دراسات قانونية
بحث ودراسة قانونية حول تقييم البرلمان للسياسات العمومية
اعداد
الطالب فلاح عبد اللطيف
الصفة
بحث معد لنيل الاجازة في القانون العام تحت إشراف الأستاذة زهرة الهياض
برسم السنة الجامعية 2014/2015
بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
مقدمة
دأب الفكر السياسي منذ القديم، على دراسة إشكالية تقسيم الوظائف الكبرى للدولة، والعلاقة التي تربط بين أجهزتها المختلفة، بغية تحقيق المصلحة العامة، عن طريق تقسيم السلطات تقسيما منصفا، وعادلا، ومتعاونا، بعيدا كل البعد عن الهيمنة و تداخل السلط. [1] ومن بين هذه الأجهزة نجد مؤسسة البرلمان الذي برزت لأول مرة في إنجلترا خلال القرن 18 قبل أن يخضع للتعميم و التحوير.[2]
وهكذا شهد المغرب ميلاد أول برلمان من غرفتين مع صدور أول دستور بعد الاستقلال 14 دجنبر 1963، و إجراء أول انتخابات تشريعية 17 مايو 1963 بعدما ظل العمل التشريعي اختصاصا سلطانيا مطلقا، بالرغم من المحاولات الهادفة إلى إصلاح النظام السياسي (مشروع دستور 11 أكتوبر 1908) والذي يستمد أصوله وأحكامه بمبادئ الشريعة الإسلامية، وأحكام الفقه الإسلامي لاسيما أحكام الفقه المالكي، وتشريعاته، و اجتهادات علمائه، إلى جانب الأعراف المحلية المعتمدة و المطبقة قبل مجيء الإسلام “العرف البربري الأمازيغي” حتى و هي متعارضة مع الشريعة الإسلامية …
وبعد توقيع الإستقلال في 2مارس1956 عاش المغرب مرحلة انتقالية دامت 6 سنوات تم التدرج خلالها في بناء مؤسسة الدولة الوطنية الحديثة، ووضع القوانين، في هذا السياق طالبت الحركة الوطنية بضرورة إقامة نظام برلماني تؤول السلطة التشريعية فيه لممثلي الأمة المنتخبين، بالفعل تولد ذلك مع أول دستور بعد الاستقلال في 14دجنبر1962، و استمر مع باقي الدساتير اللاحقة من الهزات(حالات الاستثناء و توقيف العمل بالدستور).
وفيما يخص الإختصاصات المنوطة بالبرلمان المغربي :فقد عرفت توسعا على المستوى الكمي و النوعي إلى دستور 2011 حيث توسعت مهامه من جهاز تشريعي فقط يهتم بإعداد وتصديق النصوص التشريعية إلى دور أكثر شمولية كمراقبة للحكومة، وتقييم السياسيات العمومية.[3]
وقد تبلور ذلك مع الأحداث الأخيرة التي شاهدتها بلادنا، وأخص بالذكر الحراك الشعبي والمطالبة بالإصلاحات، إذ نالت المؤسسة البرلمانية قسطا كبيرا من النقاش العمومي امتد إلى مختلف الفاعلين:
– في هذا الإطار نجد المؤسسة الملكية من خلال خطاب 9مارس 2011 تحدثت عن”توطيد مبدأ فصل السلط، وتوازنها، وتعميق دمقرطة، وتحديث المؤسسات و عقلنتها، من خلال برلمان نابع من انتخابات حرة و نزيهة …”[4]
– الهيآت السياسية والمدنية من خلال مذكرات الأحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني، حيث نادت بالإصلاح البرلماني وقد تمخض عن هذا الجنين دستور جديد.
على ضوء ذلك وسع الدستور الجديد من اختصاصات البرلمان، حيث حضت وظيفة تقييم السياسات العمومية من لدن البرلمان بالتقعيد الدستوري من خلال الفصل 70 من دستور 2011 كاختصاص أصيل، كأحد أهم المستجدات إلى جانب الوظيفتين التقليديتين التشريعية والرقابية”يمارس البرلمان السلطة التشريعية.
“يصوت البرلمان على القوانين، و يراقب عمل الحكومة، ويقيم السياسات العمومية”[5]
أولا : إشكالية الدراسة
في سبيل التعرف على أهمية دور البرلمان في تتبع، وتوجيه السياسات العمومية، وكذا رصد التفاعل القائم بين المؤسسة البرلمان والحكومة، تسعى هذه الدراسة إلى الإجابة عن سؤال رئيسي وهو:
إلى أي مدى يساهم البرلمان في تقييم السياسات العمومية ؟
و إذا كانت السياسات العامة هي حل مشاكل الأفراد، وتلبية حاجاتهم، و مطالبهم فإن البرلمان يلعب دورا كبيرا في هذه المعادلة من خلال العمل التمثيلي، فهو صلة وصل بين المواطن والحكومة، التي تسن هذه السياسات . وعلى هذا الأساس تتفرع إشكالية البحث إلى مجموعة من الأسئلة الفرعية :
ما هي مختلف المقتضيات القانونية المؤطرة لدوره في تتبع و تقييم السياسات العمومية؟ وهل هناك آليات قانونية بيد البرلمان بهدف تفعيل دوره؟ و إلى أي مدى يمارس البرلمان هذه الصلاحيات؟ وما هي الصعوبات المطروحة أمامه؟
ثانيا:أهمية الموضوع وأسباب اختياره
تكمن أهمية هذه الدراسة، في كونها تحاول بحث و دراسة دور البرلمان في تقييم السياسات العمومية، التي جاءت في فترة شكلت منعطف جديد بعد ولادة دستور 2011 وما رافقه من سياقات، و رهانات كبرى، تتوق إلى التغير، ومن جهة أخرى، أن مثل هذه الدراسة العلمية تفتح نقاشا هادئ وجدي حول مدى تأثير البرلمان في صنع، و تتبع، و تقييم العمل السياسي:
كون أن البرلمان يكون قد وافق على برنامج الحكومة يسمح بتنصيبها، و الشروع في تطبيق البرنامج الشمولي الذي عرض عليه ومن هنا تنبع مشروعية تتبع البرلمان لتطبيق البرنامج، والمحاسبة عليه، أو مساءلة الحكومة عند التقاعس أو الفشل، وبالتالي تأجيل انتظارات المواطنين.
ويرجع اختياري للبحث في هذا الموضوع إلى عدة أسباب الأولى موضوعية والثانية ذاتية وتتمثل الأسباب الموضوعية في أن عملية تقييم السياسات العمومية من لدن البرلمان هو موضوع جديد يرمي إلى إثراء الحقل السياسي بالمغرب.
أما الأسباب الذاتية :تكمن في رغبتي الشخصية في دراسة هذا الموضوع، والخوض في دهاليزه بهدف التعرف على طبيعته من الناحية النظرية والتطبيقية وذلك لمزيد من إثراء معارفي في حقل التخصص.
ثالثا: التحديد الإجرائي للمفاهيم.
1- البرلمان: تقابلها لفظة parlement بالفرنسية تعني الكلام، والبرلمان يتكون من مجموعة أفراد يطلق عليهم اسم نواب ينتخبون عن طريق الاقتراع العام من طرف الشعب، وهو يتخذ عدة تسميات :الكونغريس بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، و الدوما بالنسبة لروسيا، والكالكورتيس بالنسبة لإسبانيا، ومجلس النواب والمستشارين بالنسبة للمغرب.
فالبرلمان: هيكل رسمي، يضم أفراد يعملون معا بأسلوب متناسق، ومتعاون لتحقيق أهداف معروفة ومشتركة، يشتمل على هيكل وإطار تنظيمي، يحدد مختلف مجالات وأنشطة وأهداف هذه المؤسسة و الذي أيضا توحدهم متطلب القيام بمهام النيابة البرلمانية، وتمثيلية الأمة وممارسة الأدوار التشريعية و الرقابية والتقييمية[6].
2-التقييم: يعتبر مصطلحا مطاطيا له استعمالات مختلفة، ذو محتوى قابل للتطور في خضم سياق مؤسساتي و إداري خاص.
ويشير من الناحية اللغوية لوزن وتقدير قيمة الشيء المعين، بالمقارنة مع شيء أخر.[7] أما من الناحية الإصطلاحية : يطلق على إجراءات للحكم ما إذا كانت البرامج جديرة بالتنفيذ أو الإستمرار.
3 – السياسات العمومية: للسياسات العمومية مسميات عديدة مثل السياسات الحكومية، وبرامج الحكومة، والمشروعات العامة… كلها تشير إلى أنشطة الحكومة، ومؤسسات الدولة، والفاعلين الرسميين لحل مشكلات المجتمع، حيث ترتبط بمجموعة من التفاعلات الديناميكية المعقدة، تشترك فيها عناصر رسمية وغير رسمية مميزة في سياقها القراري بثقافة ومنظومة قيم فكرية، وسياسية و بنائية السلطة وتوزيعها كذلك.[8]
من خلال هذه المفاهيم يتضح أن البرلمان باعتباره ممثلا للأمة يعمل على مراقبة العمل الحكومي عن طريق مجموعة من الآليات وأبرزها تقييم السياسات العمومية.
رابعا: منهجية البحث
إن طبيعة الموضوع فرضت علينا إتباع المناهج الآتية:
– المقترب القانوني: قد استعنا بهذا المقترب للرجوع إلى النصوص الدستورية والقانونية المتعلقة بالبرلمان والمحددة لدوره ووظائفه بهدف معرفة المساحة المتاحة له ومدى تطابق القاعدة القانونية مع الواقع العلمي.
– اعتماد على المقاربة النقدية.
– اعتماد منهج تحليل المضمون من خلال الرجوع إلى الجرائد والمحاضر الرسمية.
خامسا: مكونات البحث
قسمنا محاور هذا البحث إلى فصلين:
– الفصل الأول: سنتحدث عن المقتضيات القانونية لصلاحيات البرلمان في تقييم السياسات العمومية بالمغرب، وآليات تفعيل هذه الوظيفة، كما سنشير إلى خلفيات و دواعي ظهور هذه الوظيفة الجديدة مع الدستور الجديد، كما سنتحدث عن الصعوبات والعوائق التي تحد من القيام بوظيفته وسبل تجاوز ذلك.
– أما الفصل الثاني فيرتبط بالجزء التطبيقي:
حاولنا أن نسلط الأضواء على مؤثرات في الفعل الأدائي للبرلمان من خلال التطرق إلى دور الشروط القانونية والسياسية في تحسين آداءات البرلمان في مجال تقييم السياسات العمومية، وربطناها بغياب جهاز قائم الذات باختصاصات واضحة مما أفرز خطابا تقييميا يأخذ طابع المداهنات أو طابع التوافقات كما أبرزنا دور المعلومات في مجال تقييم السياسات العمومية.
وفي مبحث أخر تطرقنا إلى التكوين السياسي للبرلماني وانعكاسه على أدائه في مهمته التي نحن بصدد الحديث عنها، وربطناها بمدى لدى البرلمان من خبرات وشواهد.
وربطنا كذلك عند غيابها بما يمكن أن يفرز لنا هذا الوضع من خطاب ينزع نحو الشعبوية.
سادسا:حدود الدراسة
يعتبر موضوع تقييم السياسات العمومية من لدن البرلمان من المستجدات، ولم نسجل إلى حد ألان تلك التراكمات الكفيلة بتسليط الضوء حولها. لذا فهذه الدراسة ستقتصر على دراسة جوانب محددة تجنبا للدخول في أمور لا تخدم موضوعنا وحرصنا كذلك على الدقة والوضوح وعليه، فقد تم ربط إشكالية تقييم السياسات العمومية بما يلي:
– التحديد الزمني: دراسة ما بعد دستور 2011 إلى يومنا هذا.
– التحديد المكاني: تحديد دور البرلمان المغربي في تقييم السياسات العمومية.
– السياسات العمومية الحكومية وليست الملكية أو شيء من هذا القبيل.
سابعا: الصعوبات
من أبرز الصعوبات التي واجهتنا خلال هذه الدراسة تلك المتعلقة بطبيعة الموضوع أساسا، بالإضافة إلى عدم سهولة تصور وتجسيد مساهمة البرلمان في عملية تقييم السياسات العمومية لأسباب أهمها:
– ضعف و نقص المراجع، والمنشورات و الوثائق ذات الصلة المباشرة، وغير المباشرة بالموضوع نظرا لحداثة هذه المراقبة. و بالرغم من هذه العقبات وغيرها ورغبة منا في تحقيق هدف هذه الدراسة. أمضينا قدما بتوفيق الله وتشجيع أستاذتي من خلالي ملاحظاتها الهادفة و البناءة.
ثامنا: فرضيات البحث
للإجابة على الإشكالية المركزية المشار إليها سابقا و الأسئلة المرتبطة بها. استوجب علينا وضع فرضية رئيسية و مجموعة من الفرضيات الفرعية التي تسعى في إطار هذه الدراسة إلى تأكيدها أو نفيها.
– الفرضية الرئيسية: عدم توفر الشروط القانونية، والسياسية أدى إلى محدودية فعالية البرلمان في تقييم السياسات العمومية.
– الفرضيات الفرعية:
*غياب المعلومة وعدم وضوح المسؤوليات القانونية للفاعل البرلماني في مجال تقييم السياسات العمومية يترتب عنه اللجوء إلى التوافقات والمداهنات.
*عدم التوفر على الخبرات، والتكوين الجيد يؤدي إلى الشعبوية في الخطابات الناتجة عن تقييم السياسات العمومية من طرف الفاعل البرلماني.
الفصل الأول:تقييم السياسات العمومية وجه جديد لحكامة جيدة
إن عملية تقييم السياسات العمومية ليست حكرا على جهة دون أخرى بل هي جزء هام من اهتمام الكثير من الفاعلين سواء كانوا رسميين: كالإدارات التنفيذية و أجهزة الرقابة المالية، وأجهزة التمثيلية(البرلمان) أو جهات غير رسمية: كالمجتمع المدني الأحزاب السياسية و المواطنين و وسائل الإعلام و النخب السياسية بالإضافة إلى القوى الدولية. لذا فالبرلمان ليس الوحيد من يقوم بهذه الوظيفة، لكنه الأكثر تنظيما من خلال ما يخوله الدستور له كاختصاص بارز، و أصيل، جعل له آليات يستعملها للقيام بوظيفته، و قد تم أجرأتها من خلال القوانين الأخرى(النظام الداخلي لمجلسي البرلمان، قوانين التنظيمية).
وكان لظهور هذا الاختصاص أسباب وخلفيات ارتبطت بالقصور التي عرفتها الأدوات الرقابية وبالتالي استدعى الدفع قدما نحو خلق هذا المقتضى (اختصاص تقييم السياسات العمومية) والارتقاء به إلى المستوى الدستوري، بعدما كان يمارس بشكل محتشم في التجارب السابقة منذ تولي حكومة التناوب التوافقي.
ومن جهة أخرى ارتبط هذا المفهوم بالتطور الحاصل على المستوى التدبير المالي، حيث تم الانتقال من منطق كلاسيكي يتمثل في : ميزانية الوسائل، تركز عن الرقابة، أي كيفية صرف المال (البحث عن المساطر ومدى احترام مقتضياتها ) إلى منطق حديث وهو موضوع صرفها أي أثار الميزانية و مدى فعاليتها ونجاعتها (تقييم) و هكذا كان الرهان على تجاوز الإرث السلبي. لذا تشكل موضوع السياسات العمومية جزء من اهتمام الحوار العمومي الواسع، الذي شهده المغرب بعد الخطاب الملكي ل9مارس 2011 وذلك من خلال الإقتراحات التي تضمنت وظيفة جديدة للبرلمان هي مهمة تقييم السياسات العمومية. هكذا نقرأ في مذكرة الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية عن تصور هذا الحزب لوظيفة البرلمان بأن هذا الأخير يقوم “بالتشريع و مراقبة الأداء العمومي للحكومة، والوكالات، و المؤسسات العمومية، وكل المرافق التي تدير المال العام كما يقوم بتقييم السياسات العمومية”. و في نفس السياق، دعت مذكرة العدالة والتنمية إلى إمكانية توجيه البرلمان عبر لجان افتحاص لسياسات عمومية محددة.
إن وظيفة التقييم تحضر داخل هذه المذكرات بعلاقة المجلس الأعلى للحسابات فمذكرة الأصالة و المعاصرة ربطت بين هذا المجلس وبين البرلمان عندما اعتبرت أن تقييم السياسات العمومية يتم بناء على تقارير المجلس الأعلى للحسابات، وحين دعت مذكرة حزب العدالة والتنمية إلى التنصيص على إمكانية البرلمان طلب رأي هذا المجلس في قضية تهم المالية العمومية، أما تصورات المجتمع المدني لم تختلف كثيرا عما طرحته الأحزاب فيما يتعلق بالسياسات العمومية وكذلك نفس الشيء مع إحدى المنظمات النقابية (الفدرالية الديمقراطية للشغل) فقد أكدت في مذكرتها على ضرورة التنصيص الدستوري على إحداث لجنة لتقييم السياسات العمومية داخل البرلمان:
ولا يمكن الحديث عن الإقتراحات المتعلقة بالمراجعة الدستورية. في علاقتها بموضوع السياسات العمومية دون الإشارة إلى المذكرة المهمة التي قدمتها الجمعية المغربية للتقييم للجهة الاستشارية المكلفة بالمراجعة الدستورية حول دسترة تقييم السياسات العمومية بالمغرب وبين أهم توصياتها :
– خلق هيئة للتقييم لدى البرلمان لتوفير قاعدة لتقييمات مستقلة للسياسات العمومية وانسجامها.[9]
وعلى ضوء ما سبق سنحاول من خلال بسط حديثنا حول أهم المقتضيات التي تهم اختصاص البرلمان في تقييم السياسات العمومية بالمغرب كما سنتحدث عن الآليات التي هي بيد البرلمان للقيام بهذه المهمة، كما سنبسط الحديث عن الصعوبات و العوائق التي تحول دون القيام بهذه الوظيفة على أحسن وجه مع اقتراحات وحلول.
المبحث الأول: المقتضيات القانونية لصلاحية البرلمان في تقييم السياسات العمومية وآلياتها
عزز الدستور الجديد مقتضياته القانونية بمجموعة من الآليات الجديدة التي لها علاقة بتقييم مباشر، لعمل الحكومة، و إذا كان البعض يدخلها، بعضها في باب الرقابة و يعتبرها كلاسيكية.إلا أن تعزيزها بتعديلات جديدة أعطاها قوة وارتقى بها نحو التقييم كما هو الشأن.بالنسبة لآلية لجان تقصي الحقائق إذن إيداع تقاريرها لدى المجلس أصبح يتوج بنقاش عمومي في جلسة عمومية، كما ارتقت بعض الآليات بعدما كانت عرفا سابقا يتعلق بجلسات يتم فيها عرض حصيلة الحكومة بعد مرور مدة معينة من عمر الحكومة، من أجل فتح النقاش حول نتائج السياسات، والبرامج العمومية ومدى تأثيرها على الأفراد و المجتمع ومدى تحقيقها للأهداف المتوقعة.
بالإضافة إلى آليات أخرى من خلالها يطلب البرلمان مساعدة كإبداء رأي أو إعداد دراسة معينة منصوص عليها في الدستور…
المطلب الأول: قانون الجلسة السنوية لمناقشة السياسات العمومية.
تأتي آلية الجلسة السنوية لمناقشة السياسات العمومية تتويجا لعرف دستوري أسسه السابقين من أجل تكريس تواصل فعال بين البرلمان والحكومة. وبالفعل تكرس دستوريا بعدما شكل مطلبا في الإصلاحات الجديدة من قبل مختلف الفاعلين، لأنه يشكل حلقة وصل بين السياسية العمومية كإطار نظري إلى الإطار الواقعي. هي فرصة لتنوير الرأي العام، حول ما تصنعه الحكومة و تضعه من التزامات على عاتقها إزاء المواطن إذ مهمة الحكومة لا تنتهي بمنح الثقة لها من طرف البرلمان وإنما يستمر هذا التعاقد من خلال الآلية أعلاه[10] وعلى ضوء ذلك سنحاول خلال هذه الفقرات أن نسلط الضوء على المرتكزات القانونية، ثم نشير إلى محتوى السياسات، و لا بأس أن نطل عن المؤسسات المتعاونة مع هذه الآلية الدستورية.
