دراسات قانونية
جريمة الإجهاض (بحث قانوني)
بحث قانوني كبير حول جريمة الإجهاض
المقدمة
الفصل الأول: الإجهاض ومسبباته
المبحث الأول: ماهية الإجهاض
المطلب الأول: تعريف الإجهاض
• الفرع الأول: تعريف الإجهاض من الناحية اللغوية والطبيعية والقانونية
• الفرع الثاني: تميز الإجهاض عما يشتبه به من أفعال
المطلب الثاني: أنوع الإجهاض
• الفرع الأول: الإجهاض العلاجي
• الفرع الثاني: الإجهاض المفتعـل
• الفرع الثالث: الإجهاض التلقائـي
المطلب الثالث: أقسام الإجهاض
المبحث الثاني: أسباب الإجهاض ونسبته في الجزائر
المطلب الأول: الأسباب الطبية الداعية إلى الإجهاض
المطلب الثاني : الأسباب الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية للإجهاض
• الفرع الأول: الإجهاض لأسباب أخلاقية
• الفرع الثاني: الإجهاض لأسباب اقتصادية واجتماعية
المطلب الثالث: الإجهاض في الجزائر
الفصل الثاني: الجرائم المتعلقة بالاعتداء على الجنين وجرائم التحريض على الإجهاض
المبحث الأول: الجرائم المتعلقة بالاعتداء على الجنين
المطلب الأول: جريمة الإجهاض الواقعة على الحامل والمفترض حملها
• الفرع الأول: العنصر المادي للجريمة
• الفرع الثاني: عنصر كون محل الجريمة امرأة حامل أو مفترض حملها
• الفرع الثالث: عنصر نية الإجهاض
المطلب الثاني: جريمة الإجهاض المؤدية إلى الوفاة
• الفرع الأول: عنصر الفعل المادي
• الفرع الثاني: عنصر حصول الوفاة
• الفرع الثالث: عنصر القصد أو النية الجرمية
المطلب الثالث: جريمة إجهاض المرأة الحامل لنفسها
• الفرع الأول: العنصر المادي للجريمة
• الفرع الثاني: عنصر القصد الجرمي
• الفرع الثالث: عنصر حصول النتيجة
المبحث الثاني: جريمة التحريض على الإجهاض
المطلب الأول: جريمة التحريض على الإجهاض
• الفرع الأول: عنصر الفعل المادي
• الفرع الثاني: عنصر القصد الجرمي
• الفرع الثالث: عنصر حصول النتيجة
المطلب الثاني: الجرائم المنسوبة إلى الأطباء والمقابلات والممرضات
وأشباههم
• الفرع الأول: عنصر الفعل المادي
• الفرع الثاني: عنصر إثبات الصفة
• الفرع الثالث: عنصر القصد وحول النتيجة
الفصل الثالث: العقوبات التكميلية وظروف التشديد
المبحث الأول: العقوبات التكميلية وحالات الإعفاء
المطلب الأول: العقوبات التكميلية والظروف المشددة لجريمة الإجهاض
• الفرع الأول: تدابير الأمن الشخصية
• الفرع الثاني: آثار مخالفة أحكام المنع من الإقامة ومن ممارسة المهنة
المطلب الثاني: حالة الإعفاء من العقاب عن الإجهاض
المبحث الثاني: موقف الشريعة الإسلامية من جريمة الإجهاض
المطلب الأول: أقوال العلماء والأسس التي يبنى عليها أحكام الإجهاض
المطلب الأول: الإجهاض في حالات حمل الزنى أو الاغتصاب
دراسة قضية
الخاتمة
مــقــدمـــــة
إن من أهم الحقوق التي تضمنتها قواعد الشريعة الإسلامية و القوانين الوصفية الجزائرية الحق في الحياة و الجنين في بطن أمه حيث يعتبر هذا الأخير إنسان مثل باقي الناس و يتمتع بكثير من الحقوق لا سميا حقه في الحياة و حقه في الإرث و حقه في أن يوهب له و أنه يستحق كل ذلك بمجرد ولادته حيا لهذا يمكن القول أن الاعتداء على الجنين و هو في بطن أمه يشكل جريمة يعاقب عليها القانون .
إن الإجهاض أمر قد شاع وانتشر في كثير من بقاع العالم في العصر الحديث نتيجة انتشار الزنا، واضطراب القيم ،وحياة القلق و الكآبة التي زادت مع حضارة القرن العشرين الزائفة و تطورت مع التطور الاقتصادي و الاجتماعي و الطبي بحيث أصبحت تتم بطرق طبية حديثة جدا من طرف أخصائيين و إذا رجعنا لأسباب هذه الجريمة فهي عديدة و من أهمها الحمل اللاشرعي الذي انتشر في بلادنا بسبب العلاقات الجنسية اللا شرعية ,وكذلك الإدمان على المحذرات و الكحول بالإضافة إلى الأسباب الاقتصادية و الاجتماعية كالفقر و الجهل .
وقد ذكرت مجلةmédicine digest إن التقديرات الطبية تدل علي أن 13.8 مليون حالة إجهاض جنائي تتم سنويا في البلاد النامية و تزيد عن 50مليون سنويا في العالم و يعتبر الاتحاد السوفياتي سابقا أول دولة في العالم أباحت الإجهاض بمجرد طلب الحامل مع عدم وجود أي سبب طبي عام 1920 بعد قيام الثورة البلشفية التي قادها لنين وقد أدى ذلك إلى انتشار الإجهاض بدرجة مريعة جعلت السلطات السوفياتية تتراجع عن قرارها في عام 1936 عندما أصدرت السلطات قانونا يحدد الإجهاض بالأسباب الطبية. و تضيف منظمة الصحة العالمية أن 19مليون عملية اجهاض غير آمنة تجرى سنويا في العالم و تموت حوالي 68.000 امرأة نتيجة الإجهاض الغير متقنة ، و 5.3 مليون امرأة تعاني من الإعاقة الدائمة أو المؤقتة .
و يربط مختصون على صلة بالملف ، ارتفاع حالات الإجهاض في السنوات الخمسة الأخيرة بتزايد عدد الاعتداءات الجنسية و الاغتصاب ، و تشير تقارير الدرك الوطني إلى تسجيل حالتي اغتصاب كل 36 ساعة في الجزائر و اعتداءين جنسيين في اليوم الواحد ،و تلجأ أغلب النساء الحوامل بطرق غير شرعية إلى التخلص من الجنين بالطرق التقليدية قبل أن تستغل بعض العيادات الخاصة الوضع لممارسة الإجهاض مقابل مبالغ مالية تصل إلى
20 ألف دج للعملية .
الفصل الأول: الإجهاض ومسبباته
المبحث الأول: ماهية الإجهاض
من الجدير بالذكر أنه لم يرد في القانون تعريف للإجهاض حيث أن القانونين محل
المقارنة لم تعرف الإجهاض وإنما ترك أمر تعريف الإجهاض للفقه والقضاء مما أدى إلي الاختلاف في التعريف كما أن دراسة الإجهاض كظاهرة اجتماعية توضح لنا الحدود الفاصلة بين الإجهاض وبين الأفعال المشابه له مثل منع الحمل والقتل وعليه
ينقسم هذا المبحث إلي مطلبين نتناول في المطلب الأول تعريف الإجهاض إما المطلب
الثاني فيتناول تميز الإجهاض عما يشتبه به من أفعال على النحو التالي من التقسيم:
المطلب الأول: تعريف الإجهاض.
معظم التشريعات لا تعرف الإجهاض وإنما تترك ذلك للفقه والقضاء مما أدى
إلي الاختلاف حول تعريف الإجهاض وهذا ما سندرسه على النحو التالي.
الفرع الأول: تعريف الإجهاض من الناحية اللغوية والطبيعية والقانونية.
أ – تعريف الإجهاض من الناحية اللغوية
الجنين في اللغة هو ” حمل المرأة ما دام في بطنها ” فإن خرج فهو ” ولد ” وأن
خرج ميتا فهو” سقط ” وقد يطلق عليه أنه جنين أيض كما يعني الإجهاض في اللغة إسقاط الجنين قبل أوانه بحيث يؤدي ذلك إلي وفاته ويسند الفعل إلي المرأة نفسها
فيقال أجهضت المرأة فهي مجهض إذا أسقطت جنينها وألا يقال أجهضها بمعنى جعلها
تسقط جنينها وأصلها الناقه فقد جاء في القاموس المحيط المجهض هو الولد السقط أو ما
تم خلقه ونفخ فيه روحه من غير أن يعيش , وأجهض الناقة ألقت ولدها وقد بنت وبره
فهي مجهض قد جاء تعريف الإجهاض بمعني أخر وهو إسقاط الجنين ناقص
الخلقة وناقص المدة سواء من المرأة أو من غيرها قبل الموعد المحدد للولادة
ب- تعريف الإجهاض من الناحية الطبيعية.
ويعني الإجهاض من الناحية الطبيعية الوضع المبتسر، فالإجهاض وضع لأن فيه
إخراج أو طرح ناتج الحمل وهو مبتسر لأنه يحدث قبل الأوان أي قبل أن يتم الجنين
الأشهر الرحمية المقررة , لهذا يعرف الإجهاض بأنه خروج متحصلات الرحم قبل تمام
الأشهر الرحمية ما يعرف بأنه إخراج الجنين عمداً من الرحم قبل الموعد الطبيعي
لولادته أو قتله عمداً في الرحم كما أنه كل طرد للبويضة الملحقة أو إنهاء
الحمل قبل الأسبوع الثامن والعشرين أي في السبعة الأشهر الأولى من بدء الحمل.
جـ- تعريف الإجهاض من الناحية القانونية:
ذهب البعض إلي اختلاف موقف التشريعات الوضعية من تعريف الإجهاض مثل قانون العقوبات الأردني وقانون العقوبات المصري شأنها في ذلك شأن الكثير من التشريعات الوضعية بحيث لم تضع تعريفاً للإجهاض على عكس القانون الألماني الذي عرف الإجهاض بأنه قتل الجنين في الرحم قد أدى إلى هذا اختلاف نظرة الفقهاء نحو القيمة أو الحق الذي يحميه القانون من تجريم الإجهاض ذلك أن البعض يرى أن القانون أراد حماية الجنين بينما يرى البعض الآخر أن القانون أراد ضمان تطور الحمل الطبيعي
فإذا أخذنا بالرأي الأول فإن الإجهاض هو نوع من القتل أو بالأحرى قتل الطفل
والنتيجة المنطقية للأخذ بهذا الرأي هي أن الجريمة لا تقوم إذا لم تنعدم حياة الطفل لأن القتل لا يكون قد تحقق.
إما الرأي الثاني فيقول أن هناك إجهاض بالمعنى القانوني لهذا التعبير كلما أنقطع تطور الحمل بواسطة وسيلة غير طبيعية أيا كانت والظاهر أن أكثر المؤلفين الحديثين يؤخذون هذا الرأي ويرفضون نتائج الرأي الأول يعتبرون موت الطفل شرطاً أساسيا للجريمة
أما العلامة جارو فقد عرف الإجهاض بأنه “الطرد المبتسر الواقع إرادياً لمتحصل الحمل كما عرف الإجهاض على أنه إخراج الحمل من الرحم في غير موعده الطبيعي عمداً وبلا ضرورة وبأية وسيلة من الوسائل.
وقد عرف بعض الفقهاء الإجهاض “بأنه استعمال وسيلة صناعية تؤدي إلى طرد الجنين قبل موعد الولادة إذا تم بقصد أحداث هذه النتيجة ولكننا نرى أن هذا الرأي يعيبه أن الإجهاض لا يشترط أن يتم بوسائل صناعية، بل ربما نتيجة نشاط على الرحم كإدخال اليد في الرحم أو الضرب المفضي إلي الموت وكذلك فقد عرفه البعض بأنه “القيام بأفعال تؤدي إلى إنهاء حالة الحمل لدى المرأة قبل الوضع الطبيعي إذا تمت تلك الأفعال بقصد أحداث هذه النتيجة.
ويرى سير وليام ” الفقيه الإنجليزي” أن الإجهاض هو تدمير متعمد للجنين في الرحم أو أي ولادة سابقة لأوانها بقصد أماتت الجنين.
الفرع الثاني: تميز الإجهاض عما يشتبه به من أفعال .
قبل أن ندرس الإجهاض كجريمة، وكظاهرة اجتماعية، علينا أن نوضح الحدود
لفاصلة بينة وبين الأفعال مشابهة له، أو تتداخل معه، لذلك فمن الحكمة أن نبين الحدود
الفاصلة بين فعل الإجهاض وبعض الأفعال التي تقترب منه حيث يتدخل الإجهاض ومنع
الحمل في نقطة هامة جداً ألا وهي متى يبدأ الحمل كما يتدخل الإجهاض مع جريمة
القتل في نقطة هامة أيضا وهي متى ينتهي الحمل بمعنى متى تسقط عن الكائن البشري
المنتظر صفة الجنين لتحل محلها صفة الإنسان.
1- إجهاض ومنع الحمل :
يقصد بمنع الحمل هو الحيلولة بوسيلة ما دون حصول الحمل عند المرأة ويقول
الأمام الغزالي وهو بصدد التفرقة بين منع الحمل والإجهاض وليس هذا أي منع
الحمل كالإجهاض والوأد لأن ذلك أي الاستجهاض والوأد جناية على موجود
حاصل والوجود له مرتب ، أول مرتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء
المرأة ، وتستعد لقبول الحياة ، وإفساد ذلك جناية ، فان صارت علقه أو مضغة ، كانت
افحش ، وان نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ، ازدادت الجناية تفاحشا ، ومنتهى التفا حش
في الجناية هي بعد الانفصال حيا.
بداهة أن منع الحمل قبل حدوثه لا يكون إجهاضا غير أنه إذا تم بعملية جراحية نجمت عنها أضرار وإصابات بالمجني عليه، كالعقم الدائم الذي يجعل صاحبه غير صالح للإنجاب عندها يعد الفاعل مرتكباً لجناية العاهة المستديمة ولا عبرة برضا المجني عليه فالفرض هنا عدم وجود حمل ، وأن تلك الوسائل ينحصر عملها ووظيفتها في الحيلولة دون حدوث الحمل وعليه فان بدء الحمل هو النقطة الفاصلة بين اعتبار الوسيلة التي أمامنا وسيلة للإجهاض أو وسيلة لمنع الحمل أما الإجهاض فهو إنهاء الحمل قبل الموعد الطبيعي للولادة وفي الإجهاض يفترض وجود حمل ، ثم إنهاء نموه وتطوره ، فإذا لم يوجد حمل فلا مجال للقول بحدوث الإجهاض وبما أن الإجهاض ومنع الحمل يتدخلان عند نقطة هامة وهي بداية الحمل حيث يوجد اتجاهات في تحديد بدء الحمل .
الاتجاه الأول:
يرى بان الحمل يبدأ من لحظة اللقاح أي التقاء البويضة بالحيوان المنوي، فمنذ هذه اللحظة يصبح للبويضة الملقحة حرمة بحيث أن أي اعتداء عليها يعتبر إسقاطا للحمل.
الاتجاه الثاني :
يرى أن الحمل يبدأ بتمام زراعة البويضة الملقحة في جدار الرحم أما الفترة ما بين التلقيح والزراعة فلا يكون هنالك حالة حمل ذا فالرأي الأول يرى أن الحمل يبدأ بمجرد التلقيح أما الثاني يقرر أن الحمل يبدأ بعد عملية زراعة البويضة الملقحة بجدار الرحم. فإذا علمنا أن الوسائل المستعملة لمنع الحمل ، تؤدي عملها بوجه عام أما بمنع التقاء السائل المنوي بالبويضة ، أو حتى بإعاقة خروج البويضة من المبيض أو عن طريق وقف السائل المنوي حتى لا يصل إلى البويضة ، فمثل تلك الوسائل لا تثير أي مشاكل ذلك نجد أنه لا يوجد أي بويضة مخصبة ، وبالتالي فانه لا يوجد حمل سوءا بناءاً على الرأي الأول أو على الرأي الثاني ومن ثم فلا يوجد علاقة بين الإجهاض ومنع الحمل ومن هنا يتبين لنا أن استعمال وسائل منع الحمل ، بحسب أغلب التشريعات الحديثة يعد عملا مباحاً يخرج من دائرة التحريم والتأثم ذلك بعكس استعمال الوسائل لمؤدية لإسقاط الحمل فهو في الغالب يعد عملاً مجرماً.
2- الإجهاض وجريمة القتل
تختلف جريمة الإجهاض عن جريمة القتل في أن المجني عليه في الجريمة الأولى
هو الجنين بينما في الجريمة الثانية فان المجني عليه هو إنسان حي، إذاً الاختلاف هنا في محل الحماية الجنائية حيث أن الإجهاض يستهدف إزهاق روح الجنين قبل الموعد الطبيعي للولادة في حين يستهدف القتل إزهاق روح إنسان حي، وتبعاً لذلك تختلف الحماية التي يوفرها المشرع الجزئي لكل من الجنين والإنسان.
لذا يحمي المشرع الجزائي الجنين من خلال النصوص التي تعاقب على ارتكاب جريمة الإجهاض ، بينما يحمي المشرع الجزائي الإنسان الحي من خلال النصوص التي تعاقب على ارتكاب جرائم القتل والجرح ، والضرب.
كما نجد من خلال النظر إلى العقوبات المقررة في القانون الجنائي للجرائم الخاصة بالقتل نجد أنها اشد أقصى من العقوبات المقررة في جرائم الإجهاض، كما أن القتل الخطأ والقتل الغير مقصود معاقب عليه أيضا، أما الإجهاض لا يكون إلا عمداً بحيث لو وقع عن خطأ يكون غير معقب عليه.
