دراسات قانونية
دراسة قانونية مميزة حول الإفراغ لاسترجاع المحل للسكن أو الاستعمال الشخصي بين الإبقاء و الإلغاء
الدكتور مصطفى بونجة
محام و رئيس المركز المغربي للتحكيم و منازعات الأعمال
جاء القانون رقم16-49 [1] لينظم بشكل جديد كراء المحلات التجارية و الصناعية و الحرفية بشكل مغاير للخلفيات التشريعية لظهير 1955 ، و لإعادة الاعتبار لمؤسسة الأصل التجاري ، هاته المؤسسة التي كانت قد فقدت الكثير من بريقها و مصداقيتها إبان التطبيقات القضائية لظهير 1955 [2].
واذا كان القانون 16-49 قد تعمد التنظيم المحكم لحقوق و التزامات الاطراف المعنية بعقد الكراء ، فانه وعلى العكس من ذلك ، فهذا القانون قد تعمد الغموض بخصوص اشكالية افراغ المحلات التجارية و الصناعية والحرفية بسبب الاسترجاع للسكن أو الاستعمال الشخصي .
فاذا كان الفصل 10 من ظهير 1955 ينص على أنه يحق للمكرى رفض تجديد العقدة إلا أنه إذا استعمل هذا الحق فيكون عليه أن يؤدى للمكتري المطلوب منه الافراغ تعويضا عن هذا الافراغ يعادل ما لحقه من الضرر الناجم عن عدم تجديد العقد وذلك باستثناء ما قرره الفصل 11 وما يليه من الفصول( المطلب الاول ) ، فالمادة 6 من القانون 49.16 انطلقت من معطيات معاكسة تماما لروح ظهير 1955 و نصت على انه يكون المكتري محقا في تجديد عقد الكراء متى توفرت مقتضيات الباب الأول من هذا القانون، ولا ينتهي العمل بعقود كراء المحلات والعقارات الخاضعة لهذا القانون إلا طبقا لمقتضيات المادة 26 بعده، ويعتبر كل شرط مخالف باطلا ، الشيء الذي يجعلنا نتسائل عن مدى ابقاء القانون 49.16 على سبب الافراغ لاسترجاع المحل للسكن او الاستعمال الشخصي ( المطلب الثاني ) .
المطلب الاول :الافراغ لرغبة المكري قي استرجاع المحل للسكن او الاستعمال الشخصي في ظل ظهير 1955
نظم الفصل 16 من ظهير 1955 حالة الافراغ بناءا على رغبة المكري في استرجاع محله للسكن ، ذلك أن هذا الفصل نص على أنه يمكن للمكرى الامتناع من تجديد العقدة دون الزامه باداء التعويض عن الافراغ ،ان استرجع المكان ليسكنه بنفسه أو يسكن فيه زوجه أو آباءه أو أولاده أو آباء زوجه أو أولاد هذا الزوج.
كما أن الفصل المذكور اشترط أن يكون الشخص الذى سيعمر المكان مفتقرا الى مسكن يطابق حاجياته العادية وحاجيات أعضاء أسرته ممن يعيشون عادة معه أو يسكنون معه ويشترط أيضا أن تكون هاته الحاجيات تتناسق مع احتلال المكان بصفة اعتيادية وان من شأن هذا المكان أن يصلح للسكنى بمجرد انجاز أشغال خفيفة تؤهله لذلك ولا يقبل استرجاع جزء من الاماكن عملا بالمقتضيات السابقة الا اذا كان هذا الاسترجاع لا يضر لا باستغلال المكتري ولا بسكناه.
وإذا بيع الملك فلا يجوز لمكريه الاستفادة من ذلك المقتضى الا اذا كان رسم الاشتراء مؤرخا بتاريخ حقيقى مضت عليه ثلاث سنوات قبل تاريخ المطالبة بحق الاسترجاع.
وعلى المكرى المطالب بالحق المنصوص عليه في هذا الفصل والمخول له استرجاع جميع الاماكن المكراة أو البعض منها فقط أن يدفع للمكتري أو لذوى حقوقه تعويضا يساوى ما حصل من ضرر من غير أن يتجاوز قدره قيمة كراء خمس سنوات حسب الثمن المعمول به وقت الافراغ.
