دراسات قانونيةسلايد 1
دور الكفالة في إسناد الجنسية في القانون المغربي
الملخص
عرف قانون الجنسية المغربية لسنة 2006 تعديلات جوهرية استهدفت بالأساس تحقيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في إسناد الجنسية من الأصول إلى الفروع، وكذا توسيع حالات اكتساب الجنسية المغربية من خلال إضافة مصدر جديد من مصادر اكتساب الجنسية وهو الكفالة. وتعد مؤسسة الكفالة من المؤسسات الاجتماعية البديلة للآسرة الطبيعية، غايتها رعاية الأطفال المهملين وخاصة على مستوى حفظ حق الهوية.
ومن هذا المنطلق، يعتبر حق الطفل في اكتساب الجنسية من بين الحقوق الأساسية المضمونة للطفل بمقتضى القوانين الوطني والمواثيق الدولية، الأمر الذي جعل المشرع المغربي يكرس هذا الحق في قانون الجنسية المغربية من خلال إقراره لمجموعة من الضمانات القانونية لحماية هذا الحق، وفي مقدمتها إمكانية اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة.
وعليه، فهذه المساهمة تهدف إلى تسليط الضوء على موضوع دور مؤسسة الكفالة في إسناد الجنسية على ضوء القانون المغربي، من خلال تفكيك الاطار القانوني المؤطر لاكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة وإبراز أهم خصوصياته وتقاطعاته مع القوانين الأخرى كقانون كفالة الأطفال المهملين، وقانون الحالة المدنية ومدونة الأسرة. وسعيا إلى ربط هذه المساهمة بالجانب العملي، فقد تم توظيف العمل القضائي في هذه الدراسة قصد تحديد موقف القضاء من العديد الإشكاليات التي تطرحها مسطرة إسناد الجنسية عن طريق الكفالة، مع الاستئناس بالتشريع والفقه المقارنين في هذا المجال.
الكلمات المفتاحية: الجنسية، الكفالة، التبني، الطفل المهمل، الأجنبي.
مقدمة
إذا كان الأصل أن ينشأ الأطفال في أسرهم الأصلية، التي توفر لهم الرعاية الاجتماعية والتربية على السلوك القويم وتضمن لهم التنشئة السليمة والنمو النفسي والوجداني والعاطفي، فقد تجد شريحة كبيرة من الأطفال أنفسهم محرومين من حنان أسرهم، كما هو الشأن بالنسبة للأطفال المهملين. وهكذا أصبحت ظاهرة الأطفال المُتخلى عنهم من الظواهر التي تثير قلق المجتمع المغربي، خصوصا أمام تنامي وازدياد أعداد الأطفال في وضعية صعبة نتيجة مجموعة من الأسباب والظروف والوقائع.
وبالرغم من المجهود المبذول من طرف مجموعة من المؤسسات العمومية المكلفة برعاية الأطفال والهيئات والمنظمات والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي المعترف لها بالمصلحة العامة، إلا أنها لا تقوم مقام أسرة الطفل، ولا تؤدي دورها في التنشئة الاجتماعية والتربية الأسرية، خاصة أمام ما تعانيه هذه المؤسسات من نقص في الإمكانات المادية والبشرية والتدبيرية. وبهذا تكون للأسرة، الحاضنة الطبيعية للطفل، دور رئيس في حماية حق الطفل في الرعاية، كما يعتبر الطفل النواة الصلبة واللبنة الأساسية في تكوين الأسرة التي تجسد كينونة المجتمع، ومن تم فإن الاهتمام به والعناية بحقوقه أصبح يشكل هاجس كل المجتمعات، إلى درجة أصبح معها تقدم الأمم والشعوب يقاس بمدى الاهتمام والرعاية الذي توليه لأطفالها[1].
وعلى مستوى العمل القضائي المغربي، نورد ما جاء في تصدير الأمر الصادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش في شأن إسناد كفالة قاصر مهمل متخلى عنه: “من مصلحة المكفول أن يتواجد في وسط أسري، ومادام أن الكافلين تتوفر فيهما الشروط اللازمة لتحقيق ذلك، فإن الاستجابة لطلبهما جاء طبقا للقانون”[2]. كما جاء في تصدير الأمر الصادر عن ابتدائية أكادير: “من مصلحة المكفول أن يعيش في وسط أسري يوفر له العطف والحنان حتى ينمو نموا سليما، ولهذا فإن إسناد كفالة الطفلة للكافلة كان مطابقا للقانون”[3]. أما ابتدائية إنزكان فقد صرحت في تصدير أمر صادر عنها: “من مصلحة المكفول أن يعيش في أسرة تتكفل به وترعاه”[4].
وفي واقع الأمر، لا تنحصر الرعاية الاجتماعية للطفل المهمل في الحق في أسرة حاضنة فقط، بل تتعداها لتشمل الحق في الصحة والتعليم، وكذا الحق في الهوية. هذا الأخير يُعد الاطار القانوني الذي ينبني عليه الاستفادة من باقي الحقوق الأخرى، لصلة هذا الحق في صيانة شخصية الطفل وحفظ كرامته. ومن هذا المنطلق، أصبح الحق في الهوية يكتسي طابعا شموليا وبعدا دوليا من خلال سن مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي توفر الحماية القانونية لهوية الطفل، وتلزم الدول بالعمل على احترامها وتكريسها في التشريعات الداخلية.
ويعتبر الحق في الهوية من الحقوق المعنوية اللصيقة بشخصية الطفل وكينونته، وفي مقدمتها الحق في النسب والحق في الجنسية. وإذا كان الحق في النسب يعني حق الطفل في الانتساب إلى والديه سواء كان هذا الطفل شرعيا (رابطة النسب) أو غير شرعي (رابطة البنوة) وما يستتبع ذلك من حقه في التسجيل في سجلات الحالة المدنية، فإن الحق في الجنسية يعني حق الطفل في اكتساب جنسية دولة ما، إما عن طريق الدم أي عن طريق الرابطة الأبوية (النسب) أو عن طريق رابطة الأمومة (البنوة)، وإما عن طريق الإقليم أي اكتساب جنسية الدولة التي ولد فيها، وإما عن طريق حق الدم المقترن بحق الإقليم (الرابطة المزدوجة).
ووعيا من المشرع المغربي بما يعانيه الأطفال المهملين من قصور في الحماية والرعاية إسوة بالأطفال غير المحرومين من الدفء الأسري، بادرت المملكة المغربية باتخاذ مجموعة من الإجراءات ذات الطبيعة القانونية من خلال: دستور المملكة لسنة 2011 وخاصة الفصل 32 منه الذي ينص على: “تسعى الدولة لتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية”، المصادقة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية، وفي في مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تنص المادة 15 منه على: “لكل فرد حق التمتع بجنسية ما”، الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي تنص في المادة السابعة منها على: “يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية”.
وعلى مستوى التشريع الداخلي، قام المشرع بإصدار أو إصلاح مجموعة من القوانين ذات الصلة بالأطفال وفي مقدمتها، إصلاح قانون الجنسية (القانون رقم 62-06) وخاصة الفصل السادس والسابع والتاسع منه، إصلاح مدونة الأسرة (القانون رقم 70-03) وخاصة القسم المتعلق بالبنوة والنسب، تعديل قانون الحالة المدنية (القانون رقم 99-37) وخاصة المواد المتعلقة برسم الولادة، إصدار قانون يتعلق بالأطفال المهملين (القانون رقم 15-01) وخاصة المادة التاسعة منه المتعلقة الأشخاص والهيئات التي تسند إليها كفالة الأطفال بغض النظر عن جنسيتهم.
وهكذا يُعد المغرب من البلدان التي تقبل إسناد الكفالة الدولية، أي عندما يكون الكافل مغربيا مقيما بالخارج أو شخصا أجنبيا، فقانون كفالة الأطفال المهملين لا يشترط حيازة الجنسية المغربية لدى الكافل لإسناد كفالة طفل مهمل، واكتفى بشرط الديانة الإسلامية، لكن شريطة استيفاء بعض الشروط المنصوص عليها في القانون المذكور. وفي هذه الحالة، يفترض لأجل ضمان استمرار الوضعية القانونية لمؤسسة الكفالة العابرة للحدود، أن ينتقل المكفول المغربي مع كافله المغربي أو الأجنبي إلى خارج التراب الوطني حيث محل إقامة الكافل[5].
وعلى مستوى قانون الجنسية، أضاف المشرع المغربي مصدرا جديدا لاكتساب الجنسية المغربية ويتعلق الأمر بإسناد الجنسية عن طريق الكفالة، حيث يمكن للشخص المغربي الجنسية الذي يتولى كفالة مولود ولد بالخارج أن يقدم تصريحا لمنح المكفول الجنسية المغربية. ويبدو أن الدافع من تقرير إمكانية نقل الصفة المغربية من الكافل المغربي إلى المكفول الأجنبي تكمن في توفير حماية شريحة مهمة من الأطفال في وضعية صعبة من قبيل، اللقطاء، مجهولي الأبوين سواء كانت جهالة قانونية أو طبيعية أو هما معا، الأطفال الذين ولدوا خارج التراب الوطني وتم كفالتهم قصد تنشئتهم ورعايتهم والالتزام بتربيتهم وحمايتهم.
فإذا ثبتت أهمية مقاربة موضوع إسناد الجنسية المغربية عن طريق الكفالة في التشريع المغربي على العملي، فإن أهمية الموضوع على المستوى النظري لا تخلو من أهمية وذلك من خلال:
الخصوصية التي يتميز بها هذا الموضوع على مستوى قانون الجنسية، وخاصة ما تعلق منها باكتساب الجنسية عن طريق الكفالة؛
مقاربة الموضوع يمكن من تحديد المركز القانوني لكل من الكافل المغربي والمكفول الأجنبي في تشريع الجنسية المغربي؛
دراسة الموضوع يتيح تقييم مدى ملاءمة المشرع المغربي للقوانين الداخلية مع الاتفاقيات الدولية وخاصة تلك المتعلقة بحقوق الطفل والجنسية.
فالذي يقتضيه تناول موضوع دور مؤسسة الكفالة في إسناد الجنسية المغربية، هو أن هناك نص تشريعي يسمح بنقل الجنسية المغربية من الكافل المغربي إلى المكفول الأجنبي، وهو الذي يؤطر مقتضياته وإجراءاته، ويكشف ما وراء المتن القانوني من مشاكل عديدة لعل أبرزها تتمثل تحديد أهم خصوصيات النظام القانوني المرتبطة بإسناد الجنسية المغربية بناء على رابطة الكفالة؟ يتعلق الأمر بالضبط بتحديد دور مؤسسة الكفالة في نقل الجنسية المغربية من الكافل المغربي إلى مكفوله الأجنبي. ولهذا تثور تساؤلات انطلاقا من هذه الإشكالية حول ما يلي:
ما هو مفهوم مؤسسة الكفالة؟ وماهي أوجه التشابه والاختلاف مع مؤسسة التبني؟
ما هو موقف الشرع الإسلامي والتشريع المغربي من مؤسستي الكفالة والتبني؟
ما هي الشروط الشكلية والجوهرية اللازمة لممارسة الكافل المغربي حقه في نقل جنسيته إلى مكفوله الأجنبي؟
ماهي الشروط الشكلية والجوهرية اللازمة لممارسة المكفول الأجنبي حقه في اكتسابه للجنسية المغربية؟
ما هو موقف الفقه والقضاء المغربيين في مدى اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة؟
من أجل مقاربة هذه الإشكالية والتساؤلات المتفرعة عنها، تم صياغة فرضية للبحث تُعد منطلقا للإجابة عن مختلف الالتباسات التي يثيرها هذا الموضوع. وعليه، نفترض أن مجموعة من الاعتبارات الدينية والاجتماعية والاتفاقية دفعت المشرع المغربي إلى تعديل قانون الجنسية في اتجاه توسيع حالات اكتساب الصفة المغربية لتشمل حالة الإسناد عن طريق الكفالة، ووضع إطار قانوني ينظم مختلف الشروط الشكلية والجوهرية الخاصة بمسطرة نقل الجنسية من الكافل المغربي إلى مكفوله الأجنبي.
ومن أجل فحص مدى صلاحية فرضية البحث والإحاطة بتركيز بأهم الصعوبات التي تثيرها هذه الدراسة، تم اعتماد منهجا تحليليا مقارنا. فمن خلال التحليلي، تم تفكيك النظام القانوني المؤطر لمسألة اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، إلى أجزاء وعناصر قصد تبسيطه وتحديد أهم خصوصياته. وهكذا سنحاول الانطلاق من قانون كفالة الأطفال المهملين لسنة 1993 كما تم تعديله وتتميمه سنة 2002، وقانون الجنسية المغربي لسنة 1958 كما تم تعديله وتتميمه سنة 2006، في محاولة للربط بينهما للخروج بإجابات واضحة عن الإشكالية المطروحة، مع التعريج على بعض القوانين ذات الصلة بالموضوع، خصوصا مدونة الأسرة لسنة 2004 وقانون الحالة المدنية لسنة 2002 في حدود الارتباط بينهما في الموضوع، مع الاستئناس ببعض الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المرتبطة بحقوق الطفل، دون إغفال العمل القضائية والاجتهاد الفقهي على المستوى الوطني والمقارن.
كل ذلك سيتم بناء على خطة منهجية تقوم على تفكيك عناصر الموضوع إلى مبحثين، نستعرض في أولها أهم خصوصيات النظام القانوني لمؤسسة الكفالة في التشريع المغربي، في حين نخصص ثانيهما لإسناد الجنسية المغربية عن طريق الكفالة.
المبحث الأول: خصوصيات النظام القانوني لمؤسسة الكفالة في التشريع المغربي
أصبحت ظاهرة الأطفال في وضعية صعبة من الظواهر التي تثير قلق المجتمع المغربي خصوصا أمام تنامي ضحاياها من الأطفال، وهو ما دفع المشرع المغربي من إصدار مجموعة من القوانين التي ترمي إلى حماية الطفولة والارتقاء بوضعيتها القانونية، وفي مقدمتها قانون كفالة الأطفال المهملين الذي يُعتبر الاطار القانوني الناظم لمختلف الإجراءات القانونية المسطرية والموضوعية المتعلقة بمؤسسة الكفالة (المطلب الأول).
وسعيا لتوفير أكبر قدر من الحماية القانونية، قام المشرع المغربي بتأهيل مؤسسة القضاء، ممثلة في المحاكم الابتدائية، للنظر في مختلف المنازعات الناشئة عن مباشرة مسطرة إسناد الكفالة وتتبعها، وهو ما يستوجب التطرق لحدود تدخل هذه المؤسسة في هذا الإسناد وتحديد الأثار القانونية الناتجة عنها (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الاطار الفقهي والقانوني لمؤسسة الكفالة في التشريع المغربي
من البديهي جدا أن يضع المشرع ضوابط في منح الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين كفالة الأطفال المهملين، لأن الغاية التي ابتغاها من تنظيمه لهذا النوع من الكفالة هو حماية تلك الطبقة الضعيفة من الأطفال ماديا ومعنويا. ولذلك، وقبل أن يسرد المشرع المغربي خصوصيات النظام القانوني المنظم لمؤسسة الكفالة، قام بتحديد مفهوم الطفل المهمل في المادة الأولى من قانون كفالة الأطفال المهملين (الفقرة الأولى)، ثم التطرق بعد ذلك إلى مفهوم الكفالة في المادة الثانية من نفس القانون (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مفهوم الطفل المهمل
حظيت مسألة رعاية الأطفال في وضعية صعبة باهتمام كبير ودائم على الصعيد الدولي منذ 1924، تاريخ إصدار أول تصريح يتعلق بحماية الأطفال حتى تاريخ إصدار الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي أقرتها الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، والتي صادق عليها المغرب[6] بتاريخ 21 يونيو 1993. هذه الاتفاقية التي تنص في مادتها العشرين على أن:
“1- للطفل المحروم بصفة مؤقتة أو دائمة من بيئته العائلية أو الذي لا يسمح له، حفاظا على مصالحه الفضلى، بالبقاء في تلك البيئة، الحق في حماية ومساعدة خاصتين توفرهما الدولة.
2- تضمن الدولة الأطراف، وفقا لقوانينها الوطنية، رعاية بديلة لمثل هذا الطفل.
3- يمكن أن تشمل هذه الرعاية، في جملة أمور، الحضانة، أو الكفالة الواردة في القانون الإسلامي، أو التبني، أو عند الضرورة الإقامة في مؤسسات مناسبة لرعاية الأطفال. وعند النظر في الحلول، ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لاستصواب الاستمرارية في تربية الطفل ولخلفية الطفل الاثنية والدينية والثقافية واللغوية”.
أما على مستوى التشريع المغربي، فالقانون المتعلق بكفالة الأطفال المهملين[7] يُعرف الطفل المهمل في المادة الأولى منه على أنه: “يعتبر مهملا الطفل من كلا الجنسية الذي لم يبلغ سنه ثمان عشرة سنة شمسية كاملة إذا وجد في إحدى الحالات التالية:
إذا ولد من أبوين مجهولين، أو ولد من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنها بمحض إرادتها؛
إذا كان يتيما أو عجز أبواه عن رعايته وليست له وسائل مشروعة للعيش؛
إذا كان أبواه منحرفين ولا يقومان بواجبهما في رعايته وتوجيهه من أجل اكتساب سلوك حسن، كما في حلة سقوط الولاية الشرعية، أو كان أحد أبويه الذي يتولى رعايته بعد فقد الآخر أو عجزه عن رعايته منحرفا ولا يقوم بواجبه المذكور إزاءه”.
وباستقراء مقتضيات هذه المادة، يلاحظ أن المشرع المغربي ساير مضمون المادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1996 عندما حدد سن الطفولة ببلوغ ثمان عشرة سنة شمسية كاملة. بالإضافة إلى ذلك، حدد مختلف الحالات التي يمكن للطفل أن يكون فيها مهملا وهي:
الحالة الأولى: إذا ولد من أبوين مجهولين معا، أو ولد من أب مجهول وأم معروفة لكنها تخلت عنه بمحض إرادتها. هذه الحالة تضم الوضعية التي يكون فيها الولد مجهول الأبوين. والمقصود بهذه الوضعية كون الولد غير معروف الأبوين، ويدخل ضمنها “اللقيط”، وهو الطفل الضائع المنبوذ الذي لا يُعرف أهله، سواء عُلم بأنه منبوذ من أهله الذين تعمدوا تركه ولكنهم غير معروفين، أم عُلم أنه قد ضاع عن أهله أو سُرق منهم ثم نُبذ، أم عُلم بأن أهله قد هلكوا بسبب كوارث طبيعية أو حروب من غير أن يكونوا معروفين[8]. كما يدخل ضمن هذه الوضعية الولد المولود من امرأة غير متزوجة تخلت عنه فور وضعه دون بيان هويتها قصد التخلص من وليدها نهائيا.
