دراسات قانونيةسلايد 1

مدلول وخصائص فكرة النظام العام في مجال الضبط الاداري (بحث قانوني)

يلاحظ أن فكرة النظام العام في مجال القانون الداخلي تختلف عن فكرة النظام العام في مجال القانون الدولي الخاص فهي في مجال القانون الداخلي تتلخص في القواعد الآمرة التي لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها وإلا كان هذا الاتفاق باطلاً. أما في مجال القانون الدولي الخاص فان فكرة النظام العام تتلخص في استبعاد تطبيق القانون الأجنبي الذي اشارت إليه قاعدة الإسناد الوطنية اذا كـان تـطبيقه يؤدي إلى المساس بالمبادئ والأسس التي يقوم عليها المجتمع الوطني ، ومن هنا جرى الفقه التقليدي على التفرقة بين النظام العام الداخلي والنظام العام الدولي. (1) فالنتيجة التي تترتب على اعمال فكرة النظام العام في المجال الداخلي تختلف عن النتيجة التي يؤدي إليها اعمال هذه الفكرة في مجال القانون الدولي الخاص ، ففي المجال الاول لا يؤدي اعمال هذه الفكرة الى تغيير في الاختصاص التشريعي بل على العكس تأكيد هذا الاختصاص. أما في المجال الثاني فيترتب على اعمال فكرة النظام العام تغيير في الاختصاص ، وذلك عن طريق استبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق أصلاً بحكم النزاع. كما انه يجب أن نلاحظ أن مجال اعمال فكرة النظام العام في العلاقات ذات الطابع الدولي أضيق من مجال اعمال فكرة النظام العام في علاقات القانون الداخلي ، وعلى ذلك فان كل ما يعتبر من النظام العام في العلاقات ذات الطابع الدولي يعد حتماً من النظام العام في المجال الداخلي ، ولا يجوز للافراد الاتفاق على ما يخالفه. (2)

وإذا كان الفقه التقليدي قد جرى على التفرقة بين النظام العام الداخلي والنظام العام الدولي ، إلا أن الفقه الحديث قد انتقد هذه التفرقة(3) وذلك على أساس انها تفرقة خادعة وخاطئة ، ففكرة النظام العام الدولي لا يمكن تصورها حيث لا توجد سلطة عليا فوق الدول يمكن لها أن تفرض هذا النظام ، كما أن النظام العام في القانون الدولي الخاص يتسم بصفته الوطنية دائماً ، فضلاً عن ذلك فان النظام العام الدولي هو في الحقيقة نظام عام داخلي ، فالنظام العام الدولي والنظام العام الداخلي هما النظام العام للدولة أو النظام العام الوطني ، ولكن مقتضيات ذلك النظام ليست واحدة في العلاقات الداخلية وفي العلاقات الخاصة الدولية. (4) وفكرة النظام العام في القانون الدولي الخاص تعرف بأنها “فكرة مجردة مؤداها وجود نظام عام في الدولة ، وعبارة عن نظام المجتمع الأعلى ، وهو نظام متعدد الجوانب من خلقية واجتماعية واقتصادية وسياسية ، فهو حالة تختلف من مكان الى اخر وهو بعد متغير على مر الزمان”.(5)

كما تعرف فكرة النظام العام في القانون الدولي الخاص أيضاً بأنها “انعكاس للرأي العام وللأفكار السائدة في مجتمع دولة القاضي في زمن معين ، وهذه الأفكار قابلة للتطور والتغير باستمرار كما انها ليست واحدة في الدول المختلفة حتى يمكن وضعها في قالب علمي واضح”.(6) أما عن فكرة النظام العام في مجال الضبط الاداري فانه من الصعوبة بمكان وضع تعريف جامع مانع لها ، ولذلك نجد ان المشرع-سواء في فرنسا أو في مصر او في العراق او في اليمن -يمتنع عن القيام بوضع تعريف ثابت ومحدد للنظام العام لان ذلك يتنافى مع طبيعة النظام العام الذي يتسم بالمرونة والتطور ، ويكتفي المشرع عادة بالإشارة إلى بعض صور المحافظة على النظام العام تاركاً هذه المهمة الصعبة للفقه و القضاء.(7) وفكرة النظام العام في مجال الضبط الاداري تمثل الهدف أو الغاية التي تسعى سلطات الضبط الاداري لتحقيقها ، ومن ثم لا يجوز لهذه الأخيرة أن تبتغي بإجراءاتها الضبطية تحقيق أهداف أخرى غير المحافظة على النظام العام ، حتى ولو كانت هذه الاهداف تتصل بالمصلحة العامة ، وإلا كانت هذه الإجراءات مشوبة بالانحراف بالسلطة.(8) ومن ثم فانه من الأهمية بمكان تحديد إطار فكرة النظام العام باعتبارها أساس تدخل سلطات الضبط الاداري في مجال الحريات العامة للافراد ، ولذلك اتجه الفقه والقضاء الى تحديد عناصر النظام العام وحصرها في ثلاثة عناصر أساسية هي الأمن العام ، والصحة العامة ، والسكينة العامة ، وهذه العناصر تشكل المفهوم التقليدي للنظام العام.(9) بيد ان النظام العام لا يقتصر على هذه العناصر التقليدية الثلاثة ، وإنما يتسع ليشمل عناصر أخرى جديدة طرأت على المفهوم التقليدي للنظام العام نتيجة للتطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تحدث في المجتمع.(10) وتتميز فكرة النظام العام بخصائص عدة أو سمات تميزها عن غيرها من الأفكار الأخرى.

وبناءً على ما تقدم فان فكرة النظام العام في مجال الضبط الاداري كثير التعرض لعدد من الموضوعات وهي:

أولا: مدلول فكرة النظام العام.

ثانيا: الخصائص المميزة لفكرة النظام العام.

ونتناول دراسة هذه الموضوعات في الآتي :

أولاً : مدلول فكرة النظام العام

لكي تتضح فكرة النظام العام وتظهر ملامحها وحدودها يتعين علينا أن نتعرض لموقف المشرع من مفهوم النظام العام ، ثم موقف الفقه ، وأخيراً لموقف القضاء الاداري من مفهوم النظام العام.

1.موقف المشرع من مفهوم النظام العام.

2.موقف الفقه من مفهوم النظام العام.

3.موقف القضاء الاداري من مفهوم النظام العام.

1.موقف المشرع من مفهوم النظام العام

يلاحظ أن النصوص التشريعية سواء في فرنسا أو مصر او العراق او اليمن لم تتكفل بتحديد مفهوم النظام العام تحديداً شاملاً أو محدداً ، وإنما اكتفت هذه النصوص بالإشارة إلى بعض عناصر النظام العام ، وبالتالي فهي لم تحدد أغراض الضبط الاداري بصورة واضحة ومحددة. (11) ويرجع هذا الموقف من جانب المشرع الفرنسي والمصري وكذلك العراقي واليمني الى أن مرونة فكرة النظام العام تحول دون تحديدها تحديداً دقيقاً ، أو أن هذا التحديد لا يتفق والتطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يحدث في المجتمع.(12)

