دراسات قانونيةسلايد 1

اضاءات قانونية حول الالتزام بالمطابقة في عقد البيع الدولي وفقاً لأحكام اتفاقية فيينا

الالتزام بالمطابقة في اتفاقية فيينا “لعقد البيع الدولي للبضائع” والحق في الحبس طبقاً للاتفاقية

1 – الالتزام بالمُطابقة “Obligation of Conformity”:
النص القانوني:
تنص المادة 30 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع (المعروفة اختصاراً بـ: “اتفاقية فيينا 1980”) على أنه:
“يجب على البائع أن يُسلم البضائع، والمُستندات المُتعلقة بها، وأن ينقل ملكية البضائع، على النحو الذي يقتضيه العقد وهذه الاتفاقية”.
وذلك في أول مادة من الفصل الثاني الخاص بالتزامات البائع، بما ينبئ بأن ذلك الالتزام هو الالتزام الأساسي والرئيسي على عاتق البائع.

UNITED NATIONS CONVENTION ON CONTRACTS FOR THE INTERNATIONAL SALE OF GOODS (1980) [CISG].
Chapter II: “OBLIGATIONS OF THE SELLER”.
Article 30:
“The seller must deliver the goods, hand over any documents relating to them and transfer the property in the goods, as required by the contract and this Convention”.ومن ثم، يلتزم البائع – وفقاً لهذه الاتفاقية – بأن يقدم البضائع، والمستندات الخاصة بها، مُطابقة تماماً لما تم الاتفاق عليه في عقد البيع، ولما يفرضه عليه القانون في هذا الشأن، وهذا الالتزام يطلق عليه “الالتزام بالمُطابقة”.

2 – تعريف الالتزام بالمُطابقة:
ويُعرف فقه القانون التجاري “الالتزام بالمُطابقة” بأنه: “تعهد محله عمل يلتزم به البائع بتقديم البضاعة والمستندات الخاصة بها وفقاً لما يفرضه العقد والقانون”. (لطفاً، المصدر: “الالتزام بالمُطابقة في عقد البيع الدولي للبضائع وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة – فيينا 1980″، رسالة دكتوراه مُقدمة من/ جمال محمود عبد العزيز، لكلية الحقوق جامعة القاهرة، في عام 1996، بند 3، صـ 2. رقم الإيداع بدار الكتب المصرية 8418 لسنة 1996).

3 – الالتزام بالمُطابقة، التزام بتحقيق نتيجة:
والتزام البائع بالمُطابقة، هو التزام بتحقيق نتيجة “Obligation de Résultat”، (وليس فقط التزاماً ببذل عناية)، والنتيجة التي يلتزم البائع بتحقيقها هي: تقديم البضائع والمستندات الخاصة بها وفقاً لما يستلزمه العقد ويفرضه القانون الواجب التطبيق، سواء كان قانوناً وطنياً أم اتفاقية دولية. (لطفاً، المصدر: رسالة الدكتور جمال محمود عبد العزيز، المرجع السابق، بند 4، صـ 2 و 3).
الدليل على ذلك: ويؤكد هذا النظر: أن اتفاقية فيينا 1980 عند استعراضها لالتزامات البائع بينت أنه “يجب على البائع أن يُسلم البضائع … على النحو الذي يقتضيه العقد وهذه الاتفاقية” (المادة 30 من اتفاقية فيينا 1980). وإذا كان هذا النص لا يُشير صراحة إلى مفهوم “المُطابقة”، إلا أنه يمكن استخلاص هذا المفهوم من عبارة: “على النحو الذي يقتضيه العقد”، كما أعادت الاتفاقية التأكيد على هذا الالتزام عندما تعرضت للمُطابقة المادية (في المادة 35 من الاتفاقية)، والمطابقة القانونية (المادة 41 من الاتفاقية)، والمطابقة المُستندية (المادة 34 من الاتفاقية). كما أن القواعد الدولية لتفسير المُصطلحات التجارية “INCOTERMS” قد أكدت ذلك – في آخر مراجعة لها في عام 1990 – بنصها على أنه: “على البائع تقديم البضاعة والفاتورة التجارية أو الوثيقة الإلكترونية المُماثلة، طبقاً لعقد البيع أو أية وثيقة أخرى قد يتطلبها العقد”. (المصدر: المرجع السابق، نفس الموضع).
آثار ذلك: ويترتب على ما تقدم، في شأن وصف التزام البائع بالمُطابقة، بأنه التزام بتحقيق نتيجة (وليس فقط ببذل عناية)، عدة آثار من أهمها ما يلي:
أولاً- من ناحية مسئولية البائع العقدية: حيث أن إخلال البائع بتنفيذ التزامه التعاقدي، يرتب مسئوليته العقدية، بمعنى أنه إذا تعهد البائع بتقديم البضاعة والمستندات الخاصة بها وفقاً لما يفرضه عليه العقد والقانون، ثم أخل بتنفيذ هذا التعهد، فإن هذا يمثل خطأ في جانب البائع، يتمثل في عدم تحقق النتيجة التي كان يبتغيها المُشتري، حتى ولو بذل البائع كل ما في وسعه للعمل على تحقيق تلك النتيجة التي يبتغيها المشتري.
ومن ثم يعتبر البائع مسئولاً في مواجهة المُشتري لعدم مُطابقة البضاعة (المُطابقة المادية)، أو تعرض الغير للمشتري (المطابقة لقانونية)، أو عدم مُطابقة المُستندات لما تم الاتفاق عليه (المُطابقة المُستندية)، وعدم تحقيق الغاية التي كان ينتظرها المُشتري من العقد الذي أبرمه مع البائع، وهي (أي تلك الغاية) تقديم البضاعة مُطابقة بجوانبها الثلاث (مادية وقانونية ومستندية). وتظل هذه المسئولية تثقل كاهل البائع، ولو بذل غاية جهده لتحقيق تلك النتيجة المرجوة، ما دامت لم تتحقق بالفعل.
ثانياً- من ناحية إثبات إخلال البائع بهذا الالتزام: فإذا كان هناك التزام ببذل عناية، فإن من يدعي الإخلال بهذا الالتزام، يُكلف بإثبات ادعائه، أي بإثبات التقصير في جانب الملتزم، بينما إثبات عدم تنفيذ الالتزام بتحقيق نتيجة، لا يحتاج إلى إثبات تقصير ما في جانب الملتزم بل لا يحتاج إلى أكثر من إثبات عدم تحقق تلك النتيجة التي يضمنها المدين بهذا الالتزام، وإثبات ذلك أيسر بالنسبة للمشتري مما لو كان التزام بوسيلة أو بذل عناية. وتطبيقاً لذلك يكفي عدم تحقق مُطابقة البضاعة لما تم الاتفاق عليه، لإثبات إخلال البائع بالتزامه بالمُطابقة (مهما كان قد بذل من جهد في هذا الشأن). (المصدر: المرجع السابق، بند 5، صـ 4 و 5).

