دراسات قانونيةسلايد 1

بحث في شرح القانون الدولي الخاص طبقاً للقانون العراقي

تعريف الجنسية : ان الجنسية تعني تلك الرابطة القانونية والسياسية والمعنوية القائمة بين الفرد والدولة بحيث يصبح بموجبها احد سكانها.

يعني أن ميزاتها :
1- رابطة قانونية لأنها تمثل ارتباطات متقابلة .
2- رابطة سياسية معنوية .
هناك مباديْ يجب على جميع الدول مراعاتها ، وهي تعد مبدأ دولي عام نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :
1- أن يكون لكل شخص جنسية
2- حق الإنسان في جنسية واحدة وفق المبدأ القديم ، أما المبدأ الجديد فهو حق الإنسان بأكثر من جنسية .
3- حق الإنسان في التخلي عن جنسيته .
4- عدم نزع الجنسية عن المواطن تعسفا لأن نزعها يعني حرمانه من حق الجنسية .

النظام القانوني للجنسية:
جنسية الدولة يجب أن تكون بوجود الدولة التي تستطيع منحها لمواطنيها ، وقد صدر قانون الجنسية ذا الرقم 42 لسنة 1924 والذي ( أعتبر كل شخص موجود على أرض العراق عراقيا ) وسميت جنسيته ( بالجنسية التأسيسية ) وبقي هذا القانون نافذا لغاية 1963 وكان موجزا ، صدر بعدها القانون ذا الرقم 43 لسنة 1963 وبقي هذا القانون نافذا لعهد قريب وهو لا يتفق مع المبدأ الدولي وبعده صدر قانون 46 لسنة 1990 الذي لم يتم تنفيذه لأنهُ أعتبر نفاذه حال صدور تعليمات من وزير الداخلية ولم تصدر تلك التعليمات الأمر الذي أدى إلى عدم العمل به .وبعد التغيير ، صدر قانون ذا الرقم 26 لسنة 2006 ، والفرق بين القانونيين ، كالآتي :

قانون 43لسنة1963 قانون 26 لسنة 2006
1-يعتبر منْ ولد لأم عراقية غير عراقي يعتبر من ولد لأم عراقية عراقيا
2- يسقط الجنسية لا يسقط الجنسية
3- يمنع ازدواج وتعدد الجنسيات يبيح تعدد الجنسيات
4- يخالف المبادئ الدولية لا يخالف المبادئ الدولية
5- يمنع قيام الدعاوى ضد القانون يبيح قيام الدعاوى ضد القانون
تنقسم الجنسية ، إلى :
الجنسية الأصلية : وهي التي يحصل عليها الشخص الطبيعي بقوة القانون دون حاجة إلى تقديم طلب أو موافقة الدولة وذلك لحظة ولادته .

وقد عالجت المادة (3) من قانون 26 لسنة 2006 حالتين لاعتبار الشخص الطبيعي عراقيا ( جنسية أصلية) ، هما :
1- حق الدم : فقد نصت القرة/آ من المادة الثالثة من القانون ، على : (من ولد لأب عراقي أو لام عراقية) بمعنى أن الفرد مولود لأبوين عراقيين أو أم عراقية وأب غير عراقي وذلك حق الدم ، ولا يتأثر ذلك بمحل الولادة مادام الأبوين يحملان الجنسية العراقية أو الأم ويكفي حملهما الوثائق الثبوتية وكذلك لا أثر سواء كان الأب حيا أم ميتا .
2- حق الإقليم : فقد نصت الفقرة / ب من المادة الثالثة من القانون ، على : (من ولد في العراق من أبوين عراقيين مجهولين و يعتبر اللقيط الذي يعثر عليه في العراق مولوداً فيه ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك)

بمعنى الولادة والوجود على الإقليم ( العراق) لمجهول الأبوين ( لقيط ) سواء كان لأبوين عراقيين أم غير عراقيين ، حيث أن وجوده على أرض الإقليم ( العراق) وبمجرد العثور عليه يعتبر عراقيا ما لم يقم دليل خلاف ذلك وهذا يمثل حق الإقليم .
وهذان الحقان كافيان لاكتساب الجنسية العراقية الأصلية للشخص الطبيعي .

أما المادة (4) من القانون فقد خولت وزير الداخلية ، فقد نصت : ( للوزير ان يعتبر من ولد خارج العراق من ام عراقية واب مجهول او لا جنسية له عراقي الجنسية اذا اختارها خلال سنة من تاريخ بلوغه سن الرشد الا اذا حالت الظروف الصعبة دون ذلك بشرط ان يكون مقيماً في العراق وقت تقديمه طلب الحصول على الجنسية العراقية.) إذ شملت منْ ولد لأم عراقية ومجهول الأب خارج العراق باعتباره عراقيا ، وحددت شرط بلوغة سن الرشد وأستثنت ما تحول دونه ذلك الظروف الصعبة ، وأشترطت أن يكون مقيما في العراق وقت تقديمه طلب الحصول على الجنسية ، وقد أعتبرت ذلك من صلاحيات الوزير .

والنقد الموجه لتك المادة هو ؛ أن ( المادة الثالثة / آ ) من القانون ، لا تشترط ، فالمولود لأم عراقية هو عراقي بحق الدم منذ ساعة ولادته وإنما كانت ولادته ما دامت الأم العراقية عراقية الجنسية من خلال وثائقها الرسمية ودون الحاجة إلى شروط ، في حين المادة الرابعة من القانون تشترط وخلال سنة من بلوغه سن الرشد ما لم يحول ظرف دون ذلك وأن يكون مقيما داخل العراق عند تقديمه طلب التجنس فضلا عن تخويل الوزير بذلك .

الجنسية المكتسبة : وهي الجنسية اللاحقة أو الطارئة وتقوم على شرطين ،هما : ارادة الشخص طالب التجنس وموافقة الدولة التي يرغب في اكتساب جنسيتها وغالباً ما يرتبط هذا الأمر بمصلحة الشخص طالب التجنس، وهي بمنزلة أدنى من الجنسية الأصلية، وتكون بالشروط التالية :
1- المولود من أم عراقية وأب مجهول ولا جنسية لهُ خارج العراق ، وحسب المادة الرابعة من القانون وشروطها .
2- التجنس على أساس الولادة المضاعفة : وتعني ولادة الأب والأبن في العراق أي ولادة جيلين في إقليم الدولة وإندماجهم مع الوطنيين وصعوبة تفريقهم عنهم ، بعد ثبوت نسب طالب التجنس من الأب الأجنبي والأم الأجنبية أو عديمة الجنسية وأن تكون إقامة الأب في العراق مشروعة ومعتادة وأن يكون بالغا لسن الرشد ، وأعطى القانون السلطة التقديرية لوزير الداخلية ولهٌ الصلاحية في قبول طلب التجنس أو رفضه .
3- التجنس العادي : وهو أن يكون الأجنبي لا يتمتع بصفة أو ميزة أو ظرف يسهل عليه أكتساب الجنسية العراقية وقد وضع المشرّع العراقي قواعد التجنس العادي ، فقد نصت المادة السادسة من القانون ، على :

أولا: للوزیر ان يقبل تجنس غير العراقي عند توفر الشروط الآتية:
‌أ. ان يكون بالغا سن الرشد.
‌ب. دخل العراق بصورة مشروعة ومقيما فيه عند تقديم طلب التجنس ويستثنى من ذلك المولودين في العراق والمقيمون فيه والحاصلون على دفتر الاحوال المدنية و لم يحصلوا على شهادة الجنسية.
‌ج. اقام في العراق بصورة مشروعة مدة لا تقل عن عشر سنوات متتالية سابقة على تقديم الطلب.
‌د. ان يكون حسن السلوك والسمعة ولم يحكم عليه بجناية او جنحة مخلة بالشرف.
‌هـ. ان يكون سالماً من الامراض الانتقالية.

ثانيا: لا يجوز منح الجنسية العراقية للفلسطينيين ضمانا لحق عودتهم الى وطنهم.
ثالثا: لا تمنح الجنسية العراقية لأغراض سياسة التوطين السكاني المخل بالتركيبة السكانية في العراق.
رابعا: يعاد النظر في جميع قرارات منح الجنسية العراقية التي اصدرها النظام السابق لتحقيق اغراضه.

4- اكتساب الجنسية العراقية بالتبعية : تتبع الكثير من تشريعات الجنسية طريق فرض الجنسية التي يحصل عليها وسريانها على أولاده غير البالغين لسن الرشد باعتبار أن الأب ( ليس الأم) هو المسؤول عن معيشتهم وتربيتهم وأن أولاده ينتسبون إليه ، فقد نصت المادة 14 / أولا من القانون : (اذا اكتسب غير العراقي الجنسية العراقية يصبح اولاده غير البالغين سن الرشد عراقيين بشرط ان يكونوا مقيمين معه في العراق. ) حيث يشترط أن يكون حصول الأب ( دون الأم ) على الجنسية العراقية فعلا وأدى يمين الإخلاص والولاء للعراق , وأن يكون أولاده دون سن الرشد وأن يكونوا مقيمين مع والدهم ومسجلين بدائرة الإقامة بإقامة مشروعة .

