دراسات قانونيةسلايد 1
بحث حول الوكالة في البيوعات العقارية على ضوء مستجدات مدونة الحقوق العينية
مقدمة:
تعددت حاجيات الإنسان التي يسعى إلى إشباعها، حتى يتمكن من العيش على وجه يريق بآدميته، وهو يستمد العناصر اللازمة لذلك من الطبيعة التي تحيط به ومن الأشخاص الذين يعيشون معه، بحيث يقدمون له الخدمات والأعمال التي لا يستطيع أن يقوم بها بنفسه.
والأصل أن يقوم الشخص بنفسه بإبرام ما يحتاج من عقود، لكن قد تحول الظروف دون ذلك كبعده أو غيبته أو قلت تجربته أو خبرته.[1]
وكقاعدة عامة في الميدان العقدي أن العقد لا يلزم إلا من كان طرفا فيه ، فهو لا يضر ولا ينفع الغير ، غير أن هذا المبدأ لا يؤخذ على إطلاقه ، إذ قد يحدث أحيانا أن تنصرف أثار العقد إلى غير عاقديه ، وذلك هو حال التعاقد بالنيابة حيث يقوم النائب بإبرام العقد فتنصرف أثاره إلى الأصيل والتعاقد على هذا النحو ليس على صورة واحدة بل إنه يختلف بحسب مصدره فهو إما أن يكون قانوني أو قضائي أو اتفاقي والنيابة الاتفاقية هي التي يصطلح على تسميتها بالوكالة متى كان الوكيل مفوضا للقيام بتصرف قانوني لفائدة موكله.
غير أن الوكالة بهذا التحديد لم تكن معروفة لدى الرومان إلا في حدود ضيقة حيث كانت ترتبط بالعمل المادي أكثر من العمل القانوني ، وذلك راجع إلى أن رابطة الالتزام كانت شخصية محضة ، زيادة على الشكليات التي سادت إبرام العقود ، أما فقهاء الشريعة الإسلامية فقد أجازوها وبينوا أحكامها بل إنهم أفردوا لها حيزا هاما في مؤلفاتهم وذلك راجع لإنباتقها من روح الدين الإسلامي[2].
ونظرا للأهمية العملية والقانونية لعقد الوكالة باعتبارها وسيلة وأداة تسهل على الناس أمور حياتهم عن طريق تمكينهم من إجراء تصرفات يتعذر عليهم في بعض الأحيان من إجرائها بأنفسهم لغيابهم عن مكان العقد أو لقلة خبرتهم أو لكثرة مشاغلهم لهذا فإن جل القوانين الحديثة اعترفت بالوكالة ونظمت أحكامها.
وتعرف الوكالة لغة بأنها الحفظ والضمان وتقرأ بفتح الواو أو بكسرها، و قد تطور هدا المعنى بتطور استخدام هدا العقد إلى أن أصبح يشمل تمثيل شخص آخر و تكليفه إياه للقيام مقامه في إبرام التصرفات و تنفيذ الأعمال كما سبقت الإشارة لذلك
ولكثرة تداول هذا العقد بين الناس باعتباره أداة مساعدة لمجموعة كبيرة من العقود الأخرى: كالبيع والإيجار، والرهن…الخ، لكن تظهر اهمية الوكالة في البيوعات ذات طابع عقاري وهنا يجب مراعات ارتباط الإنسان بالعقار والأرض بصفة عامة الذي يعتبر ارتباط فطري مرتبط بطبيعة الإنسان الذي يتمسك بالملكية العقارية، لأنها تجسد له نوعا من الاستقرار الاجتماعي والاستمرار العائلي والانتماء الترابي، [3]
بل ان موضوع العقار يفوق الاعتبار الشخصي وأصبح يلعب دورا حيويا في تحقيق التنمية المستدامة في شتى تجلياتها، باعتباره الأرضية الأساسية التي تنبني عليها السياسات العمومية للدولة في مختلف المجالات الاقتصاد والاجتماعية والثقافية والبيئية، وذلك من خلال توفير الوعاء العقاري اللازم لإنجاز البنيات التحتية الأساسية والمرافق العمومية، ودعم الاستثمار المنتج في مختلف مجالات الفلاحة والصناعة والسياحة والخدمات وغيرها.[4]
وبهذا يكون تدخل المشرع المغربي لينظم عقد الوكالة الواردة على العقار وغيرها من التصرفات المدنية في قانون الالتزامات والعقود إذ أنه خص الوكالة بالفصول من 879 إلى 942 من ظهير الالتزامات والعقود. تدخل يتيم لا يسعفه في تحصين الوكالة في البيوعات العقارية من تصرفات تعصف بستقرار المعاملات العقارية عن طريق الوكالة العقارية التي ما فتئت ان تكون محل تلاعبات من قبيل التزييف و التزوير الذي يؤدي الى الاستلاء على عقارات الغير الذي اصبح في الأونة الأخيرة ظاهرة مستفحلة و مستشرية ، كانت وراؤها الوكالات العرفية مما جعل الجنب الشريف يتدخل في أواخر سنة 2011 عن طريق رسالة سامية موجهة لوزير العدل من أجل ردع هده التصرفات .
تنفیذا للتعلیمات الملكیة السامیة الھادفة إلى وضع حد لظاھرة الاستیلاء على ملكیة العقارات وحماية جمیع التصرفات الواقعة على العقارات، تمت المصادقة على القانون رقم 69/16 الذي يقضي بتتمیم المادة الرابعة من مدونة الحقوق العینیة ،رغبة من المشرع إلى التصدي لجمیع أنواع جرائم العقارات بما فیھا ظاھرة الترامي على ملك الغیر عن طريق الوكلات العرفية وسائر الانحرافات ذات الصلة بالتصرفات و العملیات العقارية المشبوھة ، وكذالك تحقیق الأمن العقاري لتحقیق التنمیة وتحفیز الاستثمار.[5]
إشكالية البحث:
من خلال هذه الدراسة أسعى إلى الإجابة على مجموعة من التساؤلات بداية بالإشكالية الرئيسية المتمثلة في:
ما مدى كفاية وانسجام التنظيم القانوني المغربي للوكالة في البيع العقاري؟
الإشكاليات الفرعية:
بما أن الوكالة تقوم على مجموعة من الخصائص تميزها عن عقود الوساطة المشابهة فما هي هذه الخصائص و أوجه الاختلاف بينها وبين العقود المشابهة لها ؟
بالإضافة إلى هذا فإن توثيق عقد الوكالة يتم وفق إجراءات محددة وتحتاج إلى شكلي خاصة لتحريرها كل ذلك من أجل حماية أطراف تلك العلاقة وضمان استقرار المعاملات
إذن كيف نظم المشرع المغربي أحكام الوكالة في إطار قانون الالتزامات والعقود؟
وما هي الإجراءات المتبعة في توثيقها وماهي المستجدات المتعلقة بتوثيق الوكالة؟
وماهي الشكلية المتطلبة للانعقاد الوكالة؟
وبالنسبة لانتهاء عقد الوكالة: يطرح السؤال التالي:
ماهي الحماية التي وضعها المشرع لطرفي العقد من أثار استخدام طرف لحقه في إنهاء عقد الوكالة؟
وكيف تكون النهاية الطبيعية للوكالة وماهي الاستثناءات الواردة عن هذا الانقضاء؟
عناصر البحث:
إن دراسة الوكالة تقتضي قبل كل شيء تحديد مفهومها و مختلف صورها في الفصل الأول و ذلك بتعريفها وتمييزها عما يشابهها من تصرفات قانونية وهذا ما نتطرق له في المبحث الأول لنتوصل من خلال التعريف والألفاظ الدالة عليها اما في المبحث الثانى سنتطرق إلى خصائص عقد الوكالة في البيوعات العقارية وطبيعة الوكالة في البيوعات العقارية و أنواعها وكدا اركانها وبعد كل هذا يجب توثيق عقد الوكالة في البيع العقاري وهو ما سنخصص له الفصل الثاني تحت عنوان شكلية توثيق عقد الوكالة في البيع العقاري واثارها وذلك بالحديث في المبحث الأول الشكلية المتطلبة في توثيق عقد الوكالة و تم الإجراءات المتبعة في تسجيلها اما مبحث الثاني عن التزامات طرفي العقد كل من الوكيل و الموكل ثم التطرق إلى انتهاء العقد بأسباب الانتهاء العامة التي تسري على كل العقود ثم الأسباب الخاصة بعقد الوكالة.
أهمية البحث:
تتجلى أهمية دراسة الوكالة في الاعتبارات التالية:
كثرة التعاملات بالوكالات وتزايدها خاصة الصور الحديثة لها والدور الذي تلعبه في المجال المعاملات ذات طابع عقاري
قلة البحوث التي تتناول الوكالة في البيع العقاري بتحديد.
منهج الدراسة:
اتبعت في دراستي هذه:
المنهج التحليلي: وذلك من خلال البحث والقراءة والتحليل في النصوص القانونية المتعلقة بالوكالة وكذلك البحث في الكتب والمقالات المتعلقة بالموضوع
المنهج المقارن: وذلك من خلال مقارنة النصوص القانونية المتعلقة بالوكالة في القانون المغربي مع غيرها من التشريعات العربية المقارنة ، وقمت بإيراد نصوص من قوانين عربية في الجوانب المختلفة فيها من هذا الموضوع
ومنه يمكننا الإعلان على التصميم الآتي بيانه:
الفصل الأول: أحكام عقد الوكالة وخصائصها وتمييزها عن غيرها من العقود
المبحث الأول: مفهوم عقد الوكالة وخصائصها
المبحث الثاني: أركان عقد الوكالة وتمييزها عن غيرها من العقود المشابهة
الفصل الثاني: إجراءات توثيق عقد الوكالة في البيوع العقارية وآثارها بين المتعاقدين
المبحث الأول: مستجدات المادة الرابعة من قانون 16/69 المتمم لأحكام مدونة الحقوق العينية
المبحث الثاني: آثار عقد الوكالة في البيوعات العقارية.
الفصل الأول:الأحكام العامة لعقد الوكالة في البيوع العقارية وتمييزها عن غيرها من العقود المشابهة
تعتبر الوكالة بصفة عامة من أقدم المعاملات وأكثرها انتشارا وتتمتع بمجموعة من الخصائص التي تميزها عن مختلف العقود التي تتشابه معها، كما أنها ومن خلال تعريفها وخصائصها نجد أنها تظهر في عدة صور ولتبيان أركانها نتطرق إليها في المبحث الثاني لهذا الفصل أما المبحث الأول خصصناه لمفهوم عقد الوكالة وخصائصها.
المبحث الأول: مفهوم عقد الوكالة وخصائصها
نتناول في هذا المبحث التعريف القانوني والفقهي للوكالة بصفة عامة وبشكل غير مباشر في البيع العقاري في المطلب الأول وبيان خصائصها في المطلب الثاني.
المطلب الأول: مفهوم عقد الوكالة في البيوعات العقارية لغة واصطلاحا
من أجل الوقوف على المعنى الدقيق لمفهوم عقد الوكالة في البيع العقاري لابد من التفصيل فيها بشكل دقيق وهذا لا يتأتى إلا عن طريق تعريفها في اللغة (الفقرة الأولى) وكذلك اصطلاحا في (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مفهوم عقد الوكالة في البيع العقاري في المعنى اللغوي
عن لسان العرب لابن منظور[6]، وكل وتوكل واتكل استسلم، ووكلت أمري لفلان فهو وكيله. ألجأته غليه واعتمدت عليه فيه. ووكل فلان آخر، غذ فوض إليه تدبير أمره، واسكفاه فيه، ثقة به، وكأنه يدبره بنفسه. فالوكيل يقوم مقام الموكل، ويتكلم نيابة عنه، وكأنه هو المتكلم، والتوكيل في الغالب يقع عند العجز عن القيام بأمور النفس، كالعجز عن البدن أو المعرفة أو بسبب الغيبة، والتوكل إظهار العجز والاعتماد على الغير، والاسم التكلان ، ويكون بمعنى الترك، كالقول بأن فلان وكل الآخر إلى رايه وكلا ووكولا، إذا تركه لنفسه حين لا تنفع النصيحة والإرشاد. ورجل وكل ووكله وتكله ومواكل، بمعنى عاجز كثير الاتكال على غيره. والوكل الذي يكل أمره إلى غيره، ورجل وكل ضعيف، والوكل الوكل البطء في الفهم والعجز وواكلت الذابة وكالا، أساءت السير وتأخرت. والمواكل من الخير الذي يتكل على غيره في العدو. وتواكل القوم اتكل بعضهم على البعض. والتوكل خلاف التواكل، لا يترك العمل بالأسباب الشرعية والوكالة بفتح الواو وكسرها التفويض.
والوكيل من أسماء الله الحسنى[7] قال الله تعالى: { وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلًا}[8] وقال سبحانه:{ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }[9]، فهو الكفيل القائم بالأمور كلها لا أحد سواه، قال عزمن قائل: “ألا تتخذوا من دونه وكيلا” والمتوكل على الله تعالى، المدرك بأنه سبحانه هو الكافل برزقه، القائم على أموره كلها الشاهد عليها، قال جل جلاله:{ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }[10] { فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ }[11].
الفقرة الثانية: المفهوم الاصطلاحي لعقد الوكالة في البيع العقاري
لقد تدخل المشرع المغربي في قانون الالتزامات والعقود، وذلك في الفصل (879) منه أجل تعريف الوكالة بوجه عام وجاء نصه كالآتي: “الوكالة عقد بمقتضاه يكلف شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه، ويسوغ إعطاء الوكالة أيضا لمصلحة الموكل والوكيل، أو لمصلحة الموكل والغير، بل ولمصلحة الغير وحده”.
يتبين بمقتضى هذا الفصل على أن عقد الوكالة في البيوعات العقارية بصفة خاصة فهي عقد يلتزم بمقتضاه الوكيل القيام بعمل مشروع، والذي يتمثل في الشراء أو البيع الذي محله عقار، والذي لا يرغب الشخص في القيام به بنفسه أو لا يقوى عليه[12].
لكي يصح حلول إرادة هذا الأخير، يجب أن يكون هذا التوكيل واضحا وغير مبهم وإلا أصبحنا أمام الإبهام الذي يستدعي التفسير والتأويل وفي هذه الحالة كيف يمكن أن تحل إرادة محل أخرى؟
كما يجب أن تكون أحكام الوكالة في البيوعات العقارية غير مخالفة لشرع والقانون والأخلاق وهذا ما أكده الفصل 881 من قانون الالتزامات والعقود” تبطل الوكالة.
إذا كان محلها مستحيل أو مبهم إبهاما فاحشا.
إذا كان محلها أعمالا مخالفة للنظام العام والأخلاق الحميدة والقوانين المدنية أو الدينية.
وقد تنبه القانون إلى الحرج في مسألة التفويض، فنص في الفصل 33 ق.ل.ع على أنه “لا يحق أن يلزم غيره، ولا أن يشترط لصالحه، إلا إذا كانت له مصلحة النيابة عنه بمقتضى وكالة أو بمقتضى القانون”. كما اشترط الإذن الصريح في أنواع من التصرفات وهي متعددة سدا للذريعة[13].
جاء في الفصل 894 ق.ل.ع ” لا يجوز للوكيل، أيا ما كان مدى صلاحياته، بغير إذن صريح من الموكل توجيه اليمين الحاسمة، ولا إجراء الإقرار القضائي، ولا الدفاع أمام القضاء في جوهر الدعوى، ولا قبول الحكم أو التنازل عنه، ولا قبول التحكيم أو إجراء الصلح، ولا الإبراء من الدين، ولا تفويت عقار أو حق عقاري ولا إنشاء الرهن رسميا كان أم حيازيا، ولا شطب الرهن أو التنازل عن الضمان ما لم يكن ذلك في مقابل الوفاء بالدين، ولا إجراء التبرعات ولا شراء أو تفويت لأصل تجاري أو تصفيته. ولا التعاقد على إنشاء شركة أو شياع، وكل ذلك ماعدا الحالات التي يستثنيها القانون صراحة.”[14].
