دراسات قانونيةسلايد 1
الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية وفقاً للقانون (دراسة مقارنة)
صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في فرنسا :
لا يوجد في فرنسا قانون خاص للتأديب كما هو عليه الحال في العراق وانما تمثل قواعد التأديب جزء من قانون الوظيفة العامة، والنظم التشريعية لشؤون الموظفين بدات في القانون الصادر في 16/10/1946 ثم حل محله الامر الصادر بالمرسوم رقم 244 في 4/2/1959(1). اما القانون رقم 634 الصادر في 13/7/1983 والمتعلق بحقوق والتزامات الموظفين فانه يعد مكملا لقانون التوظيف العام الصادر في 4/2/1959 وليس معبرا عن مرحلة تشريعية ثالثة ولهذا فان النصوص الواردة في القانون السابق ظلت سارية ما لم تتعارض مع احكام القانون الصادر في 13/7/1983(2). وقد نص على بعض الاحكام ومنها وجوب تسبيب العقوبة الانضباطية وان سلطة التادب هي سلطة التعيين.(3) ووجوب اطلاع الموظف على ملفه الشخصي.(4) وتتمثل العقوبات المنهية للعلاقة الوظيفية في فرنسا في صورتين هما الاحالة على المعاش والعزل من الوظيفة . فقد نصت المادة (30) من الامر الصادر في 4/2/1959 على هاتين العقوبتين صراحة وجعلت لعقوبة العزل من الوظيفة صورتين ايضا بحيث تقترن في الاولى بحفظ الحق في المعاش في حين تقترن في الثانية بالحرمان من المعاش.(5) وعقوبة الاحالة على المعاش التي لم يكن القانون السابق رقم 2294 الصادر في 19/10/1946 قد نص عليها لا يمكن فرضها الا اذا استوفى الموظف شرط استحقاقه للمعاش المتعلق بمدة الخدمة.(6) اما العزل فيعني الاخراج النهائي للموظف من الخدمة، لذا فان مجلس الدولة الفرنسي وادراكا منه لفداحة الاضرار المادية والادبية التي تترتب على هذه العقوبة اخذ يمارس رقابة صارمة على الشروط الشكلية والموضوعية لفرضها(7) كما احاطها المشرع بقدر كبير من الضمانات كالاطلاع على الملف واستشارة مجلس تاديب والاجراءات الاخرى اللازم استيفاؤها قبل النطق بالعقوبة، وان عدم استشارة المجلس يعد اخلالا بهذه الضمانات يستوجب الغاء العقوبة.(8) ويجب ان يكون قرار العزل مسبباً واذا لم توجد اسباب تاديبية للعزل يكون مشوبا بعيب التعسف في استعمال السلطة.(9) كما لا يجوز عزل الموظف المجاز مرضيا الا بعد انقضاء اجازته وكذلك بالنسبة للمراة الحامل لكون ذلك يخالف قانون العمل والمبادئ العامة للقانون ولا يجوز ان تنهى علاقة الموظف لعدم الكفاءة المهنية بل يجوز نقله إلى وظيفة اخرى. اما الموظفون المفصولون الذين لا تتوفر فيهم شروط الاحالة على المعاش فيمكنهم الحصول على تعويض ولا يعد ذلك مكافأة ويسري الامر على الموظفين غير الدائميين بالدولة.(10) وجدير بالذكر ان المشرع الفرنسي كان قبل صدور الامر رقم (244) في 4/2/1959 يستخدم عبارتي (الفصل والعزل) للدلالة على الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية.(11) هذا ويمتنع على سلطة التأديب معاقبة الموظف باية عقوبة انضباطية بما في ذلك انهاء علاقته الوظيفية سواء بالاحالة على المعاش او بالعزل من الوظيفة اذا كان قد عوقب عن الفعل ذاته بعقوبة اخرى وقد استقر قضاء مجلس الدولة الفرنسي على هذا المبدا منذ زمن بعيد حيث ورد في حكمه الصادر في 11/3/1937 (يقع باطلا فرض عقوبتين او عدة عقوبات متتابعة عن خطا واحد) كل ذلك ما لم تكن احدى هذه العقوبات ذات صفة تبعية او تكميلية.(12) ومن بين العقوبات(13) التي تمس العلاقة الوظيفية دون ان تنهيها عقوبة الاستبعاد المؤقت عن العمل ويبعد الموظف بمقتضاها عن وظيفته لمدة مؤقتة لا تتجاوز ستة اشهر يحرم خلالها من كل مرتبه ويجوز النطق بها كعقوبة اصلية او تكميلية ويعاد إلى وظيفته بعد انقضاء المدة المحددة في قرار فرضها.(14)، ومع ذلك لا تعد هذه العقوبة من العقوبات المنهية للعلاقة الوظيفية ولو فرضت كعقوبة اصلية اذ لا تشغل وظيفة المعاقب بها خلال مدة استبعاده عن الوظيفة بالتعيين او الترقية وان كان ذلك لا يمنع من اسناد عمله إلى موظف اخر لحين انتهاء مدة العقوبة ضماناً لحسن سير المرفق العام (15).
________________
1- د. علي جمعة محارب/ التاديب الاداري في الوظيفة العامة/ دراسة مقارنة / رسالة دكتوراه/ جامعة عين شمس 1986 ص871.
2- المصدر نفسه ص288.
3- المادة (19) من القانون.
4- المادة (18) من القانون.
5- د. علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص288.
6- المصدر نفسه ص250.
7- المصدر نفسه ص253.
8- المصدر نفسه ص254 و ص255.
9- الغى مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الصادر في 17/11/1982 قرار عزل موظف لعدم تسببه. منشور في Cahiers de la fonction publique N.5 fevrier، 1985، p.15. نقلا عن د. غازي فيصل مهدي: شرح احكام قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991/ مطبعة العزة/ بغداد 2001ص75.
10- د. علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص255.
11- د. وهيب عياد سلامة/ مصدر سابق ص23. مسترشدا بنص الفقرة الثالثة من المادة الثالثة من المرسوم رقم 159 الصادر في 3/2/1955 حيث جاء فيه (لا يجوز ان يكون الفصل التاديي محلا لاخطار او تعويض).
12- الحكم مشار اليه لدى محمد رشوان احمد/اصول القانون التاديبي/ ط1/ مطبعة وهدان التجارية/ القاهرة 1960 ص121.
13- المادة (30) من الامر الصادر بالمرسوم 244 في 4/2/1959. منشور في كراس صادر من الجامعة العربية/منشورات الجامعة/ترجمة كمال نور الله 1971.
14- د. علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص247.
15- د. مصطفى عفيفي/ فلسفة العقوبة التاديبية واهدافها/ دراسة مقارنة/ القاهرة 1976 ص316.
السلطة المختصة بالانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في فرنسا :
نصت المادة (19) من القانون رقم 634 الصادر في 13/7/1983 على ان السلطة التأديبية تكون من حق الجهة التي تملك التعيين وفي ذلك تأكيد لما كان قد نص عليه قانون التوظيف رقم 244 الصادر في 4/2/1959 الذي جاء قانون 13/7/1983 مكملا له. ويمنح القانون الفرنسي الادارة سلطة فرض عقوبتي الانذار واللوم دون استشارة اية جهة.(1) اما العقوبات الاشد ومنها عقوبات انهاء العلاقة الوظيفية فلها فرضها بعد استطلاع راي اللجنة الادارية المشتركة التي تضم ممثلين عن الموظفين والادارة بالتساوي.(2) وفي حال فرضت الادارة العقوبة خلافا لراي اللجنة فللموظف التظلم امام المجلس الاعلى للوظيفة العامة خلال شهر من تاريخ تبلغه بقرار فرض العقوبة.(3) وهكذا يتولى الرئيس الاداري الاعلى ممثلا في شخص رئيس الجمهورية او الوزير المختص او رئيس المرفق توقيع سائر العقوبات الانضباطية المنصوص عليها في المادة (30) من قانون 4/2/1959 بما فيها العقوبات المنهية للعلاقة الوظيفية … والقيد الوحيدة الذي ينبغي على الادارة الالتزام به هو استشارة اللجنة المنوه عنها وان راي هذه اللجنة غير ملزم للادارة ولذلك ثار تساؤل حول مدى قيمته من الناحية القانونية اذ يرى البعض ان له قيمة ادبية تدفع سلطة التاديب إلى التفكير طويلا قبل ان تشرع في مخالفته وهو امر نادر الحدوث-عملا- بسبب علمها المسبق بان هذه المخالفة يمكن ان تعرض قرارها للالغاء في حالة التظلم منه امام المجلس الاعلى للوظيفة العامة خلال المدة القانونية وهي شهر من تاريخ اخطار الموظف المعني بها وبعد موافقة اللجنة الادارية المشتركة على ذلك(4)، اما سلطة المجلس الاعلى للوظيفة العامة في نظر التظلم ومدى التزام الادارة بقراراته … لتصدي الموظف لقرار انهاء علاقته الوظيفية حيث ان سلطة الادارة في ذلك ليست مطلقة بل تخضع لرقابة صارمة من قبل القضاء … . ان ما تقدم يتعلق باثر الجريمة الانضباطية في تحديد السلطة المختصة بانهاء العلاقة الوظيفية المتصل بجسامة العقوبة الذي يرتبط دون ادنى شك بجسامة الجريمة المرتكبة اذ لابد ان يكون هناك تناسب بين الجريمة الانضباطية وعقوبتها تشديدا وتخفيفا. اما اثر الجريمة الانضباطية في تحديد السلطة المختصة بأنهاء العلاقة الوظيفية المتعلق بنوع الوظيفة التي يشغلها الموظف الذي ارتكب الجريمة الانضباطية فيتجلى فيما ذهب اليه المشرع الفرنسي في جعل سلطة التأديب بالنسبة لفئات معينة من الموظفين من القضاة ورجال التعليم غير تلك السلطة المنصوص عليها في قوانين التوظيف العامة. فالنظام القانوني للقضاة يسند –على خلاف الوضع السائد في القانون الوظيفي العام- القسط الاكبر من السلطة التأديبية إلى هيئات جماعية تعد بمثابة قضاء حقيقي توقع الجانب الاكبر من الجزاءات التأديبية المتسمة بالجسامة إلى جانب اختصاص الرئيس الاداري (وزير العدل بوصفه الرئيس الاعلى لجميع القضاة والرئيس الاول لمحكمة النقض ورؤساء محاكم الاستئناف ومحاكم اول درجة كل في دائرة اختصاصه) بفرض العقوبات ضئيلة الجسامة حيث يختص المجلس الاعلى للقضاء بفرض كافة العقوبات الانضباطية في مواجهة القضاة بما فيها الواقعة في اختصاص السلطة الادارية بحيث تعد العقوبات الصادرة عن هذا المجلس بمثابة احكام قضائية صادرة عن محكمة قضائية حقيقية هي المجلس الاعلى للقضاء.