الفقرة الأولى : السند القانوني للجلسة السنوية لمناقشة السياسات العمومية وهدف ذلك.
تطرق الفصل 101 من الدستور الجديد في فقرته الثانية إلى: “تخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية و تقييمها[11]”.
ويهدف ذلك إلى التعرف على نتائج السياسات والبرامج العمومية، وقياس تأثيراتها على الفئات المعينة، وعلى المجتمع، ومدى تحقيقها للأهداف المتوقعة، وتحديد العوامل التي أدت إلى بلوغ هذه النتائج.
وتتم هذه العملية انطلاقا من إجراء أبحاث، وتحليل خلال النصف الأول من دورة أبريل كموعد لانعقاد الجلسة.
الفقرة الثانية: تحديد السياسات العمومية المراد مناقشتها وتقييم :
يحدد مكتب المجلس السياسات العمومية المراد تقييمها في مستهل دورة أكتوبر من كل سنة تشريعية، وذلك بناء على اقتراح من رؤساء الفرق، والمجموعات النيابية، وبعد تحديدها تبلغ إلى رؤساء الفرق والمجموعات النيابية، وتتم إحاطة الرئيس بذلك فورا.
الفقرة الثالثة: المؤسسات المساعدة في تقييم السياسات العمومية.
من أجل إبداء الرأي وإعداد دراسة أو بحث حول السياسات العمومية، يقرر طلب المساعدة مكتب المجلس بناء على قرار يتخذه حيث يتوجه رئيسه إلى المجالس والهيآت المعنية آلاتية و المنصوص عليها في الدستور في الفصول (161 إلى 170)[12].
في المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي. أو أحد هيآت الحكامة و المؤسسات الدستورية:
المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
مؤسسة الوسيط.
مجلس الجالية المغربية بالخارج
الهيأة المكلفة بالمناصفة و محاربة جميع أشكال التمييز.
مجلس المنافسة.
الهيأة الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة ومحاربتها.
المجلس الأعلى للتربية والتكوين و البحث العلمي.
المجلس الاستشاري للأسرة و الطفولة.
المجلس الاستشاري للشباب و العمل الجمعوي.
الفقرة الرابعة: مسطرة مناقشة و تقييم السياسات العمومية.
طبقا للمادة 214 من النظام الداخلي، يحال اللجان الدائمة المختصة عليها التقارير المتعلقة بالآراء والدراسات، و الأبحاث، بهدف تحضير للجلسة السنوية لمناقشة، وتقييم السياسات العمومية والحكومة إذا رغبت أن تحضر اجتماعاتها. ثم تقوم اللجان المختصة[13] بعقد جلسات لمناقشة الدراسات، و الأبحاث فتعد التقارير الخاصة بالتقييم التي تصبح معتمدة.
وطبقا للمادتين 217 و 215 من النظام الداخلي للمجلس:
يحدد المكتب تاريخ الجلسة العامة السنوية، المنبثقة على اللجان على أعضاء المجلس أسبوعين إثنين على الأقل قبل انعقاد الجلسة العامة السنوية، وتقوم ندوة الرؤساء بتنظيم المناقشة العامة.
تعرض التقارير اللجان في جلسة عامة، يحددها المكتب، وتعطي فيها الكلمة بالتوالي للفرق، والمجموعات النيابية. وتضبط أعمال الجلسة في تقرير عام يتضمن محضر وقائع المناقشة[14].
المطلب الثاني: التنظيم القانوني للجلسة الشهرية أمام البرلمان لمناقشة السياسة العمومية.
إن إثارة مسؤولية الحكومة أمام مجلس النواب من خلال الأسئلة الشفهية الشهرية، الموجه إلى رئيس الحكومة حول السياسات العامة وهو مسعى الفصل100 من الدستور الجديد… “تقدم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، وتخصص لهذه الأسئلة جلسة واحدة ك شهر، وتقدم الأجوبة لهذه الأسئلة جلسة واحدة كل شهر، وتقدم الأجوبة أمام المجلس الذي يعنيه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية. لإحالة الأسئلة إلى رئيس الحكومة”[15] .
إذن تحتل الأسئلة البرلمانية مكانة مهمة في الأنظمة النيابية كآلية من آليات التتبع و التقييم للسياسات الحكومية، ونظرا لما تمتاز به من حيث سهولة مسطرة تفعيلها، و بساطة استخدامها، وكونها لا تتطلب أي عناء للعضو البرلماني ولا خبرة معينة، أو تكوين خاص، بخلاف الوسائل الأخرى (ملتمس الرقابة مثلا). فقد استندت دول العالم الثالث إلى وظائف السؤال البرلماني، و الذي يهدف العضو البرلماني من ورائها إلى التحقق من واقعة وصلت إليه، أو استفهام عن أمر يجهله أو معرفة ما تعتزمه الحكومة في أمر من الأمور.[16] إذن بمقتضى الفصل السالف الذكر يستوجب على رئيس الحكومة أن يمثل شهريا أمام كل مجلس للجواب عن أسئلة النواب وعلى ضوء سنرى في هذه الفقرة تحليل موعد انعقادها، وجدول أعمالها تم أخيرا كيفية توزيع الغلاف الزمني.
الفقرة الأولى : الجلسة الشهرية وموعد انعقادها.
تخصص جلسة واحدة كل شهر للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة إلى رئيس الحكومة، وتقدم أجوبة رئيس الحكومة عليها خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة هذه الأسئلة طبقا للفصل 100 من الدستور.
وتنعقد جلسات الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة لرئيس الحكومة في نفس اليوم المخصص للجلسة الأسبوعية للأسئلة الشفهية.
غير أنه يمكن تحديد يوم آخر باتفاق مع الحكومة.
الفقرة الثانية: جدول أعمال الجلسة المخصصة للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة كلا أو بعضا.
أولا:الأسئلة المحورية التي لا يمكن أن يتعدى عددها اثنان:
أ – إذا تعلق الأمر بوحدة الموضوع يتم طرح السؤال في حدود دقيقة واحدة لكل من الأغلبية و المعارضة:
– يتولى رئيس الحكومة الإجابة .
– تفتح مناقشة واحدة في شكل تعقيبات تعطى فيها الكلمة بالتناوب بين فرق الأغلبية و فرق الأغلبية وفرق المعارضة و المجموعات النيابية(مع مراعاة حقوق النواب غير المنتسبين).
– يجيب رئيس الحكومة التعقيبات.
ب- إذا تعلق الأمر بسؤالين في موضوعين مختلفين تنظم الجلسة على النحو التالي:
– يقدم السؤال الأول المبرمج في جدول الأعمال في حدود دقيقة واحدة.
– يجيب رئيس الحكومة.
– تسري نفس المقتضيات بالسؤال الثاني.
ثانيا- أسئلة أخرى متعلقة بالسياسة العامة : تنظم بالنسبة لكل سؤال على النحو التالي:
– يقوم صاحب السؤال بطرحه.
– يجيب رئيس الحكومة .
– تعطى الكلمة لصاحب السؤال للتعقيب .
– يجيب رئيس الحكومة على التعقيب.
كما يتولى رئيس الحكومة الجواب بصفة شخصية على أسئلة النائبات و النواب و على تعقيباتهم.
الفقرة الثالثة :الغلاف الزمني للجلسة:توزيعه و استعماله:
يخصص لجلسة الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة غلاف زمني يتراوح بين ساعة وساعتين.
– تنظيم الغلاف الزمني في جدول الأعمال.
– يخصص ثلثا 3/2 الغلاف الزمني المخصص للجلسة للجزء الأول المتعلق بالأسئلة المحورية.
– يخصص الثلث الباقي للجزء الثاني من الجلسة المتعلق بالأسئلة الأخرى.
– كيفية استعمال الغلاف الزمني.
– يمكن لكل فريق نيابي استعمال الزمن المخصص له في الجلسة إما كليا في الجزء الأول أو كليا في الجزء الثاني، أو استعمال حصة منه في الجزء الأول و الباقي في الجزء الثاني مع مراعاة حقوق المجموعات النيابية و النواب غير المنتسبين.
– يتم إخبار رئيس المجلس 48 ساعة قبل انعقاد الجلسة بأسماء المتدخلات و المتدخلين (مقدمات و مقدمي الأسئلة و المشاركات و المشاركين في التعقيبات ) وبالتوزيع الزمني و كيفية استعماله في إطار المدة الزمنية لكل فريق و مجموعة نيابية مع مراعاة حقوق النواب غير المنتسبين.
يوزع الغلاف الزمني المخصص لهذه الجلسة على الشكل التالي :
– نصف الحصة الزمنية الإجمالية لرئيس الحكومة.
– يوزع النصف الأخر مناصفة بين الأغلبية والمعارضة.
توزع الحصة الزمنية المخصصة لفرق و مجموعات الأغلبية على أساس قاعدة التمثيل النسبي فيما بينها.
توزع الحصة الزمنية المخصصة لفرق و مجموعات المعارضة فيما بينها بحسب تمثيلها النسبية. تراعي في هذا التوزيع حقوق النواب غير المنتسبين.[17]
الفقرة الرابعة : واقع الجلسات الشهرية.
انتقلت الأسئلة الشفهية بالخصوص من وسيلة للرقابة و التقييم إلى الدعاية أو الفرجة، و تصفية الحسابات الحزبية و السياسية، وبعث الرسائل إلى خارج البرلمان. واستمالة الناخبين و التهم المتبادلة فالمعارضة تلوم رئيس الحكومة. بأنه لا ينصرف كرجل دولة بل كزعيم سياسي و شيخ لقبيلة سياسية، في حيت تتهم الأغلبية المعارضة بأنها تريد تعطيل الدستور و القيام بانقلاب دستوري، بالإضافة إلى مقاطعة المعارضة لبعض جلساتها بمبرر عدم التوافق على تدبير الزمني للجلسة.
المطلب الثالث: لجان تقصي الحقائق:مرتكزاتها القانونية، تشكيلها و تسيير وسيران عملها.
ممارسة الرقابة تتم بوسائل متنوعة و متفاوتة من حيث درجة الأذى الذي تلحقه بالحكومة كالأسئلة البرلمانية و ملتمس الرقابة، وملتمس توجيه تنبيه، آليتي الاستماع و الاستطلاع ولجان تقصي الحقائق لذا سوف نشير في هذا المطلب إلى بعض التفاصيل المرتبطة القانونية التي تؤطر هذه اللجان بدءا بالدستور، ومرورا بالقانون التنظيمي للجان تقصي الحقائق وصولا إلى النظام الداخلي لمجلس النواب، على ضوء ذلك سنقسم المطلب إلى أربعة فقرات كالآتي :
الفقرة الأولى: المرتكز الدستوري للجان تقصي الحقائق و التعديلات الجديدة:
تشير في هذه الفقرة إلى محتويات فصل 67 من دستور 2011 ثم إلى أهم المستجدات التي جاء بها الدستور الجديد.
للوزراء أن يحضروا جلسات كلا المجلسين، و اجتماعات لجانهما، يمكن أن يستعينوا بمندوبين لهذا العرض. علاوة على اللجان الدائمة المشار إليها في الفقرة السابقة. يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو ثلث[18] أعضاء مجلس المستشارين.
لجان نيابية لتقصي الحقائق، يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، أو بتدبير المصالح، أو المؤسسات و المقاولات العمومية، و إطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها.
ولا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية، ما دامت هذه المتابعات جارية، وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق، سبق تكوينها. فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها، و لجان تقصي الحقائق مؤقتة، وتنتهي أعمالها بإيداع تقريرها لدى مكتب المجلس المعني، وعند الإقتضاء بإحالته إلى القضاء من قبل رئيس هذا المجلس، كما تخصص جلسة عمومية داخل المجلس، كما تخصص جلسة عمومية داخل المجلس المعني لمناقشة تقارير لجان تقصي الحقائق.
و تجدر الإشارة أن طريقة تسيير هذه اللجان محددة بقانون تنظيمي.[19]
ثانيا: جديد دستور فيما يخص لجنة تقصي الحقائق:
أ- من حيث التشكيل:
أصبحت لجان تقصي الحقائق تتكون بطلب من:
ثلث أعضاء النواب أي 132 نائبا في دستور 2011. عوض أن تكون بطب من أغلبية مجلس النواب أي 163 نائبا كما كان الأمر في دستور 1996.
ب – من حيث الاختصاصات:
أضيف إلى اختصاصاتها جمع المعلومات المتعلقة بتدبير المصالح، عوض اقتصادها على جمع المعلومات المنغلقة بوقائع معينة فقط[20].
ج– في انتهاء مهمة اللجنة:
كان مهمة لجان تقصي الحقائق تنتهي بإبداع تقريرها للمجلس في إطار دستور 1996.
ومع التعدي الدستوري جعل مهمتها تنتهي بإيداع تقريرها… لدى مكتب المجلس، وعند الاقتضاء بإحالته إلى القضاء من قبل رئيس هذا المجلس. كما قرر أن تخصص جلسة عمومية قضائية جارية.
آنذاك لا يمكن أن يكون طلب تشكيل لجنة تقصي الحقائق موضوع مناقشة إذا أفاد رئيس الحكومة أن المتابعات القضائية قد فتحت في شأن الوقائع التي أسس عليها الطلب. و توقف المناقشة فورا إذا كان قد شرع فيها. أما إذا لم يتوصل رئيس المجلس المعني بالإفادة المذكورة داخل الأجل المحدد فإنه يقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة لتشكيل اللجنة، و تجدر الإشارة أنه لا يجوز للمجلسين تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بخصوص نفس الوقائع.
وتنتهي مهمة كل لجنة، سيق تشكيلها فور فتح تحقيقي قضائي في وقائع معينة أو في تدبير مصلحة. أو مؤسسة أو مقاولة عمومية كلفت بالتقصي في شأنها.
ثالثا: مقتضيات التعيين أعضاء اللجان :
بمقتضى المادة 5 من القانون التنظيمي و المادتان 42 و209 من النظام الداخلي: يعين أعضاء لجان تقصي الحقائق من قبل مكتب المجلس المعني مع مراعاة مبدأ التمثيلية النسبية للفرق و المجموعات البرلمانية باقتراح من هذه الأخيرة.[21]
كما تمثل فرق المعارضة في هذه اللجان داخل المجلس المعني لمناقشة تقارير لجان تقصي الحقائق.
الفقرة الثانية: تشكيل لجنة تقصي الحقائق ومهمتها:
تشكل لجنة تقصي الحقائق من طرف إما الملك أو 132 عضو من مجلس النواب أو 40 عضوا من مجلس المستشارين ومن مهامها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة بتدبير المصالح، أو المؤسسات، و المقاولات العمومية كما تطلع، المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها.
أولا– بمبادرة ملكية:
إذا طلب الملك يتشكل لجنة تقصي الحقائق، يجب على رئيس مجلس النواب أن يقوم فورا بتشكيل اللجنة المذكورة ثم تجتمع هذه اللجنة، و تشتغل وفق أحكام القانون التنظيمي، ثم يرفع رئيس مجلس النواب تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى الملك.
ثانيا– بمبادرة نيابية:
يتولى رئيس المجلس المعني إشعار رئيس الحكومة فور التوصل بطلب تشكيل لجنة تقصي الحقائق داخل أجل لا يتعدى ثلاث أيام على أكبر تقدير، فيوجه رئيس الحكومة داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ إشعاره إلى رئيس المجلس المعني أفاده بأن الوقائع المطلوب في شأنها تقصي الحقائق هي موضوع متابعات.[22] أحكام القانون التنظيمي ، ثم يرفع رئيس الحكومة داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ إشعاره إلى رئيس المجلس المعني إفادة بأن الوقائع المطلوب في شأنها تقصي الحقائق هي موضوع متابعات و تتألف لجان تقصي الحقائق من ممثل عن كل فريق و مجموعة نيابية، ويتم اللجوء إلى قاعدة التمثيل النسبي في توزيع المقاعد المتبقية :
أ – حدود تعيين لجنة تقصي الحقائق:
بمقتضى المادتان 209 و 242 من النظام الداخلي. لا يجوز أن يشارك في أعمال لجنة تقصي الحقائق كل نائب أو نائبة سبق أن اتخذت ضده إجراءات تأديبية من أجل عدم حفظ أسرار لجنة مماثلة.
كما أن كل نائبة أو نائب له مصلح شخصية ترتبط بلجنة نيابية لتقصي الحقائق يوجد في حالة تضارب المصالح، قد يؤثر على تجرده، أو استقلاليته يخبر بذلك رئيس مجلس النواب قبل الشروع في القيام بمهمة البحث و التقصي.
ب– تشكيل و اختصاصات مكتب لجنة تقصي الحقائق المؤقت:
بمقتضى المادة 6 من القانون التنظيمي و المادة 42 من النظام الداخلي: بقوم أعضاء لجنة تقصي الحقائق بانتخاب رئيس اللجنة و نوابه و مقررها ، و يترأس اجتماع انتخاب أجهزة اللجنة العضو الأكبر سنا و يقوم العضو الأصغر سنا بمهام المقرر.[23]
كما تعطى الأسبقية في اختيار ما بين منصبي الرئيس و المقرر لفرق المعارضة، و لا يصح الترشيح للمنصب الذي تم اختياره إلا لعضو من فرق المعارضة.
الفقرة الثالثة: تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق:
سنحاول أن نتطرق في هذا المحور إلى اجتماع اللجنة من بحث دعوة، و النصاب و اتخاذ القرارات، و آليات العمال كما ستبين وسائل تيسير أشغالها، و حدود مهمتها كما سنوضح أيضا بعض الأمور الأخرى كالاستماع المرتبط بمهمة اللجنة ، وكذا العقوبات.
أولا– اجتماع لجنة تقصي الحقائق:
بالرجوع إلى المادتان 7و8 من القانون التنظيمي:
تجتمع اللجنة بدعوة من رئيسها أو بطلب من ربع أعضائها و يحدد في الدعوة جدول أعمال الاجتماع و مكانه و تاريخ انعقاده و يجب أن توجه هذه الدعة في أجللا يقل عن الأسبوع من هذا التاريخ ومن حيث النصاب لا تكون اجتماعاتها صحيحة إلا بحضور النصف على الأقل بعد أول استدعاء و قد يجتمع بمن حضر في الاجتماع الموالي الذي ينعقد داخل الأجل لا يقل عن ثلاث أيام.
و بالنسبة لاتخاذ القرارات اللجنة فتتخذها بالأغلبية، و عند تعادل الأصوات ترجح لصالح جانب الذي يكون فيه الرئيس و بالنسبة لآليات عملها نستعمل الوثائق فتطلع عليها أو في عين المكان عند الاقتضاء ولها الصلاحية لاستماع إلى إلى كل شخص يفيد اللجنة بشأن موضوع بحثها.[24]
ثانيا – اشتغال لجنة تقصي الحقائق و حدود مهمتها و الاستماع إلى الشهود و مقتضيات ذلك:
وفقا للمادة 6و8 من القانون التنظيمي و ذلك من أجل تيسير عملها حيث يضع مكتب مجلس النواب لها من الوسائل التي يراها لازمة أو كل المعلومات المهمة و يمدها بكل الوثائق المتعلقة بموضوع التقصي التي حدثت من أجله.
أما فيما يخص حدود مهمتها يحصل أعضاء لجان تقصي الحقائق على كل الوثائق اللازمة. لأداء مهمتهم باستثناء تلك التي تكتسي طابعا سريا يتعلق بالدفاع الوطني و أمن الدولة الداخلي أو الخارجي مع مراعاة مبدأ فصل السلط وبهذا تعتري عملها حدود معيارية يهم عدم شمولية اختصاصاتها.[25]
و من حيث الاستماع و طبقا للمادة 10 من القانون التنظيمي يجب على كل شخص ترك اللجنة فائدة في الاستماع إليه أن يستجيب للدعوة التي يسلمها إليه إذا اقتضت الضرورة ذلك، مفوض قضائي أو عون للقوة العمومية بطلب رئيس اللجنة. وأداء اليمين، طبقا لأحكام المادة 123[26] من القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية.و دون الإخلال بأحكام الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي:
ويتمتع المستمع بضمانات وفق المادة 11 من القانون التنظيمي يتمثل في حق الاطلاع على المحاضر قبل التوقيع و إبداء الملاحظات.
