دراسات قانونيةسلايد 1
المراحل الإدارية في المنازعات الجنائية المحلية
تشكل الضرائب والرسوم التي في حكمها أهم مورد مالي لميزانية الدولة والجماعات المحلية، وتساهم بشكل فعال في تمويل النفقات العمومية، وإنعاش الحياة الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.
وقد عهد المشرع لإدارة الضرائب والخزينة العامة، أمر فرضها وتحصيلها وزودها من السلطات والامتيازات العامة بما يكفي لأداء وظيفتها تلك، وفي المقابل سن ضمانات واسعة للخاضعين للضريبة لحمايتهم من كل تعسف أو شطط قد يرتكب في حقهم من طرف الإدارة الضريبية ضد حقوقهم المالية
الا أن الفرض الضريبي بالمغرب على غرار الأنظمة االليبرالية التي عرفت ازدهارا تجاريا وماليا, بفعل تطور الأنشطة التجارية, وتنامي نشاط الادارة وتعدد هياكلها وحاجاتها التي جعلت الادارة في حاجة الى موارد مالية ضخمة لتغدية نفقاتها المتزايدة, من البديهي أن يشكل آثارا تجعل الادارة في صراع مستمر مع الملزمين اما كمدعية أو مدعى عليها .
وبفضل ما تتمتع به الإدارة الضريبية من امتيازات وسلطات فإنها تكون في الغالب في موقف المدعى عليه القوي, بينما يقف الملزم في موقف المدعي الضعيف, الشئ الذي جعل المشرع الجبائي يتدخل لإرساء الأرضية لمجموعة من الضمانات القانونية التي تفتح للملزم أبوابا للطعن الإداري والقضائي حتى يكون هناك تكافؤ الى حد ما مع الامتيازات والسلطات المخولة للادارة, حتى تكون الغاية من المنازعات المتمثلة في المسطرة الادارية أو القضائية المقرر قانونا سلوكها لتسوية هدا الخلاف الناشئ بين الإدارة والملزم, سواء تعلق الأمر بتحديد الوعاء أو تصفيتها أو تحصيلها, هي ممارسة نوع من الرقابة على أعمال الادارة وضمان حقوق الملزم.
غير أن الإدارة الضريبية التي منحها المشرع عدة صلاحيات تتعلق بتأسيس الوعاء الضريبي والتحصيل، قد تخل ببعض الضمانات القانونية المخولة للملزمين من مثل : التبليغ بفرض الضريبة، احترام الإجراءات المسطرية المتعلقة بتصحيح أسس الضريبة أو الفرض التلقائي لها، الإعفاءات الجبائية …
مما يؤدي إلى نشوء نزاع بين الإدارة والملزم.
والنزاع الضريبي في مفهومه الضيق، كخلاف بين طرفين، هما الإدارة والملزم، يدفع فيه كل طرف بموقف متعارض مع موقف الطرف الآخر أمام جهاز قضائي يفصل بينهما بإصدار حكم تنفيذي وملزم.
وفي مفهوم أوسع يعرف النزاع الجبائي بأنه ” مجموعة الأساليب القانونية التي يتم بمقتضاها فض النزاعات التي تنشأ عن تطبيق قانون الضريبة من طرف الإدارة الجبائية على الملزم”.
وتجدر الإشارة، إلى أن الملزم لا يحق له أن يرفع نزاعه في الوعاء الضريبي والتحصيل مباشرة إلى القضاء الإداري، بل إن القانون اشترط صراحة لصحة الدعوى القضائية في المجال الجبائي أن يستنفذ الملزم طعنا سابقا أمام الإدارة الجبائية، أو أمام اللجان الضريبية حسب الحالات، فتقديم المطالبة النزاعية أمام الإدارة الجبائية في مجال منازعات الوعاء الضريبي والتحصيل إجراء إلزامي قبل نشر الخلاف أمام أنظار القضاء.
تتجلى أهمية هدا الموضوع في كونه يشكل تيمة خصبة للدراسة لكونه موضوعا للساعة ،اعتبارا لأهمية المنازعات في المجال الضريبي وضرورة الحفاظ على التوازن بين الإدارة والملزمين وحماية الضمانات القانونية من أي خرق يمكن أن يطالها.و ما سنحاول دراسته في هذا الموضوع ينحصر فقط في الالمرحلة الإدارية للمنازعات الجبائية المحلية .
ولمناقشة هدا الموضوع بالدراسة والتحليل سنعتمد الإشكالية التالية:
الى أي حد ساهمت المقتضيات القانونية ، خاصة ما جاء به القانون 47.06 في معالجة الإشكالات المرتبطة بالمنازعات الجبائية المحلية ،سواء من حيث التنصيص على الأحكام العامة أو من حيث التنصيص على المساطر والإجراءات المتبعة ؟
و للإجابة عن الإشكالية التي اعتمدناها لدراسة هدا الموضوع ارتأينا تقسيم هدا الأخير كما يلي:
المطلب الأول : التظلمات الإدارية
المطلب الثاني : التظلم اللجاني
يقصد بالمنازعة الجبائية تلك الحالة الناشئة عن وجود خلاف بين الملزم و الإدارة الجبائية بمناسبة قيام هذه الأخيرة بحديد الوعاء أو التصفية أو عمليات التحصيل , و من جهة أخرى يقصد بها المسطرة الإدارية أو القضائية الواجب قانونيا سلوكها لتسوية الخلاف [1].
