دراسة حقوقية حول منظمات المجتمع المدني ودورها في تحقيق الأمن ودعم الحقوق

بسم الله الرحمن الرحـــيم

منظمات المجتمع المدني ودورها
في تحقيق الأمن العربي الشامل ودعم الحقوق

معد ومقدم الورقة :
د. مطرف صديق علي

جامعة الامير نايف للعلوم الامنية – الرياض
نوفمبر 2011م

 

المحتويات

البيان
مقدمة
المجتمع المدني المفهوم والمصطلح
تاريخ المجتمع المدني بالسودان ومراحل تطوره في السودان
المجتمع المدني العربي المنظم
واقع الأمن القومي العربي
واقع الأمن الإنساني في السودان
عمل منظمات المجتمع المدني بالسودان
نموذج تجربه السودان
الأدوار السالبة لمنظمات المجتمع المدني
الاستنتاجات والنتائج المستخلصة
التوصيات.

مقدمة :

كان الأمن القومي وما يزال المسألة التي تشغل باللأمم والحكومات مهما بلغ حجم القوّة التي تحت تصرّفها ونوعها . وتوفير الأمن على نسبيّته يشير إلى نجاح السياسة الخارجية للدولة وقدرة أجهزتها المختصّة على بلوغ الأهداف المرسومة، وذلك من منطلق أن الأهداف السياسية الخارجية تُحدّد وفقاً لاعتبارات الأمن القومي.‏

والحقيقة ما يزال الحديث عن “أمن قومي عربي” حديثاً عن أمن يفترض السعي إليه وإيجاده، ويناضل من أجله طلائعيون من أصحاب الوعي القومي، لذلك قد يكون الحديث مزيجاً من الواقع والأمل، وفيه الحقائق والأمنيات والمخاوف والطموحات.‏

كيف يمكن الانتقال من الأمن القومي كأمل منشود وجهد فكر مبذول إلى الأمن القومي كسياسات واستراتيجيات وخطط وبرامج؟ ثمّة إشكاليات وتساؤلات كثيرة وهامّة مطروحة أمام الباحثين والمفكّرين والسياسيّين والمختصّين بشؤون الأمن القومي العربي.

وإذا عدنا إلى بعض الوثائق الرسميّة مثل معاهدة “الدفاع المشترك” والتعاون الاقتصادي المبرمة في حزيران / يونيو عام 1950 في الإسكندرية، وميثاق التضامن العربي الذي تم التوصّل إليه في أيلول/ سبتمبر عام 1965 في الدار البيضاء، فإننا سنلاحظ أن مسألة الأمن القومي ليست بعيدة عن أذهان القادة العرب. بيد أن التساؤلات تنصرف إلى الممارسات العملية ومدى الجديّة في التطبيق.‏

كان السودان من أكبر أقطار القارة الأفريقية إذ تبلغ مساحته( 2.7) مليون كيلو متر مربع قبل الإنفصال ويقع ضمن منظومة دول الإيقاد ويمتد ضمن الحزام الجاف الذي تتباين فيه معدلات الأمطار من حيث الزمان والمكان تباينا كبيرا مما يجعل بعض أجزائه عرضة للجفاف أو الفيضانات ويضم سبعة أقاليم مناخية تتدرج من الإقليم الاستوائي الذي يتميز بكثرة أمطاره وكثافة الغابات في هذا الإقليم إلي الإقليم الصحراوي الجاف شديد الحرارة .

وكذلك تتباين التركيبة السكانية بحسب المناخ من مجتمعات زراعية او رعوية ومجتمعات حضرية وشبه حضرية وتتباين الأعراق في السودان بصورة كبيرة إذ يضم حوالي (34) مليون نسمة مختلفة الأعراق (أفارقة وعرب) والأديان (مسلمين ومسيحيين ووثنين ) مقسمين إلي أكثر من(370) قبيلة .

وقد نال السودان استغلاله سنه( 1956م) وبسبب الحرب الأهلية التي بدأت منذ العام( 1955م) لم يستقر النظام السياسي في السودان وتعاقبت حكومات مختلفة واختلفت الأنظمة السياسية من أنظمة ديمقراطية إلي ديكتاتورية شمولية وظل السودان إلي وقتنا الحالي يعيش حاله فريدة من الاضطراب السياسي وصل لدرجة الاقتتال في الجنوب في حرب طويلة امتدت لأكثر من أربعين عام خلفت أكثر من مليون قتيل وعطلت التنمية في الإقليم الجنوبي بصورة كبيرة وشاملة انتهت بفصل دوله الجنوب .

1- مهددات الأمن الإنساني في السودان:
1-1 المخدرات :-
يصنف السودان من دول العبور في المخدرات وينتشر فيه شجر البنقو الذي يزرع في إقليم جنوب دار فور وفي المناطق الحدودية المتاخمة لدولة أفريقيا الوسطي وبسبب النزاعات المسلحة في الإقليم تكثر زراعته وتصعب مكافحته للسلطات رغم ما تبذله من جهود مقدرة ، ولا يبقي أمام هذه السلطات سوي اللجؤ للتوعية من مخاطر المخدرات وخلق الأحزمة الأمنية لمنع انتشار المخدرات وتفعيل القوانين والتشريعات . ولكن منع الزراعة يبقي أمرا مستحيلا في ظل اضطراب امني يحيط بالإقليم كله .
1-2 الأمراض :-
ولمساحة السودان الهائلة فأن الأمراض بتعدد ظروف معايشتها المناخية تكون حاضرة في السودان وأحيانا تأتي من دول الجوار وعلي سبيل المثال فأن السودان في العام(1964 )أعلن كدولة خالية من مرض الملاريا ولكن في خلال عشرة سنوات ونسبة لتدفق اللاجئين من إثيوبيا ويوغندا عاد مرض الملاريا من جديد وبمعدلات وبائية في كافة أقاليم السودان وكذلك يتأثر السودان بدول الجوار في مرض الإيدز الذي ينتشر بمعدلات عالية في الدول المجاورة خاصة في جنوب السودان والدول المجاورة له.
1-3 الكوارث الطبيعية و التغيرات المناخية:-
يساوي إقليم دار فور في مساحته دولة فرنسا ويتكون من ثلاثة ولايات كبري يضم في سكانه عرقيات عربية وافريقية بتركيبة سكانية منسجمة منذ زمن بعيد ويعتمد أهل الإقليم علي الزراعة والرعي ، وبسبب التغيرات المناخية من جفاف وتصحر تتحرك القبائل الرعوية بحثا عن الكلأ والمرعي مما يؤدي إلي اشتباكات وصراعات بينها وبين القبائل الزراعية المستقرة وقد دلت الإحصاءات أن هذه الصراعات رغم محدوديتها السابقة إلا إنها ارتبطت مباشرة بالتغيرات المناخية وهطول الأمطار. وهذا الأمر يحدث بصورة متكررة بسبب غياب الخطط الوطنية الإستراتيجية الكفيلة بمعالجة المشكلة وكذلك لوجود صراعات في دولة تشاد المجاورة والتي أدت إلي لإنتشار السلاح في منتصف السبعينات بالإضافة للدور السالب للنظام الليبي السابق في تأجيج هذه الصراعات. إنتشر السلاح في الإقليم وكثرت أعداد الضحايا والثأرات بين القبائل مما أدي إلي انفجار امني شامل في الإقليم مما أدي بدوره إلي نزوح مئات الآلاف من السكان وفقدان الديار وتخريب للممتلكات العامة وانتشار الأمراض وتمرد علي الحكومة الاتحادية في الخرطوم.
1-4 الفقر وانخفاض معدل دخل الفرد
نجد أن مجموعات كبيرة من سكان السودان تعاني من الفقر وتدني معدل دخل الفرد إذ يبلغ معدل الدخل القومي الإجمالي للفرد 330 دولار في العام ( حسب إحصائيات الأمم المتحدة 2003م ) وذلك بسبب السياسات الاقتصادية الدولية والداخلية المتذبذبة والكوارث الطبيعية والحروب مما خلق حلقة مفرغة من الفقر وانعدام الأمن.