المطلب الثاني: أنوع الإجهاض
الفرع الأول: الإجهاض العلاجي:
و يعرف أيضا بالطبي حيث نجد أن الطبيب الأخصائي في هذا النوع هو من يقوم
بهذه العملية كطريقة علاجية إذا أتضح أن هذا الحمل يضر الأم أكثر مما ينفعها
حيث يقول الدكتور رالف ينسون في كتابه hand book of obst and gync
” رغم أن هناك أسباب عدة طبية و جراحية تدعو إلى الإجهاض إلا أن التقدم الطبي العلاجي جعل الحاجة إلى الإجهاض نادرة نسبيا بحيث لا تزيد عن حالة واحدة من كل 500 حالة حمل . و اليوم تجرى معظم حالات الإجهاض لأسباب اجتماعية و ليس لأسباب طبية و إن كانت لا تزال تحمل اسم الإجهاض العلاجي “.
” و لهذا ينبغي على الطبيب أن يتيقن أن استمرار الحمل خطر يتهدد حياة الأم و أن مخاطر الإجهاض أقل من مخاطر استمرار الحمل و مخاطر الولادة
الفرع الثاني: الإجهاض المفتعـل :
أو الجنائي وهو إجهاض إرادي أي أنه مرغوب فيه حيث تتعمد الأم عملية نزع الجنين لأسباب مختلفة قد تكون نتيجة لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو عدم الرغبة في حالة الحمل الغير شرعي و هذا النوع من الإجهاض يعتبر إجهاض غير شرعي معاقب عليه قانونا و يعتبر الإجهاض الجنائي خطرا على صحة الأم لأنه يحدث عادة في مكان غير معقم وقد يحدث من غير طبيب و تصل نسبة الوفيات فيه إلى أرقام عالية، و كثيرا من الحالات تصاب الأم بعدة أمراض و خاصة في جهازها التناسلي و يصبح الحمل القادم معرض لكثير من المخاطر و يتعرض الجنين للتشوه كما يتعرض للنزول قبل موعد الولادة أو بحصول إجهاض تلقائي بل إن حالات العقم تزداد بعد إجراء عملية الإجهاض المفتعل و تزداد خطورة الإجهاض كلما تقدم الحمل و خاصة بعد الأسبوع السادس عشر .
كما لوحظ أن معظم حالات الإجهاض الجنائي هي لفتيات غير متزوجات بينما لوحظ أن أكثر حالات الإجهاض القانوني هي لنساء متزوجات، و لولا انتشار وسائل منع الحمل خاصة الحبوب لكان الإجهاض الجنائي أكثر من هذه الأرقام المفزعة بكثير و ذلك لشيوع التحلل الخلقي و انتشار الزنا و ذلك مصداقا لحديث المصطفى صلى الله عليه و سلم عن انتشار الفاحشة في آخر الزمان حيث يقول ” لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس تسافد البهائم في الطرق ” رواه الطبراني عن ابن عمر و قد وصل الأمر في بعض الدول قريب من هذا و كل ذلك باسم الحرية الشخصية وعدم التدخل فيها.
الفرع الثالث: الإجهاض التلقائـي:
يختلف هذا النوع من الإجهاض من النوعين السابقين حيث يحدث لاإراديا و ينسب معظم الأطباء في طب النساء أن هذا النوع يحدث لعدم استعداد الرحم للوصول بهذا الحمل حتى الولادة فيطرده في الغالب ابتدءا من الأشهر الأولى ويسمى بالمصطلح الطبي fause couche
وغالبا ما يكون هذا الإجهاض بعد الإخصاب و يرتبط بآلام حادة لا تفرق عن آلام الولادة و تختلف المراجع الطبية في ذكر نسبة الإجهاض التلقائي اختلافا كبيرا فمنهم من يجعلها 78%من حالات الحمل (1) و منهم من يجعلها تتراوح ما بين 30-40%ّّ (2)
و يقسم الإجهاض عادة إلى مرحلتين:
الأولى ما قبل اثني عشر أسبوعا: و هذه تشمل أغلب حالات الإجهاض التلقائي بل كثيرا من المصادر الطبية تقول أن ما يقارب الخمسين بالمئة من حالات الإجهاض التلقائي تتم في مرحلة مبكرة جدا و قبل أن تعلم المرأة أنها حامل (أي بعد انغراز الكرة الجرثومية في الرحم و في بعض الأحيان لا يحصل انغراز أصلا ).
الثانية ما بعد اثني عشر أسبوعا : و هذه إن حصلت في الإجهاض التلقائي فتكون في الغالب سليمة العواقب أما إذا حدثت بفعل فاعل فان مضاعفات ذلك الإجهاض
كثيرة و تشمل النزيف الشديد ، و تمزق الرحم أو إنثقابه و لهذا فان إخراج محتويات الرحم من المهبل لا ينصح بها بعد هذه المدة ، و إنما تستخدم عملية شق الرحم أو حقن سائل الامنيوسي لمحلول الملح ولا يشكل الإجهاض بعد 12 أسبوعا سوى نسبة ضئيلة من جملة حالات الإجهاض التلقائي و المحدث .
– أسباب الإجهاض التلقائي
1- خلل في البويضة الملقحة: وأهمها خلل في الصبغيات (الكرموسومات) ويعتبر هذا أهم أسباب الإجهاض التلقائي إذ أنه يشكل ما بين 60-70% من جميع الحالات الإجهاض التلقائي ولذا فإن الإجهاض يعتبر رحمة من الله بهذا الجنين المشوه تشوها شديدا.
2- خلل في جهاز المرأة التناسلي: نتيجة لأمراض في الرحم مثل عيوب الرحم الخلقية أو أورام الرحم الحميدة (الورم الليفي Fibromyoma) وانقلاب الرحم وأمراض الكلى المزمنة والزهري وضغط الدم والحميات الشديدة وأمراض الغدة الدرقية. والإصابة بفيروس الهوس والحصبة الألمانية. وقد وجد أن التدخين وشرب الخمور يزيد من حالات الإجهاض كما يزيد من التشوهات الخلقية.
4- إصابة الأم بضرب أو حادثة: وتعتبر هذه الأسباب قليلة التأثير على الرحم الطبيعي وإنما تؤثر على الأرحام التي بها بعض الخلل. ولا يشكل سوى حالة من كل ألف حالة من حالات الإجهاض.
5- الصدمة النفسية الشديدة: والغريب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حكم بغرة (1/20 من الدية أو وليد أو جارية) لمن أخاف امرأة فأسقطها (يعتبر هذا العامل قليل التأثير عموما، وهو يؤثر أساسا على الأجنحة أو الأرحام التي بها بعض الخلل) والغرة قد حكم بها النبي صلى الله عليه وسلم لمن أسقط حاملا.
6- نقص هرمون البروحسترون: ويعتبر مسؤولا في بعض حالات الإجهاض المتكرر.
1- مجلـة : MEDICINE DIGEST , JAN 1981. P 949
2- EDITION MERK MANUAL , P 949
7- الأدوية والعقاقير: وقد تعتبر هذه المجموعة ضمن أسباب الإجهاض المحدث Induced Abortion ولكنه قد ينتج عن غير قصد حيث تأخذ المرأة أدوية دون أن
تعلم أنها حامل فيحدث لذلك الإجهاض. وقد اشتهرت الكينا والرصاص والكلوروكوين ومادة الأرجون والمواد التي تعطى لمعالجة السرطان بتسبيب الإجهاض. وأشهر المواد المختصة بتسبيب الإجهاض هي مادة الأوكسيتوسين Oxyton والبروستاجلاندين Prostaglandin وهذه في الغالب تندرج تحت الإجهاض المحدث وليس الإجهاض التلقائي ويعتبر النيكوتين في التبغ والكحول في الخمور وكثير من العقاقير مثل التاليدوميد التي تسبب خللا في الكروموسومات من الأسباب الهامة للإجهاض في العصر الحديث
1- مجلـة : MEDICINE DIGEST , JAN 1981. P 949
2- EDITION MERK MANUAL , P 949
المطلب الثالث” أقسام الإجهاض
يقسم الأطباء الإجهاض إلى أقسام مختلفة وهذا حسب درجة اكتماله أو نقصانه
1- الإجهاض المنذر: أو الحمل المهدد بالإجهاض: تبدأ أعراضه بنزيف رحمي خفيف منقطع وبدون ألم في أسفل البطن ومن دون انتفاخ عنق الرحم، إن علاج مثل هذه الحالات يتطلب الراحة الجسدية والذهنية والنفسية والجنسية التامة وتوافر هذه الشروط مهم في إنجاح العلاج إضافة إلى ذلك تكون المتابعة الطبية ضرورية لمعرفة تطور الحمل.
إن توقف النزيف بعد الراحة والعلاج يسمح للمرأة بممارسة الأعمال المنزلية الخفيفة على شرط أن يكون حملها مراقب بين الحين والآخر ثم إجراء فحوصات مخبرية تكشف مدى إفراز هرمون الحمل في البول والتأكد أيضا من سلامة تطور الجنين عن طريق الموجات فوق الصوتية.
2- الإجهاض المحتم: ويسمى هذا النوع بهذا الاسم لأنه ينتهي بخروج الجنين حتما ولا ينفع فيه أي علاج ويكون نزيف هذا النوع من الإجهاض مصحوبا دائما بآلام في أسفل البطن والظهر مع وجود توسع في عنق الرحم، مما يؤكد هذا على أن الإجهاض لا مفر منه وسيحدث في أية لحظة وفي وضع كهذا تنقل المريضة فورا إلى المستشفى لإجراء عملية التفريغ وذلك تجنبا لحدوث نزيف شديد مفاجيء ربما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تهدد حياة الأم.
3- الإجهاض الغير مكتمل: يكون حدوثه إما مفاجيء أو نتيجة الإجهاض المنذر ولحظة حدوثه يقذف الرحم بعض محتوياته إلى الخارج وتنزف المرأة مما يتطلب في الحال عملية تفريغ جوف الرحم من بقايا الحمل المتبقية وذلك لإيقاف النزيف وتجنبا لحدوث التهابات ببطانة الرحم.
4- الإجهاض المكتمل: تفقد الحامل الجنين فجأة دون أن يكون هناك فرصة لتدخل الطبيب ولكن هذا ليس معناه أن لا تلجأ المرأة للطبيب فمن الضروري أن يتأكد الطبيب أنه لا وجود لأي بقايا في التجويف الرحمي لأن وجودها مهما كان ضئيلا قد يؤدي إلى التهابات قد تكون خطيرة فالمتاعب قد تكون كبيرة مهما كانت هذه البقايا صغيرة وهنا تظهر أهمية إجراء عملية تنظيف الرحم Curetage .
5- الإجهاض المتروك: يسمى أيضا بالمتبقي كون الجنين قد توفي وبقي متروكا في الساحة الرحمية وبعد مضي أسبوعين أو ثلاثة من وفاته تلاحظ المرأة نزيفا رحمي خفيفا ويزول الشعور بالوحم ويتوقف الثديين عن التضخم ويشحن الإجهاض المتروك عادة بواسطة الأمواج فوق الصوتية ومن خلال فحص بول الحامل الذي يعطينا في عدة مرات نتيجة سلبية مما يدل على أن هرمون الحمل قد تلاشى من دم المرأة.
6- الحمل العنقودي: هذا الحمل شاذ يحدث نتيجة اضطراب بيولوجي (مرض) خطير في المشيمة ويتميز بتحلل أقسام المشيمة وتحولها إلى أشكال دائرية على شكل عنقود عنب وهذا المرض يصيب الأنسجة الجنينية في الأسابيع الأولى من الحمل وينتج عنه عدم نمو الجنين من جراء هذا المرض تتحول الزغبات الكوريونية ومن بين الأعراض التي تدل عليه:
– أنزفة مهبلية مصحوبة ببعض الحويصلات.
– ازدياد حجم الرحم حيث لا يتناسب مع عمر الحمل مما قد يوهم أن هناك حمل
توأم.
– عدم الشعور بحركة الجنين.
المبحث الثاني: أسباب الإجهاض ونسبته في الجزائر:
المطلب الأول: الأسباب الطبية الداعية إلى الإجهاض:
أ- أمراض الكلى المزمنة: مع ارتفاع نسبة البولينا في الدم أو التهاب الكلى وحوضها المزمن والمصحوب باستسقاء الكلية hydronephrosis قد تكون من أسباب الداعية إلى الإجهاض أما التهاب الكلى المزمن Ch.nephritis فلا يزداد سواءا مع الحمل إلا إذا كان مصحوبا بعدوى ميكروبية قوية أو مصحوبا بتسمم الحمل.
ب- أمراض القلب: لا تحتاج المصابة بمرض القلب إلى إجراء عملية إجهاض ما دام المرض في المرتبة الأولى أو الثانية ولهذا لا يعتبر ذلك سببا للإجهاض الطبي، أما إذا وصل المرض إلى المرتبة الثالثة Classe III أو كانت المريضة مصابة بذبذبة أذنية Auricular Fibrillation أو تعاني من انسداد بالشرايين التاجية للقلب Coronary Occlusion أو أن ضيق الصمامات شديد وقد أجريت عملية شق الصمام Valvotomy من سابق ثم عاد الضيق من جديد، فإن الإجهاض في هذه الحالة يعتبر مفيدا من الناحية الطبية أما إذا وصلت المريضة إلى المرتبة الرابعة Classe IV فإن حالتها لا تسمح بإجراء الإجهاض، وينبغي أولا تحسين حالتها الصحية ثم بعد ذلك يجرى الإجهاض.
أما ضغط الدم فنادرا ما يؤثر على الحمل ويمكن في الغالب علاجه بدون إجراء إجهاض. ولا يحتاج إلى الإجهاض إلى في حالة وجود تاريخ مرضى بالنزف أثناء العمل من ضغط الدم وخاصة إصابة الجهاز العصبي C.V.A أو وجود نزف في قاع العين فإن ذلك يستدعي إجراء الإجهاض أما حالة تسمم الحمل فإنها لا تقع إلا في وأشهر الحمل الأخيرة وتستدعي الولادة المبكرة وليس الإجهاض.
جـ- أمراض الجهاز التنفسي: في حالة إصابة الرئتين الشديدة مثل مرض الأمفزيما وقصور الرئتين فإن ذلك يستدعي الإجهاض. أما السل الرئوي فلم يعد يستدعي الإجهاض لأن علاجه بالأدوية أصبح ميسورا. وكذلك لا يستدعي وجود التهاب رئوي إجراء الإجهاض.
د- أمراض الأستقلاب وأهمها البول السكري: لا يستدعي وجود البول السكري الإجهاض إلا في حالات نادرة تهدد المصابة بالعمى أو مرض الكلى المزمن Kimmelstiel Wilson أما إذا كانت المريضة قد أصيبت بالعمى أو أن مرض الكلى متقدم فلا فائدة ترجى عندئذ من الإجهاض.
هـ- أمراض الدم: تعتبر بعض أمراض الدم المصحوبة بتجلط Thranboembolic disorders وعلل الهيموجلوبين Haemaglabinapothy وعيوب التجلط clotting defects من الأسباب الداعية إلى الإجهاض.
و-الأمراض الخبيثة: مثل سرطان الثدي وعنق الرحم التي تزداد شراسة بالحمل (لوجود هرمون الأستروجين بكمية كبيرة أثناء الحمل) فإنها تعتبر داعية إلى الإجهاض وكذلك مرض هودجكين الخبيث لأن علاجه بالأشعة والأشعة تقتل الجنين أو تشوهه.
أما مرض اللوكيميا (سرطان الدم) وسرطان الأمعاء والغدة الدرقية فلا تعتبر من دواعي الإجهاض.
ز- الأمراض العقلية والنفسية: وهاهنا يختلف أخصائي أمراض النساء والولادة مع أخائي الأمراض النفسية إذ أن اتجاه أخصائي الأمراض النفسية في الغالب يميل إلى إجراء الإجهاض لمعظم الأمراض النفسية بينما يرى كثير من أخصائي النساء والولادة أن الأمراض النفسية والعقلية التي تستدعي الإجهاض محدودة في أنواع من الجنون مثل الشيزوفرينيا وحالات الهوس mania لأن المريضة لا تستطيع العناية بمولودها.
ذ- الأمراض المتعلقة بالحمل والولادة: مثل العصبة الألمانية التي تسبب تشوه الأجنة وخاصة إذا كانت الإصابة في الشهر الأول أو الثاني من الحمل. وفي الشهر الثالث من الحمل تقل نسبة تشوه الجنة إلى 20% أما بعد ذلك فالنسبة ضئيلة جدا ولا تستدعي الإجهاض.
ويعتبر تشوه الجنين أحد الأسباب الهامة الداعية إلى الإجهاض. ويمكن التأكد من ذلك بإجراء بزل عينة من السائل الأمينوسي المحيط بالجنين أو تصوير الجنين بالموجات فوق الصوتية فإذا وجد أن الجنين مشوه أمكن عندئذ إجراء الإجهاض بعد موافقة الوالدين طبعا
وهناك حالات جراحية تستدعي الإجهاض مثل سقوط الرحم أو وجود ناسور بين المثانة والرحم أو المهبل وخاصة إذا كانت قد أجريت عمليات قبيل الحمل لمثل هذه الحالات فإن حصول الحمل والولادة يؤدي في الغالب إلى عودة المرض وربما بصورة أشد مما كان عليه
ط- أمراض خلقية في الأم: بحيث تجعل الولادة متعسرة جدا مثل مرض مارفان Marfan Syndrome أو مرض تكون العظم الناقص Osteogenesis Imperfecta أو مرض الحدب الجنفي Kyphoscoliosis وقد تستدعي هذه الحالات الإجهاض وإذا كانت في كثير من الأحوال لا تستدعي ذلك وإنما يتوجب إنزال الوليد بعملية قيصرية.
ي-أمراض نق أو اضطراب جهاز المناعة لدى الأم: مثل نقص المناعة الطبيعية
Hypoi mmune أو مرض الذئبة الحمراء Lupus Erythymatosuss أو التهاب المفاصل نظير الرئوي Rheumatoid artheritis.