كما رتبت المواد 12-13-14 عدة عقوبات حسب كل صنف: كعقوبة عدم الحضور و الامتناع عن أداء اليمين، أو عدم موافاة اللجنة بالوثائق اللازمة لاستغلالها أو متعلقة شهادة الزور أو التأثير على الشهود أو الإدلاء بوثائق مزورة بالإضافة إلى عقوبة تتعلق بنشر معلومات تولت اللجنة جمعها علما أن هذه المتابعات تحركها النيابة العامة ما عدا في حالات معينة بناء على شكاية موجهة من رئيس المجلس.[27]
الفقرة الرابعة: انتهاء أشغال لجان تقصي الحقائق ومآل نتائجها و حالات الخلاف.
أولا– انتهاء أشغال لجنة تقصي الحقائق:
عندما تقرر اللجنة في اجتماع خاص بإنهاء أعمال التقصي، يقدم مقررها، أو نوابه ذلك المشروع تقرير إلى رئيس اللجنة قصد التداول فيه من طرف أعضائها، و تنتهي أعمالها بإيداع تقاريرها لدى مكتب مجلس النواب. وعند الاقتضاء تتم إحالته إلى القضاء من قبل رئيس مجلس النواب ومن حيث الأجل يجب أن يودع التقرير داخل أجل أقصاه ستة أشهر، و يمكن تمديده عند الاقتضاء بالمهلة اللازمة للمحكمة الدستورية كي تبت في الخلافات المعروضة عليه. و يمكن أن لرئيس مجلس النواب أن يعلن عن حل اللجنة بعد أن يعرض الأمر على المجلس إذا لم يتم إيداع التقرير داخل الأجل.
و يجب على أعضاء اللجنة الامتناع عن كل تعليق علني على مضمون التقرير المذكور قبل توزيعه على أعضاء المجلس المعني.
ثانيا – مآل نتائج أشغال لجنة تقصي الحقائق:
انطلاقا من المادة 17 من القانون التنظيمي. يتم إيداع تقرير لجنة تقصي الحقائق لدى مكتب مجلس النواب، أو إحالته على القضاء عند الاقتضاء، من قبل رئيس مجلس النواب.[28]
ثم نخصص جلسة أو جلسات عمومية لمناقشة مضمون تقرير اللجنة داخل أجل لا يتعدى أسبوعين، من تاريخ إيداعه لدى مكتب هذا المجلس وله أن يقرر نشر مجموع مضمون التقرير أو بعضا في الجريدة الرسمية للبرلمان.
ثالثا – الإحالة على المحكمة الدستورية في حالة حدوث خلاف:
انطلاقا من المادة 18 من القانون التنظيمي فالجهة التي لها الحق في إحالة الخلاف هما: رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، إلى المحكمة الدستورية و ذلك على أثر خلاف يحول دون سير عادي للجنة. وتبث المحكمة في الأمر بعد اتخاذ التدابير التي تراها مفيدة للنظر في الخلاف داخل أجل 30 يوما يحتسب من تاريخ الإحالة وفي ظل ذلك تعلق اللجنة أشغالها إلى حين صدور قرار المحكمة الدستورية.
الفقرة الخامسة: فيضان الجنوب و لجنة تقص الحقائق التي فشلت في مهمتها ما بعد دستور 2011
على إثر الفيضانات التي شهدها المغرب في جنوبه و التي أودت بحياة العشرات، وخلفت خسائر مادية جسيمة و قد فشلت مكوناتها في عقد الاجتماع الذي كان مبرمجا بعد افتتاح الدورة الربيعية بسبب غياب فرق المعارضة ممثلة في حزب الاستقلال و الأصالة والمعاصرة والتي كان عبد اللطيف وهبي رئيسا لها المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة وهي سابقة في تاريخ المغرب أن تتولى المعارضة رئاسة اللجنة إلى أن انتشر خبر مفاده استقالة الرئيس وبعد تم تحرير محضر من طرف مقرر اللجنة البرلمانية عن فريق العدالة و التنمية عبد اللطيف بوروحو و بالتالي أقبرت هذه المسألة التي هي أول تجربة في الدستور الحالي.
المطلب الرابع: علاقات مجلس النواب بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
تلعب الهيآت الاستشارية دورا حاسما في عقلنة الإقرار السياسي والإداري على حد سواء نظرا لما تقدمه من زخم هائل للمعلومات تمكن صانعي القرار من تفادي الإنزلاقات المحتملة التي قد تنتج غالبا من غياب رؤية توقعية عقلانية أثناء صياغة القرارات السياسية أو الإدارية أو غيرها. واعتبار لأهمية البعد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في أية سياسة تنموية هادفة سارعت العديد من البلدان إلى تأسيس هيئات عليا ذات بعد اقتصادي واجتماعي مع إحاطتها بكل الضمانات الدستورية والقانونية حتى تتمكن من الاضطلاع بالوظائف المنوطة بها.
وانطلاقا من المراجع التشريعية المتمثلة في الدستور و القانون التنظيمي 128.12 المتعلق بالمجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي و النظام الداخلي لمجلس النواب نلاحظ عدة قنوات تربط البرلمان بهذه المؤسسة ويمكن رصدها كالآتي :
– علاقة مجلس النواب بالمجلس الاقتصادي و الاجتماعي والبيئي فيما يخص مشاركة مجلس النواب في أشغال المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي و مشاركة هذا الأخير في أشغال مجلس النواب.
– علاقة مجلس النواب بالمجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي في جانبها المتعلق بالعضوية و شروط و ضوابط الاختيار و التعيين في المجال الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي.
– علاقة مجلس النواب ضمن العلاقات الواردة في اختصاصات المجلس الاقتصادي و البيئي و المساطر المتبعة في الإحالات و الاستشارات التي يطلبها مجلس النواب و مآلها في المجلس.
الفقرة الأولى : المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي في فصول الدستور.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي و البيئي مؤسسة دستورية كبرى محدثة بموجب الفصل 151 من الدستور. و طبقا للفصل 152 يقوم كلا من الحكومة و مجلس النواب على السواء باستشارته في جميع القضايا التي لها طابع اقتصادي و اجتماعي و بيئي، و في المقابل يدلي المجلس برأيه في التوجهات العامة للاقتصاد الوطني و التنمية المستدامة.
كما يحدد الفصل 153 من القانون التنظيمي لكيفية تأليفه و تنظيمه و صلاحيته و كيفية تسييره.
الفقرة الثانية: وظائف و صلاحيات المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي في علاقته بمجلس النواب.
يطلع المجلس الاقتصادي و الاجتماعي بمهام استشارية لدى الحكومة و البرلمان حيث يقوم: بإبداء الرأي في التوجهات العامة للاقتصاد الوطني و التنمية المستدامة.كما يقوم بإبداء الرأي في جميع القضايا الأخرى ذات الطابع الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي المتعلقة بالجهوية المتقدمة :
و يحلل الظرفية و يتتبع السياسات الاقتصادية و الاجتماعية و الوطنية والدولية وانعكاساتها و يقدم اقتراحات في جميع الميادين و ييسر و يدعم التشاور بين الفرقاء الاقتصاديين و الاجتماعيين و المساهمة في بلورة ميثاق اجتماعي إلى جانب هذا يقوم بإنجاز دراسات و أبحاث في ميادين مرتبطة بممارسة صلاحياته.
الفقرة الثالثة: الإحالة من طرف مجلس النواب و الإحالة الذاتية على المجلس الاقتصادي والاجتماعي
أولا – الإحالة من طرف مجلس النواب على المجلس الاقتصادي و الاجتماعي والبيئي
تتجلى من خلال المادة 3 و 4 من القانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي و البيئي و المادة 214 من النظام الداخل لمجلس النواب في:
أ – بخصوص الاستشارة في مشاريع و مقترحات قوانين
تلك التي تضع إطارا للأهداف الأساسية للدولة في الميادين الاقتصادية و الاجتماعية والبيئية، أو ذات الطابع الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي و لاسيما الرامية منها إلى تنظيم العلاقات بين الأجراء و المشغلين أو إلى سن أنظمة للتغطية الاجتماعية، التي لها علاقة بسياسة عمومية ذات طابع اقتصادي أو اجتماعي أو بيئي.
ب – الاستشارات في السياسات العمومية
حيث لرئيس مجلس النواب بناء على قرار مكتبه حق أن يوجه طلبا إلى المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي لإبداء رأيه أو إعداد دراسة أو بحث حول السياسات العمومية المحدد من قبل مكتب مجلس النواب و المراد تقييمها، و تحال التقارير المتعلقة بالأبحاث و الدراسات المشار إليها سابقا على اللجان الدائمة المختصة للاطلاع على مضمونها.
الفقرة الرابعة: الإحالة الذاتية للمجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي.
وذلك بالإدلاء بآراء أو تقديم اقتراحات أو ينجز دراسات أو أبحاث في مجال اختصاصاته ثم يخبر مجلس النواب بذلك .
الفقرة الخامسة : مسطرة الإحالة على المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي.
انطلاقا من المادة 5 و 7 و8 من القانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي و الاجتماعي والبيئي يستوجب عليه أن يدلي باقتراحات بخصوص قضايا المحالة عليه طبقا للمادتين 3و4 و على هذا الأساس الإحالة إما:أن تكون في حالة عادية أو في حالة استعجال، أو يتعذر عليه الإدلاء بالاستشارة المطلوبة:
أولا– الإحالة في الظروف العادية:
تكون لإحالة المشاريع، أو المقترحات برسالة إحالة من قبل مجلس النواب حيث يبدي المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي رأيه خلال مدة لا تتجاوز شهرين تسري ابتداء من تاريخ توصله بالإحالة.
ثانيا – الإحالة في حالة الاستعجال:
تكون بإحالة المشاريع أو المقترحات برسالة إحالة موجهة إليه من قبل مجلس النواب يشار فيها إلى حالة الاستعجال ودواعيها. آنذاك يبدي المجلس المذكور رأيه في هذه الإحالة خلال مدة لا تتجاوز عشرين يوما تسري ابتداء من تاريخ توصله بالحالة.
ثالثا-حالة تعذر الإدلاء بالاستشارة المطلوبة خلال المدتين المحددتين:
بإمكان المجلس أن يطلب بصفة استثنائية الأجلين المذكورين سابقا. تمديد الأجلين
و يكون الطلب برسالة يبين فيها المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي الأسباب الموجبة لهذا التمديد، حيث لا تتجاوز في الحالة العادية شهر و في حالة الاستعجال عشرة أيام.
و في حالة عدم الإدلاء برأيه في الآجال المشار إليها تعتبر المشاريع و المقترحات والقضايا المحال إليه غير مثيرة لأية ملاحظة لديه و بخصوص طلب الرأي أو إعداد دراسة او بحث من قبل رئيس مجلس النواب التي طلبها. كما يجب على المجلس النواب موافاة المجلس الاقتصادي، و الاجتماعي، و البيئي، تلقائيا أو بطلب منه بالمعلومات و المعطيات والوثائق التي من شأنها مساعدته و ممارسة صلاحياته.[29]
المطلب الخامس: أهمية المجلس الأعلى للحسابات كمؤسسة قائمة الذات و طبيعة العلاقة التي تربطها بالمؤسسة التشريعية.
إذا كان تقدم، و تطور الدول يقاس بحجم الموارد و الإمكانيات، التي تتوفر عليها، فإن مختلف البلدان تعمد على ترشيد نفقاتها، و مراقبة أساليب صرفها لمالها العام، مستهدفة حسن تدبير الموارد المالية، و في سبيل ذلك استحدثت أجهزة و مؤسسات تتولى الرقابة، على الأموال العامة و على غرار ذلك الدور المتقدمة و المتطورة، حرص المغرب في السنوات الأخيرة على تركيز اهتمامه على تفعيل و ترشيد الأجهزة العليا للرقابة على المال العام[30] لذا عمل المغرب على تحديث الرقابة المالية[31] من خلال اصطباغ الصفة الدستورية على مؤسسة المجلس الأعلى للحسابات كجهاز أعلى دون أي يهمل إحداث المجالس الجهوية للحسابات كتوجه جديد يتدرج في إطار اللامركزية من أجل حماية المال العام.
من هذا المنطلق سنحاول في هذا المطلب أن نتطرق إلى أهمية المجلس الأعلى كمؤسسة قائمة الذات، ثم سنتحدث عن الإطار القانوني المرتبط بالشق الاستشاري للبرلمان ثم، بعد ذلك سنسلط الضوء حول طبيعة العلاقة التي تربط مجلس النواب بالمجلس الأعلى للحسابات:
الفقرة الأولى : أهمية المجلس الأعلى للحسابات كمؤسسة قائمة الذات:
إن الفلسفة الدستورية من إحداث المجلس الأعلى للحسابات هي: تدعيم، و حماية مبادئ، و قيم الحكامة الجيدة و الشفافية و المحاسبة بالنسبة للدولة و أجهزتها.و الرقابة العليا على تنفيذ قوانين المالية، عبر التحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل، و مصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون و تقييم كيفية تدبيرها لشؤونها، و اتخاذ عند الاقتضاء عقوبات من كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة، و كذا مراقبة وتتبع التصريحات بالممتلكات، و تدقيق حسابات السياسة، و فحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية.
الفقرة الثانية:المرتكز الدستوري لعلاقة البرلمان بالمجلس الأعلى للحسابات:
تكريسا للبعد الحكماتي في تدبير الشأن العام من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة كمقوم من المقومات التأسيسية للنظام الدستوري الجديد أسس دستور 2011 ولاسيما في بابه 10 من فصله 147 إلى الفصل 150 لمجموعة من القواعد القانونية و المبادئ المؤسساتية المتطورة في منظومة الرقابة، التي تزاوج بين طابعها الفني و طابعها السياسي والمؤسساتي و ستركز اهتماماتنا بشكل خاص على الفصل 148:
” يقدم المجلس الأعلى للحسابات مساعدته للبرلمان في المجالات المتعلقة بمراقبة المالية العامة، و يجيب عن الأسئلة و الاستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع، و المراقبة و التقييم المتعلقة بالمالية العامة”[32]
بمقتضى هذا التعقيد الدستوري للاستشارة البرلمانية للمجلس الأعلى أصبح فضاء بناء، و قوة اقتراحية فيا يخص التوجهات السياسية العامة المتعلقة بالتدبير المالي:
– مراقبة و تتبع و تقييم مرافق لدولة، و الجماعات الترابية و تجمعاتها و الهيآت العمومية .
– مراقبة استخدام الأموال التي يتم جمعها عن طريق الإحسان العمومي.
– مراقبة توظيف الأموال العامة المسيرة من قبل إلهيآت العامة.
الفقرة الثالثة: علاقة مجلس الثواب بالمجلس الأعلى للحسابات من خلال النظام الداخلي لمجلس النواب:
أولا– الجهة المخول لها طلب المساعدة و موضوع هذه المساعدة:
لمجلس النواب أن يطلب من المجلس الأعلى للحسابات تقديم المساعدة في المجالات المتعلقة بمراقة المالية العامة، و يجيب عن الأسئلة، و الاستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع و المراقبة، و التقييم، المتعلقة بالمالية العامة طبقا لأحكام الفصل الثامن و الأربعين بعد المائة من الدستور.
ثانيا – عرض أعمال المجلس و أمام البرلمان و مسطرته:
يقدم الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات عرضا عن أعمال هذا الأخير أمام البرلمان و يكون متبوعا بمناقشة، داخل كل مجلس على حدة بين أعضائه و بين الحكومة.
يحدد تاريخ انعقاد هذه الجلسة المشتركة بإنفاق مع الرئيس للمجلس الأعلى للحسابات، و يعقد مجلس النواب جلسة تخصص للمناقشة بحضور الحكومة.[33]
المبحث الثاني: الصعوبات و العوائق التي تحد من قيام البرلمان بوظيفة تقييم السياسات الحكومية و سبل تجاوزها.
خلال هذا المبحث سنحاول أن نسلط الضوء حول العوائق ذات الطبيعة القانونية(العقلية البرلمانية) ثم سنعرج حول مؤثر العمليات الانتخابية و تأثير هندستها على مستوى أغلبية غير متجانسة و بعض الأعطاب المرتبطة بالجسم الحزبي و بيان تأثيره على عمل البرلمان. كما سنشير إلى العوائق المرتبطة أيضا بوسائل العمل و الفعل.
ومن حيث الحلول ستبسط الحديث حول ضرورة مباشرة الإصلاحات القانونية والتقنية : كالإصلاح الانتخابي ببعض الأنظمة المرتبطة بالبرلمان كالأنظمة الداخلية دون أن نغفل الحديث حول مدخل توفر الكفاءة و الإمكانيات البشرية و اللوجيستيكية حتى يمكن للبرلماني أن يكون فاعلا بالأخص في مجال التقييم.
المطلب الأول: العوامل المؤثرة في عمل البرلمان.
خضع البرلمان المغربي منذ إحداثه أول مرة 1962-1963 إلى سلسلة من المؤثرات كيفية عمله، و جعلت أداؤه محدود خلافا لما كان منتظرا منه، بل يمكن القول أنه ولد أصلا مقيدا في نص الوثيقة الدستورية، لاعتبارات خاصة بطبيعة التغيرات التي طالت بنية الحياة السياسية في العديد من النظم الديمقراطية، و في الممارسات التي شابت العمليات الانتخابية، وكذا الأدوار التي أنيطت بالأحزاب لانتقاء و تأطير العناصر الممكنة للنخبة البرلمانية.[34]
الفقرة الأولى:العقلنة البرلمانية.
أولا– تعريف العقلنة البرلمانية:
يقصد بالعقلنة البرلمانية تلك التقنية الهادفة إلى تحديد اختصاصات البرلماني في مجال القانون على سبيل الحصر، مقابل اختصاصات الحكومة أو مجال اللائحة، و قد تأثر المغرب بالمبدأ التي حتمته التجربة الفرنسية 1946-1958 على بناة الجمهورية الخامسة أن يعقلنوا عمل البرلمان بحصر و تقييد اختصاصاته بغية إبعاد مبدأ المشروع الأوحد، و تأصيل البرلمان المشرع، يشارك مع السلطة التنفيذية. و إذا كان التاريخ السياسي الفرنسي يضمن ما يكفي من الوقائع لتبرير لجوء مؤسسة الجمهورية الخامسة إلى اعتماد مبدأ العقلنة البرلمانية، فإن نظيره المغربي يخلو من كل ما يمكن أن يستند على هذا المبدأ.
ثانيا – مساهمة العقلنة في محدودية دور البرلمان في تقييم السياسات العمومية:
تتأسس الهندسة الدستورية المغربية على البرلمانية المعقلنة، التي تؤدي إلى تعميق الهوة بين السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية و ترجيحها لصالح هذه الأخيرة، و بالرغم من صدور الوثيقة الدستورية الجديدة التي منحت تصورا أكثر انفتاحا اتجاه البرلمان إلا أن من الصعوبة تجاوز محددات اتخاذ القرار السياسي بالمغرب في ظل بنى كلاسيكية لممارسة التي تعتمد على التوافقات و المساومات في ظل ديمقراطية متعثرة ومترددة إلى حد أننا لا زلنا نتحدث عن ما يسمى بالانتقال الديمقراطي. و بالتالي من الصعوبة الانتقال من رؤية دولتية متمركزة حول السياسات العمومية، إلى رؤية مفادها أن أشكال التعبير عن التفضيلات تصبح أقل شكلية وغير مسطرية.[35] هذا من جهة ومن جهة أخرى يلعب مفهوم المرجعية الذي يتم إنتاجه و تداوله في تحليلا السياسات العمومية و خاصة على مستويات القيم الأساسية، والمعايير التي تهم مبادئ العمل العمومي و استحضار العلاقات الناظمة بين السلط وتراكم الصور و التمثلات الذهنية أترث بشكل كبير في محصلة و مردودية عمل البرلماني.
