دراسات قانونية
جريمة الضوضاء وعقوبتها في التشريع المقارن – دراسة قانونية
من المشاهد في عصرنا الحالي إن الضوضاء تشكل خطراً عاماً على الحياة لدرجة يمكن وصفها بأنها نوع جديد من الإرهاب، وقد ساعدت على ذلك ظاهرة التحضر والمدنية الحديثة التي صاحبت التقدم التقني والثورة الصناعية، بعبارة أدق يمكن القول بان الضوضاء هي ثمن انتشار حرية استخدام وسائل الطاقة والتكاثف الحضري(1).وفي سبيل مكافحة الضوضاء، ومن اجل توفير الراحة والاستقرار للمواطنين، فان هذا الأمر يستلزم تجريم معظم الأفعال المسببة لها ومعاقبة مرتكبها وبذلك تخلق جريمة يطلق عليها جريمة الضوضاء التي تستلزم بيان ماهيتها وأركانها والجزاء المترتب على مرتكبها، وعليه سنقسم هذا الموضوع ثلاثة مطالب نتناول في الأول ماهية الضوضاء وفي الثاني أركان جريمة الضوضاء، وفي الثالث الجزاء المترتب على ارتكابها .
المطلب الأول : تعريف الضوضاء
تشكل الضوضاء اعتداءً دائماً على الحياة، وتمثل في الوقت ذاته مصدر القلق الأكثر فعالية في البيئة الطبيعية للإنسان، وهي تواكب معظم النشاط البشري الذي من خلاله يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في النيل من صحة المواطنين، أو تكون نذير شؤم لها، حسب طبيعتها ودرجتها(2)، فالضوضاء تشكل احد الأخطار الرئيسة التي لا تحتمل وتشكل اعتداءً على نمط الحياة، والإنسان هو الذي يتحمل دائماً عبء هذه الضوضاء التي ينعكس أثرها بصفة خاصة على السكينة، وطبقاً لذلك فلابد من التعرف على مفهوم الضوضاء التي تسبب جريمة الضوضاء وتحديد مستوياتها.
الفرع الأول : مفهوم الضوضاء
قبل أن نعرف الضوضاء نود الإشارة الى إن الصعوبة الحقيقة هي التي يمكن مواجهتها عند تحليل وتعريف الضوضاء، وهذه الحقيقة هي إن تعريف الضوضاء يشكل خطوة هامة جداً عند وضع تنظيم قانوني خاص.في المعجم الوسيط للغة هي الفوضى، وتعني الصياح أو الجلبة أو أصوات الناس في الحرب و غيرها(3)، وفي المعجم الفرنسي تعني carousse الضوضاء مجموعة من الأصوات غير المتناسقة(4)، أما معجم Petit Robert فيعرفها بأنها كل ما يلفظه السمع ولا يكون موسيقياً(5). أما الضوضاء اصطلاحاً، فقد وردت عدة تعريفات لها سواء في الفقه العربي أو الغربي وهي في غالبيتها تتسم بالطابع التقريبي في تحديد التعريف نذكر منها- هي كل إحساس صوتي غير مستساغ أو مزعج يحدث نتيجة المزاج المشوش لشدة الصوت وقوة تردداته المختلفة، فهذا التعريف بين أن الضوضاء هي: (الأصوات التي تضايق الناس وتشوش عليهم وتكدر صفو هدوئهم أي انه يعني بالضوضاء كل الأصوات التي تبدو غير مقبولة ومزعجة وغير مرغوب فيها)(6)، وجانب اخر عرف الضوضاء هي كل ما يحسه السمع من أصوات غير مرغوب فيها أو مزعجة، وهي كل حدث سمعي ذو تأثير ملحوظ على السمع نتيجة إحساس الناس، أو هي الصوت الذي له طابع شاذ وغير مكون من عناصر محددة أو قاطعة(7)،وذهب جانب أخر من الفقه الى قال بان الضوضاء هي: الصوت غير المرغوب فيه، أو هي الضغط الذي يؤذي الإنسان وغيره (8).غير إن أفضل تعريف للضوضاء بأنها: صوت أو مجموعة من الأصوات المزعجة وغير المرغوب فيها، أو أي صوت عديم الفائدة ولا قيمة له، سواء كان صوت الطبيعة من حولنا أو الآلات في المصانع أو وسائل النقل والمواصلات في الشوارع أو أصوات الأجهزة كالمذياع والتلفاز، أو كلام الناس وصياحهم(9).ويتضح من التعريفات السابقة إنها قد أثارت نقطتين مهمتين أولهما: الضوضاء والسكينة نقيضان فالضوضاء مشكلة العصر بل هي آفة السكينة، وثانيهما: هو الحد الذي عندما يصل إليه الصوت يعد غير مرغوب فيه يشكل جريمة الضوضاء .