المطلب الثاني: خصائص عقد الوكالة في البيوعات العقارية
من تعريف عقد الوكالة المشار إليه في المطلب الأول نستخلص الخصائص المميزة لعقد الوكالة في البيوعات العقارية ونفصل فيها الكلام تباعا.
الفقرة الأولى: الوكالة عقد رضائي وتعتبر من عقود العمل وذات طبيعة شخصية أما الفقرة الثانية نتناول فيها الوكالة غير اللازمة في الزمن، الوكالة الملزمة من الجانبين كقاعدة عامة.
الفقرة الأولى: الوكالة عقد رضائي ومن عقود العلم وذات طبيعة شخصية
أولا: الوكالة عقد رضائي
الأصل في الوكالة أنها من عقود التراضي، شأنها في ذلك شأن باقي العقود في المعاملات، جاء الفصل 883 ق.ل.ع: “تتم الوكالة بتراضي الطرفين..” فالأطراف أحرار في التفاوض، وفي الإقدام أو التراجع، حتى أثناء التعاقد أو الاشتراط فيه، فلا تعاقد دون تراضي، ولا تراضي بالطبع إلا في حدود أحكام الشرع والقانون، ألا ترى ما ورد الني عليه في الفصل 19 ق.ل.ع عند قوله “لا يتم الاتفاق إلا بتراضي الطرفين على العناصر الأساسية للالتزام وعلى باقي الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية، والتعديلات التي يجريها الطرفان بإرادتهما على الاتفاق فور إبرامه لا تعتبر جزءا من الاتفاق الأصلي ذلك ما لم يصرح بخلافه”، والفصل 20 منه عند نهبه “لا يكون العقد تاما إذا احتفظ المتعاقدان صراحة بشروط معينة لكي تكون موضوعا لاتفاق لاحق، وما وقع عليه الاتفاق من شرط أو شروط والحالة هذه، لا يترتب عليه التزام ولو حررت مقدمات الاتفاق كتابة”.
إلا أنه يجب التفريق بين القاعدة الرضائية في إبرام العقود التي تعتبر هي الأصل في إبرام العقود، لكن المشرع اعتبر عقد الوكالة عقدا شكليا، والشكلية المتطلبة فيه هي الشكلية انعقاد وليس لإثبات، فالقانون أوجب الكتابة كشرط من النظام العام وليس بداية حجة، وخصوصا في المعاملات العقارية وهذا ما أكدته المادة 4 من مدونة الحقوق العينية التي تم تمتيع الفقرة الأولى منها بمقتضى مادة فريدة من قانون رقم 16.69.
والتي تنص على أنه يجب أن تحرر – تحت طائلة البطلان – جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها، وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي أو محر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول…).
وجاء التوجه التشريعي لتكريس قواعد قانونية منصوص عليها في القواعد العامة، وذلك من أجل التقييد بعض أنواع التصرفات في حق الوكالة التي تتمثل أساسا في البيوعات العقارية أو التصرفات ذات الطابع العقاري.
وهذا ما كان معمولا به في الفصل 894 من قانون الالتزامات والعقود، وقد قيد بعض أنواع التصرفات في الوكالة، كتفويت العقارات والأصول التجارية وإنشاء الرهون وإجراء التبرعات، وتوجيه اليمين الحاسمة والقيام بالإقرار أمام القضاء وقبول التحكيم وإجراء الصلح والإبراء من الدين… على إذن صريح من الموكل، لم وجب الكتابة في هذا الإذن حسب ظاهر النص، جاء في مطلعه: “لا يجوز للوكيل، أيا كان مدى صلاحياته، بغير ذن صريح من الموكل توجيه اليمين الحاسمة…”، إلا أن تطبيقه يوجب الكتابة بالطبع والإشهاد به أمام القضاء كتابة، فهو بلا خلاف للإثبات لا غير، لا يمنع الاستدلال فيه بغير الكتابة عند الاقتضاء، وعند الشك يغلب قول الموكل بيمينه.
جاء في الفصل 897 من قانون الالتزامات والعقود: “إذا ثار الشك حول مدى الصلاحيات الممنوحة للوكيل او شروطها كان القول قول الموكل بيمينه”.
ثانيا: الوكالة من عقود العمل
الوكالة من عقود العمل كالوديعة والحراسة، في ضوء التصنيف المتداول عادة للعقود بين عقود تنصب على الملكية كالبيع والهبة وعقود تنصب على المنفعة كالكراء وعقود تنصب على العمل كما ورد، والعمل صفة ظاهرة في الوكالة، لأن الوكيل يلتزم القيام بعمل معين لصالح الموكل. وهو الظاهر النص من التعريف: “الوكالة عقد بمقتضاه يكلف الشخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه…”.
والذي يلاحظ أن هذا العمل قد يظهر بمظهر أعمال التصرف أو أعمال الإدارة، فالتوكيل في البيع عمل من أعمال التصرف ففيه التفويت، والتفويت في قبض الأكرية من أعمال الإدارة لا تفويت فيه وإنما قبض إلى حين التسليم، وفي الصورتين، الفعل هو فعل قانوني إرادي عن الغير، وليس بالفعل المادي كما في عقود العمل. إلا أنه بالنظر إلى ذات الموكل وقد وكل الغير ليقوم بالعمل بالنيابة عنه، فإن هذا العمل هو تصرف قانوني، حيث تغيب إرادة لتحل أخرى محلها بغض النظر عن نوع التكليف الذي يكلف به الوكيل، ها هو تصرف قانوني بالتفويت؟ أم مجرد عمل من أعمال الإدارة لا غير؟ وهو ما حمل القانون على اشتراط الأهلية الكاملة في الموكل، وعلى لأنه يجري العمل بالتصرف الذي يكون محلا لها، جاء في صدر الفصل 880 من قانون الالتزامات والعقود: ” يلزم لصحة الوَكالة، أن يكون الموكل أهلا لأن يجري بنفسه التصرف الذي يكون محلا لها. ولا تلزم نفس الأهلية في الوكيل، حيث يكفي فيه أن يكون متمتعا بالتمييز وبقواه العقلية، ولو لم تكن له صلاحية إجراء التصرف في حق نفسه. فيسوغ للشخص أن يجري باسم الغير ما لا يستطيع أن يجريه بالأصالة عن نفسه..” والفصل 925 من ق.ل.ع كان صريحا في هذا الوصف، جاء فيه: ” التصرفات التي يجريها الوكيل على وجه صحيح باسم الموكل وفي حدود وكالته تنتج آثارها في حق الموكل فيما له وعليه، كما لو كان هو الذي أجراها بنفسه.”، وفي طبيعة عمل الوكيل أجمل القانون في الوصف، وهو يصفه تارة بالمهمة، وأخرى بالقضية، ففي مطلع الفصل 895 ق.ل.ع ورد: “على الوكيل أن ينفذ بالضبط المهمة التي كلف بها…”، والفصل 896 منه، جاء في مطلعه: “إذا أنجز الوكيل القضية التي كلف بها…”، والترجمة المتداولة رسمية لأنها حظيت بمصادقة ملك البلاد آنذاك، في ضوء الخاصية التي تختص بها إمارة المؤمنين عن أي إجراء شكلي آخر.[15]
الفقرة الثانية: عقد الوكالة في البيع العقاري ذات طبيعة شخصية وملزمة للجانبين
أولا: الوكالة الشخصية:
معنى هذا الكلام، أن الوكالة تقوم على شخصية الموكل والوكيل، حيث تؤخذ في عين الاعتبار شخصيتهما، يقول السنهوري: “وتتميز الوكالة أيضا بتغلب الاعتبار الشخصي، فالموكل أدخل في اعتباره شخصية الوكيل، وكذلك الوكيل أدخل في اعتباره شخصية الموكل، وسنرى أن هذه الخاصية تترتب عليها أن الوكالة تنتهي بموت الوكيل كما تنتهي بموت الموكل”[16].
وبهذا الاعتبار، تنقضي الوكالة بموت أي منهما، جاء في الفصل 929 ق.ل.ع: “تنتهي الوكالة… خامسا – بموت الموكل أو الوكيل…”. إلا أن هذا الحكم، لا يسري على الحالات الاستثنائية الواردة في الفصل 938 ق.ل.ع، ورد فيه: “موت الموكل أو حدوث تغيير في حالته، ينهي وكالة الوكيل الأصلي ووكالة نائبه، ولا يسري هذا الحكم: أولا: إذا كانت الوكالة قد أعطيت في مصلحة الوكيل أو في مصلحة الغير؛ ثانيا: إذا كان محلها إجراء عمل بعد وفاة الوكيل، على نحو يكون الوكيل معه في مركز منفذ الوصايا”.
والذي يلاحظ أن شخصية الوكالة في وجه آخر، تقضي بألا يقوم الوكيل مقام الموكل فيما بشخصه كأداء اليمين، جاء في الفصل 882 ق.ل.ع: “تعتبر الوكالة كأن لم تكن إذا كان محلها عملا لا يجوز إجراؤه بطريق النيابة كأداء اليمين”[17].
ثانيا: الوكالة كقاعدة عامة ملزمة للجانبين
من خصائص الوكالة كذلك، أنها ملزمة للجانبين: ومن جهين الأول – بالنظر إلى طبيعة الوكالة فهي ملزمة للوكيل إذ عليه تنفيذ المهمة التي كلف بها جاء في الفصل 895 ق.ل.ع: “على الوكيل أن ينفذ بالضبط المهمة التي كلف بها، فلا يسوغ أن يجري أي عمل يتجاوز أو يخرج عن حدود الوكالة”، وملزمة الموكل، لأن عليه أن يمد الوكيل، بما يلزم لتنفيذ المهمة التي أوكله بها، فالفصل 913 منه ورد فيه: “على الموكل أن يمد الوكيل بالنقود وغيرها مما يلزم لتنفيذ الوكالة، ما لم يقضي العرف أو الاتفاق بخلافه”، والفصل 926 من نفس القانون، نص على أنه: “يلزم الموكل مباشرة بتنفيذ التعهدات المعقودة لحسابه من الوكيل في حدود وكالته”.
الثاني: بالنظر إلى الأجر، فإنها ملزمة إذا كانت بأجر يتحمل الموكل بصرفه للوكيل مقابل قيام الوكيل بتنفيذ المهمة التي التزم بها، جاء في الفصل 888 ق.ل.ع: “الوكالة بلا أجر، ما لم يتفق على غير ذلك، غير أن مجانية الوكالة لا تفترض…”، وفي الفصل 914 منه ورد: “…وأن يدفع له أجره عندما يكون مستحقا…”.
وأما لو كانت الوكالة بلا أجر، كما هو الأصل ما لم يستثنى، فإنها من هذا المنظور فقط تكون ملزمة لجانب واحد وهو الوكيل، كذلك في الحالات التي يسقط فيها الأجر. إلا أن جبر الضرر لا سقوط بشأنه، فقد ورد النص في الفصل 915 ق.ل.ع بما يلي: “لا حق للوكيل في الأجر المتفق عليه:
أولا: إذا منع بقوة قاهرة، من مباشرة تنفيذ الوكالة؛
ثانيا: إذا لم تقع الصفقة أو القضية التي أعطيت الوكالة من أجلها، مع عدم الإخلال في هذه الحالة بما يقضي بع عرف التجارة أو العرف المحلي.
المبحث الثاني: أركان عقد الوكالة وتمييزها عن غيرها من العقود المشابهة
تتطلب الوكالة كسائر العقود لقيامها بتحقيق الأركان العامة التي نص عليها المشرع الفصل 2 من ظ.ل.ع وهي الرضا والسبب والمحل والأهلية كما يمكن أن تتداخل مع بعض العقود المشابهة لها مما سيدفعنا لتخصيص المطلب الثاني من هذا المبحث لتمييزها عن باقي العقود المشابهة لها.
المطلب الأول: أركان عقد الوكالة في البيع العقاري.
الأركان في الوكالة، تتدرج بين الموكل والوكيل، ثم المحل والسبب في الصيغة، سيرا مع النظرية العامة للعقد. ولو أن التدرج في هذه النظرية، يبدأ بالصيغة ثم المتعاقدين، فالمحل والسبب لأنه لا كلام على الصيغة إلا بعد ظهور متعاقدين على محل وسبب في واقع المعاملات.
الفقرة الأولى: الأهلية
نميز في ركن الأهلية بين أهلية الموكل والوكيل كما يجب الوقوف عند أهلية الأشخاص الطبيعيين وكذا الاعتباريين والتفرقة بين الأهلية المتطلبة في إقدام على هذا التصرف القانوني، هل هي أهلية أداء، أم أهلية وجوب؟
أولا: أهلية الموكل
يتطلب القانون في عقد الوكالة أهلية التصرف أي لوغ سن الرشد القانوني دون عارض من عوارض الأهلية.
فإن الأهلية اللازمة هي أهلية الأداء وأهلية تصرف، فهي التي تعطي صلاحية ممارسة الحقوق الشخصية والمالية ونفاذ التصرفات[18]، وقد أشار غليها النص بالقول: “أن يكون الموكل أهلا لأن يجري بنفسه التصرف الذي يكون محلا لها”، وتحصل باكتمال سن الرشد، دون ظهور سبب آخر من أسباب نقصان أو انعدام الأهلية[19]، وسن الرشد، حددها القانون في ثمان عشرة سنة شمسية كاملة[20].
ثانيا: أهلية الوكيل “أهلية إدارة” التمييز؟
وجه الحكم:
الوكيل خلاف الموكل، لا تشترط فيه أهلية التصرف ببلوغ سن الرشد أو الترشيد، وإنما تكفي فيه أهلية الإرادة ببلوغ سن التمييز وسلامة قواه العقلية، وعدم سفهه بالطبع، فالفصل 880 ق.ل.ع نص بالحرف على أنه: “ولا تلزم نفس الأهلية في الوكيل، حيث يكفي فيه أن يكون متمتعا بالتمييز وبقواه العقلية، ولو لم تكن له صلاحية إجراء التصرف في حق نفسه، فيسوغ للشخص أن يجري باسم الغير ما لا يستطيع أن يجيره بالأصالة عن نفسه”، والنص يسري على مختلف أنواع التوكيل، غلا ما استثناه القانون.
والتمييز، جعلت له مدونة الأسرة قرينة دالة عليه، ببلوغ اثنين عشرة سنة شمسية كاملة جاء في المادة 214 منها: “الصغير المميز هو الذي أتم اثنتي عشرة سنة شمسية كاملة والمادة 226 منها، ربطت سن التمييز بالقدرة على الإدارة، فقد أجاز للصغير المميز أن يستأذن في تسلم جزء من أمواله لإدارتها، ورتبت على الإذن أن يصير كامل الأهلية فيما اذن له وفي التقاضي فيه، جاء في هذه المادة: “يمكن للصغير المميز أن يتسلم جزءا من أمواله إدارتها بقصد الاختبار – يصدر الإذن من الولي أو بقرار من القاضي المكلف بشؤون القاصرين بناء على طلب من الوصي أو المقدم أو الصغير المعني بالأمر – يمكن للقاضي المكلف بشؤون القاصرين إلغاء قرار الإذن بالتسليم بطلب من الوصي أو المقدم أو النيابة العامة أو تلقائيا إذا ثبت سوء التدبير في الإدارة المأذون بها – يعتبر المحجور كامل الأهلية فيما إذن له وفي التقاضي فيه”.
والسر فيه، أن الوكيل مجرد اداة مادية للموكل ليس غير، وأداة لنقل قراره وتنفيذه، واداة لتواصله مع الغير، والموكل بهذا الوصف هو المقرر خلف الوكيل فالمدار عليه، واشتراط أهلية التصرف فيه يغني عن اشتراطها في الوكيل، فكان عمل الوكيل لا يعدو أن يكون غير عمل إدارة ولو تصرف فتصرفه لموكله ليس إلا، والعمل الإداري لا تشترط فيه أهلية التصرف وإنما أهلية الإدارة وأهلية الإدارة أهلية تمييز بلا خلاف.