2- المجتمع المدنى المفهوم و المصطلح:
نشأ مفهوم المجتمع المدنى لأول مرة فى الفكر اليونانى الاغريقى حيث أشار اليه أرسطو باعتباره “مجموعة سياسية تخضع للقوانين” أى أنه لم يكن يميز بين الدولة والمجتمع المدنى، فالدولة فى التفكير السياسى الأوروبى القديم يقصد بها مجتمع مدنى يمثل تجمعا سياسيا أعضاؤه هم المواطنون الذين يعترفون بقوانين الدولة ويتصرفون وفقا لها ، تطور المفهوم بعد ذلك فى القرن الثامن عشر مع تبلور علاقات الإنتاج الراسمالية حيث بدأ التمييز بين الدولة والمجتمع المدنى.. فطرحت قضية تمركز السلطة السياسية وأن الحركة الجمعياتية هى النسق الأحق للدفاع ضد مخاطر الاستبداد السياسى.

وفى نهاية القرن الثامن عشر تأكد فى الفكر السياسى الغربى ضرورة تقليص هيمنة الدولة لصالح المجتمع المدنى الذى يجب أن يدير بنفسه أموره الذاتية وأن لا يترك للحكومة إلا القليل، وفى القرن التاسع عشر حدث التحول الثانى فى مفهوم المجتمع المدنى حيث اعتبر كارل ماركس أن المجتمع المدنى هو ساحة الصراع الطبقى، وفى القرن العشرين طرح جرامشى مسألة المجتمع المدنى فى اطار مفهوم جديد فكرته المركزية هى أن المجتمع المدنى ليس ساحة للتنافس الاقتصادى بل ساحة للتنافس الايديولوجى منطلقا من التمييز بين السيطرة السياسية والهيمنة الأيديولوجية. فمع نضج العلاقات الرأسمالية فى أوروبا فى القرنين السابع عشر والثامن عشر وانقسام المجتمع إلى طبقات ذات مصالح متفاوتة أو متعارضة واحتدام الصراع الطبقى، كان لابد للرأسمالية (أى الطبقة السائدة) من بلورة آليات فعالة لإدارة هذا الصراع واحتوائه بما يضمن تحقيق مصالحها واستقرار المجتمع. ونجحت الرأسمالية الأوروبية بالفعل فى أن تحقق هذا الهدف من خلال آليتين: آلية السيطرة المباشرة بواسطة جهاز الدولة، وآلية الهيمنة الأيديولوجية والثقافية من خلال منظمات اجتماعية غير حكومية يمارس فيها الأفراد نشاطاً تطوعياً لحل مشاكلهم الفئوية والاجتماعية وتحسين أوضاعهم الثقافية والاقتصادية والمعيشية.. الخ.

