دراسات قانونيةسلايد 1

آثار المالية المترتبة على علاقة الشركة القابضة بالشركة التابعة (دراسة مقارنة)

ملخص البحث
تتولى الشركة القابضة مهام تحديد السياسة المالية للشركات التابعة، وتبين كيفية حصولها على الدعم المالي سواء كان ذلك داخليًا أو خارجيًا، كما أن الشركة القابضة تضع الضوابط المالية التي من شأنها تحديد نسبة الأرباح وما يتم منحه للشركة التابعة، والنسبة التي يتم الاحتفاظ بها كاحتياطي، وبالتالي لم يعد للشركة التابعة إرادة مستقلة عن إرادة الشركة القابضة وأن مصالح الشركة التابعة تختفي أمام مصالح الشركة القابضة، الأمر الذي يترتب معه فقدانها لاستقلالها المالي.

تكمن مشكلة البحث في السيطرة المالية التي تقوم بها الشركة القابضة على الشركات التابعة لها وجود علاقة متبادلة تحتاج إلى تنظيم قانوني متكامل يبين كافة الحقوق والالتزامات، ولوائح تنفيذية توضح الإجراءات التنظيمية، والشكلية، التي تستوجب على كل شركة القيام بها، إلا أن معظم التشريعات المعاصرة بما فيها التشريع الليبي تفتقر لذلك. لذا هدف البحث إلى إبراز الآثار المالية المترتبة على علاقة الشركة القابضة بالشركة التابعة في القانون الليبي والقانونين المصري والجزائري وموقف الفقه الإسلامي من ذلك، ولتحقيق هذا الهدف اتبع الباحث المنهج المقارن والتحليلي وذلك لتحليل النصوص المالية للشركة القابضة بقانون النشاط التجاري الليبي، ومقارنتها بالنصوص الواردة في كل من القانونين المصري، والجزائري، ومعرفة موقف الفقه الإسلامي بشأنـها. وتوصّل الباحث إلى ما يأتي: أن الشركة التابعة مقيدة بضرورة أخذ القروض والضمانات من الشركة القابضة أو أخذ الإذن منها بطلب ذلك من باقي الشركات. عدم جواز قيام الشركة التابعة بإعداد ميزانيتها منفردة، أو إخفاء أرباحها وخسائرها والعمليات المالية التي تقوم بها. أن سيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعة جائز شرعًا إذا تمت وفق الضوابط الفقهية.

مقدمة

أصبحت الشركة القابضة المحرك الاقتصادي الأبرز لرؤوس الأموال داخل الدول، فإلى جانب تأمين الشركة القابضة وشركاتها التابعة لبعض الموارد المالية من خلال الضرائب والرسوم التي تقوم بسدادها إلى خزينة الدولة، تسهم الشركة القابضة أيضًا في التنمية من خلال استثماراتها الوطنية والأجنبية واكتساب الخبرات والتقنيات وتطويرها، وقد تنبهت معظم الدول لذلك فوضعت التشريعات التي تبين كيفية إنشائها وممارسة أعمالها، ووضعت الضوابط التي تمكنها من تحقيق غاياتها، وتمنع الآثار السلبية التي يمكن أن تحدث من تحكم بالقطاعات الاقتصادية أو احتكار للسلع والخدمات.

وتأسيسًا على ذلك سنت الدول العربية أنظمة خاصة بأحكام هذه الشركة، والتي تبين بشكل واضح اختلاف وتعدد التشريعات القانونية التي تعمل خلالها من دولة إلى أخرى، وذلك نتيجة لاختلاف الفقه المقارن، وبالتالي فإن توضيح الآثار المالية المترتبة على علاقة الشركة القابضة بشركاتها التابعة في ظل تعدد الأنظمة القانونية المعالجة للشركة القابضة واختلافها، تقتضي القيام بدراسة مقارنة للوقوف على هذه المعالجات

مشكلة البحث : يترتب على السيطرة المالية التي تقوم بها الشركة القابضة على الشركات التابعة لها وجود علاقة متبادلة تحتاج إلى تنظيم قانوني متكامل يبين كافة الحقوق والالتزامات، ولوائح تنفيذية توضح الإجراءات التنظيمية، والشكلية، التي تستوجب على كل شركة القيام بها، إلا أن معظم التشريعات المعاصرة بما فيها التشريع الليبي تفتقر لذلك .

منهج البحث: اتبع الباحث المنهج التحليلي والمقارن وذلك لتحليل النصوص المالية للشركة القابضة بقانون النشاط التجاري الليبي، ومقارنتها بالنصوص الواردة في كل من القانونين المصري، والجزائري، ومعرفة موقف الفقه الإسلامي بشأنـها.

حدود البحث : تفرض طبيعة البحث القيام بتوضيح الآثار المالية المترتبة على علاقة الشركة القابضة بالشركات التابعة في القانون الليبي ” قانون النشاط التجاري رقم 23 لسنة 2010م ” ومقارنتها بالقانونين المصري، والجزائري، وبيان موقف الفقه الإسلامي منها، دون الخوض في الجوانب الأخرى المتعلقة بالشركة القابضة.

أهداف البحث: أن للعلاقة المالية بين الشركة القابضة والشركات التابعة لها آثار ينبغي الوقوف عليها وتحليلها ودراستها في إطار التشريع الليبي والتشريعين المصري والجزائري بالإضافة إلى ضرورة معرفة موقف الفقه الإسلامي منها.

لذلك سوف يتم تناول هذا البحث وفقا للآتي:

المطلب الأول: الآثار المالية المترتبة على علاقة الشركة القابضة بالشركات التابعة في القانون الليبي والقوانين المقارنة.

المطلب الثاني:آثار سيطرة الشركة القابضة على إدارة الشركات التابعة وفقًا لأحكام الفقه الإسلامي.

