دراسات قانونية
دراسة فقهية حول الدعوى القضائية
بحث فقهي في الدعوى
بحث كتاب الدعاوى
الواجب (على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين)غالباً احترازاً ممن يدعى حسبه فيما تصح فيه الحسبة فإنه لا يجب عليه بينة كاملة بل يكون هو أحد الشهود.
“فصل”
في بيان شروط المدعي وحقيقته والمدعى عليه والمدعى فيه وما يتعلق بذلك من وجوب إحضار المدعى فيه للبينة عليه إن أمكن وشروط صحة الدعوى والحكم الناجز والمشروط:
أما شروط المدعي فهي التكليف، والاختيار، وصحة تمليكه لما يدعيه، وأن يكون لنفسه أو بالوكالة أو بالولاية وكذا المدعى عليه.
واما حقيقة “المدعي” (فهو من معه أخفى الأمرين(1)) وهو من يدعى خلاف الظاهر أو إسقاط حق ثابت عليه في الظاهر كأن يدعى ايسار قريبة المعسر لإسقاط النفقة عنه.
فجَنبَنه بفتح الجيم وسكون النون وفتح الباء أي ناحية أضعف الجنبنين فيكف أقوة الحجتين وهي البينة هكذا ذكره أبو طالب وهو المقرر للمذهب.
(وقيل) بل المدعي(من يخلى وسكوته) أي إذا ترك لم يطالب قال الفقيه يوسف وهذا كقول أبي طالب في المعنى (كمدعى تأجيل دين او إفساد عقد) فإذا ادعى المشترى تأجيلاً في الثمن فعلى قول أبي طالب هو المدعي لأنه معه خلاف الظاهر وهو المقرر للمذهب وعلى كلام القيل ليس بمدع لانه لو سكت عن التأجيل لم يترك وسكوته بل يطالب وكذا إذا ادعى فساد العقد فعلى قول أبي طالب هو مدع وعلى القيل ليس بمدع لأنه لا يخلى وسكوته بل إذا سكت عن الفساد طولب بالثمن ولذلك نظائر كثيرة والمختار أنه مدع في ـــ على القولين معا لانه لو سكت عن دعوى الفساد والتأجيل خلى وسكوته في نفس التأجيل وعدمه والفساد وعدمه وأما المطالبة بالثمن والمبيع فهما متصادفان على ثبوتهما فليست لدعوى فيهما (والمدعي عليه) وهو من معه أظهر الأمرين على قول أبي طالب ومن لا يخلى وسكوته على القول الثاني.
(والمدعى فيه) وهو الحق فهو ظاهر وقد يكون حقاً لله تعالى أما (محضا) كحد الزنا والشرب وللرضاع المجمع عليه وهو خمس صفات من الحولين(ومشوباً) كحد القذف والوقف والسرقة والطلاق البائن والرضاع المختلف فيه وقد يكون (آدمي) محضاً وهو إما (إسقاط) كالإبراء أو توفير الحق أي تسليمه على صاحبه لتسقط عنه المطالبة(او إثبات) وهو على ضربين أما إثبات لعين قائمة كدار معينة او موصوفة أو عبد أو بهيمة بافيين أو إثبات لشيء(في الذمة) والذي في الذمة على ضربين أما أن يثبت في الذمة(حقيقة) وذلك كالدين الذي قد ثبت أو يثبت في الذمة(حكما) وهو كما يثبت فيها بشرط كدعوى لديه على العاقلة حيث الجناية خطأ قبل الحكم عليها إذ هي ثابتة على الجاني بدليل أنه لو أبرئ برئت العاقلة، وكجناية عبد على مال أو بدن حيث الجناية خطأ أو بعد العفو في العمد أن اختار سيده الغداء.
وللمدعي أن يدعى من شاء من القائل أو العاقلة أو العبد أو سيده أو كقيمة مثلي أن عدم جنسة في البريد وكما يدعيه على كفيل الوجه أن عجز عن إحضار النفس فيصح أن يدعى على الجاني خطأ والدين لا يبتقي ذمته إلا مع عدم العاقلة أو يدعى على السيد جناية العبد وهي لا تثبت في ذمته إلا مع عدم العاقلة أو يدعى على السيد جناية العبد وهي لا تثبت في ذمة السيد إلا أن يختار الغداء وتصح الدعوى على العبد حالا أو يدعى قيمة المثلي على متلفة وهي لا تثبت في ذمته إلا بشرط عدم جنسه أو يدعى المال على كفيل الوجه وهو لا يثبت في ذمته إلا إذا تعذر إحضار الوجه (مسئلة) ولا تصح الدعوى على الوارث إلا بعد صحة موت مؤرثة وأن له تركه وصلت إلى يد المدعى عليه فإن أنكر المورد فيمينه على العلم وإن أنكر المخلف فيمينه أن ما وصل إليه من مال مورثه ما يفى بالدين أو بعضه وحيث لا تركه لا يلزم الوارث قضاء دين مورثه.
و اما شروط صحة الدعوى والحكم والشهادة فاعلم أن(شروطها) في دعوى الأعيان دون غيرها من الديون ونحوها من الجنايات- أربعة: (الأول: لصحة الحكم الناجز بالتسليم وأما الدعوى فتصح وهو (ثبوت يد المدعى عليه على الحق حقيقة أو حكما) فالحقيقة كالدار وهو فيها والثوب وهو في يده نحوهما…. والحكم جريها عليه في حال وقت الدعوى كأن يدعى عليه في الدار وهو خارج عنها حال الدعوى أو يدعى عليه في الثوب أو نحوه وهو في دار المدعى عليه لم يكن في يد المدعى عليه حال الدعوى ونحو ذلك.