ويحتم على من سينتفع بالمكان المسترجع أن يعمره بنفسه في ظرف أجل سنة واحدة من التاريخ رحيل المكتري وأن يبقى فيه مدة خمس سنوات على الاقل ما عدا إذا أدلى بسبب مشروع.
وان لم يفعل ذلك فيتعين عليه أن يدفع للمكتري الضائع حقه تعويضا يعادل قيمة ما أصابه من ضرر .
وبالموازاة مع مقتضيات الفصل 16 من ظهر 1955 نجد الفصل 10 منه ينص على مبدأ عام ومفصلي في تحديد العلاقة بين المكري و المكتري ، هذا الفصل الذي ينص على أنه يحق للمكرى رفض تجديد العقدة إلا أنه إذا استعمل هذا الحق فيكون عليه أن يؤدى للمكتري المطلوب منه الافراغ تعويضا عن هذا الافراغ يعادل ما لحقه من الضرر الناجم عن عدم تجديد العقدة وذلك باستثناء ما قرره الفصل 11 وما يليه من الفصول ويلزم المحكمة وقت تحديد قدر التعويض أن تعتبر ما سيحصل للمكتري من الخسائر وما سيفقده من الارباح بسبب اضاعة حقوقه، كما أنه يكون قدر التعويض مساويا على الاقل لقيمة الاسم التجارى اللهم الا اذا أثبت المكرى أن الضرر أخف من القيمة المذكورة.
و غير خاف أن العمل القضائي كان يركن لمقتضيات الفصل 10 متى تخلفت جدية الاسباب في الانذار الرامي الى الحكم بالافراغ طبقا لمقتضيات الفصل 16 ، فمحكمة النقض استقرت على اعتبار انه ” لكن حيث ان محكمة الاستئناف عللت قرارها بما مضمنه [ ان المجلس الاعلى في قراره الصادر بتاريخ 22/5/02 نقض القرار الاستئنافي السابق بعلة أن الفصل 16 من ظهير 24/5/55 لا ينطبق على السبب الذي اعتمدته المحكمة وهو توسيع مدخل العمارة ، وأنه بالرجوع الى الانذار الموجه الى الطاعن فإنه يتضمن الى جانب الأسباب الواردة به سببا اعتبره المالكون هو المقصود وتبنته المحكمة وهو عزمهم على استعمال المحل كمدخل لسكناه وهو ما عابه المجلس الأعلى حين اعتبر هذا السبب ليس محل الفصل 16 من ظهير 24/5/55 ، وأنه بالرجوع الى الفصل المذكور فهذا يعطي امكانية للمكري في الامتناع عن تجديد العقدة دون التزامه بأداء التعويض عن الافراغ المنصوص عليه في الفصل 10 من الظهير اذا استرجع المكان ليسكنه بنفسه أو يسكن فيه زوجه أو …
شرط افتقار الشخص المعمر للمكان الى مسكن وعلى المكري ان يدفع للمكتري كراء 5 سنوات وأن المحكمة على صعيد الحكم الابتدائي باعتبار أن المكتري التمس إبطال الإنذار يبقى ما ذهبت اليه من قول بأنه ليس هناك ما يبرر القول ببطلان الإنذار بالإخلاء في محله دأبا على ما سار عليه العمل القضائي على أساس أنه عند بيان عدم جدية السبب يقضي بالتعويض الكامل وليس ابطال الانذار ، ومادام المكري رفض تجديد العقد ومن حقه ذلك متى شاء وبدون تبرير فانه ينبغي تطبيق مقتضيات الفصل 10 من الظهير وتعويض المكتري تعويضا كامل والمحكمة الابتدائية حين اتخذت معيار الفصل المذكور في التعويض لم تخرج عن الحياد والحكم المستأنف في اعتماده نتائج خبرة السيد ميرة محمد والقدر المتوصل اليه باعتباره يغطي الأضرار اللاحقة بالطاعن عن فقدان الأصل التجاري بات تعويضا ملائما الخ التعليل ] ومن خلال هذا التعليل يتبين أن محكمة الاحالة قد تقيدت بالنقطة التي بت فيها المجلس الاعلى وطبقت مقتضيات الفصل 10 من ظهير 24/5/55 عندما تأكد لها عدم جدية السبب الوارد بالانذار ولم تطبق مقتضيات الفصل 16 من القانون المذكور وقدرت الخبرة المنجزة في القضية واستأنست بها للقول بأن مقدار التعويض الكامل الذي قضت به المحكمة الابتدائية كان ملائما للضرر الحاصل للطاعن” [3]