ونظرا لضعف الملزم الجبائي أمام امتيازات الإدارة الجبائية المحلية فقد منحه المشرع المغربي من خلال القانون رقم 47-06[2] ، حق المطالبة الجبائية التي تعتبر طريقة رضائية لفك النزاع الجبائي المحلي بينه وبين الإدارة دون حاجة للجوء إلى القضاء، حيث يمكن من خلالها مطالبة الإدارة المحلية بالعدول عن قرارتها التي يبدو للملزم فيها حيف بالنسبة إليه أو أن يستعطفها لتخفيض رسم معين لعدم قدرته على تسديد الدين الواجب عليه أداءه[3] .
وبناء على ذلك فإن دراستنا ستهم بالأساس تحديد القواعد الأساسية لتقديم التظلمات سواء النزاعية أو الاستعطافية أمام الإدارة الضريبية فيما يخص الجبايات المحلية والمنظمة بمقتضى القانون 47.06 والتي لا تختلف بشكل كبير عن تلك المنظمة بمقتضى المدونة العامة للضرائب (المطلب الأول), ثم نناقش في (المطلب الثاني)المنازعات المقامة أمام اللجان الضريبية.
المطلب الأول : التظلمات الإدارية :
لقد ألزم المشرع المغربي الملزمين بالرسوم المحلية في حالة نشوء منازعة جبائية بتوجيه الطعون إدارية إلى الإدارة الجبائية قبل التطرق إلى القضاء ,و الغاية من هذه الوسيلة أنها تحقق مزايا موضوعية لطرفي النزاع من جهة , و تعمل على ربط المرحلة الإدارية بالمرحلة القضائية من جهة أخرى [4], وما يمز مرحلة المطالبات هو أن تكون أمام الإدارة التي فرضت الرسم ,.
وعليه فإن دراستنا ستتركز بالأساس على تحديد القواعد التي يجب احترامها لتقديم الطلبات بمختلف أنواعها سواء الإستعطافية أو التنازعية ,والتي تم التنصيص عليها في القانون 47-06 والتي توجد مقتضيات مماثلة لها على مستوى المدونة العامة للضرائب.
الفقرة الأولى: الطلبات الاستعطافية أمام الإدارة الجبائية المحلية
الطلبات الاستعطافية يمكن التقدم بها من طرف الملزمين سواء على مستوى الوعاء أو على مستوى التحصيل، وجدير بالإشارة أن المطالبات الاستعطافية تتميز عن غيرها من التظلمات بمجموعة من العناصر وسنحاول توضحيها من خلال التعرض لأهم الجوانب المتعلقة بالطلبات الاستعطافية .
إن تقديم الطلبات الاستعطافية أمام الإدارة الجبائية المحلية تحكمها مجموعة من القواعد يتعين على الملزم احترامها وسنعرض لها على الشكل التالي:
1-المبادئ الأساسية للاستعطاف
هناك مجموعة من القواعد الأساسية تحكم الطلبات الاستعطافية وهي على الشكل التالي:
الطلب الاستعطافي ليس تظلما نزاعيا حيث أن الملزم لا ينازع الإدارة في الرسوم المستحقة عليه ولا في مبلغها، بمعنى أن الملزم لا ينازع في مشروعية الرسم أو الضريبة المفروضة عليه وإنما يستعطف الإدارة لإعفائه من الجزاءات والغرامات المفروضة عليه ويتعين عليه لكي تستجيب الإدارة لمطالبه أن يثبت عجزه عن الأداء نتيجة ظروفه المالية المعسرة التي حالت دون تمكنه من تسديد مستحقاته الجبائية[5].
الطلب الاستعطافي لا يفترض خطأ من جانب الإدارة حيث يقر الملزم بقانونية الواجبات المستحقة عليه كما يقر بصحة الإجراءات المسطرية التي اعتمدتها الإدارة الجبائية.
كما أن الطلب الاستعطافي يهدف إلى استصدار عطف الإدارة والأحكام إلى مبادئ الشفقة والرحمة.
إضافة إلى أن الملزم يستند في طلبه الاستعطافي إلى وضعيته مع العلم أن النص لم يحدد طبيعة هذه الوضعية بشكل دقيق والتي قد تكون شخصية أو صحية وخاصة الظروف الاقتصادية والمالية المتأزمة[6].
2- شكليات الطلبات الاستعطافية:
يمتاز الطلب الاستعطافي من حيث شكليات تقديمه بالعناصر التالية[7]:
كون الطلب الاستعطافي لا يتطلب شروطا شكلية معينة رغم أن الصيغة الكتابية (مع عدم إلزاميتها الصريحة في النص القانوني) تبقى الصيغة المتطلبة في مختلف المطالبات والشكايات.
كما أن ليس هناك آجال محددة للتقدم بالطلبات الاستعطافية ة لكن تخضع بصفة عامة لأجل التقادم المنصوص عليه في المادة 160 من القانون 47.06.
وأخيرا ليس هناك اجل للبت ورد الإدارة الجبائية على الطلبات الاستعطافية.
3-أنواع الطلبات الإستعطافية :
يجب أن تقدم الطلبات الإستعطافية إلى الإدارة إما من طرف الملزمين أو من طرف المحاسبين العموميين.
طلبات الملزمين : في إطار خلق التوازن بين أطراف العلاقة الجبائية المحلية خول المشرع للملزم سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا ,تقديم الشخص الذي فوض له طلب إستعطافي بهدف إبرائه الجزئي من الدين أو تأجيل دفع الضريبة أو تقسيمها , و هذا الأمر يبث فيه من حيث القانون الوزير المكلف بالمالية أو من فوض له ذلك الإبراء أو التخفيف أو من العلاوات و الغرامات و الذعائر وهو ما تم التنصيص عليه في المادة 236 من المدونة العامة للضرائب و المادة 162 من القانون رقم 47.06 [8].