لذا ولد البرلمان مقيدا بفعل استلهام المشرع الدستوري تقنية العقلنة البرلمانية من نظيره الفرنسي و قد أضافت طبيعة النظام المغربي عناصر أخرى ساهمت في تكريس الصورة المتواضعة للمؤسسة التشريعية بشكل بدت فيه هذه الأخيرة وكأنها ليست المكان الأساس لممارسة سلطتها بصفة عامة و سلطة تقييم السياسات العمومية بصفة خاصة، إذ انحصرت وظيفتها في أدوار تمثيلية ورمزية محدودة بل ذهب إلى اعتباره ذلك ليس إلا لأجل بناء المخيال السياسي.
الفقرة الثانية: شوائب العمليات الانتخابية
تشكل العمليات الانتخابية إلى جانب القيود الدستورية و القانونية عوامل مؤثرة في عمل البرلمان، و طبيعة أدائه، فمن اللافت للانتباه أن الانتخابات بصفة عامة، و التشريعية على الخصوص، ظلت موضوع خلاف، وتنازع بين الفاعلين السياسيين بخصوص نزاهة وصدقية نتائجها إذ ما فتئت تنتقض الإدارة و يقع التشكيك في حيادها حيال مسلسل الاقتراع على الرغم من كل الآليات القانونية المتمثلة في لجنة الإشراف على سير العمليات الانتخابية من أجل ضمانة سلامة التصويت و حياد الأجهزة.
أولا– صعوبة تكوين أغلبية برلمانية وازنة
فمن مكامن ضعف البرلمان ذات الصلة بالعمليات الانتخابية:صعوبة تكوين أغلبية وازنة و منسجمة قابلة على توجيه و تتبع و تقييم العمل الحكومي، بقدر كبير من الجماعية في المبادرة و التضامن في المسؤولية فإذا استثنينا التجربة البرلمانية الأولى 1963-1965 حيث تقاربت التوازنات داخل مؤسسة التشريعية، فإن التجارب اللاحقة حافظت على الطابع الفسيفساء للبرلمان، وكرست أغلبية محدودة علما ما لنمط الاقتراع و التقطيع الجغرافي أثر بالغ و مؤثر في وجود أغلبية قادرة على تكوين جبهة موحدة و متراصة تملك إمكانية الفعل و الأداء في التتبع و تقييم العمل الحكومي.
ثانيا– أعطاب الفعل الحزبي و تأثيره الغير المباشر في عمل البرلمان
يبقى أن نشير إلى أن البرلمان لم يتأثر فقط بالقيود الواردة في الوثيقة الدستورية، والممارسة التي شابت نزاهة الانتخابات، وحيادها بل تأثر أيضا بطبيعة الأحزاب المسؤولة دستوريا عن تأطير المواطنين و انتقاء ما يسمى النخبة البرلمانية، و بالرغم من الجديد الذي أتى به الدستور الجديد منها المنع من ظاهرة تغيير العباءة الحزبية أو ما يصطلح عليه بالترحال السياسي بعد الانتخابات، فقد أبانت الحصيلة من الحياة الحزبية وجود أعطاب حالت دون قيام الأحزاب المغربية بالأدوار، و الوظائف المنوطة بها فقد ساهمت ظاهرة الانشقاقات في صعوبة بناء الديمقراطية داخلها و في ما بينها على تعميق نزاعات الانشقاق و عزوف المواطنين على الانتماء إليها.[36]
ثالثا-الحصانة وظاهرة غياب نواب مجلسي البرلمان
كثيرا هي الظواهر و السلوكات التي كانت و مازلت تشوش على مصداقية البرلمان وتسيء إلى سمعته و صورته لذا الرأي العام و التي تحولت بسبب تواترها والتسامح غير المبرر إلى ثقافة تستوطن مختلف مفاصل العمل البرلماني من قبل التعسف في استعمال الحصانة و رغم اعتماد إلغاء الحصانة الجنائية بالإضافة إلى ظاهرة الغياب البرلماني التي باتت تؤرق المتتبعين بالإضافة إلى الحضور الجسدي فقط.
المطلب الثاني: الصعوبات المرتبطة بصنع القرار السياسي لأنه نواة السياسات العمومية، وبالوسائل المتاحة للعمل البرلماني
نتعرف خلال هذا المطلب على المشكل الذي يطرحه القرار السياسي ،من الفاعل فيه؟ وماهي خطواته؟ بالإضافة إلى الصعوبة التي يطرحها غياب وسائل العمل لدى البرلمان.
الفقرة الأولى: مشكل صناعة القرار السياسي و السياسات العمومية.
أولا– مشكل القرار السياسي:
و نشير إلى كون القرار هو مجموعة من الخطوات المتداخلة و المعقدة، كما يفترض أنه استجابة للمشاكل المطروحة. يقر الكثير من الباحثين في علم السياسة بصعوبة ترتبط ببنية و محددات و صنع القرار السياسي ، إذ ينطلقون من السؤال عن من يتخذ القرار؟ ومن يقرر فعلا؟ لاعتبار أن القرار الفعال المبني على أسس سليمة و واضحة تكون نتائجه إيجابية.[37]
و بما أن القرار السياسي يأتي كتتويج و استقرار و تبات على سياسة عمومية ما، حيث تنتظر أن تدخل حيز النفاذ مما يسترعي أساسا مرور هذه السياسات بالخطوات آلاتية:
– مرحلة التعريف بالموقف ، أو تشخيص المشكلة في ضوء المتغيرات.
– مرحلة تحديد البدائل و الخيارات المطروحة.
– اتخاذ القرارات باختيار البديل الأفضل من بين البدائل المطروحة باعتبار هو الأكثر قدرة على الاستجابة للمشاكل القائمة.
– التقييم والمتابعة تتم هذه المرحلة بعد اتخاذ القرار، ليتم تقييمه من أجل ضبط الانحرافات الحاصلة و تصحيحها في ضوء الأهداف المنشودة.
بالإضافة إلى ما سبق تواجه عمليات تقييم المشاريع و البرامج العامة صعوبات ترتبط بغموض الأهداف ذاتها، و تشعبها، فغالبا ما تصاغ صياغة فضفاضة، و عامة وعريضة و ذلك لضمان الموافقة عليها بالأغلبية عند عرضها للمصادقة، أو لإقرارها بعد صياغتها من قبل الجهات المكلفة بذلك، أما الصعوبة الأخرى فتتجلى في تحديد الأولويات، أو الأسبقيات في تنفيذ الأهداف أضف إلى ذلك تباين الآراء و المصالح للجهات القائمة.
إذ أن تقييم البرامج العامة قد يجري من قبل جهات متخصصة و لها معرفة و دراية بهذه العملية، و قد تستعمل وسائل و أساليب علمية في جميع البيانات و تحليلها و تفسيرها و مقارنتها، و بالتالي إصدار الحكم النهائي على هذه السياسات بالإضافة إلى عدم التخصص و الدراية قد يصبح هذا التقييم مجرد توقعات أو تخمينات.
كما لعملية المقاومة أي مقاومة التغيير قد تؤدي إلى إفشال عملية التقييم، أو عدم إتمامها، لما تحمل بين طيات التغيير من الأخطار المحدقة والذي تخشاه لانعكاس ذلك على الجهة المسؤولة على تنفيذ البرامج و نفوذها و ربما مستقبلها مما سيدفعها إلى عدم التعاون و تزويد الجهات المعنية بالمعلومات و البيانات. بالإضافة إلى كلفة التقييم: قد يتطلب إجراء عملية التقييم الكثير من الجهد و المال و الوقت بحيث أن تكاليفه المتنوعة تفوق العوائد المتوقعة منه و عند ذلك فإن التقييم يفقد أهميته و يقل حماس المطالبين به زد على ذلك قد يعمد بعض الذين يتوقعن ضررا من نتائجه إلى التشكيك بدقته، و محاولة التقليل من أهميته مدججين بذرائع و حجج واهية.[38]
هناك كذلك صعوبة الربط بين السبب و النتائج أن تقييم المشاريع و البرامج العامة يعتمد على إظهار النتائج و معرفة أسبابها أي :لا بد من ربط النتائج بأسبابها سلبا أو إيجابا فمثلا: إذا أردنا أن نقيم برنامج مكافحة الجريمة فلا بد من معرفة أسبابها، و ماهي الوسائل التي اتبعت لمعالجة أو لإزالة تلك الأسباب؟ و على افتراض أن أحد أسباب الجريمة هو الإدمان على المخدرات، و قد تبنت الحكومة برنامجا لمنعها أو التقليل منها و عند جمع المعلومات بعد تنفيذ هذا البرنامج وجد أن هناك انخفاض في معدلات الجريمة مما يعني نجاح هذا البرنامج غير أن هذا الانخفاض قد لا يكون سببا يرجع إلى سياسة الحكومة بل قد يكون سببه غير مباشر مرتبط بالتوعية الدينية التي قام بها القائمون على الشأن الديني مما يجعلها عملية غير واقعية.
الفقرة الثانية: الصعوبة التي يجدها البرلماني أثناء تقييم السياسات العمومية مرتبطة بوسائل العمل و الفعل.
لا شك أن قيمة و فعالية العمل البرلماني يقاس بمقدار ما توفره البيئة الداخلية للمؤسسة البرلمانية من تجهيزات و إمكانيات مادية و مالية، تحفزهم على البذل و العطاء وهي كلها عناصر دائمة لكل برلماني على قدم المساواة تستفيد منه فرق الأغلبية و الأقلية على حد سواء دون إحداث تفضيلات أو تميزات وعلى هذا الأساس لا نتصور برلمان مقيم لسياسات عمومية بشكل فاعل إذ لم تتوفر الموارد المالية و البشرية الكافية التي تعاونها وتساعدها في تأدية وظائفه، و يندرج ضمن الوسائل البحوث و المعلومات البرلمانية كحق مكتسب غير قابل للتجزيء، أو التنازل عليه أو مصادرته من طرف الحكومة و الأغلبية فالبرلمان بحاجة إلى معلومات حول العمل و السياسة الحكومية لكي يكون على بينة يشارك بشكل فعلي وجدي في النقاش البرلماني من أجل انسجام كامل في طرحها لمختلف البدائل في تدبير السياسات العمومية، لذا فالضرورة العملية الميدانية للممارسة البرلماني الجيدة تقتضي تمكين البرلمان من الحصول على جميع المعلومات لأنها تشكل ركنا محوريا في الأداء والتتبع و التقييم للسياسات الحكومية و يعتبر استثمار عصر المعلومات و الاستفادة من التطور الكبير في تكنولوجية الاتصال و التواصل و الانفتاح على المعلومات بين أنحاء العالم يشكل حصر الزاوية لمواكبة التحديات و مقاربة كل ما يحدث في العالم.
انطلاقا مما سبق يمكن إجمال الصعوبات التي تقف حجرة عثرة دون أن يقوم البرلمان بدوره الأصيل المتمثل في تقييم السياسات العمومية في الجهاز التنفيذي حسب الدستور الجديد 2011.
– غياب معيار تصوري واضح وجلي للمنهج التقييمي و هو ما يدفع إلى عدم تغطية كافة المجالات المتعلقة بتدبير سياسة عمومية ما .
– غياب رؤيا تنسيقية موحدة بين الوحدات المشرفة على عملية التقييم .
– غياب إطار قانوني منسجم يفرض ممارسة هذا الاختصاص بشكل يؤدي إلى أجرأة حقيقية للمقتضى الدستوري.
– أضف إلى ذلك القدرات المتواضعة التعليمية و الثقافية لممثلي الأمة.
و أمام هذه الحدود و المعيقات التي تجعل من مهمة البرلمان في تقييم السياسات العمومية ليست باليسيرة و الأمر الهين مما يجعل دوره محدودا للغاية ، ومن هنا نتساءل عن الحلول و الاقتراحات التي من شأنها أن ترفع من جودة من الأداء البرلماني وتجعله أكثر فاعلية؟.
المبحث الثاني:سبل تجاوز عوائق تقييم السياسات العمومية من لدن البرلمان.
في هذا المبحث سنتطرق إلى وسائل القانونية كمدخل للإصلاح كقانون الانتخابات وقانون الداخلي لمجلسي النواب دون أن نغفل توفير الإمكانيات البشرية واللوجيستكية والمالية وخصوصا كفاءة البرلمانيين كمسائل حاسمة في كل إصلاح منشود
المطلب الأول: الآليات القانونية و التقنية لتقييم فاعل للبرلماني.
إصلاح القوانين لبنة أساسية لذا سنرى في هذا المطلب إصلاح الانتخابات والقانون الداخلي لمجلسي النواب وإيجاد مدونة سلوك للبرلماني تأتي كرهان في مقدمة أي إصلاح
الفقرة الأولى: إصلاح النظام الانتخابي.
يأتي في مقدمة آليات الإصلاح التقني مسألة النظام الانتخابي كونه لا يعتبر أداة تلبية تسجيل الرأي العام ببساطة بل تعطيه شكلا معينا أو تغيره و قد تفرض عليه قالبا معينا فتبني نظاما انتخابيا معينا لا ينبع من كونه تقنية انتخابية فحسب بل من خلال النتيجة المتوقعة منه وفق رؤية سياسية معينة و التعاطي معه بشكل سليم يسهم في دعم المسار الصحيح نحو الديمقراطية و الاستقرار السياسي فنمط الاقتراع و التقطيع الانتخابي من جهة ثانية قد يغرقان الفضاء السياسي في اللاتسييس أو يدفعانه إلى مزيد من التسييس و يعملان على توفير النزاهة الانتخابية لانبثاق برلمان قوي ومساهم إلى حد بعيد في دعم البعد التواصلي بين المواطنين و النواب و كذا الأحزاب تجاوزا لواقع اللامبالاة اتجاه الشأن العام وضعف التعبئة و الإحساس بالمواطن لذا فجعله أكثر تمثيلية و ديمقراطية من الأفضل أن يعتمد هذا الإصلاح حسب اعتقادنا على نظام القائمة النسبية المعمم كما تقتضي العدالة التمثيلية تساوي الأصوات في تأثيرها و وزنها وهو أمر مثار نقاش عند مناقشة التقطيع الانتخابي يهدف إلى ضمان التكافؤ في التنفيذ كما جعلها[39] تحت إشراف قضائي كامل أو تأسيس لجنة عليا مستقلة تشكل من هيآت مدنية تشرف على سير العمليات الانتخابية برمتها أول بأول و استبعاد وزارة الداخلية عنها بشكل كلي مما يجعلها قادرة على محاربة استعمال المال الغير المشروع بشقيه العام و الخاص.
الفقرة الثانية : إصلاح النظام الداخلي لمجلسي البرلمان.
لاعتبار أن شكل شروط و قواعد إجرائية لتنظيم عمل البرلمان و في بعده السياسي يعد منظومة من الأفكار و الأعراف و المبادئ التي تستهدف تيسير العمل البرلماني ودمقرطته و جعله شفافا اتجاه المجتمع و صياغة النظامين الداخليين لغرفتي البرلمان بمضمون ديمقراطي يكفل حرية التعبير و حقوق المعارضة في إطار تشاركي مع استحضار التكامل المفترض بين المجلسين يعد مؤشرا على تقييد البرلمان نفسه بالديمقراطية قبل أن يكون مساهما في ترسيخ الديمقراطية المجتمعية وناشرا لها.
الفقرة الثالثة: نحو قانون أو مدونة الأخلاقيات و سلوكيات مهنة البرلمان.
أضحى إيجاد قانون لأخلاقيات البرلمان أمرا لا مفر منه ذلك أن التباعد الحاصل بين الأخلاق و العمل السياسي هو أصل التعثرات و مصدر العراقيل التي تعترض المساعي التنموية على جميع الأصعدة فغياب التخليق أدى إلى لجوء الأحزاب و المرشحين إلى المواقع و المناصب عوض المسؤولية إذ اعتبرت بمثابة صفقة تعود عليهم بالمنافع و الامتيازات خدمة لمآربهم ومصالحهم الشخصية و كان من نتائجه التعامل بانتهازية مع مسألة تدبير الشأن العام مما ولد إضافة إلى فشل مجهودات الانتقال نحو مجتمع التنمية و الديمقراطية يئسا لدى المواطنين و عزوفا لهم عن المشاركة في الحياة السياسية نظرا لما هو مشاهد من انتشار الفساد و الرشوة و نهب ثروات البلاد و المال العام و استغلال النفوذ و السلطة.
و في هذا التوجه نحو إحداث مرجعية لسلوكيات الأحزاب و النواب فقد نص الدستور في الفصل 158 من الباب 12 الخاص بالحكامة الجيدة على وجوب التصريح الكتابي بالممتلكات بالنسبة للمنتخبين بمجرد تسلم مهامهم لكن العملية تشهد تعثرا إذ لحد الساعة لم ينضبط كل النواب لهذا المقتضى في غياب أي جزاءات تترتب عن ذلك كأن يفصل من مهامه التمثيلية كما نص الفصل 167 على إحداث الهيأة الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة و محاربتها و في نفس التوجه عملت الهيأة المركزية للوقاية من الرشوة على إصدار الميثاق الوطني لأخلاقيات الممارسة السياسية الي لم يوقع عليه إلا 21 حزبا فقط.
الفقرة الرابعة:نحو إعادة النظر في قانون التصفية لأنه بوصلة تنفيذ مالية الدولة من جهة و تجسيد للسياسة العمومية.
إعادة النظر في قانون التصفية و إيجاد آليات تفعيلها لكون تصفية الميزانية هي بمثابة مقدمة للقانون المالي القديم لأن الرقابة و التقييم الذي يمكن أن تعاقب به الحكومة حفاظا على المال العام يوجد على مستوى قانون التصفية و هذا القانون تم إهماله و إضعافه و هو ما تم استدراكه في الدستور الجديد لسنة 2011 من خلال التنصيص الدستوري عليه و الذي يندرج في سياق ترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة حيث أن من أهم تجليات المبدأ عرض الحكومة لحصيلة نشاطها المالي ضمن إطار قانون التصفية الذي يعرض على المصادقة البرلمانية بالإضافة إلى تفعيل مبادرات البرلمان لعقد جلسات خاصة لمناقشة تقارير المجلس الأعلى للحسابات للوقوف على الاختلالات المالية[40]
المطلب الثاني: مدخل توفير الإمكانيات البشرية و اللوجيستيكية و المالية المستقلة والكفاءة البرلمانية كآلية إصلاحية:
الفقرة الأولى: على صعيد جميع أعضاء البرلمان:
إن الحديث عن مقاصد التطوير البرلماني و وسائله من شأنها تفعيل دور البرلمان واسترجاعه لسيادته كمؤسسة دستورية لها الصلاحية الكاملة في إعداد و تتبع و تقييم السياسات العمومية تكريسا لمبدأ سيادة البرلمان باعتباره الصوت الحقيقي للشعب في أية ديمقراطية و المعبر عن الإرادة العامة فعمل و أداء البرلمان رهين بتوفير الإمكانيات اللازمة المؤهلة و اللوجيستيكية المتطورة و المالية المستقلة و تشير في هذا الصدد بتبني إستراتيجية تكوينية لفائدة النواب حتى يتمثلوا أدوارهم النيابية بشكل يتسق و الضوابط البيوقراطية و يمتلكوا المهارات و التقنيات للقيام بالتقييم الفاعل لكل سياسة عمومية بكل احترافية و دربة عالية و بالنسبة للموارد البشرية و الإدارية يجب أن تكون على كفاءة عالية بالإضافة إلى توفير خبراء و مختصين يوضعون رهن إشارتهم على شاكلة دواوين استشارية إما على الصعيد اللوجيستيكي فهو لا يقل أهمية خصوصا في ظل تنامي ثورة.
الاتصالات و تشعب مهام المؤسسة البرلمانية و في نفس المنحى يحظى المجال البحثي و المعلوماتي بأهمية قصوى في إطار تأهيل العنصر البشري و هو ما يقتضي توافر مراكز البحث و قاعدة معطيات معينة و مكتبة برلمانية غنية بالمراجع خدمة للنواب و الطاقم الإداري و حتى الباحثين دعما للتواصل و الشفافية.
الفقرة الثانية: على صعيد المعارضة بصورة خاصة.