وتأتى أهمية الآلية الثانية من أنها تؤكد استجابة مختلف الفئات الاجتماعية بقيم النظام الرأسمالى وقبولها لها وممارستها نشاطها للدفاع عن مصالحها فى اطارها، وبذلك تتأكد قدرة الطبقة السائدة (الرأسمالية) على إدارة الصراع فى المجتمع بما يدعم أسس النظام الرأسمالى وأيديولوجيته. ونتيجة لهذا التطور فنحن أمام ثلاثة مفاهيم مختلفة ولكنها فى نفس الوقت متكاملة: المجتمع، المجتمع السياسى، المجتمع المدنى. أما المجتمع فهو الإطار الأشمل الذى يحتوى البشر وينظم العلاقة بينهم فى إطار اقتصادى اجتماعى محدد ويتطور من خلال علاقة فئاته ببعضها وصراعاتها. فى حين أن المجتمع السياسى هو مجتمع الدولة الذى يتكون من الدولة وأجهزتها والتنظيمات والأحزاب السياسية التى تسعى للسيطرة عليها أو الضغط عليها. والمجتمع المدنى هو الأفراد والهيئات غير الرسمية بصفتها عناصر فاعلة فى معظم المجالات التربوية والاقتصادية والعائلية والصحية والثقافية والخيرية وغيرها. ويتكون المجتمع المدنى من الهيئات التى تسمى فى علم الاجتماع بالمؤسسات الثانوية مثل الجمعيات الأهلية والنقابات العمالية والمهنية وشركات الأعمال والغرف التجارية والصناعية وما شابهها من المؤسسات التطوعية. والمقصود بالدعوة للمجتمع المدنى هو تمكين هذه المؤسسات الأهلية من تحمل مسئولية أكبر فى إدارة شئون المجتمع كى يصبح مداراً ذاتياً إلى حد بعيد. وهكذا يستبعد من المفهوم المؤسسات الاجتماعية الأولية كالأسرة والقبيلة والعشيرة والطائفة الإثنية أو المذهبية أو الدينية. كما يستبعد منه المؤسسات السياسية والحكومية، ويبقى بذلك فى نطاق المجتمع المدنى المؤسسات والمنظمات غير الحكومية التى يقوم نشاطها على العمل التطوعي.
ولكي ندرك أهمية بروز المفهوم فى بيئة النشأة وما أسهم به فى تطور الفكر السياسي الاقتصادي الاوربي من خلال المراحل التالية:
 المرحلة الأولى: فى الفترة الحديثة المرحلة التى مهدت للثورات البرجوازية، فى مقدمتها الثورات الفرنسية.
 المرحلة الثانية: نشأة المفهوم فى ظل الصراع السياسي والاجتماعي الذى عرفه المجتمع الاوربى منذ القرن التاسع عشر من الطبيعي هناك تباين أراد حول المفهوم ولكن هناك نقطة ارتكاز جوهرية تكاد تكون محل إجماع بين المفكرين وهى النظرة إليه بالمقارنة إلى دور الدولة حيث رأى البعض بأنه مقابل لمفهوم الدولة و رأى آخرون بأنه متلازم مع مفهوم الدولة.
 المرحلة الثالثة:فى النصف الثاني من القرن التاسع عشر تيار جديد يعطى للمفهوم إبعاد جديدة، وهو صراع التيار الماركسي مع التيار الليبرالي. والمفهوم الماركسي للمجتمع المدني مفهوم ثوري تحرري عليه فإن المجتمع المدني هو الفضاء الذي يتحرك فيه الفرد زائدًا عن مصالحة الشخصية.
ومهما تباينت الآراء فانه لا يمكن تجاهل دور الدولة فى تقدم المجتمع المدني او تدهوره، وعند تتبع المفهوم عبر مراحله التاريخية المختلفة وسواء تمت قراءته ضمن الفضاء الغربي او الفضاء العربي انه يقف على حقيقة جلية ضرورة تنزيل المفهوم فى ظرفيته التاريخية وضمن معطيات سياسية واقتصادية واجتماعية. كما ان قراءة المفهوم ليست محايدة، إذا لا توجد قراءة محايدة حتى لمفاهيم ذات طابع معرفي بحت فضلاً عن مفاهيم تعبر عن واقع معيشي معين وعن صراع سياسي ايدولوجى شان مفهوم المجتمع المدني.
2-1 مفهوم المجتمع المدني والأهلي من منظور إسلامي:
مفهوم دخيل على تراث الفكر السياسي العربي الإسلامي، ولم يبرز فى الخطاب السياسي العربي الا فى العقود الأخيرة واتسم عند ظهوره بسمات خاصة جعلته يختلف عن ميزان المفهوم الغربي.

ولما تأتى رواد الفكر الإصلاحي العربي الاسلامى فى القرن التاسع عشر بمفاهيم سياسية غربية جديدة مثل ( الوطن) ( الدستور) ( الانتخابات) لم يكن من ضمنها مفهوم المجتمع المدني برغم انه كان فى طليعة الموضوعات السياسية والفكرية التى شغلت النخبة الأوربية فى النصف الثاني من القرن التاسع عشر بصفة اخص وهى الفترة التى رحل فيها بعض هولاء الرواد الى أقطار أوربية وسجلوا ما شاهدوه انه من الصعب ان يهتموا به كمفهوم سياسي اجتماعي ويحاولوا نشرة فى مجتمعاتهم. الكثير من فلاسفة الحركة التنويرية في العالم الإسلامي تحدثوا عن مظاهر المجتمع المدني فى رحلاتهم الى أوربا مثل احمد فارس الشدياق، الطهطاوى، احمد بن الضياف، احمد ياى،الشيخ بيرم الخامس، ومحمد السنوسى ولكنهم لم يهتموا بفلسفة المفهوم ونشأته ومدى تلاؤمه مع أوضاع المجتمع العربي الإسلامي بل ركزوا علي مظاهر المجتمعات المدنية التى زاروها. دخلت حزمة من المفاهيم الى بلدان العالم العربى والاسلامى كلها تنمتى الى منظومة قيمة غربية المرجعية والتوجه مثل الديمقراطية، الليبرالية، المجتمع المدنى، حقوق الانسان، الحكم الجيد الراشد او الصالح، المحاسبة والمساءلة،الشفافية، العولمة، المجتمع المدنى العالمي، المواطنه العالمية، المنظمات الدولية غيرالحكومية.
2-2 تعريفات اخري للمجتمع المدني:
استقر الرأي من خلال الدراسات الأكاديمية والميدانية والمتابعة التاريخية لنشأته وتطوره أن المجتمع المدني هو “مجموعة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة، أي بين مؤسسات القرابة ومؤسسات الدولة التي لا مجال للاختيار في عضويتها”هذه التنظيمات التطوعية الحرة تنشأ لتحقيق مصالح أفرادها أو لتقديم خدمات للمواطنين أو لممارسة أنشطة إنسانية متنوعة، وتلتزم في وجودها ونشاطها بقيم ومعايير الاحترام والتراضى والتسامح والمشاركة والإدارة السلمية للتنوع والاختلاف.
وللمجتمع المدني بهذا المفهوم أربعة مقومات أساسية هي:
– الفعل الإرادي الحر أو التطوعي
– التواجد في شكل منظمات.
– قبول التنوع والاختلاف بين الذات والآخرين
– عدم السعي للوصول إلى السلطة.
3-2مكونات المجتمع المدني:
يدخل في دائرة مؤسسات المجتمع المدني طبقا لهذا التعريف أي كيان مجتمعي منظم يقوم على العضوية المنتظمة تبعا للغرض العام أو المهنة أو العمل التطوعي، ولا تستند فيه العضوية على عوامل الوراثة وروابط الدم والولاءات الأولية مثل الأسرة والعشيرة والطائفة والقبيلة، وبالتالي فإن أهم مكونات المجتمع المدني هي:
– النقابات المهنية – النقابات العمالية – الحركات الاجتماعية – الجمعيات التعاونية – الجمعيات الأهلية
– نوادي هيئات التدريس بالجامعات – النوادي الرياضية والاجتماعية – مراكز الشباب والاتحادات الطلابية – الغرف التجارية والصناعية وجماعات رجال الأعمال – المنظمات غير الحكومية الدفاعية والتنموية كمراكز حقوق الإنسان والمرأة والتنمية والبيئة – الصحافة الحرة وأجهزة الإعلام والنشر
– مراكز البحوث والدراسات والجمعيات الثقافية.
وهناك من يضيف إلى هذه المنظمات هيئات تقليدية كالطرق الصوفية والأوقاف التي كانت بمثابة أساس المجتمع المدني في المجتمعات العربية منذ مئات السنين قبل ظهور المنظمات الحديث.
– 4 أهم سمات ومميزات المجتمع المدني:
1-4 يتميز بالاستقلالية والتنظيم التلقائي وروح المبادرة الفردية والجماعية والعمل التطوعي.
2-4 يساهم في تنظيم وتفعيل مشاركة الناس في تقرير مصائرهم ومواجهة السياسات التي تؤثر في معيشتهم وتزيد من إفقارهم.
3-4 يعزز استقلالية مؤسسات المجتمع المدني ودورها في حماية الإنسان العادي من سطوة الدولة، وقدرته على ممارسة التضامن الجماعي في مواجهتها ، مما يمكنه من الضغط عليها والتأثير علي السياسيات العامة للدولة
4-4 يساهم في تعبئة الموارد بالطرق التي تعجز الدولة عن القيام بها وباعتباره “دولة الظل” التي تقوم بوظائف تقليدية للدولة مثل إنشاء وإدارة المدارس ومراكز الرعاية الصحية ومشروعات الأشغال العامة كشق الطرق والترع