5- اكتساب الجنسية بالزواج المختلط : ويقصد بالزواج المختلط هو الذي فيه لا تتحدد جنسية الزوجين سواء وقع زواج وطني من امرأة أجنبية أو العكس أو أن يحصل بعد الزواج بقيام أحد الزوجين بتغيير جنسيته ، بالنسبة للزوجة فقد الحقت تلقائيا بجنسية زوجها ( المادة 17 من قانون 42 لسنة 1924 قبل تعديلها في 5/2/1941) وعلى أساس وحدة الجنسية وتجنب المشاكل القانونية التي قد تؤثر على تربية الأولاد ، أجبار الزوجة بصورة غير مباشرة لإختيار جنسية زوجها الوطني ( القرار 180 لسنة 1980) وإلا فإن الزوجة هذهِ الزوجة الأجنبية تجبر على مغادرة العراق ، أما النظرية الحديثة تقول : بأن على الزوجة الأجنبية أن تتمتع بحرية أختيار جنسية زوجها أو أن تبقى على جنسيتها ولا تعامل كالصغار ، ووضع المشرّع العراقي شروط في حالة رغبتها بالتجنس بالجنسية العراقية وكما نصت المادة 11 من القانون ، على :

للمرأة غير العراقية المتزوجة من عراقي ان تكتسب الجنسية العراقية بالشروط الآتية:
‌أ.تقديم طلب الى الوزير.
‌ب.مضي مدة خمس سنوات على زواجها واقامتها في العراق.
‌ج.استمرار قيام الرابطة الزوجية حتى تاريخ تقديم الطلب ويستثنى من ذلك من كانت مطلقة او توفي عنها زوجها وكان لها من طلقها او زوجها المتوفي ولد.
6- تجنس الأجنبي زوج العراقية بالجنسية العراقية ، فقد نظم المشرّع ذلك فأما بوحدة الجنسية أو احترام حرية كل زوج في الإحتفاظ بجنسيته ، نجد أن المادة السابعة من قانون الجنسية 26 لسنة 2006 نصت على : (للوزير ان يقبل تجنس غير العراقي المتزوج من امرأة عراقية الجنسية اذا توفرت فيه الشروط الواردة في المادة (6) من هذا القانون. على ان لا تقل مدة الاقامة المنصوص عليها في الفقرة (ج) من البند (اولا) من المادة (6) من هذا القانون عن خمس سنوات مع بقاء الرابطة الزوجية.) .

آثار اكتساب وفقدان الجنسية العراقية
إذا أكتسب أجنبي الجنسية العراقية ، فإن هنالك مجموعة من الاحكام تترتب على ذلك المتجنس ، كذلك الحال بالنسبة لفقدان العراقي جنسيته ، فأن القانون يرتب جملة من الآثار ، هي:
أولا : آثار اكتساب الجنسية العراقية : يرتب قانون الجنسية العراقية ذا الرقم 26 لسنة 2006 مجموعة من الآثار في حال اكتساب الأجنبي (غير العراقي) الجنسية العراقية بعضها يتعلق بالمتجنس نفسه وبعضها الآخر يتعلق الغير .
المحور الأول : أثر اكتساب الجنسية العراقية على المتجنس :إذا حاز المتجنس الجنسية العراقية ،فأنهُ يصبح في عِداد الوطنيين والأصل أن يكون لهُ ما لهم وعليه ما عليهم من حقوق و واجبات إلا أن المشرّع العراقي قررَ حرمانه من التمتع بجانب من الحقوق ذات الطبيعة السياسية (الحقوق الدستورية) وهذهِ الحقوق بعضها يحرم فيها المتجنس من التمتع بها لفترة معينة وبعدها يستطيع أن يباشرها أسوة بالوطني الذي يحمل الجنسية الأصلية ، وبعضها الآخر ، وضع المشرّع فيها حظراً مباشرة أي من تلك الحقوق فهو ممنوع علية مباشرتها مهما مضى على اكتسابه الجنسية العراقية من زمن ، وفي ذلك نجد المشرّع في المادة ( 9/ ثانيا) من القانون ، نص على أنهُ لا يجوز لغير العراقي الذي يحصل على الجنسية العراقية بطريق التجنس وفقاً لإحكام المواد ( 4، 6 ، 7، 11) من إحكام القانون أن يكون وزيراً أو عضوا في هيئة برلمانية قبل مضي عشرة سنوات على تاريخ اكتسابه الجنسية العراقية ، هنا يبدو أن المشرّع العراقي وضعَ منعاً مؤقتا يزول بمضي العشر سنوات وبالتالي يستطيع من أكتسب الجنسية العراقية أن يكون عضوا في مجلس النواب أو وزيرا وهو ما يؤشر جدية الولاء والاندماج في المجتمع العراقي .

أما بالنسبة لمنصب رئيس الجمهورية أو نائب رئيس الجمهورية ، فأن القانون المشار إليه منع منعاً مطلقاً تولي المهام لمن كان يحمل جنسية مكتسبة فلا يؤثر مضي المدة الزمنية على المطالبة بهذا الحق أن صح التعبير ، ويبدو أن المشرّع في قانون الجنسية وتحديدا بنص المادة (9/ثانيا) جاء ليكرس المبدأ الدستوري الذي منع بموجبهِ أن يكون رئيس الجمهورية حاملاً لجنسية مكتسبة إذ نصت المادة (68) من الدستور العراقي لسنة 2005 أن يكون المرشح لرئيس الجمهورية عراقيا بالولادة ومن أبوين عراقيين ، كما نود الإشارة إلى أن قانون الجنسية العراقية أغفلَ الإشارة إلى المرشح لرئاسة الوزراء فلم يضع منعاً كالذي وضعه على رئيس الجمهورية ، وهنا يظهر النقص في إحكام القانون على أنهُ لا يعني أغفال ذكره في قانون الجنسية ، هو إمكانية تولي منصب رئيس الوزراء لمن اكتسب الجنسية العراقية إذ أن الدستور العراقي منع أيضاً تولي منصب رئيس الوزراء إلا لمن ولدَ لأبوين عراقيين وهذا ما نصت عليه المادة(77) من الدستور بدلالة المادة (68) منهُ .

أما فيما يتعلق بتولي المتجنس لأول مرة الوظائف الحكومية فأن القانون أشترط مضي مدة خمس سنوات كشرط أساسي للتعيين وهذا ما نصت عليه المادة (7) من قانون الخدمة المدنية ذا الرقم 24 لسنة 1960 وهو ما يُفسر أن تمضي مدة خمس سنوات من تاريخ ترديد القسم المنصوص عليه في المادة( من قانون الجنسية وهو تاريخ اعتباره عراقيا .

المحور الثاني / أثر إكتساب الجنسية لغير المتجنس : نصت المادة (14) من القانون على حالة ما يترتب على إكتساب الجنسية العراقية من أثر بالنسبة لغير المجنس فقد رتب القانون حكماً للاولاد غير البالغين سن الرشد ، متى ما أكتسب الأب الجنسية العراقية .

ثانياً : آثار فقدان الجنسية العراقية : لا يؤثر فقدان جنسية الزوج بالنسبة للزوج الآخر أو الزوجة غير العراقيين إذا اكتسبوا الجنسية العراقية إذ يبقى هؤلاء محتفظين بجنسيتهم العراقية وهذا ما نصت علية المادتان(10 ،12 ) حيث لا تفقد الجنسية ما دام لم يعلن تحريرياً التخلي عنها .

أما بالنسبة للأولاد غير البالغين سن الرشد فأن البند ثانيا من المادة (14) نص على أنهُ إذا فقد عراقي الجنسية العراقية يفقدها تبعا لذلك أولاده غير البالغين لسن الرشد ، هنا نجد أن المشرّع رتب على فقدان الأب الجنسية العراقية فقدان من إكتسبها بالتبعية وهم الأولاد الذين لم يبلغوا سن الرشد ، أما منْ أكتسبها بالتبعية ثم بلغ سن الرشد لحظة فقدان الأب أو بعدها فأنهُ يظل محتفظاً بجنسيته العراقية ما لم يعلن تحريرياً تخليه عن الجنسية العراقية .

فقد الجنسية العراقية : ويعني فقد الجنسية التي كان يتمتع بها الشخص بزوال الرابطة القانونية والسياسية بينه وبين الدولة التي كان يحمل جنسيتها مدة معينة سواء كانت قصيرة أم طويلة ، ولم يعد من شعب هذهِ الدولة بل هو أجنبي عنها .

وقد أختلف موقف المشرّع العراقي في تلك المسألة من قانون إلى قانون وكان آخر التشريعات قانون الجنسية 26 لسنة 2006 الذي حصر هذهِ الحالات بما يلي :
أولا / التخلي عن الجنسية العراقية برغبة الفرد : نصت المادة 10 /أولا منهُ (يحتفظ العراقي الذي يكتسب جنسية اجنبية بجنسيته العراقية ما لم يعلن تحريريا عن تخليه عن الجنسية العراقية.) يعني أن العراقي يكون قد أكتسب جنسية دولة أجنبية فعلا ويكون قد أدى يمين الأخلاص لتلك الدولة ، كذلك أن يكون رغبته عليه أن يقدمها بشكل تحريري وقد يكون ذلك بسبب عدم تحمله أعباء التكاليف العامة أو لعدم رغبته في حمل جنسيتين ، كذلك يجب أن يضع طلبه التحريري في أضبارة الجنسية الخاصة به مع تثبيت الإجراءات المتخذه بهذا الشأن ويمكنهُ تقديم طلب تخليه عن الجنسية داخل العراق مباشرة أو بواسطة البعثات الدبلوماسية العراقية في الخارج .
ثانيا / تخلي العراقية المتزوجة من أجنبي عن جنسيتها : نصت المادة 12 من القانون : (اذا تزوجت المرأة العراقية من غير العراقي واكتسبت جنسية زوجها فانها لا تفقد جنسيتها العراقية ما لم تعلن تحريرياً تخليها عن الجنسية العراقية) ويعني أن تكون العراقية متزوجة من أجنبي بعقد زواج صحيح ، وأن تختار جنسية زوجها الأجنبي وتحصل عليها فعلا ، و أن تعلن رغبتها بالتخلي عن جنسيتها العراقية بطلب تحريري يقدم إلى وزارة الداخلية .
ثالثا / سحب الجنسية العراقية : لقد نصت المادة 15 من القانون : (للوزير سحب الجنسية العراقية من غير العراقي التي اكتسبها اذا ثبت قيامه او حاول القيام بعمل يعد خطراً على أمن الدولة وسلامتها. او قدم معلومات خاطئة عنه او عن عائلته عند تقديم الطلب اثر صدور حكم قضائي بحقه مكتسب لدرجة البتات.) يعني أن المشرّع العراقي قد أقتصر هذا الإجراء على ممن أكتسب الجنسية العراقية بالحالات المنصوص عليها في هذا القانون ، وأشترط ؛ أن يقوم الشخص بفعل أو نشاط يعد خطرا على أمن الدولة وسلامتها أو أن يقدم الأجنبي المتجنس معلومات خاطئة عنهُ وعن عائلته لكي يحصل على الجنسية فيتم أحالته إلى القضاء بناءا على الحالتين المشار إليهما وعلى أن يصدر القضاء قراره وأن يكتسب الحكم الدرجة القطعية ( البتات) وقد خول القانون الوزير المختص بذلك ، ويتأثر من قرار سحب الجنسية للمتجنس أولاده دون سن الرشد كذلك .
رابعا / فقد الجنسية العراقية بالتبعية : لقد جاء بنص المادة 14 / ثانيا : (اذا فقد عراقي الجنسية العراقية، يفقدها تبعا لذلك أولاده غير البالغين سن الرشد……) يعني عندما يفقد الأب المتجنس جنسيته العراقية يفقد أبناءه الذين اكتسبوا الجنسية الغير بالغي سن الرشد تبعا لجنسيته الجنسية العراقية أي بصورة تلقائية ولا يحتاج المر لسلطة تقديرية لإدارة بل هو بقوة القانون ، كذلك يشمل أولاد الأم العراقية الذين حصلوا على الجنسية بسبب الولادة طبقا لنص المادة ( 3/ آ) ويستثنى من تطبيق النص الأولاد البلغي سن الرشد حتى لو كان حصولهم على الجنسية بالتبعية للأب أو الأم .