أ. موقف المشرع الفرنسي

لم يضع المشرع الفرنسي مفهوماً محدداً للنظام العام وإنما اكتفى بالإشارة إلى العناصر التي يتكون منها ، ويتضح هذا الأمر من نص المادة (97) من القانون الصادر في 5 أبريل سنة 1884 ، حيث انها اشارت الى أن العناصر الأساسية التي يتكون منها النظام العام ويختص البوليس المحلي بالمحافظة عليها ، وهذه العناصر هي الأمن العام ، والصحة العامة ، والسكينة العامة وحسن النظام.(13) وجدير بالذكر ان القانون الصادر في 5 أبريل سنة 1884 قد عدل تعديلات كثيرة أهمها المرسوم الصادر في 5 نوفمبر 1926 والمرسوم الصادر في 3 أكتوبر 1935 بيد انه لم يترتب على هذه التعديلات أية آثار في هذا الخصوص. ويلاحظ في هذا الصدد ان المادة (97) من قانون 5 أبريل سنة 1884 تقابل الفقرة الثانية من المادة (131) من قانون البلديات (Code des communes) الصادر في 27 يناير 1977 ، وهذه بدورها أصبحت حالياً الفقرة الثانية من المادة 2212 من القانون الجديد رقم 142 الصادر في 21 فبراير 1996 والذي يتعلق بالجماعات الإقليمية أو المحلية(14) Code general des collectivittes territorialles وهاتان المادتان 131 ، 2212 ، لم تضعا مفهوماً محدداً للنظام العام ، وإنما أشارتا فقط الى العناصر الأساسية التي يتكون منها هذا النظام وهي الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة .

ب. موقف المشرع المصري

لم يختلف موقف المشرع المصري عن نظيره الفرنسي من تحديد مفهوم النظام العام ، ومن ثم فانه لم يضع تعريفاً محدداً وثابتاً للنظام العام ، وإنما اكتفى بتحديد عناصر معينة تدخل في مفهوم النظام العام الذي تحميه سلطات الضبط الاداري.(15) ويتبين هذا الأمر من مطالعة نصوص القوانين المتعاقبة التي تحدد اختصاصات هيئة الشرطة ، وهي القانون رقم 234 لسنة 1955 والقانون رقم 61 لسنة 1964، وأخيراً القانون رقم 109 لسنة 1971 ، حيث ان هذه النصوص لم تحدد مفهوم النظام العام على نحو دقيق ، وإنما إكتفت بالإشارة إلى بعض عناصره ، فقد نصت المادة الثالثة من القانون رقم 109 لسنة 1971 (16)على ان “تختص هيئة الشرطة بالمحافظة على النظام والأمن العام والآداب العامة وحماية الأرواح والأعراض والأموال وعلى الأخص منع الجرائم وضبطها ، كما تختص بكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين في كافة المجالات ، وتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات”. وهذا النص ورد تقريباً بالمعنى نفسه مع اختلاف بسيط في الألفاظ في القانونين السابقين السالف الإشارة إليهما ، ويلاحظ جانب من الفقه المصري على هذه النصوص انها يكتنفها الغموض فهي لم تحدد صراحة كل أغراض الضبط الاداري(17) وإنما اشارت إلى أحد عناصر النظام العام دون بقية العناصر ، حيث ذكرت أحد العناصر وهو الأمن العام دون العنصرين الآخرين وهما السكينة العامة والصحة العامة.(18) ومع ذلك ذهب رأي في الفقه المصري الى القول بأن المشرع المصري “وان كان لم يشر صراحة الى عنصري السكينة العامة والصحة العامة ضمن عناصر النظام العام ، إلا انه قد أشار إليهما ضمناً ويمكن الاستدلال عليهما من روح النص وسياقه “. (19) وجدير بالذكر أن المشرع المصري قد أضاف عنصراً رابعاً الى عناصر النظام العام الثلاثة التقليدية ، وهذا العنصر الرابع هو الآداب العامة، ومن ثم يجوز لسلطات الضبط الاداري التدخل لحماية النظام العام الأدبي أو الخلقي (20) .

ج. موقف المشرع اليمني

لم يختلف المشرع اليمني عن قرينه المشرع المصري فقد نحا على المنوال نفسه تقريبا فقد نصت المادة 39 من الدستور اليمني الحالي على انه “الشرطة هيئة نظامية تؤدي واجبها لخدمة الشعب ، وتكفل للمواطنين الطمأنينة والامن وتعمل على حفظ النظام والامن العام والآداب العامة وتنفذ ما تصدره إليها السلطة القضائية من أوامر كما تتولى تنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح وذلك كله على الوجه المبين في القانون”.(21) اما قانون الشرطة اليمني حيث نص على “ان تختص الشرطة…بالحفاظ على النظام والامن العام والآداب العامة وحماية الأرواح والاعراض والأموال العامة والخاصة والمختلطة والشخصية والوقاية من الجريمة وضبطها واجراء التحقيق الأولى بشأنها مما يؤدي الى الطمأنينة والامن والسكينة للمواطنين”.(22) بمعنى انه من خلال النصوص الدستورية والقانونية اليمنية لم يحدد مفهوم النظام العام ولم يضع تعريفا محددا للنظام العام لكنه أشار الى عناصر معينة ويتبين هذا الامر من خلال النصوص سالفة الذكر إضافة الى ذلك فقد سار المشرع اليمني على منوال المشرع المصري عندما حدد عنصرا اخر وهو عنصر الاداب العامة إضافة الى عناصر النظام العام الثلاثة التقليدية . وعليه يجوز لسلطات الضبط الاداري في اليمن حماية النظام العام الادبي او الخلقي. اما المشرع العراقي فهو الأخر لم يحدد مفهوم النظام العام ولم يضع تعريفا محددا للنظام العام وقد نصت المادة 18 من قانون وزارة الداخلية رقم 133 لسنة1980 على ” تقوم مديرية الشرطة العامة بالمحافظة على النظام العام والإسهام بتوطيد الامن العام ومكافحة الإجرام باتخاذ الأساليب والوسائل العلمية والفنية” وهو ما أكدته المادة 19 من القانون نفسه على ان “تباشر مديرية الامن العام بالمحافظة على سلامة وأمن البلاد الداخلي”.

2.موقف الفقه من مفهوم النظام العام

لم يتفق الفقه على مفهوم واحد للنظام العام ، وإنما اختلف في تحديد هذا المفهوم اختلافاً بيناً ، ويرجع ذلك الى أسباب عدة هي :

1.إن المشرع اليمني والمصري والعراقي والفرنسي لم يضع تعريفاً محدداً أو ثابتاً لمفهوم النظام العام ، ولذلك كان تحديد هذا المفهوم محلاً لاجتهاد الفقهاء.(23)

2.مرونة فكرة النظام العام ونسبيتها وعدم استقرارها أو ثباتها ، فهي تختلف من دولة الى أخرى بل ومن زمن الى اخر داخل الدولة الواحدة ، فما يعتبر من النظام العام في عصر ما قد لا يعتبر كذلك في عصر اخر.(24)

3.تباين نظرة الفقهاء الى فكرة النظام العام حيث ينظر كل فقيه الى هذه الفكرة من زاوية معينة تختلف عن الزاوية التي ينظر منها الفقيه الأخر.

