دراسات قانونيةسلايد 1

أحكام الرعاية اللاحقة في قانون الأحداث العراقي والأردني (دراسة مقارنة)

الملخص:
يتناول هذا البحث أحكام الرعاية اللاحقة في قانون الأحداث العراقي والأردني. والغرض منه هو إظهار أوجه الشبه والاختلاف بين قانون الأحداث لكلا البلدين فيما يتعلق بموضوع الدراسة، بهدف الاستفادة من نقاط القوة في كل قانون. وفي سبيل تحقيق ذلك، استخدم الباحث المنهج الاستقرائي التحليلي، المقارن، والنقدي. واختتم البحث بنتائج وهي: التشابه بين القانونين في بعض المسائل، مثل إدراج تعريف الرعاية اللاحقة ضمن متن القانون، وجود قسم خاص بالرعاية اللاحقة في كلا البلدين، والاختلاف في مسائل أخرى.

وبخصوص مسائل الخلاف، فإن كفة الرجحان كانت لصالح القانون الأردني في بعض المسائل، مثل وجود اللجنة التوجيهية للرعاية اللاحقة للأحداث، واتساع نطاق دائرة الأحداث المستفيدين من الرعاية اللاحقة. وفي مسائل أخرى، كفة الرجحان كانت لصالح القانون العراقي، مثل النص على توفير عنصر الأمن الاقتصادي للحدث المفرج عنه بشكل واضح وصريح، وتهيئة الحدث قبل الإفراج عنه بثلاثة أشهر وتقديم الرعاية اللاحقة له لمدة لا تزيد عن ستة أشهر بعد الإفراج. وعليه، بإمكان المشرع الأردني الاستفادة من المشرع العراقي، والعكس صحيح.

مقدمة

بعد أن عجزت التدابير السالبة للحرية من تحقيق أهدافها وغاياتها المرجوة في الحد من الجريمة، تغيّر اتجاه النظام الجنائي من العدالة الجزائية إلى العدالة الإصلاحية لتخفيف الآثار السلبية لتلك التدابير وذلك من خلال الاهتمام بالأحداث المدانين أنفسهم خلال فترة إيداعهم في المؤسسات الإصلاحية عن طريق البرامج التأهيلية النفسية، الاجتماعية، التربوية، والمهنية، وبعد الإفراج عنهم عن طريق الرعاية اللاحقة[1].

وأن العدالة الإصلاحية للأحداث أو الرعاية الاجتماعية حتى يمكن اعتبارها أنها أخذت صورتها كاملة يجب أن لا تقتصر على الرعاية السابقة التي تهدف الوقاية من الجنوح وليست التي تقدم أثناء المحاكمة وفترة الإيداع، وإنما يجب أن تشمل الرعاية اللاحقة التي تقدم بعد الإفراج[2].

كما أن الاهتمام ببرامج الرعاية اللاحقة للأحداث من قبل المجتمعات لم يأت من فراغ، وإنما جاء نتيجة لإدراك هذه المجتمعات بأهميتها ودورها المهم في الحد من عودة الحدث إلى الجريمة[3].

ففي العراق، فإنه ورغم أهمية الرعاية اللاحقة إلا أنها دون المستوى المطلوب، وبحاجة ماسّة إلى التعاون والتكاتف بين الجهات العاملة في هذا المجال، وتفعيلها بحيث تزيل الصعوبات النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تقف حائلاً دون عودة الحدث إلى المجتمع والاندماج فيه من جديد[4].

أما في الأردن، فقد ورد في تقرير نشرته مؤخراً دائرة الموازنة العامة الأردنية، أن عدد خريجي دور الرعاية الاجتماعية المستفيدين من برنامج الرعاية اللاحقة ضمن برامج الأسرة الطفولة كما هو آتٍ: 2013: 700 مستفيد، 2014: 750 مستفيد، 2015: 800 مستفيد، 2016: 825 مستفيد، 2017: 850 مستفيد، 2018: 855 مستفيد[5].

وعليه، فإن عدد الأحداث الذين يحصلون على هذه الرعاية لا بأس به في الأردن وأنه في ازدياد، بعكس أقرانهم في العراق حيث أنهم شبه محرومين أو بالأحرى محرومين منها كلياً. ورغم أهمية دراسة الرعاية اللاحقة ميدانياً من خلال العينّات، إلى أن هذه الدراسة ستقتصر على عرض وتحليل ومقارنة النصوص القانونية المنظّمة لهذه الرعاية في القانونين العراقي والأردني، أي تتناول الجانب النظري وحده، وهذا لا يقل أهمية عن الجانب العملي.

أهمية البحث:

تكمن أهمية هذا البحث في عنوانه، إذ لم يجد الباحث أية بحوث أو دراسات معمّقة كتبت بنفس العنوان، وإن وجدت فإنها ضمن مواضيع أخرى وتم الإشارة إليها بصورة موجزة غير مفصلة، أو تم دراسة هذا الموضوع في كل قانون لوحده دون المقارنة بينهما. كما أنه من خلال هذا البحث يمكن التعرّف على أحكام الرعاية اللاحقة في قانون الأحداث العراقي والأردني، والتطلع على مكامن القوة فيهما بغية الاستفادة منها، وكذلك الكشف عن مكامن الخلل فيهما بغية إصلاحها وتحسينها.

تساؤلات البحث:

يسعى الباحث إلى الإجابة على الأسئلة الآتية:

ما هي أوجه الاختلاف والاتفاق بين قانونيّ الأحداث العراقي والأردني بخصوص أحكام الرعاية اللاحقة.
ما هو فيصل التفاضل بين أحكام الرعاية اللاحقة في قانون البلدين.
منهجية البحث:

ارتأى الباحث أن يعتمد على المنهج الاستقرائي لأحكام الرعاية اللاحقة في قانون البلدين. والمقارنة بينهما وتحليلها تحليلاً قانونياً بغية الوقوف على نقاط القوة والضعف في كل قانون.

أهداف البحث:

يهدف هذا البحث إلى التعرف على أوجه التشابه والاختلاف بين أحكام الرعاية اللاحقة في قانون الأحداث العراقي والأردني، وكذلك البحث والتحري عن نقاط القوة والتفاضل بينهما بغية إفادة المشرعين من الجانبين.

خطة البحث:

وبغرض الإجابة عن تساؤلات البحث، سيتم عرض ومناقشة موضوع البحث من خلال أربعة مطالب. في الأول سنتناول: ماهية الرعاية اللاحقة. وفي الثاني: تشكيلة قسم الرعاية اللاحقة. وفي الثالث: خدمات الرعاية اللاحقة. أما في المطلب الرابع فسنتطرق إلى: مدة الرعاية اللاحقة.

المطلب الأول: ماهية الرعاية اللاحقة.

مفهوم الرعاية اللاحقة يقابل مصطلح (After care) في المصادر الأمريكية، و(Follow up) في المصادر الإنكليزية، و(Pour Suivre) في المصادر الفرنسية. في البداية، هذه الرعاية كانت تقدم لبعض أصناف المرضى، خلال فترة النقاهة لتجنبه من عودة المرض إليه، لكن بعد ظهور الخدمة الاجتماعية كمهنة فيما بعد، انتشرت هذه الرعاية وشملت مجالات أخرى، ومن ضمنها مجال الجريمة والانحراف، وبذلك أصبحت الرعاية اللاحقة ذات مفهوم اجتماعي علاجي ووقائي في آنٍ واحد[6].

وقد عرّفها (ستروب) أحد علماء الاجتماع البارزين، بأنها: “عملية علاجية مكمّلة للعلاج المؤسسي للأحداث الجانحين المفرج عنهم، تستهدف استعادة الحدث لقدرته على إدراك مشكلاته وتحمل مسئولياته لمواجهتها في بيئته الطبيعية ليحقق أفضل تكيف ممكن مع هذه البيئة”[7].

وعرّفها متخصص آخر، بأنها: “عبارة عن مجموعة من الأساليب المنظّمة التي تستهدف تقديم أنواع كثيرة من العون الاجتماعي والنفسي والمادي الرسمي وغير الرسمي للمفرج عنهم من أجل تحويلهم إلى مواطنين عاديين بمساعدتهم وتمكينهم من مواجهة أزمة الإفراج”[8].

أما المشرع العراقي، فقد عرّفها في المادة 99 من قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983م بأنها: رعاية الحدث بعد انتهاء مدة إيداعه مدرسة التأهيل بما يضمن اندماجه في المجتمع وعدم عودته إلى الجنوح.

يفهم من التعريف، بأن الرعاية اللاحقة تقدّم بعد انتهاء مدة الإيداع وليس أثناءها، وأنها خاصة بمودعي مدارس التأهيل وليس بمودعي الدور، وعليه فأنها تشمل الأحداث الجانحين، وليس المتهمين الموقوفين المودعين في دار الملاحظة، ولا المشردين ولا المنحرفين المودعين في دار تأهيل الأحداث، وتستهدف هذه الرعاية إعادة دمج الحدث المفرج عنه في المجتمع، وإبعاده عن الوقوع في مستنقع الجريمة مرة أخرى.

أما مشرّع قانون الأحداث الأردني رقم 32 لسنة 2014م فتناول موضوع الرعاية اللاحقة في المادة 41 فقط بالنص على: “تقدم الرعاية اللاحقة للحدث بعد انتهاء مدة إيداعه في دار تربية الأحداث أو دار تأهيل الأحداث أو دار رعاية الأحداث لضمان اندماجه في المجتمع وحمايته من الجنوح على أن تحدد أسس الرعاية اللاحقة وإجراءاتها بموجب نظام يصدر لهذه الغاية”[9].وعليه، ترك المشرع تنظيم أحكامها لنظام خاص يصدر بهذا الخصوص. وقد صدر نظام الرعاية اللاحقة للأحداث رقم 67 لسنة 2016 الأردني، مؤلفاً من 11 مادة تناول من خلالها كافة المسائل المتعلقة بالرعاية اللاحقة. وفي المادة الثانية منه عرّفها بأنها: “الخدمات المقدمة لإعادة دمج الحدث المفرج عنه من الدار ومساعدته في العودة إلى بيئته الاجتماعية الطبيعية وتوفير الأمن الاجتماعي والاقتصادي له”[10].

عند قراءة المادة 41 من القانون والمادة 2 من النظام معاً، يفهم بأن الرعاية اللاحقة تقدّم بعد انتهاء مدة الإيداع وليس أثناءها، وأنها تشمل المودعين من الأحداث الموقوفين والجانحين والمحتاجين للحماية أو الرعاية – المشردين والمنحرفين-، وتستهدف هذه الرعاية إعادة دمج هؤلاء الأحداث المفرج عنهم في المجتمع، وحمايتهم من الوقوع في وحل الجريمة مستقبلاً. كما بيّنت المادة 2 عناصر الرعاية اللاحقة التي تقدم للأحداث التي هي توفير الأمن الاجتماعي والاقتصادي لهم.