ولا يكفى في ثبوت يد المدعى عليه إقراره أي إقرار المدعى عليه أن الشيء في يده لجواز أن يتواطأ هو والمدعى على ملك الغير فيقر له بل لابد من بينه من أحدهما أنه في يده أو علم الحاكم بذلك أو يكون الحكم مشروطا بصحة كون الحق في يده إلا أن يقر بجريها عليه بعارية أو نحوها نحو أن يقر أنه غصبه او استرهنه فإذا أقر أن يده قد جرت عليه فإنها تصح الدعوى عليه حينئذ ويطالب بالقيمة فإن لم تثبت اليد بأي هذه الوجوه لم تصح الدعوى ولو أقام البينة بأنه له (وحاصل الكلام في المسألة) أن المدعى للشيء إما أن يذكر سببه أو لا فإن ذكر سببه بأن يقول غصبه على أعرته أو أجرته أو نحو ذلك فإنه يحكم على المدعى عليه بوجوب الرد إذا أقام البينة المدعي أو المدعى عليه او علم الحاكم او حلف المدعي يمين الرد حكم الحاكم حكماً ناجزاً بالرد لا بالملك إلا مع البينة أنه اشتراه منه وهو يملكه فيحكم له بالملك وأن لم يذكر سببه بل ثبت أنه في يده بإقراره أو بنكو له أو برده اليمين وحلف المردود حكم الحاكم حكما مشروطاً بان يكون الشيء في يد المدعى عليه وجب رده فيبطل الحكم إن انكشف أن الشيء ليس في يده وإن لم يثبت كون الشيء في يد المدعى عليه بوجه لم يحكم للمدعي إلا ناجزاً أو لا مشروطاً.
والشرط الثاني: خاص في صحة الدعوى وهو (تعيين أعواض العقود) عبارة الأثمار أولى وهي (وتعيين المدعي فيه) والمراد في عبارة الأزهار الأعواض اللازمة بالعقود من بيع ومهر وأجره وموهوب وثمن قيمي فيعينها بما تعين للعقد عليها من حد او لقب أو وصف مميز لها عن الالتباس بغيرها وهذا الشرط معتبر في كل مدعى فيه فلابد أن يتميز المدعى فيه عن غيره سواء كان عن عقد أو غيره نحو ان يدعى المبيع نفسه أو أجره او مهراً فإنها لا تصح دعواه في شيء من تلك الأعواض حتى يعينها (بمثل ما عينها للعقد) يعني إذا كان المدعي فيه لزم بعقد عين بما عين فيما يتميز به من إشارة أو وصف وإنما لم تصح الدعوى بالمجهول لأنها لو صحت لصحت الشهادة ولو صحت الشهادة بالمجهول لصح الحكم مع الجهالة وذلك لا يكون به قطع الشجار المطلوب من المحاكمة(وكذا الغصب والهبة) نحو أن يدعى شيئاً غصب عليه أو وهب له كالعارية والرهن فلابد أن يعينه كذلك وإلا لم تصح دعواه.
(مسألة) ومن شروط صحة الدعوى صحة تملك المدعي للمدعى فيه حال الدعوى فلا يصح من مسلم أو يدعى ذمياً خمراً ولا من المحرم صيداً.
(مسألة) وتصح دعوى القتل إجمالاً ولو لم يفصل بقوله عمداً نحو أن يدعى رجل على رجل أنه قتل أباه وأطلق صح دعواه ولا يثبت القود إلا بان يشهدوا أنه قتل عمداً.
ويكفى في تعيين (النقد المتفق) أو المختلف والتعامل به على سواء ونحوه من المثليات وإطلاق الاسم مع تبيين قدره ما لم يضفه إلى إقرار أو نذر أو وصية فالمتفق حيث لم يكن في البلد إلا نقد واحد فإنه يكفيه أن يقول دراهم فإن كان النقد في البلد مختلفاً فإن كان فيها ما هو غالب انصرف اليد وإن لم يكن ثمة غالب أو لا نقد في البلد فلابد من تمييزه بالصفة ولا يكفى فيه إطلاق الاسم وكذلك حكم غير النقد من المثليات إذا كان متفقاً في البلد لا يختلف نوعه ولا صفته فإنه يكفى إطلاق الاسم نحو ان يذكر براً أو شعيراً فإن اختلف ولا غالب وجب بيانه، والاختلاف المعتبر في النوع والصفة بما تختلف قيمته وهو ما يزيد على نصف العشر(ويزيد) على الاسم في باقى القيمي الوصف أي يزيد في باقي القيمي الوصف ولا يكفى إطلاق الاسم قال في البحر وإذا كانت الصفة لا تضبطه فلابد من ذكر القيمة وذلك فيما لا يضبطه الوصف من الجواهر النفسية.
ولابد من صحة دعوى تالفة بعين القيمي من ذكر التقويم وهو مخير إن شاء قال ادعى على هذا عشرة دراهم أو أنه اتلف على ثوباً قيمته عشرة دراهم ولا يحتاج مع ذكر التقويم إلى ذكر الجنس بل لو قال اتلف على شيئاً قيمته عشرة دراهم كفي وإن كان الدعوى في الملتبس هل هو باق أم تالف فلابد من مجموعهما أي ذكر الصفة والقيمة ولو أتى بالشرط في الصفة والتقويم فإنه يصح نحو ان يقول ادعى عليه ثوباً صفته كذا إن كان باقياً وقيمته ثمانية إن كان تالفاً وإذا صحت الدعوى وأراد المدعي إقامة البينة أو اليمين المردودة أو المتممة أو المؤكدة وجب على المدعى عليه أن يحضر المدعى فيه للبينة عليه ومؤنه الإحضار والرد عليه إن أمكن إحضاره لتقع الشهادة على متيقن وإلا يمكن كالأراضي ونحوها أو كان منقولاً قد تنوسخ كفت الشهادة على الوصف.