لكل هذه الأسباب السابقة اختلف الفقه في تحديد مفهوم النظام العام،(25) فذهب جانب من الفقه الى الأخذ بالمفهوم الضيق للنظام العام ، بينما اتجه جانب اخر الى الأخذ بالمفهوم الواسع للنظام العام ، ونعرض ما يلي لموقف الفقه الفرنسي ، ثم نتبعه بموقف الفقه المصري ومن ثم موقف الفقه اليمني وأخيرا موقف الفقه العراقي ، وذلك على النحو التالي:

أ: موقف الفقه الفرنسي

اختلف الفقه الفرنسي في تحديد مفهوم النظام العام اختلافاً كبيراً ، وذهب في ذلك مذاهب شتى ، فقد ذهب جانب من الفقه الى أن النظام العام المقصود في مجال الضبط الاداري هو النظام العام المادي الخارجي أي استتباب النظام المادي في الشوارع ، وعلى ذلك فالجانب الأدبي للنظام العام والذي يتصل بالمعتقدات والأحاسيس والأفكار لا يدخل في وظيفة الضبط الاداري، إلا اذا اتخذ الإخـلال به مظهراً خطيراً من شأنه تهديد النظام العام المادي بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، ففي هذه الحالة يجوز لسلطات الضبط الاداري ان تتدخل لمنع هذا الإخلال. (26) وذهب رأي اخر الى ان النظام العام يقصد به : “مجموع الشروط اللازمة للأمن والآداب العامة التي لا غنى عنها لقيام علاقات سليمة بين المواطنين. (27) وعلى ذلك فان النظام العام طبقاً لهذا الراي يتسع ليشمل الجانب الأدبي أو المعنوي الى جوار الجانب المادي. وذهب رأي ثالث الى ان النظام العام هو: “ذلك التنظيم الذي يتسع ليشمل جميع أبعاد النظام الاجتماعي ، فهو بذلك يشمل النظام المادي والأدبي والنظام الاجتماعي. (28) وأخيراً ذهب رأي رابع الى تعريف النظام العام بأنه “نظام سلبي يعتمد على التخلي المحدود للدولة في مجال الأنشطة الفردية ، فالنظام العام يعني اختفاء الاضطرابات ويقوم على حماية قواعد اجتماعية معينة وردت في المادة (97) من قانون 5 أبريل 1884”.(29)

ب: موقف الفقه المصري

اختلف الفقه المصري أيضاً في تحديد النظام العام اختلافاً كبيراً ، فذهب رأي في الفقه الى أن النظام العام المقصود في مجال الضبط الاداري هو : “النظام العام المادي فقط أي الأمن العام والسكينة العامة والصحة العامة(30) ، فلا شان للضبط الاداري بحالة المجتمع المعنوية او الروحية ولا شأن له بالأفكار والعقائد التي تسود المجتمع ولو كانت ضارة بالنظام الاجتماعي إلا اذا كانت لهذه الأفكار والعقائد مظهر خارجي يهدد النظام العام المادي ، فهنا تتدخل سلطات الضبط الاداري لمنع هذا الإخلال.

وذهب رأي آخر الى أن النظام العام : “ظاهرة قانونية الغرض منها حماية الأسس التي يقوم عليها المجتمع ، ولذلك فالنظام العام يشمل النظام المادي والنظام الادبي”.(31)

ج. موقف الفقه اليمني

اختلف الفقه اليمني كذلك في تحديد مفهوم النظام العام وذهب رأي في الفقه الى ان النظام العام هو حالة مادية او معنوية لمجتمع منظم ، فهو الأفكار الأساسية للقانون والمجتمع فهو حالة وليست قانونا واحيانا تكون مادية فتوجد في المجتمع وفي الأشياء ، كما انها أحيانا أخرى تكون معنوية تسود المعتقدات والاخلاق وأحيانا أخرى تكون هذه الحالة هي الأمرين معا.(32)

وأخيراً ذهب رأي اخر الى أن النظام العام : “ظاهرة مرنة ونسبية تشكل مجموعة من القواعد القانونية الأمرة التي لا يجوز مخالفتها وتجد مصادرها في القوانين أو العرف أو التقاليد ، وهي تختلف باختلاف النظام السائد في الدولة زماناً ومكاناً. (33)

د. موقف الفقه العراقي

أما الفقه العراقي فقد عرف النظام العام الاستاذ الدكتور ابراهيم طه الفياض بانه “عبارة شاملة لكل أمر او غرض يسمح للنشاط الضبطي بالتدخل لحمايته وذلك بتقييد الحريات الفردية وصيانتها”.(34) أما استاذنا الدكتور ماهر صالح علاوي الجبوري فقد عرف النظام العام بانه “مجموعة مصالح عليا مشتركة لمجتمع ما في زمن معين يتفق الجميع على ضرورة سلامتها”.(35) ويرى انه من الصعوبة بمكان وضع تعريف جامع مانع للنظام العام وذلك لان النظام العام بطبيعته فكرة نسبيه مرنة ومتطورة يمكن أن تختلف من دولة الى أخرى بل ومن زمن الى اخر داخل الدولة الواحدة حسب فلسفة النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي السائد في الدولة(36)، ومن ثم يمكننا تعريف النظام العام بأنـه “ظاهرة قانونية واجتماعية تشكل مجموعة من القواعد الأساسية في المجتمع والتي لا يجوز مخالفتها بأي حال من الأحوال وإلا تحلل المجتمع نفسه ، وهذه القواعد تجد مصدرها في القوانين أو العرف أو أحكام القضاء ، وهي تتصف بالمرونة والنسبية ، وتختلف باختلاف النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي السائد في الدولة”.

3.موقف القضاء الاداري من مفهوم النظام العام

لكي نبين موقف القضاء الاداري من مفهوم النظام العام يتعين علينا دراسة موقف مجلس الدولة الفرنسي ومن ثم موقف مجلس الدولة المصري ثم نتبعه بموقف القضاء اليمني وذلك على النحو الاتي:-

أ . موقف مجلس الدولة الفرنسي

اتجه مجلس الدولة الفرنسي في بداية الأمر إلى تبني الاتجاه الفقهي الذي ذهب الى الأخذ بالمفهوم الضيق للنظام العام ، ومن ثم لم يعتد مجلس الدولة الفرنسي إلا بالنظام العام المادي الخارجي مفسراً بذلك فكرة النظام العام تفسيراً ضيقاً.(37) بيد أن مجلس الدولة الفرنسي لم يستمر على هذا المسلك فترة طويلة ، اذ عدل عن موقفه السابق واخذ بالتفسير الواسع للنظام العام ، حيث اعترف المجلس بأن النظام العام في مجال الضبط الاداري يشتمل على النظامين المادي والأدبي في وقت واحد . وتطبيقاً لذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي بمشروعية لائحة ضبط حرمت على النساء ارتداء أي زي للرجال ، وجاء في حيثيات هذا الحكم: “ان من واجب سلطة الضبط الاداري أن تحافظ على الآداب العامة التي اصطلح الافراد على تقبلها في وقت من الأوقات”.(38) وتجدر الإشارة إلى ان مجلس الدولة الفرنسي لم يتوقف عند هذا الحد حيث ذهب في حكم حديث صدر في 27 أكتوبر 1995 إلى ان كرامة وشرف الإنسان الآدمي تشكل أحد عناصر النظام العام مفسراً بذلك فكرة الآداب العامة تفسيراً واسعاً ، ومن ثم اعترف مجلس الدولة الفرنسي في هذا الحكم لسلطات الضبط المحلية بالحق في التدخل لمنع العروض المسرحية التي تشكل اعتداءً على كرامة الانسان الآدمي. (39) ومما سبق يتضح لنا ان مجلس الدولة الفرنسي قد اخذ بالمفهوم الواسع للنظام العام ، وجعله يشمل النظامين المادي والأدبي على حد سواء.