ك- أمراض وراثية: هناك أمراض وراثية تنتقل إلى الجنين مثل مرض (رقص هنتنجتون) Huntington chorea أو مرض تيساك Tay Sacc أو غيرهما من الأمراض الوراثية أو العيوب التي تصيب الكروموسومات (الحسيمات الملونة)مثل مرض داون Down Syndrome الذي كان يعرف باسم المغولية Mangolism أو غيره من الأمراض.
وهذه الأمراض يمكن التأكد من وجودها من عدمه في كثير من الأحيان بإجراء فحوصات وأخذ عينات من السائل الأمينوسي أو غير ذلك من الوسائل الطبية مثل الموجات فوق صوتية وبعض هذه الأمراض أصح من الممكن معالجتها والجنين لا يزال في بطن أمه مثل وجود استسقاء وتضخم بالرأس Hydroce phalus مما جعل إجراء عملية الإجهاض غير ضرورية طبيا ولاكم معظم الأمراض الوراثية والعيوب الخلقية الناتجة عن خلل في الكروموسومات لازالت حتى الأن خارج نطاق المقدرة الطبية. ولهذا ينصح الأطباء في مثل هذه الحالات (النادرة على أية حالة) بإجراء الإجهاض وإذا وافق الأبوان على ذلك، ومثالها جنين بدون دماغ Anencephaly أو جنين بدون كلى Renal agenesis أو الصلب الأشرم (الشركة المشقوقة) Spina Bifida الشديدة أو عيوب خلقية شديدة في القلب.
ويقول كتاب (التحكم في الخصوبة الإنسانية/ 242-243) إن على الطبيب أن لا يكتفي باعتبار المرض وراثيا ولكن عليه أن يستمر أهل الاختصاص في الأمراض الوراثية عن مدى احتمال إصابة الجنين قبل إجراء بزل للسائل الأمينوسي لأن البزل يحمل في طياته خطر الإجهاض وإن كان نسبة ضئيلة. كما أن عليه أن يعرف موقف الحامل وهل ترغب في الإجهاض في حالة إصابة طفلها بمرض وراثي معين مثل أمراض انحلال الدم Anaemia Haemolytic فإذا كانت الأم لا ترغب في الإجهاض فلا داعي أصلا إلى إجراء البزل.
وأما بالنسبة لأشعة التشخيص والعقاقير مثل الأسبرين والكورتيزون التي قد تأخذها الحامل فأن خطر تشوه الحنين لا يكاد يذكر. ولا يعتبر ذلك سببا موجبا للإجهاض. ومرة أخرى يؤكد الأطباء أن الأسباب الاجتماعية أصبحت في هذا العصر تفوق بكثير الأسباب الطبية الداعية إلى الإجهاض.
المطلب الثاني : الأسباب الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية للإجهاض
الفرع الأول: الإجهاض لأسباب أخلاقية:
قد يكون الحمل سفحا فتقدم الأم على الإجهاض اتقاء للعار ودفاعا عن الشرف فهل هذا سيكون سببا لإباحة فعلها؟
يدخل في هذا النطاق أن يكون الحمل ثمرة لجريمة الاغتصاب أو تلقيح صناعي أجري دون رضاء المرأة.
إن سبب الإباحة التي تثيره هذه الحالة التساؤل عن مدى توفر شروطه والدفاع الشرعي عن الشرف.
نعتقد أن هذه الشروط غير متوفرة لان الفعل غير موجه إلى من صدر عنه الاعتداء، فقد صدر هذا الاعتداء عن الرجل الذي ارتكب الاغتصاب ولكن الفعل قد وقع عدوانا على حق الجنين، وله في القانون استقلاله عن ذلك الرجل.
وتأبى السياسة الجنائية أن يعترف الشارع بهذا الإجهاض فمن ناحية ليست المرأة بحاجة إليه. فلها حق الدفاع الشرعي ضد الرجل الذي يحاول الاعتداء على عرضها، ولها كذلك الحق في الحيلولة دون الحمل باستعمال الوسائل التي من شأنها ذلك، فإذا ما حصل الحمل كان له الحق في النمو، والميلاد الطبيعي الذي لا يجوز للحامل الاعتداء عليه، ومن ناحية ثانية يخشى أن يؤدي هذا الاعتراف إلى إساءة استعماله حين يكون ثمرة علاقة جنسية، رضيت بها تحفظ. فإذا توفرت لهذا الإجهاض مقتضيات العمل العلاجي، كما لو كانت لمنجي عليها، في الاغتصاب طفلة أو مريضة لا تقوى على احتمال الحمل أو الولادة، أو كان محقق إقدامها على الانتحار أبيح الإجهاض استنادا إلى الاعتبارات الطبية.
الفرع الثاني: الإجهاض لأسباب اقتصادية واجتماعية
وزيادة على ما سبق فإن أسباب الإجهاض تتنوع من أسباب اقتصادية واجتماعية فنجد أثرها بالنسبة للأسباب الاقتصادية يتحدد انطلاقا من استهداف المركز الاقتصادي للأسرة، كما لو كان عدد الأبناء كبيرا والدخل قليلا، فيخشى أن يؤدي ميلاد ابن جديد إلى أن يهبط المستوى الاجتماعي للأسرة، إلا أننا نرى أنه لا شك من عدم شرعية هذا الإجهاض، ذلك أنه عند المقارنة بين الأهمية الاجتماعية للمركز الاقتصادي للأسرة وحق الجنين في الحياة يتبين رجحان الثاني أي “أي حق الجنين” ومن ثم يتعين صيانته بتحريم الاعتداء عليه ولو استند إلى هذه الأسباب وإضافة لهذا أن القول بإباحة الإجهاض يعني الإباحة العامة للإجهاض لدى العائلات الفقيرة دون سواها. لذلك من العسير وضع ضابط يحدد المستوى الاقتصادي الذي يباح الإجهاض محافظة عليه.
أما فيما يخص الأسباب الاجتماعية فهي تتحدد انطلاقا من أثرها في النمو الديمغرافي، كما تؤكد التقارير أن الصين كي تحدد النسل فرضت سياسة التعقيم منذ عام 1984م. تحت ذريعة استقرار والنمو السكاني، وتحسين أوضاع الأقليات وإزالة التفاوت الاقتصادي ومن أجل ذلك وصل الأمر إلى حد جمع النساء الحوامل من القرى المجاورة واللائي لديهن طفل وأكثر لإجراء عملية الإجهاض لهن ومن رفض إجراء العملية تم إجبارها على إجرائها، وأنشئت من أجل هذا الغرض عيادة في كل مستشفى مهمتها مراقبة النساء وتحديد عدد الأطفال.
وقد استنكر الأمريكيون في العديد من المرات على إباحة الإجهاض حاملين الرايات باللون الأحمر للتذكير بمبادئ التراث والعائلة الملكية كما هو الحال كل عام منذ
22 جانفي 1973 تاريخ دور قرار المحكمة العليا الذي شرع الإجهاض في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التعبير عن رفضهم المطلق عن الإجهاض.
والإجهاض من المواضيع التي لا تزال تثير الكثير من الجدل في الولايات المتحدة الأمريكية بين مؤيدين ومعارضين ولذلك تجمع المتظاهرون القادمون من مختلف أنحاء البلاد رافعين صورا لأجنة ملطخة بالدم ولافتات تندد بالإجهاض
ولهذا نجد أن أغلبية القوانين والتشريعات على اختلاف اتجاهاتها وفلسفاتها تتفق على تحريم الإجهاض وتعاقب على كل من يقوم به أو يساعد على إحداثه رغم الرضاء وما يلازمه من ظروف وملابسات. فحق الحياة حق مقدس للفرد أين ما وجد في أي مكان وزمان نحن نعيش به ولا يجوز التصرف به أو إباحة الاعتداء عليه بحجة رضاء المجني عليه أو طلبه.
إلا أننا في الوقت الحاضر نسمع النداء والاقتراح بإباحة الإجهاض، ونجد أن بعض الدول الأجنبية قد أباحت الإجهاض ورخصت به في كل من السويد، النرويج وهولندا، وطالبت بإباحته كل من ألمانيا، فرنسا، بلجيكا وإيطاليا وما زال هذا الاقتراح موضوع البحث والدراسة، أما في البلاد العربية طالبت تونس إباحة الإجهاض بصفة مطلقة إلا أنه لم يصدر قانون بذلك لكن. والرأي الغالب في تونس هو الذي يطالب بإباحة الإجهاض كتبرير لتحديد النسل وكحل للعقبات والصعوبات الاجتماعية والاقتصادية.
المطلب الثالث: الإجهاض في الجزائر
ليس الإجهاض ظاهرة طارئة على المجتمع الجزائري أو على العالم كله ، و الأكيد أنها وجدت بوجود الخطيئة. لكن الأمر الذي جعلها تطفو على السطح و تفرض نفسها على يوميات المواطنين، هو لجوء الكثيرات إليها و تخصص الكثير من العيادات الخاصة في القيام بها في سرية تامة بعيدا عن كل العيون ، و هو ما يجعل الإجهاض جريمة سرية بامتياز، يتستر عليها الأطباء الذين أقسموا عند تخرجهم بأن يؤدوا عملهم بإخلاص و ضمير و يتستر عليها أولياء الضحايا خوفا من الفضيحة .
الأرقام الرهيبة التي حصلنا عليها بخصوص الإجهاض تنذر بانفجار أخلاقي عنيف في مجتمعنا و تدق ناقوس الخطر لضرورة تدارك الوضع بتشديد المحاربة القانونية لهذه الظواهر و تسهيل الزواج و العمل و إعادة الاعتبار للوعي الديني ، و إلا انزلقت الأجيال الى مالا تحمد عقباه .
تحركت مؤخرا جمعيات و أطباء مختصون في أمراض النساء و التوليد للمطالبة بالترخيص للإجهاض ، و برر هؤلاء ذلك في يوم دراسي نظم نهاية السنة ، بارتفاع الاعتداءات الجنسية و عدد الأمهات العازبات حيث تشير وزارة التضامن إلى أن أكثر من عشرة ألاف طفل يولدون سنويا في الجزائر خارج علاقة الزواج و هو الرقم الذي تقول أوساط أنه لا يعكس الواقع ، و لا توجد إحصائيات رسمية عن واقع الإجهاض في الجزائر، و كان تحقيق ميداني أجراه المعهد الوطني للصحة العمومية قد أشار الى وجود 697حالة وفاة أثناء الحمل أو الولادة منها 38 حالة بسبب الإجهاض دون الإشارة إلى طبيعة الحالات التي تم إحصائها إن كانت إجهاضا مرضيا بينما يكشف تحقيق أعدته مصالح الدرك الوطني عن وفاة 78امرأة حامل بطرق غير شرعية خضعن للإجهاض ، وإحصاء 21 عملية خلال 08 أشهر فقط و تم خلال السنة الماضية توقيف عدة أطباء و قابلات متورطون في الإجهاض في الرويبة ، قسنطينة ، سطيف ، و العاصمة و شجع الإقبال على إجراء هذا النوع من العمليات ، بعض العيادات الخاصة للقيام بها مقابل مبالغ باهضة بعدما كان إجراء ذلك سابقا يتم بعيادات خاصة في تونس ، و تبق الظاهرة مرتبطة بالاعتداءات الجنسية التي تعرف ارتفاعا في السنوات الأخيرة ب 611ضحية خلال 08أشهر من السنة الماضية أغلبهن قاصرات تقل أعمارهن عن 18عام.
كما يواجه المجتمع ظاهرة تزايد عدد الأمهات العازبات الذي قدر وزير التضامن عددهن ب 3000 أم عازبة مقابل عشر آلاف طفل غير شرعي إضافة إلى ظاهرة رمي الأطفال حديثي الولادة ، حيث عثرت مصالح الشرطة العام الماضي على 66 جثة في ظرف 06 أشهر فقط أغلبهم تعرضوا للقتل خنقا ، و تشير تقارير مصالح الدرك الوطني إلى تسجيل حالتي اغتصاب كل 36 ساعة في الجزائر و اعتداءين جنسيين في اليوم الواحد إضافة إلى انتشار زنا المحارم و يمثل ذلك القضايا المعالجة بناءا على شكاوى معلنة ، و تلجأ أغلب النساء الحوامل بطرق غير شرعية إلى التخلص من الجنين بالطرق التقليدية قبل أن تستغل بعض العيادات الخاصة الوضع لممارسة الإجهاض مقابل مبالغ مالية تصل إلى عشرين ألف دج للعملية التي يقوم بها حسب التحقيقات ممرضون و ممرضات ، قابلات و حتى أطباء مختصين .
ظف إلى ذلك أنه يتم حاليا تداول أدوية عبارة عن أقراص يتم بلعها و تتناولها المعنية على مرحلتين أو ثلاث و يعرف بالإجهاض الدوائي دون ألم لكن السؤال الذي يرافق ذلك يكمن في مصدر تسريب هذا النوع من الأدوية المتوفر فقط في المستشفيات العمومية ولا يباع في الصيدليات ولا يقدم إلا بوصفة من الطبيب المعالج و في حالات معينة فقط .وكانت أجهزة الأمن قد أوقفت شبكة تتاجر بهذه الأدوية التي تعرف تداولا خاصة في الوسط الجامعي حيث أفادت طالبة جامعية تم توقيفها أنها اقتنتها بمبلغ 10 آلاف دج للقرص الواحد ووجدت الشبكات الإجرامية في ذلك نشاطا مربحا.
عيادات و شقق للإجهاض
تؤكد مصادر من قطاع الصحة تزايد أعداد العيادات و الشقق التي تتم فيها عمليات الإجهاض بشكل رهيب في السنوات الأخيرة بسبب كثرة الطلب عليها في ظل تفاقم الآفات الاجتماعية ووقوع الآلاف من المراهقات و الشابات في الرذيلة.وأكد للمحقق طبيب مزاول بمركز الاستشفاء الجامعي مصطفى باشا أن عمليات الإجهاض تتم بصورة موسعة في الكثير من المناطق و بتواطؤ جهات عديدة.وكشف المتحدث في سياق متصل من حديثه عن التجاوزات التي تقع حتى في المستشفيات العمومية التي يقوم فيها بعض الأطباء والممرضين بعمليات إجهاض دون أي ترخيص وهذا بالتواطؤ مع أعوان الأمن و المراقبين في الأجنحة الخاصة من خلال منح النسوة جرعات من دواء معين لم يشأ الكشف عنه من أجل المساهمة في سقوط الجنين.
تقوم شبكات تنشط حاليا على مستوى الإقامات الجامعية للبنات و مراكز اللهو و الدعارة وحتى في القرى و الأرياف على ترويج و المتاجرة بحبوب الإجهاض المحظورة بأسعار خيالية بالرغم من أنها قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة تصل حتى موت الحامل، مقابل تنامي العيادات التي تقوم بعمليات إجهاض سرية، و في ظروف تشكل خطرا على حياة النساء، وهذا بدفع ما لا يقل عن 6 ملايين سنتيم. وتنقلكم “المحقق” في هذا التحقيق الذي أجريناه إلى دهاليز و كواليس عالم خفي يسيطر عليه أشخاص يدرون أرباح بالملايين دون أن أدنى اعتبار لحياة تلك النسوة و الأعراض التي تصيبهن ومنها النزيف الحاد و العقم. سليمان حاج ابراهيم جاءتنا فكرة التحري في الموضوع الذي يعد إلى اليوم أحد الطابوهات التي لا يمكن الحديث عنها في الجزائر بعد أن ورد إلينا نبأ اعتقال مصالح الأمن مؤخرا لفتاة اتهمت باستقدام حبوب من فرنسا منحتها لطالبة حاولت القيام بعملية إجهاض وإسقاط جنين هو محصلة علاقة غير شرعية.الطالبة التي تحصلت على تلك الحبوب من قبل زميلة لها لم تكن تدري أن الأمر سيؤدي بها في نهاية المطاف إلى المستشفى و هي في حالة غيبوبة شديدة وعلى بعد شبر من الموت بسبب تناول تلك الحبوب التي خلقت لها نزيف حاد و شديد.وتتداول تلك الحبوب التي يتم استقدامها بصورة غير شرعية من تونس وفرنسا في معظم الأحياء الجامعية في العاصمة و المدن الكبرى وأصبحت تدر الملايين على أصحابها خصوصا وأن الطلب بدأ يتزايد عليها من قبل الطالبات و حتى لنساء من خارج الوسط الجامعي وهذا من أجل التخلص من الجنين الذي يسكن أحشائهن.و يباع القرص الواحد حسب مصادر على علم بالموضوع بمبلغ 2 مليون سنتيم و أحيان يصل حتى 3 ملايين سنتيم على حسب قدرة الزبون على الدفع.و وجدت الشبكة التي تتعامل بسرية كبيرة و في الخفاء و حتى بحذر شديد ضالتها في المادة التي الربح فيها مضمون مئة في المئة و هي سهلة التداول، النقل و حتى الشحن ولا يمكن اكتشافها من قبل المصالح المعنية وهي لهذا لا تطالها أجهزة الرقابة.وتتم العملية بين ثلاثة أطراف أساسية هي الوسيطة التي تقوم ببيع الحبوب للفتيات و النساء وترويجها على جميع المستويات و هي تنشط في الغالب في الأحياء و الإقامات الجامعية أو قاعات الحلاقة و الحمامات و حتى في الأعراس و المناسبات حيث تعرض خدماتها على الراغبات و تتقرب ممن تتوسم فيها الرغبة في الحصول على البضاعة وتحصل على المبلغ المالي الذي يدفع نقدا.أما الطرف الثاني فهم البزناسية و تجار الشنطة وحتى بعض الصيادلة ممن ينشط على مستوى خط الجزائر مرسيليا و الجزائر تونس وحتى الجزائر تركيا لكونها غير محظورة في هذه البلدان التي تتوفر على هذه الأنواع من الأدوية سواء التي تستعمل خصيصا للإجهاض أو التي صنعت لمداواة أعراض أخرى و تستعمل في نفس الوقت لمساعدة النسوة على التخلص من أجتنها.أما الطرف الثالث في المعادلة المحظورة فهم الأخصائيون في أمراض النساء و التوليد و حتى القابلات و الممرضين و بعض الأطباء الذين يقومون بعمليات غير شرعية للإجهاض في مصحات خاصة و حتى في شقق ومحلات لا علاقة لها بالقطاع الصحي.