الفرع الثاني : مستويات الضوضاء وقياس درجاتها
بدأ اهتمام الدراسات بالضوضاء، بداية فردية في السابق كالقرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وكان هدفها التنبيه والتحذير من أخطار الضوضاء، فبحلول الصناعة دخلت مجال دراسات الضوضاء جهات عديدة، فكان الهدف من الدراسة وضع قياسات لتحديد شدة الصوت والآثار التي تترتب على التعرض له بصورة مباشرة أو غير مباشرة ويعتمد على هذا التحديد في وضع الضوابط الفنية والقانونية التي تحد وتتحكم فيه وتعمل على تعويض المتضررين بسببه(10) ومن الصعوبة بمكان أن تحدد بدقة معايير صوتية لأنها تختلف اختلافاً جوهرياً بحسب المكان والمدة والزمن وغيرها من الأمور اللازمة لإدراك الإزعاج أو منع الضوضاء وتلطيف حدوثها كما يتوقف الأمر من جانب آخر على المستمع وعلى رغبته في الاستماع أو رفضه لان الناس يتفاوتون في تحملهم للضوضاء وفي تأثرهم بها فعندما يعزف شخص ما الموسيقى فان ذلك يعد استمتاعاً له، ولكنه قد يكون بمثابة ضوضاء بالنسبة لشخص آخر يؤدي عمل يحتاج الى تركيز، أو لشخص مريض يحتاج الى الراحة أو لشخص يريد أن ينام. وذات الأمر يلاحظ في إقبال البعض على سماع الموسيقى الصاخبة التي تعد بالنسبة له صوتاً مرغوباً فيه بل يجد فيها متعة، بينما يرفضها البعض الآخر ويعدّها ضوضاء مقلقة للراحة(11).
إن الناس يختلفون في تأثرهم بالضوضاء، فالنساء أكثر إحساس بها في حين إن كبار السن لا يتحملونها ولا يستطيعون الاستمرار في سماعها. يتبين من ذلك إن إدخال العنصر البشري (المستقبل) في عملية تحديد الضوضاء من عدمها يجعل المسألة نسبية في المقام الأول، وذلك لان الاهتمام المنصت يمكن أن يتغير وفقاً للظروف المختلفة. فالحديث والتخاطب بين الناس يمكن أن يكون ضوضاء ويمكن أن يكون نوعاً من أنواع الاتصال بينهم، كما إن الضوضاء الآلية يمكن أن تكون ذات جدوى في بعض الأحيان فارتفاع صوت محرك السيارة مثلاً يكون مؤشراً لقائدها على عطل أو وجود خلل به، كما إن صوت نفير(المنبه) السيارة قد يكون تحذيراً لشخص كفيف يحاول عبور الطريق ولكنه في الوقت نفسه يكون ضوضاء تزعج الآخرين إذا لم تكن هناك ضرورة لاستخدامه. وكذلك الدراجات البخارية وهي تزود في العادة بنظام العادم الذي يحسن أداء المحرك، ولكنه قد يكون مصدراً للإزعاج والقلق. وأخيراً إن هناك أصوات يتفق معظم الناس على إنها مزعجة وغير مرغوب فيها. ولهذا أوجب وضع حدود لشدة الصوت، وهي في الوقت ذاته تعد مقياساً لدرجة الضوضاء وضابطاً لها وهذا ما يتطلبه التنظيم القانوني لمكافحة الضوضاء، فهذا التحديد لشدة الصوت وقياس للضوضاء يضع من يتجاوزه تحت طائلة المسؤولية ومعيار الصوت المزعج المسبب للضوضاء هو معيار الشخص المعتاد وهو شخص من أوساط الناس يزعجه ما يزعج الناس عادة ويتحمل ما جرى العرف بتحمله(12).يستخدم الأخصائيون في مجال تحديد شدة الصوت كمقياس لجريمة الضوضاء وحدة قياس تسمى الديسبل وتعرف بأنها اقل تغير في علو الصوت يمكن أن تسمعه أُذن الإنسان وبواسطة هذه الوحدة يمكن تحديد ما يلائم الأذن العادية(13).ويمكن تقسيم شدة الصوت ومستويات الضوضاء الى عدة مستويات تقريبية على النحو التالي:-
آ- الأصوات الهادئة: هي التي تقع في شدتها في المدى ما بين (صفر-50) ديسبل تقريباً مثل الهمس.
ب- الضوضاء متوسطة الارتفاع: وهي التي تقع شدتها في المدى ما بين المدى (50-70) ديسبل مثل محادثات التخاطب العادية.
ج- الضوضاء مرتفعة جداً: وهي التي تزيد شدتها عن (75) ديسبل مثل صوت السيارة الخاصة التي تتحرك بسرعة (10كم/ ساعة) وصوت الطائرة النفاثة عن قرب (103) ديسبل وصوت المدفع الرشاش القريب (130) ديسبل(14) وصوت صاروخ الفضاء عند الانطلاق (175) ديسبل(15).
وعليه لابد من اعتماد هذا التحديد كعنصر أساس لدى المحاكم عندما تنظر في تحديد المسؤولية الجنائية عن فعل الضوضاء بدلاً من استخدام التعبيرات الأقل وضوحاً وتحديداً، والأمر بسيط ولا يحتاج الى جهد كبير آخذين بنظر الاعتبار ما ورد في الفقرة (ج) فيما سبق ذكره بمعنى ان الضوضاء التي تشكل جريمة معاقب عليها في التشريعات الجنائية والقوانين المكملة لها من الضوضاء المرتفعة جداً لان الأصوات الهادئة لا تشكل لجريمة وإنما هي من ضرورات الحياة ومجرياتها أما الأصوات متوسطة الارتفاع فان أمرها يختلف حسب تأثر الأشخاص بها فمنهم لا يتأثر بها ومنهم يتأثر بها أي إنها قابلة للتأويل والتفسير .
____________________
[1]- د.مصطفى احمد شحاته، الإنسان والضوضاء وأمراض العصر، الطبعة الأولى، القاهرة، 1990، ص2.