طلبات المحاسبين العموميين : يلزم المشرع المحاسبين العموميين بالقيام باستخلاص الرسوم و الضرائب التي عهد بها إليهم , وتبقى هذه المبالغ مسجلة في سجلاتهم إلا أن يتم دفعها إلى الخزينة , إلا أن قد يتعذر استخلاص هذه الرسوم و الضرائب من الملزمين بها كحالة عجزهم عن الوفاء أو حالة حدوث وفاة تؤدي إلى سقوط أسمائهم من جداول الإستخلاص ,عندها يحق للمحاسب أن يرفع طلبا للإدارة الضريبية بهدف إسقاط المبالغ المتعذرة استخلاصها مع الإدلاء بالشواهد و الحجج التي تبرر الطلب , و يجب تقديم هذا الأخير داخل أجل التقادم .
و إذ لم يقم المحاسب بتقديم الطلب أو غفل تضمينه حجج لازمة إلى أجل مرور التقادم ,ففي هذه الحالة هو من يتحمل المبالغ المالية التي لم يتم استخلاصها [9].
4-النظر و البت في الطلبات الاستعطافية :
إن البت في الطلبات الاستعطافية يدخل ضمن مجال اختصاص السلطة التقديرية للإدارة الجبائية التي تصدر قراراها والذي يمكن أن يكون مقبولا فتقوم إدارة الضرائب بتخفيض مبلغ الرسم أو الجزاءات وذلك حينما تكون للملزم أسباب جدية لتقبل إدارة الضرائب طلبه أما إذا لم إذا لم تكن له أسباب جدية فهي مباشرة ترفض طلبه[10]، ولكن التساؤل المطروح هو هل يحق للملزم في حالة رفض الإدارة لطبه أن يطعن في هذا القرار؟.
وقد تأرجح موقف الفقهاء في ما يخص إمكانية الطعن في قرار وزير المالية أو الداخلية في هذا الصدد بين من يعتبر أن التظلم الاستعطافي لا يفتح مجالا لعرضه أمام القضاء الإداري وليس شرطا مسبقا للجوء إلى المحاكم الإدارية، أما البعض الآخر فيرى أنه بالاستناد إلى المبدأ للمشروعية الذي يأبى أن تكون هناك قرارات محصنة ضد أية مراقبة قضائية رغم مساسها بحق من الحقوق ، وفي هذه الحالة نكون في مجال قضاء المشروعية الذي تعتبر دعوى الإلغاء صيغته الطبيعية ويحق بالتالي للطاعن أن يطالب بإلغاء القرار السلبي
لوزير المالية أو الداخلية[11].
الفقرة الثانية: التظلمات التنازاعية (الوصائية) أمام الإدارة الجبائية المحلية:
يقصد بالمطالبة التنازعية ذلك الطلب الذي يتقدم به الملزم أمام الإدارة الجبائية المحلية لإعادة النظر في قرار جبائي يدعي مخالفة للقانون أو بعده عن الواقع ، كما يمكن تعريفها بأنها التظلمات التي ينازع فيها الملزم في قانونية الواجبات الجبائية المفروضة عليه ويرفض الإقرار بها.
وهذا الصنف من التظلمات نظمه المشرع المغربي في قانون جبايات الجماعات المحلية وخاصة المواد (المواد 161-162 الفقرة الأولى منها ثم المادة 163)[12].
ومن خلال هذه الفقرة سنسلط الضوء على شروط تقديم التظلم الموضوعية (أولا)، ثم في نقطة ثانية نتحدث عن الشروط الشكلية لتقديم التظلم (ثانيا).
أولا: الشروط الموضوعية لتقديم التظلم النزاعي :
يتوجب لصحة التظلم النزاعي الإستجابة لمجموعة من الشروط، يمكن الإشارة إلى أهمها، حيث فضلا عن الصفة والمصلحة والأهلية، هنا كشروط موضوعية وأخرى شكلية.
وتهم هذه الشروط بالأساس تعلق موضوع التظلم بمنازعة حول مجموع أو بعض مبالغ الواجبات الجبائية المفروضة على الملزم، حيث ينص قانون الجبايات المحلية في المادة 161[13]،على كون النزاع ينصب على هذه المبالغ سواء بشكل كلي أو جزئي.
وقد تحاشى النص القانوني تحديد طبيعة المنازعة، وإنما هناك صيغة عامة (المنازعة في مبلغ الواجب الجبائي)، وهو ما يخالف ما ذهبت إليه بعض الكتابات بحصر أوجه هذه النزاعات في حالات محددة، ولعل مرد هذا الخلط يعود إلى التنصيص في المواد 162 من القانون47.06 والمادة 236 من المدونة العامة للضرائب على الحالات الثابتة التي يتوجب فيها على وزير المالية أو الآمر بالصرف أو الأشخاص المفوضين من لدنهما الاستجابة لطلب الملزم وهي ثلاث حالات أساسية[14]:
مبالغ زائدة على المبلغ المستحق.
ضرائب أو رسوم فرضت مرتين.
ضرائب أو رسوم فرضت من غير موجب صحيح.