استرداد الجنسية العراقية : الاسترداد ليس تجنسا عاديا بل طريق خاص للعودة إلى الجنسية السابقة لا سيما أن هناك ظروف قد تحكمت في فقد الجنسية فهي أما أن يكون الشخص صغيرا وتبعا لأبيه أو لأمهِ فقد جنسيته أو فقد الجنسية بسبب حصوله على جنسية دولة أخرى أو نتيجة زواج مختلط ، فقد أستقر أغلب الفقهاء على أن الاسترداد ، يعد من قبيل الكسب الطارئ للجنسية لأن منْ يمارس حقه بالاسترداد لا يعتبر من الوطنيين غلا من تاريخ الاسترداد ولا ينسحب أثره إلى الماضي إلا أن يسترد جنسيته ، ومن جانب آخر ، يختلف نطاق الأخذ بمبدأ استرداد الجنسية بإختلاف التشريعات ، فمنها ما تجعل الاسترداد طريقا عاما يستفاد منه جميع منْ فقد جنسيته لاي سبب كان ومنها ما يحصرهُ بحالات محددة ، ومنها ما يجعلهُ وجوبيا بقوة القانون ومنها ما يجعلها خاضعة لرغبة السلطة التقديرية للدولة وقد أختلفت التشريعات العراقية في مسألة استرداد الجنسية ، لكن ، قانون الجنسية 26 لسنة 2006 النافذ تضمن حالات عديدة :

الحالة الأولى : استرداد من فقدَ جنسيته العراقية باختياره : نصت المادة / 10 على ثلاث فقرات حيث تضمنت الفقرة الأولى ، أن من حق العراقي الذي يتجنس بجنسية أجنبية أن يحتفظ بجنسيته العراقية لذلك يستطيع العراقي أستردادها في حالة تخليه عنها برغبته ، فقد نصت المادة /10 /ثالثا : (للعراقي الذي تخلى عن جنسيته العراقية ان يستردها اذا عاد الى العراق بطريقة مشروعة واقام فيه ما لا يقل عن سنة واحدة. وللوزير ان يعتبر بعد انقضائها مکتسبا للجنسية العراقية من تاريخ عودته. واذا قدم طلبا لاسترداد الجنسيه‌ العراقية قبل انتهاء المدة المذكورة. ولا يستفيد من هذا الحق الا مرة واحدة.)

يعني أن يفقد الشخص جنسيته بسبب تخليه عنها برغبة منهُ بعد حصوله على جنسية أجنبية لا يشمل منْ سحبت منهُ ، كذلك أن يعود الشخص إلى العراق بصورة مشروعة ويقيم إقامة مستمرة لمدة لا تقل عن سنة واحدة لضمان جدية رغبته في استرداد الجنسية ، كذلك أن يقدم طلبا تحريا مع تثبيت كافة المعلومات يعلن رغبته في إسترداد الجنسية ، على أن لا يسبق لهُ أن قدم طلبا سابقا لأن القانون سمح باستعمال الخيار لمرة واحدة فقط ، أن يوافق وزير الداخلية على طلبة على أن تسترد لهُ بأثر رجعي كونها حالة عودة لا تجنس ولا يستلزم اليمين ولهُ الحق بتبوء المناصب الحكومية السيادية .

الحالة الثانية : استرداد الجنسية لمنْ فقدها وهو صغير : أن المشرّع العراق يدرك أن فقدان الجنسية للصغير لا يقع ضمن إرادته لهذا أتاح فرصة استرداد الجنسية العراقية بمجرد اعلان رغبتهم بذلك خلال سنة من بلوغهم سن الرشد وكما نصت المادة /14 / ثانيا من القانون : (اذا فقد عراقي الجنسية العراقية، يفقدها تبعا لذلك اولاده غير البالغين سن الرشد، ويجوز لهم ان يستردوا الجنسية العراقية بناءاً على طلبهم، اذا عادوا الى العراق واقاموا فيه سنة واحدة. ويعتبرون عراقيين من تاريخ عودتهم….) يعني أنهُ يجب أن يكون قد فقد جنسيته وهو غير بالغ لسن الرشد وأن يقدم طلب الاسترداد وقد جرى العمل أن يقدمهُ إلى مديرية الجنسية حيث أن النص القانوني للمادة لم يحدد الجهة تحديدا بل تركهُ مطلقا ، وأن يعود إلى العراق بصورة مشروعة لأنهُ أجنبي ويقيم سنة واحدة فيه بعد بلوغه سن الرشد وذلك للتأكد من جديته بالطلب .

الحالة الثالثة : استرداد المرأة لجنسيتها المفقودة : في القانون السابق تعتبر المرأة العراقية المتزوجة من أجنبي فاقدة لجنسيتها العراقية ، أما قانون الجنسية النافذ لسنة 2006 فقد نصت المادة 12 منهُ على أن تمنح تلك المرأة حق الاحتفاظ بجنسيتها العراقية إذا اكتسبت جنسية زوجها باختيارها مع ضمان حقها بالتخلي عن جنسيتها العراقية ولها حق أستردادها وحسب نص المادة 13 من القانون : (اذا تخلت المرأة العراقية عن جنسيتها العراقية وفقا لأحكام البند (ثالثا) من المادة (10) من هذا القانون، حق لها ان تسترد جنسيتها العراقية بالشروط الآتية،
اولا: اذا منح زوجها غير العراقي الجنسية العراقية، او اذا تزوجت هي من شخص يتمتع بالجنسية العراقية. وترجع اليها الجنسية من تاريخ تقديمها طلبا بذلك.
ثانيا: اذا توفي عنها زوجها او طلقها او فسخ عقد الزواج، ترجع الجنسية من تاريخ تقديمها طلبا بذلك. على ان تكون موجودة في العراق عند تقديمها الطلب.) على أن تقدم الطلب إلى مديرية الجنسية شرط أن تكون موجودة في العراق وأن يكون ذلك الطلب تحريريا على أن تقدمهُ بنفسها ، وهنا يكون استرادها لجنسيتها العراقية بقوة القانون لا للسلطة التقديرية للإدارة ، ويعتبر تاريخ تقديمها للطلب هو تاريخ استرداد الجنسية ولا تطالب بإداء يمين الإخلاص للعراق لأن حالتها ليس من حالات التجنس .

تنازع الجنسيات : لقد بذلت الجهود من خلال التشريعات والقضاء والفقه على وضع الحلول لمشكلة تنازع الجنسيات والذي يقصد به ؛ تعدد الجنسيات وانعدامها ويعني أن يصبح الشخص بدون جنسية أية دولة وأشخاص يتمتعون بأكثر من جنسية ، وقد قسم هذا التنازع ، إلى :

أولا / التنازع الإيجابي للجنسيات( تعدد الجنسيات) : وهي ما تنشأ حسب قوانين الدول المختلفة تبعا لأسس منح الجنسية ، فعندما يفرض المشرّع جنسية الأب على المولود وتفرض دولة أخرى جنسيتها على نفس الشخص كونهُ مولود على إقليمها وتفرض دولة ثالثة على نفس الشخص جنسية الأم إذا كانت من رعايا الدولة الثالثة ، كما تنشأ تلك الظاهرة بعد ولادة الشخص عندما يسعى لاكتساب جنسية دولة أجنبية دون أن يفقد جنسيته الوطنية أو عندما تكسب المرأة جنسية زوجها الأجنبي دون أن تفقد جنسيتها الوطنية ، لعل من الأسباب الغير مرغوب فيها هو ؛ تعدد الولاء والأخلاص لأكثر من دولة وهو أمر لا يمكن تصوره خاصة إذا قامت حرب بين الدول التي يحمل جنسياتها بالأظافة لفرض الإلتزامات التي تفرض على كاهله أتجاه كل دولة يحمل جنسيتها ، كما يصعب حماية الشخص دبلوماسيا عند وجودهم في الخارج وهو يحتاجون إلى دولة من الدول لحمايتهم . وأغلب الجهود كانت نظرية لا عمليه ومنها تجريد الفرد الجنسية أو الجنسيات الأخرى ، إذ لا بد من تحديد مركز قانوني للشخص أما أمام أحدى الدول التي يتمتع بجنسيتها أو أمام المحاكم الدولية أو لجان التحكيم أو أمام دولة ثالثة لا يحمل جنسيتها وهذهِ الحلول تختلف من حالة لأخرى :
1- مركز متعدد الجنسيات أمام قضاء دولة يتمتع بجنسيتها : أعتبر المشرّع العراقي بالمادة 33/2 من القانون المدني : (على ان الاشخاص الذين تثبت لهم في وقت واحد بالنسبة الى العراق الجنسية العراقية وبالنسبة الى دولة اجنبية او عدة دول اجنبية جنسية تلك الدول فالقانون العراقي هو الذي يجب تطبيقه.) أي أن الشخص يعتبر من الوطنيين وعليه يخضع للقانون العراقي ولا يعتد بباقي الجنسيات التي يحملها ذلك الشخص .
2- مركز متعدد الجنسيات أمام محكمة دولة ثالثة أو القضاء الدولي : لا يكون لمتعدد الجنسيات من رعايا هذهِ الدولة أو أن النزاع يكون أمام محكمة دولية أو لجنة تحكيم دولية لا تخضع لسيادة دولة معينة وهنا لا بد من إيجاد معيار لأختيار جنسية واحدة من بين الجنسيات التي يحملها هذا الشخص بأعتبارها ( ضابط إسناد) وقد قيلت عدة آراء :
1- حل مشكلة أختيار أحد الجنسيات بالطرق الدبلوماسية وقد أثبت هذا الحل غير عملي .
2- ترجيح الجنسية السابقة على الأحدث منها احتراما للحقوق المكتسبة إلا أن هذا الرأي لا يحترم بالمقابل حق الفرد بتغير جنسيته .
3- حل النزاع بتطبيق القانون الأقرب إلى قانون القاضي ، وهذ أمر غير دقيق .
4- ترجيح جنسية الدولة التي فيها موطن الشخص إلا أن إمكانية تغيير موطن الشخص باستمرار يولد صعوبة في الأخذ بهذا الحل أيضا .
5- الحل الأقرب للواقع العملي وإمكانية تطبيقه هو البحث عن الجنسية الفعلية من بين الجنسيات ويمكن الوصول بالبحث عن عوامل وظروف التصاق الفرد بجنسيته دولة أكثر من باقي الجنسيات كأن يؤدي الخدمة العسكرية فيها بالأظافة لمركز إعماله ونشاطه ومحل أقامته وعائلته أكثر من الدول الأخرى التي يحمل جنسيتها وهذا الرأي الراجح حيث عملت به دول عدة ، ففي المادة 33/1 من القانون المدني العراقي : ( تعين المحكمة القانون الذي يجب تطبيقه في حالة الأشخاص الذين لا تعرف فهم جنسية او الذين تثبت لهم جنسيات متعددة في وقت واحد.) وعلى القاضي تحديد القانون الشخصي للشخص متعدد الجنسيات ومن ظروف ووقائع عديدة .