كما تضم هذه الحالة الوضعية التي يكون فيها الطفل مجهول الأب ومعلوم الأم تخلت عنه بمحض إرادتها. فعبارة “مجهول الأب” تحتمل أمرين: الأول أن له أب شرعي وهو الأصل المفترض، ولكنه غير معروف، والثاني ليس له أب شرعي لكن لا يفترض أن أباه المجهول غير شرعي ما لم يثبت ما يخالف ذلك. وعلى العموم، فوضعية الطفل مجهول الأب تتحقق غالبا عمليا فيما إذا كانت الأم معلومة ولا تتوفر على ما يثبت أنها متزوجة لينسب الولد لصاحب الفراش الذي هو الزوج، أو كون الولد ناتج عن الشبهة، أو ناتج عن علاقة جنسية غير مشروعة، وهو ما يسمى بولد السفاح. إلا أنه لا ينبغي أن يُفهم أن المولود من أم معلومة وأب مجهول هو ولد سفاح، لأنه قد يولد من زواج مكتوم أو زواج غير موثق.
الحالة الثانية: كون الولد يتيما أو عجز أبواه عن رعايته. هذه الحالة تضم الوضعية التي يكون فيها الطفل يتيما، ومعنى اليتم[9] هو فقد الأب. أي أن للطفل أبا ثم فُقد بسبب ما، ويتحقق ذلك إما بوفاته فعليا أو بافتراض وفاته قانونيا وفي حكم المفقودين. إلا أنه يُستفاد من سياق هذه الوضعية أن المقصود من عبارة “اليتيم” في إطار المادة الأولى من قانون كفالة الأطفال المهملين، الطفل الذي فقد أبويه معا وذلك للاعتبارين التاليين:
أن الأم تمارس الولاية على أبنائها القاصرين في حالة عدم وجود الأب بسبب وفاة أو غياب أو فقدان الأهلية أو بغير ذلك (المادة 238 من مدونة الأسرة)؛
التعبير بالعطف على عبارة “اليتيم” بجملة “أو عجز أبواه”. فاشتراط عجز الأبوين معا لتحقق وضعية الإهمال يفيد أن المقصود باليتم هو فقدان الأبوين معا.
كما تضم هذه الحالة الوضعية التي يكون فيها الأبوين عاجزين عن رعاية الطفل. وتتحقق هذه الوضعية في الحالة التي يكون فيها الطفل معلوم الأبوين وموجودان على قيد الحياة لكنهما عاجزين عن رعايته، ولا يتوفر هو في هذه الحالة على إمكانيات مادية مشروعة للعيش.
الحالة الثالثة: كون أبوي الولد منحرفين أو أحدهما بعد فقد الآخر أو عجزه. فهذ الحالة تستدعي توافر شرطين: الأول انحراف الأبوين، وهذا العنصر يفترض وجودهما معا على قيد الحياة. فإذا انحرف أحدهما دون الآخر وكان هذا الأخير يقوم بما يتوجب عليه من رعاية وتربية للطفل فلا يتحقق هذا الشرط. والمقصود هنا بالعجز عن الرعاية هو تعذر القيام بالرعاية الاجتماعية والتنشئة الأخلاقية والتربوية، وليس هو مجرد من عجز مادي وعدم القدرة على الإنفاق. أما الشرط الثاني فيتمثل في عدم قيام الأبوين بواجبهما في الرعاية والتربية، أما إذا كانا قائمين بهذا الواجب إزاء الولد رغم سلوكهما فلا يتحقق شرط ممارسة الكفالة. إذن انحراف الأبوين وحده لا يكفي لنزع ولايتهما على الطفل، بل لابد من توافر عنصر الإخلال بواجب الرعاية والتربية[10].
فانحراف الأبوين أو أحدهما في حالة عجز الآخر يثبت بمقتضى حكم، وفي حالة عدم وجوده وعدم تخلي الأبوين عن رعاية الطفل فلا يمكن تصنيف هذا الأخير في خانة الأطفال المهملين حسب المادة الأولى من الظهير، برغم أن الطفل يوجد في حالة صعبة وفي بعض الحالات خطيرة مهدد في سلامته وصحته وتربيته وتنشئته[11]. وفي هذا الاطار، نورد ما جاء في تصدير قرار محكمة الاستئناف بالحسيمة، حيث صرحت: “:كفالة –طفل مهمل- مفهومه- تسليم طفل غير مهمل- توفر شروط ذلك (نعم). إن مجال تطبيق الفصل الأول من قانون كفالة الأطفال المهملين ينطبق على الأطفال المهملين، والتي يشترط لذلك كون الأبوين منحرفين ولا يقومان بواجبهما في رعاية وتوجيه الطفل، أما في حالة انعدام ما ذكر، وأمام عدم قدرة الأبوين المادية على رعاية ابنهما، فإن تسليم الطفل للتكفل به ينطبق عليه وصف غير مهمل”[12].
وإذا كان هذا القانون قد استفاد كثيرا من الانتقادات التي وجهت إلى ظهير 10 أكتوبر 1993 المتعلق بالأطفال المهملين، فيما يتعلق بتعريف الطفل المهمل، وحاول بالتالي التوسيع من مجال الحماية إلى أكبر فئة من الأطفال المهملين مركزا بالأساس على الإهمال الناتج عن حالات الطفل مجهول الأبوين أو مجهول الأب، الطفل اليتيم أو الذي عجز أبواه عن رعايته، الطفل ضحية سلوك الأبوين، فإن هناك بالمقابل أنماط أخرى من الإهمال لا تقل خطورتها عن سابقتها، ولكن الظهير لم يتطرق إليها، وتتثمل بالأساس في الأنماط التالية:
الإهمال الجسمي: مثل سوء التغذية، عدم العناية الصحية، عدم توفير الملابس المناسبة…
الإهمال النفسي: مثل عدم توفير الدعم النفسي، غياب الحب والحنان، والتشجيع…
الإهمال الصحي: مثل عدم المعالجة، أو المعالجة الخاطئة، عدم الاهتمام بنظافة الطفل[13].
أما على مستوى الفقه، فمفهوم الإهمال يشير إلى الحرمان من الرعاية الأسرية التي تتطلبها مرحلة نمو الطفل لإشباع حاجاته الفطرية التي يستعين بها على إنجاح توافقه النفسي والاجتماعي. وعلى مستوى الفقه، فهو الطفل الذي لأي سبب من الأسباب كاعتلال الصحة، موت أو انفصال الأبوين، أو عدم الشرعية، يكون غير قادر على الحياة في أسرته الطبيعية، أو هو الطفل الذي يعيش مع أسرته، ولكنه لا ينال الرعاية الكافية ولا العطف والحنان اللازمين . وهناك جانب آخر من الفقه يرى بأن الطفل هو كل من يُرفض أو يُهمل من قبل أبويه أو أحدهما، أو من قبل الذين يقومون برعايته، سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين، أو هو ذلك الطفل الذي لا يحصل على إشراف وتوجيه أسري مناسب، ولا تتوافر الرعاية التي تتطلبها مرحلة نموه، أو الذي يتعرض لإساءة معاملة في مظاهرها الجسيمة والنفسية والاجتماعية .
بعد الانتهاء من تحديد مفهوم الطفل المهمل ومختلف حلالاته وكذا تحليل الأسباب التي تؤدي إلى اعتبار الطفل مهملا، وبالتالي وضعه في كفالة شخص ذاتي أو اعتباري، صار لازما تحديد مفهوم الكفالة المقررة في قانون كفالة الأطفال المهملين؟
الفقرة الثانية: مفهوم الكفالة
الكفالة لغة، الضم، وكفله بمعنى ضمه، وتكفل بالشيء ألزم نفسه به[14]. وشرعا، إنه الطفل المهمل الذي جعل الناس يسارعون ويتسابقون بل ويختصمون ويقترعون من أجل التكفل به، وهذا ما سجله القرآن الكريم حيث قال تعالى: “وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم”[15]، فكانت النتيجة: “وكَفَلَهَا زكريا، كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا”[16]. ومعناه حسب تفسير الطبري، ضمها زكريا إليه، وفي قراءة بالتشديد “وكفَّلها زكريا”، بتشديد حرف الفاء، ومعناه كفَّلها الله زكريا. وفي تفسير ابن كثير، نصب زكريا على المفعولية، أي جعله كافلا لها. وهذا هو الطفل المهمل الذي دلت أخت سيدنا موسى عليه السلام على البيت الذي يكفله، فقالت: “هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون”[17].
ولا يترتب عن الكفالة حق في النسب ولا في الإرث، فالكفالة غير التبني، وهذا الأخير يعتبر باطلا ولا ينتج عنه أي أثر من آثار البنوة الشرعية. ويُعرف التبني بأنه علاقة أبوية مجازية بين المتبني والمتبنى، ويترتب عنها نقل ولاية أب القاصر إلى المتبني، وهو باطل في ظل مدونة الأسرة المغربية بمقتضى المادة 149 منها التي تنص على: يعتبر التبني باطلا، ولا ينتج عنه أي أثر من آثر البنوة الشرعية”، وهو حرام كذلك في الإسلام لقوله تعالى: “ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا أباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم”[18].
وعلى المستوى الاتفاقي، نص البند الثالث من المادة 20 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي أقرتها الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، على أنه: “يمكن أن تشمل هذه الرعاية، في جملة أمور، الحضانة، أو الكفالة الواردة في القانون الإسلامي، أو التبني، أو عند الضرورة الإقامة في مؤسسات مناسبة لرعاية الأطفال. وعند النظر في الحلول، ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لاستصواب الاستمرارية في تربية الطفل ولخلفية الطفل الاثنية والدينية والثقافية واللغوية”.
أما على المستوى القانوني، فالكفالة هي التزام قانوني يشمل الجوانب المادية والمعنوية المتعلقة بالطفل موضوع الكفالة[19]، وسببا من أسباب وجوب النفقة على الغير طبقا للمادة 187 من مدونة الأسرة التي تنص على: “نفقة كل إنسان في ماله، إلا ما استثني بمقتضى القانون. أسباب وجوب النفقة على الغير: الزوجية والقرابة والالتزام”. إلا أنه إذا ارتأى الكافل جعل المكفول يستفيد من ماله، فيكون ذلك عن طريق هبة أو وصية أو تنزيل أو صدقة لضمان حياة كريمة للمكفول في حالة وفاة كافله.
أما المشرع المغربي، فقد عرف الكفالة في المادة الثانية من القانون رقم 01-15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين بأنها: “الالتزام برعاية طفل مهمل وتربيته وحمايته والنفقة عليه كما يفعل الأب مع ولده ولا يترتب عن الكفالة حق في النسب ولا في الإرث”. أما المشرع التونسي فقد عرف الكفالة بأنها العقد الذي يقوم بمقتضاه شخص رشيد يتمتع بحقوقه المدنية أو هيئة البر بكفالة طفل قاصر[20]. كما عرفها المشرع الجزائري بأنها التزام على وجه التبرع بالقيام بولد قاصر من نفقة وتربية ورعاية قيام الأب بابنه وتتم بعقد شرعي[21].
وبهذا يكون المشرع المغربي حدد مفهوم الكفالة بشكل دقيق وواضح من كلا التشريعين التونسي والجزائري، بحيث تنصب على كل شؤون الطفل، سواء ما يتعلق بالجوانب المعنوية المتمثلة في التربية والحماية والرعاية بما يحمله ذلك من معاني الحضانة والصيانة؛ سواء في الجانب الصحي أو الجانب الأخلاقي، وحفظه مما قد يضره قدر المستطاع والقيام بالعناية بشؤونه في التهذيب والتوجيه والدراسة؛ أو ما يتعلق بالجوانب المادية المتمثلة في النفقة ومشتملاتها، من السكنى والطعام والكسوة والتمريض بالقدر المعروف وما تعتبر من الضروريات في العرف والعادة[22]. وهكذا يمكن القول أن نطاق التكفل بطفل مهمل واسع جدا، بحيث إذا استثنينا حق النسب المفضي إلى الحق في الإرث، وجدناه يضاهي نفس ما يقوم به الأب تجاه ابنه من الواجبات المنصوص عليها في المادة 54 من مدونة الأسرة، وهذا ما رسخه بعض العمل القضائي من خلال تصدير الأمر الصادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط حيث جاء فيه: “كفالة طفل مهمل لا يترتب عنها الحق لا في النسب ولا في الإرث، لأن الكفالة ليست بالتبني، بل هي التزام برعاية الطفل المهمل وتربيته وحمايته والنفقة عليه كما يفعل الأب مع ابنه دون الحق في المساس في هويته التي تعتبر حقا له فقط”[23].
وعلى مستوى الفقه، فالكفالة هي بمثابة ولاية عن النفس، إذ هي السهر على العناية بالولد في تهيء غذائه وتنظيف لباسه وفراشه وحفظه مما قد يتعرض له من خطر في جسمه وسلوكه وصحته . فهو ذلك العمل الإنساني المنحصر من جهة في ضمان حياة اجتماعية سليمة للطفل وتقرير كل الضمانات والامتيازات التي تخولها له الشريعة الإسلامية، ومن جهة أخرى إرضاء رغبة المتكفل الذي لا ينجب أطفالا في أغلب الأحيان .
وعلى العموم، فالكفالة مؤسسة اجتماعية بديلة لرعاية الطفل المهمل، وهي نظام بديل لمؤسسة التبني وضعه المشرع لغاية اجتماعية وذلك لرعاية الأولاد اللقطاء، وكذا مجهولي النسب وتولي أمر الولد الذي عجز أبواه عن تنشئته ورعايته لظروف اقتصادية واجتماعية.
المطلب الثاني: حدود تدخل القضاء في إسناد الكفالة والأثار القانونية الناتجة عنها
من المؤكد أن حماية حقوق الطفل المعنوية بترسانة قانونية تُعد مسألة ضرورية للتنشئة الاجتماعية السليمة للطفل، ولكن تبقى بالرغم من ذلك غير كافية، إذ يستلزم تدخل السلطة القضائية التي تعتبر ضامن حماية حقوق الأفراد والجماعات، والمجسد لها والساهر على مدى احترامها وممارستها على أرض الواقع. وحسنا فعل المشرع المغربي بجعله للأمر الصادر بإسناد الكفالة ذو طبيعة قضائية، فالمشرع لم يحصر الرقابة داخل المغرب فقط، بل استحدث آليات تمكنه من مراقبة أحوال الطفل المكفول ببلد المهجر، وتتجلى أساسا في الإنابة القضائية[24]، وعن طريق القنصليات. وفي هذا الإطار، نورد ما جاء في تصدير قرار محكمة الاستئناف بأكادير: “أن مهمة تتبع وضعية المكفول خارج المغرب موكولة للقنصليات المغربية بالخارج التي تزود القاضي بتقارير حول أحوال المكفول”[25].
وهكذا فمعرفة دور السلطة القضائية في حماية حق الطفل في الكفالة، يكون من خلال تحديد نطاق تدخل كل من مؤسستي النيابة العامة ومؤسسة القاضي المكلف بشؤون القاصرين في رعاية الأطفال المهملين (الفقرة الأولى)، وكذا من خلال تحديد مختلف الآثار القانونية المترتبة عن كفالة طفل مغربي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: دور السلطة القضائية في رعاية الأطفال المهملين
إن القاضي باعتباره حامي الحقوق، له دور فعال في مسطرة إسناد كفالة الأطفال المهملين، إلا أن دوره يتحدد بالنصوص القانونية التي تعطي لمختلف المؤسسات القضائية صلاحية التدخل. وهكذا فبيان وظيفة السلطة القضائية في تدبير ملفات إسناد الكفالة، يقتضي توضيح نطاق تدخل مؤسسة النيابة العامة (أ) في مسطرة الإسناد، دون إغفال مختلف الإجراءات التي تباشرها مؤسسة القاضي المكلف بشؤون القاصرين في هذه المسطرة (ب).
تدخل مؤسسة النيابة العامة
بمجرد أن يصل إلى علم مؤسسة النيابة العامة، من لدن أي شخص أو من لدن الشرطة القضائية أو أي سلطة معينة، بأن هناك طفلا مهملا بالمعنى المبين سلفا، فإن قانون كفالة الأطفال المهملين خول لوكيل الملك اتخاذ بعض التدابير الرامية إلى حماية الطفل الوليد الذي تم العثور عليه. ومن هذا المنطلق، يلعب السيد وكيل الملك دور عند العثور على الطفل المهمل، ودور مسطري بعد إيداع الطفل بإحدى المؤسسات المكلفة برعاية الأطفال وحضانتهم أو لدى بعض العائلات المرشحة لكفالة الطفل، ودور في المراقبة والاطلاع على المساطر الرائجة لإتمام إجراءات الكفالة، ودور عند تنفيذ الأمر بالكفالة وتسليم الطفل للكفيل وتتبع الكفالة[26].
وهكذا يأمر السيد وكيل الملك:
بإيداع الطفل المهمل بإحدى المؤسسات أو المراكز المكلفة برعاية الأطفال أو لدى بعض العائلات التي ترغب في كفالة هذا الطفل. وفي هذا الاطار تنص الفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون كفالة الأطفال المهملين على أنه: “يقوم وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الواقع بدائرة نفوذها مقر إقامة الطفل، أو مكان العثور عليه، بإيداع الطفل مؤقتا بإحدى المؤسسات أو المراكز المذكورة في المادة 8 أدناه، إما تلقائيا أو بناء على إشعار من طرف الغير، ويقوم وكيل الملك بإجراء بحث في شأن الطفل”.
بإجراء بحث حوله. وفي هذا الاطار تنص الفقرة الأولى من المادة السادسة من نفس القانون على أنه: “تقوم المحكمة عند الاقتضاء بعد الاطلاع على نتائج البحث الذي قدمه وكيل الملك بإجراء كل بحث أو خبرة تكميلية تراها ضرورية”.
بمباشرة الإجراءات اللازمة لتسجيله في سجلات الحالة المدنية. هذه الإجراءات منصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون التي تنص على أنه: “يقوم وكيل الملك عند الاقتضاء بكل الإجراءات الرامية إلى تسجيل الطفل بالحالة المدنية قبل تقديمه طلب التصريح بالإهمال، ومن بينها إقامة الدعاوى وكل ذلك مع مراعاة أحكام القانون المتعلق بالحالة المدنية”. وفي هذا الاطار نورد ما جاء في تصدير محكمة الاستئناف بالناضور: “طفلة مهملة- تسجيل بالحالة المدنية من طرف النيابة العامة- قبل التصريح بالإهمال- وجوب (لا)- عند الاقتضاء (نعم)”.
والجدير بالذكر أن مقتضيات الفصل الخامس من القانون رقم 01-15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين، الذي نص على مبادرة النيابة العامة إلى تسجيل طفل بكناش الحالة المدنية قبل المطالبة بالتصريح بكونه مهملا، لم يوردها المشرع على سبيل الوجوب، وإنما على سبيل الاقتضاء فقط، ومتى رأى وكيل الملك ضرورة وفق سلطته التقديرية وملائمته لظروف الوقائع المكونة لعنصر الاستعجال المطلوب في الطفل المهمل”[27].