المطلب الأول

الآثار المالية المترتبة على علاقة الشركة القابضة بالشركات التابعةفي القانون الليبي والقوانين المقارنة

تتولى الشركة القابضة مهام تحديد السياسة المالية للشركات التابعة، وتبين كيفية حصول الشركات التابعة على الدعم المالي سواء كان ذلك داخليًا أو خارجيًا، كما أن الشركة القابضة تضع الضوابط المالية التي من شأنها تحديد نسبة الأرباح وما يتم منحه للشركة التابعة والنسبة التي يتم الاحتفاظ بها كاحتياطي. ويمتد تدخل الشركة القابضة إلى أبعد من ذلك، فهي التي تحدد أسعار السلع التي يتم إنتاجها من قبل الشركات التابعة والأسواق التي تباع فيها والحد الأقصى للأموال التي يمكن لها الاحتفاظ به. وبالتالي لم يعد للشركة التابعة إرادة مستقلة عن إرادة الشركة القابضة وأن مصالح الشركة التابعة تختفي أمام مصالح الشركة القابضة، الأمر الذي يترتب معه فقدانها لاستقلالها المالي.

ويقتضي بيان الآثار المالية المترتبة على علاقة الشركة القابضة بالشركات التابعة في القانون الليبي والقوانين المقارنة، دراسة كل منها على حدة وفقًا للآتي:

أولاًــــــ الآثار المالية لتدخل الشركة القابضة في إدارة الشركات التابعة في القانون الليبي.

ثانياًــــــ الآثار المالية لتدخل الشركة القابضة في إدارة الشركات التابعة في القانون المصري.

ثالثاًــــــ الآثار المالية لتدخل الشركة القابضة في إدارة الشركات التابعة في القانون الجزائري.

أولاً : الآثار المالية لتدخل الشركة القابضة في إدارة الشركات التابعة في القانون الليبي.

تلتزم الشركة القابضة بعدة التزامات يفرضها عليها مركزها بالنسبة إلى شركاتها التابعة، سواء كانت هذه الالتزامات في مواجهة شركائها أو في مواجهة الشركاء في الشركات التابعة، أو تجاه الغير (1).وبالنظر إلى التنظيم القانوني للعلاقات المالية للشركة القابضة، نجد أن المشرع الليبي قد نص في المادة 251 من القانون رقم 23 لسنة 2010م بشأن النشاط التجاري على:” يجوز للشركة القابضة أن تقوم بتقديم القروض والضمانات والتمويل للشركات التابعة لها، أو الإذن لهذه الشركات بالقيام بهذه العمليات فيما بينها، وذلك للحاجة العملية الحقيقية لها، وأن تتم العملية بصورة عادية ودون أن تتضمن شروطًا غير معتادة في مثل هذه العمليات، بالإضافة إلى أنه يجب ألا يترتب عليها ضرر أو إرهاق للشركة القائمة بها، وأن تتحصل هذه الأخيرة على مقابل أو مردود حقيقي من هذه العملية، كما أنه يجب ألا تكون العملية قائمة على اعتبارات ضريبية أو مراعاة لمصالح شخصية للقائمين بإدارة الشركات المعنية. ومن الملفت للنظر أن هذا النص لم يحدد طبيعة الجزاء المترتب على مخالفته وما إذا كان يتعلق بالبطلان المطلق أو بالبطلان النسبي أو عدم نفاذ التصرف في حق الشركة (2) .

وتهدف الشركة القابضة من خلال قيامها بتقديم التمويل للشركات التابعة لها إلى تحقيق السيطرة الاقتصادية على هذه الشركات، وغالبًا ما تقوم الشركة القابضة بتقديم الدعم المالي من قروض وضمانات وفقا لخطط يتم وضعها من قبل الشركة القابضة بشكل يسمح لها بالمتابعة والإشراف. والشركة القابضة ليست مجبرة على تقديم القروض والضمانات إلى الشركات التابعة لها، وإنما ذلك يكون وفقًا لتقديراتها ورغبتها من خلال معرفة المشاريع المستهدفة من هذه القروض والضمانات ودراستها من جميع الجوانب ومعرفة ما إذا كانت هذه المشاريع التي ترغب الشركة التابعة في تنفيذها بناء على الضمانات والقروض التي ستمنحها، من ضمن رؤية وأهداف الشركة القابضة وتخدم المشروع الاقتصادي الموحد لها أم لا.

ومن خلال تقديم هذه القروض والضمانات تتمكن الشركة القابضة من تحقيق الأرباح المالية الناتجة عن تنفيذ المشروع، وتمكن الشركة التابعة من ممارسة أعمالها دون التعرض إلى خطر الإفلاس والتصفية، والأهم من ذلك أن الشركة القابضة بتقديمها لهذه القروض والضمانات تضمن السيطرة الفعلية على إدارة وأعمال الشركة التابعة.

كما أن المشرع الليبي خص رأس مال الشركة القابضة بأحكام معينة نظرًا لما يمثله من أهمية في قيام الشركة وتحقيق أهدافها وضمان ديون الغير لدى الشركة حيث نصت المادة 252 من قانون النشاط التجاري رقم 23 لسنة 2010م على أنه يجب أن يكون رأس مال الشركة القابضة كافيًا للوفاء بأغراضها، ويجب ألا يقل المدفوع منه عند التأسيس عن مليون دينار، أو ثلاثة أعشار رأس المال النقدي المكتتب فيه أيهما أكثر، فمن خلال نص المادة نجد أن المشرع قد اشترط ضرورة كفاية رأس المال لتحقيق غرض الشركة وأهدافها كما أن المشرع قد اشترط الحد الأدنى الذي يستوجب على الشركة دفعه عند التأسيس.

وفي الجوانب المالية المشتركة بين الشركة القابضة والشركات التابعة لها اشترط المشرع من خلال نص المادة 254 من قانون النشاط التجاري الليبي على الآتي:” على الشركة القابضة أن تعد في نهاية كل سنة مالية ميزانية مجتمعة، وبيانات الأرباح والخسائر، والتدفقات النقدية لها ولجميع الشركات التابعة لها وأن تعرضها على الجمعية العمومية مع الإيضاحات والبيانات المتعلقة بها، وفقًا لما تتطلبه المعايير والأصول المحاسبية المعمول بها.