وإذا شهد الشهود على صفته في يد المدعى عليه حبس المدعى عليه حتى يسلمه او تمضي مدة تغلب على ظن الحاكم أنه لو كان باقياً سلمه وبعد ذلك يسلم قيمته يوم الغصب ما لم يكن مبيعاً فيسلم البائع الثمن إلى يد المشتري (لا للتحليف) يعنى لا إذا أراد المدعى تحليف المدعى عليه فإن المدعى فيه لا يجب إحضاره ولو كانت متممة أو مؤكدة أو مردودة.
(وما قبل كلية الجهالة كالنذر) والإقرار والوصية وعرض الخلع أو نحوهما كالمهر والدية وعوض الكتابة كفى دعواه كذلك مجهولاً فيقول أدعى أن فلانا أقد لي أو نذر لي أو أوصى لي بكذا أو نحو ذلك من الأشياء المجهولة فإن ذلك يصح ويحكم ان تعذر التفسير بالأقل أو يقول ادعى عليه بقرة أو شاة عن مهر فإن ذلك يصح ويرجع إلى الوسط من ذلك الجنس.
(والشرط الثالث) لصحة الشهادة والحكم بها (شموله الدعوى للمبين عليه) فلو لم تشمله الدعوى لم يصح مثال الدعوى الشاملة أن يدعى على رجل مائة ويشهد الشهود بخمسين أو ادعى لقتل ويشهد الشهود بالجرح ولابد من تبين الجرامة هل هي موضحة او غير موضحة فإنها تصح الشهادة في الصورتين ويحكم في الصورة الأخيرة بأرش الجرم إلا أن تكمل الشهادة وكذا لو ادعى على رجل ثوباً غير معين إذ لو عينه لم تصح الشهادة على الإقرار ووصفة وشهد الشهود أنه أقر له ثبوت فإنها تصح الشهادة بخلاف الدار لأن الثوب مما يصح ثبوته في الذمة(فرع) وإذا ادعى داراً أو ذكر اسمها وحدودها ثم بين بالإقرار بدار جملة لم يصح لأنه ادعى داراً معينة بخلاف الصورة الأولى فهو ثوب غير معين.
ومثال الدعوى التي لا تشمل أن يدعى خمسين ويشهد الشهود بمائة أو يدعى الجرح ويشهدون بالقتل ونحو ذلك فإنه لا تصح الشهادة.
(والرابع) شرط لصحة الشهادة وهو كون بينه غير مركبة ولصحة الدعوى قوله فيبين مدعى الشراء ونحوه كالهبة والإجارة وسائر العقود أنه يعنى الذي وقع عليه العقد لنفسه ومن مالكه أو من يده يد المالك كالوكيل والولي والوصي فيبين على ذلك بينه واحدة فيقول في دعواه اشتريتها لنفسي وباعها وهو يملكها أو ثابت اليد عليها لأنه لو لم يضف إلى نفسه جاز أن يكون اشتراها لغيره فضولياً أو وكيلاً وقد انعزل فلو لك يقل من مالكها أو ثابت اليد عليها لم تصح لأنا نجوز أن البائع باع ما لا يملكه ولو بين على أحد الطرفين بينه وعلى الأخر بينه نحو أن يشهد شاهدان على الشراء ويشهد أخر ان على أنه كان وقت البيع مالكاً لم تصح هذه الشهادة لأنها مركبة فلا تصح عند أهل المذهب وقال المؤيد بالله وأبو حنفية واختاره الأمام شرف الدين وقواه المفتى أنها تصح الشهادة المركبة وأشار في الشرح واللمع إلى صحتها عند الهدوية وصححه الفقيهان أحمد وعلي قال في شرح الأثمار وبه العمل وعليه الفتوى للضرورة إليه في الأغلب (فرع) ولا يحتاج المدعى للشراء أن يقول وأنا أطالبه بالتسليم لكن لا يأمره الحاكم بالتسليم حتى يطلبه المدعي ما لم يفهم الحاكم أنه ما رافعه إليه إلا ليأمره بالتسليم أمر به.
(مسئلة) ولا يصح دعوى الانظار بالقرض لأنه لا يصح إلا مضاربة وهكذا في كل دين لم يستند إلى عقد كقيم المتلفات وأروش الجنايات ذكره أبو جعفر.
( فصل)
(ومن يثبت عليه دين او عين فادعى فيه حقاً أو إسقاطاً كأجل وإبراء أو كونه لغير المدعي ذاكراً سبب يده لم تقبل إلا بينه) فلو ادعى رجل على رجل مالاً أو عيناً فأقر له بذلك أو ثبت عليه بالبينة لكن ادعى فيه حقاً أو إسقاطاً فالحق نحو ان يدعى عليه ديناً فيقر به مؤجلاً أو داراً فيقر بها للمدعي أو يدعى أنها في يده رهناً أو إجارة…. والإسقاط نحو أن يدعى عليه ديناً فيقر به ويدعي أنه قد أبراه من الحق ان يقر بان ذلك الشيء في يده لكن يذكر انه لغير المدعي ويذكر سبب كونه في يده من ذلك الغير من عارية او رهن أو وديعة أو غصب فإن لم يذكر السبب لم يسمع قوله ولو بين عليه لانها دعوى لغير مدع بخلاف ما إذا ذكر السبب والانتفاع في المستأجر والمستعار والحبس في الرهن لكن لا تقبل قوله في هذا كله إلابينه، فإن ادعاه ذو اليد لنفسه بعد إقراره به للغير فوجهان أصحهما للمذهب أنه يسمع إذ الإقرار غير صحيح ما لم يقبله المقر له.