يقدم على الفور طلبا إلى المحكمة المختصة للتصريح بإهماله. وفي هذا الصدد تنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون على أنه: “يقدم وكيل الملك على الفور طلب التصريح بأن الطفل مهمل، إلى المحكمة الابتدائية الواقع بدائرة نفوذ مقر إقامة الطفل أو مكان العثور عليه أو مقر المركز الاجتماعي المودع به”.
يقدم عناصر البحث الذي أجرته المحكمة وفق منطوق الفقرة الثانية من المادة الخامسة التي تنص على أنه: “يقدم وكيل الملك للمحكمة عناصر البحث الذي أجراه من أجل إثبات كون الطفل مهملا”.
يأمر بتعليق الحكم التمهيدي الذي تصدره المحكمة ليتمكن والدا الطفل المهمل من التعريف بنفسيهما للمطالبة باسترداده؛
يوجه نسخة من الحكم الصادر المتعلق بإهمال الطفل إلى السيد القاضي المكلف بشؤون القاصرين. وفي هذا الاطار تنص المادة السابعة من القانون على أنه: “توجه نسخة من الحكم المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 6 أعلاه، بطلب من وكيل الملك أو من الشخص الذي يطلب كفالة الطفل إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين لدى المحكمة المختصة”؛
يُنفذ مقرر إسناد الكفالة بحضور ممثل النيابة العامة وباقي الجهات المحددة في المادة 18 من القانون المذكور؛
إمكانية تنفيذ الأمر بإلغاء الكفالة الذي يتخذه القاضي المكلف بشؤون القاصرين عن طريق النيابة العامة بواسطة القوة العمومية (المادة 20).
فإذا ثبت دور مؤسسة النيابة العامة في مسطرة كفالة الأطفال المهملين، فإن التساؤل الذي يطرح متعلق بتكييف طبيعة تدخلها في هذه المسطرة وخاصة في دعوى التصريح بالإهمال، بمعنى آخر هل تتدخل كطرف أصلي أو كطرف منضم؟ فبالرجوع إلى مقتضيات قانون المسطرة المدنية، خاصة الفصول 6 و8، نجد المشرع لم يحدد حالات التدخل الرئيسي للنيابة العامة، وإنما اقتصر على إيراد بعض المقتضيات العامة، وهذا ما يفرض الرجوع إلى فصول أخرى من قانون المسطرة المدنية، وبعض القوانين الخاصة لتكييف دور النيابة العامة.
وعليه، واستنادا إلى الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية، يتضح أن من ضمن الدعاوى التي تبلغ إلى النيابة العامة بصفتها طرفا منضما في قضايا الأسرة، وضمن قضايا الأسرة هذه نجد النيابة الشرعية، فهذه الأخيرة وكما هو معلوم إما ولاية أو وصاية أو تقديم، نجدها مضمنة في قانون كفالة الأطفال المهملين، حيث نص البند الثاني من المادة 17 منه على أنه: “ينص الأمر على تعيين الكافل مقدما عن المكفول”. ومادام الكافل حسب هذه المادة مقدما على المكفول، أي يمارس نيابة قانونية عليه فهو ينضوي ضمن الاطار المخول للنيابة العامة أن تمارس مهامها فيه، أي يتضمن دعاوى التصريح بالإهمال[28].
غير أن المركز القانوني للنيابة العامة في مسطرة كفالة الأطفال المهملين لا يقتصر فقط في الصفة الانضمامية، بل يتعداه إلى الصفة الأصلية، إذ نصت المادة 3 من مدونة الأسرة على أنه: “تعتبر النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذه المدونة”. ولما كانت النيابة الشرعية من ضمن أحكام مدونة الأسرة، فإن النص الخاص مقدم هنا على النص العام الوارد في قانون المسطرة المدنية. وعليه، فالنيابة العامة تشكل طرفا أصليا في دعاوى التصريح بالإهمال، وأن ما يسند هذا الطرح هو أن التصريح بالإهمال ينتج عنه إسقاط الولاية الشرعية للأبوين، ولأن أحكام الولاية تتعلق بالنظام العام، فكان تدخل النيابة العامة في دعوى التصريح بالإهمال له ما يبرره.
وكيفما كانت صفة تدخل مؤسسة النيابة العامة في مسطرة إسناد كفالة الأطفال المهملين، فإن نشاطها القضائي والولائي يمتد من بداية المسطرة إلى نهايتها، ويبرز الجدول الآتي معطيات إحصائية تهم تدخل هذه المؤسسة في مادة كفالة الأطفال المهملين خلال سنة 2018.
الجدول رقم 01: نشاط النيابة العامة في تطبيق أحكام القانون المتعلق بكفالة الأطفال المهملين خلال سنة 2018
المادة | العدد |
الأطفال حديثي الولادة الذين تم العثور عليهم – ذكور | 189 |
الأطفال حديثي الولادة الذين تم العثور عليهم – إناث | 171 |
الأطفال المتخلى عنهم – ذكور | 860 |
الأطفال المتخلى عنهم – إناث | 789 |
حالات الإيداع المؤقت لدى المؤسسات | 602 |
حالات الإيداع المؤقت لدى الأشخاص | 503 |
طلبات التسجيل في الحالة المدنية | 9415 |
طلبات التصريح بالإهمال | 2174 |
الأحكام الصادرة بالتصريح بالإهمال الموجهة إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين | 1422 |
الأبحاث القبلية المجراة حول الظروف التي ستتم فيها الكفالة | 1986 |
الأوامر بإسناد الكفالة المستأنفة | 85 |
الكفالات المنفذة | 1656 |
الأبحاث المجراة لتتبع تنفيذ الكفالة | 1105 |
حالات إلغاء الكفالة لإخلال الكافل بالتزاماته | 4 |
حالات إلغاء الكفالة لتنازل الكافل عن الكفالة | 46 |
حالات إلغاء الكفالة للمصلحة الفضلى للطفل المكفول | 25 |
تنفيذ الأوامر الصادرة بإلغاء الكفالة بواسطة القوة العمومية | 1 |
تنفيذ الأوامر الصادرة بإلغاء الكفالة | 26 |
المجموع | 21059 |
المصدر: رئاسة النيابة العامة المغربية 2018
من خلال المعطيات الكمية والكيفية التي يتضمنها الجدول أعلاه، يتضح جليا أن نشاط مؤسسة النيابة العامة يمتد ليشمل كافة المراحل والوضعيات التي يوجد فيها الطفل المهمل، إذ تتدخل المؤسسة قبل إسناد الكفالة، وأثناءها وبعد إسنادها. وهكذا بلغ عدد الأطفال حديثي الولادة الذين تم العثور عليهم 360 طفل وطفلة، فيحين بلغ عدد الأطفال المتخلى عنهم 1649 طفل وطفلة، وهو ما يسمح بالقول أن ظاهرة الإهمال لا يقتصر على جنس معين فهو يشمل الذكور والإناث بنسب متقاربة. وفي نفس السنة، تم إيداع 602 حالة من هؤلاء الأطفال مؤسسات الرعاية الاجتماعية، في حين تم الاحتفاظ ب 503 حالة لدى الأشخاص، وهو ما يؤشر على ترسخ مبدأ التضامن في المجتمع المغربي.
كما بلغ عدد الكفالات المنفذة 1656 حالة تم خلالها إجراء 1105 بحثا لتتبع تنفيذ الكفالة، وفي حالة إخلال الكافل بأحد التزاماته، يتم إلغاء الكفالة (04 حالات)، أو لتنازل الكافل عنها (45 حالة)، أو إلغائها لمصلحة الطفل الفضلى (25 حالة) من طرف القاضي المكلف بشؤون القاصرين.
تدخل القاضي المكلف بشؤون القاصرين
عهد المشرع المغربي إلى السيد القاضي المكلف بشؤون القاصرين بإسناد الكفالة إلى الشخص أو الجهة الراغبة في الكفالة، وذلك بعد قيامه بجمع المعلومات والمعطيات حول الظروف التي تتسم فيها كفالة الطفل المهمل عن طريق بحث يجريه بواسطة لجنة خاصة مكونة كما يلي:
ممثل للنيابة العامة؛
ممثل للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف والشؤون الإسلامية؛
ممثل للسلطة المحلية؛
ممثل للسلطة الحكومية المكلفة بالطفولة؛
فضلا عن المساعدة الاجتماعية والكفيل.
وحتى يتأتى تفعيل هذه المقتضيات وفق ما توخاه المشرع، وتتحقق الغاية المرجوة من نظام كفالة الأطفال المهملين، أصدر وزير العدل منشور[30] موجه إلى رؤساء المحاكم ووكلاء الملك والقضاة المكلفين بشؤون القاصرين وذلك:
بإنجاز الأبحاث وجمع المعلومات المتعلقة بالظروف التي ستتم فيها كفالة الطفل المهمل بكل دقة وعناية، مع تفعيل الدور الذي تقوم به اللجنة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون 01-15؛
تعميق الأبحاث المنجزة من طرف الضابطة القضائية حول أهلية طالب الكفالة ومدى مؤهلاته للتكفل بالطفل وخاصة إذا كان أجنبيا؛
التأكد من كون الأجانب الذين يرغبون في كفالة الأطفال المهملين يتوفرون على مؤهلات الكفالة، ولهم الضمانات ما يجعل الرقابة القضائية تمتد لتتبع أحوال الطفل المكفول؛
الحرص على أن يتم تسليم الطفل المهمل بحضور ممثل السلطة المحلية والمساعدة الاجتماعية.
ويمكن للقاضي إذا اقتضت ذلك طبيعة البحث، أن يستعين بأي شخص أو جهة يراها مفيدة لهذه الغاية.
فالهدف من البحث الذي يقوم به القاضي المكلف بشؤون القاصرين هو التأكد مما إذا كان الشخص الراغب في الكفالة مستوفيا للشروط المتطلبة قانونا. وفي حالة ما إذا كان البحث إيجابيا، أي في الحالة التي تتوافر فيها الشروط المطلوبة في طالب الكفالة، فإن القاضي المكلف بشؤون القاصرين يصدر أمرا بإسناد كفالة الطفل المهمل إلى الشخص أو الجهة التي تقدمت بالطلب. ويكون هذا الأمر مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون.
وعلى مستوى العمل القضائي، نور ما جاء في تصدير قرار محكمة الاستئناف بورزازات: “إرفاق الكافلين طلبهما بجميع الوثائق المنصوص عليها قانونا، كما أن إنجاز البحوث الاجتماعية طبقا للمادة 16 من قانون 01-15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين يجعل طلبهما مطابقا للقانون”[31]. وعلى نفس النهج سارت المحكمة الابتدائية بالرباط –قسم قضاء الأسرة- حيث جاء في تصدير الحكم: “استجابة طلب الكفالة للشروط المنصوص عليها قانونا سواء من خلال الوثائق المدلى بها أو من خلال البحوث الاجتماعية المنجزة، يجعل إسناد كفالة الطفلة إليها موافق للقانون”[32].
ولما كانت الغاية من فلسفة المشرع من دور هذه اللجنة حسبما جاء بالمادة المذكورة، بيان ما إذا كان الشخص أو الجهة الراغبة في الكفالة متوفرا على الشروط المنصوص عليها في المادة 9 من القانون المذكور أم لا، وذلك من شرط الإسلام والرشد والخلو من الأمراض وانعدام السوابق والتوفر على الموارد الكافية لسد احتياجات المكفول، فإنه إذا وُجد من الوثائق والأبحاث ما يُفيد ذلك، فإنه يُرتب عليه أثره حتى ولو لم تُجب بعض الجهات من اللجنة الرباعية المذكورة بعد استدعائها[33]، وهذا ما يبدو من توجه محكمة النقض المغربية من خلال عدة قرارات أهمها:
قرار محكمة النقض عدد 427 الصادر بتاريخ 21 يناير 2012 في الملف عدد 159-2-1-2012، إذ اعتبرت ما أدلي به من وثائق من طرف الأجنبية ذات الجنسية الإسبانية، وما أجراه القاضي المكلف بشؤون القاصرين من بحث، مبينا توفر الشروط المطلوبة في الراغب في الكفالة المنصوص عليها في المادة 9 من القانون المومأ إليه، في غياب إجابة بعض الجهات المنصوص عليها في المادة 16 رغم الإمهال والتذكير.
قرار محكمة النقض عدد 429 الصادر بتاريخ 21 ماي 2013، إذ اعتبرت ما أدلي به من وثائق وتقارير وأبحاث تفيد توفر الشروط المنصوص عليها في المادة 9 من القانون 01-15 المتعلقة بالراغبة في الكفالة من اعتناق الإسلام والقدرة على الكفالة والخلو من الأمراض المعدية، بالرغم من عدم إنجاز بعض الجهات المنصوص عليها في المادة 16 لأبحاثها رغم الإهمال لوقت كاف.
وبالإضافة إلى ما سبق، فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 17 من قانون كفالة الأطفال المهملين على أنه: “يكون أمر القاضي المكلف بشؤون القاصرين مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون رغم كل طعن”. كما ينص الأمر على تعيين الكافل مقدما عن المكفول، وفي حالة استئناف أمر القاضي فإن المحكمة تبت في هذا الاستئناف في غرفة المشورة لمحكمة الاستئناف والتي تتسم بمميزات منها سرية الجلسة وسرعة البت. وينفذ الأمر الصادر بالكفالة من طرف المحكمة الابتدائية التابع لها القاضي المصدر لأمر الكفالة داخل خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره.
وبعد التثبت من هوية الكفيل، يُسلم له الطفل موضوع التقرير ليتولى شؤونه ويتعهد بأن لا يسلمه لغيره إلا بموافقة قاضي شؤون القاصرين، وألا يسافر به إلا بعد أخذ إذن من القاضي المذكور، وبإخبار القاضي بكل هبة أو صدقة أو تنزيل ارتأى الكفيل جعلها للطفل. وإذا امتنع كافل الطفل المهمل عن تنفيذ مقتضيات الأمر القضائي الصادر بالكفالة، يشعر القاضي المكلف بشؤون القاصرين بذلك، ويتعين حينئذ على القاضي أن يُحيل الملف على النيابة العامة لتسهر على تنفيذه بواسطة القوة العمومية، أو بما تراه ملائما من الوسائل، ويجب في جميع الأحوال اتخاذ الإجراءات المناسبة لمصلحة الطفل الفضلى.
ويتم إسناد الكفالة عن طريق تسلم الطفل المهمل إلى الكفيل في المركز أو الحضانة الموجود بها الطفل الذي سبق وأن صرحت المحكمة بأنه طفل مهمل، حيث تتم معاينة الطفل وتوصف حالته ولباسه والتلقيحات التي أجريت له. بعد ذلك يقوم كاتب الضبط التابع لمحكمة نفس القاضي بتحرير ذلك في محضر في ثلاثة نظائر يحتفظ به في ملف خاص لدى مكتب القاضي المكلف بشؤون القاصرين، ويسلم الثاني إلى الكافل ويحتفظ بالثالث في ملف التنفيذ بالمحكمة.
فضلا عن ذلك، يشار بطرة رسم ولادة الطفل المكفول إلى الوثيقة التي تم بمقتضاها إسناد الكفالة طبقا للتشريع الجاري به العمل[34]. ولكي يتمكن الكافل القاطن بالخارج من السفر بالمكفول للإقامة الدائمة معه خارج التراب الوطني، يتعين عليه الحصول على إذن بذلك من طرف القاضي المكلف بشؤون القاصرين، باعتباره الولي الشرعي على الطفل المهمل. ومنح هذا الإذن يكون قاصرا فقط على الطفل مجهول الأبوين، فمتى كانت أسرته معروفة لا يمكن الإذن للكافل للإقامة به خارج المغرب حفاظا على صلاته بعائلته، وعدم فصله عن والديه عملا بمقتضيات المادتان 8 و9 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
وسعيا من المشرع المغربي لحماية المصلحة الفضلى للطفل المكفول، أعطى في هذا الاطار دورا فعالا للقضاء، من أجل مراقبة توافر الشروط القانونية، وترك للقاضي سلطة تقديرية واسعة لمراقبة الشروط الأخلاقية والمادية لطالب الكفالة، وبالتالي التأكد من أنه قادر على رعاية الطفل المراد التكفل به، خاصة وأن المواثيق الدولية أصبحت تهتم كثيرا بالإنسان وحقوقه بصفة عامة وبالطفل بصفة خاصة، وبكفالة الطفل المهمل بصفة أخص، وركزت على جملة واحدة: “مراعاة المصلحة الفضلى للطفل”[35].
وعلى مستوى العمل القضائي، نورد ما جاء في تصدير قرارين صادرين عن محكمة الاستئناف بأكادير: “مادام المشرع خول للقنصليات المغربية خارج المغرب القيام بمهمة تتبع وضعية المكفول، ومادام أن مصلحة هذا الأخير تقتضي تواجده مع كافليه، ولهذا فإن سكنه خارج المغرب ليس فيه ضرر بمصلحته”[36]. أما القرار الثاني، فقد جاء فيه: “المطالبة بإلغاء حكم الإهمال بعد صدور أمر بإسناد الكفالة لفائدة المكفولين والإذن لهما بالسفر بالمكفول، يبقى غير ذي جدوى، مادام أنه يتعارض مع مصلحة المكفول”[37]. كما جاء في تصدير الأمر الصادر عن المحكمة الابتدائية بأكادير ما يلي: “السفر بالمكفول حق من حقوق الكافلين حتى يقوما بمهمتهما طبقا للقانون”[38].
فالمشرع ومن أجل حماية المصلحة الفضلى للطفل المكفول من طرف كفيل أجنبي، يقبل إسناد الكفالة فقط للشخص المتوفر على شروطها المنصوص عليها في المادة التاسعة من القانون 01-15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين. إلا أن موقف المغرب من مسألة إمكانية السفر بالمكفول إلى خارج المغرب عرف اضطرابا.
وهكذا، فبعد اكتشاف المشرع المغربي لموقف بعض الدول الأجنبية، وخاصة الغربية وسلوكها في التعامل مع مؤسسة النيابة العامة، أصدر السيد وزير العدل منشورا[39] موجه إلى السادة رؤساء المحاكم الابتدائية والى القضاة المكلفين بشؤون القاصرين جاء فيه: “وبعد، فقد تبين من خلال الاطلاع على بعض المقررات القضائية الصادرة عن محاكم أجنبية، أن سلطات بعض الدول حينما تلاحظ أن بعض الأشخاص أخذوا معهم طفلا مهملا، أذنت السلطات القضائية بكفالته ورخصت لكافله بأخذه خارج التراب الوطني، تفتح في حقهم مساطر قضائية، وتقرر سحب الطفل من هذه العائلة وتسلمه إلى أخرى أو مؤسسة مؤهلة، معتمدة في ذلك على أن المعنيين بالكفالة لم يحترموا المقتضيات القانونية التي تنظم التبني في بلد الاستقبال.