يتضح من خلال النص بأن المشرع قد ألزم الشركة القابضة بضرورة إعداد ميزانية موحدة مع كافة شركاتها التابعة توضح خلالها بالتفصيل كافة المصروفات والأرباح والخسائر التي تعرضت لها الشركة القابضة والشركات التابعة خلال السنة المالية، بما لا يخالف النظام المالي للدولة ووفق معايير محددة. وبذلك تتمكن الشركة القابضة من معرفة حجم الأرباح والخسائر التي حققتها كل شركة من شركاتها التابعة بشكل مفصل، كما يمكن لمجلس إدارة الشركة القابضة الذي يمارس مهام الجمعية العمومية للشركات التابعة أن يطلع على الوضع المالي لهذه الشركات وذلك من خلال التقارير المقدمة من مجلس إدارة الشركة التابعة، ولجنة المراقبة بالشركة. ومن خلال ذلك تستطيع الشركة القابضة تقييم ومعرفة مدى تنفيذ الشركات التابعة لتوجهاتها والخطط المعتمدة من قبلها.

ويترتب على ذلك أيضًا أن تتحمل الشركة القابضة أعباء مالية جديدة في سبيل تنفيذها لخططها ودعم الشركات التابعة بتقديم القروض والضمانات لها، وأن تكون الشركات التابعة مجبرة على أن تقوم بوضع ميزانيتها وفقًا لرؤية وشروط الشركة القابضة. وبالتالي وبالرغم من الاستقلال القانوني الذي تتمتع به الشركات التابعة إلا أن تدخل الشركة القابضة يجعل من الشركات التابعة غير قادرة على إبرام أي تصرفات مالية بعيدًا عن الشركة القابضة التي بدورها تملك وتحدد ما يجب على الشركات التابعة إتباعه من إجراءات مالية.

ثانياً : الآثار المالية لتدخل الشركة القابضة في إدارة الشركات التابعة في القانون المصري

حدد المشرع المصري من خلال اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام، رأس مال الشركة القابضة حيث نص في المادة الثانية من اللائحة المذكورة على: ” يكون للشركة رأس مال مصدر ويجوز أن يحدد نظام الشركة رأس مال مرخص به يجاوز رأس مال المصدر ويجب ألا يقل رأس مال المصدر عن 20مليون جنيه مصري وألا يقل المدفوع منه عند تأسيس الشركة عن 50% ولا يسري الشرط المتعلق بحجم رأس المال على الشركات القابضة التي أخذت مكان هيئات القطاع العام، وبالنظر في القانون رقم 159 لسنة 1981م الذي ينظم عمل الشركات المساهمة نجد أن المشرع المصري قد رفع قيمة رأس مال الشركة القابضة تأسيسًا على حجم الأعمال والمشروعات التي يتم تنفيذها من قبل هذا النوع من الشركات وأن هذه الشركات تقوم باستثمار أموالها في عدة شركات، وبالتالي يجعل هذه الشركة مطالبة بتوفير رأس مال ضخم لتحقيق أهدافها.

أما فيما يتعلق برأس مال الشركة التابعة وأسهمها فقد نصت المادة 18 من قانون قطاع الأعمال على أنه:” يقسم رأس مال الشركة إلى أسهم إسمية متساوية القيمة. ويحدد النظام الأساسي القيمة الاسمية للسهم بحيث لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تزيد على مائة جنيه، ولا يسري هذا الحكم على الشركات التابعة التي حلت بمقتضى أحكام هذا القانون محل الشركات التي كانت تشرف عليها هيئات القطاع العام ويكون السهم غير قابل للتجزئة ولا يجوز إصداره بأقل من قيمته الاسمية كما لا يجوز إصداره بقيمة أعلى إلا في الأحوال وبالشروط التي تحددها اللائحة التنفيذية، على أن تضاف هذه الزيادة إلى الاحتياطي “.

كما نظم المشرع المصري أيضًا النظام المالي للشركة وكيفية مراقبة حساباتها حيث نص بالمادة 12 من قانون قطاع الأعمال العام على أن:” يجدد النظام الأساسي بداية ونهاية السنة المالية للشركة وتعتبر أموال الشركة من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة وتودع الشركة مواردها بالنقد المحلي والأجنبي في حساب مصرفي بالبنك المركزي أو أحد البنوك التجارية، وإلزام من خلال نص المادة 13 من ذات القانون الشركة القابضة بإعداد قوائم مالية مجتمعة تعرض أصول والتزامات وحقوق المساهمين وإيرادات ومصروفات واستخدامات الشركة والشركات التابعة لها وفقًا للأوضاع والشروط والبيانات التي تحددها اللائحة التنفيذية وتحديد الأرباح الصافية للشركة ويتم توزيعها بقرار من الجمعية العامة طبقًا لأحكام هذا القانون ولائحته.

وجاء في نص المادة 14 من اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال على أن:” يضع مجلس إدارة الشركة القابضة نماذج أشكال ومحتويات وتوقيتات التقارير الدورية التي تلتزم الشركات التابعة بإعدادها وإرسالها إلى الشركة القابضة لإجراء تقويم مستمر ومنتظم لنتائج أعمال تلك الشركات ويضع مجلس الإدارة النظام الذي يلتزم به ممثلو الشركة في مجالس إدارة الشركات التابعة لها، والموضوعات التي يتم متابعتها والتقارير التي يلتزمون بإعدادها. في حين بينت المادة 15 من اللائحة التنفيذية المسائل التي تعرض على مجلس إدارة الشركة القابضة بشكل منتظم لدراستها واتخاذ الإجراءات المناسبة لها وأوضحت بعض المسائل والأمور المالية المتعلقة بالشركات التابعة حيث نصت على: ” تعرض المسائل التالية على مجلس إدارة الشركة القابضة دوريًا للنظر فيها واتخاذ القرار المناسب بشأنها.