4 – المُطابقة والتسليم:
وبديهي أن “التزام البائع بالمُطابقة” يختلف ويستقل عن “التزام البائع بالتسليم”، فمفهوم التسليم – وفقاً لاتفاقية فيينا 1980 – يعني أنه عملية مادية يتم من خلالها وضع البضاعة المبيعة تحت تصرف المشتري في الزمان والمكان المُعينين في العقد. وعلى ذلك فقد يقوم البائع بتنفيذ التزامه “بالتسليم” – طبقاً للمفهوم السالف – ورغم ذلك فإن الفائدة من إبرام عقد البيع الدولي للبضائع لا تتحقق للمشتري، إذا كانت البضاعة غير مُطابقة لما يرجوه ويأمله المشتري من تعاقده، أي غير مطابقة للعقد. مع الأخذ في الاعتبار عدم استقلال وانفصال كلا الالتزامين عن بعضهما تماماً، حيث أن التسليم هو السبيل لتحقيق المُطابقة، لا سيما أن وقت تقدير مُطابقة البضائع، هو وقت تسليمها. وكذلك فالتسليم لا يؤتي ثماره المرجوة، إلا إذا الالتزام بالمُطابقة صحيحاً. هذا وقد عنيت اتفاقية فيينا 1980 بالالتزام بالمطابقة وأفردت لها العديد من نصوص المواد بها بالمقارنة بالالتزام بالتسليم. (المصدر: المرجع السابق، بند 7، صـ 6، وبند 20، صـ 19).

5 – وقت توافر المُطابقة:
تنص الفقرة الأولى من المادة 36 من اتفاقية فيينا 1980 على أنه:
“يُسأل البائع، وفقاً لشروط العقد وأحكام هذه الاتفاقية، عن كل عيب في المُطابقة يوجد وقت انتقال التبعة إلى المُشتري، وإن لم يظهر هذا العيب إلا في وقت لاحق.
وكذلك يُسأل البائع عن كل عيب في المُطابقة يظهر بعد الوقت المشار إليه في الفقرة السابقة، وينسب إلى عدم تنفيذ أي من التزاماته، بما في ذلك الإخلال بأي ضمان يقضي ببقاء البضائع خلال مدة معينة صالحة للاستعمال العادي أو للاستعمال الخاص، أو محتفظة بصفاتها أو بخصائصها”.
Article 36:
(1) The seller is liable in accordance with the contract and this Convention for any lack of conformity which exists at the time when the risk passes to the buyer, even though the lack of conformity becomes apparent only after that time.
(2) The seller is also liable for any lack of conformity which occurs after the time indicated in the preceding paragraph and which is due to a breach of any of his obligations, including a breach of any guarantee that for a period of time the goods will remain fit for their ordinary purpose or for some particular purpose or will retain specified qualities or characteristics.

ومفاد هذا النص، أن التزام البائع بالمُطابقة، يقوم بصفة عامة، عند تسليم البائع البضاعة إلى المُشتري، إذ تربط الاتفاقية بصفة عامة بين انتقال تبعة الهلاك والتسليم، لذا لا تأثير لم يحدث للبضاعة بعد ذلك من تلف، على وفاء البائع بهذا الالتزام، ومع ذلك يظل البائع مسئولاً عن عدم المُطابقة الذي يظهر بعد انتقال تبعة الهلاك أي بعد تسليم البضاعة إلى المشتري، إذ لا يتمكن الأخير عادة من اكتشاف ما قد يكون بالبضاعة من عيوب خفية عند الفحص الأولي للبضاعة، لذلك فإن البائع يُسأل عن أي عيب في المطابقة يثبت وجوده قبل انتقال تبعة الهلاك، ولو لم يظهر إلا بعد ذلك، ما دام الثابت أن عناصر العيب كانت موجودة في البضاعة قبل تسليمها إلى المُشتري.
ويُسأل البائع أيضاً عن أي عيب في المُطابقة يحدث بعد الوقت المُشار إليه فيما تقدم، إذا كان العيب راجعاً إلى إخلاله بأي التزام من التزاماته العقدية، بما في ذلك إخلاله بالالتزام بالضمان خلال فترة معينة، يتعين أن تظل فيها البضاعة صالحة لتحقيق الغرض المعتاد منها، أو لتحقيق غرض خاص منها، أو تظل محتفظة بصفات أو خصائص معينة (المادة 36/2) ويشير هذا الحكم إلى الحالة التي يحدد فيها عقد البيع فترة زمنية معينة، يضمن فيها البائع سلامة البضاعة، فيظل مسئولاً عن ذلك، ولو بعد انتقال تبعة الهلاك إلى المشتري (بتسليم البضاعة إليه). (المصدر: “العقود التجارية الدولية – دراسة خاصة لعقد البيع الدولي للبضائع” – للدكتور/ محمود سمير الشرقاوي – دار النهضة العربية، الطبعة الثانية 2002 القاهرة – بند 96 – صــ 139 وما بعدها. رقم الإيداع بدار الكتب 10312 لسنة 2001).

6 – المُطابقة المادية:
التزام البائع بالمُطابقة، يتضمن ثلاث أنواع من التطابق، المُطابقة المادية، والمُطابقة القانونية، والمُطابقة المُستندية. وما يهُمنا في هذه الدعوى هو: “المُطابقة المادية”.
مفهوم المُطابقة المادية يؤدي إلى فكرة غاية في البساطة، وهي أنه يجب على المُشتري أن يتسلم – بحق – الشيء الذي كان محلاً للعقد، ولا يجوز إجباره على قبول بضائع لا تتفق مع الشروط المُتفق عليها تعاقدياً.
ومعيار المُطابقة المادية، أي وجود ضابط تستند إليه، للحكم بصدد ما إذا كانت البضاعة مُطابقة لما تم الاتفاق عليه أم لا. وهذا المعيار هو “العقد”، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 35 من اتفاقية فيينا 1980 على أنه:
“على البائع، أن يُسلم بضائع تكون كميتها ونوعيتها وأوصافها، وكذلك تغليفها أو تعبئتها، مُطابقة لأحكام العقد”.
Article 35:
(1) The seller must deliver goods which are of the quantity, quality and description required by the contract and which are contained or packaged in the manner required by the contract.