الفقرة الثانية: المحل والسبب عقد الوكالة في البيوعات العقارية
أولا: محل عقد الوكالة في البيوعات العقارية
بالوقوف على النصوص المنظمة لعقد الوكالة والتي تطرقت لمسألة المحل الفصل 879 و880 و881 و882 و887 والفصل 2 من قانون الالتزامات والعقود، يظهر أن الوكالة في البيوعات العقارية القيام بعمل وجوهر هذا العمل متسع فهو غما تصرف قانوني أو إداري أو الجمع بينهما مثال التوكيل في البيع أو الهبة يدخل عداد التصرفات القانونية بنقل الملكية بالمفاوضة والتبرع. وكذلك التوكيل عن التدبير عقارات الموكل من أعمال الإدارة لا من أعمال التصرف بنقل حقوق عينية عليها.
وما يهمنا هو التوكيل في بيع عقار مع القيام بالإجراءات الإدارية المترتبة عليه وهذا من الأعمال التي تجمع بين الإدارة والتصرف القانوني.
ويظهر من النصوص المنظمة لهذا العقد أن المشرع لم يحدد طبيعة التصرف في الوكالة فقد جاء على صيغة العموم، كما أشار ف888 من ق.ل.ع، والفصل 887 وبهذا يكون محل عقد الوكالة عملا مشروعا ويستشف هذا من الفصل 879 من ظهير الالتزامات والعقود الذي عرف عقد الوكالة وبين كذلك محلها.
ومحل عقد الوكالة في البيوعات العقارية هو القيام بعمل البيع أو الشراء.
شروط محل عقد الوكالة في البيوعات العقارية أن يكون ممكنا:
شرط الإمكان ضدها الاستحالة فلا وكالة على أمر مستحيل الوقوع بحكم طبيعته أو بحكم القانون، فالتوكيل على بيع دار هلكت أو إجراء صفقة عقارية مستحيلة أو التوكيل المستحيل بطبيعته، والتوكيل على عقار محبس أو بيع تجزئة غير مرخص بها[21]. أو بيع عقار في طور البناء لم تكتمل الأساسات فيه بعد[22] أو بيع أرض فلاحية نقل مساحتها عن المرخص به[23] أو بيع شقة خلاف نظام الملكية المشتركة، هو توكيل مستحيل بحكم القانون.
وإذا تم التوكيل على هذه الحالة كان باطلا، وقد يترتب عليه طلب التعويض عند الاقتضاء تجاه الوكيل والغير، ما لم يحصل العلم بالاستحالة، وإلا فلا تعويض ويسري نفس الحكم حتى ولو اقتصرت الاستحالة على جزء من المعقود عليه، أو أن الالتزام تخييري، وأحد الأشياء الموعود بها فيه صار مستحيلا، وهو ما سيظهر من الفصل 60 ق.ل.ع جريا مع أحكام الفصل 146 منه الذي جاء فيه “تبرأ ذمة المدين بأداء أحد الشيئين الموعود بهما. ولكنه لا يستطيع إجبار الدائن على أن يأخذ جزءا من أحدهما وجزءا من الآخر.
ليس للدائن إلا الحق في الأداء الكامل لأحد الشيئين الموعود بهما وليس له أن يجبر المدين على أن يؤدي له جزءا من أحدهما وجزءا من الآخر.”
والفصل 147 من نفس القانون ورد فيه “إذا اصبح طريق من طرق تنفيذ الالتزام مستحيلا أو غير مشروع، أو كان كذلك عند نشأة الالتزام كان للدائن أن يختار بين طرق التنفيذ الأخرى أو أن يطلب بفسخ العقد”.
لكن لا مانع من التوكيل على أمر في المستقبل، ما لم يمنع بمقتضى القانون، عملا بظاهر الفقرة الأولى من الفصل 618 ق.ل.ع والمثال عليه: التوكيل في بيع عقار في طور الإنجاز، وقد تمم الانتهاء فيه من إقامة الأساسات[24]، أو حيازة محصول في بيع عقار في طور الإنجاز، وقد تم الانتهاء فيه من إقامة الأساسات[25]، أو حيازة محصول في بيع بالسلم[26] أو بضاعة في طور الإرسال، ففي هذه الأمثلة وما في حكمها يصح التوكيل مثلما تصح أنواع التعاقد الأخرى، إلا أنه إذا ثبت عدم تحقق المحل مستقبلا، فإنه يعتدي فيه بالأحكام الخاصة المتعلقة به، وإلا بالأحكام العامة ومن هذه الأحكام الخاصة، في بيع العقارات في طور الإنجاز، ما ورد النص عليه في الفصل 14-618 ق.ل.ع المتمم بقانون 44.00: “في حالة فسخ العقد من أحد الأطراف يستحق المتضرر من الفسخ لا يزيد على 10% من ثمن البيع، ولو أن هذا الحكم منتقد في أساسه. وفي بيع السلم، جاء في الفصل 618 ق.ل.ع: “إذا منع المدين، بسبب قوة قاهرة من تسليم ما وعد به، بغير تقصير منه ولا مطل، كان للدائن الخيار بين فسخ العقد واسترداد ما عجله من ثمن وبين الانتظار حتى السنة التالية. – وفي السنة التالية، إذا وجد الشيء المبيع، وجب على المشتري تسلمه، ولا يبقى له الحق في فسخ العقد، ويسري نفس الحكم إذا كان قد سبق للمشتري تسلم جزء من المبيع، وعلى العكس من ذلك إذا لم يوجد الشيء للمبيع طبق حكم الفقرة الأولى من هذا الفصل”.
أن يكون معينا أو قابلا للتعيين الحكم العام:
والشرط الثاني، في التصرف محل الوكالة، أن يكون معينا أو قابلا للتعيين، تعيينا نافيا للجهالة، وإلا بطلت الوكالة لعلة الخلاف والمنازعة الناجمين عن عدم التحديد، حيث يختل التراضي الذي تنبني عليه العقود، إلا أن التعيين يصح بالنوع فقط.
كلما كان نافيا للجهالة، ويصح عدم تحديد المقدار، إذا كان قابلا للتحديد فيما بعد كما هو الحال في التوكيل بالتوريد لفترة محددة، حيث يتحدد المقدار خلالها.
فالتوكيل في القيام بأعمال إدارة عقار للموكل، يصح ولو لم تحدد هذه الأعمال، ما دامت خددت في النوع، وأنها أعمال إدارة لا أعمال تصرف، حيث تشمل كل ما يدخل في أعمال الإدارة. من تدبير وصيانة وقبض وأكرية وغبرام عقود كراء، والتوكيل في بيع بضاعة للموكل، يصح ولو يحدد صنفها ولا جودتها، غلا أنه عند البيع، تسري أحكام الفصل 486 ق.ل.ع، جاء فيه:
“يسوغ أن يرد البيع على شيء غير محدد إلا بنوعه. ولكن البيع لا يصح، في هذه الحالة، إلا إذا ورد على أشياء مثلية محددة تحديدا كافيا، بالنسبة إلى العدد والكمية والوزن أو المقياس والصنف، على نحو يجيء معه رضى المتعاقدين على بينة وتبصر.”
المطلب الثاني: تمييز عقد الوكالة عن باقي العقود
تتميز الوكالة عن سائر العقود من خلال أن محل الوكالة تصرف قانوني لا عمل مادي لذلك سنحاول تمييزها عن بعض العقود المشابهة:
الفقرة الأولى: تمييز عقد الوكالة عن الفضالة وعقد الشراكة
أولا: تمييز عقد الوكالة عن عقد الفضالة
جاء في الفصل 943 ق.ل.ع: “إذا باشر شخص، باختياره أو بحكم الضرورة، شؤون أحد من الغير في غيابه أو بدون علمه، وبدون أن يرخص له في ذلك منه أو من القاضي، قامت هناك علاقة قانونية مماثلة للعلاقة الناشئة عن الوكالة وخضعت للأحكام الآتية”.
الظاهر من النص، أن الوكالة تشتبه بالفضالة من حيث النيابة عن الغير، وأن الوكالة تنقلب فضالة فيما لو تجاوز الوكيل حدود وكالته، أو بقي يعمل بعد انقضائها[27]. كما أن الفضالة تنقلب وكالة بحكم القانون، فالنص ورد فيه: “..قامت هناك علاقة قانونية مماثلة للعلاقة الناشئة عن الوكالة…”، والفصل 946 ق.ل.ع ورد فيه: “يتحمل الفضولي بنفس الالتزامات التي يتحمل بها الوكيل بالنسبة إلى تقديم الحسابات ورد كل ما يتسلمه نتيجة مباشرة العمل”.
إلا أنهما يتفرقان من حيث المصدر، فالفضالة كالنيابة القانونية “الشرعية” تنشأ بحكم القانون وتخضع لتنظيمه[28]، والوكالة بحكم الاتفاق، ومن حيث المحل، فالصل في الفضالة أن المحل فيها عمل مادي، إلا أنه قد يصير تصرف قانوني عند الضرورة[29]، وأما الوكالة فالمحل فيها بالنظر إلى اختيار الموكل لوكيل يقوم مقامه، هو تصرف قانوني، ومن حيث الالتزامات، فالتزامات الوكيل أحق من التزامات الفضولي، لأن الموكل يتعاقد مع الوكيل، خلاف الفضولي، الا ترى أن المعيار فيها، معيار الرجل المتبصر حي الضمير، وفي التزامات الفضولي، المعيار الحازم الضابط لشؤون نفسه، ما لم يتدخل خلافا لرغبة رب العمل[30].
ثانيا: تمييز عقد الوكالة عن عقد الشركة
جاء في الفصل 982 ق.ل.ع: “الشركة عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا لتكون مشتركة بينهم، بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها”.
الظاهر من هذا النص، أن الشركة تنحصر بين شخصين أو أكثر لاستثمار أموالهم أو عملهم أو هما معا، مشتركة بينهم، بقصد قسمة الربح المتوقع منها، خلاف الوكالة حيث العلاقة بين الموكل والوكيل والغير يتعهد فيها الوكيل بالقيام بعمل مشروع مع الغير لحساب الموكل. والمحل في الشركة عمل مادي في استثمار الأموال والقيام بالأعمال، وفي الوكالة تصرف قانوني بالنظر إلى الموكل، وقد أحل إرادته الوكيل محله، والشركة تقوم على توزيع الأرباح، والوكالة تقوم على أجر عند الاتفاق عليه، وألا فهي بلا أجر أصلا. والإلزام في الشركة أشد منه في الوكالة…
إلا أنه مع ذلك، قد تلتبس الوكالة بالشركة، كما لو فوض مالك عقار شخصا في قبض الأكرية المترتبة عليه، مقابل عمولة بنسبة محددة من المبلغ الإجمالي، فهذه وكالة مأجورة وليست شركة، لأن قابض الأكرية لا يشارك في تحمل الصوائر والخسائر، وإنما يستخلص أجحرته كنسبة من المدخول الإجمالي الشهري أو السنوي لا غير.
الفقرة الثانية: تمييز عقد الوكالة عن الوديعة وعن عقد الشغل
أولا: تمييز عقد الوكالة عن الوديعة
جاء في الفصل ق.ل.ع: “الوديعة عقد بمقتضاه يسلم شخص شيئا منقولا إلى شخص آخر يلتزم بحفظه ويرده بعينه”.
والوكالة متميزة عن الوديعة كما يظهر من النص، لأن العلاقة فيها كما تقوم بين ثلاث: الموكل والوكيل والغير، وفي الوديعة بين طرفين: المودع والمودع عنده، والمحل فيها تصرف قانوني، لأن إرادة الوكيل تحل محل إرادة الموكل بالتراضي، وفي الوديعة الحفظ فقط وهو عمل مادي، والأهلية بينهما مختلفة، ففي الوديعة لا يلزم كما للأهلية في المودع خلاف الموكل[31]، ولو أنهما يتفقان بالنسبة للمودع عنده والوكيل، فلا يشترط فيهما كمال الأهلية[32]. والوكالة تنقضي في ذاتها بعد الإلغاء أو التنازل أو الموت، ولا تنقضي الوديعة إلا بردها[33]، ولو أن الأشياء التي يتسلمها الوكيل ترد بالطبع.
إلا أن الوكالة، تلتقي مع الوديعة في قيامها على الاعتبار الشخصي في شخص الوكيل والمودع عنده، فلا يحق لهما إحلال الغير محلهما ما لم يتفق عليه صراحة، باستثناء حالة الاضطرار في الوديعة[34]، أو ما لم يستخلص ذلك من طبيعة المعاملة أو ظروف الحال في الوكالة[35]، إلا أن الوكيل العام يعتبر مأذونا في توكيل الغير تحت يده[36].
كما قد تقترن الوكالة بالوديعة، بالنسبة للأشياء التي يتسلمها الوكيل بسبب وكالته، لأنه عند تسلمها يتعهد بحفظها، وهو مقتضى الوديعة[37] خلاف ما قال به السنهوري، جاء في كلامه: “كذلك قد يقع في يد الوكيل أشياء مملوكة للموكل كمستندات يحتاج إليها في تنفيذ وكالة، أو مجوهرات وكل في بيعها، أو كمبيالة وكل في قبضها، ففي جميع هذه الأحوال لا تكون هنالك وديعة مقترنة بالوكالة، لأن ما في يد الوكيل لم يتسلمه لحفظه كما هو الأمر في الوديعة، بل تسلمه لتنفيذ الوكالة”[38]. والحراسة وديعة مقترنة بوكالة، يتولى فيها الحارس حراسة المال المتنازع عليه وإدارته[39].
ثاني: تمييز الوكالة عن عقد الشغل
جاء في المادة 6 م.ش: “يعد أجيرا كل شخص التزم ببذل نشاطه المهني تحت تبعية مشغل واحد أو عدة مشغلين، لقاء أجر، أيا كان نوعها، وطريقة أدائه.
يعد مشغلا كل شخص طبيعي أو اعتباري، خاصا كان أو عاما، يستأجر خدمات شخص ذاتي واحد أو أكثر[40].
والوكالة تتميز عن عقد الشغل بما يلي: الأطراف فيها ثلاث: الموكل والوكيل والغير. وفي عقد الشغل تنحصر العلاقة في الغالب بين الأجير والمشغل فقط- المحل فيها تصرف قانوني، وفي عقد الشغل عمل مادي – العلاقة بين الموكل والوكيل مستقلة في الغالب، وفي عقد الشغل العلاقة بين الأجير والمشغل علاقة تابع بمتبوع.
الأصل في الوكالة أنها بدون أجر إلى أن يتفق على خلافه، وفي عقد الشغل الأجرة من مميزات هذا العقد.
الوكالة غير لازمة، فقد تنقضي بالإلغاء أو التنازل أو الموت[41]، وعقد الشغل مستمر في الأجل المحدد بالعقد، أو إلى إنهاء الشغل حسب الإنفاق أو القانون، كما تسري آثاره بعد الموت.
إلا أن الوكالة قد تلتبس بالشغل كما في الوكيل المتجول أو الممثل أو الوسيط في التجارة والصناعة والتأمين، وقد انتهى القانون إلى القول، بأن العقد في هذه الأحوال، عقد شغل لا عقد وكالة كلما توافرت فيه الخصائص والشروط التي ورد النص عليها في المادة 79 م.ش، جاء فيها: “يعد عقد الشغل كل عقد يكون التمثيل التجاري أو الصناعي محلا له، أيا كان الوصف الذي أعطى له، والمبرم بين الوكيل المتجول أو الممثل، أو الوسيط، مهما كانت صفته، وبين مشغله في الصناعة أو التجارة، سواء نص العقد صراحة على ذلك أم سكت عنه، في الأحوال التي يكون فيها الوكيل المتجول، أو الممثل الوسيط:
يعمل لحساب مشغل واحد أو عدة مشغلين.
يمارس فعليا مهنة وحدها بصف مستمرة.