عند المقارنة بين القانونين العراقي والأردني، يلاحظ بأن هناك أوجه تشابه واختلاف بينهما، فكلاهما متفقان على:

وقت تقديم الرعاية الذي هو بعد انتهاء مدة الإيداع.
شمول الأحداث الجانحين بالرعاية.
إعادة دمج الأحداث المفرج عنهم في المجتمع، وتجنبهم من العود إلى الجريمة مرة أخرى.
أما الخلاف بينهما فينحصر في الأوجه التالية:

الأحداث الموقوفين والمحتاجين للحماية أو الرعاية – المشردين والمنحرفين-، مشمولين بالرعاية في ظل القانون الأردني، في حين هؤلاء لا تشملهم الرعاية في ظل القانون العراقي.
تطرق القانون الأردني إلى عنصرين من عناصر الرعاية اللاحقة التي تقدم للأحداث وهما: الأمن الاجتماعي والاقتصادي، بينما خلا القانون العراقي من أي نص يشير إليها.
أما بخصوص الوقت الذي تقدم فيه الرعاية اللاحقة، فإن المشرعين العراقي والأردني أخذا بالرأي القائل بضرورة تقديمها بعد الإفراج عن الحدث، وهذا ما يرجحه الباحث أيضاً، لأن الحدث المودع طيلة فترة إيداعه في المؤسسة الإصلاحية خاضع للبرامج التأهيلية، فليس هناك داعٍ لشموله بالرعاية اللاحقة، لكن من الضروري تهيئة جو مناسب لأولئك الذين سيطلق سراحهم قريباً لجعلهم يستفيدون من خدمات الرعاية اللاحقة بأفضل ما يمكن.

وفيما يتعلق بشمول الأحداث المحتاجين للحماية أو الرعاية إضافة إلى الجانحين موقف حسن من المشرع الأردني، والمشرع العراقي مدعو لنص مماثل إذ هناك الكثير من المشردين والمنحرفين في العراق لا يتم تأهيلهم أثناء تواجدهم في دور تأهيل الأحداث وهم بحاجة ماسة إلى شمولهم بالرعاية اللاحقة، والذين يرون أن هذه الرعاية تشملهم أيضاً، فهذا رأيٌ بعيد عن الصواب وناتج عن الخطأ في فهم النص[11]، إذ أن نص المادة 99 من قانون رعاية الأحداث العراقي صريح في شمول مودعي مدارس التأهيل فقط بهذه الرعاية دون سواهم[12].

أما شمول الموقوفين بهذه الرعاية في ظل القانون الأردني فغير عملي، لأن مدة التوقيف قصيرة عادة، وأنه أصلاً بريء حتى يثبت إدانته، لذا من المستبعد إصابته بحالة نفسية مزرية، أو تدهور في علاقاته الاجتماعية أو حالته المادية أثناء تلك الفترة. ورغم ذلك، لا نستبعد وقوع حالات نادرة جداً ولعدد محدود جداً من الموقوفين تستدعي حالتهم هذه الرعاية. نستنتج مما تقدم، أنا نطاق دائرة المستفيدين من هذه الرعاية في القانون الأردني أوسع من القانون العراقي.

وما إمتاز به تعريف القانون الأردني هو بيان عنصرين من عناصر الرعاية اللاحقة التي تقدم إلى المستفيد منها، وهما الأمن الاجتماعي والاقتصادي. ونرى أن هذا البيان يفيد الأكاديميين أكثر دون غيرهم، لكون الكادر القائم بالرعاية ستقدم هذه الخدمات للمستفيد منها، والأخير سيحصل عليها سواء كان الطرفان على علم بهذه العناصر أما لا.

المطلب الثاني: تشكيلة قسم الرعاية اللاحقة.

نص المشرع العراقي في المادة 100 من قانون الأحداث على إنشاء قسم خاص تقدّم هذه الرعاية للأحداث المفرج عنهم باسم (قسم الرعاية اللاحقة)، مرتبط بدائرة إصلاح الأحداث في المؤسسة العامة للإصلاح الاجتماعي، يتولى رعاية الحدث بعد انتهاء مدة إيداعه في المدارس الإصلاحية. كما نصّت المادة نفسها على الشروط الواجب توافرها في الشخص الذي سيتم تعيينه كمدير لقسم الرعاية اللاحقة، وهي كما يلي:

أن يكون حاصلا على شهادة البكالوريوس في علم الاجتماع أو الخدمة الاجتماعية أو العلوم الأخرى ذات الصلة بشؤون الأحداث.
2 . أن يكون لديه خبرة لا تقل عن خمس سنوات.

أما المنفّذ الحقيقي والميداني أو ما يسمى بالشخص القائم بالرعاية اللاحقة الذي يتواصل ويواجه الحدث مباشرة فهو باحث اجتماعي، لكن القانون لم يبين شروط تعيينه مثلما نصّ عليها بالنسبة لمدير القسم، كما يتولى مدير القسم الإشراف على أعمال الباحثين الاجتماعيين التابعين له والدور الملحقة به، أي يقوم بتوزيع الأعمال (الحالات) فيما بينهم حسب مؤهلاتهم، كفاءاتهم، قدراتهم ومهاراتهم.

وتجدر الإشارة، بأن المشرع العراقي وبموجب المادة 107 من قانون الأحداث أجاز لهذا القسم لغرض تنفيذ مهامها بصورة متقنة الاستعانة بعدد من الجهات عند الاقتضاء، وهذه الجهات هي:

1 – قسم مراقبة السلوك.

2 – شرطة الأحداث.

3 – لجان الاستشارات الأسرية.

4 – اللجان المحلية للاتحاد العام لشباب العراق.

أما المشرع الأردني، ففي المادة الخامسة من نظام الرعاية اللاحقة نصّ على تشكيل لجنة في وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية تسمى بـ(اللجنة التوجيهية للرعاية اللاحقة للأحداث) برئاسة مساعد أمين عام الوزارة وعضوية أحد موظفي الوزارة يسميه الوزير وممثل عن كل وزارة من الوزارات الآتية:( داخلية، عدل، تربية وتعليم، صحة، عمل، وأوقاف)، وممثل عن كل جهة من الجهات الآتية: (المجلس الأعلى للشباب، إدارة شرطة الأحداث، إدارة حماية الأسرة، مؤسسة التدريب المهني)، ويتم تسمية هؤلاء الممثلين بقرار من قبل الوزارات والجهات المختصة التابعين لها. ولغرض تنفيذ مهامها بأكمل وجه، يجوز للّجنة المذكورة الاستعانة بالأشخاص من ذوي الخبرة والاختصاص وكذلك بالجهات ذات العلاقة.

وفيما يتعلق باجتماعات اللجنة، فإنها تنعقد كل ثلاثة أشهر على الأقل بحضور غالبية أعضائها بدعوة من رئيس اللجنة، على أن يكون الرئيس من بين الحاضرين، وتتخذ توصياتها بأغلبية أصوات الحاضرين، وتتم المصادقة عليها من قبل وزير التنمية والشؤون الاجتماعية، بعد رفعها إليه[13].

وقد كلّف النظام اللجنة بممارسة المهام التالية:

وضع السياسة العامة لبرامج الرعاية اللاحقة للأحداث، وإعداد الخطط والبرامج اللازمة لتنفيذها.
المساهمة في بناء منهجيات وأدوات التقييم لبرامج الرعاية اللاحقة للأحداث.
مراجعة تطبيق برنامج الرعاية اللاحقة على الأحداث وتقييم أثره[14].
وحسب المادة الرابعة من النظام يتولى قسم الرعاية اللاحقة في المديرية المختصة بشؤون الأحداث في الوزارة المهام التالية:

الإشراف على برنامج الرعاية اللاحقة ومتابعة تنفيذه.
متابعة تنفيذ قرارات اللجنة التوجيهية.
التنسيق مع أقسام الرعاية اللاحقة الأخرى والجهات ذات العلاقة التي يمكن أن تساهم في تقديم خدمات الرعاية اللاحقة للحدث.
إعداد برامج ونشاطات تهدف إلى تعزيز قدرات الموظفين القائمين على تنفيذ برامج الرعاية اللاحقة بالتنسيق مع المديرية المعنية في الوزارة.
اقتراح مشروعات لتطوير برامج الرعاية اللاحقة أو تعديل القائم منها وتقييمها ورفع التقارير الخاصة بذلك إلى المدير.
وقد ألزم النظام، الأخصائي الاجتماعي ” الذي هو الموظف المختص بمتابعة الأحداث تربوياً وصحياً واجتماعياً داخل الدار”[15] في كل دار بإعداد برامج الرعاية اللاحقة للأحداث، وأجاز له الاستعانة بالأشخاص المختصين وكذلك الجهات الرسمية وغير الرسمية ذات العلاقة لمساعدته في مهمته هذه. علماً، أن هذه البرامج لا يتم تنفيذها إلاّ بعد موافقة مدير المديرية المختصة في الوزارة، وأن جميع المخاطبات الرسمية الخاصة لتنفيذ هذه البرامج يجب أن تكون من خلال المدير المذكور. أما الشخص القائم بتنفيذ البرنامج ميدانياً مع الحدث المفرج عنه فهو مراقب السلوك المختص[16].

عند إجراء مقارنة بين القانونين العراقي والأردني، يلاحظ بأن هناك أوجه تشابه واختلاف بينهما، و هي كما يلي:

وجود قسم خاص لغرض تقديم خدمات الرعاية اللاحقة في كلا القانونين.
نصّ المشرع العراقي على إدارة القسم من قبل الرئيس، وأدرج الشروط الواجب توافرها فيه، في حين لم يتطرق المشرع الأردني إلى ذلك مطلقاً. وهنا نرجح الموقف العراقي، لأنه لم يترك المجال للأشخاص غير الأكفاء بالوصول إلى هذا المنصب الحيوي والمهم.
بموجب القانون العراقي المنفذ الفعلي والعملي لبرامج الرعاية اللاحقة هو الباحث الاجتماعي، بينما مراقب السلوك يقوم بهذه المهمة في الأردن.
نصّ المشرع الأردني على مهام قسم الرعاية اللاحقة في غاية الوضوح، بينما أغفل المشرع العراقي النص عليها.لذا، نرجّح موقف المشرع الأردني، لأن هذه المهام ستعتبر دليلاً وخارطة طريق لهذا القسم في أداء وظيفته بأحسن وجه، كما يمكن استخدامها كمقياس لتقييم أعماله. وهنا، نقترح أن يستفيد المشرع العراقي من المشرع الأردني في هذا الخصوص.
في الأردن، يتم وضع برامج الرعاية اللاحقة التي تقدم للأحداث المفرج عنهم من قبل الأخصائي الاجتماعي، إضافة إلى أي شخص آخر مختص أو أية جهة أخرى ذات علاقة يمكن الاستفادة منه أو منها. أما في العراق، فإن الباحث الاجتماعي هو المكلف بوضع هذه البرامج، وأجاز القانون عند الضرورة لقسم الرعاية اللاحقة الاستعانة بأربعة جهات حصراً. هنا، يفضّل الباحث موقف المشرع الأردني، لأن عدد المشاركين في وضع هذه البرامج سيكون أكثر لكون القانون لم يحصر في أشخاص أو جهات محددة كما هو عليه في العراق، وبالنتيجة فإن البرامج التي تكون ثمرة لعدد أكبر من العقول المختصة ستكون أكثر كمالاً من غيرها.
لكن المطلوب هنا هو أن يكون هناك تنسيق بين الجهات الرسمية التي تتعامل مع برامج الرعاية اللاحقة، لكون هذه الجهات لا تستطيع أن تعمل بمفردها، إذ كل جهة مكمّلة للآخر[17].