ثانيا/ التنازع السلبي للجنسيات ( مركز عديم الجنسية) : أن ظاهرة إنعدام الجنسية قد تكون معاصرة للميلاد أو تقع بعد ميلاد الفرد كأن بفقد الصغير جنسيته تبعا لوادة ويثير وضع الشخص عديم الجنسية مشاكل قانونية أو ما يسمى ( بالتنازع السلبي للجنسيات) لأن هذا الشخص أجنبي في كافة الدول وبما أن ضابط الإسناد هو الجنسية فقد قيلت عدة آراء لحل تلك المشكلة والرأي الراجح هو ؛ أعتماد معيار ارتباط عديم الجنسية بدولة من الدول أكثر من غيرها كأن تكون ولادته فيها أو عمله واستقراره وإقامته فيها وقد أخذت عدة تشريعات بهذا الإتجاه لأنه أقرب القوانين إلى عديم الجنسية ولمصالحة وهو قانون القاضي ، وقد نصت المادة 33/1 من القانون المدني العراقي على : (تعين المحكمة القانون الذي يجب تطبيقه في حالة الأشخاص الذين لا تعرف فهم جنسية او الذين تثبت لهم جنسيات متعددة في وقت واحد.) .

إثبات الجنسية : إذا كان ضابط الإسناد في تحديد القانون الواجب التطبيق على نزاع مشوب بعنصر أجنبي فأن موضوع إثبات الصفة الوطنية أو الأجنبية مسألة مهمة ، قد تثور مشكلة إثبات الجنسية بصورة مباشرة أمام القضاء الإداري أو العادي ( حسب النظام القضائي للدولة) فان أثبات الجنسية الوطنية يكون طبقا لتشريعات الدولة وإثبات الصفة الأجنبية يتم طبقا للقانون الذي أسس لهذهِ الجنسية وإذا أرتبطت الجنسية الأجنبية بالتخلي عن الجنسية الوطنية يتم الرجوع إلى القانون الوطني أيضا فيتم إثبات الجنسية ، لم تتضمن تشريعات الجنسية العراقية المتعاقبة قواعد إثبات هذهِ الجنسية وترك الأمر للقواعد العامة في الأثبات والمتبعة في المحاكم المدنية ومن هذهِ القواعد ( البينة على منْ أدعى) ويجب أن تكون البينة تحريرية ورسمية أو معتبرة مثل أثبات السكن في العراق للحصول على جنسية التأسيس أو إثبات الميلاد من أب عراقي أو أم عراقية أو أثبات طلب استرداد الجنسية العراقية خلال سنة من عودة الشخص وإثبات أن الشخص قد تخلى عن جنسيته ، ولا يعتد بشهادة الشهود أو اليمين أو الأقرار لإثبات الصفة الوطنية أو نفيها عن الشخص وتعتبر شهادة الجنسية العراقية هي القرينة القانونية لتمتع الشخص بهذهِ الجنسية ولكنها ليست حجية مطلقة فقد يقوم الشخص بعمل يفقدهُ الجنسية العراقية ، ومن الجدير ذكره أن قواعد أثبات الجنسية العراقية والأدلة التي يؤخذ بها تركزت في تعليمات يصدرها وزير الداخلية .

الرقابة القضائية على الجنسية : أن القضاء والفقه أستقر على عدم اعتبار قضايا الجنسية من أعمال السيادة التي يحرم على القضاء التدخل فيها إلا أن مشكلة تحديد الجهة المختصة بمنازعات الجنسية لم تحسم في جميع التشريعات فمنها ما يسمح للقضاء الإداري أو العادي بنظر منازعات الجنسية وعدم قبول فكرة منح هذا الاختصاص لجهة الإدارة أي وزارة الداخلية الذي يتمتع وزيرها بسلطة إصدار تعليمات تطبيق قانون الجنسية ، لكن ، بقيت للقضاء أختصاص النظر في قضايا الجنسية التي تثار أمامه في دعاوى تتعلق بوصية أو تركه أو الطلاق أو الزواج ، وبعد صدور قانون الجنسية العراقية ذا الرقم 26 لسنة 2006 أعاد المشرّع للقضاء الولاية العامة للقضاء حيث نصت المادة 19 منهُ على : (تختص المحاكم الادارية في الدعاوى الناشئة عن تطبيق احكام هذا القانون.) وبما أن لا توجد محاكم في العراق بل توجد محكمة واحدة هي محكمة القضاء الإداري كما أن المادة 20 من القانون حصرت حق الطعن في قرارات محكمة القضاء الإداري ب ( طالب التجنس والوزير ….) وهنا يبرز التحديد الغير مبرر حيث يجب أن يكون حق الطعن متاحا لكل ذي مصلحة في الدعوى ، أمام المحكمة الاتحادية العليا ,الجدير بالذكر أن ذلك التحديد لا يمنع القضاء العادي من تناول قضايا الجنسية باعتبارها مسألة أولية وليست دعوى أصلية .

الموطن
يعد الموطن من اهم موضوعات القانون الدولي الخاص، وهو الاداة و الوسيلة التي تعمل الى جانب الجنسية لتوزيع الافراد جغرافيا عبر دول العالم ، وهو الاسبق في هذا الدور من الجنسية ،واذا كان كل من الموطن والجنسية يودئ هذا الدور ، فلابد لنا ان نبين الإختلاف بينهما من فهو يظهر من نواح ، ففي الوقت الذي تكون فيه الجنسية الاداة التي توزع الافراد سياسيا بين الدول ،الموطن يضطلع بمهمة تركيز الافراد موقعيا مكانيا بين الدول ،كما ان الجنسية رابطة قانونية روحية وسياسية في حين الموطن رابطة قانونية واقعية ، كما انه يؤدي دورا رئيسا في تحديد القانون الواجب تطبيقه في مسائل الاحوال الشخصية في الدول الانكلو امريكية لذا نجد الدول الاخيرة نظمت احكام الموطن الدولي ، في حين يؤدي الموطن دورا ثانويا الى جانب الجنسية في اكثر دول العالم وهي التي تأخذ بالاتجاه اللاتيني ومنها العراق ،اذ انها لم تنظم احكام الموطن على المستوى الدولي واكتفت بتنظيم احكام الموطن الداخلي ولأجل الاحاطة بما ينطوي عليه الموطن من احكام وأهمية وما يكتنفه من اشكاليات كان لابد من بيان ذلك من خلال مبحثين سنعرض في الاول للتعريف بالموطن وفي الثاني التنظيم القانوني للموطن.

التعريف بالموطن
موقف الفقه:
من خلال الاطلاع على اراء الفقهاء ومنهم الفقيه دايسي و ستوري يظهر انهما اتفقا على ان الموطن هو الحيز الجغرافي او المنطقة الإقليمية التي يقصد الشخص ان يتخذها مقاما او مقرا للعمل، وهذا يعني ان معنى الموطن يظهر بمظهرين :الاول المكان الذي يقيم فيه الشخص بنية البقاء لمدة غير محدودة ،و الثاني مقر ادارة الاعمال وفيه تتركز صلاته العائلية والمهنية ، ولم تسير الدول على مسار واحد في معنى الموطن لكن يمكن ان نعرّف الموطن ؛ بانه المجال الجغرافي الذي يركز الاشخاص تركيزا مكانيا ماديا جغرافيا وبه تتحقق للشخص صلة او رابطة قانونية وواقعية بالدولة التي تحقق اسقراره فيها وهذه الصلة او الرابطة ممكن ان تكون دائمية او مؤقتة بحسب قصد الشخص ونيته منها ،وعلى وفق ما يحدده القانون الوطني لدولة الاقامة، ويعد الموطن على وفق ذلك مسالة متعلقة بسيادة الدولة ومن ثم يدخل في مسائل القانون العام

موقف التشريع :
تتوزع التشريعات في بيان معنى الموطن الى مجموعتين الاولى تحدد معنى الموطن بمقر الاعمال ومن هذه التشريعات القانون المدني الفرنسي لعام 1804 في المادة(102) التي نصت على ان(يكون موطن كل فرنسي بالنسبة لاستعمال حقوقه المدنية في المكان الذي يكون فيه مركز اعماله الرئيس) وعلى وفق القانون الفرنسي تعدد مراكز اعمال الشخص تكون العبرة بالمركز الرئيس و القانون المدني الايطالي لعام 1942 في المادة (43) التي نصت على ان (يكون موطن الشخص في المكان الذي اتخذ فيه المركز الرئيس لأشغاله ومصالحه).