ـــــ التقارير التي يعدها ممثلو الشركة القابضة في مجالس إدارة الشركات التابعة.

ـــــــ قوائم نتائج الأعمال والقوائم المالية الأخرى السنوية للشركات التابعة وتقارير مراقبي الحسابات.

ـــــــ مؤشرات الاستثمار في الشركات التابعة.

ـــــــ الدراسات التي تعد لتصحيح مسار الشركات التابعة ومقترحات تصحيح المسار.

ــــــ المركز المالي للشركات التابعة كل ثلاثة أشهر مصدقًا عليه من مراقب الحسابات.

وبذلك تتمكن الشركة القابضة من الوقوف على حجم الأرباح والخسائر التي حققتها كل شركة من شركاتها التابعة، كما يمكن لمجلس إدارة الشركة القابضة من خلال المسائل التي تعرض عليه أن يطلع على الوضع المالي لهذه الشركات وذلك من خلال التقارير المقدمة والقوائم المالية و المؤشرات والدراسات التي يتم إعدادها، ومن خلال ذلك تستطيع الشركة القابضة تقييم ومعرفة مدى تنفيذ الشركات التابعة لتوجهاتها والخطط المعتمدة من قبلها.

ويلتزم مجلس إدارة الشركة القابضة عند إعداده الميزانية بأن يجنب جزءا من الأرباح لتكون احتياطيا قانونيا ويجوز للجمعية العامة وقف تجنيب الاحتياطي إذا بلغت قيمته نفس رأس المال المصدر ويجوز تغطية خسائر الشركة وزيادة رأس المال من الاحتياطي القانوني. كما أنه من الممكن أن يحدد النظام الأساسي للشركة القابضة نسبة معينة من الأرباح لا تتجاوز 10% لتكون احتياطيا للشركة التي لا تقوم بممارسة النشاط التجاري بنفسها ونسبة 20% للشركات الأخرى للمساهمة في تحقيق أهدافها (3).

ويمكن للجمعية العامة للشركة القابضة عدم توزيع أي أرباح إذا كان ذلك ضروريًا لاستمرار نشاط الشركة والمحافظة على مركزها المالي بناء على اقتراح مجلس الإدارة ووفق تقرير مراقب الحسابات(4).ومن هنا يتضح بأن تدخل الشركة القابضة في إدارة الشركات التابعة قد رتب عدة آثار مالية حيث أن الجمعية العامة للشركة القابضة هي من تحدد بعد إقرار الميزانية وتحديد الأرباح والخسائر القيمة المالية التي يجوز توزيعها سنويا، وبالتالي الشركة التابعة ليس لها أي دور مالي في ذلك، كما أن الشخصية القانونية والذمة المالية المستقلة للشركات التابعة لا وجود لها في علاقتها بالشركة القابضة وتظهر شخصية الشركة التابعة في علاقتها مع الشركات الأخرى.

ثالثاً : الآثار المالية لتدخل الشركة القابضة في إدارة الشركات التابعة في القانون الجزائري.

تتمتع الشركات التابعة للشركة القابضة بشخصيتها المعنوية وتتحمل كافة الآثار القانونية بغض النظر عن تبعيتها للشركة القابضة، فهي تتمتع بذمة مالية مستقلة وتتخذ شكلها الإداري الكامل وتبرم التعاقدات والاتفاقيات باسمها، وبالرغم من ذلك يؤكد القانون تبعية هذه الشركات للشركة القابضة من خلال تدخل الشركة القابضة في إدارة الشركات التابعة نظرًا لتملكها أغلبية أسهم هذه الشركات وبالتالي تملكها حق التصويت والإدارة ومنع الشركات التابعة من امتلاك أسهم والحصول على عضوية الشركة القابضة (5).

ويرى البعض أن مصدر العلاقة بين الشركة القابضة والشركات التابعة هو ما تملكه القابضة من أسهم في رؤوس أموال تلك الشركات (6)، ومن مظاهر سيطرة الشركة القابضة على إدارة الشركة التابعة إلزام المشرع الجزائري كلا من الشركة القابضة والشركات التابعة بتقديم ميزانيات موحدة حيث نصت المادة 732 مكرر من القانون التجاري الجزائري المعدل والمتمم الصادر بالأمر رقم 75- 59 بتاريخ 26-09-1975م .

على أنه:” يقصد بالحسابات المدعمة، تقديم الوضعية المالية ونتائج مجموعة الشركات وكأنها تشكل نفس الوحدة. وتخضع لنفس قواعد التقديم والمراقبة والمصادقة والنشر التي تخضع بها الحسابات السنوية الفردية تحدد كيفيات تطبيق هذه المادة عند الاقتضاء، عن طريق التنظيم. واتخذت كيفيات تطبيق هذه المادة بموجب القرار المؤرخ في 9/أكتوبر /1999ما الذي يحدد كيفيات إعداد وتجميع حسابات الشركة القابضة والذي عرف تجميع الحسابات من خلال نص المادة الأولى منه حيث جاء فيها ” أن حسابات الشركة القابضة التي تم تجميعها مع حسابات الشركة المعنية التي هي تحت رقابتها تشكل الحسابات المجمعة للشركة القابضة (7).

هذه السيطرة جعلت من الشركات التابعة تخضع وتتبع الشركة القابضة باعتبارها وحدة اقتصادية واحدة بغض النظر عن الاستقلال القانوني. وتكمن الآثار المالية لعلاقة الشركة القابضة بالشركة التابعة في قيام الشركة القابضة بالسيطرة على كافة الجوانب المالية المتعلقة بالشركة التابعة وحرمان الشركة التابعة من القيام منفردة بإدارة شؤونها المالية، فمنذ تأسيس الشركة التابعة والذي يكون غالبًا من قبل الشركة القابضة التي تقوم بدفع رأس مال هذه الشركة لممارسة أعمالها، إلا أن الشركة التابعة في حاجة مستمرة إلى التغطية المالية للاستمرار وتنفيذ المشاريع وهو الذي تقوم به الشركة القابضة عن طريق تقديم القروض والضمانات.