-2Risques pour la sant du faitole l’enrironnement، par loo sepecialistes de 15 days، organization mondiale la sent ،Geneve،1972،p.277.
3-المعجم الوسيط، الجزء الأول، الطبعة الثالثة، 1985، باب الضاد، ص567.
-4Un ensemble de sons harmonie.
-5C’est tout ce qui est per cu par (‘ouie et quin’est pas sentis comme son musical.
أشار إليهما د.داود الباز حماية السكينة العامة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1998،ص154.
6- د.مصطفى احمد، المرجع السابق، ص8.
(7)Michel Depspax: Driot de L’enrironement: Litec،1980،p.444.
8-د.فؤاد بسيوني، البشرية في دائرة التلوث، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1994، ص51.
9- د.عبد الوهاب محمد عبد الوهاب، المسؤولية عن الأضرار الناتجة عن تلوث البيئة، اطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، القاهرة، 1994، ص169.
10- ادور جورج حنا، المتغيرات النفسية والاجتماعية المرتبطة بالتلوث الضوضائي على العاملين بمهبط ميناء القاهرة الجوي، رسالة ماجستير، معهد الدراسات والبحوث البيئية، قسم الدراسات الإنسانية، جامعة عين شمس، 1988،ص1.
11- د. مصطفى احمد شحاته، المرجع السابق، ص1.
12- نوار دهام، الحماية الجنائية للبيئة ضد أخطار التلوث، اطروحة دكتوراه، كلية القانون، جامعة بغداد، 7199 ، ص74.
13- مصطفى احمد شحاته، المرجع السابق، ص3.
14- احمد فؤاد باشا، الإنسان ومشكلة التلوث والضوضاء، جامعة الأزهر، القاهرة، 1982، ص1208.
15- داود الباز، المرجع السابق، ص162.
أركان جريمة الضوضاء :
إن كل جريمة لا تقوم ما لم يكن لها أركان تتجسد بكيان مادي يظهر للعالم الخارجي، وهذا الكيان هو ركنها المادي شأنها شأن بقية الجرائم المنصوص عليها في التشريعات العقابية التي تستلزم لقيامها توفر هذا الكيان بعناصره فضلاً عن الكيان النفسي الذي يتجسد بنفسية الجاني وهذا الكيان هو ركنها المعنوي وعليه فان جريمة الضوضاء تتحقق بركنين مادي ومعنوي وعليه سنقسم هذا الموضوع إلى فرعين نتناول في الأول الركن المادي وفي الثاني الركن المعنوي .
الفرع الأول : الركن المادي
ان الكيان المادي لأي جريمة يظهر بتوافر عناصره الثلاثة: السلوك، والنتيجة ورابطة السببية التي تستلزم نسبة الفعل الى فاعله إلا ان جريمة الضوضاء بعّدها من الجرائم الماسة بالسكينة العامة ذات الخطر المجرد فان ركنها المادي يتحقق بعنصرين من عناصر الكيان المادي وهما السلوك والنتيجة حيث إنها لا تستلزم ضرورة نسبة الفعل إلى فاعله وعليه فان السلوك والنتيجة هما عنصرا الركن المادي في جريمة الضوضاء.
أولاً: السلوك
تقوم جريمة الضوضاء إذا ارتكب الجاني سلوكاً محظوراً قانوناً، كما لو قام باستعمال مكبرا ت الصوت(1) التي تعد من ابرز مصادر الضوضاء حيث يستخدمها الباعة المتجولين للترويج عن بضائعهم لجلب انتباه الزبائن(2) أو إذا استخدمها الفاعل في الطريق العام والشوارع الكبيرة كوسيلة للدعاية والمرشحين في الانتخابات أو استخدمها للإعلان عن حالة وفاة شخص أو في مواسم التخفيضات حيث تتنافس محلات بيع الملابس فيما بينها لجلب الزبائن. وكذلك استعمال مكبرات الصوت في المدارس بشكل يقلق راحة البيوت المجاورة لها، فسكان هذه المنازل لا يمكنهم كما يفعلون بالنسبة لأجهزة التلفاز أو الراديو إغلاقها إذا أرادوا، فهذه المكبرات تقتحم حياتهم وتقلق راحتهم. و يعّد الشخص مرتكب لجريمة الضوضاء إذا ما استخدم مكبرات الصوت في حفلة زفاف أو عزاء في وقت الراحة، وأيضاً إذا قام بإطلاق العيارات النارية داخل المدن أو القرى أو القصبات من سلاح ناري كالمسدس أو البندقية الاعتيادية غير سريعة الطلقات أو بندقية الصيد(3) لأي سبب كان سواء في حفلة زفاف أو مأتم أو غيرها من المناسبات(4).وأيضاً يعّد الشخص مرتكباً لجريمة الضوضاء إذا أقام مشروعاً صناعياً أو تجارياً بصورة مخالفة لأحكام التشريعات النافذة ذات الصلة بتحديد مواقع الصناعات التي يجب أن تكون خارج التصاميم الأساسية للمدن(5) بمعنى إذا أقام شخص مشروعاً صناعياً ذا جلبة وضوضاء كمصنع للبواخر أو السفن في منطقة سكنية يقع تحت طائلة عقاب جريمة الضوضاء فضلاً عن إن ضجيج المصانع وورش إصلاح السيارات واللحام وغيرها من المحلات المقلقة للراحة التي تهدد حياة الناس وتكدر راحتهم لاسيما إذا أقيمت في المناطق الآهلة بالسكان. فضلاً عن ذلك يعد الشخص مرتكباً لجريمة الضوضاء إذا ما استخدم آلة التنبيه (الهورن) في الشارع أو الطرق العامة في غير الحالات الضرورية التي تدعو الى استخدامه أو تفادي خطراً محتملاً(6).وعليه إذا استخدمت آلة التنبيه في حالات يعدها المشرع ضرورية كأن يستخدم سائق سيارات الإسعاف أو الطوارىء المنبه عند قيامه بواجبه لترك الممر الأيسر له على سبيل المثال(7) فانه لا يعد مرتكباً لجريمة الضوضاء وان زادت عن الحد المسموح به لأنه هناك ضرورة منحها القانون له وبموجبها استخدم ذلك المنبه، كذلك التخاطب بين الناس بأصوات مرتفعة قد يخلق جريمة الضوضاء أو اللغط(8).
