دراسات قانونيةسلايد 1

مفهوم وأسباب انقطاع التقادم في القانون

تمهيد

تحديد مفهوم انقطاع التقادم

يفترض انقطاع التقادم أن هناك تقادم سارى ثم يحدث خلال هذا السريان سبب من الاسباب التي اعتبرها المشرع قاطعة للتقادم بحيث تؤدى إلى زوال كل اثر للمدة التي مضت منذ بدء التقادم حتى تحقق سبب الانقطاع فتعتبر كأن لم تكن ليبداء تقادم جديد في السريان بعد زوال السبب الذي ادى إلى انقطاع التقادم الأول

ومن هذا يظهر الفارق بين وقف التقادم وانقطاعه ففى الوقف لا تمحى الفقرة السابقة على قيام سبب الوقف اذا تدخل في الحساب لتضم إلى الغترة اللاحقة لانتهاء فترة الوقف اما الانقطاع فأن المدة السابقة على قيام سبب الانقطاع لاتدخل في حساب مدة التقادم بحيث اذا زال هذا السبب بدأىتقادم جديد في السريان .

المطلب الأول اسباب انقطاع التقادم

هناك من الاسباب التي من شأن توافرها أن تقطع التقادم فتكون المدة التي انتقضت قبل انقطاع التقادمفانها لم تكن ولا تدخل في حساب مدة التقادم حتى اذا بدء سريان تقادم جديد بعد انقطاعه يعقب التقادم الذي زال بالانقطاع تقادم جديد تسرى عليه الاحكام العامة للتقادم .

وقد نصت المادة 383 مدني على هذه الاسباب وقالت أن ” ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعندت الدعوى إلى محكمة غير مختصة وبالتنبيه وبالحجز وبالطلب الذي يتقدم به الدائن بقبول حقه في تفليس أو في توزيع ةبأى عمل يقوم به الدائن لتمسك بحقه في احدى الدعاوى “

وكذلك نص المادة 384 مدني على مايأتى ” 1- ينقطع التقادم اذا اقر المدين بحق الدائن اقرارا صريحا أو ضمنيا

1- يعتبر اقرارا ضمنيا أن يترك المدين تحت يد الدائن مالا مرهونا رهنا حيازيا تأمينا لوفاء الدين “

وتخلص اسباب انقطاع التقادم إلى نوعين نستعرضهما في فرعين :-

– الفرع الأول : اسباب انقطاع التقادم التي ترجع إلى الدائن

– الفرع الثاني : اسباب انقطاع التقادم التي ترجع إلى المدين

وذلك على التفصيل الاتى :

الفرع الأول اسباب انقطاع التقادم التي ترجع للدائن

اولا : المطالبة القضائية ( ولورفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة )

ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية التي يقصد بها في هذا الخصوص المطالبة التي تتم امام القضاء أو امام جهة ذات اختصاص قضائى بذات الحق الذي يجرى تقادمه و الموجهة من الدائن إلى المدين .

وعليه فيشترط لأعمال هذا السبب :

أ‌) أن تكون هذه المطالبة قضائية .

اى أن تتم امام القضاء أو امام جهة ذات اختصاص قضائى ونتيجة لذلك لا ينقطع التقادم بما هو دون ومن ثم لاينقطع التقادم بالاتى :

– المطالبة الودية ولو بكتاب مسجل .

– الانذار الرسمى على يد محضر .

– التكليف بالوفاء السابق على طلب امر الاداء .

– تقديم طلب إلى لجنة المساعدة القضائية للاعفاء من الرسوم القضائية.

– اتخاذ الاجراءات التحفظية كوضع الاختام أو قيد الرهن .

– استدعاء مصلحة الضرائب للممول أو وكيله للمناقشة بخصوص الضرائب المستحقة .

– التظلم المرفوع إلى سلطة ادارية .

– اعلان المدين بحوالة الدائن لحقه .

– تحرير مشارطة تحكيم والتوقيع عليها .

ب‌) اذا اتخذت المطالبة صورة دعوى يجب أن تكون صحيفتها صحيحة

يلزم لكى تكون الدعوى قاطعة أن تكون صحيفتها صحيحة وفقا لمل يتطلبه القانون فأذا كانت باطله لعيب في الشكل فلا يترتب عليها اى اثر ولا تقطع التقادم .