بينما لم تحدد المواد 161 من القانون رقم 47.06 والمادة 235 من المدونة العامة للضرائب حالات التنازع ، حينما لم يحصر المشرع هذه الحالات التي يمكن فيها رفع التظلم، بالنظر إلى أن الحالات الواقعية قد تتعدد ولا يمكن حصرها بموجب مقتضيات قانونية لأن النص القانون يستحيل أن يحيط بجميع الحالات.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع رتب إمكانية رفع التظلم في إطار مسطرة التصحيح، سواء عادية أو سريعة حينما أقر صلاحية فرض الضريبة أو الرسم من قبل الإدارة بعد رسالة التبليغ الأولى وعدم جواب الملزم في ظرف ثلاثين يوما وبالمقابل منح الملزم إمكانية رفع تظلمه وفق نفس شروط التظلمات النزاعية.[15]
وقد أحسن المشرع صنعا حينما لم يحدد هل تهم المنازعة افتراض وقوع خطأ من جانب الإدارة أم لا، لأنه قد يحدث أن تقع أخطاء من جانب الملزم كتلك التي قد تشوب تصريحاته أو قراراته، وهي حالات جد محتملة بالنظر لصعوبة استيعاب والإحاطة بمقتضيات التنظيم الفني للضرائب الذي قد يستعصي حتى على المختصين في المادة الجبائية، ومن ثم قد يفاجأ الملزم بمبالغ ضريبية لا يتوقعها.
وبالتالي فإن مسطرة المطالبة تتيح له تصحيح أخطاء وقعت من جانبه وليس من جانب الإدارة، وذلك على الرغم من أن المنازعة عموما وبصفة مبدئية تفترض ادعاء حدوث خطأ من جانب الإدارة ولهذا فهي مسطرة متاحة للملزم، بل أن الخطأ قد يقع من جهة ثالثة غير الإدارة الجبائية أو الملزم الضريبي كإدارة البريد مثلا حينما لا تحدد عنوان الملزم بشكل صحيح أو دقيق فينجم عن ذلك تأخير في الأداء مع ما يترتب عنه من جزاءات مالية.
ثانيا: الشروط الشكلية[16]:
تتجلى أهم هذه الشروط فيما يلي:
أن يوجه التظلم إلى الجهة المؤهلة قانونا لتلقي المطالبات وهي : والآمر بالصرف أو مفوضه بالنسبة لجبايات الجماعات المحلية ، وهنا يمكن أن نسجل نوعا من عدم التجانس في ما يتعلق بتأهيل الآمر بالصرف بالجماعات المحلية لتلقي المطالبات بخصوص جميع أنواع الرسوم بالرغم من أن صلاحية البت في المطالبات يتم فيها التميز بين الرسوم التي يتم استخلاصها من طرف المصالح الجبائية للدولة ( الرسم المهني ورسم السكن ورسم الخدمات الجماعية) حيث يبت فيها وزير المالية أو مفوضه بينما يتم البت في باقي الرسوم من قبل الآمر بالصرف أو مفوضه ، وكان من الأولى إقرار نوع من التجانس في ما يتعلق بالجهة المؤهلة لتلقي المطالبات والبت فيها لتوحيدها في نفس الجهاز.
ويطرح التساؤل فيما يتعلق بالجهاز المؤهل لتلقي المطالبات، عن الحالة اليي يتم فيها توجيه التظلم إلى جهة غير مؤهلة لذلك فباستقراء النص يتضح أن توجيه التظلم إلى جهة إير مختصة حتى ولو تم داخل الأجل لا يعتد به، ونفس الشيء فيما لو تقدم الملزم بمطالبته إلى الجهة المختصة بعد مرور الأجل حتى لو سبق له توجيهها خطأ داخل الأجل إلى جهة غير مختصة. وقد تصدى القضاء الإداري بتظلماتهم الإدارية في العديد من القرارات كما هو الشأن بالنسبة لقرار المجلس الأعلى 13/94 بتاريخ 1994/10/09 الذي اعتبر أن التظلم الموجه إلى جهة غير مختصة متى كان له صلة بموضوعه ينتج أثره القانوني في حال ثبوت عذر عدم العلم بالجهة المختصة لدى الطاعن[17].
صيغة التظلم يجب أن تكون كتابية وأن تتضمن البيانات اللازمة للتعريف بالملزم وبموضوع النزاع، وقد ثور التساؤل فيما يتعلق بحضورية المسطرة وهل يمكن للملزم تقديم تظلمه عبر البريد أو بطريقة إلكترونية، حي يحجم النص القانوني عن التنصيص على مثل هذه الإمكانية بشكل صريح، إلا أن التطورات الحاصلة في هذا المجال تقتضي إتاحة الفرصة للملزمين بتقديم تظلماتهم بالطريقة الإلكترونية إن اقتضى الحال عبر البريد ما دامت هذه الإمكانية متاحة لهم على مستوى الإقرارات وعلى مستوى الأداء.
احترام آجال التظلم: وقد عمد المشرع إلى توحيد هذه الآجال وحددها في ستة أشهر لانصرام الآجال المقررة بالنسبة لأداء الرسوم أو الضرائب بصفة تلقائية، وفي حالة فرض الضرائب أو الرسوم عن طريق جداول أو قوائم الإيرادات أو أوامر الاستخلاص خلال الستة أشهر الذي يقع فيه صدور الأمر بتحصيلها سواء فيما يتعلق بجبايات الجماعات المحلية أو بجبايات الدولة.
وتعتبر هذه الآجال من النظام العام، كما أنها آجال كاملة بحيث لا يعتبر في حسابها اليوم الأول من الأجل ويوم حلول الأجل.