يجب تعزيز دور المعارضة البرلمانية بتمكينها بمختلف الحقوق لممارسة حقها الوظيفي خاصة فيما يتعلق بتقييم السياسات العمومية بشكل فاعل عوض تهميشها و جعلها أثاثا تتفرج دون حركة و استعمال وسائل الفعل دون قيد أو شرط من خلال دعم إمكانياتها على الصعيد الموارد المالية و البشرية الكافية غلى جانب هذا بجب دعم حرية التعبير وإبداء الرأي دون رهبة أو محاباة من خلال فتح حوارات حقيقية تعتمد على مقارعة الفكرة بالفكرة و الحجة بالحجة و البرهان بالبرهان و لا مكان للأفكار الهجينة و اللغو و اللغط فالأمر يتطلب الاجتهاد و الإبداع و الابتكار من أجل إيجاد الحلول و مواجهة مشاكل قد تكون أنية و مستعجلة أو اتخاذ إجراء تخفضي احترازية درءا لمشاكل مستقبلية ممكنة الحدوث لذا يجب أن تكون على مستوى الرهان و التحدي من جانب و بناءة لا هدامة و معارضة من أجل المعارضة.
المطلب الثالث:الحكامة كمدخل أساسي لتحقيق الجودة و الفعالية في تقييم السياسات العمومية.
إن البرلمان بوصفه مؤسسة مركزية للديمقراطية من جهة و بالنظر غلى وظائفه المهمة من جهة ثانية مطالب بتبني منهجية و أسلوب لأداء وظائفه بفعالية و كفاءة و القيام بطريقة تخدم احتياجات جميع مكونات المجتمع و هو ما سيجعله مساهما في نشر تحقيق الديمقراطية و التنمية و الحكمة البرلمانية أضحت مكونا ضروريا و ملحا أكثر من أي وقت مضى خصوصا في ظل تنامي الحاجيات و المتطلبات المجتمعية كنتيجة لتحولات سياسية وفكرية و مجتمعية على الصعيد العالمي ككل و هو ما تجد ترجمته كذلك على مستوى الخطاب مختلف الفاعلين بالحقل السياسي المغربي و مناداتهم بتبني حكامة برلمانية جيدة مما يعني تعثرات تقضي المعالجة و التجاوز وهنا سنقف عند خمسة معايير أساسية:
بخصوص التمثيلية يقتضي أن يكون البرلمان منتخبا بشكل ديمقراطي و يمثل الشعب سياسيا و اجتماعيا باعتباره قناة الشعب إلى ممارسة السلطة و هذا المعيار له ارتباط وطيد بالمنظومة القانونية خصوصا الدستور و تلك المتعلقة بالانتخاب و الأحزاب السياسية مع العلم أنها موضع انتقادات حتى مع التعديل الدستوري الأخير إذ وصف بمجمع المتناقضات بالنسبة للتمثيلية حيث ينصص في الفصل الأول:”نظام الحكم بالمغرب ملكية دستورية ديمقراطية و اجتماعية” ثم يقر في فصله الثاني و الأربعين بسمو تمثيلية المؤسسة الملكية:”الملك رئيس الدولة و ممثلها الأسمى و رمز وحدة الأمة و ضمان دوام الدولة واستمرارها و الحكم الأسمى بين مؤسساتها.[41]
الفقرة الأولى: كفاية البرلمانيين.
أولا:مدى استيعاب البرلمانيين لدورهم:
يعتبر البرلمانيون ملزمين مبدئيا باستيعاب الأدوار التي تستوجبها وظيفة التمثيل و النيابة عن المواطنين. غير أن ذلك مرتبط عمليا بوعيهم السياسي و درجة حرص أحزابهم و تنظيماتهم السياسية على إذكاء روح الاستيعاب و السهر على متابعتها في ممارستهم.
ثانيا :ستيعاب النصوص الدستورية و القوانين:
تعتبر درجة استيعاب النصوص الدستورية و القوانين ضعيفة بشكل عام: و متباينة من حيث الدرجة من نائب إلى أخر و من فريق إلى أخر، لأسباب متنوعة ذات الصلة بالخلفيات التعليمية للبرلمانيين و درجة استعدادهم لإعادة التكوين بما يتجاوب مع متطلبات وظيفتهم النيابية، و طبيعة تأطير أحزابهم، و مدى قابليتهم للانفتاح على الإمكانيات العصرية المتاحة في مجال الخبرة، سيما في الأمور ذات الصبغة الفنية و التقنية الدقيقة كالأمور المالية و العلمية المختصة.
ثالثا :آليات عمل البرلمان:
يعتبر النظام الداخلي و القوانين ذات الصلة وثائق مهمة لفهم العمل البرلماني و استيعاب آلياته، غير أن للممارسة دورا في تطوير ممارسة النائب و صقل تجربته، و يبدو أن البرلمان المغربي في حاجة إلى تعميق أدائه لمراكمة تقاليد قادرة على تكوين ثقافة برلمانية مستوعبة لآليات العمل و النصوص الناظمة له، و هو ما لا يمكن ملامسته في الجلسات العامة المبثوثة، و ما تنشره الصحافة المواكبة أحيانا لأشغال المؤسسة التشريعية.
رابعا :كيفية عمل الأنظمة الديمقراطية:
يفترض في الزيارات التي يقوم بها البرلمانيون في إطار ما يسمى “الدبلوماسية البرلمانية” أن تكون فرصة لهم للاطلاع على تجارب النظم الديمقراطية و الاستفادة منها،غير أن هذا الأمر لا يعطي مفعوله الإيجابي إذ لم تكن ثقافة المعني بالأمر(النائب) حاضنة لما لدى الأخر و مستوعبة قيمة ما راكمته.
الفقرة الثانية: قدرة المشروع للوصول إلى المعلومات المطلوبة لممارسة مهام التشريع و الرقابة:
يعتبر الوصول إلى المعلومة حقا للمواطن، فبالأحرى للنائب الذي يمارس وظيفة التمثيلية. غير أن الواقع خلافا لذلك لا يدل على توفر شروط ممارسة هذا الحق. لذلك، تبدو الحكومة مستحكمة أكثر في مصادر المعلومات عمليا، و إن كان الدستور و القوانين ذات الصلة تسمح للنائب بهذا الحق.
الفقرة الثالثة إجراء دورات تدريبية للبرلمانيين:
ليس في النظام الداخلي لمجلس البرلمان ما ينصص على هذه الإمكانية، غير أن ليس هناك ما يمنعها… بيد أن الفكرة غير ناضجة في وعي القيمة التي يمكن أن يستخلصها من التكوين، فالحاصل قيام الأحزاب ببعض الدورات لأعضاء فرقها، أو تنظيم لقاءات حوارية حول مواضيع ذات أهمية راهنية في إطار تعاون البرلمان مع بعض المنظمات الدولية، أو اللقاءات التي تتاح للبرلمانيين في إطار زياراتهم و مشاركاتهم في نطاق الدبلوماسية البرلمانية، غير ذلك، نعتقد، خلاف لما ورد في نتائج استبيان الخبراء، إلى أن المؤسسة التشريعية في حاجة لأن يصبح التكوين و إعادة التكوين بعدا أساسيا في ثقافة أعضائها، و هو ما سيصعب ملامسته الآن.[42]
الفصل الثاني: دور الشروط القانونية و السياسية في تحسين أداء البرلمان في مجال تقييم السياسات العمومية.
إن ما يميز السياسات العمومية هو شموليتها نتائجها لشرائح المجتمع كله، مما يحتم على البرلمان الاهتمام بمواكبتها وتقييمها بشكل مرحلي الأمر الذي يؤدي إلى زيادة فرص نجاحها وتحقيق المنافع المتوقعة عند تنفيذها، وتقليل احتمالات فشلها إلى أقل نسبة ممكنة وهذا مرتبط أساسا بما تخوله القاعدة القانونية والمجال السياسي من إمكانيات[43] .
على ضوء ذلك سنحاول الحديث عن أثر القيود القانونية في تحسين أداء البرلمان (المبحث الأول)ثم ننتقل إلى الحديث عن التكوين السياسي وانعكاسه على الدور المنوط به كذلك (المبحث الثاني )
المطلب الأول: القيود القانونية و أثرها البالغ في تحسين مرد ودية البرلمان في مجال تقييم السياسات العمومية.
من خلال استقراء المسطرة القانونية المنظمة للجلسة السنوية و كما يوضحها النظام الداخلي لمجلس النواب نجد أن تحضير و سير و مناقشة و تقييم السياسات العامة أمام البرلمان تشارك فيها عدة هيأت هي :
– رئيس مجلس النواب.
– مكتب مجلس النواب.
– الفرق و المجموعات النيابية.
– اللجان النيابية الدائمة.
بالنسبة للملاحظ لهذه المسطرة يرى أن الفرق و المجموعات النيابية ، هي التي تظهر على شاشة تقييم و مناقشة السياسات العامة لاعتباران المراحل السابقة لا يمكن رصدها و تتبعها بشكل من الدقة و الوضوح. و بالتالي فإن الفاعل الفعلي هي مؤسسة الرئاسة و الفرق و المجموعات النيابية في تقييم العرض الذي سبق لرئيس الحكومة أن قدمه أمام البرلمان المتعلق بتقديم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة طبقا لمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 101 من الدستور الجديد.
و بالرجوع إلى مداولات مجلس النواب لدورة أبريل 2014 من خلال محضر الجلسة التاسعة و الثمانين: بعد المائة و المنجزة بنتائج الاثنين 23 رمضان 1435 هـ(21 يوليوز 2014) تحت رئاسة رشيد الطالبي العلمي كرئيس لمجلس النواب و محمد الشيح بيد الله رئيس مجلس المستشارين و التي دام زمنها لساعتين و أربع و أربعين دقيقة ابتداء من الساعة الرابعة و الدقيقة الثامنة بعد الزوال.
نجد أن الهيآت الفاعلة في النقاش و التقييم هي الفرق و المجموعات النيابية في حين تتولى الهيآت الأخرى السالفة الأمور التقنية، كالتحضير و الإعداد و هذا ما يدفعنا بالقول أن أعمال هذه الهيآت لا يعدو إلا أن يكون ذات طبيعة استشارية و تنظيمية بالأساس.
و بالعودة إلى الفرق و المجموعات النيابية التي هي موكول لها فتح النقاش بأن العرض الحكومي تتساءل عن طبيعة هذه الفرق و انتمائها و ولاءاتها:
الفرق النيابية:
– فريق العدالة و التنمية.
– الفريق الاستقلالي للوحدة و التعادلية.
– فريق التجمع الوطني للأحرار.
– فريق الأصالة و المعاصرة.
– فريق الاشتراكي.
– فريق الحركي.
– فريق التقدم الديمقراطي.
أما الائتلاف الحكومي فيتكون من :
– حزب العدالة و التنمية.
– التجمع الوطني للأحرار.
– الحركة الشعبية.
– حزب التقدم و الاشتراكية.
– التقنوقراطيون.
و ما يهمنا من عرض هذه الهيآت هي تلك الفرق التي لها صفة نيابية و تنتمي إلى الأغلبية التي تنبثق منها الائتلاف الحكومي الذي يتولى إنجاز السياسات العمومية و هما من جذر واحد و عقيدة واحدة و أسرة واحدة.
فالسياسات إن سلمنا القول أنها تصبح ضمن الدائرة الحزبية و بالتالي الذي يؤمن به من كان له صفة نائب برلماني و من كانت له صفة تدبير حكومي هو واحد و الأمر سيان فليس الأمر بعيدا أن يكون مشاركا كفريق نيابي في إعداد و تحضير هذه السياسات و يكون مقيما لها، و هذا ما يتنافى مع التقييم الموضوعي و الاستقلالية باعتباره أن التقييم أي سياسة يقتضي الفصل التام بين الجهة الموكولة لها إعداد و تحضير السياسات العامة، فلا يعقل أن يكون حكما وداعيا.
في ذات الوقت و نستحضر التجربة الفرنسية لاعتبار أن المغرب متأثر إلى حد بعيد بها و بخصوص موضوعنا هذا نجد أن فرنسا خلقت لجنة خاصة لتقييم و مراقبة السياسات العمومية[44] كجهاز ينزع نحو الاستقلالية لها تمثيلية واسعة و بالتالي تكون قد تجاوزت و لو بشكل قليل ما هو قائم في المغرب من الالتباس.
المطلب الثاني: أثر القصور القانون على أداء فاعل للبرلمان من خلال اللجوء إلى مسطرة المداهنات و الخروج عن الموضوع و التوافقات أحيانا أخرى.
يحكم الفراغ القانوني الذي ينجلي في غياب جهاز مستقل له كامل الاستقلالية و التجرد أصبح جلسات البرلمان عبارة عن فرجة، و مجال للتدافع، و تمرير الخطابات البعيدة عن ما هو مقصود و أحيانا خطابات مداهنة و أحيانا ينزع البرلمان إلى التوافق كطريقة لتدبير نقاش عمومي. وهذا ما سنبينه لاحقا.
الفقرة الأولى: سيادة منطق المداهنات:
تكاد تكون بارزة للعيان هذه المداهنات كأثر مباشر للقصور القانونية إذا ما ألقينا نظرة حول محضرا من محاضر الجلسات الخاصة بمناقشة العروض التي يتقدم بها رئيس الحكومة أمام البرلمان.
فمن خلال مداولات مجلس النواب دورة أبريل و المحضر المنجز، بهذا الصدد أن نستشف ذلك بالتطرق إلى بعض النقط التي وردت في خطابات بعض الفرق النيابية، ردا على عرض تقدم به رئيس الحكومة بمناسبة الحصيلة المرحلية الحكومية:
– نبدأ بنقطة جاء بها رئيس الحكومة بصدد عرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة: “… فعلى الصعيد السياسي لا بد من التذكير بأن تجربة الحكومة الحالية جاءت ف إطار سياق استثنائي وطنيا و إقليميا و دوليا اتسم بانبعاث حراك شعبي في بلدان المنطقة عكس إرادة الشعوب مناهضة الفساد و الاستبداد و المطالبة بالكرامة…[45]”
– مداخلة عبد العزيز العماري كممثل لفريق العدالة و التنمية، كرد و مناقشة العرض المرحلي لعمل الحكومة:
“… لقد استمعنا باهتمام كبير إلى عرضكم السيد رئيس الحكومة و تابعنا بارتياح مضامينه و صدق و أهمية المعطيات الواردة فيه و التي تعكس أننا بصدد حصيلة إيجابية، حصيلة مشرقة للأداء الحكومي…”
كما ناقشنا هذه الحصيلة و نحن نستحضر مطالب الحراك الشعبي الذي عرفه المغرب سنة 2011 و كان شعاره الأساسي كرد فعل على المنطق التحكم و السلطوية[46]
– مداخلة المستشارعن فريق الأصالة و المعاصرة بصدد الحديث عن:
“… هل نحن بحاجة إلى التذكير بجبهة الخصومة الواسعة التي فتحتموها.”
يتبين من خلال هذه الأمثلة للخطابات التي جاءت بصدد مناقشة، و تقييم العرض المرحلي لعمل الحكومة.يكاد أن يكونا متطابقين، أحيانا على مستوى الشكل أو المضمون، و اقحام عبارات التودد و المداهنات[47].
عوض استحضار الحجج، و إبراز مكامن الضعف و القوة في حصيلة البرامج المدلى بها من طرف رئيس الحكومة، و أحيانا بعيدة كل البعد عن موضوع المناقشة حيث أصبحت هذه الجلسات، وسيلة للدعاية و ليس مجال للتفاعل بين مؤسستي ثمارها تقييم السياسات العمومية تستحضر المواطن في قلب اهتمامها بدل المكاسب الحزبية و المصلحية الضيقة.
يمكن أن نخلص انطلاقهما سيق في هذه الفقرة حلول منطق المداهنات و الخروج عن الموضوع مستغلا الفراغ و الشروط القانونية لتفعيل عملية التقييم من خلال إقرار المسؤوليات، و الاختصاصات الدقيقة كرهان أصبح يفرض ذاته.
الفقرة الثانية: سيادة منطق التوافقات في مجال تقييم السياسات العمومية بسبب غياب قانون مؤطر.
من الصعوبات التي يمكن أن تطر أمام البرلمان هي كيف يمكن أن يقوم البرلمان بعملية تقييم للسياسات أنجزت باسم لكن صانعها التوافق و أحيانا بتدخل ملكي.
ففي المجال الاجتماعي الكل يستحضر في هذا الصدد الضجة التي أحدثت بسبب الخطة الوطنية لإدماج المرأة، و ما خلقته من انقسام حاد استوجب تدخل ملكي حيث كلف لجنة بإعدادها خارج الحكومة، و هو نفس الحال مع قضية الإجهاض حاليا.
حيث عهد الأمر ، إلى ثلاث وزراء هم مصطفى الرميد و وزير العدل و الحريات، و أحمد التوفيق وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية و إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان حيث رفعت نتائجه إلى الملك.
يتضح أن القرار السياسي الحكومي قد ينفلت منه ليحتضن من طرف فاعلين آخرين و يتعذر عندئذ قيام البرلمان بتقييم حقيقي فكلما كانت شروط قانونية، واضحا و سليمة كلما سهلت عملية التقييم بالنسبة للبرلماني.
المطلب الثالث: تأثير تدفق المعلومات على فعالية و مردودية و أداء البرلمان لمهمته في تقسيم السياسات العمومية.
في هذا المطلب سنقف حول التباين الواضح بين ما تورده الوثائق. البرلمانية من خلال المحاضر المنجزة في نفس السنة بمناسبة عرض الحصيلة السنوية من طرف رئيس الحكومة، و ما أعقبه من نقاش و تقييم كما ستعزز هذا التباين من خلال بحث ميداني لمركز حرية الإعلام.
و تأثيره على الأداء البرلماني في تقييم السياسات العمومية لاعتبارات البرلمان الذي لا يملك معلومات و بيانات كافية عن موضوع التقييم فلا يعقل أن يقوم بالدور المنوط به و هذا ما سنحاول توضيحه من خلال تتبع مضامين النقاش و التفاعل البرلماني الحكومي من خلال ما ورد في الوثائق البرلمانية.
الفقرة الأولى: تباين و اختلاف الخطابات المدلى بها و أثرها على الأداء البرلماني من حيث التقييم.
سوف نعرض كلمة بمناسبة عرض الحصيلة السنوية من طرف رئيس الحكومة خلال دورة أبريل 2014 تتعلق هذه النقطة بالمجال الاجتماعي و بالضبط الصحي و هي كالأتي:
“… تخفيض أسعار 320 دواء سنة 2012 بمعدل تخفيض قدرة %50 و أزيد من 1250 دواء إضافيا تراوحت نسبة تخفيض عدد منها بين20% و 80% …”[48]
ثم تدرج من خلال مناقشة رئيس الحكومة للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة و هي مداخلة لعبد العزيز العماري عن فريق العدالة و التنمية بصدد مناقشة نفس المجال السالف ذكره:
…الحركة التي اتخذتموها باش تقوموا بقرار تخفيض أثمنه أكثر من 1500 دواء في مواجهات اللوبيات التي كانت كتحصد أرباحا فاحشة عل حساب القدرة الشرائية للممواطنين[49].
يقول “… وسعيا إلى ضمان استفادة المواطنين من الخدمات و التغطية الاجتماعية أنشأت الحكومة في سنة 2012 صندوق دعم التماسك الاجتماعي بغلاف مالي يناهز 2.5 مليار درهم و 3.5 مليار درهم في سنة 2013 بهدف هذا الصندوق إل تمويل العمليات المتعلقة بنظام المساعدة الطبية RAMED و برنامج تيسير الذي تقدم الكلام عنه…[50]
هذا الخطاب مختلف تماما من حيث الرقم المدلى به من طرف رئيس الحكومة مع علي لطفي رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، من خلال التصريح المدلى به لجريدة المساء و الذي كان ضيفا عند الصحافي إسماعيل روحي.
“ماهي الاختلالات التي عرفها نظام المساعدة الطبية راميد؟ اعتقد أن أهم الاختلالات و النواقص الذي يشكو منها نظام المساعدة الطبية لدوي الدخل المحدود أو ما يسمى براميد و منذ دخوله إلى حيز التطبيق سنة 2012 تكمن في عدم الالتزام بتمويل و تخصيص ما يقارب 2.7 مليار درهم لذلك فإلى حدود اليوم لم يتم رصد أية اعتمادات مالية للمستشفيات العمومية سواء الجامعية منها أو تلك المدبرة بطريقة مستقلة…[51]”
و بالعودة إلى العدد المشار إليه بخصوص تخصيص عدد من الأدوية الأول أشار إلى 320 و الثاني إلى أكثر من 1500 تم تخفيضه مما يوضح تضارب و عدم دقة المعلومات المدلى بها و تتم أنهم لا يغرقان من بئر معلوماتي واحد على الأقل و لاسيما أنهم كلا الوثيقتين هما لنفس السنة.