مرتبط بمشغله بالتزامات تحدد طبيعة التمثيل التجاري، أو الصناعي، أو الخدمات، أو البضائع المعروضة للبيع أو الشراء. والجهة التي يجب أن يمارس فيها نشاطه، أو فئات الزبناء التي كلف بالتعامل معها، ونسبة الأداء المستحقة لهن لا تحول الأحكام المبينة أعلاه، دون وجود شروط تسمح للوكيل المتجول، أو الممثل، أو الوسيط في التجارة أو الصناعة بمزاولة مهنة أخرى، أو بمباشرة عمليات تجارية لحسابه الشخصي.
لا تسري أحكام هذه المادة على الأجراء الذين يكلفون عرضا، إضافة إلى شغلهم داخل المقاولة، بالقيام بمصالح لدى الزبناء، يتقاضون عنها فقط مبلغا محددا، مع تحمل المقاولة مصاريف التنقل، ويزاولون نشاطهم تحت مراقبة المشغل وتوجيهه اليومي”.
وأما مهمة مندوبي الأجراء، فهي من توابع عقد الشغل ولو أن ظاهرها يوحي بمظهر الوكالة، عند القول بأن المندوب يلتزم بتقديم الشكايات الفردية إلى المشغل، وعند الاقتضاء إلى العون المكلف بتفتيش الشغل، فإنه لا يصح القول فيها بتطبيق أحكام الوكالة، لأنها تتم عن طريق الانتخاب بقوة القانون، جاء في المادة 430 م.ش: “يجب أن ينتخب بالشروط المنصوص عليها في هذا القانون، مندوبون عن الأجراء في جميع المؤسسات التي تشغل اعتياديا ما لا يقل عن عشرة أجراء دائمين”، ولا أجر فيها، وتنقضي بطرق انقضاء تختلف في مجملها عن طرق انقضاء الوكالة، جاء في المادة 435 م.ش: “تنتهي مهام مندوب الأجراء بوفاته، أو بسحب الثقة منه أو باستقالته، أو ببلوغه السن القانوني للتقاعد، أو بإنهاء عقد شغله، أو بصدور حكم عليه من الأحكام المشار غليها في المادة 438 أدناه.
يمكن إنهاء مهمة مندوب الأجراء بسحب الثقة مرة واحدة فقط بعد مرور نصف مدة الانتداب بقرار مصادق على صحة إمضاءه يتخذه ثلثا ألأجراء الناخبين”.
الفصل الثاني: مستجدات عقد الوكالة في البيع العقاري وانقضاءها
لما كانت الوكالة في التصرفات العقارية التي تنقل حق الملكية تدخل المشرع بموجب مدونة الحقوق العينية لحل جملة من الإشكالات العملية التي كانت تعاني منها التصرفات العقارية بكل أنواعها مما يؤدي إلى هضم الحقوق وتعطيل المساطر وتعقيد الإجراءات ووضع مزيد من العبء على كاهل القضاء علاوة على الحد من الاستثمار نظرا لما يشكله الوعاء العقاري من أهمية في هذا الإطار، هذا ما أدى إلى شلل في عدة ميادين ذات الصلة مما استدعى من المشرع التدخل العاجل لوضع حد لهذا الوضع وذلك بإعداد نص قانوني ملائم للمرحلة ويستجيب للتطلعات والنداءات التي طالما صدرت من المهتمين والمعنيين بالخصوص.
إن صدور هذا القانون يندرج في إطار تحديث المنظومة التشريعية، وتوحيد المقتضيات القانونية المتعلقة بالحقوق العينية المطبقة على العقارات المحفظة وغير المحفظة، في إطار أحكام وقواعد الفقه الإسلامي، والرجوع إلى الراجح والمشهور، وما جرى به العمل في الفقه المالكي فيما لم يرد به نص، إن هذا القانون يوضح قناعة المشرع بالدور الهام الذي يسديه التوثيق العدلي والعصري في مجال العقار وإلزامية قطع كل علاقة، ووضع حد نهائي لكل تسيب في تحرير العقود الوكالات العرفية المتعلقة بالتصرفات العقارية، وهو ما تبناه المشرع المغربي من خلال صياغته للمادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية والتعديل الأخير[42] بموجب القانون رقم 69.16 ، وحيث إن تعميم رسمية التصرفات العقارية هو ما تنهجه أغلب الأنظمة العقارية في القانون المقارن، ومسايرة كذلك للتطورات التي يعيشها المجتمع المغربي في ميدان المعاملات الاقتصادية، والمعاملات العقارية بوجه خاص، وما سارت عليه الكثير من القوانين الأخرى، لعل أهمها : القانون رقم 00-51 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار، والقانون رقم 00-44 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز (كما تم تغييره وتتميمه) والقانون رقم 00-18 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية (كما تم تغييره وتتميمه)[43] .
وبهذا وضع المشرع حدا للوكالات العرفية واشترط الرسمية لانعقادها وفي حالة تخلف شرط الكتابة الرسمية المتطلبة بموجب المادة 4 من مدونة الحقوق العينية كما تم تعديلها تكون باطلة وعديمة الأثر.
وبهذا سنتناول في هدا الفصل مستجدات التي جاء بها المشرع في هذا الصدد وكذا الشكلية المتطلبة ونتطرق أخيرا إلى انقضاء عق الوكالة في البيع العقاري وكل ذلك في مبحثين.
المبحث الأول: توثيق عقد الوكالة في البيوعات العقارية.
المطلب الأول: إجراءات توثيق عقد الوكالة في البيع العقاري
كما أشرنا سابقا فعقد الوكالة عقد التزام من طرف واحد هو الموكل، وهو من العقود التي تحتاج إلى شكلية خاصة لتحريرها، وفق لإجراءات معينة.
الفقرة الأولى: كيفية تلقي عقد الوكالة في البيع العقاري.
إن أهم ما يميز هذه المرحلة هو تواجد كل من الموكل والوكيل.
1-الموكل هو الشخص الذي يمنح هذه الوكالة لغيره ، ويشترط فيه أن يكون بالغا عاقلا راشدا فالمحجور أو ناقص الأهلية لا يجوز له أن يوكل غيره إلا بعد إذن خاص من القاضي المكلف بشؤون القاصرين.
2-الوكيل تشترط فيه نفس شروط الموكل ، غير أنه إذا كان ناقص الأهلية أو محجورا عليه، فإنه يصرف النظر عن توكيله بشكل قطعي.
تجدر الإشارة إلى أن قراءة المادة [44]880 من ق .ل.ع توحي بأن أهلية الوكيل يكفي فيه أن يكون متمتعا بالتمييز وقواه العقلية دون أن يكون راشدا لتوكيله , لكن يجب الانتباه والحضر وعدم الانسياق مع ظاهر النص القانوني.
ربما المشرع كان يقصد الوكالة التي يكون فيها الوكيل مجرد رسول ناقل لا دخل لإرادته في إنشاء التصرفات، لذا فإن أهلية الوكيل يجب أن تكون تامة كأهلية الموكل حيث إنه في بعض الوكالات ذات أهمية كتفويت العقارات وكذلك الوكالات التجارية تتطلب من الناحية الواقعية أن يكون الوكيل أكثر كفاءة ودراية من الموكل نفسه.[45]
كما هو معلوم في الفقه المدني، يجب أن تكون إرادة الأطراف خالية من عيوب الرضا، كتدليس والغلط والإكراه، ونلاحظ أن هذه العيوب هي متعلقة بالشخص المتعاقد والعدل غير ملزم بالبحث عنها لكن يتعين على العدل من سؤال كل طرف لتأكد من كونه غير أخرص ولا أصم ولا أبكم، أو ناقص الأهلية، وأيضا يتعين استفسار الأطراف عن موضوع التصرف القانوني يعني الوكالة.
وذلك كل طرف عن تصوره الشخصي للموضوع فقد يدلي مثلا أحد الأطراف بلفظ الوكالة وهو يقصد تصرف آخر أو أن نطاق الوكالة هو مخصوص كالوكالة في التقاضي والآخر يقصد وكالة عامة، وفي بعض الأوساط يتم استعمال مصطلحات قريبة من للفظ الوكالة ، ولكن يكون المقصود منها تصرف قانوني آخر كالتنازل مثلا من جهة أخرى إدا كان الموكلون ورثة وأثناء الجنازة ، يستحسن تجنب تلقي الوكالة في هذه الحالة إذ أغلب الورثة لا يستخدم عقله ولا يعي تبعات ذلك التصرف حيث تغلب العاطفة في مثل هذه الأحوال وهناك من يستغل مثل هذه الظروف اللهم إذا كانت الوكالة غير شاملة للتفويت أو لقبض المال.
بعد التحقق من إرادة الأطراف وعزمهم على إنشاء التصرف القانوني المتعلق بالوكالة بحسب القانون ، تأتي مرحلة التحقق من أسباب الوكالة فقد يكون السبب غير مشروع وغالبا ما يتم إخفاءه من جانب طرف سيء النية ولكن في هذه الحالة يمكن الاعتماد على القرائن الظاهرة وأبرز مثال على ذلك قدوم احد الأطراف للمكتب العدلي أو توجه السادة العدول إلى منزلهم ويكون ذلك الشخص في حالة مرض ظاهر وقد سبق له أن ذهب إلى جهة توثيقية ورفضت له توثيق المعاملة الأصلية ووجهته إلى مكتب العدول من أجل انجاز وكالة عدلي بثمن بخس , والعودة بالوكالة العدلية المنجزة في حالة مرض الموت إلى الجهة المرسلة لإجراء المعاملة الأصلية المربحة دون التحمل بتبعاتها القانونية ونسبة تلك التبعات إلى السادة العدول ممن قاموا بالإشهاد على الوكالة.
أما فيما يخص محل الوكالة , فيجب أن يكون مما يجوز التعامل فيه بمعنى أنه غير مخالف للنظام العام أو الأخلاق الحميدة أو القوانين المدنية أو الدينية و أن يكون محل الوكالة تصرفا قانونيا ممكنا بمعنى يجب أن يكون غير مستحيل أو مبهم إبهاما فاحشا.[46]
غير أن هناك بغض الأعمال القانونية التي لا يصح فيها التوكيل لذاتها مثال ذلك ما نص عليه الفصل 882 ق ل ع من أنه ” تعتبر الوكالة كأن لم تكن إذا كان محلها عملا لا يجوز إجراءه بطريق النيابة كأداء اليمين” وقد صدر قرار عن محكمة النقض في نفس الاتجاه قضى فيه ” أن أداء اليمين هو أمر شخصي لا تجوز فيه النيابة[47]
وبعد الإحاطة بأهلية الأطراف وبمحل الوكالة والسبب ، تأتي مرحلة التحقق من الوثائق الرسمية للأطراف، وتعد البطاقة الوطنية مناط هذه العملية ، كونها لا زالت غير منتهية الصلاحية ، ولا يجب التساهل في هذا الشأن فقد يكون صاحب هذه البطاقة قد أودع لدى المصالح المختصة تصريح بالضياع وحصل على بطاقة جديدة ، ومع ذلك يستعمل البطاقة القديمة في الأعمال المشبوهة ، كما يجب التحقق من الوضعية المادية للبطاقة الوطنية ، وخصوصا القديمة منها بمعنى أنه لم يسبق العبث بها من أجل استبدال الصورة وهنا نتحدث عن البطاقة الوطنية القديمة في حين أصبحت هذه الإمكانية غير ممكنة بالنسبة البطاقات الوطنية البيومترية الجديدة، و كذلك عدم قبول أي نسخة ولو مصادق عليها ، أو وصل من إدارة الأمن يحمل الصورة ، فالوصل وحده غير كافي لإثبات الهوية ، وكذلك التحري عن مهنة الأطراف خصوصا المنتمون للمهن العسكرية ممن يقيمون بالثكنات المتواجدة في الأقاليم البعيدة عن مكان التعاقد .
فمن الأفضل الإدلاء بما يفيد رخصة الخروج أي رخصة الإجازة، أما إذا تعلق الأمر بالمغاربة المقيمين في الخارج فالبطاقة الوطنية أحيانا لا تكفي من أجل التأكد من صفة ذلك الشخص ومن أجل قطع دابر كل خلاف وسد باب الذرائع ، فيستحسن الاطلاع على جواز السفر ، وبالأخص تاريخ الدخول إلى المغرب وكذا الاطلاع على مدة قضاء العطلة المسموح بها من لدن الدول المستقبلة والاحتفاظ بكل ما يفيد الإثبات من نسخ الوثائق المدلى بها.
فمتى توفرت الوثائق وجب وضعها في أرشيف خاص ، وبالرجوع إلى قانون خطة العدالة فإنه يفتح ملف الشهادة ويتضمن كل الوثائق المفيدة المتعلقة بالشهادة ، وتختلف مستندات كل ملف الشهادة بحسب نوع الشهادة الملقاة ، وفي هذه الحالة يكفي نسخ من الوثائق الرسمية التي تثبت الهوية وبالخصوص نسخة ممن البطاقة الوطنية موقع عليها من طرف صاحبها فالتوقيع غير لازم ولكن على سبيل الاحتياط ونسخة من رخصة السماح للعسكريين بالخروج أي رخصة الإجازة إن صح التعبير وذلك عند الاقتضاء ، وكذلك الشأن بالنسبة لأفراد الجالية المغربية الإدلاء بمستند يفيد فترة الإقامة داخل أرض الوطن ، أم إذا تعلق الأمر بتاجر فيمكن مسك شهادة من السجل التجاري إذا ما تعلق الأمر بوكالة تهم النشاط التجاري ، أما إذا تعلق الأمر بشخصية معنوية فالإدلاء بشهادة تثبت حق التمثيل ، فلا يحق للشخص الطبيعي التعاقد باسم شخصية معنوية ما لم يدلي بما يفيد ذلك.[48]
الفقرة الثانية: إلزامية توثيق عقد الوكالة في البيع العقاري في محرر رسمي
القاعدة العامة لتوثيق العقود المنصبة على الحقوق العينية تضمنتها المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية، التي نصت على “. .. أن تحرر تحت طائلة البطلان جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية وإنشاء الحقوق العينية الأخرى ،أو نقلها ،أو تعديلها ،أو إسقاطها وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي ،أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ،مالم ينص قانون خاص على خلاف ذلك ،باعتبار أن كل التصرفات العقارية تصب فيها، من تفويت بعوض أو بدونه ومن قسمة وشفعة ومبادلة وكراء طويل الأمد ورهن حيازي أو اتفاقي وانتفاع واستعمال وسطحية وحبس وزينة وهواء، وتعلية وغيرها، يجب أن تحرر، تحت طائلة البطلان، بموجب محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ، فإن تم تعديلها أو إسقاطها، فلابد كذلك من المحرر الرسمي أو ثابت التاريخ، وهذا معناه أن شرطي الكتابة و الشكلية أمران لازمان ما لم ينص مقتضى قانوني على خلاف ذلك ، وانه في حالة مخالفة المبدأ يرتب عن التصرف المنجز بطلانها وعدم الاعتداد بها او التمسك بها في مواجهة الغير.
وهنا نشير وبحسب رأينا في الموضوع، أن العقود الباطلة لمخالفتها أحكام المادة 4 من قانون 08/39 ترتب آثار و التزامات شخصية , مثل التعويض عن الأضرار الناشئة عن بطلان العقد و إرجاع ثمن المبيع مقابل إخلاء العقار محل البيع , إذا كان ممكنا و ذلك لان هناك حالات يستحيل فيها إعادة الطرفين إلى الحالة التي كان عليها قبل البيع بسبب تأميم العقار او نزع ملكيته من اجل المنفعة العامة او حلول الجماعات الترابية محل أطراف العقد في حق الملكية العقارية و إدماجها في ممتلكاتها قصد إعادة بيعها.
و هكذا فان العقد العرفي الباطل بطلانا مطلقا يرتب عدة آثار شخصية تصل في بعض الحالات إلى اكتساب حقوق عينية عقارية , و على القاضي أن يميز بين هذه الآثار و الحقوق الشخصية , وبين نقل العقد في حد ذاته للحقوق العينية العقارية ،وهو ما يتوافق ومقتضيات قانون التحفيظ العقاري 14/07 الذي لا يتطلب توافر أي شرط شكلي في تحريرها , والشرط الوحيد لصحتها أن تكون موقعة من أطراف العقد وان يكون لها تاريخ ثابت حتى يمكن الاحتجاج بها بالنسبة للغير ومن ثمة نميز بين حجية العقد العرفي بين أطرافه , وحجية العقد بالنسبة للغير.