ج) أن تكون المطالبة القضائية موجهة من الدائن أو من يمثله .

وعليه فلا يقطع التقادم الاتى :

– الدعوى المرفوعة من المدين بطلب براءة ذمته من الدين أو ببطلانه أو بانقضائه بأى سبب من الاسباب ول بالتقادم فأنها لا تقطع التقادم لانها لا تعتبر اعترافا منه بالدين .

– المطالبة القضائية الموجهة من غير ذى صفة في رفعها أو وجهت ليس إلى المدين أو من ينوب عنه فأنها لاتقطع التقادم .

· ويبرر قطع التقادم ولو رفعت الدعوى امام محكمة غير مختصة إلى أن الدائن قد يجهل قواعد الاختصاص وكذلك يرجع إلى نيته القاطعة في اقتضاء دينه .

ثانيا : التنبيه .

اذا كانت المطالبة القضائية تقطع التقادم فمن الطبيعى أن يكون للتنبيه ذات الاثر لانه اقوى من المطالبة حيث يتم بناء على سند تنفيذى .

والتنبيه ورقة من اوراق المحضرين استلزم القانون ضرورة توافر بيانات معينة فيها تعلن على يد محضر لشخص المدين أو في موطنه بمقتضاها يكلف صاحب الحق مدينه بأن يوفى الدين والا اتخذت ضده الاجراءات القانونية وهو لايكون الابناء على سند تنفيذى كحكم أو عقد رسمى فهو يسبق اجراءات التنفيذ

ويترتب على التنبيه قطع التقادم الا انه بالنسبة للعقارات فأن التنبيه لا ينتج اثره الا بتسجيله وهو قاطع للتقادم بذاته ولو لم يعقبه حجز .

ثالثا : الحجــز

وينقطع التقادم بالحجز سواء كان حجزا تنفيذيا ( اى مسبوق بتنبيه ) أو كان حجزا تحفظيا ( غير مسبوق بتنبيه ) .

واذا كان الحجز التنفيذى يقطع التقادم الا انه يلاحظ أن هذا الحجز يسبقه تنبيه فينقطع التقادم مرة بسبب التنبيه ثم ينقطع مرة اخرى بسبب الحجز .

كما ينقطع التقادم بالحجز التحفظى فأذا اتخذ الحجز التحفظى صورة حجز ما للمدين لدى الغير فأن هذا الحجز يؤدى إلى انقطاع التقادمين فهو يؤدى إلى انقطاع تقادم حق الحاجز ويؤدى ثانية إلى انقطاع تقادم الحق الذي للمحجوز عليه قبل المحجوز لديه

رابعا : الطلب الذي يتقدم به الدائن لثبوت حقه في تفليس أو توزيع .

وتفترض هذه الصورة انه قد صدر حكم بشهر افلاس المدين وهى تعتبر أن تقدم الدائن بسند دينه في تفليسة المدين للمطالبة بحقه يعتبر قاطعا لتقادم هذا الحق وهنا يمكن القول أن تقدم الدائن بطلب شهر افلاس المدين أو شهر اعساره ويعد قاطعا للتقادم .

كذلك يعد قاطعا للتقادم تقدم الدائن في توزيع لأموال مدينه سواء كان تقسيم بالمحتصة ام توزيعا بحسب درجات الدائنيين .

خامسا : اى عمل يقوم به المدين للتمسك بحقه اثناء السير في احد الدعاوى .

ومن امثلة ذلك الطلبات العارضة التي يقدمها الدائن في الدعوى المرفوعة عليه كما لو رفع المدين على الدائن دعوى يطالب فيها بحق له فيدفع الدائن طلب إجراء المقاصة بين الحق الذي له في ذمة مدينه وبين الحق الذي يطالبه مدينه به فالدائن بهذا الطلب العارض يكون قد به تقادم دينه لأنه تمسك به اثناء السير في احدى الدعاوى .

الفرع الثاني اسباب الانقطاع التي ترجع إلى المدين

من الممكن أن تصدر من المدين تصرفات من شأنها أن تؤدى إلى قطع التقادم ومن هذه التصرفات

– الاقرار بالدين :

تنص المادة 384/1 على أن ” ينقطع التقادم اذا اقر المدين بحق الدائن اقرارا صريحا أو ضمنيا ” .