ويتجلى من ذلك أن العناية التي توخاها المشرع من نظام الكفالة لا تتحقق، رغم الاحتياطات التي يتخذها القاضي المكلف بالتوثيق وشؤون القاصرين.
ولتفادي الوقوع في مثل هذه الوضعيات، يتعين استقبالا وقبل الترخيص بمغادرة الطفل للتراب الوطني في اتجاه الدولة التي يريد الكافل أخذه إليها، التأكد من وجود اتفاقية قضائية تسمح بنظام الكفالة، أو أدلاء الكافل بإشهاد من سلطات ذلك البلد يثبت سلامة الوضعية القانونية التي سوف يعيشها المكفول إثر انتقاله إليه”.
يتضح من المنشور أعلاه أن إمكانية السفر بالمكفول خارج المغرب أصبحت مقيدة بتوافر أحد الشرطين:
وجود اتفاقية قضائية تسمح بنظام الكفالة بين المملكة المغربية والدولة المراد الإقامة بها؛
إدلاء الكافل بإشهاد من سلطات البلد الذي ينوي الإقامة به يثبت سلامة الوضعية القانونية التي سوف يعيشها المكفول إثر انتقاله إليه.
فإذا ثبت دور مؤسسة النيابة العامة لدى المحاكم الابتدائية أو الاستئنافية في مسطرة إسناد كفالة الأطفال المهملين مع كل ما يرتبط بها من إجراءات قانونية، فإن نشاط هذه المؤسسة يمتد ليشمل باقي صور الحماية الاجتماعية والنيابة الشرعية، كما هو مبين في الجدول التالي:
الجدول رقم 02: نشاط النيابة العامة في بعض قضايا الأسرة بالمحاكم خلال سنة 2018[40]
المادة | محاكم الاستئناف | المحاكم الابتدائية | المجموع |
كفالة الأطفال المهملين | 53 | 2493 | 2546 |
الحضانة | 367 | 2053 | 2420 |
التحجير والتقديم | 52 | 1369 | 1421 |
المجموع | 472 | 5915 | 6387 |
المصدر: رئاسة النيابة العامة المغربية 2018.
من خلال المعطيات الرقمية التي يوفرها الجدول أعلاه، يتضح أن مؤسسة النيابة العامة تسعى إلى استثمار صفتها كطرف أصلي في قضايا الأسرة للمساهمة في المحافظة على حقوق الأطفال في وضعية اجتماعية صعبة، سواء كانوا مهملين (2546 حالة) أو محضونين (2420 حالة) أو موضوعين في تحت تدابير الحجر والتقديم (1421 حالة). كما تجدر الإشارة إلى أن وضعية الإهمال التي يعاني منها فئة عريضة من الأطفال تظل الموضوع الأكثر حضورا في نشاط مؤسسة النيابة العامة برسم سنة 2018 وهو ما يؤشر على حرص المؤسسة على إسناد الكفالة للأشخاص الذين يرغبون في رعاية الأطفال المهملين، وهو ما يرتب مجموعة من الآثار القانونية على المستوى الاجتماعي والهوية.
الفقرة الثانية: الآثار القانونية المترتبة عن كفالة طفل مغربي
ترتب الكفالة – باعتبارها تصرفا قانونيا – مجموعة من الحقوق للطفل المكفول في مواجهة الكافل، وهي حقوق موضوعة تحت الوصاية يباشرها النائب القانوني تحت سلطان القانون ورقابة القضاء، ولا تقابلها واجبات على المكفول ولا يجوز التنازل عنها، وتنقسم هذه الحقوق إلى قسمين، قسم يرتبط بحماية حق المكفول في الرعاية الاجتماعية (أ)، وقسم مرتبط بحماية حق الطفل في الهوية (ب).
الآثار القانونية المترتبة عن كفالة طفل مغربي على مستوى الرعاية الاجتماعية
عملا بمقتضيات المادة 22 من قانون كفالة الأطفال المهملين، فإن الأمر الصادر عن القاضي المكلف بشؤون القاصرين بإسناد الكفالة تترتب عنه عدة النتائج منها على وجه الخصوص:
تحمل الكافل أو المؤسسة أو الهيئة أو المنظمة أو الجمعية المعنية تنفيذ الالتزامات المتعلقة بالنفقة على الطفل المكفول وحضانته ورعايته وضمان تنشئته في جو سليم، مع الحرص على تلبية حاجياته الأساسية إلى حين بلوغه سن الرشد القانوني طبقا للمقتضيات القانونية المتعلقة بالحضانة والنفقة المنصوص عليها في مدونة الأسرة؛
إذا كان الولد المكفول أنثى، فإن النفقة يجب أن تستمر إلى أن تتزوج طبقا لمقتضيات المادة 198 من مدونة الأسرة؛
إذا كان المكفول مصابا بإعاقة أو عاجزا عن الكسب، فإن النفقة يجب أن تستمر إلى أن تتزوج طبقا لمقتضيات المادة 198 من مدونة الأسرة؛
استفادة الكافل من التعويضات والمساعدات الاجتماعية المخولة للوالدين عن أولادهم من طرف الدولة، أو المؤسسات العمومية أو الخصوصية أو الجماعات الترابية أو هيأتها؛
إمكانية استفادة المكفول من هبة أو وصية أو تنزيل أو صدقة صادرة عن الكافل، إذ يتولى القاضي المكلف بشؤون القاصرين على إعداد العقد اللازم لذلك وعلى حماية حقوق المكفول.
الآثار القانونية المترتبة عن كفالة طفل مغربي على مستوى حماية حق الهوية
إن الاهتمام بحق الطفل في الهوية أضحى من بين الحقوق المعترف بها دوليا باعتبارها أصل كل الحقوق ومصدرها الأول. فعلى أساس الوجود القانوني للطفل، يكون له الحق في الحياة والحماية من أي خطر يهدد سلامته الجسدية وشخصيته القانونية وذلك من خلال حماية حقه في التسجيل في الحالة المدنية.
ومن هذا المنطلق، تُعد مؤسسة الحالة المدنية الوسيلة المثلى للتعريف بالشخص والكشف عن هويته، فبدون وثائق الحالة المدنية لا يمكن للإنسان إنجاز أية وثيقة أو ولوج أي مهنة[41]. وتستمد سجلات الحالة المدنية قيمتها من الطبيعة الإجبارية لتسجيل بعض الوقائع المهمة في حياة الأشخاص، مثل الولادة والزواج والكفالة والطلاق والوفاة وغيرها[42]، بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر قانون الحالة المدنية من النظام العام، لما له من أهمية وآثار على حياة الفرد وهويته والتعريف بالأسر وتنظيم المجتمع[43]. لأجل ذلك، أضفى المشرع المغربي على رسوم الحالة المدنية نفس الحجية الإثباتية التي للوثائق الرسمية[44].
وبالرجوع إلى قانون كفالة الأطفال المهملين، فإن مقتضيات المادة 21 منه تنص على أن الأمر الذي يصدره القاضي المكلف بشؤون القاصرين، سواء في إطار إسناد الكفالة أو بإلغائها أو باستمرارها، يوجهه إلى ضابط الحالة المدنية المسجل لديه رسم ولادة الطفل المكفول، وذلك داخل أجل شهر ابتداء من تاريخ صدوره. ويتعين على ضابط الحالة المدنية المحال عليه الأمر المذكور سابقا، سواء بإسناد الكفالة أو بإلغائها أو باستمرارها، أن يُشير فيه بطرة رسم ولادة الطفل المكفول طبقا لمقتضيات المادة 16 من قانون الحالة المدنية، وكذا تقديم طلب لنقل تسجيل ولادته إلى المحكمة الابتدائية بالرباط الذي تصدر بناء على ذلك أمرا يقضي بهذا التسجيل وفق مقتضيات المادة 18 من نفس القانون.
أما على مستوى الحق في الجنسية، فنظرا لاختلاف المركز القانوني للطفل المغربي عن نظيره الأجنبي في التشريع الوطني، وخاصة ما تعلق بقانون الجنسية، فإنه يتعين تمييز الآثار القانونية المترتبة عن كفالة طفل مغربي مهل عن تلك المترتبة عن كفالة طفل أجنبي. فالطفل تُسند إليه الجنسية المغربية عن طريق النسب من جهة أبيه المغربي أو عن طريق البنوة من جهة أمه المغربية. كما يُعتبر مغربيا الولد المولود في المغرب من أبوين مجهولين بناء على الرابطة الترابية. وهكذا فإسناد الجنسية المغربية لا تطرح أية إشكالات قانونية أو عملية بالنسبة للأطفال المولودين في المغرب سواء كانوا معلومي أو مجهولي الأبوين. إلا أن الأمر يختلف بالنسبة للأطفال المهملين الأجانب، حيث ابتكر المشرع المغربي مصدرا جديدا لإسناد الجنسية المغربية إليهم بحكم القانون عن طريق مؤسسة الكفالة.
المبحث الثاني: إسناد الجنسية المغربية عن طريق الكفالة
بمقتضى القانون رقم 06-62 لسنة 2006 المتعلق بقانون الجنسية المغربية، أصبح الفصل التاسع منه يتضمن فقرتين مقارنة مع النص القديم، الأولى تنظم مسألة اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الولادة في المغرب والإقامة به، أما الفقرة الثانية فتتعلق بمسألة اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة. هنا يتعلق الأمر بإحداث مصدر جديد لاكتساب الصفة المغربية، وابتكار من ابتكارات المشرع المغربي في ميدان الجنسية، أطلق عليه اكتساب الجنسية عن طريق الكفالة.
ومن هذا المنطلق، يمكن القول أن تنصيص المشرع المغربي على هذه الحالة من شأنه من جهة أن يحقق نوع من الانسجام بين نصوصه الداخلية وبين هذه الأخيرة والتشريع الدولي، ومن جهة أخرى أن يحد من حالات انعدام الجنسية وضمان الجنسية لكل طفل[45]. غير أن هذا الاكتساب لا يتم بشكل تلقائي، بل يتوقف على تقديم تصريح من طرف الكافل أو المكفول. وبناء عليه، فقد قسَّم المشرع المغربي الفقرة الثانية من الفصل التاسع من القانون المذكور أعلاه بدورها إلى بندين، خاطب من خلال البند الأول الشخص المغربي الكافل الذي يتولى، نيابة عن مكفوله ولفائدته، طلب إسناد الجنسية المغربية (الفقرة الأولى)، في حين يخاطب من خلال البند الثاني الشخص المكفول الذي يتولى بمبادرة منه طلب إسناد الجنسية المغربية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إسناد الجنسية المغربية بمبادرة من الكافل
نص البند الأول من الفقرة الثانية من الفصل التاسع من قانون الجنسية المغربية على أنه: ” يمكن للشخص المغربي الجنسية الذي يتولى كفالة مولود ولد خارج المغرب من أبوين مجهولين مدة تزيد عن خمس سنوات، أن يقدم تصريحا لمنح المكفول الجنسية المغربية، ما لم يعارض في ذلك وزير العدل طبقا للفصلين 26 و27 من هذا القانون”.
ويبدو أن سبب إقرار المشرع المغربي لإمكانية تقديم الشخص المغربي لتصريح يطلب من خلاله منح مكفوله الجنسية المغربية، راجع على حرصه على حماية الأطفال في وضعية صعبة من اللقطاء ومجهولي النسب، وكذا الأبناء الطبيعيين الذين ينحدرون من آباء مجهولين قانونا أو واقعا أو هما معا، والذين ولدوا خارج التراب الوطني، ثم تَمَّ التكفل بهم قصد حمايتهم اجتماعيا وتنشئتهم تربويا، لسبب من الأسباب المتعددة والتي لا تخرج عن الرغبة في فعل الخير وإسداء المعروف والإحسان إلى الأطفال اليتامى والمهملين والمُتخلى عنه.
بالإضافة إلى ما سبق، يمكن أن الدافع من فتح باب اكتساب الجنسية عن طريق مؤسسة الكفالة، هو الالتزام بما صادق عليه المغرب من مواثيق دولية، وفي مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي تنص في الفقرة الأولى من المادة السابعة منها على أنه: “يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية، ويكون له قدر الإمكان الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما”. كما تنص المادة الثامنة منها على:
“1- تتعهد الدول الأطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك الجنسية، واسمه، وصلاته العائلية، على النحو الذي يقره القانون، وذلك دون تدخل غير شرعي.
2- إذا حُرم أي طفل بطريقة غير شرعية من بعض أو كل عناصر هويته، تقدم الدول الأطراف المساعدة والحماية المناسبتين من أجل الإسراع بإعادة إثبات هويته”.
كذلك مصادقة المغرب على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تنص المادة 15 منه على: “لكل فرد حق التمتع بجنسية ما”.
ليس هذا فقط، بل إن المشرع المغربي دَسْتَرَ مبدأ الحماية القانونية للطفل من خلال الفصل 32 من دستور المملكة لسنة 2011 الذي ينص على أنه: “تسعى الدولة لتوفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية”. كما قد يكون السبب وراء إقرار إمكانية نقل الجنسية المغربية من الكافل المغربي إلى المكفول الأجنبي الحرص على تناسق التشريع الداخلي وحمايته من التضارب خاصة ما قررته الفقرة الأولى من المادة 149 من مدونة الأسرة التي تمنع التبني منعا مطلقا من جهة، وكذا ما قررته المادة 16 من قانون الحالة المدنية من جهة أخرى.
وغني عن البيان ، أن تقديم التصريح من قبل الكافل، لفائدة مكفوله، يقتصر أثره على رابطة الجنسية بين المكفول وبين الدولة المغربية، بمعنى أنه لا يترتب عليه أي أثر بين الكافل والمكفول، لا من حيث النسب، ولا من ناحية الميراث، ولا من زاوية تحريم الزواج أو إباحته، إلا إذا وجد[46].
وفي جميع الحالات، ومن خلال مضمون البند الأول من الفقرة الثانية من الفصل التاسع من قانون الجنسية المغربية المشار إليه أعلاه، وباستحضار مقتضيات القانون 01-15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين المارة بنا، يتبين أن مسألة اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة بمبادرة من الكافل المغربي، رهين بمدى استيفاء مجموعة من الشروط الشكلية والجوهرية أهمها:
أن يكون الشخص الكافل مغربي الجنسية.
اشترط المشرع المغربي، لنقل الجنسية المغربية من الكافل إلى المكفول، أن يكون الكافل متمتعا بالجنسية المغربية. وهذا الشرط يُعد في نظرنا من البديهيات، حيث لا يُتصور أن ينقل شخص ما جنسية لا يتمتع بها أصلا، طبقا للمبدأ القائل “فاقد الشيء لا يعطيه”.
فضلا عن ذلك، لم يُبين المشرع طبيعة الجنسية التي يجب أن يتمتع بها الكافل المغربي، هل هي جنسية أصلية أم مكتسبة؟ فكما هو معلوم، يسند القانون الجنسية المغربية كجنسية أصلية بالنظر إما إلى الرابطة الدموية، أي بمجرد وجود رابطة نسب معينة بين شخص ما وشخص آخر يحمل الجنسية المغربية، وإما بالنظر إلى الرابطة الترابية أي الولادة في المغرب[47]. في حين ينص نفس القانون على خمس طرق لاكتساب الجنسية المغربية، وهي عن طريق الولادة في المغرب والإقامة به، التجنيس، الزواج المختلط، الاسترجاع، والكفالة. كما صرف المشرع النظر عما إذا كانت للكافل الجنسية المغربية فقط أم له جنسيات أجنبية أخرى.
ولقد أحسن المشرع صنعا عندما صرف النظر عن بيان طبيعة الجنسية التي يتوجب على الكافل المغربي أن يحوزها، وفي ذلك منافع إيجابية للكافل المغربي والمكفول الأجنبي على السواء، إذ من شأن ذلك توسيع للحالات التي يمكن للكافل المغربي أن ينقل جنسيته لمكفوله الأجنبي. فالكافل المغربي يستوي أن يحوز جنسية مغربية أصلية أو مكتسبة، إذ لا تأثير لذلك على مدى صحة ومشروعية اكتساب الصفة المغربية من طرف المكفول الأجنبي.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن المشرع المغربي لم يُحدد جنس الكافل المغربي، بمعنى هل يجوز للمرأة المغربية التي تتولى كفالة طفل أجنبي أن تنقل إليه جنسيتها؟ فالصيغة التي حررت بها الفقرة الثانية من الفصل التاسع من قانون الجنسية المغربية توحي بأن الكافل المغربي يستوي أن يكون رجلا أو امرأة، ودليلنا في ذلك أن كلمة “شخص” في الفقه القانوني هو كل كائن قادر على اكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات[48]، وبهذا الوصف فهو يشمل الذكر والأنثى.
ومن جهة أخرى، فاكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، يُعتبر من بين التعديلات الجديدة التي أدخلها المشرع المغربي على قانون الجنسية المغربية بمقتضى القانون رقم 62 لسنة 2006، إذ يهدف هذا الإصلاح إلى تكريس المساواة بين الذكر والأنثى في ميدان الجنسية، أي التسوية بين الجنسين في إمكانية نقل الجنسية المغربية إلى الأبناء يغض النظر عن جنسية الطرف الآخر[49]، سيما فيما يتعلق بالقدرة على نقل الجنسية عن طريق التبعية.
وإذا كان قانون الجنسية المغربي لم يتطرق إلى طبيعة جنسية الكافل المغربي ولا إلى جنسه، فإنه لم يحدد كذلك ديانته. وهنا يطرح إشكالية شرط الديانة في اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة. فإذا كان المشرع المغربي لم يتطرق إلى شرط الديانة بالنسبة للكافل والمكفول على السواء في قانون الجنسية، فإنه في المقابل اشترط اعتناق الكافل للديانة الإسلامية في قانون كفالة الأطفال المهملين. بمعنى آخر أن المشرع المغربي استلزم شرط الجنسية واستبعد شرط الديانة في قانون الجنسية، بينما استلزم شرط الديانة واستبعد شرط الجنسية في قانون كفالة الأطفال المهملين.
والرأي فيما نعتقد أن الكافل في قانون الجنسية المغربي يجب أن يكون مسلما، وحجتنا في ذلك مضمون الفصل الثالث من نفس القانون المُعنون “بالجنسية ومدونة الأسرة”، والتي تحدد مجال تطبيق مدونة الأسرة في ارتباطها بموضوع الجنسية وفق ما هو منصوص عليه في المادة الثانية من القانون 03-70 بمثابة قانون الأسرة[50] الذي تنص على أنه: “تسري أحكام هذه المدونة على:
جميع المغاربة ولو كانوا حاملين لجنسية أخرى؛
اللاجئين بمن فيهم عديمو الجنسية؛
العلاقات التي يكون فيها أحد الطرفين مغربيا؛
العلاقات التي يكون بين مغربيين أحدهما مسلم؛
أما اليهود المغاربة فتسري عليهم قواعد الأحوال الشخصية العبرية المغربية”.
