دراسات قانونيةسلايد 1
بحث عن طلب التخصيص ( فرز المناب الشائع ) لدى المحكمة العقارية بتونس
مقدمة: إن الخروج من حالة الشياع يدخل أيضا في إطار إختصاص المحكمة العقارية عملا بأحكام الفصل 06 من القانون عــــ34ـــــدد لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001 والمتعلق بتحيين الرّسم العقاري والذي أورد أنّ من ضمن إختصاص دائرة الرّسم العقاري مؤسسة ” التّخصيص “، والمقصود بالتّخصيص هو عملية إقتطاع أجزاء شائعة قابلة للفرز تقابل المنابات الشائعة الرّاجعة لطالب التّخصيص وذلك من عموم الرّسم العقاري الأم المملوك لحملة من المستحقين ويكون نتيجة هذا الإفراز أو الإقتطاع تجزئة العقار إلى قطعتين أو أكثر بحسب موضوع مطلب التخصيص.
I- مبرّرات اللّجوء إلى طلب التّخصيص لدى المحكمة العقارية :
إن لجوء المستحقّ على الشياع في عقار إلى آلية التّخصيص يدخل في إطار الحدّ من حالة الشيوع التي تعاني منها جلّ الرّسوم العقارية.
كما أنّ اللّجوء إلى التّخصيص لدي المحكمة العقارية قد يبرّره أيضا رفض إدارة الملكية العقارية مطلقا مطالب التّخصيص في غياب وجود حكم قضائي أو قسمة رضائية أو قضائية وسبب رفض الأدارة لمطلب التّخصيص المجرّد يكون عادة مطالبة طالب التخصيص بالإدلاء بمصادقة جميع شركاؤه في العقار حتىّ مع فرض التّسليم بوجود شيوع صورى أي واقعي قفد يدلي طالب التّخصيص بمثال هندسي نهائي معتمد قانونا يجسم أو يقابل مناباته الشائعة بالرّسم مع شهادة تطابق من ديوان قيس الأراضي أو من طرف مهندس مساح معتمد لدى الديوان المذكور أو بمحضر تحديد تقسيم من نفس الدّيوان ومع ذلك فإنّ مطلبه في التّخصيص موجب للرفض لأنّه في عديد الأحيان تفرز نتيجة التجزئة، قطعة تمسح أكثر من المنابات الشائعة المستحقة وهو شرط مانع للتخصيص بإعتبار وأنّه يجب تحديد مآل ذلك الفارق ومن منابات من سيقع خصمه وعموما فقد يكون السبب غير المعلن في رفض مطالب التّخصيص المجرّدة هو إتجاه الإدارة إلى تأويل مطالب التّخصيص على أنّها مقاسمات مبطّنة فيها تذاكي على القانون من خلال التفصّى من دفع معلوم نقل القباضة الماليّة ومعلوم الترسيم بإدارة الملكية العقارية وقدره 1% والمستوجب في المقاسمات كما أن تبرير اللجوء إلى قضاء المحكمة العقارية لغاية التّخصيص ولو بدون الحصول على مصادقة إدارية على التقسيم من طرف السلط المحليّة و الجهوية حيث يقدّم ملف التّخصيص برمّته إلى ديوان قيس الأراضي الذي يتولّى إنشاء مقاسم دون مصادقة وقد تكون المقاسم المفرزة مخالفة للترتيب العمرانية ولا تحترم متطلبات التهيئة والتعمير.
II- شروط التّخصيص :
إن طلب التّخصص يقطعه مفرزة يقتضي توفر شروط معنية وهي تتنوع بين شروط شكليّة (أ) وأخرى جوهرية (ب).
الشروط الشكلية :
إن طلب التّخصيص لدى المحكمة العقارية يعتبر إجراء غير معقد نسبيّا مقارنة بدعوى القسمة التي تقام لدى المحكمة الإبتدائية ويكتفي الطالب بإنابة محامي وجوبا الذي يتولى تقديم مطلب تحيين في حقه لدى المحكمةلعقارية من خلال عريضة يقع تعميرها كالتّنصيص بها على هوية طالب التّخصيص ومعرّف الرسم العقاري وبيان نوع الحق المطلوب التخصيص به وغالبا ما يكون الحقّ مرسّما بدفتر الملكية العقارية ( شراء – تنازل – معارضة – هبة … إلخ ).