وقولـه (مطلقاً) أي سواء ثبت الدين بالبينة أو الإقرار وسواء كان الدين عن كفالة أو عن غيرها وحاصل الكلام في المدعى عليه إذا أقر بها ادعى عليه لغير المدعي فإن المقر له لا يخلو إما أن يكون حاضراً أو غائباً فإن كان غائباً عن المجلس فالمقر لا يخلو أما أن يضيف يده إلى سبب أم لا أن لم نصف لم يمنع هذا الإقرار الدعوى ولا تنصرف عنه سواء أقام البينة أم لا لأنها لغير مدع بل تحكيم للمدعي بما ادعاه إذا أقام البينة أو نكل المدعى عليه أو رد اليمين وحلف المدعي المردوده وأما إذا أضاف يده إلى سبب فإن أقام بينه واحده كئلا تكون مركبة أنه لفلان الغائب وعين الغائب باسمه وأنه في يده بحق ذلك السبب قبلت بينته وانصرفت عنه الدعوى يعني أنها لا تجب عليه اليمين إن لم يجد المدعى بينه لا انه لا يصح أن يدعى عليه فإنه يصح أن يقيم المدعي البينة إلى وجهة بالملك بعد ذلك ليعدل المدعي فيه فتكون فائدة الدعوى والبينة التعديل للمدعى فيه إلا ان يدعى انه له لزمته اليمين لانه إذا أقر أو نكل لزمه الاستنداء إن أمكنه وإلا فالقيمة أو المثل فإن لم يعين الغائب باسمه بل قال لرجل غائب وشهد شهود أن رجل اودعه أو اجره لا يعرفونه انصرفت الدعوى عله كذلك وسمعها على حساب الغائب لأنه إذا ذكر المدعى عليه سبب يده وبين فلا فرق بين أن يعين رجلا بعينة أو مجهولاً وهو الذي في الأزهار لانه دخل من قوله: (وكونه لغير المدعي ذاكراً سبب يده) فإن أقام المدعى البينة إلى وجه المدعى عليه أنه له فإن الحاكم ينتزعه من المدعى عليه ويوقفه حتى يحضر الغائب أو يوكل وكيلاً وقدر مده وقف ذلك الشيء بنظر الحاكم وبعد مضى المدة المضروبة من الحاكم يسلم إلى المدعى ومن قدم المقر له فالتفصيل الآتي وإن لم يبين المدعى عليه أن الشيء لفلان الغائب وأنه في يده بحق ذلك السبب لم تنصرف عنه الدعوى وحكم عليه بالتسليم كما تقدم في قوله(بل يحكم للمدعى بما ادعاه) ثم إذا حضر الغائب فإن قبل الإقرار فلا يحتاج المدعي للعين إلى إعادة الدعوى عليه والبينة بل الدعوى الأولى كافية لقيام الأول مقامه وأنها يعرف المقر له الشهود ولا يجرح إلا بمجمع عليه وإن لم يقبل المقر له الإقرار سلم المدعي فيه للمدعي ولا يحتاج إلى إعادة البينة وأما إذا كان المقر له حاضراً أو لم يقبل الإقرار فالدعوى باقية على المقر ولا تنصرف إلى بيت المال فإن أقر به للمدعي أو نكل عن اليمين أو بين المدعي حكم به للمدعي.. وإن قبل المقر له انصرفت إليه الدعوى وكانت المحاكمة بينه وبين المدعى ولا يمين على المقر إلا أن يدعى عليه الإتلاف بالإقرار فإذا ادعاه وجب.
(فرع) فإن أقر لمدعى عليه بأن الشيء لطفله فلا يمين عليه سواء كان في مجلس إقراره أم في غيره وسواء كان المدعي هو الأول أو غيره ولا يصح إقرار الولي على الصغير ولا يمين عليه إلا ان يكون قد قبض التركة أو يدعى عليه بالإقرار لزمته اليمين.
(فرع) ومن ادعى شيئاً في يد غيره وبين عليه ثم أن المدعى عليه باعه من غيره فإن الحاكم يحكم على المشتري ولا يحتاج إلى إعادة الدعوى ولا البينة (إلا في كون الغصب والوديعة) والوصية والنذر والمهر وثمن المبيع والقرض والإقرار وعوض الخلع والكتابة(زيوفا ونحوه) أي إلا أن يدعى رجل على أخر أنه غصب عليه دراهم أو أودعها عنده أو أقرضه أو نحو ذلك فأقر بها المدعى عليه قال هي زيوف أي رديئة الجنس أو نحوه كالمزيفة سواء وصل قوله زيوفاً بإقراره أم فصله فإنه يقبل قوله في ذلك مع يمينه أن طلبت ولا يحتاج إلى بينه مع جرى العادة بالتعامل بها فإن لم تجز العادة فلا يقبل قوله إلا بينه لأنه خلاف الظاهر.
” فصل”
في بيان الدعاوى التي لا تسمع من مدعيها أي لا تقبل وهي (أربع) (الأولى) لا تسمع دعوى في الوديعة وكل عين غير مضمنة كالعارية والمستأجرة غير المضمنة إذا تقدم من المدعي ما يكذبها البينة على أنه أودعه فيدعى في مجلس الإنكار أو بعده بتاريخ متقدم أنه قد ردها وإلا سمعت لجواز إيداع أخر ورد أخر فإن هذه الدعوى لا تسمع ولو أقام البينة في المجلس ولو طلب اليمين لأن جحودة الوديعة من قبل يكذب محضاً دعواه الرد لأنه لا يرد ما لم يودع وهو غير ملجأ إلى الجحود إذ لو اجب على الدعوى أنه رد الوديعة أو العارية وكل عين ليست مضمنة قبل قوله وهذا بخلاف ما لو قال مالك عندي وديعة فإنه يصح دعوى الرد بعد ذلك لأنه يحتمل أنه أرد مالك عندي وديعة في هذه الحال لأني قد رددتها عليك.
قال في الزهور والبيان وهو بفتح اللام إذ لو ضمها وهو يعرف العربية كان إقراراً بالمال”.