أهم من كل ما تقدّم، لقد أبدع المشرع الأردني حينما نصّ على تشكيل لجنة توجيهية خاصة بموضوع الرعاية اللاحقة في وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية، يتألف أعضاؤها من ممثلين للوزارات والجهات ذات الصلة، ومن أهم مهامها: وضع السياسة العامة لخدمات الرعاية اللاحقة للأحداث والإجراءات الكفيلة لتنفيذها، كما أن قسم الرعاية ملزم بتنفيذ قرارات وسياسات اللجنة المذكور.
أما القانون العراقي، فجاء خالياً من أي نص يتطرق إلى إنشاء مثل هذه اللجنة. وعليه، نرجّح موقف المشرع الأردني، لأن وجود مثل هذه اللجنة المختصة في الوزارة المعنية، المؤلفة من أعضاء متخصصين، والموكل إليها المهام التي سبق وأن تطرقنا إليها، يوحي بأن المشرع الأردني يرغب في تقديم أفضل الخدمات للأحداث المفرج عنهم لإعادة دمجهم في المجتمع والتمتّع بالحياة الكريمة كأي مواطن عادي آخر. وهنا، قد يتساءل: بأن القانون العراقي هو الآخر نص على إنشاء مجلس لرعاية الأحداث، وله تشكيل مشابه للجنة التوجيهية في الأردن، ومن مهامها مناقشة وإقرار السياسة الخاصة بجنوح الأحداث، وتحديد الإجراءات ووضع التوصيات لتوفير الحماية الاجتماعية من ظاهرة جنوح الأحداث[18]. لكن يرد على ذلك، أن مهام المجلس عامة تشمل ظاهرة جنوح الأحداث بأكملها، لذا فهو غير مختص بموضوع الرعاية اللاحقة بوحدها، وعليه لا يمكن أن يحل محلّها-اللجنة التوجيهية-، ويبقى موقف المشرع الأردني الأرجح.

قسم الرعاية في الأردن، لا يقوم بتقديم خدمات الرعاية للأحداث المفرج عنهم فقط، وإنما مكلّف أيضاً بتطوير كفاءات ومهارات موظفيه، وتقديم المقترحات للجهات المعنية لتطوير برامج الرعاية اللاحقة. أما في العراق، فإن القسم غير مكلّف بمثل هذه المهام، لكن ليس هناك مانع يمنعه من القيام بذلك.

في الأردن، القسم مكلّف بمتابعة وتقييم البرامج التي تنفذها ورفع التقارير عنها إلى المديرية المختصة في الوزارة، أي أنه في أدائه لعمله خاضع لرقابة المديرية، وهذه نقطة إيجابية، لأن شعور موظفي القسم بالرقابة سيدفعهم إلى أداء مهامهم بإتقان وبصورة جيدة، لكون المقصّر سيكشف أمره وسيعاقب. في العراق، لا يوجد مثل هذا التكليف، ورغم ذلك لا يمنع القانون من إلزام القسم برفع مثل هذه التقارير إلى دائرة الإصلاح الاجتماعي. وهنا نرجح القانون الأردني، لأن النص على التكليف بشكل واضح، أفضل من تركه لإرادة ورغبة الأشخاص المنفّذين.
المطلب الثالث: خدمات الرعاية اللاحقة.

هناك اتفاق بين المصادر والمراجع التي تناولت برامج الرعاية اللاحقة وتهيئة المفرجين عنهم من المؤسسات الإصلاحية، بأن خدمات هذه الرعاية ترتكز على ثلاثة عناصر، وهي العنصر (النفسي، الاجتماعي، والاقتصادي)[19]. وعليه، سنتناول هذه العناصر بشيء من التفصيل، مع بيان موقف المشرعين العراقي والأردني منها.

أولاً: توفير الأمن النفسي للحدث.

تؤكد مدرسة التحليل النفسي، أن للتجارب المؤلمة والصدمات النفسية أثر عميق على سلوك الحدث، وترى بأن القلق وسوء التوافق سيلازمانه عند مروره بهذه التجارب، وبذلك يختل تكوينه النفسي، فتضطرب شخصيته، وبالنتيجة يقع في الجنوح والعود له[20].

وعليه، فإن الحدث الذي مرَّ بثلاثة مراحل صعبة وحرجة في جزء من حياته، والتي هي: مرحلة ارتكاب الجريمة، ومرحلة التحقيق والمحاكمة، ومرحلة الإيداع في المؤسسات الإصلاحية، فإن هذه المراحل بمجموعها تجعله يعيش في حالة مزرية غير طبيعية، إذ يشعر بالدونية والاكتئاب والقلق[21]، بل هناك من قام بالانتحار لكون حالته وصلت إلى درجة لا يستطيع تحملها، ويصاب آخرون بأمراض نفسية قاتلة، أي أن كل حدث ستصاب نفسيته بقدر من الأذى حسب درجة ارتقاء نفسيته، ومدى تحمله لهذه المنعطفات غير الطبيعية في حياته.

أمام هذه الحالة غير الطبيعية، فإن الحدث عادة يصاب بصدمة أو أزمة الإفراج حينما يقترب موعد إطلاق سراحه[22]، لكونه سينتقل من بيئة إلى أخرى مختلفة عنها كثيراً، لذا حصل خلاف بين المختصين حول التوقيت المناسب للبدء بالرعاية اللاحقة –التهيئة النفسية-.

أما فيما يتعلق بموقف المشرعين العراقي والأردني في هذه المسألة، فلقد تبيّن لنا وبكل وضوح أثناء تناول تعريف الرعاية اللاحقة، بأن كلا المشرعين نصّ على تقديم هذه الرعاية بعد انتهاء مدة الإيداع. لكن نظراً لأهمية فترة ما قبل الإفراج، فإن لكل مشرع موقفه الخاص.

فقد ألزم المشرع العراقي مدارس التأهيل قبل انتهاء مدة الإيداع بفترة لا تقل عن ثلاثة أشهر، القيام بما يلي:

أولاً: تزويد قسم الرعاية اللاحقة باسم الحدث الذي سوف تنتهي مدة إيداعه مع تقرير مفصل عنه.

ثانياً: وضع الحدث في جناح خاص يوفر له قدراً أكبر من الحرية.

ثالثاً: تكليف الحدث ببعض الأعمال الإضافية داخل المدرسة أو خارجها التي من شأنها إعادة الثقة بنفسه[23].

كما أن المشرع ألزم قسم الرعاية اللاحقة الاتصال بالحدث عن طريق الباحث الاجتماعي قبل خروجه من مدرسة التأهيل لتزويده بالإرشادات اللازمة لمواجهة متطلبات الحياة الجديدة ومساعدته في اتخاذ القرارات الصحيحة.

لا شكّ بأن الحدث الذي يتمتع بحرية أكثر مقارنة بأقرانه داخل المؤسسة الإصلاحية، والذي يقوم بأعمال إضافية داخل المؤسسة أو خارجها حسب قدرته ورغباته، والمزوّد بالتوجيهات والإرشادات الضرورية لمتطلبات البيئة الجديدة التي سينتقل إليها، كل ذلك مجتمعة سوف يساعده على بناء الثقة بنفسه من جديد، وتهيئة حالته النفسية.

ورغم أن هذه الإجراءات تتم من قبل إدارات المدراس التأهيلية وليس من قبل قسم الرعاية اللاحقة نفسه سوى موضوع الإرشاد والتوجيه، لكن يمكن القول بأنها جزء من خدمات الرعاية اللاحقة، لسببين: أولاً، لأن المشرع العراقي قد تطرق إليها في القانون ضمن الباب الخاص لهذه الرعاية. ثانياً، يفهم من قراءة هذه الإجراءات بأن المشرع قد أراد من خلالها تهيئة الحدث نفسياً، وهذا يعتبر جزءاً من خدمات الرعاية اللاحقة بعينها.

أما المشرع الأردني، فلم يحدد مدة معينة للبدء بالإجراءات التي تهدف إلى تهيئة الحدث نفسياً قبل انتهاء مدة إيداعه، وإنما ترك ذلك لتقدير الأخصائي الاجتماعي يقدّرها حسب حالة كل حدث[24].

عند إجراء مقارنة بين موقف المشرعين العراقي والأردني، سنجد بأن هناك أوجه تشابه واختلاف بينهما، و هي كما يلي:

كلا المشرعين نصّ على البدء بتهيئة نفسية الحدث قبل إطلاق سراحه، وهذا موقف حسن، لأن ذلك يعتبر الخطوة الأولى الصحيحة نحو نجاح برامج الرعاية اللاحقة.

اختلف المشرعان في توقيت البدء بهذه التهيئة النفسية. المشرع العراقي، حدد وقتاً معيناً وهو البدء بها بفترة لا تقل عن ثلاثة أشهر من إطلاق سراحه، بينما المشرع الأردني ترك ذلك لتقدير الأخصائي الاجتماعي يحدده وفق حالة كل حدث. يلاحظ، بأن ما جاء في القانون الأردني موقف حسن، لأن حاجة كل حدث لهذه التهيئة النفسية تختلف عن الآخر حسب ظروفه وحالته، لكن موقف المشرع العراقي أكثر دقة، لأنه حدد وقتاً معيناً للبدء لجميع الأحداث دون تمييز وهو ثلاثة أشهر على الأقل قبل الإفراج، ثم ترك المجال للجهات المعنية البدء بها قبل هذا الوقت وفق حالة الحدث، ولهذا نرجّح الموقف العراقي.

نص المشرع العراقي على بعض الإجراءات لغرض التهيئة النفسية للحدث بشكل واضح وصريح. أما المشرع الأردني، فموقفه غير واضح ويكتنفه الغموض، فهو لم ينص على إجراءات مماثلة كما هو عليه في القانون العراقي.