فبالنسبة لأطراف العقد يعتبر العقد صحيحا و يكون حجة عليهم ما لم ينكروه صراحة أي ينكروا ما هو منسوب إليهم من خط و إمضاء وان مجرد سكوتهم يعد إقرار بصحة العقد او الورقة العرفية , غير أن الإقرار الصريح او الضمني للعقد , لا يؤثر بأي حال في أوجه الدفوع الشكلية او الموضوعية التي يكون لمن اقر بالورقة العرفية أن يتمسك بها مثل بطلان العقد لعدم إتباع الرسمية او الشكلية التي تعد ركنا رابعا من أركان العقد المتعلق بنقل الحقوق العينية العقارية .
المطلب الثاني: المستجدات التي جاءت بها المادة الرابعة من قانون 16/69 المتمم لأحكام مدونة الحقوق العينية وأحكام التحفيظ العقاري.
تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الهادفة إلى وضع جد لظاهرة الاستيلاء على ملكية العقارات وحماية جميع التصرفات الواقعة على العقارات، تمت المصادقة على القانون رقم 16/69 الذي يقضي بتتميم المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية رغبة من المشرع إلى التصدي لجميع أنواع جرائم العقارات بما فيها ظاهرة الترامي على ملك الغير وسائر الانحرافات ذات الصلة بالتصرفات و العمليات العقارية المشبوهة، وكذلك تحقيق الأمن العقاري لتحقيق التنمية وتحفيز الاستثمار، وهي نفس المساعي التي نظمتها تشريعات أخرى، ذات الصلة بجميع أنواع التصرفات العقارية ، والتي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، إقرار قانون التحفيظ العقاري الذي جاء بدوره ليعزز نظام الملكية العقارية.
فإذا كان من شأن تطبيق المقتضيات الجديدة للمادة 4 المذكورة المساهمة في تعزيز ضمانات حماية حق الملكية، وتحقيق الأمن التعاقدي، والتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، فان تطبيقها على واقع المنظومة القانونية المطبقة بعرف عدة مشاكل عملية وقانونية.
بحيث إن كانت الغايات تتوحد في المقاصد والمساعي المرجو تحقيقها، فان مستجدات المادة الرابعة من قانون 16/69، القاضي بإدخال الوكالة ضمن الوثائق الواجب تحريرها بمحرر رسمي او ثابت التاريخ طرحت أكثر من إشكالية على مستوى تطبيق القانون من جهة، ومن جهة ثانية من حيث الممارسة العملية.
الفقرة الأولى: أسباب فرض الرسمية في توثيق الوكالة في البيع العقاري[49]
في إطار تنفيذ القرارات المتخذة من لدن الآلية المكلفة بتتبع موضوع الاستيلاء على عقارات الغير، والمشكلة تنفيذا للتعليمات السامية المضمنة في الرسالة الملكية الموجهة إلى وزير العدل بتاريخ 30 دجنبر 2016 بخصوص التصدي الفوري والحازم لأفعال الاستيلاء على عقارات الغير، بادرت وزارة العدل إلى تقديم مشروع قانون رقم 69.16 بتعديل المادة 4 من مدونة الحقوق العينية لإضافة الوكالة ضمن الوثائق الواجب تحريرها بمحرر رسمي أو من طرف محام مؤهل لذلك بواسطة محرر ثابت التاريخ.
وتعود أسباب هذا التعديل إلى آثار ومخلفات الوكالات العرفية والتي كان يطالها فعل التزوير أو المشاركة فيه. كما أن هذا المستجد التشريعي كان ثمرة تعاون كامل وتنسيق شامل ومقاربة تشاركية واسعة بين وزارة العدل ووزارة الداخلية ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والمهن القضائية المعنية من موثقين وعدول ومحامين إلى جانب المديرية العامة للمحافظة على الأملاك العقارية والمسح العقاري والخرائطية والوكيل القضائي للمملكة.
وفي إطار سياسة التواصل والانفتاح التي دأبت وزارة العدل على نهجها، انعقد بمقر هذه الوزارة يوم الإثنين 2أكتوبر 2017 اجتماع حضره من يمثلها إلى جانب الفاعلين المعنيين وممثلي الجهات الحكومية المشار إليها أعلاه، وذلك لمناقشة الإشكاليات المرتبطة بتطبيق المادة 4 من مدونة الحقوق العينية بعد تعديلها والتي يطرحها المهنيون بخصوص توثيق التصرفات القانونية استنادا إلى وكالات عرفية محررة قبل دخول تعديل المادة 4 حيز التنفيذ.
وقد عبر في هذا الاجتماع ممثلو الجهات المذكورة عن ارتياحهم لهذا التعديل الذي سبق وأن حظي بمصادقة البرلمان بغرفتيه ليتم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 14 سبتمبر 2017 تحت عدد 6604، كما أسفر اللقاء عن جملة من القرارات، أهمها:
* ضرورة إحصاء السادة الموثقين والسادة العدول للحالات التي تم فيها توثيق تصرفات قانونية بناء على وكالات عرفية بعد نشر التعديل القانوني المذكور بالجريدة الرسمية؛
* ضرورة إحصاء السادة الموثقين للحالات التي تم فيها توثيق تصرفات قانونية تهم السكن الاجتماعي بناء على وكالات عرفية بعد التاريخ المذكور؛
* مباشرة جميع المحاولات الممكنة مع الموكلين الذين أنجزوا وكلات عرفية، داخل المغرب أو خارجه في عقود لم تنته إجراءاتها رغم حلول تاريخ 14 شتنبر 2017 ، للحصول منهم على إجازة لتلك الوكالات الصادرة عنهم، أو إعادة تحرير الوكالة وفق مقتضيات المادة 4 من مدونة الحقوق العينية؛
* قيام وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بالتحسيس بالتعديل المذكور بالخارج، وتيسير الأسباب لتسوية الأوضاع المرتبطة بالوكالات غير المحررة بمقتضى محررات رسمية.
ومن الجدير الإشارة إلى أن المجموعة المهنية لبنوك المغرب قد بادرت، بتنسيق مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، إلى إيجاد حل للصعوبات المطروحة من خلال إقرار كل التصرفات التي تمت بمقتضى تفويضات لا تنسجم مع التعديل الذي عرفته المادة 4 من مدونة الحقوق العينية.
وتؤكد وزارة العدل، في هذا الصدد، أن من شأن تطبيق المقتضيات الجديدة للمادة 4 المذكورة المساهمة في تعزيز ضمانات حماية حق الملكية، وتحقيق الأمن التعاقدي، والتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، كما تدرك أن إكراهات واقع تطبيق مقتضى المادة 4 بالإمكان تجاوزها من خلال التنسيق بينها وبين كل الفاعلين المعنيين بتنزيل النص المذكور، ذلك أن الإشكاليات التي يطرحها تدبير الوكالات العرفية من طرف المهنيين خلال هذه المرحلة محدودة الأثر، كما أن عدد الحالات المعنية بالإمكان حصرها وحلها في أيسر الآجال.
وستواصل هذه الوزارة سياستها القائمة على الانفتاح والتواصل مع كل الجهات المعنية لدراسة الصعوبات المطروحة بهدف إيجاد الحلول الملائمة لها.[50]
الفقرة الثانية: إشكالية تطبيق أحكام المادة 4 من قانون 16/69 بين مقتضيات المدونة وقانون التحفيظ العقار[51]
لا شك أن من بين أهم دواعي صدور قانون رقم 16/69، القاضي بتتميم المادة 4 من القانون رقم 08/39، رصد جوانب الخلل التي كانت تعتري المادة القانونية في شان التصرفات الواقعة على العمليات العقارية بشكل عام، ومن جهة ثانية التصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، بسبب عدم حضور الملاك، و حضور وكلاء عنهم بموجب وكالات منجزة بعقد غير رسمي مبرمة بالمغرب او بالخارج حيث تبين زوريتها.
وإزاء هذه الوضعية المزرية والغير القانونية، عمد المشرع المغربي إلى إدخال الوكالة ضمن الوثائق الواجب تحريرها بعقد رسمي، او من طرف محام مؤهل لذلك، تلافيا لما قد يترتب عن ذلك من مشاكل يصعب في كثير من الأحيان معالجتها.
وعليه جاءت المادة الرابعة في صيغتها الجديدة لتحث على انه:
يجب أن تحرر-تحت طائلة البطلان-جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها، وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي، أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لن ينص قانون خاص على خلاف ذلك. كما نصت على وجوبية توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من الأطراف ومن الجهة التي حررته. هذا وتصحح إمضاءات الأطراف من لدن السلطات المحلية المختصة كما انه يجب التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يمارس بدائرتها.
وتطبيقا لذلك ،و بناء على ما جاء بمدونة الحقوق العينية في مادتها الرابعة المحينة وفقا للمقتضى القانوني الجديد ، فان جميع التصرفات المنقلة للملكية العقارية بما فيها الوكالة الخاصة ،يشترط فيها أن ترد في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ، وبذلك يكون المشرع قد افرغ شكلاً معينا بالنسبة للمحررات العقدية بما فيها الوكالة الخاصة المشار إليها بالبند الرابع من قانون رقم 16/69، وفي نظرنا ،أن أملاءات المادة أمر محمود طالما تعكس رغبة المشرع في صيانة حقوق الأفراد فيما قد يسيء إلى تمادي الغير على ملكياتهم العقارية بطرق مشبوهة ،إلا انه من باب أخر فتطبيق مضامين النص المشار إليه أعلاه طرح مشكلة غياب التناسق بين الصيغ القانونية ووحدتها في تفعيل مقتضيات الوكالات الخاصة المبرمة في إطار التصرفات و العمليات الواقعة على العقارات.[52]
فإذا كان تطبيق المادة الرابعة من قبل لم يكن يثير إشكالية تطبيق التصرفات العقارية عن طريق اشتراط الوكالة الخاصة ، فان العمل بتلك الوكالات الخاصة ومع المقتضيات الجديدة التي تضمنها المدونة لا تتماشى والواقع العملي و القانوني المنظم في إطار أحكام قانون التحفيظ العقاري رقم 07/14 والذي لم نلمس بين طيات صفحاته إقرار العمل بالوكالات الخاصة ليستوجب فيها شرطي الرسمية او التاريخ الثابت.
وان كل ما اشترطه إزاء مطالب التحفيظ و التقيدات في الرسوم العقارية و تسجيله سوى شرط الكتابة مما جعل من أبرام المحررات العقدية بما فيها الوكالات العرفية سابقا منتجة لأثارها قيل دخول قانون 16/69 حيز التطبيق و مع دخول هذا الأخير حيز النفاذ ،نتساءل هل ذلك يعني أن التصرفات العقارية المنجزة في ظل قانون مدونة الحقوق العينة لاغية وباطلة لتشملها أحكام النص الجديد ،أم أن النص يقصد فقط أحكام التصرفات الجديدة التي صدرت وفق المستجد الأخير.[53]
فبالرجوع إلى مقتضيات الظھير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331) 12 أغسطس 1913 (المتعلق بالتحفيظ العقاري، كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 07.14 الصادر بتنفيذه الظھير الشريف رقم 177.11.1 نجد أن الفصل 1منه ينص على ما يلي:
(يرمي التحفیظ إلى جعل العقار المحفظ خاضعا للنظام المقرر في ھذا القانون من غیر أن يكون في الإمكان إخراجه منه فیما بعد ويقصد منه،تحفیظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطھیر يترتب عنھا تأسیس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطھیر الملك من جمیع الحقوق السالفة غیر المضمنة به؛ تقیید كل التصرفات والوقائع الرامیة إلى تأسیس أو نقل أو تغییر أو إقرار أو إسقاط الحقوق العینیة أو التحملات المتعلقة بالملك.
في حين الفصل 65 مكرر يحدد أجل إنجاز التقیید المنصوص علیه في الفصل 65 في ثلاثة أشھر ويسري ھذا الأجل بالنسبة-للقرارات القضائیة ابتداء من تاريخ حیازتھا لقوة الشيء المقضي به؛ وبالنسبة للعقود الرسمیة ابتداء من تاريخ تحريرھا؛ أما فيما يخص للعقود العرفیة ابتداء من تاريخ آخر تصحیح إمضاء علیھا، وفي شرح هذا الفصل نتشف انه بالإمكان الاعتماد على الوكالات والوثائق العرفية وهذا ما يستخلص من العبارة الواردة من النص بقولها (أما فيما يخص للعقود العرفیة ابتداء من تاريخ آخر تصحیح إمضاء علیھا.)
ومعنى ذلك أن الأفعال الإرادية والاتفاقات التعاقدية، الرامیة إلى تأسیس حق عیني أو نقله إلى الغیر أو الإقرار به أو تغییره أو إسقاطه، لا تنتج أي أثر ولو بین الأطراف إلا من تاريخ التقیید بالرسم العقاري، سواء كانت رسمية او عرفية ، دون الإضرار بما للأطراف من حقوق في مواجھة بعضھم البعض وكذا بإمكانیة إقامة دعاوى فیما بینھم بسبب عدم تنفیذ اتفاقاتھم. وبالنظر إلى أحكام هذا النص لن يجد ولا إشارة إلى شكلية الوكالات الاتفاقية الخاصة ،على انه يكفي أن يكون هناك سوى اتفاق مبرم بين طرفي الوثيقة ،وهذا ما يفنده الفصل 70 من قانون التحفيظ العقاري في معرض حديثه عن رقابة المحافظ للوثائق المدلى بها لمصلحة المحافظة العقارية بقوله ، انه إذا كان الطلب مؤسسا على وثیقة اتفاقیة وطلب المحافظ على الأملاك العقارية بشأنه بیانات أو توضیحات إضافیة، فإنه يجب أن يكون مؤرخا وموقعا من قبل الأطراف المعنیة. بحيث تعتبر ھوية كل طرف وصفته وأھلیته محققة، إذا استند الطلب على محررات رسمیة، وتعتبر ھويته محققة إذا كانت التوقیعات الموضوعة بالطلب وبالعقود المدلى بھا مصادق علیھا من طرف السلطات المختصة.[54]
المبحث الثاني: آثار عقد الوكالة في البيوعات العقارية
سنتناول في هذا المبحث أثار عقد الوكالة العقارية من خلال التزامات كل من الوكيل والموكل بالإضافة إلى الغير على أن نتطرق إلى ظروف إنهاء الوكالة.
إن مراحل التي تمر منها الوكالة لا تتعلق بالتوكيل بالصفة وإنما بالموضوع، بحيث أن الوكالة في البيوعات العقارية تطلع بالوكيل إلى معرفة أحكام هذا التصرف والإحاطة به لعلى التوكيل أشد من التعامل بالأصالة.