ويعتبر الاقرار ضمنيا وفقا للمادة 384/2 ” أن يترك المدين تحت يد الدائن مالا مرهونا رهنا حيازيا لوفاء الدين “

فاقرار المدين بالدين يقطع التقادم لانه من ناحية يعد تنازلا عن مدة التقادم التي انقضت ومن ناحية ثانية يستبعد قرينة الوفاء

والاقرار تصرف قانونى من جانب واحد يتمثل في الاعتراف بحق الدائن بهدف اعتباره ثابتا في ذمته ويعفى الدائن من اثباته .

وهو بأعتباره تصرف قانونى من جانب واحد فلا حاجة إلى قبوله من جانب الدائن ولا يجوز للمقر أن يرجع فيه وان كان الاقرار يصدر عادة من جانب واحد الا انه ليس هناك ما يمنع من أن يصدر في شكل اتفاق مع الدائن أو مع غير الدائن .

· وعليه فلا يشترط في المدين الذي صدر منه الاقرار اهلية التصرف في الحق بل يكفيه اهلية الادارة فالصبى المميز اقراره صحيح وقاطع للتقادم في حدود اهليته للأدارة كذلك يستطيع الولى أو الوصى أو القيم أن يقر بدين في ذمة القاصر أو المحجور ويكون اقراره هذا قاطعا للتقادم والذى بدأ يسرى في مصلحة القاصر أو المحجور ولم يتتطلب القانون شكلا معينا للأقرار ولذا فهو يمكن أن يكون كتابة ولو بخطاب عادى أو شفاهة ويخضع الاقرار في اثباته للقواعد العامة في الاثبات .

الاقرار الصريح والاقرار الضمنى :

قد يكون الاقرار من المدين بحق الدائن اقرارا صريحا أو اقراراضمنيا .

– والاقرار الصريح لا يشترط فيه شكل خاص فأى تعبير عن الارادة يفيد معنى الاقرار بالدين يكفى , وقد يكون مكتوبا أو غير مكتوب وقد يكون في صورة اتفاق بين المدين أو الدائن أو في صورة اتفاق بين المدين والغير أو صادرا من جانب المدين وحده دون اى اتفاق .

– اما الاقرار الضمنى فيستخلص من اى عمل يمكن أن يقوم به المدين يفيد معنى الاقرار :

· كقيام المدين بوفاء جزء من الدين أن لم يصاحبه المنازعة في وجود الجزء الاخر

· قيام المدين بدفع فوائد الدين

· تقديم المدين لرهن أو كفالة لضمان الدين

· تمسك المدين بالمقاصة بحق له يقابل الدين

· طلب المدين اجلا لسداد الدين

كما يعد من قبيل الاقرار الضمنى بالدين :

– قيام المدين بالاعتراف بالدين واقراره في ذات الوقت ببراءة ذمته منه لأن الاقرار القاطع للتقادم هو الاقرار ببقاء الدين في ذمة المدين

– عرض المدين أن يدفع مبلغا من المال على سبيل الصلح

على أن تحديد ما اذا كان العمل الصادر من المدين يمكن أن ينطوى على إقرار ضمنى بالدين ام لا يخضع لسلطة قاضى الموضوع و لا معقب عليه من محكمة النقض .

اثبات الاقرار :-

لما كان الاقرار واقعة مادية تنطوى على تصرف قانونى فأن اثباته يخضع للقواعد العامة في اثبات التصرف القانونى ولو من جانب واحد .

كذلك اذا استخلص الاقرار الضمنى من تصرفات قانونية وجب اثبات هذه التصرفات وفقا للقواعد العامة وقد يثبت الاقرار القاطع للتقادم بسند مؤيد وهو سند يتضمن إقرار بحق سبق تدوينه في محرر رسمى بالسند الاصلى .