و قد عمل الاجتهاد القضائي المغربي على التمييز بين حالة المطالبة بالافراغ للإستعمال الشخصي مع الإستعداد في اداء التعويض الكامل و حالة استرجاع المحل للسكن وهي المنصوص عليها في الفصل 16 من ظهير 1955 حيث لا يقضى بالتعويض الكامل، ذلك أن محكمة النقض اعتبرت بانه ” لكن لما كان الفصل السادس من ظ 55 لا يشير الى وجوب تضمين الانذار مهلة الستة أشهر ، ولما كانت مقتضيات الفصل 16 من نفس الظهير انما تتعلق بحالة رغبة المكري في أن يحول المتجر الـى سكن ، فإن المحكمة الاستئنافية بتأييدها للحكم الابتدائي المعلل بما مضمنه << أن عدم تضمين الانذار مهلة ستة أشهر لا يشكل سببا لبطلانه إذ أن هذه المهلة تولى المشرع تحديدها ومن حق المكتري التمسك بها كاملة كما أنه لا بطلان بدون نص ، وأن التمسك بمرور مدة ثلاث سنوات على تملك العقار إنما تكون واجبة إذا كان سبب الاسترجاع هو الاحتياج للسكن لا غير عملا بالفصل 16 من ظ 55 ، كما يتبين من الانذار موضوع الدعوى أن سبب رفض تجديد العقد معلل برغبة المكري في استغلال العقار بصفة شخصية وأن المقرر بمقتضى الظهير المذكور أن مقتضياته لا ترتب جزاء البطلان حتى ولو ثبت عدم صحة السبب ويبقى من حق المالك رفض تجديد العقد شريطة أن يؤدي للمكتري تعويضا عن الإفراغ يعادل ما لحقه من ضرر >> تكون قد تبنت تعليلاته فلم يكن لها موقف سلبي”[4].
وفي قرار أخر اعتبرت بأنه ” لكن حيث ان المحكمة باعتبارها غير ملزمة بالجواب على الدفوع الغير المنتجة في الدعوى ، كانت على صواب لما لم تلتفت للدفع بخرق الفصل 16 المشار اليه في الوسيلة مادام قد ثبت لديها أن الإنذار وجه في نطاق ظ 55 من أجل استرجاع المحل للاستعمال الشخصي كمحل تجاري .، ولم يوجه في إطار الفصل 16 من نفس الظهير والذي يتعلق بحالة رغبة المالك في أن يحول المتجر الى سكن إذ ينص في مضمونه على إمكانية رفض تجديد العقد مقابل منح المكتري تعويضا محدودا ، بخلاف النازلة والتي عبرت المالكة من خلالها على استعدادها لأداء التعويض الكامل الذي تستحقه المكترية في نطاق الفصل العاشر من الظهير المذكور فكان ما بالوسيلة غير جدير بالاعتبار . [5]
المطلب الثاني : عدم تنظيم القانون رقم 49.16 للافراغ للاحتياج للسكن أو الاستعمال الشخصي
نظم القانون 49.16 حقوق المكري في انهاء عقد الكراء ( الفقرة الاولى ) غير أنه لم يعمل على التنصيص و تنظيم الافراغ للاحتياج للسكن أو الاستعمال الشخصي، بل اكتفى بالنص على حق المكري في افراغ المحل الملحق وذلك وفق شروط ضيقة( الفقرة الثانية )، كما أنه نص على مسطرة أجرأت هذه الحقوق وتفعيلها دون تنظيم مسطرة الافراغ للاحتياج للسكن أو الاستعمال الشخصي ( الفقرة الثالثة ).
الفقرة الاولى : تنظيم القانون 49.16 لحقوق المكري في انهاء عقد الكراء
ترجمة منه للاقرار بحق الملكية لفائدة المكري نص القانون على حق المكري في انهاء عقد الكراء دون خطأ من جانب المكتري عبر عدة حالات و هي :
حالة الإفراغ لكون المحل آيلا للسقوط :
و بالرجوع الى الفقرة الرابعة من المادة 8 من القانون رقم 49.16، فإننا نجده ينص على أنه لا يلزم المكري بأداء أي تعويض للمكتري مقابل الإفراغ في الحالات الآتية:
– إذا كان المحل آيلا للسقوط، ما لم يثبت المكتري مسؤولية المكري في عدم القيام بأعمال الصيانة الملزم بها اتفاقا أو قانونا رغم إنذاره بذلك.