ب . موقف مجلس الدولة المصري

أما عن موقف مجلس الدولة المصري من مفهوم النظام العام ، يمكن القول بأنه كان اسبق من مثيله الفرنسي في الاتجاه نحو إثراء مضمون النظام العام ، حيث اعترف مجلس الدولة المصري بان مفهوم النظام العام في مجال الضبط الاداري لا يقتصر على النظام المادي الخارجي فقط ، بل يتسع ليشمل النظام الادبي الى جانب النظام المادي ، ومن ثم أجاز مجلس الدولة المصري لسلطات الضبط الاداري ان تتدخل كحماية الاداب العامة باعتبارها عنصراً مستقلاً من عناصر النظام العام ، وبذلك يكون مجلس الدولة المصري قد طرح جانباً الفكرة التقليدية التي كانت تذهب الى ان الضبط الاداري لا شأن له بحالة المجتمع المعنوية او الروحية ، ولا شأن له كذلك بالعقائد والأفكار والأحاسيس التي تسود المجتمع.(40) وتطبيقاً لما تقدم قضت محكمة القضاء الاداري في حكم لها برفض الطعن المقدم ضد القرار الاداري الخاص بمصادرة “كتاب الدين الضمير” وذكرت المحكمة في حيثيات الحكم ما يلي : “والكتاب على هذه الصورة فيه مناهضه للنظام العام الذي من أخص عناصره الدين ، كما فيه اخلال بالآداب العامة ، ومن ثم اذا اصدر مدير عام الرقابة قراره بمصادرة هذا الكتاب بالتطبيق للأحكام سالفة الذكر فان القرار يكون قد صدر ممن يملكه في حدود اختصاصه قائماً على أسباب جدية مستمدة من أصول ثابتة في الأوراق التي تنتجها وتوصل إليها ، مستهدفاً المصلحة العامة لحماية العقائد السماوية التي هي من النظام العام وحماية الاداب العامة وبالتالي فهو قرار سليم مطابق للقانون”.(41) وقد أكد مجلس الدولة المصري في حكم له لاحق صادر في 13 يونيو 1989 برفض الطعن المقدم ضد القرار الصادر من مدير عام الادارة العامة للرقابة على المصنفات الفنية بسحب الترخيص السابق بعرض فيلم “خمسة باب” وكانت الادارة العامة للرقابة قد اتخذت هذا القرار حرصاً على حماية الاداب العامة والمحافظة على الامن والنظام العام ومصالح الدولة العليا ، وذلك نظراً لما يتضمنه الفيلم من مشاهد فاضحة وعبارات ساقطة تصريحاً وتلميحاً ، ومن ثم فان القرار الصادر بسحب الترخيص المطعون فيه يكون قراراً صائباً قانوناً سواء فيما قام عليه من أسباب او فيما استهدفه من غايات ، الأمر الذي يجعل الطعن عليه مفتقراً سنده القانوني الصحيح خليقا بالرفض. (42) وعليه فان مجلس الدولة المصري يقر بوجود نظام عام خلقي مستقل عن النظام العام المادي التقليدي ، بيد انه لم يحدد لهذا النظام مفهوماً معيناً او مضموناً ثابتاً حتى لا يقيد به نفسه في المستقبل فضلاً عن ان فكرة النظام العام الخلقي فكرة مرنة ومتطورة تتغير بتغير الظروف التي تحدث في المجتمع ، الأمر الذي يؤدي الى صعوبة تحديد مضمون هذه الفكرة.

ج. موقف القضاء اليمني

بداية وجب ان نشير ان المشرع الدستوري ولأول مرة في تاريخ اليمن أشار الى القضاء الاداري صراحة، حيث نص على ان “ينظم القانون الفصل في الخصومات الادارية بواسطة هيئة او محكمة خاصة ، يبين القانون نظامها ، وكيفية ممارستها للقضاء الاداري شاملا صلاحيتها بالنسبة الى القرارات الادارية المخالفة للقانون”.(43). لكن مع الأسف ظلت هذه المادة فقط نظريا ولم تنشأ محكمة إدارية خاصة تتولى المنازعات الادارية ، هذا مما حدى ان يكون الدور بالقاضي العادي نظر المنازعات الادارية وبهذا فاليمن يعد من ذوي القضاء الموحد ، ولم تعرف اليمن نظام القضاء المزدوج بالمعنى المعروف في فرنسا و مصر والعراق والذي يتطلب وجود قضاء اداري مستقل عن القضاء العادي. ويعني ذلك ان الادارة في اليمن تخضع لرقابة المحاكم القضائية العادية وبخصوص موقف القضاء اليمني فيما يتعلق بمفهوم النظام العام فقد نهج نهج القضاء الاداري المصري تقريبا اذ ان طابع الشريعة الإسلامية طاغ في القضاء اليمني الى حد كبير ولذا كان حريصا على حماية النظام العام المادي والمعنوي في ان واحد كما ان نظام الحسبة في الشريعة الإسلامية التي يعد احد الانظمة التي تحققت من خلالها تلك الحماية من الناحية التطبيقية متميزة بذلك على الضبط الاداري من منظور قانوني وفي البلاد الإسلامية لا شك في ان النظام العام لا يقتصر على النظام المادي بل يشمل النظام الادبي أو الأخلاقي وهو ما يجري عليه القضاء اليمني إعمالا لمبدأ أولوية تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وقد قضت المحكمة الاستئنافية في محافظة اب في اليمن بشأن ارتكاب جرائم مخلة بالنظام العام والمعروفة بقضية مستشفى جبله المعمداني حيث ان أهم ما تضمنه منطوق الحكم هو براءة بعض المتهمين المنسوب إليهم تهمة الردة عن الإسلام وكذلك سجن بعض المتهمين لمدة ثلاث سنوات لثبوت تمزيقهما للقران الكريم ورميه في القذر.(44)

ثانيا : الخصائص المميزة لفكرة النظام العام

تتسم فكرة النظام العام بمجموعة من الخصائص التي تميزها عن غيرها من الأفكار الأخرى المشابهة لها كالمصلحة العامة او الخير المشترك فالنظام العام يعبر عن الحلول الامرة في النظام القانوني ، ورغم ذلك فان المشرع ليس هو وحده الذي يقوم بتحديد فكرة النظام العام ، وإنما هناك عوامل أخرى تساهم معه في تكوين النظام العام ، وهي الأعراف والتقاليد وأحكام القضاء فهذه العوامل تلهب دوراً لا يستهان به في تحديد فكرة النظام العام.(45) .والنظام العام عبارة عن فكرة نسبية مرنة قابلة للتطور بتطور المجتمع ذاته ، وهو ينتمي الى نطاق التفسير القضائي ، ويتصف بالعمومية والحياد، وأخيراً فان نطاق النظام العام يختلف من دولة الى أخرى باختلاف المذاهب السائدة في الدولة.(46) هذه هي الخصائص التي يتميز بها النظام العام ، وسنحاول فيما يلي إلقاء الضوء عليها:

1. النظام العام يعبر عن الحلول الامرة في النظام القانوني

يعبر النظام العام عن مجموعة من القواعد الاجتماعية التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ، وذلك لان هذه القواعد تستهدف بطبيعتها حماية القيم والمثل العليا في المجتمع ، وبذلك تمثل فكرة النظام العام قيمة تعلو على كل القيم أو القواعد أو الإرادات التي فيها ، فهي تفرض تصرفات معينة تتطابق مع غايات اجتماعية يتعين المحافظة عليها. (47) .”فالنظام العام يستهدف المحافظة على القيم والمثل العليا في المجتمع والتي تشكل مجموعة من القواعد التي لا يجوز مخالفتها ، وفي هذه الخصيصة يتفق القانون الخاص والعام ، ومع ذلك فان فكرة ودور النظام العام يختلف في القانون العام عنه في القانون الخاص ، فهي في القانون الخاص تعتبر سبباً للمنع ، ففي مجال القانون المدني يجب على المتعاقدين ان يراعو النظام العام في العقد وإلا اصبح العقد باطلاً. (48) أما فكرة النظام العام في مجال القانون الاداري فهي ذات حدين ، فتارة تظهر كقيد على سلطات الادارة والأفراد معاً ، وتارة أخرى تؤدي إلى اتساع سلطات الضبط الاداري ، ومن ثم فان هذه الفكرة تتميز في القانون الاداري بأنها أشـد حركة منها في القانون الخاص ، فمثلاً في مجال الحرية تنطوي على تحديد مزدوج للحرية ، تحديد ثابت وذلك عن طريق المنع ، وتحديد حركي عن طريق توسيع سلطات الادارة. (49) ويستخلص الفقه من اختلاف فكرة النظام العام في القانون الخاص عنها في القانون الاداري نتيجتين في مجال الضبط الاداري هما:

الأولى : ان الضبط الاداري قد يتسامح في نشاط معين يعتبره القانون المدني عملاً ضاراً يستتبع التعويض ، فمثلاً قد تسمح سلطات الضبط بفتح دار للدعارة في مدينة معينة ، بالرغم من انه قد يترتب على ذلك اعتداء على حقوق الجوار.(50)

الثانية : ان أي اخلال بقواعد القانون الخاص لا يعتبر حتماً من قبيل الاضطراب المخل بالنظام العام الذي يبيح لسلطات الضبط الاداري التدخل لمواجهته عن طريق إجراءات الضبط. (51).

وبالإضافة إلى ما تقدم فانه يمكن القول بأن جميع قواعد القانون العام تتعلق بالنظام العام ، أما فيما يتعلق بقواعد القانون الخاص فيجب ان نفرق بين نوعين من القواعد.

الاول : وهو مجموعة القواعد المتعلقة بالأحوال الشخصية فهي تعتبر جميعها من النظام العام.

الثاني : وهو مجموعة القواعد التي تتعلق بالمعاملات المالية ، فبعضها يتعلق بالنظام العام، وبعضها الأخر لا يتعلق بالنظام العام. (52)

ويلاحظ ان الذي يضفي على فكرة النظام العام صفتها الامرة هو انها تضع حلولاً للمنازعات عن طريق الموازنة بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة أو المصلحة الخاصة والمصلحة العامة، ومن ثم اذا كانت هناك قاعدة من قواعد النظام العام تتعلق بالنزاع المطروح امام القضاء، ففي هذه الحالة يجب على القاضي ان يطبقها من تلقاء نفسه.(53)

2. النظام العام ليس من صنع المشرع وحده

اذا كان النظام العام يعبر عن الحلول الامرة في النظام القانوني فانه لن يستمد هذه الصفة الامرة إلا من عمل المشرع ، ومن ثم فان المشرع يلعب دوراً كبيراً في تكوين النظام العام وفي تطوره أيضاً ، بيد انه من الخطأ ان يتصور المشرع انه يستطيع ان يفرض النظام العام الذي يريده بالقوة أو ان يقود وحده التطور في هذا المجال ، فالنظام العام كما قيل بحق ليس من صنع المشرع وحده ، فهو ليس نتاج النصوص وحدها بصفة مطلقة وإنما هو تعبير عن فكرة اجتماعية حية. (54) فالجو الاجتماعي والثقافي والسياسي يكون مصدراً مباشراً للنظام العام ، ومن هنا تلعب التقاليد والأعراف المحلية دوراً كبيراً في تكوين النظام العام ، فالنظام العام لا يكتسب قابلية الاستمرار في جماعة معينة ، إلا حين يتقبله أفراد هذه الجماعة ، فهو يفترض رضاء المواطنين هذا الرضاء هو الذي يضفي على مبادئ اجتماعية معينة قوتها العرفية الملزمة(55) ، ومن ثم فان المشرع لا يستقل وحده بإقامة النظام العام الذي يريده ولا يستطيع ان يفرض التطور الذي يبغيه ، وإنما هو يسجل في معظم الأحوال الأحداث والآمال التي تكون قد تركت آثارها العميقة في وجدان الشعب ودفعته الى اعتناق مبادئ معينة. (56)

3.النظام العام فكرة نسبية مرنة ومتطورة

أشرنا فيما سبق الى ان فكرة النظام العام فكرة نسبية مرنة ومتطورة تختلف من دولة الى أخرى بل ومن زمن الى اخر داخل الدولة الواحدة ، وهذه الخصيصة للنظام العام تنبع من طبيعته الحيوية التي لا تتفق مع استقرار النصوص التشريعية(57) ، ولهذا لا يستطيع المشرع-كما أوضحنا سلفاً-ان يحدد للنظام العام مضموناً ثابتاً لا يتغير أو ان يعرفه على وجه محدد فيشوه طبيعته ويحول دون ان يؤدي دوره كأداة للتطور الاجتماعي ، وعلى ذلك فان كل ما يستطيع المشرع ان يفعله هو ان يعرف فكرة النظام العام بمضمونها فحسب ، تاركاً للفقه والقضاء أمر تحديد التصرفات التي تعد مخالفة للنظام العام.(58) ولقد ترتب على مرونة فكرة النظام العام ان امتنعت بعض الدول عن النص على النظام العام في تشريعاتها، ومن امثلة ذلك التقنين الألماني فقد استبعدت منه النصوص التي تحتوي على التصرفات المادية المخالفة للآداب والنظام العام وقد انتهى مجلس الرايشستاخ الى هذا القرار بعد مناقشات طويلة .(59) واذا كان النظام العام فكرة مرنة ومتطورة إلا انه يتعين ان يلاحظ ان درجة الاستجابة لهذا التطور ليست واحدة في كل النظم فالنظام العام في النظم الديمقراطية يعتبر اكثر استجابة لدواعي التطور من نظيره في النظم الديكتاتورية ويرجع السبب في ذلك الى ان النظام الديمقراطي يسمح بالمشاركة الحقيقية في الحكم(60) بل هو يسلم أحيانا للقاضي بالقيام بدوره في هذا التطور. اما في النظام الدكتاتوري فان السلطة السياسية المطلقة تكون حريصة على ان تسخر لنفسها النظام القانوني وذلك من اجل حماية أوضاعها القانونية والاجتماعية والاقتصادية ولو أدى هذا الأمر في النهاية الى الوقوف في وجه التطور ، كما ان النظام الدكتاتوري لا يسمح بان يمارس دوره في تطوير النظام العام ، لان القاضي في ظل النظام لا يعتبر سلطة مستقلة ، وإنما يفرض عليه النظام الدكتاتوري خطاً سياسياً مرسوماَ. (61)

4.النظام العام ينتمي الى نطاق التفسير القضائي

يعد التفسير القضائي للنصوص أمراً ضرورياً للفصل في المنازعات المطروحة امام القضاء ، فالتفسير يعتبر خطوة مبدئية يقوم بها القضاء قبل تطبيق النصوص على الحالات المعروضة عليه ، ويتميز التفسير القضائي بعدة خصائص أو سمات تميزه عن كل من التفسيرين التشريعي والفقهي(62) ، وهي انه وسيلة وليس غاية في ذاته كالتفسير الفقهي ، كما ان القضاء حر ومستقل في تفسيره ولا يخضع لأية جهة أخرى ، وخاصة السلطة التنفيذية ، ولا شك ان في هذا ضماناً كبيراً لحقوق الافراد وحرياتهم.(63) ويلاحظ في هذا الصدد ان مدى إلزام التفسير القضائي يختلف في النظام اللاتيني عنه في النظام الانجلو أمريكي ، فهو في النظام اللاتيني ملزم لطرفي الدعوى التي تم التفسير للحكم فيها ، ولا يكون ملزماً لاية محكمة أخرى، ولو كانت أدنى درجة من المحكمة التي قامت بالتفسير . أما في النظام الانجلو – إمريكي فان التفسير القضائي يكون ملزماً لجميع المحاكم ، ويرجع السبب في ذلك الى ان القانون في هذا النظام من صنع القضاء. (64) وفكرة النظام العام تنتمي الى نطاق التفسير القضائي ، فالقاضي باعتباره عضواً في جماعة معينة يتوافر لديه الإدراك بالخصائص السياسية لفكرة القانون ، كما تظهر في هذه الجماعة ، بل ويمكن القول ان القاضي يعي الضمير الكامن للقانون في بلده وروح هذا القانون ، أو بعبارة أخرى ان القاضي يعي النظام العام وعياً صحيحاً.