ثانياً: النتيجة
وهي العنصر الثاني من عناصر الركن المادي لجريمة الضوضاء، والتي يستلزم توفرها في هذه الجريمة أن يؤدي السلوك الذي ارتكبه الفاعل الى النيل من الحق أو المصلحة التي يرى المشرع بأنها جديرة بالحماية بتعريضها للخطر. كأن يكون استخدامه لمكبرات الصوت أو الآلات التنبيه (الهورن) في غير الحالات المسموح بها والضرورية يؤدي الى تعريض راحة المواطنين وهدوئهم للخطر.
الفرع الثاني : الركن المعنوي
إن معظم الجرائم المتعلقة بالراحة العامة لاسيما جريمة الضوضاء قد ترتكب بصورة عمدية وهذا الأمر يتطلب توفر قصداً جنائياً فقط الا يتحقق بصورة القصد المباشر. وانما القصد الحتمالي الذي يحقق نتائج لا يريدها الفاعل ولكنه توقعها وأقدم عليها قابلاً المخاطرة بحدوثها وقد ترتكب بصورة غير عمدية ايضا .وفي ضوء ذلك يتحقق الركن المعنوي في جريمة الضوضاء (التلوث السمعي) إذا علم الجاني بان استعمال وسائل البث كمكبرات الصوت سواء لترويج البضائع أو للدعاية أو لغرض إقامة الحفلات ومراسيم القران لاسيما أوقات الليل داخل المدن أو القرى أو القصبات وان إطلاقه للعيارات النارية من الأسلحة النارية كالمسدس أو البندقية الاعتيادية أو بندقية الصيد لأي سبب كان سواء لإقامة حفل زفاف أو مآتم أو غيرها من المناسبات وان إقامته لمشروع صناعي في منطقة سكنية لاسيما تلك الصناعات الثقيلة كصناعة السفن والطائرات والحديد والصلب والصناعات المعدنية ومعامل التكرير والبترول ومصانع سيارات محركات الديزل وصناعة النسيج والزجاج والمراجل البخارية والمكاسب والمناجم وورش النجارة وتقطيع الخشب ومصانع الورق وورش إصلاح السيارات واللحام وغيره(9)، وان استخدامه لآلة التنبيه في غير الحالات الضرورية التي تدعو الى استخدامه أو تفادي خطر محتمل، وان الحديث أو الكلام مع الغير بصوت مرتفع يشكل جريمة الضوضاء التي تعرض حياة الناس للخطر فقد تسبب فضلاً عن إقلاق راحتهم إصابتهم بعاهة نفسية أو جسدية، كإصابتهم بالقلق أو التوتر النفسي(10)، أو إصابتهم بفقدان أو احد حواسهم لاسيما حاسة السمع، أو حتى من الممكن أن تؤدي الى وفاة احدهم لاسيما إذا كان مصاب بمرض من أمراض جهاز الدوران(11)، فهذا الجهاز يصاب بانقباضات شديدة في معظم الشرايين إذا تعرض الجسم للضوضاء الشديدة فمن الممكن أن تؤدي الى نتائج خطرة قد توقعها ولكنه لا يريدها ولا يسعى إليها ابتداءً ومع ذلك أقدم عليها قابلاً المخاطرة بحدوثها أما إذا ارتكب الشخص أي فعل من الأفعال المسببة لجريمة الضوضاء دون حيطة أو حذر فانه يكون مرتكباً لجريمة الضوضاء بصورة غير عمدية التي يستلزم لقيامها توفر الخطأ في فعله.
___________________
[1]- ينظر نص المادة (2/2) من قانون منع الضوضاء رقم 21 لسنة 1966.
2- ينظر نص المادة (488/ ثانياً) من قانون العقوبات العراقي، وكذلك نص المادة (9) من قانون العقوبات المصري رقم 33لسنة 1957.
3- ينظر نص المادة (الأولى /أولاً) من قانون الأسلحة رقم 113لسنة 1992.
4- ينظر نص المادة (19/ثالثاً) من قانون الأسلحة ذاته.
5- ينظر نص المادة (الثامنة/الفقرة الخامسة /البند ثانياً) من قانون الاستثمار الصناعي للقطاعين الخاص والمختلط رقم 20لسنة 1998. وكذلك قانون التصميم الأساسي لمدينة بغداد رقم 156لسنة 1971.