أما لو تقدم الدعوى ما يكذبها في الظاهر وليس بمحض في التكذيب فإنه لا يبطلها “مثال ذلك”ان يدعى رجل على غيره ديناً فيقول المدعى عليه ماله على دين أو حق ولا أعرف ما يقوله أو مالك على شيء قط ولا أعرفك ولو كان المدعى أباه أو ابنه فيأتي المدعى بالبينة على ما ادعاه فيقول المدعى عليه أني قد أوفيتك مالك او قد أبرأتني منه فإنها تسمع دعواه وتقبل بينته ولا يقدح فيها ما تقدم من إنكاره لأنه ملجأ إلى الجحود ولا يكون ذلك تكذيباً لشهوده بل كان إنكاره مطابقاً للشهادة لأنه قال ماله على شيء او هو إذا كان قد أوفاه دينه لم يكن عليه شيء في الحال التي ادعاه فيها ولو أجاب على المدعى من قبل قد أوفيتك أو أبرأتني لزمه المال لأنه أقر بفرع الثبوت فيحتاج إلى بينه في الإيفاء أو الإبراء وقوله “لا اعرف ما يقولـه” معناه لا أعرف ما يقوله من ثبوت الحق علىّ لأنه بعد التوفير لا يكون ثابتاً وإذا طلب المدعي يمين المدعى عليه بعد قوله ماله علىّ دين أو شيء او نحوهما حلف له كذلك ولا يلزمه أن يحلف أنه ما تدين منه ما ادعى به.
(فرعان) الأول: لو أراد رد سلعة بالعيب على إنسان وادعى أنه شراها منه فقال ما بعث منك فلما أقام البينة بذلك أقام البائع البينة بعد دعواه أنه قد رضي بالعيب فإنها تقبل منه لأن معنى إنكاره ما بعت منك شيئاً يلزمني قبول رده لأنك قد رضيت بالعيب.
الثاني: لو ادعى رجل على غيره ثمن قبضه ووكله ببيعه فأنكر ذلك فلما أقام المدعى البينة على أنه قبضه الثوب وباعه بالوكالة ادعى الوكيل أنه قد وفر الثمن للموكل فإن بينته تقبل حيث يكون ضميناً بأن يكون أجيراً مشتركاً إذا لو لم يكن كذلك كان كالوديع.
(فرعان) آخران الأول: لو ادعى مغصوبة عند رجل ولم يقم البينة ثم حلف له ذلك المدعى عليه ثم أن المدعي ادعى تلك العين على الآخر في ذلك المجلس فإنها تسمع منه لأنه محتمل أن يكونا معاً غاصبين “الثاني” لو قال الحاكم للمدعي ما تدعى على فلان فقال ما ادعى عليه شيئاً قط سوى كذا فإنها تسمع دعواه هنا لأن كلامه جملة واحدة ولا يحكم عليه إلا بعد تمامها.
الثانية: أن تكون الدعوى على ملك أنه كان لأبيه أوله فإن هذه الدعوى لا تسمع لاحتمال أنه قد انتقل إذا كان مطلقا لدعواه الملك وأما لو لم يكن مطلقا لدعواه الملك بل كملها نحو أن يقول هذا الشيء كان لي ولم يخرج عن ملكي إلى الآن أو قال كان لمورثي ولم ينتقل عن ملكه إلى أن مات فإن هذه الدعوى تصح.
قال في الكواكب ومثله في حاشية السحولي إلا في خمس صور فتسمع الدعوى” الأولى” حيث لابد عليه في الحال أو كانت الشهادة بدين لعدم اليد أو استندت إلى إقراره لأنه قد أبطل يده بإقراره وفي الحقوق لعدم اليد وفي الوقف لأنه لا يصير ملكاً.
“فرع” قال في البيان فأما من بين على شيء أنه كان له فإن قال الشهود ولا نعلمه خرج عن ملكه حكم له به وإن لم يقولوا ذلك فإن كان الشيء ليس عنه يد لأحد حكم له به وإن كان في يد الغير لم يحكم له.
(مسألة) من ادعى أنه باع مال أبيه الحي ثم مات الأب لم تصح دعواه لذلك ولا بينته لذلك المبيع لان الظاهر فيمن باع أنه يبيع عن نفسه أو بالوكالة أو بالولاية ولا يحل للمشتري في الباطن وللبائع تحليفه أن البيع صحيح.
(الثالثة) أن تكون الدعوى لغير مدع في حق آدمي محض نحو أن يقول ادعى أن هذا الشيء لفلان من دون وكالة ذلك الفلان فإن هذه الدعوى لا تسمع إلا أن يكون المدعي ممن تلزمه نفقته فإن كان الحق لله محضاً كحد الزنا وشرب الخمر والرضاع المجمع عليه بين الزوجين أو مشوبا كحد القذف قبل المرافعة أو بعدها ورقبة الوقف والعنق فإنها تسمع الدعوى ويكون ذلك من طريق الحسبة.
(الرابعة) أن يدعى أحد الزوجين على الأخر(الإقرار بفساد نكاح) أو دعوى فساده وأقام البينة على ذلك فإنها لا تسمع هذه الدعوى إلا مع دعوى نفى غيره من العقود نحو أن يقول لم يعقد بها غلا ذلك العقد فحينئذ بفسخه الحاكم فإن لم ينضم نفي غيره لم يفسخ لاحتمال أنه اتفق عقد أخر صحيح لأنه يحتاط في النكاح ما لا يحتاط في غيره من العقود.
وأما في غير النكاح فالدخول في العقود والفاسدة جائز ويصح من أحد المتعاقدين أن يدعى فساد العقد وإن لم ينف غيره ويكفى مدعي الإرشاد دعوى موت مؤرثه مالكاً فلو ادعى على غيره شيئاً في يده أنه ملك أبيه مات مالكاً له وبين على ذلك كفاه واستحقه وإن لم يقل الشهود وتركه ميراثاً وكذا يصح إذا قالوا أن يد أبيه ثابتة إلى ان مات لأن يد الوراث موصولة بيد الميت.