وبالإضافة إلى ما سبق، فإن قانون كفالة الأطفال المهملين في المادة التاسعة منه، اشترط أن تُسند الكفالة إلى الزوجان المسلمان، أو المرأة المسلمة على أن يكونوا بالغين لسن الرشد، وصالحين أخلاقيا واجتماعيا، ومؤهلين ماديا لتوفير حاجيات الطفل. كما يجب أن لا يكونوا قد سبق الحكم على أحدهما من أجل جريمة ماسة بالأخلاق أو جريمة مرتكبة ضد الأطفال، وأن لا يكون بين احدهما وبين الطفل أو أحد أبويه نزاع قضائي أو خلاف عائلي يخشى منه على مصلحة الطفل المكفول.
ولتعارض مقتضيات الفصل التاسع من قانون الجنسية المغربي المتعلقة بإسناد الجنسية عن طريق الكفالة، وهو نص عام، مع مقتضيات المادة التاسعة من قانون كفالة الأطفال المهملين، وهو نص خاص، يستلزم تطبيق مبدأ ترجيح النص الخاص على العام، لأن الخاص يُقيد العام. ونتيجة لذلك، يُفترض توافر شرط الديانة الإسلامية في الكافل المغربي المرشح لنقل الجنسية المغربية لصالح مكفوله الأجنبي، وأن من كان كافله مغربيا يهوديا أو مسيحيا فإنه لا يستفيد من الكفالة من أجل اكتساب الجنسية المغربية، وحسنا فعل المشرع، لأن المتوسم في الكافل المغربي المسلم أن ينقل انتماءه الوطني والديني على السواء إلى المكفول؛ فيكون اكتساب هذا الأخير للجنسية المغربية اكتسابا سلسا ليس فيه أي خطورة على الأمن الروحي للمغرب باعتباره بلد يتخذ من الإسلام دينا رسميا له بنص الدستور من خلال فصله الثالث[51].
أما بالنسبة للكافل الأجنبي، فلا بد من الإدلاء بما يفيد اعتناقهم للإسلام، لأنه لا يمكن تصور الكفالة إلا من طرف أشخاص مسلمين، ولهذا لابد من الإدلاء بإشهاد اعتناق الإسلام الذي ينجزه العدول طبقا للقانون[52]. وفي هذا الاطار، نورد ما سار عليه بعض العمل القضائي المغربي من خلال تصدير قرار محكمة الاستئناف بأكادير الذي جاء فيه: “حداثة إسلام زوج الكافلة لا تأثير له على الكفالة ما دام أنه يطبق تعاليم الإسلام”[53].
فإذا ثبت ضرورة توافر شرط الديانة الإسلامية في الكافل المرشح لكفالة طفل مهمل أجنبي، فإنه في المقابل لا يشترط المشرع المغربي ضرورة التحدث باللغة العربية، وخاصة بالنسبة للأجانب، إذ لو كانت نية المشرع انصرفت لذلك، لنص على شرط اللغة صراحة كما في حالة اكتساب الجنسية عن طريق التجنيس (البند الخامس من الفصل 11)، وكذا في حالة اكتساب الجنسية عن طريق الولادة في المغرب والإقامة به (الفقرة الثانية من البند الأول من الفصل التاسع). وفي هذا الاطار، نورد ما جاء في تصدير الأمر الصادر عن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة بأكادير: “التحدث باللغة العربية بالنسبة للأجانب لا يعتبر شرطا من شروط الكفالة المنصوص عليها في المادة 9 من قانون 01-15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين”[54].
أن يكون سند الكفالة صحيحا
إن الكفالة، بوصفها مصدرا جديدا من مصادر نقل الجنسية المغربية، ينبغي أن يكون السند المانح لها صحيحا وقائما ورسمي وفق الإجراءات والشروط المنصوص عليها في تشريع دولة المكفول الأجنبي. وهكذا فإن سند الكفالة، سواء كان في شكل عقد أو كان في شكل حكم قضائي، يفترض فيه أنه قد تم في بلد أجنبي، الشيء الذي يستلزم تذييله بالصيغة التنفيذية لكي يكون معترفا به وقابلا للتطبيق في المغرب، وفقا لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على: “لا تنفذ في المغرب الأحكام الصادرة من المحاكم الأجنبية إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان التنفيذ عند عدم وجودها”.
ومع ذلك، يتم تنفيذ الحكم الأجنبي دون تذييله بالصيغة التنفيذية في حالة ما إذا كانت هناك اتفاقية ثنائية بين المغرب والدولة الأجنبية تقضي بغير ذلك. ومن هذا المنطلق، قام المشرع المغربي بتوقيع عدة اتفاقيات ثنائية، لعل أهمها:
الاتفاقية المتعلقة بالتعاون القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية وتسليم المجرمين الموقعة في 05 أكتوبر 1957 بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية؛
الاتفاقية المغربية التونسية بتاريخ 30 مارس 1959، ثم الاتفاقية المغربية الليبية في 11 فبراير 1963، وبعدها جاءت الاتفاقية المتعلقة بحالة الأشخاص والأسر وبالتعاون القضائي بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية المؤرخة في 10/08/1981؛
اتفاقية التعاون القضائي والاعتراف وتنفيذ المقررات القضائية في مادة الحضانة وحق الزيارة وإرجاع الأطفال –بين نفس الأطراف- المؤرخة في 30/05/1997؛
اتفاقية بشأن الاعتراف بالمقررات القضائية وتنفيذها في مادة الالتزام بالنفقة بين المملكة المغربية والمملكة البلجيكية بتاريخ 26/06/2002، وأخرى بين نفس الأطراف وبنفس التاريخ حول التعاون القضائي والاعتراف بالمقررات القضائية وتنفيذها في مادة الحضانة وحق الزيارة.
وطبعا قبل ذلك، لابد من التحقق من جملة من أمور، لعل من أهمها عدم المساس بالنظام العام المغربي، وذلك وفقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أنه: “يجب على المحكمة التي يقدم إليها الطلب أن تتأكد من صحة الحكم واختصاص المحكمة الأجنبية التي أصدرته، وأن تتحقق أيضا من عدم مساس أي محتوى من محتوياته بالنظام العام المغربي”. ولاشك أن عدم اعتبار إسلام الكافل فيه مساس بالنظام العام المغربي، خاصة وأن القانون 01-15 يشترط في الكافل أن يكون مسلما، فضلا عن أن الهوية المغربية تتميز بتبوء الدين الإسلامي مكان الصدارة فيها كما جاء في تصدير دستور [55]2011.
أن يكون المكفول مولودا بالخارج وقاصرا ومن أبوين مجهولين
اشترط المشرع المغربي على المرشح لاكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة أن يكون أجنبيا. وقد عبرت الفقرة الأولى من الفصل التاسع من قانون الجنسية عن ذلك بعبارة: “مولود ولد خارج المغرب”. وبالمفهوم العكسي، وحسب الفصل الخامس من نفس القانون، يُفهم من عبارة ” في المغرب”، مجموع التراب المغربي والمياه الإقليمية والسفن والطائرات ذات الجنسية المغربية.
وفي المقابل، هل يمكن اعتبار الشخص المولود خارج المغرب من أبوين مجهولين شخصا أجنبيا؟ فبالرجوع إلى الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون دخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة[56]، والتي تُعرف الأجنبي بأنه: “الأشخاص الذي لا يتوفرون على الجنسية المغربية أو الذين ليست لهم جنسية معروفة أو الذين تعذر تحديد جنسيتهم”، يمكن استنتاج أن الشخص المولود خارج المغرب من أبوين مجهولين يُعد شخصا أجنبيا وبالتالي لا يحوز الجنسية المغربية، والحجة في ذلك ما يلي:
أن الجنسية المغربية تسند إما عن طريق الرابطة الترابية، وفي هذه الحالة لا يمكن اعتبار هذا الشخص مغربيا لازدياده خارج التراب المغربي. أما إذا ولد بالمغرب، فإنه لا يحتاج إلى كافل حتى يكتسب الجنسية المغربية، لأنها ستسند إليه بناء على حق الإقليم، على أساس أنها جنسية أصلية وليست مكتسبة.
أن الجنسية تسند أيضا عن طريق الانتساب إلى أصل مغربي، سواء كان أبا أو أما، وهو ما لا يتحقق بسبب جهالة الأبوة والأمومة، وهي جهالة واقعية وقانونية على السواء. فمن جَهُلَ نسبه جهلت جنسيته بالتبعية.
كما اشترط المشرع المغربي أن يكون المرشح لاكتساب الصفة المغربية قاصرا، أي أن لا يكون بالغا لسن الرشد القانوني وهو 18 سنة، سواء وفق مقتضيات المادة 209 من مدونة الأسرة المغربية التي تنص على أنه: “سن الرشد القانوني 18 سنة شمسية كاملة”، أو وفق مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل الرابع من قانون الجنسية المغربي الذي ينص بدوره على أنه: “يعتبر راشدا في مفهوم هذا القانون كل شخص بلغ ثمان عشرة سنة شمسية كاملة”، أو وفق مقتضيات الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون كفالة الأطفال المهملين التي تنص على أنه: “يعتبر مهملا الطفل من كلا الجنسين الذي لم يبلغ سنه ثمان عشرة سنة شمسية كاملة…”.
وهنا تطرح إشكالية أخرى تتعلق هذه المرة بتحديد القانون المطبق على أهلية الشخص، هل سيطبق القانون قاضي المغربي المعروض عليه ملف إسناد الكفالة أم قانون الدولة التي وُلد فيها القاصر المهمل؟ فبالرجوع إلى ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب[57]، نجد أنه لم يرد أي قاعدة إسناد صريحة بشأن القانون الواجب التطبيق في مجال الكفالة، ونفس الشيء بالنسبة لقانون كفالة الأطفال المهملين رغم أنه منح للأجنبي حق التكفل بالطفل المهمل.
لذا وجب الرجوع إلى مقتضيات الفصل الثالث من ظهير 12 غشت 1913 (ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب) الذي ينص على أنه: “تخضع حالة الفرنسيين والأجانب الشخصية وأهليتهم لقانونهم الوطني”. وبما أن الكفالة تدخل ضمن موضوعات الأحوال الشخصية، فإنه يمكن اعتماد القاعدة المذكورة قياسا على باقي موضوعات الأحوال الشخصية كالنسب مثلا. ومن جهة أخرى، فإن الفصل الثالث من قانون الالتزامات والعقود المغربي ينص على أنه: “الأهلية المدنية للفرد تخضع لقانون أحواله الشخصية. وكل شخص أهل للإلزام والالتزام ما لم يصرح قانون أحواله الشخصية غير ذلك”.
وعطفا على ما سبق، اشترط المشرع المغربي أن يكون المكفول الأجنبي منحدرا من أبوين مجهولين. وهذا يعني أن الأمر يتعلق فقط بالحالة الأولى من حالات الطفل المهمل التي سبق الإشارة إليها سابقا والتي نص عليها قانون كفالة الأطفال المهملين بالتفصيل في المادة الأولى منه. أما الحالات الأخرى فغير معنية، وهو ما يثير التساؤل حول الحكمة من اقتصار المشرع على هذه الحالة فقط. ولعل الدافع من ذلك هو رغبة المشرع المغربي في عدم حرمان المولود في المغرب من أبوين مجهولين من حقه في حيازة الجنسية المغربية وضمان عدم بقائه دون جنسية. أما المولود خارج المغرب من أبوين مجهولين فمن دون شك ستكون له جنسية ثابتة بناء على حق الإقليم الذي ولد أو وجد فيه، علما أن جُل الدول تأخذ بهذا الحق، ولعل هذا ما يدفع إلى القول بأن اقتصار المشرع على الحالة المذكورة فيه نظر.
أن تزيد مدة الكفالة عن خمس سنوات
من أجل نقل الجنسية المغربية من الكافل المغربي إلى المكفول الأجنبي، اشترط المشرع المغربي على الكافل أن لا تقل مدة كفالته للطفل عن خمس سنوات. وهنا لم يحدد المشرع المغربي كيفية احتساب هذه المدة، ولكن بالرجوع إلى قانون كفالة الأطفال المهملين، نجد المادة 18 منه تنص على أنه: “ينفذ الأمر الصادر بالكفالة من طرف المحكمة الابتدائية التابع لها القاضي المصدر لأمر الكفالة داخل أجل خمسة عشرة يوما من تاريخ صدوره”. فالمشرع المغربي لم يجعل تاريخ إصدار الأمر بإسناد الكفالة هو تاريخ بداية الآثار القانونية للكفالة، بل ترك المجال مفتوحا نسبيا على أن لا يتعدى الأجل 15 يوما تحتسب من تاريخ صدور الأمر بإسناد الكفالة من طرف القاضي المكلف بشؤون القاصرين.
ويبدو أن الدافع من تحديد مدة الخمس سنوات على الأقل المنصوص عليها أعلاه، يكمن في رغبة المشرع المغربي في توحيد مختلف الآجال التي يشترطها لاكتساب الجنسية المغربية. وهكذا، فالمرأة الأجنبية المتزوجة من مغربي، يمكن أن تتقدم بتصريح لاكتساب الجنسية المغربية بعد مرور خمس سنوات على الأقل على إقامتهما معا في المغرب بكيفية اعتيادية ومنتظمة. كما يشترط المشرع الإقامة الاعتيادية والمنتظمة بالمغرب خلال السنوات الخمس السابقة على طلب تقديم طلب التجنيس بالجنسية المغربية، كما يخضع الأجنبي المتجنس طيلة خمس سنوات للقيود في الأهلية. بالإضافة إلى ذلك، نص قانون الجنسية المغربي على أنه لا يمكن التجريد من الجنسية إلا داخل أجل خمس سنوات من تاريخ صدور الحكم.
أن يقدم الكافل تصريحا لمنح الجنسية لمكفوله
اشترط المشرع المغربي انقضاء مدة خمس سنوات من الكفالة المنصوص عليها سابقا، كي يتمكن الكافل المغربي أن يقدم تصريحا لمنح المكفول الأجنبي الجنسية المغربية. غير أن المشرع لم يحدد المسطرة الواجب اتباعها من طرف الكافل لتقديم هذا التصريح. هنا يتعلق الأمر بالضبط بضرورة تحديد طبيعة هذا التصريح، والجهة التي ستتلقى هذا التصريح، والوجهة التي سيرفع إليها؛ في حين اكتفى المشرع بالإحالة إلى الفصلين 26 و27 من نفس القانون والمتعلقة بمآل الطلبات والتصريحات وكذا بأجل البت في التصريح.
وعلى مستوى الفقه، فالتصريح شأنه شأن الطلب، يُعتبر إجراء إداريا يُعَبِّرُ من خلاله الشخص في استعمال حق خوله له القانون، في حالة توفر بعض الشروط، فهو إجراء منتج بحد ذاته للآثار القانونية[58]؛ وهما صورة من صور التعبير الإرادي عن الدخول في الجنسية المغربية، بوصفها جنسية مكتسبة، أو عن الخروج منها. وإذا كانت الطلبات تتشابه مع التصريحات في بعض النواحي، فإنها تختلف عنها في زوايا أخرى نعرض لها فيما يلي:
– يتشابه الطلب مع التصريح، في أن كل منهما يُشكل تعبيرا عن رغبة الشخص في الانتماء إلى الجنسية المغربية أو الانسلاخ عنها.
– يتشابه الطلب مع التصريح، في أن كل منهما يُشكل ملف يتكون من مجموعة من الوثائق والشهادات، ويتعين توجيهها، إما عن طريق البريد المضمون مع الإشعار بالتسلم، أو عن طريق الممثلين الدبلوماسيين والقنصليين المغاربة الموجودين بالخارج أو تسليمه بصفة شخصية.
– يختلف التصريح عن الطلب، في كون الأول يُعبر عن رغبة الشخص في استعمال حق خوله إياه القانون، وهو منتج بحد ذاته للآثار القانونية؛ في حين أن الثاني، لا ينتج بحد ذاته أي حق، بل لا بد من مقرر إداري يُعتبر هو المنشئ للحق المطلوب.
– يختلف التصريح عن الطلب في محلهما، إذ يهدف التصريح إلى التماس الدخول في الجنسية المغربية عن طريق الولادة في المغرب والإقامة به، عن طريق الكفالة والزواج المختلط، في حين يهدف الطلب إلى التماس الدخول في الجنسية المغربية عن طريق التجنيس والاسترجاع.
– يختلف التصريح عن الطلب، في مصيرهما بعد البت في شأنهما من طرف وزير العدل، فإذا كانت الشروط القانونية متوفرة في التصريح أو الطلب، فإن وزير العدل يبلغ للمعني بالأمر بموجب مقرر برفض الطلب أو التعرض على التصريح.
– يختلف التصريح عن الطلب، في مسألة تاريخ الإيداع، فهذا التاريخ يكتسب أهمية في مسطرة التصريح، سواء تعلق الأمر ببدء سريان أجل السنة لإبداء وزير العدل موافقته، أو لبدء أجل التقادم لدعوى الطعن في صحة التصريح. في حين أن هذا التاريخ لا أهمية له في مسطرة الطلب، لأن هذا الأخير لا يرتب أي مفعول رجعي، ولا تخضع القرارات الصادرة بشأنه إلى أي أجل.
أما بخصوص الجهة التي ستتلقى هذا التصريح والوجهة التي سيرفع إليها، فحسب دورية وزير العدل عدد 2/42873 الصادرة بتاريخ 28/12/1988، فإن ملفات الطلبات والتصريحات المتعلقة بالجنسية التي تم تهيئتها، يجب أن توجه إلى مديرية الشؤون المدنية بوزارة العدل، داخل أجل لا يتعدى شهرا من تاريخ إيداع التصريح أو الطلب بمصالح النيابة العامة بمحكمة الاستئناف مرفقا بقائمة الوثائق والمستندات التي يشمل عليها. فإلى وزير العدل توجه التصريحات الرامية إلى اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة.
وحيث إن المشرع لا يشترط هنا الإقامة بالمغرب، بحيث يمكن أن يكون الكافل قاطنا بالخارج، ففي هذه الحالة يُسمح لهذا الأخير بصورة استثنائية، توجيهها عن طريق ممثلي المغرب الدبلوماسيين والقنصليين، وهؤلاء يوجهون بدورهم التصريح إلى السيد وزير العدل.
ومن جهة أخرى، فتقديم التصريح باكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، وإن احترم كافة الشروط الشكلية والجوهرية المطلوبة، إلا أن كلمة الفصل فيه تعود لوزير العدل للبت في مآله، إذ اشترط المشرع المغربي عدم معارضته على هذا التصريح.