(5) وبذلك لا تدخل سلطة الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في اختصاص الادارة مهما علا مستواها لانه من العقوبات الجسيمة التي يختص مجلس القضاء الاعلى بفرضها. وهذا النظام هو استثناء من الاصل العام المقرر في فرنسا حيث يتمتع القضاة منذ وقت طويل بحماية تأديبية خاصة متمثلة في قاعدة عدم القابلية للعزل.(6) كما تضطلع هيئات تأديبية متخصصة بتأديب اعضاء هيئات التدريس الثلاث الابتدائي والثانوي والجامعي وهي المجلس الاقليمي بالنسبة للتعليم الابتدائي والمجلس الاكاديمي بالنسبة للتعليم الثانوي والمجلس الجامعي بالنسبة للتعليم الجامعي، وتختلف سلطات هذه المجالس باختلاف نوعية كل منها ومشاركة رؤساء اداريين في فرض بعض العقوبات،(7) ويلاحظ ان العقوبات التي يملك الوزير سلطة فرضها على اعضاء هيئة التدريس بوصفه الرئيس الاداري الاعلى لهم تنحصر في العقوبات ضئيلة الجسامة ويشاركه في ذلك إلى حد ما المفتشون الاكاديميون ورؤساء الجامعات دون غيرهم من الرؤساء الاداريين كعمداء الكليات ونظار المدارس الثانوية اما العقوبات الجسيمة كالعزل والحرمان من مزاولة التدريس فان مجالس التاديب … تعد من قبيل الجهات القضائية التأديبية المنفردة بسلطة توقيعها ويمكن استئناف قراراتها امام المجلس الاعلى للتعليم الوطني خلال (15) يوما اذا كان الطاعن الادارة وخلال (20) يوما اذا كان الطعن مقدما من عضو هيئة التدريس فضلا عن امكانية الطعن بالنقص امام مجلس الدولة(8) … . مما تقدم يتضح لنا ان اثر الجريمة التي يرتكبها الموظف في تحديد السلطة المختصة بالتأديب يعتمد على جسامة الجريمة المرتكبة ونوع ومستوى الوظيفة التي يشغلها الموظف الذي ارتكبها حيث يتحدد بمقتضى ذلك نوع العقوبة المفروضة على مرتكب الجريمة الانضباطية اذ ان سلطة التأديب مقيدة بفكرة الانحراف عند تقدير ملاءمة العقوبة للجريمة الانضباطية.(9) فعندما تكون الجريمة الانضباطية لا تستوجب فرض اشد من عقوبتي اللوم والانذار تختص الادارة بفرضها دون حاجة لاستشارة أي جهة اما عندما تكون الجريمة اكثر جسامة من ذلك بحيث تستلزم عقوبة اشد لابد ان تستشير الادارة لجنة مشكلة لهذا الغرض بحيث يعد قرار فرض العقوبة باطلا دون استشارتها، وانهاء العلاقة الوظيفية انضباطيا من بين العقوبات التي اشترط المشرع ذلك لفرضها … . اما اثر نوع ومستوى الدرجة الوظيفية لمرتكب الجريمة الانضباطية على تحديد السلطة المختصة بالتأديب فقد لاحظنا كيف ان سلطة تأديب القضاة ورجال التعليم على اختلاف مستوياتهم محددة بمجالس تاديبية خاصة على نحو يختلف من حيث الصلاحيات واليات العمل عما هو عليه الحال في لجان التأديب المشتركة(10) والمجلس الاعلى للوظيفة العامة الذي يعد رايه هو الاخر استشاريا حيث لا يملك الا اصدار توصيات غير ملزمة إلى الوزير برفع العقوبة او تعديلها(11) … .
_________________
1- د. علي جمعة محارب: التاديب الاداري في الوظيفة العامة، دراسة مقارنة/ رسالة دكتوراه/ جامعة عين شمس 1986، ص292-293.
2- د. محمد جودت الملط: المسؤولية التاديبية للموظف العام/ دار النهضة العربية/ القاهرة 1967، ص344-345.
3- المادة السادسة من المرسوم رقم (311) الصادر في 14/2/1959.
4- د. عبد الفتاح حسن: السلطة المختصة بالتاديب في التشريع المقارن/ مجلة العلوم الادارية/ العدد الاول/ السنة السابعة 1965، ص16-17. وقد صدر في فرنسا عدد من المراسيم التي تنص على الزام الرئيس الاداري الاعلى بفرض العقوبة التي تقترحها اللجنة الادارية المشتركة دون امكان تعديلها الا فيما يحقق مصلحة الموظف محل المساءلة ومنها مرسوم 11/1/1907 الخاص بالعاملين بالادارة المركزية لوزارة البحرية ومرسوم 16/6/1908 الخاص بالمصايد ومرسوم 18/2/1911 بالنسبة لعمال البحر. ومرسوم 11/1/1907 المعدل بمرسوم 18/1/1910 الخاص بموظفي البرق والبريد. مشار اليها لدى د. مصطفى عفيفي ود. بدرية جاسر صالح : السلطة التأديبية بين الفاعلية الضمان/ القاهرة 1982ص139.
5- المصدر نفسه/ ص144-146.
6- د. محمد جودت الملط/ مصدر سابق ص346-347.
7- د. مصطفى عفيفي ود.بدرية جاسر صالح/ مصدر سابق ص147.
8- المصدر نفسه ص152-153.
9- د. سليمان الطماوي/ النظرية العامة للقرارات الادارية/ دراسة مقارنة/ ط3/ دار الفكر العربي القاهرة 1966 ص84.
10- لمزيد من التفاصيل حول تشكيل هذه اللجان وسلطاتها راجع:
د . سليمان محمد الطماوي / القضاء الاداري/ قضاء التاديب/ دار الفكر العربي 1971 ص436.
د. محمد جودت الملط/ مصدر سابق ص345 وما بعدها.
د. مصطفى عفيفي ود. بدرية جاسر صالح/ مصدر سابق ص138 وما بعدها.
شفيق عبد المجيد الحديثي/ النظام الانضباطي لموظفي الدولة في العراق/ رسالة ماجستير/ جامعة بغداد 1973 ص219 وما بعدها.
رسالتنا للماجستير / مصدر سابق ص28 وما بعدها.
11- Andre De Laubadere، Traite elelmenntaire de droit administratif، 5 eme ed. 1970 p.100.
صور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في مصر :
يرجع تاريخ انشاء مجالس التأديب وتحديد العقوبات التي يمكن فرضها على الموظفين إلى عام 1883 حيث صدرت فيه لائحة المستخدمين الملكيين التي تضمنت احكاما تنظم تلك الشؤون. وفي سنة 1888 تقرر انشاء محكمة تأديبية عليا لمحاكمة كبار الموظفين الذين لا تسري عليهم احكام التأديب المقررة في لائحة 1883 ثم ادخل المشرع على هذه اللائحة تعديلات (طالت بعض نصوص التأديب) في الاعوام 1885 و1888 و1891 من شانها توفير ضمانات اكثر للموظفين. ثم توالت التشريعات في هذا المجال حيث صدرت في 1901 لائحة المستخدمين الملكيين ثم قانون موظفي الدولة سنة 1951 الذي تم تعديله بالقانون رقم 73 لسنة 1951 تلاه القانون رقم 117 لسنة 1958 الخاص باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1959 حيث ارسيت بهذين القانونين والقانون رقم 210 لسنة 1951 قواعد القانون التأديبي في حينها(1)، ثم صدرت قوانين اخرى نظمت تأديب الموظفين اهمها قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 وقانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 الذي حدد في المادة (76) منه الواجبات التي ينبغي على الموظف العام القيام بها(2). وفي اطار بحثنا المتعلق بصور الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية قضت المادة (61) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 المصري بجواز فرض عقوبتي الوقف عن العمل بغير مرتب او بمرتب مخفض لمدة لا تتجاوز 6 اشهر والفصل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش او المكافأة او الحرمان من المعاش او المكافأة وذلك في حدود الربع.(3) واذا ما اخذنا في الحسبان ان عقوبة الوقف عن العمل سواء اكانت بمرتب ام بغير مرتب لا تعد انهاء للعلاقة الوظيفية(4) فان قانون 1964 لم ينص على غير الفصل كعقوبة تنتهي بمقتضاها العلاقة الوظيفية انضباطيا ولكنه جعل لها صورتين الاولى مع حفظ الحق في المعاش او المكافأة والثانية مع الحرمان الجزئي من المعاش او المكافأة وبذلك يشبه هذا النص المصري ما ورد في القانون الفرنسي الذي اجاز انهاء العلاقة الوظيفية بالعزل في صورتين الاولى مع حفظ الحق في المعاش والثانية مع الحرمان من المعاش كليا ووجه الاختلاف ان المشرع المصري لم يجز الحرمان من المعاش الا في حدود الربع في حين اجاز المشرع الفرنسي الحرمان الكلي من المعاش كما ان المشرع المصري اجاز الحرمان من المكافأة جزئيا في حين لم يشر المشرع الفرنسي إلى جواز الحرمان من المكافأة الامر الذي يعني ان عقوبة العزل لا تؤدي إلى حجبها اذا كان الموظف يستحقها قانونا. وقد استحدث المشرع المصري في المادة (80) من القانون رقم 47 لسنة 1978 عقوبة الاحالة على المعاش بوصفها عقوبة انضباطية تنهي العلاقة الوظيفية ليساير بذلك المشرع الفرنسي وبهذا يكون انهاء العلاقة الوظيفية انضباطيا ممكنا اما بالاحالة على المعاش او بالفصل. فالعقوبة الاولى تنهي العلاقة الوظيفية للموظف ولكنه يبقى محتفظا بمعاشه مقدرا على الاسس القائمة عند توقيع العقوبة وتطبق هذه العقوبة في الغالب على شاغلي الوظائف العليا لاقترابهم من بلوغ السن القانونية اللازمة للاحالة على المعاش.(5) .اما عقوبة الفصل من الخدمة فيترتب على فرضها حرمان المفصول من جزء من معاشه طبقا لقانون المعاشات.(6) وبذلك يكون على سلطة التاديب اذا وجدت ان الجريمة الانضباطية التي ارتكبها الموظف العام تستدعي انهاء علاقته الوظيفية اما ان تكتفي بفصله او احالته على المعاش ولا يجوز لها الجمع بين العقوبتين لان كلا منهما عقوبة مستقلة قائمة بذاتها.