– 5 متلازمه العلاقه بين المجتمع المدني والدولة:
من المهم الا نستنتج أن هنالك تعارض مطلق بين المجتمع المدنى والمجتمع الرسمى أو الدولة، فلا يمكن قيام مجتمع مدنى قوى فى ظل دولة ضعيفة بل هما مكونان متكاملاً يميز بينهما توزيع الأدوار وليس الانفصال الكامل. كذلك فإن استبعاد الأحزاب السياسية من تعريف المجتمع المدنى لا يعنى أنها خارج الموضوع تماماً فالحقيقة أن الأحزاب باعتبارها طليعة لقوى اجتماعية تعبر عن مصالحها وتسعى للوصول إلى سلطة الدولة تهتم كثيراً بمؤسسات المجتمع المدنى وتسعى للتجنيد من صفوفها، وبالتالى فإننا نلاحظ وجود مساحة مشتركة بين المجتمع المدنى والمجتمع السياسى تشغلها حركة الأحزاب السياسية. وتؤكد هذه الحقيقة أنه بالرغم من أن المجتمع المدنى هو نتاج للتطور الرأسمالى إلا أنه ليس شأناً رأسمالياً بحتا بل يمكن أن تحقق من خلاله مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية مصالحها مثل النقابات العمالية واتحادات صغار المنتجين والمستهلكين.

أخطأ البعض في الوطن العربي عندما اتخذوا موقفا سلبيا من الدعوة إلى تقوية المجتمع المدني لأنهم تصوروا أنه يقتصر فقط على تلك المنظمات غير الحكومية التي تأسست حديثا في سياق العولمة.

والمجتمع المدني هو من حيث المبدأ، نسيج متشابك من العلاقات التي تقوم بين أفراده من جهة، وبينهم وبين الدولة من جهة أخرى. وهى علاقات تقوم على تبادل المصالح والمنافع، والتعاقد والتراضى والتفاهم والاختلاف والحقوق والواجبات والمسئوليات، ومحاسبة الدولة في كافة الأوقات التي يستدعى فيها الأمر محاسبتها، ومن جهة إجرائية، فإن هذا النسيج من العلاقات يستدعي، لكي يكون ذا جدوي، أن يتجسد في مؤسسات طوعية اجتماعية واقتصادية وثقافية وحقوقية متعددة تشكل في مجموعها القاعدة الأساسية التي ترتكز عليها مشروعية الدولة من جهة، ووسيلة محاسبتها إذا استدعى الأمر ذلك.

– 6تاريخ المجتمع المدني بالسودان ومراحل تطوره :
1-6 التعليم الأهلي الديني:
ارتبط التعليم في العالم الإسلامي بالتعليم الديني الذي كان يقوم به العلماء تطوعاً لله في المساجد او الخلاوي الملحقة بهذه المساجد أحيانا في بيوت هؤلاء العلماء، كما كان الحال في السودان قبل قيام المعهد العلمي. وطوعيه هذا العمل تتضح في أنه لم تكن هناك رسوم يدفعها الطلاب للعلماء بل كان دخل هؤلاء يقوم على ما يقدمه الطلاب او آباؤهم من هدايا وهبات.

2-6 الكيانات السياسية الأولى والتعليم الأهلي الحديث:
بدخول الاستعمار في مرحلته الثانية مرحلة الحكم الثنائي اتسع اقتصاد السوق وذلك بربط السودان بالسوق العالمية. فكانت نتيجة ذلك اتساع العمل بأجر والذي تلعب فيه الدولة بأجهزتها ومؤسساتها المختلفة دور المخدوم (بكسر الدال) وتزايد عدد الكتبة والفنيين والضباط ورجال الإدارة بعد عام . وقد صار هؤلاء الموظفون والعمال في مؤسسات مثل السكة حديد هم عصب الكيانات الأولية للعمل الطوعي ومنظمات المجتمع المدني وقد تلاحمت مواقفهم السياسية من الدولة الاستعمارية مع مصالحهم الاقتصادية كأجراء لدى تلك الدولة. وقد بدأت الحركة الوطنيه المنظمة على يد هؤلاء الموظفين فى الجمعيات الادبية التى انتشرت فى المدن، فى ام درمان ومدنى وبورتسودان..
3-6 المنظمات النقابية العمالية:
لقد كان للأندية العمالية قصب السبق في الحركة العمالية إذ بدأ تكوين هذه الأندية قبل النقابات. لقد بدأت اللقاءات لتكوين أول نادي للعمال في المقاهي والتى على آثرها قدم الطلب للتصديق بقيام نادي عمال للحكومة الإنجليزية في عام 1934. وقد وردت أسماء بعض من شاركوا في ثورة 1924 في اللجنة التمهيدية لهذا النادي مما أدى لرفض الطلب الأول ولكن تكونت لجنة أخرى تم على أساسها التصديق بالنادي. ومن ذلك يتضح التلاحم بين الحركة العمالية والحركة السياسية. وهذا يوضح استمرار التلاحم بين الحركة النقابية العمالية والحركة السياسية.
4-6 المنظمات الشبابية والطلابية النسوية:
لا شك ان المنظمات النسوية والطلبيه والشبابيه من المنظمات التى لعبت دوراً هاماً فى تاريخ السودان قبل الاستقلال وبعده لوصفها اداة للمشاركة لهذه الفئات الاستراتيجيه فى العمل السياسى والتنموى، خاصة فى مجالات محو الاميه ورفع الوعى الثقافى والسياسى لهذه الفئات وللسكان فى الاقاليم المختلفة. وقد كان للطلاب والشباب قوة دفع اجتماعيه عظيمة وطاقة هائله جعلتهم يلعبون دوراً عظيماً فى تكوين منظمات لعبت ادوار خطيرة فى تاريخ السودان مثلاً فى ثورة اكتوبر 1964م وانتفاضة ابريل 1985م.وكذلك الدور الذي لعبته الحركة النسائية السودانية نتيجة لانتشار تعليم المراة منذ وقت مبكر في السودان وولوج المرآة لمجال العمل والتعليم الحديث لذلك فقد كانت الممرضات والمعلمات عصب الحركة النسوية الحقيقية وبالرغم من ان مطالب الحركة النسوية كانت مطالب ارتبطت بحقوق من حرية ومساواة.