في السابق كانت عمليات الإجهاض تتم بطرق بدائية و متخلفة تعرض في الكثير من الأحيان حياة المرأة للخطر وتقوم بها بعض النسوة اللواتي احترفن الأمر مقابل مبالغ مالية هي في الكثير من الأحيان بسيطة حيث بمنحن زبوناتهن أعشاب وخلطات تقليدية و حتى سامة أو الالتجاء إلى الأساليب العنيفة بالقيام بضرب بطن المرأة بعنف و قسوة حتى يسقط الجنين.أما حاليا فإن الكثيرات يلتجئن لما يسمى بالإجهاض الكيماوي و هو طريقة مستعملة على نطاق واسع في العالم و تحت رقابة و توجيه الأخصائيين بالرغم من الجدل الذي صاحبها حتى في الدول المتقدمة، لكنها في الجزائر التي تحظر الإجهاض تتم العمليات في سرية تامة ومن طرف أشخاص لا علاقة لهم بالقطاع دون مراعاة للكثير من الإحتياطات اللازمة.أهم العقارات التي تستعمل للإجهاض والتي يتم حاليا تداولها في السوق السوداء في الجزائر بالرغم من أنه يحظر استيرادها و تسويقها نجد الميفبرستون والميسوبروستول و الميثوتريكسيت.في عام 1988، أصبحت فرنسا البلد الأوّل الذي شرع إستعمال مركّب الميفبرستون للإجهاض ثم اعتمد لاحقًا فيما يزيد عن عشرين بلد آخر في كلّ أنحاء العالم من ضمّنهًا بريطانيا ، إسرائيل جنوب أفريقيا، أسبانيا، وحتى تونس، لكن موقع شبكة الإجهاض الكيماوي على الأنترنت حذر من الأقراص التي يتم تداولها في السوق السوداء في الكثير من الدول النامية و من بينها الجزائر لكون المنتوج لا يطابق المعايير ومن شأنه أن يعرض حياة الناس للخطر و يتسبب في حدوث الكثير من المضاعفات.
أما العقار الثاني الميسوبروستول فإنه موجه بالأساس لمنع و علاج قرحات المعدّة وهو موجود حاليًّا فيما يزيد عن 80 بلد في كلّ أنحاء العالم. كنه يوظف أيضا للحصول على الإجهاض الكيميائي في البلاد النامية حيث يتفانى البعض من أجل إيجاد أحسن الجرعات لتحقيق الغرض المنشود و هو ما أوقع الكثيرات في مشاكل صحية لا تحص لكونهم لا يدركون حقيقة مركباتها التي قد تصبح خطيرة في حالة وقوع تفاعل بينها وبين مكونات أخرى. بينما طرح عقار الميثوتريكسيت في أسواق الولايات المتّحدة لعلاج السّرطان منذ سنة 1953.
يقوم بعض الأطباء المتواطئين بوصف هذا الدواء للمرضى لجلبه من فرنسا و حتى من تونس ليس من أجل معالجة أعراض القرحة المعدية بل من أجل استعماله للإجهاض وهو ما كشفته لنا طبيبة تشتغل بصيدلية بوسط العاصمة حيث أكدت أن بعض الصيادلة المعروفون بنشطاتهم المشبوهة يجلبون هذا العقار من فرنسا بالشنطة لإعادة بيعه لوسطاء آخرون بمبالغ خيالية تصل أحيانا إلى أكثر من 2 مليون سنتيم بالرغم من أن العلبة التي تحوي 20 قرص و تجلب من الخارج لا يتعد سعرها ألف أورو أو ما يعادل مليون سنتيم للوحدة.وتؤكد المتحدثة أن العقار الذي يسوق باسم سيتوتيك له مضاعفات خطيرة من أهمها الإختناق والنزيف الحاد و المستمر و قد تؤدي إلى الوفاة لكون الكثيرين يضاعفون الجرعات دون أخد الإحتياطات بشأن الأعراض الجانبية التي لا تحدث خطرا عند استعماله لمعالجة أعراض القرحة المعدية لكنه يكون غير ذلك في حالة استعماله من أجل الإجهاض.
وقائمة الأعراض و المخلفات لا تتوقف عند هذا الحد تضيف الأخصائية إذ قد تصاحبها أيضا آلام في الحوض ّ و النزيف والشّدّ العضليّ و الغثيان،التقيّأ، الإسهال، الحمّى و القشعريرة وجع الرأس، الدوخة، والتشوهات العديدة للجنين وصولا لنزيف الرّحم الشديد أو طويل الذي يستوجب التدخل الجراحي. و لهذا تؤكد المتحدثة التي تلقى مئات الطلبات بشأن هذه العقارات و كثيرا ما تحاول يائسة إقناع أصحابها بتفاديها للحفاظ على صحتهم وحتى تجنب العقم الذي كثيرا ما سببته هذه العقارات الكيماوية على ضرورة قيام السلطات بدورها في تكثيف عمليات الرقابة من أجل تضييق الخناق على هذه الشبكات التي تنشط حاليا على مختلف المستويات و في الكثير من المناطق دون أن يقتصر وجودها على العاصمة و المدن الكبرى مثلما كان في السابق.
جمعيات نسوية تطالب بتقنين الإجهاض تطالب بعض الجمعيات النسوية بتقنين عمليات الإجهاض التي أخدت أبعادا خطيرة وتزايدت نسبها بشكل رهيب يؤدي في الكثير من الأحيان إلى وقوع مضاعفات على صحة النسوة حتى يتم القضاء بشكل نهائي على الحالات التي تتم بصورة سرية.وأكدت الأستاذة آيت زاي نادية رئيسة مركز الإعلام و التوثيق حول المرأة و الطفل في تصريح للمحقق على ضرورة تحرك السلطات في الجزائر من أجل وقف الممارسات التي تتعرض لها النسوة بتقنين الإجهاض و ووضع تشريع للتكفل بهذا المطلب الحيوي للنساء للحفاظ على صحتهن و حياتهن.وتطالب المتحدثة بضرورة التكفل بهذا الملف الذي يعتبر أولوية كبيرة و لا بد أن تترجم على أرض الواقع من خلال تعديل أحكام قانون العقوبات الذي تحظر المادة 304 منه القيام بعمليات الإجهاض و تعاقب بالسجن من سنة إلى خمسة سنوات و بغرامة مالية تصل إلى عشرة آلاف دينار من يخالف أحكامه. و تؤكد المتحدثة أن قانون الصحة العمومية لابد أن يجد آليات للتكفل بانشغالات الكثير من النسوة خصوصا إذا كانت حياة النساء في خطر. وتدعوا الجمعيات النسوية إلى تشكيل لجنة علمية تضم أخصائيين من عدة مجالات لتقديم أجوبة بخصوص هذا المطلب أي الإجهاض على غرار ما قامت به بعض الدول الشقيقة مثل تونس التي تمارس فيها هذه العمليات بكل حرية في المصحات الخاصة ومن قبل الأطباء حتى تقطع الطريق في وجه المشعوذين و الدجالين.و تؤكد الأستاذة آيت زاي لتدعيم موقفها أن تونس التي يسمح تشريعها بعمليات الإجهاض لا تلقى العيادات الخاصة نفس الطلب الذي تلقاه من الجزائريات اللواتي يقصدها الآلاف منهن من أجل ذلك.
الفصل الثاني: الجرائم المتعلقة بالاعتداء على الجنين وجرائم التحريض على الإجهاض
المبحث الأول: الجرائم المتعلقة بالاعتداء على الجنين
إن الجنين وهو في بطن أمه يعتبر في قواعد الشريعة الإسلامية وفي القوانين الوضعية إنسانا مثل باقي الناس. ويتمتع بكثير من الحقوق. ولاسيما حقه في الحياة وحقه في الإرث وحقه في أن يوهب له. وأنه سيستحق كل ذلك بمجرد ولادته حيا. لهذا يمكن القول بأن الاعتداء على الجنين وهو في بطن أمه يشكل اعتداء على نظام الأسرة ويشكل جريمة يعاقب عليها القانون. وهو ما يجعلنا نفضل أن نتحدث عن الجرائم المتعلقة بالاعتداء على الجنين ضمن أربع فقرات نتناول فيها جريمة الإجهاض. وجريمة الإجهاض المؤدية إلى الوفاة وجريمة إجهاض المرأة لنفسها وجريمة التحريض على الإجهاض ثم نتعرض بعد ذلك إلى باقي المواضيع المتصلة بها. وذلك كله وفقا لما ورد النص عليه في المادة 304 وما بعدها من قانون العقوبات وتبعا للترتيب التالي:
المطلب الأول: جريمة الإجهاض الواقعة على الحامل والمفترض حملها
لقد وردت الإشارة إلى هذه الجريمة ضمن الفقرة الأولى من المادة 304 من قانون العقوبات حين نصت على أن كل من أجهض أو شرع في إجهاض إمرأة حامل أو مفترض حملها بأن قدم لها مأكولات، أو مشروبات، أو أدوية، أو بأن استعمل حركات أو أعمال عنف، أو أية وسيلة أخرى. برضاها أو بدون رضا. يعاقب عقوبة بدنية بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وعقوبة مالية بالغرامة من خمسمائة 500 إلى عشرة ألاف 10.000 دينار جزائري. ومن محاولة شرح وتحليل أحكام هذه الفقرة شرحا مختارا وتحليلا مبسطا يمكننا أن نستنتج أنها قد تضمنت وقائع فعل الإجهاض ووسائله. وحددت عناصر تكوين الجريمة ومقدار العقوبة المقررة لها. وهو ما يدفعنا إلى مناقشة وبيان هذه العناصر وتحديدها وفقا لما يلي:
ع. العزيز سعد، الجرائم الواقعة على نظام الأسرة 02/ 2002
الفرع الأول: العنصر المادي للجريمة
إن العنصر الأساسي لجريمة الإجهاض الواقعة من الغير ضد المرأة الحامل هو العنصر المادي المتمثل في تقديم أنواع من المأكولات والمشروبات إلى المرأة الحامل أو المفترض حملها أو في ممارسة أي حركات أو أعمال عنف ضدها أو إتباع أية وسيلة أخرى مما ورد النص عليه في الفقرة الأولى من المادة 304 من قانون العقوبات على سبيل المثال أو أية وسيلة من شأنها أن تؤدي إلى الإجهاض. ولا عبرة لرضاء المرأة بقبول أو عدم قبول ما يقدم إليها. ولا بقبول ما يراد لها. وسواء حصلت النتيجة المرجوة وهي الإجهاض الفعلي أو لم تحصل. لأنه إذا حصلت النتيجة يعاقب الفاعل على الإجهاض وإذا لم تحصل يعاقب على الشروع في جريمة الإجهاض.
الفرع الثاني: عنصر كون محل الجريمة امرأة حامل أو مفترض حملها:
أما العنصر الثاني من العناصر المكونة لجريمة الإجهاض فهو كون المرأة الواقع عليها الفعل إما إمرأة حامل وحملها واضح بين. وإما إمرأة يظن أنها حامل أو مفترض حملها. وذلك نظرا إلى أن تقديم وائل الإجهاض ضمن مأكولات أو مشروبات أو غيرها إلى إمرأة عجوز في سن اليأس من المحيض ومن الحمل والولادة وليس لها حمل ظاهر ولا يتوقع الحمل من أمثالها ويستحيل معه حصول أية نتيجة لا يكون أي عنصر من العناصر المطلوب توفرها لجريمة الإجهاض.
غير أنه إذا قدم شخص أية مأكولات أو مشروبات. أو مارس على المرأة أية حركة أو أعمال عنف بقصد الإجهاض وكانت المرأة قابلة للحمل أو يحتمل أن تكون حاملا ثم لم يقه الإجهاض فإن العنصر فإن العنصر المادي للجريمة يكون قد توفر ويعاقب الفاعل بعقوبة الشروع في الجريمة. ولا عبرة بعد ذلك لوضعية الجنين من أنه ابن شرعي أو ابن زنا. لأن القانون عاقب على فعل الإجهاض لذاته. ولم يفرق أو يميز بين الابن الشرعي وغير الشرعي فكلاهما له الحق في الحياة وفي حماية القانون له.
الفرع الثالث: عنصر نية الإجهاض:
وأما العنصر الثالث لقيام جريمة الإجهاض كما نصت عليها المادة 304 عقوبات فإن بالامكان استخلاصها من القواعد العامة وتتمثل في قصد أو نية الوصول إلى النتيجة المرغوب فيها وهي الإجهاض وإسقاط الحمل. والمراد بالقصد هنا هو القصد العام الذي يمكن توفره بمجرد القيام بتقديم الوسائل المؤدية إلى الإجهاض أو ممارسة الأفعال الموصلة إلى النتيجة المرجوة حتى ولم تتحقق هذه النتيجة.
وعليه فإذا حصل أن اجتمعت كل هذه العناصر الثلاثة في واقعة من الوقائع أو في فعل من الأفعال التي يكون قد قام بها أو اقترفها شخص معين فإن ذلك يكون كافيا لتكوين جريمة الإجهاض الواقعة على المراة الحامل أو المفترض حملها وإدانته بها ثم معاقبته عليها بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبالغرامة من خمسمائة 500 إلى عشر آلاف 10.000 دينار جزائري. تطبيقا لما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 304 عقوبات.
غير أنه إذا كان هذا الشخص لا يعلم أن المراة حامل ولم يكن ينوي أو يقد إسقاط حملها وقام بتقديم بعض المأكولات أو المشروبات إليها عن حسن نية. أو كان يعلم أنها حامل أو يظن أنها كذلك ثم لسبب أو لآخر اعتدى عليها بالضرب أو نحوه من أنواع الإيذاء فسقط حملها. فإن أحكام هذه المادة سوف لا يمكن تطبيقها بشأن ما فعله. وإنما يمكن أن يتابع بجريمة الضرب أو نحوه من أنواع الإيذاء أو غيرهما من الجرائم الواقعة على الأشخاص. ولكن إذا كان هذا الشخص لا يعلم أن المعتدى عليها حامل. ولم يكن حملها ظاهرا للعيان وسبب اعتدائه عليها بالضرب أو بما شابهه سقط حملها فإنه سيتابع فقط بجنحة الضرب العمد المقضي إلى الوفاة دون قصد أحداثها بالنسبة إلى الجنين الذي سقط بفعل الاعتداء على أمه ولكن يمكن أن يتابع على جريمة أخرى، يعاقب بمقتضى مادة أخرى غير المادة 304 عقوبات.
ع. العزيز سعد، الجرائم الواقعة على نظام الأسرة 02/ 2002
المطلب الثاني: جريمة الإجهاض المؤدية إلى الوفاة
إذا كانت الجريمة السابقة المتعلقة بالاعتداء على الجنين تعتبر من الجرائم التي يقف أثرها عند الشخص المعتدى عليه. وهي في هذه الحالة لإسقاط الجنين المراد إسقاطه من بطن أمه قبل أوانه وقبل زمان ولادته فإن هذه الجريمة سوف لا تقف عند حدود إسقاط الجنين بل أنها ستتعداه غلى أمه فتصيبها وتؤدي إلى وفاتها دون رغبة من أحد ودون قصد وفاتها ولهذا يمكن القول أنه إذا قام شخص بتقديم مشروبات أو مأكولات إلى إمرأة حامل أو يعتقد في نفسه أنها حامل أو مارس على جسمها حركات أو أعمال عنف. أو استعمل أية وسيلة أخرى بقصد إجهاضها وإسقاط حملها في بطنها. أو الذي يفترض أنه في بطنها ثم نتج عن ذلك أن ماتت الأم بسبب هذه التصرفات فإن هذا الشخص سيعاقب بعقوبة جنائية تتراوح ما بين عشرة وعشرين سنة سجنا تنفيذا لما ورد النص عليه في الفقرة الثانية من المادة 304 من قانون العقوبات وتتلخص عناصر تكوين هذه الجريمة فيما يلي:
الفرع الأول: عنصر الفعل المادي:
إن أول عنصر من العناصر أو الأركان المكونة لجريمة الإجهاض المؤدية إلى الوفاة هو العنصر أو الركن المادي المتمثل في مباشرة تقديم أنواع المشروبات والمأكولات. أو ممارسة الحركات أو أعمال العنف على جسم المرأة أو استعمال أية وسيلة من الوسائل التي يعتقد الفاعل أنها ستؤدي إلى إسقاط الحمل. وإن ممارسة واحد أو أكثر من هذه الأعمال كاف لقيام العنصر المادي لجريمة الإجهاض حتى ولو لم يكن هذا العنصر قد أدى إلى النتيجة المرجوة والمتوقعة.
الفرع الثاني: عنصر حصول الوفاة:
العنصر الثاني من عناصر تكوين جريمة الإجهاض المؤدي أو المفضي إلى الوفاة هو العنصر المتمثل في حصول النتيجة المقدرة وهي الموت. أي موت المرأة المراد إسقاط حملها بالوسائل المقدمة لها أو الأعمال الواقعة على جسمها لأن عدم حول الوفاة لا يستوجب إضافة أي ظرف من ظروف التشديد على جريمة الإجهاض. ولا يستلزم تطبيق الفقرة الثانية من المادة 304 عقوبات. وذلك ما يتطلب قيام علاقة سببية قوية رابطة بين الموت وبين الأشياء المقدمة أو الوسائل المستعملة.
الفرع الثالث: عنصر القصد أو النية الجرمية :
لم يشترط قانون العقوبات لقيام جريمة الإجهاض المؤدية غلى الوفاة أن تتوفر النية الجرمية أو يتوفر أي قصد خاص بشأن الوفاة. وإنما اكتفى بأن نص في الفقرة الثانية من المادة 304 عل أنه إذا أفضى على عمل الإجهاض إلى الوفاة فإن العقوبة ستكون السجن من عشرة غلى عشرين سنة.