و الوثيقة الثانية تناقش الوثيقة الأولى الشيء الذي يعكس أن هناك هوة بين تقييم حقيقي و تقييم يقوم على معطيات لا تتسم بالدقة و الموضوعية، أضف غلى هذا أن معظم المداخلات للفرق النيابية تفتقر إلى الأدلة و مقارعة الحجة بالحجة و الدليل بالدليل حيث يأتي الخطاب عبارة عن كلام عام وأحيانا عاطفي يفتقر إلى البيانات الأساسية و المنطق العلمي المقبول وفي هذا الصدد تدرج مداخلة لحميد شباط عن الفريق الاستقلالي للوحدة و التعادلية بصدد الحديث و مناقشة حصيلة المرحلية لرئيس الحكومة بخصوص المجال الاجتماعي . موضوعه الزيادة في الأسعار.
“… أليس في هذا الشكر اعترافا بأنكم حرجتم الناس المحن و سقتموهم إلى ضيق العيش و أن الحكومة التي تدعوه أنها نزلت بردا وسلاما قد تاجرت في المكتسبات الاجتماعية و تجاوزت الخطوط الحمراء الشهيرة و تحولت إلى نافخ الكبير الذي ينفث لهيب الزيادات في الأسعار و يلقح حبوب المواطنين.”[52]
يتبين من خلال الأمثلة التي سبق الإشادة إليها أن هناك كساد معلوماتي و فقر كبر في المعطيات و البيانات و المعلومات عبارة عن كلام منمط أدبي عاطفي دعائي في أهدافه و مرماه و ما يزكي هذا الطموح هو البحث الذي قام مركز حرية الإعلام به تحت عنوان إشكالية حصول البرلماني المغربي على المعلومات و الوثائق حيث حاول البحث أن يرصد العوائق التي تحول دون تدفق و تيسير الحصول على المعلومات معتمدا على منهج ميداني يستعمل الاستمارة و الزيارات و المقابلات و لا بأس أن نتطرق إلى أهم خطواته كمحور خاص.
الفقرةالأولى:بحث ميداني حول إشكالية حصول البرلمان المغربي على المعلومات والوثائق من إنجاز مركز حرية الإعلام
في إطار برنامج المركز حول «الحق في الحصول على المعلومات العمومية: حق للجميع»، وسع مركز حرية الإعلام اهتمامه نحو مجال يندر البحث فيه بالمغرب، ويتعلق الأمر بنظام المعلومات بالبرلمان. ولإنجاز هذا البحث تم الاعتماد على زيارات ميدانية لمجلسي البرلمان ومقابلات مباشرة مع برلمانيين من المجلسين. بالإضافة إلى استمارة تتضمن 38 سؤالا استهدفت عينة تتكون من 150 برلمانيا (أي ما يشكل ربع البرلمانيين المغاربة)، تم اختيارها دون اعتبار النوع والانتماء السياسي. شملت أسئلة الاستمارة ثلاثة محاور كبرى ترتبط بعلاقة البرلمان بالحكومة حول توفير المعلومات، والبنية الداخلية لنظام المعلومات في علاقتها بالحاجيات الأساسية للبرلماني للمعلومات والوثائق، ومصادر المعلومات الخارجية التي يستعملها البرلماني.
وكشف هذا البحث عن نقائص كبرى في نظام المعلومات في البرلمان المغربي، بناء على تقييم البرلمانيين أنفسهم لأداء مكونات بنية هذا النظام.
أولا:منهج البحث :الإستمارة والزيارات والمقابلات[53]
لإنجاز هذا البحث، إختار المركز منهجا اعتمد على استمارة وجهت ل 150 برلمانيا من المجلسين، وعلى مقابلات وزيارات ميدانية للمؤسسة التشريعية لنتمكن من معرفة فعالية نظام المعلومات للبرلمان المغربي.
أ-الإستمارة: ضمت الاستمارة الموجهة إلى البرلمانيين لتقييمهم بأنفسهم نظام المعلومات داخل البرلمان 38 سؤالا، بين رئيسي وآخر فرعي، وشملت ثلاثة محاور أساسية:
علاقة البرلمان بالحكومة بخصوص طلب وتوفير المعلومات
دور البنية المعلوماتية للبرلمان في توفير المعلومات التي يحتاجها البرلماني
تقييم البرلماني لمصادر من خارج البرلمان للتدفق الحر للمعلومات (المواطنون، المجتمع المدني، وسائل الإعلام) قد تم ملء هذه الاستمارة إما بتوزيعها على بعض مكاتب الفرق، أو بتسليمها الشخصي وملئها مباشرة من طرف البرلماني. ولم يتم إلغاء أي استمارة من طرف العينة المختارة (150 عضوا) بسبب تعاون البرلمانيين واحترام المشترك للتعاقد الأدبي الذي تضمنته رسالة مركز حرية الإعلام المرفقة بالاستمارة.
ب:الزيارات والمقابلات
إلى جانب الاستمارة، اعتمد المركز في هذا البحث على جمع المعلومات من خلال القيام بزيارة ميدانية لكل من مجلس النواب والمستشارين، ومعاينة مختلف الأقسام والمصالح المرتبطة بنظام المعلومات داخل البرلمان: (الوحدة السمعية البصرية، الخزانة أو المكتبة، الأرشيف…)، أو عبر قيامه بمقابلات شخصية مع وزراء وبرلمانيين، وأطر وإعلاميين مهتمين بالشأن البرلماني. وقد تضمن الجزء الثاني من هذا البحث نتائج هذه الزيارات الميدانية والمقابلات الشخصية.
ينقسم هذا البحث إلى محورين : المحورالأول يحلل نتائج الاستمارة فيما يحلل المحور الثاني بنية نظام المعلومات في البرلمان.
ج:أهم نتائج الاستمارة .
أفرزت الاستمارة العديد من النقائص التي تشوب نظام المعلومات في البرلمان المغربي:
أكد %35 من البرلمانيين أن السلطة التنفيذية والإدارات العمومية لا توفر للبرلماني الوثائق والمعلومات التي يحتاج إليها في أداء عمله.الذين أقروا أن الجهاز التنفيذي يوفر لهم ذلك ، ما يقارب نصفهم %46 ذهبوا إلى أن الحكومة لا تحترم الآجال القانونية لتسليمهم المعلومات التي يطلبونها، وأرجعوا ذلك إما لإهمال من طرف المصادر الرسمية (%43)، أو لغياب التواصل من طرفها (%43)، أو لمعلومات سرية حسب المصادر الرسمية (%14).
ذهب (%46) من البرلمانيين إلى وجود وثائق ومعلومات تمتنع الحكومة والإدارات العمومية عن توفيرها للبرلماني، وربطوها إما بكونها وثائق سرية مرتبطة بالسر المهني المنصوص عليه في قانون الوظيفة العمومية، أو بغياب قانون ملزم للحكومة بمد البرلماني بالمعلومات التي يحتاجها في أدائه التشريعي أو الرقابي، أو وثائق لها علاقة بالجيش أو الأمن أو الصحراء أو الملفات المرتبطة بالعلاقات الخارجية، و بميزانية القصر و الميزانية العسكرية وميزانية صناديق بعض المؤسسات التي لا يشرف عليها البرلمان، أو وثائق حول الضرائب ، و منهم من أرجعه إلى مجرد إهمال من الجهاز التنفيذي.
أجمع %49 منهم أن الجهات الرسمية لا تبرر رفضها تزويد البرلماني بالوثائق والمعلومات التي يطلبها، و الذين أكدوا أنها تبلغهم برفضها، أجمع %65على أن الحكومة لا تبلغهم بذلك كتابيا.
صرح %65 أن الأجوبة التي يقدمها الجهاز التنفيذي في الجلسات العامة حول أسئلة البرلمانيين لا تتضمن المعلومات و المعطيات التي يطلبونها. و ذهب %44 إلى أن أجوبة الحكومة لا تتمتع بالمصداقية.
أقر%34 من البرلمانيين بوجود موضوعات لا يستطيعون مساءلة الحكومة حولها أو يجدون صعوبة في طرحها في أسئلتهم على الحكومة. منها ميزانية البلاط الملكي، وما يرتبط بالسلطات العليا أو ما يدخل في دائرة أسرار الدولة، العلاقات الخارجية و العدل وحقوق الإنسان المرتبطة بالاعتقالات التعسفية و الضرائب و بعض المواضيع الدينية.
أجمع %70 منهم على عدم توفير الإدارة لبنية معلوماتية كافية للبرلماني، ف%59 منهم اعتبروا المكتبة البرلمانية متوسطة أو ضعيفة، و%93 أكدوا أن الموقع الإلكتروني متوسط أو ضعيف، و %84 منهم اعتبروا أن محتوياته غير مفيدة لهم في الحصول على المعلومات وحكموا بأنه ناقص أو لا فائدة منه. و%89 أقروا أن الأرشيف البرلماني دون المستوى.
أكد %94 من البرلمانيين عدم توفرهم كأعضاء على ميزانية خاصة للقيام بأبحاث و دراسات، و %91 نفى وجود ميزانية خاصة بالبرلماني لاقتناء الكتب و الصحف و المجلات، %69 نفوا حتى أن يتوفر الفريق البرلماني على هذه الميزانية و أجمع %58 من البرلمانيين على أن أحزابهم لا توفر لهم بنية للمعلومات و الوثائق المرتبطة بأدائهم البرلماني.
ذهب %72 إلى أن مستشاري الفريق البرلماني هم من يوفرون الدراسات و الوثائق و المعلومات للبرلمانيين، %28 نفوا ذلك و أعادوه إما لضعف تأطير موظفي الفريق (%38) أو لغياب ميزانية (%32) أو لضعف معرفة الموظفين. و أرجعها %8 منهم إلى مجرد إهمال وظيفي. و حول تعاون البرلمانيين في مجال تبادل المعلومات و الوثائق، نفى %49 وجوده، و الذين أكدوا وجود تعاون ربطوه بالفريق البرلماني%48، و%6 فقط ذهبوا إلى وجود تعاون بين الفرق.
صرح %66 من البرلمانيين عدم توفرهم على مكتب للتواصل مع الساكنة في دائرتهم الانتخابية. و%34 الذين أكدوا توفرهم على مكتب، وذهب %68 إلى أنه على حساب ميزانيتهم الخاصة، و%28 ربطوه بالمقرات الحزبية.
صرح %70 بعدم لجوئهم إلى مؤسسات غير حكومية خارج البرلمان للحصول على معلومات مرتبطة بدورهم التشريعي. فيما أجمع %89 على أن الإعلام يعتبر مصدرا أساسيا لمعلوماتهم. أما تقييم البرلماني لشكل تغطية الإعلام لأنشطة البرلمان، فكان حكمه بعدم جودة هذه التغطية على الشكل التالي: %85 الإذاعات الرسمية، %67 الصحافة الحزبية،%63 الصحافة المستقلة، %43 التلفزيون.
أجمع % 95 على أهمية وجود قناة برلمانية كمصدر للمعلومات. و في تفسير سبب تأخر ظهور المشروع إلى الوجود، أرجعه %33 إلى أسباب مالية و %26 إلى أسباب تقنية، %23 إلى عدم الاتفاق مع من له سلطة تسييرها، فيما تعددت أراء %18 بين أسباب عدة: %77 يجهلون الأسباب و الباقي أرجعه إما إلى عدم كفاءة البرلمانيين إعلاميا أو إلى غياب إرادة حقيقية أو غياب إستراتيجية خاصة بالموضوع أو لجهل بالدور الذي يمكن أن تلعبه هذه القناة.
ثانيا:خلاصة حول عوائق الولوج إلى المعلومات واقتراحات للحكومة والبرلمان
أ:صعوبات الولوج إلى المعلومات.
الإطار السياسي المنتج للبرلماني المغربي، أي الحزب أو النقابة… لا يقوم بأي دور بيذاغوجي للتكوين والتأطير المستمرين لبرلمانييه ولمساعديه من موظفي الفرق الحزبيين ومساعدتهم عبر إعداد بنية للمعلومات التي يحتاجون إليها. و يشتكي الكثير من البرلمانيين، خاصة البعيدين عن مركز القرار أو عن الحواضر الكبرى القريبة من العاصمة، من غياب، ليس فقط آليات العمل التي ترفع من أدائهم البرلماني، بل أيضا من الأطر الحزبية الكفءة سواء في مجال التسيير الإداري أو في التكوين القانوني أوالوعي الإعلامي.
عدم فعالية الأجهزة المكونة للإدارة البرلمانية ووظيفة اللجان، فيما يرتبط بتدفق كم المعلومات داخل البرلمان بين مختلف مكوناته التنظيمية من جهة، وبينه وبين المواطنين ووسائل الإعلام والمجتمع المدني من جهة أخرى.
ضعف الثقافة السياسية والمرجعيات التعليمية لبعض البرلمانيين يطرح عوائق كبرى في استثمار البيئة المعلوماتية المتوفرة. إذ كيف يعقل أن المستشارين لم يتساءلوا عن غياب مكتبة ومصلحة للأرشيف في بناية حديثة، كما أن ضعف الموقع الإلكتروني يعود بشكل كبير إلى عدم ولوجه من طرف البرلمانيين وعدم نقدهم لمحتوياته في اتجاه إثرائه وتجويده وتحيين معطياته.
إذا كان الأرشيف الوطني بالبرلمان هو جزء من ذاكرة أمة، فإن الوضعية المؤسفة التي يوجد عليها الأرشيف بمجلس النواب في البناء تحت أرضي، وتخلي مجلس المستشارين عن أرشيفه الذي كان بالبناية السابقة التي كان يكتريها، حيث يتحدث الموظفون عن ضياع كل الأرشيف السابق، وغياب مكان خاص به في البناية الجديدة، يطرح أسئلة مقلقة وملحة حول ضرورة البحث عن حلول عاجلة لتنظيم الأرشيف والوثائق بالمجلسين.
باستثناء الجلسات العامة، فإن جلسات اللجان الدائمة مغلقة وجلسات لجان تقصي الحقائق سرية ولا يعرف عنها العموم شيئا. ومن النقاشات التي تؤرق البرلمانيين، تلك الصورة النمطية، غير الإيجابية التي يحملها الرأي العام عن وظيفتهم من خلال الجلسات العامة، بحكم أن المهام التي يمارسونها بشكل مراطوني تكون داخل اللجان الدائمة خاصة في مراحل الدروة، وخلال مناقشة القانون المالي الذي تمتد فيه النقاشات إلى الفترات الأولى من صباح اليوم الموالي، لانطلاق جلسات دراسة المشروع الأم أو ميزانية المشاريع القطاعية، إذ لا يستطيع الرأي العام الإطلاع عليها نظرا لفرض السرية على جلسات اللجان الدائمة، والاكتفاء بتعليق مختصر لرؤساء اللجان لوسائل الإعلام يكون غير كاف لتقديم معلومات للمجتمع لتعميم التصورات والآراء الرائجة في جلسات النقاش داخل هذه اللجان، وإبراز مجهود الفرق، خاصة الجادة منها، ومشاركة المواطنين في السياسة العامة ووضع البرلمانيين تحت رقابة الناخبين.
غياب وسائل العمل الضرورية لعمل أعضاء البرلمان وموظفي الفرق البرلمانية، خاصة مجلس المستشارين، الذي لا يتوفر على مطبعة بمواصفات تقنية حديثة وسريعة في تهييء الوثائق لأعضاء المجلس أو الباحثين ووسائل الإعلام المتتبعة لأشغاله. وسائل الطبع الحالية جد بسيطة، بالإضافة إلى مكان تهييء هذه الوثائق الذي يشكل وصمة عار في قلب أجمل بناية في قلب الشارع التاريخي للعاصمة، لأنه أقرب إلى زنزانة منه إلى مطبعة، تهدد صحة العاملين بها، وتنعكس على مردوديتهم، يضاف إلى ذلك أن أغلب الأدوات المكتبية الموضوعة رهن إشارة الفرق إما معطوبة، حالة آلات النسخ، أو أنها تعاني خللا تقنيا رغم حداثة اقتنائها (الفاكسات مثلا).
غياب آليات تواصل حقيقية مع القطاعات الحكومية لتوفير المعلومات التي قد يطلبها البرلمانيون، والتي يتم الاعتماد فيها حاليا على المجهود الشخصي للبرلماني الدؤوب، أو غالبا بفضل اجتهاد بعض الموظفين الذين راكموا علاقات مهمة خلال مسارهم المهني. ومن معضلات البرلمان، ويبدو الأمر أوضح في مجلس المستشارين، الصراع الدائم بين مكوناته الإدارية (الإدارة ومصالح الفرق من جهة، والمصالح الإدارية فيما بينها، وطغيان الحسابات السياسية الضيقة، وتداخل اختصاصات الكاتب العام مع اختصاصات مكتب المجلس، ثم الاستكانة إلى قرارات الواجهة التي تخالف حقيقة ما يوجد على الأرض، وكنموذج على ذلك الإعلان عن إسناد مهمة تحديد مواصفات الترشيح للمسؤوليات الإدارية إلى مكتب خبرة متخصص، وبالموازاة مع ذلك يتم الإعلان عن تعيينات من خارج هذا المنطق).
إذا كان البرلماني يشتكي من غياب الدور البيداغوجي لوسائل الإعلام في التغطية والمتابعة وتنوير الرأي العام بالعمل المنجز داخل مجلسي البرلمان والمساهمة في تعزيز الثقة بالمؤسسة التشريعية والرفع من جودة أداء البرلمانيين، فإن الصحافيين بدورهم يشتكون من عدم إتاحة الفرصة لهم للحصول على المعلومات بشكل شفاف.
غياب التكوين المستمر للموظفين، المتروكين لاجتهاداتهم الشخصية، وما راكموه من خبرات واعتمادهم على علاقاتهم مع مختلف المصالح الإدارية بالبرلمان أو القطاعات الوزارية لجلب الوثائق وجمع المعلومات أو التنسيق بين الوزارات والفريق النيابي.
ب:اقتراحات بالنسبة للحكومة.
تحديد وتفعيل برنامج لإصلاح وتحديث نظام المعلومات بالبرلمان ببحث عميق حول الوضعية الحالية لهذا النظام بما يسمح بتحديد و تفعيل هذا البرنامج، ويجب أن يكون حق حصول البرلماني على المعلومات و الوثائق هدف أي إصلاح لهذا النظام.
احترام الآجال القانونية للإجابة على أسئلة البرلمانيين، و تعليل قرارات رفض تسليم وثائق أو معلومات بشكل مكتوب حسب قانون 2002 الذي يلزم الإدارات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية في حالات الرد السلبي، ولا يجب حجب أي معلومة سوى تلك التي يمكن إعتبارها خطرا على الأمن الوطني أو تمس بحرمة الحياة الخاصة للأفراد وتكون محددة بشكل واضح في القانون.
مد كل برلماني بمنحة سنوية مخصصة للبحث و الدراسات وإعداد الوثائق التي يحتاج إليها في عمله البرلماني ليكون فعالا ومنتجا.
ج:اقتراحات للبرلمان.
يدعو مركز حرية الإعلام البرلمان إلى:
الأخذ بعين الاعتبار توصيات واقتراحات الإتحاد الدولي للبرلمانات، الذي يعتبر عضوا نشيطا داخله، حول مبدأ الحق في الحصول على المعلومات الذي يشجع البرلمانات التي لم تقر بعد هذا الحق، أن تسن بشكل مستعجل قانونا حول حرية المعلومات، وسطر على أن البرلمانات التي تتوفر على هذا الإطار القانوني أن يضمن تطبيقه بشكل فعال.
على البرلمان المغربي أن يضع ضمن أولوياته اقتراح قانون حول الحق في الحصول على المعلومات، و ينظم ندوة وطنية حول نظام المعلومات البرلماني يمكن أن يستدعي لها خبراء دوليين، وباحثين مغاربة، وفعاليات المجتمع المدني ووسائل الإعلام.