6- ينظر ملحق (آ/ المادة الرابعة/خ) من قانون المرور العراقي النافذ رقم 86 لسنة 2004.
7- نصت المادة(66) لسنة 1973من قانون المرور المصري على انه (لا يجوز استعمال أجهزة التنبيه إلا في حالة الضرورة…).
8- د.عبد الرؤوف أبو هاشم، النظام القانوني للعمد، اطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة القاهرة،1991، ص122. وكذلك ينظر نص المادة 495/ثالثاً من قانون العقوبات العراقي.
9- محمود نجيب قناوي، الضوضاء وتلوث البيئة، المجلة العربية، العدد 196 لسنة 18، 1993، ص43.
10- د.داود الباز، المرجع السابق، ص232.
11- د.محمد محمد الجبوري، مبادئ الصحة النفسية، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، 1982، ص103.
الجزاء المترتب على ارتكاب جريمة الضوضاء في القانون العراقي :
ان المشرع العراقي اوجد انواع متعددة من العقوبات هي الاصلية والتكميلية هنا ايضا تفرض بعض العقوبات الاصلية والتكميلية دون التبعية فضلا على بعض التدابير باعتبارها النوع الاخر من الجزاء الذي قرره المشرع.
أولا ً- العقوبات الأصلية:
1- العقوبات السالبة للحرية:
الحبس: إن مرتكب جريمة الضوضاء يمكن أن تصدر بحقه عقوبة الحبس وهو إيداعه في المنشآت العقابية المخصصة لهذا الغرض ما لم ينص القانون على خلاف ذلك(1) ويمكن أن تكون عقوبة أصلية أو اختيارية، فقد تفرض كعقوبة أصلية على من يرتكب هذه الجريمة بواسطة إطلاق العيارات النارية من سلاح ناري داخل المدن أو القرى أو القصبات حينما قرر المشرع في ذلك بموجب قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم 570 لسنة 1982 بالقول (يعاقب بالحبس…كل من أطلق عيارات نارية داخل المدن أو القرى أو القصبات لأي مناسبة كانت….))(2).وقد تكون عقوبة بدلية أو تخييرية وذلك بنص المادة (495/ثانياً) بالقول (يعاقب بالحبس…أو بغرامة……
ثانياً: من أحدث لغطاً أو ضوضاء أو أصوات مزعجة للغير…)(3).
وعموماً يمكن أن يصار الى عقوبة الحبس في حالة إذا ما تعذر المحكوم عليه بالغرامة ودفع مبلغها وحسب التعليمات المتعلقة بهذا الأمر.
ثانيا :- العقوبات التبعية : من المعلوم بان هذا النوع من العقوبات لا يفرض على مرتكب جريمة الضوضاء لذا ارتأينا عدم بحثه شأنه في ذلك شأن جريمة انتهاك جمالية المدن (4).
ثانياً -العقوبات المالية:
الغرامات: هي إلزام المحكوم عليه بان يدفع الى الخزينة العامة المبلغ المعين في الحكم، وهي عقوبة فرضت على كل من يرتكب جريمة الضوضاء بأية كيفية كانت حيث نصت المادة الثانية في فقرتها الثانية من قانون منع الضوضاء رقم 21 لسنة1966على انه:(يعاقب بغرامة لا تزيد على عشرة دنانير كل من….. استخدم وسائل الدعاية والبث كمكبرات الصوت بشكل يزعج الآخرين)(5).وكذلك نصت المادة (495/ ثالثاً) على انه: (يعاقب …..أو بغرامة لا تزيد على عشرين دينارا:- اولا:-……
ثانيا:-…….
ثالثاً: من أحدث لغطا أو ضوضاء أو أصواتاً مزعجة للغير قصداً أو إهمالاً).
فضلاً عن نص المادة (488/ ثانياً) بقولها: (يعاقب بغرامة خمسة دنانير…..
اولا:-………
ثانياً:- من دعا في الطريق العام لترويج بضاعته بألفاظ أو أصوات مزعجة)
يلاحظ هنا بان الضوضاء محلاً لنصوص خاصة في مجال قانون المرور وفي قانون العقوبات، حيث نجد ضوضاء المرور تخضع للتنظيمات محددة، فقد منع بموجب قانون المرور العراقي استعمال آلة التنبيه (الهورن) بمعاقبة مستخدمها في غير الحالات الضرورية بالغرامة أيضاً والدليل على ذلك نص البند(29/ج9 في الملحق/ آ) من قانون المرور رقم 86 لسنة 2004 على انه(يعاقب كل من ارتكب مخالفة من المخالفات التالية بغرامة……
أ-………………
ب-……………..
ج- استعمال جهاز التنبيه الهوائي أو المتعدد النغمات أو وضع سماعات كبيرة خارجية أو استعمال المنبهات بصوت عال أو على شكل أصوات حيوانات غير تلك التي في المركبة أصلاً)(6). وكذلك نص قانون حماية وتحسين البيئة رقم3 لسنة 1997حيث اعتبر الضوضاء من ملوثات البيئة وعاقب مرتكبها بالغرامة أيضاً حيث نص في المادة (2/ خامساً) منه(يعد من ملوثات البيئة…
1- …………….
2- الضوضاء….)(7).
فضلا عن التعويض الذي تفرضه المحاكم المدنية اذ ما ثبيتت المسوؤلية المدنية (8).