لهذا يمكن القول أن جريمة فعل الإجهاض المؤدية إلى الوفاة لا يشترط لتطبيق عقوبة الفقرة الثانية من المادة 304 بشأنها أن يتوفر عنصر قصد الوفاة أو نية أحداثها. وإنما يكفي فقط أن يتوفر حصول الركن أو العنصر المادي، وأن تحصل النتيجة وهي الوفاة. أي وفاة المرأة التي تعرضت لعملية إسقاط حملها أو الشروع في إسقاطه وأن تتحقق العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة. وبعبارة أكثر دقة وأكثر وضوحا يمكن القول بأن القصد المطلوب توفره في هذه الجريمة هو قصد النتيجة أو نية الوفاة.
أما إذا ثبت أن نية الفاعل أو قصده لا يتعلق بإجهاض المرأة وإسقاط حملها وإنما هو قصد متوجه في الأصل إلى قتل المرأة وموتها متذرعا بوسائل الإجهاض التي قدمها أو الأفعال التي مارسها فإن الجريمة التي تنسب إليه سوف لا تكون جريمة إجهاض أفضى أو أدى إلى الوفاة دون قصد إحداثها. وأن العقوبة التي تسلط عليه سوف لا تكون عقوبة الفقرة الثانية السالف ذكرها بل إن الجريمة التي يمكن إسنادها إليه ستكون جريمة القتل العمد والعقوبة التي تسلط عليه ستكون العقوبة المنصوص عليها في المادة 262 حسب الحالة التي ستتوفر شروط تطبيقها بشأنها.
ع. العزيز سعد، الجرائم الواقعة على نظام الأسرة 02/ 2002
المطلب الثالث: جريمة إجهاض المرأة الحامل لنفسها
إذا كانت وقائع وأفعال الجريمتين السابقتين من تدبير الغير ومن تنفيذه وأن دور المرأة فيهما لم يكن سوى دورا سلبيا يتمثل في استسلامها لمن يريد إسقاط حملها وإجهاضها فإن وقائع هذه الجريمة هي من تدبير المرأة وتنفيذا لرغبتها وإدارتها.
وإن دورها فيها دور إيجابي منتج. يتمثل في مباشرتها هي بنفسها لوسائل إجهاضها وإسقاط حملها عن وعي وعن إدراك. أو يتمثل قي قبولها لاستعمال الطرق التي أرشدت إليها. أو في تقبلها لاستعمال الوسائل التي أعطيت لها من أجل الإجهاض. وإلى هذا المعنى أشارت المادة 309 من قانون العقوبات حين نصت على أن تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من 250 إلى 1000 دينار جزائري المرأة التي تعمل على إجهاض نفسها قصدا أو تشرع في ذلك والتي ترضى بأن تستعمل الوسائل التي عينت لها أو أرشدت إليها لهذا الغرض.
هذا ولما كانت الجريمتان السابقتان تختلفان عن هذه الجريمة ولاسيما من حيث أن الجريمتين السابقتين تتطلب كل واحدة منها وجود طرفين إحداهما جاني أو جانح والآخر ضحية. ومن حيث أن هذه الجريمة لا تتطلب سوى طرف وحيد وتجتمع في فاعلها الصفتان معا المجرم والضحية فإن هذه الجريمة تختلف أيضا عن سابقتيها من حيث الأركان أو العناصر المكونة لكل جريمة على حدة. وهو ما يدفعنا إلى بيان ومناقشة العناصر المكونة لهذه الجريمة وتمييزها عن العناصر المكونة لغيرها مما سبق شرحه والحديث عنه. وسيكون حديثنا في هذا المجال وفقا للترتيب التالي:
الفرع الأول: العنصر المادي للجريمة
يتمثل العنصر المادي لجريمة إجهاض المرأة الحامل لنفسها في قيامها بتناول أطعمة أو مشروبات أو أدوية من شأنها التأثير على الجنين. ويتمثل أيضا في استعمالها للوسائل التي تكون قد عينت لها أو أرشدت إليها. كما تتمثل في سماحها للغير بأن يستعمل لها مثل هذه الوسائل. والعنصر المادي المكون لهذه الجريمة هو عنصر أساسي لا يمكن بدونه تصور وقوع أية جريمة من جرائم الإجهاض وإسقاط الحوامل.
الفرع الثاني: عنصر القصد الجرمي:
إن ثاني عنصر من عناصر تكوين جريمة إجهاض المرأة لنفسها باستعمال الوسائل المؤدية إلى ذلك يتمثل في أنها كانت تعلم وتدرك مسبقا نتائج تناولها لتلك الأطعمة أو المشروبات أو الأدوية أو العقاقير من حيث أنها ستؤدي إلى الإجهاض أو إسقاط الحمل وتعمدت فعل ذلك عن وعي وتبصر تامين بهدف الوصول إلى النتيجة ونلاحظ أن عنصر العلم بحقيقة الفعل وآثاره يعتبر في هذه الجريمة بالذات عنصرا يدخل في إطار القصد الخاص الذي يجب إثباته باستخلاصه من ظروف الوقائع الجرمية وملابساتها. أو باعتراف المتهمة وإلا لما أمكن قيام جريمة إجهاض المرأة لنفسها وهذا يعني أنه إذا تناولت هذه المرأة عقاقير أو أطعمة أو مشروبات أرشدها إليها الطبيب أو شخص آخر بقصد العلاج فأدت إلى الإجهاض فإن ذلك لا يكون أية جريمة إجهاضية ولا يتبعها أي عقاب.
الفرع الثالث: عنصر حصول النتيجة
أما العنصر البديهي الثالث لقيام جريمة إجهاض المرأة لنفسها فهو عنصر حصول النتيجة المراد الحصول عليها. وهي إسقاط الحمل بسبب تعاطي الأدوية أو غيرها. أو بسبب استعمال الوسائل أو الطرق التي وقع إرشادها إليها أو توجيهها نحوها. وإذا لم تحصل النتيجة المتوخاة أو المراد حولها فإن جريمة إجهاض المرأة لنفسها لم تكن قد تكونت ولم تقم لها أي قائمة. ولكن من الممكن اعتبار الأفعال التي قامت بها والتصرفات التي مارستها عن عمد وبقصد الوصول إلى لإسقاط الحمل من الأفعال المكونة لجريمة الشروع في الإجهاض ومعاقبة المرأة بنفس العقوبة بنفس العقوبة المقررة للجريمة التامة وهي جريمة الإجهاض.
وأما إذا توفرت هذه العناصر الثلاثة مجتمعة. من عنصر مادي وقصد جرمي ونتيجة مباشرة فإننا سنكون أمام قيام جريمة إجهاض المرأة الحامل لنفسها وأمام إدانة هذه المرأة بها. ومعاقبتها بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من 250 إلى 1000 دينار جزائري. وإذا توفر العنصر المادي والعنصر المعنوي أو القصد ولم تتوفر النتيجة وهي إسقاط الحمل. أو توفرت دون أن يثبت وجود علاقة سببية مباشرة بين الفعل أو الوسائل المستعملة وبين الإجهاض فإننا سنكون أمام قيام جريمة الشروع في إجهاض المرأة لنفسها والمعاقب عليها بنفس العقوبة المقررة لجريمة الإجهاض التامة.
المبحث الثاني: جريمة التحريض على الإجهاض
من الحالات التي أخذ فيها قانون العقوبات الجزائري بالمعيار الشخصي في حالة تقريره العقاب عن أعمال التحريض على الإجهاض وهي عقوبة مقررة لمجرد التحريض وبقطع النظر عن حصول أو عدم حصول النتيجة. ودون الأخذ بعين الاعتبار لما قد يتركه التحريض من آثار سلبية أو إيجابية في نفسية الشخص الواقع عليه فعل التحريض وتنفيذه لما حرض عليه أو رفضه له.
وهذا هو المعنى الذي تعرضت له المادة 310 من قانون العقوبات حين نصت على أن يعاقب بالحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسمائة 500 إلى عشر آلاف 10.000 دينار جزائري أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط. كل من قام سواء بإلقاء خطب حماسية في أماكن أو اجتماعات عامة. وسواء بالبيع أو بالطرح للبيع أو بالتبرع ولو في غير علانية. أو بالعرض أو اللصق في الأماكن العامة أو بالتوزيع في المنازل. أو بالتسليم لأشياء مغلقة بشرائط أو موضوعة في ظروف مغلوقة أو مفتوحة إلى البريد أو إلى أي عامل توزيع أو نقل كتبا أو محررات أو مطبوعات أو إعلانات أو ملصقات أو رسومات أو صور رمزية وسواء بالدعاية في الأماكن المزعومة وذلك من أجل التحريض على الإجهاض حتى ولو كان التحريض لم ينتج أثره.
وعليه فإذا كان نص هذه المادة نص وافي بصورة لا يحتاج معها إلى شرح أو تحليل وأنه نص جاء شاملا لمعظم أو أغلب وسائل التحريض على جريمة الإجهاض ومحتويا على العقوبة المقررة لها فإنه لم يبق لنا إلا شيء قليل مما يجب معالجته أو مناقشته وهو ما يتعلق بالعناصر المكونة لجريمة التحريض على الإجهاض وإسقاط الحمل وهو ما سنتحدث عنه ضمن الفقرات التالية:
المطلب الأول: جريمة التحريض على الإجهاض
الفرع الأول: عنصر الفعل المادي:
إن العنصر المادي المكون لجريمة التحريض على الإجهاض عنصر متعدد الوقائع ومتشعب الوسائل ومتنوع الأغراض. ويتمثل في كل عمل من شأنه التأثير في نفس الضحية أو في الشخص الذي يقع عليه فعل التحريض. حتى ولو لم يكن هذا التحريض قد أدى إلى النتيجة المرجوة.
وعليه فإن مجرد إلقاء خطب حماسية في اجتماعات أو أماكن عامة ومجرد بيع أو عرض صور أو محررات بأية لغة كانت أو بأي شكل كان تتضمن دعوى صريحة أو ضمنية إلى الإجهاض وإسقاط الحمل تكون كافية وحدها أو مع غيرها لتكوين جريمة التحريض على الإجهاض المعاقب عليها بنص المادة 310 من قانون العقوبات.
الفرع الثاني: عنصر القصد الجرمي:
إن عنصر القصد الجرمي يعتبر ثاني ركن من أركان قيام جريمة التحريض على الإجهاض وهو وإن كان قانون العقوبات لا ينص عليه صراحة وبشكل متميز إلا أنه عنصر يمكن استخلاصه بسهولة من التحقيق في الأفعال التي يمارسها المحرض ومن التحقيق في الوسائل التي يستعملها من أجل الوصول إلى هدفه المنشود. وبعبارة أدق وأكثر وضوحا يمكن أن نقول بأن القصد الجرمي في هذا المجال لا يمكن تصوره إلا على أنه قصد عام يمكن العثور عليه في محتوياته الخطب وما تتضمنه الرسائل والمحررات والكتب والصور وغيرها. ولا يشترط القانون توفر قصد خاص.
ع. العزيز سعد، الجرائم الواقعة على نظام الأسرة 02/ 2002
الفرع الثالث: عنصر حصول النتيجة:
لم يشترط القانون أن يتوفر عنصر النتيجة لقيام جريمة التحريض على الإجهاض بل اعتبر التحريض جريمة مستقلة ومعاقب عليها لذاتها. سواء تحققت النتيجة في الواقع أم لم تتحقق. وسواء تأثرت من وقع عليها التحريض بأساليب المحرض ونفذتها أم لم تتأثر ولم تنفذ.
وعليه فإن جريمة التحريض على الإجهاض تعتبر قائمة وتامة التكوين بمجرد توفر العنصر أو الركن المادي. واستخلاص الركن المعنوي. دون مراعاة أي اعتبارات لتوفر النتيجة أو لتوفر العلاقة السببية بينها وبين الفعل الجرمي. ومتى ذلك أمكن متابعة المحرض وإدانته ومعاقبته وفقا لأحكام المادة 310 من قانون العقوبات.
المطلب الثاني: الجرائم المنسوبة إلى الأطباء والمقابلات والممرضات وأشباههم
في الفصول وفي الفقرات السابقة كن قد تحدثنا عن أنواع متعددة من الجرائم المختلفة. وعن أسباب إسنادها إلى الأشخاص. أما هنا فإننا سنتحدث عن عينات مختلفة من الأشخاص الذين يقومون بإجراء عملية الإجهاض أو يسهلونها أو يدلون عن طرق ووسائل أحداثها.وهم الأشخاص ذوو الاختصاصات أو الصفات المهنية المشار إليهم في المادة 306 من قانون العقوبات التي نصت على أن الأطباء والمقابلات وجراحي الأسنان والصيادلة ومستحضري الأعشاب الطبية. وصانعي الضمادات وتجار الأدوات الجراحية والممرضين والممرضات والمدلكين والمدلكات الذين يرشدون أو يسهلون. أو يمارسون الطرق التي تؤدي إلى الإجهاض تطبق عليهم العقوبات المنصوص عليها في المادتين 304 و 305 حسب الأحوال.
وعليه فإذا كانت أحكام هذه المادة ومحتواها واضحة بما لا يدع مجالا للتحليل والمناقشة فإننا مع ذلك نعتقد بأن من الضروري بيان العناصر المكونة للجريمة التي يمكن أن يقترفها ويعاقب بسبها هؤلاء الأشخاص. وسنتناولها حسب الترتيب التالي:
الفرع الأول: عنصر الفعل المادي:
إن العنصر المادي المكون لجريمة الإجهاض التي يعاقب عليها هؤلاء الأشخاص المشار إليهم في المادة 306 عقوبات يتمثل في تقديم أي دواء أو غيره من أجل الإجهاض أو في إرشاد الحامل أو من يباشر عملية إجهاضها أو إرشادها إلى أية وسائل أو طرق من شأنها أن تؤدي إلى الإجهاض. كما تتمثل في مساهمة أي واحد منهم في تسهيل أو تنفيذ عملية الإجهاض.
الفرع الثاني: عنصر إثبات الصفة:
لمعاقبة الشخص الذي يقوم بمباشرة عملية الإجهاض أو بالدلالة عليها. أو بالإرشاد إليها وفقا لما نصت عليه المادة 306 عقوبات يجب أن تتوفر في هذا الشخص صفة واحدة على الأقل من تلك الصفات المهنية المشار إليها في المادة 306 المذكور أعلاه. لأن عدم اتصاف المتهم بأية صفة من هذه الصفات يجعل عناصر هذه الجريمة غير متوفرة وينتقل بنا إلى تطبيق نص مادة أخرى قد تكون المادة 304 أو 305 من قانون العقوبات حسب الأحوال من المادة 306. وهذه الصفات المهنية في صفات الطبيب. والقابلة وجراح الأسنان، والصيدلي وطالب الطب ومستخدم الصيدلية ومستحضر الأعشاب الطبية، وصانع الضمادات، وتاجر الأدوات الجراحية، والمرض والمدلك.
الفرع الثالث: عنصر القصد وحول النتيجة:
لم يشترط القانون قصدا معينا لارتكاب جريمة الإجهاض في حكم المادة 306. كما لم يشترط صراحة أو ضمنا تحقق إسقاط الحمل نتيجة لمباشرة العمل أو الإرشاد إليه. أو تسهيله أو الدلالة على طرقه وعلى الوسائل المؤدية إليه. غير أن ذلك لا يمنعنا من الاعتقاد بأن القصد العام لابد منه. وهو مستخلص من طبيعة الأفعال التي يقوم بها ذلك الشخص. وهو أيضا عنصر مكمل لعناصر تكوين هذه الجريمة. وأما حصول النتيجة أو عدم حصولها فلا يغير من الأمر في شيء ما دامت العقوبة المقررة بالنسبة إلى الجميع واحدة من حيث الأصل والأساس.
الفصل الثالث: العقوبات التكميلية وظروف التشديد:
في مجال جرائم الإجهاض والتحريض على الإجهاض وإسقاط حمل الحوامل ورد النص على العقوبات التكميلية المتعلقة بالمنع من الإقامة في الفقرة الأخيرة من المادة 304 والفقرة الأخيرة من المادة 307 من قانون العقوبات. وفي هذا المجال ورد النص أيضا على الحالات أو الصفات التي تشكل بعض ظروف التشديد في المادة 305 والمادة 306 من قانون العقوبات فبشأن العقوبات التكميلية بعد أن حددت المادة 304 وسائل جريمة الإجهاض البسيط في الفقرة الأولى وبينت العقوبة المقررة لها. وبعد أن حددت جريمة الإجهاض المفضي إلى الموت دون قصد أحداثها في الفقرة الثانية وبينت عقوبتها. أشارت في الفقرة الثالثة إلى أنه (في جميع الحالات يجوز الحكم علاوة على ذلك بالمنع من الإقامة) وهذا يعني حسب ما ورد النص عليه في المادة 12 من قانون العقوبات أن المنع من الإقامة يعتبر عقوبة تكميلية يجوز الحكم بها بعد الحكم بالعقوبة الأصلية المقررة للجريمة محل الإدانة. وهي تمنع منع المحكوم عليه من أن يوجد أو يقيم في بعض الأماكن المحددة في الحكم لمدة لا يجوز أن تتجاوز خمس سنوات في مواد الجنح وعشر سنوات في مواد الجنايات. وسيبدأ حساب المدة المحكوم بها ابتداء من تاريخ اليوم الذي يفرج فيه على المحكوم عليه بعد انتهاء مدة الحبس المحكوم بها عليه.
– وبشأن ظروف التشديد نصت المادة 305 على أنه إذا ثبت أن المتهم يمارس عادة الأفعال المشار إليها في المادة 304 ويجب مضاعفة عقوبة الحبس في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الأولى. ووجب رفع عقوبة السجن في الحد الأقصى.