– الإفراغ لتوسعة المحل أو تعليته :
ذلك أن المادة 16 من القانون رقم 49.16 نصت في فقرتها الأولى على أنه إذا اعـتزم المالك توسيع أو تعلية البناية، وكان ذلك لا يتأتى إلا بإفراغ المحل أو المحلات المكراة، فإن الإفراغ المؤقت للمكتري يتم لمدة يحددها المكري، على أن لا تتعدى سنة واحدة ابتداء من تاريخ الإفراغ ويمكن تمديد مدة الإفراغ لأجل لا يتعدى سنة بطلب من المكري.
– الإفراغ لهدم المحل وإعادة بنائه :
ذلك أن المادة 9 من القانون رقم 49.16 نصت في فقرتها الاولى على أنه يحق للمكري المطالبة بالإفراغ لرغبته في هدم المحل وإعادة بنائه، شريطة إثبات تملكه إياه لمدة لا تقـل عن سنة من تاريخ الإنذار وأدائه للمكتري تعويضا مؤقتا يوازي كراء ثلاث سنوات مع الاحتفاظ له بحق الرجوع إذا اشتملت البناية الجديدة على محلات معدة لممارسة نشاط مماثل تحدده المحكمة من خلال التصميم المصادق عليه من الجهة الإدارية المختصة، على أن يكون، قدر الإمكان، متطابقا مع المحل السابق والنشاط الممارس فيه.
و زيادة على ذلك عملت المادة 8 من القانون رقم 49.16، على التنصيص على أنه لا يلزم المكري بأداء أي تعويض للمكتري مقابل الإفراغ في الحالات الآتية :
إذا لم يؤد المكتري الوجيبة الكرائية داخل أجل خمسة عشر يوما من تاريخ توصله بالإنذار، وكان مجموع ما بذمته على الأقل ثلاثة أشهر من الكراء؛
2- إذا أحدث المكتري تغييرا بالمحل دون موافقة المكري بشكل يضر بالبناية ويؤثر على سلامة البناء أو يرفع من تحملاته، ما عدا إذا عبر المكتري عن نيته في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه داخل الأجل الممنوح له في الإنذار، على أن تتم الأشغال من أجل ذلك، في جميع الأحوال، داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر؛
3- إذا قام المكتري بتغيير نشاط أصله التجاري دون موافقة المالك، ما عدا إذا عبر المكتري عن نيته في إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه داخل الأجل الممنوح له، على أن يتم هذا الارجاع، في جميع الأحوال، داخل أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر؛
4- إذا كان المحل آيلا للسقوط، ما لم يثبت المكتري مسؤولية المكري في عدم القيام بأعمال الصيانة الملزم بها اتفاقا أو قانونا رغم إنذاره بذلك؛
5- إذا هلك المحل موضوع الكراء بفعل المكتري أو بسبب قوة قاهرة أو حادث فجائي؛
6- إذا عمد المكتري إلى كراء المحل من الباطن خلافا لعقد الكراء؛
7- إذا فقد الأصل التجاري عنصر الزبناء والسمعة التجارية بإغلاق المحل لمدة سنتين على الأقل.
الفقرة الثانية :حق المكري في إفراغ المحل الملحق وذلك وفق شروط ضيقة
بالرجوع الى المادة 19 من القانون رقم 49.16، فاننا نجدها تنص على امكانية المطالبة بالافراغ للاحتياج للسكن للجزء المتعلق بالسكن الملحق بالمحل التجاري أو الصناعي أو الحرفي فقط، دون مجموع المحل المكرى.