ثالثاً – العقوبات التكميلية :
الى إنها العقوبات التي تلحق المحكوم عليه بعقوبة أصلية تلقائياً دون الحاجة الى النص عليها في حكم المحكمة وهي الحرمان من بعض الحقوق والمزايا ومراقبة الشرطة
1- الحرمان من بعض الحقوق والمزايا:
لا تفرض على مرتكب جريمة الضوضاء لأنه لا يحكم عليه بعقوبة السجن المؤبد أو المؤقت، إنما أقصى عقوبة لجريمة الضوضاء هي الحبس فضلاً عن الغرامة كعقوبة أصلية. أما فيما يتعلق بعقوبة مراقبة الشرطة فأنها تفرض على كل من يرتكب جناية ماسة بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي أو تزييف نقود أو تزويرها أو تقليدها أو تزوير طوابع أو سندات مالية حكومية…..الخ(9). وبما إن الضوضاء لم يرد ذكرها ضمن هذه الجنايات، وبالتالي فانه لا يمكن فرض هذه العقوبة على مرتكبها فضلاً عن إنها من المخالفات التي لا تستلزم تكاليف باهظة (10).
2- المصادرة:
وهي الاستيلاء على مال المحكوم عليه في جناية أو جنحة أو على الأشياء التي ضبطت أو استخدمت في ارتكابها أو كانت محلاً لها أو كانت حصيلة ارتكابها وتنقل ملكيتها إليها بدون تعويض(11).يلاحظ بان هذه العقوبة من الممكن أن تفرض على مرتكب جريمة الضوضاء لأنها قد تتغير من مخالفة إلى جنحة حينما فرضت عقوبة الحبس على من يطلق العيارات النارية داخل المدن أو القرى أو القصبات مما يتناسب مع طبيعة هذه الجريمة لمدة لا تزيد على 3 سنوات بموجب قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم 570 لسنة 1982- سالف الذكر- فضلاً عن ذلك فقد قرر مجلس قيادة الثورة(المنحل) هذه العقوبة بقرار رقم 169لسنة 1977حينما خول وزير الداخلية والمحافظين مصادرة السلاح الشخصي والعتاد المضبوط لدى من يرتكب جريمة الضوضاء وإطلاق العيارات النارية داخل المدن أو القرى أو القصبات، وهذه الأمور من الممكن أن تسبب جريمة الضوضاء(12).
3- نشر الحكم:
إن عقوبة نشر تفرض على كل من يرتكب جناية أو يرتكب جرائم القذف أو السب والإهانة بإحدى وسائل النشر والدعاية(13) وبما إن جريمة الضوضاء لا تقع تحت طائلة الجنايات وهي ليست من قبيل جرائم القذف أو السب أو الإهانة إذن فلا مجال لفرض هذه العقوبة على مرتكبها
رابعاً- التدابير الاحترازية:
وهي التي تفرض بحق شخص ارتكب فعلاً يعده القانون جريمة وان حالته تعّد خطرة على سلامة المجتمع، وهذه التدابير أما سالبة للحرية أو مقيدة لها أو سالبة للحقوق(14). ومن بين هذه التدابير التي تتناسب مع طبيعة جريمة الضوضاء كحظر ممارسة العمل، وسحب إجازة السوق، والتعهد بحسن السلوك، وغلق المحل .
1- حظر ممارسة العمل: وهو الحرمان من حق مزاولة مهنة أو حرفة أو نشاط صناعي أو تجاري أو فني تتوقف مزاولته على إجازة من السلطة المختصة قانوناً(15)،لا يفرض هذا التدبير في نطاق جريمة الضوضاء، حسب نص المادة 114 من قانون العقوبات العراقي .
2- سحب أجازة السوق : وهو انتهاء مفعول الإجازة الصادرة للمحكوم عليه وحرمانه من الحصول على إجازة جديدة خلال المدة المبينة بالحكم(16).مما لاشك فيه إن سحب إجازة السوق هو تدبير يفرض على من يرتكب جريمة عن طريق وسيلة نقل الية كأستخدامه لالة التنبيه(الهورن) في غير الحالات التي اجازها القانون حيث إنه تدبير يسهم بدرجة كبيرة في الحد من الضوضاء وبالتالي حماية السكينة العامة.
3- غـلق المحل: وهو المنع من استمرار صاحب المحل من مباشرة عمله الذي استخدم في ارتكاب الجريمة الذي يشكل خطراً على السكينة العامة، فالغلق ينصب في جانبه الأكبر على تقييد أو منع حق الفرد في استغلال ذلك المحل الذي يملكه أو يستأجره لتحقيق غرضه منه، ويختلف الغلق عن المصادرة، من حيث إن المحل المغلق لا ي صبح ملكا للدولة وإنما يبقى دائماً ملكاً لصاحبه حتى لو كان الغلق نهائياً، ويستتبع الغلق حظر ممارسة العمل أو التجارة أو الصناعة نفسها في المحل ذاته سواء كان ذلك بواسطة صاحب المحل أو احد أفراد أسرته أو أي شخص آخر يكون المحكوم عليه قد أجر له المحل أو تنازل له عنه بعد وقوع الجريمة كما ان هذا التدبير تفرضه المحكمة على شخص ارتكب جناية او جنحة (17).في ضوء ما تقدم لا يفرض هذا التدبير على مرتكب جريمة الضوضاء .