فتبين الاتفاقية القاعدة العامة التي تحكم عناصر المُطابقة المادية، بتحديدها نطاق التزام البائع بالمُطابقة، طبقاً لنصوص العقد، أي أن العقد هو معيار المُطابقة المادية وفقاً لاتفاقية فيينا 1980، “فكل ما يشترطه العقد في البضاعة من صفات يكون عنصراً في ذاتيتها ويجب أن تتضمنه عند تسليمها إلى المُشتري، وإلا فإن البائع يكون قد تخلف عن تنفيذ التزامه بضمان المُطابقة”. (المصدر: “اتفاقية الأمم المُتحدة بشأن البيع الدولي للبضائع” – للدكتور/ مُحسن شفيق – دار النهضة العربية 1988 القاهرة – بند 203 – صـ 144).
في حالة عدم النص عليها في العقد: المُطابقة يجب أن تستند إلى عقد البيع، حتى في الفرض الذي لا يُحدد فيه عقد البيع أوصاف البضاعة، إذ أن اتفاقية فيينا عرضت للشروط التي يجب أن تتوافر بها المُطابقة عند إغفال العقد ذلك (الفقرة الثانية من المادة 35 من اتفاقية فيينا 1980)([1])، وتعد هذه الشروط بمثابة قواعد مكملة لإرادة الطرفين، بحيث تستند المُطابقة في نهاية الأمر إلى شروط العقد الصريحة أو التي تحددها الاتفاقية مكملة بذلك إرادة الطرفين. (المصدر: “العقود التجارية الدولية – دراسة خاصة لعقد البيع الدولي للبضائع” – للدكتور/ محمود سمير الشرقاوي – المرجع السابق – بند 94 – صــ 137 هامش 2).
ففي حالة سكوت أطراف العقد، عن بيان المُطابقة المادية في اتفاقهم، يصبح ضابط المُطابقة المادية هو القانون الواجب التطبيق، وهو في فرضنا هذا هو اتفاقية فيينا 1980، مع الاستعانة بالأعراف والعادات التجارية الدولية وقواعد العدالة، وتطبيق مبدأ حُسن النية. (المصدر: رسالة الدكتور جمال محمود عبد العزيز، المرجع السابق، بند 26، صـ 30 و 31).
مبدأ حُسن النية: علماً بأن مبدأ حُسن النية قد نصت عليه الفقرة الأولى من المادة السابعة من اتفاقية فيينا 1980 والتي تنص على أنه:
“يُراعى في تفسير هذه الاتفاقية صفتها الدولية، وضرورة تحقيق التوحيد في تطبيقها، كما يراعى ضمان احترام حسن النية في التجارة الدولية”.
Article 7:
(1) In the interpretation of this Convention, regard is to be had to its international character and to the need to promote uniformity in its application and the observance of good faith in international trade.

فالمبادئ العامة لتلك الاتفاقية تمثل الأرضية المشتركة التي اعتمدها من صاغوا الاتفاقية، ومبدأ حسن النية هو أحد أهم تلك المبادئ العامة للاتفاقية، وهو الأساس لكثير من أحكامها، حيث يظهر مبدأ حسن النية في العديد من الأحكام مثل: حق البائع في مُعالجة عدم مطابقة البضائع للمواصفات. (المصدر: “توازن المصالح في تكوين عقد البيع الدولي للبضائع وفقاً لاتفاقية فيينا لعام 1980” – للدكتورة/ وفاء مصطفى محمد عثمان – دار النهضة العربية 2005 القاهرة – بند 235 – صـ 208 وما بعدها).
ولتوضيح هذه الفكرة عملياً، نعرض قضية التحكيم رقم 8611/76 لسنة 1997 ICC عن كيفية تطبيق مبدأ حسن النية على سلوك الطرفين المُتعاقدين.
ICC Arbitration Case No. 8611 of 1997. Case text translated by Beate Satory. CISG W3 database, Pace University School of Law,
http://cisgw3.law.pace.edu/cases/978611i1.html#ta

والتي تتلخص وقائعها في أن عقداً قد أبرم بين شركة ألمانية (البائع) وشركة أسبانية (المشتري)، ونُص في العقد على أن الشركة الألمانية هي المورد الرئيسي لنوع معين من الآلات (المكائن) للشركة الأسبانية، مع إعطاء الحق للشركة الألمانية في أن تلغي العقد إذا لم يقم المشتري بشراء نصف الكمية المنصوص عليها من الآلات.
إلا أنه في عام 1992، نشأ نزاع بينهما حينما طالب البائع الألماني المشتري الأسباني بسداد الفواتير مع الفوائد. ولم ينازع المشتري في أنه تسلم البضائع المحددة، ولكنه طالب بحقه في التعويض بسبب قيام البائع بإرسال بضائع معيبة ورفض قبول إعادتها له أو توريد قطع الغيار المطلوبة.
طالب المشتري البائع بتسليم قطع الغيار مرات عديدة، ولم ينكر البائع التزامه بتوريدها وذكر أنه كان سيسلمها لو كان المشتري قد قام بسداد الفواتير المُعلقة. ومع ذلك فقد رفضت هيئة التحكيم هذه المطالبة لأن الفشل في إرسال قطع الغيار قد تأكد قبل أن تصبح على المشتري مستحقات متأخرة. وقد استندت هيئة التحكيم إلى أن المادة 433 من القانون المدني الألماني التي تنص على أن منتج الآلات ملتزم بتوريد قطع الغيار خلال مدة محددة – حتى ولو لم يكن هناك اتفاق خاص على ذلك. وينشأ هذا الالتزام في معظم الحالات من مبدأ “حسن النية” وفقاً لنص المادة 242 من القانون المدني الألماني. (المصدر: “توازن المصالح في تكوين عقد البيع الدولي للبضائع وفقاً لاتفاقية فيينا لعام 1980” – للدكتورة/ وفاء مصطفى محمد عثمان – المرجع السابق – بند 236 – صـ 210 وما بعدها).([2])
والمُطابقة المادية تتضمن ثلاث عناصر هي: المُطابقة الكمية، والمُطابقة الوصفية، والمُطابقة الوظيفية. وما يهُمنا في دعوانا التحكيمية الماثلة هما: “المُطابقة الوصفية” و “المُطابقة الوظيفية”.

7 – المُطابقة الوصفية “Qualitative Conformity”:
الغالب في البيوع الدولية، أن المُشتري لا يرى البضاعة المبيعة قبل التعاقد، وإنما يُبرم العقد بمُقتضى أوصاف تذكر فيه، وتؤخذ عادة من عينات أو كتالوجات أو نماذج يرسلها البائع، ليختار منها المُشتري أوصاف السلعة التي يرغبها، فإذا قدم البائع بضاعة تختلف عن المواصفات المُتفق عليها، أضحى مُخلاً بالتزامه بالمُطابقة الوصفية. (المصدر بحث بعنوان: “الالتزام بالتسليم في عقد بيع البضائع – دراسة مُقارنة” – للدكتور/ محمود سمير الشرقاوي – منشور بمجلة القانون والاقتصاد بكلية الحقوق جامعة القاهرة – العددان الثالث والرابع – السنة السادسة والأربعون – عام 1976 – بند 57 – صـ 364).
وتفرض اتفاقية فيينا 1980 في الفقرة الأولى من المادة 35 منها – والسالف ذكرها – على البائع، أن يسلم بضائع تكون نوعيتها وأوصافها مُطابقة لأحكام العقد. كما أن قواعد الانكوترمز قد أكدت ما تبنته اتفاقية فيينا بشأن المُطابقة المادية عامة، والمطابقة الوصفية بوجه خاص، إذ تلحظ ذلك في جميع أنواع البيوع التي تضمنتها هذه القواعد (وعدد 13 نوع لهذه البيوع). بمعنى أنها تفرض على البائع الالتزام بالمطابقة المادية، بما فيها المطابقة الوصفية. (المصدر: رسالة الدكتور جمال محمود عبد العزيز، المرجع السابق، بند 49 و 50، صـ 60 و 62).
كما يجب أن تكون البضائع مُطابقة لمعايير دولة المُشتري، إذ الهدف من عملية البيع الدولي بالنسبة للمشتري، هو إشباع رغبات أفراد الدول المستوردة عن طريق استيراد احتياجاتهم، وفقاً للقواعد والنظم السارية في كل دولة على حدة. رغم ما ظهر في الآونة الأخيرة من معايير دولية أصدرتها بعض المنظمات الدولية ومنها على سبيل المثال: التنظيم الدولي لتوحيد المنتجات الصناعية I.S.O (المصدر: رسالة الدكتور جمال محمود عبد العزيز، المرجع السابق، بند 50، صـ 63).