5-6 الجمعيات الخيرية في الأحياء والجمعيات والروابط القبلية والإقليمية:
لقد احتدت مشاكل التمدن في الفترة الأخيرة خاصة منذ السبعينات وتفاقمت في الثمانينات نتيجة الكوارث الطبيعية واندلاع الحرب الأهلية. وبسبب الهجرة المكثفة الى المدن نتجت الأحياء العشوائية في المدن بسرعة عظيمة ، وتفككت الأسر الممتدة، وغابت الضوابط الاجتماعية الجماعية، وانتشر التشرد وتفشت العطالة ، ودخلت المرأة الحضرية والنازحة سوق العمل. فكان التدهور البيئي في الحضر نتيجة لسوء توزيع السكان وتكدسهم في المناطق الحضرية وزادت احتياجات المدن واستهلاكها من الوقود والطاقة فزاد قطع الأشجار وحرقها الى فحم. وكيف ذلك انتشار علاقات السوق والتبادل السلعي. وقد سبق ذلك كما ذكر سابقاً أثار السياسات الزراعية الخاطئة التى أهملت الريف، بل وضعت موارده تحت رحمة مستثمرين من خارجه ليستنزفوا موارده الطبيعية و لا يعيدون استثمار أرباحهم فيه، بل تحول الى المدن في قطاعات غير إنتاجه مثل العقارات او تحول الى الخارج مما قلل من مقدرة استيعاب القطاع الحضري للعمالة وزادت العطالة وحدة الفقر.وقد أدى كل ذلك لقيام منظمات طوعيه من نوع جديد تعمل في مواجهة هذه المشاكل.

6-6 ظهور الجمعيات التطوعية المحلية :
في إطار التوسع في مفهوم العمل التطوعي نال قطاع واسع للعمل الطوعي فى السودان الاهتمام فقط في العقدين الأخيرين إذ كان مهملاً ولم ينل الاهتمام الذي كان يستحق خاصة بعد الاستقلال وهو قطاع المجموعات القاعدية المحلية ومجموعات العون الذاتي المحلية.
1-6-6 أنواع الجمعيات التطوعية:
 الجمعيات مانحة:
هي تلك الجمعيات التي تقدم عونا مادياً مالياً كان أو عينياً للجمعيات و تأتى مواردها من مصادر مختلفة سواء ( الدولة، منظمات دولية، إقليمية ، مؤسسات خاصة أو عامة أو من أفراد) و يمكن ان تكون وطنية أو أجنبية .
 جمعيات وسيطة أو مساعدة:
هى جمعيات تعتبر حلقة الوصل بين الجمعيات المانحة و الجمعيات القاعدية وجمعيات العون الذاتي.
 جمعيات قاعدية أو جمعيات عون ذاتي:
تضم هذه الجمعيات أعضاءاً بهدف تحقيق أهداف ومصالح مشتركة ، اقتصادية كانت او اجتماعية، مثل (الجمعيات التعاونية و الجمعيات الخيرية والنقابات والمنظمات النسوية والشبابية القاعدية والأندية الرياضية والثقافية والروابط الإقليمية والقبلية ).

7- المجتمع المدني العربي المنظم:
1-7 الشبكة العربية للمنظمات الأهلية :
 فى العام 1989 تم عقد المؤتمر الأول للمنظمات الأهلية العربية في القاهرة وخرج بتوصيات لبناء قدرات المنظمات غير الحكومية، والكشف عن أدوارها وملامحها في مختلف الدول العربية، من خلال التدريب، البحوث والدراسات، وقواعد البيانات، وإصدار المجلات والنشرات وعقد ورش عمل.لتأسيس الشبكة العربية للمنظمات الأهلية.

 وفي عام 1997، عقد المؤتمر الثاني للمنظمات الأهلية العربية في القاهرة بمشاركة ما يزيد عن 1000 من ممثلي المنظمات، ومؤسسات التمويل العربية والدولية و صدرت توصية رئيسية من المشاركين بتأسيس الشبكة العربية للمنظمات الأهلية.