عدم معارضة وزير العدل على التصريح
قام المشرع المغربي بإدراج الفصل التاسع من قانون الجنسية المغربي، والذي يُعد الاطار المرجعي الذي ينظم كيفية اكتساب الصفة المغربية عن طريق الكفالة، في القسم الأول من الباب الثالث المُعنون باكتساب الجنسية بحكم القانون. وهكذا توحي عبارة “الاكتساب بحكم القانون” لأول وهلة أنه توجد حالات يعينها القانون ويحدد شروطها، وأنه إذا توافرت هذه الشروط في شخص ما، اعتبر تلقائيا مكتسبا للجنسية المغربية، دون ما حاجة إلى إبداء موافقته على هذا الاكتساب ودون أن يكون من أي حق أحد أن يعارض فيه[59].
وخلافا لذلك، لم يتبنى قانون الجنسية المغربي هذا المفهوم لعبارة “بحكم القانون”، إذ حدد مختلف الحالات التي يقع فيها هذا الاكتساب، وحدد شروطه، ولكن علاوة على ذلك أضاف من جهة، صدور تصريح صريح من طرف المعني بالأمر يُعبر فيه عن رغبته في اكتساب الجنسية المغربية، ومن جهة أخرى منح وزير العدل الحق في التعرض على هذا التصريح بموجب مقرر يبلغ إلى المعني بالأمر.
ومن هذا المنطلق، اشترط المشرع المغربي عدم معارضة وزير العدل على تصريح الكافل المغربي لمنح الجنسية المغربية لمكفوله الأجنبي. وهكذا فالمشرع المغربي لم يُعطِ للتصريح قوة مطلقة، بل قيده بحق وزير العدل في التعرض مما يجعله مجردا من إنتاج الأثر القانوني المنشود، باستثناء حالة واحدة (الفقرة الثالثة من الفصل 18)، وهي حالة التخلي عن الجنسية المغربية من طرف القاصر، الذي كان عمره يزيد على 16 سنة حين اكتساب أبيه للجنسية المغربية بالتجنس، إذ لا يمكن في هذه الحالة لوزير العدل أن يتعرض على التصريح بالتخلي عن الجنسية المغربية.
وعليه، فتقديم التصريح باكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، وإن احترم كافة الشروط الشكلية والجوهرية المطلوبة، إلا أن كلمة الفصل فيه تعود لوزير العدل للبت في مآله، إما بالقبول أو عدم القبول أو التعرض.
وهكذا يتم قبول التصريح باكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة إذا توافرت جميع الشروط الشكلية والجوهرية المطلوبة في التصريح مع عدم تعرض وزير العدل عليه، ففي هذه الحالة، يكون قبول التصريح صريحا بموجب مقرر الموافقة. ويتم الإعلان بعدم قبول التصريح من طرف وزير العدل في الحالة التي تكون فيها الشروط القانونية الشكلية أو الموضوعية غير متوافرة في هذا التصريح. والقرار بعدم القبول ليس مجرد تعبير عن موقف السلطة الإدارية، بل هو تطبيق موضوعي للقواعد القانونية الناظمة للجنسية، حيث تكون السلطة التقديرية للإدارة في هذه الحالة مقيدة ولا مجال لإعمالها.
إلا أنه وبالرغم من توافر الشروط القانونية الشكلية والموضوعية، فإن وزير العدل يُمكنه أن يُصدر قرار بالتعرض على التصريح أو أن يلجأ إلى السكوت الإداري والانكفاف عن الرد. ويُعد عدم البت داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ ثبوت التصريح بمثابة معارضة. وفي هذا الإطار، تنص الفقرة الثانية من الفصل 26 من قانون الجنسية المغربي على أنه: “وإذا كانت الشروط القانونية متوفرة فإن وزير العدل يمكنه بموجب مقرر يبلغ للمعني بالأمر أن يرفض الطلب أو يتعرض على التصريح في الأحوال التي يعترف فيها للوزير المذكور بالحق في ذلك”. وفي هذه الحالة، لا يشترط أن يكون التعرض معللا، وبالتالي لا يجوز أن يكون محل طعن بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة، على اعتبار أن الوزير اتخذ قراره استنادا إلى ما يتوفر عليه من سلطة تقديرية في هذا الشأن.
ولأن مسألة تقديم الكافل المغربي لتصريح لاكتساب مكفوله الأجنبي الجنسية المغربية تُعد حقا من الحقوق المكفولة بمقتضى تشريع الجنسية ومسألة جوازية يمارسها الكافل بكل حرية، فإن من شأن عدم ممارسته لهذا الحق أن يلحق ضررا نفسيا بمكفوله الأجنبي، خاصة إذا رغب هذا الأخير في حيازة الصفة المغربية. ومن هذا المنطلق، وحفاظا لحق الطفل المكفول في اكتساب جنسية كافله، سمح المشرع المغربي أن يتولى المكفول، بنفسه وبمبادرة منه، تقديم التصريح باكتساب الجنسية المغربية مع احترام مجموعة من الشروط الشكلية والجوهرية.
الفقرة الثانية: إسناد الجنسية المغربية بمبادرة من المكفول
من المعلوم أن حيازة الجنسية المغربية عن طريق الكفالة يستلزم توافق إرادتين، الأولى مرتبطة بإرادة الكافل المغربي في التقدم بتصريح إلى وزير العدل يلتمس من خلاله نقل الجنسية المغربية إلى مكفوله الأجنبي مع استيفاء جميع الشروط الشكلية والجوهرية المحددة في قانون الجنسية المغربي، أما الثانية فمرتبطة بإرادة السلطة الإدارية المختصة بالبت في مصير التصريحات والطلبات الرامية إلى الدخول أو الخروج من الجنسية المغربية، متمثلة في شخص وزير العدل.
ولأن مسألة تقديم الكافل المغربي لتصريح لاكتساب مكفوله الأجنبي الجنسية المغربية تُعد حقا من الحقوق المضمونة بمقتضى قانون الجنسية ومسألة جوازية يمارسها الكافل بكل حرية، بحيث يمكن أن يباشرها أو أن يمتنع عنها؛ الأمر الذي يمكن أن يترتب عليه ضرار معنويا بالنسبة لمكفوله، خاصة في حالة ما إذا لم يتقدم الكافل بالتصريح لاكتساب مكفوله الجنسية المغربية، ورغب هذا الأخير في اكتسابها. ففي هذه الحالة، يجوز للطفل الأجنبي المتكفل به أن يتقدم أصالة عن نفسه، بتصريح لاكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، مع احترام مجموعة من المواصفات المحددة في تشريع الجنسية المغربية.
وفي هذا السياق، نص البند الثاني من الفقرة الثانية من الفصل التاسع من قانون الجنسية المغربية على أنه:” غير أنه يمكن للمكفول الذي توافرت فيه الشروط المذكورة أعلاه، والذي لم يتقدم كافله بتصريح بعد مرور خمس سنوات على الكفالة، أن يقدم بصفة شخصية تصريحا للحصول على الجنسية المغربية خلال السنتين السابقتين لبلوغه سن الرشد، وذلك مع مراعاة حق وزير العدل في المعارضة طبقا للفصلين المذكورين أعلاه”.
وهكذا، بين البند المشار إليه أعلاه، أن المكفول الأجنبي من طرف كافل مغربي، يجوز له تقديم تصريح لاكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة وبمبادرة منه، مع احترام مجموعة من الشروط الشكلية والجوهرية نوردها كالتالي:
أن تتوافر في المكفول الشروط المذكورة في البند الأول المذكورة أعلاه.
لقد اشترط المشرع المغربي مجموعة من المواصفات والخصائص الواجب توافرها على المكفول المرشح لاكتساب الجنسية عن طريق الكفالة، وهي للتذكير، أن يكون المكفول الأجنبي قد ولد خارج المغرب، لأن المولود داخل التراب الوطني يعتبر بحكم الرابطة الترابية مغربيا، فهو يتمتع إذن بالجنسية المغربية الأصلية إذا كان لقيطا أو مجهول الأبوين. كما يجب أن يكون المكفول مجهول الأبوين، ويستوي الأمر أن تكون تلك الجهالة قانونية أو واقعية، فالأمر سيان، إذ المقصود، كما أشرنا إلى ذلك سلفا، هو حماية الأبناء الطبيعيين، واللقطاء والمهجورين والمهملين والمتخلى عنهم، تفاديا لبقائهم عديمي الجنسية.
عدم تقديم الكافل المغربي بتصريح لاكتساب الجنسية بعد مرور خمس سنوات على الكفالة.
إن تقديم المكفول الأجنبي التصريح باكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، أصالة عن نفسه وبمبادرة منه، مشروط بعدم تقديم كافله المغربي لذات التصريح بعد انقضاء مدة خمس سنوات على الكفالة. إن امتناع الكافل المغربي عن تقديم التصريح لاكتساب الصفة الوطنية نيابة عن مكفوله الأجنبي يمكن تفسيره، إما بعدم رغبته في إسناد مكفوله الجنسية المغربية بصفة قطعية، وإما بعدم معارضته مبدئيا في هذا الاكتساب، ولكن في الوقت الذي يراه مناسبا.
كيفما كان التفسير المُقدم لفهم سبب امتناع تقديم التصريح من طرف الكافل، فإن اشتراط عدم تقديم الكافل بتصريح لحيازة الجنسية المغربية بعد مرور خمس سنوات على الأقل على الكفالة، يطرح عدة إشكاليات على المستوى العملي، لم يتطرق إليها المشرع المغربي في صلب قانون الجنسية. وفي هذا الصدد، تثار تساؤلات عديدة من قبيل: كيف يمكن أن يثبت المكفول الأجنبي أن كافله لم يتقدم بذلك التصريح؟ وعلى من يقع عبء الإثبات، هل على الكافل أم المكفول أم السلطة الوزارية المكلفة بالعدل؟ ثم هل يحق للكافل المغربي أن يعترض على مبادرة مكفوله بالتقدم بالتصريح أصالة عن نفسه لاكتساب الجنسية المغربية؟ وفي حالة الموافقة الصريحة على التصريح، هل يجوز للكافل المغربي الطعن في صحة هذا التصريح؟ وما دور مؤسسة النيابة في ذلك؟
وعليه، فالصعوبات التي يطرحها مضمون البند الثاني المشار إليه سلفا، يمكن معالجتها إما بالرجوع إلى باقي فصول قانون الجنسية، أو بالاستناد إلى القواعد والمبادئ العامة المقررة في فقه الجنسية. فبالنسبة لكيفية إثبات إيداع أو عدم إيداع الكافل المغربي للتصريح باكتساب الجنسية المغربية، فيمكن للمكفول طلب شهادة من وزارة العدل تفيد عدم إيداع كافله للتصريح باكتساب الصفة المغربية، ففي هذه الحالة يقع عبء الإثبات على السلطة المكلفة بالعدل التي تدعي خلاف الظاهر. فهذه الأخيرة تحتكر مجموعة من الوثائق الإثباتية في مسائل الجنسية، والتي تعتبر قرائن مهمة تعفي صاحبها من الإثبات ونقل عبئه إلى الخصم الآخر[60]، ومنها على سبيل المثال، شهادة الجنسية، نظير الظهير الشريف أو المرسوم في حالة إثبات الجنسية المكتسبة، شهادة تثبت أن التصريح بالتخلي عن الجنسية المغربية قد وقع بصورة قانونية (الفقرة الثالثة من الفصل 34). وهكذا يسري في مسألة إثبات الجنسية المبدأ العام المعمول به في ميدان الإثبات والذي بمقتضاه يتحمل عبء الإثبات من يدعي خلاف الظاهر[61].
أما بالنسبة لإمكانية اعتراض الكافل المغربي عن مبادرة مكفوله الأجنبي في شأن تقديم تصريح لاكتساب الجنسية المغربية، فصياغة البند الثاني من الفقرة الثانية من الفصل التاسع من قانون الجنسية المغربي توحي بأن ممارسة هذا الاعتراض غير ممكن، والدليل على هذا أن المشرع المغربي اشترط فقط مرور مدة خمس سنوات على الكفالة ولم يقرن ذلك باشتراط أن تكون الكفالة قائمة (أي أن الكفالة غير منتهية) أثناء تقديم المكفول لذلك التصريح أصالة عن نفسه. ولو انصرفت نية المشرع لذلك، لنصَّ على هذا الشرط بطريقة صريحة كما فعل في حالة اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الزواج، حيث اشترط على المرأة الأجنبية المتزوجة من مغربي بعد مرور خمس سنوات على الأقل على إقامتهما معا بكيفية اعتيادية ومنتظمة أن تتقدم أثناء قيام العلاقة الزوجية إلى وزير العدل بتصريح لاكتساب الجنسية المغربية (الفقرة الأولى من الفصل 10 من قانون الجنسية المغربي).
والجدير بالذكر أن المشرع المغربي قد نص في قانون كفالة الأطفال المهملين (المادة 25) على مختلف أسباب انتهاء الكفالة، ومن بينها: بلوغ المكفول سن الرشد القانوني، موت المكفول، موت الكافل، فقدان الكافل للأهلية القانونية، إلغاء الكفالة بأمر قضائي أو تنازل الكافل عن الكفالة.
أما في الحالة الموافقة على التصريح بصورة صريحة، فيمكن للكافل المغربي الطعن في صحة ذلك التصريح لدى المحكمة الابتدائية، كما يجوز لمؤسسة النيابة العامة أو لكل شخص يهمه الأمر ممارسة ذات الطعن، وفي هذه الحالة يجب تدخل جهاز النيابة العامة وفق مقتضيات الفصل 28 من قانون الجنسية المغربي والمتعلق بالطعن في التصريح، وكذا فق مقتضيات الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية والمتعلق بالدعاوى التي يجب أن تبلغ إلى النيابة العامة. وحق الادعاء بالطعن في صحة التصريح باكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، يتقادم بمرور خمس سنوات ابتداء من ثبوت تاريخ التصريح.
أن يتقدم المكفول بالتصريح خلال السنتين السابقتين لبلوغه سن الرشد القانوني.
اشترط المشرع المغربي في قانون الجنسية أن يتقدم المكفول بتصريح لاكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، خلال السنتين السابقتين لبلوغه سن الرشد القانوني. فعبارة “خلال السنتين السابقتين لبلوغه سن الرشد القانوني” تفيد أن المكفول يُعد قاصرا استنادا إلى مقتضيات المادة 209 من مدونة الأسرة المغربية التي تنص على أنه: “سن الرشد القانوني 18 سنة شمسية كاملة”، وكذا وفق مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل الرابع من قانون الجنسية المغربي الذي ينص بدوره على أنه: “يعتبر راشدا في مفهوم هذا القانون كل شخص بلغ ثمان عشرة سنة شمسية كاملة”، أو وفق مقتضيات الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون كفالة الأطفال المهملين التي تنص على أنه: “يعتبر مهملا الطفل من كلا الجنسين الذي لم يبلغ سنه ثمان عشرة سنة شمسية كاملة…”.
وهنا تطرح إشكالية قانونية مرتبطة بمدى صحة ومشروعية هذا التصريح علما أن هذا الأخير تقدم به شخص قاصر وناقص أهلية الأداء استنادا إلى مضمون المادة 213 من مدونة الأسرة المشار إليها سلفا. فكيف سمح المشرع لشخص قاصر أجنبي لم يبلغ سن الرشد القانوني وناقص الأهلية لمباشرة حقوقه وتحمل التزاماته، أن يتقدم بتصريح لاكتساب الجنسية المغربية، علما أن هذه الأخيرة مرتبطة بالسيادة الوطنية ومن صميمها؟.
فقد كان على المشرع أن ينص على إمكانية التقدم بالتصريح لاكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة وبمبادرة من المكفول، خلال السنتين المواليتين لبلوغ المكفول لسن الرشد القانوني، وليس خلال السنتين السابقتين؛ أو أن يتم التقدم بهذا التصريح خلال السنتين السابقتين لبلوغ المكفول الأجنبي لسن الرشد، ولكن بمبادرة طرف الكافل المغربي ونيابة عن مكفوله القاصر. فما المانع من تبني هذين الحلين علما أن المشرع المغربي قد نص عليهما في ذات القانون (قانون الجنسية)، ولكن في حالات أخرى.
وهكذا نص المشرع المغربي على إمكانية التقدم بتصريح لاحتفاظ مولود من زواج مختلط بجنسية أحد أبويه شريطة أن يقع هذا التصريح ما بين السنة الثامنة عشرة والعشرين من عمره (البند الأول من الفقرة الخامسة من الفصل 19 من قانون الجنسية المغربي). كما يمكن لأم المولود من زواج مختلط، نيابة عن ابنها القاصر، أن تتقدم بتصريح تعبر فيها عن رغبتها في احتفاظ ابنها بجنسية أحد أبويه (البند الثاني من الفقرة الخامسة من الفصل 19). ويحق لهذا الابن المولود من زواج مختلط، العدول عما صرحت به أمه بخصوص الاحتفاظ بجنسية أحد أبويه، بواسطة تصريح يقدمه إلى وزير العدل وذلك ما بين الثامنة عشرة والعشرين من عمره (البند الثالث من الفقرة الخامسة من الفصل 19).
وعلى العموم، فانكفاف المكفول الأجنبي عن تقديم التصريح لاكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة خلال السنتين لبلوغه سن الرشد، يسقط حقه في اكتساب الصفة الوطنية على أساس الكفالة، لأن عدم التزامه بالفترة المحددة له، يوحي بأنه زاهد في هذه الجنسية. وبالرغم من ذلك، فباب حيازة الصفة المغربية لا يزال مفتوحا في وجه المعني بالأمر، ولكن ليس على أساس الكفالة، وإنما على أساس التجنيس، باعتباره مصدرا من مصادر حيازة الجنسية المغربية، وطريقة مفتوحة في وجه عموم الأجانب مع احترام الشرط المطلوبة في الفصل 11 من قانون الجنسية المغربي.
أن يتقدم المكفول بصفة شخصية التصريح باكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة.
اشترط المشرع المغربي على المكفول الأجنبي القاصر أن يتقدم هذا الأخير بصفة شخصية للتصريح باكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، فمسطرة الاكتساب إذن مسطرة شخصية غير قابلة للإنابة أو التوكيل. وبناء عليه، يعتبر هذا الشرط مجرد حشو قانوني ليس إلا، إذ من غير المتصور قانونا أو واقعا أن يباشر شخصا آخر غير المكفول القاصر بنفسه، إجراءات تقديم التصريح باكتساب الجنسية المغربية. فمن الناحية القانونية، القاصر لا يمكنه مباشرة مسطرة إنابة أو توكيل غيره بسبب نقصان أهليته، وفقا لمقتضيات المادة 213 من مدونة الأسرة التي تنص على أنه: “يعتبر ناقص أهلية الأداء:
الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد؛
السفيه؛
المعتوه”.