8 – المُطابقة الوظيفية “Functional Conformity”:
جوهر المُطابقة الوظيفية هو صلاحية البضائع للاستعمال في الغايات التي تستعمل من أجلها بضائع من نفس النوع، وصلاحيتها للاستعمال في الأغراض الخاصة التي يبتغيها المُشتري.
وسردت اتفاقية فيينا 1980، حالات عدم المُطابقة المادية، ومن ضمنها عدم المُطابقة الوظيفية، واعتبرت البضاعة غير مُطابقة، عندما لا تكون صالحة لاستخدامها العادي، أو في الاستعمال التجاري المُعدة له. حيث تنص الفقرة الثانية من المادة 35 من الاتفاقية على أنه:
“ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك، لا تكون البضاعة مُطابقة للعقد، إلا إذا كانت صالحة للاستعمال في الأغراض التي تستعمل من أجلها عادة بضائع من نفس النوع؛ صالحة للاستعمال في الأغراض الخاصة، التي أحيط بها البائع علماً – صراحة أو ضمناً – وقت انعقاد العقد …”.
Article 35:
(2) Except where the parties have agreed otherwise, the goods do not conform with the contract unless they:
(a) Are fit for the purposes for which goods of the same description would ordinarily be used;
(b) Are fit for any particular purpose expressly or impliedly made known to the seller at the time of the conclusion of the contract …

والوظيفة الخاصة، التي من أجلها قد اشتريت البضاعة، قد تذكر صراحة في العقد، وقد تفهم الغاية الخاصة، أو الاستعمال الخاص الذي يتطلبه المُشتري، من خلال التفسير الضمني لإرادة أطراف العقد، أو شروط البيع، وبوجه خاص، الثمن الذي قد حدد، أو الصفة التي قد تم اختيارها سواء تعلق الأمر بأشياء جديدة أو مُستعملة. ويرتبط بتحديد مفهوم الغاية الخاصة، توافر علم البائع بهذه الغاية، في وقت إبرام العقد، بحيث يستطيع أن يرفض طلب الشراء، إذا قدر بأنه قد لا يتمكن من توريد بضاعة مُلائمة لهذه الغاية أو الوظيفة الخاصة. (المصدر: رسالة الدكتور جمال محمود عبد العزيز، المرجع السابق، بند 68، صـ 92).([3])

9 – “عدم المُطابقة” يُرتب مسئولية البائع:
تنص المادة 36 من اتفاقية فيينا 1980 على أنه: “يُسأل البائع، وفقاً لشروط العقد وأحكام هذه الاتفاقية، عن كل عيب في المُطابقة يوجد وقت انتقال التبعة إلى المُشتري، وإن لم يظهر هذا العيب إلا في وقت لاحق. وكذلك يُسأل البائع، عن كل عيب في المُطابقة، يظهر بعد الوقت المُشار إليه في الفقرة السابقة، وينسب إلى عدم تنفيذ أي من التزاماته، بما في ذلك الإخلال بأي ضمان يقضي ببقاء البضائع خلال مدة مُعينة صالحه للاستعمال العادي أو للاستعمال الخاص، أو مُحتفظة بصفاتها أو بخصائصها”.
Article 36:
(1) The seller is liable in accordance with the contract and this Convention for any lack of conformity which exists at the time when the risk passes to the buyer, even though the lack of conformity becomes apparent only after that time.
(2) The seller is also liable for any lack of conformity which occurs after the time indicated in the preceding paragraph and which is due to a breach of any of his obligations, including a breach of any guarantee that for a period of time the goods will remain fit for their ordinary purpose or for some particular purpose or will retain specified qualities or characteristics.

فإذا خالف البائع تعاقده، وأخل بتنفيذ التزامه بالمُطابقة، أو حتى تنفيذه له بشكل معيب تأباه العادات والأعراف التجارية الدولية، فقد تكون هذه المُخالفة جوهرية “Fundamental breach” أي مُخالفة تسبب ضرراً متوقعاً يلحق بالمُشتري (الدائن بالالتزام) مما يحرمه بشكل جوهري مما كان ينتظره من أغراض انعقاد هذا العقد([4])، مما ترتب جزاءات قاسية على البائع، كفسخ العقد أو استبدال البضاعة المعيبة.([5])،([6])
وإما تكون هذه المُخالفة غير جوهرية، عندما يلحق ضرراً غير متوقع بالمُشتري، لا يحرمه بشكل أساسي مما كان ينتظره من نتائج من وراء انعقاد العقد، وبالتالي يحق له طلب التنفيذ العيني أو تخفيض الثمن.([7])،([8])
كما يجوز للمُشتري دائماً طلب التعويض لجبر الضرر الذي لحقه، سواء في صورة جزاء أصلي، أو في شكل جزاء تكميلي.([9]) (المصدر: رسالة الدكتور جمال محمود عبد العزيز، المرجع السابق، بند 311، صـ 366 و 367).

10 – الدفع بعدم التنفيذ:
قدمت اتفاقية فيينا إلى المُشتري حلاً فعالاً للإبقاء على تنفيذ عقد البيع الدولي للبضائع، حين يوشك البائع على ارتكاب مُخالفة غير جوهرية في تنفيذ العقد، أو عند ارتكابها بالفعل. ويقوم هذا الحل على فكرة مفادها، أنه إذا لم يقم أحد طرفي عقد البيع بتنفيذ التزامه، حق للطرف الآخر – حال وجوب تنفيذ التزامه – أن يمتنع عن التنفيذ، حتى ينفذ متعاقده ما التزم به، وهو ما يُعبر عنه بالدفع بعدم التنفيذ “L`exception d`inexécution”.
وقد أكدت اتفاقية فيينا 1980 على هذه القاعدة بنصها في الفقرة الأولى من المادة 71 على أنه: “يجوز لكل من الطرفين أن يوقف تنفيذ التزامه إذا تبين، بعد انعقاد العقد، أن الطرف الآخر سوف لا ينفذ جانباً هاماً من التزاماته:
بسبب وقوع عجز خطير في قدرته على تنفيذ هذا الجانب من التزاماته، أو بسبب إعساره؛ أو بسبب الطريقة التي يُعدها لتنفيذ العقد، أو التي يتبعها فعلاً في تنفيذه”.
Article 71:
(1) A party may suspend the performance of his obligations if, after the conclusion of the contract, it becomes apparent that the other party will not perform a substantial part of his obligations as a result of:
(a) A serious deficiency in his ability to perform or in his creditworthiness; or
(b) His conduct in preparing to perform or in performing the contract.