حسب قانون كلا البلدين العراق والأردن، أن القائم بالعلاج النفسي للحدث هو شخص عامل في مجال الخدمة الاجتماعية، وهذا غير مقبول عقلاً ومنطقاً، لأن الحدث بحاجة إلى شخص مختص في مجال علم النفس، سواء كان طبيباً نفسياً أو محللا أو أخصائيا نفسيا، فرغم وجود مشتركات بين علم الاجتماع وعلم النفس، إلا أن هناك فرقا شاسعا بينهما، وكل واحد منهما علم مستقل بحد ذاته. وعليه، حتى تُؤتي برامج الرعاية اللاحقة ثمارها لا بدّ من مشاركة المتخصصين في مجال علم النفس فيها. ولهذا نقترح على مشرعي البلدين تعديل القانون على وجه يلزم بتقديم العلاج النفسي للحدث من قبل مختصّين في مجال علم النفس.
ثانياً: توفير الأمن الاجتماعي للحدث.

يرى الفقيه الفرنسي (أميل دوركايم) بأنه إذا حصل اختلال في المعايير الاجتماعية، عندها يعجر الضبط الاجتماعي المسؤول عن ضبط سلوك الأفراد من أداء وظيفتها بالشكل المطلوب، فتقع الجريمة والعود، أي أن كلاهما تقع نتيجة لتفكك المعيار الاجتماعي وعدم الانسجام بين المجتمع وأفراده. ويرى أصحاب نظرية الوصم الإجرامي، بأن الحدث المفرج عنه يعود إلى عالم الجنوح بسبب ردة فعل المجتمع نحوه بوصمه بالمجرم أو الجانح[25].

وقد توصلت إحدى الدراسات التي أجريت على إحدى دور الملاحظة الاجتماعية للأحداث في إحدى دول الخليج العربي، إلى وجود علاقة بين ردة فعل المجتمع تجاه الحدث المفرج عنه، وبين عودة الأخير للجنوح، إذ توصل إلى أن 85.5% من أفراد العينة عادوا إلى الجريمة بسبب تعامل أفراد أسرهم السلبي معهم، إذ كانوا ينعتون بالشخص المنحرف من قبلهم، أو يتم عزلهم والابتعاد عنهم، أو النظر إليهم نظرة احتقار وازدراء[26].

ونظراً للدور المهم للأسرة في تنشئة الحدث وحمايته من كل ما يعرضه للانحراف من خلال تربية سليمة، أوصت إحدى الدراسات الميدانية بضرورة إنشاء مراكز خاصة وظيفتها التعرّف على مشاكل أسر الأحداث المودعين ومساعدتها على حلها[27].

فلو رجعنا إلى موقف المشرع العراقي، فإنه سبق وأن أشرنا عند تناول العنصر الأول بأن قانون الأحداث ألزم مدارس التأهيل قبل انتهاء مدة الإيداع بفترة لا تقل عن ثلاثة أشهر، القيام ببعض الإجراءات. ومن الإجراءات المتعلقة بهذا العنصر هي: تزويد قسم الرعاية اللاحقة باسم الحدث الذي سوف تنتهي مدة إيداعه مع تقرير مفصل عنه، ومنح الحدث إجازة بيت إضافية تمهّد خروجه إلى الحياة الاجتماعية الجديدة. كما كلّف المشرع قسم الرعاية اللاحقة قبل خروج الحدث من مدرسة التأهيل الاتصال به عن طريق الباحث الاجتماعي وذلك: لتزويده بالإرشادات اللازمة لمواجهة متطلبات الحياة الجديدة ومساعدته في اتخاذ القرارات الصحيحة، وللتعرف على البيئة التي يروم الالتحاق بها بعد خروجه من مدرسة التأهيل لإعادة علاقاته بها أو راب –تصدع- علاقاته العائلية.

كما أوجب المشرع على قسم الرعاية حسب التعليمات رقم 2 لسنة 2009م الصادرة من الحكومة العراقية الاتحادية: القيام بزيارات ميدانية لأسر المودعين الذين يعانون المشاكل والعمل على حلّها، وجمع المعلومات والبيانات حول أسرهم، وتنظيم برنامج للمودعين الذين سيطلق سراحهم بعد دراسة استماراتهم لغرض تهيئتهم اجتماعياً وعودتهم إلى المجتمع بشكل طبيعي[28]. كما جاءت في الفقرة الأولى من المادة السابعة من إعلان حقوق السجناء والمعتقلين لإقليم كوردستان العراق: تعمل وزارة حقوق الإنسان بالتعاون مع الوزارات الأخرى على دمج السجناء والمعتقلين الذين يطلق سراحهم في المجتمع دون تمييز[29].

عند قراءة ما ورد في قانون الأحداث والتعليمات والإعلان معاً، يتضح بأنه يتم تهيئة الحدث اجتماعياً على النحو الآتي: قبل إطلاق سراح الحدث بثلاثة أشهر تقريباً على الأقل، قسم الرعاية سيكون مطّلعاً على جميع أحوال الحدث أثناء تواجده في المؤسسة الإصلاحية ومن ضمنها الجانب الاجتماعي وذلك بناء على التقرير المفصّل الذي يستلمه من إدارة المدرسة المودع فيها، وهذا التقرير يعتبر مساعداً مفيداً للقسم وخاصة للباحث الاجتماعي الذي سيقوم بتنفيذ الرعاية اللاحقة للحدث، إذ يمكّنه التعرف على مشاكله الاجتماعية وسلوكياته وتصرفاته، وعلى العلاجات التي استفادت منها والأخرى غير المجدية.

وبعد أن يطّلع الباحث على ملفه وحاله داخل المدرسة يتصل به مباشرة، لكي يتعّرف على البيئة التي يرغب الانتقال إليها، مثل: (المدرسة) إن كان طالباً، ومحل العمل إن كان يعمل، وغير ذلك من البيئات، وكذلك للتعرّف أيضاً على مشاكله العائلية، فربما بسبب ما ارتكبه من جرم قد وقع تصدّع في علاقاته العائلية. وبينما الحدث لا يزال مودعا في المدرسة، يقوم الباحث بزيارات ميدانية لأسرته للاطلاع على واقعها المعيشي الحقيقي خاصة إن كان لديه مشاكل ومعاناة مع عائلته للعمل على حلها، قبل أن ينتقل إليها الحدث، ومن ثم يجمع الباحث المعلومات حول أسرته، والبيئات الأخرى التي سينتقل إليها الحدث مثل المدرسة ومحل العمل وغير ذلك.

وبعد قيام الباحث بتنظيم ملف كامل حول الحدث يقوم بدراسته بشكل جيد ومن ثم يوضع له برنامج خاص على ضوء المعطيات التي حصلت عليها من خلال الدراسة لإعادة دمجه في المجتمع كأي شخص طبيعي آخر. ولمساعدته في هذا الدمج الاجتماعي الطبيعي يتم منحه إجازات بيتية إضافية. ولا شكّ بأن الذي يلتقي بأهله وأقربائه وأصدقائه بكثرة في البيئة الطبيعية نتيجة لتمتّعه بإجازات إضافية، سوف تكون فرصة اندماجه في بيئته الجديدة أكثر من غيره. علماً، قبل أن يطلق سراح الحدث لانتهاء مدة إيداعه، يلتقي به الباحث ويزوده بالإرشادات والتوجيهات اللازمة كي يواجه مصاعب الحياة الجديدة بسلاسة دون ارتكاب جرائم أخرى، كما سيخبره بأنه سيكون في تواصل معه بعد الإفراج عنه وسيساعده في اتخاذ القرارات المناسبة عند الحاجة.

وتجدر الإشارة، بأن الباحث الاجتماعي ومن خلال برامجه المعدة مسبقاً للحدث، يكون قد هيأ جميع البيئات التي سينتقل إليها الحدث قبل إخلاء سبيله، وبالنتيجة فإن أفراد أسرته، وزملائه في الدراسة، أو في العمل، أو وفي المحلة، وفي غيرها من البيئات يكون مهيئين لاستقباله بشكل طبيعي.

أما المشرع الأردني وبموجب المادة التاسعة من النظام، كلّف مراقب السلوك المختص بتنفيذ برامج الرعاية اللاحقة باستلام الملف الخاص بالحدث الذي سيفرج عنه من الأخصائي الاجتماعي الذي قام بإعداده، ومن ثم دراسته بصورة جيدة، والتأكد فيما إذا كان هناك دراسات وتقارير واختبارات قد خضع لها الحدث منذ إيداعه الدار، وبيان الأسباب التي كانت لها دور في انحرافه ومدى تفاعله واستجابته للبرنامج الذي قدم له أثناء تواجده في الدار. كما ألزم المشرع مراقب السلوك قبل إطلاق سراح الحدث بوقت كاف، أن يقوم بتهيئة البيئة الطبيعية الجديدة التي سينتقل إليها الحدث من خلال الزيارة الميدانية لتلك البيئة وإعداد تقرير يتضمن العنوان الدقيق وعوامل الخطورة المحتملة وأية ملاحظات أخرى.

يفهم من موقف المشرع الأردني، بأن مراقب السلوك مطّلع على جميع أحوال الحدث ومن ضمنها حاله الاجتماعي، ولديه معرفة بكل البرامج والدورات التي شاركت فيها ومدى استفادته منها، وملّم بسلوكياته وتصرفاته داخل المؤسسة الإصلاحية، كما لديه علم بالأسباب التي دفعته إلى الجنوح. وبعد العلم بكل ما تقدم حول الحدث، يقوم المراقب بزيارات ميدانية للبيئات التي سينتقل إليها الحدث بعد الإفراج عنه، ومن ضمنها أسرته، ويكون ذلك قبل الإفراج بمدة مناسبة. ومن خلال هذه الزيارات يقوم بجمع المعلومات عن هذه البيئات ودراستها دراسة وافية. وبعد أن يحصل المراقب على هذا الكم من المعلومات حول الحدث والبيئات، سيضع خطته المناسبة لإعادة دمج الحدث اجتماعياً في البيئات التي ستستقبله دون مشاكل وعوائق، ووضع الحلول المناسبة في حالة ظهورها.

وبمقارنة القانونين العراقي والأردني، سيظهر لنا بأن هناك أوجه تشابه واختلاف بينهما، وكما يلي:

في العراق، القائم بتقديم العلاج الاجتماعي للحدث المفرج عنه هو باحث اجتماعي. وهو نفسه في الأردن، سوى اختلاف في التسمية، إذ عنوانه هناك (الأخصائي الاجتماعي، ومراقب السلوك). وهذا موقف حسن منهما، لكونه من أهل الاختصاص.
في كلا البلدين، الباحث لديه معلومات وافية كافية حول الحدث منذ إيداعه المؤسسة الإصلاحية ولغاية انتهاء مدة إيداعه، كما أنه ملزم بالزيارات الميدانية الحقيقية للبيئات التي سيلتحق بها الحدث بعد الإفراج عنه، للإطلاع عليها عن قرب وجمع المعلومات عنها. وهكذا يكون الباحث مزودا بمعلومات جيدة تمكّنه من وضع برامج مناسبة لإعادة علاقاته الاجتماعية، والعيش في المجتمع مثل أي مواطن عادي.