 وفي العام 2002م تم إشهار الشبكة العربية رسمياً وإقرار النظام الأساسي، وانتخاب مجلس أمناء جديد، ومناقشة تفعيل المنظمات الأهلية العربية في مواجهة تحديات التنمية البشرية.
1-1-7 أهداف الشبكة:
 الإسهام في تعزيز علاقات التعاون والتنسيق والتشبيك بين المنظمات الأهلية العربية .
 الإسهام في تطوير العمل الأهلي العربي من خلال برامج ومشاريع محددة .
 بناء قدرات المنظمات الأهلية العربية وذلك لزيادة كفاءتها وفعاليتها في تحقيق أهدافها.
 توفير التمويل لتنفيذ البرامج والمشاريع الموجهة نحو المستفيدين وتنمية الموارد المالية للمنظمات العربية .
2-7 إسهامات المجتمع المدني في إطار عمل الشبكه العربية:
قامت الشبكة العربية للمنظمات الأهلية بعقد ما يزيد عن 170 ورشة عمل تدريبية خلال الفترة من 1993-2011 استفاد منها ما يقرب من 5000 متدرب ومتدربة، من 1500 منظمة أهلية من 18 دولة عربية مختلفة، وتضم الحزمة التدريبية للشبكة 15 موضوع منها: الإدارة الرشيدة للحكم، المراقبة والتقييم، تطوير البناء المؤسسي، الشفافية والإدارة المالية، تفعيل دور مجالس الإدارات، بناء الشبكات، العمل الدفاعي.
إصدرت الشبكة العربية (35) إصدار علمي منها على سبيل المثال : دور المنظمات الأهلية في مكافحة الفقر.
دور المنظمات الأهلية في تمكين المرأة ، دور المنظمات الأهلية في بناء الشراكة، الشباب في منظومة المجتمع المدني العربي ، الأطفال في منظومة المجتمع المدني العربي، قضايا البيئة في منظومة المجتمع المدني العربي ، المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص وتفاعلاته مع المجتمع المدني العربي، حالة التطوع في المنطقة العربية (2011- تحت الطبع).
إيمانا من الشبكة بأهمية الدور الذي تلعبه نظم المعلومات وتكنولوجيا الاتصال في تعزيز التواصل والتشبيك، وتوفير المعلومات، وتوثيق الخبرات، سعت الشبكة إلى توظيف نظم المعلومات وتكنولوجيا الاتصال لخدمة أهداف المنظمات الأهلية العربية، وفي ضوء ذلك قامت بما يلي:
 تأسيس قاعدة بيانات للمنظمات الأهلية العربية في 12 دولة عربية وهي كل الدول العربية بما في ذلك السودان.
 قاعدة بيانات عن أعضاء (أفراد أو منظمات) الشبكة العربية للمنظمات الأهلية في مختلف الأقطار العربية.
 قاعدة بيانات عن مؤسسات التمويل العربية والدولية.
 قاعدة بيانات شاملة عن الخبراء والباحثين العرب النشطين في دراسات المجتمع المدني والقطاع الأهلي العربي.
 تطوير آليات توظيف تكنولوجيا الاتصال ونظم المعلومات في منظمات المجتمع المدني، من خلال التدريب.
 إنشاء رابطة تكنولوجيا الاتصال ونظم المعلومات.
8- أنواع المنظمات :
8-1 الأحزاب السياسية : لها قانون خاص ومسجل خاص ولا تصنف ضمن منظومات المجتمع المدني رغم أن لها صلة ولها أذرع في منظومات المجتمع المدني.
8-2 منظمات المجتمع المدني : ولها قانون خاص ومسجل خاص على المستوى القومي 4.132 منظمة و138 منظمة وكذلك المستوى القومي مناط بتسجيل ومتابعة منظمات المجتمع المدني الأجنبية ولها كذلك وجود ولائي أو قاعدي وتسجل على مستوى الولايات وهنا تمثل العدد الأكبر المنظمات الألصق بقضايا النس على المستوى القاعدي أو المحلي.
8-3 منظومات المجتمع الأهلي : وهذه أغلبها لا تحسب ضمن المجتمع المدني وهذه معظمها تركز على فض النزاعات والمسهمة في دفع الديات وجبر الضرر وتمثل مستوى منفصل شبه قضائي متعارف عليه ومحترم من مكوناته والدولة طالما تراضت الأطرف باحكامه.
8-4 النقابات المهنية والإتحادات : ولها كذلك قانون خاص ومسجل خاص ورغم هذه الخصوصية إلا أنها تحسب ضمن مكونات المجتمع المدني رغم تعاظم دروها السياسي على حساب دروها المطلبي والخدمي لعضويتها أحياناً.

 أكبر إشكالات منظمات المجتمع المدني هو الحصول على تمويل كاف لإدارة أعمالها وتسيير أنشطتها مما يجعلها أحياناً عرضه للإستقطاب من باب توفير التمويل وقد سعينا في الوزارة بإقتراح لإنشاء صندوق لدعم العمل الطوعي والمدني توفر له موارد من الدولة والمواطنين ورجال الأعمال وقد تم تأييد الفكرة وتعمل الآن على صياغتها وتغذيتها.
 حشداً للأمكانات الشحيحة لأحداث أكبر أثر عمدنا الي تشبيك المنظمات ذات الهدف الواحد والطبيعة المتشابهو مع بعضها البعض لتعظيم الفائدة والأثر وقد بلغت الشبكات أكثر من أربعين شبكة متخصصة ولعل أبرزها الشبكات العامة في مجالات في مجالات حقوق الإنسان والحكم الرائد والتأييد والمناصرة وشبكات المياه وإصحاح البيئة والصحة وإدارة الكوارث والخدمات الإنسانية ودعم السلام ومعالجة آثار الحرب (DDR، DRM) .
 بما أن القانون يتيح لمنظمات المجتمع المدني الخارجية العمل بالسودان وفق شروطه أثبتنا في تلك الشروط ضرورة العمل بشراكة أو توأمة مع أحد أو أكثر من المنظمات الوطنية بحسب المجال ولكن عدم توازن القدرات والخبرات دائماً مما يجعل اليد العليا للمنظمات التي تأتي من الخارج.
9- عمل منظمات المجتمع المدني بالسودان :
 ظل السودان منذ أوائل ثمانيات القرن الماضي يتعرض لسلسلة من الأزمات والكوارث الطبيعية والسياسية التي خلفت ظروفاً استثنائية في نمط الحياة العامة وزعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي وعطلت عجلة التنمية الاقتصادية .
 تصاعدت وتيرة الحرب في الجنوب أدى إلى عدم الاستقرار الأمني والسياسي وتفاقم الوضع بعد أزمة الخليج بسبب تبدل خارطة العالم السياسية وسيادة القطب الواحد وفقدان التوازن الدولي .
 هذه المتغيرات تركت آثار واضحة على علاقات السودان الإقليمية والدولية، وبدأت البلاد تتعرض لحملات قوية معادية ، بدءاً بالإعلام وإنتهاءاً بالحصار الاقتصادي والدعم العسكري لقوى المعارضة ، وخلال هذه الحملات لعبت المنظمات العالمية المعادية دوراً هاماً في التشويه وتأجيج المشاعر ضد سياسات السودان وتوجهاته .
 نتيجة لهذه الأوضاع تدفقت للبلاد أعداد كبيرة من المنظمات الأجنبية للعمل في السودان حيث كان الهدف المساهمة في جهود درء آثار الجفاف والتصحر وإعادة الإعمار ، ولكن تلاحق الأحداث جعل المنظمات الأجنبية كياناً هاماً يؤثر على كثير من مجريات الأمور.