المطلب الثاني آثار انقطاع التقادم

تنص المادة 385/ مدني على انه

” 1- اذا انقطع التقادم بدأ تقادم جديد من وقت انتهاء الاثر المترتب على سببالانقطاع وتكون مدته هي مدة التقادم الأول

2- على انه اذا حكم بالدين وحاز الحكم حجية الامر المقضى أو اذا كان الدين مما يتقادم بسنة واحدة وانقطع تقادمه بأقرار المدين وكانت مدة التقادم الجديد خمسة عشرة سنة الا أن يكون الدين المحكوم به متضمنا لالتزامات دورية متجددة لا تستحق الاداء الا بعد صدور الحكم “

وعليه فأننا نجد أن لانقطاع التقادم اثران هما :

1- سقوط المدة السابقة على سبب الانقطاع .

2- بدء سريان تقادم سريان جديد بعد زوال سبب الانقطاع تكون مدته هي مدة التقادم الأول

وذلك على التفصيل الاتى :

اولا : سقوط المدة السابق على سبب الانقطاع :

يترتب على انقطاع التقادم سقوط مدته التي كانت قد انقضت قبل حدوث السبب الذي ادى إلى الانقطاع فلا تدخل هذه المدة في حساب التقادم اذا عاود سيره بعد زوال هذا السبب بحيث يلزم بعد زواله أن تكتمل مدة جديدة كاملة .

ثانيا : بدء سريان تقادم جديد بعد زوال سبب الانقطاع تكون هي مدة التقادم الأول

ولتوضيح هذا الاثر لابد من الحديث عن نقطتين وهما :

الاولى : تحديد وقت بدء سريان التقادم الجديد .

والقاعدة العامة التي تحكم مبداء سريان التقادم الجديد هي انه يبداء في السريان بعد زوال اثر السبب الذي ادى إلى انقطاع التقادم وحيث أن هذا الاثر يختلف من سبب إلى اخر :

أ‌) – فأذا كان السبب الذي ادى لانقطاع التقادم هو المطالبة القضائية فأن وقت سريان التقادم الجديد يتوقف على الحكم الصادر في الدعوى فأذا قضى للدائن بحقه زال اثر الانقطاع بعد صدور الحكم النهائى اى يبدأ منذ اليوم التالي لصدور هذا الحكم اما أن كان الحكم برفض الدعوى لسبب لا يرجع لموضوع الحق أو بسقوط الخصومة أو باعتبار المدعى تاركا لدعواه فأن اثر الدعوى يزول من حيث قطع التقادم فيعتبر الانقطاع كأن لم يكن فتدخل مدة نظر الدوى في حساب مدة التقادم ، اما اذا كان الحكم بعدم الاختصاص فأن التقادم الجديد يبدأ في السريان من اليوم التالي لصدور هذا الحكم

ب‌) – اذا كان سبب الانقطاع هو الحجز أو التقدم في تفليس أو توزيع فأن التقادم الجديد يبدأفى السريان بأنتهاء اجراءات الحجز أو بقفل التفليسة أو صدور قائمة التوزيع .

ج) – اذا كان سبب الانقطاع هو إقرار المدين بحق الدائن فأن التقادم الجديد يبدأ في السريان من اليوم التالي على انه اذا كان الاقرار الضمنى مستفاد من حالة مستمرة فأن التقادم يبدأ في السريان من اليوم التالي لزوال هذه الحالة

الثانية : تحديد مدة التقادم الجديد .

القاعدة العامة التي تحكم مدة التقادم الجديد هي التي اعانتها المادة 385 مدني حين قررت انه ” وتكون مدته ( التقادم الجديد ) هي مدة التقادم الأول “

الا أن هذه القاعدة يرد عليها استثنائين وهما :

1- اذا انقطع التقادم بالمطالبة القضائية التي انتهت بصدور حكم بالدين حاز قوة الامر المقضى ففى هذه الحالة فأن التقادم الجديد للحق الثابت بالحكم تكون مدته دائما خمسة عشرة سنة ولو كانت مدة التقادم الاصلى اقصر

الا أن ذلك مشروط بالا يكون الدين المحكوم به متضمنا لالتزامات دورية متجددة لا تستحق الاداء الا بعد صدور الحكم .

2-اذا كان التقادم حولى وانقطع باقرارالمدين فأن مدة التقادم الجديد تكون خمس عشرة سنة .

وعلة هذا الاستثناء أن التقادم الحولى يستند على قرينة الوفاء واقرار المدين بالدين يهدم هذه القرينة فيصبح الدين دينا عاديا يتقادم بالمدة العادية ( خمسة عشرة سنة ) .

إغلاق