(7) ويبدا سريان قرار انهاء العلاقة الوظيفية من تاريخ صدور الحكم ويستحق الموظف المحكوم تعويضا يعادل اجره إلى يوم ابلاغه بالحكم ما لم يكن الموظف موقوفا عن عمله فعندئذ تعد خدمته منتهية من تاريخ وقفه ويصرف له في هذه الحالة نصف مرتبه وذلك بمقتضى المادة (100) من قانون العاملين المدنيين في الدولة رقم 47 لسنة 1978، اما سبب استحقاق الموظف تعويضا يعادل كامل اجره من يوم صدور الحكم بانهاء علاقته الوظيفية ولحين ابلاغه به عندما يصدر بحقه غيابيا طبقا لنص القانون المصري فيعود إلى ان الموظف يستحق مرتبا بعد انتهاء خدمته كما لا تسترد من الموظف الموقوف احتياطيا عن العمل انصاف رواتبه المصروفة له خلال مدة الوقف اذا حكم عليه بالاحالة إلى المعاش او الفصل.(8) ولا يعاد تعيين الموظف المفصول قبل مضي 4 سنوات على فصله.(9) واذا كانت سلطة التاديب تتمتع بهامش واسع في اختيار عقوبة مناسبة للموظف من غير العقوبات المنهية للعلاقة الوظيفية(10) فان هذا الهامش يضيف كثيرا عندما يكون الموظف الذي ارتكب الجريمة الانضباطية من شاغلي الوظائف العليا اذ لا يمكن معاقبته بغير اللوم في قانون العاملين المدنيين رقم 46 لسنة 1964 والتنبيه او اللوم في قانون العاملين المدنيين رقم 47 لسنة 1978.(11) وبذلك فان سلطة التاديب اذا ما ارادت معاقبة الموظف شاغل الوظيفة العليا انضباطيا فعليها اما ان تعاقبه باللوم وان كانت جريمته من الجسامة بحيث يمكن ان يعاقب الموظف الاعتيادي بسببها بعقوبة اشد من ذلك او تنهي علاقته الوظيفية باحالته على المعاش او بفصله من الوظيفة وان كانت جريمته تستحق عقوبة اخف من ذلك فيما لو ارتكبت من موظف من غير شاغلي الدرجات العليا. ويعلل جانب من الفقه ذلك بان الموظفين شاغلي الدرجات العليا يجب ان يكونوا قدوة حسنة لمرؤوسيهم وان فرض العقوبات الوسطى عليهم يقلل من اعتبارهم في نظر مرؤوسيهم مما يعوق قيامهم بدورهم الرئاسي على الوجه المناسب فاذا ما ارتكب الموظف من الدرجة العليا جريمة انضباطية تستدعي ما هو اشد من اللوم واخف من الفصل فما على سلطة التاديب الا ان توازن بين التجاوز عن جسامة الجريمة فتعاقب باللوم اذا كان ماضي ذلك الموظف والامل في مستقبله يوحيان بذلك واما ان تشدد العقاب وتنهي علاقته الوظيفية على اساس ان مكانة الموظف تزيد من جسامة خطئه فيصبح غير صالح للبقاء في موقعه القيادي.(12) وفي تقديرنا المتواضع ان هذا التسبيب محل نظر فاذا كان هنالك ما يستدعي تجاوز جسامة بعض المخالفات والمعاقبة عنها باللوم بدلا من عقوبة اشد مراعاة لحسن سير المرفق العام بحسبان ان شاغلي الدرجات العليا ينهضون باعباء اكبر من تلك التي يتحملها غيرهم الا انه من ناحية اخرى قد يكون خطا شاغل الوظيفة العليا ابلغ اثراً من خطا غيره الذي لو ارتكبه لعوقب بعقوبة اشد مما يمكن فرضه على شاغل الوظيفة العليا. هذا من جانب ومن جانب آخر فان شاغل الوظيفة العليا قد يتعرض للظلم اذا ما عوقب بانهاء علاقته الوظيفية رغم ان خطاه يستوجب ما هو اخف من ذلك واشد من اللوم لا لسبب سوى لان القانون لم ينص على عقوبة اشد من اللوم بذريعة ان ذلك يمس اعتباره امام مرؤوسيه، فاي العقوبتين اشد وقعا على الموظف من شاغلي الدرجات العليا تنزيل درجته الوظيفية مثلا ام انهاء علاقته الوظيفية التي لا يتوقف اثرها على الموظف فحسب بل يمتد إلى عائلته؟.وفيما يتعلق بعقوبة الفصل يرى جانب من الفقه لاجل معالجة قسوتها ان يصار إلى تحديد المخالفات التي تستوجب فرضها وعدم جواز حرمان المعاقب بها من اعادة تعيينه في وظيفة عامة اخرى حتى لا يكون في ذلك مصادرة لحق الانسان في العمل اذ يمكن احالته إلى جهة تدرس حالته لتتبين نوع العمل الذي يصلح له، وقد وصف البعض عدم السماح بعودة الموظف إلى الوظيفة نهائيا بانه اجراء غير انساني.(13) … .
______________________
1- محمد رشوان احمد: اصول القانون التاديبي/ ط1/ مطبعة وهدان التجارية/ القاهرة 1960ص10.
2- لمزيد من التفاصيل راجع د. عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد: تاديب الموظف العام في مصر/ ج1/ ط1/ دار النهضة العربية/ القاهرة 2000ص88 وما بعدها.
3- د. محمد جودت الملط: المسؤولية التاديبية للموظف العام/ دار النهضة العربية/ القاهرة 1967ص325.
4- د. مصطفى عفيفي: فلسفة العقوبة التاديبية واهدافها، دراسة مقارنة/ القاهرة 1976/ ص316.
5- د. عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد/ تاديب الموظف العام في مصر /مصدر سابق ص216.
6- المصدر نفسه ص216. ونشير إلى ان عقوبة الفصل لم يكن منصوصا عليها في القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي نص علي عقوبة العزل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش او المكافاة او مع الحرمان من كل او بعض المعاش او المكافاة في حين نص عليها القانون رقم 46 لسنة 1964 على النحو الذي سبق بيانه. اما القانونان رقم 58 لسنة 1971 ورقم 47 لسنة 1978 فقد نص عليهما دون الاشارة إلى المرتب او المعاش، ويرى البعض في ذلك موقفا سليما حتى يكون امام سلطة التاديب مجال واسع للتقدير والملاءمة في ضوء ظروف الجريمة الانضباطية والموظف والعمل وذلك في حدود قوانين التامينات الاجتماعية والمعاشات. د. علي جمعة محارب: التأديب الاداري في الوظيفة العامة، دراسة مقارنة/ رسالة دكتوراه/ جامعة عين شمس 1986ص427-428.
7- د. ماجد راغب الحلو: القانون الاداري الكويتي وقانون الخدمة المدنية الجديد/ منشورات ذات السلاسل/ الكويت 1980ص265.
8- المصدر نفسه ص286-287.
9- المادة (80/11) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978.
10- من العقوبات الاخرى التي يمكن فرضها على الموظف من غير شاغلي الدرجات العليا بمقتضى المادة 61 من قانون 1946 والمادة (80) من قانون 1978 (الخصم من المرتب، تاجيل استحقاق العلاوة، الحرمان من العلاوة، الوقف عن العمل).
11- المادة (80/2) من قانون العاملين المدنيين رقم 47 لسنة 1978.
12- د. ماجد راغب الحلو/ القانون الاداري الكويتي…مصدر سابق ص265.
13- لمزيد من التفاصيل حول هذه الآراء راجع:
د. سليمان محمد الطماوي/ القضاء الاداري /الكتاب الثالث/ قضاء التاديب/ دراسة مقارنة/ دار الفكر العربي 1987/ ص316.
د. منصور ابراهيم العتوم: المسؤولية التأديبية للموظف العام ، دراسة مقارنة لأنظمة التأديب في الاردن وسوريا ومصر وفرنسا/ ط1/ 1984/ ص182.
د. علي جمعة محارب/ مصدر سابق ص428-429.
د. محمد مختار محمد عثمان: الجريمة التأديبية بين القانون الاداري وعلم الادارة/ دار الفكر العربي/ القاهرة 1973ص435-436.
السلطة المختصة بالانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في مصر :
مر نظام التاديب في مصر بمراحل كان يتارجح فيها بين الاخذ بنظام التاديب الرئاسي او القضائي او الجمع بين الاتجاهين معا.(1) وقد كانت سلطة الادارة في التاديب تتسع حينا ثم تتقلص حينا اخر كل ذلك خارج اطار سلطة انهاء العلاقة الوظيفية التي كانت تختص بها مجالس تاديب او محاكم تاديبية. ففي ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي على الرغم من اتساع سلطة الادارة فيه في مجال التاديب الا ان هذا الاتساع لم يمتد ليطال عقوبات انهاء العلاقة الوظيفية حيث تختص بفرضها مجالس التاديب.(2) وقد ذهب راي إلى ان المشرع قد جمع في هذه المرحلة بين النظامين الاداري (الرئاسي) وشبه القضائي.(3) اما في ظل القانون رقم 117 لسنة 1958 فقد انشئت محاكم تاديبية يغلب عليها الطابع القضائي تختص بسلطة توقيع أي من العقوبات الانضباطية المنصوص عليها فيه باستثناء ما يفرض على شاغلي الوظائف من الدرجة الاولى فاعلى الذين لا تجوز معاقبتهم بغير اللوم او انهاء العلاقة الوظيفية بالعزل او الاحالة على المعاش.(4) وفي ظل القانون رقم 46 لسنة 1964 فان سلطة التاديب حددتها المادة (63) منه بالوزير ووكيل الوزارة ورئيس المصلحة والمحاكم التاديبية وللوزير سلطة التعقيب على قرارات فرض العقوبة الصادرة من وكيل الوزارة ورئيس المصلحة بالالغاء او التشديد او التخفيف اضافة إلى سلطته في فرضها وهي الانذار والخصم من المرتب. اما العقوبات الاخرى بما فيها العقوبات المنهية للعلاقة الوظيفية فقد بقيت من اختصاص المحاكم التاديبية.(5) ثم صدر القانون رقم 58 لسنة 1971 الذي لم يضف شيئا إلى اختصاص الادارة في مجال التاديب سوى انه منح المحافظ المختص ورئيس مجلس ادارة الهيئة المختص ما كان القانون رقم 46 لسنة 1964 قد منحه للوزير في مجال التاديب.(6) وبصدور قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 972 اصبحت المحاكم التاديبية هيئات قضائية بوصفها جزء من القسم القضائي لمجلس الدولة.(7) وبعد كل هذه التطورات صدر قانون العاملين المدنيين في الدولة رقم 47 لسنة 1978 وقد حددت المادة (82) منه سلطة التاديب على النحو الاتي:
1.السلطة الرئاسية وتتكون من:
أ. شاغلي الوظائف العليا.