“فصل”
وإذا ادعى رجل على غيره شيئاً فلا يجب عليه إجابة هذه الدعوى بإقرار ولا إنكار سواء كانت الدعوى صحيحة أم فاسدة وأما الحضور فيجب عليه في الظاهر مطلقاً وأما في الباطن إذا علم المدعى عليه أن دعوى المدعي باطلة لم تلزمه الإجابة إلا أن يتهم بالتمرد عن الشرع وجب الرفع التهمة فينصب الحاكم من يدافع عن الخصم الممتنع إذا كان غائباً أي فينصب الحاكم عن الخصم المتمرد عن الحضور الغائب عن مجلس الحكم ولو كان حاضراً في البلد لكن لا يحكم عليه إلا بعد الأعذار ما لم تكن غيبته بريداً فصاعداً فلا يشترط التمرد في النصب ولا يحتاج إلى الأعذار في الحكم.
(مسألة) إذا حكم على الغائب بحق ثم حضر فله تحليف المحكوم له أنه يستحق الحق وأن الحكم حق لأنه لو رجع إلى الإقرار لزم حق الآدمي ومثل هذا يأتي في المقر حيث ادعى على المقر له أنه لا يستحق ما أقر به.
وإلا يكن غائباً وكان حاضراً ولم يجب بنفي ولا إثبات أو قال لا أقر ولا أنكر حكم عليه الحاكم بعد سماع البينة ولا تلزمه الإجابة فإن لم تكن ثم بينه وطلب منه المدعي اليمين فإن نكل حكم عليه وإن حلف فلا يحكم عليه وإن سكت حبس حتى يقر أو يحلف أو ينكل عن اليمين ولا يوقف خصم لمجئ بينه غائبة إلا لمصلحة فإن ادعى رجل على رجل حقاً فأنكره المدعى عليه فزعم المدعي أن له بينه غائبة عن مجلس الحكم وطلب منع المدعى عليه عن السفر حتى تأتي بينه فإن الحاكم لا يجيبه إلى توقيف المدعى عليه لأجل ذلك ولا يجب عليه إلا اليمين فقط إلا أن يرى الحاكم في ذلك صلاحاً والصلاح أن يظن صدق المدعى بقرينة تظهر أما بحجة فيها ثبوت الحق وخط الشهود أن بحضور شاهد واحد ولأجل أن المدعى فأضل ورع لا يدعي الا الحق أو نحو ذلك كأن يكون يكون الشهود فسقه وغلب الظن بصدقهم وله آخرون فإذا رأى الحاكم مصلحة في توقيفه حتى تحضر البينة وقفة أو يطلب منه الكفيل بوجخخ فيكفل عشر في المال ومن دعوى المال النفقة وشهراً في النكاح وتوابعه كالظهار والايلاء والطلاق وهذا إذا كان توقيفه قبل حلفه .
وأما إذا كان بعد أن حلف فمقدار مجلس الحكم فقط لأن الحق قد ضعف باليمين وتحديد المدة في الازهار انما على سبيل التقريب لا التجديد فإلى نظر الحاكم ويحتاط في النكاح فلا يحتاط في غيره وأما في القصاص وحد القذف فقدر المجلس فقط.
( ولا يصادق مدعى الوصاية) والوكالة والارسال للعين ولا يمين على من التركة في يده أو العين فلو ادعى رجل أنه وصى فلان ومع شخص له مال عين أو دين فطلبه منه لأجل الوصاية فإنه لا يجوز مصادقته واعطاؤه ما لم يقم شهادة وحكم الحاكم على دعواه وكذا لو ادعى أنه رسول لفلان ليقبض عينا من يد فلان فليس عن العين في يده أن يصادقه على الرسالة ولا يمين عليه ولو غلب في ظنه صدق رسول الله.
ما لم يبين مع الحكم وإلا يقم المدعي البينة ولا حكماً بذلك بل تصادق الذي في يده المال ومدعي الوصاية أو إلا رسال فسلمه إليه ضمناً معاً والقرار على الأخذ فإن طالبه المالك لم يرجع على الأول وإن طالب الأول رجع الأول على الأخذ مع بقاء العين.
إلا أن يعطيه مصدقاً له فيها ادعاه من الوصاية أو الرسالة ولم تكن العين باقيه حيث ادعى الرسول أنه قد سلمها للمالك أو انها قد تلفت عنده لا بجناية ولا بتفريط فالضمان على الأول وإلا يرجع على الأخذ لأنه يعتقد حينئذ أن الملك ظالم فيما طالب به.
أو حصل الكلام في المسئلة أنه لا يخلو إما أن يسلمه إليه لا مصدقا ولا مكذبا رجع عليه على كل حال وأن يسلمه مصدقا له مضمناً له فإنه يرجع عليه قولا واحداً وإن سلمه إليه مكذبا له فإنه يرجع عليه ايضا وإن سلمه إليه مصدقا له غير مضمن له لم يرجع عليه لا إذا ادعى مدعي كونه الوارث لفلان.
وعرف نسبه وأنه ابن الموروث فإنه يصدق سواء كان وحده أم لا فإن لكل وارث ولاية كاملة .
( فرع) من أدعى شيئا أنه له ولأخيه ميراثا من ابيهم وبين على ذلك وأخوه غائب فإنها تصح دعواه وبينته والحكم بنصيبه وله ولاية قبض نصيب أخيه إذا كان أميناً أما أمساكه فولايته إلى الحاكم لغيبته حتى يحضر أو وكيله فإن قبل نصيبه حكم له به وسلم إليه وإن لم يقبله بقي للمدعى عليه أو قال أنه مرسل للدين الذي لفلان فإنه يجوز التصادق في هاتين الصورتين فيجبر الممتنع عن التسليم إذا كان مصدقا له أنه وارث أو رسول للدين .
( والفرق بين الدين والعين) أن الدين مال نفسه فصح التصديق فيه والعين مال الغير فلم يصح التصديق فيه.