ونظراً لأهمية الدور الذي يلعبه القاضي في تفسير فكرة النظام العام ، ذهب بعض الفقهاء الى ضرورة اتخاذ تدبيرين احتياطيين.(65)

أولهما : توفير ضمانات معينة بالنسبة للطريقة التي يجب ان يتم بها تكوين القاضي من الناحيتين الروحية والمهنية.

ثانيهما : يتعين الاحتياط من انحراف القاضي في تفسيره لما يعد متفقاً أو مخالفاً للنظام العام ، وذلك لان فكرة النظام العام قد تتسع دائرتهما او تضيق تبعاً للتطورات التي تلم بالمجتمع ، وطريقة فهم الناس لنظم عصرهم وما تواضعوا عليه من آداب ، وتبعاً لتقدم العلوم الاجتماعية ، كل هذه الأمور تترك للقاضي يفسرها التفسير المناسب بروح عصري ، فالقاضي يقترب من ان يكون مشرعاً في هذه الدائرة المرنة ، أو بعبارة أخرى هو مشرع يتقيد بآداب عصره ونظم أمته الأساسية ومصالحها العامة. (66)

وبناءً على ما سبق فان القاضي هو الذي يتكفل-عند نظر المنازعات المعروضة عليه-بتحديد مضمون فكرة النظام العام ، بيد انه يتعين ان يلاحظ ان القاضي عند قيامه بتحديد ما يعتبر من النظام العام لا يضع معايير جامدة تبلور إحساسه بهذه الفكرة ، وذلك حتى لا يقيد نفسه بها مقدما فيما يعرض عليه من منازعات في المستقبل . خصوصاً وان فكرة النظام العام فكرة نسبية مرنة ومتطورة تتغير من زمن الى اخر ومن مكان الى اخر طبقاً للتطورات التي تطرأ على المجتمع. (67)

وأخيراً يتعين ان نشير الى ان قيام القاضي بالبت فيما اذا كانت قاعدة قانونية معينة تعد من النظام العام أم لا ، تعتبر مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض ، لأننا لو تركنا تحديد ما يعد من النظام العام للقاضي من دون رقابة(68) ، فانه هذا سوف يؤدي الى احتمال انحراف القاضي واستبداده بآرائه الخاصة التي تكونت لديه لاعتناقه مذهباً معيناً يخالف المذاهب الذي تعتنقه الجماعة. (69)

5. النظام العام يتصف بالعمومية

النظام العام الذي تحميه سلطات الضبط الاداري وتعمل على صيانته من الاضطراب أو إعادته إلى حالته الطبيعية في حالة اختلاله ، لابد وان يكون عاماً أو متصفاً بالعمومية ، ومعنى ذلك ان يكون الإخلال الذي تريد سلطات الضبط الاداري تفاديه أو تجنبه مما يهدد أمن الجماعة أو المجموع أو صحتهم أو سكينتهم العامة. والعلة في اتصاف النظام العام بالعمومية هي ان تدابير الضبط الاداري التي تستهدف المحافظة على هذا النظام يترتب عليها بالضرورة تقييد حـريات الافراد ، الأمـر الذي لا يكون مبرراً إلا اذا كان النظام المهدد بالاضطراب عاماً. (70) ويترتب على ذلك انه اذا كان القضاء الاداري يعترف للإدارة بالحق في ان تأمر بهدم منزل آيل للسقوط يخشى منه على المارة ، فانه على العكس من ذلك لا يجعل لها من سبيل على مالك جدار داخلي ولو كان الخطر من انهياره محدقا، وذلك لان الخطر في هذه الحالة لا يتعدى الأشخاص الساكنين في هذا المبنى ، وهو ما لا يعني به الضبط الاداري ، ومن ثم فان الافعال التي تدور في الملك الخاص تخرج عن مجال الضبط الاداري ، ما لم يكن لهذه الافعال مظاهر خارجية تهدد بطريقة مباشرة أحد العناصر التي يتكون منها النظام العام(71) . ففي هذه الحالة يجوز لسلطات الضبط الاداري ان تتدخل لمنع هذه الافعال ، كالأصوات المقلقة المنبعثة من المذياع او مكبرات الصوت.

والنظام العام بالمعنى السابق بيانه ينصرف أساساً الى النظام في الشوارع وفي الأماكن العامة ، ووصف العمومية يلحق بالمكان اذا كان هذا المكان يتمتع بخاصية معينة هي حرية الدخول او حرية الاستخدام الجماعية او العامة للافراد.(72) والاماكن العامة التي يجوز لسلطات الضبط الاداري التدخل فيها لمنع الإخلال بالنظام العام ، قد تكون أماكن عامة بطبيعتها كالشوارع مثلاً ، وقد تكون أماكن عامة بالتخصيص كالمقاهي والنوادي والملاهي ووسائل المواصلات العامة. (73) . ويلاحظ أخيراً ان وصف العمومية الذي يلحق بالنظام العام لا يعني كل المجتمع ، وإنما يعني المجموع ، بمعنى ان النظام العام الذي تحميه سلطات الضبط الاداري يتعين ان يتصل بمجموعة من أفراد الجمهور وليس بفرد واحد بعينه ، ذلك ان النظام العام هو أحد أشكال المصلحة العامة بحيث يجب ان يستهدف النشاط الضبطي مصلحة عامة لا مصلحة خاصة. (74)

6.النظام العام فكرة قانونية محايدة

سبقت الإشارة إلى ان وظيفة الضبط الاداري طبقاً للرأي الراجح في الفقه وظيفة إدارية محايدة تنصرف أساساً الى حماية الأوضاع الرتيبة لحياة المجتمع من أي خلل مادي أو انتكاس ، فلا ترتبط هذه الوظيفة بفلسفات عقائدية خاصة أو بقيم سياسية معينة تخرج عن حماية النظام العام من التهديد بالإخلال به بأي وجه من وجوه الإخلال. (75) من ثم فان فكرة النظام العام التي تقوم على حمايتها سلطات الضبط الاداري ، هي بطبيعتها فكرة قانونية محايدة لا شأن لها بغايات الجماعة ، وهذا يعني ان فكرة النظام العام ليست فكرة سياسية ، على خلاف فكرة الخير المشترك فهي فكرة سياسية تدخل في غايات الدولة ويتوقف مضمونها على الفلسفة السياسية والاجتماعية التي تعتنقها الدولة.