11 – شروط الدفع بعدم التنفيذ:
بالرجوع إلى نص اتفاقية فيينا في شأن جزاء الدفع بعدم التنفيذ، نجد أنها استلزمت توافر أربعة شروط لاستعمال المُشتري حقه في توقيع هذا الجزاء، وتلك الشروط هي:
الشرط الأول – وجود ظروف تنبئ عن عدم تنفيذ الالتزام بالمُطابقة:
إذا كانت كلمة “ظروف” التي استخدمتها اتفاقية فيينا 1980 كلمة مرنة ومطاطة لا ضابط لها، إلا أن اتفاقية فيينا 1980 حددت حالات معينة – على سبيل الحصر – تتوافر فيها هذه الظروف، وما يهُمنا منها هنا هي:
الحالة الخاصة بطريقة تنفيذ عقد البيع الدولي:
نصت اتفاقية فيينا على هذه الحالة التي تعبر عن ظروف تنبئ عن عدم تنفيذ الالتزام، حيث تتوافر في حالة عجز البائع عن تنفيذ التزامه بالمُطابقة، بسبب الطريقة التي أتبعها البائع في تنفيذ عقد البيع الدولي، مما يؤدي إلى الاعتقاد بأنه سوف لا ينفذ جزءاً هاماً جداً من التزامه.
فعلي سبيل المثال: إذا أبرم المُشتري عقد بيع محله تسليم قطع غيار لآلات مصنع حلج وغزل القطن، وكان لدى المُشتري النية في استخدام قطع الغيار هذه بمُجرد تسلمها، ثم عَلِمَ المُشتري – بعد إبرام العقد مع البائع – أنه كان هناك مُشترون آخرون في حاجة إلى مثل هذه النوعية من قطع الغيار، وتعاقدوا مع نفس البائع على شراء تلك النوعية من البضائع، وتسلموا بالفعل دفعات منها، وكانت هذه الدفعات يشوبها عيوب في المُطابقة المادية (والوصفية والوظيفية)، وكانت هذه العيوب ناتجة عن استخدام البائع لمواد خام رديئة من مصدر معين، وكان الواقع ينبئ عن أن البائع سوف يستعمل نفس المواد الأولية من ذات المصدر في تصنيع قطع الغيار المتفق عليها، فإن هذه الظروف تمنح المُشتري أسباباً معقولة للاعتقاد بأن قطع الغيار التي سوف يسلمها البائع إلى المُشتري – بالتأكيد – سوف تكون معيبة، فيجوز للمُشتري، في هذه الحالة، استعمال حق الدفع بعدم التنفيذ.([10]) (المصدر: رسالة الدكتور جمال محمود عبد العزيز، المرجع السابق، بند 361، صـ 416 إلى 418).
الشرط الثاني – قيام هذه الظروف بعد إبرام عقد البيع الدولي:
نصت اتفاقية فيينا 1980 على هذا الشرط لعلة، مفادها، أنه إذا كان المُتعاقد (المُشتري) الذي يتمسك بالدفع بعد التنفيذ، قد تبين له عدم قدرة المُتعاقد الآخر (البائع) على التنفيذ، وكان المُشتري عالماً بذلك وقت إبرام عقد البيع الدولي، فإنه لا يجوز للمُشتري – في هذه الحالة – الدفع بعدم التنفيذ لانتفاء عنصر المُفاجأة الذي يبرر هذه القاعدة.
مع مُراعاة أن علم المُشتري بهذه الظروف بعد إبرام عقد البيع الدولي، والتي تنبئ عن عدم قدرة البائع على تنفيذ جانب هام من التزاماته كما يعينها العقد، تخضع للتقدير الشخصي للمُشتري. (المصدر: رسالة الدكتور جمال محمود عبد العزيز، المرجع السابق، بند 362، صـ 418).
الشرط الثالث – وجود دلالة واضحة على عدم قدرة البائع على تنفيذ الالتزام بالمُطابقة:
صاغت اتفاقية فيينا 1980 هذا الشرط بطريقة غير مُحددة من ناحية، وتبنت ضابطاً شخصياً من ناحية أخرى، حيث استخدمت عبارة “إذا تبين” – ” it becomes apparent – Lorsque` il apparaît “، التي توحي بإطلاق العنان للمُشتري في تقدير عدم قدرة بائعه على تنفيذ التزامه، من وجه نظر المشترى. حيث يكفي المُشتري وجود دلائل أو توافر إمارات تدل على احتمال وقوع اضطراب اقتصادي للبائع يقعده عن تنفيذ التزامه، مما يجعل للمُشتري يوقف تنفيذ التزاماته. (المصدر: رسالة الدكتور جمال محمود عبد العزيز، المرجع السابق، بند 363، صـ 418 و 419).
فيكفي لأحد الطرفين أن يوقف تنفيذ التزاماته متى أصبح واضحاً أن الآخر لا يقوم بتنفيذ التزاماته. أي يكفي في هذه الحالة، مجرد توقع عدم تنفيذ أحد الطرفين لجزء جوهري من التزاماته، ليقرر المتعاقد الآخر وقف تنفيذ التزامه. ولا شك أن نص المادة 71/1 من الاتفاقية يُفسح المجال للتقدير الشخصي لأحد طرفي عقد البيع في أن الطرف الآخر سوف لا يكون قادراً على تنفيذ التزاماته، الآمر الذي يؤدي إلى حق أي من الطرفين في أن يوقف تنفيذ التزاماته التعاقدية اعتماداً على تقديره الشخصي دون أن يكون هناك ضابط موضوعي يستند إليه. (المصدر: “العقود التجارية الدولية – دراسة خاصة لعقد البيع الدولي للبضائع” – للدكتور/ محمود سمير الشرقاوي – المرجع السابق – بند 136 – صـ 199).
الشرط الرابع – توافر علاقة السببية بين هذه الظروف وتنفيذ الالتزام:
بديهي أن يؤثر العجز الخطير في قدره البائع على تنفيذ التزامه بالمطابقة، وبالتالي، ينبغي أن يكون هناك علاقة بين عدم قدرة البائع من ناحية، واحتمال عدم تنفيذ جانب هام من التزامه، من ناحية أخرى.