كما أن الشركة القابضة تلجأ إلى عدة وسائل في تحديد الوضع المالي للشركة التابعة وكيفية تنفيذه فتتبع أحيانا طريقة اللامركزية وتسمح بذلك للشركات التابعة في الحصول على القروض والضمانات من أي جهة دون تدخل من الشركة القابضة، ويبقى للشركة القابضة سلطة التوجيه والتخطيط، وهذا الأسلوب يترتب عليه استقلال جزئي للشركات التابعة، وأحيانا تقوم الشركة القابضة بإتباع وسيلة السيطرة الإدارية والمالية بإلزام الشركة التابعة بتحويل أرباحها إلى الشركة القابضة حتى لا يتسنى للشركات التابعة تمويل نفسها، وتتمكن الشركة القابضة من التحكم في الموارد المالية للشركات التابعة وتبقى مسيطرة بشكل قوي وكامل على الشركات التابعة.

إلا أن القانون قد يفرض على الشركة القابضة أن تقوم بالإفصاح والإعلام عن طبيعة علاقتها المالية مع الشركات التابعة والتزامات وحقوق كل منهم الأمر الذي يحد من وسائل السيطرة عند الشركة القابضة (8)، وبالرغم من ذلك لا توجد في النظام القانوني الجزائري أحكام مفصلة لتنظيم تجمعات الشركات فيه فقط بعض الأحكام المتفرقة ومضمونها لا يتطرق إلى مختلف الجوانب القانونية المتعلقة بتجمعات الشركات (9) .

تبين للباحث من خلال دراسة وبيان أحكام الآثار المالية لتدخل الشركة القابضة في إدارة الشركات التابعة في القانون الليبي والقانونين المصري والجزائري بأن كل من المشرع الليبي والمشرع المصري على غرار المشرع الجزائري قد خص العلاقة المالية للشركة القابضة بالشركات التابعة بنصوص قانونية تنظم هذه العلاقة بالرغم من تأخر المشرع الليبي في إصدار اللائحة التنفيذية لقانون النشاط التجاري رقم 23 لسنة 2010م وأن اللائحة التنفيذية رقم 171 لسنة2006م المتعلقة بالقانون الملغى رقم 21 بشأن مزاولة الأنشطة الاقتصادية والتي لا تزال سارية في ظل عدم صدور اللائحة الجديدة لم تتضمن أي نصوص توضح وتعكس النصوص القانونية المذكورة أعلاه .

حيث أجاز كلا من المشرع الليبي والمشرع الجزائري للشركة القابضة أن تقوم بتقديم القروض والضمانات والتمويل للشركات التابعة أو تمنح الشركة القابضة الإذن للشركات بالقيام بذلك فيما بينها دون أن يترتب على ذلك وجود أي تعهدات أو شروط تسبب ضررا أو إرهاقا للشركة المقرضة أو الضامنة. كما ألزم كافة التشريعات المذكورة الشركة القابضة بإعداد ميزانية مجتمعة توضح الأرباح والخسائر والتدفقات المالية لها ولكل الشركات التابعة لها، وأن تعرضها على الجمعية العمومية مع بيان كافة البيانات المتعلقة بها. وكان المشرعين الليبي والمصري موفقين في وضع تنظيم قانوني يتضمن ما يجوز للشركة القابضة القيام به، وما يجب عليها الالتزام به في علاقتها المالية مع الشركات التابعة، إلا أن هذا لا يكفي بالنسبة للمشرع الليبي دون إصدار اللوائح التنفيذية التي تبين الإجراءات التي يجب القيام بها والكيفية التي يتم بها وضع النصوص القانونية موضع التنفيذ، فنجد أن المشرع المصري قد نص على تحديد رأس مال كل من الشركة القابضة ورأس مال الشركات التابعة والقيمة التي يجب أن تكون عليها الأسهم ونوع هذه الأسهم، نظم كذلك النظام المالي للشركة وكيفية مراقبة حساباتها وفي علاقة الشركة القابضة بالشركات التابعة إلزام الشركة القابضة بتقديم قوائم مالية مجتمعة يعرض من خلالها كافة البيانات المالية.

وبينت اللائحة التنفيذية بشكل مفصل ما يجب على الشركات التابعة القيام به وتسليمه للشركة القابضة وفق الضوابط الموضوعة والأوقات المحددة من قبل الشركة القابضة. كما أوضحت اللائحة ما يتم عرضه على مجلس إدارة الشركة القابضة من قوائم وتقارير ودراسات تتعلق بأعمال الشركات التابعة وتقوم الشركة القابضة بدراستها وتقييمها.في الوقت الذي افتقد فيه المشرع الليبي لذلك للأسباب التي تم بيانها .

أما بالنسبة للمشرع الجزائري فبالرغم من تعدد الأحكام المتعلقة بالشركة القابضة وانتشارها في أكثر من تشريع فإلى جانب القانون التجاري الجزائري المعدل والنصوص التي تضمنها القانون الجبائي، وقانون البورصة، وقانون المحاسبة، وأحكاما تتعلق ببعض جوانب الشركة القابضة، إلا أن هذه القوانين لم تقف بشكل كامل على ما يجب أن تكون عليه العلاقة القانونية للشركة القابضة بالشركة التابعة.