في العراق، التهيئة الاجتماعية للحدث مثل التهيئة النفسية تبدأ قبل حوالي ثلاثة أشهر من إطلاق سراحه على الأقل. أما في الأردن، فمتروك لتقدير مراقب السلوك على أن تبدأ قبل انتهاء مدة الإيداع بوقت كافٍ. وعليه، نرجّح موقف المشرع العراقي لنفس السبب الذي ذكرناه عند إجراء المقارنة بين القانونين بخصوص العنصر النفسي وبالتحديد النقطة الثانية من المقارنة، وتجنباً للتكرار نكتفي بما ذكرناه.

نصّ القانون العراقي على بعض الإجراءات التي تساعد على إعداد الحدث اجتماعياً وهو داخل المدرسة. مثل، منحه إجازات منزلية إضافية. بينما القانون الأردني جاء خالياً من أي نص يشير إلى مثل هذه الإجراءات.

في العراق وبالتحديد في إقليم كوردستان، فإن وزارة حقوق الإنسان والوزارات المعنية الأخرى ملزمة بالعمل على دمج الأحداث المطلق سراحهم من المؤسسات الإصلاحية في المجتمع دون التمييز بينهم وبين المواطنين الآخرين. أما في الأردن، فلم ينص المشرع على إلزام وزارة بعينها أو الوزارات بشكل عام للقيام بمثل هذا العمل.

وتجدر الإشارة، بأن المادة 79 من قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم لعام 1990م نصت على “ينبغي أن يستفيد جميع الأحداث من الترتيبات التي تستهدف مساعدتهم على العودة إلى المجتمع أو الحياة الأسرية”، وبموجب المادتين (8 و80) من القواعد نفسها فإنه على السلطات المختصة القيام بما يلي[30]:

1- أن تسعى دائماً إلى زيادة وعي الجمهور بأن رعاية الأحداث المحتجزين وتهيئتهم للعودة إلى المجتمع يشكّلان خدمة اجتماعية بالغة الأهمية، وينبغي اتخاذ خطوات فعّالة لإيجاد اتصالات مفتوحة بين الأحداث والمجتمع المحلي.

2- أن تقدّم أو تضمن تقديم خدمات ترمي إلى مساعدة الأحداث على الاندماج من جديد في المجتمع وإلى الحدّ من التحيز ضدهم، وينبغي أن تكفل هذه الخدمات بالقدر الممكن. وينبغي استشارة ممثلي الهيئات التي تقدم هذه الخدمات وإتاحة اتصالهم بالأحداث المحتجزين لمساعدتهم في العودة إلى المجتمع.

ثالثاً: توفير الأمن الاقتصادي للحدث.

لا شكّ أن الحدث الذي سيفرج عنه، سوف يعاني مشكلة أخرى لا تقل خطورة عليه من المشكلة النفسية والاجتماعية، بل قد تكون حل مشكلته الاقتصادية مفتاح الفرج لجميع مشاكله، خاصة حينما تكون هي التي دفعته إلى ارتكاب الجريمة وكانت سبباً وراء إيداعه في المؤسسة الإصلاحية. ولهذا نادى المختصّون في هذا المجال، بمراعاة الجانب الاقتصادي للحدث المفرج عنه، ووضع آلية معينة لمساعدته ولو لفترة محددة، لكي يتخطى محنته والوصول إلى برّ الأمان. وذهب (كارل ماركس)، الذي يعتبر من أصحاب نظرية العامل الاقتصادي بأن الحدث المفرج عنه يعود إلى عالم الجنوح بسبب العامل الاقتصادي[31].

قبل تناول هذا العنصر من خلال قانوني الأحداث العراقي والأردني، من المفيد أن نشير إلى قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم لعام 1990م، حيث جاءت في المواد (8 و 79 و80)أنه: ينبغي أن يستفيد جميع الأحداث من الترتيبات التي تستهدف مساعدتهم على…الوظيفة بعد إخلاء سبيلهم، كما ألزمت السلطات المختصة في الدولة بتزويد الحدث بما يلائمه من مسكن وعمل وملبس وبما يكفي من أسباب العيش بعد إخلاء سبيله من أجل تسهيل اندماجه من جديد في المجتمع بنجاح، وينبغي استشارة ممثلي الهيئات التي تقدم هذه الخدمات وإتاحة اتصالهم بالأحداث المحتجزين لمساعدتهم في العودة إلى المجتمع.

يتّضح من هذه القواعد الدولية، بأن تأمين عمل أو وظيفة والحاجات العاجلة من مسكن وملبس للحدث المفرج عنه من الأسباب العاجلة والضرورية التي تمكنّه من الاندماج والعيش في المجتمع بسهولة ونجاح.

أما فيما يتعلق بموقف المشرع العراقي، فإنه وبموجب المادة 102من قانون الأحداث فإن قسم الرعاية اللاحقة مكلّف بالاتصال بالحدث قبل خروجه من مدرسة التأهيل من خلال الباحث الاجتماعي وذلك: للوقوف على مؤهلاته واستعداداته ومدى مطابقتها لشروط العمل الذي يرغبه، ولمساعدته في تأمين الوثائق التي يقتضيها الحصول على عمل. كما أكّدت التعليمات رقم 2 لسنة 2009م الصادرة من الحكومة الاتحادية، على: “مساعدتهم في تأمين الوثائق اللازمة للحصول على عمل يتناسب ومؤهلاتهم وقابلياتهم”. وفي المادة 106 أعطى المشرع للحدث الذي أنهى مدة إيداعه الأولوية لدى مكتب العمل في التشغيل.

وقد أكد المشرع الكوردستاني على حق الحدث في العمل، حينما نصّت في الفقرة الأولى من المادة 7 من إعلان حقوق السجناء والمعتقلين في إقليم كوردستان العراق، على (“تعمل وزارة حقوق الإنسان بالتعاون مع الوزارات الأخرى على دمج السجناء والمعتقلين الذين يطلق سراحهم في المجتمع دون تمييز…ويمنح الشباب والأحداث والنساء الذين تعرضوا للاعتقال أو السجن فرصاً مضاعفة لكي يعوضوا ما فاتهم”، كما نصت في الفقرة الثالثة من المادة على “تسعى الجهات المختصة لتوفير فرص العمل لهم”).

وفيما يتعلق بمسألة السكن، فإنه وبموجب المادة 102 المذكورة أعلاه يتصل الباحث الاجتماعي بالحدث لتقديم المساعدات التي تؤمن له الحصول على سكن بصورة مؤقتة أو دائمة. وإذا كان الحدث ليس لديه مأوى بعد انتهاء مدة إيداعه، ففي هذه الحالة أوجب المشرع على قسم الرعاية اللاحقة بموجب المادة 104 العمل على تأمين دار لإيوائه لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، بمعنى أن لهؤلاء الأحداث الحق في تأمين مأوى لهم لغاية ثلاثة أشهر من تاريخ خروجهم من المدرسة، أما زيادة على هذه المدة فالقسم غير ملزم بتوفيرها.

وحسب المادة 103 أجاز المشرع لقسم الرعاية اللاحقة تقديم منحة مالية مناسبة للحدث لمساعدته في: إيفاء حاجاته العاجلة، ولتبديل البيئة التي كان يعيش فيها عند جنوحه إذا كانت سبباً في ذلك.كما أن الفقرة الثانية من المادة 17 من نظام مدارس تأهيل الأحداث رقم (2) لعام 1988، نصت على منح المودع المطلق سراحه تذكرة سفر مجاناً بالقطار بالدرجة السياحية إلى محل إقامته المعتاد وإذا تعذر ذلك فيزود بأجرة السفر بالسيارة وحسب الأسعار المقررة رسمياً مع تخصيص مصرف جيب لا يزيد على دينارين للمعوز منهم.

ومن الناحية العملية، قد يحصل أن الحدث المفرج عنه فاقد للرعاية الأسرية، كما أنه لا يملك أية وثائق لثبوت شخصيته. وعليه، ما موقف المشرع من هذه الحالة؟ عالجت المادة 105 تلك الحالة بنصها يلي:

أولاً: إذا كان الحدث ذكراً، فإنه أوجب على قسم الرعاية اللاحقة إذا ثبت له أن الحدث الذي سينتهي مدة إيداعه فاقد للرعاية الأسرية، أن يطلب من محكمة الأحداث إصدار قرار بإيداعه إحدى دور الدولة المخصصة لذلك[32].

ثانياً: إذا كان الحدث أنثى، وكانت قد أكملت 18سنة وفاقدة للرعاية الأسرية أو يخشى على حياتها في حالة تسليمها إلى ذويها، أوجب على قسم الرعاية اللاحقة أن يطلب من محكمة الأحداث التي أصدرت قرار الإيداع، إصدار قرار بإيوائها في جناح الشابات البالغات الملحق بدار تأهيل الأحداث لحين:

1 – بلوغها 22 سنة.

2 – أو لحين إيجاد حل لمشكلتها إمّا:

أ – بالزواج.

ب – أو بإيجاد عمل مناسب لها.

جـ – أو بتسليمها لذويها إذا وافقت هي على ذلك.

أما بخصوص، الجهة القائمة باستخراج وثائق ثبوت الشخصية للمودعين. فإن المشرع وبموجب المادة 105 نفسها ألزم قسم الرعاية اللاحقة باستخراج وثائق ثبوت الشخصية للمودعين الذين لا يملكونها والفاقدين للرعاية الأسرية، كما ألزمت المشرع كافة دور الدولة ومدارس التأهيل بإخبار قسم الرعاية اللاحقة بأسماء المودعين الذين لا يملكون وثائق ثبوت الشخصية فور إيداعهم لديها لغرض استخراجها خلال مدة الإيداع. أما بالنسبة للوصي المؤقت الذي سيقوم بهذا العمل فهو مدير قسم الرعاية اللاحقة حيث اعتبره المشرع بمثابة الوصي المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 32 مكرر من قانون الأحوال المدنية رقم 65 لعام 1972 المعدل الملغي بقانون البطاقة الوطنية رقم 3 لسنة 2016م[33]. وإذا تعذّر استخراج هذه الوثائق، ففي هذه الحالة تقوم مديرية الجنسية العامة بمنحهم وثائق إثبات الشخصية المناسبة بناءً على طلب من دائرة إصلاح الأحداث بهذا الشأن، بمعنى في هذه الحالة تقوم الدائرة نفسها بهذا العمل وليس قسم الرعاية اللاحقة التابع لها.