المطلب الأول: التزامات الوكيل ومسؤوليته
الفقرة الأولى: التزامات الوكيل بتنفيذ المهمة
في هذا النوع من البيوع يبدأ عمل الوكيل حين انتهى بالتوقيع على البيع نيابة عن موكله، بالنظر إلى الإجراءات الإدارية التي لا يكتمل البيع بالتصرف بدونهما، فأعمال التصرف تتوقف على أعمال الإدارة وتجع إلى إجراءات أداء الرسوم التسجيل والتنبر والضرائب وما تقضي من جهد للحصول على الوصل الإبراء لتبدأ الإجراءات التقيد بالرسوم العقارية أو السجلات التجارية، هذا إن لم يتوقف البيع قبل التوقيع على ترخيص إداري وفي التصرف في الملكية التجارية والصناعية والمدنية وفي المركبات وغيرها، إجراءات لنقل الملكية وتقييد لدى مراكز التسجيل المختصة والوكيل يتحمل أعباء انعقاد البيع وأعباء إتمام إجراءاته والتبعة بعد التوقيع وقبل التقييد ألا ترى ما ورد النص عليه في الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري 12 غشت 1913 المغير والمتمم بقانون 14.07 “كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بالتقييد وابتداء من اليوم التقيد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي النسبة غير ان ثمة استثناء على هذا الفصل أوردته الفقرة الثانية من المادة الثانية م.ج.ع “إن ما يقع على التقييدات من إبطال أو تغيير أو تشطيب من الرسم العقاري لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المقيد عن حسن نية كما لا يمكن أن يلحق به أي ضرر إلا إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو زور أو استعماله شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحقه داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه”، ثم هناك آجال التقييد بالرسم العقاري تحت طائلة الغرامة أوردها الفصل 65 مكرر من قانون 14.07 المغير والمتمم للظهير التحفيظ العقاري المذكور.[55]
لكن الغالب ألا يقوم الوكيل العادي بهذه الإجراءات وإنما بواسطة موثق أو عدل أو محام نيابة عنه وعن موكله لأن للوكيل أو يوكل تحت يده شخصا آخر لتنفيذ الوكالة عند الاقتضاء، حاء في الفصل 900 ق.ل.ع “لا يسوغ للوكيل أن يوكل تحت يده شخصا آخر في تنفيذ الوكالة، ما لم يمنح الصلاحية في ذلك صراحة أو ما لم تستخلص هذه الصلاحية من طبيعة القضية أو من ظروف الحال”[56].
الفقرة الثانية: التسليم والتسلم والتقديم الحساب
1 التسليم:
إن التوكيل في البيوعات العقارية يحمل الوكيل كالأصيل في التسليم وتمكين المشتري من العقارات الموضوعة للبيع مباشرة بعد التوقيع على العقد وحيازة المقابل عند اللزوم قبل استنفاذ الإجراءات المتبقية، كما في التسجيل والضرائب والتقييد جاء في الفصل 504 ق.ل.ع على التمثيل لا الحصر “يجب أن يحصل التسليم فور إبرام العقد، إلا ما تقتضيه طبيعة الشيء المبيع أو العرفمن زمن.
ولا يجبر البائع الذي لم يعط المشتري أجلا للوفاء بالثمن على تسليم المبيع، إذا لم يعرض المشتري دفع ثمنه في مقابل تسلمه.
ولا يقوم إعطاء الكفيل أو أي تأمين آخر مقام دفع الثمن.”
وليس للوكيل أن يتنصل من الالتزام بالتسليم بدعوى الفصل 921 ق.ل.ع جاء فيه “الوكيل الذي يتعاقد بصفته وكيل وفي الحدوج وكالته لا يتحمل شخصيا باي التزام تجاه من يتعاقد معهم ولا يسوغ بهؤلاء الرجوع إلا على الموكل، لأن المقتضى في هذا الفصل على المسؤولية وأما التنفيذ فإن المقتضى فيه ورد في الفصل 923 ق.ل.ع بالقول “تثبت للغير على الوكيل دعوى من أجل إلزامه بقبول تنفيذ العقد، وإذا كان هذا التنفيذ يدخل ضرورة في وكالته، إلا أن هذا لا يسقط إطلاقا التزام الموكل بالتسليم فهو الأصل باعتبار أن ذمة الوكيل من ذمة الموكل والتصرف إلى الموكل فيما له أو عليه جاء في الفصل 925 ق.ل.ع والتصرفات التي يجريها الوكيل على وجه الصحيح باسم الموكل وفي حدوج وكالته تنتج آثارها في حق الموكل فيما له وعليه كما لو كان هو الذي أجراها بنفسه، والفصل 926 منه في فقرته الأولى ورد فيها “يلتزم الموكل مباشرة بتنفيذ التعهدات المعقودة لحسابه من الوكيل في حدوج وكالته[57].
2 التسلم:
التسلم في البيع يكون من جانب المدين والتسلم من جانب الدائن فالبائع مدين بالتسليم المبيع والمشتري دائن بالتسلم والمشتري مدين بالتسليم العقار تسليما قانونيا في العقار المحفظ بالتقييد بالسجل العقاري طبقا للفصول 66-67 من قانون 14.07 أو حيازة فعلية للعقار الغير المحفظ.
التسليم والتسلم التزامان متقابلان يترتب عليهما في الالتزامات المتبادلة جواز الدفع بعدم التنفيذ أو المطالبة بالفسخ عند الاقتضاء طبقا للفصول 504 -581 من ق.ل.ع.
ومن تم فإن الوكيل في البيع كالموكل قد يكون دائن بالتسلم الثمن والوكيل في الشراء دائن بالتسلم المبيع الشيء الذي يؤدي عند الامتناع عن التسلم تجرى أحكام مطل الدائن الواردة في قانون ق.ل.ع إجراءاتها ف.م.م.، كما جاء في الفصل 272 قانون ق.ل.ع “يكون الدائن في حال مطل إذا رفض دون سبب معتبر قانونا استيفاء الأداء المعروض عليه من المدين أو من شخص آخر يعمل باسمه على الكيفية المحددة في السند المنشئ للالتزام أو التي تقتضيها طبيعة سكوت الدائن أو غيابه عندما تكون مشاركته ضرورية لتنفيذ الالتزام يعتبر رفضا منه”، والفصل 271 منه ورد فيه “لا يمكن الدائن في حالة مطل إذا كان المدين في الوقت الذي يعرض فيه أداء الالتزام غير قادر على الواقع على أدائه” ثم الفصل 272 منه نص على أنه “لا يكون الدائن في حالة مطل برفضه مؤقتا قبض الشيء:
إذا كان حلول أجل الالتزام غير محدد
أو إذا كان للمدين الحق في أن تبرئ ذمته[58] قبل الأجل المقرر.
غير أنه إذا كان المدين قد أخطر الدائن، في أجل معقول بنيته في تنفيذ الالتزام فإن الدائن يكون في حالة مطل ولو رفض مؤقتا قبض الشيء المعروض عليه”.
التقديم الحساب:
جاء في الفصل 908 ق.ل.ع.
“على الوكيل أن يقدم لموكله حسابات عن أداء مهمته وأن يقدم له حسابا تفصيليا عن كل ما انفه وما قبضه مؤيدا بالأدلة التي يقتضيها العرف أو طبيعة التعامل، وأن يؤدي له كل ما تسلمه نتيجة الوكالة أو بمناسبتها”.
إن الوكيل في البيوعات العقارية عليه أن يهيئ لموكله حسابا تفصيليا عن أدائه لمهمته، خاصة عند الانتهاء منها ويقوم الحساب على بيان مختلف ما قبضه من الموكل في دفعة واحدة أو على دفعات متتابعة ومختلف أوجه الإنفاق كأداء الضرائب وصوائر البيع في التوكيل بالبيع واداء الثمن ورسوم التسجيل والتقييد في التوكيل بالشراء وتتعدد النفقات حسب طبيعة المعاملة وتنوعها كصائر التغليف والتلفيف والنقل والخزن والصيانة… والوكيل قد يضطر إلى الإنفاق من ماله عند الاقتضاء ولا فرق فالموكل يلتزم بجميع النفقات التي يستلزمها تنفيذ الوكالة جاء في الفصل 914 ق.ل.ع وعلى الموكل:
أولا – أن يدفع للوكيل ما اضطر إلى تسبيقه من ماله وإلى إنفاقه من المصروفات من أجل تنفيذ الوَكالة، في حدود ما كان لازما لهذا الغرض، وأن يدفع له أجره عندما يكون مستحقا، أيا ما كانت نتيجة المعاملة، ما لم يكن هناك فعل أو خطأ يعزى إليه؛
ثانيا – تخليص الوكيل من الالتزامات التي اضطر إلى التعاقد عليها نتيجة تنفيذه لمهمته أو بمناسبتها. وهو لا يسأل عن الالتزامات التي يتحمل بها الوكيل ولا عن الخسائر التي تلحقه نتيجة فعله أو خطإه أو من أجل أسباب أخرى بعيدة عن الوَكالة”.
المطلب الثاني: التزامات الموكل في الوكالة في البيع العقاري
الفقرة الأولى: لوازم التنفيذ عقد الوكالة في البيع العقاري
كما في المنقول على الموكل أن يضع تحت يد وكيله العقار موضوع العمل الإداري أو التصرف في التوكيل ففي أعمال الإدارة المتعلقة بتدبير عقار أو تجمعات سكنية أو بالملكية المشتركة او قبض أكرية أو تسيير هل معد للتجارة أو الصناعة أو الحرفة أو تدبير فندق أو ضيعة فلاحية أو في التجزئات العقارية والمشاريع العقارية الاستثمارية وغيرها كثير يتعين على الموكل ان يضع تحت يد وكيله هذه العقارات ليتمكن من تنفيذ مهمته بشأنها كذلك في أعمال التصرف المتعلقة بها فالتعامل مع الغير يقتضي من الوكيل تمكينه من الاطلاع والمعرفة بالعقار موضوع العمل أو المعاملة والوقوف على حالته الطاهرة ومزاياه وعيوبه ألا نرى ما ورد في الفصل 569 ق.ل.ع “لا يضمن البائع العيوب الطاهرة ولا العيوب التي كان المشتري يعرفها أو كان يستطيع بسهولة أن يعرفها” والفصل 570 منه جاء فيه “يضمن البائع العيوب أي كان المشتري يستطيع بسهولة أن يعرفها إذا صرح بعدم وجودها” والاطلاع على العقار في موقعه يمكن من التعرض على حالته واستكشاف مدى ثبوت ملكيته والقيود والتكاليف الواردة عليه والأحكام القانونية المنظمة له ومدى المطابقة بين ظاهرة والبيانات المقيدة بوثائقه جاء في الفقرة الثانية من المادة 18 من مرسوم تطبيق قانون خطة العدالة 28 أكتوبر 2008، إذا تعلق الأمر بعقار غير محفظ وجب على العدل التأكد بواسطة شهادة صادرة عن السلطة المحلية من كونه ليس ملكا جماعيا أو حبسيا وليس من أملاك الدولة وغيرها” والفقرة الرابعة من المادة 19 من نفس المرسوم ورد فيه “إذا تعلقت الشهادة بعقار وجب تعيينه بذكر اسمه ورقم الصك العقاري إن كان ورقم مطلب التحفيظ إذا كان في طور التحفيظ وصفاته ومساحته وطبيعته وموقعه وحدوده مع توضيح الحدوج بما يميزها من أشياء الطبيعة أو بكل وسيلة أخرى”.
والعمل بالإنفاق من الموكل والوكيل بشأن مشتملات العقار موضوع الوكالة وإلا فبأحكم القانون الجارية عليه ففي هذه الأحكام على التمثيل لا الحصر العقار بطبيعته يضم جميع مشتملاته المستقرة بخبرة بشكل ثابت ولا يمكن معه نقله دون تلف أو تغير في هيئته (م6 م.ح.ع) والعقار بالتخصيص يشمل جميع المنقولات التي يضعها المالك في عقار على ملكيته رصدا لخدمته واستغلاله أو يلحقها بصفة دائمة (م 7 م.ح.ع) والبناءات والأغراس والمنشآت الموجودة فوق الأرض أو داخلها تعد محدثة من طرف مالكها وعلى نفقته وفي ملكه ما لم تقم بينة على خلاف ذلك (م 235 م.ح.ع) وأما التوابع المستقلة فلا تتبع العقار إلا بالإنفاق عليها أو من تخصيص المالك لها أو بظاهر الأشياء (ف 521ق.ل.ع).
الفقرة الثانية: تكاليف عقد الوكالة في البيوعات العقارية
أولا) الصوائر:
الصل أن يعد الموكل وكيله بالسيولة النقدية اللازمة لتنفيذ المهمة المنوطة به ما لم يفضي العرف أو الإنفاق بخلافه وتشمل الصوائر مختلف الأداءات إما دفعة واحدة أو على عدة دفعات متتالية سواء في أعمال إدارة أو التصرف فالتدبير الإداري يقتضي صوائر معتادة لتسيير واقتناء اللوازم الضرورية، وصوائر العرض والإشهار وإجراء المحاسبات والجرد وصوائر الصيانة وأجور العاملين والرسوم والضرائب ما لم يتفق على استخلاصها بداية من الرأس المال أو الموارد المتتالية وفي أعمال التصرف يلاحظ انحصار الصوائر في الغالب في العرض والإشهار والوثائق اللازمة ودلائل الاستعمال والرسوم والضرائب.
والذي يلاحظ إن الصوائر في الشراء تستلزم مد الوكيل بالكلفة الإجمالية التي تشمل الثمن وتوابعه وصوائر التوثيق والتسجيل بالتقييد والنقل والجمرك وغيرها جاء في الفصل 511 ق.ل.ع “على المشتري مصروفات رفع الشيء المبيع وتسلمه وكذلك مصروفات أداء الثمن وتلك التي يقتضيها الصرف والتوثيق والتسجيل ومصروفات التنبر اللازمة لرسم الشراء وعليه أيضا مصروفات التغليف والشحن والنقل، ونتشمل مصروفات التسلم ورسوم حق المرور (الترانزيت) والمكوس والضرائب الجمركية التي عند انتقال الشيء ووصوله، كذلك الصوائر بعد تمام الشراء.
فالفصل 493 ق.ل.ع ورد فيه ” بمجرد تمام العقد، يتحمل المشتري الضرائب وغيرها من الأعباء التي يتحملها الشيء المبيع ما لم يشترط غير ذلك. ويقع على عاتقه أيضا مصروفات حفظ المبيع وجني ثماره. وعلاوة على ذلك، يتحمل المشتري تبعة هلاك المبيع، ولو قبل حصول التسليم، ما لم يتفق على غير ذلك. “.
ثانيا ) أجر الوكالة في البيوعات العقارية
الأصل أن الوكالة بلا أجر ما لم يتفق على خلافه إلا أن مجانية الوكالة تبعا للفصل 888 ق.ل.ع لا تفرض في التوكيل الحرفي على اختلافه المهني كما في الوكالة التجارية والوكالة بالعمولة ووكالة الأسفار وفي وكالة التقاضي وبين التجار في المعاملات التجارية بينهم وحين يقضي العرف بالأجر عنها كما في التوكيل في البيوع والأشرية العقارية وفي قبض الأكرية.
وعلى أي حال بأن الإنفاق على أجر يؤخذ بكيفية صريحة أو ضمنية حسب بنود العقد والمقاصد واسعا فيه ونوع العمل أو المعاملة ومدى جسامة التكاليف وعند الشك يفسر الالتزام لصالح الملتزم جاء في الفصل 473 ق.ل.ع، عند الشك ببنود الالتزام بالمعنى الأكثر فائدة للملتزم”، وتعمل المحكمة على تقديره عند الاقتضاء حسب عرف المكان أو ظروف الحال كما هو الحال في عقود العمل التي لا تحدد فيها الأجور بين الطرفين فالفقرة الثانية من المادة 345 من مدونة الشغل ورد فيها: ” إذا لم يحدد الأجر بين الطرفين وفق المقتضيات الواردة في الفقرة أعلاه تولت المحكمة تحديده وفق العرف وإذا كان هناك أجر محدد سابقا افترض في الطرفين أنهما ارتضياه، والفصل 916 ق.ل.ع في الوكالة على هذا المعنى جاء فيه: “إذا لم يكن الأجر قد عين، فإنه يعين وفقا لعرف المكان الذي نفذت فيه الوكالة وإلا فوفقا لظروف الحال”.
والملاحظ ان التزام الموكل بالأجر يظل ساريا عليه حتى ولو عين وكيلا أو عدة وكلاء آخرين ما لم يلغ وكالة الأول ويصف المعاملة معه والحساب جاء في الفصل 931.
المطلب الثاني: انقضاء عقد الوكالة في البيوعات العقارية
إن اسباب انقضاء عقد الوكالة تنحصر أساسا في ثلاثة اسباب وإما أسباب عادية أو طارئة أو اضطرارية، وفي الحالة العادية يدخل إشكال التنفيذ والتحقق الشرط الفاسخ والحلول الأجل والإحالة الاختيارية التي يهتدي فيها بما ورد في أوصاف الالتزام وانقضائه بالوجه العام، اما حالة الطارئة يدخل فيها الإلغاء والتنازل لأنها تطرأ على الالتزام من طرف الواحد أما الاضطرارية فتشمل الاستحالة التنفيذ كما هي في أحكام الانقضاء الالتزام والموت وعوارض الأهلية.