فالنصوص الواردة في هذه القوانين والمتعلقة بالجوانب والمسائل المالية اتسمت بالمحدودية فقد نصت على إلزام الشركة القابضة والشركات التابعة بتقديم ميزانية موحدة ونتائج أعمالها، وكيفية إعداد وتجميع حسابات الشركة القابضة فقط دون الخوض في باقي الجوانب الأخرى، وهذا من شأنه أن يعرض العلاقة بين الشركة القابضة والشركات التابعة إلى الخلاف بسب عدم وجود تنظيم قانوني متكامل يحكم هذه العلاقة ويبين الإجراءات التي يجب إتباعها.

وبالرغم من التنظيم القانوني الجيد للمشرع المصري من خلال قانون قطاع الأعمال العام ولائحته التنفيذية، إلا أنه تغلب عليه الظروف التي صدر خلالها، والتي تتعلق بمعالجة وتحويل الهيئات العامة إلى شركات قابضة ” الخصخصة”. بالإضافة إلى عدم تناول بعض الجوانب المتعلقة بالشركة القابضة والشركات التابعة بالتنظيم كتقديم القروض والضمانات من قبل الشركة القابضة للشركات التابعة والكيفية التي يتم بها والضوابط التي تحكمها، كما أنه قد مضى على صدوره أكثر من 27 عام وتسعى الجهات القائمة عليه إلى تعديله (10) .

المطلب الثاني

آثار سيطرة الشركة القابضة على إدارة الشركات التابعة وفقًا لأحكام الفقه الإسلامي

الشركة في ظل أحكام الشريعة الإسلامية هي عقد بين اثنين فأكثر على العمل بغية تحقيق الربح، سواء عن طريق استثمار المال المقدم من جميع الشركاء، أو من بعضهم أو عن طريق العمل المشترك مع انعقاد نية الشركاء على اقتسام الأرباح وتحمل الخسائر(11).

الشركة القابضة تتفق مع بعض آراء الفقهاء كالشافعية والمالكية وذلك في عدم تساوي الأموال في القدر بل تثبت الشركة في التفاوت على شبه المالين، والشركة القابضة لتكون قابضة ومسيطرة على شركاتها التابعة لابد أن تمتلك أكثر من نصف رأس مال الشركات التابعة فالتفاوت في ملكية الحصص ملزم للشركة القابضة، وكذلك يتحقق في الشركة القابضة معنى الإذن بالتصرف لأن الشركاء قد فوضوا مجلس الإدارة في أن يتصرف في الشركة ويديرها عند انعقاد الجمعية العامة للمؤسسين كما أن الشركة قائمة على الوكالة شرعًا وأن مجلس الإدارة وكيل عن الشركة (12).

بما أن الشركة القابضة هي المسيطرة على الشركات التابعة عن طريق تملك أكثر أسهمها، أو السيطرة على مجلس الإدارة فتستطيع أن تملي ما تريد على شركاتها التابعة، ومن المسائل التي يثور عليها النزاع بين الأغلبية في الشركة القابضة والأقلية في الشركة التابعة، اتخاذ قرار بتحويل أموال الشركة التابعة، أو اتخاذ قرار بالاندماج مع شركة أخرى أو بحل الشركة، أو قرار بالتنازل عن سيطرة الشركة القابضة عن تابعتها (13).

ومن هنا يمكن القول بأن كافة المسائل التي يترتب عليها نزاع تكمن فيما يتمتع به أصحاب الأموال في إدارة واستثمار أموالهم وفقًا لما نظمه القانون، إلا أن الفقه الإسلامي يرى بأن هذه الحرية التي يتمتع بها أصحاب الأموال يجب أن تكون وفق ضوابط محددة تتمثل في الآتي:

1 – تحريم أكل أموال الناس بالباطل يقول تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أموالكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أن تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ “.

2– ما رواه عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن ” لا ضرر ولا ضرار” والقاعدة الفقهية المتفرعة عن هذا الحديث الضرر يزال (14).

ويعتبر الشرط الذي تفرضه الشركات القابضة بأن تشتري أكثر من نصف أسهم الشركات التابعة، مما يؤدي إلى سيطرتها على الشركات التابعة أنه شرط يتوافق مع العقود الواردة في الفقه الإسلامي، مادام هذا الشرط لا يحرم حلالا ولا يحل حرامًا، وذلك أن القاعدة المشهورة أن الأصل في العقود والمعاملات الإباحة مالم يرد نص بتحريمه (15).

كما أن من الوسائل التي تتبعها الشركة القابضة للسيطرة على الشركات التابعة؛ تقديم القروض والضمانات المالية للشركات التابعة لتنفيذ مشروعاتها، إلا أن اشتراط الفائدة على هذه القروض يعتبر مفسدة لعقد القرض المقدم من الشركة القابضة.” ولا خلاف بين الفقهاء في أن اشتراط الزيادة في بذل القرض للمقرض مفسد لعقد القرض، سواء كانت الزيادة في القدر، بأن يرد المقترض أكثر مما أخذ من جنسه، أو أن يزيده هدية من مال آخر، أو كانت في الصفة بأن يرد المقترض أجود مما أخذ، وأن هذه الزيادة تعد من قبيل الربا، قال ابن عبد البر: وكل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها المسلف فهي ربا، ولو كانت قبضة من علف، وذلك حرام إن كان بشرط، وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا اشترط على المتسلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك؛ فإن أخذ الزيادة على ذلك فهي ربا (16).

وبالتالي حتى يمكن القول بأن سيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعة جائز شرعا، يجب أن تكون هذه السيطرة قد تمت وفقًا للضوابط الفقهية فلا مانع من اشتراطها تملك أغلبية الأسهم ما لم يكن في ذلك شبهة الفساد ولم يحلل حراما أو يحرم حلالًا، كما أن القروض والضمانات التي تقدمها الشركة القابضة كوسيلة للسيطرة على الشركات التابعة يجب أن تكون بدون أي فوائد محرمة، ولها في سبيل ضمان حقوقها إتباع وسائل أخرى شرعية.