تنظيم دورات لتكوين البرلمانيين لتحسيسهم بأهمية البحث وتقنيات استغلال مصادر المعلومات خارج الحكومة. و تتحمل الأحزاب السياسية مسؤولية كبرى في تأهيل ممثليها البرلمانيين و مدهم بالمعلومات.
مراجعة الإطار القانوني للجان الدائمة، عبر جعل السرية هي الاستثناء المحدد بموجب القانون، و الانفتاح على العموم و على وسائل الإعلام و المجتمع المدني.
تأهيل موظفي البرلمان و مساعدي الفرق البرلمانية المكلفة بالبحث و التوثيق تبعا لحاجيات البرلمانيين، وتمكينهم من وسائل العمل الضرورية للقيام بواجباتهم بشكل فعال، كما أنه من المهم عقد تداريب للتكوين لهؤلاء و القيام بزيارات لبرلمانات أجنبية متطورة لمعرفة كيف يشتغل نظام معلوماتها لصالح ممثلي الأمة.
تقوية مصلحة التواصل داخل البرلمان و تزويدها بالموارد البشرية و المالية اللازمة، تنظيم الأرشيف الذي يوجد في حالة سيئة، ومراجعة الموقع الإلكتروني للمجلس من حيث المحتوى و الشكل ليصبح مصدرا للمعلومات يتمتع بالمصداقية بالنسبة للبرلمانيين ووسائل الإعلام و المواطنين.
إطلاق نقاش حول القناة البرلمانية الذي يجب أن ترى النور على أرض الواقع لأنها مفيدة للبرلمان و للعموم.
تنظيم لقاءات منتظمة بين البرلمانيين و وسائل الإعلام لتقوية التعاون بينهما لما في صالح الجمهور و حقه في الإطلاع.
بالنسبة للبرلمانيين
يدعو مركز حرية الإعلام البرلماني إلى:
بدل مجهود ليكون له مقر في الدائرة الانتخابية ليستطيع الاستماع إلى المواطنين وتجميع المعلومات التي هو في حاجة إليها ليقوم بدوره البرلماني بفعالية، هذا المقر المفتوح يجب أن يمول من الحزب من خلال ميزانية تخصصها الدولة لذلك.
استعمال جميع الوسائل المتاحة خاصة تلك تسمح بها وسائل تكنولوجيا المعلومات و الإتصال للولوج إلى المعلومات.
من خلال هذا المحور يتبين أن التجربة البرلمانية المغربية بخصوص تسهيل الوصول إلى المعلومة لا زالت في مهدها.
تختلف تماما عن تجربة البرلمان المحلي لكاطالونيا ففي تطوير رئيسته تعتبر أن وظيفة التقييم أدائه مرجعية لضمان سير حسن التسيير و الارتقاء بالأداء الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي للجهة و بالخصوص تمكين البرلمان المحلي ليس فقط من الوثائق و الدراسات اللازمة لممارسة وظفته في مجال تقييم السياسات العمومية. لكن كذلك في تمكينه من جزئيات و تفاصيل دقيقة تمكنه من بلورة الحلول و الاقتراحات و التدابير للضغط على الحكومة حتى يكون الطريق سويا لضمان النتائج الحميدة.[54]
المبحث الثاني: التكوين السياسي للفاعل البرلماني و انعكاسه على تقييم السياسات العمومية.
البرلمان هي مؤسسة محترمة بطبيعة الحال يسترعي الدخول إلى قبتها دربة، و مهارات من نوع خاص كتكوين لكل فاعل برلماني، يريد أن يقوم بدوره، المنوط له في الدستور الجديد(تقييم السياسات العمومية) و إلا أفرز لنا البرلمان فضاء غير الفضاء الذي يحلم به كل مغربي، و مغربية فهو مجال للتنازع، بين الحكومة و المعارضة على أساس البرامج، و ليس للملاسنات و التجريح و الشعبوية.
وهذا ما سنطل عليه من خلال المطلبين الآتيين:
المطلب الأول: افتقار البرلمان الفاعل للخبرة و التكوين و انعكاسه ذلك البالغ على الأداء فيما يخص تقييم السياسات العمومية.
إن المتأمل لولوج قبة البرلمان من الناحية القانونية. لا يستدعي أي شرط مرتبط بالخبرة أو مستوى عال من الشهادات، كان لذلك الأثر و انعكس على الأداء الفاعل للبرلماني، و يكفي أن تعود إلى جلسات و لكي تستقرئ النقاشات المدلى بها بصدد الحصيلة المرحلية سرعان ما توضح لك الصورة، الرديئة للبرلماني المغربي، و إن لم تشتمل الجميع، و هو خطابا يتم عن انحدار ، و عدم الكفاية، يخاطب الأشخاص أحيانا أكثر مما يخاطب السياسة العمومية، بالإضافة إلى ورود خطاب التسفية و التنابز، و القذف، و تصفية الحسابات، و الدعاية فقط و ما يؤكد ذلك ما يأتي من تصريحات على ألسنة الفرق والمجموعات النيابية، و بهذا تدرج قول لحميد شباط كممثل فريق الاستقلالي و الوحدة التعادلية حيث كان بصدد التعبير عن خروجه من معترك الحكومة و التي كان جزءا منه سابقا :”… تمسككم بالتعنت و الاستبداد و الفردانية التي تطبع سلوككم مع كامل الأسف و اتبعتم سياسة الأذن الصماء كسياسة جديدة، تتفردون بها على الإنصات لنبض الشارع و أصررتم على أسلوب مامسوقينش…”[55]
و عن فريق الأصالة و المعاصرة عندما عبر في سياق الحديث عن السياسات الاجتماعية بنقطة تنغلق بالزيادة في الأسعار على رئيس الحكومة على لسان حكيم بنشماس كممثل معارض:
“…و عوض أن تباشر الحكومة الإصلاحات الكبرى مع ما تقتضيه من مقاربة تشاركية فعلية، و ليست صورية، كرست في المعجم السياسي تداولت لقضية هجينة، بلغت إلى حدود تحقير الشعب المغربي من خلال ما بقي عالقا في ذاكرته من إحدى الدعوات و النشار عندما دعا الشعب المغربي إلى الرجوع إلى الرايب و الملوي…”[56]
بالإضافة إلى تداول الكلمات القدحية كـ” الباندي” و “السفيه”،” المافيوزي” …التي باتت تؤثث الحقل السياسي المغربي .
إن استقراء هذه التعابير، و التصريحات يتم عن ضعف في تكوين البرلمان المغربي، و ضعف التفاعل بينه و بين الجهاز التنفيذي، و ضعف استيعاب لدوره و وظيفته و هو ما تؤكده هذه الجلسات العامة المبثوثة، و ما تنشره الصحافة و خاصة الفضائحية منها إلى حد أن بعض التعابير قد تصل إلى الخدش و اللمس بالحياء العام.
فأين هي يا ترى الشواهد؟ و أين الخبرات ؟[57]
لم نسمع أن هناك مدارس خاصة بتكوين البرلمانيين ز ذلك من أجل صقل المواهب و الرفع من مردودية برلماننا المغربي، مع العلم ليس هناك قانون يمنع ذلك و من جهة و وجهة أخرى ما يبرر هذا التكوين هو ورود مضمون خطابات ذات طبيعة تقنية تستعصي أحيانا حتى على المختص كما هو الأمر الشكل الذي نقدم به الميزانية العامة أمام البرلمان.[58]
المطلب الثاني: اللجوء إلى الشعبوية كوسيلة و مخرج عند وجود فراغ في التكوين البرلماني الفاعل في مجال تقييم السياسات العمومية.
الجلسات العامة هي : مناسبة هامة وضحها المشرع الدستوري كوسيلة التقاء أهم سلطتين في البلاد، من أجل فتح نقاش هادئ و جدي حول البرنامج الذي أتت به الحكومة إلى قبة البرلمان، لطلب اعتماده و التصديق عليه، و نيل ثقته، و بعدما منح لها هذه الثقة تأتي عند مصدر هذه الثقة لتجديدها، أو سحبها و هذه الجلسات جزء لا يتجزأ من هذا المنظور، تعود إليه لينظر البرلمان أين وصلت تلك البرامج؟ هل تم تنفيذها؟ لكن الواقع و بالعودة إلى بعض الجلسات تجد أن قبة البرلمان تحولت من فضاء للتداول و النقاش إلى فضاء آخر يخرج عن السياق إذا أصبح وسيلة لتصفية الحسابات و الدعاية المجانية و التشهير كما هو معروف في قضية الشوباني و تحول من فضاء لتقييم السياسات العمومية إلى فضاء لممارسة الشعبوية.
أشبه بحلبة صراع لأصحاب الضربات القاتلة و عباقرة اصطياد الهفوات. مما اضطر البعض إلى مقاطعة بعض جلساته و في هذا الصدد تدرج بعض النقط المدلى بها لبعض الفرق النيابية خلال جلسات مناقشة حصيلة السنوية لسنة 2011:
– مداخلة لفريق العدالة و التنمية باسم عبد العزيز العماري:
“… لقد راهن البعض على الانقلاب على تجربة التحول الديمقراطي و إغلاق قوس الإصلاح خلال الشهور الأولى من خلال محاولات تفجير الأغلبية من الداخل وفق أجندات بئيسة راهنت على الوهم و السراب عبر أبهة بمصالح الوطن…”
من خلال هذا التصريح يتبين أن الجلسة تحول إلى النزاعات السياسية حول المواقع و ليس على أساس نتائج البرامج.
– حكيم بن شماس كممثل لفريق الأصالة و المعاصرة :
“… عندما الشعب المغربي إلى الرايب و الملوي…..”
“…إننا و أرجو ألا تفهموا منا غلط إننا لا نتحدث عن أنفسنا فنحن كما قلتم في مناسبات كثيرة حزب الشر و الأشرار و نحن حزب الفساد و المفسدين .حزب بقايا العهد البايت…”
يتبين غياب موضوع تقييم السياسات العمومية و حضور خطاب منحدر شعبوي و يتمحور حول الذات بدل موضوع السياسات العمومية.
ندرج هنا المداخلة لحميد شباط ممثل فريق الاستقلال و الوحدة و التعادلية:
“… و لهذا على رئيس الحكومة اليوم أن يقول للرأي العام ما علاقته بداع و النصرة و بالمخابرات الصهيونية ، الموساد”[59]
من خلال هذه البيانات يتأكد ما قلناه سابقا إذا منحت هذه المؤسسة البرلمانية في هذه الجلسات المخصصة لتقييم السياسات العمومية وسيلة لقول كل ما يريد دون عناء و بلا مسؤولية و إلا فما معنى ذلك ؟ لا شك أن هذا الصراعات الجانبية لم تؤثر على الأداء البرلماني فقط و إنما سينتقل الأثر السلبي على العملية السياسية و الانتخابية برمتها ستفسح المزيد من العزوف و النفور من السياسة و هي ما تؤكد الإحصائيات الخاصة باستطلاع الرأي.
أتى الدستور بمقتضى هام جدا يتعلق بمساهمة البرلمان في تقييم السياسات العمومية، لكن أجرأته و تنزيله على أرض الواقع يصطدم بمساطر تفرز نقاشات فضفاضة، أبانت عن هشاشة التفاعل الجدي القائم بين المؤسستين، عوض أن يوكل هذا الاختصاص لفاعلين جديين ذوي مصداقية و مهام محددة قائمة الذات و هذا القصور و القيود القانونية[60] حتمت اللجوء إلى منطق المداهنات و التوافقات عوض جني ثمار هذا الاختصاص الجديد، و يزيد الطين بلة من خلال الفراغ الكبير الذي تخلقه غياب تدفق المعلومات باعتبارها عصب كل تقييم يقوم به البرلماني و يكون ذو مصداقية.
كما بينا من خلال المحور الأخير من هذا البحث مدى الارتباط و العلاقة بين التكوين السياسي للفاعل البرلماني و تقيم السياسات العمومية من خلال استحضار المناقشات العامة و التصريحات التي تصدر من معظم الفاعلين في البرلمان عوض أن يكون خطابا ينصب على تقييم السياسات أحيانا يأخذ صبغة شخصية و كلام عام يخلو من الحجج و الدلائل، مما ينم على انحدار في التكوين و الخبرات اللازمة التي تستوجب أن يتسلح بها كل فاعل برلماني، ومن هذا المنطلق يمكن أن نخرج بتوصيات كالأتي:
– لا يمكن أن يكون برلمان ناجح مقيما للسياسات العمومية، بدون وجود إطار قانوني واضح المعالم، خاص بتقييم السياسات العمومية بجهاز مستقل و اختصاصات واضحة و مساطر واضحة تعبد له الطريق المظلمة.
– لا بد من تدعيم الوصول إلى المعلومة و تعزيزها من خلال إيجاد قانون واضح يسمى قانون مستقل بولوج البرلماني إلى المعلومة يعتمد على مبادئ واضحة قوامها التيسير و الوضوح و الشفافية…كما هو الحال في البرلمانيات الحديثة إذ أصبحنا نتحدث عن البرلمان الاليكتروني و البرلمان التشاركي، و الشفافية البرلمانية.
لائحة المصادر والمراجع
النصوص القانونية :
لنظام الداخلي لمجلس النواب كما أقره مجلس النواب في جلسته المنعقدة يوم الخميس 23 رمضان 1434الموافقلفاتح غشت 2013 وجلسته المنعقدة يوم الثلاثاء 29ذي الحجة 1434الموافق ل 29 أكتوبر 2013 وكما قضى به المجلس الدستوري في قراره رقم 924/2013 بتاريخ 14من شوال 1434الموافق ل 22غشت 2013/وقراره رقم 929/2013 بتاريخ 14من محرم 1435 الموافق
الدستور الجديد لفاتح يوليوز.
الكتـب:
أحمد حضراني، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية، الطبعة الثانية، مطبعة سجلماسة مكناس، تاريخ النشر 2011.
كريم الحرش، الدستور الجديد للملكة المغربية، شرح وتحليل، سلسلة التشريعي والاجتهادي، مطبعة النجاح الجديدة مطبعة 1430-20112.
عبد القوي خيري، دراسة السياسة العامة، الكويت ذات السلاسل 1989.
المواقع الالكترونية:
دور البرلمان في تقييم السياسات العمومية ، مجلة القانون و العلوم الإدارية للتنمية على الرابط: WWW.droitarab.com/2013/09/blog.post_23html
حمد المالكي، المركز العربي لتطوير حكم نزاهة المشروع ،”تقرير حكم القانون والنزاهة في العالم العربي”،التعزيز في الوضع البرلماني في المغرب مسودة ثانية على التالي:الرابط:
www.arbruleoflan.org/files/PDF/parlement/arabi/P2/morrocofinleporparlement2S3ArPDF
دور البرلمان في تقييم السياسات العمومية مجلة القانون والعلوم الإدارية للتنمية على الرابط: [1]
www.droitarab.com/2013/09/blog.post-23html
دليل الجلسة السنوية لمناقشته السياسة العمومية على الرابط : www.chambredesrepresentants.ma/sitedefault/files/dly-ejlo_isnwg.llsyst.lmwmy.pdf
دليل الجلسة السنوية لمناقشة السياسات العمومية على الرابط:
www.chambredesrepresentants.ma/sites/default/files/dly.ljlls.snwy.syst.mnmy.PDF
محمد الساسي المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة على الرابط: [1]
https//www.google.com/search?q=80q=qs=chrome.
كوتر المعتز، دليل عملي حول لجنة تقصي الحقائق،مديرية الشؤون التشريع و المراقبة البرلمانية ص4 على الرابط:
www.chambredesrepresentants.ma/site/default/files/dlyl.mly.hwl.ljn.tasy-lhqyq-lqnwn-ltnzymy.rqr.085.73-0PDF
كوثر المعتز، علاقة مجلس النواب بالمجلس الاقتصادي و الاجتماعي والبيئي، التشريع و المراقبة البرلمانية سلطة الدلائل الخاصة بعلاقة مجلس بالمؤسسات الدستورية ص 1-2-3 على الرابط:
www.chambredsrepresantants.ma/sites/default/files/lq.mjls./nwb.lstsdy.wljmyitnzymy-rmq=128.PDF
دور البرلمان في تقييم السياسات العمومية على الرابط: [1]
www.startimes.com/F.ASpx?=3328357
عباس حسن جواد، الرزوقي عباس ، تقييم السياسات العمومية ص 6على الرابط: [1]
www.ahlubaitonline.com/karbala/new/html-research-PDF/jar/4.10PDF
مركز حرية الإعلام ، إشكاليات حصول البرلمان المغربي على المعلومات والوثائق. على الرابط:
backtotophttp://www.bayanealyaoume.press.ma/index.php?view=article&tmpl=component&id=1851
عبد اللطيف اعموا، الجمعية المغربية للتقييم، التجربة الكاملانية و الفرنسية في مجال تقييم السياسات العمومية، تقرير حول المشاركة في الرحلة الدراسية إلى جهتي كامالانيا بإسبانيا و باكا بفرنسا من 24 إلى 28 مارس 2013 ص 5 على الرابط:
http//www.rouamou.net/ar/aw-content/uploads/evaluation-papleques-rapport.ouamou.PDF
المجلات
حسن طارق، السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد، منشورات المجلة المغربية العدد 92 الطبعة الأولى.
طه لحميداني، البرلمان المغربي و تقييم السياسات العمومية، أنفاس حقوقية، مجلة مغربية للتنمية الثقافية الحقوقية و القانونية العدد الرابع.
سمير الشحواطي، المؤسسات الدستورية و التنمية السياسية في المغرب، نموذج المؤسسات البرلمانية على ضوء التعديل الدستوري/مجلة أنفاس حقوقية العدد 4.
نجيب أقصبي، السلطة المالية للبرلمان المغربي، قراءة في مقتضيات الدستور الجديد، المجلة المغربية للإدارة المحلية عدد 107 .
جريدة المساء، عدد 2683 في 16.17/05/2015
فهرس البحث
مقدمة………………………………………………………………….. 1
أولا : إشكالية الدراسة…………………………………………………… 3
ثانيا:أهمية الموضوع وأسباب اختياره……………………………………… 3
ثالثا: التحديد الإجرائي للمفاهيم……………………………………………. 4
رابعا: منهجية البحث…………………………………………………….. 5
خامسا: مكونات البحث…………………………………………………… 6
سادسا:حدود الدراسة…………………………………………………….. 6
سابعا: الصعوبات………………………………………………………… 7
ثامنا: فرضيات البحث……………………………………………………. 7
الفصل الأول:تقييم السياسات العمومية وجه جديد لحكامة جيدة……………….. 9
المبحث الأول: المقتضيات القانونية لصلاحية البرلمان في تقييم السياسات العمومية وآلياتها……………………………………………………….. 11
المطلب الأول: قانون الجلسة السنوية لمناقشة السياسات العمومية…………….. 11
الفقرة الأولى: السند القانوني للجلسة السنوية لمناقشة السياسات العمومية وهدف ذلك…………………………………………………………………….. 12
الفقرة الثانية: تحديد السياسات العمومية المراد مناقشتها وتقييم………………. 12
الفقرة الثالثة: المؤسسات المساعدة في تقييم السياسات العمومية……………… 12
الفقرة الرابعة: مسطرة مناقشة و تقييم السياسات العمومية………………….. 13
المطلب الثاني: التنظيم القانوني للجلسة الشهرية أمام البرلمان لمناقشة السياسة العمومية……………………………………………………………….. 14
الفقرة الأولى : الجلسة الشهرية وموعد انعقادها……………………………. 15
الفقرة الثانية: جدول أعمال الجلسة المخصصة للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة كلا أو بعضا…………………………………………………………….. 15
أولا:الأسئلة المحورية التي لا يمكن أن يتعدى عددها اثنان……………………. 15
ثانيا- أسئلة أخرى متعلقة بالسياسة العامة : تنظم بالنسبة لكل سؤال على النحو التالي……………………………………………………………………
الفقرة الثالثة :الغلاف الزمني للجلسة:توزيعه و استعماله……………………..
الفقرة الرابعة : واقع الجلسات الشهرية……………………………………. 17
المطلب الثالث: لجان تقصي الحقائق:مرتكزاتها القانونية، تشكيلها و تسيير وسيران عملها…………………………………………………………..