تبعا لذلك سنتناول هذا المطلب بالتحليل من خلال ثلاثة فقرات نعالج في الفقرة الأولى الانقضاء العادي ثم الفقرة الثانية الانقضاء الطارئ على أن نتناول في الأخير الاضطراري.
الفقرة الأولى: الانقضاء العادي
يتمثل الانقضاء العادي بالتراضي أي الانقضاء التي يحصل بالقوة الإرادة المتكافئة بين الطرفين على العادة المعتادة في سائر العقود حيث يعمل الطرفان على تنفيذ التزاماتهما التعاقدية إلى غاية الانتهاء المدة المحددة فيهما.
والوكالة في هذا الصدد تنقضي إما بالتنفيذ أو الإحالة الاختيارية وهذا ما سنعالجه من خلال تقسيمه إلى:
الانقضاء الوكالة في البيوعات العقارية بالتنفيذ
تقتضي الوكالة في البيع العقاري بالتنفيذ حين يعمل الوكيل على تنفيذ المهمة المسطرة به بالضبط بلا تهاون أو تجاوز إلا ما يستثنى من تجاوز نافع أو يسير أو ما يعمل الموكل الإقرار به بالنفس[59].
إن مسألة التنفيذ في هذا النوع من الوكالة تنقضي بالانتهاء من التنفيذ المهمة الخاصة ألا وهما البيع العقار الموضوع الوكالة.
فالفصل 891 ق.ل.ع سبق النص فيه بما يلي: “الوكالة الخاصة هي التي تعطى من أجل قضية أو عدة قضايا أو التي لا تمنع الوكيل الإصلاحات خاصة، وهي من أجل قضية صلاحية العمل إلا بالنسبة إلى القضايا أو التصرفات التي تعينها وكذلك توابعها الضرورية وفقا لما تقتضيه طبيعتها أو العرف المحلي”
ففي التوكيل في البيع عقار معين أو كرائه أو كراء شقق به، تكون المهمة قد انقضت بالقيام بالبيع أو الكراء والانتهاء من الإجراءات كلها ما لم يحتفظ الموكل لنفسه في القيام بها، تنتهي الوكالة عند المد الذي جرى عليه التوكيل وفي تعدد الأكرية ينتهي التوكيل بالانتهاء من الكراء كل شقة على حدة، ما لم تكن مهمة الوكيل عامة في الكراء وقبض الأكرية وتتبع العقار وصيانته فلا ينتهي التوكل إلا حين و لسبب آخر كأسباب الانقضاء.
والملاحظ في البيوع في العقار وفي الصول التجارية تتنوع الإجراءات في مراحل التنفيذ فلا ينتهي التوكيل إلا بالانتهاء من مختلف إجراءات التوثيق والتسجيل والضرائب والتقييد وفي الأصول التجارية تنضاف إجراءات الإيداع والنشر والتعرضات كذلك في باقي الصلاحيات التي اشترط لها القانون إذن خاصا وصريحا بالتوكيل فلا تنتهي المهمة إلا بالانتهاء من الإذن الممنوح في الشكل وفي الجوهر جاء في الفصل 894 ق.ل.ع “لا يجوز للوكيل أيا كان مدى صلاحياته بغير إذن صريح من الموكل توجيه اليمين الحاسمة ولا إجراء الإقرار القضائي ولا الدفاع أمام القضاء في جوهر الدعوى ولا قبول الحكم أو التنازل عنه ولا قبول التحكيم أو إجراء الصلح ولا الإبراء من الدين ولا تفويت عقار أو حق عقاري ولا إنشاء الرهن الرسمي كان أو حيازي ولا شطب الرهن أو التنازل عن الضمان، ما لم يكن ذلك في مقابل الوفاء بالدين ولا إجراء التبرعات ولا شراء أو التفويت الأصل التجاري أو تصفيته ولا التعاقد على إنشاء شركة أو شياع وكل ذلك ما عدا الحالات التي يستثنيها القانون صراحة، وأما لو انفرد الموكل ببعض الصلاحيات المرتبطة بالموضوع التوكيل، فإن مهمة الوكيل تنتهي حتما بالانتهاء من الصلاحيات الأخرى الموكولة له.
انقضاء عقد الوكالة في البيوعات العقارية بالإقالة الاختيارية
ينص الفصل 393 من قانون الالتزامات والعقود على أن تنقضي الالتزامات التعاقدية إذا ارتضى المتعاقدان عقب إبرام العقد التحلل منها وذلك في الحالات التي يجوز فيها الفسخ بمقتضى القانون، وبالإضافة إلى الفصل 394 ق.ل.ع: ” يجوز أن تقع الإقالة ضمنية، كما هي الحال إذا قام كل من المتعاقدين بعد إبرام البيع بإرجاع ما أخذه من مبيع أو ثمن للآخر”.
ويستفاد من النصوص أعلاه على أن الوكالة تنقضي بالإقالة الاختيارية حين يتراضى الموكل والوكيل على فسخها بعد انعقادها لسبب طارئ أو ندم، الوكالة تشمل التزامات متبادلة بين الطرفين ولو كانت بالنظر إلى الالتزامات الأخرى التي على الموكل مقابل التزامات الوكيل كما تقدم في خصائص الوكالة تنفسخ الوكالة ويرد كل طرف للآخر ما سبق أن تسلمه منه ولا يقتصر الفسخ على رد رسم الوكالة وإنما على إبرام عقد الفسخ عرفي أو الاستعانة بالمطابقة وقوتها الثبوتية جاء في الفصل 440 ق.ل.ع “الفسخ المأخوذة عن أصول الوثائق الرسمية والوثائق العرفية لها نفس قوة الإثبات التي للأصولها إذا شهد بمطبقتها لها الموظفون الرسميون المختصون بذلك في البلاد التي أخذت فيها النسخ ويسري نفس الحكم على الفسخ المأخوذة عن الأصول بالتصوير الفوتوغرافية – تقبل للإثبات فسخ الوثيقة القانونية المعدة بشكل الكتروني كانت الوثيقة مستوفية للشروط المشار إليها في الفصلين 1-417 و2-417 وكانت وسيلة حفظ الوثيقة تتيح لكل طرف الحصول على نسخة منها أو الولوج إليها.
لكن لا مانع فرد الرسوم الأصلي للوكالة إقالة ضمنية بمقتضى الفصل 394 ق.ل.ع ومثلما أجاز القانون انعقاد الوكالة ضمنيا تبعا للفصل 883 ق.ل.ع فإن فسخها بالمقابل يصح ضمنيا والأصل في المعاملات أن تنشأ وتنفذ بحسن النية كذلك عند إقدام الموكل بنفسه على بيع العقار موضوع الوكالة فالبيع إلغاء ضمني للوكالة وعلى ذلك على شرط تبليغ الوكيل وألا …
الفقرة الثانية: انقضاء الطارئ
خلاف الانقضاء العادي بالتراضي ثمة الانقضاء الطارئ الانفرادي يتفرد عند الاقتضاء إما الموكل حينها يقدم على إلغاء الوكالة أو الوكيل إذا قرر التنازل عن المهمة المنوطة به في رسم التوكيل ولا مانع من الإنفاق على الإلغاء أو التنازل بين الموكل والوكيل إلا أنه في هذه الحالة تنقضي الوكالة بالإقالة الاختيارية ويفسخ بالتراضي كما تقدم.
أولا: الإلغاء
الفصل 931 “للموكل أن يلغي الوكالة متى شاء وكل شرط يخالف ذلك يكون عديم الأثر بالنسبة إلى المتعاقدين وإلى الغير على حد سواء ولا يمنع اشتراط الأجر من مباشرة الحق إلا أنه:
إذا كانت الوكالة قد أعطيت في مصلحة الوكيل أو في مصلحة الغير لم يسغ للموكل أن يلغيها إلا بموافقة من أعطيت في مصلحته.
لا يسوغ عزل وكيل الخصومة متى أصبحت الدعوى جاهزة للحكم.
الفصل 932 “يصح أن يكون إلغاء الوكالة صريحا أو ضمنيا.
وإذا تم إلغاء الوكالة بمكتوب أو برغبة فإنه لا تنتج أثره إلا من وقت تسلم الوكيل المكتوب أو البرقية”.
الإلغاء في الحق الموكل لا غير وفي حق الوكيل تنازل ولا مانع يمنع الموكل من إلغاء الوكالة متى شاء أيا كان نوع الوكالة على شرط عدم الإضرار بالوكيل أو أساس بحقوق الغير أو بالإخفاق والقانون ولا أحد يجبر الأثر على إبقاء التوكيل فالأصل أن تعمل بالإرادة بحرية وليس للغير أن يقيدها إلا بالاتفاق أو القانون ومتى شاءت أن تحرر من عبء التوكيل وتسترجع سلطات إرادتها فإن لها ذلك فلا حرج على الناس إلا أن عدم الحرج يقابله عدم الإضرار بالوكيل أو الغير فلا ضرر ولا ضرار وهو ما حمل القانون على طلب موافقة للوكيل أو الغير على الإلغاء متى كانت الوكالة لمصلحتها كما في الوكالة بأجر أو التوكيل بالبيع أو الهبة للشخص معين لكنه منع عزل وكيل الخصومة متى أصبحت الدعوى جاهزة للحكم وتكون الدعوى جاهزة للحكم عند الانتهاء من الجواب والتعقيب والمطالبة المناسبة وعند صدور قرار التخلي في المسطرة والأحرى لو تم إدخال القضية إلى المداولة، لأن الوكيل في التقاضي يكون قد أنهى مهمته المنوطة به وإنهاء الوكالة في هذه الحالة يقتضي تصفية الحساب بين الطرفين.
والتوكيل الكتابي يلغى بالكتابة والكتابة إما رسمية أو عرفية أو بالوسائل المنضوية مع الإشعار بالاستلام أو البرقيات أو بالتواصل الإلكتروني وهو إلغاء صريح ينتج أثره تسلم الوكيل من يد الوكيل وفي التوكيل الشفوي الصريح أو الضمني يصح الإلغاء شفويا إما بكيفية صريحة أو ضمنية كما في وضع اليد على الأشياء موضوع التوكيل لكن إذا اشترط القانون شكلا خاصا للتوكيل كما في التوكيل في البيوعات العقارية وما في حكمها فإن الإلغاء يجب أن يكون على نفس الشكل، جاء في الفصل 489 ق.ل.ع “إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في شكل المحدد بمقتضى القانون وفي شرط الوكالة في الزواج شرط الكتابة فقد جاء في الشرط الثاني من المادة 17 م.س “تحرر وكالة عقد الزواج في ورقة رسمية أو عرفية مصادق على التوقيع الموكل فيها”، وفي الفقرة الأخيرة من الفصل 934 ق.ل.ع نصت بالحرف “إذا تطلب القانون شكلا خاصا لإنشاء الوكالة وحيث مراعاة نفس هذا الشكل في إلغائها”.
ثانيا: التنازل
ينص الفصل 935 “لا يحق للوكيل التنازل عن الوكالة إلا إذا أخطر به الموكل وهو مسؤول عن الضرر الذي يرتب هذا التنازل للموكل إذا يم يتخذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على مصالحه لمحافظة تامة التي يتمكن من رعايتها.
الفصل 936 “لا يحق للوكيل التنازل عن الوكالة إذا كانت قد أعطي له في مصلحة الغير، إلا لمرض أو عذر آخر مقبول وفي هذه الحالة يجب أن يحضر الغير الذي أعطيت الوكالة في مصلحته بتنازله وأن يمنحه أجلا معقولا ليتدبر خلاله أمره على نحو ما تقتضيه ظروف الحال”.
إذا كان الحق ثابت للموكل في الإلغاء الوكالة على اختلافها كليا أو جزئيا ومتى شاء على شرط عدم الإضرار بالوكيل المسا بحقوق الغير أو بما وقع الاتفاق عليه أو أمر به القانون، فإن الحق كذلك ثابت للوكيل في التنازل متى شاء لكن على الشروط أشد من الشروط في الإلغاء والسر فيه أن تمة مصالح الموكل التي لولاها لما انعقد توكيل حتى في التوكيل في التبرعات حيث الأجر والتواب وفعل الخير والذكر الحسن، ومصالح الغير التي يكون الوكيل قد بدأ فيها على وشك الانتهاء منها والقانون ميز بين الوجهتين.
وفي الأول: على الوكيل ألا يتنازل إلا بعد إخطار يتم بالرسائل المضمونة على الإشعار وألا يضر به إلا تحمل التبعية والإخطار بالاستلام، والإنذارات القضائية وما في حكمها على شرط الإثبات وتحديد تاريخ السريان وعلى الوكيل أن يتخذ جميع الإجراءات اللازمة للمحافظة على مصالح موكله، إلا أن يتمكن من رعايتها بنفسه ولو اضطر إلى طلب البيع بإذن من القضاء كما هو الحال في البضائع التي يخشى عليها من الفساد “ف905ق.ل.ع”، وفي الثاني حيث مصالح الغير ليس له أن يتنازل إلا للضرورة كما في حالة المرض أو السفر أو العمل على شرط إخطار الغير كذلك بالتنازل ومنحه أجلا كافيا يتدبر فيه سنونه بنفسه ويرعى مصالحه والأجل الكافي يختلف حسب طبيعة التوكل والظروف المختصة به.
لكن متى تكون مصالح الغير محققة؟ لا خلاف إن بدأ الوكيل في التفاوض مع الغير أو شرع معه في الإجراءات الأولى للتعاقد حيث يصح القول بأن مصالح الغير بدأت في التحقق وعلى الوكيل ألا يهددها بالزوال كذلك لو بلغت الإجراءات حد النهاية لوم يبقى إلا التوجه لتحير العقد أو التوقيع عليه أو أن التوكيل في البيع أو المهمة أعطي للتبايع مع شخص يعنيه أو التبرع عليه ففي هذه الصور وما في حكمها لا يصح التنازل إلا عند الاستحالة التنفيذ كقوة قاهرة كما في حال المرض الفصال الذي يكون فيه الوكيل طريح الفراش أو السفر الاضطراري الذي يستحيل معه التأخير أو العمل الذي لا يقوى الوكيل على تركه ونص على ذلك لكن على الشرط إخطار الموكل والغير كما تقدم.
الفقرة الثالثة: الانقضاء الاضطراري لعقد الوكالة في البيوعات العقارية
وعموما تنقضي الوكالة في البيوعات العقارية بشكل اضطراري في أربع حالات: وهي استحالة التنفيذ وموت الموكل أو الوكيل، أو ظهور عارض من عوارض الأهلية ثم ونستكفي في هذه الفقرة على حالتين ألا وهي حالة استحالة التنفيذ وموت الوكيل أو الموكل.
أولا: استحالة التنفيذ كسبب من أسباب انقضاء عقد الوكالة في البيوعات العقارية
من أسباب التي أرودها الفصل 929 ق.ل.ع في انقضاء الوكالة أن يستحيل تنفيذها لسبب خارج عن إرادة الموكل والوكيل وهو ما زاد الاستحالة التنفيذ التي تقتضي بها الالتزام بوجه عام في النظرية العامة للالتزامات جاء في الفصل 335 ق.ل.ع “يقتضي الالتزام إذا نشأ ثم اصبح محله مستحيلا استحالة طبيعية أو قانونية بغير فعل المدين أو خطئه وقبل أن يصير في حالة مطل.
وظاهر من هذا الفصل أن استحالة التنفيذ في الالتزام بالتوكيل وغيره يلزمها متى تحققا توافر شروط ثلاث تعرضها تم نفصل فيها الكلام تباعا.
أن ينشأ الالتزام بالتوكيل ممكنا
أن يصبح مستحيل التنفيذ
أن تكون هذه الاستحالة بسبب أجنبي للموكل أو الوكيل فيه.