واذا كانت المادة 19 من القانون رقم 49.16، قد أعطت للمالك حق المطالبة بإفراغ الجزء المتعلق بالسكن الملحق بالمحل التجاري أو الصناعي أو الحرفي ليسكن فيه بنفسه أو زوجه أو أحد أصوله أو فروعه المباشرين من الدرجة الأولى أو المستفيدين من الوصية الواجبة – إن وجدوا و كذلك المكفول، فانه و انطلاقا من مقتضيات المادة 20 من القانون رقم 49.16، فانه لا يجوز للمالك المطالبة بإفراغ الجزء المتعلق بالسكن الملحق بالمحل التجاري أو الصناعي أو الحرفي في الحالات الآتية :
1- إذا كان من شأن استرجاع المحل أن يحدث مساسا خطيرا باستغلال الأصل التجاري؛
2- إذا تعلق الأمر بملحقات المؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي الأخرى، والمصحات والمؤسسات المماثلة لها، ومؤسسات التعليم الخصوصي؛
3- إذا كان المكتري يستعمل جزءا من محل الكراء للسكن لا يمكن الفصل بينه وبين الجزء المستعمل كمحل تجاري أو صناعي أو حرفي، فإنه في هذه الحالة لا يمكن إفراغه من الجزء المستعمل للسكن، دون إفراغه من الجزء المستعمل للتجارة، وذلك وفق مقتضيات هذا القانون.
كما أن المادة 19 من القانون رقم 49.16 نصت على نوعين من التعويض لفائدة المكتري، حيث يمثل الأول تعويضا يوازي كراء ثلاث سنوات (أولا)، في حين أن التعويض الثاني يوازي كراء ثمانية عشر شهرا (ثانيا).
أولا : استحقاق المكتري تعويضا يوازي كراء ثلاث سنوات
في حالة إثبات أن الشخص المطلوب الإفراغ لفائدته لا يتوفر على سكن في ملكه أو يتوفر على سكن في ملكه لكنه غير كاف لحاجياته العادية، فقد نصت المادة 19 من القانون رقم 49.16 على أن المكتري يستحق تعويضا يوازي كراء ثلاث سنوات حسب آخر سومة كرائية للمحل الملحق.
وحسنا فعلت المادة 19 من القانون رقم 49.16، حينما نصت على أنه إذا كان المكتري يؤدي سومة كرائية إجمالية تشمل المحل المستعمل للتجارة ومحل السكنى الملحق به، فانه يتم تحديد السومة الكرائية للمحل الملحق باتفاق الطرفين أو باللجوء إلى المحكمة.
ثانيا : حالة استحقاق المكتري تعويضا يوازي كراء ثمانية عشر شهرا
انطلاقا دائما من مقتضيات المادة 19 من القانون رقم 49.16، فانه يتعين على الشخص المطلوب الإفراغ لفائدته أن يعتمر المحل شخصيا داخل أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ مغادرته من طرف المكتري ولمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ما لم يكن هناك عذر مقبول، وإلا حق للمكتري المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر يوازي كراء ثمانية عشر شهرا حسب قيمة آخر وجيبة كرائية.
الفقرة الثالثة : التنظيم المسطري لجميع حالات الافراغ باستثناء للمطالبة بالافراغ للاستعمال الشخصي او للسكن
أولا : الضوابط المسطرية العامة لانهاء عقد الكراء
نصت المادة 6 من القانون رقم 49.16 على انه يكون المكتري محقا في تجديد عقد الكراء متى توفرت مقتضيات الباب الأول من هذا القانون، ولا ينتهي العمل بعقود كراء المحلات والعقارات الخاضعة لهذا القانون إلا طبقا لمقتضيات المادة 26 بعده، ويعتبر كل شرط مخالف باطلا.
وبالرجوع الى المادة 26 المحال عليها فاننا نجدها تنص يجب على المكري الذي يرغب في وضع حد للعلاقة الكرائية، أن يوجه للمكتري إنذارا، يتضمن وجوبا السبب الذي يعتمده، وأن يمنحه أجلا للإفراغ اعتبارا من تاريخ التوصل.
يحدد هذا الأجل في:
– خمسة عشر يوما إذا كان الطلب مبنيا على عدم أداء واجبات الكراء أو على كون المحل آيلا للسقوط.
– ثلاثة أشهر إذا كان الطلب مبنيا على الرغبة في استرجاع المحل للاستعمال الشخصي، أو لهدمه وإعادة بنائه، أو توسعته، أو تعليته، أو على وجود سبب جدي يرجع لإخلال المكتري ببنود العقد.