المطلب الثاني : التظلم اللجاني:
عندما لا يتم التوصل الى حل النزاع الجبائي في المسطرة التواجهية للتصحيح يمكن اللجوء إلى تحكيم اللجان المحلية لتقدير الضريبة[18] التي تتولى النظر في المنازعات المعروضة عليها وفق الإجراءات المنصوص عليها في القانون و داخل الاجال القانونية ,و يتم اللجوء إليها من طرف الملزم الذي خول له القنون إمكانية تحريك مسطرة الطعن أمامها , فحق الملزم في التوجه إلى هذه اللجان حق عام لا يحد منه سوى احترام الإجراءات المسطرية و كذا اختصاص تلك اللجان المحلي و النوعي.
وفي هذا الإطار سنتناول في هذا المطلب تشكيل اللجان الضريبية المحلية و و مجال اختصاصها (الفقرة الأولى)، و مسطرة الطعن أمام اللجنة المحلية(الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى : تشكيل اللجان الضريبية المحلية واختصاصها :
حاول المشرع الضريبي المغربي من خلال اللجان المحلية لتقدير الضريبة ضمان تمثيلية للملزمين بالضريبة كصوت معادل لصوت الإدارة الضريبية فكيف تتأسس هذه اللجان (أولا)، ثم ما هو الاختصاص النوعي والمحلي لهذه اللجان (ثانيا).
أولا: تشكيل اللجان الضريبية
بالرجوع إلى المادة 157 من القانون 47.06 نجدها تنص على مجموعة من الشروط من أجل تشكيل اللجنة الضريبية المحلية[19]، كما أنه باستقراء المادة 225 من المدونة العامة للضرائب يتضح أن هذه اللجان تتكون من تمثيلية عادية وهي مؤلفة من:
قاضي بصفته رئيسا: تتم رئاسة اللجنة المحلية لتقدير الضريبة من طرف قاضي لكونه الأكثر قدرة للتمييز بين المسائل المتعلقة بتفسير نصوص تشريعية وتنظيمية وغيرها والهدف من هذا التعيين هو ضمان الحياد والمصداقية في العمل، إلا أنه كان يجب على المشرع هو تحديد الجهة القضائية المسؤولة عن رئاسة اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ، بل أكثر من ذلك كان ينتظر من القانون 47.06 التنصيص على رئاسة اللجنة المحلية لتقدير الضريبة من لدن أحد قضاة المحاكم الإدارية نظرا لتجربتهم وخبرتهم في تعاملهم مع القضايا الجبائية شريطة الزيادة من عدد المحاكم الإدارية قصد تيسير حضور المازم اجتماعات اللجنة. وتجدر الإشارة أن القاضي عند وجوده داخل اللجنة يمارس وظيفة إدارية وليست قضائية[20].
ممثلا لعامل العمالة أو الإقليم الواقع مقر اللجنة بدائرة اختصاصه: ويعين من بين الموظفين العاملين تحت إمرته بصفته ممثل للسلطة التنفيذية ويعتبر رابط الوصل بين سكان العمالة والسلطة المركزية، كما يكمن دور هذا الممثل في الموازنة بين مصلحة الملزم ومصلحة الإدارة الجبائية، وهذا الأمر يتميز به التشريع الضريبي المغربي مقارنة مع التشريعات الفرنسية والمصرية التي لا تعترف بضرورة تمثيل السلطة المحلية أو آية سلطة أخرى باستثناء إدارة الضرائب المعينة مباشرة بتأسيس الضريبة ومراقبتها[21].
رئيس المصلحة المحلية للضرائب أو ممثله الذي يقوم بمهمة الكاتب المقرر: يمثل الإدارة الضريبية في اللجنة المحلية و يقوم بمهمة إعداد و تلاوة تقرير الملف ,مستعرضا أهم الإشكالات المطروحة ,و هو من يقوم بمهمة توجيه الإستدعاءات و و الإخبار بتاريخ انعقاد اجتماع اللجنة (يقوم بمهام كتابة الضبط ),إضافة إلى مشاركته في مناقشة الملف و الإدلاء بملاحظاته و المشاركة في التصويت باعتباره عضوا من أعضاء اللجنة [22] .
ممثل الخاضعين للضريبة: ويكون تابعا للفرع المهني الأكثر تمثيلا للنشاط الذي يزاوله الطالب. بحيث يتكلف بإعداد تقرير عن الملف موضوع النزاع الذي يتضمن الإشكالات المطروحة؛ بالإضافة إلى قيامه بتوجيه الاستدعاءات باسم رئيس اللجنة أو الملزمين. وتجدر الإشارة أن وجود ممثلي الملزمين شرط إلزامي لصحة مداولات اللجنة في اجتماعها الأول[23].
فبالنظر لتشكيلة هذه اللجان، للملزم ضمانتين هامتين تحصنه من سيطرة الإدارة وتمس باستقلال المؤسسة القضائية، والضمانة الثانية لفائدة الملزم تتمثل في تمثيلية أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة عبر الفرع المهني الأكثر تمثيلا، يعني ضمان مشاركة الملزم في صنع القرار الضريبي.
و نستشف مما سبق أن وجود ممثل للملزمين ضمن هيكلة اللجان المحلية من شأنه أن يضفي نوعا مل من التوازن على قراراتها , و إن كان هذا يتطلب أن يكون الشخص المعين في المستوى المطلوب و على دراية تامة ليس فقط في القطاع الذي يمثله بل كذلك بالتقنيات الجبائية .[24]
ثانيا: اختصاص اللجنة المحلية:
يتوزع اختصاص اللجنة المحلية لتقدير الضريبة بين الاختصاص النوعي أي النزاعات التي تدخل في اختصاصها ( أ )، والاختصاص المحلي أو المكاني أي مجال اختصاص اللجنة المحلية ( ب ).