( نعم) فهذه مسائل أربع : دعوى أنه وص ودعوى أنه مرسل للعين ودعوى أنه وارث ودعوى أنه مرسل للدين وفي جميعها أن أقام البينة وحكم بها الحاكم لزم التسليم قولاً واحداً .
وأن لم يقم البينة ولا صدق لم يلزم التسليم وفي دعوى أنه وى يقبض ما معه اتفقوا أنه لا يلزم وفي دعوى الارسال أنه يلزم التسليم في الدين لا في العين.
( مسألة) إذا قال أخرى فلان بمال دفعه إلى زيد قضاء لدينه ثم بعد ذلك امتنع وجحد فلا شئ عليه لأنه أقر على الغير والوكيل لا يلزمه تمام ما وكل فيه حكى هذا في الغيث والتذكرة عن المؤيد بالله.
( ولا ثبت حق بيد)(1) كأن يمر رجل في ملك الغير مدة او يسيح مائه اليه أو له إليه ميزاب أو باب أو نحو ذلك ولو كان له أثر ظاهر كأثر المرور للسير أو للماء ونحوه فراح صاحب الملك منعه فأدعى أنه يستحق ذلك فعليه البينة لأن الحقوق لا تثبت باليد ولو كان للحق أثر ظاهر كأثر المرور للسير أو للماء أو نحوهما ولا يجوز للشهود أن يشهدوا بالحق إلا إذا علموا ثبوته بغير اليد إما بإقرار أو وصية أو نذر أو استثناء أو تقدم إحياء وحسن المخرج لسقوط البينة عنه أنه يدي مجرى الماء أو الطريق ملكه فيكون القول قوله .
فصل
ومتى كان المدعى في يد أحدهما أي في يد المدعى عليه أو في يد مقر له أو مقر للمدعى عليه زلما يحكم له أي للمدعى عليه بالملك المطلق والمطلق هو الذي لا يضاف إلى سبب مثاله : أن يقول الحاكم حكمت بهذه الدار لفلان فهذا حكم قاطع لكل دعوى وناف لكل ملك سواه فلوا أراد رجل إقامة بينة على أن المحكوم له كأن أقر له بالدار قبل هذا الحكم لم يصح إلا أن يدعي انتقاله من بعد الحكم من المحكوم له فتسمع هذه الدعوى والبينة فإذا لم يحكم له بالملك المطلق فإنه يحكم للمدعى فيه للمدعي وهو الخارج إن بين أو حلف رداً أو نكل خصمه فأما إذا كان قديمين حكم بالملك لمن الشئ المدعى في يده حكما مطلقا غير مقيد كما مثلنا لم تسمع بينة مدعي الملك ولا تجب فيه يمين راسا مهماً لم ينكشف في يده حكم بملك مطلق من قبل الحكم المطلق للذي هو في يده لأن الحكم لا ينقض إلا لأمر قطعي فإن أظهر كلا من المدعيين حكماً مطلقاً أي غير مضاف إلى سبب في شئ من دار أو نحوها كان الحكمان سواء فيقسم المدعى بينهما.
وإن لا يبين المدعي ولا حلف رداً ولا نكل خصمه فيحكم الحاكم بذلك المدعى فيه لذي اليد وهو من الشئ في يده حكماً تقريراً لا ملكاً فإن بينا معاً ولم يكن قد حكم لأحدهما فللخارج يحكم به وهو المدعي بأن شهادته تشهد بالتحقيق ولا يعمل بشهادة الداخل وهو من الشئ في يده ولو كانت متقدمة التاريخ أو بحقيقة أو ناقلة لأنها تشهد على الظاهر وهو ثبوت يده .
( مسألة) :
قال في البيان وإذا بين الخارج أن الشئ ملكه وبين الداخل أنه اشتراه من فلان وبين فلان أنه باعه منه وهو يملكه فينة الخارج أو لا كما لو بين على البائع قبل بيعه .
(مسألة)
وإنما يحكم للخارج ببينته إذا أطلقت البينتان ولم يضفا إلى سبب أما إذا أضاف كالشراء مثلا فإما أن تضيف البينتان الشراء إلى شخصين أو شخص واحد فإن اضافتا إلى شخصين يعني أن أحداهما اضافت الشراء من زيد والأخرى من عمر فإنه يكون ذلك الشئ بينهما ولا فضل هنا للخارج ولا للداخل لأن الشراء من زيد لا يمنع الشراء من عمر وإن اضافتا إلى شخص واحد حكم لمن تقدم ملكه إن أورختا أو لم أرخ منهما وإن أطلقا فلمن هو في بيده لأن اليد دلالة التقدم وإن اضاف الداخل إلى شخص ملكه منه وأطلق الخارج فللخارج لأن يد الداخل باقية لم تذهب بالاضافة إلى من اضاف اليه إذ يده يد لمن اضاف اليه هذا ما تقرر .
إلا لمانع من العمل ببينة الخارج فإنه يعمل ببينة الداخل وذلك في مسائل منها إذا ادعى رجل على آخر أنه مملوكه وأقام البينة على ذلك وأقام المدعى عليه على أنه حر .
فإن البينة بينة المدعى عليه لقوة الحرية ومنها إذا مات انسان وله ورثة مسلمون وورثة ذميون وأقام كل واحد منهم البينة على أنه مات على ملته فإن بينة من شهد له بالاسلام تقبل ولو مات في دار الاسلام لانها هنا داخلة وهي أولا من البينة الخارجة وهي بينة الذمي .
(فرع) : فلو بين ورثته الذميون بشاهدين مسلمين وورثة المسلمين بشاهدين ذميين فيحكم بشهادة الذميين بالاسلام ايضا فإن شهادة الذمي على الذمي صحيحة.