وبالتالي فان النصوص المنظمة للعلاقة المالية بين الشركة القابضة والشركات التابعة في التشريع الليبي والتشريعين المصري والجزائري فيما يتعلق بتملك أغلبية أسهم الشركات التابعة لغرض السيطرة جائزة شرعاً، كما أن كل من المشرع الليبي والمشرع الجزائري في تنظيمهم للقروض والضمانات التي تقدمها الشركة القابضة إلى الشركات التابعة لم ينصا على أن تكون هذه القروض مقابل فوائد، وبذلك تكون هذه القروض والضمانات جائزة شرعاً، في حين أن المشرع المصري لم ينظم الجوانب المتعلقة بالقروض والضمانات مما يتعذر معه معرفة ما إذا كانت هذه القروض والضمانات مقابل فوائد فتكون بذلك غير جائزة شرعاً أم من غير فوائد وتعتبر بالتالي جائزة .

الخاتمة

تناول الباحث من خلال هذا البحث الآثار المالية المترتبة على علاقة الشركة القابضة بالشركات التابعة لها، وذلك في ضوء أحكام القانون التجاري الليبي والقانونين المصري والجزائري باعتبارهم المستهدفين بالدراسة، كما تم خلال هذا البحث الوقوف على آثار سيطرة الشركة القابضة على إدارة الشركات التابعة وفقًا لأحكام الفقه الإسلامي، وذلك لمعرفة حكم هذه السيطرة والوقوف عليها، ويمكن من خلال ما تم البحث فيه تحديد عدد من النتائج والمقترحات تتلخص في الآتي:

ــــــ أجاز المشرع الليبي للشركة القابضة أن تقوم بتقديم القروض والضمانات للشركات التابعة أو تمنحهم الإذن بالقيام بذلك فيما بينهم، وإلزام الشركة القابضة بإعداد ميزانية مجتمعة.

ـــــ يترتب على سيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعة أن الشركة التابعة مقيدة بضرورة أخذ القروض والضمانات من الشركة القابضة أو أخذ الإذن منها بطلب ذلك من باقي الشركات، كما أنه من الآثار المترتبة على هذا التدخل عدم جواز قيام الشركة التابعة بإعداد ميزانيتها منفردة، أو إخفاء أرباحها وخسائرها والعمليات المالية التي تقوم بها.

ــــــ حظيت الشركة القابضة والشركات التابعة في التشريع المصري بنصوص قانونية موسعة تبين العديد من الجوانب المالية الخاصة بالشركة القابضة والشركات التابعة لها، باستثناء الجانب الخاص بتقديم القروض والضمانات والضوابط التي تحكمها.

ـــــــ يترتب على سيطرة الشركة القابضة في التشريع المصري على الشركات التابعة أن هذه الشركات ملزمة قانونًا بتقديم كافة البيانات المالية وفي أوقات محددة إلى الشركة القابضة، كما أن الأمور المالية المتعلقة بالشركة التابعة تعرض على الشركة القابضة للدراسة والتقييم.

ـــــــ بالرغم من تعدد النصوص القانونية المتعلقة بالشركة القابضة في التشريعات الجزائرية إلا أن الجوانب المالية المتعلقة بالشركة القابضة والشركات التابعة لم تحظَ بنصوص قانونية موسعة، حيث نصت على تقديم كل من الشركة القابضة والشركات التابعة ميزانية موحدة ونتائج أعمالها وهذا ما يجعل من الشركة التابعة غير قادرة على العمل خارج إطار الشركة القابضة.

ـــــــ أن سيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعة جائز شرعًا إذا تمت وفق الضوابط الفقهية فامتلاك أغلبية الأسهم لغرض السيطرة يجب ألا يكون لغرض فاسد أو للقيام بعمل محرم، كما أن تقديم القروض والضمانات لغرض السيطرة يجب أن تكون خالية من أي فوائد محرمة.

المقترحات

على المشرع الليبي ضرورة الإسراع في إصدار اللائحة التنفيذية للقانون التجاري، ووضع آلية واضحة ومفصلة للإجراءات التي يجب إتباعها من قبل الشركة القابضة والشركات التابعة في علاقاتهم المالية .

يستوجب على المشرع الجزائري العمل على وضع تنظيم قانوني موحد للشركة القابضة والشركات التابعة لها في قطاع الأعمال العامة والخاصة، لما لها من طبيعة وأبعاد خاصة .

قيام المشرع المصري بالعمل على إدخال التعديلات اللازمة على قانون قطاع الأعمال العام خاصة بعد استحداث وزارة قطاع الأعمال العامة وإشرافها على الشركات القابضة والتابعة العاملة في القطاع العام باستثناء التي تخضع لتنظيم خاص، وإضافة النصوص التي تبين كيفية منح الشركة القابضة القروض والضمانات للشركة التابعة .

تضمين كل من القانون الليبي والقانونين المصري والجزائري بالنص على أن تكون السيطرة المالية التي تمارسها الشركة القابضة على الشركات التابعة، والقروض والضمانات التي تمنحها لها، قد تمت وفق الضوابط الفقهية.

المراجع :

الكتب

بريري، محمود مختار أحمد، قانون المعاملات التجارية، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية،2006 .
حموده، فرج سليمان، الشركات التجارية في القانون الليبي، الطبعة الأولى، دار الكتب الوطنية، 2017.
المقالات

1ــــ زايدي أمال، واقع القانون الجزائري لتجمعات الشركات وآفاق تعديله، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة محمد خيضر بسكرة، العدد 22 .