كما يظهر الموطن في ظل القانون البريطاني في ثلاث صور: الاولى يكون فيها موطن اصلي يثبت للشخص فور الميلاد ،والثانية يكون فيها الموطن اختياري يكتسبه الشخص عندما يكون كامل الأهلية ،والثالثة يسكن في موطن حكمي. هو موطن التابعين ومنهم الاطفال او الصغار دون سن السادسة عشرة . وهؤلاء يتغير موطنهم تبعاً للمتبوع .

اما المجموعة الثانية من التشريعات فقد حددت معنى الموطن بمحل الاقامة ومن هذه التشريعات التشريع البرازيلي حيث نصت المادة (3) على (يكون موطن الشخص في المكان الذي يجعل فيه اقامته بنية البقاء) كما ذهب القانون المدني السويسري في المادة (32) الى المعنى نفسه، وكذلك القانون المدني التركي في المادة (19) و القانون المدني الالماني في المادة(7) كما ذهب القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 في المادة (40/1) الى ذلك اذ نصت على انه ( المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة) كما نصت المادة (42) من القانون المدني السوري لعام 1949 على ( انه مجرد المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة).

كما ذهب المشرع العراقي الى هذا المعنى في المادة (42) من القانون المدني التي نصت على ان (الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة بصفة دائمة او مؤقتة ويجوز ان يكون للشخص اكثر من موطن واحد).

عناصر الموطن
يظهر من خلال تعريف الموطن بانه يقوم على ركنين او عنصرين: الاول مادي ،و الثاني معنوي سنعرض لكل منهما في فرع.
العنصر المادي
ويتمثل هذا العنصر بالوجود المادي للشخص الذي يتخذه بوصفه حيزا جغرافيا معينا في وقت ما بحيث يكون له صلة مادية به فاذا غاب عنه كان له نية العودة اليه اي لا ينتفي هذا العنصر اذا انقطع الشخص عنه لفترة معينة طالما كانت له نية العودة اليه. ويختلف هذا العنصر عن محل وجود الشخص الذي يعني وجود الشخص في مكان ما في وقت معين بصورة طارئة او عرضية فهذا الوجود لا يصلح لتكوين العنصر المادي ،لان العنصر المادي يفترض الوجود المادي للشخص في وضعين هما اما اتخاذه مقاما او عملا وهذا ما لا يتوافر في محل وجود الشخص الذي هو مكان اضطراري طارئ عرضي ولكن ممكن ان يتحول محل وجود الشخص الى العنصر المادي اذا تغير القصد من الوجود ولا يكفي هذا العنصر لوحده لثبوت الموطن وإنما الاستقرار فيه بقصد اتخاذه محل للإقامة والذي يعد عندها قرينة على التوطين.

العنصر المعنوي
ويتمثل هذا العنصر بنية البقاء لمدة غير محدودة في المكان الذي اتخذه الشخص للإقامة. فهذا العنصر يكشف عن طبيعة العنصر المادي فيما اذا كان عبارة عن مجرد محل اقامة او موطن فإذا اقترن العنصر المعنوي بالوجود المادي للشخص ،نكون امام موطن اما اذا لم يتحقق الاقتران فنكون امام محل اقامة. ولا يؤخذ بنظر الاعتبار طول او قصر مدة الاقامة لتحقيق العنصر المعنوي فالإقامة لمدة عشر سنوات لشخص سجن في فرنسا لا تفضي الى تحقيق هذا العنصر لان السجن في هذا الوضع لا تتحقق فيه الاقامة لمدة غير محددة لان اقامته محددة ابتداءً وانتهاءً و ازاء ذلك استمرار اقامة عراقي في بريطانيا لأكثر من سنة تكفي لتحقيق هذا العنصر اذا قصد الشخص في الوضع الاخير الاقامة لمدة غير محددة ابتداء أي يقتضي ان لا تكون نية البقاء معينة ابتدأ وسلفا وإلا انعدم الركن المعنوي . اضافة الى ما تقدم لا تكفي نية البقاء لمدة غير محدودة بذاتها اذا تخللها الاكراه ويمكن الاعتداد بها اذا ارتفع الاكراه من الوقت الذي يرتفع فيه الاكراه ومثال ذلك اقامة السجناء و المرضى و الهاربين من الدائنين ومن وجه العدالة لا تفضي طول اقامتهم وان اقترنت بنية البقاء في كسب الموطن لان ارادتهم مشوبة بعيب الاكراه ويمكن ان توصف اقامتهم بأنها عرضية او طارئة تتحول الى اقامة دائمية او مؤقتة ومن ثم تكون موطن اذا ارتفع عيب الاكراه فيعتد بنية البقاء و الاقامة من هذا الوقت ويختلف الوقت بحسب طبيعة الحالة فالنسبة للسجين يكون وقت اطلاق سراحه وللمريض وقت اكتسابه درجة الشفاء التام وللهارب من وقت العفو او براءة ذمته اذا كان مدين فالشخص في الاوضاع المتقدمة لا يكون إلا امام خيار واحد قبل ارتفاع الاكراه فتوصف اقامته بأنها اضطرارية عرضية ولكنها تصبح اقامة دائمية او مؤقتة وقت ارتفاع الاكراه لأنه سيكون امام خيارين اما البقاء في دوله اقامته الاضطرارية او العودة الى دولة اقامته الأصلية وفي الحقيقة وعلى ومما يتضح ان اكتساب اقامة في دولة يتطلب اكتمال اهليه الشخص وخلو ه من أي عيب من عيوب الرضا أي ان تكون ارادته للإقامة لمدة غير محدودة صحيحة وسليمة من العيوب ومنها الاكراه حتى ينتج اختيار الشخص من الإقامة في دولة ما اثره من كسب الموطن ويسمى الموطن المتحقق بهذه الاليه بالموطن الاختياري او المكتسب.

ومن الجدير بالذكر ان اغلب التشريعات افترضت اقتران العنصر المعنوي بالعنصر المادي ومنها القانون المدني المصري و السوري و العراقي وبعض التشريعات الاجنبية ومنها السويسري و الالماني.

مركز الأجانب :
الحقوق التي يتمتع بها الأجنبي
أولاً / الحقوق السياسية : هي تلك الحقوق التي يمنح صاحبها مزايا دستورية كحق الترشيح في هيئة برلمانية أو حق الترشيح لرئاسة الحكومة وكذلك الحقوق التي يتمتع بها الناخبون كحق الإقتراع ، أي الأختيار ، أن هذهِ الحقوق في جميع دول العالم تكون حكراً على الوطنيين فلا يستفاد من تلك الحقوق إلا منْ يحمل جنسية البلد .

في القانون العراقي ؛ فأن كل من حق الترشيح وحق الإقتراع قاصراً على الوطنيين فقط ، لذا فإن الأجنبي لا يستفاد من تلك الحقوق .

س : ورد في قانون الجنسية العراقي النافذ وبالتحديد في م/9 منهُ ، أن بإمكان الأجنبي المكتسب الجنسية العراقية أن يكون عضوا في هيئة برلمانية بعد مرور عشرة سنوات من تاريخ إكتساب الجنسية العراقية ، فهل يعني ذلك أن القانون قد منع الأجنبي من التمتع بالحقوق السياسية المشار إليها ؟
ج/ أن ما ورد في المادة أعلاه لا يراد منهُ الأجنبي وحتى وإن كان القانون قد استخدم مصطلح الأجنبي ، فإن ذلك يقصد منهُ الوطني والحال أنهُ منْ يحمل الجنسية العراقية وطني حتى لو كانت الجنسية التي يحملها جنسية مكتسبة.

ثانيا/ تولي الوظيفة العامة : يثور التساؤل عن مدى إمكانية الأجنبي في تولي وظيفة في مؤسسات الدولة وتشكيلاتها وأن حق تولي الوظائف العامه يحتمل ، إفتراضين :
الإفتراض الأول : تولي الوظيفة العامة لمنْ عهد إليه وظيفة على الملاك الدائم ، هذهِ الحالة ، فإن تلك الحقوق تقتصر على الوطنيين فقط سواء كان ذلك الوطني حاملا الجنسية الأصلية أو المكتسبة .
الإفتراض الثاني : أما في حالة تولي الوظيفة العامة للموظفين المؤقتين المتعاقدين مع مؤسسات الدولة فلا ضير من مباشرة الأجنبي لتلك الوظائف ما دام مركزه مركز تعاقدي .
ثالثا/ الحقوق المهنية والأنتماء إلى المؤسسات ذات النشاط العام : بالنسبة لتلك الحقوق فأنها عولجت بقوانين خاصة ، فهناك حق الإنتماء إلى الإتحادات وحق الإنتماء إلى النقابات ، وحق الأجنبي في تأسيس منظمات المجتمع المدني ، فأن هذهِ الحقوق بعضها يمكن أن يمارسها الأجنبي وبعضها الآخر تكون محصورة عليه ، والمهم في هذا الصدد أن نبين فيما إن كان الأجنبي بأمكانه الإنتماء إلى نقابة المحامين العراقية فإن القانون قد منع الأجنبي من أن يكون عضوا في نقابة المحامين .