في حالة عدم استجابة المكتري للإنذار الموجه إليه، يحق للمكري اللجوء إلى الجهة القضائية المختصة للمصادقة على الإنذار ابتداء من تاريخ انتهاء الأجل المحدد فيه.
عدم صحة السبب يؤدي إلى رفض طلب الإفراغ
إن المستقر عليه أنه لا يحق لمحكمة الأكرية أن تناقش إلا الأسباب الواردة في الإنذار و التي على أساسها وجه الى المكتري دون غيره من الأسباب التي يمكن للمكري أن يتمسك بها أثناء سريان المسطرة قضاء [6].
وقد نصت المادة 27 من القانون رقم 49.16 على انه إذا تبين للجهة القضائية المختصة صحة السبب المبني عليه الإنذار، قضت وفق طلب المكري الرامي إلى المصادقة على الإنذار وإفراغ المكتري، وإلا قضت برفض الطلب.
– ثانيا :عدم اسعاف التنظيم المسطري للمطالبة بالافراغ للاستعمال الشخصي او للسكن
اذا كانت المادة 26 قد تضمنت الاشارة الى اجل ثلاثة أشهر إذا كان الطلب مبنيا على الرغبة في استرجاع المحل للاستعمال الشخصي، فان الامر على الخلاف من ذلك يتعلق بحالة فريدة و هي المنصوص عليها في المادة 19 من القانون 49.16 .
فأذا كانت المادة 19 من القانون رقم 49.16، قد أعطت للمالك حق المطالبة بإفراغ الجزء المتعلق بالسكن الملحق بالمحل التجاري أو الصناعي أو الحرفي ليسكن فيه بنفسه أو زوجه أو أحد أصوله أو فروعه المباشرين من الدرجة الأولى أو المستفيدين من الوصية الواجبة – إن وجدوا و كذلك المكفول، فانه و انطلاقا من مقتضيات المادة 20 من القانون رقم 49.16، فانه لا يجوز للمالك المطالبة بإفراغ الجزء المتعلق بالسكن الملحق بالمحل التجاري أو الصناعي أو الحرفي في الحالات الآتية :
1- إذا كان من شأن استرجاع المحل أن يحدث مساسا خطيرا باستغلال الأصل التجاري؛
2- إذا تعلق الأمر بملحقات المؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي الأخرى، والمصحات والمؤسسات المماثلة لها، ومؤسسات التعليم الخصوصي؛
3- إذا كان المكتري يستعمل جزءا من محل الكراء للسكن لا يمكن الفصل بينه وبين الجزء المستعمل كمحل تجاري أو صناعي أو حرفي، فإنه في هذه الحالة لا يمكن إفراغه من الجزء المستعمل للسكن، دون إفراغه من الجزء المستعمل للتجارة، وذلك وفق مقتضيات هذا القانون.
وانطلاقا من هذه الفقرة الاخيرة فاننا نعتقد بأن القانون 49.16 لم يجز الا حالة الافراغ للسكن دون الاستعمال الشخصي ، متى كان المكتري يستعمل جزءا من محل الكراء للسكن ولا يمكن الفصل بينه وبين الجزء المستعمل كمحل تجاري أو صناعي أو حرفي، فإنه في هذه الحالة لا يمكن إفراغه من الجزء المستعمل للسكن، دون إفراغه من الجزء المستعمل للتجارة و هي حالة نادرة التحقق.
[1] القانون 16-49 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 11/8/2016
[2] للمزيد حول مستجدات القانون 16-49 الرجوع إلى : مصطفى بونجة ، الكراء التجاري بين ظهير 1955 و القانون رقم 16-49 ، منشورات المركز المغربي للتحكيم ومنازعات الأعمال ، الطبعة الأولى 2016.
[3] قرار محكمة النقض عدد: 396 المؤرخ في: 4/4/2007 ملف تجاري عدد : 1197/3/2/2005.
[4] قرار محكمة النقض عدد : 60 المؤرخ في : 16/1/2008 ملف تجاري عدد : 1077/3/2/2007.
[5] قرار محكمة النقض عدد : 1275 المؤرخ في : 26/12/2007 ملف تجاري عدد : 302/3/2/2005.
[6] – عمر ازوكار، الانذار بالافراغ في ضوء ظهير الكراء التجاري و اخر المواقف القضائية ، الطبعة الاولى 2015 مطبعة النجاح الجديدة ص 99.