الاختصاص النوعي
فمن حيث اختصاصها النوعي فإن هذه اللجان تبت في النزاعات المعروضة على أنظارها بإستثناء أن هذا التدخل لا يشمل كل النزاعات بين الإدارة والملزم فالإدارة لا تتدخل إلا عند الاخلال بمسطرة التصحيح التواجهية مما يعني مخالفته أنه لا يحق لها التدخل بعد انتهاء المواجهة أو خلال مسطرة الفرض التلقائي للضريبة. أي ممنوعة من تفسير المقتضيات القانونية والتنظيمية.
والقانون رقم 47.06 لم يخرج عن ما هو مقرر مبدئيا وذلك بمنع اللجان الضريبية المحلية من البت في المسائل المتعلقة بتفسير النصوص التشريعية والتنظيمية وهذا ما أكدته الفقرة الثانية من المادة 157 على أن اللجان الضريبية يجب عليها أن تصرح بعدم اختصاصها في المسائل التي ترى أنها تتعلق بتفسير نصوص تشريعية أو تنظيمية[25].
الاختصاص المكاني
حيث لا تنظر اللجنة المحلية إلا في النزاعات بين الإدارة والملزم الكائن مقرها الرئيسي أو سكناهم المعتمدة في دائرة نفوذ اللجنة.
وبناء على ما سلف يتبين أن المشرع جعل اللجنة المحلية تختص بالنظر في الطعون التي يقدمها الخاضعون للرسوم المحلية وذلك عندما يوجد الطاعن بدائرة اختصاصها أحد العناصر التالية:
الموطن الضريبي للطاعن (مقر السكن الرئيسي).
المقر الاجتماعي للطاعن.
المؤسسة الرئيسية للخاضع للرسم المحلي.
وكنتيجة لما سلف يجب على اللجنة المحلية لتقدير الضريبية أن تصرح بعدم اختصاصها إذا لم يتوفر الطاعن على الموطن الضريبي أو المقر الاجتماعي، ووجود المؤسسة الرئيسية داخل دائرة اختصاصها، لذلك يعد نظرها في النزاعات التي لا تتوفر على العناصر السابقة مخالفا للقانون رقم 47.06[26].
الفقرة الثانية : مسطرة الطعن أمام اللجنة المحلية:
من خلال المادة 157 من القانون 47.06 نجد أن المشرع قد أحاط اللجوء إلى اللجان المحلية بمجموعة من الشروط و الآجال,و التي يتعين على الملزم احترامها لقبول طلبه , كما حدد مجموعة من الشكليات و الإجراءات التي يتعين على اللجنة سلوكها للبت في النزاع المعروض عليها [27].
وسنعالج هذه الفقرة من خلال تناول شروط و آجال اللجوء إلى اللجان المحلية (أولا) تم طرق عملها (ثانيا) و أخيرا طبيعة مقرراتها (ثالثا).
أولا: شروط و آجال اللجوء إلى اللجان المحلية:
لقد اشترط المشرع أن يبادر الملزم إلى تقديم طعنه أمام اللجنة المحلية داخل أجل 30 يوما من تاريخ من تاريخ تسلمه رسالة التبليغ الثانية , دون أن يكون عليه الإنظار إلى حين صدور جداول تحصيل الرسوم , و يستشف من هذا أن المشرع إشترط لقبول الطعن أمام اللجان الضريبية التقيد بشرطين أساسيين:
توجيه عريضة الطعن إلى رئيس اللجنة :أعطى المشرع ضمانة للملزم في توجيه عريضة الطعن ,تتمثل في الإستغناء عن توجيه الطعن بوساطة الآمر بالصرف بإعتباره الطرف الخصم في النزاع[28] ,و الملاحظ أيضا في القانون 47.06 أن المشرع من خلال المدة 157 من القانون نفسه لم يحدد و لم يشر إلى البيانات الواجب تضمينها في العريضة الموجهة للجنة ,غير أن القواعد العامة المتعارف عليها أوجبت أن تحمل العريضة توقيع الملزم بالإضافة إلى الشكليات التي تربط الملزم بالإدارة الجبائية.
2-أن يكون الطعن داخل الآجال المحددة: يتبين من خلال المادتين 155 و 156 المتعلقة بالمساطر الجبائية أن الملزم في حالة عدم جوابه عن رسالة التبليغ الثانية من أجل تصحيح الرسوم الجبائية يملك حق 30 يوما لتقديم طعنه أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة[29] .
ثانيا : طرق عمل اللجنة المحلية [30]:
يتضح منخلال قانون رقم 06-47 أن المشرع ألزم اللجنة عند ما يقدم إليها طعن من طرف الملزم أن تقوم بإخبار الأمر بالصرف بذلك في رسالة موصى بها مع الإشعار بالتوصل عملا بمقتضيات المادة 152 من قانون رقم 06-47 المتعلقة بإجراءات وكيفية التبليغ كما نستشف كذلك أن اللجنة تقوم بتبليغ الأمر بالصرف بنسخة من العريضة المضمنة للطعن للإطلاع على الملف الضريبي موضوع النزاع .
وقد خول المشرع للجنة إمكانية الاستعانة بكل إجراء تراه ضروريا ومناسبا للفصل في المنازعة الجبائية المعروضة عليها ، إذ بإمكانها عقد عدة جلسات باستدعاء من رئيسها كلما تطلب الأمر ذلك، وتعقد اللجنة جلساتها بعد استدعاء أعضاؤها من طرف المقرر بأمر من رئيسها عن طريق رسالة مضمونة الوصول وفق إجراءات التبليغ المنصوص عليها في المادة 152.