س/ هل بإمكان الأجنبي أن يترافع أمام المحاكم العراقية ؟
ج/ أن حق الترافع في القانون العراقي يشترط فيه أن يكون المحامي عضوا في نقابة المحامين ، وطالما أن الأجنبي لا يستطيع الإنتماء إلى النقابة فأنهُ ليس بإمكانه التقاضي ، لكن هناك إستثناء من الأصل وهو يستطيع الأجنبي التقاضي أمام المحاكم العراقية بالشروط التالية :
1- جلب كتاب من نقابة المحامين في بلده يؤيد صحة إنتسابه لمفاتحة نقابة المحامين العراقيين .
2- إستحصال موافقة رئيس مجلس القضاء الأعلى .
3- أن لا يكون الترافع بشكل منفرد بل يجب أن يكون ضمن هيئة دفاعية وتكون دفوعه من محامي عراقي.
رابعا / الحقوق المدنية : أن الحقوق المدنية متنوعة ، فقد تكون عينية أو شخصية وقد تكون معنوية ، وكل هذهِ الحقوق تنصب على منقولات أو عقارات وفيما يتعلق بالمنقول من تملك الأجنبي فلا مانع منهُ لأن المنقولات لا ترتبط بسيادة الدولة ولا تؤثر على المصلحة العامة عادة لذا أن إمتلاك الأجنبي لتلك الحقوق جائز .
أما بالنسبة للعقارات ، فالقاعدة العامة تمنع الأجنبي من تملك العقار إلا في حالات إستثنائية كما ورد في قانون ذا الرقم 82 لسنة 1964 قد منح الأجنبي من تملك العقار إلا على أساس المعاملة بالمثل وموافقة وزير الداخلية على منح هذا الحق وبشروط ، هي :
آ- سبق أقامة الأجنبي في العراق مدة لا تقل عن سبعة سنوات .
ب- أن لا يكون قريبا من الحدود العراقية بما لا يقل عن 30 كم .
ج- عدم وجود مانع إداري أو عسكري .
د- أن لا يكون العقار المطلوب تملكه أرضاً زراعية أو أميرية .
كما نص قانون الإستثمار ذا الرقم 16 لسنة 2008 المعدل على جواز تملك المستثمر الأجنبي العقار على أن يكون الأستثمار لأغراض السكن فقط.

تنازع القوانين : هو مصطلح مجازي افتراضي يعني ؛ تزاحم وإختلاف قانون دولتين او اكثر بمناسبة علاقة قانونية تنتمي بعنصر او اكثر من عناصرها بهذه الدول أي مشوبة بعنصر أجنبي وعلى نحو ينتهي التنازع الى اما ان يتوزع الاختصاص التشريعي بين القوانين المتنازعة او ينحصر باحدها بحسب طبيعة العلاقة المثار بشانها التنازع ، وقد فضل المشرع العراقي استعمال مصطلح تنازع القوانين وذلك في المادة (30) من القانون المدني رقم 40لسنة1951 والتي نصت على ( يتبع في كل ما لم يرد بشانه نص خاص من احوال تنازع القوانين السابقة مبادئ القانون الدولي الخاص الاكثر شيوعا)

وتنازع القوانين يتطلب وضع قواعد عمل المشرّع الوطني أو من خلال إتفاقيات دولية أو ثنائية وأختيار القانون الواجب التنفيذ على العلاقة القانونية المعروضة أمام القضاء سواء كان القانون أجنبيا أو وطنيا ومن خلال وضع ( قواعد الإسناد) .

وتمر العلاقة القانونية المشوبة بعنصر أجنبي بمرحلتين :
1- مرحلة تحديد القانون الواجب التطبيق على هذهِ العلاقة .
2- مرحلة تطبيق القانون المختار لحسم المنازعة أمام القضاء .
أما شروط وجود حالة التنازع بين القوانين ، فهي :
أ‌- وجود علاقة قانونية مشوبة بعنصر أجنبي وإذا كانت تلك العلاقة وطنية صرفه فلا يوجد تنازعا، وعناصر الواقعة أو العلاقة القانونية ، هي ؛ (السبب المنشيء لها، أشخاصها ، محل العلاقة)
ب‌- أن يتسامح المشرع الوطني ويأذن بإمكانية تطبيق القانوني الأجنبي الذي يشير إلى تطبيقه قواعد الإسناد إلا لا تنازع بين القوانين .
ت‌- أن هناك إختلاف بين القانون الوطني و القانون الأجنبي وإذا كانت متشابهه أو متطابقة فأن إختيار أي قانون منها لا يؤثر في حسم النزاع .

نطاق التنازع :
أن المقصود بالصفة الدولية لتنازع القوانين هو المقصود بالصفة الدولية لقواعد التنازع هو تخطي العلاقات التي تحكمها هذه القواعد للحدود الإقليمية للدولة واحتواؤها بذلك على عنصر أجنبي أو أكثر، وعلى هذا النحو تتميز العلاقات التي يحكمها القانون الدولي الخاص بكونها علاقات تتجاوز بطبيعتها الحدود الإقليمية. ونتيجة لذلك فإن التنازع لا يمكن أن يتصور إلا بين القوانين لدول اكتسبت كل منها صفة الدولية وفقا لأحكام القانون الدولي العام ، لذا خروج تنازع القوانين الداخلية من نطاق دراسة القانون الدولي الخاص، فقد تتعدد القوانين داخل الدولة تعددا شخصيا أو إقليميا.

ومثال التعدد الشخصي ما نراه في كل من الأردن ومصر ولبنان والمغرب من تطبيق شريعة خاصة بكل طائفة من الأشخاص بالنسبة للمسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية.

أما التعدد الإقليمي فمعناه أن يطبق كل من إقليم من أقاليم الدولة قانون خاص كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا، بل قد ينشأ التنازع الداخلي بين قانون الدولة والقوانين المحلية السائدة في مستعمراتها والتي قد ترى الدولة الإبقاء عليها لتسري على أهالي المستعمرات بالنسبة لبعض المسائل مثل الأحوال الشخصية. وأخيرا فإن قواعد الإسناد لا تتناول سوى التنازع الدولي للقوانين، أما دراسة التنازع الداخلي على النحو السالف فهي تخرج عن نطاق القانون الدولي الخاص

كذلك التنازع لا يقوم بين قانون دولة وقانون دولة أخرى لم تعترف بها الدولة الأولى وإن كان هذا الأمر لا يعدو كونه أمرا سياسيا ويتعين على القاضي عند تطبيق القانون الأجنبي أن يطمئن إلى أنه قانون صادر عن سلطة استقر لها الأمر في الدولة. فهو يمتنع بداهة عن تطبيق القانون الصادر عن سلطة مغتصبة لم يتوافر لها بعد السيطرة على زمام الأمور في الإقليم بصفة نهائية.

النظريات القديمة :
آ- نظرية الأحوال الإيطالية : ويطلق عليها ( نظرية أصحاب الحواشي) التي نادى بها فقهاء شمال إيطاليا منذ القرن الثاني عشر وقام هؤلاء وبمرور الزمن بشرح القانون الروماني بطريقة الحواشي ( المختصرات) وساعدهم في ذلك وحدة الديانة في المدن الإيطالية ، فوضع فقهاء تلك الفترة قواعد التعاملات بين المدن من وصية وإبرام عقود وأخضعوا ذلك إلة قانون محل كتابة الوصية ومحل إبرام العقد ولم يصل فقهاء نظرية الأحوال إلى وضع الحلول العامة لمشكلة تنازع القوانين بين المدن الإيطالية بل أتبعوا طريقة حل كل قضية لوحدها .

ب- نظرية الأحوال الفرنسية : قسم فقهاء هذهِ المدرسة القوانين إلى عينية وشخصية ( في القرن السادس عشر) ونادوا بتطبيق القانون الشخصي في علاقات العائلة والزواج والأهلية ، وهذهِ النظرية وضعت معايير عامة وليس حلولا خاصة لبعض الحالات ، حيث أن مبدأ دراجنتريه الذي أعتبر ؛ الاموال الموجودة فوق الإقليم يطبق عليها قانون هذه الدولة, اما القوانين الشخصية فإنها تطبق على الاشخاص ولو كانوا مقيمين في دولة اخرى عند ما يتعلق بحالتهم الشخصية واهليتهم وهو ما أخذت به معظم التشريعات، أما الفقيه ” ديمولان” فمن اهم ابداعاته فكرة التكييف وظهر ذلك في النظام المالي للزوجين سنة 1525 حيث اعتبره عقد ضمني وبالتالي يخضع للقانون الذي اختاره الزوجان وهو قانون موطنها وقت ابرام الزواج, وكذلك ساهم في اخضاع العقود لقانون الارادة وكان ذلك بداية لنشوء مبدأ سلطان الارادة في العقود والذي عرف ازدهارا كبيرا.

ج – النظرية الهولندية : (مبدأ المجاملة الدولية ( كان في بداية الامر في فقه المدرسة الهولندية ان مبدأ إقليمية القوانين لا يقبل الإنشاء غير أنهم أدركوا عند التطبيق بان رعاياهم في الخارج سوف تسوء معاملتهم من سلطات الدول الاخرى التي يوجد فيها رعايا الدولة الهولندية ولذلك تراجعوا وقبلوا بتطبيق القوانين الأجنبية على سبيل مبدأ المجاملة بين الدول ويطبق القانون الاجنبي في حالات معينة هي :
– بالنسبة لأهلية الشخص يطبق عليها قانون موطنه ولو كان الشخص مقيما في دولة غير دولة القاضي المرفوع امامها النزاع.
– يخضع المال المتمثل في العقارات الى قانون موقعه على اساس انه من الاموال العينية.

2- تنازع القوانين: حيث ان اول من سمي تزاحم القوانين بهذا المصطلح الذي ما يزال شائعا بين رجال القانون هو الفقه الهولندي حيث وضع مفهوم التنازع بين قوانين الدول وليس بين انظمة المدن كما عرفه الايطاليون او بين الاعراف كما فعل الفرنسيون أي ان التنازع لم يعد بين المدن ولا بين الاعراف بل بينا لقوانين.

النظريات الحديثة :
آ- النظرية الإيطالية الحديثة : قدمت هذهِ النظرية معيار شخصية القوانين ، أي تطبيق قانون الدولة التي ينتسب إليها الأشخاص أطراف العلاقة .
ب- النظرية الإلمانية ( نظرية سافيني ) : حيث اعتمد هذا الفقيه على فكرة مفادها ان كل الدول الغربية باعتبارها وارثة للقانون الروماني, تعتبر مرتبطة فيما بينها برباط يساعد في تسهيل تطبيق قوانين بعضها وقد ازداد هذا الرباط قوة ومتانة بفضل الديانة المسيحية وبفضل الاشتراك الحضاري بين الدول الغربية وبذلك توجد قواعد مشتركة تسمح بالوصول الى حلول موحّدة بغض النظر عن المكان المعروض فيها لنزاع وبذلك فقد حلل الروابط القانونية لإسناد كل منها الى قانون معين حسب طبيعتها، وذلك عليه تطبيق القانون الأجنبي احتراما لقواعد العداله وليس لقواعد المجاملة

ج – النظريات الفرنسية الحديثة : تأثر فقهاء هذهِ النظرية بإداء الفقيه سافيني وأهم فقهاء هذهِ النظريات ( بيليه و بارتان) ، وأعتمدت آراءهم على فكرة السيادة الكاملة وإمكانية السماح بتطبيق القوانين الأجنبية بإحترام وتقدير لسيادة الدولة وإختصاصها بتشريع القوانين ، لذا ينبغي السماح لهذهِ القوانين بأن تتخطى الحدود وتطبق محاكم الدول الأخرى إذا ما حدث نزاع في العلاقات الخاصة الدولية .