عند الجمع بين النصوص المذكورة أعلاه وقراءتها قراءة واحدة، سيتّضح بأن المشرع العراقي قد عالج الجانب الاقتصادي للحدث المفرج عنه على النحو الآتي:

في بداية إيداع الحدث للمدرسة فإن إدارتها ملزمة بإخبار قسم الرعاية اللاحقة باسمه إن كان فاقداً لوثائق ثبوت الشخصية، لغرض استخراجها خلال مدة إيداعه. وقبل الإفراج عنه بمدة مناسبة يتصل به القسم بواسطة الباحث الاجتماعي للتعرف على العمل الذي يرغب فيه، ومؤهلاته وقدراته، ومساعدته للحصول على الوثائق اللازمة للعمل.

وعند الإفراج، له الأولوية على غيره في العمل لدى مكتب العمل التابع لوزارة العمل إن توفر فيه الشروط المطلوبة، وعلى الوزارة مساعدته في ذلك. وإذا كان الحدث محتاجاً للمال لغرض توفير حاجاته العاجلة، مثل: الملبس أو النقل إلى محل إقامته البعيد عن المدرسة، أو لتغير بيئته التي كانت سبباً في جنوحه، فإن القسم سيوّفر له هذا المال إن كان يستحقه. وإذا تبيّن بأن الحدث ليس له محل للسكن فيه، فسيتم توفير السكن له لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر. أما إذا تبيّن بأن الحدث فاقد للرعاية الأسرية، فسيودع في دور الدولة بناء على قرار من محكمة الأحداث بطلب من قسم الرعاية، مع وجود فرق بين الحدث الذكر والأنثى، حيث أعطت المشرع عناية أكثر بالأنثى، لكونها رقيقة ولا تستطيع تحمل الصعوبات كالذكر.

أما المشرع الأردني، فرغم إصداره نظاما خاصا للرعاية اللاحقة وتناول من خلاله الكثير من الجوانب والمسائل المتعلقة بها، وذكرِه بأن هذه الرعاية تهدف إلى مساندة الحدث لمواجهة الصعوبات التي تعيق تكيفه واندماجه في المجتمع، وتمكينه لترسيخ وضعه المهني، وبيانه بأن برنامج تطوير قدرات ومهارات الحدث في الرعاية اللاحقة، يرتكز على مبدأ مراعاة الخصائص النمائية للحدث، وظروفه الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وأسرته وعوامل الخطورة المحتملة عليه، وكذلك مبدأ الأخذ بالاعتبار قدراته وإمكاناته وخبراته الفردية، إلاّ أن النظام وكذلك قانون الأحداث الأردني لم يتطرقا مطلقاً إلى تأمين العمل والسكن للحدث المفرج عنه في أية مادة من موادهما. ولهذا نتساءل: ما الفائدة من مهارات الحدث وقدراته إذا لم يتم تأمين عمل له يقتات عليه؟ إذ ربما تكون البطالة من أهم الصعوبات التي تواجهه وتعيق اندماجه في المجتمع، والأهم من ذلك قد يكون الفقر أو العوز السبب من وراء وقوعه في الجنوح، لذا فإن توفير عمل أو وظيفة له سيقيه من الوقوع في وحل الجريمة مرة أخرى.

وعليه، نظراً لخلو نظام الرعاية اللاحقة للأحداث الأردني لسنة 2016م، وكذلك قانون الأحداث الأردني لسنة 2014م من أية نصوص تتناول عنصر توفير الأمن الاقتصادي للحدث المفرج عنه ضمن برامج الرعاية اللاحقة، لذا يتعذر إجراء المقارنة بين موقف المشرع العراقي والأردني من هذا العنصر، وأن ذلك يثبت وجود فراغ تشريعي كبير في القانون الأردني، وأنه بالإمكان الاستفادة من القانون العراقي لسد الثغرات التشريعية.

خلاصة ما تقدم، تبيّن لنا من خلال هذا المطلب بأن الرعاية اللاحقة قد تكون على شكل خدمات ومساعدات مادية، أو معنوية وذلك عند تقديم المساعدة النفسية والاجتماعية والاقتصادية للحدث[34].

المطلب الرابع: مدة الرعاية اللاحقة.

تبيّن من خلال المطلب الأول بأن هذه الرعاية تقدم بعد انتهاء مدة الإيداع والإفراج عن الحدث في القانون العراقي. واعتبرها المشرع في الأسباب الموجبة لقانون الأحداث بأنها وسيلة متمّمة لبرامج الرعاية والتأهيل التي قدّمت له داخل المؤسسة الإصلاحية. وبموجب التعليمات رقم 2 لسنة 2009م الصادرة من الحكومة الاتحادية، فإن قسم الرعاية مكلّف بمتابعة أحوال المودعين المطلق سراحهم لمدة لا تزيد على ستة أشهر، بمعنى أن المشرع عيّن الحد الأقصى لمدة الرعاية وترك تحديد الحد الأدنى للقسم يقدرها حسب حال كل حدث بعينه. إذ يرى المشرع بأن تقديم هذه الرعاية خلال هذه المدة ستعيد تكييف سلوكه وفقاً للضوابط الاجتماعية وستحول دون عودته إلى الجنوح، وستمكّنه من بناء علاقات إنسانية ثابتة مع الآخرين، وستولد لديه الإحساس بالطمأنينة والأمان.

وبموجب التوصيات التي أصدرها مؤتمر مكافحة الجريمة الذي عقده المركز القومي العراقي للبحوث الاجتماعية والجنائية في كانون الثاني 1963م، فإن تقديم الرعاية اللاحقة يجب أن تقدم للأحداث المفرج عنهم من خلال أشخاص متخصصين ومدربين لهذه الغاية[35]. وقد اشترط أحد الباحثين توفر ثمانية مهارات لدى الشخص القائم بتنفيذ الرعاية اللاحقة[36]. وتجدر الإشارة، بأن الإجراءات التمهيدية لخدمات الرعاية اللاحقة في المؤسسات الإصلاحية في العراق، تبدأ قبل انتهاء مدة الإيداع بثلاثة أشهر على الأقل، وهذا ما تم الإشارة إليها سابقاً.

أما المشرع الأردني فهو الآخر نصّ على تقديم هذه الرعاية بعد الإفراج عن الحدث، واعتبرها وسيلة مكمّلة للبرامج التأهيلية التي قدمت له داخل المؤسسة بموجب المادة الثالثة من نظام الرعاية اللاحقة، أما فيما تتعلق بمدة الرعاية، فمتروك للأخصائي الاجتماعي يقدّرها حسب خصوصية وحالة كل حدث بعينه[37]، وخلال هذه المدة، مراقب السلوك ملزم بإجراء زيارات ميدانية للحدث لمعرفة مدى التزامه بالبرنامج المطلوب منه بتنفيذها خاصة برامج التعليم والتدريب. كما عليه تنظيم تقارير دورية حول نتائج تطبيق برنامج الرعاية وتأثيرها في سلوك الحدث. وعند انتهاء مدة الرعاية، المراقب مكلف بإجراء تقييم ختامي، يوّضح فيه الجوانب التي استفادت منها الحدث والأخرى التي لم تستفِد منها ضمن برامج الرعاية اللاحقة[38]. كما بيّن المشرع بأن هذه الرعاية ستتوقف في حالة ارتكاب الحدث جريمة أو أصبح محتاجاً للحماية والرعاية –التشرد والانحراف- أثناء مدة تقديم خدمات الرعاية. علماً، يتم تهيئة الحدث قبل الإفراج عنه بوقت مناسب[39].

عند إجراء مقارنة بين القانونين العراقي والأردني، سنتوصل إلى أن هناك أوجه تشابه واختلاف بينهما، و هي كما يلي:

في العراق، الإجراءات التمهيدية للرعاية اللاحقة تبدأ قبل انتهاء مدة الإيداع بثلاثة أشهر على الأقل، وعند الإفراج تبدأ الرعاية لمدة لا تتجاوز ستة أشهر حسب حالة الحدث المفرج عنه. أما في الأردن، فإن تكييف الحدث قبل الإفراج عنه تبدأ بمدة مناسبة دون تحديد أية مدة، وبعد الإفراج عنه سيخضع لبرنامج الرعاية لمدة يقدّرها الأخصائي الاجتماعي حسب حالته. الباحث يرجّح القانون العراقي، لأن تحديد مدة معينة كحد أدنى أو أعلى ثم ترك الحد الآخر للجهة المختصة أفضل من ترك تحديد جميع المدة لجهة ما. وأن مدة ستة أشهر التي نصّ عليها القانون العراقي موافق لرأي بعض المختصين في هذا المجال، إذ يرى هؤلاء بأن العودة إلى الجريمة عادة يحصل خلال ستة أشهر الأولى بعد الإفراج، فإذا استطاع المفرج عنه قطع هذه المدة دون ارتكاب جريمة أخرى، فإن نسبة عودته إلى الجريمة ستكون ضئيلة جداً[40]. وهناك من يرى بأنه يجب زيارة الحدث في أسرته لمرتين في الشهر الواحد، ثم التباعد بين الزيارتين كلما استقر وضع الحدث في أسرته، وأن تكون مدة المتابعة سنة واحدة على الأقل[41].
كلا المشرعين العراقي والأردني، اعتبرا الرعاية اللاحقة وسيلة متمّمة ومكمّلة للبرامج والخدمات الـتأهيلية التي قدّمت للحدث داخل المؤسسات الإصلاحية.
المشرع العراقي، كلّف قسم الرعاية بمتابعة أحوال الأحداث المفرج عنهم خلال مدة الرعاية. أما المشرع الأردني، فكلّف مراقب السلوك القيام بزيارات ميدانية للحدث المفرج عنه، وتنظيم تقارير دورية حول نتائج تطبيق برنامج الرعاية، وإجراء تقييم ختامي عند انتهاء مدة الرعاية. رغم عدم بيان المشرع العراقي تفاصيل كيفية المتابعة إلا أن ذلك لا يمنع الباحث الاجتماعي القائم بالرعاية من تنظيم تقارير دورية وتقييم ختامي للرعاية المقدمة للحدث المفرج عنه. وعلى أي حال، نرجّح موقف المشرع الأردني، لكونه نصّ على مهام مراقب السلوك بشكل واضح، وبالنتيجة لا يستطيع التنصّل من أداء مهامه.