و لا ينصب التخصيص على حق الملكية فقط وإنّما يمتدّ إلى جميع الحقوق العينية المنصوص عليها بالفصل 12 م ج ع ، ثم يتولى كاتب المحكمة العقارية توجيه نظير من المطلب ومضمون منه مع نسخ من المؤيدات إلى إدارة الملكية العقارية المعنية بإشهار مطلب التّحيين.
مع الإشارة أن النّظر في مطلب التّحيين من القاضي لا يتم إلا بعد التّحقق من إشهاره بدفتر الملكية العقارية من خلال إدلاء طالب التّخصيص بنسخة مصوّرة من الرّسم العقاري أو بنسخة إدارية منه عن طريق التّسلسل الإداري.
الشروط الجوهرية :
يمكن تقسيمها إلى (1) شرط أوّلي وإلى (2) شروط تكميلية :
الشرط الأوّلي : وجود شياع صوري : والمقصود به قابلية فرز منابات طالب التخصيص وإقتطاعها من عموم الرّسم الأم،ولأجل ذلك فإن القاضي مطالب بالتحقق من إستقلال طالب التّخصيص بأجزاءه الشائعة أو بمنابه المحدّد مع الإشارة أن الشيوع الصوري غالبا ما يكون مسبوقا بمشروع تقسيم إداري لكن المالك الأصلي للعقار قد يتقاعس عن إتمام الإجراءات الفنية للتقسيم لدى السلط المحلية والجهوية وذلك لأسباب ماديّة أو بسبب عدم الموافقة على مشروع التقسيم من الإدارة المعنيّة وبناءا عليه فإنّ ثبوت وجود شيوع صوري ولا حقيقي يمكن إستنتاجه بسهولة من القاضي المتعهد من ذلك وجود مثال هندسي وقتي يشخّص المناب القابل للإفراز حدّا وموقعا ومساحة وأطرافا بشكل يضبط حدود حصّة الشريك في الملك وقابلية منابة للفرز بعد أن يحصل للقاضي قناعة بأنّ واقع العقار غير متطابق مع حالته القانونية وقد إستقر فقه قضاء المحكمة العقارية على أنّ التخصيص مستنتج من إستئثار طالب التخصيص بالحق الشائع المتحوّز به أو إعتماد مثال تقسيمي على خلاف الشيوع الحقيقي الذي يتعذّر معه فرز مناب الشريك وقد يلجأ قاضي الرسم المتجمّد إلى إصدار حكم تحضيري يقضي فيه بتعهيد القاضي المقرر ملف التّخصيص لأجراء توجه على العين صحبة الخبير المنتدب لتطبيق سند ملكية العارض على العين وبيان موضوع إمتياز طالب التخصيص وتشخيصه في قطعة يتم توضيحها على مثال مصاحب لتقريره ثم ينهي الخبير أبحاثه ويقوم بتضمينها طلب تقريره الممضي والمؤرخ والذي يرفعه إلى قاضي الرّسم المجمّد وهذا الأخير يأذن ديوان قيس الأراضي بتجزئة الرّسم وذلك طبق تقرير الإختبار المقدّم من الخبير والمثال الهندسي المضاف له. ولا يكفي توفر الشرط الأولي المتمثل في وجود شياع صوري لعموم العقار المعني بالتخصيص ضرورة أن فقه القضاء أوجد شروط تكميلية وهي الحوز و مصادقة الشركاء.
شرط الحوز : يمكن تعريف الحوز بكونه وضع اليد وهو سيطرة فعلية أو مادية على الحق بنية التّصرف فيه كمالكه ولذلك فإنّ الحوز يقوم على وضعية واقعيّة يتوفر ركنها المادي في السيطرة المادية على الحق أو المناب الشائع سواء كان ذلك بطريقة مباشرة أو بواسطة أو بواسطة ومثال ذلك شراء شخص مناب شائع وبناءه والسكن فيه بنفسه أو من خلال كراءه للغير أمّا الرّكن المعنوي فيقوم على تصرف الحائز في المناب الشائع كأنّه مالكه وقد إعتبرت محكمة التعقيب أنّ نية التمل تعني أنّ ينسب الحائز حقّ الملكية لنفسه وأن ينسبه، النّاس إليه، وعلى ضوء ذلك فعلى القاضي المقرّر المتعهد بملف التخصيص أن يتحقق من ثبوت الحيازة في طالب التخصيص من خلال الحيازة الفعلية المستمرّة دون تقطع وبصورة علنية وظاهرة ودون شغب من أحد لأن الحائز الذي يفتك الحوز من غيره بالقوة إنّما ذلك يدخله تحت طائلة جريمة إفتكاك حوز بالقوة المنصوص عليها بالفعل 55 م.م.م.ت لأن المشرع يحمي الحيازة مطلقا سواءا كانت حيازة أصلية أو عرضية. وبالتالي فإن التخصيص إذا إفتقر إلى شروط الحوز فإنه الحوز يصبح معيبا ولا يمكن الإحتجاج أو الدفع به لدى المحكمة العقارية.