4- التعهد بحسن السلوك: وهو التزام المحكوم عليه بان يحرر وقت صدور الحكم عليه تعهداً بحسن سلوكه(18) فقد تساهم هذه العقوبة بالحد من الإخلال بالسكينة العامة ولتفادي التكرار لقد تم ذكر ذلك(19) .
____________________
[1]- ينظر نص المادة 89 من قانون العقوبات العراقي.
2- ينظر قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم 570لسنة 1982.
3- ينظر نص المادة (495/ثانياً) من قانون العقوبات العراقي رقم 111لسنة 1969.
4-تنظر الصفحة رقم 90 من هذه الدراسة .
5- ينظر نص المادة (2/2) من قانون منع الضوضاء رقم 21لسنة 1966.
6- ينظر البند (29/ج) من الملحق (آ) من قانون المرور العراقي رقم 86 لسنة 2004. وكذلك نص المادة (18/12) من قانون المرور (الملغي) رقم 48لسنة 1971.
7- ينظر نص المادة (2/ خامسا) من قانون حماية وتحسين البيئة رقم 3لسنة 1997.
8- سعدون العامري، تعويض الضرر في المسؤولية التقصيرية، منشورات مركز البحوث القانونية، بغداد، 1981، ص102-115.
9- ينظر نص المادة (99) من قانون العقوبات العراقي رقم 111لسنة 1969.
10- ينظر الفرع الثاني من المطلب الأول من الفصل الأول للباب الثاني من هذه الدراسة.
11- د. علي حسين الخلف و د. سلطان عبد القادر الشاوي، المرجع السابق، ص282.
12- ينظر قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم 169 الصادر بتاريخ 9/11/1997.
13- ينظر نص المادة 19 /3 / أ/ ب/ ج من قانون لعقوبات العراقي.
14- ينظر نصوص المواد(103-123) على التوالي من قانون العقوبات العراقي.
15- ينظر نص المادة (113) من قانون العقوبات أعلاه .
16- ينظر نص المادة (115) من قانون العقوبات ذاته.
17- ينظر نص المادة (121) من قانون العقوبات العراقي .
18- ينظر نص المادة (118) من قانون العقوبات أعلاه.
19- تنظر صفحة 92 من هذه الدراسة .
الجزاء المترتب على ارتكاب جريمة الضوضاء في التشريع المقارن :
وبما إن العديد من التشريعات المقارنة قد نصت على عقوبة مرتكب جريمة الضوضاء في كل من التشريع (المصري والسوري والبحريني والليبي والتونسي والفرنسي) .
أولاً- العقوبات الأصلية :
1- العقوبات المالية : الغرامات: فرض المشرع المصري الغرامة كعقوبة أصلية لجريمة الضوضاء وذلك بنص المادة (379/2) من قانون العقوبات المصري رقم 169لسنة 1981بقولها:(يعاقب بغرامة لا تتجاوز خمس وعشرين جنيه كل من ارتكب فعلاً من الأفعال الآتية:-
1-……..
2- من حصل منه في الليل لغطاً أو ضجيج مما يكدر راحة السكان)(1).
وكذلك ما جاء في قانون تنظيم استعمال مكبرات الصوت الذي يجرم أفعال مرتكبيها واستعمالها دون ترخيص من الجهات المختصة حيث تفرض غرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه(2)، وكذلك قرر عقوبة الغرامة على مرتكب جريمة الضوضاء في قانون المرور المصري رقم66 لسنة 1973 حيث فرضت غرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على خمسين جنيهاً كل من يسير مركبات تصدر عنها ضوضاء سواء من محركتها أم من العادم الذي وضع لتحسين أداء المحرك(3).فضلاً عن قانون تنظيم عمل الباعة المتجولين المصري رقم 33 لسنة1957 الذي قرر بموجبه فرض عقوبة الغرامة على كل مخالف لأحكامه والقرارات المنفذة له، حيث إنها تفرض على كل من يلاحق الجمهور بعرض سلعه أو ممارسة حرفة داخل وسائل نقل الركاب كالأوتوبيس أو التروماي أو القطارت أو المرور أو الوقوف في الشوارع والميادين والأحياء والأماكن التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الداخلية، أو الإعلان عن سلعة باستعمال الأجراس أو أبواق مكبرات الصوت أو أية طريقة أخرى يتسبب عنها إقلاق راحة الجمهور، أو بالمنادة أو بأية وسيلة أخرى في المواعيد التي يصدر بتحديدها قرار من المجلس البلدي(4).فضلاً عن ذلك قرر المشرع المصري هذه العقوبة في قانون البيئة رقم 3 لسنة 1994 حيث نصت المادة (87) منه بفرض الغرامة كعقوبة على من يتسبب في إحداث الضوضاء فيها بقولها:(يعاقب بغرامة… كل من خالف أحكام المادة 42منه…) والتي تقضي بفرض الغرامة كعقوبة على من يتسبب في إحداث الضوضاء نهاراً(5). وأيضاً قررت هذه العقوبة في القانون الجنائي السوري في نص م /744منه بالقول (يعاقب بالغرامة…….
آ- من أحدث ضوضاء أو لغط على صورة تسلب راحة الأهليين وكذا من حرض على هذا العمل أو اشترك فيه.
فضلاً عن المشرع البحريني الذي قرر في المادة (143/1) من قانون العقوبات البحريني ما يلي:- (كل من أتى فعلاً لا يجيزه القانون أو اغفل القيام بواجب يفرضه عليه القانون فسبب ذلك ضرراً أو خطراً أو مضايقة عامة للجمهور أو عاقهم أو ضايقهم أثناء مباشرة حقوقهم العمومية، يعتبر انه ارتكب جرماً يسمى إزعاجاً عاماً… بغرامة…).