اللازم في الالتزام بالتوكيل أن ينشأ ممكنا فمن شروط المحل عند التعاقد ألا يكون مستحيلا وهو مقتضى البند الأول من الفصل 881 ق.ل.ع إذا ورد فيه، وتبطل الوكالة إذا كان محلها مستحيلا أو مبهما إبهاما فاحشا.
وما سبق النص عليه في الفصل 59 ق.ل.ع جاء في، ويبطل الالتزام الذي يكون محله شيئا أو عملا مستحيلا إما بحسب طبيعته أو بحكم القانون”، والاستحالة في المحل تبطل العقد من أساسه والمتعاقد الذي يعلم بالاستحالة عند التعاقد ولا ينبه إليها يلتزم بالتعويض تجاه الطرف الآخر ما لم يكن بدوره على علم بها أو كان عليه أن يعلم ونفس الحكم ينطبق في حال الاستحالة الجزئية عند النشأة أو إذا كانت الالتزامات تخييرية وأحد الأشياء الموعودة بها مستحيلا.
جاء في الفصل 60 ق.ل.ع والمتعاقد الذي كان يعلم أو كان عليه أن يعلم عند إبرام العقد استحالة محل الالتزام ملزما بالتعويض تجاه الطرف الآخر، ولا يخول التعويض إذا كان الطرف الآخر يعلم أو كان عليه أن يعلم أن محل إلزام مستحيل وتطبق نفس الحكم.
إذا كان المعقود عليه مستحلا في البعض دون الباقي وصح العقد في ذلك الباقي.
إذا كانت الالتزامات تخييرية وكان أحد الأشياء الموعود بها مستحيلا، فالشرط ألا ينشأ الالتزام مستحيلا وإلا كان العقد باطلا أصلا، لكن ما الفرق بين أن ينشأ صحيحا ممكنا ثم يصير مستحيلا؟ القانون يقول عند النشأة بالبطلان وعند التنفيذ بالانقضاء مع أن الاستحالة واحدة بما أن تكون عند النشأة أو عند التنفيذ، فالعقد يظل في الصورنيا والفرق زمني لا غير.
أن يصبح الالتزام بالتوكيل مستحيلا
والمعنى من هذا الشرط أن يصير الالتزام بالتوكيل مستحيل التنفيذ على الوكيل إلى حد عدم القدرة بحيث لا يقوى على التنفيذ بصورة مطلقة أما لو أن التنفيذ صار شاقا لا غير فإنه لا يصح القول فيه بالاستحالة ولا مانع يمنع الموكل والوكيل من تعديل بنود الوكالة ورد للالتزام الشاق إلى التزام معتدل.
والاستحالة على نوعين طبيعية وقانونية فالاستحالة الطبيعية ترجع إلى العوامل الطبيعية كأن يكون موضوع التوكيل بالبيع محصولا زراعيا فيهلك بفعل الجانحة أو المطار، أو بضائع تفسد لعيب طبيعي لحق بها، أو تنتهي مدة صلاحيتها أو عقار ينهدم بفعل السيول أو القدم والاستحالة القانونية مصدرها القانون، حينما يمنع التصرف في بعض الأموال كما في حال منع استيراد أنواع من البضائع جرى التوكيل على طلب استيرادها أو نزع ملكية عقار المنفعة العامة لسحب التوكل على بيعه ونص على ذلك.
أن ترجع الاستحالة إلى سبب أجنبي ولعله الشرط الأساس في استحالة التنفيذ فالوكالة تنقضي بالاستحالة بسبب أجنبي لا يد للموكل أو الوكيل فيه وليس المعنى منه أن الاستحالة التي ترد إلى خطأ من الموكل أو الوكيل لا تنقضي بها الوكالة بل تنقضي والانقضاء حتمي في الصورتين إلا أن الفارق في تحمل التبعة في الاستحالة بالقوة القاهرة لا تعويض بين الطرفين خلاف الاستحالة بسبب الموكل أو الوكيل والسبب أجنبي يرجع إلى القوة القاهرة أو فعل الغير. وفعل الغير في الاستحالة من صور القوة القاهرة كلما لم يقوى الوكيل على درئه وقد بدل عناية الرجل المتبصر في الظهير كمن يتسبب في إتلاف بضاعة موضوع توكيل بالبيع أو يدعي حقا عليها أو رهنا او حجزا أو من يترامى على عقارا أو يدعي استحقاق عليه حيث يستحيل التصرف على الحالة.
انقضاء وكالة البيوعات العقارية بموت أحد أطرافها
أولا: موت الموكل
جاء في الفصل 938 ق.ل.ع:
“بموت الموكل أو حدوث تغيير في حالته ينهي وكالة الوكيل الأصلي ووكالة نائبه ولا يسري هذا الحكم.
إذا كانت الوكالة قد أعطيت في مصلحة الوكيل أو في مصلحة الغير
إذا كان محلها إجراء عمل بعد وفاة الموكل على نحو يكون الوكيل في مركز منفذ الوصايا.
بموت الموكل تنقضي الوكالة حتما تجاه الوكيل أو نائبه فرادى أو متعددين وكيفما كانت طريقة تبعتهم كما تقدم فبالموت ينقضي الطابع الشخصي الذي تتميز به الوكالة أصلا ولا نيابة بعد الموت ولا إرادة تحل محل أخرى هاته انقضت وحتى الوصية فإن تنفيذ الوصية لا ينوب عن الموصى وقد مات وإنما في النيابة عنه حيث كان حيا وأنشأ وصية وفي تصور آخر فإن الأطراف في الوثائق بعد التوقيع هم أحياء ولو ماتوا بعدها وورثتهم يحلون محلهم في التنفيذ عند الاقتضاء لا غير ومنه كانت نظرية الحلف العام وأن منفذ الوصية ينوب عنهم في تنفيذ وصية وموروثهم والتنفيذ بعد الوفاة يجد مصدره في الأثر الرجعي حيث نشأت الوصية والأطراف أحياء.
ثانيا: موت الوكيل
جاء في الفصل 541 ق.ل.ع
في حالة موت الوكيل يجب على ورثته إن كانوا على علم بالوكالة أن يبادروا بإعلام الموكل به كما أنه يجب عليهم أن يحافظوا على الوثائق وغيرها من المستندات التي تخص الموكل ولا يسري هذا الحكم على الورثة إن كانوا قاصرين طالما لم يعين لهم وصي”.
بموت الوكيل تنقضي الوكالة ولا مخاطر على الموكل لأن الوكالة متعلقة بشخص الوكيل يعينه وبعد موته ينقضي شخصه ولا يقوى أحد على أن يحل محله، إلا أغذا انتحل الصفة وغير الهوية ومارس التحايل والتزوير والكل معاقب عليه بسنده.
الهوامش:
[1] سلسلة المعارف القانونية والقضائية، قراءات في القوانين العقارية الجديدة، ط ، 2017، ص 143.
[1]يلزم لصحة الوَكالة، أن يكون الموكل أهلا لأن يجري بنفسه التصرف الذي يكون محلا لها. ولا تلزم نفس الأهلية في الوكيل، حيث يكفي فيه أن يكون متمتعا بالتمييز وبقواه العقلية، ولو لم تكن له صلاحية إجراء التصرف في حق نفسه. فيسوغ للشخص أن يجري باسم الغير ما لا يستطيع أن يجريه بالأصالة عن نفسه.
[1]
[1]مجلة الإشعاع عدد 11
[1]
[1] بلاغ بشأن المادة 4 من مدونة الحقوق العينية الرباط في: الأربعاء 4 أكتوبر2017 مأخوذ من موقع الأمانة العامة للحكومة من الموقع التالي:
[1]إدير سوعاد : مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق قسم القانون الخاص تخصص القانون الخاص الشامل” تجاوز الوكيل الحدود المرسومة للوكالة” جامعة عبد الرحمن ميرة- بجاية-
[2]الوكالة مشروعة وجائزة بالكتاب والسنَّة والإجماع:
أما في الكتاب، فقوله – تعالى-﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 35]، فإذا حصل النزاع بين الزوجين واشتدَّ، يُعَيَّنُ حَكَمانِ يكونان وكيلينِ عنهما، ينظرانِ في الأمر.
وقوله – تعالى – حكاية عن يوسف – عليه السلام -: ﴿ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ ﴾ [يوسف: 55]؛ أي: وكيلاً.
-وأما السنة، فأحاديث كثيرة: منها ما جاء في الصحيحين أنه – صلى الله عليه وسلم – بعث السعاة لأخذ الزكاة، ومنها أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وكَّل عمرو بن أمية الضمري في قبول نكاح أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان – رضي الله عنهما.
-وأجمع علماء الأمة على جواز الوكالة؛ وذلك لأن الحاجة داعية إليها، لأن من الناس مَن لم يؤتَ القدرة والكفاءة وما يؤهِّله للقيام بأعمال قد يكون في أمسِّ الحاجة إليها.
[3]ماستر العقود و العقار: مناقشة رسالة تحت عنوان الادعاء بسوء نية في قضايا التحفيظ وفق مستجدات القانون 07-14 تحت إشراف الدكتور محمد شهيب .تقديم الصفحة الأولى
[4]تقرير تركيبي حول واقع العقار بالمغرب موضوع “السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصاديةوالاجتماعية”المنعقدة بالصخيرات يومي 8 و9 جنبر2015
[5]محمد الزكراوي إطار متصرف وزارة الداخلیة، وأستاذ باحث في العلوم القانونیة و الإدارية ” تقاطع المادة الرابعة من قانون 69/16 المتمم لأحكام مدونة الحقوق العینیة وأحكام التحفیظ العقاري، ” | موقع العدالة المغربیة الفقرة الأولى من الصفحة الأولى.
[6]– انظر كتاب شرح ابن منظور كلمة “وكل”
[7]– فخر الدين الرازي: أسماء الله الحسنى “الوكيل”
[8]– (سورة الأحزاب 3 – 48)
[9]– (سورة آل عمران 173)
[10]– (سورة الأَنعام 102)
[11]– (سورة يوسف 66)
[12]– الحرشي عليل خليل ج4، ص 284.
[13]– سد الذرائع وفتحها من الأصول عندنا في المذهب المالكي.
[14]– ولعل الحالات الواردة في هذا الفصل، تكاد تشمل مختلف ضروب المعاملات فيما بقي للوكالة العامل غير أعمال الإرادة؟
[15]عبد السلام أحمد فيغو:العقود المدنية الخاصة في القانون المغربي، طبعة 1 2008 مطبعة الأمنية الرياط
[16]– السنهوري: “الوسيط”، ج7، المجلد الأول، العقود الواردة على العمل، دار النهضة العربية للنشر، القاهرة 1964، ص 374 و375.
[17]– واليمين من العقائد لا نيابة فيها.
[18]– المادة 208 م.س
[19]– المادة 210 م.س.
[20]– المادة 209 م.س
[21]– قانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات.
[22]– قانون 44.00 في بيع العقارات في طور الإنجاز المتمتع به ق.ل.ع.
[23]– قانون 34.94 المتعلق بالحد من تقسيم الأراضي الفلاحية الواقعة داخل دوائر الري ودوائر الاستثمار في الأراضي الفلاحية غير المسقية.
[24]تم تتميم الفرع الرابع من الباب الثالث بالمادة 3-618 مكرر والمادة 3-618 مكررمرتين والمادة 3-618 مكررثلاث مرات، بمقتضى المادة الفريدة من القانون رقم 107.12 السالف الذكر.
[25]عبد الكريم شهبون:”الشافي في قانون الالتزامات و العقود المغربي “الكتلب الثاني العقود المسماة ومايشابهها طبعة 1/2002 س 172
[26]عبد الكريم شهبون:”الشافي في قانون الالتزامات و العقود المغربي “م س 170
[27]– الفصلان 927 و928 ق.ل.ع
[28]– الفصول 943 إلى 958 ق.ل.ع في أحكام الفضالة.
[29]– السنهوري، المرجع السابق، هامش ص 375.
[30]– الفصل 947 ق.ل.ع.
[31]أنور طلبة:المطول في شرح القانون المدني”ج “التشريعات،إيجار الأماكن،العارية،الوكالة “الطبعة الثانية 2006 المكتب الجامعي الحديث الاسكندرية ص 228 .
[32]عبد القادر العرعاري : مصادر الالتزامات الكتاب الأول نظرية الغقد الطبعة الثانية 2005مطبعة الكرامة ص 91
[33]يوسف أيت لحلو الملخص المفيد للعدل الجديد الطبعة الأولى 2011 ص57
[34]خالد بنيس ـ عقد الوكالة طبعة 1997 /1998 ص 71
[35]خالد بنيس مرجع سابق ص 74
[36]خالد بنيس مرجع سابق ص 74
[37]خالد بنيس مرجع سابق ص 74
[38]خالد بنيس مرجع سابق ص 74
[39]
[40]– وهذا التعريف أسلم من التعريف السابق في ق.ل.ع، جاء في الفقرة الأولى من الفصل 723 منه “إجارة الخدمة أو العمل عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم للآخر خدماته الشخصية لأجل محددا أو من أجل أداء معين، في نظير أجر يلتزم هذا الآخر بدفعه له”.
[41]– الفصول 931-935-938 ق.ل.ع.
[42]تم تتميم الفقرة الأولى من المادة 4 أعلاه بمقتضى المادة الفريدة من القانون رقم 69.16 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.17.50 بتاريخ 8 ذي الحجة 1438 (30 أغسطس 2017)؛ الجريدة الرسمية عدد 6604 بتاريخ 23 ذو الحجة 1438 (14 سبتمبر 2017)، ص 5068.
[43]سلسلة المعارف القانونية والقضائية، قراءات في القوانين العقارية الجديدة، ط ، 2017، ص 143.
[44]يلزم لصحة الوَكالة، أن يكون الموكل أهلا لأن يجري بنفسه التصرف الذي يكون محلا لها. ولا تلزم نفس الأهلية في الوكيل، حيث يكفي فيه أن يكون متمتعا بالتمييز وبقواه العقلية، ولو لم تكن له صلاحية إجراء التصرف في حق نفسه. فيسوغ للشخص أن يجري باسم الغير ما لا يستطيع أن يجريه بالأصالة عن نفسه.
[45]-يوسف أيت لحلو الملخص المفيد للعدل الجديد الطبعة الأولى 2011 ص57
[46]يوسف أيت لحلو الملخص المفيد للعدل الجديد الطبعة الأولى 2011 ص58
[47]قرار صادر بتاريخ 27 أبريل 1994 منشور بمجلة الإشعاع عدد 11 ص 120
[48]يوسف أيت لحلو: م س ص 58
[49]بلاغ بشأن المادة 4 من مدونة الحقوق العينيةالرباط في: الأربعاء 4 أكتوبر2017 مأخوذ من موقع الأمانة العامة للحكومة من الموقع التالي:
http://www.justice.gov.ma/lg-1/actualites/act-622.aspx
[50]د، العربي محمد مياد، الموجز في العقود المدنية الأكثر تداولا، ط 2016، ص 11 وما يليها.
[51]قراءة في مستجدات المادة 4 من مدونة الحقوق العينية ومذكرة السيد المحافظ العام بشأنها.
http://www.droitetentreprise.com/قراءة-في-مستجدات-المادة-4-من-مدونة-الحقو/
[52]http://mdroit.com/290.html
[53]قراءة في مستجدات المادة 4 من مدونة الحقوق العينية ومذكرة السيد المحافظ العام بشأنها.
[54] يوسف ايت لعلوا: الملخص المفيد للعدل الجديد ، طبعة 2011 ص 60
[55] ذ الرحمان بلعكيد: “الوكالة”، الجزء الثاني، المرجع السابق، الصفحة 23.
[56]– عبد الرحمان بلعكيد: “الوكالة”، الجزء الثاني، المرجع السابق، الصفحة 24-25.
[57]– عبد الرحمان بلعكيد: “الوكالة”، الجزء الثاني، المرجع السابق، الصفحة 34-35.
[58]– عبد الرحمان بلعكيد: “الوكالة”، الجزء الثاني، المرجع السابق، الصفحة 44-45.
[59]– الفصل 927 ق.ل.ع.