7.اختلاف في نطاق النظام العام باختلاف المذهب السائد في الدولة

يختلف نطاق النظام العام باختلاف المذهب السائد في الدولة ، فحيث يسود المذهب الفردي الحر الذي يقوم على عدم تدخل الدولة في الحريات إلا في حدود ضيقة جداً ، فانه يترتب على ذلك ان تكون القيود المفروضة على الحريات قليلة ، اذ تضيق دائرة النظام العام ، ومن ثم يتمتع الافراد بحرية كبيرة في ممارسة حرياتهم العامة.(76) أما حيث يسود المذهب الاشتراكي او الاجتماعي والذي يقوم على مبدأ تدخل الدولة في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتحقيق المساواة الفعلية بين الافراد والتي تقوم على أساس العدل الاجتماعي ، فانه في ظل هذا المذهب تزداد القيود المفروضة على الحريات ، وبذلك تتسع دائرة النظام العام.(77) ويلاحظ انه في العصر الحديث ازداد تدخل الدولة في الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية كافة ، وذلك بعد انتشار المذهب الاجتماعي في كثير من الدول نتيجة للعيوب التي نجمت عن تطبيق المذهب الفردي الحر ، وترتب على ذلك اتساع نطاق النظام العام بحيث أصبح يشمل عناصر أخرى جديدة غير العناصر التقليدية المكونة له. مثال ذلك الاداب العامة وجمال الرونق والرواء. (78)

_________________________

[1]-ينظر في ذلك : د. هاني علي الطهراوي – القانون الاداري – مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان – الطبعة الثانية – 2002 – ص73.

2-ينظر في ذلك : د. فؤاد رياض و د. سامية راشد-الوسيط في القانون الدولي الخاص-الجزء الثاني-تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي-دار النهضة العربية –ط2 – 1992 –ص135-136.

3-ينظر في ذلك : محمد احمد فتح الباب السيد – سلطات الضبط الاداري في مجال ممارسة حرية الاجتماعات العامة – رسالة دكتوراه – جامعة عين شمس – القاهرة – ص96.

4- ينظر تفصيل ذلك : د. عز الدين عبد الله-القانون الدولي الخاص-الجزء الثاني-في تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدوليين- الهيئة المصرية العامة للكتاب-ط9-1986-ص138-139، د. هشام علي صادق –تنازع القوانين-منشأة المعارف-الاسكندرية-ط3-1974-ص318-320.

5-ينظر في ذلك : د. عز الدين عبد الله – القانون الدولي الخاص –مصدر سابق-ص536.

6-ينظر في ذلك : د. فؤاد رياض و د. سامية راشد-مصدر سابق-ص144. وكذلك د.محمد احمد فتح الباب السيد – مصدر سابق – ص97.

7-ينظر في ذلك : د.محمد احمد فتح الباب السيد – مصدر سابق – ص97.

8-ينظر في ذلك : د.محمد احمد فتح الباب السيد – مصدر سابق – ص97.

9-ينظر في ذلك : د.محمد احمد فتح الباب السيد – مصدر سابق – ص97.

0[1]-ينظر في ذلك : د. قدري عبد الفتاح الشهاوي – اعمال الشرطة ومسئوليتها إداريا وجنائيا – منشأة المعارف الاسكندرية – 1969 – ص40.

1[1]-ينظر في ذلك : د. قدري عبد الفتاح الشهاوي – المصدر السابق – ص63.

2[1]-ينظر في ذلك : د. قدري عبد الفتاح الشهاوي – المصدر السابق – ص63 وكذلك ينظر د. فهد عبد العزيز الدعيج – الامن والاعلام في الدولة الاسلامية – المركز العربي للدراسات الامنية – الرياض – 1986 – ص103.

3[1]-ينظر في ذلك : R .Bonnard : Precis de droit Adm، L.G..J ، 4e- ed، 1943، P.415.

4[1]-ينظر في ذلك : J.O، 24 Fev 1996، P.36028-36029.

5[1]-ينظر في ذلك : د.محمد توفيق رمزي – ادارة البوليس في الدولة الحديثة – مجلة الامن العام المصرية – القاهرة – العدد 1 – ص30 وكذلك د.محمد نيازي حتاته – اداب مهنة الشرطة – مقال في مجلة الامن العام المصرية – العدد 33 – ص3 والمعنى ذاته ينظر الاستاذ عبد العزيز فتح الباب – ملاءمة وجود شرطة الاحداث – بحث مقدم من اعمال الحلقة الثانية لمكافحة الجريمة – القاهرة – ص41 وكذاك ايضا اللواء محمد عبد الكريم نافع – امن الدولة العصرية – اكاديمية الشرطة المصرية – القاهرة – ط2 – 1991 – ص135.

6[1]-ينظر في ذلك : قانون رقم 109 لسنة 1979 بشأن هيئة الشرطة المصرية .

7[1]-ينظر في ذلك : د. عزيزة الشريف – دراسات التنظيم القانوني للنشاط الضبطي – دار النهضة العربية – القاهرة – 1989 – ص30

8[1]-ينظر في ذلك : د. فؤاد العطار – مصدر سابق ، ص334 ، وكذلك د. محمود سعد الدين الشريف –النظرية العامة للضبط الاداري-المصدر السابق-ص158 ، وكذلك د.محمد محمد بدران – مضمون فكرة النظام العام ودورها في مجال الضبط الاداري – مصدر سابق – ص69.

9[1]-ينظر في ذلك :د. عمر فؤاد احمد بركات : مبادئ القانون الاداري-دار النشر غير مذكورة-1985-ص219.

20-ينظر في ذلك : د. عمرو فؤاد احمد بركات – المصدر السابق – ص219.

[1]2-ينظر في ذلك : دستور الجمهورية اليمنية لعام 1991 المعدل.

22-ينظر في ذلك : المادة 3 من القانون رقم 24 لسنة 1991 بشأن واجبات وصلاحيات الشرطة اليمنية.

23-ينظر في ذلك : د. علي علي المصري – مصدر سابق – ص33.

24-ينظر في ذلك :محمد عبد الكريم نافع – مصدر سابق – ص135.

25-ينظر في ذلك :محمد عبد الكريم نافع – مصدر سابق – ص135.

26-ينظر في ذلك : M.Hauriou : OP.Cit:ed 1933، P.549، CH. Guiraud : OP.Cit : P.51-53، Rolland : (Louis):precis de droit Administratif،librairie dalloz ، 10e-ed، paris، 1955 ، P.400،J.rivero: droit adm، OP. Cit، P.541، de Forges (tean-Miche): droit Administratif ، p.U.F، lere-ed، 1991،P.172.

27-ينظر في ذلك : M.Waline : OP . Cit ، p.641.

28-ينظر في ذلك:

Burdeau :Traite de science politique، t. I،V.1، L.G.D.J.، 3e-ed،1980 ،P.292-293.

29-ينظر في ذلك :LIVET (pierre): L،autorisation Administrative prealable et les libertes publiques، these l.G.D.J.، 1974، P.39.

30- ينظر في ذلك :د.محمد فؤاد مهنا – مبادئ وأحكام القانون الاداري – مؤسسة شباب الجامعة – 1973 – ص634.

31- ينظر في ذلك :د.محمد شريف إسماعيل : سلطات الضبط الاداري في الظروف الاستثنائية-رسالة دكتوراه – كلية الحقوق – جامعة عين شمس – القاهرة – 1979 – ص58.

32- ينظر في ذلك :د.احمد عبد الرحمن شرف الدين – مصدر سابق – ص48.

33- ينظر في ذلك :د. علي علي صالح المصري – مصدر سابق – ص15.

34-ينظر في ذلك :د. ابراهيم طه الفياض – محاضرات في القانون الاداري – ألقيت على طلبة الصف الثاني في كلية الحقوق – جامعة النهرين – سنة 1993-1994.

