثرية بلاطية، حتى اتم الانتخابات حسب الخطة المرسومة..)) (97) بينما ينفي رئيس الديوان الملكي أحمد مختار بابان تدخل الحكومة في الانتخابات حيث يقول: ((ان ارشد العمري قام بالانتخابات أحسن قيام..)). (98)
دلّت الحوادث ان الانتخابات لم تخل من تدخل حكومي، ورفعت الجبهة الوطنية كتاب الى وزير الداخلية أوضحت فيه انتقاداتها حول الانتخابات كان أهمها تدخل الحكومة وقصر مدة الانتخاب ومنع الحكومة الاجتماعات الانتخابية الامر الذي ضيّق على المرشحين مجال ممارسة حقوقهم بالاتصال بالجمهور. (99)
عقد مجلس النواب اجتماعه في 26/تموز/1954، والقى الملك خطاب العرش شارحاً فيه الحالة السياسية في البلاد ومرحباً بالنواب الجدد، وانتخب عبد الوهاب مرجان رئيساً للمجلس. (100)
بعد انهاء الانتخابات وتشكيل المجلس قدم رئيس الوزراء ارشد العمري استقالت حكومته،(101) وتشير المصادر على ان للسفير البريطاني في بغداد يد في ذلك حيث تكلم مع الامير عبد الاله بشدة قائلاً: ((لابد من جلب نوري ليتدارك الوضع..)) (102) هذا واضح من ان البريطانيين لم يرضوا عن الانتخابات التي قامت بها حكومة أرشد العمري وأن الوضع الجديد في المجلس لما يحمله من نواب معارضين كان خطراً على السياسة البريطانية في العراق.
لذلك اسندت الوزارة الى نوري السعيد، الذي أشترط تأليفها بحل مجلس النواب وأجراء انتخابات جديدة، التي بدأت في 12/ايلول/1954م، فقاطعتها بعض الاحزاب وقرر الاسهام فيها البعض الاخر، وظهر تدخل السلطة في هذه الانتخابات منذ البداية،(103) اجتمع المجلس الجديد في 16/ايلول/1954م، والقى الملك عند افتتاح المجلس خطاب العرش وبعدها انتخب النواب عبد الوهاب مرجان رئيساً لمجلسهم. (104)
شهد عام 1958م قيام اتحاد بين العراق والاردن عرف بالاتحاد العربي،(105) حيث تم تعديل القانون الاساسي العراقي من اجل السماح بقيام الاتحاد، وتنص المادة 119 من ا لقانون، ان اي تعديل بعد الموافقة عليه بحل مجلس النواب وينتخب مجلس جديد، وعليه صدرت ارادة ملكية في 27/اذار/1958م، بحل مجلس النواب واجراء انتخابات جديدة في 5/ايار/1958م، وتم زيادة عدد النواب في المجلس الى 148 نائباً نتيجةً لزيادة عدد نفوس العراق. (106)
جرت الانتخابات في الموعد المحدد لها، وفاز بالتزكية 118 نائباً من اصل 148 نائبا وجرى افتتاح المجلس في 10/ايار/1958م وانتخب النواب عبد الوهاب مرجان رئيساً للمجلس،(107) وهذا أخر مجلس نواب عراقي في العهد الملكي.
ثانياً:ـ العهد الجمهوري
قام الضباط الاحرار في العراق يتزعمهم عبد الكريم قاسم في 14/تموز/1958م، بثورة اطاحت بالحكم الملكي وقيام النظام الجمهوري،(108) وعلى اثر قيام الثورة الغي القانون الاساسي لسنة 1925م، والمؤسسات القائمة بموجبه وبضمنها مجلس الامة بهيئتيه مجلس النواب والاعيان. (109)
لم يشهد العراق خلال فترة حكم عبد الكريم قاسم (1958ـ 1963) وعبد السلام عارف (1963 ـ 1966)، وعبد الرحمن عارف (1966 ـ 1968) واحمد حسن البكر (1968 ـ 1979)، اجراء انتخابات برلمانية، ولم يشكل خلال هذه الفترة اي برلمان عراقي منتخب. (110)
وعند تسلم صدام حسين السلطة في العراق، صدر قانون المجلس الوطني المرقم 55 لسنة 1980م، وحدد يوم 20/حيزران/ 1980م موعداً لاجراء الانتخابات، وعلى اساسها شكل المجلس الوطني بالانتخاب،(112) وهو اول مؤسسة تتألف بالانتخاب في ظل النظام الجمهروي في العراق، وجرت الدورة الثانية للمجلس الوطني في عام 1984م، والدورة الثالثة في عام 1988م، والدورة الرابعة في عام 1999م.
وعلى الرغم من كون المجلس الوطني مجلس منتخب، الا انه لم يكن برلماناً حقيقياً في جميع دوراته للأسباب التالية:
1ـ ان الانتخابات لم تكن انتخابات حرة ونزيهة.
2ـ المجلس الوطني لم يكن ذو صلاحية تشريعية حقيقية ووحيدة في العراق بل كان بجانبه مجلس قيادة الثورة.
3ـ كان المجلس اداة بيد النظام يستخدمه لأسباغ المشروعية على تصرفاته وقراراته.
4ـ لم يكن له أي دور رقابي حقيقي على الحكومة.
5ـ ان المرشحين كانوا يمثلون الحزب الحاكم ومؤيديه.
6ـ والاهم من ذلك أنه لم يكن معبراً عن ارادة العراقيين بل عن ارادة النظام الحاكم.(112).