فضلاً عن المشرع التونسي حيث جاء في الفصل (316) من العقوبات التونسي ما يلي:(يعاقب بخطية قدرها عشرين فرنكاً…. سادساً:- مرتكبو كثرة الحس أو الغوغاء أو المشاركون لهم في ذلك مما من شأنه تحيير راحة السكان) (6). بالاضافة الى للمشرع الفرنسي الذي جرم الضوضاء في نصوص تشريعية خاصة حيث عاقب كل من يخلق هذه جريمة بالغرامة وذلك في نص المادة(36) من قانون العقوبات الفرنسي بقولها: (يعاقب بالغرامة…من يحدث ضوضاء تتسبب في إقلاق راحة النائمين) (7).
2- العقوبات السالبة للحرية:
الحبس: وهي إيداع المحكوم عليه في المنشآت العقابية المخصصة لهذا الغرض وهذه العقوبة تكون اختيارية مع عقوبة الغرامة حيث جاء في المادة(11) من قانون الباعة المتجولين المصري رقم 33 لسنة1957: (…وفي حالة العود يعاقب المخالف بغرامة…أو الحبس أو بإحدى هاتين العقوبتين)(8). وكذلك نص المشرع البحريني في المادة(143/1) (كل من أتى فعلاً لا يجيزه القانون أو اغفل القيام بواجب يفرضه عليه القانون فسبب ذلك ضرراً أو خطراً أو مضايقة عامة للجمهور أو ضايقهم أثناء مباشرة حقوقهم العمومية يعتبر انه ارتكب جرماً يسمى إزعاجاً عاماً، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة واحدة…) وكذلك المادة (144/ج) منه (كل من تصرف في أي محل عمومي تصرفاً يحتمل أن يحدث إزعاجاً للسكان… يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز……)(9). وكذلك المشرع السوري في المادة (746) من قانون العقوبات السوري بقوله:(من عرض على الطريق العام بدون ترخيص يا نصيب أو أي لعبة أخرى وأزعج المارة عوقب بالحبس التكديري) أما بالنسبة للمشرع الفرنسي فقد قضى بعقوبة الحبس على مرتكب جريمة الضوضاء في حالة تكراره لفعله وهي ثمانية أيام(10).
ثانياً- العقوبات التكميلية:
من العقوبات التكميلية التي فرضها التشريع المقارن على مرتكب جريمة الضوضاء هي المصادرة وهي عقوبة عينية تنقل ملكية أشياء معينة الى الدولة، ومن القوانين التي نصت على المصادرة كعقوبة تكميلية لحماية السكينة العامة قانون تنظيم استعمال مكبرات الصوت حيث جاء في المادة الخامسة من بأنه:(يعاقب ….من يزعج المارة بمصادرة الآلات والأجهزة التي استعملت في ارتكاب الجريمة)(11). وكذلك قانون البيئة رقم 4لسنة 1994المصري جاء في المادة 87 منه: (يعاقب ……من يرتكب جريمة الضوضاء مع مصادرة الأجهزة والمعدات المستخدمة في تجاوز الحدود المسموح بها لشدة الصوت)(12). وكذلك المشرع السوري نص في المادة (746/2) على عقوبة المصادرة كجزاء مقرر لمن يرتكب جريمة الضوضاء بإزعاج المارة من خلال عرض اليانصيب أو أي لعب أخرى على الطريق العام وذلك بقولها:(من عرض على الطريق العام …………. .. …1-……
2- وتصادر الأشياء التي استخدمت لارتكاب الفعل أو التي كانت معدة لارتكابه)(13).
___________________
[1]- ينظر قانون العقوبات المصري وفقاً لأخر تعديلاته، الطبعة السادسة، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، القاهرة، 1993، ص142. أشار إليه داود الباز، المرجع السابق، ص239.
2- د.عبد الحميد الشواربي، تشريعات البلدية، دار المطبوعات الجامعية، 1985،ص569.
3- د.داود الباز، المرجع السابق، ص228.
4- د.داود الباز، المرجع ذاته، ص228.
5- نصت المادة (42) من قانون البيئة المصري لسنة 1994{يعاقب بغرامة من تسبب بإحداث الضوضاء نهاراً}.
6- مجموعة القوانين العربية، مكتبة كلية القانون، جامعة بغداد.
7- ينظر نص المادة(36( من قانون العقوبات الفرنسي، أشار إليها داود الباز، المرجع السابق، ص196.
8- ينظر نص المادة (11) من قانون الباعة المتجولين المصري، رقم33 لسنة1957.
9- تنظر مجموعة القوانين العربية، مكتبة كلية القانون، جامعة بغداد.
10- ينظر نص المادة(37) من قانون العقوبات الفرنسي ، أشار إليها د.داود الباز، المرجع السابق، ص196.
11- ينظر نص المادة (5) من قانون تنظيم استعمال مكبرات الصوت رقم 42لسنة 1949المعدل.
12- ينظر نص المادة (87) من قانون حماية البيئة المصري، رقم4لسنة1994.
13- مجموعة القوانين العربية، مكتبة كلية القانون، جامعة بغداد.
المؤلف : ندى صالح هادي الجبوري