ب. الوزير المختص.
ج. السلطة المختصة وهم:
اولا: الوزير المختص.
ثانيا: المحافظ المختص بالنسبة لوحدات الحكم المحلي.
ثالثا: رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة المختص.
2. المحاكم التاديبية.
3. المجالس التاديبية لبعض طوائف الموظفين.
وهذه الجهات هي ذاتها التي كان قد نص عليها القانون رقم 58 لسنة 1971 وان كان بتبويب مختلف.(8) وقد وسع المشرع في قانون 1978من سلطة الادارة في مجال التاديب حيث بات للسلطة المختصة (الوزير والمحافظ ورئيس مجلس الادارة) صلاحية فرض عقوبات انضباطية لم تكن القوانين السابقة قد منحتها سلطة فرضها ومنها عقوبات المخالفات الجسيمة المنصوص عليها في الفقرات (7-9) من المادة (80) من القانون.(9) اما عقوبتا انهاء العلاقة الوظيفية المنصوص عليهما في الفقرتين (10و11) من المادة نفسها وهما (الاحالة إلى المعاش) و (الفصل من الخدمة) فانهما بقيتا من اختصاص المحاكم التاديبية ولا تملك الادارة سلطة فرضهما(10) وان كانت تملك سلطة الاحالة إلى المحاكم التاديبية.(11) مما تقدم يتبين لنا ان مختلف القوانين المصرية التي تنظم شؤون العاملين المدنيين بالدولة لم تمنح الادارة يوما ما سلطة الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية بل تختص بهذه السلطة المجالس التاديبية ثم المحاكم التاديبية التي اصبحت جزء من القسم القضائي لمجلس الدولة بمقتضى المادة (3) من قانون المجلس رقم 47 لسنة 1972. واذا كان ذلك هو الحال بالنسبة للعاملين المدنيين بالدولة فان الامر لم يسر على هذا المنوال بالنسبة للعاملين بالقطاع العام اذ لم يستقر انفراد (هيئة جماعية) بهذه السلطة الا في قانون العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 فبعد ان كانت هذه السلطة منوطة بهذه المحاكم دون سواها في القانون رقم 19 لسنة 1959(12) بدأت الادارة تشارك هذه المحاكم هذا الاختصاص في بعض الحالات بمقتضى القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966، حيث حددت المادة 59 منه العقوبات الانضباطية وحصرت المادة (60) سلطات التاديب بالسلطة الرئاسية والمحكمة التاديبية. وما يعنينا من الامر هنا هو ان المحكمة التاديبية تختص بالانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية بالمعاقبة بالفصل من الخدمة للعاملين من الفئة السادسة فما فوقها في حين يمكن لرئيس مجلس الادارة دون غيره فصل العاملين حتى الفئة السادسة على ان يسبق ذلك الحصول على راي لجنة ثلاثية تشكل على نحو معين في المادة 64 من القرار.(13) وقد استقرت احكام المحكمة الادارية العليا على عد قرار الفصل الصادر خلافا لهذا الشرط قرارا منعدما وكأنه لم يكن.(14) الا ان رأي اللجنة غير ملزم لرئيس مجلس الادارة.(15) وجاء القانون رقم 61 لسنة 1971 ليوسع في المادة (49) منه سلطة رئيس مجلس الادارة بشان عقوبة الفصل من الخدمة على حساب الاختصاصات التي كانت محتجزة للمحكمة التاديبية حيث اسند سلطة فرضها إلى رئيس مجلس الادارة على العاملين من ادنى الفئات حتى الفئة الثالثة وبذلك اضحى اختصاص المحاكم التاديبية بشان هذه العقوبة مقتصرا على العاملين من الدرجة الثانية فما فوقها ، فاصبح جميع العاملين في القطاع العام على اختلاف مستوياتهم الوظيفية خاضعين للسطلة التاديبية لرئيس مجلس الادارة باستثناء شاغلي الوظائف العليا واعضاء مجالس ادارة النقابات واعضاء مجالس الادارة المنتخبين.(16) وفي الوقت الذي وسع فيه القانون رقم 61 لسنة 1971 سلطة الادارة في مجال التاديب بحيث بات لها اختصاص في انهاء العلاقة الوظيفية انضباطيا فانه ازال مشكلة عدم دستورية القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966(17). وقد جاء قانون العاملين في القطاع العام رقم 48 لسنة 1978 في مجال تحديد العقوبات والسلطة المختصة بفرضها بالاحكام نفسها التي جاء بها قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 وبذلك طرا تغير كبير في نطاق تحديد السلطة التاديبية واختصاصاتها العقابية مقارنة بقوانين العاملين بالقطاع العام التي سبقت صدوره وخصوصا السلطة المختصة بالانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية حيث ظهر فيه مجلس الادارة والجمعية العمومية للشركة كسلطتين تاديبيتين لم يكن منصوصا عليهما في القوانين السابقة . ولابد من التنويه إلى ان اهم ما استحدثه القانون هو ان عقوبة الفصل من الخدمة لم يعد فرضها من اختصاص رئيس مجلس الادارة وانما من اختصاص جهة جماعية ادارية (مجلس الادارة) او (قضائية) وفي ذلك ضمانات افضل ، اما رئيس الجمعية العمومية فانه يختص بفرض عقوبات انضباطية لا تنهي العلاقة الوظيفية.(18) وهناك قوانين اخرى حددت سلطة التاديب على نحو يختلف عن قوانين العاملين المدنيين وقوانين العاملين بالقطاع العام فيما يتعلق ببعض الفئات كالقضاة واعضاء هيئات التدريس في الجامعات حيث لا يجوز انهاء العلاقة الوظيفية لعضو هيئة التدريس في الجامعات الا من مجلس تاديبي برئاسة احد نواب رئيس الجامعة وعضوية احد اساتذة كلية الحقوق ومستشارين من مجلس الدولة.(19) ويعد هذا التشكيل من النظام العام لا يجوز الخروج عليه او التفويض فيه والا كان هذا التشكيل باطلا، وتبطل معه كافة اجراءات المحاكمة التي تتم امامه. وهذا ما اكدته المحكمة الادارية العليا في حكمها الصادر في 5/6/1993 في الطعن (3538) حيث ورد فيه (ومن حيث ان القانون قد اناط بمجلس التاديب ولاية تاديب العاملين لما قد يصدر عنهم من اخلال بواجبات وظائفهم، ومن ثم فان الاختصاص بالتاديب بما يتضمن من تشكيل خاص يعتبر من النظام العام لا يجوز الخروج عليه او التفويض فيه، ومن ثم فان مشاركة من لم يقصدهم نص القانون في تشكيل مجلس التاديب يعتبر تدخلا في ولاية التاديب يبطل به تشكيل مجلس التاديب وبالتالي تبطل اجراءات المساءلة التاديبية التي تمت امامه…)(20)
وتجدر الاشارة إلى ان تاديب اعضاء هيئة التدريس في مصر ينظمه قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 والذي ادخلت عليه بعض التعديلات بموجب القانون رقم 18 لسنة 1983 والقانون رقم 142 لسنة 1994.(21) اما القضاة واعضاء النيابة العامة فان عقوباتهم تنحصر في اللوم والعزل ولا يجوز فرض أي منهما الا بواسطة مجلس تاديبي يشكل برئاسة رئيس محكمة النقض وعضوية اقدم ثلاثة من رؤساء محاكم الاستئناف واقدم ثلاثة من مستشاري محكمة النقض.(22) هذا وقد استقر قضاء المحكمة الادارية العليا على عد قرارات هذه المجالس بمثابة احكام تاديبية يسري عليها ما يسري على الاحكام الصادرة من المحاكم التاديبية فقد جاء في حكمها الصادر في 26/1/1993 (في الطعن 1872) ان (قرارات مجالس التاديب التي لا تخضع للتصديق من جهة ادارية اعلى تعتبر بمثابة احكام صادرة من المحاكم التأديبية…).(23) وكذلك حكمها الصادر في 29/12/1990 الذي جاء فيه (جرى قضاء هذه المحكمة انه بالنسبة للقرارات الصادرة من مجالس التاديب التي لا تخضع لتصديق جهات ادارية عليا، فان الطعن في هذه القرارات يتم مباشرة امام المحكمة الادارية العليا، ذلك ان هذه القرارات الصادرة من مجالس التأديب هي اقرب في طبيعتها الى الاحكام التأديبية…)(24). وللمحكمة قرارات اخرى في هذا الشأن.(25) مما تقدم يتضح لنا ان المشرع المصري قد اخذ بالنظام القضائي في تحديد السلطة المختصة بالانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية ففيما عدا بعض الحالات الاستثناية التي وردت في بعض قوانين العاملين بالقطاع العام والتي اشرنا اليها فان سلطة انهاء العلاقة الوظيفية ظلت منوطة بمجالس التأديب والمحاكم التأديبية في جميع قوانين العاملين المدنيين بالدولة دون استثناء والتي تمثل القوانين العامة للتوظيف في مصر خصوصا وان المحاكم التأديبية باتت جزء من القسم القضائي لمجلس الدولة المصري بمقتضى المادة (3) من قانون المجلس المرقم 47 لسنة 1972، هذا بالاضافة إلى ان انهاء العلاقة الوظيفية انضباطيا لبعض فئات الموظفين لا يمكن فرضه بحقهم الا بواسطة مجالس تأديبية لا تختلف قراراتها من حيث القوة عن احكام المحاكم التأديبية.