الخاتمة:

من خلال هذه الدراسة توصل الباحث إلى العديد من النتائج والتوصيات:

أولاً: النتائج

ذكر كلا المشرعين تعريف واضح وجلي للرعاية اللاحقة، وفيه اتفق كلاهما على وقت تقديم الرعاية وبيان الهدف منها الذي هو إعادة دمج الأحداث المفرج عنهم في المجتمع، وتجنيبهم العود إلى الجريمة مرة أخرى. كما اعتبراها وسيلة متمّمة للبرامج والخدمات الـتأهيلية التي قدّمت للحدث داخل المؤسسات الإصلاحية.
في الوقت الذي اتفق كلا المشرعين على شمول الأحداث الجانحين بالرعاية. اختلفا بخصوص الأحداث الموقوفين والمحتاجين للحماية أو الرعاية – المشردين والمنحرفين-، فهم مشمولين بالرعاية في ظل القانون الأردني، بينما استبعدهم القانون العراقي.
القانون الأردني عند تعريفه للرعاية اللاحقة حدّد عنصرين من عناصر الرعاية بشكل واضح وهما: عنصر الأمن الاجتماعي والاقتصادي، في حين خلا القانون العراقي من أي نص يشير إليها.
نصّ قانون البلدين على قسم خاص للرعاية اللاحقة، ونصّ المشرع الأردني على مهام هذا القسم في غاية الوضوح، بينما أغفل المشرع العراقي النص عليها، وبشكل معاكس نص المشرع العراقي على إدارة القسم من قبل رئيس ونصّ على الشروط الواجب توافرها فيه، بينما المشرع الأردني لم يتطرق إلى ذلك.
المنفّذ العملي لبرامج الرعاية اللاحقة هو الباحث الاجتماعي بموجب القانون العراقي، أما في القانون الأردني فإن القائم بهذه الرعاية هو مراقب السلوك.
في الأردن، عدد المشاركين في وضع برامج الرعاية اللاحقة أكثر من عددهم في العراق. إذ يقوم الأخصائي الاجتماعي، وبمشاركة أي شخص آخر من ذوي الخبرة الاختصاص أو أية جهة رسمية أو غير رسمية ذات علاقة بإعداد هذه البرامج. أما في العراق، فإن المكلف بهذا العمل هو الباحث الاجتماعي، وأجاز القانون لقسم الرعاية الاستعانة بأربعة جهات حصراً.
في الوقت الذي نصّ القانون الأردني على تشكيل لجنة توجيهية خاصة بالرعاية اللاحقة في وزارة التنمية والشؤون الاجتماعية، يتألف أعضائها من ممثلين للوزارات والجهات ذات الصلة، لوضع السياسة العامة لخدمات الرعاية اللاحقة للأحداث والإجراءات الكفيلة لتنفيذها، جاء القانون العراقي خالياً من أي نص يتطرق إلى إنشاء لجنة أو مجلس مشابه لها.
في الأردن، قسم الرعاية اللاحقة خاضع لرقابة المديرية المختصة في الوزارة، إذ هو مكلّف بمتابعة وتقييم البرامج التي تنفذها ورفع التقارير عنها إلى المديرية المذكورة.أما في العراق، فلا وجود لمثل هذه المراقبة.
المشرعين في كلا البلدين نصّا على البدء بالتهيئة النفسية والاجتماعية للحدث قبل إطلاق سراحه، لكنهما اختلفا في توقيت البدء بها. فالمشرع العراقي، نصّ على البدء بها بفترة لا تقل عن ثلاثة أشهر من إطلاق سراحه من خلال إجراءات واضحة منصوص عليها في القانون، بينما المشرع الأردني ترك ذلك لتقدير الأخصائي الاجتماعي وأشخاص وجهات أخرى يعيّنون البدء وفق حالة كل حدث، كما لم ينص على أية إجراءات في هذا الخصوص.
في كلتا الدولتين، الشخص القائم بالعلاج النفسي والاجتماعي للحدث هو شخص عامل في مجال الخدمة الاجتماعية يسمى بـ(الباحث الاجتماعي) في العراق وبـ(الأخصائي الاجتماعي، ومراقب السلوك) في الأردن. وعليه، فهذا موقف حسن بخصوص العلاج الاجتماعي، أما فيما يتعلق بالعلاج النفسي، فموقف كلا المشرعين معرّض للنقد لأنه من المفروض أن يقوم بذلك طبيب أو محلل أو أخصائي نفسي.
المشرّع العراقي تناول عنصر توفير الأمن الاقتصادي للحدث المفرج عنه في أكثر من نص وبشكل صريح، بينما القانون الأردني يعتريه فراغ تشريعي كبير في هذا الخصوص إذ لم يتطرق إليه في أي نص من نصوصه، رغم الإشارة إليه عند تعريفه للرعاية اللاحقة.
قسم الرعاية مكلّف بمتابعة أحوال الأحداث المفرج عنهم خلال مدة الرعاية التي لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ الإفراج حسب القانون العراقي. أما المشرع الأردني، فلم يحدد مدتها وترك تقديرها للقسم حسب حالة الحدث، وخلالها يكون مراقب السلوك مكلّفا بزيارات ميدانية للحدث المفرج عنه، وتنظيم تقارير دورية، وإجراء تقييم ختامي عند انتهاء مدة الرعاية.

ثانياً: التوصيات

لغرض شمول المشردين والمنحرفين بالرعاية اللاحقة في العراق نقترح تعديل المادة 99 من قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983م على الوجه الآتي: “يقصد بالرعاية اللاحقة رعاية الحدث بعد انتهاء مدة إيداعه دار أو مدارس التأهيل بما يضمن اندماجه في المجتمع وعدم عودته إلى الجنوح”.
لتقديم العلاج النفسي للحدث من قبل أخصائي بعلم النفس وليس من قبل باحث اجتماعي.نقترح تعديل المادة (100/ثانياً) من قانون رعاية الأحداث العراقي على الوجه الآتي “يقوم بالرعاية اللاحقة باحث اجتماعي ومتخصّص في علم النفس ويمكن عند الاقتضاء الاستعانة بأية جهة يمكن الاستفادة منها”. فبتعديل النص على الوجه المذكور، سيتم توفير العنصر الاجتماعي للحدث من قبل الباحث الاجتماعي، وعنصر الأمن النفسي من قبل متخصص في علم النفس.
إجراء دراسات ميدانية للتعرف على مدى استفادة الأحداث المفرج عنهم لبرامج الرعاية اللاحقة، وعلى العراقيل التي تقف في طريق الجهات المنفذّة لهذه البرامج التي تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة.
ضرورة التعاون والتكاتف بين الجهات العاملة ضمن برامج الرعاية اللاحقة، لتقديم خدمات أفضل للأحداث المفرج عنهم، وخاصة في العراق إذ الرعاية اللاحقة هناك شبه معدومة تقريباً.
بإمكان المشرع الأردني الاستفادة من المشرع العراقي بخصوص الفراغ التشريعي في مجال توفير الأمن الاقتصادي للحدث.
بإمكان المشرع العراقي الاستفادة من المشرع الأردني بخصوص بعض المسائل المتعلقة بالرعاية اللاحقة والتي لم يتناولها في القانون العراقي مثل، مهام وأهداف قسم الرعاية اللاحقة، إنشاء اللجنة التوجيهية للرعاية اللاحقة للأحداث، مرتكزات تصميم برنامج تطوير قدرات ومهارات الحدث، وأسس تصميم برامج الرعاية اللاحقة.

المراجع والمصادر:

أولاً: الكتب.

براء منذر عبداللطيف، السياسة الجنائية في قانون رعاية الأحداث العراقي:دراسة مقارنة، ط1، دار حامد للنشر والتوزيع، الأردن، 2009م.
صالح بن محمد آل رفيع العمري، العود إلى الانحراف في ضوء العوامل الاجتماعية، رياض، 2002م.
عباس الحسني، فعاليات جمعية صحة وتنظيم الأسرة العراقية وأثرها في استئصال الإجرام وجنوح الأحداث والمشرين، مطبعة الارشاد، بغداد، 1972م.
عبدالفتاح عثمان عبدالصمد، نموذج عربي للرعاية اللاحقة للأحداث في الوطن العربي، دار النشر، الرياض، 1988م.
علي بن سليمان بن إبراهيم الحناكي، الواقع الاجتماعي لأسر الأحداث العائدين إلى الانحراف، رياض، 2006م.
محمد الطراونة، عيسى المرازيق، وصبري ربيحات، العدالة الجنائية للأحداث في الأردن، عمان، 2013م.

ثانياً: الرسائل الجامعية.

أماني محمد عبد الرحمن المساعيد، العدالة الإصلاحية (المفهوم الحديث للعدالة الجنائية للأحداث): دراسة تحليلية مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة بيرزيت، فلسطين، 2014م.
ماجد بن صالح الشمري، العوامل الاجتماعية والنفسية وعلاقتها بالعود للإنحراف لدى الأحداث، رسالة ماجستير، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2002م.

ثالثاً: البحوث.

أكرم زاده الكوردي، التشرد والانحراف في قانون الأحداث العراقي والأردني: دراسة مقارنة، مجلة جيل الدراسات المقارنة، لبنان، العدد 6، 2018م.
حاتم محمد صالح، تقويم النزلاء والمودعين، مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية، بغداد، العدد 21، 2009م.
سعاد عبيد، الضغوط التالية لصدمة الإفراج ودور الرعاية اللاحقة للمفرج عنهم لإعادة إدماجهم في المجتمع، مجلة العلوم الإسلامية والحضارة، الجزائر،العدد 6، أكتوبر 2017.

رابعاً: القوانين.

قانون الرعاية الاجتماعية العراقي رقم 126 لسنة 1980.
قانون رعاية الأحداث العراقي رقم 76 لسنة 1983.
نظام مدارس تأهيل الأحداث العراقية رقم (2) لسنة 1988.
إعلان حقوق السجناء والمعتقلين في إقليم كوردستان – العراق الصادر من حكومة إقليم كوردستان، جريدة الوقائع الكوردستانية، العدد 44، 30/7/2003.
قانون الأحداث الأردني رقم 32 لسنة 2014.
قانون البطاقة الوطنية رقم 3 لسنة 2016.
خامساً: مواقع الأنترنيت.

دائرة الموازنة العامة الأردنية، تقرير دائرة الموازنة العامة الأردنية، ص11، 15، تاريخ الزيارة: 2018/05/10، 11:37 AM
http://www.gbd.gov.jo/Uploads/Files/GBD/Law-Ministry/2018/ar/2801.pdf

مديرية الأمن العام للمملكة الأردنية الهاشمية – إدارة شرطة الأحداث، نظام الرعاية اللاحقة للأحداث الأردني رقم 67 لسنة 2016، تاريخ الزيارة 30/8/2018، 9:55AM
http://www.rbd.psd.gov.jo/index.php/ar/35-2015-03-10-10-58-33

منظمة الأمم المتحدة،قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم لعام 1990م، تاريخ الزيارة 2018/05/10، 11:48AM
https://documents-dds- ny.un.org/doc/RESOLUTION/GEN/NR0/559/86/IMG/NR055986.pdf?OpenElement

[1]اسعاد عبيد، الضغوط التالية لصدمة الإفراج ودور الرعاية اللاحقة للمفرج عنهم لإعادة إدماجهم في المجتمع، مجلة العلوم الإسلامية والحضارة، الجزائر، العدد 6، أكتوبر 2017، ص 383.