35- ينظر في ذلك : استاذنا الدكتور ماهر صالح علاوي الجبوري – مصدر سابق –ص76.

36- ينظر في ذلك :فائق حاتم لطيف – ضمانات الافراد تجاه سلطات الضبط الاداري – رسالة ماجستير مقدمة الى المعهد القضائي – بغداد – 1990 – ص23.

37- ينظر في ذلك :د. صلاح الدين فوزي – المبادئ العامة للقانون الاداري – دراسة مقارنة – دار النهضة العربية – ط1- 1991 –ص41.

38- ينظر في ذلك: D.1942،P.12. C.E.17 Juill 1941، dam Devouard،

39- ينظر في ذلك:C.E.27 Oct 1995 “Villed’ aix en provence” A.J.D.A.، 1995. P.944- 943. Lebretom(gilles): le guge Aministratif face al order moral، melanges en، I، honneur du Prof.G.p peiser، P.U.G.1995.p.375. ET SS.

40- ينظر في ذلك : د. علي علي المصري – مصدر سابق – ص33.

[1]4- حكم محكمة القضاء الاداري الصادر في 9/7/1963-القضية رقم 837-السنة 14 ق-مجموعة الخمس سنوات (1961-1966) ص217.

42- حكم محكمة القضاء الاداري الصادر في الدعوى رقم 5568 لسنة 37 قضائية أشار إليه د. حسام لطفي- ملف قضايا حرية الرأي والتعبير في مصر –دار النشر غير مذكورة-القاهرة -1993-ص101 وما بعدها.

43- ينظر في ذلك : المادة 154 من دستور الجمهورية العربية اليمنية سابقا لسنة 1970.

44- ينظر في ذلك : الحكم الصادر من المحكمة رقم 93 وتاريخ 28/شعبان/1414هـ والمرفوع الى النائب العام للجمهورية لعرضه على المحكمة العليا للنقض برقم صادر 1060 وتاريخ 12/5/1994 .

45- ينظر في ذلك : د.محمد عصفور – مصدر سابق – ص46.

46- ينظر في ذلك :د.محمد عصفور – مصدر سابق – ص46.

47- ينظر في ذلك :د.محمد عصفور-مصدر سابق-ص46.

48- ينظر في ذلك :د. عبد الرزاق السنهوري-الوسيط في شرح القانون المدني الجديد-الجزء الاول-مصادر الالتزام-دار النشر للجامعات المصرية-1952—ص399.

49- ينظر في ذلك :د.محمد عصفور-البوليس والدولة-مصدر سابق–ص48.

50- ينظر في ذلك :د. محمود سعد الدين الشريف النظرية العامة للضبط الاداري – مصدر سابق- ص168.

[1]5- ينظر في ذلك :د. محمود سعد الدين الشريف-النظرية العامة للضبط الاداري-المصدر السابق-ص168.

52- ينظر في ذلك :د.محمد شريف إسماعيل : رسالته السابقة-ص73.

53- ينظر في ذلك :د.محمد شريف اسماعيل– المصدر السابق – ص74.

54- ينظر في ذلك :د.محمد عصفور : البوليس والدولة-مصدر سابق –ص49-50 وكذلك د. حلمي خير الحريري –وظيفة البوليس في النظم الديمقراطية-دراسة تطبيقية على مصر –رسالة دكتوراه ، كلية الدراسات العليا-1989-ص75-وكذلك د.عادل السعيد أبو الخير–الضبط الاداري وحدوده-رسالة دكتوراه-حقوق بني سويف -1992-ص211.

55- ينظر في ذلك :د.عادل السعيد أبو الخير – المصدر السابق – ص211.

56- ينظر في ذلك: G.Burdeau : Traite de rcionce politique. OP.Cit. P.293

57- ينظر في ذلك : د.محمد احمد فتح الباب السيد – مصدر سابق – ص64.

58- ينظر في ذلك :د. ابراهيم رشيد العبادلة – مصدر سابق – ص93.

59- ينظر في ذلك : د.محمد عصفور – وقاية النظام الاجتماعي باعتبارها قيدا على الحريات العامة ، رسالة دكتوراه – حقوق القاهرة – 1961 – ص119-120.

60- ينظر في ذلك :د.محمد عصفور – وقاية النظام الاجتماعي – المصدر السابق – ص120.

[1]6- ينظر في ذلك : د.محمد عصفور : وقاية النظام الاجتماعي-رسالة السابقة-ص123-124.

62- ينظر في ذلك :د. موسى بن جعفر حسن – مصدر سابق – ص73.

63- ينظر في ذلك : د.محمد صبري السعدي : تفسير النصوص في القانون والشريعة الإسلامية-دار النهضة العربية-ط1-1979-ص131-133.

64- ينظر في ذلك : د.محمد صبري السعدي – مصدر سابق-ص131-133.

65- ينظر في ذلك :د. عبد الرزاق السنهوري – مصدر سابق – ص401 . وكذلك ينظر د.محمد عصفور – الحرية في الفكريين الديمقراطي والاشتراكي – مصدر سابق – ص121-122.

66- ينظر في ذلك : د. عبد الرزاق السنهوري-مصدر سابق-ص401 و د.محمد عصفور-الحرية في الفكريين الديمقراطي والاشتراكي – مصدر سابق -ص121-125.

67- ينظر في ذلك : د.محمد سعد الدين الشريف : فلسفة العلاقة بين الضبط الاداري وبين الحريات –مجلة مجلس الدولة-السنة 19-1969-ص46 وما بعدها ، وايضا انظر : P.Bernard : OP.Cit. P.255.

68- ينظر في ذلك :د. أحمد كمال أبو المجد – مصدر سابق – ص73.

69- ينظر في ذلك : د. محمود شريف إسماعيل-رسالته السابقة-ص75.

70- ينظر في ذلك : TEITGEN(P.H) : La police municipale، these Nancy، Sirey، 1934، P.47ets.

[1]7- ينظر في ذلك : د. منيب محمد ربيع : ضمانات الحرية في مواجهة سلطات الضبط الاداري –رسالة دكتوراه- جامعة عين شمس-1981-ص68-70.ونظر كذلك:P.Bernard : OP.Cit: P.52-53، Bon (pierre):la police mumiciple these ، bordeaux، 1975، p.193.

72- ينظر في ذلك :د.محمد احمد فتح الباب السيد – مصدر سابق – ص111.

73- ينظر في ذلك :د.محمد احمد فتح الباب السيد – مصدر سابق – ص112.

74- ينظر في ذلك : د. محمود عاطف البنا – الوسيط في القانون الاداري-دار الفكر العربي-ط2-1962-ص361.

75- ينظر في ذلك : د. محمود عاطف البنا – الوسيط في القانون الاداري – مصدر سابق – ص363وما بعدها. وكذلك د.محمد عصفور – وقاية النظام الاجتماعي – مصدر سابق – ص124-125. وكذلك مؤلفه الحرية في الفكريين الديمقراطي والاشتراكي – مصدر سابق – ص118. وايضا ينظر :

G.BURDEAU: traite de science politique، op. Cit، p.289-290.

76- ينظر في ذلك : د.محمد شريف اسماعيل – مصدر سابق – ص76.

77- ينظر في ذلك :د. موسى بن جعفر حسن – مصدر سابق – ص63.

78- ينظر في ذلك : د.محمد شريف إسماعيل-رسالته السابقة-ص76.

المؤلف : احمد عبد العزيز سعيد الشيباني
الكتاب أو المصدر : مسؤولية الادارة عن اعمال الضبط الاداري في الضرف العادية

إغلاق