إنّ دور القاضي هو إثبات تميّز طالب التخصيص بمناب قابل للإفراز ومحدّد كيفما وقع ضبطه من خلال سند ترسيم طالب التخصيص والذي قد يكون سنده المرسم إمّا مصدره الشيوع الوراثي أي الإرث أو الشيوع العادي ( حلّ حبس – معاوضة … إلخ ) من خلال ثبوت وضع اليد على القطعة موضوع مطلب التخصيص وعدم إثارة نزاع إستحقاقي جدّي من أحد الشركاء في الملك وهو ما يثبت للقاضي أن حالة الشيوع التي عليها العقار هو شيوع صورى ولا حقيقي.
ضرورة مصادقة الشركاء : تتمثل أساسا في مطالبة صاحب التّخصيص بالإدلاء بمصادقة خطية للشركاء في الملك أو من حلّ محلّهم على أعمال الإختيار المضمنة صلب تقرير الخبير و المثال المصاحب له وقد يلجأ القاضي إلى التحارير المكتبية للحصول على مصادقة الشركاء كما يمكن أن تكون المصادقة ضمنية من خلال غياب التّداخلات أو الإعتراضات على مطلب التّحيين موضوع التخصيص حيث يتعيّن على القاضي في صورة وجودها البت فيها كرفض التّداخلات لعدم جدّيتها أو يفرد التّداخلات بمطلب تحيين مستقلة بحكم إرتباطها ماديّا بمطلب التحيين الأصلي المرفوع من طالب التّخصيص.
III- آثار التخصيص :
هي إمّا فوريّة (أ) أو لاحقة (ب).
الآثار الفورية :
قد تفرز نتيجة التجزئة وجود فارق في المساحة موضوع القطعة المزمع إستخراجها من عموم الرّسم الأم والتي قد لا تقابل نسبة المنابات الرّاجعة لطالب التخصيص بالرّسم. لذا يجب تحديد مآل الفارق فإذا كانت مساحة القطعة المقررة تزيد مناب طالب التخصيص. فعادة ما يكون الإذن بالخصم من مناب المالك الأصلي بعد التحرير عليه أو من مناب جميع المستحقين بالرّسم مثل حالة المستحقين بموجب حلّ حبس … إلخ ).
أمّا إذا كانت المنابات الشائعة الرّاجعة لطالب التّخصيص تفوق المساحة المزمع إقتطاعها فإنّ القاضي في هاته يأذن بإعتبار أنّ مازاد عن المساحة المقتطعة هو مساهمة المعني بالتّخصيص في الطريق العام إذا كان التّخصيص شاملا لجميع مستحقي الرّسم ومن الآثار الفورية أيضا الإذن بنقل مفعول التحملات والشروط المسلطة على كامل الرّسم العقاري الأم وكذالك التّحملات المسلطة عل منابات طالب التّخصيص على الرّسم العقاري المأذون بإحداثه.
كما يجوز للقاضي ختم إجراءات التحيين في خصوص الرّسم العقاري المأذون بإحداثه والمكوّن للقطعة موضوع طلب التّخصيص وبالتّالي إخضاعه لمبدأ المفعول المنشئ للرّسم والإجراء سند الملكية .
الآثار اللاّحقة : وهي خصوصا تحرّر طالب التّخصيص من حالة الشياع و إستقلاله برسم عقاري جديد
يسمح له بالبناء فوقه جملة من الطوابق وفق ما يسمح به مثال التهيئة العمرانية وتغيير تجزئته العامة دون مصادقة أو ترخيص من أحد ( عدى ترخيص البناء الصادر عن السلط المحلية ) وهو ما يتيح للمالك حرّية التفويت والرّهن وضمان الإستحقاق للمفوّت له.