___________________
1- د. احمد رفعت خفاجي/ رسالة النيابة الادارية في مكافحة الانحراف ومقاومة التسيب/ بحث منشور في مجلة المحاماة/ العدد الخامس والسادس/ السنة السادسة والستون/ مصر/ مايس وحزيران 1986 ص42.
2- المادة (101) من القانون والمادتان (85 و 86) منه المعدلتان بالقانون رقم 73 لسنة 1975.
3- د. عبد الفتاح حسن: السلطة المختصة بالتاديب في التشريع المقارن/ مجلة العلوم الادارية/ العدد الاول/ السنة السابعة 1965ص11.
4- المادة (31) من القانون رقم 117 لسنة 1958.
5- المادة (63) من القانون رقم 64 لسنة 1946.
6- المادة (58) من القانون رقم 58 لسنة 971.
7- المادة (3) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
8- المادة (58) من القانون رقم 58 لسنة 1971.
9- الفقرتان (2) و (3) من المادة (82) من القانون رقم 47 لسنة 1978. استحدثت هذه المادة بالقانون رقم (115) لسنة 1983 الذي منح موظفين من غير شاغلي الدرجات العليا سلطة فرض بعض العقوبات الانضباطية البسيطة.
10- الفقرة (4) من المادة (82) من القانون رقم 47 لسنة 1978.
11- الفقرة (1) من المادة (82) من القانون رقم 47 لسنة 1978.
12- د. مصطفى عفيفي ود. بدرية جاسر صالح : السلطة التاديبية بين الفاعلية الضمان/ القاهرة 1982ص171.
13- المصدر نفسه ص172.
14- حكم المحكمة الصادر في 7/1/1978، المصدر نفسه ص172.
15- حكم المحكمة الصادر في 15/1/1972. المصدر نفسه ص172.
16- المصدر نفسه ص179.
17- ورد في حكم المحكمة الادارية العليا الصادر في 19/6/1968 (… ان القانون رقم 32 لسنة 1966 لم يمنح رئيس الجمهورية أي تفويض باصدار قرار جمهوري له قوة القانون… ان المادة 123 من الدستور استلزمت لتحديد الاختصاص القضائي للهيئات القضائية ان يصدر ذلك بقانون وليس بقرارات جمهورية) المصدر نفسه ص178-179.
18- المصدر نفسه ص181-182.
19- د. عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد/ تاديب الموظف العام في مصر/ ط1/ ج2/ دار النهضة العربية 2000 ص388.
20- الحكم منشور لدى د. نعيم عطية وحسن الفكهاني: الموسوعة الادارية الحديثة لمبادئ المحكمة الادارية العليا وفتاوى الجمعية العمومية لمجلس الدولة ابتداء من عام 1985 وحتى عام 1993/ ج1/ طبعة 1995، ص926.
21- د. عبد العظيم عبد السلام عبد الحميد: تاديب الموظف العام في مصر/ ج2/ط1/دار النهضة العربية/ القاهرة 2000/ ص384.
22- د .مصطفى عفيفي ود. بدرية جاسر صالح/ مصدر سابق ص187.
23- الحكم منشور لدى د.نعيم عطية وحسن الفكهاني / مصدر سابق ص917-918.
24- الحكم منشور في المصدر نفسه ص915.
25- من ذلك حكم المحكمة الادارية العليا رقم 1627 الصادر في 16/12/1967 حيث ورد فيه (ان قرارات مجالس التاديب هي في حقيقتها قرارات قضائية اشبه ما تكون بالاحكام، وقد جرى قضاء هذه المحكمة ان يسري عليها ما يسري على الاحكام الصادرة من المحاكم التاديبية…) الحكم منشور لدى د. ضامن حسين العبيدي/ الضمانات التاديبية للموظف العام/ رسالة دكتوراه/ جامعة بغداد 1991 ص316 .
السلطة المختصة بالانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية بعض في الدول العربية :
ففي الكويت كان قانون الوظائف العامة المدنية رقم 7 لسنة 1960 قد قسم سلطة التأديب بين الادارة ومجالس التأديب. فيجوز لوكيل الوزارة فرض عقوبة الانذار والخصم من المرتب لمدة لا تزيد على شهرين في السنة وخمسة عشر يوما في المرة الواحدة وذلك بالنسبة لموظفي الحلقتين الثانية والثالثة. وللوزير سلطة التعقيب على قرارات وكيل الوزارة في هذا الشأن دون ان يكون له ممارسة سلطة التأديب ابتداء، اما العقوبات الاخرى ومنها (العزل من الوظيفة مع حفظ الحق في معاش التقاعد او المكافاة او مع الحرمان منها كلية او جزء منها) وهي الصورة الوحيدة التي تنتهي فيها العلاقة الوظيفية انضباطيا في هذا القانون فانها من اختصاص مجالس التأديب التي تختلف تشكيلاتها باختلاف حلقة الموظف.(1) اما قانون الخدمة المدنية الكويتي رقم 15 لسنة 1979 فقد الغى مجالس تأديب الموظفين (في غير المخالفات المالية)(2) وركز السلطة التأديبية بيد الادارة وحدها، اذ يجوز لوكيل الوزارة فرض العقوبات الانضباطية كافة على شاغلي الوظائف الحرفية والخدمات. كما يجوز له فرض هذه العقوبات على شاغلي الوظائف العامة (عدا عقوبة الفصل) التي يختص الوزير بفرضها اضافة إلى العقوبات الاخرى على سائر الموظفين باستثناء شاغلي الوظائف القيادية فيختص مجلس الخدمة المدنية منعقدا بهيئة مجلس تأديب بسلطة معاقبتهم انضباطيا.(3) ويتالف مجلس الخدمة المدنية بهذه الصفة من رئيس مجلس الوزراء (رئيسا) وعضوية كل من وزراء التخطيط والدولة للشؤون القانونية والادارية والعدل والمالية.(4) ويمكن للمجلس ان يشكل من بين اعضائه لجنة استشارية لدراسة واقتراح العقوبة التأديبية المناسبة على ان يكون له الراي النهائي الملزم في هذا الصدد.(5) اما تأديب القضاة والمستشارين فلا يتم الا من خلال مجلس تأديب خاص هو الجمعية العامة لمحكمة الاستئناف العليا ولها فرض عقوبتي اللوم او العزل(6) وليس لوزير العدل سوى اختصاص معاقبتهم بالتنبيه.(7) وفي الاردن نظم قانون الخدمة المدنية رقم 37 لسنة 1966 سلطة التأديب حيث خول الوزير المختص سلطة فرض العقوبات الانضباطية بغض النظر عن جسامتها على موظفي الدرجات الدنيا . اما شاغلو وظائف الدرجات العليا فان هذه العقوبات يختص بفرضها عليهم رئيس الوزراء دون اخذ رأي أية جهة اذا كانت العقوبة الأنضباطية ضئيلة الجسامة اما اذا كانت العقوبة جسيمة فيلزم رئيس الوزراء قبل فرضها ان ياخذ رأي مجلس التاديب الذي يقوم بفحص العقوبة المزمع فرضها. اما بالنسبة لعقوبتي تنزيل الدرجة والعزل فيلزم لتوقيع أي منهما ان يصدر قرار بذلك من رئيس الدولة.(8) وفي ليبيا لا يمكن فرض أي من العقوبات الجسيمة (بما فيها العقوبات التي تنهي العلاقة الوظيفية) الا من خلال مجالس تأديب مختصة تكون قراراتها نهائية في هذا الصدد فيما تختص الادارة بفرض العقوبات الخفيفة وهي (الانذار وقطع الراتب وتاخير الاقدمية لمدة لا تزيد على 6 اشهر) مقيدة بوجوب اجراء تحقيق رسمي.(9) وبالنسبة للقضاة فان نظام القضاء في المملكة العربية السعودية منع في المادة (4) منه مخاصمتهم الا وفق الشروط والقواعد الخاصة بتأديبهم وافرد النظام فصلا كاملا لتاديب القضاة حيث نصت المادة (73) من نظام القضاء على ان تأديب القضاة يكون من اختصاص مجلس القضاء الاعلى منعقدا بهيئته العامة وبذلك جعل المشرع السعودي اعلى سلطة قضائية في الدولة هي الجهة المختصة بتاديب القضاة وتوقيع العقوبات المقررة قانونا على من يخل منهم بواجباته(10) فيقوم مجلس القضاء الاعلى بهذه الوظيفة بوصفه مجلس تأديب واذا كان القاضي موضوع المساءلة عضوا في مجلس القضاء الاعلى يندب وزير العدل احد قضاة محكمة التمييز ليحل محله ، كما يجب ان يشتمل الحكم الصادر في الدعوى التأديبية الأسباب التي بني عليها وتتلى عند النطق بالحكم في جلسة سرية وتكون احكام المجلس بحق القاضي نهائية غير قابلة للطعن بمقتضى المادة (81) من نظام القضاء وتبلغ الاحكام التي يصدرها المجلس إلى وزارة العدل لاستصدار امر ملكي بتنفيذ عقوبة الاحالة على التقاعد وهي العقوبة التي تنهي العلاقة الوظيفية للقاضي، اما عقوبة اللوم فان قرار تنفيذها يصدر من وزير العدل وذلك على وفق احكام المادة (83) من نظام القضاء السعودي.(11)
______________
1- المواد 119 و 120 و 121 من قانون الوظائف العامة المدنية رقم 7 لسنة 1960.
2- ابقى القانون على اختصاص مجالس التاديب المنصوص عليها في قانون ديوان المحاسبة رقم 30 لسنة 1964 بشان هذه المخالفات. راجع د. ماجد راغب الحلو: القانون الاداري الكويتي وقانون الخدمة المدنية الجديد/ منشورات ذات السلاسل/ الكويت 1980ص270. ود. مصطفى عفيفي ود. بدرية جاسر صالح : السلطة التاديبية بين الفاعلية الضمان/ القاهرة 1982 ص505.
3- المواد (61و 62و 63) من القانون رقم 15 لسنة 1979.
4- د ،مصطفى عفيفي و د.بدرية جاسر صالح/ مصدر سابق ص216.