علاوة على ذلك للجنة صلاحية في أن تستدعي فيما يخص كل قضية خبيرين اثنين على الأكثر تعينهما من بين الموظفين أو الملزم إذا رأت ذلك ضروريا للاستثئاس بصوتهما الاستشاري[31]،ويتم اللجوء إلى الخبير متى كانت هناك مسائل تقنية معقدة استعصى على اللجنة حلها، كما أن اللجنة لا تتقيد برأي الخبير خلال البت في المنازعة الجبائية .
كما أنه وأثناء المناقشة والتداول بخصوص المنازعة يمكن للجنة المحلية لتقدير الضريبة أن تستمع لطرفي النزاع[32] كل على حدة أو هذه المواجهة ضرورية، ويعتبر هذا الإجراء من أهم الضمانات التي توفرها طبيعة أعمال اللجنة ، بحيث تمكن كل طرف من إبداء ملاحظاته وتقديم إيضاحاته الإضافية ليدعم بها موقفه خصوصا عند المواجهة الحضورية التي تنظمها اللجنة بين طرفي النزاع، والطاعن الذي يود بسط قضيته أمام اللجنة يتعين عليه أن يلتمس استدعاؤه للحضور في عريضة الطعن المقدمة من طرف اللجنة وإلا اتخذت هذه الأخيرة قرارها في غيبته واكتفت بمجرد إعلامه بتاريخ الجلسة ، ولكن إذا رأت اللجنة ضرورة الاستماع إلى الخاضع للرسم أو ممثله فإنها تبقى ملزمة باستدعائه بصفة قانونية وإلا كان المقرر الصادر عنها في غياب الخاضع للرسم ودون استدعاءه فيه مخالفة للقانون ويتعين إلغاؤه [33].
ثالثا: مقررات اللجنة المحلية لتقدير الضريبة
بعد مناقشة نقط النزاع دون التوصل إلى حل يرضي الطرفين ( الإدارة والملزم ) ينهي رئيس اللجنة مرحلة الاستماع إلى دفوعات الأطراف ليدخل النزاع مرحلة المداولة، وتبث اللجنة في الأمر بصورة صحيحة إذا حضرها ثلاثة أعضاء على الأقل من أعضائها من بينهم الرئيس وممثل للملزمين وتتداول بأغلبية أصوات الحاضرين وإذا تعادلت الأصوات رجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس[34] ولا يملك حق التصويت أثناء مرحلة اتخاذ القرار إلا الأعضاء المنتمون إلى اللجنة دون الخبراء الذي يقتصر دورهم على الاستشارة فقط .
وما كان يؤخذ على المشرع المغربي من خلال القانون القديم رقم 89-30 هو أنه لم يكن ينص صراحة على وجوب تعليل مقررات لجنة العمالة أو الإقليم وهو ما يفرغ حق الطعن المخول للملزم أو الإدارة من محتواه ، الأمر الذي تداركه القانون الجديد المتعلق بالجباية المحلية رقم 06 – 47 وأكد في إحدى فقرات المادة 157 منه على أنه ” يجب أن تكون مقررات اللجان المحلية مفصلة ومعللة “[35].
ويعتبر النص على ضرورة تسبيب اللجنة لمقرراتها ضمانة هامة للملزمين ويبعث الطمأنينة والثقة في نفوسهم إذ معنى تسبيب وتعليل مقرر اللجنة أنها أطلعت على كافة وقائع النزاع وجميع المستندات والوثائق المقدمة وأحاطت بالطعن من كافة الجوانب وأرست الآثار القانونية الصحيحة ، كما أن تعليل مقررات اللجنة المحلية يساعد على مراقبة شرعيتها من طرف القضاء في حالة التقدم بطعن قضائي ضدها .
ويجب ان يصدر مقرر اللجنة في الأجل المحدد وهو اثني عشر (12) شهرا ابتداءا من توجيه الطعن إلى اللجنة حيث نجد المادة 157 من قانون رقم 06 – 47 قد حددت آجال 12 شهرا كأجل أقصى مخول للجنة للفصل في النزاع ويحتسب بين تاريخ تقديم الطعن وتاريخ صدور المقرر المتخذ في شأنه[36] .
ويبلغ المقرر المتخذ من قبل مقرر اللجنة إلى طرفي النزاع -الإدارة الملزم- مع تخويلها حق الطعن أمام القضاء وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 164 من نفس القانون[37] .
من خلال التعرض لطبيعة النزاع الجبائية خلال المرحلة الإدارية يمكن أن نستنتج ان هذه المرحلة هي مرحلة تواجهية بين الملزم والإدارة الجبائية سواء من خلال التظلمات الاستعطافية أو النزاعية أو التظلم اللجاني يتم خلال سلك مختلف السبل لتليين العلاقة وتحقيق مكاسب لكل طرف سواء من طرف الملزم الذي يحاول خلال كل محطة كسب عطف الإدارة لمنحه تخفيضا أو إعفاءا تاما للرسم بسبب عسره المادي، أو من طرف الإدارة التي تحاول تحصيل ديونها وتعبئة الخزينة بكل الطرق منتهجة الصلاحيات المخولة لها قانونا من خلال مساطر التصحيح العادية منها أو السريعة .