– وهذا يعني أنه إذا كان المتهم يتعاطى عادة عملا معينا أو مهنة رسمية معروفة تتعلق بالمواد المستعملة في الإجهاض أو تتعلق بالوسائل والطرق المؤدية إليه فإن العقوبة المقررة للإجهاض البسيط أو الشروع فيه البالغة حد الحبس من سنة إلى خمس سنوات والغرامة من 500 إلى 10.000 ستضاعف بحيث تصبح من سنتين إلى عشر سنوات. ومن ألف إلى عشرين ألف دينار جزائري. وإذا أدت عملية الإجهاض إلى وفاة المرأة الحامل المفترض حملها فإن العقوبة المقررة للإجهاض المفضي إلى الوفاة والبالغة حد السجن المؤقت من عشرة إلى عشرين سنة ستكون السجن المؤبد طول الحياة.
– وهذا الملام يشمل من بين ما يشمل الأطباء والقابلات والمشتغلين بالتمريض والصيدلية وغيرهم ممن وردت الإشارة إليهم في المادة 306 عقوبات. حيث أنه يجب أن يخضعوا إلى العقوبات المشددة. أما سبب تشديد العقاب على هؤلاء الأشخاص فذلك يرجع إلى كونهم من الأشخاص الذين تؤهلهم صفاتهم تلك لمعرفة وسائل الإجهاض وطرق استعمالها. بالإضافة إلى اكتسابهم للمعلومات الفنية التي تشجع الناس على الالتجاء إليهم وقدراتهم على إخفاء آثار عملية الإجهاض بالوسائل الملائمة.
المبحث الأول: العقوبات التكميلية وحالات الإعفاء
المطلب الأول: العقوبات التكميلية والظروف المشددة لجريمة الإجهاض
الفرع الأول: تدابير الأمن الشخصية:
لقد نصت المادة 19 من قانون العقوبات على أن المنع من ممارسة مهنة أو نشاط أو فن يعتبر من تدابير الأمن الشخصية. وبالإضافة إلى ذلك وبعد أن نصت المادة 306 على عقوبة جرائم الإجهاض المنسوبة أو المسندة إلى الأطباء والقابلات والممرضين والممرضات والصيادلة وغيرهم. نصت في الفقرة الثانية على أنه يجوز الحكم على الجناة بالحرمان من ممارسة المهنة المنصوص عليها في المادة 23. فضلا عن جواز الحكم عليهم بالمنع من الإقامة.
وفي هذا المعن نصت أيضا المادة 23 من قانون العقوبات المشار إليها أعلاه. على أنه يجوز الحكم بالمنع من مزاولة مهنة أو نشاط أو فن على كل مدان لجناية أو جنحة. إذا ثبت للقضاء أن للجريمة المرتكبة صلة مباشرة بمزاولة المهنة أو النشاط أو الفن. وأنه تتجاوز عشر سنوات ويجوز بالنيابة إلى هذا الإجراء أن يؤمر بالنفاذ المعجل.
كما نصت المادة 311 من قانون العقوبات على أن كل حكم بسبب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القسم -وهو القسم المتعلق بالإجهاض- يستوجب بقوة القانون الحكم بالمنع بممارسة مهنة. أو أداء أي عمل بأي صفة كانت. في العيادات أو دور الولادة أو في اية مؤسسة عامة أو خاة تستقبل عادة النساء في حالة الحمل الحقيقي. أو الظاهر أو المفترض مقابل أجرة أو مجانا. وكل إدانة بالشروع أو الاشتراك في نفس الجرائم يترتب عنها نفس المنع.
ومعنى هذا الكلام ببساطة وباختصار وإيجاز هو أنه إذا ارتكب جريمة الإجهاض أحد الأشخاص من ذوي الصفات المشار إليهم في المادة 306. وهو الأطباء والصيادلة والممرضين والممرضات ومن شابههم ثم وقعت إدانته وإصدار عقوبة أصلية ضده فإنه يجي على المحكمة التي تحكم بالعقوبة المقررة أن تقضي بمنعه وحرمانه من ممارسة مهنته التي يمتهنها. بحيث لو كان طبيبا يحظر عليه ممارسة العمل الطبي. ولو كان ممرضا يمنع من ممارسة مهنة التمريض ولو كانت قابلة يحرم عليها مباشرة مهمة استقبال النساء وتوليدهن. ولو كان صيدليا يوقف عن ممارسة أعمال الصيدلة وعن المتاجرة في المواد الصيدلانية.
هذا وينبغي أن نلاحظ هنا أنه إذا كانت المادة 19 عقوبات قد نصت على اعتبار أن المنع من ممارسة المهنة تدبير أمن شخصي وأن المادتين 23-306 قد نصتا على جواز الحكم بهذا التدبير ولاسيما إذا ثبت للمحكمة وجود علاقة مباشرة بين الوقائع الجرمية وبين ممارسة المهنة. وثبت أن ممارسة المهنة لها أثر قوي في تسهيل اقتراف الجريمة فإن المادة 311 عقوبات لا ينص على الجواز ولم تترك للمحكمة سلطة تقدير مدى خطورة ترك المهتم المدان يمارس مهنته أو منعه وتوقيفه عن ممارستها. بل أوجبت على المحكمة الناظرة في موضوع الجريمة أن تقرر من تلقاء نفسها حرمان المحكوم عليه ومنعه من ممارسة مهنته حالا. سواء طلبت النيابة العامة ذلك أم لم تطلبه. وسواء كانت العقود الأصلية تتعلق بالفعل التام أو بالشروع أو بالمشاركة فيه. إذ أن الفقرة الأخيرة من المادة 311 ورد فيها أن كل حكم بسبب الشروع أو الاشتراك في الجرائم ذاتها يستتبع ذات المنع.
كما نلاحظ أيضا أنه إذا تعلق الأمر بأشخاص آخرين غير أولئك الذين ورد ذكرهم في المادة 306 وبشأن جرائم غير تلك التي ورد ذكرها في مجال الإجهاض والتحريض عليه فإن تدبير الأمن الشخصي يبقى جوازيا. وتبقى للمحكمة سلطة تقدير ضرورة الحكم أو عدم الحكم به وإذا قررت إدانة المتهم واختارت أن تحكم بمنعه من ممارسة مهنته وكان عليها قبل ذلك أن تتأكد من توفر ثلاث شروط على الأقل هي شرط الإدانة بسبب جناية أو جنحة وشرط وجود علاقة مباشرة بين المهنة والجريمة. وشرط توقع حصول خطر على الحوامل الأخريات أو غيرهن من بقاء المحكوم عليه يمارس مهنته بحرية بعد تنفيذ العقوبة. مع مراعاة أن المنع من ممارسة المهنة لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يتجاوز العشر سنوات.
الفرع الثاني: آثار مخالفة أحكام المنع من الإقامة ومن ممارسة المهنة:
عندما قرر القانون الحبس والغرامة كعقوبة أصلية حدد طرق تنفيذها في قضاء مدة الحبس أو السجن داخل المؤسسة العقابية وتتولاها النيابة العامة. وعندما قرر المنع مع الإقامة كعقوبة تكميلية، والمنع من ممارسة المهنة كتدبير أمن شخصي حدد طرق تنفيذها في إجراءات خاصة يتولاها رجال الشرطة القضائية، ولكن إذا كانت العقوبات التكميلية المتعلقة بالمنع من الإقامة. والتدابير الأمنية المتعلقة بالحرمان من ممارسة مهنة أو نشاط ما. يمكن مخالفتها والتهرب من تنفيذها في معظم الأوقات وبشتى الوسائل.
وتأييدا أو دعما لضمان تنفيذ عقوبة المنع من الإقامة وتدبير المنع من ممارسة المهنة أو النشاط نعتقد أنه لا بأس من أن نشير إلى أن المادة 12 من قانون العقوبات بعد أن عرفت ماهية المنع من الإقامة وبينت آثاره ومدته في الفقرة الثانية على أن يعاقب الشخص الممنوعة إقامته بالحبس من ثلاث أشهر إلى ثلاث سنوات إذا خالف أحد تدابير منع الإقامة أو تملص منها. وجاءت المادة 307 عقوبات فنصت على أن كل من يخالف الحكم القاضي بحرمانه من ممارسة مهنته بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 306 يعاقب بالحبس من ستة أشهر على الأقل إلى سنتين على الأكثر وبالغرامة من ألف 1000 إلى عشرة آلاف 10.000 دينار جزائري. كما نصت المادة 313 بعدها كلى أن كل من يخالف المنع المحكوم عليه تطبيقا لأحكام المواد 306 الفقرة الثانية،311 و 312 يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين. وبالغرامة من خمسمائة 500 إلى خمسة آلاف 5000 دينار جزائري أو بإحدى هاتين العقوبتين. وهو الأمر الذي يحتم علينا مناقشة كل وضعية من هذه الوضعيات الثلاثة على انفراد وفقا للتفصيل التالي:
المطلب الثاني: حالة الإعفاء من العقاب عن الإجهاض:
لقد نصت المادة 308 من قانون العقوبات على أنه لا عقوبة على الإجهاض إذا كان يشكل إجراء تستوجبه ضرورة إنقاذ حياة الأم من الخطر. وذلك متى أجراه طبيب أو جراح في غير خفاء وبعد أن يكون قد ألم السلطة الإدارية.
ونلاحظ هنا أن القانون قد نص ضمنا على إعفاء الطبيب الجراح الذي يمارس عملية الإجهاض من المسؤولية الجزائية. وكأني بالقانون قد منحهما عذرا معفيا من العقاب بسبب الضرورة التي تستوجب إنقاذ حياة الأم. وذلك على غرار ما ورد النص عليه في المادة 47 عقوبات وما بعدها وهي المواد المتعلقة بالإعفاء من المسؤولية الجزائية.
وعليه فإذا كان قد وجب علينا في الحالات السابقة أن نناقش العناصر المكونة للجرائم المعاقب عليها فإننا سنحاول هنا -على العكس من ذلك- أن نناقش أسباب أو شروط الإعفاء من العقاب الذي كان من الممكن أن يسلط على الطبيب أو الجراح الذي يمارس عملية الإجهاض وذلك تبعا للترتيب التالي:
1- شرط أن يكون الإجهاض إجراءا ضروريا لإنقاذ حياة الأم:
إن أول شرط يتطلبه القانون للإعفاء من العقاب هو شرط كون الإجهاض عملية لازمة وضرورية الغرض منها ليس الإجهاض لذاته وإنما هو إجراء تستوجبه ضرورة إنقاذ حياة الأم الحامل من الخطر المحقق الذي يكتنفها. وهو الخطر المتمثل في غالبية احتمال وفاتها إذا لم يقم الأطباء بإسقاط حملها. وهنا نلاحظ أن المشرع الجزائري قد وازن بين حماية الجنين من الاعتداء عليه وإسقاطه من بطن أمه قبل الأوان، وبين احتمال وفاة البسببه وضرورة إنقاذ حياتها. فمنح امتياز الحياة للأم وضحى بحياة طفلها والله وحده يعلم ما إذا كان يجب أو يستحسن أن نضحي بحياة شخص من أجل الحفاظ على استمرار حياة شخص آخر غيره. وكأني بالأطباء قد أصبحوا يتحكمون في أسباب الحياة وفي معرفة حقيقة الآجال التي هي بيد الله.
2- شرط أن يقوم بالإجهاض طبيب أو جراح:
أما ثاني شرط يتطلبه القانون لإعفاء الشخص من العقاب فهو شرط أن يقوم بالإجهاض وإسقاط الحمل طبيب أو جراح ضمن توفر ظروف العلانية وفي غير خفاء وعلى مرأى ومسمع من العامة والخاصة وتشمل العلانية ليس هوية الطبيب أو الجراح الذي يقوم بإجراء العملية من طرف شخص لا يتمتع بصفة الطبيب أو الجراح المعترف لهما رسميا بهذه الصفة لا يمكن أن يحميه القانون أو يعفيه من العقاب.
3- شرط إخبار السلطة الإدارية:
أما ثالث وأخير شرط من شروط الإعفاء من العقاب المنصوص عليها في المادة 308 من قانون العقوبات فهو شرط إخبار السلطة الإدارية التي يتبعها أو ينتسب إليها الطبيب أو الجراح الذي يقوم بإجراء عملية الإجهاض. إلا أنه وإن كنا نأخذ على قانون العقوبات إغفاله تعيين السلطة الإدارية التي يوجب إطلاعها على عملية الإجهاض ونأخذ عليه عدم بيانه ما إذا كان يجب على الطبيب أو الجراح أن يطلع السلطة الإدارية قبل العملية أو بعدها فإننا مع ذلك نعتقد أن إطلاع السلطة يجب أن يتم وقت الإعداد للعملية والعزم على مباشرتها وقبل الشروع في تنفيذها. كما نعتقد أن من الضروري إخبار أقارب المرأة وأخذ موافقتها كتابيا. وبعد تقرير مسبق تعده لجنة من الأطباء المشهود لهم الكفاءة والرزانة وخوف الله.
4- شرط علانية عملية الإجهاض:
إن رابع شرط يمكن أن نستخلصه من أحكام المادة 308 لإعفاء الطبيب أو الجزاء من المسؤولية عن الإجهاض هو أن تتم إجراءات هذه العملية علانية بشكل مكشوف للجميع وفي غير خفاء ولا تستر وذلك يعني أن تقع ممارسة عملية الإجهاض في مؤسسة استشفائية أو علاجية بالطرق المعهودة وفي الأماكن المخصصة لإجراء مثل هذه العملية بمساعدة الأطباء المساعدين والممرضين الذين يساعدون الطبيب عادة. وبحضور الأشخاص الذين يسمح النظام الداخلي للمؤسسة العلاجية بحضورهم. بالإضافة إلى حضور من يعنيهم الأمر مثل أقارب المرأة والأطباء المتربصين.
وعليه فإذا ثبت توفر كل هذه الشروط مجتمعة. وثبت أن حياة الأم في خطر حقيقي. أو على الأقل في خطر احتمالي غالب وأن هذا الخطر متأتي من الحمل الذي في بطنها. وأنه لا سبيل لإبعاد خطر الموت عن الأم وإنقاذ حياتها إلا بإجراء عملية الإجهاض فإن المادة 308 من قانون العقوبات قد قررت إعفاء الطبيب أو الجراح الذي يقوم بهذه العملية من المسؤولية الجزائية. ومنحته حصانة قانونية تنحية من العقاب. على الرغم من بقاء الفعل فعلا جرميا، وعلى الرغم من النتيجة المأسوية التي أجهد نفسه من أجل الوصول إليها والتي قد لا تقرها الشرائع السماوية.
هذا إذا كانت عملية الإجهاض هذه قد أدت إلى وفاة الجنين ونجاة الأم أما إذا كان الطبيب أو الجراح قد نجح في إخراج الجنين من بطن أمه وأنقذ حياتها دون أن يموت أو يصيبه أذى فإن العملية تعتبر عملية جراحية عادية لا جريمة فيها ولا عقاب ولا إعفاء من العقاب. وأن النتيجة تعتبر نصرا عظيما للطبيب أو الجراح تضعه في مفك الأبطال وفي موضع التقدير والاعتبار.أما غير الطبيب وغير الجراح مثل القابلة والممرضة فلا يشملها الإعفاء من العقاب إذا قامت احداهما بعملية الإجهاض من أجل إنقاذ حياة الأم. ولو كان ذلك مع توفر الشروط الأخرى. لأن الإعفاء من المسؤولية الجزائية في مجال الإجهاض منصوص عليه في القانون على سبيل الحصر.
المبحث الثاني: موقف الشريعة الإسلامية من جريمة الإجهاض
المطلب الأول: أقوال العلماء والأسس التي يبنى عليها أحكام الإجهاض:
يقول الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه “الحلال والحرام في الإسلام ”
“واتفق الفقهاء على أن إسقاطه (أي الجنين) بعد نفخ الروح فيه حرام وجريمة لا يحل للمسلم أن يفعله لأنه جناية على حي متكامل الخلق طاهرة الحياة. قالوا: ولذلك وجبت في إسقاطه الدية إن نزل حيا ثم مات، وعقوبة مالية أقل منها إن نزل ميتا”.
ثم نقول فتوى الشيخ شلتوت والتي جاء فيها: “إذا ثبت من طريق موثوق به أن بقاءه (أي الجنين) بعد تحقق حياته يؤدي لا محالة إلى موت الأم فإن الشريعة بقواعدها العامة تأمر بارتكاب أخف الضررين فإذا كان في بقائه موت الأم وكان لا منقذ لها سوى إسقاطه، كان إسقاطه في تلك الحالة متعينا . ولا يضحى بها في سبيل إنقاذه لأنها أصله وقد استقرت حياتها ولها حظ مستقل في الحياة ولها حقوق وعليها حقوق وهي بعد هذا وذاك عماد الأسرة.
وليس من المعقول أن نضحي بها في سبيل الحياة لجنين لم تستقل حياته ولم يحصل على شيء من الحقوق والواجبات.
وقد ناقش الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي في كتابه “مسألة تحديد النسل وقاية وعلاجا” الأسس التي بني عليها أحكام الإجهاض وأراد الفقهاء في المذاهب المختلفة ونوجز ذلك فيما يلي (من كتابه وغيره من الكتب).
الأسس التي بني عليها أحكام الإجهاض:
الأساس الأول: لا تعد النطفة (الحيوان المنوي) ذات حياة محترمة ما لم ينغلق عليها الرحم ثم تبدأ بالتطور إلى علقة. ولا عبرة شرعا بتلك الحياة.
الأساس الثاني: لا يجوز العدوان بإجهاض وغيره على الحياة الإنسانية وهي التي تجاوزت المرحلة النباتية (vegetative life) والحيوانية ودخلت في أرقى طور من أطوارها وهي الحياة الإنسانية إلا أن يكون ذلك على وجه العقوبة والقصال ويستند ذلك إلى قوله تعالى “ولقد كرمنا بني آدم” وإلى قوله تعالى: “من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا” ولا خلاف بين الفقهاء جميعا في هذا.