5- د. عادل طبطبائي/ مذكرات عن احكام الخدمة المدنية في الكويت 1980 ص147.
6- المادة (4) من قانون تنظيم القضاء رقم 19 لسنة 1959 المعدل.
7- المادة (42) من القانون نفسه.
8- د. مصطفى عفيفي و د.بدرية جاسر صالح/ مصدر سابق ص117.
9- المصدر نفسه ص119.
10- دراسة الوفد السعودي إلى اجتماعات الدورة (15) للجنة العربية لحقوق الانسان / 63.
11- حسن عبد الله ال الشيخ: التنظيم القضائي في المملكة العربية السعودية/ ط1/ تهامة للنشر والمكتبات/ جدة 1983ص80-81.
السلطة المختصة بالانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في القانون العراقي :
صدرت في العراق منذ عام 1929 حتى الآن ثلاثة قوانين أنضباطية هي القانون رقم 41 لسنة 1929 والقانون رقم 69 لسنة 1936 والقانون رقم 14 لسنة 1991. وفي نطاق موضوعنا المتعلق بالسلطة المختصة بالانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية فان قانوني 1929 و 1936 عبرا عن مرحلة كان الاصل فيها ان الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية لا تختص به سلطة ادارية وانما لجان انضباطية ومجلس للانضباط العام اصبح بموجب القانون رقم 106 لسنة 1989 هيئة قضائية من هيئات القضاء الاداري واذا ما اختصت سلطة الادارة بهذا الاختصاص فان ذلك يكون على سبيل الاستثناء. اما قانون 1991 فقد عبر عن مرحلة بات الامر فيها معكوسا تماما اذ ليس لغير الادارة بمقتضاه سلطة انهاء العلاقة الوظيفية انضباطيا والاستثناءات التي تخرج عن هذه القاعدة لا نجدها في نصوص هذا القانون وانما في قوانين خاصة غيره تنظم شؤون فئات معينة مستثناة من احكامه كالقضاة واعضاء الادعاء العام حيث لا تختص الادارة بعزلهم. في ضوء هذا التقديم البسيط وجدنا من المناسب تقسيم البحث في هذا الموضوع إلى مطلبين، الاول نتناول فيه السلطة المختصة بالانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية قبل نفاذ قانون 1991 ونسلط في الثاني الضوء على هذه السلطة بعد نفاذ قانون 1991.
المطلب الاول :قبل نفاذ القانون رقم 14 لسنة 1991
… ان قانون الانضباط رقم 41 لسنة 1929 نص على صورة واحدة للانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية وهي (العزل) بوصفها اشد العقوبات التأديبية التي يمكن فرضها على الموظف(1) وان هذه العقوبة لا تمنع من عوقب بها من الاستفادة من قانون التقاعد المدني.(2) اما السلطة التي تختص بفرض العقوبة فهي اللجنة الانضباطية او مجلس الانضباط العام(3) حيث تختص اللجنة بمحاكمة الموظف بناء على احالة من الوزير او رئيس الدائرة المختص او المتصرف فيما يتعلق بلوائه بعد ان يتبين لاي منهم من خلال التحقيق ان الجريمة الانضباطية التي ارتكبها الموظف تستلزم عقوبة أنضباطية اشد مما خولهم القانون سلطة فرضها اما المتصرفون ورؤساء الدوائر فيختص مجلس الانضباط العام بمحاكمتهم بناء على احالة من الوزير المختص بعد ان يتبين له من خلال التحقيق ان الذنب يستلزم عقوبة اشد من الانذار وهي العقوبة التي يملك سلطة فرضها عليهم.(4) وقد طرأ على القانون رقم 41 لسنة 1929 تعديل بالقانون رقم 20 لسنة 1931 اصبح بمقتضاه لمجلس الوزراء بناء على توصية الوزير المختص انهاء العلاقة الوظيفية للموظف الذي يعتقد المجلس ان بقاءه في الوظيفة مضر بالمصلحة العامة بسبب سلوكه الشائن او تمرده او كسله غير القابل للاصلاح او اهماله المتكرر او عدم مقدرته الثابتة على القيام بواجباته.(5) وواضح ان هذه العبارات لا تتضمن توصيفا محددا ودقيقا لكي يشكل أي منها جريمة انضباطية تصلح لفرض عقوبة خطيرة تنهي العلاقة الوظيفية ويكون موضوع تقديرها خاضعا للادارة دون ان يحدد القانون مرجعا للطعن فيها.(6) واضافة إلى سلطة مجلس الوزراء في العقاب يملك كذلك سلطة التعقيب على القرارات الصادرة من مجلس الانضباط العام بعزل احد رؤساء الدوائر او المتصرفين فان صادق عليه يستصدر الوزير المختص ارادة ملكية بالعزل اما في حالة عدم مصادقة مجلس الوزراء على قرار العزل فيعيد الاوراق إلى مجلس الانضباط العام لينظر فيها ثانية وما يقرره مجلس الانضباط العام يكون نهائيا.(7)
وبصدور قانون انضباط موظفي الدولة رقم 69 لسنة 1936 لم يطرأ تغيير على السلطة المختصة بالانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية سوى ان هذه السلطة اضيف اليها اختصاص المعاقبة بالفصل من الوظيفة اضافة إلى عقوبة العزل التي كان منصوصا عليها في القانون السابق،(8) اذ لا يجوز فرض عقوبة الفصل او العزل الا من لجنة الانضباط او مجلس الانضباط العام(9) واصبح بمقتضى المرسوم رقم (7) لسنة 1939(10) لمجلس الوزراء فصل الموظف بناء على اقتراح الوزير للاسباب نفسها التي تضمنها القانون رقم 41 لسنة 1929 بعد تعديله بالقانون رقم 20 لسنة 1931 كما اسلفنا . وقد اصبح لمجلس الوزراء ان يعيد النظر في أي قرار صدر منه بفصل الموظف ويقرر اعادته إلى الوظيفة اذا اقتنع بوجود اسباب تدعو إلى ذلك بمقتضى القانون رقم 80 لسنة 1966.(11) ثم منحت هذه السلطة إلى امين السر العام لمجلس قيادة الثورة (المنحل) بموجب قرار المجلس رقم 1055 في 8/8/1981(12)، ثم اخذ المشرع يوسع من سلطة الادارة في هذا المجال حيث خول رئيس ديوان رئاسة الجمهورية (المنحل) صلاحية فرض العقوبات الانضباطية والتاديبية (بما فيها عقوبة الفصل من الخدمة ) وذلك بموجب قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم 1316 في 1/12/1983.(13) وفي تقديرنا المتواضع ان عبارة (بما فيها عقوبة الفصل من الخدمة) لا مبرر لها ذلك لان مفهوم العقوبات التاديبية في ظل قانون الانضباط رقم 36 لسنة 1936 الذي كان نافذا وقت صدور القرار يغني عن ذكرها لانه ينصرف إلى عقوبتي الفصل والعزل من الخدمة بحكم القانون.(14)
وتجدر الاشارة إلى ان مجلس الوزراء كان يمارس سلطة الفصل من الخدمة طبقا لصلاحيته الممنوحة له في قوانين التطهير الحكومي التي كان اولها القانون رقم (2) لسنة 1958 واخرها القانون رقم 106 لسنة 1967.(15) وعند الغاء مجلس الوزراء بموجب قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم 764 في 24/12/1969 انتقلت جميع سلطاته إلى رئيس الجمهورية.(16) ويمكن للجنة الانضباطية ان تمارس سلطتها في الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية بالفصل او العزل(17) بعد ما يحيل اليها الوزير او رئيس الدائرة احد الموظفين التابعين له ممن ارتكب جريمة انضباطية تبين من خلال التحقيق انها تستدعي عقوبة اشد مما لاي منهما فرضها.(18) اما مجلس الانضباط العام فانه يحاكم رؤساء الدوائر على النحو الذي سبق بيانه في قانون 1929 ومن بين سلطات المجلس في هذا الشان فرض أية عقوبة انضباطية او تأديبية باكثرية الاراء او بالاتفاق(19) وقرار المجلس في الفصل او العزل يعرض على مجلس الوزراء مباشرة الذي له تصديق القرار او تعديل العقوبة باخف منها.(20) اما اذا لم يقرر مجلس الانضباط أية عقوبة تاديبية (كأن يقرر البراءة او يفرض عقوبة انضباطية اخرى غير الفصل او العزل) فلمجلس الوزراء بناء على طلب الوزير المختص ان يطلب من مجلس الانضباط العام اعادة النظر بقراره فان اصر على قراره فلمجلس الوزراء فرض أي عقوبة انضباطية عدا العزل وبذلك يمكن لمجلس الوزراء فصل الموظف من الخدمة حتى لو قرر مجلس الانضباط العام له عقوبة اخرى (غير انقاص الراتب او تنزيل الدرجة).(21)
يتضح مما تقدم ان القاعدة العامة في القانونين رقم 41 لسنة 1929 ورقم 69 لسنة 1936 هي ان فصل الموظف او عزله غير جائز الا من لجنة الانضباط او مجلس الانضباط العام. وبذلك يرى كثيرون ان القانون احاط الموظف بضمانة عدم القابلية للعزل الاداري فهو لا يعزل الا من خلال المحاكمة التاديبية في الاحوال التي بينها القانون وفي ذلك بث للطمأنينة في نفس الموظف وضمانة استقلاله وعدم تعريضه لعواصف الشهوات السياسية.(22) الا ان توسيع سلطة الادارة في فصل الموظف وعلى النحو الذي سبق بيانه ولاسباب اعطى لها القانون توصيفا عاما مثل (… ان بقاءه مضر بالمصلحة العامة…)و (..سلوكه الشائن او تمرده او كسله غير القابل للاصلاح..) فانها من الاطلاق والتعميم ما يخشى ان يفسده بالتطبيق تقدير متعسف وبذلك يخلع هذا التوصيف على بعض الحالات التي لا تستوجب الفصل نتيجة غلو في التقدير كان يمكن ان يحول دونه محاكمة الموظف امام هيئة تاديبية.(23) وكان ممكناً ان تتبدد هذه الخشية لو ان قرارات الادارة في هذا الشان خضعت لرقابة قضائية صارمة الا ان الملفت للنظر ان قانون انضباط موظفي الدولة رقم 69 لسنة 1936 جعل من سلطة ادارية متمثلة بمجلس الوزراء تمارس عملا رقابيا على مجلس الانضباط العام في تعديل العقوبات التاديبية التي يتخذها الاخير بحق رؤساء الدوائر إلى اية عقوبة اخرى عدا العزل. وبقي الامر كذلك حتى بعد صدور القانون رقم 106 لسنة 1989 الذي اصبح بموجبه مجلس الانضباط العام هيئة قضائية تمارس القضاء الاداري في العراق ولحين صدور قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 الذي الغى لجان الانضباط والغى اختصاص مجلس الانضباط العام في محاكمة روساء الدوائر وحصر سلطة فرض جميع العقوبات بالادارة واخضع قسما منها بما في ذلك قرارات فرض عقوبة الفصـل او العزل للطعن فيها امام مجلس الانضباط العام في حين جعل بعضها الاخر باتاً.