أما من الناحية الواقعية، فهذا الشرط يُعد تحصيل حاصل، فالمكفول الأجنبي القاصر لم يُباشر مسطرة التقدم بالتصريح لاكتساب الجنسية المغربية أصالة عن نفسه، إلا بعد معرفته وتيقنه من موقف كافله السلبي تجاه مسألة نقل الجنسية المغربية إليه. ولهذه الأسباب، فمسطرة تقديم التصريح لاكتساب الصفة المغربية بمبادرة من المكفول، مسطرة شخصية يمارسها المهني بالأمر بنفسه، فهي غير قابلة للتوكيل أو الإنابة.
عدم معارضة وزير العدل على التصريح باكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة.
على غرار اشتراط المشرع المغربي عدم معارضة وزير العدل على تصريح الكافل المغربي لاكتساب مكفوله الأجنبي الجنسية المغربية، فقد اشترط كذلك عدم معارضة وزير العدل على تصريح المكفول الأجنبي الرامي إلى حيازة الجنسية المغربية، والذي تقدم به بصفة شخصية وبمبادرة منه وأصالة عن نفسه. وهكذا فالمشرع المغربي لم يُعطِ للتصريح الصادر عن المكفول الأجنبي قوة مطلقة، بل قيده بحق وزير العدل في التعرض، مما يجعله مجردا من إنتاج الأثر القانوني المنشود، على خلاف حالة تخلي القاصر عن الجنسية المغربية، والذي كان عمره يزيد على 16 سنة حين اكتساب أبيه للجنسية المغربية بالتجنس، إذ لا يمكن في هذه الحالة لوزير العدل ممارسة حق التعرض على التصريح بالتخلي عن الجنسية المغربية (الفقرة الثالثة من الفصل 18).
ونتيجة لذلك، فتقديم التصريح باكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، بمبادرة من المكفول وأصالة عن نفسه، وإن احترم كافة الشروط الشكلية والجوهرية المطلوبة، إلا أن كلمة الفصل فيه تعود لوزير العدل للبت في مآله، إما بالقبول أو عدم القبول أو التعرض. وهكذا يتم قبول تصريح المكفول الأجنبي إذا توافرت فيه جميع الشروط الشكلية والجوهرية المطلوبة في التصريح مع عدم تعرض وزير العدل عليه. ويتم الإعلان بعدم قبول التصريح من طرف وزير العدل في الحالة التي تكون فيها الشروط القانونية الشكلية أو الموضوعية غير متوافرة فيه.
إلا أنه وبالرغم من توافر الشروط القانونية الشكلية والموضوعية، فإن وزير العدل يُمكنه أن يُصدر قرار بالتعرض على التصريح أو أن يلجأ إلى أسلوب السكوت الإداري. ويُعد عدم البت داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ ثبوت التصريح بمثابة معارضة، استنادا إلى مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 26 من قانون الجنسية المغربي التي تنص على أنه: “وإذا كانت الشروط القانونية متوفرة فإن وزير العدل يمكنه بموجب مقرر يبلغ للمعني بالأمر أن يرفض الطلب أو يتعرض على التصريح في الأحوال التي يعترف فيها للوزير المذكور بالحق في ذلك”.
ونافلة القول، أن وزير العدل يمتلك سلطة تقديرية واسعة في ممارسة حق المعارضة ضد أي تصريح لاكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، سواء كان هذا التصريح صادر عن الكافل المغربي أو المكفول الأجنبي، وذلك في إطار الفصلين 26 و27 من قانون الجنسية المغربي، وهو طعن ذو طبيعة إدارية. كما يحق لمؤسسة النيابة العامة أو أي شخص يهمه الأمر الطعن لدى المحكمة الابتدائية في صحة تصريح سبق الموافقة عليه بصورة صريحة، وهذا الطعن ذو طبيعة قضائية. وهنا تثار إشكالية قانونية تتعلق هذه المرة بمدى إمكانية تقديم تصريح لاكتساب الجنسية عن طريق الكفالة بواسطة المكفول نفسه، علما أن كافله المغربي قد سبق له تقديم ذات التصريح وكان مصيره التعرض من طرف وزير العدل؟
يمكن القول أن السلطة الحكومية المكلفة بالعدل ممثلة في شخص الوزير، يتعين عليها البت في التصريحين بصفة مستقلة، أي بدون أن يتأثر أو يربط مآل التصريح المقدم من طرف المكفول بمصير التصريح المقدم من طرف الكافل. فالمشرع المغربي قد أفرد الشروط الواجب توافرها على التصريح المقدم من طرف الكافل المغربي لاكتساب مكفوله الجنسية المغربية، وميزها عن الشروط الواجب توافرها على التصريح المقدم من طرف المكفول الأجنبي، مما يوحي بانصراف نية المشرع المغربي عن تمييز المركزين القانونيين لكل من الكافل والمكفول في شأن حيازة الجنسية المغربية عن طريق الكفالة.
وعلى المستوى القضائي، وعلى افتراض وجود منازعة قضائية في شأن معارضة وزير العدل على التصريح، لا يمكن للقاضي المعروض عليه النزاع الدفع بسبق الفصل في النزاع، استنادا إلى مقتضيات الفصل 43 من قانون الجنسية المغربي والمعنون “بقوة الشيء المقضي به”، لأن ذلك متعلق بتوافر ثلاث شروط وهي: اتحاد الخصوم واتحاد المحل واتحاد السبب، وهذا ما نص عليه الفصل 451 من قانون الالتزامات والعقود المغربي:
“قوة الشيء المقضي لا تثبت إلا لمنطوق الحكم، ولا تقوم إلا بالنسبة إلى ما جاء فيه أو ما يعتبر نتيجة حتمية ومباشرة له، ويلزم:
أن يكون الشيء المطلوب هو نفس ما سبق طلبه؛
أن تؤسس الدعوى على نفس السبب؛
أن تكون الدعوى قائمة بين نفس الخصوم ومرفوعة منهم وعليهم بنفس الصفة”.
والجدير بالذكر أن الدفع أو التمسك بحجية أو قوة الأمر المقضي لا يثبت إلا إذا اجتمعت هذه العناصر الثلاثة، وإن تخلف أحدها، اعتبرت الدعوى المرفوعة دعوى مغايرة للدعوى التي سبق الفصل فيها وكان الدفع غير مُجْدٍ فيها. وهذا ما أكده المجلس الأعلى سابقا حينما صرح: “الدفع بسبق الفصل في الموضوع لا يكون مقبولا إلا إذا توافرت فيه شروط الشيء المقضي به وهي: اتحاد الأطراف والموضوع والسبب”[62]. وبناء على ما سبق، فإن القاضي المعروض عليه المنازعة في شأن الطعن في قرار وزير العدل الصريح أو الضمني، سينظر في الدعوى المقدمة من طرف المكفول الأجنبي استقلالا عن الدعوى المقدمة من طرف الكافل المغربي، نظرا لاختلاف المركز القانوني للكافل والمكفول في قانون الجنسية المغربية.
والجدير بالذكر أن المنازعة ضد قرار وزير العدل في شأن معارضته للتصريح لاكتساب الجنسية المغربية، والتي سبق التطرق إليها أعلاه، تبقى مسألة نظرية وحالة يصعب أن تجد طريقها إلى القضاء لسببين: أولهما ذو طبيعة قانونية مرتبط بانعدام أهلية المكفول القاصر للتقاضي، استنادا إلى أحكام الفقرة الأولى من الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أنه: “لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة، والأهلية، والمصلحة لإثبات حقوقه”. أما السبب الثاني فهو ذو طبيعة معنوية، فالمكفول الأجنبي القاصر، في هذه المرحلة العمرية الطفولية المبكرة، لا تزال مشاعر الولاء وحب الوطن، والرغبة في الاستقرار والاندماج بالمجتمع المغربي، والانتساب إلى الأمة والهوية المغربية، غير مرسخة لديه في شخصيته، علما أنه وُلد وترعرع في بيئة اجتماعية أجنبية وغريبة عن تقاليد وأعراف المجتمع المغربي.
وختاما، فالشروط الموضوعية المتطلبة سواء من طرف الكافل أو المكفول لحيازة الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، تبقى غير كافية على اعتبار أنها ليست مقرونة بشرط أساسي لا غنى عنه، وهو شرط الإقامة في المغرب مدة زمنية معينة، وبشكل خاص قبل وأثناء تقديم التصريح، وإلا كانت الكفالة لغوا لا معنى له إذا لم تكن مصحوبة بالإقامة والاستقرار في المجتمع المغربي. وعلى مستوى العمل القضائي، جاء في تصدير قرار محكمة النقض ما يلي: “الإقامة الاعتيادية بالمغرب لا يعتبر شرطا من شروط الكفالة طبقا للمادة 9 من قانون 01-15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين”[63].
فما هي الحكمة من إقصاء المشرع المغربي لشرط الإقامة بالمغرب لاكتساب الجنسية عن طريق الكفالة، علما أنه استلزم توافر هذا الشرط في الحالات الأخرى الخاصة باكتساب الجنسية المغربية، ومنها حالة الاكتساب عن طريق الزواج المختلط، إذ اشترط المشرع على المرأة الأجنبية المتزوجة من مغربي بعد مرور خمس سنوات على الأقل على إقامتهما معا في المغرب بكيفية اعتيادية ومنتظمة، أن تتقدم بتصريح لاكتساب الجنسية المغربية (الفصل 10 من قانون الجنسية).
نفس الشرط استلزمه المشرع في حالة الاكتساب عن طريق التجنيس، إذ ألزم الأجنبي على الإقامة الاعتيادية والمنتظمة في المغرب خلال السنوات الخمس السابقة على تقديم طلب التجنيس (الفصل 11 منه)، وكذا في حالة الاكتساب عن طريق الولادة في المغرب والإقامة به، حيث يكتسب الجنسية المغربية كل ولد مولود في المغرب من أبوين أجنبيين مولودين هما أيضا فيه بشرط أن تكون له إقامة اعتيادية ومنتظمة بالمغرب (الفصل 9 منه).
وإجمالا، فإذا ثبت حق المكفول في حيازة الجنسية المغربية عن طريق الكفالة، سواء بمبادرة من الكافل المغربي أو المكفول الأجنبي، في تشريع الجنسية المغربي، فإن هذه الجنسية المكتسبة يمكن أن تزول عمن اكتسبها، وذلك بشكل إرادي وهو ما يطلق عليه في التشريع المغربي “بالفقد”، أو بشكل لا إرادي ويتعلق الأمر بالسحب والتجريد. وفي هذا الصدد، يُثار التساؤل المرتبط بمدى إمكانية زوال الجنسية المغربية عن المكفول المغربي بناء على إرادته أو بضدها؟
من المعلوم أن المشرع المغربي قد أورد في الفصل 19 من قانون الجنسية، على سبيل الحصر، مختلف حالات الفقد. وعند تأمل هذه الحالات للنظر في إمكانية السماح للمكفول بالتخلي عن الجنسية المغربية، نجد أن هناك حالة تسعفه في ذلك، حتى يسلم وينجو من مشكلة تعدد الجنسيات لديه. والمقصود هنا هي الحالة الثانية، وهي حالة: “المغربي –ولو كان قاصرا- الذي له جنسية أجنبية أصلية والمأذون له بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية المغربية”[64].
فمادام المكفول الأجنبي يحوز جنسية أصلية بناء على الرابطة الترابية فضلا عن جنسيته المغربية المكتسبة عن طريق مؤسسة الكفالة، فإنه بإمكانه أن يتنازل عن الجنسية المغربية بغض النظر عن كونه قاصرا أم راشدا، لأنه يحوز للجنسيتين الأجنبية والمغربية معا، فضلا عن أن جنسيته الأجنبية هي جنسية أصلية وليست مكتسبة، وهو ما يجعله مؤهلا لمباشرة إجراءات فقد الجنسية المغربية عن طريق مسطرة التخلي، مع ضرورة احترام شرطين أساسين، هما: التقدم بطلب الإذن بالتخلي عن الجنسية المغربية إلى وزير العدل، وصدور مرسوم يأذن بموجبه التخلي عن جنسيته.
فإذا ثبت حق المكفول الأجنبي الحق في التخلي عن الجنسية المغربية المكتسبة بناء على إرادته في قانون الجنسية المغربي، فإن حقه في استرجاعها يسقط، لأن من بين شروط استرجاع الجنسية المغربية، أن تكون هذه الأخيرة أصلية، والحال أن جنسية المكفول جنسية مغربية مكتسبة، وهو ما يحرم المكفول الأجنبي من استرجاع جنسيته المغربية المكتسبة عن طريق الكفالة. وإذا حدد المشرع المغربي شروط وإجراءات فقد المكفول الأجنبي للجنسية المغربية عن طريق التخلي، أي بناء على إرادته، فإنه في المقابل نظم حالات خروجه من الجنسية المغربية عن طريق التجريد، أي ضدا على إرادته.
وهكذا حدد الفصل 22 من قانون الجنسية المغربي مختلف حالات التجريد من الجنسية، كما نص على أن هذا التجريد لا يمكن أن يصدر إلا إذا ثبتت إحدى حالات التجريد في حق المكفول داخل أجل عشر سنوات من تاريخ اكتساب الجنسية المغربية. ولا يعلن عن التجريد من الجنسية إلا داخل أجل خمس سنوات من تاريخ صدور الحكم. ويتم التجريد من الجنسية المغربية المكتسبة عن طريق الكفالة بواسطة مرسوم، ولا يجوز إصدار الأمر بتجريد المكفول الأجنبي من جنسيته المغربية إلا بعد اطلاع المكفول على الإجراء المنوي اتخاذه ضده، وإعطائه الفرصة لتقديم ملاحظاته.
وعلى العموم، يتضح مما سبق أن المشرع المغربي أعطى للمواطن المغربي إمكانية نقل جنسيته للطفل الذي تكفل به في الخارج حتى يصبح بدوره مواطنا مغربيا، وبالتالي تخول له جميع الحقوق السياسية والفردية التي يتمتع بها المواطن المغربي. فإمكانية منح الجنسية المغربية للمولود بالخارج من أبوين مجهولين يأتي انسجاما مع المادتين 2 و7 من اتفاقية حقوق الطفل وللحد كذلك من حالات انعدام الجنسية فوق التراب الوطني، غير أنه يمكن القول أن مقتضيات هذا القانون لا تسري إلا على المغاربة الذين يتكفلون بأطفال في بلدان ذات مرجعية إسلامية تكرس نظام الكفالة، في حين لا يمكن لهم في بعض البلدان الغربية كفرنسا مثلا سلوك مسطرة الكفالة لأن قانون هذا البلد لا يعترف بالكفالة، كما لا يمكن لهم تبني الأطفال لأن المادة 370 من القانون المدني الفرنسي تمنع تبني الأطفال من طرف الأجانب إذا كان قانون هؤلاء يحظر التبني (كما هو الأمر بالنسبة للمغاربة المقيمين بفرنسا)[65].
خاتمة
إن إهمال الأطفال واقع اجتماعي قائم يصعب تغييره، واستمرار هذا الواقع مرهون في جزء كبير منه بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والقانونية السائدة في بلدنا حاليا، ولهذا الغرض أقر المشرع المغربي مؤسسة الكفالة، واعتبرها بمثابة مؤسسة توفر الرعاية البديلة للأطفال المحرومين من الوسط الأسري.
غير أن المشرع المغربي لم يقتصر فقط على الجانب الاجتماعي والاقتصادي للأطفال المهملين، بل امتدت هذه الحماية لتشمل كذلك الجانب المتعلق بهوية الأطفال المهملين من خلال إرساء نظام قانوني يضمن حق هذه الفئة الهشة من المجتمع في التسجيل في سجلات الحالة المدنية وفي اكتساب الجنسية المغربية بالنسبة للأطفال الأجانب.
ومن هذا المنطلق، ابتكر المشرع المغربي مصدرا جديدا من مصادر اكتساب الصفة الوطنية عن طريق الكفالة، إذ بمقتضى هذه المؤسسة الاجتماعية البديلة، يمكن أن ينقل الكافل المغربي جنسيته إلى المكفول الأجنبي سواء بمبادرة من الكافل أو بمبادرة من المكفول نفسه، مع احترام مجموعة من الشروط الشكلية والجوهرية.
غير أن وظيفة مؤسسة الكفالة تفقد مصداقيتها عبر الحدود، فهذه المؤسسة ذات الأصل الإسلامي، محل إقصاء من طرف التشريعات الأوروبية التي تعترف فقط بمؤسسة التبني وتستبعد بالتالي مؤسسة الكفالة، وهو ما يطرح إشكالية تنازع القوانين نظرا لتباين مرجعية كل من القانون الوطني والقانون الأجنبي، و كذا إشكالية ارتباط كل من مؤسسة الكفالة والتبني بالنظام العام في كلا القانونين، وسمو مبدأ المصلحة الفضلى للطفل لدى القضاء.
وهذا وقد انعكس موقف التشريعات الأوروبية، التي تتشبت بالتبني وتستبعد الكفالة، سلبا على وضعية الكافل المغربي المسلم والمكفول الأجنبي سواء أمام القانون الوطني أو القانون الأجنبي، مما يسبب في تعقيد أو في بعض الأحيان استحالة حيازة الجنسية المغربية من طرف المكفول الأجنبي عن طريق كافله المغربي، وهو ما يؤدي إلى حرمان أطفال أجانب من اكتساب الصفة المغربية.
بيد أن وضعية كل من الكافل المغربي والمكفول الأجنبي، سواء أمام القانون المغربي أو الأجنبي، لا تطرح أي إشكال قانوني بالنسبة للتشريعات الأجنبية ذات المرجعية الإسلامية والتي تعترف بمؤسسة الكفالة، إذ سمح المشرع المغربي بإمكانية حيازة الطفل المهمل الأجنبي للجنسية المغربية عن طريق الكفالة، إما بمبادرة من الكافل المغربي أو بمبادرة من المكفول الأجنبي نفسه، مع احترام مجموعة من الشروط الشكلية والجوهرية المطلوبة في قانون الجنسية المغربي.
وبناء على ما سبق، ومن خلال النتائج المُتوصل بها في هذا البحث، أمكن توظيف هذه الأخيرة للبرهنة على مدى صحة فرضية البحث، إذ نجد أن نتيجة تحليل هذه الفرضية إيجابية، فالمشرع المغربي حافظ على مبدأ التوازن في معالجته لحق الطفل في الجنسية من جهة، وحق الدولة السيادي في تحديد شروط الانتساب للصفة المغربية من جهة أخرى. فقانون الجنسية المغربية يُعد من التشريعات القليلة التي سمحت بإسناد الجنسية عن طريق الكفالة منفتحا في ذلك على منظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، وخاصة ما تعلق منها بحقوق الطفل في الجنسية، دون تفريط في الثوابت الشرعية المتعلقة بالموقف التشريعي والقضائي والفقهي من مؤسسة الكفالة والتبني.