12 – إجراءات التمسك بالدفع بعدم التنفيذ:
إذا توافرت شروط الدفع بعدم التنفيذ – السالف ذكرها – فإنه يحق للمُشتري وقف تنفيذ أدائاته، حتى يتضح موقف البائع في هذا الصدد. على أن يرسل المُشتري إلى البائع إخطاراً بذلك.
وبالتالي تتمثل إجراءات الدفع بعدم التنفيذ، وفقاً لاتفاقية فيينا 1980، في قيام المُشتري بإخطار بائعه بهذا الجزاء، سواء قبل إرسال البضائع أو بعد إرسالها، وأن يقوم بإرسال هذا الإخطار “مُباشرة” إلى الطرف الآخر يعلمه بذلك.([11])
ومع ذلك، يذهب جانب من الفقه، إلى أن حق المُشتري في وقف تنفيذ التزاماته – في هذه الحالة – لا يرتبط بهذا الإخطار الموجه إلى البائع.([12]) (المصدر: رسالة الدكتور جمال محمود عبد العزيز، المرجع السابق، بند 365، صـ 419 و 420).
فإذا كانت اتفاقية فيينا 1980 قد اشترطت على المُشتري عند استعمال حقه في الدفع بعدم التنفيذ في حالة عدم مُطابقة البضاعة، إخطار البائع بأي عيب في المطابقة يكتشفه، بقصد الحفاظ على العقد وعدم استمرار قلق البائع بشأن البضاعة طويلاً، إلا أن البائع الذي يستحق هذه الرعاية هو البائع حسن النية الذي يجهل وجود أي عيب في البضاعة. أما إذا كان البائع سيئ النية وأخفى العيب عن المشتري رغم علم البائع به، فهو بائع غير جدير بالرعاية، ولا يحق لمثل هذا البائع أن يتمسك بإهمال المُشتري في إجراء الفحص أو عمل الإخطار. (المصدر: “فسخ عقد البيع الدولي للبضائع وفقاً لاتفاقية فيينا لعام 1980” – للمستشار الدكتور/ خالد أحمد عبد الحميد – الطبعة الأولى 2002 القاهرة – بند 364 – صـ 415 وما بعدها).
ولذلك فقد نصت المادة 40 من اتفاقية فيينا 1980 صراحة على أنه:
“ليس من حق البائع أن يتمسك بأحكام المادتين 38 و 39 إذا كان العيب في المُطابقة يتعلق بأمور كان يعلم بها أو كان لا يمكن أن يجهلها ولم يخبر بها المُشتري”.
Article 40:
“The seller is not entitled to rely on the provisions of articles 38 and 39 if the lack of conformity relates to facts of which he knew or could not have been unaware and which he did not disclose to the buyer”.

وهذا النص صريح في أن البائع ليس من حقه أن يتمسك بأحكام المادتين 38 و 39 وهما الخاصتان بفحص البضاعة فور تسلمها (المادة 38) وإخطار البائع بعيوب عدم المُطابقة (المادة 39)([13])، إذا كان العيب في المطابقة يتعلق بأمور كان يعلم بها البائع أو كان لا يمكنه أن يجهلها ولم يخبر بها المشتري. ويُعد هذا الحكم تطبيقاً لمبدأ حسن النية، كما قصدت الاتفاقية بهذا الحكم تخفيف الجزاء الذي قررته في حالة عدم توجيه الإخطار بعدم المطابقة، لأن البائع الذي يعلم بالعيب في المطابقة لا يتوافر له سبب معقول لمطالبته المشتري بإخطاره بهذا العيب، فلا يتصور أن يستفيد البائع من خطئه في تسليم بضاعة غير مطابقة إلى المشتري وهو يعلم بذلك، ونحرم المشتري من حقه في التمسك بهذا العيب لمجرد صدور إهمال بسيط منه بعدم توجيه إخطار عدم المطابقة إلى البائع، رغم علم البائع بهذا العيب. (المصدر: “فسخ عقد البيع الدولي للبضائع وفقاً لاتفاقية فيينا لعام 1980” – للمستشار الدكتور/ خالد أحمد عبد الحميد – الطبعة الأولى 2002 القاهرة – بند 364 – صـ 415 وما بعدها).
وحكم الاتفاقية – سالف الذكر – لا يتعلق فقط بغش البائع وتعمده إخفاء العيب عن المشتري، وإنما يمتد ليشمل أيضاً إهماله الجسيم، بعلمه بالعيب أو افتراض ضرورة علمه به وتقصيره بعدم إخطار المشتري بذلك. (المصدر: “فسخ عقد البيع الدولي للبضائع وفقاً لاتفاقية فيينا لعام 1980” – للمستشار الدكتور/ خالد أحمد عبد الحميد – المرجع السابق – بند 365 – صـ 418).
ولا يلزم أن يعلم البائع بالمدى الذي وصل إليه العيب تحديداً، أو الذي يمكن أن يصل إليه، إذ يكفي أن يعلم بطبيعة العيب أو بالحقائق التي يمكن أن تؤدي عادة إليه، بل لا يلزم أن يكون هناك عيب أصلاً، وإنما مجرد احتمال تعرضها للعيب، ويلتزم البائع مع ذلك بإخطار المُشتري بهذا الاحتمال.
وفي قضية توضح ذلك: تعاقدت مؤسسة صينية على شراء ماكينة من صاحب مصنع أمريكي، وأثناء تصنيع الماكينة قام البائع بتركيب جزء بها يخالف الجزء الموجود بالتصميمات الخاصة بها، وكان يتعين تركيب هذا الجزء على نحو معين حتى يتوافق مع عمل الماكينة، ولم يقم البائع بإخطار المشتري بهذا التغيير ولا بالحاجة إلى الدقة في تركيب هذا الجزء بطريقة معينة رغم اختلاف طريقة تركيبه عما هو موجود بالتصميمات الخاصة بها، وقام بشحن الماكينة مفككة إلى المشتري من الولايات المتحدة الأمريكية إلى الصين، حيث تم تركيبها هناك دون أن ينتبه أحد إلى الجزء الجديد الذي تم استبداله، فلم يتم تركيبه على نحو صحيح، وبعد أربع سنوات من تاريخ الشحن تحطم هذا الجزء وتسبب في أضرار كبيرة بالماكينة، فقام المشتري بإخطار البائع بذلك، ورفض البائع أية مسئولية عن هذا العيب، وعند طرح النزاع أمام محكمة التحكيم باستوكهلم قضت بمسئولية البائع عن العيب في المطابقة لأنه كان يعلم بهذا الجزء المستبدل وضرورة تركيبه على نحو معين حتى تؤدي الماكينة عملها، ولم ينبه المشتري إلى ذلك، وقد جاء إخطار عدم المطابقة غير متأخر لأن المشتري لا يلتزم بمدة السنتين المنصوص عليها في المادة 39/2 من اتفاقية فيينا، نظراً لعلم البائع بالعيب على هذا النحو. (المصدر: “فسخ عقد البيع الدولي للبضائع وفقاً لاتفاقية فيينا لعام 1980” – للمستشار الدكتور/ خالد أحمد عبد الحميد – المرجع السابق – بند 368 – صـ 420 وما بعدها).([14])
هذا فضلاً عن أن الفقرة الثالثة من المادة 71 من اتفاقية فيينا 1980 لم تحدد العناصر التي يتكون منها الإخطار. وقد قُضِىَ بأن: البيانات أو الأفعال التالية تعد إخطاراً كافياً: رفض المشتري دفع تكاليف تخزين الأثاث بينما كان قد اتفق من قبل على المساهمة في هذه التكاليف([15]). وأيضاً حالة وجود رسالة رفض فيها المشتري قبول الأصناف غير المطابقة وعرض إعادتها.