المطلب الثاني : بعد نفاذ القانون رقم 14 لسنة 1991
اذا كان الاصل في قانوني الانضباط رقم 41 لسنة 1929 ورقم 69 لسنة 1936 هو اناطة سلطة التاديب بلجان الانضباط ومجلس الانضباط العام كما اسلفنا فان قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 لم يكتف بقلب هذه القاعدة وانما حصر سلطة التاديب بالادارة دون ان يرد عليها في نصوصه أي استثناء اللهم الا استثناء موظفي بعض الجهات من احكامه المنصوص عليه في المادة (2/ثانيا) منه والذين تخلو قوانينهم في الغالب حتى من بعض الضمانات المنصوص عليها في هذا القانون.
والسلطة المختصة بالتاديب في هذا القانون تتمثل في آلاتي:
1. الرئاسة(24) ومجلس الوزراء ولكل منهما فرض أي من العقوبات المنصوص عليها في القانون مهما كانت جسامتها ومهما كان مستوى الموظف موضوع المعاقبة وقراراتهما في هذا الشان باتة.(25) وبذلك لم يكتف المشرع بمنح الادارة سلطة فصل الموظف او عزله فحسب بل حصن قراراتها في هذا الشان بان جعلها باتة مجردا الموظف من أي ضمانة جدية في مواجهة اخطر قرار اداري يمس علاقته الوظيفية.
2. الوزير المختص وله سلطة فرض أي من العقوبات الوارد ذكرها في القانون بما في ذلك عقوبتا (الفصل والعزل)(26) باستثناء الحالة التي يكون فيها الموظف موضوع المعاقبة مديرا عاما فاعلى حينئذ ليس للوزير سلطة معاقبته بغير لفت النظر او الانذار او قطع الراتب حيث يكون قراره بفرض أي من هذه العقوبات باتا.(27) اما اذا ظهر للوزير من خلال التحقيق ان الفعل المرتكب يستحق عقوبة اشد مما خول بفرضها ، يعرض الامر على مجلس الوزراء مقترحا العقوبة التي يراها مناسبة ويكون قرار مجلس الوزراء عندئذ باتا.(28) وقد قيد المشرع سلطة الوزير بوجوب اجراء تحقيق من لجنة تحقيقية تتألف من رئيس وعضوين من ذوي الخبرة على ان يكون احدهم حاصلا على شهادة جامعية اولية في القانون(29) باستثناء الحالات التي يفرض فيها الوزير عقوبات (لفت النظر والانذار وقطع الراتب) على موظف لم يكن مديرا عاما فما فوق حيث يمكنه الاكتفاء بمجرد استجواب الموظف.(30) ويكون قرار فرض أي من هذه العقوبات باتا.
3. رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة وله ما للوزير في حدود موظفي دائرته.(31) ان سلطات الوزير ورئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة واسعة لجهة جواز فرض أي من العقوبات المنصوص عليها في القانون مهما كانت جسامة الجريمة الانضباطية وعقوبتها ويدخل في ذلك عقوبة انهاء العلاقة الوظيفية بالفصل او العزل ولا يمنع هذه السلطة الا اعتبار واحد هو عندما يكون الموظف مديرا عاما فما فوق وهو الاعتبار ذاته الذي يقيد سلطة الوزير في فرض عقوبات (لفت النظر والانذار وقطع الراتب) دون تشكيل لجنة تحقيقية. وما يزيد من قوة سلطة الوزير ان القانون اضفى على هذه العقوبات الثلاث عندما تصدر منه وفقا لما تقدم صفة البتات. وما يهمنا في هذا الموضوع ان للوزير او رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة سلطة انهاء العلاقة الوظيفية انضباطيا شرط ان يسبقه تحقيق على نحو ما ذكرنا ويكون قرار الوزير خاضعا للطعن فيه امام مجلس الانضباط العام … .
4. رئيس الدائرة وهو وكيل الوزارة والمحافظ والمدير العام واي موظف اخر يخوله الوزير صلاحية فرض العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون(32) وهؤلاء لا تدخل في اختصاصاتهم سلطة انهاء العلاقة الوظيفية لان صلاحياتهم محددة بفرض عقوبات معينة في القانون وهي (لفت النظر والانذار وقطع الراتب والتوبيخ)(33) وان قرار أي منهم بفرض أي من هذه العقوبات (عدا التوبيخ) يكون باتا وانهم مقيدون بوجوب اجراء التحقيق الذي اشترطه القانون.(34)
يتضح مما تقدم ان:
السلطة المختصة بالانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في ظل هذا القانون تتمثل في الرئاسة (قبل حلها) ومجلس الوزراء مهما كان مستوى الموظف موضوع العقـاب والوزير ورئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة للموظف دون المدير العام.
ان قرار الرئاسة او مجلس الوزراء في انهاء العلاقة الوظيفية باتا اذ لا يجوز الطعن فيه امام مجلس الانضباط العام(35) في حين يجوز ذلك بالنسبة للقرار الصادر بالفصل او العزل من الوزير او رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة.
ان سلطة الوزير او رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة في الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية مقيدة بوجوب اجراء تحقيق على نحو معين قبل صدور قراره بالفصل او العزل. لذا فان عدم اجراء التحقيق على النحو الذي حدده القانون يجعل قرار الوزير او رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة باطلا.(36)
ان سلطة الانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية محصورة بالجهات التي مر ذكرها في الفقرة (1) وبذلك لا يجوز لاي من هذه الجهات تخويل غيرها صلاحية فرضها لان التخويل غير جائز ما لم يرد نص في القانون يبيحه. وهذا ما قضى به مجلس الانضباط العام في قراره المرقم 247/96 الصادر في 8/5/1996 حيث ورد فيه (… وعلى الرغم من ان عقوبة العزل يختص باصدارها الوزير وتكون من سلطاته واختصاصاته الشخصية التي لا يجوز تخويلها لغيره من موظفي وزارته ولا ان يخول غيره بالتوقيع عليها لان الفرع تابع للاصل في الحكم فان هذه العقوبة صدرت بتوقيع رئيس الجامعة وهو غير مختص به…)(37) وفي قرار آخر للمجلس صدر بالرقم 11/96 في 21/2/1996 ورد (.. ان عقوبة العزل لا يجوز ايقاعها الا بقرار من الوزير المختص…)(38). ان منح هذه السلطات الواسعة للادارة في مجال التأديب في قانون 1991 يدل دون ادنى شك على ان المشرع اخذ فيه (بالنظام الرئاسي) ولا يقلل من ذلك الزام المشرع لسلطة الادارة بان يكون قرارها مبنيا على تحقيق تجريه لجنة تشكل لهذا الغرض لان هذا الالزام وان كان يشكل ضمانة لا باس بها للموظف ولكنه لا يغير من الامر شيئا اذا ما علمنا ان ما توصي به اللجنة غير ملزم للادارة لا بل انها تشكل من قبل الادارة ومن الموظفين التابعين لها الامر الذي يجعل للادارة سلطانا على هذه اللجنة يمكن ان يوجه تحقيقها على النحو الذي تريده. ورغم ان هناك جانبا كبيرا من الفقه يدعو إلى توسيع سلطة الادارة في مجال التأديب لاعتبارات تتعلق بتعزيز فاعليتها في ادارة المرافق العامة(39). الا ان هذا التوسيع لا ينبغي ان يكون في منأى عن رقابة القضاء باي شكل كان لان ذلك يفتح الباب على مصراعيه لتعسف الادارة وتسلطها بل وفسادها لان الموظف سوف لن يكون امامه خيار سوى الانصيـاع لا وامر الادارة بغض النظر عن مشروعيتها طالما انها تملك سلاح معاقبته متى شاءت دون ضمانات جدية. وقبل ان نختم البحث في هذا (الموضوع) لابد من الاشارة إلى ان هناك فئات اخرى لها قوانينها الخاصة التي تنظم شؤون تأديبها غير خاضعة لاحكام هذا القانون الا بالقدر الذي تسمح به قوانينها.(40)
وحيث ان نطاق البحث لا يسمح بالخوض في تفاصيل الوضع التأديبي لكل فئة من هذه الفئات الا ان ما نود الاشارة اليه هو ان هناك من بين هذه الفئات من الموظفين من لا تختص الادارة بانهاء علاقتهم الوظيفية وان هذه السلطة منوطة بمجالس او لجان انضباطية كما هو عليه الحال بالنسبة للقضاة واعضاء الادعاء العام. فعضو الادعاء العام يحاكم من لجنة شؤون الادعاء العام ولها ان تعاقبه بالانذار او تاخير الترفيع او العلاوة او كليهما او بانهاء خدمته للاسباب الواردة في القانون(41) كما يجوز لمجلس العدل انهاء خدمة نائب المدعي العام من الصنف الرابع بناء على قرار مسبب بعدم اهليته للاستمرار بالخدمة.(42) ولا يعاد عضو الادعاء العام الذي تنهى خدمته وفق قانون الادعاء العام إلى وظيفته دون ان يمنع ذلك من احالته إلى وظيفة مدنية.(43) وقد اصدرت سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق امرها المرقم 35 في 27/9/2003 حول اعادة تشكيل مجلس القضاة(44) حيث حل مجلس القضاة فيه محل مجلس العدل المشكل بموجب قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 وابقى على مجلس العدل لكنه منعه من ممارسة اختصاصاته على أي مدع عام او قاض.(45) ومنح الامر مجلس القضاة سلطة تعيين لجنة التاديب التي تتكون من ثلاثة من اعضاء المجلس على الاقل وتقوم بالتحقيق في دعاوى سوء السلوك والعجز المهني الواردة بحق اعضاء سلك القضاء والنيابة العامة وتتخذ القرارات المناسبة بخصوص البت فيها وتشمل على سبيل المثال لا الحصر تنحية القضاة او وكلاء النيابة عن مناصبهم.(46) ويجوز لمن صدر قرار التنحية بحقه الطعن فيه امام مجلس القضاة خلال ثلاثين يوما من صدور قرار اللجنة ويكون قرار المجلس بخصوص الطعن نهائيا لا يجوز الطعن فيه او استئنافه.(47).وهكذا يكون العراق قد اخذ بالنظام القضائي في تحديد سلطة التاديب بالنسبة لبعض فئات الموظفين كالقضاة واعضاء الادعاء العام اذ لا يجوز تاديبهم بما في ذلك انهاء علاقتهم الوظيفية الا من خلال مجلس تاديب وهوما معمول به في فرنسا بالنسبة للقضاة ورجال التعليم….. .