(فرع) :
لو أدعى المشتري على الشفيع أن الدار التي يستحق بها سبب الشفعة ليست له وإنما هو ساكن فيها وأقام البينة واقام الشفيع البينة أنها له كانت بينة الشفيع أولى وإنما رجعت بينته هنا لأن الدعوى ليست في نفس الدار وإنما هي بإستحقاق الشفعة والشفيع كالخارج وإن كان داخلا بالنظر بالدار .
(فرع):
قال في البيان وكذا في من وجد مقتولاً في دار غيره فطلب وليه القسامة من ساكن الدار فبين الساكن أنه مستعير أو مكتر للدار وبين الوارث أنه يملكها فالمذهب أن القسامة تجب عليه .
فإن كان الشئ المدعى به ليس في ايديهما معاً ولا مدعي له سواهما وكان كل واحد من المتداعيين خارجاً واقام كل واحد منهما بينته أنه له اعتبر الترجيح بين البينتين من تحقيق ونقل وغيرهما فإن كانت احداهما محققه والأخرى غير محققه فالمحققة أولى وكذا إذا كانت احداهما ناقلة والأخرى غير ناقلة فالناقلة أولى وغير ذلك من وجوه الترجيح .
(مثال المحققه)
أن الدابة أو الولد إذا تنازع هو واثنان وهو في يد غيرهم يقر لهما وأقام أحدهما البينة أنها ملكه وأقام الآخر البينة أنها ملكه نتجة عنده فبينة الولادة في الأمة والنتاجة في البهيمة أولا وذلك لأنها تتضمن المعاينة والمشاهدة بسبب الملك وهو النتاج .
ومثال الناقلة : أن تجتمع بينة الشراء وبينة الارث فبينة الشراء أولى لأن بينة الارث مبقية على حكم الاصل وبينة الشراء ناقلة والناقلة أولا من المبقية.
ومثال غير التحقيق والنقل من وجوه الترجيح أن شهادة الشراء أولى من شهادة الهبة إذا كانت الهبة صح الرجوع فيها يعني إذا تداعى اثنان شئ في يد غيرهم فقال أحدهما باعه مني وقال الآخر وهبه مني وبين كل واحد منهم على دعواه فإنه يحكم ببينة الشراء دون بينة الهبة وإنما حكم ببينة الشراء لأن ان فرضنا تقدم الهبة فالبيع رجوع وإن فرضنا تأخرها فلا حكم لها وأما الصدقة أو الهبة التي لا يصح الرجوع فيها فيقسم بينهما نصفين هذا إذا كانت البينتان مطلقتان وأما إذا ارختا واضافتا إلى وقت واحد بطلتا ويرجع إلى المالك فإن حلف لهما بقيت له وإن أقر لهما أو نكل عنهما فهما على سواء وإن أقر لأحدهما فله ويحلف للآخر وإلا لزمه الاستفداء أو القيمة إن تعذر الاستفداء .
وأما إذا ارختا واضافتا إلى وقتين فلا حكم لبينة الشراء معها حيث أضافتنا إلى شخص واحد أو اطلقتا ولم يعين الشخص وأما حيث اضافتا إلى شخصين فيقسم بينهما نصفين إذ هما سواء من غير فرق فإن اطلقت أحداهما وارخت الأخرى فالمطلقة كالمؤرخة بوقت واحد ومثال آخر من وجوه الترجيح بغير التحقيق والنقل أن يتداعى حر وعبد في صبي فإنه يحكم ببينة الحر لمزية الحرية ولو كانت بينة العبد محققة فإن بينة الحر أرجح وهذا حيث كان المتداعيان مسلمين أو كافرين معاً فإن اختلفا فللمسلم .
وإلا تكون إحدى البينتين أرجح من الأخرى وهما خارجان معا واسم المدعى بينهما .
مثال ذلك: إذا ادعى رجلان داراً في يد غيرهما واقام احدهما البينة انها له واطلق الآخر أو زاد أنه اسكنه اياها عارية واقام الآخر البينة واطلق او زاد أنه أجرها ممن هي في يده كانت الدار بينهما نصفين .
( مسألة) فإن كان الشئ المدعى به ليس في يد أحدهما لم يستحقه مدعيه إلا بالبينة والحكم في وجه منصوب لبيت المال سواء مكان وحداً لا باليمين والنكول فيما بين المدعيين لأن دعواهما له على بيت المال .
(مسألة) قال في البيان ما معناه إذا كان الجدار بين ملكين واعداه كل واحد من المالكين فأيهما بين عليه حكم له به.
وإن بين معاً فحيث لا يد عليه لأيهما يكون بينهما نصفين وحيث اليد عليه لأحدهما يحكم به للآخر لأنه كالخارج وإن كانت يد أحدهما اقوى من الثاني فيكون لصاحب اليد الضعيفة لأنه كالخارج ايضا ومتى كان الشئ المدعى به في ايديهما على سواء أو في يد ثالث مقر لهما به أو مقر لواحد منهما غير معين واللتبس فإن اليد ثابته لهما في جميع ذلك فإن أقام أهدهما البينة على أنه له دون صاحبه ولم يقم الآخر البينة فلمن بين وحلف اليمين المؤكدة أو الأصلية لأن شهادته شهدة بالظاهر ما لم تكن محققة فإن الأصلية تسقط أو طلب منه صاحبه اليمين على دعواه فلمن حلف أصلا و رداً .
أو طلب من صاحبه اليمين على انكاره ثم نكل من اليمين صاحبه دونه وهو لم ينكل بل حلف الأصلية فإنه في هذه الوجوه الثلاثة يستحق ذلك الشئ دون خصمه.
(1) فإن قلت ماهما الامران قلت الظاهر والخفي فالظاهر الشيء المدعى فيه والخفي الدعوى لأنه يدعى شيئاً ليس يلزم في الظاهر
(1) كما لا يقبل قول من أقر لغيره بدار فأدعى أنها معه عارية أو رهن.
المحامي اليمني أمين حفظ الله الربيعي