13 – آثار التمسك بالدفع بعدم التنفيذ:
الآثار التي تترتب على توافر شروط الدفع بعدم التنفيذ، تتمثل في وقف المُشتري تنفيذ التزاماته، حتى يتبين موقف البائع، فإن قام البائع بتنفيذ عين التزامه بالمُطابقة، أو قدم ضمانات كافية تؤكد عزمه على تنفيذ التزامه، تعين على المُشتري أن يقوم بتنفيذ التزاماته أو يستأنفها، إذا كان قد بدأها ثم أوقفها بسبب التمسك بهذا الجزاء.
وبالتالي، فإن إيقاف أحد طرفي عقد البيع الدولي لالتزاماته، استناداً إلى جزاء الدفع بعدم التنفيذ، لا يُنهي العقد نهائياً، على خلاف فسخ عقد البيع، حيث يبقى الطرف الذي أوقف تنفيذ التزاماته ملزماً بالتنفيذ – في نهاية المطاف – إذا قدم البائع، كما سلف القول، ضمانات كافية تؤكد عزمه على تنفيذ التزامه بالمُطابقة، كتقديم خطاب ضمان من مصرف موثوق به – على سبيل المثال – أو تقديم كفالة عينية أو كفيل موسر، بينما لا يُعتد بالوعود الشفوية أو المكتوبة، ما لم تكن جسور الثقة قائمة بين طرفي عقد البيع الدولي، وتسمح بذلك. (المصدر: رسالة الدكتور جمال محمود عبد العزيز، المرجع السابق، بند 366، صـ 420 و 421).
فإذا لم يقدم البائع أي ضمان كاف، فإن الأشياء تظل على حالها إلى أن يتمسك أحد الطرفين بفسخ العقد. (المصدر: “خصائص البيع الدولي وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن البيع الدولي للبضائع المبرمة في فيينا سنة 1980” – للدكتور/ عصام أنو سليم – منشأة المعارف الإسكندرية 2004 القاهرة – صـ 59 بالهامش).([16])
واستعمال جزاء الدفع بعدم التنفيذ لا يحول بين المُشتري وبين حقه في استعمال الجزاءات الأخرى (المُرتبطة بتحقق مُخالفة غير جوهرية)، مثل حق المُشتري في المُطالبة بالتنفيذ العيني، من خلال إصلاح البضاعة، ما دام الإخلال بالتنفيذ من جانب البائع، أصبح باتاً وأكيداً، فإن كان هذا الإخلال يمثل مخالفة جوهرية، استعان المشتري بفسخ العقد، أو استبدال البضاعة. (المصدر: رسالة الدكتور جمال محمود عبد العزيز، المرجع السابق، نفس الموضع).
هذا، وقد قُضِىَ بأن: “الإيقاف (أي إيقاف التنفيذ المستند إلى التمسك بالدفع بعدم التنفيذ) ليس مُخالفة، ولكنه حق من جانب واحد بتعديل وقت التنفيذ”.([17])

14 – عدم أحقية البائع المخل بالتزاماته، بمطالبة المشتري بالوفاء بالتزاماته:
يجوز للبائع، متى تخلف المُشتري عن تنفيذ التزامه، بأداء الثمن أو باستلام البضاعة أو بأي التزام آخر، أن يتمسك بإلزام المشتري بالتنفيذ العيني لالتزامه، وذلك بالوسائل المُقررة وفقاً لقانون المحكمة التي يُنظر أمامها النزاع، مثل الحجز على أموال المُشتري أو الحكم عليه بغرامة تهديدية، على أنه لا يجوز للبائع أن يلجأ إلى طلب التنفيذ العيني إلا إذا كان هو قد نفذ التزاماته، بالتسليم والمُطابقة. (المصدر: “العقود التجارية الدولية – دراسة خاصة لعقد البيع الدولي للبضائع” – للدكتور/ محمود سمير الشرقاوي – المرجع السابق – بند 123 – صــ 178 وهامش 1. وكذلك: المصدر: “اتفاقية الأمم المُتحدة بشأن البيع الدولي للبضائع” – للدكتور/ مُحسن شفيق – المرجع السابق – بند 281 – صـ 203).
ومن ثم، إذا أخل البائع بالتزامه بالمُطابقة، واستعمل المشتري حقه في التمسك بالدفع بعدم التنفيذ، فلا يجوز للبائع قانوناً، وبطريق اللزوم العقلي، المُطالبة بإلزام المشتري بالوفاء بالتزامه بسداد باقي الثمن أو أية مستحقات أو التزامات أخرى؛ ومن باب أولى لا يحق للبائع في مثل هذه الحالة المُطالبة بأي تعويض، بل أن التعويض هنا يكون حقاً للمشتري لا للبائع.

15 – التطبيق:
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، وبتطبيق كل تلك القواعد القانونية على الدعوى التحكيمية الماثلة، نجد أن الشركة المُحتكمة (البائعة) قد أخلت بالتزامها بمُطابقة البضاعة (التي وردتها إلى الشركة المحتكم ضدها- المُشترية) بالمواصفات التي تم الاتفاق عليها في العقد، وبعدم صلاحية البضاعة الموردة للغرض الذي كانت تبتغي الشركة المتحكم ضدها استعمال تلك البضاعة فيها، وكانت الشركة المتحكمة (البائعة) تعلم يقيناً بهذا الغرض؛ فضلاً عن رداءة المواد الخام المُستعملة في تصنيع تلك البضاعة …الخ.
مما يحق معه – والحال كذلك – للشركة المُشترية (المُحتكم ضدها) توقيع جزاء الدفع بعدم التنفيذ وحبس باقي الثمن وسائر مُستحقات الشركة المُحتكمة (في حالة وجود أي منها) حتى تفي الشركة المحتكمة بالتزامها بالمُطابقة إما بإصلاح العيوب الموجود في البضاعة الموردة منها أو بالأقل تقديم ضمانات مالية للوفاء بالتزامها بالمطابقة. وإلى أن يتم ذلك فمن حق الشركة المحتكمة التمسك بالدفع بعدم التنفيذ، وهو جزاء خولتها لها اتفاقية فيينا 1980، ومن ثم تضحى المُطالبة الواردة بالدعوى التحكيمية الماثلة قد جاءت على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون وبالمُخالفة للعقد سند الدعوى ولأحكام اتفاقية فيينا 1980، مما يتعين معه الحكم برفضها وهو ما تتمسك به الشركة المُحتكم ضدها على سبيل الجزم واليقين.