[2]أماني محمد عبد الرحمن المساعيد، العدالة الإصلاحية (المفهوم الحديث للعدالة الجنائية للأحداث): دراسة تحليلية مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة بيرزيت، فلسطين، 2014م، ص 166، 179-180.

[3] علي بن سليمان بن إبراهيم الحناكي، الواقع الاجتماعي لأسر الأحداث العائدين إلى الانحراف، رياض، 2006م، ص 186.

[4]حاتم محمد صالح، تقويم النزلاء والمودعين، مجلة كلية بغداد للعلوم الاقتصادية، بغداد، العدد 21، 2009م، ص 133-152. براء منذر عبد اللطيف، السياسة الجنائية في قانون رعاية الأحداث العراقي: دراسة مقارنة، ط1، دار حامد للنشر والتوزيع، الأردن، 2009م، ص 240.

[5]دائرة الموازنة العامة الأردنية، تقرير دائرة الموازنة العامة الأردنية، ص11، 15، تاريخ الزيارة: 2018/05/10، 11:37 AM

http://www.gbd.gov.jo/Uploads/Files/GBD/Law-Ministry/2018/ar/2801.pdf

[6] عبد الفتاح عثمان عبد الصمد، نموذج عربي للرعاية اللاحقة للأحداث في الوطن العربي، دار النشر، الرياض، 1988م.ص 29-30.

[7]نفس المرجع، ص 31.

[8]سعاد عبيد، مرجع سابق، ص 384.

[9]قانون الأحداث الأردني رقم 32 لسنة 2014.المادة 2 من قانون الأحداث الأردني. “دار تربية الأحداث: الدار المنشأة أو المعتمدة لتربية الأحداث الموقوفين وتأهيلهم وفقاً لأحكام هذا القانون.دار تأهيل الأحداث: الدار المنشأة أو المعتمدة لإصلاح الأحداث المحكومين وتربيتهم وتأهيلهم وفقاً لأحكام هذا القانون. دار رعاية الأحداث: الدار المنشأة أو المعتمدة لغايات إيواء الأحداث المحتاجين للحماية أو الرعاية وتعليمهم وتدريبهم”.

[10]مديرية الأمن العام للمملكة الأردنية الهاشمية – إدارة شرطة الأحداث، نظام الرعاية اللاحقة للأحداث الأردني رقم 67 لسنة 2016، تاريخ الزيارة 30/8/2018، 9:55AM

http://www.rbd.psd.gov.jo/index.php/ar/35-2015-03-10-10-58-33

[11]أكرم زاده الكوردي، التشرد والانحراف في قانون الأحداث العراقي والأردني: دراسة مقارنة، مجلة جيل الدراسات المقارنة، لبنان، العدد 6، 2018م، ص 32-33.

[12]المادة 10 من قانون الأحداث العراقي. دار الملاحظة: مكان معد لتوقيف الحدث. مدرسة تأهيل الصبيان: إحدى المدارس الإصلاحية المعدة لإيداع الصبي المدة المقررة في الحكم، للعمل على إعادة تكييفه اجتماعياً وتوفير وسائل تأهيله مهنياً أو دراسياً.مدرسة تأهيل الفتيان: إحدى المدارس الإصلاحية المعدة لإيداع الفتى المدة المقررة في الحكم، للعمل على إعادة تكييفه اجتماعياً وتوفير وسائل تأهيله مهنياً أو دراسياً. مدرسة الشباب البالغين: إحدى المدارس الإصلاحية المعدة لإيداع من أكمل الثامنة عشرة من عمره من المودعين في مدرسة تأهيل الفتيان أو من أكمل الثامنة عشرة من عمره وقت الحكم عليه للعمل على إعادة تكييفه اجتماعياً وتوفير وسائل تأهيله مهنياً أو دراسياً.دار تأهيل الاحداث: مكان يودع فيه الحدث المشرد أو منحرف السلوك.

[13]المادة 6/ب،ج نظام الرعاية اللاحقة للأحداث الأردني.

[14]المادة 6/أ من النظام نفسه.

[15]المادة 2 من النظام نفسه.

[16]المادة 8 نظام الرعاية اللاحقة للأحداث الأردني.

[17] محمد الطراونة، عيسى المرازيق، وصبري ربيحات، العدالة الجنائية للأحداث في الأردن، عمان، 2013م، ص 32.

[18] المواد 6، 7، 8 من قانون رعاية الأحداث العراقي.

[19]حاتم محمد صالح، المرجع السابق، ص 133-152. وانظر سعاد عبيد، المرجع السابق، ص 386.

[20] ماجد بن صالح الشمري، العوامل الاجتماعية والنفسية وعلاقتها بالعود للانحراف لدى الأحداث، رسالة ماجستير، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2002م.، ص 25.

[21]سعاد عبيد، المرجع السابق، ص 382.

[22]المرجع نفسه، ص 372.

[23]راجع أيضاً المادة 12 من نظام مدارس تأهيل الأحداث العراقية رقم (2) لسنة 1988 الصادر من الحكومة العراقية، جريدة الوقائع العراقية، العدد 3186، 25/1/1988، ص 70، عدد الصفحات 5.

[24]المادة 8/ب/3 من نظام الرعاية اللاحقة الأردني.

[25]ماجد بن صالح الشمري، المرجع السابق، ص 20، 23.

[26]صالح بن محمد آل رفيع العمري، العود إلى الانحراف في ضوء العوامل الاجتماعية، رياض، 2002م.، ص ص 288، 291.

[27]علي بن سليمان بن إبراهيم الحناكي، المرجع السابق، ص185-186.

[28]التعليمات رقم 2 لسنة 2009م الصادرة من الحكومة العراقية الاتحادية، جريدة الوقائع العراقية، العدد 4123، 1/6/2009.

[29]إعلان حقوق السجناء والمعتقلين في إقليم كوردستان – العراق الصادر من حكومة إقليم كوردستان، جريدة الوقائع الكوردستانية، العدد 44، 30/7/2003.

[30]منظمة الأمم المتحدة، قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم لعام 1990م،تاريخ الزيارة 2018/05/10، 11:48AM

https://documents-dds-ny.un.org/doc/RESOLUTION/GEN/NR0/559/86/IMG/NR055986.pdf?OpenElement

[31]ماجد بن صالح الشمري، المرجع السابق، ص 22.

[32] المادة 32 من قانون الرعاية الاجتماعية العراقي رقم 126 لسنة 1980 قانون الرعاية الاجتماعية: أولاً: دور الدولة للأطفال، وهي مخصصة لرعاية الأطفال لحين إتمامهم السنة الرابعة. ثانياً: دور الدولة للصغار، وهي مخصصة لرعاية الأطفال من السنة (5 – إتمام 12). ثالثًا: دور الدولة للأحداث، وهي مخصصة للأحداث من السنة (13- إتمام 18). ويجوز تمديدها سنة أخرى، إذا كان الشاب أو الشابة في الصف المنتهي من الدراسة الاعدادية.

[33]المادة 20 من قانون البطاقة الوطنية رقم 3 لسنة 2016: أولاً: تقوم محكمة الأحداث و بصورة سرية بإرسال نسخة من القرار الخاص باختيار اسم اللقيط أو مجهول النسب وتاريخ ومحل ولادته والمؤسسة التي آوته وتاريخ العثور عليه إلى المديرية وفقآ لنموذج يعد لهذا الغرض .

ثانياً : يعد اللقيط أو مجهول النسب مسلماً عراقياً مالم يثبت خلاف ذلك .

ثالثاً : ترسل محكمة الأحداث إلى كل من وزارة الصحة والمديرية نسخة من القرار الخاص بضم الطفل الذي لا تعرف المعلومات الكافية عن قيد أبويه واسميهما بسبب وفاتهما أو وفاة أحدهما أو غيابهما أو غياب أحدهما متضمنا اسم الطفل ولقبه واسمي أبويه وجديه وتاريخ ومحل ولادته مستنداً إلى تقرير طبي وتقوم وزارة الصحة بإصدار شهادة الولادة .

رابعاً : تستثنى ولادات اللقطاء و يستثنى مجهولي النسب وأولاد الغائبين والمتوفين والمنقطعين من مدة الأخبار المنصوص عليها في هذا القانون ويكون قرار محكمة الأحداث بمثابة أخبار عن ذلك .

خامساً : يسجل اللقيط أو مجهول النسب استناداً إلى حجة أو قرار صادر من المحكمة المختصة سواء حدثت الولادة قبل تسجيل إحصاء ١٩٥٧ أو بعد ذلك في إحدى الحالتين الآتيتين:

أ – إذا لم تصدر له شهادة ولادة وفقاً لقانون تسجيل الولادات و الوفيات رقم (١٤٨) لسنة ١٩٧١ .

ب – إذا لم يصدر في شأنه قرار بالتربيب أو ضمه لأسرة وفقا لقانون رعاية الأحداث رقم (٧٦) لسنة ١٩٨٣ .

سادساً : تتولى المحكمة المختصة إصدار الحجة أو القرار بصورة سرية بناء على طلب الشخص إذا كأن بالغاً (١٥) الخامسة عشرة من العمر أو بناء على طلب وصي مؤقت تنسبه المحكمة المختصة إذا كان الشخص قد أكمل (٧) السابعة و لم يبلغ (١٥) الخامسة عشرة من العمر .

سابعاً : تحدد إجراءات التسجيل في نظام المعلومات المدنية للقيط ومجهول النسب وابن الغائب والمفقود والمنقطع والابن غير الشرعي بتعليمات يصدرها الوزير .

[34] أماني محمد عبد الرحمن المساعيد، المرجع السابق، ص 167.

[35]عباس الحسني، فعاليات جمعية صحة وتنظيم الأسرة العراقية وأثرها في استئصال الإجرام وجنوح الأحداث والمشرين، مطبعة الارشاد، بغداد، 1972م.، ص9-10. محمد الطراونة، عيسى المرازيق، وصبري ربيحات، المرجع السابق، ص 33.

[36] عبدالفتاح عثمان عبدالصمد، المرجع السابق، ص 129-130.

[37] المادة 8/ب/3 من نظام الرعاية اللاحقة الأردني.

[38] المادة 9 من نظام الرعاية اللاحقة الأردني.

[39]المادة 10 من نظام الرعاية اللاحقة الأردني.

[40]سعاد عبيد، المرجع السابق، ص 372-373.

[41] عبد الفتاح عثمان عبد الصمد، المرجع السابق، ص 128.

إغلاق