قواعد الإسناد : هي عبارة عن قواعد قانونية يضعها المشرع الوطني و هدفها إرشاد القاضي إلى القانون الواجب التطبيق على العلاقة القانونية المشوبة بعنصر أجنبي . وتحديد أي مجموعة تنتمي للقيام بعملية التكييف القانوني الذي قد ثتير صعوبات بسبب إختلاف قوانين الدول في وصف أية علاقة قانونية ، لهذا لا بد من تحديد القانون الذي يخضع لهُ التكييف .

التكييف : أن قواعد الإسناد في القانون المدني لا تضع حلولا للمسائل المطروحة أمام القضاء بل تشير إلى القانون الواجب التطبيق بعد أن تحدد طبيعة المسألة موضوع تنازع القوانين عن طريق التكييف بمعنى أن القاضي الوطني يقوم بعملية تكييف العلاقة القانونية ضمن مجموعة قوانين تجد لها قاعدة إسناد في القانون وبالتالي فهي عملية غير مباشرة لتعيين القانون الواجب التطبيق .

ويعرّف التكييف : ( تحديد الوضع القانوني للمسائل التي تثير تنازعا بين القوانين لإسنادها إلى قانون دولة معينة ) ، وفي تحديد القانون التي تخضع لهُ التكييف قيلت عدة آراء :
1- إخضاع التكييف إلى قانون القاضي : هذهِ النظرية السائدة التي لاقت التأييد من الفقهاء وأقرتها اتفاقيات دولية عديدة فقد نصت المادة / 17 من ق م ع على :
1– القانون العراقي هو المرجع في تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقات في قضية تتنازع فيها القوانين لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها.
2 – ومع ذلك فان القانون الذي يحدد ما اذا كان الشيء عقاراً او منقولاً هو قانون الدولة التي يوجد فيها هذا الشيء.) إذ تم أخراج بعض المسائل من الخضوع إلى تكييفها إلى قانون القاضي ، وهي :
آ- كون المال عقاراً أو منقولا لا يخضع في تكييفه إلى قانون موقعه .
ب- إخضاع تكييف الإلتزامات التعاقدية لقانون الإرادة .
وعلى القاضي أن يتوسع في مدلولات قانونه الوطني وأن يتقبل الأفكار الأخرى كي لا يقع في التفسير الضيق للعلاقة القانونية المشوبة بعنصر أجنبي .
2- إخضاع التكييف للقانون الواجب التطبيق فإذا كانت الأهلية تخضع لقانون جنسية الشخص فالتكييف يخضع لنفس القانون إلا أن المشكلة هي عدم معرفة القانون الواجب التطبيق قبل عملية التكييف ، وهذهِ النظرية لم تجد لها قبولاً لدى الفقه .
3- إخضاع التكييف للقانون المقارن يتطلب تطبيق هذهِ النظرية إجراء الدراسات المقارنة والتحليل وهذهِ صعوبة لا يمكن الوصول إلى حل لها .
وعليه فأن الرأي الأول هو الرأي السائد في التطبيق لوضوحه وانسجامه مع طبيعة العلاقة القانونية المشوبة بعنصر أجنبي وهي المطبقة في أغلب التشريعات .

قاعدة الإسناد :
وهي التي تشير إلى القانون الواجب التطبيق دون التقيد المسبق بإقليمية القوانين أو شخصية القوانين وهي قاعدة مزدوجة فهي تشير إلى تطبيق القانون الوطني أو الأجنبي ويكون ذلك بأمر من المشرّع العراقي ، إذ يرى في ذلك تحقيق للعدالة ، وتتميز قاعدة الإسناد :
1- أنها قاعدة تشير إلى تطبيق قانون معين و لا تتكفل بحل النزاع كما تشير المادة / 22 من ق م ع (قضايا الميراث يسري عليها قانون الموروث وقت موته) وهذهِ قاعدة إسناد تشير لقانون معين فقط .
2- أن قواعد الإسناد تنتمي إلى القانون الخاص ( القانون المدني والقانون الدولي الخاص) .
3- أن قواعد الإسناد قواعد مزدوجة ، فهي أما تشير إلى قانون دولة القاضي أو قانون دولة أجنبية ، فعندما تنص المادة / 21 من ق م ع على أن : ( الالتزام بالنفقة يسري عليه قانون المدين بها) فإذا كان المدّين بالنفقة عراقيا فالقاضي يطبق القانون العراقي بشأن النفقة ، أما إذا كان المدّين أجنبياً فلا بد أن يطبق القاضي العراقي قانون هذا الأجنبي بشأن النفقة .

نظرية الإحالة :
أن سبب ظهور الإحالة ، هو أن كل قانون يحتوي على قواعد إسناد وقواعد موضوعية ، وهذا لا خلاف فيه ، لكن، أن قواعد الإسناد تختلف من قانون إلى آخر ، مثال ذلك ؛ هو إهلية بريطاني متوطن في العراق ، حيث يعطي القانون العراقي الاختصاص فيها إلى قانون الجنسية البريطاني وقاعدة الإسناد في القانون البريطاني تخضعها لقانون الموطن وهو القانون العراقي .

حجج نظرية الإحالة :
أستند أنصار الأخذ بنظرية الإحالة على المبررات التالية ؛
1- ضرورات عملية : قد يؤدي الأخذ بنظرية الإحالة إلى توسيع اختصاص قانون القاضي الذي يجب أن لا يكون متمسكاً بتطبيق القانون الأجنبي أكثر من شرع القاضي الأجنبي نفسه الذي تخطى عن هذا الاختصاص وأولى الثقة إلى قانون القاضي أو أي قانون آخر ، وليس هناك ما يبرر رفض هذهِ الثقة .
2- ضرورات قانونية : أن قانون كل دولة يتكون من قواعد موضوعية وقواعد إسناد ، وتكون في مجموعها وحدة متكاملة يلزم العمل بها بصورة كاملة وبالتالي لا يمكن العمل بقواعد الإسناد دون القواعد الموضوعية والعكس صحيح .
3- ضرورات تسهيل التنفيذ : يؤدي الأخذ بنظرية الإحالة إلى تنسيق قواعد التنازع فيما بين مختلف الدول وبالتالي إلى أتفاق على القانون الواجب التطبيق .

حجج معارضي النظرية :
1- توحيد الحلول : يرد معارضو هذهِ النظرية على الحجة القائلة بأن الأخذ بنظرية الإحالة يؤدي إلى توحيد الحلول بسبب الأتفاق على القانون الواجب التطبيق على العلاقة موضوع النزاع ، أي أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى الدوران في حلقة مفرغة .
2- الحجج القانونية : وقالوا فيها : أن الأساس الذي يستند إليه مؤيد النظرية أساس خاطيء لنهُ عندما تقرر قواعد الإسناد الوطنية تطبيق قانون أجنبي فأنما تبقي بذلك القواعد الموضوعية أي المتعلقة بحكم العلاقة موضوعة البحث وهي لا تعني قواعد التنازع لذلك القانون .
3- سلطة القاضي : يستمد القاضي سلطته من قانونه الوطني لا من القانون الأجنبي الصادر من مشرّع آخر ولذلك لا يلزم بالأخذ بالإحالة التي تقررها قواعد الإسناد للقانون الأجنبي .

الإحالة في القانون العراقي :
أن القاعدة الأساسية بالنسبة للقانون العراقي هي عدم الأخذ بنظرية الإحالة ولكن ، يأخذ بها بصورة استثنائية في المسائل المتعلقة في الأحوال الشخصية والتعاملات التجارية .
لكن ، وفي حالة ما إذا كان القانون الأجنبي لدولة يتكون من عدة تشريعات فأن القانون العراقي قد نص على أن القانون الأجنبي هو الذي يحدد أي من التشريعات سوف يطبق ، أما إذا نص القانون الأجنبي على حق قانون آخر ، فينظر في موضوع النزاع على أساس عدم قبول تلك الفرضية لأنها أصبحت إحالة ، ومثال ذلك ؛ الدول التي تتكون من عدة أقاليم ، حيث أن لكل إقليم قانون خاص به يختلف عن بقية الأقاليم ، (تفويض الاختصاص) .
ونظرية الإحالة تطبق في معظم دول العالم ، لكن ، وفق شروط من أجل عدم الدوران في حلقة مفرغة لغرض عدم إعطاء أكثر من رأي في نفس الموضوع .
والإحالة تقسم إلى نوعين الأول هو ؛ الإحالة البسيطة التي تكون لقانون واحد ، الآخر ؛ فهو الإحالة لأكثر من قانون وبالتالي تكون أمام إحالة مركبة ( إحالة من قانون أجنبي واجب التطبيق إلى قانون دولة أخرى ) .
ومثال ذلك : أن ابنا طبيعيا يدعى “فورجو” ولد في بافاريا ، وبعد فترة انتقل مع امه إلى فرنسا حيث أقام بها فترة طويلة إلى أن توفي بها وترك وراءه ثروة طائلة منقولة دون أن يكون له زوجة أو أولا.
وحينئذ ثار النزاع بين أقاربه الطبيعيين من الحواشى وبين الحكومة الفرنسية حول من تؤول إليه الثروة. وكان محور الخلاف هو تعيين القانون الواجب التطبيق على الميراث: هل هو القانون البافاري بوصفه قانون الموطن الأصلي للمتوفي ، أم هو القانون الفرنسي بوصفه قانون الموطن الفعلي للمتوفي؟ فإذا أخذنا بالقانون البافاري آلت التركة إلى الحواشى لأنه يسمح لهم بالإرث. أما لو أخذنا بالقانون الفرنسي آلت التركة إلى الدولة الفرنسية بوصفها تركة شاغرة نظرا لأن القانون الفرنسي لا يورث الحواشى.
وبتاريخ 24 مايو 1876 قضت محكمة استئناف بوردو بحق أقارب المتوفي من الحواشى في الإرث بتطبيقها للقانون البافاري وذلك عملا بقاعدة الإسناد الفرنسية الخاصة بالمواريث والتى تقرر اختصاص قانون الموطن الأصلي للمتوفي في شأن الأموال المنقولة.
ولما طعن في هذا الحكم من قبل إدارة الدومين العام في فرنسا لم تؤيد محكمة النقض ما ذهبت إليه محكمة استئناف بوردو . وقضت بأنه كان تعين على هذه المحكمة أن تطبق قاعدة الإسناد التى يتضمنها القانون البافاري حيث تشير تلك القاعدة باختصاص قانون الموطن الفعلي، وهو القانون الفرنسي ولما كان القانون الفرنسي لا يورث الحواشى ، فقد اعتبرت المحكمة أن الأمر يتعلق بتركة شاغرة لا وارث لها، وقضت بأيلولة ملكية التركة إلى الدولة ، بما لها من سيادة على الأموال التي لا مالك أو وراث لها، وذلك بمقتضى حكمها الصادر في 24 يونيو 1878.