هذا، والله أعلى وأعلم،،،

([1]) حيث تنص الفقرة الثانية من المادة 35 من اتفاقية فيينا 1980 على أنه: “ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، فإن البضاعة لا تعد مُطابقة للعقد، ما لم تتوافر فيها الشروط الآتية:
أ‌. صالحة للاستعمال في الأغراض التي تستعمل فيها عادة بضاعة من نفس النوع.
ب‌. صالحة للاستعمال في الأغراض الخاصة التي أحيط بها البائع علماً، صراحة أو ضمناً عند إبرام العقد، ما لم يتبين من الظروف أن المشتري لم يعتمد، أو لم يكن من المعقول أن يعتمد، على مهارة البائع أو تقديره.
ت‌. أن تشتمل البضاعة على الصفات التي سبق أن عرضها البائع على المشتري وفقاً لعينة أو نموذج.
ث‌. أن تكون البضاعة معبأة أو مغلفة بالطريقة المستعملة عادة في تعبئة أو تغليف بضاعة من نوعها، فإذا لم توجد مثل هذه الطريقة، فتكون التعبئة أو التغليف بالطريقة الكافية لحفظ البضاعة وحمايتها”.
وأنظر ما يلي في فقرة رقم “8” الخاصة بـ “المُطابقة الوظيفية” من هذه المذكرة، وبها ترجمة وشرح للبندين “أ” و “ب” من تلك الفقرة – وهما المتعلقتان بموضوع دعوانا التحكيمية الماثلة.
([2]) وكذلك كان هذا المبدأ من المبادئ التي قد أرساها مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، حيث تواتر قضائه على أن: “يجب تنفيذ العقد، طبقاً لما أشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حُسن النية، وأنه لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضاً ما هو من مُستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام”.
Arbitration Board at C.R.C.I.C.A 7 July 1985 Lawsuit No. 1/84
Arbitration Board at C.R.C.I.C.A 30 June 1993 Lawsuit No. 35/92
([3]) وراجع مشروع اتفاقية فيينا 1980: (UNCITRAL, Y.B. 1976, Vol. VII, No. 7, P. 110)
([4]) حيث تنص المادة 25 من اتفاقية فيينا 1980 على أنه: “تكون مُخالفة العقد من جانب أحد الطرفين مُخالفة جوهرية إذا تسببت في إلحاق ضرر بالطرف الآخر من شأنه أن يحرمه بشكل أساسي مما كان يحق له أن يتوقع الحصول عليه بموجب العقد …”.
Article 25:
“A breach of contract committed by one of the parties is fundamental if it results in such detriment to the other party as substantially to deprive him of what he is entitled to expect under the contract …”.
([5]) حيث تنص المادة 49 من اتفاقية فيينا 1980 على أنه: “1- يجوز للمُشتري فسخ العقد: أ) إذا كان عدم تنفيذ البائع لالتزام من الالتزامات التي يرتبها عليه العقد أو هذه الاتفاقية يُشكل مُخالفة جوهرية للعقد …”.
Article 49:
“(1) The buyer may declare the contract avoided: (a) if the failure by the seller to perform any of his obligations under the contract or this Convention amounts to a fundamental breach of contract …”.
([6]) كما تنص الفقرة الثانية من المادة 46 من اتفاقية فيينا 1980 على أنه: “لا يجوز للمُشتري، في حالة عدم مُطابقة البضائع للعقد، أن يطلب من البائع تسليم بضائع بديلة، إلا إذا كان العيب في المُطابقة يُشكل مُخالفة جوهرية للعقد …”.
Article 46:
(2) If the goods do not conform with the contract, the buyer may require delivery of substitute goods only if the lack of conformity constitutes a fundamental breach of contract …”.
([7]) حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 46 من اتفاقية فيينا 1980 على أنه: “يجوز للمُشتري أن يطلب من البائع تنفيذ التزاماته، إلا إذا كان المُشتري قد استعمل حقاً يتعارض مع هذا الطلب”.
Article 46:
(1) The buyer may require performance by the seller of his obligations unless the buyer has resorted to a remedy which is inconsistent with this requirement.
([8]) كما تنص المادة 50 من اتفاقية فيينا 1980 على أنه: “في حالة عدم مُطابقة البضائع للعقد، وسواء أتم دفع الثمن أم لا، جاز للمُشتري أن يُخفض الثمن بمقدار الفرق بين قيمة البضاعة التي تسلمها فعلاً وقت التسليم وقيمة البضاعة المُطابقة في ذلك الوقت …”.
Article 50:
“If the goods do not conform with the contract and whether or not the price has already been paid, the buyer may reduce the price in the same proportion as the value that the goods actually delivered had at the time of the delivery bears to the value that conforming goods would have had at that time …”.
([9]) راجع المواد من 74 إلى 78 من اتفاقية فيينا 1980.
([10]) H. TAGHZOUTI, op. cit, 1985, P. 260
([11]) حيث تنص الفقرة الثالثة من المادة 71 من اتفاقية فيينا 1980 على أنه: “يجب على الطرف الذي يوقف تنفيذ التزامه، قبل إرسال البضائع أو بعد إرسالها، أن يرسل مباشرة إلى الطرف الآخر إخطاراً بذلك …”.
Article 71:
(3) A party suspending performance, whether before or after dispatch of the goods, must immediately give notice of the suspension to the other party …”.
([12]) F. DESSMONTET, op. cit, 1993, P. 465
([13]) حيث تنص المادة 39 من اتفاقية فيينا 1980 على أنه: “
أ‌. يفقد المشتري حق التمسك بالعيب في مطابقة البضائع إذا لم يخطر البائع محدداً بطبيعة العيب خلال فترة معقولة من اللحظة التي أكتشف فيها العيب أو كان من واجبه اكتشافه.
ب‌. وفي جميع الأحوال، يفقد المشتري حق التمسك بالعيب في المطابقة إذا لم يخطر البائع بذلك خلال فترة أقصاها سنتان من تاريخ تسلم المشتري البضائع فعلاً، إلا إذا كانت هذه المدة لا تتفق مع مدة الضمان التي نص عليها العقد”.
Article 39:
“(1) The buyer loses the right to rely on a lack of conformity of the goods if he does not give notice to the seller specifying the nature of the lack of conformity within a reasonable time after he has discovered it or ought to have discovered it.
(2) In any event, the buyer loses the right to rely on a lack of conformity of the goods if he does not give the seller notice thereof at the latest within a period of two years from the date on which the goods were actually handed over to the buyer, unless this time-limit is inconsistent with a contractual period of guarantee”.
([14]) Stockholm Chamber of Commerce Arbitration, Award of 5 June 1998, (Beijing Light Automobile Co., Ltd. V. Connell Limited Partnership). Internet Web Sites: Last updated, February 24, 2000,
“http//cisgw3.law.pace.edu/cases/980605s5.html”.
([15]) قضية كلارك رقم 338 – Oberlandesgericht Hamm – ألمانيا 23/6/1998. مُشار إليها في الموقع التالي:
http://www.uncitral.org/uncitral/ar/case_law/digests/cisg.html
ثم أختر المادة 71 :
A/CN.9/SER.C/DIGEST/CISG/71
صفحة رقم 7 – هامش رقم 32.
([16] ) Voir Plantard, op. cit., pp. 356 – 357
([17]) أنظر: Landgericht Stendal – ألمانيا، 12/10/2000. وهو متاح على الإنترنت في الموقع:
http:// cisgw3.law.pace.edu/cisg/text/001012glgerman.html
وأنظر كذلك قرار الغرفة التجارية الدولية رقم 8786 يناير 1997 – UNILEX – حيث قررت أن: “المُشتري لن يكون مُخالفاً إذا مارس حق الإيقاف”. مُشار إليها في الموقع التالي:
http://www.uncitral.org/uncitral/ar/case_law/digests/cisg.html
ثم أختر المادة 71 :
A/CN.9/SER.C/DIGEST/CISG/71
صفحة رقم 7 – هامشي رقمي 30 و 31 .

إغلاق