-الأساس الثالث: ملاحظة الحقوق الثلاثة وهي حق الجنين وحق الأبوين وحق المجتمع.
الأساس الرابع: وهو يتمثل في جملة أحاديث صحيحة تتعلق بهذا الموضوع وهي قوله صلى الله عليه وسلم: “إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفع فيه الروح” أخرجه الشيخان عن ابن مسعود رضي الله عنه.
/- “إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها واحمها وعظامها ثم يقول أي رب أذكر أم أنثى” رواه مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه.
3/- أخرج الشيخان عن أبي هريرة أن امرأتين من هذيل اقتتلتا فرمت إحداهن الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو جارية، وقضى بدية المرأة على عاقلتها.
وقد أجمع الفقهاء على أن قتل الجنين بعد نفخ الروح يحرم حرمة تامة مهما كان الجنين مشوها أو غير ذلك. ولم يسمحوا بالإجهاض إلا إذا كانت حياة الأم في خطر فقدموا حينئذ حياتها على حياته لأنها أصله.وإن كان بن حزم والظاهرية وبعض الفقهاء لم يسمحوا بقتل الجنين حتى في هذه الحالة.
واختلف الفقهاء بعد ذلك في الإجهاض قبل نفخ الروح التي يحددونها بمائة وعشرين يوما (من بدء التلقيح) وقد انقسموا في ذلك إلى ثلاث فئات.
الفئة الأولى: ويمثلها في ذلك المالكية والإمام الغزالي من الشافعية وابن رجب الحنبلي من الحنابلة. وهم يحرمون الإجهاض منذ اللحظة الأولى التي تستقر فيها النطفة في الرحم قال الإمام الغزالي في الأحياء “وليس هذا أي العزل كإجهاض والوأد لأن ذلك جناية على موجود حاصل. وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة. وإفساد ذلك جناية. فإن صارت نطفة فعلقت كانت الجناية أفحش. وإن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشا ومنتهى التفاحش في الجناية هي بعد الإنفال حيا”.
ويقول ابن رجب الجنبلي في “جامع العلوم والحكم” وقد رخص طائفة من الفقهاء للمرأة في إسقاطها في بطنها ما لم ينفخ فيه الروح وجعلوه كالعزل وهو قول ضعيف لأن الجنين ولد انعقد وربما تصور، وفي العزل لم يوجد ولد كلية.
ثم قال: “وقد صرح أصحابنا بأنه صار الولد علقة لم يجز للمرأة إسقاطه لأنه ولد انعقد بخلاف النطفة فإنها لم تنعقد بعد، وقد لا تنعقد ولدا” ثم يقول “ابن أسيد المتقدم”.
الفئة الثانية: وهذه الفئة تسمح بالإجهاض متى كان له سبب مثل مرض الأم أو غيره من الأسباب إذا كان الجنين لم يتخلق بعد أي لم تظهر فيع الأعضاء وحديث حذيفة ابن أسيد المتقدم الذي رواه مسلم أن ذلك بحدث بعد مرور أربعين يوما.
ويقول الدكتور سعيد رمضان البوطي أن الإجهاض إذا تم قبل التخليق ويرضى من الزوجين وبوسيلة لا تعقب ضررا على الأم فإنه يعتبر مكروها كراهة تنزيه وليس محرما -وذلك عند الشافعية- (ما عدا الفئة التي يمثلها الإمام الغزالي) والحنابلة (ما عدا الفئة التي يمثلها ابن رجب الحنبلي) ومعظم علماء الأحناف.
وخلافة رأي هذه الفئة جواز إسقاط الجنين قبل التخليق أي قبل مرور أٍبعين يوما من بدء الحمل (وتحسب من لحظة تلقيح الحيوان المنوي للبويضة).
الفئة الثالثة: وهي أكثر الفئات تسامحا. وهم يجيزون الإسقاط قبل نفخ الروح أي قبل مرور 120 يوما منذ بدء الحمل وتحسب منذ لحظة التلقيح. وبما أن أطباء أمراض النساء والولادة قد درجوا علىأن يحسبوا الحمل من بداية آخر حيضة حاضتها المرأة لا من بداية الحمل وهو التلقيح لأن المرأة تتذكر بداية حيضتها بسهولة. فإن مدة الحمل الحقيقي هي أقل من تلك التي يحسبها أطباء التوليد بأرٍبعة عشرة يوما.
ولذا فإن مدة 120 يوما منذ بدء الحمل توازي 134 يوما منذ بداية آخر حيضة حاضتها المرأة والتي يعتمدها أطباء التوليد.
ويمثل هذه الفئة المتسامحة بعض علماء الأحناف “وقال في الفروع: وظاهر كلام ابن عقيل في الفنون أنه يجوز إسقاطه قبل أن ينفخ فيه الروح” .
وبعض علماء الحنابلة قال ابن عابدين في الحاشية على كتاب الدر المختار.
“قال في النهر: هل يباح الإسقاط بعد الحمل؟ نعن يباح ما لم يتخلق منه شيء إلا بعد مائة وعشرين يوما” قال ابن عابدين “وهذا يقتضي أنهم أرادوا بالتخليق نفخ الروح و إلا فهو غلط لأن التخليط يتحقق بالمشاهدة قبل هذه المدة” ثم أفاض ابن عابدين في الرد عليهم لان التخليق يبدأ بعد الأربعين كما في حديث حذيفة ابن السيد الذي رواه مسلم.
وقد أجاز الإمام الرملي من الشافعية الإجهاض قبل نفخ الروح وأباح الإمام السبكي إجهاض حمل الزنى مادام نطفة أو علقة (ويحسبونها أربعين يوما نطفة وأربعين يوما علقة).
وهكذا نجد المالكية والظاهرية وبعض الشافعية والأحناف والحنابلة يمنعون الإجهاض ويرون حرمته في جميع قنوات الحمل ما لم يكن هناك خطر على حياة الأم فيباح آنذاك ولو بعد مرور 120 يوما وبتوسط آخرون من الشافعية والحنابلة والأحناف فيبيحون الإجهاض متى كان قبل التخليق أي قبل الأٍربعين لأن التخليق يبدأ بعد الأربعين لحديث
حذيفة بن أسيد المتقدم ويتسامح بعض العلماء من الأحناف والشافعية والحنابلة فيبيحون الإجهاض متى تم قبل نفخ الروح والتي يحددونها بمرور 120 يوما منذ بدء الحمل (لحظة التلقيح) والتي توازي 134 يوما (19 أسبوعا) من بداية ىخر حيضة حاضتها المرأة وقد أجمع الفقهاء على حرمة الإجهاض بعد نفخ الروح إلا عندما تكون حياة الأم في خطر فتقدم حياتها حينئذ على حياة الجنين لأنها أصله .
وقد أصبح من الممكن بعد التقدم الطبي تشخيص تشوه الجنين بواسطة التصوير بالموجات فوق الصوتية Ultra Sound أو بواسطة بزل عينة الأمينوسي المحيط بالجنين Centesis Amnio أو بغير ذلك من الوسائل الطبية التي يظهر فيها جديد كل يوم ويمكن إجراء هذه الفحوصات في فترة تتراوح فيما بين الأسبوع الثالث عشر والسادس عشر في معظم الحالات
وإذا تم إجراء هذه الفحوصات قبل الأسبوع السادس عشر (والحساب هنا عادة من بداية آخر حيضة حاضتها المرأة) فإن إجراء الإجهاض قبل 120 يوما من بدء الحمل أو (134 يوما من آخر حيضة حاضتها المرأة) يكون متيسرا وبذلك تنقضي الحاجة إلى إجراء الإجهاض بعد نفخ الروح إلا إذا كانت حياة الأم في خطر. وذلك أمر نادر الحدوث جدا. وإجراء الإجهاض بعد نفخ الروح إلا إذا كانت حياة الأم في خطر. وذلك أمر نادر الحدوث جدا. وإجراء الإجهاض قبل نفخ الروح قد أباحه بعض الفقهاء من الحنابلة والشافعية والأحناف وإن كان رأيهم مرجوجا. أما الإجهاض بعد نفخ الروح فالإجماع على حرمته ولذا ينبغي على من يعملون بالمهنة الطبية أن ينتبهوا إلى هذه النقطة وعليهم إذا اضطروا لإجراء الإجهاض أن يحرصوا على أن يكون في الفترة التي تسبق نفخ الروح (120) إلا في حالة واحدة وهي تعرض حياة الأم للخطر.
المطلب الأول: الإجهاض في حالات حمل الزنى أو الاغتصاب
يعتبر الاغتصاب سببا موجبا الإجهاض إذا نتج عمل في قوانين كثيرة من الدول التي تمنع الإجهاض لأسباب غير طبية متى رغبت المعتدي عليها بالإجهاض.
وقد أباح الإمام السبتي إجهاض حمل الزنى ما دام نطفة أو علقة (أي قبل مرور 80 يوما لأن النطفة عندهم أٍربعين والعلقة أربعين) كما أبح الإمام الرملي من الشافعية قبل نفخ الروح وكذلك بعض علماء الأحناف والحنابلة كم تقدم ولم يشترطو الإباحة بكون ذالك الحل من نكاح صحيح أو غيره. وقد عقد الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي فصلا للإجهاض من حمل سفاحا غي كتابه مسألة تحديد النسب وأورد حججه في عدم جواز الإسقاط من حمل سفاح رغم أنه يميل إل إباحة الإجهاض إذا كان من حمل نتج عن نكاح قال :” فأما إسقاط الحمل الذي ينشأ بسبب الزنا فيختلف حكمه عن كل ما قد ذكرناه” ثم يقول ” وبقطع النظر عن إطلاق الوارد (في إباحة الإجهاض) في كلام كثير من الفقهاء في هذه المسألة وعن القاعدة الأصولية التي تصرف المطلق إلى فرده الكامل فإن بين أيدينا جملة من الأذلة الناصعة التي تحترم المرأة التي حملت من زنا من حق الإجهاض أيا كان مقاته وسواء نفخت الروح في الجنين أم لم تنفخ فيه الروح بعد”.
ويورد الدكتور البوطي خمسة أدلة على حرمان الزانية من حق الإجهاض فلخصها فيما يلي:
1/ قوله تعالى: “ولا تزر وازرة وزر أخرى” -الإسراء 16- ولا مسوغ في الشرع للتضحية ببريء من أجل ذنب اقترفته أمه.
2/ حديث المرأة الغامدية الذي رواه ملم وقد كانت حاملا “فأمرها الرسول أن يدرأ عنها الحد حتى تلد، فلما ولدت أمرها بإرضاعه حتى نفطمه فلما فطمته جاءت به وبيده كسرة خبز للتدليل على أنه فطم فأمر برجمها عندئذ”. وقد قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث “لا ترجم الحبلى حتى تضع سواء كان حملها من زنى أو غيره. وهذا مجمه عليه لئلا يقتل حينها. وكذا لو كان حدها الجلد وهي حامل لا تجلد بالإجماع حتى تضع”.
3/ إن الحكم بجواز الإسقاط خلال أربعين يوما من بدء الحمل المتكون بنكاح صحيح إنما هو رخصة وتقضي القاعدة الفقهية المتفق عليها عند جماهير الفقهاء (ما عدا الأحناف بأن لا قناط الرخص بالمعاصي.
4- بما أن الإجهاض لا يمكن أن يسمح به إلا بموافقة الأب مع موافقة الأم فإن الأب هاهنا (أي في الزنا) مفقود. لأن الأب في الشرع لا يطلق إلأ على من استولد امرأة بنكاح صحيح فإن كل من زنا فلا يدعى أبا. وهاهنا يقوم الحاكم مقام الأب، وليس للحاكم أن يعفو على القصاص لأن ذلك خلاف المصلحة بينما من حق ولي المقتول أن يعفو إذا شاء. وكذلك فليس من حق الحاكم أن يأذن بالإجهاض في حالة الحمل من زنى إلا للضرورة التي سيأتي ذكرها.
5/- أن السماح للزانية بإسقاط حملها تشجيع للزنا ومناقضة صريحة لما تقتضيه قاعدة سر الذرائع.
وأما الحالات الضرورية التي تبيح الإجهاض رغم كونه نتج عن حمل من سفاح فهي: كما يذكرها الدكتور البوطي:
1- إمرأة لم يثبت أمام القضاء زناها ولم تستوجب بالتالي حدا وإن كانت هي عالمة بحقيقة ما صدر منها وهي مطالبة بأن تستر نفسها بالتوبة الصادقة تعقدها مع الله عز وجل. فإذا الجأتها الضرورة والحالة هذه إلى الإجهاض كان لها ذلك ضمن القيود والشروط التي مر ذكرها (أي قبل نفخ الروح في الجنين).
2- إمرأة ثبت أنها أكرهت على الفاحشة (وهو ما يسمى حاليا بالاغتصاب) فيعتبر ذلك ضرورة ولها حق الإجهاض متى كان ذلك قبل نفخ الروح.
3- إمرأة ثبت زناها ولم تكن محصنة أي متزوجة فهي تتمتع عندئذ بسائر الأحكام التي تتعلق بالحامل من نكاح صحيح عندما تحيق بها الضرورة الملجئة إلى الإجهاض كأن تتعرض حياته للخطر أو هناك أسباب طبية تدعو إلى الإجهاض.
وهذا الكلام الذي أورده الدكتور البوطي منطقي ودليله قوي.
– إن الجزائريين لا يملكون ثقافة الإبلاغ وهو ما يجعل الوصول إلى المجرمين أمرا صعبا فالكل يتستر وراء قناع الأخلاق والخوف من الفضيحة (وعن رأيه عن تفشي هذه الظاهرة يقول) لذا فإن الأسر الجزائرية مهددة بالتفكك والانحلال الخلقي إن واصلت التكتم حيث نرى فتيات يحملن بطريقة غير شرعية ويلجأن إلى الإجهاض متى أردن ذلك والواقع الحالي خير شاهد على ذلك، حيث نرى فتيات يحملن ويجهضن عدة مرات والنتيجة هي إقبال الفتيات على العلاقات الغير شرعية وعدم الخوف من الحمل مادام هناك من يجري عملية الإجهاض. ضف إلى ذلك
– يجب الإبلاغ عن العجائز والمواطنين العاديين الذين وجدوا في الإجهاض مهنة يسترزقون منها داخل منازلهم معتمدين على بعض العقاقير والأعشاب التي أثبتت فعاليتها مؤكدا الخطر المحدق بالنساء والذي لا يصل إلى حد الوفاة أو الإصابة بأمراض خطيرة مستقبلا، دون
نسيان الجانب الأخلاقي طبعا حيث ستقبل الفتيات على العلاقات الغير شرعية ولن يصيبهن أدنى حرج أو خوف من وقوع حمل لأنه يوجد من يتولى القيام بعملية الإجهاض والمهم هو توفر المال بشتى السبل، وهنا ندخل بابا آخر وهو الانحراف فيغرق المجتمع في سلسلة من الجرائم المنظمة للعصابات أو جرائم فردية كالسرقات والاعتداءات والاحتيال للحصول على المال اللازم لتأمين عملية الإجهاض
لذا لا يمكن القضاء على هذه الظاهرة إلا باتخاذ الوسائل المشروعة والمتمثلة أساسا في الوقاية أولا وذلك بمحاربة أسباب الجريمة ودوافعها بالتربية الروحية التي تبدأ من الصغر بتعهد الأولياء، وتشجيع الشباب على الزواج ومنع الاختلاط وغير ذلك، لقد وصل المجتمع إلى مرحلة أصبح الحليم فيها حيرانا، لا أحد يأمن على نفسه ولو أردنا أن نعدد الأسباب لاستطعنا حصرها، وإذا عرف السبب بطل العجب. الإعلام، التلفزيون وما بيينه من مسلسلات مدبلجة، أفسدت الأمر، أفسدت الأمر وأتت على الأخضر واليابس والأنترنيت، والفضائيات، الحركة الصهيونية، والحرب الصليبية المعلنة التي تسعى إلى تفكيك المجتمع المسلم، وضربه في القلب -الأسرة- المنتسبون إلى الدين والمتأثرون بالحضارة الغربية، وهم أمضى سلاح مستعمل، سنوات الإرهاب وما أعقبها من تنفس أتى على كل الأعراف والعدود ضعف مستوى الدعاة، إن لم نقل غيابهم، تدهور المستوى المعيشي في المجتمع، وصب الاهتمام الأكبر على لقمة العيش. سيطرة المرأة على مناصب العمل وما نتج عنه من بطالة وبالتالي العزوف عن الزواج ثم العنوسة ثم اللجوء إلى حلول أخرى معروفة.
دراسة حالة:
وزارة الداخلية الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
ـــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
المديرية العامة للأمن الوطني
ـــــــــــــــ
رقم : /أح / 01/ش ق /أمانة عين البيضاء فــــــــي : 21ـ 03ـ2007
أد / ع ب / أمانــــــــة
ضابط الشرطة ، رئيس الأمن الحضري
الأول بعـــــيــــــــن البيــــــــــــــضــــاء
إلـــــــــى/
السيد: وكيل الجمهورية لدى محكمة عين
البيضاء
الموضوع : هتك عرض قاصرة لا تتعدى سن السادس عشر نتج عنه حمل ومــولـود غير
شرعي متبوع بالتستر والمساس بأخلاقيات مهنة (الطب) واستغــلال وسائـل
المستشفى لأغراض شخصية والمشاركة .
الضحيــة :ـ(ب أ)، 17سنـــــــة ، عزبـــــاء ، بــــدون مهــنة ، مقيمة بعيــن البيضــــــاء .
ـ إدارة المستشفى ممثلة في شخـــص ممثل المنازعات المدعو/(ت .ع).49سنة ،
متزوج مقيم بعين البيضاء.
القضية ضد :ـ (ف ش) 25سنــــــــــة ، أعـــــزب، بدون مهنة، مقـــيم بعيــن البيضـــــاء.