__________________
1- المادة الرابعة من القانون رقم 41 لسنة 1929.
2- التعديل الصادر بالقانون رقم 20 لسنة 1930/ الوقائع العراقية/ العدد 965 في 4/4/1931.
3- المادة العاشرة من القانون رقم 41 لسنة 1929.
4- د. محمد زهير جرانة: عزل الموظف في النظام الاداري العراقي/ مجلة القضاء/ العددان الاول والثاني/ السنة الثالثة/ مايس 1936ص120.
5- منشور في الوقائع العراقية/ العدد 965 في 4/4/1931.
6- سنبين في الفصل الثالث من هذا الباب امكانية الطعن فيها وفقا لاحكام قانون الخدمة المدنية.
7- د. محمد زهير جرانة/ عزل الموظف في النظام الاداري العراقي/ مصدر سابق ص123.
8- المادة السادسة من القانون رقم 69 لسنة 1936.
9- المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 69 لسنة 1936.
10- منشور في الوقائع العراقية/ العدد 1690 في 30/3/1939.
11- منشور في الوقائع العراقية/ العدد 1316 في 19/9/1966.
12- منشور في الوقائع العراقية/ العدد 2846 في 24/8/1981.
13- منشور في الوقائع العراقية/ العدد 2971 في 12/12/1983.
14- المادة السادسة من القانون رقم 69 لسنة 1936.
15- مشار اليها لدى شفيق عبد المجيد الحديثي: النظام الانضباطي لموظفي الدولة في العراق/ رسالة ماجستير/ جامعة بغداد 1973ص238-239.
16- منشور في المجلد الاول من مجموعة قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) من 1968-1978 ص71.
17- المادة الرابعة والعشرون من القانون رقم 69 لسنة 1939.
18- المادة التاسعة عشرة من القانون رقم 69 لسنة 1936.
19- المادة الرابعة والعشرون من القانون رقم 69 لسنة 1936.
20- الفقرة (أ) من المادة الخامسة والثلاثين من القانون رقم 69 لسنة 1936.
21- الفقرة (ب) من المادة الخامسة والثلاثين من القانون رقم 69 لسنة 1936.
22- د. محمود سعد الدين الشريف/ اصول القانون الاداري/ ج1/مطبعة المعارف/ بغداد 1956 ص352 ود.محمد زهير جرانة/ عزل الموظف في النظام الاداري العراقي/ مصدر سابق ص128 ود. مصطفى كامل/ مصدر سابق ص314.
23- د. محمود سعد الدين الشريف: اصول القانون الاداري/ ج1/ مطبعة المعارف /بغداد 1956ص352.
24- اصبحت (الرئاسة) من الكيانات المنحلة بموجب قرارات سلطة الائتلاف التي اشرنا اليها.
25- المادة (14) من القانون.
26- المادة (11/اولا) من القانون.
27- المادة (12/اولا) من القانون.
28- المادة (12/ثانيا) من القانون.
29-المادة (10/اولا وثانيا) من القانون.
30- المادة (10/ثانيا) والمادة (12/اولا) من القانون.
31-المادة (1/اولا) من القانون.
32- المادة (1/ثانيا) من القانون.
33- المادة (11/ثانيا) من القانون.
34- المادة (11/رابعا) من القانون.
35- رد مجلس الانضباط العام بقراره المرقم 78/2000 في 13/3/2000 طعنا بقرار فصل موظف لصدوره من الرئاسة حيث ورد فيه (… ان المتظلم كان قد تظلم من قرار فصله من الوظيفة لمدة … وعند الوقوف عليه وجد ان القرار صادر عن ديوان الرئاسة حسب الصلاحية القانونية الواردة في المادة 14 من القانون. وحيث ان القرار الصادر بهذا الشكل من الرئاسة او مجلس الوزراء على الموظفين تكون العقوبة المفروضة من أي منهما باتة، لذا فان مجلس الانضباط العام لا يجد امامه سبيلا للتدخل… فقرر رد الاعتراض من هذه الناحية) منشور لدى علي محمد جودت اليعقوبي: قضاء الموظفين المدنيين في العراق/ رسالة ماجستير / جامعة بغداد 2001ص35.
36- الغى مجلس الانضباط العام بقراره المرقم 314/99 في 9/12/1999 قرارا بعزل موظف لان اللجنة التحقيقية مكونة من (4) اشخاص وليس (3) كما هو محدد قانونا. مشار اليه لدى علي جودت ايعقوبي/ مصدر سابق ص78.
37- المصدر نفسه ص75.
38- المصدر نفسه ص84.
39- د. عبد الحميد متولي/ الموظفون العموميون/ مطبعة الجزيرة/ بغداد 1937 ص77.
40- المادة (2/ثانيا) من قانون الانضباط رقم 14 لسنة 1991.
41- المادة (62/ثانيا/ج) من قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979.
42- المادة (63/اولا) من قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 المنشور في الوقائع العراقية العدد 2746 في 17/12/979..
43- المادة (63/ثانيا) من قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 .
44- الامر منشور في نسخة غير رسمية من اوامر ومذكرات وملاحظات عامة لسطة الائتلاف المؤقتة صادرة في تشرين الثاني 2003 ص96-99. كما نشر في عدد جريدة الصباح اليومية الصادر في 28/9/2003.
45- الفقرة (2) من القسم السادس (استقلالية المجلس) من الامر.
46- الفقرة (1) من القسم الخامس (لجنة التاديب والمعايير المهنية) من الامر.
47- الفقرة (2) من القسم الخامس (لجنة التاديب والمعايير المهنية) من الامر.
السلطة المختصة بالانهاء الانضباطي للعلاقة الوظيفية في دول غير عربية :
ففي انكلترا وحيث ان نظام التاديب فيها نظام رئاسي، تختص السلطة الادارية وحدها بتوقيع العقوبات الانضباطية على الموظف العام بصورة مطلقة.(1) ويملك الوزير بمقتضى سلطته في توزيع الاختصاصات داخل وزارته ان يفوض توقيع العقوبة الانضباطية إلى غيره من الرؤساء الاداريين التابعين له.(2) ولكن الجرائم الانضباطية الجسيمة يرفع امرها إلى وكيل الوزارة الدائم للبت فيه، كما ان قرار فرض العقوبة الصادر من أي سلطة ادارية يجوز التعقيب عليه من السلطة التي تعلوها وصولا إلى الوزير المختص الذي يكون له القول الفصل في ذلك.(3) ان اساس السلطة في انكلترا هو التاج الذي يمثل اجمالي سلطات الحكومة المركزية اما سلطة التاديب فيعد الوزير المختص فيها بمثابة رب العمل بالنسبة للعاملين في وزارته فيملك تجاههم ما يملكه رب العمل في نطاق القانون الخاص فيما يتعلق بامور كثيرة ومنها التاديب كما ان عدم حصر الجرائم والعقوبات في انكلترا جعل السلطة التاديبية تترخص في تكييف الافعال التي تعد جرائم وتستقل باختيار التقدير المناسب.(4) اما في تركيا فقد وردت احكام النظام التاديبي للموظفين في صلب الدستور عندما نص على عدم اسناد امر النظر في الدعاوى التاديبية إلى المحاكم الجنائية ووجوب انشاء هيئات خاصة بداخل الادارات كافة لابد من استشارتها رسميا قبل توقيع اية عقوبة تاديبية باستثناء عقوبتي الانذار و اللوم اللتين يجوز للرئيس المباشر فرضهما. اما عقوبة العزل فلا يمكن فرضها الا بعد الحصول على موافقة مجلس التاديب المختص.(5) وفي المانيا الاتحادية يختلف النظام التاديبي عن معظم البلدان الاوربية الاخرى اذ يخضع الموظف بموجبه لاصول قضائية تتناول ملاحقته والتحقيق معه والحكم عليه عن المخالفات المسلكية التي يرتكبها. فالى جانب الرئيس التسلسلي للموظف يختص المدعي العام الفيدرالي في وزارة الداخلية بطلب الملاحقة. اما التحقيق فيتولاه موظف محقق واما السلطة المختصة بالحكم على الموظف بالدرجة الاولى فهي هيئة تاديبية يرأسها قاض مع موظفين، فيما تختص المحكمة التاديبية الفيدرالية التي تنعقد في برلين بالحكم في القضية بوصفها محكمة استئنافية.(6)
____________
1- د. حمدي امين عبد الهادي/ نظرية الكفاية في الوظيفة العامة/ رسالة دكتوراه/ ط1/ دار الفكر العربي 1966 ص704.
2- William A. Robson “The civil service in britain and france”، The Hogarth press، London، 1956، p.127.
3- W.J.M. Mackenzie and J.W. Grove “Central administration in Britain”، Longmans Green and Co. London. New York، Toronto، 1957 p.149.
4- د. علي جمعة محارب: التاديب الاداري في الوظيفة العامة، دراسة مقارنة/ رسالة دكتوراه/ جامعة عين شمس 1986 877 و 878.
5- د. مصطفى عفيفي ود. بدرية جاسر صالح : السلطة التاديبية بين الفاعلية الضمان/ القاهرة 1982ص119.
6- حسن الحلبي: الخدمة المدنية في العالم/ منشورات عويدات/ بيروت-باريس 1983ص55-56.
المؤلف : مهدي حمدي الزهيري
الكتاب أو المصدر : اثرالجريمة التي يرتكبها الموظف العام انهاء علاقتة الوظيفية