وعموما فالمرحلة ما قبل القضائية في النزاع الجبائي المحلي هي محطة ضرورية لمعرفة حاجيات ومطالبات كل طرف قبل عرض النزاع على القضاء كما ان التجربة أثبت أن أغلب المنازعات الجبائية يتم تسويتها في هذه المرحلة مقارنة مع تلك المعروضة على القضاء وهذا ما يدل على تقارب وجهات نظر طرفي العلاقة الجبائية من خلال التحاور المباشر والمواجهة الحضورية [38].
فماذا يمكن القول عن المنازعة الجبائية خلال المرحلة القضائية؟ هذا هو موضوع الفصل الموالي .
[1] – عبد العزيز امبخرة , “المنازعات في الجبايات المحلية “رسالة لنيل شهادة الماستر في قانون المنازعات , بجامعة المولى أسماعيل ب مكناس , سنة 2007/2008. صفحة 59 .
[2]– ويأتي ذلك طبقا لمبدأ حماية الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، وعلى اعتبار أن الإدارة الجبائية المحلية منحها المشرع المغربي مجموعة من الامتيازات كسلطة المراقبة والتفتيش وسلطة تصحيح الرسوم وتنزيل الجزاءات، فإن المشرع في المقابل أعطى للملزم إمكانية لينازع الإدارة أو يستعطفها سواء على مستوى الوعاء أو على مستوى التحصيل.
[3]– المحجوب الدربالي ” المنازعات الجبائية المحلية في ضوء المستجدات القانونية وآخر الاجتهادات القضائية “، ط الأولى 2015، ص:20.
[4] -كما أن المادة 39 من قانون90-41 المحدث للمحاكم الإدارية تنص على إلزامية المرور بالمرحلة الإدارية قبل الولوج إلى القضاء.
[5]المحجوب الدربالي: م.س، ص: 41-42.
[6] – عبد العزيز امخبرة ,م.س,ص 63,64
[7] – عبد العزيز امخبرة ,م.س,ص 64
[8] – يونس مليح , “مسطرة التظلمات الإدارية أمام أنظار الإدارة الضريبية :شروطها و اجالها,و دلالاتها.”مجلة المنارة للدراسات القانونية و الإدارية , عدد خاص 2018 , ص 99 .
[9] -يونس مليح , مرجع سابق ,ص100 ,101.
[10]– المحجوب الدربالي، م.س، ص: 43.
[11]جعفر حسون ” الطبيعة القانونية للمنازعات الضريبية “، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد رقم 4، 1996، ص:53.
[12]ويقابل هذه المواد (المادة 235 – 236 الفقرة الأولى منها م المادة 237) من المدونة العامة للضرائب.
[13]وتقابلها المادة 235 من المدونة العامة للضرائب.
[14] – عبد العزيز امخبرة ,م.س,ص69 , 70 , 71
-[15]راجع المواد 155-156 من القانون رقم 47.06.
[16] – للمزيد من الإطلاع أنظر “مسطرة التظلمات الإدارية أمام أنظار الإدارة الضريبية :شروطها و اجالها,و دلالاتها.”مجلة المنارة للدراسات القانونية و الإدارية , ليونس مليح عدد خاص 2018 ,ص 105 و 106 و 107 ,109.
[17]أورده عزيز بودالي ” شروط الدعوى الضريبية في المرحلة الإدارية”، أعمال الندوة الوطنية حول المنازعات الضريبية، يومي 4و5 دجنبر 2009 ، مطبعة سلسبيل الطبعة الأولى يوليوز 2010 ،ص:42.
[18] – كان يطلق عليها في ظل القانون 30,89 بلجنة العمالة أو الإقليم .
[19] – عبد العزيز امخبرة ,م.س,ص 103.
[20]المحجوب الدربالي: المنازعات الجبائية المحلية…، مرجع سابق، ص: 71.
[21] – عبد العزيز امخبرة ,م.س,ص 103 , 104.
[22]– السعدية شنوف ” دور اللجان الضريبية في فض المنازعات الجبائية ” مجلة المنارة للدراسات القانونية و الإدارية , عدد خاص 2018 , ص 150 .
[23] المحجوب الدربالي: المنازعات الجبائية المحلية، مرجع سابق، ص: 73.
[24] – عبد العزيز امخبرة ,م.س,ص107.
[25] – عبد العزيز امخبرة ,م.س,ص 111.
[26]المحجوب الدربالي: المنازعات الجبائية المحلية… مرجع سابق، ص: 78.
[27] – عبد العزيز امخبرة ,م.س,ص114.
[28] – عبد العزيز امخبرة ,م.س,ص115.
[29] – عبد العزيز امخبرة ,م.س,ص115
[30] – عبد العزيز امخبرة ,م.س,ص 117
[31] -المادة 157 من قانون رقم 06 – 47.
[32] -ممثل أو ممثلي الملزمين ،وممثل أو ممثلي الإدارة المعنية
[33] – حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء رقم 384 بتاريخ 30/9/1998 منشور بالمجلة المغربية للإدارة والتنمية ( سلسلة مواضيع الساعة عدد 9 سنة 1996ص : 198.
[34] – المادة 157 من قانون رقم 06-47.
[35] – عبد العزيز امخبرة ,م.س,.ص 119.
[36] – على سبيل المقارنة القانون القديم 89/30 كان يحدد الآجال المخصصة للجنة العمالة أو الإقليم لإصدار مقرراتها في أربعة أشعر ابتداء من تاريخ تقديم الطعن من طرف الملزم ( الفقرة 4 من المادة 14 من قانون رقم 89-30 ).
[37] – عبد العزيز امخبرة ,م.س, ص120
[38]– عبد العزيز امخبرة ,م.س,.ص127.