ـ (ب ح) 50سنة ، متزوجة ، منظفة ، مقيمة بعين البيضاء.
ـ ( ف ب) 58سنة ، متزوج ، طبيب أخصائي في أمراض النساء ، مقيم بعين
البيضاء .
الشهود:ـ ( ب ل) 36سنة ، متزوجة ، طبيبة أخصائية في أمراض النساء ، مقيــــمة ع/ب.
الطرف المدني :ـ(ب م) 48سنة ، متــــزوج ، عامـــل يومي ، مقيـــم بعيـــــــــن البيضاء .
أطراف مسموعة :ـ (ف م)، 54سنة ، بدون مهنة، مقيم بعين البيضاء .
ـ(ف ل) ، 46سنة ، متزوجة ، مساعدة اجتماعية ، مقيمة بعين البيضاء .
المرجع :إرسالية رقم :1111بتاريخ 19-03-2007.
المرفقات :ـ محضر سماع أقوال: ………………………………………….. ….(09).
ـ إستمارة معلومات :…………………………………………. ……(03).
ـ نسخة من التقرير الإخباري الأولي :……………………………..(01).
ـ تكليف شخصـــــي : ………………………………………….. ….(01).
ـ تقرير طبي مسلم من الطبيب (ف ب) :…………………………..(01).
ـ شهادة طبية وصفية :…………………………………………. …..(04).
ـ نسخة من الإتفاقيــة :…………………………………………. …. (01).
ـ شهادة ميــــــــــــلاد:………………………….. ………………… (01).
ـ تقرير موجه إلى الشرطة: ………………………………………. (01).
ـ صور الأشعة للجنين :…………………………………………. …(01).
لي الشرف أن أمثل إليكم أطراف القضية المشار إليها أعلاه بالموضوع والمتعلق بهتك عرض قاصرة لا تتعدى سن السادسة عشرة نتج عنه حمل ومولود غير شرعي متبوع بالتستر والمساس بأخلاقيات المهنة(الطب) واستغلال وسائل المستشفى لأغراض شخصية والمشاركة التي ذهبت ضحيتها المدعوة(ب أ) وإدارة المستشفى والتهم فيها كل من المدعو/(ف ش) والمدعوة( ب ح) وكذا المدعو(ف ب) ، طبيب أخصائي في أماض النساء والولادة وعن حيثيات القضية ونتائج التحقيق المتوصل إليها إليكم مايلي
بتاريخ 19-03-2007على الساعة الحادية عشرة صباحا تقدم إلى مصالحنا المدعو/(ب م) محركا شكوى رسمية ضد الطبيب (ف ب) وكل من له علاقة في حمل ابنته وإجراء لها عملية قيصرية حيث صرح أن أحداث القضية تعود إلى حوالي 3ثلاثة أشهر أين سمع من الجيران أن ابنته القاصرة حامل في ذلك الوقت أخذها إلى الطبيب (ب ) برفقة والدتها وبعد أن تم فحصها أخبرت والدتها بأنها عذراء لكن ما قالته الطبيبة لم يقنعه فأخذها إلى طبيبة أخرى وهي (ب ل ) التي هي الأخرى فحصت الفتاة وسلمت لها شهادة وصفية تثبت بأنها فعلا عذراء وفي يوم السبت الموافق ل: 17-03-2007طلبت منه زوجته أن تذهب إلى أهلها وتأخذ معها ابنتها لكي تقضي الليلة عندهم وفعلا سمح لهما بذلك وفي اليوم الموالي أي بتاريخ : 18-03-2007عندما كان بوسط المدينة التقى بإحدى أقارب زوجته فسألها عن ابنته فأخبرته بأنها تركتها في المنزل وقد أغلقت عليها الباب وعند سماعه لهذا توجه مباشرة إلى منزل هذه الأخيرة أين وجد زوجها فأخبره بأن ابنته لم تقضي الليلة عندهم ولم تأتي إطلاقا إلى مسكنهم وفي المساء أخبرته زوجته (ح ب) أن الفتاة مريضة وأنها توجد بالمستشفى وقد أجريت لها عملية جراحية ونزع لها الكيست ، لحضتها توجه إلى المستشفى أين وجد ابنته هناك بقسم أمراض النساء وعند رجوعه إلى البيت طلب من زوجته أن تقول له من هو الطبيب الذي قام بهذه العملية وعندما علم منها توجه إليه بتاريخ : 19-03-2007، وستفسره عن سبب العملية كون ابنته في صحة جيدة ولم تعاني من أي مرض لكن الطبيب أخفى عليه الحقيقة وقال له بأنه نزع لها الكيست لكن والد الضحية أصر على أن ابنته في صحة جيدة في تلك الأثناء أخبره الطبيب (ف ب) بحقيقة الأمر وطلب منه أن لايفضحه أخيرا أصر والد الضحية على المتابعة القضائية لكل شخص تورط في هذه العملية
بعد سماعنا لتصريحات والد القاصرة تم إشعار السيد وكيل الجمهورية بواسطة تقرير إخباري أولي الذي وبدوره سلمنا تعليمة بفتح تحقيق في القضية وعليه تم تحرير تكليف شخصي للطبيب ( ف ب) لكي يحرر لنا تقرير طبي يبين فيه السبب الحقيقي لإجراءه هذه العملية وفتح تحقيق في الموضوع بسماع أقوال والدة الضحية المدعوة / (ب ح) ،التي صرحت لنا أنها وبعد أن علم زوجها بأن ابنته القاصر حامل أ خذها إلى الطبيبة (ب) وكذلك (ب ل) وإنها لم تصارح زوجها بما علمته من الطبيبتين بأن ابنتها حامل، واكتفت بإخباره بأنها عذراء وخوفا منه تركت كل الوثائق وصور الأشعة والتقرير الموجه إلى الشرطة عند الممرضة العاملة مع الطبيبة (ب ل) وخرجت وهذا خوفا من زوجها وعندما اترب موعد الولادة توجهت إلى الطبيب (ف ب) وطلبت منه أن يجري عملية قيصرية لإبنتها كي لا تفقد عذريتها وليس لكون صحتها أو حالة الوضع تستدعي ذلك واتفقا على مبلغ مالي قدره 15000دج (خمسة عشرة ألف)دينار جزائري وبتاريخ 17=3=2007أحست ابنتها ببعض الأوجاع فطلبت من زوجها أن يتركهما يقضيان الليلة عند الأهل أي بعض الأقارب ،فتوجها مباشرة إلى عيادة الطبيب (ف ب) ، وعندما لم تجداه طلبت منهما زوجته أن تنتظراه بالقاعة إلى غاية حضوره على الساعة الحادية عشرة صباحا وبعد حضوره قام بفحص الفتاة أخبرها بأنها ستضع مولودها هذا اليوم وفي تلك الأثناء سلمت له المبلغ المتفق عليه من فئة ألف دينار جزائري وبعد وضعه المبلغ بدرج مكتبه حرر لها تقرير طبي لكي تدخل المستشفى المحلي وفي حدود الساعة الواحدة ظهرا أجرى الطبيب العملية القيصرية كما تأكد أن الطبيب عند استلامه المبلغ طلب منهما أن لا تخبرا أي موظف بالقطاع الصحي عن السبب الحقيقي للعملية وإن سألهما أي شخص عليهما أن تخبراه أنها عملية نزع الكيست .
في نفس السياق تم سماع أقوال القاصرة( ب أ) برفقة المساعدة الاجتماعية التي صرحت لنا أنها منذ صيف سنة 2006 تعرفت على المدعو/(ف ش) وكونت معه علاقة غرامية وأصبحت تلتقيه بالعمارات التي هي طور الإنجاز والكائنة خلف المستشفى وقد مارس معها الجنس ثلاث مرات وبتوقف الدورة الشهرية علمت أنها حامل فأخفت الأمر عن أهلها إلى غاية الشهر الخامس أين أخبرت والدتها بالموضوع فتوجهت معها إلى والد(ف ش) لكن هذا الأخير قال لهم بأن ابنه ليس قاصر وعليهما برفع شكوى ضده كما أكدت لنا القاصرة أن فكرة إجراء العملية القيصرية كانت فكرة والدتها وهذا عندما كانت في الشهر السادس أين توجهت إلى عيادة الطبيب (ف ب) وأخبرته بأنها عذراء ولكنها حامل واتفقا على إجراء العملية القيصرية مقابل خمسة عشرة ألف دينار جزائري وبتاريخ 17=03=2007بعد أن أحست ببعض الأوجاع أخذتها والدتها إلى الطبيب (ف ب) الذي وبعد الفحص أخبرها بأنها سوف تلد هذا اليوم وهناك سلمت له والدتها المبلغ المتفق عليه من فئة ألف دينار جزائري ، حينها حرر لها تقرير طبي لكي تدخل به إلى المستشفى وهذا بحضور زوجته وطلب منها أن لا تخبر أحد بحقيقة الموضوع كما تضيف أن والدها عندما سمع بالموضوع أخذها إلى الطبيب (ب ) والطبيب (ب ل) لكن والدتها لم تخبره خوفا منه ، وفي الأخير أكدت لنا بأن سبب العملية القيصرية التي أجريت لها ليس لكون صحتها أو وضعية الجنين تستدعي ذلك لكن لكي لاتفقد عذريتها والمبلغ المقدم إلى الطبيب ( ف ب) كان ثمن هذا الاتفاق .
في نفس المنوال تم سماع أقوال المساعدة الاجتماعية المدعوة/(ل ف) التي صرحت لنا أنها في يوم 17=03=2007في حدود الساعة الثانية عشرة والنصف قبل الزوال حضرت إليها أحد القابلات بالمستشفى وأحضرت لها تقرير الطبيب (ف ب) بدون اسم حيث تم تحويل الفتاة مباشرة إلى القابلات بقسم الولادة حيث أبقيت هناك إلى غاية حضور الطبيب الذي أجرى لها العملية القيصرية ووضع المولود من جنس أنثى بقسم الرضع والفتاة بقسم الإنعاش لتحول في>اليوم الموالي إلى قسم أمراض النساء كما تأكد أنها طلبت من والدة الضحية أن تحرك شكوى لدى مصالح الأمن لكنها رفضت ذلك فتوجهت مباشرة الى السيد وكيل الجمهورية و أخبرته بالموضوع .
– إتماما للتحقيق تم سماع أقوال المدعو ( ت ع ) ممثل المنازعات بالقطاع الصحي بعين البيضاء الذي صرح لنا أن كل مواطن تجرى له عملية جراحية أو قيصرية لا يدفع أي مبلغ ثمن ذلك ماعدا مبلغ رمزي مقدر ب 100 دح خاص بالاستغلال السرير لليلة فقط و مبلغ آخر يقدر ب 100دج ثمن الفحص و هناك اتفاقية خاصة بعمل الأطباء و في حالة ثبوت أن الطبيب تلقى ثمن آخر على الضحية مقابل إجرائه للعملية فان الإدارة مصرة على متابعته قضائيا .
كذلك تم سماع أقوال الطبيب ( ف ب ) الذي صرح لنا أنه فعلا قام بعملية قيصرية يوم 17.03.2007 إلى المدعوة ( ب أ ) كون حالة المريضة تستدعي ذلك كما يؤكد أن هناك اتفاقية بينه و بين إدارة المستشفى على أن يعالج المرضى الذين تتم معاينتهم بعيادته الخاصة لكن من دون مقابل كونه يتقاضى كل أتعابه من المستشفى و ينفي أنه استلم من الضحية ووالدتها أي مبلغ و أنها تهمة باطلة و أنه لا يتذكر أن حضرت اليه والدة الضحية من قبل و أن سبب إخبار والد الضحية بأنه أجرى العملية لنزع الكيست لابنته خوفا من أن يتصرف تصرفا طائشا يلحق بالفتاة إضرار كما أكد أنه فعلا طلب من الفتاة ووالدتها أن تخبر كل من يسأل عن العملية أنها عملية نزع الكيست .
كذلك قمنا بسماع أقوال الطبيبة ( ب ل ) التي صرحت لنا بأن وقائع القضية تعود إلى تاريخ 28-11-2006 أين أحضرت لها القاصرة مع والدتها عندما قامت بفحصها أخبرتها بأنها حامل و لكنها عذراء و حررت لها شهادة وصفية تبين ذلك كما حررت لها تقرير مفصل لكي تسلمه للشرطة لكن والدة الضحية أخذت الشهادة الوصفية و تركت كل الوثائق عند الممرضة و خرجت دون أن تدفع ثمن افحص , كما تضيف أن والدة القاصرة رجعت مرة ثانية بتاريخ 03-02-2007 و طلبت من الطبيب أن تحرر لها شهادة وصفية أخرى بتاريخ آخر لكنها رفضت و طلبت معاينة الفتاة و كان لها ذلك و سلمت لها شهادة وصفية ثانية تبين أن غشاء البكارة سليم , أما بخصوص عدم التبليغ عن الموضوع صرحت لنا بأنها معتادة على التعامل بواسطة تكليف شخصي و لكن هذه المرة أكتفت بتحرير تقرير و سلمته لوالدة الضحية
– في نفس السياق تم سماع أقوال المدعو (ف ش ) الذي صرح لنا أنه تعرف على الفتاة في جوان 2006 و كون علاقة غرامية معها وقد مارس معها العلاقة الجنسية حيث كان يدلك قضيبه في فرجها حتى أنه قذف المني عليه و أنه يقر بأن المولود ابنه و أنه مستعد للزواج بها .
– أخيرا تم سماع أقوال المدعو (ف م ص ) والد (ش ف) الذي صرح لنا بأن والدة الفتاة تقدمت منه و أخبرته بالقضية لكنه قال لها بأن ابنه ليس قاصر في السن و عليها أن تتوجه إلى الشرطة .
خلاصة التحقيق : بعد سماعنا لتصريحات كل الأطـــراف نستخلص تــــــــــورط كل من المدعو/(ف ش)،والمدعوة(ب ح) وكذا المدعو(ف ب) طبيب أخصائي في أمراض النـــساء والولادة في قضية هتك عرض قاصرة لا تتعدى سن نتج عنه حمل ومولود غـــــير شرعي ، متبوع بالتستر والمساس بأخلاقيات مهنة الطب واستغلال وسائل المستشفى لأغـــــراض
شخصيــة والمشاركة التي ذهبـــت ضحيتها القاصرة( ب أ ) وإدارة المستشفى وهذا بدليــــل اعتراف المتهم (ش ف) بما نسب إليه وأنه مارس فعلا الجنس مع الفتاة وأن المــــــولود ابنه كذلك الأمر بالنســـبة لوالدة الضحية التي هي الأخرى اعترفـــت بأنــــــها من دبر فكــــــرة إجراءالعملية القيصرية لابنتها لكي لاتفقد عذريتها وليس لكون حالة ابنتها تتطلب ذلك ولقد أشاعت أنها عملية نزع الكيست لكي لا يتفطن والد الفتاة وهذا بإيعاز من الطبيب (ف ب)وقد تقاضى مبلغ 15000دج يبقى أن الطبيب (ف ب) ينفي كل ما نسب إليه وأنه أجرى العمليــة لكون حالة الوضع كانت تتطلب هذه العملية ، وهذا ماهو إلا لكونه يتهرب من المسؤوليـــــة الجنائية ، كونه يعلم عقوبة هذا الإجراء هذا من جهة ومن جهة أخرى إن مايقوله حقــيقة مـا السبب الذي جعله يطلب من الضحية وأمه بأن يخبر كل من يسأل عن العملية تقول لـــه أنها عملية نزع كيست خاصة العاملين بالمستشفى ، كذلك إن لم يكن فعلا قد اتفق مـــــــــع والدة الضحية لماذا تكبدت عناء جمع المبلغ وهي تعمل كمنظفة من أجل تسديد مستحقات العمليــة
وما كان عليها سوى أخذ ابنتها إلى المستشفى وإجراء العملية بالمجان كذلك الطبيــــــب عند سماع أقواله ، بمصالحنا ومواجهته بأنه تقاضى مبلغ مالي قدره 15000دج ولـــــــم يكترث للأمر وبكل برودة دم قال عليها أن تثبت ذلك ولم يحاول حتى الدفاع عن نفسه ،كذلك أنـه لم يجري لها الأشعة ، حتى يعرف أن حالة الوضع ووضعية الجنين تتطلـــــب عملية قيصرية .
وأمام هذا ولما سبق ذكره أمثل أمامكم أطراف القضية ولكم واسع النظر فيما ترونه مناسبا .
شوهد ووقع من طرف رئيس أمن الدائرة رئيسة الأمن الحضري الاول
باقي أوراق القضية :
محضر شكوى : ب م أب الضحية القاصرة
تقرير إخباري أولي إلى السيد وكيل الجمهورية لدى محكمة عين البيضاء
محضر سماع أقوال المسماة : ب ح أم الضحية
استمارة معلومات : ب ح
محضر سماع أقوال ف ل
محضر سماع أقوال القاصرة ب أ
شهادة طبية وصفية
تكليف شخصي :إلى الطبيب( ف ب) موافاة المصلحة بتقرير مفصل حول العملية القيصرية التي أجرتها القاصرة .
شهادة حضور أو مكوث بالمستشفى المدني بعين البيضاء ممضاة من طرف مدير القطاع الصحي
محضر سماع أقوال( ت ع) ممثل المنازعات ورئيس الموارد البشرية بالقطاع الصحي بعين البيضاء
نسخةعقد اتفاقية بين الطبيب والمستشفى
محضر سماع أقوال الطبيب( ف ب)
استمارة معلومات للطبيب (ف ب )
محضر سماع أقوال المدعوة : ( ب ل )أخصائية في أمراض النساء مقيمة بعين البيضاء كشاهدة
محضر سماع أقوال (ف ش) القضية ضده مع استمارة معلومات ضده لأنه هاتك عرض الفتاة
محضر سماع أقوال (ف م )أب( ف ش )كشاهد