ولكن في المقابل، ثمة مَوَاطِن قُصُور تعتري النظام القانوني لاكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة يُستحسن تداركها من أجل ضمان حق كل من الكافل في نقل صفته المغربية، وحق المكفول في اكتساب الجنسية المغربية، ومواصلة مسلسل ملاءمة التشريع الوطني مع مختلف الاتفاقيات والمعاهدات الدولية في مجال حقوق الإنسان عامة، وذات الصلة بجنسية الأطفال خاصة.
وفي هذه المناسبة، من المفيد طرح بعض المقترحات بخصوص الموضوع، والتي صيغت بناء على نتائج البحث، وما أفرزته من قُصور قانوني، ونقص مسطري في مسألة اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة.
تحديد مركز مؤسسة النيابة العامة في منازعات الناشئة عن تطبيق مسطرة إسناد الجنسية المغربية عن طريق الكفالة؛
تحديد المحكمة المختصة للفصل في المنازعات الناشئة عن معارضة وزير العدل ضد تصاريح اكتساب الجنسية عن طريق الكفالة؛
الانفتاح على مؤسسة التبني البسيط في قانون الجنسية المغربي على اعتبار أن هذا النوع من التبني يقترب كثيرا من مؤسسة الكفالة، إذ يحفظ النسب الأصلي للطفل ولا يهدره؛
عدم حصر الأجل القانوني لقيام المكفول الأجنبي بتقديم التصريح لاكتساب الجنسية المغربية في فترة قصوره، وجعل حق التقدم بذات التصريح متاحا ابتداء من تاريخ بلوغ سن الرشد وبدون سقف زمني محدد؛
اشتراط توافر عنصر السلامة الجسدية والعقلية في المكفول الأجنبي المرشح لاكتساب الجنسية المغربية عن طريق الكفالة؛
مراجعة البند الثاني من الفصل التاسع المتعلق باكتساب الجنسية عن طريق الكفالة في اتجاه رفع التضارب الحاصل بين هذا البند وبعض المقتضيات القانونية الواردة في قانون كفالة الأطفال المهملين، مدونة الأسرة وقانون الحالة المدنية.
قائمة المصادر والمراجــــع:
المراجع باللغة العربية
أ- الكتب:
– الحوات علي، الدويبي عبد السلام، محسن أحمد، رعاية الطفل المحروم- الأسس الاجتماعية والنفسية للرعاية البديلة للطفولة، معهد الإنماء العربي للدراسات الاجتماعية، مصر، 1989.
– السعدية أيت السيد، الدليل العملي لمسطرة كفالة الأطفال المهملين، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء (المغرب)، 2013.
– جمال الدين ابن منظور، لسان العرب، الطبعة الثانية، الجزء الثاني عشر، دار صادر، لبنان، 1992.
– عبد العالي الدليمي، الحماية القانونية للطفل، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش، 2007.
– محمد الشافعي، كفالة الأطفال المهملين: دراسة في القانون المغربي، التبني في القانون الفرنسي، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش (المغرب)، 2007.
– مليكة الصروخ، القانون الإداري دراسة مقارنة، الطبعة السادسة، الشركة المغربية لتوزيع الكتاب، 2006،
– موسى عبود، الوجيز في القانون الدولي الخاص، الطبعة الأولى، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء (المغرب) أكتوبر 1994، الدار البيضاء.
– نور الدين الشرقاوي الغزواني، قانون كفالة الأطفال المهملين، الطبعة الأولى، مكتبة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط، 2003.
– هدى زكي، جميلة أوحيدة، آنه كينيونيس إسكاميث، أندريس رودريغيث بينوت، الطبعة الأولى، الكفالة والتبني في العلاقات الثنائية المغربية الإسبانية، FIIAPP، مدريد، 2009.
ب- المقالات والدوريات:
– أحمد زوكاغي، الكفالة في قانون الجنسية المغربية، مجلة الملحق القضائي، العدد 44 لسنة 2011.
– الطاهر كركري، كفالة الأطفال المهملين وإمكانية السفر بهم للإقامة، مجلة القبس، العدد الأول، يونيو 2011.
– أمال ناجي، ضابط المصلحة الفضلى للطفل في قانون الكفالة بين القانون الوطني والأجنبي، مجلة الأبحاث والدراسات القانونية، العدد الخامس، لسنة 2015.
– حسن إبراهيمي، قضايا الأحوال الشخصية والميراث، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، العدد 62، لسنة 2018.
– عبد القادر قرموش، كفالة الأطفال المهملين: دراسة تحليلية على ضوء القانون رقم 01-15، سلسلة “دراسات وأبحاث”، العدد 06، منشورات مجلة القضاء المدني، لسنة 2015.
– عمر لمين، كفالة الأطفال المهملين على ضوء الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض، سلسلة دفاتر محكمة النقض، عدد 22، لسنة 2015.
– فاتحة الغلالي، حق الطفل في الهوية بين الاتفاقيات الدولية والقانون الوطني، مجلة الفقه والقانون، العدد 47، شتنبر 2016.
– محمد أكديد، كفالة الأطفال في التشريع المغربي، مجلة محكمة، العدد الثاني، 2003.
– محمد المتوكل، كفالة الأطفال المهملين وكيفية تنفيذ الأوامر الصادر بشأنها، مجلة الملف، العدد التاسع، نونبر 2006.
– محمد المهدي، دور مؤسسة الكفالة في تعزيز هوية الطفل على مستوى الجنسية، مجلة الأبحاث والدراسات القانونية، العدد 5 لسنة 2015.
– محمد اليعقوبي، دور النيابة العامة في قضايا الجنسية والحالة المدنية، مجلة العرائض، العدد الخامس، يوليوز-دجنبر 2015.
– مصطفى سدني، إثبات الجنسية المغربية الأصلية عن طريق حيازة الحالة الظاهرة، مجلة القانون المدني، عدد 5/6 لسنة 2019.
– مصطفى سدني، إثبات الجنسية المغربية من خلال وقائع الحالة المدنية، مجلة القانون والأعمال، العدد 20 بتاريخ 20 نونبر 2018.
– مصطفى سدني، المركز القانوني للمرأة والطفل في قانون الجنسية المغربي، مجلة جيل حقوق الإنسان، العدد 36، مارس 2019.
– مصطفى سدني، دور القرائن في إثبات الجنسية المغربية، مجلة القضاء المدني، عدد 17/18 لسنة 2018.
– مصطفى قرواش، كفالة الأطفال المهملين، مجلة محكمة، العدد الثاني، 2003.
– مليكة العرامي، كفالة الأطفال المهملين من طرف القاطنين بالخارج، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، عدد 07 لسنة 2014.
– نادية امزاوير، معيقات إسناد الكفالة، سلسلة دفاتر محكمة النقض، عدد 22 لسنة 2015، ص 77.
– وداد العيدوني، كفالة الأطفال المهملين في التشريع المغربي، مجلة القانون المغربي، العدد 15، يناير 2010.
2- المراجع باللغة الفرنسية
Émile SZLECHTER;. “Les options légales de nationalité en droit français”, imprimerie régionale, Toulouse, 1942.
Émilie BARRAUD, “Kafala et migrations : l’adoption entre la France et le Maghreb”, Edition universitaires européennes, Paris 2013.
[1] – فاتحة الغلالي، حق الطفل في الهوية بين الاتفاقيات الدولية والقانون الوطني، مجلة الفقه والقانون، العدد 47، شتنبر 2016، ص 70.
[2] – أمر مدني صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش (المملكة المغربية) –قسم قضاء الأسرة- ملف عدد 55/2010، أمر غير مؤرخ وغير منشور.
[3] – أمر مدني صادر عن المحكمة الابتدائية بأكادير (المملكة المغربية) –قسم قضاء الأسرة- عدد 63، ملف عدد 72/2011، صادر بتاريخ 03 ماي 2012، أمر غير منشور.
[4] – أمر مدني صادر عن المحكمة الابتدائية بإنزكان (المملكة المغربية) –قسم قضاء الأسرة- عدد 25، ملف عدد 19/2005، أمر غير مؤرخ وغير منشور.
[5] – مليكة العرامي، كفالة الأطفال المهملين من طرف القاطنين بالخارج، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، عدد 07 لسنة 2014، ص 166.
[6] – ظهير شريف رقم 1.93.363 صادر بتاريخ 21 نونبر 1996 بنشر الاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 نونبر 1989، منشور بالجريدة الرسمية عدد 4440، بتاريخ 19 دجنبر 1996، ص 2847.
[7] – القانون رقم 01-15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.172، بتاريخ 13 يونيو 2002، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5031 بتاريخ 19 غشت 2002، ص 2362.
[8] – محمد أكديد، كفالة الأطفال في التشريع المغربي، مجلة محكمة، العدد الثاني، 2003، ص 137.
[9] – اليتيم هو من فقد أباه قبل البلوغ، فإن ماتت الأم فقط فهو عجى، فإن ماتا معا فهو لطيم.
[10] – محمد أكديد، المرجع السابق، ص 141.
[11] – نادية امزاوير، معيقات إسناد الكفالة، سلسلة دفاتر محكمة النقض، عدد 22 لسنة 2015، ص 77.
[12] – قرار مدني صادر عن محكمة الاستئناف بالحسيمة (المملكة المغربية) عدد 646، ملف عدد 474-7/2010، الصادر بتاريخ 24 غشت 2010، القرار أورده: حسن إبراهيمي، قضايا الأحوال الشخصية والميراث، الجزء الثاني، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، العدد 62، لسنة 2018، ص 263.
[13] – عبد القادر قرموش، كفالة الأطفال المهملين: دراسة تحليلية على ضوء القانون رقم 01-15، سلسلة “دراسات وأبحاث”، العدد 06، منشورات مجلة القضاء المدني، لسنة 2015، ص 112.
[14] – جمال الدين ابن منظور، لسان العرب، الطبعة الثانية، الجزء الثاني عشر، دار صادر، لبنان، 1992، ص 186.
[15] – سورة آل عمران، الآية 44.
[16] – سورة آل عمران، الآية 37.
[17] – سورة القصص، الآية 12.
[18] – سورة الأحزاب، الآية 5.
[19] – الطاهر كركري، كفالة الأطفال المهملين وإمكانية السفر بهم للإقامة، مجلة القبس، العدد الأول، يونيو 2011، ص 196.
[20] – القانون رقم 27 لسنة 1958، المؤرخ بتاريخ 04/03/1958، المتعلق بالولاية العمومية والكفالة والتبني، منشور بالرائد الرسمي (الجريدة الرسمية التونسية) عدد 19 بتاريخ 07/03/1958، ص 306.
[21] – القانون رقم 84-11 المؤرخ بتاريخ 09/06/1984، المتضمن قانون الأسرة الجزائري المادة 116.
[22] – مليكة العراسي، كفالة الأطفال المهملين من طرف القاطنين بالخارج، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، العدد 07 لسنة 2014، ص 171.
[23] – أمر مدني صادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط (المملكة المغربية) –قسم قضاء الأسرة- عدد 87، ملف رقم 61/2011، الصادر بتاريخ 20 يونيو 2013، أمر غير منشور.
[24] – أمال ناجي، ضابط المصلحة الفضلى للطفل في قانون الكفالة بين القانون الوطني والأجنبي، مجلة الأبحاث والدراسات القانونية، العدد الخامس، لسنة 2015، ص 249.
[25] – قرار مدني صادر عن محكمة الاستئناف بأكادير (المملكة المغربية) –قسم قضاء الأسرة- ، عدد 150، صادر بتاريخ 14 فبراير 2006، قرار غير منشور.
[26] – محمد المتوكل، كفالة الأطفال المهملين وكيفية تنفيذ الأوامر الصادر بشأنها، مجلة الملف، العدد التاسع، نونبر 2006، ص 189.
[27] – قرار مدني صادر عن محكمة الاستئناف بالناضور (المملكة المغربية) عدد 435، ملف رقم 306-1620-11، الصادر بتاريخ 26 أكتوبر 2011، قرار غير منشور.
[28] – عبد المالك صبري، كفالة الأطفال المهملين، بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء، فترة التكوين 2015/2017، الفوج 41، ص 60.
[29] – مؤسسة النيابة العامة المغربية، تقرير حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة 2018، الرباط، 2019، ص 104-105.
[30] – منشور السيد وزير العدل المغربي رقم 16 س2/ك بتاريخ 28 مارس 2005، في شأن كفالة الأطفال المهملين.
[31] – قرار مدني صادر عن محكمة الاستئناف بورزازات (المملكة المغربية) عدد 289، ملف أحوال شخصية عدد 148/2012، المؤرخ في 07 نونبر 2012، قرار غير منشور.
[32] – حكم مدني صادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط (المملكة المغربية) عدد 124، ملف رقم 88/2010، الصادر بتاريخ 23 غشت 2010، حكم غير منشور.
[33] – عمر لمين، كفالة الأطفال المهملين على ضوء الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض، سلسلة دفاتر محكمة النقض المغربية، عدد 22، لسنة 2015، ص 62.
[34] – قانون الحالة المدنية المغربي رقم 99-37، الصادر بسنة 2002.
[35] – عمر لمين، المرجع السابق، ص 60.
[36] – قرار مدني صادر عن محكمة الاستئناف بأكادير (المملكة المغربية) رقم 445، ملف عدد 274/11، صادر بتاريخ 14 يونيو 2011، قرار غير منشور.
[37] – قرار مدني صادر عن محكمة الاستئناف بأكادير(المملكة المغربية) رقم 383، ملف عدد 394/2011، صادر بتاريخ 15 ماي 2012، قرار غير منشور.
[38] – أمر مدني صادر عن المحكمة الابتدائية بأكادير(المملكة المغربية) –قسم قضاء الأسرة- عدد 55، ملف عدد 68/2012، صادر بتاريخ 28 يونيو 2012، أمر غير منشور.
[39] – منشور السيد وزير العدل المغربي رقم 50 س 2 بتاريخ فاتح يونيو 2003، حول الإذن بالسفر بالطفل المكفول للإقامة خارج أرض الوطن.
[40] – مؤسسة النيابة العامة المغربية، تقرير حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة 2018، الرباط، 2019، ص 98.
[41] – فاتحة الغلالي، المرجع السابق، ص 74.
[42] – عبد العالي الدليمي، الحماية القانونية للطفل، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش، 2007، ص 166.
[43] – محمد اليعقوبي، دور النيابة العامة في قضايا الجنسية والحالة المدنية، مجلة العرائض، العدد الخامس، يوليوز-دجنبر 2015، ص 89.
[44] – مصطفى سدني، إثبات الجنسية المغربية من خلال وقائع الحالة المدنية، مجلة القانون والأعمال، العدد 20 بتاريخ 20 نونبر 2018، ص61.
[45] – هدى زكي، جميلة أوحيدة، آنه كينيونيس إسكاميث، أندريس رودريغيث بينوت، الطبعة الأولى، الكفالة والتبني في العلاقات الثنائية المغربية الإسبانية، FIIAPP، مدريد، 2009، ص 39.
[46] – أحمد زوكاغي، الكفالة في قانون الجنسية المغربية، مجلة الملحق القضائي، العدد 44 لسنة 2011، ص 168.
[47] – موسى عبود، الوجيز في القانون الدولي الخاص، الطبعة الأولى، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء (المغرب)، الدار البيضاء، أكتوبر 1994، ص 58.
[48] – مليكة الصروخ، القانون الإداري دراسة مقارنة، الطبعة السادسة، الشركة المغربية لتوزيع الكتاب، الرباط، 2006، ص 63.
[49] – مصطفى سدني، المركز القانوني للمرأة والطفل في قانون الجنسية المغربي، مجلة جيل حقوق الإنسان، العدد 36، مارس 2019، ص 40.
[50] – القانون رقم 03-70 بمثابة قانون الأسرة المغربي، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 22-04-1 بتاريخ 03 فبراير 2004، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5184 بتاريخ 05 فبراير 2004، ص 418.
[51] – الدستور المغربي (الفصل الثالث)، الجريدة الرسمية عدد 5952 مكرر بتاريخ 17/06/2011.
[52] – السعدية أيت السيد، الدليل العملي لمسطرة كفالة الأطفال المهملين، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء (المغرب)، 2013، ص 45.
[53] – قرار مدني صادر عن حكمة الاستئناف بأكادير (المملكة المغربية) –قسم الأسرة- رقم 391، ملف عدد 94/2013، صادر بتاريخ 19 مارس 2013، قرار غير منشور. أنظر كذاك قرار مدني صادر عن محكمة الاستئناف بأكادير (المملكة المغربية) –قسم الأسرة- عدد 20 بتاريخ 03 يناير 2006، قرار غير منشور.
[54] – أمر مدني صادر عن المحكمة الابتدائية بأكادير (المملكة المغربية) –قسم قضاء الأسرة- عدد 25، ملف عدد 66/2012، الصادر بتاريخ 05 مارس 2013، أمر غير منشور.
[55] – محمد المهدي، دور مؤسسة الكفالة في تعزيز هوية الطفل على مستوى الجنسية، مجلة الأبحاث والدراسات القانونية، العدد 5 لسنة 2015، ص 225.
[56] – القانون رقم 03-02 يتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 196-03-1 بتاريخ 11 نونبر 2003، منشور بالجريدة الرسمية المغربية عدد 5160 بتاريخ 13 نونبر 2003، ص 3817.
[57] – ظهير شريف في شأن الوضعية المدنية للفرنسيين والأجانب، منشور بالجريدة الرسمية المغربية عدد 46 بتاريخ 12 شتنبر 1913، ص 77 (باللغة الفرنسية).
[58] – Émile SZLECHTER. “Les options légales de nationalité en droit français”, imprimerie régionale, Toulouse, 1942, p 62.
[59] – موسى عبود، المرجع السابق، ص 64.
[60] – مصطفى سدني، دور القرائن في إثبات الجنسية المغربية، مجلة القضاء المدني، عدد 17/18 لسنة 2018، ص 86.
[61] – مصطفى سدني، إثبات الجنسية المغربية الأصلية عن طريق حيازة الحالة الظاهرة، مجلة القانون المدني، عدد 5/6 لسنة 2019، ص 102.
[62] – قرار مدني صادر عن محكمة النقض المغربية عدد 6، ملف شرعي رقم 552-80، صادر بتاريخ 06 يناير 1981، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 27، بتاريخ 06 غشت 1981، ص 98.
[63] – قرار مدني صادر عن محكمة النقض المغربية عدد 584، ملف شرعي عدد 311-2-1-2011، صادر بتاريخ 18 أكتوبر 2011، قرار غير منشور. انظر كذلك قرار مدني صادر عن محكمة الاستئناف بورززات (المملكة المغربية) رقم 15، ملف عدد 01/2012، صادر بتاريخ 18 أبريل 2012، قرار غير منشور.
[64] – محمد المهدي، المرجع السابق، ص 234.
[65] – محمد الشافعي، كفالة الأطفال المهملين: دراسة في القانون المغربي، التبني في القانون الفرنسي، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، 2007، ص 52.