الرسائل العلمية

أرباب، يوسف زكريا، أحكام الشركة القابضة في الفقه الإسلامي والقانون، دراسة مقارنة بالتطبيق على شركة مؤسسة دانفوديو القابضة، رسالة دكتوراه، جامعة أم درمان الإسلامية، 2012.
الصيفي، عبد الله على محمود، الشركة القابضة وأحكامها في الفقه الإسلامي، رسالة دكتوراه، الجامعة الأردنية 2003 .
القاضي، أنس صالح، النظام القانوني للشركة القابضة دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، جامعة عدن، 2004م.
بركات، حسنية، مجمع الشركات في القانون التجاري الجزائري والمقارن، رسالة ماجستير، جامعة الإخوة منتوري، 2010 .
بن واري، عبد السلام، أحكام الشركات القابضة والتابعة في الفقه الإسلامي دراسة تحليلية نقدية لأحكام الشركات القابضة والتابعة، رسالة دكتوراه، الجامعة الإسلامية العالمية – ماليزيا، سنة 2006 .
زكري إيمان، حماية الغير المتعاملين مع الشركات التجارية، رسالة دكتوراه، جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان، 2017.
سمير مرواني، الشركات القابضة في التشريع الجزائري، رسالة ماجستير، جامعة العربي بن مهيدي ـ أم البواقي، الجزائر،2015 .
القوانين واللوائح

1 ـــ قانون النشاط التجاري الليبي رقم 23 لسنة 2010 .

www.wipo.int/wipolex/ar/text.jsp?file_id=424362

2 ــــ قانون قطاع الأعمال العام المصري رقم 203 لسنة 1991م ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1590 لسنة 1991م.

https://www.egypt.gov.eg/…/laws/…/newlaws/القانون%20رقم%20203%20لسنة%2019…

3 ــــ الأمر رقم 75- 59 الصادر بتاريخ 26-09-1975م بشان إصدار القانون التجاري الجزائري المعدل والمتمم الجريدة الرسمية العدد 77 .

4- الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت الجزء 33، الطبعة الأولى، مطابع دار الصفوة، مصر .

1 -أ. أنيس صالح محمد القاضي، النظام القانوني للشركة القابضة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة عدن 2004، ص106.

2 . د. حموده، فرج سليمان، الشركات التجارية في القانون الليبي، الطبعة الأولى، دار الكتب الوطنية، 2017م، ص 586.

3. المادة 35، 36 من اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام المصري.
4 . المادة 43 من اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام المصري، والجدير بالذكر أن المادة المذكورة قد نصت أيضا على انه لا يجب أن يتضمن ربحا لا يقل عن 5% من رأس المال للمساهمين والعاملين وخصم مكافأة مجلس الإدارة، قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1590لسنة 1991م بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون شركات قطاع الأعمال العام.

5. ويرى الفقه الفرنسي أنه يمكن للشركة القابضة من خلال تعيين مديرين التدخل في إدارة الشركات التابعة سواء كانت شركة تضامن أو شركة توصية بسيطة أو عضو في مجلس رقابة شركة مساهمة وهذا ما ذهب إليه المشرع الجزائري من خلال نص المادة 576 من القانون التجاري.أ. بركات، حسنية، مجمع الشركات في القانون التجاري الجزائري والمقارن، رسالة ماجستير، جامعة الإخوة منتوري، قسنطينة 2010م ص 19.
6. أ. سمير مرواني، الشركات القابضة في التشريع الجزائري، رسالة ماجستير، جامعة العربي بن مهيدي ـ أم البواقي، الجزائر،2015 م،ص69
7. أ. بركات، حسنية، مجمع الشركات في القانون التجاري الجزائري والمقارن، مرجع سابق ص 20 .
8. يتحقق الالتزام بالإعلام أو الإفصاح عند قيام الشركة باطلاع كل المساهمين ومن لهم مصلحة في الحصول على معلومات معينة من اجل أن يتمكن الطرف المتعاقد مع الشركة أو الذي ينوي التعاقد معها من الحصول على معلومة دقيقة تجعله يتخذ قرار سليماً لذلك لابد من توفر شروط للإفصاح فيجب أن تكون المعلومة حقيقية بحيث يكون واقع الوضع المالي والقانوني للشركة فكرة حقيقية د. زكري ايمان، حماية الغير المتعاملين مع الشركات التجارية، رسالة دكتوراه، جامعة أبي بكر بلقايد ــ تلمسان 2017م،ص 343.
9. أ . زايدي أمال، واقع القانون الجزائري لتجمعات الشركات وآفاق تعديله، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة محمد خيضر بسكرة، العدد 22، ص 204.
10 .عقدت اللجنة الوزارية الاقتصادية برئاسة رئيس مجلس الوزراء المصري ووزير قطاع الأعمال وعدد من الوزراء اجتماعاَ بتاريخ 12/11/2018م عرض من خلاله التعديلات المقترحة على قانون شركات القطاع العام رقم 203 لسنة 1991م وثم إبداء ملاحظات بشأنها وإحالتها للوزارات لدراستها وعرضها بعد ذلك لإقرارها، جريدة اليوم السابع، الاثنين 12 نوفمبر 2018م .

11. د . بريري، محمود مختار أحمد، قانون المعاملات التجارية، 2006م، الطبعة الثانية، دار النهضة العربية، ص 7.
12. أرباب، يوسف زكريا، أحكام الشركة القابضة في الفقه الإسلامي والقانون، دراسة مقارنة بالتطبيق على شركة مؤسسة دانفوديو القابضة، رسالة دكتوراه، جامعة أم درمان الإسلامية، 2012، ص 125.
13. د. الصيفي، عبد الله على محمود، الشركة القابضة وأحكامها في الفقه الإسلامي، رسالة دكتوراه، الجامعة الأردنية 2003 ص 96.
14. د. الصيفي، عبد الله على محمود، مرجع سابق، ص 100.
15. د. بن واري، عبد السلام، أحكام الشركات القابضة والتابعة في الفقه الإسلامي دراسة تحليلة نقدية لأحكام الشركات القابضة والتابعة، رسالة دكتوراة، الجامعة الإسلامية العالمية – ماليزيا، سنة 2006م، ص206.
16. الموسوعة الفقهية الكويتية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت الجزء 33، الطبعة الأولى، مطابع دار الصفوة، مصر،ص 133.

إغلاق