9-1 آثار التدخل الإنساني عبر المنظمات :
نشاط المنظمات الطوعية في السودان أفرد العديد من المزايا والعيوب يمكن تلخيصها كالآتي :-
أولاً : المزايا:
 خلق نماذج فى العمل الانسانى قابلة للتطبيق ( مشروعات رائدة ).
 تكوين منظمات وطنية متخصصة وتدريب كوادر محلية على مهارات التخطيط التنموى والإدارة الحديثة.
 نقل تجارب تنفيذ عمليات الطوارئ خاصة فى المناطق النائية والأرياف في حالات الكوارث .
 شجع وجود المنظمات الأجنبية الكثير من المنظمات الإسلامية الخارجية على العمل بالسودان من باب أداء الواجب الديني ومدافعة المنظمات الكنسية .
 وفرت المساعدات الغذائية لأعداد كبيرة من المحتاجين والمتضررين خلال سنوات طويلة .
ثانياً : العيوب
 الإنحراف عن التفويض الممنوح.
 التأثيرات والتدخلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية السالبة .
 المساهمة فى تأجيج كثير من النزاعات والصراعات المحلية لاستدراج منظمات الإغاثة.
 تشكل الموارد المالية التي توفرها المنظمات الإنسانية عنصراً فعالا فى تغيير ميزان القوى لاحد أطراف النزاع حيث تبين ان الاغاثات والمساعدات الانسانية تساهم احياناً فى إعداد المقاتلين.
 فرض ثقافة إستهلاكية جديدة للسلع بالقدر الذي يؤثر سلباً على إقتصاد البلاد .
2-9 مخاطر عمل المنظمات على الأمن وسيادة الدولة بالسودان :

 بعض المنظمات لديها توجهات سياسية أو عقائدية معادية ، أو أجندة خفية ضد مصلحة البلاد و أمنها
 شكلت بعض المنظمات مجموعات ضغط على السودان من خلال تأليب الـدول والمؤسسـات الكبـرى ( مثال مجلس الأمن لفرض عقوبات عسكرية على السودان ).
 محاولة عزل السودان عن محيطه القومي العام من خلال تسخير وسائــل الإعلام للتشويه والتضخيم تهيئة للتدخل والضغوط الدولية .
 تضخيم الأحداث والأوضاع العامة في مناطق المتأثرين للحصول على التمويل اللازم .
 توفر المنابر للعناصر المعادية والمعارضة للدعاية والترويج.
 نشر الدراسات والبحوث والتقارير المغرضة والملفقة دون مراعاة حتى للقواعد العلمية والمنهجية.

10- دور منظمات المجتمع المدني في تحقيق السلم والامن الشامل ( تجرية السودان ) :-

لعبت هذه المنظمات أدواراً إيجابية من خلال تقديم الخدمات والبرامج والمشروعات الانسانية على سبيل المثال :-
10-1 نزع السلاح والتسريح وإدماج المحاربين : كأليه من اليات تحقيق الأمن وحفظ السلام وذلك بتأهيل المحاربين وتمليكهم وسائل الانتاج ، نشر البرامج الثقافية ، برامج الادماج ورتق النسيج الإجتماعي ، إدارة معسكرات إيواء المحاربين .
10-2 مكافحة الألغام والتوعية بمخاطرها: لعبت المنظمات الطوعية الوطنية ومنظمات المجتمع المدنى دوراً مشهوداً في أنشطة مكافحة الألغام والتوعيه بمخاطرها وذلك بإزالة الألغام من مساحات شاسعة في الجنوب والشرق وتأهيل وعلاج ضحايا الالغام وإدماجهم في المجتمع والتحذير من التواجد في إماكنها.
10-3 معالجة قضايا النزوح والعودة الطوعية ويتمثل ذلك فى:
 فض النزاعات عن طريق مجالس الصلح والجودية وعقد الورش والمؤتمرات.
 مشاركة المجتمعات المستفيدة فى تحديد إحتياجاتها والمشاركة فى التنفيذ.
 مشروعات إدرار الدخل وتمليك وسائل الانتاج.
 وضع السياسات وتنسيق الجهود في مجال العمل الإنساني لدعم برامج تعزيز السلام وإعادة تأهيل ودرء الكوارث.
 إجراء المسوحات لمعرفة رغبات النازحين بمواقع تواجدهم.في العودة أو الإدماج.
 العمل للوصول لرؤية مشتركة لإدماج النازحين في المجتمع الحضري.
 المشاركة في تنفيذ عدد من مشروعات الخدمات الأساسية لقرى العودة بولايات دارفور
 المشاركة في تحديث المعلومات عن أوضاع النازحين بالولايات المتأثرة بالنزوح و تقديم المساعدات الإنسانية وعودة النازحين لتحقيق السلام والإستقرار في دارفور الكبرى والجنوب والمناطق الثلاث والشرق.
11- نماذج من الأنشطة التي تنفذها المنظمات:

11-1 الرعاية والتنمية الاجتماعية: تعمل عدد من المنظمات التطوعية الوطنية مجال قضايا الطفولة، مثال (جمعية أصدقاء مرضى سرطان الأطفال)، ومجال المعاقين (مثل الجمعية السودانية لرعاية الصم واتحاد القومي للمكفوفين وتواصل الأمل لرعاية المعاقين ومنظمة أبرارلرعاية معاقي الحرب) ومجال ايواء ورعاية الأطفال مجهولي الأبوين: مثل جمعية الأطفال اليافعين، ودمجهم في الأسر وايجاد الحلول والبدائل لمشكلاتهم، وتعمل منظمات تطوعية عديدة في مجال رعاية وكفالة الايتام، (مثل الجمعية الأفريقية لرعاية الأمومة والطفولة ومنظمة هاتين لرعاية وكفالة اليتام… الخ) ويمثل هذا المجال اعلى نسبة في تمويل مشاريع وأنشطة الرعاية الإجتماعية. وقضايا المرأة والأسرة مثل (تنظيم الأسرة السودانية ومركز دراسات المرأة)، ومجال الدراسات الاجتماعية مركز دراسات المجتمع.
11-2 الزراعة: ومثال لذلك الهلال الأحمر السوداني حيث يعمل في توزيع البذور والتقاوى والمعدات الزراعية وشباك الصيد في كل من ولايات دارفور والنيل الأزرق وسنار.
11-3 الغذاء من أجل العمل: وينفذ هذا البرنامج بالشراكة والتنسيق بين المنظمات التطوعية الوطنية وبرنامج الغذاء العالمي، ومع المجتمعات المستهدفة، وبنسبة مكون تمويلي محلي من الحكومة، حيث تم تنفيذ مشاريع البنى التحتية في مجالات التعليم والصحة والمياه في كل من شمال كردفان والنيل الأزرق وكسلا والبحر الأحمر.
11-4 المياه:ومثال للمنظمات التطوعية الوطنية العاملة في مجال المياه منظمة السقيا وتعمل في مجال حصاد المياه وحفر الآبار وصيانة الحفائر وإنشاء السدود لتوفير مياه الشرب النقية للانسان والحيوان، في ولاية شمال كردفانوكذلك الهلال الأحمر السوداني.
11-5 إصحاح البيئة: العديد من المنظمات التطوعية الوطنية تعمل في مجال حماية البئية ومثال لذلك المنظمة السودانية لحماية البيئة، وذلك للتخفيف من المشاكل البيئية التي باتت تهدد العالم بكوارث خطيرة وفي هذا الميدان ينطلق المتطوعون من إحساس بالمسؤولية المنطقة التي نعيش عليها لحفظ الثروات الطبيعية. وهنا تنشط حملات التوعية البيئية لتعريف المجتمع بالطرق البسيطة والسلمية والسلوكية.
11-6 الخدمات الصحية: الهلال الأحمر حيث يعمل في مجالات الصحة (التوعية والتثقيف والتدريب والعيادات والاسعافات الأولية والرعاية الصحية الأولية، والصحة الانجابية …) وذلك عبر فروعه المنتشرة بكل ولايات السودان، ويعتبر الهلال الأحمر من الجمعيات الرائدة ونموذجاً فيما يقدمه من برامج وأنشطة عبر آلاف المتطوعين. كما تعمل منظمات مثل: رفيدة الصحية والجمعية الطبية ومؤسسة الزبير الخيرية وصندوق رعاية المرضى في مجالات الصحة الجسدية (الأمراض المنقولة جنسيا) و الأيدز ومجالات المحافظة على الصحة العقلية والنفسية (مكافحة والحد من انتشار تعاطي المخدرات) شبكة مكافحة المخدرات والأيدز
11-7 التغذية التكميلية: مثل منظمة سابا لتعزيز ورعاية المرأة والطفل والتي تهتم بالرضاعة الطبيعية
11-8 بناء القدرات: ومثال منظمة تراث للتنمية البشرية وبناء القدرات و مركز الفيدرالية للبحوث وبناء القدرات، مركز تنمية المرأة مركز دراسات المجتمع (مدا) والمنظمة السودانية لبناء القدرات (لبنة) وجمعية بابكر بدري النسوية.
11-9 التعليم: اعمار المدارس اجلاس الطلاب توفير الكتب والأدوات سد نقص المعلمين، المخيمات الصيفية للتقوية، محو الأمية ورفع الوعي (مثل منظمة معاً للتعليم)، وتشارك الأمم المتحدة (برنامج الغذاء العالمي) مع المنظمات التطوعية الوطنية في تنفيذ برنامج التغذية المدرسية إشرافاً وتنسيقاًوتأصيلاً إدارة التغذية المدرسية بوزارة التربية والتعليم ومثال لذلك ما تقدمه هذه الشراكة لعدد 274 الف تلميذ بشمال كردفان.
11-10 سبل كسب العيش: التمويل الأصغر ومثال لمنظمات تعمل في مجال سبل كسب العيش، المنظمة السودانية للتمويل الأصغر، ومشاريع استقرار الشباب يعمل فيها الاتحاد الوطني للشباب السوداني والاتحاد العام للمرأة السودانية ورابطة المرأة العاملة كأمثلة.
11-11 ثقافة السلام الاجتماعي: التوعية من المخاطر الاجتماعية والسلوك الضار مثال الجمعية السودانية لمحاربة العادات الضارة، التخفيف من حدة الفقر مثال: ( الجمعية السودانية لمحاربة الفقر والجهل والمرض).

12- الاستنتاجات والنتائج المستخلصة :-
 إستمرار الضغط على السودان ومضايقته سياسيا واقتصاديا وإعلامياً واستغلال دول الجوار لصالح هذا المشروع.
 دعم المعارضة والحركة الشعبية خاصة في الاستحقاقات الشعبية القادمة.
 اتخاذ اجراءات عقابية اقتصادية وسياسية إضافية.
 إقحام مجلس الأمن في الاجراءات التي سوف تتخذ لإشراك المجتمع الدولي في التدخل في الشأن السوداني اقتصاديا وعسكريا، مستغلين في ذلك المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من المخططات والحيل.
 أخطر ما تقوم به المنظمات، أنها تعمل في العقول وتغيير اتجاهات التفكير، سواء في الجانب السياسي، أو الثقافي، أو تحويل الولاءات.
13- التوصيــــــــــــــــــات:

 رفع مستويات التأهيل والتدريب في مراقبة وتحجيم وتحديد المنظمات حتى لا تتجاوز صلاحياتها، وأهدافها المخولة لها.
 العمل على تأهيل وتقوية المنظمات الوطنية والصديقة وتوجيه برامجها حيث الحاجة والضرورة، ورفع قدراتها الإدارية والمالية ولسد الفجوات والإحلال في حال الخروقات والمخالفات.
 متابعة التقارير التي تكتب في مؤسسات الغرب ومراكزه البحثية، وتحليلها وفرز مكوناتها السالبة عن الموجبة، واستباقها بكتابات وبحوث محلية ووطنية تدرس الواقع وتحدد القصور، وتطرح المعالجات.
 مراجعة ما تم انجازه في مجال العمل التطوعي في اطار الاستراتيجيات والخطط القومية للدول العربية .
 الحذر من طغيان العمل الإنساني لدى المانحين الغربيين والمنظمات العالمية على مفهوم السيادة الوطنية والتعامل بجدية في هذا الشأن.
 إحكام التنسيق والتعاون بين الدول العربية ومؤسساتها الحكومية وغير الحكومية ذات الصلة بالعمل الانساني .
 السعي للاستفادة من مصادر التمويل الإسلامية (كالزكاة والأوقاف) لتمويل العمل التطوعي الوطني.
 توسيع دائرة التشبيك لتستوعب المنظمات العاملة في المجالات المتشابهة على المستوى المحلي والإقليمي.
 العمل على بناء قدرات المؤسسات الحكومية والمنظمات الوطنية والإقليمية العاملة فى الشأن الإنسان