ويمكن تقسيم ذلك في خطوات أتبعت في تلك القضية :
1- شروط التنازع : موجوده بسبب إختلاف بين القانون الفرنسي والقانون الألماني .
2- الشكلية : أن موضوع العلاقة القانونية هو ( الميراث)
3- قانون القاضي : هو القانون الفرنسي لأن القاضي فرنسي .
4- قاعدة الإسناد : القانون الفرنسي ، يقتضي بأن القانون الواجب التطبيق هو قانون جنسية الشخص ، وبما أن فودجو ألماني الجنسية فأن القانون الواجب التطبيق هو القانون الألماني .
5- القانون الإلماني ينص على القانون الواجب التطبيق هو الموطن .
بالتالي القانون الواجب التطبيق هو ؛ القانون الفرنسي وبناءا على ذلك أستندت المحكمة في إصدار حكمها .
ومادام القاضي الوطني طبق القانون الأجنبي وهو القانون الواجب التطبيق الذي أحالهُ لقانون دولة أخرى في موضوع الدعوى المعروضه أمامه ، فهنا تكون الإحالة موجوده .

الأهلية :أن القانون المدني العراقي قد نص في بعض مواده على تحديد كيفية الأخذ بالإحالة وتطبيق القانون الأجنبي ، فقد جاء في المادة 18 / ف1 منهُ (الأهلية تسري عليها قانون الدولة التي ينتمي اليها الشخص بجنسيته. ) يعني ذلك إن كان أحد أطراف التنازع أردني الجنسية فأن القانون الأردني هو منْ تحدد بموجبها إهليتة من عدمها .

إذا كان أحد أطراف النزاع لديه أكثر من جنسية ومن بينها الجنسية العراقية فأن القانون الذي تحدد بموجبها أهليته هو القانون العراقي بغض النظر عن الجنسية الفعلية وكما ورد بنص المادة 33/ ف 2 : (على ان الاشخاص الذين تثبت لهم في وقت واحد بالنسبة الى العراق الجنسية العراقية وبالنسبة الى دولة اجنبية او عدة دول اجنبية جنسية تلك الدول فالقانون العراقي هو الذي يجب تطبيقه. ) .

لقد نصت المادة / 18 ف 2 على أن : (ومع ذلك ففي التصرفات المالية التي تعقد في العراق وتترتب اثارها فيه، اذا كان احد الطرفين اجنبياً ناقص الأهلية وكان سبب نقص اهليته يرجع الى سبب فيه خفاء لا يسهل على الطرف الآخر تبينه، فان الاجنبي يعتبر في هذا التصرف كامل الأهلية. ) وهو إستثناء حيث إستثنت الأجنبي من تطبيق قانونه الشخصي ويطلق على ذلك الإستثناء ( نظرية المصلحة العامة) ، لكنهُ أوجبَ توافر شروط ، هي :
1- أن يكون التصرف مالي .
2- أن يكون العقد في العراق .
3- أن يكون تنفيذ الإلتزامات في العراق أي آثاره تكون في العراق .
4- أن يكون الشخص الأجنبي ناقص الأهلية ونقص إهليته فيه خفاء لا يسهل على الطرف الآخر تبينهُ .
5- أن يكون أحد الطرفين أجنبي والآخر وطني .
ولو كان طرفا التنازع أجنبيان فهناك تنازع لا مصلحة وطنية .

جنسية الشخص المعنوي :
أن تحديد جنسية الشخص المعنوي والذي يقصد به الشركات أو الجمعيات أو المؤسسات فأنهُ يتم وفق قاعدة أساسية وهو مركز الإدارة الرئيسي الفعلي فإن كان مركز إدارته الفعلي في الخارج تكون جنسية الشخص المعنوي هي جنسية ذلك المكان .

أما إذا باشر الشخص المعنوي عمله الفعلي في العراق ، فأن القانون العراقي هو الذي يطبق حتى ولو كان مقره الرئيس خارج العراق ، لأن المشرّع العراقي أعتمد على ضابط المركز الفعلي ليستبعد المركز الصوري الذي يتخذهُ بقصد التهرب من قانون دولة معينة .
الزواج :هي رابطة بين رجل وامرأة وهدفه أنشاء حياة مشتركة والنسل ، حيث أنهُ يمر بمراحل ، هي ؛ التفاوض ،الخطوبة، ويتضمن نوعين من الشروط ؛ موضوعية وشكلية ، وأن المادة / 19 من القانون المدني العراقي التي تتعلق بكل من الشروط الموضوعية والشروط الشكلية المتعلقة بالزواج ، والتي تنص : (1– يرجع في الشروط الموضوعية لصحة الزواج الى قانون كل من الزوجين، اما من حيث الشكل فيعتبر صحيحاً الزواج ما بين اجنبيين او ما بين اجنبي وعراقي اذا عقد وفقاً للشكل المقرر في قانون البلد الذي تم فيه، او اذا روعيت فيه الاشكال التي قررها قانون كل من الزوجين.
2– ويسري قانون الدولة التي ينتمي اليها الزواج وقت انعقاد الزواج على الآثار التي يرتبها عقد الزواج بما في ذلك من اثر بالنسبة للمال.
3– ويسري في الطلاق والتفريق والانفصال قانون الزوج وقت الطلاق او وقت رفع الدعوى.
4– المسائل الخاصة بالبنوة الشرعية والولاية وسائر الواجبات ما بين الآباء والاولاد يسري عليها قانون الاب.
5– في الاحوال المنصوص عليها في هذه المادة اذا كان احد الزوجين عراقياً وقت انعقاد الزواج يسري القانون العراقي وحده.)
وهو ما يعني ، أن الشروط الموضوعية للزواج ترجع إلى قانون كل من الزوجين ، أما من حيث الشكل ، فيعتبر الزواج صحيحاً ما بين أجنبيين ، أما بين أجنبي وعراقي فأن الشكل يكون وفق للشكل المقرر في قانون البلد الذي تم فيه العقد أو إذا روعيت فيه الأشكال التي قررها قانون كل من الزوجين .
يتضح من نص القانون بأن الشروط الموضوعية للزواج هي موضوع التنازع المتعلق بالشروط الموضوعية فأنهُ يطبق قانون كل من الزوجين .
أما إذا كان موضوع التنازع يتعلق بالشروط الشكلية ، فأن الزواج يعتبر صحيح إذا تم وفق الشكل الذي يقرره قانون البلد الذي تم فيه سواء كان الزوجين أجنبيين أو أجنبي متزوج من عراقي ، وهذا هو إستثناء على نص المادة / 33 ف 2 من ق م ع والتي والتي تنص : ( على ان الاشخاص الذين تثبت لهم في وقت واحد بالنسبة الى العراق الجنسية العراقية وبالنسبة الى دولة اجنبية او عدة دول اجنبية جنسية تلك الدول فالقانون العراقي هو الذي يجب تطبيقه.) والتي تقصد الشروط الموضوعية وليس الشكلية .
أما كيفية تحديد ما إن كانت قضية التنازع تنطبق عليها الشروط الموضوعية أو الشكلية ، فأن قانون القاضي هو الذي يحدد ذلك ،
فالشروط الموضوعية هي ؛ الرضا ، المحل ، السبب ، الأهلية، وبالتاي فهي شروط أساسية من غيرها.
أما الشروط الشكلية ، فهي على الأغلب إجراءات لا تؤثر على أساس الموضوع وهي مسائل تنظيمية .
أما فيما يتعلق بالإلتزام بالنفقة فتسري عليها قانون المدّين بها . وكما جاء بالمادة / 21 من ق م ع التي تنص على : (الالتزام بالنفقة يسري عليه قانون المدين بها) .
أما في قضايا الميراث فأن المادة / 22 من ق م ع نصت على : (قضايا الميراث يسري عليها قانون الموروث وقت موته مع مراعاة ما يلي:
أ – إختلاف الجنسية غير مانع من الارث في الاموال المنقولة والعقارات، غير ان العراقي لا يرثه من الاجانب الا من كان قانون دولته يورث العراقي منه.
ب – الاجنبي الذي لا وارث له تؤول امواله التي في العراق للدولة العراقية ولو صرح قانون دولته بخلاف ذلك. ) .
وهذا يعني تطبيق قانون الموروث ، أما فمن لديه أكثر من جنسية فيطبق عليه قانون جنسيته وقت موته ، وأن إختلاف الجنسية ليس مانع من موانع الميراث لو كان قانون الأجنبي يسمح بأن يرثهُ عراقي أي على أساس المعاملة بالمثل ، ولا يسمح بأن يرث أجنبي عقاراً في العراق والسبب في ذلك يرجع إلى أن العقارات تعد ثروة وطنية لا يمكن أن تؤول ملكيتها إلى الأجانب ، أما إذا كان الأجنبي وكان لهُ املاك في العراق وليس لهُ وارث فأن أمواله تنتقل ملكيتها إلى الدولة العراقية حتى وإن نص قانون الأجنبي بخلاف ذلك .

إغلاق