الفقرة الأولى: المرتكز الدستوري للجان تقصي الحقائق و التعديلات الجديدة……. 17
أولا:الفصل 67 من دستور 2011………………………………………… 18
ثانيا: جديد دستور فيما يخص لجنة تقصي الحقائق………………………….. 18
أ- من حيث التشكيل……………………………………………………… 18
ب- من حيث الاختصاصات……………………………………………….. 19
ج– في انتهاء مهمة اللجنة……………………………………………….. 19
ثالثا: مقتضيات التعيين أعضاء اللجان……………………………………… 20
الفقرة الثانية: تشكيل لجنة تقصي الحقائق ومهمتها………………………….. 20
أولا– بمبادرة ملكية……………………………………………………… 20
ثانيا– بمبادرة نيابية……………………………………………………… 20
أ – حدود تعيين لجنة تقصي الحقائق……………………………………… 21
ب– تشكيل و اختصاصات مكتب لجنة تقصي الحقائق المؤقت…………………. 21
الفقرة الثالثة: تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق…………………………. 22
أولا– اجتماع لجنة تقصي الحقائق…………………………………………. 22
ثانيا – اشتغال لجنة تقصي الحقائق و حدود مهمتها و الاستماع إلى الشهود و مقتضيات ذلك…………………………………………………………… 22
الفقرة الرابعة: انتهاء أشغال لجان تقصي الحقائق ومآل نتائجها و حالات الخلاف.. 23
أولا– انتهاء أشغال لجنة تقصي الحقائق……………………………………. 23
ثانيا – مآل نتائج أشغال لجنة تقصي الحقائق……………………………….. 24
ثالثا – الإحالة على المحكمة الدستورية في حالة حدوث خلاف………………… 24
الفقرة الخامسة: فيضان الجنوب و لجنة تقص الحقائق التي فشلت في مهمتها ما بعد دستور 2011……………………………………………………….. 25
المطلب الرابع: علاقات مجلس النواب بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي………… 25
الفقرة الأولى : المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي في فصول الدستور….. 26
الفقرة الثانية: وظائف و صلاحيات المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي في علاقته بمجلس النواب……………………………………………………. 26
الفقرة الثالثة: الإحالة من طرف مجلس النواب و الإحالة الذاتية على المجلس الاقتصادي والاجتماعي…………………………………………………… 27
أولا- الإحالة من طرف مجلس النواب على المجلس الاقتصادي و الاجتماعي والبيئي…………………………………………………………………. 27
ثانيا- بخصوص الاستشارة في مشاريع و مقترحات قوانين………………….. 27
ثالثا- الاستشارات في السياسات العمومية………………………………….. 27
الفقرة الرابعة: الإحالة الذاتية للمجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي………. 28
الفقرة الخامسة : مسطرة الإحالة على المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي.. 28
أولا- الإحالة في الظروف العادية………………………………………….. 28
ثانيا -الإحالة في حالة الاستعجال………………………………………….. 28
ثالثا- حالة تعذر الإدلاء بالاستشارة المطلوبة خلال المدتين المحددتين…………. 28
المطلب الخامس: أهمية المجلس الأعلى للحسابات كمؤسسة قائمة الذات و طبيعة العلاقة التي تربطها بالمؤسسة التشريعية…………………………………… 29
الفقرة الأولى : أهمية المجلس الأعلى للحسابات كمؤسسة قائمة الذات…………. 30
الفقرة الثانية:المرتكز الدستوري لعلاقة البرلمان بالمجلس الأعلى للحسابات……. 30
الفقرة الثالثة: علاقة مجلس الثواب بالمجلس الأعلى للحسابات من خلال النظام الداخلي لمجلس النواب ………………………………………………….. 31
أولا- الجهة المخول لها طلب المساعدة و موضوع هذه المساعدة…………….. 31
ثانيا- عرض أعمال المجلس و أمام البرلمان و مسطرته…………………….. 31
المبحث الثاني: الصعوبات و العوائق التي تحد من قيام البرلمان بوظيفة تقييم السياسات الحكومية و سبل تجاوزها……………………………………….. 32
المطلب الأول: العوامل المؤثرة في عمل البرلمان……………………………. 32
الفقرة الأولى:العقلنة البرلمانية……………………………………………. 33
أولا– تعريف العقلنة البرلمانية…………………………………………….. 33
ثانيا – مساهمة العقلنة في محدودية دور البرلمان في تقييم السياسات العمومية… 33
الفقرة الثانية: شوائب العمليات الانتخابية…………………………………… 34
أولا– صعوبة تكوين أغلبية برلمانية وازنة ………………………………… 34
ثانيا- أعطاب الفعل الحزبي و تأثيره الغير المباشر في عمل البرلمان………….. 35
ثالثا- الحصانة وظاهرة غياب نواب مجلسي البرلمان ……………………….. 35
المطلب الثاني: الصعوبات المرتبطة بصنع القرار السياسي لأنه نواة السياسات العمومية، وبالوسائل المتاحة للعمل البرلماني……………………………….. 35
الفقرة الأولى: مشكل صناعة القرار السياسي و السياسات العمومية………….. 36
الفقرة الثانية: الصعوبة التي يجدها البرلماني أثناء تقييم السياسات العمومية مرتبطة بوسائل العمل و الفعل…………………………………………….. 38
المبحث الثاني:سبل تجاوز عوائق تقييم السياسات العمومية من لدن البرلمان…… 39
المطلب الأول: الآليات القانونية و التقنية لتقييم فاعل للبرلماني……………….. 39
الفقرة الأولى: إصلاح النظام الانتخابي…………………………………….. 39
الفقرة الثانية : إصلاح النظام الداخلي لمجلسي البرلمان……………………… 40
الفقرة الثالثة: نحو قانون أو مدونة الأخلاقيات و سلوكيات مهنة البرلمان…….. 40
الفقرة الرابعة:نحو إعادة النظر في قانون التصفية لأنه بوصلة تنفيذ مالية الدولة من جهة و تجسيد للسياسة العمومية………………………………………. 41
المطلب الثاني: مدخل توفير الإمكانيات البشرية و اللوجيستيكية و المالية المستقلة والكفاءة البرلمانية كآلية إصلاحية…………………………………. 42
الفقرة الأولى: على صعيد جميع أعضاء البرلمان……………………………. 42
الفقرة الثانية: على صعيد المعارضة بصورة خاصة………………………….. 43
المطلب الثالث:الحكامة كمدخل أساسي لتحقيق الجودة و الفعالية في تقييم السياسات العمومية………………………………………………………. 43
الفقرة الأولى: كفاية البرلمانيين……………………………………………………
أولا:مدى استيعاب البرلمانيين لدورهم…………………………………………….
ثانيا- استيعاب النصوص الدستورية و القوانين…………………………………..
ثالثا – آليات عمل البرلمان…………………………………………………………
رابعا– كيفية عمل الأنظمة الديمقراطية……………………………………………
الفقرة الثانية: قدرة المشروع للوصول إلى المعلومات المطلوبة لممارسة مهام التشريع و الرقابة……………………………………………………………….
الفقرة الثالثة إجراء دورات تدريبية للبرلمانيين……………………………………
الفصل الثاني: دور الشروط القانونية و السياسية في تحسين أداء البرلمان في مجال تقييم السياسات العمومية………………………………………………………….
المطلب الأول: القيود القانونية و أثرها البالغ في تحسين مرد ودية البرلمان في مجال تقييم السياسات العمومية……………………………………………………
المطلب الثاني: أثر القصور القانون على أداء فاعل للبرلمان من خلال اللجوء إلى مسطرة المداهنات و الخروج عن الموضوع و التوافقات أحيانا أخرى……………
الفقرة الأولى: سيادة منطق المداهنات…………………………………………….
الفقرة الثانية: سيادة منطق التوافقات في مجال تقييم السياسات العمومية بسبب غياب قانون مؤطر………………………………………………………………..
المطلب الثالث: تأثير تدفق المعلومات على فعالية و مردودية و أداء البرلمان لمهمته في تقسيم السياسات العمومية……………………………………………..
الفقرة الأولى: تباين و اختلاف الخطابات المدلى بها و أثرها على الأداء البرلماني من حيث التقييم……………………………………………………………………
الفقرة الأولى:بحث ميداني حول إشكالية حصول البرلمان المغربي على المعلومات والوثائق من إنجاز مركز حرية الإعلام…………………………………….. 53
أولا:منهج البحث :الإستمارة والزيارات والمقابلات…………………………… 54
أ-الإستمارة………………………………………………………………………………………………………… 54
ب:الزيارات والمقابلات……………………………………………………………….. 55
ج:أهم نتائج الاستمارة………………………………………………….. 55
ثانيا:خلاصة حول عوائق الولوج إلى المعلومات واقتراحات للحكومة والبرلمان…. 58
أ:صعوبات الولوج إلى المعلومات………………………………………….. 58
ب:اقتراحات بالنسبة للحكومة……………………………………………… 60
ج:اقتراحات للبرلمان…………………………………………………….. 61
المبحث الثاني: التكوين السياسي للفاعل البرلماني و انعكاسه على تقييم السياسات العمومية………………………………………………………………………….
المطلب الأول: افتقار البرلمان الفاعل للخبرة و التكوين و انعكاسه ذلك البالغ على الأداء فيما يخص تقييم السياسات العمومية………………………………………
المطلب الثاني: اللجوء إلى الشعبوية كوسيلة و مخرج عند وجود فراغ في التكوين البرلماني الفاعل في مجال تقييم السياسات العمومية……………………………..
لائحة المصادر والمراجع………………………………………………………….
فهرس البحث …………………………………………………………………….
دور البرلمان في تقييم السياسات العمومية ، مجلة القانون و العلوم الإدارية للتنمية على الرابط: -[1] WWW.droitarab.com/2013/09/blog.post_23html
-[2] أحمد حضراني ، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، الطبعة الثانية ، مطبعة سجلماسة مكناس ، تاريخ النشر 2011 ص 321
– -[3] محمد المالكي، المركز العربي لتطوير حكم نزاهة المشروع ،”تقرير حكم القانون والنزاهة في العالم العربي”،التعزيز في الوضع البرلماني في المغرب مسودة ثانية ص7-8 على التالي:الرابط
www.arbruleoflan.org/files/PDF/parlement/arabi/P2/morrocofinleporparlement2S3ArPDF[3]
– الخطاب الملكي بتاريخ 09 مارس 2011[4]
[5] -– فصل 70 من دستور 2011
[6] -كريم الحرش، الدستور الجديد للملكة المغربية، شرح وتحليل، سلسلة التشريعي والاجتهادي، مطبعة النجاح الجديدة مطبعة 1430-20112 ص 79.
عبد القوي خيري، دراسة السياسة العامة ص1 (الكويت ذات السلاسل 1989-ص227).-[7]
– دور البرلمان في تقييم السياسات العمومية مجلة القانون والعلوم الإدارية للتنمية على الرابط: [8]
www.droitarab.com/2013/09/blog.post-23html
[9] -حسن طارق، السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد، منشورات المجلة المغربية العدد 92 الطبعة الأولى، ص 29-30-31.
كريم لحرش، الدستور الجديد للملكة ، مرجع سابق ص125.[10]
فصل 101 من دستور 2011.[11]
[12]دليل الجلسة السنوية لمناقشته السياسة العمومية ص3-4-5: على الرابط : www.chambredesrepresentants.ma/sitedefault/files/dly-ejlo_isnwg.llsyst.lmwmy.pdf
[13]- وإذا كان الدستور قد دعا البرلمان لتخصيص جلسة سنوية لتقييم السياسات العمومية ، فإن القانون الداخلي مجلسي النواب ، كما تم إقراره يوم 12 يناير 2012 قد وسع من تأويل هذا الاختصاص المتعلق بالتقييم إذ أناطه للجان حسب اختصاصها إلا أن المجلس الدستوري في قراره 882-12 اعتبره مخالفا للدستور وأن تقييم من اختصاص مجلسي النواب في جلسات عمومية.
[14]- دليل الجلسة السنوية لمناقشة السياسات العمومية على الرابط: ص-6و7
www.chambredesrepresentants.ma/sites/default/files/dly.ljlls.snwy.syst.mnmy.PDF
– فصل 100 من دستور 2011.[15]
– محمد الساسي المساءلة الشهرية على الرابط: [16]
https//www.google.com/search?q=الشهرية لرئيس.الحكومة محمدالساسي80q=qs=chrome
[17]-المواد 202إلى/207 من النظام الداخلي لمجلس النواب، تمت الموافقة عليه من طرف المجلس بتاريخ 14 ذي الحجة 1434 الموافق 29 أكنوبر2013.ص 65و64.
-1-كوتر المعتز، دليل عملي حول لجنة تقصي الحقائق،مديرية الشؤون التشريع و المراقبة البرلمانية ص4 على الرابط:
www.chambredesrepresentants.ma/site/default/files/dlyl.mly.hwl.ljn.tasy-lhqyq-lqnwn-ltnzymy.rqr.085.73-0PDF
[19] – كوثر المعتز،مرجع سابق ص4
[20] – لا يمكنها القيام بتحقيقات حول تدبير المواقف و المقاولات العمومية حيث تقتصر عن البحث و جمع المعلومات.
– كوثر المعتز، مرجع سابق ص5 و9[21]
كوثر المعتز، مرجع سابق ص 7-8.[22]
-كوثر معتز مرجع سابق ص 9.[23]
[24] – كوثر معتز مرجع سابق ص 11
[25] -طه لحميداني، البرلمان المغربي و تقييم السياسات العمومية، أنفاس حقوقية، مجلة مغربية للتنمية الثقافية الحقوقية و القانونية العدد الرابع ص 72.
– كوثر المعتز، مرجع سابق ص 12.[26]
[27] – كوثر المعتز مرجع سابق ص 13و14.
– تقاريرها لا تتبوأ مكانة القرارات بل معلومات و خلاصات.[28]
27كوثر المعتز، علاقة مجلس النواب بالمجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي، التشريع و المراقبة البرلمانية سلطة الدلائل الخاصة بعلاقة مجلس بالمؤسسات الدستورية ص 1-2-3 على الرابط:
www.chambredsrepresantants.ma/sites/default/files/lq.mjls./nwb.lstsdy.wljmyitnzymy-rmq=128.PDF
دور البرلمان في تقييم السياسات العمومية على الرابط: [30]
www.startimes.com/F.ASpx?=3328357
29هناك جانب تاريخي مهم لابد من استحضاره فيما يخص نشأة وتطور الرقابة المالية بالمغرب، إذ تم اعتماد هذا النوع من الرقابة بالمغرب بصورة تدريجية تميزت بخمسة مراحل السياسية:
– إحداث اللجنة الوطنية للحسابات 1960.
– إحداث المجلس الأعلى للحسابات 1979.
– الارتقاء بالمجلس الأعلى للحسابات إلى مصاف مؤسسة دستورية 1996.
– تكريس دسترة المجلس الأعلى للحسابات 2011.
صدور مدونة المحاكم المالية سنة 2002. –
فصل 148 من الدستور الجديد 2011.[32]
المادتين 224 و 225 من النظام الداخلي لمجلس النواب ص 69.[33]
محمد المالكي المركز العربي لتطوير حكم”قانون و النزاهة المشروع لتعزيزحكم القانون مرجع سابق ص 8 و10.[34]
طه الحميداني،البرلمان و تقييم السياسات العمومية مرجع سابق.68[35]
محمد المالكي، المركز العربي ، مرجع سابق ص10-11.[36]
طه الحميداني ،البرلمان المغربي و تقييم السياسات العمومية، مرجع سابق ص78.[37]
عباس حسن جواد، الرزوقي عباس ، تقييم السياسات العمومية ص 6على الرابط: [38]
www.ahlubaitonline.com/karbala/new/html-research-PDF/jar/4.10PDF
37سمير الشحواطي، المؤسسات الدستورية و التنمية السياسية في المغرب، نموذج المؤسسات البرلمانية على ضوء التعديل الدستوري/مجلة أنفاس حقوقية العدد 4 ص56-58.
نجيب أقصبي، السلطة المالية للبرلمان المغربي، قراءة في مقتضيات الدستور الجديد، المجلة المغربية للإدارة المحلية عدد 107 ص207.[40]
سمير الشحواطي، المؤسسات الدستورية و التنمية السياسية في المغرب ،مرجع سابق ص 55-56.[41]
[42] -محمد مالكي المركز العربي لتطوير القانون و النزاهة المشروع، تعزيز حكم القانون عن وضع المغرب، مرجع سابق ص58-59.
طه الحميداني ،مرجع سابق ص79[43]
[44] -طه الحميداني البرلمان المغربي و تقييم السياسات العمومية أنفاس حقوقية ص74-75.
[45] محضر جلسة مشتركة لاستماع إلى 72 عرض حكومة للحصيلة المرحلة لعمل الحكومة رقم 182 دورة أبريل 2014 بتاريخ الثلاثاء 10 رمضان 1435 هـ ص2.
[46] عرض جلسة مناقشة عرض رئيس الحكومة للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، رقم 189 دورة أبريل 2014 بتاريخ الاثنين 23رمضان 1435 هـ 21 يوليوز 2014 ص2-3.
[47] -إن أغلبية البرلمانية المساندة للحكومة لم تنفك من السمة التي طبعت فعلها على مدار تجارب البرلماني السابقة و هي “الأغلبية الآلية” التي بحكمها دائما منطق الاشتغال ببراديغهم “انصر أخاك و لو كلن ظالما و هي بمثابة صمام الأمان للحكومة.
حيث تتهج المساندة لدائمة للسياسة الحكومية و حتى وإن كانت على خطأ. و نقدم الدعم للحكومة عنادا و ضدا على المعارضة البرلمانية و ليس في سبيل المصلحة العادة.وفي كثير من الأحيان و تحت ذريعة الانضباط للأغلبية الحزبية تضيع فرص مساهمتها في تصويب و تقويم سياسات الحكومة و الارتقاء بالعمل البرلماني و بهذا تكون محفزة في الاستمرار في ارتكاب الأخطاء و الاعوجاج أكثر عن المسار الصحيح.
[48] محضر جلسة مشركة الاستماع لعرض لحكومة للحصيلة المرحلية، مرجع سابق ص 14-15.
محضر جلسة مناقشة عرض رئيس الحكومة للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة مرجع سابق ص7.[49]
[50] محضر جلسة مشتركة الاستماع إلى عرض الحكومة للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، مرجع سابق، ص15.
[51] جريدة المساء، عدد 2683 في 16.17/05/2015 ص10.
[52] محضر جلسة حصيلة الحكومة رقم 189 بتاريخ الاثنين 23 رمضان 1435هـ /21 يوليوز 2014 ص36.
– [53]- مركز حرية الإعلام ، إشكاليات حصول البرلمان المغربي على المعلومات والوثائق. على الرابط:
back to tophttp://www.bayanealyaoume.press.ma/index.php?view=article&tmpl=component&id=1851
[54] عبد اللطيف اعموا، الجمعية المغربية للتقييم، التجربة الكاملانية و الفرنسية في مجال تقييم السياسات العمومية، تقرير حول المشاركة في الرحلة الدراسية إلى جهتي كامالانيا بإسبانيا و باكا بفرنسا من 24 إلى 28 مارس 2013 ص 5 على الرابط:
http//www.rouamou.net/ar/aw-content/uploads/evaluation-papleques-rapport.ouamou.PDF
محضر جلسة مناقشة عرض الرئيس الحكومة للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة رقم 189 بتاريخ الاثنين 23 رمضان1435 هـ /31 يوليوز 2010 ص 36.
[56] نفس المرجع السابق ص11.
[57] ضرورة تمكين البرلمانيين من دورات تكوينية حول آليات القيام بمهمة مناقشة السياسات العمومية التي تستلزم عنصر الخبرة و الحس البحثي التحقيقي و التدريب، أيضا على تقنيات جمع المعلومات و تحرير التقارير.
[58] حسن طارق، السياسات العمومية في الدستور المغربي مرجع سابق ص68.
محضر الجلسات منافسة العرض الحكومي للحصيلة المرحلية مرجع سابق ص 34[59]
[60] اسبانيا مقارنة مع المغرب أسست لتقييم السياسات العمومية من خلال قوانين منذ سنة 2008 لتشمل السياسات العمومية للدولة أو السياسات العمومية للجهات و بالخصوص التي تتمتع منها بالحكم الذاتي. هذا بجانب ما يقوم به المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي و كذلك المحاكم المالية.